...
الوصف سسس: رواية حول قضايا الصراع والسلام وعلاقتها بالإسلام
المؤلف سسس: أ.د. نور الدين أبو لحية
تحميل سسس: https://archive.org/compress/NOURETAFSIR1/formats=TEXT%20PDF&file=/NOURETAFSIR1.zip
الغلاف سسس: c160.jpg
مقدمة السلسلة:
تهدف هذه السلسلة المعنونة بـ [المفسّرون.. والقرآن] إلى هدفين كبيرين:
أولهما: التعرف على اجتهادات علماء المسلمين، باهتماماتهم ومدارسهم المختلفة، وعبر العصور، في فهم القرآن الكريم، وبذلك تحاول أن تلغي كل التصنيفات التي صُنفت بها كتب التفسير، أو تجمع بينها في محل واحد، ولذلك، فإنها ـ مثل سلسلة التنزيل والتأويل ـ تحاول أن تكون حلقة وصل بين المسلمين من خلال التعرّف على أقوال المفسّرين من المشارب والطوائف المختلفة، والاستفادة منها جميعا، وهو ما يزيل الكثير من الشحناء التي دسها الأعداء، واستغلوا بعض الخلافات الفرعية في ذلك.
ثانيهما: معالجة الثغرات الكبرى التي تمنع من الاستفادة المثلى من المصادر التفسيرية، أو تسيء استعمالها، وقد رأينا أنه يمكن حصرها فيما يلي:
1. اختلاط المباحث التفسيرية بغيرها من المباحث، والتي لا يمكن إهمالها لأهميتها، وفي نفس الوقت لا يمكن إبقاؤها لأنها تصرف القارئ عن مبتغاه من البحث عن الوجوه والمعاني القرآنية، ولذلك عالجنا هذا من خلال التمييز بين المباحث؛ فما كان منها من ضمن التفسير المحض، وضعناه في الكتاب الخاص بالتفسير التحليلي، وما كان منها من باب الإشارات واللطائف، أو المباحث الفقهية أو الكلامية وغيرها، وضعناه في الكتب الخاصة بها.
2. تجاهل المدارس والطوائف الإسلامية لبعضها، حتى أنه أحيانا يُنقل الإجماع في مسألة، أو على معنى قرآني على الرغم من وجود الخلاف فيه، ولهذا جمعنا في هذه السلسلة بين المصادر المعتمدة لدى المدارس الإسلامية الكبرى، وبتفريعاتها المختلفة.
3. كثرة الاستطرادات أو عدم تنظيم المسائل، وخاصة في التفاسير القديمة، وهو ما يصرف الكثير عن مواصلة القراءة فيها بسبب ذلك، ولذلك حاولنا أن نعتمد في هذه السلسلة منهجية خاصة تعتمد على ضم النظير إلى نظيره، وتصنيف المسائل على منهج التعداد الرقمي والحرفي والنقطي وغيرها.. بحيث يمكن للقارئ أن يتنقل بسهولة بين محتويات التفاسير، من خلال الاطلاع على رؤوس المسائل، وهذا ما اضطرنا إلى التصرف في المصادر التفسيرية من الناحية المنهجية من غير إضرار بمحتوياتها.
4. حشو التفاسير أحيانا بما لا علاقة له بها، لا من قريب ولا من بعيد، ولهذا حذفنا كل ما لا نرى له علاقة ذلك به، سواء من حيث الجمل والتراكيب، أو المباحث، من غير أن يؤثر ذلك على المحتويات، لأن قصدنا من السلسلة استيعاب ما في التفاسير من القضايا العلمية دون غيرها.
5. احتواء بعض التفاسير ـ مع أهميتها العلمية ـ أحيانا على ما يشير إلى تعصّب المفسّر لطائفته، وهو ما يحرم سائر الطوائف من الاستفادة منه نتيجة كلمة أو جملة أو فقرة يضمّنها تفسيره، مع أنه لا علاقة لها بالتفسير، ولا بالمباحث العلمية، ولذلك حذفنا كل ذلك، حتى لا يكون حجابا بين القارئ وبين الاستفادة من تلك التفاسير، مع العلم أنا أفردنا المباحث الجدلية للطوائف بمباحث خاصة في كتب السلسلة، مع مراعاة الآداب العلمية في أمثال تلك المسائل.
6. انتقاء المفسرين، وخصوصا المحدثين منهم للأقوال من خلال الانتقاء الذاتي البعيد عن الموضوعية، ولذلك يتوهم القارئ أنه لم يقل في تفسير تلك الآية الكريمة إلا ذلك القول، ولذلك رأينا أن نسدّ ذلك من خلال ذكر كل ما قيل، بل محاولة استيعاب كل ما ورد من وجوه ومعان بغض النظر عن رأينا الشخصي فيها.
7. تعقيد أسلوب بعض التفاسير، إلى الدرجة التي صارت تحتاج إلى شروح تيسر فهمها، من أمثال بعض المحال في تفسير الفخر الرازي أو تفسير الطباطبائي أو ابن عاشور وغيرها، ولذلك رأينا أن أحسن شرح لها هو إيراد ما سبقها أو لحقها من التفاسير، لأنها تبيّن أسباب طرح المفسّر لتلك المسائل، أو ترجيحاته المرتبطة بها، لأن تلك التفاسير ـ مراعاة للاختصار ـ تكتفي بترجيح المفسر من غير أن تطلع على القارئ على الخلاف الوارد فيها.
8. الاختصار المخلّ في الكثير من التفاسير، والتي تصرف المفسر عن الاهتمام بالنواحي المختلفة المرتبطة بالآيات الكريمة، ولهذا لم نهتم في هذه السلسلة بعدد الأجزاء ولا الصفحات، وإنما كان اهتمامنا باستيعاب كل ما قيل في الآيات الكريمة من معان أو مباحث أو لطائف، وقد راعينا ـ بدل الاختصار ـ منهجية تنظيم المسائل بحيث يمكن للقارئ أن يتجاوز أي مسألة لا يرغب في الاطلاع عليها إلى غيرها.
9. نقل المفسرين عن بعضهم البعض من دون توثيق، وخاصة المتأخرين منهم، وهو ما يمنع من نسبة الأقوال لأصحابها، ولهذا وثّقنا كل الأقوال، ومن خلال مصادرها الأصلية.
10. تأثر المفسرين بثقافة عصرهم، وخاصة في النواحي المرتبطة بالحقائق الكونية والعلمية، والتي قد يستغلها المغرضون لضرب كل التفاسير، أو اتهام القرآن الكريم نفسه، ولذلك رأينا أن أحسن رد لهذا هو ذكر ما ذكره المفسّرون، لا الاكتفاء بردنا الشخصي، ولهذا لم نتدخل في رد أي قول نرى خطأه أو معارضته للقرآن الكريم ما دام هناك من المفسرين من قام بذلك، وننبه عادة إلى ذلك في الهوامش، حرصا على الموضوعية، وعلى الفصل بين ما نراه وبين قول المفسر.
مزايا السلسلة:
بناء على هذا؛ فإن هذه السلسلة تحاول أن تتميّز بما يلي:
1. محاولة استيعاب كل ما ورد في التفاسير القرآنية لدى المدارس الإسلامية المختلفة من المباحث المرتبطة بالوجوه والمعاني التي فسّر بها القرآن الكريم، أو البحوث المكملة لها، مثل المباحث الكلامية والفقهية وغيرها.
2. التمييز بين المباحث التي وردت في كتب التفسير، من خلال المواضيع التي تبحث فيها، ولذلك قسّمنا هذه السلسلة بحسب تلك المواضيع إلى سبعة كتب.
3. عرض ما ورد في التفاسير القرآنية من المباحث بما يتوافق مع الأساليب المعتمدة في عصرنا، وباللغة التي يفهمها أكثر الناس، ذلك أن الكثير منها صيغت بأساليب يصعب الوصول إليها لأكثر الناس، ففيها الكثير من الاستطرادات، والخلط بين المواضيع، ولذلك احتاجت إلى عرض مبسط ييسّر الوصول إليها، وذلك بتمييز كل موضوع أو فكرة عن غيرها.
4. محاولة التقريب بين المدارس الإسلامية، ذلك أن كل طائفة تتبنى في الغالب ما يكتبه علماؤها، من غير استفادة من غيرهم، مع أن الحكمة ضالة المؤمن، ولذلك حاولنا في هذه السلسلة أن نجمع بين ما كتبه أعلام المدارس المختلفة في هذه الجوانب، حتى يكون وسيلة للحوار والتقارب والوحدة، ولذلك وثقنا لكل نص نقتبسه، حتى يتسنى لمن يريد أن يرجع إلى المصدر بسهولة ويسر، لأن هناك من قد يشكك في سلامة النقل، أو أمانة الناقل.
5. الربط بين العصور المختلفة، وفهمها للقرآن الكريم، ذلك أن لكل عصر خصوصياته، ولذلك عرضنا في تفسير كل مقطع أو آية بحسب التسلسل التاريخي، لنرى تاريخ الأقوال، وتاريخ التأثر والتأثير، بالإضافة إلى احترام خصوصيات كل عصر، حتى لا نقع فيما وقع فيه أعداء التراث الإسلامي من محاولة فرض خصوصيات عصرنا على غيره من العصور، لذلك لم نستبعد كل القضايا الجدلية التي خيض فيها ما دامت لا يتعارض البحث فيها مع القرآن الكريم.
6. هذه السلسلة تفيد خصوصا المهتمين بالدراسات التفسيرية المقارنة، وذلك أنا ذكرنا فيها تفاسير المدارس المختلفة، وفي العصور المختلفة، وحتى الذين لم تذكر كتبهم، كالزمخشري وغيره، أقوالهم موجودة في هذه الكتب، بل حتى الكتب المفقودة نقلنا كل ما نقله المفسّرون منها.
7. محاولة الاستفادة من فهوم المفسّرين والعلماء وتدبّراتهم، وذلك لأجل:
أ. اكتشاف معان جديدة، ترتبط بواقعنا وحياتنا، بالإضافة إلى رد الشبهات التي تثار كل حين، بسبب سوء فهم المعاني القرآنية، أو اختيار فهوم معينة، وتصور أنها الفهوم الوحيدة.
ب. تعميق تدبّرنا للقرآن الكريم، ذلك أن الذي يستفيد من تدبّر غيره وتأمله أعمق فهما، وأوفر حظا من الذي يكتفي بتدبره وتأمّله وفهمه، وخاصة مع كتاب الله تعالى الذي لا يمكن أن تحيط به عقول البشر جميعا، فكيف بعقل واحد!؟
ج. تحقيق المرجعية القرآنية، أو مركزية القرآن الكريم، باعتباره مصدر المعارف الإسلامية المختلفة، ولذلك لم نجنح لما ذهب إليه بعضهم من الإنكار على المفسّرين الذين خاضوا في بعض المسائل العرفانية أو العقدية أو الفقهية بحجة عدم ارتباطها بعلم التفسير، ذلك أننا نرى أن للتفسير دلالتين:
• دلالة ترتبط بالبحث في المعنى، والذي يعتمد اللغة أو التفسير عادة.
• ودلالة في البحث عن المقاصد وكيفية تحقيقها، أو ما يمكن أن يطلق عليه التدبر والتأويل، ولذلك كان لكل مفسر تدبراته الخاصة، المرتبطة به، أو بتخصصه، أو بالعصر الذي عاش فيه، وهذا ما يستدعي الاستفادة من تلك الفهوم جميعا.
8. الرد على الذين يريدون استئصال التراث الإسلامي، وخصوصا ما يتعلق بالتفسير منه، بسبب بعض الأخطاء التي يجدونها فيه، غافلين عن المعاني الكثيرة الصحيحة التي يمتلئ بها، ولذلك حاولنا أن نجمع تلك المعاني، ونرى الأقوال المختلفة فيها، ذلك أن المفسّرين ينتقد بعضهم بعضا، ويصحّح بعضهم لبعض، ولذلك كان في الرجوع لكل الأقوال فوائد من هذا الباب.
بالإضافة إلى فوائد أخرى تتعلق بفهم مراد المفسّر، فالكثير من المسائل المطروحة، قد يستغرب طرحها، أو لا يفهم المراد منها، لكن عند الاطلاع على التفاسير السابقة لذلك التفسير يسهل الفهم، ويتضح المقصود.
كتب السلسلة:
بناء على هذه الأهداف، قسمنا هذه السلسلة إلى سبعة كتب:
1. المفسّرون والتفسير التحليلي للقرآن: وفيه عرض وتهذيب لما ورد في المصادر التفسيرية الكبرى حول المعاني التفصيلية للقرآن، وقد قسمناه ـ كعادة المفسرين ـ بحسب الترتيب المصحفي للقرآن الكريم.
2. المفسّرون والوحدة الموضوعية للقرآن: وفيه عرض وتهذيب لما ذكره المفسّرون وغيرهم حول الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم، مع الحديث عن كل سورة، وتعريفها، والترابط بين آياتها، وقد قسمناه ـ أيضا ـ بحسب الترتيب المصحفي للقرآن الكريم، حيث قسمنا القرآن الكريم إلى مقاطع، وصلة كل مقطع بما قبله وبعده، وبحسب ما ذكر المفسّرون والباحثون في هذا المجال.
3. المفسّرون والإشارات واللطائف القرآنية: وفيه عرض وتهذيب لما ذكره المفسّرون وغيرهم من الإشارات واللطائف القرآنية التي لا علاقة ظاهرة لها بالمعاني القرآنية، وقد تناولنا فيه خصوصا ما ذكره الصوفية من تلك الإشارات.
4. المفسّرون والمباحث العقدية في القرآن، وفيه عرض وتهذيب لما ذكره المفسّرون وغيرهم من المسائل العقدية في القرآن.
5. المفسّرون والمباحث الفقهية في القرآن، وفيه عرض وتهذيب لما ذكره المفسّرون وغيرهم من المسائل الفقهية في القرآن.
6. المفسّرون والمباحث التربوية والأخلاقية في القرآن، وفيه عرض وتهذيب لما ذكره المفسّرون وغيرهم من الحديث عن القضايا التربوية والأخلاقية في القرآن.
7. المفسّرون والآيات الكونية في القرآن، وفيه عرض وتهذيب لما ذكره المفسّرون وغيرهم من الحديث عن الآيات الكونية في القرآن، وعلاقتها بالمعارف العلمية القديمة والحديثة.
وبناء على هذا يمكن تقسيم كتب السلسلة ـ بحسب مراعاة الترتيب المصحفي والموضوعي ـ إلى قسمين:
1. أولها كتب اعتمدت الترتيب المصحفي للقرآن، وهي: (المفسرون والوحدة الموضوعية للقرآن)، و(المفسرون والإشارات واللطائف القرآنية)، و(المفسرون والتفسير التحليلي للقرآن)، مع العلم بأن هذا الأخير هو أكبرها حجما.
2. ثانيها كتب اهتمت بالترتيب الموضوعي، وهي الكتب المخصصة للمسائل الفقهية أو العقدية أو الأخلاقية ونحوها، مع العلم أننا في هذا النوع أضفنا من مصادر خارجية، حتى ولو لم تكن من كتب التفسير، وذلك حرصا على التعرف على موقف كل المدارس من المسائل المطروحة، ومن الأمثلة على ذلك أن الرازي يفيض في الانتصار لمدرسة الأشاعرة، لكنا لا نجد في المقابل من يفصل تفصيله عند ذكر المدارس الأخرى، ولذلك اضطررنا إلى العودة إلى مصادر تلك المدارس، للإجابة على ما ذكره الرازي.
شكر وعرفان:
في ختام هذه المقدمة، أتوجه بالشكر الجزيل لكل من أمدّني بما أحتاجه من مراجع، ويسّر لي الحصول عليها، وأولهم أستاذنا الكريم الكبير السيد جلال ميرأقائي الذي قدّم لي الخدمات الكثيرة في هذا المجال، بالإضافة إلى كونه من الداعين لي للاهتمام بأمثال هذه البحوث، خدمة للقرآن الكريم، وخدمة للأمة بتعريفها بمعارف كتابتها، وخدمة للمفسّرين بتعريف الأمة بما تركوه من آثار عظيمة، بالإضافة إلى ذلك؛ فإن الكثير من التحديثات أو المراحل التي مررت بها في هذه السلسلة، كانت نتيجة مناقشات لي حول منهجها ومواضيعها، فأسأل الله أن يجزيه خير الجزاء.
كما لا أنسى أن أتقدم بالشكر الجزيل لشركة نور سوفت، وهي من كبرى شركات البرمجيات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي أهدتني ما أنتجته من إصدارات علمية، وخصوصا تلك التي جمعت التفاسير القرآنية، وهي إصدارات دقيقة جدا، وموافقة تماما للمطبوع، ولذلك اعتمدت عليها في التوثيق، كما اعتمدت عليها في الاقتباس، فأسأل الله أن يجزيهم عني وعن الأمة خير الجزاء، وأسأل الله تعالى أن ييسر فتصبح هذه السلسلة جزءا من إصداراتها العلمية، لأنها منها وإليها.
كما لا أنسى أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل إخواننا في اليمن الذين أمدّوني بكل ما كتبه أئمة الزيدية وعلمائها في القديم والحديث، وخصوصا الأستاذ الفاضل حمود محمد شرف مدير إذاعة سام، ومن استعان بهم من مكتبات وجهات.
وأسأل الله في ختام هذه المقدمة أن تؤدّي هذه السلسلة غرضها في خدمة القرآن الكريم، وخدمة الوحدة الإسلامية، والتقارب بين المسلمين بطوائفهم وأجيالهم المختلفة، تحت راية القرآن الكريم، فلا يمكن أن تقوم للأمة قائمة، وهي تعزل نفسها عن قرآنها، ولا يمكن أن تعود لقرآنها، وهي تحتقر كل التراث العظيم الذي تركه علماؤها في تفسيره والتدبر في معانيه.
مقدمة الكتاب
يحاول هذا الكتاب الأول من هذه السلسلة التعرف على ما ذكره المفسّرون ـ بحسب مدارسهم المختلفة، وبحسب التسلسل التاريخي ـ من المعاني التي فُسّرت بها آيات القرآن الكريم ـ وبحسب الترتيب المصحفي ـ من خلال:
1. التعرف على معاني مفرداتها، وما تحتمله من معان.
2. أو من خلال تراكيبها النحوية، وما تحتمله كذلك من المعاني.
3. أو ما قد ترشد إليه علوم البلاغة من البيان والمعاني ونحوها من المعاني القرآنية.
وبذلك، فإنه يحاول استيعاب كل ما ذكره المفسّرون من الوجوه التي تحتملها كل لفظة أو آية قرآنية، من خلال تحليلها اللغوي، وبجوانبه المختلفة، بالإضافة إلى علاقة ذلك بما ورد في الأحاديث والآثار، أو بما يتبناه المفسّر من رؤية عقدية أو فقهية أو ثقافة علمية.
ولهذا اعتمدنا ما ورد في المصادر التفسيرية الكبرى للطوائف المختلفة، وفي العصور المختلفة ـ ابتداء من العصر الأول إلى هذا العصر ـ وقد انتقيناها من خلال الرجوع لكل التفاسير المعروفة، والتي رأينا أغلبها يكرر ما سبق ذكره، أو يختصر الكلام في الآيات الكريمة، ولذلك رأينا أن ما انتقيناه منها قد يغني عن غيرها.
وهذا الانتقاء مؤسس على الاهتمام بطائفة المفسر، وعصره، وأسلوبه في تفسيره، ومدى اهتمام طائفته أو الأمّة به، ومدى توسعه في تناول المواضيع المختلفة، ولذلك استبعدنا التفاسير المختصرة جدا إلا تلك التي قد نرى من خلالها رؤية طائفة معينة.. وقد رتبنا التفاسير بحسب التسلسل الزمني، لنرى مدى تأثر بعضها ببعض، بالإضافة إلى التعرف على الجدل الحاصل بينها، فالكثير من التفاسير المتأخرة تتناول بالعرض أو النقد أو التفصيل التفاسير السابقة لها.
ولعل أهم ما حاولنا القيام به في هذا الكتاب ـ كما في السلسلة جميعا ـ هو تبسيط وتيسير الوصول إلى المعلومة من هذه المصادر التفسيرية، وذلك من خلال اعتماد المناهج الحديثة من التفكيك والترتيب وضم النظير إلى نظيره، ونحو ذلك، مما سنشرحه في منهجية العمل في الكتاب.
المنهجية المعتمدة:
اعتمدنا في هذا الكتاب منهجا يقوم على الأسس التالية:
1. اعتمدنا منهج التفسير الترتيبي التحليلي، حيث قسّمنا آيات كل سورة إلى مقاطع بحسب معانيها، ووضعنا عناوين لكل مقطع تتناسب معها، ومع الموضوع الذي تحويه.
2. حاولنا أن نجمع في كل مقطع، أو آية، كل ما ذكر فيها من تفاسير ـ بحسب التسلسل التاريخي، والمدارس الإسلامية المختلفة ـ ولذلك وضعنا أمام كل مفسر من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم تاريخ وفاته، وجمعنا كل ما ذكره في تفسير الآيات الكريمة ـ حتى لو كان متعارضا ـ في محل واحد، ثم انتقلنا لغيره ممن كانت وفاته بعده، وهكذا، وبذلك فإن هذه السلسلة تحوي كل الآثار التفسيرية الواردة في كتب التفسير بالمأثور، مع توثيقها من خلال مصادرها الأصلية، لا المراجع التي جمعتها إلا إذا اضطررنا لذلك.
3. قد لا نذكر أحيانا ما ذكره بعض المفسّرين، لا لغفلتنا عنه، أو تجاوزنا له، وإنما لكون كل ما طرحه قد سُبق إليه، أو أن ما ذُكر من التفاسير يغني عنه، وقد استثنينا في هذا ما يبين مواقف المدارس المختلفة، فلذلك اعتبرنا تفاسيرها، حتى لو تشابهت مع غيرها نوعا من الدلالة على ما تعتقده تلك المدرسة، بناء على أن من أغراض السلسلة تعريف المدارس الإسلامية بعضها ببعض، ومن الأمثلة على ذلك ما يشاع من تفاسير للإمامية، لا يراها علماؤهم، أو أنها مجرد مصاديق للآيات الكريمة، ولا علاقة حقيقية لها بالتفسير، ولذلك ذكرنا من تفاسيرهم المتقدمة والمتأخرة ما يبين فهمهم للآيات الكريمة، والتي يتفقون فيها في العادة مع غيرهم من المدارس، وفي ذلك أبلغ رد على هذه الشبهة.
4. حذفنا كل ما رأيناه حشوا في التفسير، ولا علاقة به، ولا بالمباحث العلمية، كحديث المفسّر عن نفسه، أو سبقه لبعض الآراء، وأبقينا فقط ما رأينا له علاقة بالفكرة أو المعلومة المطروحة، ومثل ذلك إن ذكر المفسر أنه فسّر هذه الآية سابقا، فإنا نكتفي بما أضافه من جديد من دون تعرض لذكره لذلك، لأنه معلوم وواضح.
5. حذفنا ما ذكره المفسّرون من المباحث الفقهية والكلامية المفصّلة، لعدم علاقتها بالتفسير التحليلي، وقد نقلناها إلى محالها المختلفة من كتب السلسلة، مع الإبقاء على ما كان له صلة مباشرة بالآيات الكريمة.
6. مع محاولتنا استيعاب كل ما ذكرته كتب التفسير التي انتقيناها، والتي رأينا أن فيها أكثر المسائل المطروحة في كتب التفسير إن لم تكن جميعا إلا أننا حذفنا النصوص أو الآثار التفسيرية التي تحوي ما يلي:
أ. النصوص التفسيرية أو الآثار التي تحوي من الكلمات والمعاني ما يستحيا منه، أو ما فيه بذاءة وفحش، والتي تسبب الحرج والأذى لقارئيها، بالإضافة إلى تشويهها للمعاني القرآنية، ولذلك نكتفي بما يوضّح المراد، وبألفاظ لائقة، مقتصرين على أدنى ما يحقق الغرض.
ب. بعض العبارات التي لا علاقة لها بالتفسير، وفي نفس الوقت قد تثير بعض الحزازات الطائفية مثل الترضي أو الثناء على بعض الصحابة المختلف في شأنهم، أو نبز الطوائف لبعضها البعض ونحوها، مع العلم أنا قد خصصنا الحديث عن هذه المسائل في الكتاب الخاص بالمفسرين والقضايا العقدية، وعند ذكر الموقف من الإمامة خصوصا.
ج. النصوص التفسيرية أو الآثار المرتبطة بالقراءات، لأن لها محلها الخاص بها في علم القراءات، بالإضافة إلى أنها إما آثار تفسيرية تغني عنها الآثار الأخرى، أو آثار غير معتبرة لأنها تخالف القرآن المتواتر، وقد أبقينا في حال الضرورة ما له علاقة بفهم الآيات الكريمة، مع الاكتفاء بأول من ذكرها من المفسرين، وعدم تكريره إلا للضرورة.
د. التفاصيل الكثيرة المرتبطة بالمباحث اللغوية التي لا علاقة لها بالآيات الكريمة، لأن لها محالها في كتب اللغة، بالإضافة إلى أنها تصرف الكثير عن المعاني القرآنية إلى الجدل اللفظي واللغوي، ولذلك اقتصرنا على المختصرات الدالة على الغرض، أو المطولات في حال علاقتها بفهم الآية الكريمة، أو بيان سر التعبير فيها.
7. حاولنا تفكيك المعلومات التي ذكرها المفسّرون، وتصنيفها إلى عناصر مختلفة، واستعملنا في ذلك التعداد النقطي والرقمي وغيرهما، وضممنا النظير إلى نظيره، من باب التيسير والتبسيط، لأن المفسرين ـ وخصوصا القدامى ـ يستطردون أثناء ذكرهم لبعض المقالات أو الوجوه أو الأدلة، ثم يعودون إليها، وبعد كلام كثير لا علاقة له بما سبقه.. فلذلك قمنا بتفكيك تلك المعلومات، وتحويل كل منها إلى عنصر خاص له رقم أو حرف خاص به.
8. جعلنا من باب التبسيط المسألة القائمة بذاتها تحت رقم خاص، والمسائل أو الوجوه التابعة لها مرقمة بالحروف الأبجدية، وهكذا فعلنا في المسائل المتفرعة عن المرقمة بالحروف الأبجدية، حيث وضعنا قبلها علامات التعداد الرقمي.
9. راعينا في التعدد الرقمي المسائل وانفصالها كفكرة تامة عما قبلها، ولذلك يمكن لمن أراد أن يتجاوز أي مسألة من خلال الانتقال إلى رقم جديد، من غير أن يتأثر فهمه لما سبقها أو لحقها، وقد قصدنا هذا، لأن الكثير ممن يطلع على تلك التفاسير، وخصوصا القديمة منها، قد يترك مواصلة القراءة نتيجة تعرضه لمسألة لم يفهمها، أو لم يعلم علاقتها بما قبلها وما بعدها، خاصة مع كثرة الاستطرادات في بعض تلك الكتب.
10. لم نراع في ترقيم المسائل طول النصوص وقصرها، بل راعينا، اكتمال الفكرة، ولذلك قد تكون بعض المسائل طويلة تستغرق صفحات، وبعضها قصيرة جدا، قد لا يتجاوز السطر الواحد.
11. جعلنا التعداد الأبجدي مخصصا للأقوال المختلفة في المسألة، أو الوجوه والاحتمالات والأدلة المرتبطة بها، ومثل ذلك التعداد النقطي، والذي هو فرع عن التعداد الأبجدي، أي أن النقاط تفصل لما ورد في التعداد بالحروف، والتعداد بالحروف تفصيل لما ورد في المسائل المرقمة بالأرقام، وقد وضعناها باللون الأحمر جميعا ليسهل التنقل.
12. قصدنا من التعداد الأبجدي والنقطي التيسير، وأن تتحول المسألة إلى خارطة ذهنية يسهل من خلالها فهم المسألة، ولذلك لم نطبق هذا في حالة تكرار المسألة، خاصة عند الاختصار الشديد إلا إذا كان في ذلك إضافة أقوال أو أدلة جديدة.
13. قمنا بدمج المسائل أحيانا من باب التيسير والاختصار، وهكذا نقلنا ترجيحات المفسر إن كانت مختصرة إلى القول الذي أراد ترجيحه، وإن كانت مطولة خصصناها بترقيم خاص، مع ربطه بالمسألة.. وكل ذلك بشرط أن لا يختل المعنى.
14. لم نراع في هذا الكتاب ـ بالضرورة ـ الترتيب الذي وضعه المفسر لتفسير الآيات الكريمة، خاصة إذا تعارض مع التبسيط والتيسير، مع العلم أننا لم نتدخل في المحتوى.
15. قد نتصرف أحيانا ـ ومن باب الضرورة ـ في بعض الألفاظ التي يستعملها المفسّرون، وذلك مراعاة للتنسيق والتيسير كما هو الحال في المناهج الأكاديمية الحديثة، ومن الأمثلة على ذلك:
أ. تصرّفنا في الإشكالات التي يطرحها المفسّرون، إن وجدنا أنه يمكن صياغتها على شكل معلومة مجردة عن التساؤل صغناها كذلك، لأن الكثير من تلك التساؤلات لا يمكن اعتبارها إشكالا، وإذا وجدنا فيها إشكالا حقيقيا، قدمنا لها بهذه العبارة (سؤال وإشكال:) وذكرنا الجواب هكذا (والجواب:)
ب. يذكر المفسّرون الأقوال بالصيغ المختلفة، كقولهم: (وقال بعضهم:)، أو (ومنها)، وغيرها، وحتى نوحّد التعبير استعملنا غالبا عبارة (وقيل:)، وصدرنا بها الكلام.
ج. يعبر المفسّرون عن ترجيحاتهم بصيغ مختلفة مثل قولهم (عندي)، وغيرها، وقد حذفنا كل ذلك، أو عبّرنا بعبارة (والصحيح) حتى تكون عبارة موحدة تدل على الترجيح.
د. يعبّر المفسّرون عن اختيارات مذاهبهم عادة بقولهم (عندنا)، أو (قال أصحابنا)، أو (عند أصحابنا) ونحوها، وقد استبدلنا ذلك بما يدل على المذهب، فمثلا عندما يقول الرازي عبارته المعروفة (عندنا) نعبر عنها بـ (على مذهب أهل السنة، ومن وافقهم)، لأنه ينصّ على ذلك في محال مختلفة.. وهكذا إن ذكر المعتزلة، نعبر عنها بهذه العبارة (على مذهب المعتزلة، ومن وافقهم)، لأن الكثير مما ينسبه للمعتزلة يتوافق مع ما يذكره الزيدية أو الإمامية أو الإباضية أو حتى من علماء أهل السنة المتأخرين.
هـ. هكذا تصرفنا عند ذكر أصحاب الأقوال، وخصوصا الفقهية منها، لأن بعض المفسرين كالقرطبي ينسب ما قولا ما لمالك أو لغيره، مع أنه قال به غيره أيضا، فلذلك استبدلنا أسماء الفقهاء الذين. يذكرهم بـ (قال بعض الفقهاء)، (أو ذهب بعض الفقهاء الى)، مع العلم أنا سنذكر ذلك في الكتب المخصصة لهذه المسائل.
16. اضطررنا إلى إضافة بعض العبارات في مقدمات المسائل، وغيرها إلى ذكر ما لم يذكره المفسر لتيسير الفهم، لأن بعض المفسرين يترك ذلك طلبا للاختصار، لكنه قد يؤدي إلى عدم فهم ما ذكره.. وذلك مثل عبارة (اختلف في معنى قوله تعالى)، ونحوها، لأن بعض المفسرين يبدأ مباشرة في ذكر الأقوال من غير ذكر الخلاف، وهكذا عند ذكر الأدلة، وإن وجدنا أن هناك استطرادات للمفسر نقلناها من ذلك المحل إلى محل آخر، واعتبرناها مسألة منفصلة، مع ربطها بما قبلها.
17. حاولنا ترتيب المسائل بحسب محتوياتها، وبحسب منهج المفسّر، ولذلك فصلنا بين شرح الكلمات والمسائل النحوية، والمعاني عند بعض المفسرين كالطبرسي والجشمي والطوسي وغيرهم، ولم نقم بذلك عند آخرين، كما هو الحال عند الرازي والقرطبي وابن عاشور، وغيرهم، لأن ذلك سيؤثر على المعنى الذي يقصدونه، ذلك أنا اعتبرنا مراعاة مقصد المؤلف، وعدم التأثر فيما قاله أهم من مراعاة التيسير، وخاصة في هذا الجانب الذي يمكن تجاوزه بسهولة.
18. لم نذكر ـ في غالب الأحوال ـ ما ذكره المفسرون من الآثار عن الصحابة والتابعين، لأنا نذكرها عند ذكر أقوال ذلك الصحابي والتابعي، وبحسب التسلسل التاريخي، إلا إذا كان للمفسر موقف من ذلك الأثر، أو لتلك الرواية، فإنا حينها نكتفي بذكر جزء منها، مع ذكر نقده لها.
19. اكتفينا في القراءات القرآنية ببعض من ذكرها، وذكر الوجوه التفسيرية المرتبطة بها، إلا إذا ارتبط بها خلاف أو استدلال، فنعيد ذكرها، مع التنبيه إلى أننا لم نذكر من القراءات ما له علاقة بوجوه الأداء لعدم تأثيره في معنى.
20. مع اختلافنا مع بعض التفاسير، أو لرؤيتنا لكون بعض الآثار أو الأحاديث معارض القرآن الكريم، إلا أنا أثبتناها لوجود مفسرين آخرين يتناولون ذلك بالنقد، ولهذا يستحسن في المسائل الجدلية الاطلاع على أقوال كل المفسرين، لأنا سنجد من ينتقد تلك المقولات المعارضة للقرآن الكريم.. وهكذا في المسائل العلمية التي ذكر المفسّرون؛ فإن أشرنا في التنبيهات في الهوامش، إلى أن ذلك مما يعبر عن ثقافة المفسر في عصره، مع العلم أنّا خصصنا المسائل العلمية بكتاب خاص في السلسلة.
21. لم نذكر من المسائل العقدية أو الفقهية وغيرها إلا ما له علاقة شديدة بالآيات وفهمها، وما عدا ذلك من التفاصيل، نذكره في الكتب المختصة بها من هذه السلسلة.
22. اكتفينا من التوثيق بأول صفحة ورد فيها النص المنقول، وعند كل مقطع، وذلك لأننا أحيانا نرتب النص بخلاف ترتيبه، بالإضافة إلى كفاية ذلك التوثيق.
23. حاولنا أن نكون حياديين وموضوعيين قدر الإمكان، وذلك بأن لا ننتقد أي فهم لأي آية، حتى لو اختلفنا معه، ما دام لا يتعارض مع المقاصد والمعاني القرآنية، بالإضافة إلى أن الكثير من الخلاف لفظية، أو لا آثار عملية لها، وبالتالي فإن الانتصار لأحد الأقوال فيها مجرد تعصب يؤدي إلى الشحناء من غير فائدة، بالإضافة إلى ذلك، فإن تفسير أو تدبر القرآن الكريم لا يعني بالضرورة أن يكون المعنى الذي وصل إليه المتدبر عميقا؛ ونرى ذلك في الواقع حيث يتأثر أكثر الناس للفهوم البسيطة، أكثر من تأثرهم للفهوم العميقة، والتي قد لا يفهمونها، والقرآن أُنزل للناس جميعا، لا للخاصة منهم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن انتقاد تلك الفهوم، وترجيح فهوم أخرى بدلها، قد يؤدي إلى الصراع والشقاق الذي نُهينا عنه، فأكثر ما صرف الكثير من علماء المدرسة السنية عن تفاسير إخوانهم من المدرسة الشيعية هو ما يرونه من تطبيق بعض الآيات الكريمة أو الكثير منها على الإمام علي أو أئمة الهدى، مع أنه لا حرج في الكثير من التطبيقات ما دامت لا تمسّ بعمومية القرآن الكريم.
لكن هذا لا يعني قبول كل ما ورد من تلك الفهوم والتدبّرات، فالسكوت عن الباطل المعارض للمعاني القرآنية رعاية للوحدة والوفاق غير مقبول لا شرعا ولا أخلاقا؛ فنحن مطالبون بأن ننكر على المنكر، لا أن نسكت عنه، أو نلتمس له المبررات، ولكن بشرط أن يكون منكرا واضحا، لا مجرد معنى لا ضرر فيه، حتى ولو كان لا جدوى منه.
التفاسير المعتمدة:
حاولنا أن تكون التفاسير المنتقاة والمعتمدة في هذا الكتاب من التفاسير المعتمدة لدى المدارس المختلفة، سواء منها الأشاعرة أو الماتريدية أو الزيدية أو الإمامية أو الإباضية، بالإضافة للمدارس الفقهية، بالإضافة إلى المدارس التنويرية والحركية الحديثة، بالإضافة إلى أهل الحديث والأثر.
وننبه إلى أننا نبدأ كل مقطع بذكر ما ورد في تفسيره من الآثار عن الصحابة والتابعين وغيرهم ـ بحسب التسلسل التاريخي، والمدارس الإسلامية المختلفة ـ مع ذكر المصدر، من غير بيان درجة صحته وضعفه، إلا أننا في أثناء النقل من أقوال المفسّرين قد نعيد الإشارة إلى تلك النصوص مع بيان موقف المحدثين أو المفسّرين منها.
بناء على هذا يمكن تقسيم التفاسير التي رجعنا إليها، وعرضنا ما فيها إلى قسمين:
أولا. التفسير بالمأثور: فقد رجعنا إلى المصادر التفسيرية المختلفة، والتي يمكن تقسيمها بحسب مدارسها إلى ثلاثة أقسام:
1. كتب التفسير بالمأثور المعتمدة لدى المدارس السنية، ونجد سائر المدارس أيضا ترجع إليها، وتتمثل في التفاسير المأثورة عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ونجد الكثير منها في تفسير الطبري وابن أبي حاتم ومقاتل بن سليمان، وغيرها، والتي جمع أكثرها السيوطي في كتابه الدر المنثور في التفسير بالمأثور.
2. كتب التفسير بالمأثور لدى الإمامية، والتي تعتمد بالإضافة إلى ما ورد في التفاسير بالمأثور السنية، ما ورد عن أئمة الهدى ابتداء من الإمام علي إلى سائر الأئمة الاثني عشر، وننبه إلى أن الكثير من تلك التفاسير مما يصدق عليه التفسير بالمصاديق، أو بالجري والتطبيق.
3. كتب التفسير بالمأثور لدى الزيدية، فهم يعتمدون بالإضافة إلى ما ورد في التفاسير السنية التفاسير التالية:
أ. تفسير الإمام الشهيد زيد بن علي (ت 120 هـ)، المسمى تفسير غريب القرآن.
ب. مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسّي (المتوفى: 246 هـ)
ج. مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسّي (المتوفى: 284 هـ)
د. تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم (المتوفى: 298 هـ) ، وهو في جزئين.
هـ. تفسير الإمام المهدي العياني المسمى (تفسير غريب القرآن) ، وهو للإمام المهدي لدين الله الحسين بن الإمام القاسم بن علي العياني (ت 404 هـ) ، وهو في جزئين.
و. البرهان في تفسير القرآن، للإمام الناصر بن الحسين بن محمد بن عيسى الحسني، المعروف بأبي الفتح الديلمي (ت 1053 هـ)، وهو في جزئين.
ز. بالإضافة إلى ذلك رجعنا إلى كتاب الأنوار البهية المنتزع من كتب أئمة الزيدية، جمع عبد الرحيم بن محمد بن أحسن المتميز، وهو في 3 أجزاء، وقد رجعنا فيه إلى النصوص والروايات لأئمة الزيدية التي لم نجد مصادرها، وهي أقل مما قبلها بكثير.
4. كتب التفسير بالمأثور لدى المعتزلة، وللأسف هي من الكتب المفقودة، ولذلك نذكر ما نقله المفسّرون من أقوالهم، بالإضافة إلى أن الكثير من أقوالهم يتفق مع تفاسير الإمامية والزيدية والإباضية التي اعتمدناها.
ثانيا. تفاسير المدارس الإسلامية المختلفة، وقد انتقينا منها أهمّها في القديم والحديث، وهذه عناوينها، وسبب انتقائنا لها، بحسب التسلسل التاريخي، مع التنبيه إلى أننا قد نرجع لغيرها في حال الحاجة:
5. تأويلات أهل السنة، أو ما يعرف بـ (تفسير الماتريدي)، وهو لأبي منصور الماتريدي (ت 333 هـ) ، وهو في 10 أجزاء، وقد اخترناه لتقدمه أولا، ولكونه يهتم بذكر الأقوال والوجوه المختلفة في التفسير، بالإضافة إلى انتصاره في المسائل العقدية للمدرسة الماتريدية السنية، وانتصاره في الفقه لمذهب الحنفية، والكثير مما يطرحه ـ باعتباره متقدما ـ نرى مناقشات لها من طرف من يأتي بعده من المفسّرين.
6. النكت والعيون، المعروف بتفسير الماوردي، وهو لأبي الحسن الماوردي (ت 450 هـ) ، وهو في 6 أجزاء، وقد اخترناه لاهتمامه بحصر كل ما قيل في تفسير الآيات الكريمة أو ألفاظها، أو ما تحتمله منها، وهو بالإضافة إلى كونه مفسّرا، من فقهاء الشافعية وعلمائهم الكبار.
7. التبيان في تفسير القرآن، وهو لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 هـ)، المعروف بـشيخ الطائفة، وقد اخترناه لكونه من كبار المتكلمين والمحدثين والمفسّرين والفقهاء المعتمدين لدى المدرسة الإمامية، بالإضافة إلى ذكره للأقوال المختلفة في تفسيره، ومناقشته لبعض مسائل الخلاف.
8. التهذيب في التفسير ، وهو للشيخ الإمام الحاكم أبي سعد المحسن بن محمد بن كرامة البيهقي الجشمي (ت 494 هـ) ، وهو في 10 أجزاء، وقد اخترناه لكونه من علماء الزيدية المعتبرين، وهو يعبّر عن مواقفهم العقدية خصوصا، والتي تتفق في أكثرها مع عقائد المعتزلة، ولذلك نراه في معظم المحال ينتقد الجبرية والمرجئة وغيرهما.
9. مجمع البيان في تفسير القرآن ، وهو للفضل بن الحسن الطَبرِسي (ت 548 هـ) ، الملقب بـأمين الإسلام، وهو في 10 أجزاء، وقد اخترناه لكون تفسيره من التفاسير المهمّة المعتبرة لدى الإمامية، بالإضافة إلى قبوله لدى سائر المدارس الإسلامية، ولذلك اعتبر من أحسن التفاسير المساهمة في التقريب بين المدارس الإسلامية.
10. زاد المسير في علم التفسير، وهو لعبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت 597 هـ) ، وهو في 4 أجزاء، وقد اخترناه لاهتمامه بحصر كل ما قيل في تفسير الآيات الكريمة أو ألفاظها، أو ما تحتمله منها، وهو بالإضافة إلى كونه مفسّرا، من علماء الحنابلة الكبار.
11. التفسير الكبير، أو مفاتيح الغيب ، لمحمد بن عمر المشهور بالفخر الرَّازي (ت 606 هـ) ، وهو في 32 جزءا، وقد اخترناه باعتباره من أوسع التفاسير، وأكثرها اهتماما بالجوانب التدبرية المختلفة، بالإضافة إلى أن ما ذكره في تفسيره من مسائل كان لها أثرها في التفاسير التي تلته، ولا يمكن فهمها إلا من خلال المرور عليه، وننبه إلى أننا لم نضع في هذا الكتاب من تفسيره إلا ما له علاقة بالتفسير، أما ما عداه، فقد وضعناه في محله من أجزاء السلسلة، وهو ينتمي مذهبيا إلى المدرسة الشافعية الأشعرية، بالإضافة إلى ميول صوفية تشبه ميول القشيري والغزالي.
12. الجامع لأحكام القرآن، والمبين لما تضمن من السنة وأحكام الفرقان، وهو لمحمد بن أحمد القرطبي (ت 671 هـ) ، وهو في 20 جزءا، وننبه إلى أننا لم نضع في هذا الكتاب من تفسيره إلا ما له علاقة بالتفسير، أما ما عداه، وخصوصا المسائل الفقهية التفصيلية، فقد وضعناه في محله من أجزاء السلسلة، وقد اخترناه لاهتمامه بالأحكام الفقهية للمدارس المختلفة، مع الاهتمام خصوصا بالاحتجاج لما ذهب إليه علماء المدرسة المالكية، ومن يتفق معهم.
13. فتح القدير ، وهو لمحمد بن علي الشوكاني (ت 1250 هـ) ، وهو في 6 مجلدات، وقد اخترناه باعتباره يعبر عن وجهة نظر الكثير من أهل الحديث، بالإضافة إلى أنه من المقبولين، بل والمعتمدين عند التيارات المهتمة بالحديث الشريف، وهو في أصله زيدي المذهب، لكنه صار لا مذهبيا، كما يقال، وبذلك فإنه يمثل هذا التيار أحسن تمثيل.
14. تفسير محمد أَطَّفِّيش (ت 1332 هـ)، وقد اخترناه لأنه تفسير معتمد لدى المدرسة الإباضية، بالإضافة إلى توافق ما يذكره مع مدرسة المعتزلة في أكثر المسائل، ولهذا نذكر ما ذكره حتى لو تشابه مع كلام غيره من المفسّرين، لنتعرف على التفسير الإباضي للآيات أو المقاطع التي نذكر تفسيرها.
15. تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل ، وهو لجمال الدين القاسمي (ت 1332 هـ) ، وهو في 9 مجلدات، وقد اخترناه لمحاولته الجمع بين المدرسة السلفية القديمة مع الحديثة، وخاصة التنويرية منها.
16. تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار ، وهو لمحمد رشيد رضا (ت 1354 هـ) ، وهو في 12 مجلدا، وقد اخترناه لترجيحاته القيمة للكثير من المباحث التفسيرية القديمة، بالإضافة إلى اهتمامه بالجوانب الحادثة، وبذلك يمكن اعتباره صلة وصل مهمة بين القديم والحديث، بالإضافة إلى أن الكثير من التفاسير المتأخرة، بل الكثير من الدراسات التنويرية والحركية المتأخرة تأثرت به، ونحب أن ننبه إلى ما ذكره محمد رشيد رضا، اختلط في أحيان كثيرة مع ما ذكره أستاذه محمد عبده، فلذلك لم نهتم كثيرا بالفصل بينهما، باعتبار أن الغرض هو الأقوال لا الضبط في أسماء القائلين خاصة مع تأييد محمد رشيد رضا لكل ما يذكره أستاذه، وفي حال مخالفته له، ننبه إلى ذلك، ونهتم بذكر الاسم بدقة، للحاجة إليه.
17. تفسير المراغي ، وهو لأحمد بن مصطفى المراغي (ت 1371 هـ) ، وهو في 30 جزءا، وقد اخترناه لمحاولته تقرير ما ذكرته المدرسة الحديثة في التفسير، وخاصة مدرسة محمد عبده، بالإضافة إلى يسره وسهولته، ولذلك يمكن اعتبار ما ذكره شرحا وتبسيطا لما ذكره غيره، وخصوصا ما ذكره محمد رشيد رضا ومحمد عبده، وهو من أهداف هذه السلسلة، كما ذكرنا ذلك سابقا.
18. في ظلال القرآن ، وهو لسيد قطب (ت 1385 هـ) ، وهو في 6 مجلدات، وقد اخترناه لما يذكره من تأثير القرآن الكريم، والمشاعر المرتبطة به، بالإضافة إلى عرضه الحقائق القرآنية بأسلوب أدبي يساهم في فهمها، والتأثر بها، بالإضافة إلى اهتمامه بالجوانب الاجتماعية والحركية للقرآن الكريم.. بالإضافة إلى كونه المعتمد في التفسير بالدرجة الأولى لدى الحركات الإسلامية السنية، بل حتى الإمامية والزيدية والإباضية لم يروا حرجا في الاستفادة منه، وبذلك هو يمثل نقاط اشتراك كبيرة بين المسلمين.. ونحب أن ننبه هنا إلى الفرق الكبير بين طروحات سيد قطب ـ الذي ينتسب للإخوان المسلمين ـ وبين غيره من طروحات حركية، وخاصة المتأخرة منها، والتي تأثرت بالتيارات الوهابية إبان إيواء السعودية للكثير من قادتها الفكريين.
19. التفسير القرآني للقرآن ، وهو لعبد الكريم الخطيب (ت 1390 هـ) ، وهو في 16 جزءا، وقد اخترناه لسهولة أسلوبه ويسره، بالإضافة إلى اهتمامه بالجوانب الاجتماعية، وأحيانا الحركية، بالإضافة إلى ذوقه البياني الخاص، وآرائه التي حاول تطبيقها في القرآن الكريم جميعا، مثل قوله بعد النسخ ونحو ذلك.
20. تفسير التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور ، وهو لمحمد الطاهر بن عاشور (ت 1393 هـ) ، وهو في 30 جزءا، وهو أشبه التفاسير من حيث قيمته العلمية بتفسير الرازي قديما، وتفسير المنار حديثا، وهو يحاول الجمع بين المدارس القديمة والحديثة، بالإضافة إلى قدراته اللغوية الكبيرة، واهتمامه بالمقاصد القرآنية وربطها بمقاصد الشريعة، ولذلك كان لترجيحاته قيمتها البالغة.
21. زهرة التفاسير ، وهو لمحمد أبو زهرة (ت 1394 هـ) ، وهو في 10 أجزاء، وقد اخترناه للغته السهلة البسيطة، بالإضافة إلى اهتماماته اللغوية والجوانب البيانية في القرآن الكريم، بالإضافة إلى كونه من التفاسير الحديثة التي حاولت تبسيط ما ورد في التفاسير القديمة، بالإضافة إلى كونه من الشيوخ الكبار الذين يمثلون جامعة الأزهر العريقة، واهتمامها بالتقارب والحوار بين المسلمين، ولذلك نرى أكثر الأزاهرة المتأخرين متأثرين به.
22. الميزان في تفسير القرآن ، وهو لمحمد حسين الطباطبائي (ت 1402 هـ) ، وهو في 20 جزءا، وقد اخترناه لأهميته الكبيرة لدى المفكرين والفلاسفة من الطوائف المختلفة، بالإضافة إلى طريقته في طرح المسائل القديمة بطريقة سهلة يسيرة، ومن خلال العودة للقرآن الكريم نفسه،، وننبه إلى أننا لم نضع في هذا الكتاب من تفسيره إلا ما له علاقة بالتفسير، أما ما عداه، فقد وضعناه في محله من أجزاء السلسلة، وقد رأينا أن الكثير مما طرحه في تفسيره مما قد يعسر فهمه يصبح سهلا يسيرا بعد التعرف على ما ذكره السابقون عليه، أو اللاحقون له.
23. من وحي القرآن ، وهو لمحمد حسين فضل الله (ت 1431 هـ) ، وهو في 25 جزءا، وقد اخترناه للغته الأدبية التي تيسر فهم القرآن الكريم، بالإضافة إلى اهتمامه بالجوانب البيانية والاجتماعية والحركية للقرآن الكريم، بالإضافة إلى كونه وسيلة وصل بين المدرسة الإمامية والمدارس السنية، فالمعتدلون منها لا يرون غضاضة في الرجوع إلى تفسيره، وخاصة وأنه يشبه ما كتبه سيد قطب في الكثير من النواحي.
24. التيسير في التفسير ، وهو لبدر الدين بن أمير الدين مطهر، (ت١٤٣١ هـ) ، وهو في 7 أجزاء، وقد اخترناه لكونه ممثلا للمدرسة الزيدية المتأخرة، بالإضافة إلى كونه التفسير المعتمد لدى اليمنيين المتأخرين، خاصة وأنه والد القائد الشهيد بدر الدين الحوثي، وأخيه السيد عبد الملك، ولذلك نرى المسيرة القرآنية اليمنية تعتبره من مصادرها التفسيرية.
25. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ، وهو لناصر مكارم الشيرازي (ولد 1345 هـ) ، وهو في 20 جزءا، وقد اخترناه لكونه من التفاسير التي تجمع بين البساطة والعمق، وسهولة الطرح، وكثرة المسائل المطروحة، بالإضافة إلى أنه من أحسن التفاسير التي حاولت أن ترد على الشبهات والإساءات التي مست المدرسة الإمامية، وكونه أيضا من التفاسير التي يمكن اعتبارها تفاسير حركية، خاصة وأن مؤلفه من كبار الذين جاهدوا وساهموا في نصرة الثورة الإسلامية الإيرانية.
أسس الانتقاء:
بعد أن تعرّفنا على التفاسير التي اعتمدناها، سواء تلك التي تتعلق بالتفسير بالمأثور، أو بغيرها، نذكر هنا الأسس التي اعتمدنا عليها في الانتقاء، وهي:
1. مرجعية التفسير، أي أنه يقدم الذي يكون مرجعا لغيره من التفاسير على غيره، ذلك أن الاطلاع عليه يعني الاطلاع على كل التفاسير التي اعتمدت عليه، ومن الأمثلة على ذلك تفسير الفخر الرازي، والذي بنيت عليه الكثير من التفاسير التي تلته، من أمثال تفسير (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) للبيضاوي، والذي بنيت عليه هو الآخر الكثير من التفاسير.
2. اعتماد التفسير لدى المدرسة التي ينتمي إليها المفسر، ذلك أن من أهداف السلسلة التعرف على مواقف المدارس المختلفة، ولذلك اعتمدنا في المدرسة الإمامية ـ مثلا ـ على تفاسير الطوسي والطبرسي والطباطبائي والشيرازي وجواد مغنية وغيرهم، ولم نعتمد التفسير المنسوب للإمام العسكري، أو القمي، وغيرهما، بناء على كونه غير معتبر لديها، ولذلك في حال ذكر ما ذكراه يكون بناء على ما ذكره مفسرو المدرسة، لا المصادر نفسها.
3. الصياغة وسهولتها ويسرها، ذلك أن من أهداف السلسلة تبسيط المعارف القرآنية، وما ذكره المفسّرون بشأنها، ولذلك كان للصياغة دورها في انتقائنا للتفسير، ومن الأمثلة على ذلك تفاسير المتأخرين، كعبد الكريم الخطيب وتفسير المراغي في المدرسة السنية، وتفسير محمد حسين فضل الله ومحمد جواد مغنية وناصر مكارم الشيرازي في المدرسة الإمامية.. فهذه التفاسير تبسط الكثير من المسائل المطروحة في الكتب القديمة، وطبعا لا تغني عنها.. ومن هذا الباب لم نضع في الكتب التي اعتمدناها تفسير الزمخشري باعتبار أن كل ما ذكره ـ وإن كان متقدما على غيره ـ إلا أنه موجود في تفاسير المتأخرين عنه، مع إضافة ما ذكره الشراح والنقاد تعقيبا عليه.
4. التحقيقات والاهتمام بالمعارف القرآنية، وهو مما يدخل ضمن تدبر القرآن الكريم، والاستفادة منه في كل الشؤون، ومن هذا الباب انتقينا التفاسير المطولة، ومن العصور المختلفة، ومن المدارس المختلفة، باعتبارها تهتم بالتحقيق، وليس بمجرد الفهم السطحي للآيات الكريمة، ومن أمثلتها في التفاسير القديمة تفسير الفخر الرازي والقرطبي، ومن التفاسير الحديثة تفسير الطباطبائي وابن عاشور وغيرهما.
5. الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والسياسية والحضارية، ولهذا اعتمدنا التفاسير التي تصنف ضمن هذا التفسير، كتفسير المنار، ومن تأثر به كالمراغي والقاسي، أو تفسير الطباطبائي والشيرازي ومحمد حسين فضل الله وغيرهم.
6. الاهتمام بالجوانب الحركية، ومسؤوليات الأمة، وفهم القرآن الكريم من خلال الواقع، وكيفية تطبيقه، ومن هذا الباب اعتمدنا تفسير سيد قطب ومحمد حسين فضل الله، وغيرهما، ممن يهتم بالجوانب الحركية، وخصوصا المعاصرة منها.
7. الاهتمام بالجوانب البيانية واللغوية في القرآن الكريم، باعتبارها توضح مقصوده، وتبين أسرار إعجازه، ولكنا مع ذلك لم نذكر كل ما ورد في تفاصيل لغوية، وخاصة ما يتعلق بالإعراب منها، باعتبار أن الكثير منها نوع من الحشو والاستطراد، ولذلك اكتفينا بذكر ما يفي بالغرض.