×

الكتاب: شمائل النبوة ومكارمها

الوصف: أكثر من ألفي حديث في التعريف بالنبوة وجمالها

السلسلة:  سنة بلا مذاهب

المؤلف: د. نور الدين أبو لحية

الناشر: دار الأنوار للنشر والتوزيع

الطبعة: الأولى، 1441 هـ

عدد الصفحات: 452

الكتاب موافق للمطبوع

صيغة: pdf

صيغة: docx

ISBN: 978-620-3-85887-7

لمطالعة الكتاب من تطبيق مؤلفاتي المجاني وهو أحسن وأيسر: هنا

يحاول هذا الكتاب جمع ما ورد في المصادر الحديثية مما يطلق عليه اصطلاحا [الشمائل النبوية]، والتي خصها الكثير من المحدثين بمؤلفات خاصة، وذلك للدوافع التالية:

1. التعريف برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكمالاته، ومحاسنه، وعظمته، لأنه لا يمكن أن يتحقق التدين الصحيح من دون ذلك؛ فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو المثال الأعلى للإسلام، والممثل الأعظم له، والناطق الأكبر باسمه، ولذلك كلما كانت المعرفة به أعظم، كانت المعرفة بالإسلام أكمل وأشمل وأجمل.

2. الاستدلال بكمالاته على نبوته؛ فأعظم دليل على النبوة تلك الخلال العظيمة التي كان يتصف بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. لذلك كان التعريف به كافيا وحده للدلالة عليه.

3. الدعوة إلى محبته وإقامة علاقة عاطفية قوية معه؛ فبقدر تلك العلاقة يكون التحقق الجواني بالدين .. فالدين في جوهره مبني على المحبة، والمحبة ـ كما هو معلوم ـ لا يمكن أن تنتشر في القلب ما لم تتحقق قبلها المعرفة والتعظيم؛ فالحب ثمرة المحبة والإعجاب بالمحبوب وبصفاته وكمالاته.

4. تحقيق الأسوة به، وهي نتاج بديهي للمحبة، فمن أحب قوما أطاعهم، واتبعهم، وسار على منهاجهم.

5. تنقية ما ورد في كتب الشمائل مما لا يتناسب مع عظمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من الأحاديث أو الآثار وغيرها، بالإضافة إلى طرحها طرحا يتناسب مع تلك الأهداف السابقة.

6. بيان اتفاق الأمة على أحاديث الشمائل؛ فمن خلال اطلاعنا على كل ما ورد من الأحاديث في كتب السنة والشيعة، لم نجد خلافا، ولو في حديث واحد.

7. التقديم بهذا الكتاب لغيره من كتب السلسلة، والمتضمنة للنواحي السلوكية والأخلاقية والتعبدية، وغيرها من المعاني التي وردت بها السنة، ذلك أن الغرض منها جميعا هو السير التحققي والتخلقي على السراط المستقيم الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشرحه أئمة الهدى من بعده.

شمائل النبوة ومكارمها (8)

المقدمة

يحاول هذا الكتاب جمع ما ورد في المصادر الحديثية للأمة الإسلامية بمدارسها المختلفة، والمتعلقة بما يطلق عليه اصطلاحا [الشمائل النبوية (1)]، والتي خصها الكثير من المحدثين بمؤلفات خاصة.

وقد دفعنا إلى وضع هذا الكتاب في هذا المحل، بعد ما سبقه من الكتب المرتبطة بالمعارف الإيمانية ودلائل النبوة الدوافع التالية:

أولا: التعريف برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكمالاته، ومحاسنه، وعظمته، لأنه لا يمكن أن يتحقق التدين الصحيح من دون ذلك.. فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو المثال الأعلى للإسلام، والممثل الأعظم له، والناطق الأكبر باسمه، ولذلك كلما كانت المعرفة به أعظم، كانت المعرفة بالإسلام أكمل وأشمل وأجمل.

ثانيا: الاستدلال بكمالاته على نبوته؛ فأعظم دليل على النبوة تلك الخلال العظيمة التي كان يتصف بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. لذلك كان التعريف به كافيا وحده للدلالة عليه.

ثالثا: الدعوة إلى محبته وإقامة علاقة عاطفية قوية معه؛ فبقدر تلك العلاقة يكون التحقق الجواني بالدين.. فالدين في جوهره مبني على المحبة، ولهذا أمر الله تعالى بتقديمها على كل شيء، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ وَالله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]

__________

(1) المراد بالشمائل: خصال الإنسان وأوصافه وخلاله وأخلاقه وآدابه ونحو ذلك، يقال فلان حسن الشمائل أي حسن الأخلاق.

شمائل النبوة ومكارمها (9)

والمحبة ـ كما هو معلوم ـ لا يمكن أن تنتشر في القلب ما لم تتحقق قبلها المعرفة والتعظيم؛ فالحب ثمرة المحبة والإعجاب بالمحبوب وبصفاته وكمالاته.

رابعا: تحقيق الأسوة به، وهي نتاج بديهي للمحبة، فمن أحب قوما أطاعهم، واتبعهم، وسار على منهاجهم، كما قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]

ولهذا أمر الله تعالى باتخاذه الأسوة الأعظم، فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]

وقد روي عن الإمام الصادق قوله: (إني لاكره للرجل أن يموت وقد بقيت خلة من خلال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يأت بها) (1)

والتحقق بذلك يجعل الإسلام شاملا في نفس المسلم، بخلاف اقتصاره على جزئيات الدين وتفاصيله دون معرفة النبوة، أو ملء النفس بعظمتها.

خامسا: تنقية ما ورد في كتب الشمائل مما لا يتناسب مع عظمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من الأحاديث أو الآثار وغيرها، بالإضافة إلى طرحها طرحا يتناسب مع تلك الأهداف السابقة، ذلك أن الكثير من كتب الشمائل تبدأ بقضايا جزئية بسيطة كاللباس والتختم، أو الأكل والشرب ونحوها؛ فلا يصل القارئ بعدها إلى الأحاديث المعرفة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا بعد أن يمتلئ بالشبهات التي تمنعه من الاستفادة منها.

ولذلك، كان دورنا في هذا الكتاب تغيير ذلك التصنيف، بحيث نبدأ بالأولى فالأولى؛ حتى لا يساء فهم بعض ما ورد في كتب الشمائل؛ فتفهم فهما سلبيا.

ومن الأمثلة على ذلك ما يرد في كتب الشمائل من حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأكل لحم

__________

(1) مكارم الاخلاق: 40 و41.

شمائل النبوة ومكارمها (10)

الكتف، أو الثريد، ويبالغون في ذكر الروايات الواردة في ذلك إلى أن يتوهم القارئ أن حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلها كانت جريا وراء تلك الأنواع الشهية من المأكولات.

لكن لو قدم لذلك بذكر زهده وورعه وعفافه عن الكثير من شهوات الدنيا، لوضع تلك الأحاديث في محلها الصحيح.. خاصة وأن زهده وورعه وعفافه عن الدنيا هو الأصل، وهو المنسجم مع ما ورد في القرآن الكريم عنه، كما قال تعالى: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]

وقال مخاطبا أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما شكون حالهن: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الله وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ الله أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28، 29]

سادسا: بيان اتفاق الأمة على أحاديث الشمائل؛ فمن خلال اطلاعنا على كل ما ورد من الأحاديث في كتب السنة والشيعة، لم نجد خلافا، ولو في حديث واحد.. ولذلك لم نعتمد في هذا الكتاب التقسيم السابق من تصنيف فصول أو مطالب الكتاب بحسب المصادر الحديثية، ذلك أنا وجدنا أن كل الأحاديث متداولة لدى الفريقين.

ولنبين ذلك.. فقد ذكرنا في كل فصل من الفصول ما ورد في كتب المدرستين، حتى لو كان بعضها متقاربا جدا من حيث الصياغة، لنبين مدى اتفاق الأمة على هذا الجانب المهم من جوانب الدين.

وهذا أمر يفرح له دعاة الوحدة والتقريب بين المؤمنين.. ذلك أن الشمائل تمثل عمق الدين، وجانبه الأكبر.. والوحدة عليها، تدل على وحدة الأمة في معرفتها لرسولها صلى الله عليه وآله وسلم.

سابعا: التقديم بهذا الكتاب لغيره من كتب السلسلة، والمتضمنة للنواحي السلوكية

شمائل النبوة ومكارمها (11)

والأخلاقية والتعبدية، وغيرها من المعاني التي وردت بها السنة، ذلك أن الغرض منها جميعا هو السير التحققي والتخلقي على السراط المستقيم الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشرحه أئمة الهدى من بعده.

بناء على هذه الأغراض والمقاصد؛ فقد قسمنا الكتاب إلى سبعة فصول:

أولها: شخصيته الكاملة، ونقصد بها التعريف الشامل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذي لا تقتصر الأحاديث فيه على الجزئيات التي قد تشغل المتعرف عليها عن سائر الكمالات.

ثانيها: روحانيته السامية، ونقصد بها التعريف بعلاقته بالله تعالى، وكثرة عبادته وذكره وتوجهه له.

ثالثها: أخلاقه العالية، ونقصد بها التعريف بصفاته وخلاله التي مدحه الله بها في قوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]

رابعها: آدابه الرفيعة، ونقصد بها التعريف بما ورد عنه من السلوكات الحضارية الراقية في الشؤون المختلفة.

خامسها: بشريته الطاهرة، ونقصد بها ما ورد من الأحاديث المتعلقة بشؤون حياته الشخصية من المأكل والمشرب والملبس ونحوها.. وقد رأينا تأخيرها إلى هذا الفصل لتُفهم على ضوء ما سبق

وبناء على محاولتنا لجمع أكبر عدد من الأحاديث، ومن المصادر المختلفة، فقد بلغ عدد الأحاديث في هذا الكتاب أكثر من ألفي حديث.. وبعضها وإن كان مكررا في معانيه أو في بعض ألفاظه إلا أن كل حديث منها يشكل شهادة جديدة لها قيمتها وأهميتها، كما هو معروف في كتب الحديث.

بالإضافة إلى أننا لو اختصرنا، ولم نذكر كل ما ورد، لاعتبر ذلك تقصيرا، أو انتقاء

شمائل النبوة ومكارمها (12)

لا مبرر له، خاصة ونحن نريد من هذه السلسلة أن تتوحد عليها الأمة، كما توحدت على كتاب ربها.. وبذلك تنتفي كل فرصة للشيطان لنشر الفرقة أو صدع الوحدة؛ فخير ما تتوحد عليه الأمة كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم.

ونحب أن ننبه في الأخير إلى أنا قسمنا بعض الأحاديث إلى قطع صغيرة، مع توثيق كل قطعة، لمن يريد الاستفادة منها، أو نشرها، وذلك لأنا رأينا أن العادة جرت بالرغبة عن الأحاديث الطويلة، وقلة الاستفادة منها.

كما ننبه إلى أننا تصرفنا في بعض الأحاديث، أو في الكثير منها، بحذف ما لا نراه موافقا للقرآن الكريم، أو متناسبا مع جلال النبوة، وذلك بناء على ما ورد في الحديث الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع) (1)

__________

(1) رواه مسلم (6)

شمائل النبوة ومكارمها (13)

أولا ـ شخصيته الكاملة

يحاول هذا الفصل جمع ما أمكن من الأحاديث التي وردت في المصادر الحديثية للسنة والشيعة، والتي حاولت إعطاء صورة شاملة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا تقتصر على جانب من جوانبه.

وقد بدأنا بها، لأنها أول ما يزيل الإشكالات المرتبطة بالجزئيات المختلفة؛ فالصورة القاصرة على نواح محدودة صور مشوهة ظلامية، قد تؤدي إلى الفتنة والتشكيك أكثر من كونها سببا في التعريف.

وللأسف؛ فإن كتب الحديث والشمائل تؤخر أمثال هذه الأحاديث مع أهميتها، لتجعلها ـ عادة ـ فيما تطلق عليه الأبواب الجامعة، مع أنها الأصل الذي ينبغي أن يُبدأ به.. فالكلي مقدم على الجزئي، والشامل مقدم على التفاصيل.. ولهذا قدم الله تعالى سورة الفاتحة، باعتبارها أم الكتاب والشاملة لكل حقائقه وقيمه.

ولذلك؛ فإن هذه الأحاديث القصيرة في مبناها، العميقة في معناها، لها تأثيرها الكبير في التعريف برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا نرى أئمة الهدى يدعون لها، ويستعملونها، كما سنرى الأحاديث الواردة في ذلك.

ونحب أن ندعو من خلال هذا الفصل إلى جمع كل ما ارتبط برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من شهادات سواء لمسلمين أو غير مسلمين، والتدرب على صياغة ما أمكن منها، بحيث تكون شديدة الاختصار، وشديدة التأثير.

ومن الأمثلة على ذلك ما أورده الصالحي في مقدمة الشمائل في كتابه العظيم الذي هو أشمل كتب السيرة والشمائل وأعظمها فائدة [سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد] نقلا عن بعضهم؛ فقد قال

شمائل النبوة ومكارمها (14)

متحدثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من تأمل تدبيره صلى الله عليه وآله وسلم أمر بواطن الخلق، وظواهرهم، وسياسة الخاصة والعامة، مع عجيب شمائله، وبديع سيره، فضلا عما أفاضه من العلم، وقرره من الشرع، دون تعلّم سبق، ولا ممارسة تقدمت، ولا مطالعة للكتب، لم يمتر في رجحان عقله، وثقوب فهمه لأول وهلة.. ومما يتفرع عن العقل ثقوب الرّأي وجودة الفطنة والإصابة، وصدق الظن، والنظر للعواقب، ومصالح النفس، ومجاهدة الشهوة، وحسن السياسة، والتدبير، واقتفاء الفضائل، واجتناب الرذائل، وقد بلغ صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك الغاية التي لم يبلغها بشر سواه صلى الله عليه وآله وسلم.. ومن تأمل حسن تدبيره للعرب الذين كالوحش الشارد، والطبع المتنافر المتباعد، كيف ساسهم؟ واحتمل جفاهم، وصبر على أذاهم، إلى أن انقادوا إليه، واجتمعوا عليه، وقاتلوا دونه أهليهم: آباءهم، وأبناءهم، واختاروه على أنفسهم، وهجروا في رضاه أوطانهم، وأحبابهم، من غير ممارسة سبقت له، ولا مطالعة كتب يتعلّم منها سنن الماضين، فتحقّق أنه صلى الله عليه وآله وسلم أعقل الناس، ولما كان عقله صلى الله عليه وآله وسلم أوسع العقول لا جرم اتسعت أخلاق نفسه الكريمة اتساعا لا يضيق عن شيء) (1)

ومن الأمثلة عنها ما ورد من الشهادات الكثيرة لغير المسلمين، والذين لم يملكوا في لحظات الصدق والإخلاص إلا أن يقروا بعظمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما ذكرنا النماذج الكثيرة على ذلك في كتاب [قلوب مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم]

ولا بأس أن أشير هنا إلى علمين من غير المسلمين ممن أشاروا إلى الشخصية الكاملة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

أما أولهما، فهو الكاتب الاسكتلندي والناقد والمؤرخ [توماس كارليل] الذي كتب تحت عنوان [شهابٌ أضاء العالم أجمع] يقول: (من العار أن يصغي أي إنسان من أبناء هذا

__________

(1) سبل الهدى (7/ 3)

شمائل النبوة ومكارمها (15)

الجيل إلى وهم القائلين: إنَّ دين الإسلام كذب، وإن محمداً لم يكن على حق. لقد آن لنا أن نحارب هذه الإدعاءات السخيفة المخجلة، فالرسالة التي دعا إليه هذا النبي ظلّت سراجاً منيراً أربعة عشر قرناً من الزمان لملايين كثيرة من الناس، فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة أكذوبة كاذب أو خديعة خادع؟ هل رأيتم رجلاً كاذباً يستطيع أن يخلق ديناً ويتعهده بالنشر بهذه الصورة؟ إنَّ الرجل الكاذب لا يستطيع أن يبني بيتاً من الطوب لجهله بخصائص مواد البناء، وإذا بناه فما ذلك الذي يبنيه إلا كومة من أخلاط هذه المواد، فما بالك بالذي يبني بيتاً دعائمه هذه القرون العديدة، وتسكنه هذه الملايين الكثيرة.. وعلى ذلك فمن الخطأ أن نعدَّ محمداً رجلاً كاذباً متصنّعاً متذرّعاً بالحيل والوسائل لغاية أو مطمع.. وما الرسالة التي أدّها إلا الصدق والحق.. وما هو إلا شهاب أضاء العالم أجمع، ذلك أمر الله) (1)

ويقول: (ويزعم المتعصبون أنَّ محمداً لم يكن يريد بدعوته غير الشهوة الشخصية والجاه والسلطان.. كلا، واسم الله، لقد انطلقت من فؤاد هذا الرجل الكبير النفس، المملوء رحمة وبراً وإحساناً وخيراً ونوراً وحكمة، أفكار غير الطمع الدنيوي، وأهداف سامية غير طلب الجاه والسلطة، ويزعم الكاذبون أنّ الطمع وحب الدنيا هو الذي أقام محمداً وأثاره. حمق وسخافة وهوس إن رأينا رأيهم، ما حاجة رجل على شاكلته في جميع بلاد العرب لتاج قيصر وصولجان كسرى؟ لم يكن كغيره يرضى بالأوضاع الكاذبة، ويسير تبعاً للاعتبارات الباطلة، ولم يقبل أن يتشح بالأكاذيب والأباطيل، لقد كان منفرداً بنفسه العظيمة وبحقائق الكون والكائنات، لقد كان سر الوجود يسطع أمام عينيه بأهواله ومحاسنه ومخاوفه)

وأما الثاني؛ فهو المفكر والشاعر والسياسي الفرنسي [الفونس دي لامارتين (2)]

__________

(1) هذه النصوص من كتابه [محمد المثل الأعلى].

(2) هو شاعر وسياسي فرنسي. يُعدّ أحد أكبر شعراء المدرسة الرومانسية الفرنسية. خاض غمار السياسة، فتولى رئاسة الحكومة المؤقتة، بعد ثورة 1848.

شمائل النبوة ومكارمها (16)

الذي كتب تحت عنوان: (هل هناك من هو أعظم من محمد؟) يقول: (إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيّاً من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجاداً بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانِيهم، لكنَّ هذا الرجل لم يقد الجيوش ويسنّ التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروّض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.. لقد صبر وتجلّد حتى نال النصر.. كان طموحه موجّهاً بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاته الدائمة ومناجاته لربه ووفاته وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدلّ على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث.. فالشق الأول يبيّن صفة الله (ألا وهي الوحدانية)، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى (وهو المادية والمماثلة للحوادث). لتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة المدّعاة من دون الله بالسيف، أما الثاني فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة (بالحكمة والموعظة الحسنة).. هذا هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرّع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسّس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم منه.. إن أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياته دراسة وافية، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود، وأي رجل أدرك من العظمة الإنسانية مثلما أدرك محمد، وأي

شمائل النبوة ومكارمها (17)

إنسان بلغ من مراتب الكمال مثل ما بلغ) (1)

بناء على هذا، سنحاول في هذا الفصل ذكر ما ورد من الأحاديث في كمالات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعنوية والجسدية، وقد قسمنا الفصل إلى ثلاثة أقسام:

1. ما ورد من الأحاديث في كمالاته المعنوية.

2. ما ورد من الأحاديث في كمالاته الجسدية.

3. ما ورد من الأحاديث في أسمائه الدالة على شخصيته.

1. ما ورد حول كمالاته المعنوية

ونريد بها الأحاديث التي تصف المعاني المختلفة المرتبطة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والمتعلقة بروحانيته وأخلاقه وآدابه ونحو ذلك.. بالإضافة إلى ذكر بعض ما يرتبط بنواحيه الجسدية لتكون المعرفة شاملة بذلك لكل النواحي.

وقد قسمنا الأحاديث الواردة بهذا المعنى إلى قسمين:

1. أحاديث واردة بصيغتها في كتب الحديث السنية أو الشيعية.

2. أحاديث مستنبطة من الروايات والأخبار وغيرها، وللمحدثين دور في صياغتها وجمعها..

أ. الأحاديث الواردة بصيغها منسوبة لأصحابها

وأكثر هذا النوع من الأحاديث مما روي عن أئمة الهدى من العترة الطاهرة، وخصوصا الإمام علي، باعتباره أكثر الأمة معرفة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا اعتمد هذا المنهج الشامل في التعريف به صلى الله عليه وآله وسلم.

[الحديث: 1] قال الإمام علي يصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما صافح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحدا

__________

(1) من كتاب (تاريخ تركيا)، باريس، 1854، 2/ 276 - 277.

شمائل النبوة ومكارمها (18)

قط فنزع يده من يده حتى يكون هو الذي ينزع يده، وما فاوضه أحد قط في حاجة أو حديث فانصرف حتى يكون الرجل ينصرف، وما نازعه الحديث حتى يكون هو الذي يسكت، وما رأى مقدما رجله بين يدي جليس له قط، ولا عرض له قط أمران إلا أخذ بأشدهما، وما انتصر نفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم الله فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى، وما أكل متكئا قط حتى فارق الدنيا، وما سئل شيئا قط فقال: لا، وما رد سائلا حاجة إلا بها أو بميسور من القول، وكان أخف الناس صلاة في تمام، وكان أقصر الناس خطبة وأقله هذرا، وكان يعرف بالريح الطيب إذا أقبل، وكان إذا أكل مع القوم كان أول من يبدأ، وآخر من يرفع يده، وكان إذا أكل أكل مما يليه، فإذا كان الرطب والتمر جالت يده، وإذا شرب شرب ثلاثة أنفاس، وكان يمص الماء مصا، ولا يعبه عبا، وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه وإعطائه، كان لا يأخذه إلا بيمينه، ولا يعطي إلا بيمينه، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه، وكان يحب التيمن في كل اموره: في لبسه وتنعله وترجله، وكان إذا دعا دعا ثلاثآ، وإذا تكلم تكلم وترا، وإذا استأذن استأذن ثلاثا، وكان كلامه فصلا يتبينه كل من سمعه، وإذا تكلم رأى كالنور يخرج من بين ثناياه، وإذا رأيته قلت: أفلج الثنيتين، وليس بأفلج، وكان نظره اللحظ بعينه، وكان لا يكلم أحدا بشئ يكرهه، وكان إذا مشى ينحط من صبب، وكان يقول: إن خياركم أحسنكم أخلاقا، وكان لا يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا يتنازع أصحابه الحديث عنده، وكان المحدث عنه يقول: لم أر بعيني مثله قبله ولا بعده صلى الله عليه وآله وسلم) (1)

[الحديث: 2] قال الإمام الحسين: سألت أبي عن مدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فإذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله، وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة، ولا

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 236)

شمائل النبوة ومكارمها (19)

يدخر عنهم منه شيئا، وكان من سيرته في جزء الامة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والامة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي، ويقول: (ليبلغ الشاهد منكم الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة) لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقيد من أحد عثرة يدخلون روادا، ولا يفترقون إلا عن ذواق، ويخرجون أدلة) (1)

[الحديث: 3] قال الإمام الحسين: سألت أبي عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف كان يصنع فيه؟ فقال: (كان صلى الله عليه وآله وسلم يخزن لسانه إلا عما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الامر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة) (2)

[الحديث: 4] قال الإمام الحسين: سألت أبي عن مجلسه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (كان صلى الله عليه وآله وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الاماكن وينهى عن إيطانها (3)، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه، وصار لهم أبا،

__________

(1) عيون الاخبار: 176 ـ 178.

(2) عيون الاخبار: 176 ـ 178.

(3) لا يوطن الاماكن، أي لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به فلا يجلس إلا فيه، وقد فسره بما بعده.

شمائل النبوة ومكارمها (20)

وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة، لا ترفع فيه الاصوات، ولا تؤبن فيه الحرم، ولا تنثى فلتاته، متعادلين متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب) (1)

[الحديث: 5] قال الإمام الحسين: سألت أبي عن سيرته صلى الله عليه وآله وسلم في جلسائه؟ فقال: (كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب: ليس بفظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والاكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا، ولا يعيره، ولا يطلب عورته ولا عثراته، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم انصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث اوليهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام) (2)

[الحديث: 6] قال الإمام الحسين: سألت أبي عن سكوت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (كان سكوته على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكير، فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس، وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى، وجمع له الحلم في الصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه، وجمع له الحذر في أربع: أخذه الحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاده الرأي في صلاح امته، والقيام فيما جمع لهم خير الدنيا والآخرة) (3)

__________

(1) عيون الاخبار: 176 ـ 178.

(2) عيون الاخبار: 176 ـ 178.

(3) عيون الاخبار: 176 ـ 178.

شمائل النبوة ومكارمها (21)

[الحديث: 7] قال الإمام علي في وصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لم يك بالطويل الممغط، ولا القصير المتردد، وكان ربعة من القوم، ولم يك بالجعد القطط ولا السبط، كان جعدا رجلا، ولم يك بالمطهم ولا المكلثم، وكان في الوجه تدويرا، أبيض مشرب، أدعج العين، أهدب الاشفار، جليل المشاش والكتد، أجرد ذا مسربة، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة، بأبي من لم يشبع ثلاثا متوالية من خبز بر حتى فارق الدنيا، ولم ينخل دقيقه) (1)

[الحديث: 8] سئل الإمام علي: صف لنا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم كأننا نراه، فإنا مشتاقون إليه، فقال: (كان نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض اللون، مشربا حمرة، أدعج العين (2)، سبط الشعر (3)، كث اللحية، ذا وفرة (4)، دقيق المسربة، كأنما عنقه إبريق فضة، يجري في تراقيه الذهب، له شعر من لبته إلى سرته كقضيب خيط إلى السرة، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره، شثن الكفين والقدمين، شثن الكعبين، إذا مشى كأنما يتقلع من صخر، إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب، إذا التفت التفت جميعا بأجمعه كله، ليس بالقصير المتردد، ولا بالطويل المتمعط (5)، وكان في الوجه تدوير، إذا كان في الناس غمرهم، كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ، عرفه أطيب من ريح المسك، ليس بالعاجز ولا باللئيم، أكرم الناس عشرة، وألينهم عريكة، وأجودهم كفا، من

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 194)، الغارات.

(2) الدعج: شدة سواد العين في شدة بياضها.

(3) السبط من الشعر: المنبسط المسترسل.

(4) الوفرة: شعر الرأس إذا وصل إلى شجمة الاذن.

(5) المتناهي في الطول.

شمائل النبوة ومكارمها (22)

خالطه بمعرفة أحبه، ومن رآه بديهة هابه، عزه بين عينيه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله، صلى الله عليه وآله وسلم) (1)

[الحديث: 9] قال الإمام علي يصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاعرابي: (إذا نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عرفته ليس بالطويل المتثنى، ولا القصير الفاحش، أبيض مشرب حمرة، ربعة، أحسن الناس، شعره إلى شحمة اذنه، عريض الجبهة، ضخم العينين، أقرن الحاجبين مفلج الثنايا، أسيل الخد، كث اللحية، على شفته السفلى خال، كأن عنقه إبريق فضة، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس ليس على ظهره ولا بطنه إلا شعر كقضيب الفضة يجري، شثن الكفين، كأن كفه من لينها متن أرنب، إذا مشى مشى متقلعا، كأنه يهبط من صبب، وإذا التفت التفت بأجمعه، وإذا صوفح لم ينزع يده حتى ينزع الآخر، وإذا احتبى إليه رجل لم يحل حبوته حتى يكون الرجل هو الذي يحل حبوته، وإذا ضحك تبسم، يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسيئة الحسنة، ليس بسخاب في الاسواق) (2)

[الحديث: 10] قال الإمام الحسين: (هذه صفة جدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: كث اللحية، عريض الصدر، طويل العنق، عريض الجبهة، أقنى الانف، أفلج الاسنان، حسن الوجه، طيب الريح، حسن الكلام، فصيح اللسان، كان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، بلغ عمره ثلاثا وستين سنة، ولم يخلف بعده إلا خاتم مكتوب عليه: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وكان يتختم في يمينه، وخلف سيفه ذا الفقار، وقضيبه وجبة صوف، وكساء صوف كان يتسرول به لم يقطعه ولم يخيطه حتى لحق بالله) (3)

__________

(1) أمالى ابن الشيخ: 217.

(2) بحار الأنوار (16/ 186)، المنتقى في مولود المصطفى.

(3) الاحتجاجات: ج 10: 132 ـ 136.

شمائل النبوة ومكارمها (23)

[الحديث: 11] قال الإمام الحسن: سألت خالي هند بن أبي هالة (1) عن حلية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان وصافا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخما مفخما (2)، يتلالأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب (3)، عظيم الهامة، رجل الشعر (4)، إن انفرقت عقيقته (5) فرق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة اذنيه، إذا هو وفرة، أزهر اللون (6)، واسع الجبين، أزج الحواجب (7)، سوابغ في غير قرن (8)، بينهما له عرق يدره الغضب، أقنى العرنين (9)، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية (10)، سهل الخدين ضليع الفم، أشنب مفلج الاسنان، دقيق المسربة (11)، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل

__________

(1) هو هند بن أبي هالة التميمى، ربيب رسول الله (، امه خديجة ام المؤمنين، شهد بدرا وقيل: بل شهد احدا وكان وصافا لحلية رسول الله (وشمائله وأوصافه.

(2) كان رسول الله فخما مفخما: معناه كان عظيما معظما في الصدور والعيون، ولم تكن خلقته في جسمه الضخامة وكثرة اللحم، معانى الاخبار: 30 ـ 32، وقال الجزري وغيره: أي عظيما معظما في الصدور والعيون، ولم تكن خلقته في جسمه الضخامة، وقيل: الفخامة في وجهه نبله، وامتلاؤه مع الجمال والمهابة، بحار الأنوار (16/ 171)

(3) المشذب: الطويل الذي ليس بكثير اللحم، يقال جذع مشذب: إذا طرحت عنه قشوره وما يجري مجراها، ويقال لقشور الجذع التي تقشر عنه: الشذب، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(4) رجل الشعر: معناه في شعره تكسر وتعقف، ويقال: شعر رجل: إذا كان كذلك، فإذا كان الشعر لا تكسر فيه قيل: شعر سبط ورسل، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(5) إن انفرقت عقيقته: العقيقة: الشعر المجتمع في الرأس، وعقيقة المولود: الشعر الذي يكون على رأسه من الرحم، ويقال لشعر المولود المتجدد بعد الشعر الاول الذي حلق: عقيقة، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(6) أزهر اللون، معناه نير اللون، يقال: أصفر يزهر: إذا كان نيرا، والسراج يزهر، معناه نير، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(7) أزج الحواجب، معناه طويل امتداد الحاجبين بوفور الشعر فيهما وجبينه إلى الصدغين، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(8) في غير قرن: معناه أن الحاجبين إذا كان بينهما انكشاف وابيضاض يقال لهما: البلج والبلجة، يقال: حاجبه أبلج: إذا كان كذلك، وإذا اتصل الشعر في وسط الحاجب فهو القرن، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(9) أقنى العرنين: القنا: أن يكون في عظم الانف إحدداب في وسطه، والعرنين: الانف، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(10) كث اللحية، معناه أن لحيته قصيرة كثيرة الشعر فيها، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(11) دقيق المسربة، المسربة: الشعر المستدق الممتد من اللبة إلى السرة، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

شمائل النبوة ومكارمها (24)

الخلق، بادنا متماسكا (1)، سواء البطن والصدر (2)، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس (3)، أنور المتجرد (4)، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين، وأعالي الصدر، طويل الزندين (5)، رحب الراحة (6)، شثن الكفين والقدمين (7)، سائل الاطراف (8)، سبط القصب (9)، خمصان الاخمصين (10)، مسيح القدمين (11)، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا،

__________

(1) بادن متماسك: معناه تام خلق الاعضآء ليس بمسترخي اللحم ولا بكثيره، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(2) سواء البطن والصدر، معناه أن بطنه ضامر، وصدره عريض، فمن هذه الجهة تساوي بطنه صدره، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(3) الكراديس: رؤوس العظام، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(4) أنور المتجرد، معناه نير الجسد الذي تجرد من الثياب، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(5) طويل الزندين، في كل ذراع زندان وهما جانبا عظم الذراع، فرأس الزند الذي يلي الابهام يقال له: الكوع، ورأس الزند الذي يلي الخنصر يقال له: الكرسوع، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(6) رحب الراحة، معناه واسع الراحة كبيرها، والعرب تمدح بكبر اليد، وتهجو بصغرها، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(7) شثن الكفين، معناه خشن الكفين، والعرب تمدح الرجال بخشونة الكف، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(8) سائل الاطراف، أي تامها غير طويلة ولا قصيرة، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(9) سبط القصب، معناه ممتد القصب، غير متعقدة، والقصب: العظام الجوف التي فيها مخ، نحو الساقين والذراعين، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(10) خمصان الاخمصين، معناه أن أخمص رجله شديد الارتفاع من الارض، والاخمص: ما يرتفع عن الارض من وسط باطن الرجل وأسلفها، وإذا كان أسفل الرجل مستويا ليس فيها أخمص فصاحبه أرح، يقال: رجل أرح: إذا لم يكن لرجله أخمص، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(11) مسيح القدمين، معناه ليس بكثير اللحم فيهما وعلى ظاهرهما، فلذلك ينبو الماء عنهما، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

شمائل النبوة ومكارمها (25)

يخطو تكفؤا (1)، ويمشي هونا (2)، ذريع المشية (3)، إذا مشى كأنما ينحط في صبب (4)، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الارض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يبدر من لقيه بالسلام) (5)

[الحديث: 12] قال الإمام الحسن: سألت خالي هند بن أبي هالة عن منطقه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: كان صلى الله عليه وآله وسلم مواصل الاحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام، ويختمه بأشداقه (6)، يتكلم بجوامع الكلم فصلا، لا فضول فيه ولا تقصير، دمثا (7) ليس بالجافي ولا بالمهين (8)، تعظم عنده النعمة وإن ذقت (9)، لا يذم منها شيئا غير أنه كان لا يذم ذواقا (10) ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق (11) لم

__________

(1) يخطو تكفؤا، معناه خطاه كأنه يتكبر فيها أو يتبختر لقلة الاستعجال معها، ولا تبختر فيها ولا خيلاء، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(2) يمشي هونا، معناه السكينة والوقار، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(3) ذريع المشية، معناه واسع المشية من غير أن يظهر فيه استعجال وبدار، يقال: رجل ذريع في مشيه، وامرأة ذراع: إذا كانت واسعة اليدين بالغز، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(4) كأنما ينحط في صبب، الصبب: الانحدار، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(5) عيون الاخبار: 176 ـ 178.

(6) قال في النهاية بعد ذكر الحديث: الاشداق: جوانب الفم، وانما يكون ذلك لرحب شدقيه، والعرب تمتدح بذلك.

(7) الدمث: اللين الخلق، فشبه بالدمث من الرمل وهو اللين، معانى الاخبار: 30 ـ 32.

(8) ليس بالجافي، قال: أي ليس بالغليظ الخلقة والطبع، أو ليس بالذي يجفو أصحابه، والمهين يروى بضم الميم وفتحها، فالضم على الفاعل من أهان أي لا يهين من صحبه، والفتح على المفعول من المهانة: الحقارة، وهو مهين، أي حقير، بحار الأنوار (16/ 167)

(9) أي لا يستصغر شيئا اوتيه، وإن كان صغيرا.

(10) الذواق: اسم ما يذاق، أي لا يصف الطعام بطيب ولا ببشاعة، وقال الجزري: الذواق: المأكول والمشروب، فعال بمعنى مفعول من الذوق، ويقع على المصدر، والاسم.

(11) إذا تعوطي الحق، قال الجزري: أي أنه كان من أحسن الناس خلقا مع أصحابه ما لم ير حقا يتعرض له بإهمال أو إبطال أو إفساد، فاذا رأى ذلك تنمر وتغير حتى أنكره من عرفه، كل ذلك لنصرة الحق، والتعاطي: التناول والجرأة على الشئ، من عطا الشئ، يعطوه: إذا أخذه وتناوله.

شمائل النبوة ومكارمها (26)

يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، يضرب براحته اليمنى باطن أبهامه اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، يفتر عن مثل حب الغمام (1)) (2)

[الحديث: 13] قال الإمام الباقر: جاء أعرابي أحد بني عامر فسأل عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم فلم يجده، فقال: حلوا لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الناس: (يا أعرابي ما أنكرك، إذا وجدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسط القوم وجدته مفخما)، قال: بل حلوه لي حتى لا أسأل عنه أحدا، قالوا: (فإن نبي الله أطول من الربعة، وأقصر من الطويل الفاحش، كأن لونه فضة وذهب، أرجل الناس جمة، وأوسع الناس جبهة، بين عينيه غرة، أقنى الانف، واسع الجبين، كث اللحية، مفلج الاسنان، على شفته السفلى خال، كأن رقبته إبريق فضة، بعيد ما بين مشاشة المكنبين، كأن بطنه وصدره سبل سبط البنان، عظيم البراثن، إذا مشى مشى متكفئا وإذا التفت التفت بأجمعه، كأن يده من لينها متن أرنب، إذا قام مع إنسان لم ينفتل حتى ينفتل صاحبه، وإذا جلس لم يحل حبوته حتى يقوم جليسه)، فجاء الاعرابي فلما نظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عرفه، قال بمحجنه على رأس ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند ذنب ناقته فأقبل الناس تقول: ما أجرأك يا أعرابي؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: دعوه فإنه أرب، ثم قال: ما حاجتك؟ قال: جاءتنا رسلك تقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتحجوا البيت، وتغتسلوا من الجنابة، وبعثني قومي إليك رائدا، أبغي أن أستحلفك وأخشى أن تغضب، قال: لا أغضب، إني أنا الذي سماني الله في التوراة

__________

(1) ويفتر عن مثل حب الغمام، أي يتبسم ويكثر حتى تبدو أسنانه من غير قهقهة، وهو من فررت الدابة أفرها فرا: إذا كشف شفتها لتعرف سنها.

(2) عيون الاخبار: 176 ـ 178.

شمائل النبوة ومكارمها (27)

والانجيل محمد رسول الله، المجتبى المصطفى، ليس بفحاش ولا سخاب في الاسواق، ولا يتبع السيئة السيئة، ولكن يتبع السيئة الحسنة، فسلني عما شئت، وأنا الذي سماني الله في القرآن: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) فسل عما شئت، قال: إن الله الذي رفع السماوات بغير عمد هو أرسلك؟ قال: نعم هو أرسلني، قال: بالله الذي قامت السماوات بأمره هو الذي أنزل عليك الكتاب، وأرسلك بالصلاة المفروضة، والزكاة المعقولة؟ قال: نعم، قال: وهو أمرك بالاغتسال من الجنابة وبالحدود كلها؟ قال: نعم، قال: فإنا آمنا بالله ورسله وكتابه واليوم الآخر والبعث والميزان والموقف والحلال والحرام صغيره وكبيره، قال: فاستغفر له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعا (1).

[الحديث: 14] قال الإمام الباقر: (كان نبي الله أبيض مشرب حمرة، أدعج العينين، مقرون الحاجبين، شثن الاطراف، كأن الذهب أفرغ على براثنه، عظيم مشاشة المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعا من شدة استرساله، سربته سائلة من لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة، وكأن عنقه إلى كاهله إبريق فضة، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء، وإذا مشى تكفأ كأنه ينزل في صبب، لم ير مثل نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قبله ولا بعده صلى الله عليه وآله وسلم) (2)

[الحديث: 15] عن جابر بن عبد الله قال: في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصال: لم يكن في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرفه، أو ريح عرقه، ولم يكن يمر بحجر ولا مدر إلا سجد له (3).

[الحديث: 16] عن أنس بن مالك قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أزهر اللون، كأن لونه اللؤلؤ، وإذا مشى تكفأ، وما شممت رائحة مسك ولا عنبر أطيب من رائحته، ولا مسست

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 186)، تفسير العياشى.

(2) الاصول 1: 443.

(3) بحار الأنوار (16/ 238)

شمائل النبوة ومكارمها (28)

ديباجة ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أخف الناس صلاة في تمام (1).

ب. الأحاديث المستنبطة من الروايات والأخبار

وهي الأحاديث التي تصرف المحدثون أو غيرهم في صياغتها، بناء على ما ورد من الأحاديث والأخبار الدالة عليها، وقد اخترنا هنا نموذجين من الأحاديث أولهما مما ورد في المصادر السنية، والثاني ورد في المصادر الشيعية، وقد تعمدنا ذكرهما جميعا مع كثرة الوفاق الوارد بينهما، حتى نبين اتفاق الأمة جميعا على كل الشمائل النبوية.

النموذج الأول

وهو ما أورده أبو حامد الغزالي تحت عنوان [بيان جملة من محاسن أخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم التي جمعها بعض العلماء والتقطها من الأخبار]، وذلك في كتاب [آداب المعيشة وأخلاق والنّبوّة] من [إحياء علوم الدين]، وقد ذكر العراقي في كتابه [المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الأحياء من الأخبار] الأصول التي يعتمد عليها هذا الملخص، وقد استغنينا عن ذكرها، لأنا سنورد كل ما يدل على ذلك في سائر الكتاب.

[الحديث: 17] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحلم الناس، وأشجع الناس، وأعدل الناس، وأعف الناس، ولم تمس يده قط يد امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرم منه، وكان أسخى الناس لا يبيت عنده دينارٌ ولا درهمٌ، وإن فضل شيءٌ ولم يجد من يعطيه وفجأه الليل لم يأو إلى منزله حتى يتبرأ منه إلى من يحتاج إليه، لا يأخذ مما آتاه إلا قوت عامه فقط ويضع سائر ذلك في سبيل الله، لا يسأل شيئا إلا أعطاه، ثم يعود على قوت عامه فيؤثر منه حتى أنه ربما احتاج قبل انقضاء العام فاستقرض (2).

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 238)

(2) إحياء علوم الدين: 3/ 100.

شمائل النبوة ومكارمها (29)

[الحديث: 18] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخصف النعل ويرقع الثوب ويخدم في مهنة أهله، وكان أشد الناس حياء لا يثبت بصره في وجه أحد، ويجيب دعوة الحر والعبد، ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن ويكافئ عليها ويأكلها، ولا يأكل الصدقة، ولا يستكبر عن إجابة الأمة والمسكين. يغضب لربه ولا يغضب لنفسه، وقد وجد من أصحابه قتيلا بين اليهود فلم يجف عليهم ولا زاد على مر الحق بل وداه بمائة ناقة، وإن بأصحابه لحاجة إلى بعير واحد يتقوون به، وكان يعصب الحجر على بطنه من الجوع، يأكل ما حضر، ولا يرد ما وجد، إن وجد تمرا دون خبز أكله، وإن وجد شواء أكله، وإن وجد خبز بر أو شعير أكله، وإن وجد حلواء أو عسلا أكله، وإن وجد لبنا دون خبر اكتفى به، وإن وجد بطيخا أو رطبا أكله، لا يأكل متكئا ولا على خوان، لم يشبع من خبز بر ثلاثة أيام متوالية حتى لقي الله تعالى إيثارا على نفسه لا فقرا ولا بخلا (1).

[الحديث: 19] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد الناس تواضعا وأسكنهم في غير كبر، وأبلغهم في غير تطويل، وأحسنهم بشرا، لا يهوله شيءٌ من أمور الدنيا، خاتمه من فضة يلبسه في خنصره الأيمن والأيسر، يركب الحمار ويردف خلفه عبده أو غيره. يعود المرضى في أقصى المدينة. يحب الطيب، ويجالس الفقراء، ويؤاكل المساكين ويكرم أهل الفضل، ويتألف أهل الشرف بالبر لهم، يصل رحمه ولا يجفو على أحد. يقبل معذرة المعتذر إليه. يمزح ولا يقول إلا حقا، ضحكه التبسم من غير قهقهة. يرى اللعب المباح فلا ينكره، يسابق أهله، وترفع الأصوات عليه من الجفاة فيصبر، لم يرتفع على عبيده في مأكل ولا ملبس، لا يمضي له وقتٌ في غير عمل لله تعالى أو فيما لابد له منه من صلاح نفسه، يخرج إلى بساتين أصحابه، لا يحتقر مسكينا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاء مستويا. قد جمع

__________

(1) إحياء علوم الدين: 3/ 101.

شمائل النبوة ومكارمها (30)

الله تعالى له السيرة الفاضلة والسياسة التامة وهو أميٌ لا يقرأ ولا يكتب. نشأ في بلاد الجهل والصحاري في فقر وفي رعاية الغنم يتيما لا أب له ولا أم فعلمه الله تعالى جميع محاسن الأخلاق والطرق الحميدة وأخبار الأولين والآخرين وما فيه النجاة والفوز في الآخرة والغبطة والخلاص في الدنيا. وفقنا الله لطاعته في أمره والتأسي به في فعله، آمين يا رب العالمين (1).

[الحديث: 20] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحلم الناس؛ فلم يضرب بيده أحدا قط إلا أن يضرب بها في سبيل الله تعالى، وما انتقم من شيء صنع إليه قط إلا أن تنتهك حرمة الله، وما خير بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه إثمٌ أو قطيعة رحم فيكون أبعد الناس من ذلك، وما كان يأتيه أحدٌ حرٌ أو عبدٌ أو أمةٌ إلا قام معه في حاجته، وقال أنس: والذي بعثه بالحق ما قال لي في شيء قط كرهه لم فعلته ولا لامني نساؤه إلا قال دعوه إنما كان هذا بكتاب وقدر (2).

[الحديث: 21] كان من خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبدأ من لقيه بالسلام، ومن قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف، وكان إذا لقي أحدا من أصحابه بدأه بالمصافحة، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله (3).

[الحديث: 22] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يجلس إليه أحدٌ وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل عليه فقال: ألك حاجةٌ؟ ولم يكن يعرف مجلسه من مجلس أصحابه لأنه كان حيث انتهى به المجلس جلس، وكان يكرم من دخل عليه حتى ربما بسط له ثوبه يجلسه عليه، وكان يؤثر الداخل عليه بالوسادة التي تحته، وكان يعطي كل من جلس إليه نصيبه من وجهه

__________

(1) إحياء علوم الدين: 3/ 102.

(2) إحياء علوم الدين: 3/ 102.

(3) إحياء علوم الدين: 3/ 103.

شمائل النبوة ومكارمها (31)

حتى كأن مجلسه وسمعه وحديثه ولطيف مجلسه وتوجهه للجالس إليه، ومجلسه مع ذلك حياءٌ وتواضعٌ وأمانةٌ، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159]، ولقد كان يدعو أصحابه بكناهم إكراما لهم واستمالة لقلوبهم ويكني من لم تكن له كنية فكان يدعى بما كناه بها، ويكني أيضا النساء اللاتي لهن الأولاد واللاتي لم يلدن، ويكني أيضا الصبيان فيستلين به قلوبهم، وكان أبعد الناس غضبا وأسرعهم رضاء، وكان أرأف الناس بالناس وخير الناس للناس وأنفع الناس للناس، ولم تكن ترفع في مجلسه الأصوات، وكان إذا قام من مجلسه قال: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك) (1)

[الحديث: 23] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفصح الناس منطقا وأحلاهم كلاما ويقول: (أنا أفصح العرب) وكان يتكلم بجوامع الكلم لا فضول ولا تقصير، يحفظه سامعه ويعيه، وكان جهير الصوت أحسن الناس نغمة، لا يتكلم في غير حاجة ولا يقول في الرضاء والغضب إلا الحق، ويعرض عمن تكلم بغير جميل، ويكني عما اضطره الكلام إليه مما يكره.. وكان إذا سكت تكلم جلساؤه، ولا يتنازع عنده في الحديث، ويعظ بالجد والنصيحة (2).

[الحديث: 24] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر الناس تبسما وضحكا في وجوه أصحابه وتعجبا مما تحدثوا به وخلطا لنفسه بهم، ولربما ضحك حتى تبدو نواجذه، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم اقتداء به وتوقيرا له (3).

__________

(1) إحياء علوم الدين: 3/ 103.

(2) إحياء علوم الدين: 3/ 104.

(3) إحياء علوم الدين: 3/ 104.

شمائل النبوة ومكارمها (32)

[الحديث: 25] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا نزل به الأمر فوض الأمر إلى الله وتبرأ من الحول والقوة واستنزل الهدى فيقول: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) (1)

[الحديث: 26] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل ما وجد، وإذا وضعت المائدة قال: (بسم الله اللهم اجعلها نعمة مشكورة تصل بها نعمة الجنة)، وكان لا يأكل الحار ويقول: (إن الله لم يطعمنا نارا فأبردوه) وكان يأكل مما يليه، ويأكل خبز الشعير والقثاء بالرطب.. وكان أكثر طعامه الماء والتمر، وأحب الطعام إليه اللحم، وكان يأكل الثريد باللحم، ويحب القرع، وكان يحب من الشاة الذراع والكتف ولا يحب منها الكليتين ولا الذكر والأنثيين ولا المثانة والغدد والحياء ويكره ذلك.. وكان لا يأكل الثوم ولا البصل. وما ذم طعاما قط، إن أعجبه أكله وإن كرهه تركه.. وكان إذا فرغ قال: (الحمد لله اللهم لك الحمد أطعمت فأشبعت وسقيت فأرويت لك الحمد غير مكفور ولا مودع ولا مستغنى عنه) وكان إذا أكل اللحم غسل يديه غسلا جيدا.. وكان يشرب في ثلاث دفعات، ويمص الماء مصا ولا يعبه عبا ولا يتنفس في الإناء بل ينحرف عنه.. وكان ربما قام في بيته فأخذ ما يأكل بنفسه أو يشرب (2).

[الحديث: 27] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلبس من الثياب ما وجد، وأكثر لباسه البياض، وكانت ثيابه كلها مشمرة فوق الكعبين، وكان قميصه مشدود الأزرار وما حل الأزرار، وكان له ثوبان لجمعته خاصة سوى ثيابه في غير الجمعة، وكان ربما لبس الإزار الواحد ليس عليه غيره فأم غيره فأم به الناس، وكان له كساءٌ أسود يلبسه ثم وهبه.. وكان يتختم وربما

__________

(1) إحياء علوم الدين: 3/ 105.

(2) إحياء علوم الدين: 3/ 105.

شمائل النبوة ومكارمها (33)

خرج وفي خاتمه خيطٌ مربوطٌ يتذكر به الشيء، وكان يختم به على الكتب.. وكان يلبس القلانس تحت العمائم وبغير عمامة، وربما نزع قلنسوته من رأسه فجعلها سترة بين يديه ثم يصلي إليها.. وكان إذا لبس ثوبا لبسه من قبل ميامنه ويقول: (الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في الناس) وإذا نزع ثوبه أخرج من مياسره.. وكان إذا لبس جديدا أعطى خلق ثيابه مسكينا يقول: (ما من مسلم يكسو مسلما لله إلا كان في ضمان الله وحرزه حيا وميتا).. وكان له فراشٌ من أدم حشوه ليفٌ، وكانت له عباءةٌ تفرش له حيثما تنقل تثنى طاقتين تحته.. وكان من خلقه تسمية دوابه وسلاحه ومتاعه (1).

[الحديث: 28] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحلم الناس وأرغبهم في العفو مع القدرة، فقد كان في حرب فرأى رجلٌ من المشركين في المسلمين غرة فجاء حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ فقال: (الله) قال: فسقط السيف من يده، فأخذ رسول الله السيف وقال: (من يمنعك مني)؟ فقال: كن خير آخذ قال: (قل أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) فقال: لا، غير أني لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلى سبيله فجاء أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس.. وكم استؤذن في قتل من أساء إليه وقيل: دعنا يا رسول الله نضرب عنقه وهو يأبى وينهى ثم يقبل معذرة المعتذر إليه، وربما قال: (رحم الله أخي موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر) وكان يقول: (لا يبلغني أحدٌ منكم عن أحد من أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر) (2)

[الحديث: 29] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رقيق البشرة لطيف الظاهر والباطن يعرف في وجهه غضبه ورضاه، وكان لا يشافه أحدا بما يكرهه، بال أعرابيٌ في المسجد بحضرته فهم

__________

(1) إحياء علوم الدين: 3/ 106.

(2) إحياء علوم الدين: 3/ 107.

شمائل النبوة ومكارمها (34)

به الصحابة فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تزرموه) أي لا تقطعوا عليه البول، ثم قال له: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا) (1)

[الحديث: 30] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس وأسخاهم، وكان في شهر رمضان كالريح المرسلة لا يمسك شيئا.. وكان علي إذا وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: كان أجود الناس كفا، وأوسع الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله، وما سئل عن شيء قط إلا أعطاه، وإن رجلا أتاه فسأله فأعطاه غنما سدت ما بين جبلين فرجع إلى قومه وقال: أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة وما سئل شيئا قط فقال: لا، وحمل إليه تسعون ألف درهم فوضعها على حصير ثم مال إليها فقسمها فما رد سائلا حتى فرغ منها، وجاءه رجلٌ فسأله فقال: (ما عندي شيءٌ ولكن ابتع علي فإذا جاءنا شيءٌ قضيناه) فقال عمر: يا رسول الله ما كلفك الله ما لا تقدر عليه فكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، فقال الرجل: أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا. فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعرف السرور في وجهه.. ولما قفل من حنين جاءت الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى شجرة فخطفت رداءه فوقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: (أعطوني ردائي لو كان لي عدد هذه العضاة نعما لقسمتها بينكم ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا) (2)

[الحديث: 31] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكرم الناس وأشجعهم، قال علي: لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا، وقال أيضا: كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما يكون أحدٌ أقرب إلى

__________

(1) إحياء علوم الدين: 3/ 108.

(2) إحياء علوم الدين: 3/ 108.

شمائل النبوة ومكارمها (35)

العدو منه ولما غشيه المشركون نزل عن بغلته فجعل يقول:

أنا النبي لا كذب... أنا ابن عبد المطلب

فما رئي يومئذ أحدٌ أشد منه (1).

[الحديث: 32] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد الناس تواضعا في علو منصبه، وكان يركب الحمار موكفا عليه قطيفةٌ، وكان مع ذلك يستردف، وكان يعود المريض ويتبع الجنازة ويجيب دعوة المملوك ويخصف النعل ويرقع الثوب، وكان يصنع في بيته مع أهله في حاجتهم، وكان أصحابه لا يقومون له لما عرفوا من كراهته لذلك، وكان يمر على الصبيان فيسلم عليهم، وكان يجلس بين أصحابه مختلطا بهم كأنه أحدهم فيأتي الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل عنه، وكان إذا جلس مع الناس إن تكلموا في معنى الآخرة أخذ معهم، وإن تحدثوا في طعام أو شراب تحدث معهم رفقا بهم وتواضعا لهم، وكانوا يتناشدون الشعر بين يديه أحيانا ويذكرون أشياء من أمر الجاهلية ويضحكون فيبتسم هو إذا ضحكوا ولا يزجرهم إلا عن حرام (2).

[الحديث: 33] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وكان أزهر اللون ولم يكن بالآدم ولا الشديد البياض، وكان شعره ليس بالسبط ولا الجعد، وشعر رأسه يضرب إلى شحمة أذنيه، لم يبلغ شيبه عشرين شعرة بيضاء في رأسه ولا في لحيته، وكان واسع الجبهة أزج الحاجبين سابغهما أهدب الأشفار مفلج الأسنان كث اللحية، وكان يعفي لحيته ويأخذ من شاربه، وكان عظيم المنكبين، بين كتفيه خاتم النبوة، وكان يمشي الهوينا كأنما يتقلع من صخر (3).

__________

(1) إحياء علوم الدين: 3/ 108.

(2) إحياء علوم الدين: 3/ 109.

(3) إحياء علوم الدين: 3/ 110.

شمائل النبوة ومكارمها (36)

النموذج الثاني

وهو ما جمعه محمد بن علي بن شهر آشوب، وهو من كبار علماء المدرسة الشيعية، ومعظمها اقتباسات من أحاديث وردت في المصادر السنية والشيعية، وهو يتفق في الكثير من كلماته ومقاطعه مع النموذج السابق، والغرض من ذكره هو بيان اتفاق الأمة بمدارسها جميعا على الشمائل النبوية.

[الحديث: 34] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحكم الناس وأحلمهم وأشجعهم وأعدلهم وأعطفهم، لم تمس يده يد امرأة لا تحل، وأسخى الناس، لا يثبت عنده دينار ولا درهم، فان فضل ولم يجد من يعطيه ويجنه الليل لم يأو إلى منزله حتى يتبرأ منه إلى من يحتاج إليه، لا يأخذ مما آتاه الله إلا قوت عامه فقط من يسير ما يجد من التمر والشعير، ويضع سائر ذلك في سبيل الله، ولا يسأل شيئا إلا أعطاه، ثم يعود إلى قوت عامه فيؤثر منه حتى ربما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شيء (1).

[الحديث: 35] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلس على الارض، وينام عليها، ويأكل عليها، وكان يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويفتح الباب، ويحلب الشاة، ويعقل البعير فيحلبها، ويطحن مع الخادم إذا أعيا، ويضع طهوره بالليل بيده، ولا يتقدمه مطرق، ولا يجلس مكتئا، ويخدم في مهنة أهله، ويقطع اللحم، وإذا جلس على الطعام جلس محقرا، وكان يلطع أصابعه، ولم يتجشأ قط، ويجيب دعوة الحر والعبد ولو على ذراع أو كراع، ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن ويأكلها، ولا يأكل الصدقة، لا يثبت بصره في وجه أحد، يغضب لربه ولا يغضب لنفسه، وكان يعصب الحجر على بطنه من الجوع، يأكل ما حضر، ولا يرد ما

__________

(1) مناقب آل أبي طالب 1: 100 و101.

شمائل النبوة ومكارمها (37)

وجد (1).

[الحديث: 36] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يلبس ثوبين، يلبس بردا حبرة يمينة، وشملة جبة صوف، والغليظ من القطن والكتان، وأكثر ثيابه البياض، ويلبس العمامة، ويلبس القميص من قبل ميامنه، وكان له ثوب للجمعة خاصة، وكان إذا لبس جديدا أعطى خلق ثيابه مسكينا، وكان له عباء يفرش له حيث ما ينقل تثنى ثنيتين، يلبس خاتم فضة في خنصره الايمن، يحب البطيخ، ويكره الريح الردية: ويستاك عند الوضوء، يردف خلفه عبده أو غيره، يركب ما أمكنه من فرس أو بلغة أو حمار، ويركب الحمار بلا سرج وعليه العذار، ويمشي راجلا وحافيا بلا رداء ولا عمامة ولا قلنسوة (2).

[الحديث: 37] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشيع الجنائز، ويعود المرضى في أقصى المدينة، يجالس الفقراء، ويؤاكل المساكين، ويناولهم بيده، ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم، ويتألف أهل الشرف بالبر لهم، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على غيرهم إلا بما أمر الله، ولا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر إليه، وكان أكثر الناس تبسما ما لم ينزل عليه قرآن أو لم تجر عظة، وربما ضحك من غير قهقهة، لا يرتفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا ملبس، ما شتم أحدا بشتمة ولا لعن امرأة ولا خادما بلعنة، ولا لاموا أحدا إلا قال: دعوه، ولا يأتيه أحد حر أو عبد أو أمة إلا قام معه في حاجته، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب في الاسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يغفر ويصفح (3).

[الحديث: 38] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبدأ من لقيه بالسلام، ومن رامه بحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف، ما أخذ أحد يده فيرسل يده حتى يرسلها، وإذا القي مسلما بدأه

__________

(1) مناقب آل أبي طالب 1: 100 و101.

(2) مناقب آل أبي طالب 1: 100 و101.

(3) مناقب آل أبي طالب 1: 100 و101.

شمائل النبوة ومكارمها (38)

بالمصافحة، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله، وكان لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل عليه، وقال: ألك حاجة؟ وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا، يجلس حيث ينتهى به المجلس، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة، وكان يكرم من يدخل عليه حتى ربما بسط ثوبه، ويؤثر الداخل بالوسادة التي تحته، وكان في الرضا والغضب لا يقول: إلا حقا (1).

[الحديث: 39] كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل القثاء بالرطب والملح، وكان أحب الفواكه الرطبة إليه البطيخ والعنب، وأكثر طعامه الماء والتمر، وكان يتمجع اللبن بالتمر ويسميهما الاطيبين، وكان يحب القرع، وكان يأكل لحم الصيد ولا يصيده، وكان يأكل الخبز والسمن، وكان يحب من القدر الدبا، ومن الصباغ الخل، ومن التمر العجوة، ومن البقول الهندبا والباذروج والبقلة اللينة) (2)

2. كمالاته الجسدية

وهي مهمة جدا في التعريف برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وللكثير من الناس، ذلك أن شياطين الإنس والجن قد تتعمد تشويه صورة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأذهان والخيال، وهي مما يؤثر بعد ذلك في جمال التعرف، أو العلاقة به.

ولذلك دأب المحدثون من المدارس المختلفة على جمع ما ورد حول كمالاته الجسدية، والتي تتناسب تماما مع كمالاته المعنوية، كما ذكرنا بعض الروايات الواردة في ذلك في المبحث السابق.

وسنورد هنا ما ورد من الأحاديث حول أمرين:

__________

(1) مناقب آل أبي طالب 1: 100 و101.

(2) مناقب آل أبي طالب 1: 100 و101.

شمائل النبوة ومكارمها (39)

1. جمال صورته صلى الله عليه وآله وسلم.

2. كمال أعضائه وتناسقها.

أ ـ جمال صورته

بما أن النفوس مفطورة على التعلق بالصور الجميلة والنفور من الصور الدميمة؛ فقد شاءت رعاية الله بعباده، أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قمة الجمال الخلقي، كما أنه في قمة الجمال الخُلقي، كما عبر عن ذلك صاحبه المقرب له عبد الله بن رواحة بقوله:

لو لم تكن فيه آيات مبينة... كانت بداهته تنبيك بالخبر

وقال آخر معبرا عن ذلك:

فهو الذي تم معناه وصورته... ثم اصطفاه حبيبا بارى النسم

منزّهٌ عن شريكٍ في محاسنه... فجوهر الحسن فيه غير منقسم

وقال آخر:

أعيا الورى فهم معناه فليس يرى... للقرب والبعد فيه غير منفحم

كالشمس تظهر للعينين من بعدٍ... صغيرة وتكل الطرف من أمم

وقال آخر:

لم لا يضئ بك الوجود وليله... فيه صباح من جمالك مسفر

فبشمس حسنك كل يوم مشرق... وببدر وجهك كل ليل مقمر

وقال آخر معبرا عن العجز في وصفه صلى الله عليه وآله وسلم:

إنما مثلوا صفاتك للناس... كما مثل النجوم المساء

وقال آخر:

وعلى تفنن واصفيه بحسنه... يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف

وقال آخر:

كم فيه للأبصار حسن مدهش... كم فيه للأرواح راح مسكر

سبحان من أنشاه من سبحاته... بشرا بأسرار الغيوب يبشر

وغيرها من القصائد الكثيرة التي نجدها في شعر المديح، والتي لا ننكر عليها سوى اقتصار بعضها على هذا الجانب، ومبالغتها فيه على حساب ما عداه من الجوانب.

وسنورد هنا ما ورد من شهادات الصحابة في ذلك في المصادر المختلفة:

[الحديث: 40] عن البراء بن عازب قال: (لم أر شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (1)

[الحديث: 41] قالت أم معبد: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجمل الناس وأبهاه من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب) (2)

[الحديث: 42] قال جابر: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة إضحيان وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه والقمر فلهو أحسن في عيني من القمر) (3)

[الحديث: 43] قال البراء: (ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (4)

[الحديث: 44] قال أبو هريرة: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس صفة وأجملها) (5)

[الحديث: 45] قال طارق بن عبيد الأنصاري: (أقبلنا ومعنا ظعينة حتى نزلنا قريبا من المدينة، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت الظعينة: ما رأيت وجها أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه صلى الله عليه وآله وسلم) (6)

__________

(1) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 5)

(2) رواهما البيهقي، سبل الهدى (2/ 5)

(3) رواهما البيهقي، سبل الهدى (2/ 5)

(4) مسلم 4/ 1804 كتاب الفضائل (52 - 2309)

(5) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 5)

(6) رواه إبراهيم الحربي في غريبه وأبو الحسن بن الضحاك في الشمائل وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 6)

شمائل النبوة ومكارمها (40)

[الحديث: 46] قال أبو إسحاق الهمداني لامرأة حجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: شبهيه لي، قالت: (كالقمر ليلة البدر ولم أر قبله ولا بعده مثله) (1)

[الحديث: 47] سئلت الربيع بنت معوذ: صفي لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: (لو رأيته لقلت الشمس طالعة) (2)

[الحديث: 48] قالت أم معبد: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيما قسيما) (3)

[الحديث: 49] قال أنس: (كل شيء حسن قد رأيت، فما رأيت شيئاً قط أحسن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (4)

[الحديث: 50] قال أبو قرصافة: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسن الوجه ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالفارع الجسم) (5)

[الحديث: 51] عن أنس وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجها وصوتا) (6)

[الحديث: 52] قال أنس: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أزهر اللون ليس بالآدم ولا بالأبيض الأمهق) (7)

[الحديث: 53] قال أنس: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض كأنما صيغ من فضة) (8)

__________

(1) رواه يعقوب بن سفيان، سبل الهدى (2/ 6)

(2) رواه الدارمي ويعقوب، سبل الهدى (2/ 6)

(3) رواه الحارث بن أبي أسامة، سبل الهدى (2/ 7)

(4) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 7)

(5) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 7)

(6) رواه الترمذي والدارقطني، سبل الهدى (2/ 7)

(7) البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 10)

(8) رواه الترمذي ورواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 10)

شمائل النبوة ومكارمها (41)

[الحديث: 54] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض مشربا بحمرة (1).

[الحديث: 55] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أزهر اللون ليس بالأبيض الأمهق (2).

[الحديث: 56] قال عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض اللون مشربا حمرة (3).

[الحديث: 57] قال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس لونا (4).

[الحديث: 58] قال أبو أمامة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا أبيض تخالطه حمرة (5).

[الحديث: 59] قال أبو الطفيل: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض مليح الوجه (6).

[الحديث: 60] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أزهر اللون (7).

[الحديث: 61] قالت أم معبد ا: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ظاهر الوضاءة (8).

[الحديث: 62] قال هند بن أبي هالة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنور المتجرد (9).

[الحديث: 63] قالت عائشة: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شملة سوداء فلبسها، وقال: كيف ترينها علي يا عائشة؟ قلت، ما أحسنها عليك يا رسول اللَّه! يشوب سوادها بياضك وبياضك سوادها (10).

[الحديث: 64] قال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس قواما وأحسن الناس

__________

(1) رواه أحمد والترمذي والبيهقي، سبل الهدى (2/ 10)

(2) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 10)

(3) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 10)

(4) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 10)

(5) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 10)

(6) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 10)

(7) رواه البخاري وأحمد ومسلم ويعقوب بن سفيان، سبل الهدى (2/ 10)

(8) رواه البيهقي، سبل الهدى (2/ 11)

(9) رواه البيهقي، سبل الهدى (2/ 11)

(10) رواه الترمذي والبيهقي، سبل الهدى (2/ 11)

شمائل النبوة ومكارمها (42)

وجها وأحسن الناس لونا وأطيب الناس ريحا وألين الناس كفا (1).

[الحديث: 65] عن الإمام الصادق قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رئي في الليلة الظلماء رئي له نور كأنه شقة قمر (2).

[الحديث: 66] قال الإمام علي: (ما رأيت أحدا أبعد ما بين المنكبين من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (3)

ب ـ كمال أعضائه

وهي الأحاديث التي تفصل بعض مظاهر جماله الجسدي المرتبط بقامته ووجهه وشعره ولحيته وجبينه وغيرها من النواحي، والتي تساهم في إعطاء صورة للخيال، تعين على فهم الكثير من الأحاديث، وتقربها.

قامته

[الحديث: 67] قال البراء بن عازب: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالطويل البائن ولا بالقصير (4).

[الحديث: 68] قال البراء بن عازب: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مربوعا (5).

[الحديث: 69] قال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربعة وهو إلى الطول أقرب (6).

[الحديث: 70] قال هند بن أبي هالة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معتدل الخلق بادن متماسك

__________

(1) رواه أبو الحسن بن الضحاك وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 82)

(2) بحار الأنوار (16/ 236)

(3) عيون أخبار الرضا: 222.

(4) البخاري 6/ 652 حديث (3549) وذكره مسلم 4/ 1818 حديث (92 - 2337)

(5) رواه الخمسة، سبل الهدى (2/ 82)

(6) رواه محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات وأبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 82)

شمائل النبوة ومكارمها (43)

أطول من المربوع وأقصر من المشذب (1).

[الحديث: 71] قال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربعة من القوم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير (2).

[الحديث: 72] قالت أم معبد: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربعة لا بائن من طوله ولا تقتحمه عين من قصر غصنا بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا (3).

[الحديث: 73] قال علي: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالطويل الممغط ولا بالقصير المتردد كان ربعة من القوم (4).

[الحديث: 74] قال أبو هريرة: ما مشى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أحد إلا طاله (5).

[الحديث: 75] قال أبو الطفيل عامر بن وائلة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقصدا (6).

[الحديث: 76] قال البراء: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا، ليس بالطويل ولا بالقصير (7).

[الحديث: 77] قالت عائشة: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالطويل البائن ولا بالقصير المتردد، وكان ينسب إلى الربعة إذا مشى وحده، ولم يكن يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا

__________

(1) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 82)

(2) البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 82)

(3) رواه البيهقي، سبل الهدى (2/ 82)

(4) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 83)

(5) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 83)

(6) رواه مسلم، سبل الهدى (2/ 83)

(7) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 83)

شمائل النبوة ومكارمها (44)

فارقاه نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الربعة (1).

[الحديث: 78] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس بالذاهب طولا وفوق الربعة إذا جامع القوم غمرهم (2).

وجهه

[الحديث: 79] سئل البراء بن عازب أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل السيف؟ قال: لا بل مثل القمر (3).

[الحديث: 80] قال البراء: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا (4).

[الحديث: 81] قال علي: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمطهم (5) ولا المكلثم (6)، وكان في وجهه تدوير (7).

[الحديث: 82] قال علي: كان في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تدوير (8).

[الحديث: 83] قال هند بن أبي هالة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخما مفخما (9) يتلألأ وجهه

__________

(1) رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه والبيهقي وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 83)

(2) رواه عبد الله ابن أحمد في زوائد المسند والبيهقي، سبل الهدى (2/ 83)

(3) رواه البخاري والترمذي، سبل الهدى (2/ 39)

(4) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 39)

(5) المطهم: بميم مضمومة فطاء مهملة فهاء مشددة مفتوحتين: وهو المنتفخ الوجه.

(6) المكلثم: بميم مضمومة فكاف مفتوحة فلام ساكنة فثاء مثلثة مفتوحة- وهي من الوجه القصير الحنك الداني الجبهة المستدير مع خفة اللحم.

(7) رواه البيهقي وابن عساكر من طرق، سبل الهدى (2/ 39)

(8) رواه مسلم والبيهقي، وقال أبو عبيد: يريد ما كان في غاية التدوير بل كان فيه سهولة وهي أحلى عند العرب، سبل الهدى (2/ 39)

(9) فخما: أي عظيما، مفخما: أي معظما في الصدور والعيون.

شمائل النبوة ومكارمها (45)

تلألؤ القمر ليلة البدر (1).

[الحديث: 84] قالت أم معبد: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة: متبلج الوجه (2).

[الحديث: 85] قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس وجها وأنورهم لونا (3).

[الحديث: 86] قال أبو بكر: كان وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كدارة القمر (4).

[الحديث: 87] قال أبو هريرة: ما رأيت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كأن الشمس تخرج من وجهه (5).

[الحديث: 88] قالت امرأة حجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها أبو إسحاق الهمداني: شبهيه لي، قالت: كالقمر ليلة البدر، لم أر قبله ولا بعده مثله (6).

[الحديث: 89] عن عائشة قالت: كنت أخيط الثوب فسقطت الإبرة فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتبينت الإبرة بشعاع وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (7).

[الحديث: 90] قالت عائشة: كنت قاعدة أغزل والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخصف نعله فجعل جبينه يعرق وجعل عرقه يتولد نورا فبهت فقال: مالك بهت؟ قلت: جعل جبينك يعرق وجعل عرقك يتولد نورا ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره حيث يقول في شعره:

ومبرأ عن كل غبر حيضة... وفساد مرضعة وداء معضل

وإذا نظرت إلى أسرة وجهه... برقت بروق العارض المتهلل (8)

[الحديث: 91] عن ابن عباس قال: لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ظل ولم يقم مع شمس إلا غلب ضوؤه ضوءة الشمس ولم يقم مع سراج إلا غلب ضوؤه ضوء السراج (9).

[الحديث: 92] قال كعب بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر فكنا نعرف ذلك منه (10).

[الحديث: 93] قالت عائشة: أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسرورا تبرق أسارير وجهه (11).

[الحديث: 94] قال أنس كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سر كأن وجهه المرآة، وكأن الجدر تلاحك وجهه (12).

[الحديث: 95] عن الإمام الصادق قال: انهزم الناس يوم احد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فغضب غضبا شديدا، قال: وكان إذا غضب انحدر عن جبينه مثل اللؤلؤ من العرق (13).

[الحديث: 96] عن كعب بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سرّ استنار وجهه، كأنه دارة القمر (14).

[الحديث: 97] عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا غضب احمر وجهه (15).

__________

(1) رواه الترمذي وغيره، سبل الهدى (2/ 39)

(2) رواه الحارث بن أسامة وغيره، سبل الهدى (2/ 39)

(3) رواه ابن الجوزي، سبل الهدى (2/ 39)

(4) رواه أبو نعيم، سبل الهدى (2/ 40)

(5) رواه ابن الجوزي، سبل الهدى (2/ 40)

(6) رواه البيهقي، سبل الهدى (2/ 40)

(7) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 40)

(8) رواه ابن عساكر وأبو نعيم، سبل الهدى (2/ 88)

(9) رواه ابن الجوزي، سبل الهدى (2/ 40)

(10) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، سبل الهدى (2/ 40)

(11) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 40)

(12) أورده ابن الأثير في النهاية، سبل الهدى (2/ 40)

(13) روضة الكافي: 110.

(14) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 126)

(15) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 126)

شمائل النبوة ومكارمها (46)

[الحديث: 98] عن عمران بن حصين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا كره شيئا عرف ذلك في وجهه (1).

[الحديث: 99] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا اشتد وجده أكثر من مس لحيته (2).

[الحديث: 100] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا اشتد وجده مسح بيده على رأسه ولحيته، وتنفس الصّعداء، وقال: (حسبي الله ونعم الوكيل) فيعرف بذلك شدة غمه (3).

[الحديث: 101] عن هند بن أبي هالة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واسع الجبينين، أزج الحواجب، في غير قرن، بينهما عرق يدرّه الغضب، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه (4).

[الحديث: 102] عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن نتنازع في القدر فغضب حتى احمر وجهه، كأنما ألقي على وجهه حبّ الرمّان، حتى أقبل علينا فقال: (أبهذا أمرتم؟ أم بهذا أرسلت إليكم؟ هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت عليكم أن لا تفعلوا) (5)

[الحديث: 103] عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسرورا تبرق أسارير وجهه (6).

__________

(1) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 126)

(2) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 126)

(3) رواه قاسم بن ثابت في غريبه، سبل الهدى (7/ 126)

(4) رواه البيهقي، سبل الهدى (7/ 126)

(5) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 126)

(6) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 126)

شمائل النبوة ومكارمها (47)

[الحديث: 104] عن عبد الله بن عمرو قال: كنا جلوسا بباب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال بعضهم لبعض: ألم يقل الله تعالى: كذا وكذا، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فخرج فكأنما عصر على وجهه حبّ الرمان، فقال: (أبهذا أمرتم؟ أو لهذا خلقتم؟ لا تضربوا كتاب الله تعالى بعضه ببعض، إنما ضلت الأمم قبلكم في مثل هذا وانظروا إلى الذين نهيتم عنه فانتهوا عنه) (1)

[الحديث: 105] عن ابن مسعود قال: شهدت مع المقداد مشهدا لأن أكون أنا صاحبه أحب إلي من ملء الأرض من شيء كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا غضب احمرّت وجنتاه فجأة وهو على تلك الحال، فقال: يا رسول الله، لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ولكن، والذي بعثك بالحق لنكونن من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك، أو يفتح الله لك فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشرق لذلك (2).

[الحديث: 106] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أمرهم بما يستطيعون من العمل قالوا: يا رسول الله، إنا لسنا كهيأتك، أن الله تعالى قد غفر لك ما تقدم من ذنبك، وما تأخر، فيغضب حتى يعرف ذلك في وجهه، ثم يقول: (أنا أتقاكم، وأعلمكم بالله) (3)

[الحديث: 107] عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعمل رجلا من بني عبد الأشهل على الصدقة فلما قدم سأله إبلا من الصدقة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى عرف الغضب في وجهه- أن تحمر عيناه- ثم قال: (إن الرجل ليسألني ما لا يصلح لي ولا له، فإن منعته كرهت المنع، وإن أعطيته أعطيته ما لا يصلح لي، ولا له)، فقال الرجل:

__________

(1) رواه الترمذي 4/ 386 (2133) ابن أبي عاصم 1/ 177.

(2) رواه أبو بكر بن أبي شيبة والبزّار والحسن بن عرفة، سبل الهدى (9/ 401)

(3) رواه الإسماعيلي، سبل الهدى (7/ 127)

شمائل النبوة ومكارمها (48)

يا رسول الله لا أسألك شيئا منها (1).

[الحديث: 108] عن كعب بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سره الامر استنار وجهه كأنه دارة القمر (2).

[الحديث: 109] عن الإمام علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رأى ما يحب قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات (3).

[الحديث: 110] عن عبد الله بن مسعود، يقول: شهدت من المقداد مشهدا لان أكون أنا صاحبه أحب إلي مما في الارض من شيء، قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا غضب احمر وجهه (4).

شعره

[الحديث: 111] عن علي قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عظيم الهامة رجل الشعر إن افترقت عقيقته فرق وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنه إذا هو وفره) (5)

[الحديث: 112] قال أنس: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بجعد قطط ولا بسبط، كان رجلا) (6)

[الحديث: 113] قال جبير بن مطعم: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثير شعر الرأس رجله (7).

__________

(1) رواه الترمذي ومالك في الموطأ (1000)، سبل الهدى (7/ 127)

(2) بحار الأنوار (16/ 232)

(3) بحار الأنوار (16/ 232)

(4) بحار الأنوار (16/ 232)

(5) رواه الترمذي والبيهقي، سبل الهدى (2/ 15)

(6) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، سبل الهدى (2/ 15)

(7) رواه ابن أبي خيثمة، سبل الهدى (2/ 15)

شمائل النبوة ومكارمها (49)

[الحديث: 114] قال ابن عباس: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه لشيء وكان أهل الكتاب يسدلون شعورهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم فرق بعده) (1)

[الحديث: 115] قال أنس: (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شعرا بين شعرين، ولا رجل سبط ولا جعد قطط، وكان بين أذنيه وعاتقه)، وفي رواية: (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أنصاف أذنيه) (2)

[الحديث: 116] قال علي بن حجر: (لم يكن شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالجعد القطط ولا بالسبط كان جعدا رجلا) (3)

[الحديث: 117] قالت عائشة: (أنا فرقت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه صدعت فرقه عن يافوخه وأرسلت ناصيته بين عينيه)، وفي رواية: (كنت أفرق خلف يافوخ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم أسدل ناصيته) (4)

[الحديث: 118] قال البراء: (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى منكبيه) (5)

[الحديث: 119] قالت عائشة: (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوق الوفرة ودون الجمة) (6)

[الحديث: 120] قالت أم هانئ: (قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وله أربع غدائر: يعني

__________

(1) رواه الستة، سبل الهدى (2/ 15)

(2) البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 15)

(3) رواه مسلم والبيهقي، سبل الهدى (2/ 16)

(4) رواه ابن إسحاق وأبو داود، وابن ماجة، سبل الهدى (2/ 16)

(5) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 16)

(6) رواه أبو داود والترمذي، سبل الهدى (2/ 16)

شمائل النبوة ومكارمها (50)

ضفائر) (1)

[الحديث: 121] قالت عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا امتشط بالمشط كأنه حبل الرمال) (2)

[الحديث: 122] قال أنس: (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أذنيه وعاتقه) (3)

[الحديث: 123] قال خالد بن الوليد: (اعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحلق رأسه فابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رزقت النصر) (4)

[الحديث: 124] قال أنس: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما رمى جمرة العقبة نحر نسكه ثم ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه فأعطاه أبا طلحة ثم ناوله شقه الأيسر فقال: اقسمه بين الناس)، وفي رواية: (فلقد رأيته والحلاق يحلقه فطاف به أصحابه فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل) (5)

[الحديث: 125] قال علي: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسن الشعر) (6)

[الحديث: 126] قال سعد بن أبي وقاص: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شديد سواد الرأس واللحية) (7)

[الحديث: 127] عن عثمان بن عبد الله قال: (أرسلني أهلي إلى أم سلمة زوج النبي

__________

(1) رواه الترمذي وأبو داود بسند جيد، سبل الهدى (2/ 16)

(2) رواه أبو نعيم، سبل الهدى (2/ 16)

(3) رواه مسلم، سبل الهدى (2/ 16)

(4) رواه سعيد بن منصور، سبل الهدى (2/ 16)

(5) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 16)

(6) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 17)

(7) رواه ابن عساكر وأبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 17)

شمائل النبوة ومكارمها (51)

صلى الله عليه وآله وسلم بقدح من ماء- وقبض إسرائيل ثلاث أصابع- فجاءت بجلجل من فضة فيها شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان إذا أصاب أحدا من الناس عين أو شيء بعث إليها بخضه، فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرا أسود) (1)

لحيته

[الحديث: 128] قال هند بن أبي هالد: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كث اللحية (2).

[الحديث: 129] قال علي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عظيم اللحية (3).

[الحديث: 130] قال جبير بن مطعم: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضخم اللحية (4).

[الحديث: 131] قال أَبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَسود اللحية (5).

[الحديث: 132] قال سعد بن أبي وقاص: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شديد سواد الرأس واللحية (6).

[الحديث: 133] قال أنس بن مالك: كانت لحية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد ملأت من هاهنا إلى هاهنا (7).

[الحديث: 134] قال أبو ضمضم: نزلت بالرّجيجح، فقيل ها هنا رجل يقال له أسعد بن خالد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأتيته فقلت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: نعم رأيته كان رجلا

__________

(1) رواه البخاري واللفظ للحميدي في جمعه، سبل الهدى (2/ 17)

(2) رواه الترمذي ورواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 34)

(3) رواه البيهقي وابن عساكر وابن الجوزي، سبل الهدى (2/ 34)

(4) رواه أَبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 34)

(5) رواه البيهقي وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 34)

(6) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 34)

(7) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 34)

شمائل النبوة ومكارمها (52)

مربوعا حسن السبلة (1).

[الحديث: 135] قال أبو ضمضم: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثير شعر الرأس واللحية (2).

[الحديث: 136] قال أنس: ليس في شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولحيته عشرون شعرة بيضاء (3).

[الحديث: 137] قال أنس: ما كان في رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا لحيته إلا سبع عشرة أو ثماني عشرة شعرة بيضاء (4).

[الحديث: 138] قال أنس: لم يخضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما كان في عنفقته وفي الصدغين وفي الرأس نبذ (5).

[الحديث: 139] قال أبو بكر بن عياش: قلت لربيعة: جالست أنساً؟ قال: نعم، وسمعته يقول: شاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرين شيبة هاهنا، يعني العنفقة (6).

[الحديث: 140] قال ابن عمر: كان شيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليه نحوا من عشرين شعرة بيضاء في مقدمه (7).

[الحديث: 141] قال أبو جحيفة: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأيت بياضا تحت شفته السفلى العنفقة) وفي رواية: (من تحت شفته السفلى مثل موضع إصبع العنفقة) (8)

__________

(1) رواه الدينوري وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 34)

(2) رواه مسلم وابن أبي خيثمة، سبل الهدى (2/ 34)

(3) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 34)

(4) رواه ابن سعد، ورواه أبو الحسن بن الضحاك بلفظ أربع عشرة بيضاء، سبل الهدى (2/ 34)

(5) رواه مسلم، سبل الهدى (2/ 35)

(6) رواه ابن خيثمة، سبل الهدى (2/ 35)

(7) رواه ابن إسحاق وابن حبان والبيهقي، سبل الهدى (2/ 35)

(8) رواه البخاري، سبل الهدى (2/ 36)

شمائل النبوة ومكارمها (53)

[الحديث: 142] قال عبد الله بن بسر المازني: كان في عنفقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شعرات بيض (1).

[الحديث: 143] قال محمد بن سيرين: سألت أنسا أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخضب؟ قال: لم يبلغ الخضاب (2).

[الحديث: 144] عن يونس بن طلق بن حبيب أن حجاما أخذ من شارب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأى شيبة في لحيته فأهوى إليها، فأمسك النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده وقال: (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة) (3)

جبينه

[الحديث: 145] قال أبو هريرة: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مفاض الجبين) (4)

[الحديث: 146] قال هند بن أبي هالة: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واسع الجبين أزج الحواجب سوابغ في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب) (5)

[الحديث: 147] قال سعد بن أبي وقاص: (كان جبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلتا (6)) (7)

[الحديث: 148] عن سويد بن غفلة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضح الجبين أهدب مقرون الحاجبين (8).

__________

(1) رواه البخاري، سبل الهدى (2/ 36)

(2) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 37)

(3) رواه ابن سعد، سبل الهدى (2/ 37)

(4) رواه البيهقي وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 21)

(5) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 21)

(6) الصلت الجبين: أي واسعة، وقيل الصلت الأملس وقيل البارز.

(7) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 21)

(8) أبو الحسن بن قانع، سبل الهدى (2/ 21)

شمائل النبوة ومكارمها (54)

[الحديث: 149] عن مقاتل بن حيان قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام: جد في أمري ولا تهزل إلى أن قال: صدقوا النبي العربي الصلت الجبين المقرون الحاجبين (1).

[الحديث: 150] عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقرون الحاجبين (2).

[الحديث: 151] قال الحافظ أبو أحمد بن أبي خيثمة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجلى الجبين إذا طلع جبينه من بين الشعر أو طلع من فلق الشعر أو عند الليل أو طلع بوجهه على الناس تراءى جبينه كأنه السراج المتوقد يتلألأ، كانوا يقولون هو صلى الله عليه وآله وسلم، كما قال شاعره حسان بن ثابت:

متى يبد في الليل البهيم جبينه... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد

فمن كان أو من قد يكون كأحمد... نظاما لحق أو نكالا لملحد (3)

عيناه

[الحديث: 152] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدعج (4) العينين (5).

[الحديث: 153] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عظيم العينين أهدب الأشفار (6) مشرب العين بحمرة (7).

__________

(1) رواه البيهقي وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 21)

(2) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 22)

(3) سبل الهدى (2/ 21)

(4) الدعج: شدة سواد العين في شدة بياضها.

(5) رواه أحمد ومسلم، سبل الهدى (2/ 23)

(6) الأهدب: الطويل الأشفار.

(7) رواه البيهقي وأبو الحسن بن الضحاك وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 23)

شمائل النبوة ومكارمها (55)

[الحديث: 154] قالت أم معبد ا: في أشفاره عطف وفي لفظ: وطف (1).

[الحديث: 155] قال أنس بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبحر العينين (2).

[الحديث: 156] قال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكحل العينين أهدب الأشفار (3).

[الحديث: 157] قال مقاتل بن حيان: أوحى الله تعالى إلى عيسى أبن مريم جد في أمري ولا تهزل إلى أن قال: صدقوا النبي العربي الأنجل (4) العينين (5).

[الحديث: 158] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسود الحدقة أهدب الأشفار.

[الحديث: 159] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عظيم العينين مشرب العين حمرة أهدب الأشفار كث اللحية (6).

[الحديث: 160] قال عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدعج العينين (7).

[الحديث: 161] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنا معاشر الانبياء تنام عيوننا، ولا تنام قلوبنا، ونرى من خلفنا كما نرى من بين أيدينا) (8)

[الحديث: 162] عن الإمام الصادق قال: طلب أبوذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل له: إنه في حائط كذا وكذا، فمضى يطلبه فدخل إلى الحائط والنبي صلى الله عليه وآله وسلم نائم، فأخذ عسيبا يابسا

__________

(1) رواه الحارث بن أبي أسامة، سبل الهدى (2/ 23)

(2) رواه أبو الحسن بن الضحاك.

(3) رواه محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات، سبل الهدى (2/ 23)

(4) الأنجل: يقال عين نجلاء أي واسعة.

(5) رواه البيهقي وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 24)

(6) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 24)

(7) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 24)

(8) بصائر الدرجات: 125.

شمائل النبوة ومكارمها (56)

وكسره ليستبرئ به نوم (1) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففتح النبي صلى الله عليه وآله وسلم عينه وقال: (يا أبا ذر؟ أما علمت أني أراكم في منامي كما أراكم في يقظتي، إن عيني تنام وقلبي لا ينام) (2)

[الحديث: 163] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أراكم من خلفي كما أراكم بين يدي، لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم) (3)

[الحديث: 164] عن عائشة وابن عباس قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرى بالليل في الظلمة كما يرى بالنهار في الضوء (4).

[الحديث: 165] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (هل ترون قبلتي ها هنا، فوالله لا يخفى علي ركوعكم ولا سجودكم، إني لأراكم من وراء ظهري) (5)

[الحديث: 166] قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود فإني أراكم من أمامي ومن خلفي) (6)

[الحديث: 167] قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني لأنظر إلى ما وراء ظهري كما أنظر إلى أمامي) (7)

[الحديث: 168] قال مجاهد: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرى من خلفه من الصفوف كما

__________

(1) الاستبراء: كناية عن الامتحان، أي فعل ذلك ليستعلم أنه (نائم أم لا، أو ليعلم أنه يعلم في منامه ما يقع عنده أم لا.

(2) بصائر الدرجات: 125.

(3) بصائر الدرجات: 124.

(4) رواه ابن عدي والبيهقي وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 24)

(5) البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 24)

(6) مسلم 1/ 320 (112 - 426)

(7) رواه عبد الرزاق في الجامع وأبو زرعة الرازي في دلائله، سبل الهدى (2/ 24)

شمائل النبوة ومكارمها (57)

يرى من بين يديه (1).

سمعه

[الحديث: 169] عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تام الأذنين (2).

[الحديث: 170] عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تسمعون ما أسمع؟) قالوا: ما نسمع من شيء قال: (إني لأرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، إني أسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم) (3)

[الحديث: 171] قال زيد بن ثابت: بينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على بغلة له إذ حادت به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا. فقال: متى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك، فأعجبه ذلك فقال: (إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله عز وجل أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع) (4)

[الحديث: 172] قال أنس: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حائطا من حيطان المدينة لبني النجار فسمع أصوات قوم يعذبون في قبورهم فحاصت البغلة، فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: متى دفن هذا؟ قالوا: يا رسول الله دفن هذا في الجاهلية، فأعجبه ذلك فقال: (إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله عز وجل أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع) (5)

__________

(1) رواه الحميدي وأبو زرعة الرازي في دلائله، سبل الهدى (2/ 25)

(2) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 27)

(3) رواه الترمذي وابن ماجة وأبو نعيم، سبل الهدى (2/ 27)

(4) رواه مسلم، سبل الهدى (2/ 27)

(5) رواه أحمد، سبل الهدى (2/ 27)

شمائل النبوة ومكارمها (58)

أنفه وخده

[الحديث: 173] عن هند بن أبي هالة قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقنى العرنين (1)، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم وليس بأشم) (2)

[الحديث: 174] قال هند بن أبي هالة: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهل الخدين (3)) (4)

[الحديث: 175] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهل الخدين دقيق العرنين (5).

فمه

[الحديث: 176] قال هند بن أبي هالة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضليع الفم، أشنب، مفلج الأسنان، يفتر عن مثل حب الغمام (6).

[الحديث: 177] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم براق الثنايا (7).

[الحديث: 178] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مفلج الثنايا (8).

[الحديث: 179] قال أنس: شممت العطر كله فلم أشم نكهة أطيب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (9).

[الحديث: 180] قال وائل بن حجر: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدلو من ماء فشرب من

__________

(1) العرنين: الأنف. والقنى فيه: طوله ودقة أرنبته مع ارتفاع في وسطه.

(2) رواه الترمذي وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 29)

(3) السهل الخدين: أي ليس في خديه نتوء وارتفاع. وقيل أراد أن خديه (أسيلان قليلا اللحم رقيقا الجلد.

(4) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 29)

(5) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 29)

(6) رواه الترمذي وأبو الشيخ، سبل الهدى (2/ 31)

(7) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 31)

(8) رواه ابن سعد وأبو الشيخ، سبل الهدى (2/ 31)

(9) رواه ابن سعد وأبو الشيخ، سبل الهدى (2/ 31)

شمائل النبوة ومكارمها (59)

الدلو ثم صب في البئر أو قال ثم مج في البئر. ففاح منها مثل رائحة المسك (1).

[الحديث: 181] قال وائل بن حجر: أتي بدلو فتوضأ منه فتمضمض ومج مسكا أو أطيب من المسك وانتشر خارجا منه (2).

[الحديث: 182] قال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ضحك كاد يتلألأ في الجدر لم أر قبله ولا بعده مثله (3).

[الحديث: 183] قال أنس: بزق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بئر بدارنا فلم يكن بالمدينة بئر أعذب منها (4).

[الحديث: 184] قالت عميرة بنت مسعود الأنصارية: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا وأخواتي وهن خمس فوجدنا يأكل قديدا فمضغ لهن قديدة ثم ناولني القديدة فقسمتها بينهن، فمضغت كل واحدة قطعة فلقين الله وما وجد لأفواههن خلوف (5).

[الحديث: 185] قالت أم عاصم امرأة عتبة بن فرقد: كنا نتطيب ونجهد لعتبة بن فرقد أن نبلغه فما نبلغه وربما لم يمسّ عتبة طيبا، فقلنا له فقال: أخذني البثر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتيت، فتفل في كفه ثم مسح جلدي، فكنت من أطيب الناس ريحا (6).

[الحديث: 186] قال أبو أمامة: جاءت امرأة بذيئة اللسان إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يأكل قديداً، فقالت: ألا تطعمني؟ فناولها مما بين يديه، فقالت: لا إلا الذي في فيك، فأخرجه فأعطاها فألقته في فمها فأكلته فلم يعلم منها بعد ذلك الأمر الذي كانت عليه من البذاء

__________

(1) رواه أحمد وابن ماجة، سبل الهدى (2/ 31)

(2) ورواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 31)

(3) رواه محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات، وأبو الحسن بن الضحاك وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 31)

(4) رواه أبو نعيم، سبل الهدى (2/ 32)

(5) رواه الطبرانى، سبل الهدى (2/ 31)

(6) رواه البخاري في التاريخ والطبراني وأبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 31)

شمائل النبوة ومكارمها (60)

والذرابة (1).

[الحديث: 187] ذكر محمد بن ثابت بن قيس: أن أباه فارق أمه وهي حامل به، فلما ولدته حلفت أن لا تلبنه من لبنها. فدعا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبصق في فيه وقال اختلف به فإن الله رازقه فأتيته به اليوم الأول والثاني الثالث (2).

[الحديث: 188] قال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفل الثنيتين والرّباعيّتين، إذ تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه (3).

[الحديث: 189] قال سهل بن سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسلوه. فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلهم يرجو أن يعطاها. قال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه. فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عينيه فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع (4).

[الحديث: 190] قال أبو قرصافة: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا وأمي وخالتي فلما رجعنا قال أمي وخالتي: يا بني ما رأينا مثل هذا الرجل لا أحسن وجها ولا أنقى ثوبا ولا ألين كلاما، ورأينا كالنور يخرج من فيه (5).

[الحديث: 191] عن أنس قال: ما بعث الله نبيا إلا بعثه حسن الوجه حسن الصوت حتى بعث الله نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم فبعثه حسن الوجه حسن الصوت (6).

__________

(1) رواه الطبراني، سبل الهدى (2/ 31)

(2) رواه البيهقي، سبل الهدى (2/ 31)

(3) رواه أبو زرعة الرازي في دلائله والدارمي والترمذي وأب الحسن بن لضحاك، سبل الهدى (2/ 32)

(4) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 32)

(5) رواه البيهقي، سبل الهدى (2/ 32)

(6) رواه ابن سعد وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 91)

شمائل النبوة ومكارمها (61)

[الحديث: 192] قال علي: ما بعث الله تعالى نبيا قط إلا بعثه صبيح الوجه كريم الحسب حسن الصوت، إن نبيكم كان صبيح الوجه كريم الحسب حسن الصوت (1).

[الحديث: 193] قال جبير بن مطعم: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسن النغمة (2).

[الحديث: 194] قال البراء: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أسمع العواتق في خدورهن (3).

[الحديث: 195] قالت عائشة: جلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر فقال للناس: اجلسوا، فسمعه عبد الله بن رواحة وهو في بني غنم فجلس مكانه (4).

[الحديث: 196] قال عبد الرحمن بن معاذ التميمي: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنى ففتحت أسماعنا. وفي لفظ: ففتح الله أسماعنا حتى أنا كنا لنسمع ما يقول ونحن في منازلنا.

[الحديث: 197] قالت أم هانئ: كنا نسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جوف الليل وأنا على عريشي (5).

[الحديث: 198] قال البراء: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العشاء وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ [التين: 1] فلم أسمع صوتا أحسن منه (6).

__________

(1) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (2/ 91)

(2) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 91)

(3) رواه أبو نعيم والبيهقي، سبل الهدى (2/ 91)

(4) رواه أبو نعيم والبيهقي، سبل الهدى (2/ 91)

(5) رواه ابن سعد وأبو نعيم، سبل الهدى (2/ 91)

(6) البخاري 8/ 583 حديث (4952) ومسلم 1/ 339 حديث (177 - 464)

شمائل النبوة ومكارمها (62)

[الحديث: 199] قالت أم معبد: (كان في صوته صلى الله عليه وآله وسلم صحل (1)) (2).

سائر جسده

[الحديث: 200] قالت أم معبد: كان في عنق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سطع (3).

[الحديث: 201] قال هند بن أبي هالة: كان عنق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كجيد دمية في صفاء الفضة (4).

[الحديث: 202] قال علي بن أبي طالب: كأن عنق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إبريق فضة (5).

[الحديث: 203] قال البراء بن عازب وغيره: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعيد ما بين المنكبين (6).

[الحديث: 204] قال علي: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جليل المشاش والكتد (7)) (8)

[الحديث: 205] قال أنس: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعطاهم.. فجذبوا ثوبه حتى بدا منكبه فكأنما أنظر حين بدا منكبه إلى شقة القمر من بياضه صلى الله عليه وآله وسلم (9).

[الحديث: 206] قال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه

__________

(1) صحل: شبه البحة وهي غلظ الصوت. وفي رواية: صهل بالهاء بدل الحاء وهو قريب منه لأن الصهل صوت الفرس، وهو يصهل بشدة وقوة.

(2) رواه ابن عساكر وغيره، سبل الهدى (2/ 92)

(3) رواه الحارث بن أبي أسامة، سبل الهدى (2/ 43)

(4) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 43)

(5) رواه ابن سعد وأبو نعيم والبيهقي، سبل الهدى (2/ 43)

(6) رواه أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي والترمذي، سبل الهدى (2/ 43)

(7) الكتد: بكاف فمثناة مفتوحتين فدال مهملة مجتمع الكتفين.

(8) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 43)

(9) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 43)

شمائل النبوة ومكارمها (63)

سبيكة فضة (1).

[الحديث: 207] قال محرش بن عبد الله الكعبي: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الجعرانة ليلا فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة (2).

[الحديث: 208] عن السائب بن يزيد قال: قمت خلف ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة (3).

[الحديث: 209] عن عبد الله بن سرجس قال: نظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند نغض كتفه اليسرى جمعا عليه خيلان كأمثال الثآليل (4).

[الحديث: 210] عن سلمان قال: رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل بيضة الحمامة (5).

[الحديث: 211] عن أبي يزيد عمرو بن أخطبالأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اذن فامسح ظهري؛ فدنوت ومسحت ظهره ووضعت أصابعي على الخاتم. فقيل له: ما الخاتم؟ قال: شعر مجتمع عند كتفه (6).

[الحديث: 212] عن أبي رمثة قال: انطلقت مع أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنظرت إلى مثل السلعة بين كتفيه (7).

[الحديث: 213] عن أبي سعيد الخدري قال: الخاتم الذي بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

__________

(1) رواه البزّار والبيهقي وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 43)

(2) رواه أحمد ويعقوب بن سفيان، سبل الهدى (2/ 45)

(3) البخاري 6/ 648 (3541) ومسلم 4/ 1823 (111 - 2345)

(4) مسلم (112 - 2346)

(5) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه وأبو يعلى والطبراني، سبل الهدى (2/ 46)

(6) الطبراني في الكبير 17/ 27.

(7) البيهقي في دلائل النبوة 1/ 214.

شمائل النبوة ومكارمها (64)

بضعة ناشزة (1).

[الحديث: 214] عن جابر قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلفه فالتقمت خاتم النبوة بفيّ فكان ينم علي مسكا (2).

[الحديث: 215] قال هند بن أبي هالة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عريض الصدر سواء البطن والصدر مشيح الصدر (3).

[الحديث: 216] قال علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شثن الكفين سائل الأطراف سبط القصب (4).

[الحديث: 217] قال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضخم الكفين (5).

[الحديث: 218] قال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسط الكفين (6).

[الحديث: 219] قال أبو بكر بن أبي خيثمة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبل العضدين والذراعين طويل الزندين، وكان معمر الأوصال سبط القصب كأن أصابعه قضبان الفضة (7).

[الحديث: 220] قال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبل الذراعين (8).

[الحديث: 221] قال هند بن أبي هالة كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشعر الذراعين طويل

__________

(1) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 46)

(2) رواه الحافظ إبراهيم الحربي في غريبه وابن عساكر في تاريخه، سبل الهدى (2/ 53)

(3) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 55)

(4) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 73)

(5) رواه أبو يعلى وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 73)

(6) رواه البخاري، سبل الهدى (2/ 73)

(7) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 73)

(8) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (2/ 73)

شمائل النبوة ومكارمها (65)

الزندين رحب الراحة (1).

[الحديث: 222] قال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شبح الذراعين (2).

[الحديث: 223] قال أنس: ما مسست حريرا ولا ديباجا قط ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3).

[الحديث: 224] قال المستورد بن شداد عن أبيه: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذت بيده فإذا هي ألين من الحرير وأبرد من الثلج (4).

[الحديث: 225] قال وائل بن حجر: لقد كنت أصافح النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو يمس جلدي جلده فأتعرفه بعد في يدي فإنه لأطيب رائحة من المسك (5).

[الحديث: 226] قال معاذ بن جبل: أردفني رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم خلفه في سفر فما مسست شيئاً قط ألين من جلد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم (6).

[الحديث: 227] قال يزيد بن الأسود: ناولني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك (7).

[الحديث: 228] قال سعد بن أبي وقاص: اشتكيت بمكة فدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعودني فوضع يده على جبهتي فمسح وجهي وصدري وبطني فما زلت يخيل إلي أني أجد

__________

(1) رواه الترمذي، سبل الهدى (2/ 73)

(2) رواه ابن سعد وابن عساكر، سبل الهدى (2/ 73)

(3) رواه أحمد والبخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 74)

(4) رواه الطبراني، سبل الهدى (2/ 74)

(5) رواه الطبراني والبيهقي، سبل الهدى (2/ 74)

(6) رواه البزّار والطبراني، سبل الهدى (2/ 82)

(7) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (2/ 74)

شمائل النبوة ومكارمها (66)

برد يده على كبدي حتى الساعة (1).

[الحديث: 229] قال أنس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه في الدعاء حتى يرى بياض إبطيه (2).

[الحديث: 230] قال جابر بن عبد الله: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد يرى بياض إبطيه (3).

[الحديث: 231] قال رجل من بني حريش: ضمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسال علي من عرق إبطيه مثل ريح المسك (4).

3 ـ أسماؤه الدالة على شخصيته

من المعاني التي اهتم بها المحدثون عند ذكر الشمائل أسماؤه صلى الله عليه وآله وسلم، باعتبارها ليست من الأسماء الارتجالية، وإنما لدلالتها على المعاني المرتبطة بها، ولهذا ذكر الله تعالى اهتمام المسيح عليه السلام بتسميته صلى الله عليه وآله وسلم، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]

وهو اسم له دلالته الكبرى على صفات كثيرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. وهكذا سائر أسمائه، كما سنرى في الأحاديث الواردة في ذلك.

وقبل أن نوردها نذكر بعض ما ذكره العلماء في أهمية التعرف على أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم، ودورها

__________

(1) أحمد في المسند 4/ 161.

(2) رواه البخاري وغيره.

(3) رواه ابن سعد، سبل الهدى (2/ 75)

(4) رواه البزار، سبل الهدى (2/ 75)

شمائل النبوة ومكارمها (67)

في التعريف به (1)، فمن ذلك قول بعضهم: (كثرة الأسماء دالّة على عظم المسمّى ورفعته، وذلك للعناية به وبشأنه، ولذلك ترى المسمّيات في كلام العرب أكثرها محاولةً واعتناء)

وقال آخر: (غالب هذه الأسماء التي ذكروها إنما هي صفات، كالعاقب والحاشر فإطلاق الاسم عليها مجاز)

وقال في الاصطفاء: (فإن قيل: غالب هذه الأسماء صفات مثل الماحي والمختار ونحوهما قلت: كثيراً ما يطلق الأسماء على الصفات لاشتراكهما في تعريف الذات وتمييزها عن غيرها، وذلك من باب التغليب)

وقال آخر: (إذا اشتقت أسماؤه صلى الله عليه وآله وسلم من صفاته كثرت جدّاً)

وقال آخر: (أسماؤه صلى الله عليه وآله وسلم إذا كانت أوصاف مدح، فله من كل وصف اسم، لكن ينبغي أن يفرق بين الوصف المختص به أو الغالب عليه ويشتق له منه اسم، وبين الوصف المشترك فلا يكن له منه اسم يخصه)

وقال آخر: (لما كانت الأسماء قوالب المعاني ودالة عليها اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا تكون معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقع يشهد بخلافة، بل للأسماء تأثير في المسمّيات وللمسميات تأثير في أسمائها في الحسن والقبح والثقل واللطافة والكثافة كما قيل:

وقلّ أن أبصرت عيناك ذا لقب... إلا ومعناه إن فكّرت في لقبه

إذا علمت ذلك تأمل كيف اشتقت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من صفاته أسماء مطابقة لمعناها، فضمن الله تعالى أسماء رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ثناءه وطوى أثناء ذكره عظيم شكره)

ونحب أن ننبه إلى عدم صحة بعض ما ورد في فضل التسمية بأسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،

__________

(1) انظر الأقوال والتفاصيل الكثيرة المرتبطة بكل اسم من أسمائه (في سبل الهدى (1/ 400)

شمائل النبوة ومكارمها (68)

وذلك لتنافيها مع قيم العدالة الإلهية، ومن تلك الأحاديث (1):

1. ما روي مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يوقف عبدان بين يدي الله تعالى فيؤمر بهما إلى الجنة فيقولان: ربنا بم استأهلنا الجنة ولم نعمل عملاً تجازينا به الجنة؟ فيقول الله تعالى: عبديّ ادخلا الجنة فإني آليت على نفسي ألاّ يدخل النار من اسمه أحمد ولا محمد) (2)

2. ما روي مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من ولد له مولود فسمّاه محمداً حبّاً لي وتبرّكاً باسمي كان هو ومولوده في الجنة) (3)

3. ما روي مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا سميتموه محمدا فلا تضربوه ولا تحرموه) (4)، ذلك أن هذا الحكم قد يجعل الولد المسمى باسمه صلى الله عليه وآله وسلم مدللا، ولا يمكنه أن يوجه أو يربى، ويجعله فوق ذلك مستكبرا مغرورا باسمه.

4. ما روي مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما أطعم الطعام على مائدة ولا جلس عليها وفيها اسمي إلا قدّسوا كل يوم مرتين) (5)

أما الأحاديث التي لا يمكن ردها؛ فكثيرة، حاولنا جمعها فيما يلي:

[الحديث: 232] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن لي خمسة أسماء أنا محمد، وإنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي، وأنا العاقب) (6)

[الحديث: 233] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن لي خمسة أسماء أنا محمد، وإنا أحمد، وأنا

__________

(1) انظر: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (1/ 419)

(2) رواه ابن بكير، سبل الهدى (1/ 418)

(3) رواه ابن بكير، سبل الهدى (1/ 414)

(4) رواه البزار، سبل الهدى (1/ 414)

(5) رواه ابن عدي، سبل الهدى (1/ 414)

(6) رواه البخاري من حديث جبير بن مطعم 5/ 24 كتاب المناقب (3532) ومسلم 4/ 1728 (124 - 2354) وابن سعد في الطبقات 1/ 1/ 65، وابن عبد البر في التمهيد 9/ 151 - 152. والبيهقي في الدلائل 1/ 154.

شمائل النبوة ومكارمها (69)

الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب يعني الخاتم)

[الحديث: 234] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا محمد وأنا أحمد والحاشر والماحي والخاتم والعاقب) (1)

[الحديث: 235] سئل نافع: أتحصي أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي كان جبير بن مطعم يعدّها؟. قال: نعم هي ستة: محمد وأحمد وخاتم وحاشر وعاقب وماحي.. فأما حاشر: فيبعث مع الساعة نذيراً لكم بين يدي عذاب شديد، وأما عاقب فإنه عقب الأنبياء وأما ماحي فإن الله محا به سيئات من اتبعه (2).

[الحديث: 236] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا أحمد، وأنا محمد، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وإذا كان يوم القيامة كان لواء الحمد بيدي وكنت إمام المرسلين وصاحب شفاعتهم) (3)

[الحديث: 237] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ لي عند ربي عشرة أسماء: أنا محمد، وإنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبيّ، وأنا الحاشر الذي يحشر الخلائق معي على قدمي، وأنا رسول الرحمة، ورسول التوبة، ورسول الملاحم، وأنا المقفّي قفّيت النبيين، وأنا قثم)، قال: والقثم: الكامل (4).

[الحديث: 238] عن عوف بن مالك قال: انطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وأنا معه، حتى دخلنا كنيسة اليهود يوم عيدهم فكرهوا دخولنا عليهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا معشر

__________

(1) رواه البيهقي، سبل الهدى (1/ 403)

(2) رواه أحمد والبيهقي وأبو نعيم، سبل الهدى (1/ 403)

(3) رواه يعقوب بن سفيان والحاكم وصححه، والبيهقي وأبو نعيم، سبل الهدى (1/ 403)

(4) رواه ابن عدي، سبل الهدى (1/ 404)

شمائل النبوة ومكارمها (70)

اليهود والله لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا المقفّي آمنتم أو كذّبتم) ثم انصرف وأنا معه (1).

[الحديث: 239] عن أبي موسى قال: سمّى لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسماء فمنها ما حفظناه قال: (أنا محمد وأنا أحمد والمقفّي والحاشر، ونبيّ التوبة، ونبي الرحمة) (2)

[الحديث: 240] عن أبي موسى قال: سمّى لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسماء فمنها ما حفظناه ومنها ما لم نحفظ، قال: (أنا محمد وإنا أحمد وأنا الحاشر وأنا العاقب والمقفي ونبي الرحمة والتوبة والملحمة) (3)

[الحديث: 241] عن حذيفة بن اليمان قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض طرق المدينة فقال: (أنا محمد وإنا أحمد وأنا نبيّ الرحمة ونبيّ التوبة وأنا المقفّي وأنا الحاشر ونبيّ الملاحم) (4)

[الحديث: 242] عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في سكّة من سكك المدينة: (أنا محمد وإنا أحمد والحاشر والمقفّي ونبي الرحمة) (5)

[الحديث: 243] عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا أحمد ومحمد والحاشر والمقفّي والخاتم) (6)

[الحديث: 244] عن أبي الطفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لي عشرة أسماء) قال أبو الطّفيل: حفظت ثمانية وأنسيت اثنتين: (أنا محمد وأحمد والفاتح والخاتم وأبو القاسم والحاشر والعاقب والماحي الذي يمحو الله بي الكفر) قال سيف بن وهب: فحدثت

__________

(1) أحمد في المسند 6/ 25.

(2) رواه أبو نعيم والمحامليّ، سبل الهدى (1/ 404)

(3) رواه أحمد ومسلم، سبل الهدى (1/ 404)

(4) رواه أحمد 5/ 405، شرح شمائل الترمذي 2/ 228.

(5) رواه ابن حبان، سبل الهدى (1/ 405)

(6) رواه الطبراني، سبل الهدى (1/ 405)

شمائل النبوة ومكارمها (71)

الحديث أبا جعفر فقال: يا سيف ألا أخبرك بالاسمين؟ قلت: بلى. قال: طه ويس (1).

[الحديث: 245] عن ابن عباس: أن عبد المطلب قيل له: لم سمّيته محمداً ورغبت عن أسماء آبائه؟ قال: أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده الناس في الأرض (2).

[الحديث: 246] عن أبي هريرة وابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لما عرج بي إلى السماء ما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوبا: لا إله إلا الله محمد رسول الله) (3)

[الحديث: 247] عن جابر بن عبد الله ما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مكتوب على باب الجنة: لا إله إلا الله محمد رسول الله) (4)

[الحديث: 248] عن عبادة بن الصامت وجابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أن فصّ خاتم سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام كان سماويّاً ألقي إليه فوضعه في إصبعه وكان نقشه أنا الله لا إله إلا أنا، محمد عبدي ورسولي) (5)

[الحديث: 249] عن جابر قال: (بين كتفي آدم مكتوب: محمد رسول الله خاتم النبيين) (6)

[الحديث: 250] عن أبي ذر وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أن الكنز الذي ذكره الله تعالى في كتابه لوح من ذهب مصمت مكتوب فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن

__________

(1) رواه ابن مردويه وأبو نعيم والديلمي، سبل الهدى (1/ 405)

(2) رواه البيهقي وأبو عمر، سبل الهدى (1/ 411)

(3) رواه أبو يعلى والطبراني والبزّار الخطيب في التاريخ 5/ 444، قال الصالحي: إنه حديث حسن لكثرة طرقه، وقد بينت ما في ذلك في (إتحاف اللبيب ببيان ما وضع في معراج الحبيب)، سبل الهدى (1/ 412)

(4) رواه ابن الجوزي في العلل 1/ 235، والعقيلي في الضعفاء 1/ 33، وذكره الهيثمي في المجمع 9/ 114، وعزاه للطبراني في الأوسط.

(5) رواه الطبراني والعقيلي وابن عدي، سبل الهدى (1/ 412)

(6) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (1/ 413)

شمائل النبوة ومكارمها (72)

بالقدر ثم ينصب، عجبت لمن ذكر النار ثم يضحك، عجبت لمن ذكر الموت ثم غفل. لا إله إلا الله محمد رسول الله) (1)

[الحديث: 251] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألم تروا كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمّماً ويلعنون مذمّماً.. وأنا محمد) (2)

[الحديث: 252] عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمشي بالبقيع فسمع قائلاً يقول: يا أبا القاسم فرد رأسه إليه فقال الرجل: يا رسول الله إني لم أعنك إنما دعوت فلانا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي فإني جعلت قاسماً أقسم بينكم) (3)

[الحديث: 253] عن أنس أنه لما ولد إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مارية كاد يقع في نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم منه حتى أتاه جبريل فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم (4).

[الحديث: 254] عن سليم بن قيس الهلالي قال: لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين نزل قريبا من دير نصراني، إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه، حسن الهيئة والسمت، معه كتاب، أتى أمير المؤمنين فسلم عليه، ثم قال: إني من نسل حواري عيسى بن مريم، وكان أفضل حواري عيسى بن مريم الاثنى عشر وأحبهم إليه وآثرهم عنده، وإن عيسى أوصى إليه ودفع إليه كتبه وعلمه وحكمته، فلم تزل أهل هذا البيت على دينه متمسكين عليه لم يكفروا ولم يرتدوا ولم يغيروا، وتلك الكتب عندي إملاء عيسى بن مريم، وخط أبينا بيده، فيها كل شيء يفعل الناس من بعده، واسم ملك ملك، وإن الله يبعث رجلا من العرب

__________

(1) رواه البزّار، البيهقي، الخرائطي في كتاب (قمع الحرص)، سبل الهدى (1/ 413)

(2) البخاري 6/ 641، والنسائي والبيهقي، سبل الهدى (1/ 416)

(3) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (1/ 536)

(4) رواه البيهقي في الدلائل، سبل الهدى (1/ 537)

شمائل النبوة ومكارمها (73)

من ولد إبراهيم خليل الله من أرض يقال لها: تهامة، من قرية يقال لها مكة ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ: اسمه محمد، وعبدالله، ويس، والفتاح، والخاتم، والحاشر، والعاقب، والماحي، والقائد، ونبي الله، وصفي الله، وجنب الله، وإنه يذكر إذا ذكر، أكرم خلق الله على الله، وأحبهم إلى الله، لم يخلق الله ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا من آدم فمن سواه خيرا عند الله، ولا أحب إلى الله منه، يشفعه في كل من يشفع فيه باسمه جرى القلم في اللوح المحفوظ، محمد رسول الله) (1)

[الحديث: 255] قال الإمام الباقر: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى قام على أصابع رجليه حتي تورمت، فأنزل الله تعالى: (طه) وهى بلغة طي يا محمد {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1، 2]) (2)

[الحديث: 256] سئل الإمام الصادق عن معنى قول الله عزوجل: (الم) و(المص) و(الر) و(المر) و(كهيعص) و(طه) و(طس) و(طسم) و(يس) و(ص) و(حم) و(حم عسق) و(ق) و(ن)؟ فقال: (أما (الم) في أول البقرة فمعناه أنا الله الملك، وأما (الم) في أول آل عمران فمعناه أنا الله المجيد، و(المص) معناه أنا الله المقتدر الصادق و(الر) معناه أنا الله الرؤف و(المر) معناه أنا الله المحيي المميت الرازق و(كهيعص) معناه أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد وأما (طه) فاسم من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعناه يا طالب الحق الهادي إليه ما انزل عليك القرآن لتشقى بل لتسعد به، وأما (طس) فمعناه أنا الطالب السميع وأما (طسم) فمعناه أنا الطالب السميع المبدئ المعيد.. وأما (يس) فاسم من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعناه يا أيها السامع لوحيي {يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى

__________

(1) غيبة النعمانى: 35 و36.

(2) تفسير القمى: 417 و418..

شمائل النبوة ومكارمها (74)

صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يس: 1 - 4]) (1)

[الحديث: 257] قال الإمام الصادق: ({يس} [يس: 1] اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والدليل عليه قوله: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يس: 3، 4] قال: على الطريق الواضح {تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [يس: 5] قال: القرآن {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} [يس: 6، 7] يعني نزل به العذاب {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 7]) (2)

[الحديث: 258] قال الإمام علي: (رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يس ونحن آله) (3)

[الحديث: 259] قال الإمام الصادق: (هذا محمد أذن لهم في التسمية به، فمن أذن لهم في يس ـ يعني التسمية وهو اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ) (4)

[الحديث: 260] عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا أشبه الناس بآدم، وإبراهيم أشبه الناس بي خلفه وخلقه، وسماني الله عشرة أسماء، وبين الله وصفي، وبشرني على لسان كل رسول بعثه إلى قومه، وسماني ونشر في التوراة اسمي، وبث ذكري في أهل التوراة والانجيل، وعلمني كلامه، ورفعني في سمائه، وشق لي اسمي من أسمائه، فسماني محمدا وهو محمود، وأخرجني في خير قرن من امتي، وجعل اسمي في التوراة أحيد، فبالتوحيد حرم أجساد امتي على النار، وسماني في الانجيل أحمد، فأنا محمود في أهل السماء، وجعل امتي الحامدين، وجعل اسمي في الزبور ماح، محا الله عزوجل بي من الارض عبادة الاوثان، وجعل اسمي في القرآن محمدا، فأنا محمود في جميع القيامة في فصل القضاء، لا

__________

(1) معانى الاخبار ص 22 و23.

(2) تفسير القمى: 548.

(3) تفسير فرات: 131.

(4) فروع الكافى 2: 87.

شمائل النبوة ومكارمها (75)

يشفع أحد غيري، وسماني في القيامة حاشرا، يحشر الناس على قدمي وسماني الموقف، اوقف الناس بين يدي الله جل جلاله، وسماني العاقب، أنا عقب النبيين، ليس بعدي رسول، وجعلني رسول الرحمة، ورسول التوبة، ورسول الملاحم والمقفي، قفيت النبيين جماعة، وأنا القيم الكامل الجامع، ومن علي ربي وقال لي: يا محمد صلى الله عليك فقد أرسلت كل رسول إلى امته بلسانها، وأرسلتك إلى كل أحمر وأسود من خلقي، ونصرتك بالرعب الذي لم أنصر به أحدا، وأحللت لك الغنيمة ولم تحل لاحد قبلك، وأعطيتك ولامتك كنزا من كنوز عرشي: فاتحة الكتاب، وخاتمة سورة البقرة، وجعلت لك ولامتك الارض كلها مسجدا، وترابها طهورا، وأعطيت لك ولامتك التكبير، وقرنت ذكرك بذكي حتى لا يذكرني أحد من امتك إلا ذكرك مع ذكري، فطوبى لك يا محمد ولامتك) (1)

[الحديث: 261] قال الإمام علي: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسأله أعلمهم فيما سأله، فقال له: لاي شيء سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أما محمد فإني محمود في الارض، وأما أحمد فإني محمود في السماء، وأما أبوالقاسم فإن الله عزوجل يقسم يوم القيامة قسمة النار، فمن كفر بي من الاولين والآخرين ففي النار، ويقسم قسمة الجنة، فمن آمن بي وأقر بنبوتي ففي الجنة، وأما الداعي فإني أدعو الناس إلى دين بي عزوجل، وأما النذير فإني انذر بالنار من عصاني، وأما البشير فإني ابشر بالجنة من أطاعني) (2)

[الحديث: 262] قال الإمام الباقر: (إن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرة أسماء: خمسة منها في القرآن، وخمسة ليست في القرآن، فأما التي في القرآن: فمحمد، وأحمد، وعبدالله، ويس،

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 93)، شرح الشفا 1: 498. وهو وارد في مصادر الفريقين.

(2) علل الشرايع: 53، معانى الاخبار: 19 و20.

شمائل النبوة ومكارمها (76)

ون، وأما التي ليست في القرآن: فالفاتح، والخاتم، والكاف، والمقفي، والحاشر) (1)

[الحديث: 263] قال الإمام الصادق: (كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاتمان: أحدهما مكتوب عليه: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، والآخر: (صدق الله) (2)

[الحديث: 264] سأل بعض اليهود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم سميت محمدا وأحمدا وبشيرا ونذيرا؟ فقال: (أما محمد فإني في الارض محمود، وأما أحمد فإني في السماء أحمد منه في الارض، وأما البشير فابشر من أطاع الله بالجنة، وأما النذير فانذر من عصى الله بالنار) (3)

[الحديث: 265] سئل الإمام الباقر: إن الناس يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكتب ولا يقرأ فقال: كذبوا، أنى يكون ذلك؟ وقد قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2]، فيكون يعلمهم الكتاب والحكمة، وليس يحسن أن يقرأ أو يكتب؟ قال: قلت: فلم سمي النبي الامي؟ قال: نسب إلى مكة وذلك قول الله عز وجل: (لتنذر ام القرى ومن حولها) فام القرى مكة، فقيل: امي لذلك (4).

وقد أورد العلامة المجلسي الخلاف الوارد في معنى اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [النبي الأمي]، ثم قال: (يمكن الجمع بين هذه الاخبار بوجهين: الاول أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقدر على الكتابة، ولكن كان لا يكتب، لضرب من المصلحة، الثاني أن نحمل أخبار عدم الكتابة والقراءة على عدم تعلمها من البشر، وسائر الاخبار على أنه كان يقدر عليهما بالاعجاز، وكيف لا يعلم من كان عالما بعلوم الاولين والآخرين، إن هذه النقوش موضوعة لهذه

__________

(1) الخصال 2: 48.

(2) تفسير القمى: 677.

(3) تفسير القمى: 701.

(4) علل الشرائع: 52.

شمائل النبوة ومكارمها (77)

الحروف، ومن كان يقدر بإقدار الله تعالى له على شق القمر وأكبر منه كيف لا يقدر على نقش الحروف والكلمات على الصحائف والالواح؟ والله تعالى يعلم) (1)

ومثله قال المرتضى في قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48]: (ظاهر الآية يقتضي نفي الكتابة والقراءة بما قبل النبوة دون ما بعدها، ولان التعليل في الآية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة، لانهم إنما يرتابون في نبوته لو كان يحسنها قبل النبوة، فأما بعدها فلا تعلق له بالريبة، فيجوز أن يكون تعلمهما من جبريل بعد النبوة، ويجوز أن لم يتعلم فلا يعلم، قال الشعبي وجماعة من أهل العلم: ما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى كتب وقرأ، وقد شهر في الصحاح والتواريخ قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ايتوني بدوات وكتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا) (2)

[الحديث: 266] قال الإمام الصادق حول اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [النبي الأمي]: (كان مما من الله عزوجل به على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان اميا لا يكتب ويقرأ الكتاب) (3)

[الحديث: 267] عن الإمام الصادق قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ الكتاب ولا يكتب (4).

[الحديث: 268] عن الإمام الصادق في قوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2] قال: كانوا يكتبون، ولكن لم يكن معهم كتاب من عند الله، ولا بعث إليهم رسولا فنسبهم إلى الاميين (5).

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 134)

(2) مناقب آل أبى طالب 1: 161.

(3) علل الشرائع: 53.

(4) علل الشرائع: 53.

(5) تفسير القمى: 678.

شمائل النبوة ومكارمها (78)

[الحديث: 269] عن الإمام الصادق قال: كان مما من الله عزوجل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقرأ ولا يكتب، فلما توجه أبوسفيان إلى احد كتب العباس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجاءه الكتاب وهو في بعض حيطان المدينة، فقرأه ولم يخبر أصحابه وأمرهم أن يدخلوا المدينة، فلما دخلوا المدينة أخبرهم (1).

[الحديث: 270] قال الإمام الباقر: ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا إلا بالعربية، فكان يقع في مسامع الانبياء بألسنة قومهم، وكان يقع في مسامع نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بالعربية، فإذا كلم به قومهم كلمهم بالعربية، فيقع في مسامعهم بلسانهم، وكان أحد لا يخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأي لسان خاطبه إلا وقع في مسامعه بالعربية، كل ذلك يترجم جبريل عليه السلام له وعنه تشريفا من الله عزوجل له صلى الله عليه وآله وسلم (2).

[الحديث: 271] سئل الإمام الرضا: يا ابن رسول الله لم سمي النبي صلى الله عليه وآله وسلم الامي؟ فقال: ما تقول الناس؟ قلت: يزعمون أنه إنما سمي الامي لانه لم يحسن أن يكتب، فقال: كذبوا، أنى ذلك والله يقول في محكم كتابه: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2]، فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟ والله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ ويكتب باثنين وسبعين، أو قال: بثلاثة وسبعين لسانا، وإنما سمي الامي لانه كان من أهل مكة، ومكة من امهات القرى، وذلك قول الله عزوجل: {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام: 92]) (3)

[الحديث: 272] قال الإمام الصادق: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ ويكتب ويقرأ ما لم

__________

(1) علل الشرائع: 53.

(2) علل الشرائع: 53.

(3) علل الشرائع: 53، معانى الاخبار: 20.

شمائل النبوة ومكارمها (79)

يكتب (1).

[الحديث: 273] عن الإمام الصادق إن بعض قريش قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بأي شيء سبقت الانبياء، وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال: إني كنت أول من آمن بربي، وأول من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]، فكنت أنا أول نبي قال: بلى، فسبقتهم بالاقرار بالله عز وجل (2).

[الحديث: 274] عن الإمام الصادق أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل بأي شيء سبقت ولد آدم؟ قال: إنني أول من أقر بربي، إن الله أخذ ميثاق النبيين {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] فكنت أول من أجاب (3).

__________

(1) بصائر الدرجات: 62.

(2) اصول الكافي 2: 10.

(3) اصول الكافي 2: 12.

شمائل النبوة ومكارمها (80)

ثانيا ـ روحانيته السامية

يحاول هذا الفصل جمع ما أمكن من الأحاديث التي وردت في المصادر الحديثية للسنة والشيعة، والمتعلقة بالجوانب الروحية، ونحب أن ننبه إلى أنا اقتصرنا على بعضها فقط، ذلك أننا سنوردها في سائر السلسلة، وفي محالها المناسبة لها.

ومع أن بعض ما سنورده قد يتنافى مع التصنيف العلمي الدقيق، إلا أن ذكرها ضروري جدا، للتعريف برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبشخصيته المتكاملة، لذلك أثبتنا كل ما يدل على ذلك، مرجئين التفاصيل إلى محالها المناسبة.

وقد قسمنا الفصل بحسب التصنيف الذي جرت به العادة في الجوانب الروحية إلى قسمين:

الأول: ما ورد حول تقواه وورعه وزهده وتوجهه الدائم لله تعالى.

الثاني: ما ورد حول الشعائر التعبدية وكثرة ذكره وعبادته لله تعالى.

1. ما ورد حول تقواه وورعه وزهده وتوجهه الدائم لله تعالى

وهي أحاديث كثيرة سنذكرها في الجزء المخصص بالجوانب الروحية، ونقتصر منها هنا على الأحاديث التالية، والتي قسمناها بحسب مصادرها إلى قسمين:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 275] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (قاربوا، وسدّدوا، واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله)، قالوا: ولا أنت؟ قال: (ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل) (1)

__________

(1) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (7/ 56)

شمائل النبوة ومكارمها (81)

[الحديث: 276] عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صنع شيئا فرخّص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخطب، فحمد الله، ثم قال: (ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فو الله إني لأعلمهم بالله، وأشدّهم له خشية) (1)

[الحديث: 277] عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسل وصيفة له فأبطأت عليه، فقال: (لولا خوف القصاص لأوجعتك بهذا السواك) (2)

[الحديث: 278] عن صفوان بن عوف قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتأوه ويقول: (أوه من عذاب الله أوه من قبل أن لا تنفع أوه) (3)

[الحديث: 279] عن ابن عباس قال: ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي ركبته، وقال: (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) (4)

[الحديث: 280] عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا هبت الريح، أو سمع صوت الرعد تغير لونه، حتى عرف ذلك في وجهه (5).

[الحديث: 281] عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستجمعا قط ضاحكا، حتى ترى لهواته إنما كان يتبسم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رأى غيما تلون وجهه، وتغير، ودخل، وخرج، وأقبل، وأدبر، فإذا أمطرت سرّي عنه، قالت: يا رسول الله، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيت فيما عرف في وجهك الكراهة، فقال: (يا عائشة، وما يؤمنني أن يكون عذاب؟ قد عذب الله عز وجل قوما بالريح، وقد رأى قوم

__________

(1) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (7/ 56)

(2) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 56)

(3) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 56)

(4) رواه الشافعي، سبل الهدى (7/ 56)

(5) رواه ابن مردويه، سبل الهدى (7/ 57)

شمائل النبوة ومكارمها (82)

العذاب فقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24]) (1)

[الحديث: 282] عن ابن عباس وغيره: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله شبت، قال: (شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعمّ يتساءلون، وإذا الشّمس كوّرت) (2)

[الحديث: 283] عن عقبة بن عامر أن رجلا قال: يا رسول الله قد شبت، قال: (شيبتني هود وأخواتها) (3)

[الحديث: 284] عن أبي عمران الجوني قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (شيبتني هود وأخواتها، وذكر القيامة وقصص الأنبياء والأمم) (4)

[الحديث: 285] عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود: 112] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (شمروا وأثمروا فما رئي ضاحكا) (5)

[الحديث: 286] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (والذي نفسي بيده، لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا) (6)

__________

(1) رواه البخاري 10/ 504 (6092) ومسلم 2/ 616 (16/ 899)

(2) رواه التّرمذي (3297) والشمائل 27 والحاكم 2/ 343 والبيهقي في الدلائل 1/ 358 وابن أبي شيبة 10/ 554 وابن سعد 1/ 2/ 138.

(3) رواه ابن مردويه، والطبراني، سبل الهدى (7/ 57)

(4) والطبراني في الكبير 6/ 183 17/ 287 والخطيب في التاريخ 3/ 145 والبغوي في التفسير 3/ 260 وابن سعد 1/ 2/ 138.

(5) رواه ابن أبي حاتم، سبل الهدى (7/ 59)

(6) رواه البخاري 11/ 319 (6485) (6637)

شمائل النبوة ومكارمها (83)

[الحديث: 287] عن جابر وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كيف أنعم، وصاحب الصور قد التقم القرن، وحنى جبهته، وأصغى بسمعه، ينتظر متى يؤمر فينفخ؟) قالوا: وماذا نقول يا رسول الله؟ قال: (قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل) (1)

[الحديث: 288] عن أبي ذر قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: 1] حتى ختمها، ثم قال: (إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السّماء، وحقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصّعدات تجأرون إلى الله تعالى) (2)

[الحديث: 289] عن أنس، قال: إنا يوما عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأيناه كئيبا، فقال بعضنا: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سمعت هدّة، ولم أسمع مثلها، فأتاني جبريل فسألته عنها، فقال: هذه صخرة هدّت من شفير جهنم، من سبعين خريفا، فهذا حين بلغت قعرها، أحبّ أن يسمعك صوتها)، فما رؤي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضاحكا ملء فيه حتى قبضه الله تعالى (3).

[الحديث: 290] عن النواس بن سمعان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (يا مقلّب القلوب، ثبت قلبي على دينك) (4)

[الحديث: 291] عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إني لأستغفر

__________

(1) أحمد في المسند 3/ 7157 والترمذي 4/ 620 (2431) وفي التفسير (3243) ورواه أبو يعلى في مسنده 2/ 340 (110/ 1084)

(2) رواه الحاكم، سبل الهدى (7/ 58)

(3) رواه ابن أبي شيبة 13/ 92.

(4) الترمذي (214، 3522، 3587) وأحمد 3/ 112، 257، 6/ 91 والحاكم 2/ 288، 289.

شمائل النبوة ومكارمها (84)

الله، وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة) (1)

[الحديث: 292] عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إني لأستغفر الله، وأتوب إليه في اليوم مائة مرة) (2)

[الحديث: 293] عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (اللهم إني أستغفرك ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وأنت، المؤخر، وأنت على كل شيء قدير) (3)

[الحديث: 294] عن الأغرّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (يا أيها الناس، توبوا إلى الله تعالى، فإني أتوب إليه كل يوم مائة مرة) (4)

[الحديث: 295] عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أين أنت من الاستغفار يا حذيفة؟ إني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة، وأتوب إليه) (5)

[الحديث: 296] عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه) قبل أن يقوم من المجلس، مائة مرة (6).

[الحديث: 297] عن ابن عمر قال: إنا كنا نعد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المجلس: (رب اغفر لي، وتب عليّ، إنّك أنت التواب الرحيم، مائة مرة) (7)

[الحديث: 298] عن الأغرّ بن مزينة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إنه ليغان

__________

(1) رواه أحمد 2/ 282 والترمذي (3259) والبغوي في التفسير 6/ 80 وابن ماجة (3816)

(2) الطبراني في الكبير 2/ 397، 402 وابن ماجة (3815) وابن أبي شيبة 10/ 297، 13/ 461.

(3) رواه أحمد 4/ 391 والحاكم 1/ 511.

(4) رواه مسلم (42) وابن ماجة (78، 1081) وأحمد 4/ 211، 260.

(5) ابن أبي شيبة 10/ 297، 13/ 461 والحاكم 2/ 457.

(6) ابن السني (123، 134) وابن عساكر في التهذيب 5/ 142.

(7) رواه ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب، وأبو داود والترمذي، وابن ماجة، والنسائي، سبل الهدى (7/ 61)

شمائل النبوة ومكارمها (85)

على قلبي حتى أستغفر الله)، وفي رواية: (وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة)، وفي رواية: (توبوا إلى ربكم، فو الله إني لأتوب إلى ربي عز وجل مائة مرة في اليوم) (1)

[الحديث: 299] عن عائشة قالت: لزم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هؤلاء الكلمات قبل موته بسنة: (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)، قالت فقلت: يا رسول الله لقد لزمت هذه الكلمات، قال: (إن ربي عهد إلي عهدا أو أمرني بأمر، فأنا أتّبعه)، ثم قرأ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 1 - 3]) (2).

[الحديث: 300] عن أبي سعيد الخدري قال: اشترى أسامة بن زيد وليدة بمائة دينار إلى شهر، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ألا تعجبون من أسامة المشتري إلى شهر؟ إن أسامة لطويل الأمل، والذي نفسي بيده ما طرفت عيناي إلا ظننت أن شفري لا يلتقيان حتى أقبض، ولا رفعت طرفي فظننت أني واضعه حتى أقبض، ولا لقمت لقمة إلا ظننت أني لا أسيغها حتى أغص بها من الموت)، ثم قال: (يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى، والذي نفسي بيده {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام: 134]) (3)

[الحديث: 301] عن عقبة بن الحارث قال: انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من صلاة العصر فأسرع، ولم يدركه أحد، فعجب الناس من سرعته، فلما رجع إليهم عرف ما في وجوههم، فقال: (كان عندي تبر فكرهت أن أبيته عندي، فأمرت بقسمته) (4)

[الحديث: 302] عن الحسن قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما فعرف في وجهه أنه

__________

(1) رواه ابن أبي شيبة ومسلم والأربعة، سبل الهدى (7/ 62)

(2) رواه محمد بن يحيى بن عمر، سبل الهدى (7/ 62)

(3) أبو نعيم في الحلية 6/ 91 وابن عساكر في التهذيب 2/ 399.

(4) رواه أحمد، والبخاري، والنسائي، وابن سعد والبرقاني، سبل الهدى (7/ 66)

شمائل النبوة ومكارمها (86)

بات قد أهمه أمر، فقيل: يا رسول الله إنا لا نستنكر وجهك، كأنك قد أهمّك الليلة أمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ذاك من أوقيتين من ذهب الصدقة باتتا عندي، لم أكن وجهتهما) (1)

[الحديث: 303] عن عائشة قالت: أتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثمانية دراهم بعد أن أمسى، فلم يزل قائما وقاعدا لا يأتيه النوم، حتى سمع سائلا يسأل، فخرج من عندي، فما عدا أن دخل، فسمعت غطيطه فلما أصبح قلت: يا رسول الله رأيتك أو الليلة قائما وقاعدا لا يأتيك نوم، حتى خرجت من عندي، فما عدا أن دخلت فسمعت غطيطك قال: (أجل، أتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثمانية دراهم بعد أن أمسى، فما ظنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن لو لقي الله وهي عنده) (2)

[الحديث: 304] عن أم سلمة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ساهم الوجه، فحسبت ذلك من وجع، فقلت يا رسول الله: ما لك ساهم الوجه؟ قال: (من أجل الدنانير السبعة التي أتتنا أمس أمسينا وهي في خصم الفراش، فأتتنا، ولم ننفقها) (3)

[الحديث: 305] عن عائشة: ذهبا كانت أتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتثاقل من الليل وهي أكثر من السبعة، وأقل من التسعة، فلم يصبح حتى قسمها، فقال: (ما ظنّ محمد بربه لو مات وهذه عنده) (4)

[الحديث: 306] عن عطاء قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبيده قضيب، فأصاب بطن الأعرابي، وزحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأعرابي فخدشه، فقال: (اقتص)، فأبى،

__________

(1) ابن سعد 2/ 2/ 33.

(2) احمد 6/ 49، 6/ 86 وابن سعد 2/ 2/ 33.

(3) رواه أحمد وأبو يعلى، سبل الهدى (7/ 67)

(4) البيهقي في السنن الكبرى 6/ 357.

شمائل النبوة ومكارمها (87)

فقال: (لتقصن، أو لتأخذن تبعة الغير) (1)

[الحديث: 307] عن حبيب بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا إلى القصاص من نفسه في خدش خدشه أعرابيا لم يتعمده، فأتاه جبريل فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك جبارا، ولا متكبرا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأعرابي فقال: (اقتص مني)، فقال الأعرابي: قد أحللتك، بأبي وأمي، وما كنت لأفعل ذلك أبدا، ولو أتيت على نفسي، فدعا له بخير (2).

[الحديث: 308] عن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقتص من نفسه (3).

[الحديث: 309] قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن رجل من العرب قال: زحمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين، وفي رجلي نعل كثيفة، فوطئت بها على رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنفحني بسوط في يده، وقال: (باسم الله أوجعتني)، فبت لائما نفسي، أقول: أوجعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما أصبحنا فإذا رجل يقول: أين فلان؟ فقلت هذا والله الذي كان مني بالأمس، فانطلقت، وأنا متخوف، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنك وطئت بنعلك رجلي بالأمس فأوجعتني، فنفحتك بسوط فهذه ثمانون نعجة فخذها بها) (4)

[الحديث: 310] عن ابن عمر قال: رغب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم في الجهاد، فاجتمعوا عليه حتى غمّوه، وفي يده جريدة سلّاها، وبقيت هكذا سلاة، ثم لم ينظروا إليها فقال: أخّروا عني، لهذا غميتموني، فأصاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطن رجل فأدماه، فخرج الرجل، وهو يقول: هذا فعل نبيك، فسمعه عمر فقال: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن كان هو أصابك فسوف يعطيك من نفسه الحق، وإن كنت كذبت لأرغمك بعمامتك حتى يتحدث،

__________

(1) رواه الطبراني في الكبير 1/ 175 والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 49.

(2) رواه الحاكم 3/ 288، 4/ 331 وأبو نعيم في الحلية 6/ 137.

(3) رواه ابن أبي شيبة، وأبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 68)

(4) رواه الدارمي 1/ 35.

شمائل النبوة ومكارمها (88)

فقال الرجل: انطلق بسلام، فلست أريد أنطلق معك، قال: ما أنا بوادعك، فانطلق، فأتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (أحقا أنا أصبتك؟) قال: نعم، قال: (فما تريد؟) قال: فأستقيد منك، فأمكنه من الجريدة، وكشف عن بطنه، فألقى الجريدة من يده، وقبّل سرّته، وقال: (هذا أردت، لكي ما يقمع الجبار من بعدك) (1)

[الحديث: 311] عن أبي هريرة أو أبي سعيد قال: كان رجل من المهاجرين، وكان ضعيفا، وكان له حاجة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأراد أن يلقاه على خلاء فيسأل حاجته، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معسكرا بالبطحاء، وكان يجيء من الليل، فيطوف البيت، حتى إذا كان في وجه السّحر صلّى بهم صلاة الغداة، فحبسه الطّواف ذات ليلة حتى أصبح، فلما استوى على راحلته عرض له الرجل، فأخذ بخطام ناقته، فقال: يا رسول الله، لي إليك حاجة، قال: إنك ستدرك حاجتك، فأبى، فلما خشي أن يحبسه خفقه بالسوط، ثم مضى، فصلى بهم صلاة الغداة، فلما انفتل أقبل بوجهه إلى القوم، وكان إذا فعل ذلك عرفوا أنه قد حدث أمر، فاجتمع القوم حوله، فقال: أين الرجل الذي جلدت آنفا؟ فأعادها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجعل الرجل يقول: أعوذ بالله، ثم برسول الله، وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (ادنه ادنه)، حتى دنا منه، فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين يديه، وناوله السوط، فقال: (خذ بمجلدك فاقتص). فقال: أعوذ بالله أن أجلد نبيه، فقال: (إلا أن تعفو)، فألقى السوط وقال: قد عفوت يا رسول الله، فقام إليه أبو ذرّ فقال: يا رسول الله، تذكر ليلة العقبة، وأنا أسوق بك، وأنت نائم، كنت إذا سقتها أبطأت، وإذا سقتها اعترضت، فخفقتك خفقة بالسوط، وقلت: قد أتاك القوم، وقلت: (لا بأس عليك)، فدعا برسول الله أن يقتص، قال: (قد عفوت)، قال: اقتص، فهو أحب إليّ، فجلده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلقد رأيته يتضوّر من جلد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال: (أيها

__________

(1) رواه ابن حبان في صحيحه، وأبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 68)

شمائل النبوة ومكارمها (89)

الناس اتقوا الله، فو الله لا يظلم مؤمن مؤمنا إلا انتقم الله تعالى منه يوم القيامة) (1)

[الحديث: 312] عن أبي سعيد الخدري قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم قسما أقبل رجل عليه، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعرجون كان معه، فجرح في وجهه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تعال فاستقد) (2)

[الحديث: 313] عن عبد الرحمن بن جبير الخزاعي قال: طعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا في بطنه، إما بقضيب، أو بسواك، قال: أوجعتني، فأقدني، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العود الذي كان معه، ثم قال: (استقد، فقبّل بطنه)، وقال: بل أعفو عنك، لعلك أن تشفع في يوم القيامة (3).

[الحديث: 314] عن سواد بن عمرو قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا متخلّق بخلوق فقال ورس: حطّ حطّ، وغشيني بقضيب في يده في بطني فأوجعني، فقلت: يا رسول الله القصاص، فكشف لي عن بطنه، فأقبلت أقبّله، فقلت يا رسول الله: دعني وأخّرها شفاعة لي يوم القيامة (4).

[الحديث: 315] عن عبد الله بن أبي الباهلي قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجّة الوداع فألقيته واقفا على بعيره، فكأنّ ساقه في غرزة الجمّارة، فاحتضنتها فقرعني بالسوط، فقلت: القصاص يا رسول الله، فرفع السّوط، فقبلت ساقه ورجله، وذكر محمد بن عمر الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينما هو يسير في الطائف إلى الجعرّانة، وأبو رهم إلى جنبه على ناقته، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ناقته، قال أبو رهم: فوقع حرف نعلي على ساقه، فأوجعه، فقال

__________

(1) رواه الدارمي وعبد بن حميد، وعبد الرزاق، سبل الهدى (7/ 69)

(2) رواه أبو داود (4536) وأحمد 3/ 28 والنسائي في القسامة باب (22) وأحمد 3/ 28 والبيهقي 8/ 43، 48.

(3) رواه البيهقي في السنن الكبرى 8/ 48.

(4) رواه ابن قاسم وأبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 70)

شمائل النبوة ومكارمها (90)

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أوجعتني، أخر رجلك، وقرع رجلي بالسوط)، فأخذني من الهم ما تقدم، وما تأخر، وخشيت أن ينزل في قرآن، لعظم ما صنعت، فلما أصبحنا بالجعرّانة خرجت أرعى ظهري، وما هو يومي، فرقا أن يأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يطلبني، فلما روّحت بالركائب سألت، فقالوا: طلبك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجئته، وأنا أرتقب، فقال: (إنك أوجعتني برجلك، فقد نحيتك بالسوط، فخذ هذه الغنم عوضا من ضربتي)، قال: فرضاه أحب إلي من الدنيا وما فيها (1).

[الحديث: 316] عن مطرف بن الشخير قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي، وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء (2)) (3).

[الحديث: 317] عن علي قال: لقد رأيتنا وما فينا قائم يصلي إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت شجرة يصلي، وهو يبكي حتى أصبح يعني ليلته (4).

[الحديث: 318] عن عائشة قالت: أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلتي حتى دخل معي في لحافي، فقال: (يا عائشة ائذني لي في ليلتي لربي)، فقلت: إني لأحب قربك، فقام إلى ربه في البيت، فما أكثر صب الماء، ثم قام، فقرأ القرآن، ثم بكى، حتى رأيت دموعه قد بلغت حجره، ثم اتكأ على جنبه الأيمن، ثم وضع يده اليمنى تحت خده، ثم بكى حتى رأيت دموعه قد بلغت الأرض، قالت: فجاء بلال فأذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله أتبكي وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبدا شكورا، وقال: ألا أبكي وقد أنزل الله تعالى الليلة: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ

__________

(1) رواه ابن قانع، سبل الهدى (7/ 70)

(2) وفي رواية: ولجوفه أزيز كأزيز المرجل يعني من البكاء.

(3) رواه أبو داود والنسائي، سبل الهدى (7/ 72)

(4) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 72)

شمائل النبوة ومكارمها (91)

وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190، 191]، وويل لمن قرأ هذه الآيات ولم يتفكر فيها (1).

[الحديث: 319] عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قرأ: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [النحل: 84] فاضت عيناه (2).

[الحديث: 320] عن ابن عباس قال: لما قدم وفد اليمن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: أسمعنا بعض ما أنزل عليك، فقرأ: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 1 - 10]، فإنّ ما يبيضّ عرق وإن دموعه لتسبقه إلى لحيته، فقالوا له: إنا نراك تبكي، أمن خوف الذي بعثك تبكي؟ قال: (بلى، من خوف الذي بعثني أبكي، إنه بعثني على طريق مثل حد السيف، إن زغت عنه هلكت، ثم قرأ: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} [الإسراء: 86] (3).

[الحديث: 321] عن صالح بن الخليل قال: ما رئي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مبتسما أو ضاحكا، منذ أنزلت هذه الآية: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} [النجم: 59، 60] (4).

__________

(1) رواه عبد بن حميد، وأبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 72)

(2) رواه عبد بن حميد، وابن جرير، سبل الهدى (7/ 72)

(3) رواه الحكيم الترمذي، سبل الهدى (7/ 72)

(4) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 72)

شمائل النبوة ومكارمها (92)

[الحديث: 322] عن سالم بن عبد الله قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم ارزقني عينين هطّالتين، تبكيان تذرفان الدموع، وتشبعاني من خشيتك، قبل أن تكون الدموع دما، والأضراس جمرا) (1)

[الحديث: 323] عن عائشة قالت: قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عثمان بن مظعون بعد موته، حتى رأيت دموعه تسيل على عينيه (2).

[الحديث: 324] عن عبد الله بن عمر قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعوده مع أسامة بن زيد فلما دخل وجده في غاشية أهله فقال: قد قضى؟ قالوا: لا فبكى (3).

[الحديث: 325] عن ابن عمر قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحجر، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا، فالتفت فإذا هو بعمر يبكي، فقال: (يا عمر ههنا تشكب العبرات) (4)

[الحديث: 326] عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اقرأ عليّ القرآن، فقلت: يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: أشتهي أن أسمعه من غيري (5).

[الحديث: 327] عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: اقرأ، فافتتح النساء حتى انتهى إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: 41، 42]، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: (حسبك) (6)

__________

(1) رواه ابن المبارك في الزهد (165) وأبو نعيم في الحلية 2/ 96 وابن عساكر كما في التهذيب 3/ 368.

(2) رواه أبو بكر الشافعي، سبل الهدى (7/ 73)

(3) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (7/ 73)

(4) رواه ابن ماجة (2945) والحاكم 1/ 454.

(5) رواه البخاري ومسلم وأبو داود، سبل الهدى (7/ 74)

(6) رواه أبو يعلى، وابن أبي شيبة، والنّسائي في الكبير، سبل الهدى (7/ 74)

شمائل النبوة ومكارمها (93)

[الحديث: 328] عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب) (1)

[الحديث: 329] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) (2)

[الحديث: 330] عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عرض عليّ ربي بطحاء مكة ذهبا، فقلت: لا يا رب، ولكني أجوع يوما، وأشبع يوما، فإذا شبعت حمدتك، وشكرتك، وإذا جعت تضرعت إليك، ودعوتك) (3)

[الحديث: 331] عن ابن عباس قال: التفت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أحد، فقال: (والذي نفسي بيده ما يسرني أن أحدا يحوّل لآل محمد ذهبا، أنفقه في سبيل الله، أموت يوم أموت ما أدع منه دينارين، إلا دينارين أعدّهما لدين إن كان) (4)

[الحديث: 332] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لو عندي مثل أحد ذهبا ما سرني أن يأتي علي ثلاث ليال، وعندي منه شيء إلا شيئا أرصده لدين) (5)

[الحديث: 333] عن أم سلمة قالت: نام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على وسادة حشوها ليف، فقام وقد أثر بجلده، فبكيت فقال: (يا أم سلمة ما يبكيك؟) قلت: ما أرى من أثر هذه، فقال: (لا تبكي، لو أردت أن تسير معي هذه الجبال لسارت) (6)

[الحديث: 334] عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أتتني الدنيا خضرة

__________

(1) رواه ابن سعد 1/ 2/ 101 والبغوي في التفسير 5/ 95.

(2) رواه البخاري 11/ 283 (6460) ومسلم 4/ 2281 (18/ 1055)

(3) رواه ابن المبارك في الزهد ص 54 وأحمد في المسند 5/ 254 والترمذي 4/ 575 (2347)

(4) رواه أحمد 2/ 530، 5/ 149 والطبراني في الكبير 11/ 328.

(5) رواه البيهقي، وابن عساكر، سبل الهدى (7/ 75)

(6) رواه أبو ذر الهروي، سبل الهدى (7/ 76)

شمائل النبوة ومكارمها (94)

حلوة، ورفعت إلى رأسها، وتزينت لي، فقلت لها: إني لا أريدك لا حاجة لي فيك، فقالت: إنك إن نلت مني لم ينفلت مني غيرك) (1)

[الحديث: 335] عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لقد هبط علي ملك من السماء ما هبط على نبي قبلي، ولا يهبط على أحد بعدي، وهو إسرافيل، فقال: أنا رسول ربك إليك أمرني أن أخيرك: إن شئت نبيا عبدا وإن شئت نبيا ملكا، فنظرت إلى جبريل فأومأ إلي أن تواضع، فلو أني قلت: نبيا ملكا لسارت الجبال معي ذهبا) (2)

[الحديث: 336] عن خيثمة قال: قيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن شئت أعطيناك خزائن الأرض، ومفاتيحها، ما لم يعط شيء قبلك، ولا نعطيها أحدا بعدك، ولا ينقصك ذلك مما عند الله شيئا، وإن شئت جمعتها لك في الآخرة، فقال: (اجمعوها لي في الآخرة) (3)

[الحديث: 337] عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، فقلت: يا رب، ولكن أشبع يوما، وأجوع يوما، أو قال: ثلاثة، أو نحو هذا، فإذا جعت تضرعت إليك، وإذا شبعت حمدتك، وشكرتك) (4)

[الحديث: 338] عن أبي سعيد قال: أحبّوا المساكين، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين) (5)

[الحديث: 339] عن أبي سعيد قال: يا أيها الناس، لا يحملنكم العسر على طلب الرزق من غير حلّه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (اللهم توفّني فقيرا، ولا توفني غنيا،

__________

(1) الرازي في العلل (1930) وأحمد في الزهد (399)

(2) الطبراني في الكبير 12/ 348 وأبو نعيم في الحلية 3/ 256.

(3) رواه البرقاني وابن أبي شيبة، وابن جرير في التفسير 18/ 140، سبل الهدى (7/ 76)

(4) رواه ابن المبارك، سبل الهدى (7/ 77)

(5) رواه ابن المبارك والترمذي، سبل الهدى (7/ 77)

شمائل النبوة ومكارمها (95)

واحشرني في زمرة المساكين، فإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا، وعذاب الآخرة) (1)

[الحديث: 340] عن ابن مسعود قال: اضطجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حصير فأثر في جنبه، فلما استيقظ جعلت أمسح عنه، فقلت: يا رسول الله ألا آذنتنا فبسطت شيئا يقيك منه، تنام عليه، فقال: (ما لي وللدنيا، ما أنا والدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فقال تحت شجرة ثم راح وتركها) (2)

[الحديث: 341] عن عمر قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا هو متكئ على رمال حصير قد أثر في جنبه، فرفعت رأسي في البيت، فو الله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر، إلا أهب ثلاثة معلقة، وصبرة من شعير، فهملت عينا عمر فقال: ما لك؟ فقلت يا رسول الله أنت صفوة الله من خلقه، وكسرى وقيصر فيما هما فيه؟ فجلس محمرا وجهه، فقال: (أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ ثم قال: أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، أما ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟) قلت: بلى، يا رسول الله، فأحمد الله عز وجل، زاد أبو الحسن بن الضحاك: يا عمر لو شاء أن يسيّر الجبال الراسيات معي ذهبا لسارت (3).

[الحديث: 342] عن رجل من بني سالم أو فيهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي بهدية، فنظر، فلم يجد شيئا يجعلها فيه، فقال: (ضعه في الحضيض، فإنما هو عبد يأكل كما يأكل العبد، ويشرب كما يشرب العبد، لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقي الكافر منها

__________

(1) ابن عدي 3/ 884.

(2) ابن المبارك ص 54 (195) وأحمد 1/ 391 والترمذي 45/ 588 (2377) وقال حسن صحيح وابن ماجه 2/ 1376 (4109) والحاكم 4/ 310.

(3) رواه البخاري ومسلم (34) وأحمد 1/ 34، سبل الهدى (7/ 77)

شمائل النبوة ومكارمها (96)

ماء) (1)

[الحديث: 343] عن ابن عباس قال: خرج أبو بكر في الهاجرة إلى المسجد فسمع بذلك عمر فخرج، فقال: يا أبا بكر ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال: لا، والله ما أخرجني إلا الجوع، فقال: أنا والذي نفسي بيده، ما أخرجني غيره، فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [فقال (ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟)] فقالا: الجوع فقال: (أنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غيره،) فقاموا، فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري، فذكر الحديث في إتيان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبي بكر، وعمر بيت أبي أيوب وذبحه لهم شاة، وطبخه لها، قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشاة، ووضعه على رغيف، وقال: (يا أبا أيوب أبلغ هذا فاطمة، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام) (2)

[الحديث: 344] عن عائشة قالت: ما أعجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيء من الدنيا، ولا أعجبه شيء من أمر الدنيا إلا أن يكون ذا تقى (3).

[الحديث: 345] عن أنس قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على سرير مرمول بالشّريط، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، فدخل عمر في نفر معه، فانحرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انحرافة، فلم ير عمر بين جنبيه وبين الشريط ثوبا، وقد أثر الشريط بجنب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فبكى عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما يبكيك يا عمر؟ فقال: والله ما أبكي إلا لكوني أعلم أنك رسول الله، أكرم على الله من كسرى وقيصر، وهما يعيشان في الدنيا فيما يعيشان فيه، وأنت رسول الله بالمكان الذي أرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عمر أما ترضى أن

__________

(1) رواه ابن أبي شيبة 13/ 225.

(2) رواه البخاري ومسلم 3/ 1609 (140/ 2038)، سبل الهدى (7/ 78)

(3) رواه أحمد 6/ 69.

شمائل النبوة ومكارمها (97)

تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة،) قال: بلى، قال: (فإنه كذلك) (1)

[الحديث: 346] عن ابن عباس قال: دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو متكئ على حصير قد أثر في جنبه، فقال: يا رسول الله لو اتخذت فراشا أدثر من هذا، فقال: (ما لي وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب استظل في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها) (2)

[الحديث: 347] عن إسماعيل بن أميّة قال: صنعت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فراشين، فأبى أن يضطجع على واحد (3).

[الحديث: 348] عن ابن مسعود وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما أوحى الله إلى أن أجمع المال، وأكون من التاجرين، ولكن أوحي إلي أن {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 98، 99] (4).

[الحديث: 349] عن عائشة قالت: اتخذت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فراشين حشوهما ليف وإذخر فقال: (يا عائشة ما لي وللدنيا أنما أنا والدنيا بمنزلة رجل نزل تحت شجرة في ظلها، حتى إذا فاء الفيء ارتحل، فلم يرجع إليها أبدا) (5)

[الحديث: 350] عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتّقي إلى فرش قط، إلا أني أذكر أن يوم مطر ألقينا تحته بتا فكأني أنظر إلى خرق فيه ينبع منه الماء (6).

[الحديث: 351] عن عائشة قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فراش رثّ غليظ، فأردت

__________

(1) أحمد 3/ 140 أو ابن سعد 1/ 2/ 158 وفي الدلائل للبيهقي 1/ 337.

(2) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 79)

(3) رواه أحمد في الزهد، سبل الهدى (7/ 79)

(4) أحمد في الزهد (391) وأبو نعيم في الحلية 2/ 231 والبغوي في التفسير 4/ 78 وابن عدي 5/ 1897، 3/ 939.

(5) رواه ابن حبان، سبل الهدى (7/ 80)

(6) رواه أحمد 6/ 58.

شمائل النبوة ومكارمها (98)

أن أجعل له فراشا آخر ليكون أوطأ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجعلته فقال: ما هذا يا عائشة؟) فقلت: رأيت فراشك رثّا غليظا، فأردت أن يكون هذا أوطأ لك، فقال: (أخّريه، اثنتين، والله لا أقعد عليه حتى ترفعيه قال: فرفعت الأعلى الذي صنعت) (1)

[الحديث: 352] عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله لا يجدون عشاء، وكان عامة خبزهم الشعير (2).

[الحديث: 353] عن ابن مسعود قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على حصير، قد أثر الشريط في جنبه، فقلت: لو نمت يا رسول الله على ما هو ألين من هذا، فقال: (ما لي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب مر بأرض فلاة، فرأى شجرة، فاستظل تحتها، ثم راح وتركها) (3)

[الحديث: 354] عن ابن عباس أن عمر دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على حصير، قد أثر في جنبه، فقال: يا رسول الله لو اتخذت فراشا ألين من هذا، فقال: (ما لي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب سار في يوم صائف، حتى أتى شجرة، ثم راح) (4)

[الحديث: 355] عن ثوبان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سافر آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة، فقدم من غزاة له، فأتاها، فإذا هو بمسح على بابها، ورأى على الحسن والحسين قلبين من فضة، فرجع، ولم يدخل لها، فلما رأت ذلك فاطمة ظنت أنه لم يدخل عليها من أجل ما رأى، فهتكت الستر، ونزعت القلبين من

__________

(1) البيهقي في الدلائل 1/ 345.

(2) رواه الترمذي (2360) وابن ماجة (3347) وأحمد 1/ 255، 374 والبغوي في التفسير 6/ 162 وابن سعد 1/ 2/ 113 وأحمد في الزهد (30)

(3) رواه الترمذي، سبل الهدى (7/ 80)

(4) رواه أبو عبد الرحمن السّلمي، سبل الهدى (7/ 80)

شمائل النبوة ومكارمها (99)

الصبيين، فقطعتهما، فبكى الصبيّان، فقسمته بينهما، فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهما يبكيان، فأخذه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (يا ثوبان، اذهب بهذا إلى بني فلان أهل بيت بالمدينة واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارا من عاج قال: هؤلاء أهل بيتي، ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا) (1)

[الحديث: 356] عن عائشة قالت: ظل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صائما، ثم طوى، ثم ظل صائما، قال: (يا عائشة إن الدنيا لا تنبغي لمحمد، ولا لآل محمد، يا عائشة إن الله تعالى لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها، والصبر على محبوبها، ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم، فقال: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ والله لأصبرن جهدي، ولا قوة إلا بالله) (2)

[الحديث: 357] عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليصيب التّمرة فيقول: (لولا أخشى أنها من الصدقة لأكلتها) (3)

[الحديث: 358] عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجد تمرة تحت جنبه من الليل فأكلها، فلم ينم تلك الليلة، فقالت بعض نسائه: يا رسول الله أرقت البارحة، قال: (إني وجدت تمرة فأكلتها، وكان عندي تمر من تمر الصدقة، فخشيت أن تكون منه) (4)

[الحديث: 359] عن ابن حازم الأنصاري قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر بنطع فقيل استظل به يا رسول الله فقال: (أتحبون أن أستظل بينكم بظل من نار يوم القيامة) (5)

__________

(1) رواه أحمد في المسند 5/ 275.

(2) رواه أحمد، والبيهقي في الشعب، وابن أبي حاتم والدّيلمي والبغوي في التفسير 6/ 171، سبل الهدى (7/ 81)

(3) رواه البخاري 4/ 293 (2055) ومسلم 2/ 752 (164/ 1071)

(4) احمد 2/ 183، 193 وابن سعد 1/ 2/ 107 والحاكم 2/ 14.

(5) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 81)

شمائل النبوة ومكارمها (100)

[الحديث: 360] عن خيثمة قال: قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن شئت أعطيناك خزائن الدنيا ومفاتيحها لم نعطها أحدا قبلك، ولا نعطيها أحدا بعدك، لا ينقصك ذلك عند الله شيئا، فقال: (اجمعوها لي في الآخرة)، فأنزل الله {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} [الفرقان: 10]) (1)

[الحديث: 361] عن عطاء بن يسار قال: تعرضت الدنيا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إني لست أريدك، قالت: إن لم تردني فسيريدني غيرك) (2)

[الحديث: 362] عن أم عبد الله بنت شداد بن أوس أنها بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقدح لبن عند فطره، وهو صائم فرد إليها رسولها، أنى لك هذا اللبن؟ قالت: من شاة لي، فرد إليها رسولها، أنى لك الشاة؟ فقالت: اشتريتها من مالي، فشرب منه، فلما كان من الغد أتته أم عبد الله، فقالت: يا رسول الله بعثت إليك بلبن، فرددت إليّ الرسول فيه، فقال لها: (بذلك أمرت الرسل لا تأكل إلا طيبا، ولا تعمل إلا صالحا) (3)

[الحديث: 363] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) (4)

[الحديث: 364] عن عائشة قالت: ما رفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشاء لغذاء، ولا غذاء لعشاء، ولا يتخذ من شيء زوجين، لا قميصين، ولا رداءين، ولا إزارين، ولا من النعال، ولا رئي فارغا قط في بيته، إمّا يخصف نعلا لرجل مسكين أو يخيط ثوبا لأرملة (5).

__________

(1) رواه الحميدي، سبل الهدى (7/ 82)

(2) ابن أبي شيبة 13/ 217، 250.

(3) رواه أحمد في الزهد، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه، سبل الهدى (7/ 82)

(4) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (7/ 85)

(5) رواه ابن الجوزي، سبل الهدى (7/ 85)

شمائل النبوة ومكارمها (101)

[الحديث: 365] عن الأوزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما أبالي ما رددت به عن الجوع) (1)

[الحديث: 366] عن ابن عباس قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة على أم هانئ بنت أبي طالب، وكان جائعا فذكر الحديث، وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (هل عندك طعام آكل) فقالت: إن عندي لكسرة يابسة، وإني أستحي أن أقدمها، قال: (هلمّيها فكسرها في ماء)، فجاءته بملح، فقال: (ما من أدم؟) فقالت: ما عندي يا رسول الله إلا شيء من خل، فقال: (هلمّيه)، فلما جاءت صبّه على طعامه، وأكل، ثم حمد الله تعالى، ثم قال: (نعم الأدم الخل يا أم هانئ لا يفتقر بيت فيه خل) (2)

[الحديث: 367] عن السائب بن يزيد عن خالته قالت: دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبين يديه طبق خوص، فيه خبز وقديد، قالت: فلما فرغ انحرف إلى فخّارة فتوضأ منها، فابتدرنا وضوءه، فمنا من مضمض، ومنّا ما سكب على وجهه (3).

[الحديث: 368] عن عتبة بن غزوان قال: لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما لنا طعام إلا أوراق الشجر، حتى تقرّحت أشداقنا (4).

[الحديث: 369] عن أسماء بنت عميس، وكانت صاحبة عائشة التي خبّأتها فأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نسوة، فما وجدنا عنده إلا قوتا، إلا قدحا من لبن، فتناول فشرب منه، ثم ناوله عائشة فاستحيت منه، فقلت: لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذته فشربته، ثم قال: (ناولي صواحبك)، فقلت: لا نشتهيه، فقال: (لا تجمعن كذبا وجوعا)،

__________

(1) رواه ابن المبارك في الزهد، سبل الهدى (7/ 85)

(2) رواه ابن المبارك في الزهد، سبل الهدى (7/ 85)

(3) رواه أبو بكر بن أبي خيثمة، سبل الهدى (7/ 86)

(4) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 86)

شمائل النبوة ومكارمها (102)

فقلت: إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه لا أشتهي، أيعد ذلك كذبا؟ فقال: (إن الكذب يكتب كذبا، حتى الكذيبة تكتب كذيبة) (1)

[الحديث: 370] عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدّخر شيئاً لغد (2).

[الحديث: 371] عن ابن عباس قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أحد فقال: (ما يسرني أنه ذهب لآل محمد، أنفقه في سبيل الله، أموت يوم أموت وعندي منه ديناران، إلا دينارين أعدهما للدّين إن كان) (3)

[الحديث: 372] عن أنس قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يوما: (ما عندك شيء تطعمنا؟) قلت: نعم يا رسول الله، فضل من الطعام الذي كان أمس، قال: (ألم أنهك أن تدع طعام يوم لغد؟) (4)

[الحديث: 373] عن أنس قال: أهدى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طائران، وفي رواية: (طيران فقال: (ما هذا؟) قال بلال: خبأته لك يا رسول الله، فقال: (يا بلال لا تخف من ذي العرش إقلالا. أن الله تعالى سيأتي برزق كل غد، ألم أنهك أن تدخر شيئا لغد؟) (5)

[الحديث: 374] عن أم سلمة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ساهم الوجه قالت: حسبت ذلك من وجع، قلت: ما لي أراك صلى الله عليه وآله وسلم ساهم الوجه؟ قال: (من أجل الدنانير السبعة التي أتتنا بالأمس، ولم نقسمها) (6)

[الحديث: 375] عن أبي هريرة قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بلال فوجد عنده

__________

(1) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 86)

(2) رواه الترمذي 4/ 580 (2362)

(3) رواه أحمد 2/ 467.

(4) رواه ابن أبي شيبة في المصنف، سبل الهدى (7/ 87)

(5) رواه ابو سعد الماليني والخطيب، سبل الهدى (7/ 87)

(6) رواه ابن حبان والبيهقي، سبل الهدى (7/ 87)

شمائل النبوة ومكارمها (103)

صبرة من تمر، فقال: (ما هذا يا بلال؟) فقال: تمر أدخره، فقال: (ويحك يا بلال، أو ما تخاف أن يكون له بخار في النار؟ أنفق يا بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا) (1)

[الحديث: 376] عن عائشة أنها قالت لأبي أمامة بن سهل بن حنيف، وعروة بن الزبير: لو رأيتما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرض له، وكانت عندي ستة دراهم أو سبعة، قالت: فأمرني نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أفرقها، قالت: فشغلني وجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى عافاه الله، ثم سألني عنها، فقال: (ما فعلت، أكنت فرقت الستة الدنانير أو السبعة؟) فقلت: لا، والله، لقد كان شغلني وجعك، قالت: فدعا بها، فوضعها في كفه، فقال: (ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده؟) (2)

[الحديث: 377] عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج على أصحابه ذات يوم، وفي يده قطعة من ذهب، فقال لعبد الله بن عمر: ما كان قال لربه إذا مات وهذه عنده؟ فقسمها قبل أن يموت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتفت إلى أحد، فقال: (والذي نفسي بيده ما يسرني أن يحول هذا ذهبا وفضة لآل محمد، أنفقه في سبيل الله، أبقي بعد صبح ثلاثة، وعندي منه شيء، إلا شيئا أعده لدين) (3)، وفي رواية: (أموت يوم أموت أدع منه دينارين، إلا دينارين أعدهما لدين أن كان)، قال ابن عباس: فمات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما ترك دينارا، ولا درهما، ولا عبدا، ولا وليدة.

[الحديث: 378] عن بلال قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعندي شيء من تمر، فقال: (ما هذا؟) فقلت: ادخرنا لشتائنا، فقال: (أما تخاف أن ترى له بخارا في جهنم؟) (4)

__________

(1) رواه البيهقي، والبزار، والطبراني، وأبو يعلى، سبل الهدى (7/ 87)

(2) رواه ابن سعد والبيهقي، سبل الهدى (7/ 87)

(3) رواه الطبراني في الكبير 1/ 324.

(4) رواه الطبراني في الكبير 1/ 324.

شمائل النبوة ومكارمها (104)

[الحديث: 379] عن عبد الله بن مسعود قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بلال، وعنده صبرة من تمر، فقال: (ما هذا يا بلال)، قال: أعددت ذلك لأضيافنا، قال: (أما تخشى أن يكون له بخار في نار جهنم؟ أنفق بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا) (1)

[الحديث: 380] عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا بلال أطعمنا)، قال: ما عندي إلا صبرة من خبز. خبأته لك، قال: (أما إن الله يجعل له بخارا في نار جهنم أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا) (2)

[الحديث: 381] عن أبي ذر قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صرّة المدينة فاستقبلنا أحدا، فقال: يا أبا ذر)، قلت: لبّيك يا رسول الله، قال: (ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا، تمضي على ثلاثة، وعندي منه دينار، إلا شيئا أرصده لدين، إلا أن أقول في عباد الله هكذا، وهكذا) (3)

[الحديث: 382] عن ابن عمر قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى دخل بعض حيطان الأنصار، فجعل يلتقط من التمر، ويأكل، فقال لي: (يا ابن عمر ما لك لا تأكل؟) قلت يا رسول الله لا أشتهيه، قال: (لكني أشتهيه، وهذه صبح رابعة لم أذق طعاما، ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يحبون رزق سنتهم ويضعفون؟ قال: فو الله ما برحنا، ولا زمنا حتى نزلت: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [العنكبوت: 60] فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لم يأمرني بكنز الدنيا، ولا اتباع الشهوات، فمن كنز دنياه يريد بها حياة

__________

(1) رواه البزار، والطبراني، سبل الهدى (7/ 88)

(2) رواه أبو ذر الهروي في دلائله، سبل الهدى (7/ 88)

(3) رواه البخاري، سبل الهدى (7/ 88)

شمائل النبوة ومكارمها (105)

باقية، فإن الحياة بيد الله، ألا وإني لا أكنز دينارا، ولا درهما، ولا أخبّئ رزقا لغد) (1)

[الحديث: 383] عن أبي عامر عبد الله قال: لقيت بلالا مؤذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحلب فقلت: حدثني كيف كانت نفقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما كان له شيء من ذلك، إلا أني الذي كنت آتي ذلك منه منذ بعثه الله تعالى، إلى أن توفي، فكان إذا أتاه الإنسان فرآه عاريا يأمرني فأنطلق، فأستقرض، فأشتري البردة، والشيء، فأكسوه وأطعمه، حتى اعترضني رجل من المشركين، فقال: يا بلال إن عندي سعة، فلا تستقرض من أحد إلا مني ففعلت، فلما كان ذات يوم توضأت، ثم قمت لأؤذن بالصلاة، فإذا المشرك في عصابة من التجار، فلما رآني قال: يا حبشي قلت: لبيك فتجهّمني، وقال قولا غليظا، فقال: ألا ترى كم بينك وبين الشهر؟ قلت: قريب، قال: إنما بينك وبينه أربع ليال، فآخذك بالذي عليك، فإني لم أعطك الذي أعطيتك من كرامتك، ولا من كرامة صاحبك، ولكن أعطيتك لتصير لي عبدا، فأذرك ترعى الغنم، كما كنت قبل ذلك، فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس الناس، فانطلقت، ثم أذنت بالصلاة، حتى إذا صليت العتمة، رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهله، فاستأذنت عليه، فأذن لي، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إن المشرك الذي قلت لك إني كنت أتديّن منه قد قال: كذا وكذا وليس عندك ما تقضي عني، ولا عندي، وهو فاضحني، فأذن لي أن آتي بعض هؤلاء الأحياء الذين أسلموا حتى يرزق الله تعالى رسوله ما يقضي عني، فخرجت حتى أتيت منزلي فحملت سيفي وجرابي ورمحي، ونعلي عند رأسي، واستقبلت بوجهي الأفق، فكلما نمت انتبهت، فإذا رأيت عليّ ليلا نمت، حتى انشق عمود الصبح الأول، فأردت أن أنطلق، فإذا إنسان يسعى يدعو: يا بلال أجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فانطلقت، حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا أربع ركائب عليهن أحمالهن، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاستأذنت، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

__________

(1) رواه أبو بكر الحميدي، سبل الهدى (7/ 89)

شمائل النبوة ومكارمها (106)

(أبشر يا بلال، فقد جاءك الله تعالى بقضائك، فحمدت الله تعالى)، فقال: ألم تمر على الركائب المناخات الأربع؟ قال: فقلت: بلى؟ قال: فإن لك رقابهن، وما عليهن، فإذا عليهن كسوة، وطعام، أهداهن له عظيم فدك قال: فاقبضهن إليك، ثم اقض دينك، قال: ففعلت، فحططت عنهن أحمالهن، ثم عقلتهن، ثم عدت إلى تأذين صلاة الصبح، حتى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الصبح، خرجت إلى البقيع، فجعلت أصبعي في أذني، فناديت، وقلت: من كان يطلب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دينا فليحضر، فما زلت أبيع وأقضي حتى لم يبق على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دين في الأرض، حتى فضل عندي أوقيتان، أو أوقية ونصف، ثم انطلقت إلى المسجد وقد ذهب عامة النهار، فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاعد في المسجد وحده فسلمت عليه، فقال لي: (ما فعل ما قبلك؟) قلت: قضى الله كل شيء كان على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يبق شيء، فقال: (فضل شيء؟) قلت: نعم، قال: (انظر أن تريحني منها، فلست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منها، فلم يأتنا أحد)، فبات في المسجد، حتى أصبح، وظل في المسجد اليوم الثاني، حتى إذا كان في آخر النهار جاء راكبان، فانطلقت بهما فكسوتهما وأطعمتهما، حتى إذا صلّى العتمة دعاني، فقال: (ما فعل ما قبلك؟) قلت: قد أراحك الله منه، فكبر، وحمد الله شفقا من أن يدركه الموت وعنده ذلك، ثم تبعته حتى جاء أزواجه، فسلم على امرأة امرأة حتى أتى مبيته فهذا الذي سألتني عنه (1).

[الحديث: 384] عن عائشة قالت: كان يأتي علينا الشهر، وما نوقد فيه نارا، إنما هو التمر والماء، إلا أن نؤتى باللحم (2).

[الحديث: 385] عن عائشة قالت: ما شبع آل محمد من خبز برّ ثلاثة أيام متتابعات،

__________

(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى 6/ 81 وفي الدلائل 1/ 260 والطبراني في الكبير 1/ 350.

(2) البخاري 9/ 49، (5416) ومسلم 4/ 2282 (2970 26) وغيرهما.

شمائل النبوة ومكارمها (107)

حتى قبض (1).

[الحديث: 386] عن عائشة قالت: ما أكل آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أكلتين في يوم واحد إلا إحداهما تمر (2).

[الحديث: 387] عن عائشة أنها كانت تقول لعروة: يا ابن أختي، إنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نار، قلت: يا خالة فما كان يعيّشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جيران من الأنصار، وكانت لهم منائح، وكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ألبانها، فيسقيناه (3).

[الحديث: 388] عن عائشة قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين شبع الناس من الأسودين، التمر والماء (4).

[الحديث: 389] عن عائشة أنها كانت تقول لعروة وايم الله، يا ابن أختي إن كان يمر على آل محمد الشهر لم يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نار، لا يكون إلا أن حوالينا أهل دور من الأنصار- جزاهم الله خيرا في الحديث والقديم- فكل يوم يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغزيرة شياههم، فينال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك، ولقد توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما في رفّى من طعام يأكله ذو كبد إلا قريبا من شطر شعير، فأكلت منه حتى طال عليّ، لا تغني وكلته عني، فيا ليتني لم آكله، وأيم الله، وكان ضجاعه من أدم حشوه ليف (5).

__________

(1) البخاري 9/ 49، (5416) ومسلم 4/ 2282 (2970 26) وغيرهما.

(2) البخاري 9/ 49، (5416) ومسلم 4/ 2282 (2970 26) وغيرهما.

(3) البخاري 9/ 49، (5416) ومسلم 4/ 2282 (2970 26) وغيرهما.

(4) البخاري 9/ 49، (5416) ومسلم 4/ 2282 (2970 26) وغيرهما.

(5) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 92)

شمائل النبوة ومكارمها (108)

[الحديث: 390] عن عائشة قالت: ما رفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غداء لعشاء، ولا عشاء لغداء قط، ولا اتخذ من شيء زوجين لا قميصين، ولا رداءين، ولا إزارين، ولا من النعال ولا رئي فارغا قط في بيته، إما يخصف نعلا لرجل مسكين أو يخيط ثوبا لأرملة (1).

[الحديث: 391] عن أبي هريرة قال: والذي نفسي بيده، ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهله ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة، حتى فارق الدنيا (2).

[الحديث: 392] عن أبي هريرة قال: ما كان يفضل عند أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبز الشعير (3).

[الحديث: 393] عن عائشة قالت: والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما رأى منخلا، ولا أكل خبزا منخولا، منذ بعثه الله إلى أن قبض، قيل، كيف كنتم تصنعون؟ قالت: كنا نقول أفّ أفّ (4).

[الحديث: 394] عن أبي الدرداء قال: لم يكن ينخل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دقيق قط (5).

[الحديث: 395] عن عبد الرحمن بن عوف قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الدنيا، ولم يشبع هو، ولا أهله من خبز الشعير (6).

[الحديث: 396] عن سهل بن سعد قال: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم شبعتين حتى فارق الدنيا (7).

__________

(1) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (7/ 92)

(2) البخاري 9/ 460 (5416، 6454) مسلم 4/ 2281 (32/ 2976)

(3) الترمذي (2359)

(4) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 93)

(5) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 93)

(6) رواه البزار، سبل الهدى (7/ 93)

(7) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 93)

شمائل النبوة ومكارمها (109)

[الحديث: 397] عن عائشة قالت: مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو في قميص القطن (1).

[الحديث: 398] عن عائشة قالت: ما كان يبقى على مائدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خبز الشعير قليل ولا كثير (2).

[الحديث: 399] عن عائشة قالت: ما رفعت مائدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بين يديه، وعليها فضلة من طعام قط (3).

[الحديث: 400] عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبيت الليالي المتتابعة طاويا، وأهله لا يجدون عشاء، وكان عامة خبزهم خبز الشعير (4).

[الحديث: 401] عن أبي أمامة قال: ما كان يفضل من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبز الشعير (5).

[الحديث: 402] عن عمران بن حصين قال: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم من خبز مأدوم حتى مضى لسبيله (6).

[الحديث: 403] عن عمران بن حصين قال: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غداء وعشاء حتى لقي ربه (7).

[الحديث: 404] عن أنس بن مالك أن فاطمة جاءت بكسرة خبز إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (ما هذه الكسرة؟) قالت: قرصة خبزتها، فلم تطب نفسي إلا أن آتيك بهذه الكسرة،

__________

(1) رواه أبو يعلى، سبل الهدى (7/ 93)

(2) رواه الطبراني في الأوسط، سبل الهدى (7/ 93)

(3) رواه الطبراني في الأوسط، سبل الهدى (7/ 93)

(4) الترمذي (2360) وابن ماجة (3347) وأحمد 1/ 255 وابن سعد 1/ 2/ 113 وأحمد في الزهد (30)

(5) رواه أحمد وابن سعد والترمذي، سبل الهدى (7/ 94)

(6) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 94)

(7) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 94)

شمائل النبوة ومكارمها (110)

فقال: (أمّا إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام) (1)

[الحديث: 405] عن ابن مسعود قال: أضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضيفا، فأرسل إلى أزواجه يبتغي عندهن طعاما، فلم يجد عند واحدة منهن شيئا، فقال: (اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها إلا أنت،)، فأهديت إليه شاة مصليّة ورغف، فأكل منها أهل الصّفّة حتى شبعوا، فقال: (إنا سألنا الله تعالى من فضله ورحمته- فهذا فضله، وقد ادخر لنا رحمته)، وفي رواية: (ونحن ننتظر الرحمة) (2)

[الحديث: 406] عن مسروق قال: دخلت على عائشة يوما، فدعت بطعام فقالت لي: كل فلقلّ ما أشبع من طعام، فأشاء أن أبكي إلا بكيت، قال: قلت لم يا أم المؤمنين؟ قالت: أذكر الحال التي فارقها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم مرتين من خبز شعير (3).

[الحديث: 407] عن عائشة قالت: ما شبع آل محمد ثلاثة أيام من خبز البرّ حتى ذاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الموت، وما زالت الدنيا علينا عسرة كدرة حتى مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما مات أنصبت علينا صبا (4).

[الحديث: 408] عن أنس قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يجتمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف (5).

[الحديث: 409] عن طلحة بن عمرو، قال: كان الرجل إذا قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

__________

(1) رواه أحمد، وابن سعد وأبو داود، سبل الهدى (7/ 94)

(2) رواه البيهقي، وأبو داود الطيالسي، وابن سعد، سبل الهدى (7/ 94)

(3) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (7/ 94)

(4) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (7/ 94)

(5) رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو يعلى، والترمذي في الشمائل، وابن سعد، سبل الهدى (7/ 95)

شمائل النبوة ومكارمها (111)

فلم يكن له عريف في المدينة نزل بأصحاب الصّفّة، وكان لي بها قرناء، فكان يجري علينا من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل يوم اثنين مدّان من تمر، فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض الصلوات إذ ناداه مناد، فقال: يا رسول الله أحرق بطوننا التمر وتخرقت عنا الخنف، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة قام فحمد الله، وأثنى عليه، ثم ذكر ما لقي من قومه من الشدة، قال: (مكثت أنا وصاحبي بضعة عشر يوما، ما لنا طعام غير البرير حتى قدمنا على إخواننا من الأنصار فواسونا في طعامهم ومعظم طعامهم التمر واللبن، والذي لا إله إلا هو، لو أجد لكم الخبز واللحم لأطعمتكموه دثورا) (1)

[الحديث: 410] عن عائشة قالت: لو أردت أن أخبركم بكل شبعة شبعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات، لفعلت (2).

[الحديث: 411] عن عائشة قالت: إنه ليأتي على آل محمد الشهر ما يختبزون خبزا ولا يطبخون طبخا (3).

[الحديث: 412] عن عائشة قالت: أهديت لنا ذات يوم يد شاة من بيت أبي بكر، فو الله إني لأمسكها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويحزّها، أو يمسكها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحزّها، قيل على غير مصباح؟ قالت: لو كان عندنا دهن مصباح لأكلناه، إن كان ليأتي على آل محمد الشهر ما يخبزون فيه خبزا، ولا يطبخون فيه برمة (4).

[الحديث: 413] عن أبي هريرة قال: مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يشبع هو، ولا أهله من

__________

(1) رواه الطّبراني، والبزّار، سبل الهدى (7/ 95)

(2) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (7/ 95)

(3) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (7/ 95)

(4) رواه ابن سعد وأحمد وابن عساكر، سبل الهدى (7/ 95)

شمائل النبوة ومكارمها (112)

خبز الشعير (1).

[الحديث: 414] عن أبي هريرة قال: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الكسر اليابسة، حتى فارق الدنيا، وأصبحتم تهذرون الدنيا (2).

[الحديث: 415] عن أم أيمن أنها غربلت دقيقا تصنعه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (ما هذا؟) قالت: طعام نصنعه في أرضنا، فأحببت أن أصنع لك رغيفا، قال: (ردّيه) (3)

[الحديث: 416] عن الحسن قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس فقال: (والله ما أمسى في آل محمد صاع من طعام لتسعة أبياته، والله ما قالها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استقلالا لرزق الله تعالى، ولكن أراد أن تتأسى به أمته) (4)

[الحديث: 417] عن أنس قال: مشيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخبز شعير وله هالة ولقد سمعته يقول: (ما أصبح لآل محمد، ولا أمسى في آل محمد إلا صاع، وإنهن يومئذ لتسعة أبيات) (5)

[الحديث: 418] عن نوفل بن إياس الهذلي قال: أتينا في بيت عبد الرحمن ابن عوف بصحيفة فيها خبز ولحم، فلما وضعت بكى عبد الرحمن، قلت: ما يبكيك؟ فقال: مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يشبع هو ولا أهله من خبز الشعير، ولا أرانا أخّرنا لما هو خير لنا (6).

[الحديث: 419] عن أنس قال: شهدت وليمة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ما فيها خبز ولا لحم (7).

__________

(1) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 96)

(2) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 96)

(3) رواه ابن أبي الدنيا، سبل الهدى (7/ 96)

(4) رواه أبو الحسن بن الضحاك وابن سعد، سبل الهدى (7/ 96)

(5) رواه مسلم والبخاري 4/ 302 (2069)، وأبو الشيخ، والبرقاني، سبل الهدى (7/ 96)

(6) رواه الترمذي وابن سعد، سبل الهدى (7/ 96)

(7) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 96)

شمائل النبوة ومكارمها (113)

[الحديث: 420] عن عمر قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلتوي يومه من الجوع، ما يجد من الدّقل ما يملأ به بطنه (1).

[الحديث: 421] عن أبي هريرة قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصلي جالسا، قلت: يا رسول الله ما أصابك؟ قال: (الجوع)، فبكيت قال: (لا تبك يا أبا هريرة، فإن شدة الجوع لا تصيب الجائع- يعني يوم القيامة- إذا احتسب في دار الدنيا) (2)

[الحديث: 422] عن عائشة قالت: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم مرتين، حتى لقي الله تعالى، ولا رفعنا له فضل طعام عن شبع، حتى لقي الله، إلا أن يرفعه لغائب، فقيل لها: ما كانت معيشتكم؟ قالت: الأسودان الماء والتمر، قالت: وكان لنا جيران من الأنصار لهم ربائب منائح يسقونا من لبنها، جزاهم الله تعالى خيرا (3).

[الحديث: 423] عن أبي هريرة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما بطعام سخين، فأكل، فلما فرغ قال: (الحمد لله ما دخل بطني طعام سخين منذ كذا وكذا) (4)

[الحديث: 424] عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني مجهود فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، فأرسل إلى أخرى، فقالت: مثل ذلك، حتى قال كلهن مثل ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من يضيف هذا الليلة؟) فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فانطلق به إلى رحله. فقال لامرأته: أعندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني (5).

__________

(1) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 97)

(2) رواه ابن أبي الدّنيا وأبو سعد الماليني وأبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 97)

(3) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 98)

(4) رواه ابن ماجة، سبل الهدى (7/ 98)

(5) رواه ابن ماجة، سبل الهدى (7/ 98)

شمائل النبوة ومكارمها (114)

[الحديث: 425] عن مسروق قال: دخلت على عائشة وهي تبكي، فقلت: يا أم المؤمنين ما يبكيك؟ قالت: ما أشبع فأشاء أن أبكي إلا بكيت، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت تأتي عليه أربعة أشهر ما يشبع من خبز برّ (1).

[الحديث: 426] عن جعفر بن سليمان عن الجريري قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان جالساً مع رجل من أصحابه، فغمز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطنه، فقال له الرجل: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أتشتكي بطنك؟ فقال: (لا، إنما هو جعار الجوع)، فقام الرجل ليدخل حيطان الأنصار، فرأى رجلا من الأنصار يسقي سقاية فقال له: هل لك أن أسقي لك بكل سقاية تمرة جيدة؟ قال نعم، قال: فوضع الرجل كساءه، ثم أخذ يسقي وهو رجل قوي، فسقي مليا، حتى ابتهر وعي فجعل يتروّح، ثم فتح حجره، وقال: عدّ لي تمري، قال: فعدّ له نحوا من المدّ فجاء به، حتى نثره بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه قبضة، ثم قال: اذهبوا بهذا إلى فلانة، واذهبوا بهذا إلى فلانة، فقال الرجل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أراك تأخذ منه، ولا ينقص، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألست تقرأ هذه الآية؟) قال فقلت آيّة آية يا رسول الله؟ قال: قول الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39] قال أشهد أنما هو من الله تعالى (2).

[الحديث: 427] عن عائشة قالت: ربما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يا عائشة هلمي إلى غذاءك المبارك، وربما لم يكن إلا التمرتين) (3)

[الحديث: 428] عن أنس قال: ما أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رغيفا مرقّقا بعينه،

__________

(1) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 98)

(2) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 100)

(3) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 100)

شمائل النبوة ومكارمها (115)

حتى لحق بربه، ولا شاة سميطا قط (1).

[الحديث: 429] عن عائشة قالت: ما اجتمع في بطن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طعامان قط، إن أكل لحما لم يزد عليه، وإن أكل تمرا لم يزد عليه، وإن أكل خبزا لم يزد عليه (2).

[الحديث: 430] قال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجوع، قيل: وكيف ذلك الجوع؟ قال: لكثرة من يغشاه، وأضيافه، وقوم يلزمونه لذلك، فلا يأكل طعاما قط إلا ومعه أصحابه، وأهل الحاجة يشبعون في المسجد، فلما فتح الله عز وجل خيبر اتسع الناس بعض الاتساع، وفي الأمر بعض ضيق، والمعاش شديد، وهي بلاد لا زرع فيها، إنما طعام أهلها التمر، وعلى ذلك أقاموا (3).

[الحديث: 431] عن ابن عباس قال: احتفر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخندق. وأصحابه قد شدوا الحجارة على بطونهم من الجوع (4).

[الحديث: 432] عن جبير بن نفير قال: قال أبو البجير: أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما الجوع، فوضع على بطنه حجرا، وقال: (يا ربّ نفس ناعمة طاعمة، جائعة عارية يوم القيامة) (5)

[الحديث: 433] عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشد حبليه بالحجر من الغرث (6).

[الحديث: 434] عن جابر قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، وهم يحفرون

__________

(1) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 100)

(2) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 100)

(3) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 101)

(4) رواه عبد الله ابن أحمد في زوائد المسند، سبل الهدى (7/ 101)

(5) رواه البيهقي وابن عساكر، سبل الهدى (7/ 102)

(6) رواه ابن سعد 1/ 2/ 114.

شمائل النبوة ومكارمها (116)

الخندق ثلاثا لم يذوقوا طعاما، قال جابر: فحانت مني التفاتة فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد شد على بطنه حجرا من الجوع، ولفظ أبي نعيم في الحلية. نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوجدته قد وضع بينه وبين إزاره حجرا ليقيم به صلبه من الجوع (1).

[الحديث: 435] عن أنس قال: قال أبو طلحة: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجوع، ورفعنا عن حجر حجر، فرفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن حجرين (2).

[الحديث: 436] عن أنس قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما فوجدته جالسا مع أصحابه يحدثهم، وقد عصب على بطنه بعصابة، قال أسامة: أنا أشدّ على حجر، فقلت لبعض أصحابه: لم عصب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطنه؟ قالوا: من الجوع (3).

[الحديث: 437] عن ابن مسعود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج ذات يوم، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال: (ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟) قالا: الجوع يا رسول الله، قال: (والذي نفسي بيده، لأخرجني الذي أخرجكما، فقوما)، فقاما معه، فأتى منزل أبي أيوب الأنصاري، وقال ابن عمر منزل أبي الهيثم بن التّيهان، فلما انتهوا إلى داره قالت امرأته: مرحبا بنبي الله، وبمن معه، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أين أبو أيوب؟) فقالت امرأته: يا نبي الله يأتيك الساعة، انطلق يستعذب الماء، فجاء أبو أيوب، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني فانطلق فقطع عذقا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما أردت تقطع لنا هذا إلا اجتنيت لنا من تمره)، قال: أحببت يا رسول الله أن تأكلوا من تمره، وبسره، ورطبه، ثم أخذ المدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إياك والحلوب)، فذبح لهم، فشوى نصفه، وطبخ نصفه، فلما وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أخذ من الجدي، فجعله في رغيف، وقال: (يا أبا أيوب

__________

(1) رواه أحمد والبخاري البخاري 7/ 456 (4101) وأبو يعلى، سبل الهدى (7/ 103)

(2) رواه التّرمذي، سبل الهدى (7/ 103)

(3) رواه مسلم 3/ 1612 (143/ 2039) وأحمد 1/ 51، 65.

شمائل النبوة ومكارمها (117)

أبلغ بهذا فاطمة لأنها لم تصب مثل هذا منذ أيام)، فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة، فلما أكلوا وشبعوا، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه، قال الله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] فهذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة)، فكبر ذلك على أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فقولوا باسم الله، فإذا شبعتم فقولوا الحمد لله الذي هو أشبعنا، وأنعم علينا وأفضل، فإن هذا كفاف لهذا) فأخذ عمر العذق فضرب بها الأرض حتى تناثر البسر، ثم قال: يا رسول الله وأنا لمسئولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: (نعم، إلا من ثلاث: كسرة يسد بها الرجل جوعته، أو ثوب يستر به عورته، أو حجر يدخل فيه من القرّ والحرّ) (1)

[الحديث: 438] عن عائشة أنها نصبت سترا فيه تصاوير، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنزعه، قالت: فقطعه وسادتين، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يترفق عليهما (2).

[الحديث: 439] عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى فاطمة، فوجد على بابها سترا، فلم يدخل، قال: وقلّ ما كان يدخل إلا بدأ بها، فجاء عليّ فرآها معتمة فقال: إن فاطمة اشتد عليها أنك جئتها فلم تدخل عليها، فقال: (ما أنا والدنيا)، أو (ما أنا الرّقم)، فذهب عليّ إلى فاطمة، فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: قل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تأمرني؟ قال: (قل لها فلترسل به إلى بني فلان)، ورواه من طريق آخر، فقيل للحسن، وما كان ذلك الستر؟ قال: قرام عربي ثمنه أربعة دراهم، كانت تنشره في مؤخر البيت (3).

[الحديث: 440] عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا

__________

(1) رواه مسلم والأربعة والبزّار، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم، سبل الهدى (7/ 103)

(2) رواه أبو بكر الشافعي، سبل الهدى (7/ 360)

(3) رواه ابن أبي شيبة، سبل الهدى (7/ 360)

شمائل النبوة ومكارمها (118)

هتكه (1).

[الحديث: 441] عن عائشة قالت لامرأة عليها خمرق فيها صليب: انزعي هذا من ثوبك فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رآه في ثوب قصه (2).

[الحديث: 442] عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سفر وقد سترت على بابي درنوكا، وفي لفظ نمطا فيه الخيل ذوات الأجنحة، فلما قدم ورأى النّمط عرفت الكراهة في وجهه فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: (إن الله لم يأمرنا أن نكسوا الحجارة والطين)، قالت: فقطعنا منها وسادتين، وحشوتهما ليفا، فلم يعب ذلك عليّ (3).

[الحديث: 443] عن حبة وسواء خالد ابني الخزاعي قال: أتينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وهو يعمل عملا أو يبني بناء، فأعناه فلما فرغ دعا بنا، وقال: (لا تيأسا من الخير ما تهززت رؤوسكم إنّ الإنسان ولدته أمه أحمر ليس عليه قشر، ثمّ يرزقه اللَّه عز وجل) (4)

[الحديث: 444] عن صفية بنت حيي قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم معتكفا فأتيت أزوره ليلا فحدّثته، ثم قمت فانقلبت، فقام معي يقبّلني، وكان مسكنها في دار أم أسامة بن زيد فمرّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أسرعا فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: (على رسلكما، إنها لصفية بنت حييّ)، فقالا: سبحان اللَّه! يا رسول اللَّه وكبر عليهما فقال: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم، وإنّي خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا أو شيئا) (5)

[الحديث: 445] عن أنس قال: بينما رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم مع امرأة من نسائه إذ مر به رجل

__________

(1) رواه البخاري 10/ 385 (5952)

(2) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 360)

(3) البخاري 10/ 386 (5954) ومسلم 3/ 1666 (2107)

(4) رواه أحمد، سبل الهدى (9/ 392)

(5) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (9/ 392)

شمائل النبوة ومكارمها (119)

فدعاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (يا فلان هذه زوجتي فلانة) قال: من كنت أظنّ به، فلم أظنّ بك قال: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم) (1)

[الحديث: 446] عن عائشة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} [الممتحنة: 10] فمن أقرت بهذا الشرط من المؤمنات، قال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: (قد بايعتك)، كلاما ولا واللَّه ما مست يده امرأة قطّ في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله قد بايعتك على ذلك) (2)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 447] قال الإمام علي: (ولقد كان في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كاف لك في الاسوة، ودليل لك على ذم الدنيا وعيبها، وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها، وفطم من رضاعها، وزوي عن زخارفها وكان يلبس ويطعم أخشن مما ألبس وأطعم.. فتأس بنبيك الاطهر الاطيب صلى الله عليه وآله وسلم، فإن فيه اسوة لمن تأسى، وعزاء لمن تعزى، وأحب العباد إلى الله تعالى المتأسي بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، والمقتص لاثره، قضم الدنيا قضما، ولم يعرها طرفا، أهضم أهل الدنيا كشحا، وأخمصهم من الدنيا بطنا، عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها، وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئا فأبغضه، وحقر شيئا فحقره، وصغر شيئا فصغره، ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله وتعظيمنا ما صغر الله لكفى به شقاقا لله، ومحادة عن أمر الله، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل على الارض، ويجلس جلسة العبد ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري، ويردف خلفه، ويكون الستر على باب بيته

__________

(1) رواه أحمد ومسلم والبخاري في الأدب وأبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (9/ 392)

(2) رواه البخاري، سبل الهدى (9/ 392)

شمائل النبوة ومكارمها (120)

فتكون فيه التصاوير فيقول: يا فلانة ـ لاحدى أزواجه ـ غيبيه عني، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها، فأعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها من نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه، لكيلا يتخذ منها رياشا، ولا يعتقدها قرارا، ولا يرجوا فيها مقاما، فأخرجها من النفس، وأشخصها عن القلب، وغيبها عن البصر، وكذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه، وأن يذكر عنده، ولقد كان في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يدلك على مساوي الدنيا وعيوبها، إذ جاع فيها مع خاصته، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته، فلينظر ناظر بعقله أكرم الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بذلك أم أهانه؟ فإن قال: أهانه فقد كذب والعظيم، وإن قال: أكرمه فليعلم أن الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له، وزواها عن أقرب الناس منه، فتأسى متأس بنبيه، واقتص أثره، وولج مولجه، وإلا فلا يأمن الهلكة، فإن الله جعل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم علما للساعة، ومبشرا بالجنة ومنذرا بالعقوبة، خرج من الدنيا خميصا، وورد الآخرة سليما، لم يضع حجرا على حجر حتى مضى لسبيله، وأجاب دعي ربه، فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم علينا به سلفا نتبعه، وقائدا نطأ عقبه (1).

[الحديث: 448] قال الإمام علي: كان فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عباءة، وكانت مرفقته ادم حشوها ليف، فثنيت ذات ليلة، فلما أصبح قال: لقد منعني الليلة الفراش الصلاة، فأمر عليه السلام أن يجعل بطاق واحد (2).

[الحديث: 449] قال الإمام علي: إن يهوديا كان له على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دنانير فتقاضاه فقال له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك فقال: فإني لا افارقك يا محمد حتى تقضيني، فقال: إذا أجلس معك، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء

__________

(1) نهج البلاغة 1: 311 ـ 315.

(2) مكارم الاخلاق: 39.

شمائل النبوة ومكارمها (121)

الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتهددونه ويتواعدونه، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا يا رسول الله يهودي يحبسك؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره، فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لانظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة، وليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب، ولا متزين بالفحش، ولا قول الخناء، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا مالي، فاحكم فيه بما أنزل الله، وكان اليهودي كثير المال) (1)

[الحديث: 450] قال الإمام علي: كان فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عباءة، وكانت مرفقته أدم حشوها ليف، فثنيت له ذات ليلة، فلما أصبح قال: لقد منعني الفراش الليلة الصلاة، فأمر صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل بطاق واحد) (2)

[الحديث: 451] قال الإمام علي: (ما شبع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من خبز بر ثلاثة أيام حتى مضى لسبيله) (3)

[الحديث: 452] قال الإمام علي: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكفرا لا يُشكر معروفه، ولقد كان معروفه على القرشي والعربي والعجمي، ومن كان أعظم معروفا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الخلق؟ وكذلك نحن أهل البيت مكفرون لا يُشكر معروفنا، وخيار المؤمنين مُكفرون لا يشكر معروفهم) (4)

__________

(1) الامالي: 279.

(2) الامالي: 279.

(3) عيون أخبار الرضا: 224.

(4) علل الشرائع: 187.

شمائل النبوة ومكارمها (122)

[الحديث: 453] قال الإمام علي: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حفر الخندق إذ جاءت فاطمة ومعها كسيرة من خبز فدفعتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما هذه الكسيرة؟ قالت: خبزته قرصا للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا فاطمة أما إنه أول طعام دخل جوف أبيك منذ ثلاث) (1)

[الحديث: 454] قال الإمام علي: (مرت امرأة بدوية برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يأكل وهو جالس على الحضيض، فقالت: يا محمد والله إنك لتأكل أكل العبد، وتجلس جلوسه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ويحك أي عبد أعبد مني؟ قالت: فناولني لقمة من طعامك، فناولها، فقالت: لا والله إلا التي في فمك، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اللقمة من فمه فناولها، فأكلتها، فما أصابها داء حتى فارقت الدنيا) (2)

[الحديث: 455] عن الإمام علي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقبل إلى الجعرانة (3) فقسم فيها الاموال، وجعل الناس يسألونه فيعطيهم حتى ألجؤوه إلى الشجرة، فأخذت برده وخدشت ظهره حتى جلوه عنها وهم يسألونه، فقال: أيها الناس ردوا علي بردي، والله لو كان عندي عدد شجر تهامة نعما لقسمته بينكم، ثم ما ألفيتموني جبانا ولا بخيلا، ثم خرج من الجعرانة في ذي القعدة، فما رأيت تلك الشجرة إلا خضراء كأنما يرش عليه الماء.

وفي رواية: حتى انتزعت الشجرة ردائه، وخدشت الشجرة ظهره (4).

[الحديث: 456] قال الإمام الباقر: جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سائل يسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل من أحد عنده سلف؟ فقام رجل من الانصار من بني الجبلى فقال: عندي يا رسول

__________

(1) صحيفة الرضا: 15.

(2) المحاسن: 457.

(3) هى ماء بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، قيل: هي من مكة على بريد من طريق العراق.

(4) بحار الأنوار (16/ 226)

شمائل النبوة ومكارمها (123)

الله، قال: فأعط هذا السائل أربعة أوساق تمر، قال: فأعطاه، قال: ثم جاء الانصاري بعد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتقاضاه فقال له: يكون إن شاء الله، ثم عاد إليه فقال: يكون إن شاء الله، ثم عاد إليه الثالثة فقال: يكون إنشاء الله، فقال: قد أكثرت يا رسول الله من قول: يكون إن شاء الله، فضحك رسول الله، وقال: هل من رجل عنده سلف؟ قال: فقام رجل فقال له: عندي يا رسول الله، قال: وكم عندك؟ قال: ما شئت، قال: فأعط هذا ثمانية أوسق من تمر، فقال الانصاري: إنما لي أربعة يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وأربعة أيضا (1).

[الحديث: 457] قال الإمام الباقر: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يورث دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة ولا شاة ولا بعيرا، ولقد قبض صلى الله عليه وآله وسلم وإن درعه مرهونة عند يهودي من يهود المدينة بعشرين صاعا من شعير استلفها نفقة لاهله) (2)

[الحديث: 458] قال الإمام الباقر: (إن المساكين كانوا يبيتون في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأفطر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع المساكين الذين في المسجد ذات ليلة عند المنبر في برمة فأكل منها ثلاثون رجلا، ثم ردت إلى أزواجه شبعهن) (3)

[الحديث: 459] قال الإمام الباقر: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل أكل العبد، ويجلس جلسة العبد، وكان يأكل على الحضيض، وينام على الحضيض) (4)

[الحديث: 460] عن محمد بن مسلم قال: دخلت على الإمام الباقر، فجعلت أنظر إليه، فدعاني إلى طعامه، فلما فرغ قال: يا محمد لعلك ترى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأته عين يأكل وهو متك منذ أن بعثه الله إلى أن قبضه؟ ثم رد على نفسه فقال: لا والله ما رأته عين يأكل

__________

(1) قرب الاسناد: 44.

(2) قرب الاسناد: 44.

(3) قرب الاسناد: 69.

(4) بحار الأنوار (16/ 225)

شمائل النبوة ومكارمها (124)

وهو متكئ منذ أن بعثه الله إلى أن قبضه، ثم قال: يا محمد لعلك ترى أنه شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية من أن بعثه الله إلى أن قبضه؟ ثم إنه رد على نفسه ثم قال: لا والله ما شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية منذ بعثه الله تعالى إلى أن قبضه، أما أني لا أقول: إنه كان لا يجد، لقد كان يجيز الرجل الواحد بالمائة من الابل، فلو أراد أن يأكل لاكل ولقد أتاه جبريل عليه السلام بمفاتيح خزائن الارض ثلاث مرات يخيره من غير أن ينقصه الله تبارك وتعالى مما أعد الله له يوم القيامة شيئا، فيختار التواضع لربه عز وجل، وما سئل شيئا قط فيقول: لا، إن كان أعطى، وإن لم يكن قال: يكون، وما أعطى على الله شيئا قط إلا سلم ذلك إليه، حتى أن كان ليعطي الرجل الجنة فيسلم الله ذلك له، ثم تناولني بيده، وقال: وإن كان صاحبكم ليجلس جلسة العبد، ويأكل أكلة العبد، ويطعم الناس خبز البر واللحم، ويرجع إلى أهله فيأكل الخبز والزيت، وإن كان ليشتري القميصين السنبلانيين، ثم يخير غلامه خيرهما، ثم يلبس الباقي، فإذا جاز أصابعه قطعه، وإذا جاز كعبه حذفه، وما ورد عليه أمران قط كلاهما لله رضا إلا أخذ بأشدهما على بدنه، ولقد ولى الناس خمس سنين فما وضع آجرة على آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا أقطع قطيعة (1)، ولا أورث بيضاء ولا حمراء إلا سبع مائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع لاهله بها خادما، وما أطاق أحد عمله، لقد كان علي بن الحسين لينظر في الكتاب من كتب علي فيضرب به الارض ويقول: من يطيق هذا؟) (2)

[الحديث: 461] عن الإمام الباقر أن ملكا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن الله تعالى يخيرك أن تكون عبدا رسولا متواضعا، أو ملكا رسولا، قال: فنظر إلى جبريل وأومأ بيده أن تواضع، فقال: عبدا متواضعا رسولا، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: مع أنه لا ينقصك مما عند ربك

__________

(1) أى لم يجعل غلة بلد رزقا لشخص، أو لم يفرز بلدا له من غير حق.

(2) روضة الكافي: 129 ـ 131، المجالس للطوسي: 68.

شمائل النبوة ومكارمها (125)

شيئا، قال: ومعه مفاتيح خزائن الارض (1).

[الحديث: 462] عن الإمام الباقر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جاءني ملك فقال: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن شئت جعلت لك بطحاء مكة رضراض (2) ذهب، قال: فرفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأسه إلى السماء فقال: يا رب أشبع يوما فأحمدك، وأجوع يوما فأسألك (3).

[الحديث: 463] قال الإمام الصادق: بلي ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان له اثنا عشر درهما، فقال: يا علي خذ هذه الدراهم فاشتر لي ثوبا ألبسه، قال علي: فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصا باثنى عشر درهما، وجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنظر إليه فقال: يا علي غير هذا أحب إلي، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: انظر، فجئت إلى صاحبه فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد كره هذا يريد ثوبا دونه فأقلنا فيه، فرد علي الدراهم، وجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمشى معي إلى السوق ليبتاع قميصا، فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما شأنك؟ قالت: يا رسول الله إن أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لاشتري لهم بها حاجة فضاعت فلا أجسر أن أرجع إليهم، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعة دراهم، وقال: ارجعي إلى أهلك، ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم، ولبسه وحمد الله، وخرج فرأى رجلا عريانا يقول: من كساني كساه الله من ثياب الجنة، فخلع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قميصه الذي اشتراه وكساه السائل، ثم رجع إلى السوق فاشترى بالاربعة التي بقيت قميصا آخر، فلبسه وحمد الله ورجع إلى منزله، وإذا الجارية قاعدة على الطريق، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما لك لا تأتين أهلك؟ قالت: يا رسول الله إني

__________

(1) اصول الكافي 2: 122.

(2) الرضراض: ما صغر ودق من الحصى.

(3) بحار الأنوار (16/ 283)، والنوادر.

شمائل النبوة ومكارمها (126)

قد أبطأت عليهم وأخاف أن يضربوني، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مري بين يدي ودليني على أهلك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى وقف على باب دارهم، ثم قال: السلام عليكم يا أهل الدار، فلم يجيبوه، فأعاد السلام فلم يجيبوه، فأعاد السلام فقالوا: عليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال لهم: ما لكم تركتم إجابتي في أول السلام والثاني؟ قالوا: يا رسول الله سمعنا سلامك فأحببنا أن تستكثر منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها، فقالوا: يا رسول الله هي حرة لممشاك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحمد لله، ما رأيت اثنى عشر درهما أعظم بركة من هذه، كسى الله بها عريانين، وأعتق بها نسمة (1).

[الحديث: 464] سئل الإمام الصادق: حديث يروى عن أبيك أنه قال: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خبز بر قط، أهو صحيح؟ فقال: لا، ما أكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبز بر قط، ولا شبع من خبز شعير قط (2).

[الحديث: 465] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيت ام سلمة في ليلتها، ففقدته من الفراش، فدخلها في ذلك ما يدخل النساء، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت إليه وهو في جانب من البيت قائم رافع يديه يبكي، وهو يقول: (اللهم لا تنزع مني صالح ما أعطيتني أبدا، اللهم لا تشمت بي عدوا ولا حاسدا أبدا، اللهم ولا تردني في سوء استنقذتني منه أبدا، اللهم ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين أبدا) قال: فانصرفت ام سلمة تبكي حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبكائها فقال لها: ما يبكيك يا ام سلمة؟ فقالت: بأبي أنت وامي يا رسول الله ولم لا أبكي وأنت بالمكان الذي أنت به من الله،

__________

(1) الخصال 2: 86 و87، الامالي: 144.

(2) الامالى: 192.

شمائل النبوة ومكارمها (127)

قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، تسأله أن لا يشمت بك عدوا أبدا، وأن لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا، وأن لا ينزع منك صالحا أعطاك أبدا، وأن لا يكلك إلى نفسك طرفة عين أبدا؟ فقال: يا ام سلمة وما يؤمنني؟ وإنما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين وكان منه ما كان (1).

[الحديث: 466] عن الإمام الصادق قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل أكل العبد، ويجلس جلوس العبد (2)، ويعلم أنه عبد) (3)

[الحديث: 467] قال الإمام الصادق: (إن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخيره، وأشار عليه بالتواضع، وكان له ناصحا، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل أكلة العبد، ويجلس جلسة العبد تواضعا لله تبارك وتعالى، ثم أتاه عند الموت بمفاتيح خزائن الدنيا فقال: هذه مفاتيح خزائن الدنيا بعث بها إليك ربك ليكون لك ما أقلت الارض، من غير أن ينقصك شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: في الرفيق الاعلى (4)) (5).

[الحديث: 468] عن الإمام الصادق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عرضت علي بطحاء مكة ذهبا، فقلت: يا رب لا، ولكن أشبع يوما، وأجوع يوما، فإذا شبعت حمدتك وشكرتك، وإذا جعت دعوتك وذكرتك (6).

[الحديث: 469] عن الإمام الصادق قال: (ما كان شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من

__________

(1) تفسير القمي: 432.

(2) أكل العبد: الاكل على الارض، وجلوس العبد: الجلوس على الركبتين.

(3) المحاسن: 456.

(4) قال الجزري: في حديث الدعاء: وألحقني بالرفيق الاعلى، الرفيق جماعة الانبياء يسكنون أعلى عليين، بحار الأنوار (16/ 278)

(5) روضة الكافي: 131.

(6) روضة الكافي: 131، أمالي الطوسي: 73 و74.

شمائل النبوة ومكارمها (128)

أن يظل خائفا جائعا في الله عز وجل) (1)

[الحديث: 470] عن الإمام الصادق قال: (إياك أن تطمح نفسك إلى من فوقك وكفى بما قال الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم، وقال الله عز وجل لرسوله: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا، فإن خفت شيئا من ذلك فاذكر عيش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنما كان قوته الشعير وحلواه التمر، ووقوده السعف إذا وجده (2).

[الحديث: 471] عن الإمام الصادق قال: أفطر رسول الله عشية خميس في مسجد قبا، فقال: هل من شراب؟ فأتاه أوس بن خولى الانصاري بعس مخيض (3) بعسل، فلما وضعه على فيه نحاه، ثم قال: شرابان يكتفى بأحدهما من صاحبه، لا أشربه ولا احرمه: ولكن أتواضع لله، فإن من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر خفضه الله، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الموت أحبه الله (4).

[الحديث: 472] عن الإمام الصادق قال: ما أعجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيء من الدنيا إلا أن يكون فيها جائعا خائفا (5).

[الحديث: 473] عن الإمام الصادق قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو محزون، فأتاه ملك ومعه مفاتيح خزائن الارض فقال: يا محمد هذه مفاتيح خزائن الدنيا، يقول لك ربك افتح وخذ منها ما شئت من غير أن ينقص شيئا عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدنيا دار من لا دار

__________

(1) روضة الكافي: 129.

(2) روضة الكافي: 168، الاصول 2: 137.

(3) العس: بضم وتشديد السين: القدح أو الاناء الكبير. والمخيض. ما مخض من اللبن واخذ زبده.

(4) اصول الكافي 2: 122.

(5) اصول الكافي 2: 129.

شمائل النبوة ومكارمها (129)

له، ولها يجمع من لا عقل له، فقال الملك: والذى بعثك بالحق لقد سمعت هذا الكلام من ملك يقوله في السماء الرابعة حين اعطيت المفاتيح (1).

[الحديث: 474] عن الإمام الصادق قال: إن رجلا من الانصار أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاعا من رطب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للخادم التي جاء به: ادخلي فانظري هل تجدين في البيت قصعة أو طبقا فتأتيني به؟ فدخلت ثم خرجت إليه فقالت: ما أصبت قصعة ولا طبقا، فكنس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بثوبه مكانا من الارض، ثم قال لها: ضعيه هاهنا على الحضيض، ثم قال: والذي نفسي بيده لو كانت الدنيا تعدل عند الله مثقال جناح بعوضة ما أعطى كافرا ولا منافقا منها شيئا (2).

[الحديث: 475] عن الإمام الصادق قال: (إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قوته الشعير من غير أدم) (3)

[الحديث: 476] عن الإمام الصادق قال: دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل وهو على حصير قد أثر في جسمه، ووسادة ليف قد أثرت في خده، فجعل يمسح ويقول: ما رضي بهذا كسرى ولا قيصر، إنهم ينامون على الحرير والديباج، أنت على هذا الحصير؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لانا خير منهما والله، لانا أكرم منهما والله، ما أنا والدنيا، إنما مثل الدنيا كمثل راكب مر على شجرة ولها فئ فاستظل تحتها، فلما أن مال الظل عنها ارتحل فذهب وتركها (4).

__________

(1) اصول الكافي 2: 129.

(2) بحار الأنوار (16/ 284)

(3) بحار الأنوار (16/ 281)، والنوادر.

(4) بحار الأنوار (16/ 283)، والنوادر.

شمائل النبوة ومكارمها (130)

[الحديث: 477] عن الإمام الصادق قال: مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليه دين (1).

[الحديث: 478] عن ابن عباس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلس على الارض، ويأكل على الارض، ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير) (2)

[الحديث: 479] عن بكر بن عبد الله أن عمر دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو موقوذ (3) ـ أو قال: محموم ـ فقال له عمر: يا رسول الله ما أشد وعكك أو حماك؟ فقال: ما منعني ذلك أن قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن السبع الطول، فقال عمر: يا رسول الله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر وأنت تجتهد هذا الاجتهاد؟ فقال: يا عمر أفلا أكون عبدا شكورا؟) (4)

[الحديث: 480] عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمر الظهران يرعى الغنم، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: عليكم بالاسود منه فإنه أطيبه، قالوا: ترعى الغنم؟ قال: نعم وهل نبي إلا رعاها؟) (5)

[الحديث: 481] قال عمار: كنت أرعى غنيمة أهلي، وكان محمد صلى الله عليه وآله وسلم يرعى أيضا، فقلت: يا محمد هل لك في فخ فإني تركتها روضة برق (6)؟ قال: نعم، فجئتها من الغد وقد سبقني محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو قائم يذود غنمه عن الروضة قال: إني كنت واعدتك فكرهت أن

__________

(1) فروع الكافي 1: 253.

(2) مجالس ابن الشيخ: 250.

(3) الموقوذ: الشديد المرض المشرف.

(4) مجالس ابن الشيخ: 257.

(5) بحار الأنوار (16/ 224)، وقصص الأنبياء.

(6) قال الفيروزآبادي: البرق محركة: الحمل معرب برة، وقال: الابرق غلظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة، والبرقة بالضم: غلظ، الابرق وبرق: ديار العرب تنيف على مائة منها: برقة الاثمار، والاوجال، والاجداد، وعدها إلى أن قال: والنجد، ويثرب، واليمامة، هذه برق العرب.

شمائل النبوة ومكارمها (131)

أرعى قبلك) (1)

[الحديث: 482] روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان له فراش من ادم حشوه ليف، وكانت له عباءة تفرش له حيثما انتقل، وتثني ثنتين، وكان كثيرا ما يتوسد وسادة له من ادم حشوها ليف، ويجلس عليها، وكانت له قطيفة فدكية يلبسها يتخشع بها، وكانت له قطيفة مصرية قصيرة الخمل، وكان له بساط من شعر يجلس عليه، وربما صلى عليه (2).

[الحديث: 483] روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان ينام على الحصير ليس تحته شيء غيره، وكان يستاك إذا أراد أن ينام ويأخذ مضجعه، وكان إذا آوى إلى فراشه اضطجع على شقه الايمن، ووضع يده اليمنى تحت خده الايمن ثم يقول: اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك (3).

2. ما ورد حول الشعائر التعبدية وكثرة ذكره وعبادته لله تعالى

وهي أحاديث كثيرة سنذكرها في الأجزاء المخصصة لذلك، ونقتصر منها هنا على بعض الأحاديث التي قسمناها بحسب مصادرها إلى قسمين، بناء على اختلاف بعض المدارس الإسلامية في بعض تفاصيل الفروع.

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

وهي كثيرة جدا، وقد ذكرنا هنا نماذج عنها من غير وضع عناوين محددة لها، لتعطي صورة عامة عن اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العبادة، وأما تفاصيلها؛ فسنذكرها في محالها المناسبة:

[الحديث: 484] عن عبد الله بن مسعود وغيره: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صام وصلى حتى تورمت قدماه وساقاه، فقيل له: يا رسول الله ما هذا الاجتهاد؟ أتفعل هذا بنفسك،

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 224)، وقصص الأنبياء.

(2) مكارم الاخلاق: 39 و40.

(3) مكارم الاخلاق: 40.

شمائل النبوة ومكارمها (132)

وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟) فقال: (أفلا أكون عبدا شكورا) (1)

[الحديث: 485] عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (قال لي جبريل قد حبّب إليك الصلاة فخذ منها ما شئت) (2)

[الحديث: 486] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدع قيام الليل، وكان إذا مرض صلى قاعدا) (3)

[الحديث: 487] عن أم قيس بنت محصن (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أسن اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه) (4)

[الحديث: 488] عن أبي هريرة قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي حتى تزلع قدماه) (5)

[الحديث: 489] عن أنس قال: (وجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا فلما أصبح قيل: يا رسول الله إنّ أثر الوجع عليك لبيّن، قال: (إنّي على ما ترون قد قرأت البارحة، السبع الطوال) (6)

[الحديث: 490] عن شعبة قال: (تعبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاعتزل النساء حتى صار كالشّن البالي) (7)

[الحديث: 491] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى صلاة أحبّ أن يداوم عليها وكان إذا غلبه نوم، أو وجع عن قيام اللّيل صلّى من النهار اثنتي عشرة ركعة، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قرأ القرآن كله في ليله ولا صلّى ليلة إلى الصبح ولا صام شهرا كاملا

__________

(1) رواه أحمد، والبخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، سبل الهدى (8/ 273)

(2) أحمد 1/ 296، 425.

(3) المسند 6/ 249.

(4) أبو داود 1/ 249 (948)

(5) النسائي 3/ 178.

(6) أبو يعلى 6/ 164 (689/ 3444)

(7) ابن عدي في الكامل 5/ 1971.

شمائل النبوة ومكارمها (133)

إلا رمضان) (1)

[الحديث: 492] عن أم سلمة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ثم ينام قدر ما صلّى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلى حتى يصبح) (2)

[الحديث: 493] عن جابر بن عبد الله (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: قالت أم سليمان بن داود لسليمان: يا بني لا تكثر النوم بالليل، فإن كثرة النوم تترك الرجل فقيرا يوم القيامة) (3)

[الحديث: 494] عن أم سلمة: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استيقظ ليلة فزعا وهو يقول: (سبحان الله.. لا إله إلا الله.. ما أنزل الله من الفتن ماذا أنزل من الخزائن.. من يوقظ صواحب الحجرات.. فيصلين رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) (4)

[الحديث: 495] عن جابر قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتسوك من الليل مرتين، أو ثلاثا، كلما رقد فاستيقظ استاك وتوضأ، وصلى ركعتين أو ركعة (5).

[الحديث: 496] عن حذيفة: قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه) (6)

[الحديث: 497] عن عائشة أن سعد بن هشام سألها عن وتر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله تعالى ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ (7).

__________

(1) مسلم 1/ 515 (141/ 746)

(2) أبو داود 2/ 74 (1466) والترمذي 5/ 167 (2923) والنسائي 3/ 174.

(3) ابن ماجة (354) 1/ 422 (1332)

(4) البخاري 13/ 20 (7069) والحاكم 2/ 25 والطبراني في الكبير 19/ 248 وأحمد 6/ 297 والترمذي 4/ 422 (2196)

(5) البزار كما في الكشف 1/ 349 (728)

(6) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (8/ 276)

(7) رواه مسلم، سبل الهدى (8/ 276)

شمائل النبوة ومكارمها (134)

[الحديث: 498] عن الحجاج بن عمرو المازني قال: (أيحسب أحدكم إذا قام من الليل يصلي حتى يصبح أنه قد تهجد، إنما التهجد المرء يصلي بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة وتلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) وفي رواية (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتهجد بعد نومه وكان يستن قبل أن يتهجد) (1)

[الحديث: 499] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليوقظه الله عز وجل من الليل فما يجيء السّحر حتى يفرغ من حزبه) (2)

[الحديث: 500] عن مسروق قال: سألت عائشة أي العمل كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟.. قالت: (الدائم) قلت: فأيّ حين كان يقوم من الليل؟ قالت: (كان يقوم إذا سمع الصارخ (3)) (4)

[الحديث: 501] عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العشاء ثم جاء فصلى أربع ركعات، ثم نام ثم قام فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين ثم نام، ثم خرج إلى الصلاة (5).

[الحديث: 502] عن عائشة قالت لما سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جوف الليل: ما صلى العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله، إلا صلى أربع ركعات أو ست، ولقد مطرنا مرة بالليل فطرحنا نطعا فكأني أنظر إلى ثقب فيه ينبع منه الماء وما رأيته متفيئا الأرض

__________

(1) رواه الطبراني، سبل الهدى (8/ 276)

(2) أبو داود 2/ 35 (1316)

(3) الصارخ: الديك.

(4) البخاري 3/ 21 (1132) ومسلم 1/ 511 (131/ 741) وأحمد 6/ 279 وأبو داود 2/ 35 (1317) والنسائي 3/ 169.

(5) البخاري 11/ 119 (6316) ومسلم 1/ 525 (181/ 763)

شمائل النبوة ومكارمها (135)

بشيء من ثيابه قط) (1)

[الحديث: 503] عن الأسود قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل قالت: كان ينام أوله ويقوم آخره فيصلي ثم يرجع إلى فراشه، فإذا أذّن المؤذن وثب) (2)

[الحديث: 504] عن يعلى بن مملك أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصلاته فقالت: (ما لكم ولصلاته وقراءته، كان يصلي العتمة ثم يسبّح، ثم يصلي بعدها ما شاء الله من الليل ثم يرقد) وفي لفظ (كان يصلي ثم ينام قدر ما صلّى ثم يصبح ثم نعتت قراءته، فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا) (3)

[الحديث: 505] عن أم هانئ قالت: (كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالليل وأنا على عريشي) (4)

[الحديث: 506] عن أبي هريرة قال: كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل يرفع له طورا ويخفض طورا (5).

[الحديث: 507] عن عوف بن مالك قال: (قمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما ركع قدر سورة البقرة يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) (6)

[الحديث: 508] عن حذيفة، قال: قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة وهو يصلي في المسجد، فقمت أصلي وراءه يخيل إلى أنه لا يعلم، فاستفتح بسورة البقرة، فقلت: إذا جاء مائة آية ركع

__________

(1) أبو داود 2/ 31 (1303)

(2) أحمد في المسند 6/ 214 والبخاري (3/ 39) حديث (1146) ومسلم (1/ 510) حديث (129/ 739) والنسائي 3/ 189 وابن ماجة 1/ 434 (1365)

(3) أحمد في المسند 6/ 294 وأبو داود 2/ 73 - 74 (1466) والترمذي 5/ 167 (2923) والنسائي 2/ 141.

(4) ابن ماجة 1/ 429 (1349)

(5) أبو داود 2/ 37 (1328)

(6) النسائي 2/ 150.

شمائل النبوة ومكارمها (136)

فجاءها فلم يركع، فقلت: إذا جاء مائتي آية ركع فجاءها فلم يركع، فقلت: إذا ختمها ركع فختمها فلم يركع فلما ختم، قال: (اللهم لك الحمد)، ثم استفتح آل عمران فقلت: إذا ختمها ركع فختمها ولم يركع وقال: (اللهم لك الحمد)، ثم استفتح النساء، فقلت: إذا ختمها ركع، فختمها فلم يركع وقال: (اللهم لك الحمد) ثلاثا ثم استفتح بسورة المائدة) فقلت: إذا ختمها ركع، فختمها فركع فسمعته يقول: (سبحان ربي العظيم)، ويرجع شفتيه فأعلم أنه يقول: غير ذلك فلا أفهم غيره ثم استفتح بسورة الأنعام، فتركته وذهبت) (1)

[الحديث: 509] عن حذيفة، قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة لأصلي بصلاته، فاستفتح الصلاة فقرأ قراءة ليست بالرفيعة ولا الخفيفة، قراءة حسنة يرتل فيها يسمعنا، قال: ثم ركع نحوا من سورة قال ثم رفع رأسه فقال: (سمع الله لمن حمده ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)، ثم قام نحوا من سورة، وسجد نحوا من ذلك حتى فرغ من الطول وعليه سواد من الليل) (2)

[الحديث: 510] عن علي قال: ألا يقوم أحدكم فيصلّي أربع ركعات قبل العصر ويقول فيهنّ ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (تمّ نورك فهديت فلك الحمد، عظم حلمك فعفوت فلك الحمد، بسطت يدك فأعطيت فلك الحمد، ربّنا وجهك أكرم الوجوه وجاهك أعظم الجاه، وعطيّتك أفضل العطيّة وأهنؤها، تطاع ربا فتشكر، وتعصى ربّنا فتغفر وتجيب المضطرّ، وتكشف الضّرّ وتشفي السّقيم، وتغفر الذّنب وتقبّل التّوبة، ولا يجري بآلائك أحد، ولا يبلغ مدحتك قول قائل) (3)

[الحديث: 511] عن مسلم بن مخراق قال: قلت لعائشة: إن عندنا قوما يقرؤون

__________

(1) رواه عبد الرزاق، سبل الهدى (8/ 278)

(2) رواه ابن أبي شيبة، سبل الهدى (8/ 278)

(3) أبو يعلى 1/ 344 (180/ 440)

شمائل النبوة ومكارمها (137)

القرآن مرة وثلاثة في ليلة فقالت: أولئك قرؤوا ولم يقرؤوا لقد رأيتني وأنا أقوم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الليل التمام يقرأ بسورة البقرة، وآل عمران والنساء لا يمر بآية رجاء إلا سأل ربه ودعا، ولا يمر بآية تخويف إلا دعا ربه واستعاذ) (1)

[الحديث: 512] عن حذيفة قال: (لقد لقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد العتمة، فقلت: يا رسول الله ائذن لي أن أتعبد بعبادتك، فأتى المسجد فاستقبل القبلة، وأقامني عن يمينه، ثم قرأ الفاتحة، ثم استفتح سورة البقرة، ولا يمر بآية رحمة إلا سأل الله، ولا آية تخويف إلا استعاذ، ولا مثل إلا فكر حتى ختمها ثم كبر، فرفع، فسمعته يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) ويرد فيه شفتيه حتى أظن أنه يقول: (وبحمده)، فمكث في ركوعه قريبا من قيامه، ثم رفع رأسه ثم كبر فسجد فسمعته يقول في سجوده: (سبحان ربي الأعلى)، ويرد شفتيه، فأظن أنه يقول: (وبحمده)، فمكث في سجوده قريبا من قيامه، ثم نهض حين فرغ من سجدته فقرأ فاتحة الكتاب، ثم استفتح (آل عمران) لا يمر بآية رحمة إلا سأل ولا مثل إلا فكّر، حتى ختمها، ثم فعل في الركوع والسجود كفعل الأول، ثم سمعت النداء بالفجر، قال حذيفة فما تعبدت عبادة كانت عليّ أشد منها) (2)

[الحديث: 513] عن حذيفة أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الليل فلما دخل في الصلاة قال: (الله أكبر، سبحان ذي الملك والجبروت والكبرياء والعظمة)، ثم قرأ (البقرة) قراءة ليست بالخفيضة ولا بالرفيعة، حسنة يرتل فيها ليسمعنا، ثم يركع، فكان ركوعه نحوا من قيامه، وكان يقول: (سبحان ربي العظيم) ثم يرفع رأسه فكان قيامه نحوا من ركوعه وهو يقول: (سمع الله لمن حمده)، ثم قال: (الحمد لله ذي الملكوت والجبروت والكبرياء

__________

(1) رواه ابن منيع، وأبو يعلى، سبل الهدى (8/ 279)

(2) رواه الحارث بن أسامة، سبل الهدى (8/ 279)

شمائل النبوة ومكارمها (138)

والعظمة)، فكان سجوده نحوا من قيامه، وكان يقول (سبحان ربي الأعلى) ثم رفع رأسه، وكان بين السجدتين نحوا من السجود وكان يقول: (رب اغفر لي، رب اغفر لي) حتى قرأ (البقرة) و(آل عمران) و(الأنعام)، و(النساء) و(المائدة) و(الأنعام) (1)

[الحديث: 514] عن أنس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل، استنجى وتوضأ واستاك، ثم بعث يطلب الطيب في رباع نسائه) (2)

[الحديث: 515] عن ابن عمر: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك) (3)

[الحديث: 516] عن حذيفة أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة من رمضان، فسمعته يقول حين كبر (الله أكبر ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة) (4)، وفي رواية: أنه انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قام إلى صلاته من الليل فلما دخل في الصلاة قال: (الله أكبر ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة)

[الحديث: 517] عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة في جوف الليل قال: (اللهم لك الحمد أنت قيّم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد، أنت ملك السماوات والأرض، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم حق، والساعة حق. اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت

__________

(1) رواه ابن مالك، وأبو الحسن بن الضحاك، وأبو نعيم، سبل الهدى (8/ 279)

(2) البزار كما في الكشف 1/ 341 (710)

(3) أحمد في المسند 2/ 117.

(4) أحمد 5/ 398 وأبو داود 1/ 544 (874) والترمذي في الشمائل (145) (270) والنسائي 2/ 199.

شمائل النبوة ومكارمها (139)

فاغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، أو لا إله غيرك ولا حول ولا قوة إلا بالله) (1)

[الحديث: 518] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا استيقظ من الليل قال: (لا إله إلا أنت سبحانك، اللهم إني أستغفرك من ذنوبي، وأسألك رحمتك، اللهم زدني علما، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) (2)

[الحديث: 519] عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: (سألت عائشة بأي شيء كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفتتح صلاة الليل إذا قام من الليل؟ قالت: إذا قام من الليل افتتح صلاته فقال: (اللهم ربّ جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك أنت تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) (3)

[الحديث: 520] عن ربيعة الجرشي رحمه الله تعالى قال: (سألت عائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا قام من الليل؟ وبم كان يستفتح؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا هبّ من الليل كبر عشرا، وحمد عشرا، وهلل عشرا، واستغفر عشرا ويقول: (اللهم اغفر لي، واهدني، وارزقني) عشرا ويقول: (اللهم إني أعوذ بك من الضيق يوم الحساب) عشرا، وفي رواية: (ضيق الدنيا وضيق القيامة) عشرا، ثم يستفتح صلاة الليل (4).

[الحديث: 521] عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل واستفتح صلاته كبر، ثم يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك،

__________

(1) أحمد 1/ 308 والبخاري 3/ 5 (1120) (6317، 7385، 7442، 7499) ومسلم 1/ 532 (199/ 769)

(2) أبو داود 4/ 314 (5061) والنسائي 7/ 325.

(3) مسلم (1/ 534) حديث (200/ 770) وأبو داود 1/ 204 (767) والترمذي 5/ 451 (3420)

(4) أحمد في المسند 6/ 143.

شمائل النبوة ومكارمها (140)

ولا إله غيرك)، ثم يقول: (لا إله إلا الله) ثلاثا، ثم يقرأ بعد ولا إله غيرك ثم يقول: (الله أكبر كبيرا) ثم يقول: (أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه)، ثم يقرأ) (1)

[الحديث: 522] عن أبي أمامة قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل في الصلاة من الليل كبر ثلاثا، وسبح ثلاثا، وهلل ثلاثا، ثم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه وشركه) (2)

[الحديث: 523] عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: (كنت أبيت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعطيه وضوءه فأسمعه يقول إذا قام من الليل: (سبحان الله رب العالمين. الهويّ)، ثم يقول: (سبحان الله وبحمده. الهويّ)، قال ابن المبارك: يعني بالهوي: الطويل) (3)

[الحديث: 524] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قام من الليل يصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين) (4)

[الحديث: 525] عن محمد بن مسلمة: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قام يصلي تطوعا، قال: (وجّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) (5)

[الحديث: 526] عن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفتتح به قيام الليل، قالت: (كان يكبر عشرا، ويحمد عشرا، ويسبح عشرا، ويقول: (اللهم اغفر

__________

(1) أبو داود 1/ 206 (775) والترمذي 2/ 9 (242) والنسائي 2 (102 وابن ماجة 1/ 264 (804)

(2) أحمد في المسند 5/ 253.

(3) أحمد في المسند 4/ 57 أبو داود 2/ 35 (1320) والترمذي 5/ 448 (3416) والنسائي 3/ 170 وابن ماجة 2/ 1276 (3879)

(4) أحمد 6/ 30.

(5) رواه ابن قانع، سبل الهدى (8/ 282)

شمائل النبوة ومكارمها (141)

لي، واهدني، وارزقني، وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة) (1)

[الحديث: 527] عن ابن مسعود قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأطال القيام حتى هممت به قال: أن أجلس وأدعه) (2)

[الحديث: 528] عن أبي واقد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخف الناس صلاة على الناس وأدومه على نفسه) (3)

[الحديث: 529] عن حذيفة قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة فاستفتح يقول: (الله أكبر ثلاثا، الحمد لله ذي الملكوت والجبروت والعظمة)، ثم استفتح فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات، وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال: (سمع الله لمن حمده) وكان قيامه مثل ركوعه، وكان يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم)، وكان يقعد بين السجدتين نحوا من سجوده، وكان يقول: (رب اغفر لي) (4)

[الحديث: 530] عن حذيفة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا مرّ بآية رحمة سأل، وإذا مرّ بآية عذاب استجار، وإذا مرّ بآية فيها تنزيه الله تعالى سبح (5).

[الحديث: 531] عن ابن مسعود، أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رمضان فركع فقال في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) مثل ما كان قائما، ثم جلس يقول: (رب اغفر لي رب اغفر لي) مثل ما كان قائما ثم سجد فقال: (سبحان ربي الأعلى) مثل ما كان قائما، فما صلى إلا أربع ركعات حتى جاء بلال إلى الغداة) (6)

__________

(1) أحمد 6/ 143 وأبو داود 1/ 203 (766) والنسائي 3/ 170 وابن ماجة 1/ 431 (1356)

(2) أحمد في المسند 1/ 385.

(3) رواه أبو بكر بن أبي خيثمة، سبل الهدى (8/ 283)

(4) أحمد 5/ 401 وأبو داود 1/ 231 (874)

(5) ابن ماجة 1/ 429 (1351)

(6) النسائي 3/ 185.

شمائل النبوة ومكارمها (142)

[الحديث: 532] عن عوف بن مالك قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة فقام فصلى فقرأ سورة (البقرة) لا يمرّ بآية رحمة إلا وقف وسأل ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ، ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)، ثم سجد بقدر قيامه ثم قال في سجوده مثل ذلك ثم قام فقرأ بآل عمران ثم قرأ سورة سورة) (1)

[الحديث: 533] عن عائشة قالت: (كنت أقوم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة التمام وكان يقرأ (بالبقرة) و(آل عمران) و(النساء) فلا يمرّ بآية فيها تخويف إلّا دعا واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله تعالى ورغب إليه) (2)

[الحديث: 534] عن رجل من بني غفار صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة فلما وصلنا نزلنا منزلا فقلت: لأرقبن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أرى فعله، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هويا من الليل، واضطجعت قريبا منه ثم سمعته بعدها تنفّس تنفّس النائم ثم استيقظ، ثم نظر إلى أفق السماء ثم قرأ هذه الآيات {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 190 - 194]، ثم أهوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى

__________

(1) أبو داود 1/ 230 (873) والنسائي 2/ 177.

(2) أحمد 6/ 92.

شمائل النبوة ومكارمها (143)

فراشه فاستل منه سواكا) وفي رواية (ثم أخذ سواكا من تحت فراشه فاستن به، ثم قام، فاستكب ماء من قربة في قدح له، ثم توضأ فأسبغ وضوءه، ثم قام فصلى أربع ركعات، لا أدري ركوعهن أطول أم قيامهن أم سجودهن) وفي رواية أخرى حتى قلت: قد صلّى قدر ما نام، ثم انصرف فنام، ثم استيقظ فقرأ بالآيات التي كان قرأ بها، ثم استنّ فتوضأ وصلّى أربع ركعات، ثم غلب علينا النعاس حتى السحر) (1)

[الحديث: 535] عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أن رجلا قال: لأرمقّنّ صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (فصلى العشاء، ثم اضطجع غير كثير ثم قام ففرغ من حاجته، ثم أتى مؤخرة الرحل فأخذ منها السواك فاستن وتوضأ، فوالذي نفسي بيده ما ركع حتى ما أدري ما مضى من الليل أكثر أم ما بقي وحتى أدركني النوم، أمثال الجبال) (2)

[الحديث: 536] عن عائشة: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قسم سورة البقرة في ركعتين) (3)

[الحديث: 537] عن أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (كان يستاك من الليل مرتين أو ثلاثا، وإذا قام من الليل صلى أربع ركعات، لا يتكلم بشيء ولا يأمر بشيء ويسلم من كل ركعتين) (4)

[الحديث: 538] عن مسروق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل، قالت: (سبع) (5)

[الحديث: 539] عن أنس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحيى الليل بثمان ركعات،

__________

(1) النسائي 3/ 173.

(2) رواه الترمذي، سبل الهدى (8/ 284)

(3) رواه أبو يعلى، سبل الهدى (8/ 285)

(4) أحمد في المسند 5/ 417.

(5) البخاري 3/ 25.

شمائل النبوة ومكارمها (144)

ركوعهن كقراءتهن، وسجودهن كقراءتهن ويسلم بين كل ركعتين) (1)

[الحديث: 540] عن علي قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل التطوع ثمان ركعات، والنهار ثنتي عشرة ركعة) (2)

[الحديث: 541] عن زرارة بن أوفى أن عائشة سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جوف الليل، فقالت: (كان يصلي العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله. فيركع أربع ركعات، فيأوي إلى فراشه وينام، وطهوره مغطّى عند رأسه، وسواكه موضوع حتى يبعثه الله تعالى ساعته التي يبعثه من الليل، فيتسوّك ويسبغ الوضوء ثم يقوم إلى مصلاه، فيصلي ثمان ركعات، يقرأ فيهن بأم الكتاب، سورة من القرآن، وما شاء الله ولا يقعد في شيء منها حتى يقعد في الثامنة، ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة ثم يقعد، فيدعو بما شاء الله أن يدعو ويسأله ويرغب إليه، ويسلم تسليمة واحدة شديدة يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب، ويركع وهو قاعد ثم يقرأ الثانية، ويسجد وهو قاعد ثم يدعو بما شاء الله أن يدعو، ثم يسلم، ثم ينصرف فلم تزل تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدّن فنقص من التسع ثنتين فجعلها إلى الست والسبع وركعتيه وهو قاعد حتى قبض على ذلك صلى الله عليه وآله وسلم (3).

[الحديث: 542] عن ابن عباس أنه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتسوك وتوضأ، وهو يقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ فقرأهن حتى ختم السورة، ثم صلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات،

__________

(1) رواه الطبراني، سبل الهدى (8/ 286)

(2) أبو يعلى 1/ 383 (235/ 495)

(3) رواه أبو داود، سبل الهدى (8/ 287)

شمائل النبوة ومكارمها (145)

كلّ ذلك يستاك، ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث [فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة وهو يقول: (اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي لساني نورا، واجعل في سمعي نورا، واجعل في بصري نورا، واجعل من خلفي نورا، ومن أمامي نورا، واجعل من فوقي نورا، ومن تحتي نورا، اللهم اعطني نورا]) (1)

[الحديث: 543] عن الفضل بن عباس قال: بت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنظر كيف يصلي من الليل فقام وتوضأ، وصلى ركعتين، قيامه مثل ركوعه، وركوعه مثل سجوده، ثم نام ثم استيقظ، فتوضأ واستن ثم قرأ بخمس آيات من آل عمران إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ فلم يزل يفعل هكذا حتى صلى عشر ركعات، ثم قام فصلى سجدة واحدة فأوتر بها ونادى المنادي عند ذلك فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما سكت المؤذن فصلى سجدتين خفيفتين ثم جلس ثم صلى الصبح) (2)

[الحديث: 544] عن صفوان بن المعطل السّلمي قال: (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر فرمقت صلاته ليلة، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام، فلما كان نصف الليل استيقظ فتلا الآيات العشر آخر سورة آل عمران، ثم تسوك ثم توضأ ثم قام فصلى ركعتين فلا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده، أطول؟ ثم انصرف فنام ثم استيقظ فتلا الآيات، ثم تسوك، ثم توضأ، ثم قام فصلى ركعتين لا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول؟ ففعل ذلك ثم لم يزل يفعل كما فعل أول مرة، حتى صلى إحدى عشرة ركعة) (3)

[الحديث: 545] عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، كانت تلك صلاته، يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية

__________

(1) مسلم حديث (191/ 763) وأبو داود 2/ 44 (1353)

(2) أبو داود 2/ 46 (1355)

(3) أحمد 5/ 312.

شمائل النبوة ومكارمها (146)

قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة (1).

[الحديث: 546] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا، وكان إذا قرأ قائما ركع قائما وإذا قرأ قاعدا)، وفي رواية: إذ افتتح الصلاة قائما ركع قائما، وإذا افتتح الصلاة قاعدا ركع قاعدا (2).

[الحديث: 547] عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي وهو قاعد؟ قالت نعم بعد ما حطمه الناس (3).

[الحديث: 548] عن حفصة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى سبحته قاعدا حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي في سبحته قاعدا، وكان يقرأ بالسورة فيرتلها، حتى تكون أطول من أطول منها (4).

[الحديث: 549] عن عائشة قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل جالسا، حتى إذا كبر قرأ جالسا، فإذا بقي عليه من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأها وهو قائم، ثم ركع ثم سجد، فقعد في الركعة الثانية مثل ذلك فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي، وإن كنت نائمة اضطجع) (5)

[الحديث: 550] عن عائشة أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في شيء من صلاة الليل قاعدا حتى إذا كبر قرأ جالسا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحو من ثلاثين أو أربعين آية

__________

(1) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (8/ 288)

(2) مسلم (1/ 504) حديث (105/ 106 و107) (730)

(3) مسلم 1/ 506 (115/ 732)

(4) مسلم 1/ 507 (118/ 733)

(5) مسلم 1/ 505 (111/ 731)

شمائل النبوة ومكارمها (147)

ثم ركع (1).

[الحديث: 551] عن عائشة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (يقرأ وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع قام قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية) (2)

[الحديث: 552] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا، وكان إذا قرأ قائما ركع قائما وإذا قرأ قاعدا)، وفي رواية: إذ افتتح الصلاة قائما ركع قائما، وإذا افتتح الصلاة قاعدا ركع قاعدا (3).

[الحديث: 553] عن عائشة قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يمت حتى كان كثير من صلاته وهو جالس) (4)

[الحديث: 554] عن عائشة قالت: (لمّا بدّن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وثقل كان أكثر صلاته جالسا) (5)

[الحديث: 555] عن أم سلمة، قالت: ما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى كان أكثر صلاته قاعدا إلا المكتوبة وكان أحبّ العمل إليه أدومه وإن قل (6).

[الحديث: 556] عن عائشة قالت: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى متربعا) (7)

[الحديث: 557] عن عائشة قالت: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم، ثم ركع

__________

(1) مسلم (112/ 731)

(2) مسلم (113/ 731)

(3) مسلم (1/ 504) حديث (105/ 106 و107) (730)

(4) صحيح مسلم (1/ 507)

(5) صحيح مسلم (1/ 507)

(6) أحمد 6/ 322 والنسائي 3/ 181.

(7) النسائي 3/ 193 والدارقطني 1/ 397.

شمائل النبوة ومكارمها (148)

وسجد، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك) (1)

[الحديث: 558] عن عائشة قالت: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر)، وفي رواية: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسرع في شيء من النوافل أسرع منه من الركعتين قبل الفجر) (2)

[الحديث: 559] عن بلال أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليؤذنه بصلاة الغداة فشغلت عائشة بلالا بأمر سألته عنه حتى فضحه الصّبح، فأصبح جدا فقام بلال فآذنه بالصلاة وتابع أذانه، فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما خرج صلّى بالناس وأخبره بلالا أن عائشة شغلته بأمر سألته عنه حتى أصبح جدا وأنه أبطأ عليه بالخروج، فقال: إني كنت ركعت ركعتي الفجر، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنك أصبحت جدا قال: (لو أصبحت أكثر مما أصبحت لركعتهما وأحسنتهما وأجملتهما) (3)

[الحديث: 560] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخففهما حتى أقول هل قرأ فيهما أم القرآن) (4)

[الحديث: 561] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر، قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة) (5)

[الحديث: 562] عن حفصة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أذن المؤذن بالصبح وبدا

__________

(1) مالك في الموطأ 1/ 282.

(2) أحمد في المسند 6/ 254 ورواه البخاري 3/ 55 (1163) ومسلم 1/ 501 (734/ 94) وأبو داود 2/ 19 (7254)

(3) أبو داود 2/ 19 (1207)

(4) البخاري 3/ 55 (1164) ومسلم 1/ 501 (92/ 724)

(5) البخاري 2/ 129 (626، 994، 1123) ومسلم 1/ 508 (122/ 736)

شمائل النبوة ومكارمها (149)

الصبح لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة) (1)

[الحديث: 563] عن حفصة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين) (2)

[الحديث: 564] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة (3).

[الحديث: 565] عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان كثيراً ما يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما بفاتحة القرآن {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] الآية التي في البقرة، وفي الأخرى بفاتحة الكتاب، والتي في آل عمران، {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] (4)

[الحديث: 566] عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في ركعتي الفجر {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] في الركعة الأولى، وهذه الآية {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا

__________

(1) البخاري 2/ 120 (1159) (619) ومالك في الموطأ 1/ 127 ومسلم 1/ 500 (88/ 723)

(2) مسلم 1/ 508 (121/ 736)

(3) البخاري 2/ 74 وأبو داود (2353) وأحمد 6/ 63 وأبو نعيم في الحلية 10/ 29 والبيهقي 2/ 472.

(4) مسلم 1/ 502 (99/ 727) (100) وأحمد 1/ 230 وأبو داود 2/ 20 (1259) والنسائي 2/ 120.

شمائل النبوة ومكارمها (150)

الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53] (1)

[الحديث: 567] عن أبي هريرة أنه سمع، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] (2)

[الحديث: 568] عن ابن عمر قال رمقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهرا (وفي لفظ) خمسا وعشرين مرة، فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر: ق {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] (3).

[الحديث: 569] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ركعتين قبل الفجر، وكان يقول: (نعم السورتان هما يقرأ بهما في ركعتي الفجر)، {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] (4).

[الحديث: 570] عن ابن مسعود قال: ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر ب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] (5).

[الحديث: 571] عن أسامة بن عمير أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين فصلى قريبا منه، فصلى ركعتين خفيفتين، فسمعته يقول: (رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم أعوذ بك من النار) ثلاث مرات) (6)

[الحديث: 572] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى ركعتي الفجر

__________

(1) أبو داود 2/ 20 (1260)

(2) النسائي 2/ 120 وابن ماجة 1/ 363 (1148)

(3) الترمذي 2/ 276 (417) والنسائي 2/ 132 وابن ماجة (1149)

(4) ابن ماجة 1/ 363 (1150)

(5) الترمذي 2/ 296 (431) والبيهقي 3/ 43 والبغوي في شرح السنة 2/ 430.

(6) الطبراني، مجمع الزوائد 2/ 219.

شمائل النبوة ومكارمها (151)

اضطجع فإن كنت مستيقظة تحدث معي، وإن كنت نائمة اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيخرج إلى الصلاة) (1)

[الحديث: 573] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن) (2)

[الحديث: 574] عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا ركع ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن) (3)

[الحديث: 575] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدع ركعتين قبل الفجر) (4)

[الحديث: 576] عن ابن عمر قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها) (5)

[الحديث: 577] عن علي قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي قبل الظهر أربعا، وبعدها ركعتين) (6)

[الحديث: 578] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي أربعا قبل الظهر يطيل فيهن القيام، ويحسن فيهن الركوع والسجود) (7)

[الحديث: 579] عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن

__________

(1) رواه أحمد، والبخاري ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، سبل الهدى (8/ 257)

(2) رواه البخاري، سبل الهدى (8/ 257)

(3) أحمد 2/ 415 والترمذي 2/ 280 (420) وأبو داود 2/ 21 (1261)

(4) رواه البخاري، وأبو بكر البرقاني، سبل الهدى (8/ 257)

(5) البخاري 3/ 58 (1180 - 1181) ومسلم 1/ 504 (104/ 729) والترمذي (425)

(6) الترمذي 2/ 289 (424)

(7) أحمد 6/ 30 وابن ماجة 1/ 365 (1156)

شمائل النبوة ومكارمها (152)

بعده) (1)

[الحديث: 580] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي قبل الظهر أربعا في بيته ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين) (2)

[الحديث: 581] عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بين الظهر والعصر) (3)

[الحديث: 582] عن علي قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقرّبين، ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين) (4)

[الحديث: 583] عن علي قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي قبل العصر ركعتين) (5)

[الحديث: 584] عن عائشة قالت: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأتيني في بيتي في يومي بعد العصر إلا صلى ركعتين) (6)

[الحديث: 585] عن عائشة قالت: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين بعد العصر عندي قط) (7)

[الحديث: 586] عن علي قال: (ألا يقوم أحدكم فيصلي أربع ركعات بعد العصر فيقول فيهن ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (تم نورك فهديت، فلك الحمد، عظم حلمك فعفوت، فلك الحمد، بسطت يدك فأعطيت، فلك الحمد ربّنا وجهك أكرم الوجوه وجاهك أعظم الجاه، وعطيّتك أفضل العطيّة وأهنأها، تطاع ربّنا فتشكر وتعصى ربّنا فتغفر،

__________

(1) الترمذي 2/ 291 (426)

(2) رواه البخاري، وأبو بكر البرقاني، سبل الهدى (8/ 258)

(3) رواه الطبراني، سبل الهدى (8/ 258)

(4) أحمد في المسند 1/ 160 والترمذي 2/ 294 (429)

(5) أبو داود 2/ 23 (1272)

(6) البخاري 2/ 77 (593) والبيهقي 2/ 458.

(7) البخاري 2/ 77 (591) والنسائي 1/ 225.

شمائل النبوة ومكارمها (153)

تجيب المضطرّ، وتكشف الضّرّ، وتشفي السقيم، وتغفر الذّنب، وتقبل التّوبة، ولا يجزي بآلائك أحد، ولا يبلغ مدحتك قول قائل) (1)

[الحديث: 587] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي المغرب ثم يرجع إلى بيتي فيصلي ركعتين) (2)

[الحديث: 588] عن ابن عباس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطيل القراءة في الركعتين بعد المغرب حتى يتفرق أهل المسجد) (3)

[الحديث: 589] عن ابن مسعود قال: (ما أحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب، وفي الركعتين قبل صلاة الغداة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]) (4)

[الحديث: 590] عن عمار بن ياسر قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد المغرب ست ركعات، وقال: (من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) (5)

[الحديث: 591] عن ابن عباس (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بعد المغرب ركعتين يطيل فيهما القراءة حتى يتصدّع أهل المسجد) (6)

[الحديث: 592] عن ابن عباس أن أباه بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حاجة، قال: فوجدته جالسا مع أصحابه في المسجد، فلم أستطع أن أكلمه، فلما صلّى المغرب قام يركع

__________

(1) أبو يعلى 1/ 345 (180/ 440)

(2) ابن ماجة 1/ 368 (1164)

(3) أبو داود 2/ 31 (1301)

(4) الترمذي 2/ 296 (431) وابن ماجة 1/ 369 (1166)

(5) رواه الطبراني في الثلاثة، سبل الهدى (8/ 260)

(6) رواه الطبراني، سبل الهدى (8/ 260)

شمائل النبوة ومكارمها (154)

حتى أذن المؤذن لصلاة العشاء) (1)

[الحديث: 593] عن عائشة قالت: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العشاء قط فدخل بيتي إلا صلى أربع ركعات أو ست) (2)

[الحديث: 594] عن عبد الله بن الزبير قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى العشاء ركع أربع ركعات وأوتر سجدة ثم نام حتى يصلي بعد صلاته بالليل) (3)

[الحديث: 595] عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندها في ليلتها، فصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم العشاء ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات ثم نام (4).

[الحديث: 596] عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن تطوعه قالت: كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل فيصلي في بيته ركعتين ويصلي بهم العشاء، ويدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالليل تسع ركعات فيهن الوتر، وكان يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجر صلّى ركعتين ثم يخرج، فيصلي بالناس الصبح (5).

[الحديث: 597] عن عاصم بن ضمرة قال: سألت علي بن أبي طالب عن صلاة

__________

(1) الطبراني في الكبير 10/ 335.

(2) أبو داود 2/ 31 (1303)

(3) أحمد في المسند 4/ 4.

(4) رواه البخاري،، سبل الهدى (8/ 261)

(5) أحمد في المسند 6/ 30 وأبو داود 2/ 18 (1251) والترمذي 2/ 299 (436) والنسائي 3/ 179.

شمائل النبوة ومكارمها (155)

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من النهار فقال: إنكم لا تطيقون ذلك، قلنا: من أطاق ذلك منا فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كانت الشمس من ههنا كهيئتها من ههنا عند العصر صلّى ركعتين، وإذا كانت الشمس من ههنا كهيئتها من ههنا عند الظهر صلّى أربعا قبل الظهر، وبعدها ركعتين، وقبل العصر أربعا يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين (1).

[الحديث: 598] عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل التّطوع ثمان ركعات، وبالنهار اثنتي عشرة ركعة (2).

[الحديث: 599] عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في إثر كل صلاة مكتوبة ركعتين، إلا الفجر والعصر (3).

[الحديث: 600] عن ابن عمر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد الجمعة وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، فأما المغرب والعشاء ففي بيته (4).

[الحديث: 601] عن ابن عمر قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر ركعات، ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح، كانت ساعة لا يدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها، وحدثتني حفصة: أنه كان إذا أذّن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين (5).

__________

(1) أحمد في المسند 1/ 160 والترمذي 2/ 493 وابن ماجه 1/ 367 (1161)

(2) أبو يعلى 1/ 383 (235/ 495)

(3) أحمد 1/ 154 وأبو داود 2/ 24 (1275)

(4) مالك في الموطأ 1/ 337 وأحمد 2/ 17 والبخاري (2/ 493) حديث (937، 1165) (1172، 1180) وأبو داود 2/ 19 (1252)

(5) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (8/ 263)

شمائل النبوة ومكارمها (156)

[الحديث: 602] عن أبي أمامة قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين، فكانت صلاته كل يوم عشر ركعات: ركعتين قبل الفجر، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء (1).

[الحديث: 603] عن عائشة (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يتبع كلّ صلاة ركعتين إلا الصبح يجعلها قبلها) (2)

[الحديث: 604] عن أبي هريرة قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في اليوم عشر ركعات، ركعتين قبل الفجر، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل العشاء) (3)

[الحديث: 605] عن عبد الله بن أبي قيس قال: سألت عائشة (بكم كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قالت: كان يوتر بأربع، وثلاث، وست، وثلاث، وثمان، وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع ولا بأكثر من ثلاث عشرة) (4)

[الحديث: 606] عن سعد بن هشام قال: سألت عائشة: فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت: (كنا نعد له سواكه، وطهوره، فيبعثه الله تعالى لما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ، ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها الا عند الثامنة، فيدعو ربه، ويصلي على نبيه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما سلم، فتلك إحدى عشرة ركعة، فلما أسنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخذه اللحم، أوتر بسبع يسلم من كل

__________

(1) رواه الطبراني، سبل الهدى (8/ 263)

(2) رواه الطبراني، سبل الهدى (8/ 263)

(3) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (8/ 263)

(4) أبو داود 2/ 46 (1362)

شمائل النبوة ومكارمها (157)

ركعتين، وصلّى ركعتين بعد ما سلّم) (1)

[الحديث: 607] عن عائشة: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر فيها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين) (2)

[الحديث: 608] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ الإنسان خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع قبل صلاة الفجر ركعتين خفيفتين، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للصلاة) (3)

[الحديث: 609] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أوتر تسع ركعات لم يقعد إلا في الثامنة حتى يحمد الله تعالى ويذكره ويدعو ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي السابعة ثم يسلم تسليمة السلام عليكم يرفع بها صوته، ثم يصلي ركعتين وهو جالس) (4)

[الحديث: 610] عن أم سلمة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة، فلما كبر وضعف أوتر بسبع وبخمس) (5)

[الحديث: 611] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوتر بخمس ركعات من آخر الليل) (6)

[الحديث: 612] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسلم في كل ركعتين ويوتر

__________

(1) النسائي 3/ 199 وأبو داود 2/ 40 (1342)

(2) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (8/ 264)

(3) رواه البرقاني في صحيحه، سبل الهدى (8/ 264)

(4) أحمد 6/ 54 والنسائي 3/ 198.

(5) أحمد 6/ 322 والنسائي 3/ 201 والترمذي 2/ 319 (457)

(6) أحمد 6/ 286.

شمائل النبوة ومكارمها (158)

بواحدة) (1)

[الحديث: 613] عن أم سلمة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوتر بسبع، وبخمس، لا يفصل بتسليم) (2)

[الحديث: 614] عن زبيد بن الحارث قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل بثلاث) (3)

[الحديث: 615] عن خالد الخزاعي قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى والناس ينظرون صلّى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود) (4)

[الحديث: 616] عن قتادة قال: (سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: يمدّ مدّا. ثم قال: (بسم الله الرحمن الرحيم) يمدّ ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم) (5)

[الحديث: 617] عن أم سلمة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين يقطعهما حرفا حرفا) (6)

[الحديث: 618] عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: إنكم لا تستطيعون، فقالوا أخبرينا بها. فقرأت قراءة مترسلة) (7)

[الحديث: 619] عن يعلى بن مملك أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في

__________

(1) مالك 1/ 120 (8) ومسلم 1/ 508 (121/ 736)

(2) أحمد 6/ 290 والنسائي 3/ 197 وابن ماجة 1/ 376 (1192)

(3) البزار كما في الكشف 1/ 354 (737)

(4) الطبراني في الكبير 4/ 229.

(5) البخاري 8/ 709 (5046).

(6) الحاكم 1/ 232..

(7) رواه ابن أبي خيثمة، سبل الهدى (8/ 499)

شمائل النبوة ومكارمها (159)

صلاته. قالت: ما لكم وصلاته؟. ثم نعتت حرفا حرفا (1).

[الحديث: 620] عن محمد بن كعب القرظي قال: (كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مفسرة حرفا حرفا) (2)

[الحديث: 621] عن حفصة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها) (3)

[الحديث: 622] عن كريب قال: سألت ابن عباس فقلت: كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: (كان يقرأ في بعض حجره فيسمع قراءته من كان خارجا) (4)

[الحديث: 623] عن ابن عباس قال: (كنت أسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من البيت وأنا في الحجرة) (5)

[الحديث: 624] عن يحيى بن يعمر قال: سألت عائشة هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفع صوته من الليل إذا قرأ؟ قالت: (ربما رفع، وربما خفض) قال: (الحمد لله الذي جعل في الدين سعة) (6)

[الحديث: 625] عن أبي هريرة قال: (كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل يرفع طورا ويخفض طورا) (7)

[الحديث: 626] عن عبد الله بن أبي قيس قال: سألت عائشة كيف كانت قراءة

__________

(1) النسائي 2/ 141 وأبو داود 2/ 73 (1466) والترمذي 5/ 167 (2923).

(2) أحمد 6/ 285..

(3) أحمد 6/ 285..

(4) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (8/ 499)

(5) البيهقي في دلائل النبوة (6/ 257).

(6) رواه ابن أبي عمر، سبل الهدى (8/ 499)

(7) أبو داود 2/ 37 (1327).

شمائل النبوة ومكارمها (160)

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل؟ أيجهر أم يسرّ؟ قالت: (كل ذلك كان يفعل وربما جهر وربما أسرّ) (1)

[الحديث: 627] عن أم هانئ قالت: (كنت أسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل وأنا على عريشي هذا وهو عند الكعبة) (2)

[الحديث: 628] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أراد أن ينام يتوضأ وضوءه للصلاة (3).

[الحديث: 629] عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام من الليل فدخل الخلاء فقضى حاجته، ثم غسل وجهه وكفيه ثم نام (4).

[الحديث: 630] عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا ينام حتى يقرأ ألم تَنْزِيلُ [السجدة 1]، وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك 1] (5)

[الحديث: 631] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ كل ليلة ألم تَنْزِيلُ السجدة) (6)

[الحديث: 632] عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا اضطجع للنوم يقول: (باسمك ربي وضعت جنبي، فاغفر لي ذنبي) (7)

[الحديث: 633] عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أخذ مضطجعه يقول:

__________

(1) أحمد 6/ 149 والنسائي 3/ 184..

(2) أحمد 6/ 342..

(3) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 250)

(4) رواه ابن ماجه، سبل الهدى (7/ 250)

(5) رواه أحمد والتّرمذي، سبل الهدى (7/ 252)

(6) رواه أبو يعلى، سبل الهدى (7/ 252)

(7) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 252)

شمائل النبوة ومكارمها (161)

(الحمد لله الذي كفاني وآواني، وأطعمني وسقاني، والحمد لله) (1)

[الحديث: 634] عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا أوى إلى فراشه: (الحمد لله الذي أطعمنا، وسقانا، وآوانا وكم ممّن لا مكافئ له ولا مؤوي) (2)

[الحديث: 635] عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه، ثم نفث فيهما، فقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات (3).

[الحديث: 636] عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، وقال: (باسمك اللهم أحيا وأموت) (4)

[الحديث: 637] عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، وقال: (رب قني عذابك يوم تبعث)، أو قال: (تجمع عبادك) (5)

[الحديث: 638] عن العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ المسبّحات قبل أن يرقد، وقال: (إنّ فيهن آية أفضل من ألف آية) (6)

[الحديث: 639] عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا ينام حتى يقرأ الزّمر، وبني

__________

(1) رواه أبو داود (5058) وأحمد 2/ 117 والحاكم 1/ 545 وابن حبان (2357)

(2) رواه مسلم (64) والترمذي (3396) 3457 وأبو داود في كتاب الأدب باب (106) وابن ماجة (3283)

(3) رواه البخاري 6/ 233 وأبو داود (5056) والترمذي (3402)

(4) رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي، سبل الهدى (7/ 252)

(5) رواه أحمد والتّرمذي وابن ماجه، سبل الهدى (7/ 253)

(6) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، سبل الهدى (7/ 253)

شمائل النبوة ومكارمها (162)

إسرائيل (1).

[الحديث: 640] عن أبي الأزهر الأنماري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا أخذ مضطجعه من الليل: (باسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر لي ذنبي وأخسئ شيطاني، وفك رهاني واجعلني في النّديّ الأعلى) (2)

[الحديث: 641] عن حفصة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده، ثم قال: (رب قني عذابك يوم تبعث عبادك ثلاث مرات) (3)

[الحديث: 642] عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول عند مضطجعه: (اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وبكلماتك التامات، من كل دابة أنت آخذ بناصيتها، اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم، اللهم لا ينهزم جندك، ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ، سبحانك اللهم وبحمدك) (4)

[الحديث: 643] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو عند النوم: (اللهم رب السموات السبع، وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كل شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحبّ والنوى، لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرّ كلّ شيء، أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر ليس فوقك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر) (5)

[الحديث: 644] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بفراشه فيفرش له،

__________

(1) رواه الترمذي، سبل الهدى (7/ 253)

(2) رواه أبو داود، سبل الهدى (7/ 253)

(3) رواه أحمد وأبو داود، سبل الهدى (7/ 253)

(4) رواه أبو داود، سبل الهدى (7/ 253)

(5) رواه ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن مردويه، والبيهقي، سبل الهدى (7/ 253)

شمائل النبوة ومكارمها (163)

فيستقبل القبلة، فإذا أوى إليه توسد كفه اليمنى، ثم همس، لا ندري ما يقول، فإذا كان في آخر ذلك رفع صوته فقال: (اللهم رب السموات السّبع، وربّ العرش العظيم، إله أو رب كل شيء، منزل التّوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحبّ والنّوى، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول، فليس قبلك شيء، وأنت الآخر، فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر) (1)

[الحديث: 645] عن خبّاب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يأت فراشه قط إلا قرأ: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ حتى يختمها (2).

[الحديث: 646] عن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول حين يريد أن ينام: (اللهم، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء، وإله كل شيء، أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبدك ورسولك، والملائكة يشهدون، اللهم أعوذ بك من الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي إثما أو أجرّه على مسلم) (3)

[الحديث: 647] عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا اضطجع للنوم يقول: (باسمك ربي فاغفر لي ذنبي) (4)

[الحديث: 648] عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد أن ينام قال: (اللهم قني

__________

(1) رواه الطبراني في الأوسط، سبل الهدى (7/ 253)

(2) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 254)

(3) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 254)

(4) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 254)

شمائل النبوة ومكارمها (164)

عذابك يوم تبعث عبادك) (1)

[الحديث: 649] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: (اللهم إني أعوذ بك من الشر وأعوذ بك من الجوع ضجيعا) (2)

[الحديث: 650] عن علي قال: بت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة فكنت أسمعه إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه يقول: (اللهم أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، اللهم لا أستطيع ثناء عليك ولو حرصت، لكن أنت كما أثنيت على نفسك) (3)

[الحديث: 651] عن حذيفة ومسلم عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا استيقظ قال: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور) (4)

[الحديث: 652] عن عائشة قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا استيقظ من الليل قال: (لا إله إلا أنت سبحانك، اللهم أستغفرك لذنوبي، وأسألك رحمتك، اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) (5)

[الحديث: 653] عن ربيعة بن كعب الأسلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل يصلي يقول: (الحمد لله رب العالمين، القوي)، ثم يقول: (سبحان الله وبحمده القوي) (6)

[الحديث: 654] عن عبد الرحمن بن أبزى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أصبح قال:

__________

(1) رواه البزار، سبل الهدى (7/ 254)

(2) رواه الطبراني في الصغير والأوسط، سبل الهدى (7/ 254)

(3) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 254)

(4) رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي، سبل الهدى (7/ 256)

(5) رواه أبو داود، سبل الهدى (7/ 256)

(6) رواه أحمد وابن ماجة، سبل الهدى (7/ 256)

شمائل النبوة ومكارمها (165)

(أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وملة أبينا إبراهيم عليه السلام، حنيفا مسلما، وما أنا من المشركين) (1)

[الحديث: 655] عن عبد الله بن أبي أوفى قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أصبح قال: (أصبحنا وأصبح الملك لله، الكبرياء والعظمة والخلق والليل والنهار، وما سكن فيها لله تعالى، وحده لا شريك له، اللهم اجعل هذا النهار أوله فلاحا، وأوسطه صلاحا، وآخره نجاحا، وأسألك خير الدنيا وخير الآخرة) (2)

[الحديث: 656] عن عبد الله بن سعيد قال: سمعت أبي يقول: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا أصبح: (اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النّشور)، وإذا أمسى قال: (اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا وبك نموت، وإليك النشور) (3)

[الحديث: 657] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بهذه الدعوات إذا أصبح، وإذا أمسى: (اللهم إني أعوذ بك من فجاءة الخير، وأعوذ بك من فجاءة الشّر) (4)

[الحديث: 658] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا أصبح: (اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير) (5)

[الحديث: 659] عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا أصبح: (أصبحنا والملك والحمد لله، لا شريك له، لا إله إلا هو، وإليه المصير) (6)

__________

(1) رواه مسدد وأحمد والنّسائي في اليوم والليلة، سبل الهدى (7/ 256)

(2) رواه عبد بن حميد، سبل الهدى (7/ 256)

(3) رواه مسدد، سبل الهدى (7/ 256)

(4) رواه أبو يعلى، سبل الهدى (7/ 256)

(5) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 256)

(6) رواه البزار، سبل الهدى (7/ 256)

شمائل النبوة ومكارمها (166)

[الحديث: 660] عن عائشة قالت: كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أدركه المساء في بيتي يقول: (أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد والحول والقوة والسلطان في السموات والأرض، وكل شيء لله رب العالمين، اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور) (1)

[الحديث: 661] عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا أصبح وأمسى: (أصبحنا وأصبح الملك لله لا إله إلا هو وحده لا شريك له، الّلهم إنا نسألك خير هذا اليوم، وخير ما بعده، ونعوذ بك من شر هذا اليوم، وشر ما بعده، اللهم إني أعوذ بك من شر الكبر وأعوذ بك من عذاب النار) (2)

[الحديث: 662] عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا أصبح: (أصبحت وأصبح الملك لله تعالى، والكبرياء والعظمة والخلق والنهار والليل وما سكن فيهما لله وحده، لا شريك له، اللهم اجعل أول هذا النهار فلاحا، وأوسطه صلاحا، وآخره نجاحا، أسألك خير الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين) (3)

[الحديث: 663] عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بهذه الدعوات إذا أصبح وإذا أمسى: (اللهم إني أعوذ بك من فجاءة الخير، وأعوذ بك من فجاءة الشر) (4)

[الحديث: 664] عن عبد الرحمن بن أبزى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى: (أصبحنا على فطرة الإسلام، وأمسينا على فطرة الإسلام، وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى ملة أبينا إبراهيم عليه السلام، حنيفا مسلما، وما

__________

(1) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 256)

(2) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 256)

(3) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 256)

(4) رواه أبو يعلى، سبل الهدى (7/ 256)

شمائل النبوة ومكارمها (167)

كان من المشركين) (1)

[الحديث: 665] عن أبي أمامة الباهلي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أصبح وأمسى دعا بهذا الدعاء: (اللهم إنك أحقّ من ذكر، وأحقّ من عبد، وأنصر من ابتغي، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من أعطى، أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا يهلك، كل شيء هالك إلا وجهك، لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتعصى فتغفر، أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حلت دون التّصوّر، وأخذت بالنّواصي، وكتبت الآثار، ونسخت الآجال، القلوب لك مفضية، والسّر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما أحرمت، والدين ما أشرعت، والأمر ما قضيت، والخلق خلقك، والعبد عبدك، وأنت الله رؤوف رحيم، أسألك بنور وجهك الذي أشرقت به السموات والأرض، بكل حق هو لك، وبحق السائلين عليك، أن تقبلني بهذه القراءة، أو في هذه العيشة، وأن تجيرني من النار بقدرتك) (2)

[الحديث: 666] عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أمسى قال: (أمسينا وأمسى الملك لله الواحد القهار، الحمد لله الذي ذهب بالنهار، وجاء بالليل ونحن في عافية، اللهم هذا خلقك قد جاء، فما عملت فيه من سيئة فتجاوز عنها، وما عملت فيه من حسنة فتقبلها، وضعّفها أضعافا مضاعفة، اللهم إنك بجميع حاجتي عالم، وإنك على نجحها قادر، اللهم أنجح الليلة كل حاجة لي، ولا تزدني في دنياي، ولا تنقصني في آخرتي)، وإذا أصبح قال: مثل ذلك (3).

[الحديث: 667] عن أنس قال: قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفطر من الشهر حتى نظن

__________

(1) رواه أحمد والطبراني، سبل الهدى (7/ 256)

(2) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 256)

(3) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 256)

شمائل النبوة ومكارمها (168)

ألا يصوم، ويصوم حتى نظن ألا يفطر منه شيئا) (1)

[الحديث: 668] عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم فلا يفطر حتى نقول: ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يفطر العام، ثم يفطر حتى نقول: ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان) (2)

[الحديث: 669] عن أنس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم حتى يقال: صام، ويفطر حتى يقال: أفطر) (3)

[الحديث: 670] عن ابن عباس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم) (4)

[الحديث: 671] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم) (5)

[الحديث: 672] عن أسامة بن زيد (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يسرد الصوم فيقال لا يفطر، ويفطر فيقال لا يصوم) (6)

[الحديث: 673] عن ابن عباس قال: ما صام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهرا كاملا غير رمضان، وكان يصوم حتى يقول القائل لا والله ما يفطر، ويفطر حتى يقول القائل لا والله

__________

(1) أحمد 3/ 179 والترمذي (769)

(2) أحمد 3/ 236 وأبو يعلى 6/ 240 (3535)

(3) مسلم في الصوم حديث (1158) وأحمد 3/ 104، 179، 236.

(4) أحمد 1/ 227 والبخاري (4/ 251) حديث (1969) ومسلم (2/ 811) حديث (174/ 175/ 1156)

(5) أحمد 6/ 153 والبخاري 4/ 251 حديث (1969) ومسلم (2/ 810) حديث (172/ 1156) وأبو داود 2/ 324 (2434)

(6) النسائي 4/ 171.

شمائل النبوة ومكارمها (169)

لا يصوم، زاد النسائي (وما صام شهرا متتابعا غير رمضان منذ قدم المدينة) (1)

[الحديث: 674] عن عائشة قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان)، وفي رواية: (لم أره صام من شهر قط أكثر من صيامه في شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا) (2)

[الحديث: 675] عن أم سلمة قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان) (3)

[الحديث: 676] عن أم سلمة قالت: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان كان يصل شعبان برمضان) (4)

[الحديث: 677] عن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: (ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)، وفي لفظ (يعرض عملي) (5)

[الحديث: 678] عن أسامة بن زيد قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدع صيام يوم الاثنين والخميس)، فقيل يا رسول الله: ما نراك تدع صيام هذين اليومين؟ قال: (هما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض لي فيهما عمل صالح) (6)

__________

(1) الشيخان، والنسائي، سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (8/ 430)

(2) أحمد في المسند 6/ 39 والبخاري 4/ 251 (1969) ومسلم (2/ 810) (172/ 1156) وأبو داود 2/ 300 (2336) والنسائي 4/ 170.

(3) أحمد 6/ 293 والترمذي 3/ 113 (736) والنسائي 4/ 170.

(4) أحمد 6/ 300 والنسائي 4/ 170 وابن ماجة 1/ 528 (1648)

(5) أحمد في المسند 5/ 201 والنسائي 4/ 171.

(6) أحمد في المسند 5/ 201.

شمائل النبوة ومكارمها (170)

[الحديث: 679] عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم الاثنين، والخميس، قيل يا رسول الله: إنك تصوم الاثنين والخميس؟ فقال: (إن يوم الاثنين والخميس، يغفر الله تعالى فيهما لكل مسلم، إلا كل متهاجرين يقول: دعهما حتى يصطلحا، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) (1)

[الحديث: 680] عن عائشة (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يتحرى صيام الاثنين، والخميس) (2)

[الحديث: 681] عن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله: تصوم لا تكاد تفطر، وتفطر لا تكاد تصوم، إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما؟، قال: (أي يومين)؟ قلت: يوم الاثنين، ويوم الخميس قال: (ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) (3)

[الحديث: 682] عن أبي قتادة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صوم الاثنين، فقال: (فيه ولدت، وفيه أنزل علي) (4)

[الحديث: 683] عن ابن عباس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يفطر الأيام البيض في حضر ولا سفر) (5)

[الحديث: 684] عن معاذة العدويّة قالت: (سألت عائشة أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، قلت لها: أي أيام الشهر كان يصوم؟ قالت: لم

__________

(1) الترمذي 3/ 122 (747) وابن ماجة 1/ 553 (1740)

(2) الترمذي 3/ 121 (745) والنسائي 4/ 172 وابن ماجة 1/ 553 (1739)

(3) أحمد 5/ 201 وأبو داود 2/ 325 (2436) والنسائي 4/ 171.

(4) مسلم (2/ 818) حديث (196، 197، 198/ 1161)

(5) النسائي 4/ 168.

شمائل النبوة ومكارمها (171)

يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم) (1)

[الحديث: 685] عن حفصة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، الاثنين، والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى) (2)

[الحديث: 686] عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام: الاثنين والخميس من هذه الجمعة، والاثنين من المقبلة)، وفي رواية له: (أول اثنين من الشهر، ثم الخميس، ثم الخميس الذي يليه) (3)

[الحديث: 687] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم من الشهر: السبت، والأحد، والاثنين، ومن الشهر الآخر: (الثلاثاء، والأربعاء، والخميس) (4)

[الحديث: 688] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر الأخير من رمضان أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشدّ المئزر) (5)

[الحديث: 689] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره) (6)

[الحديث: 690] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخلط العشرين بصلاة

__________

(1) أحمد 6/ 145 ومسلم (2/ 818) حديث (194/ 1160) وأبو داود 2/ 328 (2453) والترمذي 3/ 135 (763) وابن ماجة 1/ 545 (1709)

(2) أحمد 6/ 287 وأبو داود 2/ 328 (2451)

(3) النسائي 4/ 190.

(4) الترمذي 3/ 122 (746)

(5) البخاري 4/ 316 (2024) ومسلم (2/ 832) حديث (7/ 1174) وأبو داود 2/ 50 (1376) والنسائي (3/ 177)

(6) مسلم (2/ 832) حديث (8/ 1175) وأحمد 6/ 82 والترمذي 3/ 161 (796)

شمائل النبوة ومكارمها (172)

ونوم، فإذا كان العشر شمر وشد المئزر وشمر) (1)

[الحديث: 691] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله) (2)

[الحديث: 692] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعتكف في كل رمضان، فإذا صلّى الغداة دخل مكانه الذي يعتكف فيه، وأنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فأمر ببنائه فضرب، فاستأذنته عائشة أن تعتكف فأذن لها، فضربت فيه قبّة، فسمعت حفصة فضربت قبّة، وسمعت زينب فضربت قبّة أخرى فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الغداة أبصر أربع قباب، فقال: (ما هذا؟) فأخبر خبرهن، فقال: (ما حملهنّ على هذا؟ البر؟.. ما أنا بمعتكف انزعوها فلا أراها)، فنزعت، وأمر بخبائه فقوض، فلم يعتكف حتى اعتكف في آخر العشر من شوال) (3)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

وهي كثيرة مثل نظيراتها في المدرسة السنية، وقد اكتفينا بنماذج عنها هنا، لنعطي صورة عامة عن اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العبادة، وأما تفاصيلها؛ فسنذكرها في محالها المناسبة:

[الحديث: 693] عن الإمام الصادق أنه ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (كان يأتي بطهور فيتخمر عند رأسه، ويوضع سواكه تحت فراشه، ثم ينام ما شاء الله، فإذا استيقظ جلس، ثم قلب بصره في السماء، ثم تلا الآيات من آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا

__________

(1) أحمد 6/ 146.

(2) البخاري 4/ 318 (2025) ومسلم (2/ 831) حديث (5/ 1172) وأحمد 6/ 160.

(3) البخاري 4/ 323 حديث (2033) ومسلم 2/ 831 حديث (6/ 1173)

شمائل النبوة ومكارمها (173)

وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190، 191]، ثم يستن ويتطهر، ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءة ركوعه، وسجوده على قدر ركوعه، يركع حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ ويسجد حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران، ويقلب بصره في السماء، ثم يستن (1) ويتطهر ثم يقوم إلى المسجد فيصلي أربع ركعات كما ركع قبل ذلك، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران، ويقلب بصره، في السماء، ثم يستن ثم يتطهر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلي الركعتين، ثم يخرج إلى الصلاة (2).

[الحديث: 694] قال الإمام السجاد: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأفضل الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الامور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ويرفع صوته، وتحمار وجنتاه، ويذكر الساعة وقيامها، حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحتكم الساعة، مستكم الساعة ثم يقول: (بعثت أنا والساعة كهاتين ـ ويجمع بين سبابتيه ـ من ترك مالا فلاهله، ومن ترك دينا فعلي وإلي) (3)

[الحديث: 695] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحمد الله في كل يوم ثلاث مائة وستين مرة، عدد عروق الجسد، يقول: الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال (4).

__________

(1) الاستنان: استعمال السواك.

(2) تهذيب الاحكام 1: 231.

(3) مجالس المفيد: 123.

(4) اصول الكافي 2: 503.

شمائل النبوة ومكارمها (174)

[الحديث: 696] قال الإمام الصادق: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يقوم من مجلس وإن خف حتى يستغفر الله عز وجل خمسا وعشرين مرة (1).

[الحديث: 667] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستغفر الله عز وجل كل يوم سبعين مرة، ويتوب إلى الله سبعين مرة (2).

[الحديث: 698] عن الإمام الباقر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لاعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن (3).

[الحديث: 699] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجعل العنزة (4) بين يديه إذا صلى (5).

[الحديث: 700] عن الإمام الصادق قال: كان طول رحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذراعا، وكان إذا صلى وضعه بين يديه ليستتر به ممن يمر بين يديه (6).

[الحديث: 701] عن الإمام الباقر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا؟ قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقوم على أطراف أصابع رجليه، فأنزل الله سبحانه: {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1، 2] (7).

[الحديث: 702] عن الإمام الصادق قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في سفر يسير على

__________

(1) اصول الكافي 2: 504.

(2) اصول الكافي 2: 504 و505.

(3) اصول الكافي 2: 632.

(4): قال الجوهري: العنزة بالتحريك: أطول من العصا، وأقصر من الرمح، وفيه زج كزج الرمح.

(5) فروع الكافي 1: 81 و82.

(6) فروع الكافي 1: 82.

(7) اصول الكافي 2: 95.

شمائل النبوة ومكارمها (175)

ناقة له، إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلما ركب قالوا: يا رسول الله إنا رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: نعم استقبلني جبريل عليه السلام فبشرني ببشارات من الله عز وجل، فسجدت لله شكرا لكل بشرى سجدة (1).

[الحديث: 703] عن الإمام علي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صلاة الليل فقال: يصلى قائما، فان لم يستطع صلى جالسا قيل: يارسول الله ومتى يصلي جالسا؟ قال: إذا لم يستطع أن يقرأ فاتحة الكتاب وثلاث آيات قائما، وإن لم يستطع أن يسجد أومأ إيماءا برأسه وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فان لم يستطع أن يصلي جالسا صلى مضطجعا لجنبه الايمن ووجهه إلى القبلة، فان لم يستطع أن يصلي على جنبه الايمن صلى مستلقيا ورجلاه مما يلي القبلة يومي إيماء (2).

[الحديث: 704] عن الإمام الصادق أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في الصلاة وإلى جانبه الحسين بن علي فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يجد الحسين التكبير، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكبر ويعالج الحسين التكبير فلم يجده حتى أكمل سبع تكبيرات، فأجاد الحسين التكبير في السابعة، وصارت سنة (3).

[الحديث: 705] عن الإمام الباقر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الصلاة وقد كان الحسين بن علي أبطأ عن الكلام حتى تخوفوا أن لايتكلم، وأن يكون به خرس، فخرج به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حامله على عنقه، وصف الناس خلفه، فأقامه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على يمينه، فافتتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة فكبر الحسين حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع تكبيرات وكبر الحسين؛ فجرت السنة بذلك.

__________

(1) اصول الكافي 2: 98.

(2) بحار الأنوار (84/ 342)، دعائم الاسلام ج 1 ص 198..

(3) علل الشرايع ج 2 ص 21..

شمائل النبوة ومكارمها (176)

قال زرارة: فقلت لابي جعفر فكيف نصنع (1)؟ قال: تكبر سبعا، وتسبح سبعا، وتحمد الله وتثني عليه ثم تقرأ (2).

[الحديث: 706] عن الإمام الباقر أن رجلا أتى المسجد فكبر حين دخل ثم قرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعجل العبد ربه، ثم أتى رجل آخر فحمد الله وأثنى عليه، ثم كبر فقال صلى الله عليه وآله وسلم: سل تعط (3).

[الحديث: 707] سئل الإمام الباقر: أصلي بقل هو الله أحد فقال: نعم قد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلتا الركعتين بقل هو الله أحد لم يصل قبلها ولابعدها بقل هوالله أحد أتم منها (4).

[الحديث: 708] قال الإمام علي صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة السفر فقرأ في الاولى {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1]، وفي الاخرى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، ثم قال: قرأت لكم ثلث القرآن وربعه (5).

[الحديث: 709] عن جابر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف تقرأ إذا قمت في الصلاة؟ قال: قلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] قال: قل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 1، 2] (6).

__________

(1) قال المجلسي: اعلم أنه لا خلاف بين الاصحاب في استحباب الافتتاح بسبع تكبيرات واختلفوا في عمومها، فذهب المحقق وابن إدريس والشهيد وجماعة إلى العموم وبعضهم نص على شمول النوافل أيضا، وقال المرتضى ره باختصاصها بالفرائض دون النوافل، وابن الجنيد خصها بالمنفرد. بحار الأنوار (84/ 357)

(2) علل الشرايع ج 2 ص 21..

(3) فقه الرضا ص 11 ص 5..

(4) بحار الأنوار (85/ 26)

(5) عيون الاخبار ج 2 ص 37..

(6) بحار الأنوار (85/ 48)، دعائم الاسلام ج 1 ص 159..

شمائل النبوة ومكارمها (177)

[الحديث: 710] قيل: يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، أهي من فاتحة الكتاب؟ قال: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرؤها ويعدها آية منها، ويقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني، فضلت بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، وهي الاية السابعة منها (1).

[الحديث: 711] عن الإمام الباقر قال: لما نزلت هذه الاية {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سبحانك اللهم وبلى (2).

[الحديث: 712] عن الإمام الباقر في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان بمكة جهر بصلاته فيعلم بمكانه المشركون، فكانوا يؤذونه، فانزلت هذه الاية عند ذلك (3).

[الحديث: 713] عن زيد بن علي قال: دخلت على أبي جعفر فذكر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] فقال: تدري مانزل في {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]؟ فقلت لا، فقال: إن رسول الله كان أحسن الناس صوتا بالقرآن، وكان يصلي بفناء الكعبة يرفع صوته، وكان عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبوجهل وجماعة منهم يستمعون قراءته، قال: وكان يكثر ترداد {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] فيرفع بها صوته، فيقولون إن محمدا ليردد اسم ربه تردادا فيأمرون من يقوم فيستمع عليه ويقولون إذا جاز {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] فأعلمنا حتى نقوم فنستمع قراءته فأنزل الله في ذلك {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: 46] (4).

__________

(1) تفسير الامام: 27 ـ 28، عيون الاخبار ج 1 ص 300..

(2) مجمع البيان ج 10 ص 402..

(3) تفسير العياشى ج 2 ص 318..

(4) بحار الأنوار (85/ 73)، تفسير العياشى ج 2 ص 295..

شمائل النبوة ومكارمها (178)

[الحديث: 714] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى بالناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فتخلف من خلفه من المنافقين عن الصفوف، فاذا جازها في السورة عادوا إلى مواضعهم، وقال بعضهم لبعض إنه ليردد اسم ربه تردادا إنه ليحب ربه، فأنزل الله (وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده) الاية (1).

[الحديث: 715] سئل الإمام الصادق: إني أؤم قومي فأجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]؟ قال: نعم حق فاجهر بها قد جهر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن، فاذا قام من الليل يصلي جاء أبوجهل والمشركون يستمعون قراءته، فاذا قال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] وضعوا أصابعهم في آذانهم وهربوا فاذا فرغ من ذلك جاؤوا فاستمعوا، وكان أبوجهل يقول: إن ابن أبي كبشة ليردد اسم ربه إنه ليحبه، فقال جعفر: صدق وإن كان كذوبا، فأنزل الله {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: 46]، وهو بسم الله الرحمن الرحيم (2).

[الحديث: 716] قال الإمام الباقر: كان الذي فرض الله على العباد من الصلاة عشرا فزاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبعا وفيهن السهو وليس فيهن قراءة، فمن شك في الاوليين أعاد حتى يحفظ، ويكون على يقين، ومن شك في الاخريين عمل بالوهم (3).

[الحديث: 717] عن الإمام الباقر قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه ولاسجوده، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نقر كنقر الغراب، لئن

__________

(1) بحار الأنوار (85/ 73)، تفسير العياشى ج 2 ص 295..

(2) تفسير فرات: 85..

(3) السرائر: 472..

شمائل النبوة ومكارمها (179)

مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني (1).

[الحديث: 718] عن الإمام الكاظم أنه سئل: لاي علة يقال في الركوع: (سبحان ربي العظيم وبحمده) ويقال في السجود: (سبحان ربي الاعلى وبحمده)؟.. فقال: إن الله تبارك وتعالى لما اسري بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، رفع له حجاب من حجبه فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبعا حتى رفع له سبع حجب، فلما ذكر مارأى من عظمة الله ارتعدت فرائصه، فانبرك على ركبتيه وأخذ يقول: (سبحان ربي العظيم وبحمده) فلما اعتدل من ركوعه قائما ونظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع خر على وجهه وجعل يقول: (سبحان ربي الاعلى وبحمده) فلما قال سبع مرات سكن ذلك الرعب فلذلك جرت به السنة (2).

[الحديث: 719] كتب الإمام علي إلى محمد بن أبي بكر: انظر ركوعك وسجودك، فان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أتم الناس صلاة وأحفظهم لها وكان إذا ركع قال: (سبحان ربي العظيم) ثلاث مرات، وإذا رفع صلبه قال: (سمع الله لمن حمده اللهم لك الحمد ملء سمواتك وملء أرضك وملء ماشئت من شيء) فاذا سجد قال: (سبحان ربي الاعلى وبحمده) ثلاث مرات (3).

[الحديث: 720] عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال: لما انزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74] قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجعلوها في سجودكم (4).

[الحديث: 721] قال الإمام الصادق: إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك، وابسط

__________

(1) المحاسن ص 79..

(2) بحار الأنوار (85/ 103)، علل الشرايع ج 2 ص 22..

(3) بحار الأنوار (85/ 104)، كتاب الغارات.

(4) بحار الأنوار (85/ 105)، علل الشرايع ج 2 ص 23..

شمائل النبوة ومكارمها (180)

ظهرك، ولاتقنع رأسه ولاتصوبه، وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ركع لوصب على ظهره ماء لاستقر وقال: فرج أصابعك على ركبتيك في الركوع، وأبلغ أطراف أصابعك عيون الركبتين (1).

[الحديث: 722] عن الإمام علي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الارض بكم برة تتيممون منها، وتصلون عليها في الحياة وهي لكم كفات في الممات، وذلك من نعمة الله له الحمد، فأفضل مايسجد عليه المصلي الارض النقية (2).

[الحديث: 723] عن الإمام الصادق قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله كثرت ذنوبي وضعف عملي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أكثر السجود فانه يحط الذنوب كما تحط الريح ورق الشجر (3).

[الحديث: 724] عن الإمام الصادق قال: إن قوما أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله اضمن لنا على ربك الجنة، قال: فقال: على أن تعينوني بطول السجود، قالوا: نعم يا رسول الله، فضمن لهم الجنة (4).

[الحديث: 725] عن الإمام علي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: علمني عملا يحبني الله عليه، ويحبني المخلوقون، ويثري الله مالي، ويصح بدني، ويطيل عمري، ويحشرني معك، قال هذه ست خصال تحتاج إلى ست خصال إذا أردت أن يحبك الله فخفه واتقه، وإذا أردت أن يحبك المخلوقون فأحسن إليهم وارفض ما في أيديهم، وإذا أردت أن يثري الله مالك فزكه، وإذا أردت أن يصح الله بدنك فأكثر من الصدقة، وإذا أردت أن يطيل الله

__________

(1) بحار الأنوار (85/ 115)، دعائم الاسلام ج 1 ص 162..

(2) بحار الأنوار (85/ 156)، دعائم الاسلام ج 1 ص 178..

(3) بحار الأنوار (85/ 162)، أمالى الصدوق ص 299..

(4) بحار الأنوار (85/ 164)، أمالى الطوسى ج 2 ص 277.

شمائل النبوة ومكارمها (181)

عمرك فصل ذوي أرحامك وإذا أردت أن يحشرك الله معي فأطل السجود بين يدي الله الواحد القهار (1).

[الحديث: 726] عن الإمام الصادق قال: جاء رجل ودخل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني اريد أن اسألك فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سل ما شئت، قال: تحمل لي على ربك الجنة، قال: تحملت لك، ولكن أعني على ذلك بكثرة السجود (2).

[الحديث: 727] عن الإمام الصادق قال: مر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل وهو يعالج في بعض حجراته فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألا أكفيك؟ قال: شأنك، فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حاجتك؟ قال: الجنة، فأطرق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: نعم، فلما ولى قال له: يا عبدالله أعنا بطول السجود (3).

[الحديث: 728] عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه من دعا به عقيب كل صلاة مكتوبة حفظ في نفسه وداره وماله وولده، وهو (اللهم اغفرلي ماقدمت وما أخرت، وما أعلنت وما أسررت، وإسرافي على نفسي، وما أنت أعلم به مني، اللهم أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أجمعين، ما علمت الحياة خيرا لي فأحيني، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسئلك خشيتك في السر والعلانية، وكلمة الحق في الغضب والرصا، والقصد في الفقر والغنا، وأسئلك نعيما لاينفد، وقرة عين لاتنقطع، والرضا بالقضاء، وبرد العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك، وشوقا للقائك، من غير ضراء مضرة ولافتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الايمان، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم اهدنا فيمن هديت اللهم إني أسئلك عظيمة الرشاد، والثبات في الامر الرشد، وأسألك شكر نعمتك،

__________

(1) بحار الأنوار (85/ 164)، أعلام الدين.

(2) بحار الأنوار (85/ 164)، أربعين الشهيد.

(3) الكافى ج 3 ص 266..

شمائل النبوة ومكارمها (182)

وحسن عافيتك، وأداء حقك، وأسألك يارب قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأستغفرك لما تعلم، وأسئلك خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ماتعلم، فانك تعلم ولا نعلم، وأنت علام الغيوب) (1)

[الحديث: 729] عن الإمام الصادق قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجل وهو ساجد وهو يقول: يارب ماذا عليك أن ترضى كل من كان له عندي تبعه، وأن تغفر لي ذنوبي، وأن تدخلني الجنة برحمتك، فانما عفوك عن الظالمين، وأنا من الظالمين، فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ارفع رأسك فقد استجيب لك إنك دعوت بدعاء نبي كان على عهد عاد (2).

[الحديث: 730] روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه كان إذا أراد الانصراف من الصلاة مسح جبهته بيده اليمنى ثم يقول: لك الحمد لا اله الا انت علام الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، أذهب عني الغم والحزن والفتن، ما ظهر منها وما بطن، وقال ما أحد من امتي يقول ذلك إلا أعطاه الله ما سأل (3).

[الحديث: 731] عن الإمام علي قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبصر رجلا دبرت جبهته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من يغالب الله يغلبه، ومن يخدع الله يخدعه، فهلا تجافيت بجبهتك عن الارض! ولم تشوه وجهك (4).

[الحديث: 732] عن خديجة الكبرى قالت: كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاذا أنابه ساجد كالثوب الطريح فسمعته يقول: (سجد لك سوادي وآمن به فؤادي، رب هذه يداي

__________

(1) بحار الأنوار (86/ 2)، مكارم الاخلاق ص 327..

(2) بحار الأنوار (86/ 206)، مكارم الاخلاق ص 332..

(3) فلاح السائل ص 187..

(4) بحار الأنوار (86/ 217)، نوادر الراوندي..

شمائل النبوة ومكارمها (183)

وما جنيت على نفسي، ياعظيما يرجى لكل عظيم، اغفرلي الذنوب العظيمة) ثم قال: إن جبريل عليه السلام علمني ذلك وأمرني أن أقول هذه الكلمات التي سمعتها، فقوليها في سجودك، فمن قالها في سجوده لم يرفع رأسه حتى يغفرله (1).

[الحديث: 733] عن الإمام الصادق قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لما اسرى بي علمتني الملائكة قولا أقوله إذا أصبحت وأمسيت (الله إن ظلمي أصبح مستجيرا بعفوك، وذنبي أصبح مستجيرا بمغفرتك، وذلي أصبح مستجيرا بعزتك، وفقري أصبح مستجيرا بغناك، ووجهي البالي الفاني أصبح مستجيرا بوجهك الدائم الباقي الذي لايفني) وأقول ذلك إذا أمسيت (2).

[الحديث: 734] عن الإمام الباقر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر برجل يغرس غرسا في حائط له فوقف عليه فقال له: ألا أدلك على شيء أثبت أصلا وأسرع ينعا وأطيب ثمرا وأبقى؟ قال بلى يارسول الله، قال: إذا أصبحت وأمسيت فقل (سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) فان لك بكل تسبيحة شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، وهي الباقيات الصالحات (3).

[الحديث: 735] عن الإمام علي قال: فقد النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا من الانصار فقال له: ماغيبك عنا؟ فقال: الفقر يارسول الله، وطول السقم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا اعلمك كلاما إذا قلته ذهب عنك الفقر والسقم؟ قال: بلى، قال: إذا أصبحت وأمسيت فقل: (لاحول ولا قوة إلا بالله، توكلت على الحي الذي لايموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا)، قال الرجل: فو الله ما

__________

(1) بحار الأنوار (86/ 239)

(2) بحار الأنوار (86/ 248)، تفسير القمى ص 375..

(3) بحار الأنوار (86/ 257)، المحاسن ص 37.....

شمائل النبوة ومكارمها (184)

قلته إلا ثلاثة أيام حتى ذهب عني الفقر والسقم (1).

[الحديث: 736] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أول ما بعث يصوم حتى يقال: ما يفطر، ويفطر حتى يقال: ما يصوم، ثم ترك ذلك وصام يوما وأفطر يوما وهو صوم داود عليه السلام، ثم ترك ذلك وصام الثلاثة الايام الغر (2)، ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة يوما: خمسين بينهما أربعاء، فقبض عليه وآله السلام وهو يعمل ذلك (3).

[الحديث: 737] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم حتى يقال: لا يفطر، ثم صام يوما وأفطر يوما، ثم صام الاثنين والخميس، ثم آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر: الخميس في أول الشهر، وأربعاء في وسط الشهر، وخميس في آخر الشهر، وكان يقول: ذلك صوم الدهر، وقد كان أبي يقول: ما من أحد أبغض إلي من رجل يقال له: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل كذا وكذا، فيقول: لا يعذبني الله على أن أجتهد في الصلاة، كأنه يرى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترك شيئا من الفضل عجزا عنه (4).

[الحديث: 738] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر الاواخر شد المتزر، واجتنب النساء، وأحيى الليل، وتفرغ للعبادة (5).

[الحديث: 739] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان العشر الاواخر اعتكف في المسجد وضربت له قبة من شعر، وشمر المئزر، وطوى فراشه (6).

[الحديث: 740] عن الإمام الصادق قال: كانت بدر في شهر رمضان فلم يعتكف

__________

(1) بحار الأنوار (86/ 257)، المحاسن ص 42 و43..

(2) الايام الغر: الايام البيض في وسط الشهر.

(3) الفروع 1: 187.

(4) فروع الكافي 1: 187 و188.

(5) فروع الكافي 1: 205.

(6) فروع الكافي 1: 212.

شمائل النبوة ومكارمها (185)

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما أن كان من قابل اعتكف عشرين: عشرا لعامه، وعشرا قضاء لما فاته (1).

[الحديث: 741] عن الإمام الصادق قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شهر رمضان في العشر الاول، ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطى، ثم اعتكف في الثالثة في العشر الاواخر، ثم لم يزل يعتكف في العشر الاواخر (2).

[الحديث: 742] سئل الإمام الصادق: أكان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طواف يعرف به؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطوف بالليل والنهار عشرة أسابيع: ثلاثة أول الليل، وثلاثة آخر الليل، واثنين إذا أصبح، واثنين بعد الظهر وكان فيما بين ذلك راحته (3).

[الحديث: 743] عن الإمام الحسين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين (4).

[الحديث: 744] قال الإمام السجاد: إن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد له وتعبد بأبي هو وامي حتى انتفخ الساق، وورم القدم، وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا) (5)

[الحديث: 745] قال أبوذر: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة يردد قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] (6)

[الحديث: 746] روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول في دعائه عند مضجعه: (اللهم إني أعوذ

__________

(1) فروع الكافي 1: 212.

(2) فروع الكافي 1: 212.

(3) فروع الكافي 1: 212.

(4) أمالي الشيخ: 22.

(5) أمالي الشيخ: 47 و48.

(6) الرسائل المنسوب إلى الشهيد: 137.

شمائل النبوة ومكارمها (186)

بك بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، اللهم إني لا أستطيع أن أبلغ في الثناء عليك ولو حرصت، أنت كما أثنيت على نفسك) (1)

[الحديث: 747] روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول عند منامه: (بسم الله اموت وأحيا، وإلى الله المصير، اللهم آمن روعتي، واستر عورتي، وأد عني أمانتي) (2)

[الحديث: 748] روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ آية الكرسي عند منامه، ويقول: (أتاني جبريل فقال: يا محمد إن عفريتا من الجن يكيدك في منامك فعليك بآية الكرسي) (3)

[الحديث: 749] قال الإمام الباقر: (ما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من نوم قط إلا خر لله عز وجل ساجدا) (4)

[الحديث: 750] روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان لا ينام إلا والسواك عند رأسه، فإذا نهض بدأ بالسواك، وكان يقول: لقد امرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي) (5)

[الحديث: 751] روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا استيقظ: (الحمد لله الذي أحياني بعد موتي، إن ربي لغفور شكور) وكان يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم إني أسألك خير هذا اليوم ونوره وهداه وبركته وطهوره ومعافاته، اللهم إني أسألك خيره وخير ما فيه، وأعوذ بك من شره وشر ما بعده) (6)

__________

(1) مكارم الاخلاق: 40 و41.

(2) مكارم الاخلاق: 40 و41.

(3) مكارم الاخلاق: 40 و41.

(4) مكارم الاخلاق: 40 و41.

(5) مكارم الاخلاق: 40 و41.

(6) مكارم الاخلاق: 40 و41.

شمائل النبوة ومكارمها (187)

ثالثا ـ أخلاقه العالية

يحاول هذا الفصل جمع ما أمكن من الأحاديث التي وردت في المصادر الحديثية للسنة والشيعة، والمتعلقة بالجوانب الأخلاقية، وقد اقتصرنا منها على ما له علاقة مباشرة بالشمائل، ليعطينا صورة مجملة عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما التفاصيل المرتبطة بكل خلق؛ فسنوردها في سائر السلسلة، وفي محالها المناسبة لها.

ومع أنه يصعب تصنيف الكثير منها علميا بسبب احتوائها على معاني كثيرة، إلا أننا صنفناها بحسب الغالب على كل حديث، لتيسير الوصول لكل حديث منها:

1 ـ أخلاقه العظيمة

من الأحاديث الواردة في ذلك:

[الحديث: 752] عن عائشة أنها سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: (كان أحسن الناس خلقاً كأن خلقه القرآن، يرضى لرضاه، ويغضب لغضبه، لم يكن فاحشا ولا متفاحشا ولا سخّابا في الأسواق، ولا يجزئ بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح)، ثم قالت: اقرأ سورة المؤمنين اقرأ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 1 - 11]، فقرأ السائل، فقالت: (هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (1)

__________

(1) رواه ابن أبي شيبة، والبخاري في الأدب المفرد، ومسلم والترمذي والنسائي، سبل الهدى (7/ 6)

شمائل النبوة ومكارمها (188)

[الحديث: 753] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) (1)

[الحديث: 754] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بعثت لأتمّ حسن الأخلاق) (2)

[الحديث: 755] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق) (3)

[الحديث: 756] عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم كما حسّنت خلقي فحسّن خلقي) (4)

[الحديث: 757] عن صفية قالت: (ما رأيت أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (5)

[الحديث: 758] عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أنا أديب الله وعلي أديبي، أمرني ربي بالسخاء والبر، ونهاني عن البخل والجفاء، وما شيء أبغض إلى الله عز وجل من البخل وسوء الخلق، وإنه ليفسد العمل كما يفسد الطين العسل (6).

[الحديث: 759] كان الإمام علي إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: كان أجود الناس كفا، وأجرء الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة: وأكرمهم عشرة، ومن رآه بديهة هابه، ومن خالطه فعرفه أحبه، لم أر مثله قبله ولا بعده (7).

__________

(1) رواه أحمد والخرائطي، وأبو يعلى، سبل الهدى (7/ 6)

(2) رواه مالك، سبل الهدى (7/ 6)

(3) رواه البزّار، سبل الهدى (7/ 6)

(4) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 6)

(5) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 9)

(6) بحار الأنوار (16/ 231)

(7) بحار الأنوار (16/ 231)

شمائل النبوة ومكارمها (189)

[الحديث: 760] عن ابن عمر قال: ما رأيت أحدا أجود ولا أنجد ولا أشجع ولا أوضأ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1).

2 ـ حلمه وعفوه وأناته

من الأحاديث الواردة في ذلك:

[الحديث: 761] عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله تعالى لم يبعثني متعنّتا ولكن بعثني معلّما وميسرا) (2)

[الحديث: 762] عن عائشة قالت: (ما خيّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنفسه من شيء قط، إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى) (3)

[الحديث: 763] عن عائشة قالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا بيده، ولا ضرب مولى له، إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى، وما نيل منه شيء فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله تعالى) (4)

[الحديث: 764] عن أبي هريرة قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاحشا ولا متفاحشا ولا صخابا في الأسواق) (5)

[الحديث: 765] عن عبد الله بن عمرو قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاحشا ولا

__________

(1) مكارم الأخلاق للطبرسي: 16.

(2) رواه البزار، سبل الهدى (7/ 6)

(3) أبو داود 4/ 250 (4785)

(4) مسلم 4/ 1814 (79/ 2328)

(5) الترمذي 4/ 324 (2016)

شمائل النبوة ومكارمها (190)

متفاحشا وكان يقول: (إنّ خياركم أحسنكم أخلاقا) (1)

[الحديث: 766] عن عبد الله بن عمرو قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن.. ليس بفظ ولا غليظ ولا سخّاب في الأسواق ولا يجزئ بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح) (2)

[الحديث: 767] عن أنس قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين (3)،في السفر والحضر، والله ما قال لي: أفّ قط، ولا لشيء صنعته لم صنعت هذا هكذا ولا لشيء لم أصنعه لم لم تصنع هذا هكذا؟ ولا لشيء صنعته: أسأت صنعته، أو لبئس ما صنعت، ولا عاب عليّ شيئا قط، ولا أمرني بأمر فتوانيت عنه، أو ضيعته فلا مني، ولا لامني أحد من أهله إلا قال دعوه فلو قدّر أو قال قضي أن يكون كان، وأرسلني في حاجة يوما فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخرجت على صبيان وهم يلعبون في السوق، وإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه، وهو يضحك، فقال: (يا أنس، اذهب حيث أمرتك) فقلت له: أنا أذهب يا رسول الله) (4)

[الحديث: 768] عن أنس قال: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبّابا ولا لمّاما ولا فاحشا، وكان يقول لأحدنا عند المعاتبة: (ماله ترب جبينه) (5)

3 ـ تواضعه ورفقه

لكثرة الأحاديث الواردة في هذا؛ فقد قسمناها بحسب مصادرها إلى قسمين:

__________

(1) البخاري 10/ 470 (6035) والبيهقي 5/ 352/ 6/ 21.

(2) رواه البخاري، سبل الهدى (7/ 7)

(3) وفي لفظ: إحدى عشرة سنة، وأنا ابن ثمان سنين.

(4) البخاري 10/ 471 (6038)

(5) البخاري 10/ 467 (6031)

شمائل النبوة ومكارمها (191)

أ ـ في المصادر السنية

من الأحاديث الواردة في ذلك:

[الحديث: 769] عن أنس قال: (كانت الأمة والعبد لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت، ويجيب إذا دعي) (1)

[الحديث: 770] عن أنس قال: (ما رأيت رجلا التقم أذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنحى رأسه عنه، حتى يكون الرجل هو الذي ينزع، وما رأيت رجلا أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فترك يده، حتى يكون الرجل هو الذي ينزع) (2)

[الحديث: 771] عن معاوية بن الحكم قال: بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فحدّقني القوم بأبصارهم، قال: فقلت: يرحمك الله، فحدّقني القوم بأبصارهم، قال: قلت: وثكل أماه، ما لهم ينظرون إليّ، قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم قال: فلمّا رأيتهم يسكّتوني سكتّ، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من صلاته دعاني، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله، ولا بعده أحسن تعليما منه، والله ما ضربني، ولا سبّني، ولا نهرني، ولكن قال: (إن صلاتك هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وتلاوة القرآن) (3)

[الحديث: 772] عن أبي أمامة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غلام شاب فقال: يا رسول الله ايذن لي في الزنا، فصاح الناس وقالوا: مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أتحبّه لأمّك؟) فقال: لا، قال: (وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لأختك؟ قال: لا، قال: (وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم، قال: أتحبه لعمتك؟) قال: لا، قال: (وكذلك الناس لا يحبونه لعماتهم،

__________

(1) البخاري 10/ 504 (6072)

(2) أبو داود 4/ 251 (4794)

(3) مسلم 1/ 381 (33/ 537)

شمائل النبوة ومكارمها (192)

فاكره لهم ما تكره لنفسك، وأحبّ لهم ما تحب لنفسك) (1)

[الحديث: 773] عن جابر قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ثيابنا في الجنة ننسجها بأيدينا أم تشقق من ثمر الجنة؟ فضحك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الأعرابي: ممّ يضحكون؟ من جاهل يسأل عالما؟ فقال: (صدقت يا أعرابي، ولكنها تشقق من ثمر الجنة) (2)

[الحديث: 774] عن عائشة أن رهطا من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا: (السام عليك) فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (عليكم)، قالت عائشة: ففهمنا فقلت: السّلام إلا عليكم، واللعنة فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (مهلا يا عائشة إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله)، قالت: يا رسول الله ألم تسمع لما قالوا؟ قال: (قد قلت: عليكم) (3)

[الحديث: 775] عن عثمان أنه كان يخطب فقال: أما والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويشيّع جنائزنا ويغدو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير (4).

[الحديث: 776] عن زيد بن أرقم قال: كان رجل من الأنصار يدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويأمنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ذلك الرجل عقد له عقدا، فألقاه في بئر، فصرع ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأتاه ملكان يعودانه، فأخبراه أن فلانا عقد له عقدا، وهي في بئر فلان، وقد اصفرّ من شدة عقده، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا فاستخرج العقد، فوجد العاقد اصفر، فحل العقد، وقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا رآه في وجهه قط، ولم يعاتبه حتى

__________

(1) أحمد في المسند 5/ 256/ 257 والطبراني في الكبير 8/ 190/ 215.

(2) رواه أبو نعيم، سبل الهدى (7/ 8)

(3) أحمد في المسند 3/ 241.

(4) رواه أبو يعلى، سبل الهدى (7/ 8)

شمائل النبوة ومكارمها (193)

مات (1).

[الحديث: 777] عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صافحه الرجل لا ينزع يده من يده، حتى يكون الرجل ينزع، وإن استقبله بوجهه لا يصرفه عنه حتى يكون الرجل ينصرف، ولم ير مقدّما ركبتيه بين يدي جليس له (2).

[الحديث: 778] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب الرفق في الأمور كلها (3).

[الحديث: 779] عن ابن أبي هالة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دمثا، ليس بالجافي ولا المهين، لا يقوم لغضبه شيء إذا تعرض الحق، حتى ينظر له، وفي رواية لا تغضبه الدنيا، وما كان لها، فإذا تعرّض الحقّ لم يعرف أحدا، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها (4).

[الحديث: 780] عن أنس: قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، قال أنس: حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أثرت بها حاشية الثوب، من شدة جبذته، فقال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضحك، وأمر له بعطاء) (5)

[الحديث: 781] عن أبي هريرة أن أعرابياً دخل المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس، فصلى ركعتين فقال: اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لقد

__________

(1) رواه ابن أبي شيبة والبخاري، وأبو الشيخ، والبيهقي، سبل الهدى (7/ 9)

(2) البيهقي في السنن 10/ 192 وفي دلائل النبوة 1/ 320.

(3) رواه الخطيب في الرواية، سبل الهدى (7/ 9)

(4) رواه البيهقي، سبل الهدى (7/ 9)

(5) رواه البخاري 10/ 519 (6088)، ومسلم وابن سعد وأبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 9)

شمائل النبوة ومكارمها (194)

تحجّرت واسعا)، ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد، فأسرع الناس إليه، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: (تزرموه)، فقضى حاجته، حتى فرغ من بوله وقال: (إنّما بعثتم ميسّرين، ولم تبعثوا معسّرين، علموا، ويسروا، ولا تعسروا، صبّوا عليه سجلا من ماء)، فقال الأعرابي بعد أن فقه: فقام إليّ بأبي وأمي صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يؤنّب فقال: إن هذا المسجد لا يبال فيه، إنما بني لذكر الله تعالى وللصلاة (1).

[الحديث: 782] عن أنس قال: بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مه مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تزرموه، إنما بعثتم ميسّرين، ولم تبعثوا معسرين)، فتركوه، حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعاه فقال: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، والقذر، إنما هي لذكر الله تعالى، وقراءة القرآن، ثم أمر رجلا فجاءه بدلو من ماء فشنّه عليه (2).

[الحديث: 783] عن أنس قال: جاء الطفيل بن عمرو الدّوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله إن دوسا قد عصت وأبت، فادع الله تعالى عليهم، فاستقبل القبلة، فرفع يده فقال الناس: هلكوا اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم اهد دوسا، وأت بهم جميعا، ثلاثا) (3)

[الحديث: 784] عن أنس قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستعينه في شيء فقال: يا محمد أعطني، فإنك لا تعطيني من مالك، ولا من مال أبيك. فأعطاه شيئاً، ثم قال:

__________

(1) البخاري 10/ 541 (6128) وأبو داود 1/ 103 (380) وأحمد 2/ 239، 283 والترمذي (147) والشافعي (43) والنسائي 3/ 14 والبيهقي 2/ 428 وعبد الرزاق (1658)

(2) البخاري 1/ 387 (220) ومسلم 1/ 236، 237 (100/ 285)

(3) البخاري 11/ 199 (6397) ومسلم 4/ 1957 (197/ 2524) وأحمد 2/ 243، 448، 502 وابن عساكر 7/ 65، 66 والبيهقي في دلائل النبوة 5/ 359، 362.

شمائل النبوة ومكارمها (195)

(أحسنت إليك؟) قال لا ولا أجملت، فغضب المسلمون، وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفّوا، ثم قام فدخل منزله، ثم أرسل إلى الأعرابي فدعاه إلى البيت، فأعطاه شيئا، فقال: (أرضيت؟) فقال: لا، ثم أعطاه أيضا، فقال: (أرضيت؟) فقال: نعم، نرضى، فقال: (إنك جئتنا، فسألتنا، فأعطيناك، فقلت ما قلت، وفي أنفس المسلمين شيء من ذلك، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي، حتى يذهب عن صدورهم ما فيها)، قال: نعم، فلما كان الغداة أو العشيّ جاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن صاحبكم هذا كان جائعا فسألنا، فأعطيناه، فزعم أنه رضي، أكذلك؟) فقال الأعرابي: (أي نعم، فجزاك الله تعالى عن أهل وعشيرة خيرا) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا إن مثلي ومثلكم كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه، فأتّبعها الناس، فلم يزيدوها إلا نفورا، فناداهم صاحب الناقة: خلّوا بيني وبين ناقتي، فأنا أرفق بها، فتوجه لها صاحبها بين يديها، فأخذ لها من قمام الأرض، فجاءت واستناخت، فشد عليها رحلها، واستوى عليها، وأنا لو تركتكم حين قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار، فما زلت حتى فعلت ما فعلت) (1)

[الحديث: 785] عن أنس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجيب دعوة العبد، ويعود المريض، ويركب الحمار) (2)

[الحديث: 786] عن ابن عباس، قال: إن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل لهم الصّفا ذهبا، وأن ينحّي عنهم الجبال فيزرعون، فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم، وإن شئت أن نعطيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكتهم كما أهلكت من كان قبلهم، قال: بل أستأني بهم (3).

__________

(1) رواه أبو الشيخ وأبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 11)

(2) رواه أبو يعلى، سبل الهدى (7/ 11)

(3) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 11)

شمائل النبوة ومكارمها (196)

[الحديث: 787] عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله ادع على المشركين فقال: (لم أبعث لعّانا، وإنما بعثت رحمة) (1)

[الحديث: 788] عن زيد بن أسلم مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر بقوم يتدافعون حجرا بينهم، وكأنه كره ذلك منهم، فلما جاوزهم رجع إليهم مستفسرا فقال: (ما هذا الحجر) فقالوا: يا رسول الله هذا حجر الأسد، فقال بعض أصحابه: لو نهرتهم يا رسول الله قال: (إنما بعثت ميسّرا، ولم أبعث منفرا) (2)

[الحديث: 789] عن تمّام بن العباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصفّ عبد الله وعبيد الله وكثيرا أبناء العباس، ويقول: (من سبق إليّ فله كذا وكذا وقال فيستبقون إليه، فيقعون على ظهره وصدره فيقبّلهم ويلتزمهم) (3)

[الحديث: 790] عن عائشة قالت: ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما دعاه أحد من أصحابه، ولا من أهل بيته إلا قال: لبّيك، فلذلك أنزل الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]) (4)

[الحديث: 791] عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا فقد رجلا من أصحابه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده (5).

[الحديث: 792] عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثه في حاجة، قال: فرأيت صبيانا فقعدت معهم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الصبيان (6).

__________

(1) مسلم 4/ 2006، 2007 (87/ 2599)

(2) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 12)

(3) أبو يعلى 7/ 238 (1488/ 4243) وأبو نعيم في (حلية الأولياء) 8/ 131.

(4) رواه ابن مردويه، وأبو نعيم، والواحدي، سبل الهدى (7/ 12)

(5) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 12)

(6) رواه ابن سعد، سبل الهدى (7/ 12)

شمائل النبوة ومكارمها (197)

[الحديث: 793] عن زيد بن ثابت قال: كنت جار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا (1).

[الحديث: 794] عن أسماء بنت أبي بكر أن أبا بكر قال: يا رسول الله- لمّا أراد حجّة الوداع- عندي بعير نحمل عليه زادنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فذاك إذن، فكانت زاملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزاملة أبي بكر واحدة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بزاد دقيق وسويق، فجعل على بعير أبي بكر، وأعطاه أبو بكر لغلام له. فنام الغلام في بعض الطريق فذهب البعير، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء الغلام، وليس معه شيء، فقال له أبو بكر أين البعير؟ فقال: ضل، فقام إليه يضربه، ويقول: بعير واحد ضل منك لو لم يكن إلا أنا لهان الأمر، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبتسم، ويقول: ألا ترون إلى هذا المحرم وما يصنع؟ فحمل جماعة جفنة من حيس وأقبلوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى وضعوها بين يديه، فجعل يقول: يا أبا بكر هلمّ، فقد جاءك الله تعالى بغذاء طيب، وجعل أبو بكر يغتاظ على الغلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (هوّن عليك، فإن الأمر ليس عليك، ولا إلينا معك، قد كان الغلام حريصا أن لا يضل بعيره، وهذا خلف مما كان معه)، فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهله، ومن كان معه وكل من كان يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى شبعوا (2).

[الحديث: 795] روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في سفر، وأمر أصحابه بإصلاح شاة، فقال رجل: يا رسول الله على ذبحها، وقال آخر: يا رسول الله عليّ سلخها، وقال آخر: يا رسول الله عليّ طبخها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (وعليّ جمع الحطب) فقالوا يا رسول الله: نكفيك العمل، فقال: (قد علمت أنكم تكفوني، ولكن أكره أن أتميز عليكم، وأن الله تعالى

__________

(1) رواه البيهقي، سبل الهدى (7/ 12)

(2) رواه محمد بن عمر الأسلمي، سبل الهدى (7/ 12)

شمائل النبوة ومكارمها (198)

يكره من عبده أن يراه متميزا بين أصحابه) (1)

[الحديث: 796] عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأشج عبد القيس: (إنّ فيك لخصلتين يحبّهما الله تعالى ورسوله: الحلم والأناة)، قال: يا رسول الله قديما كان أو حديثا؟ قال: (قديما)، قال: الحمد لله الذي جبلني على جبلّتين يحبّهما الله تعالى) (2)

[الحديث: 797] كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (اللهم كما حسّنت خلقي فحسّن خلقي) (3)

[الحديث: 798] كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول في دعاء الافتتاح: (واهدني لأحسن الأخلاق، إنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت) (4)

[الحديث: 799] عن قتادة قال: (طهر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من الفظاظة والغلظة، وجعله قريبا، رؤوفا بالمؤمنين رحيما) (5)

[الحديث: 800] عن عبد الله بن الزبير قال: لما أنزل الله عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما تأويل هذه الآية يا جبريل؟ فقال: (يا محمد إن الله تبارك وتعالى أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك) (6)

[الحديث: 801] عن جابر أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما قفل معه أدركتهم القائلة في واد كثير العضاة فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت سمرة فعلق سيفه، ونمنا نومة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال:

__________

(1) المحب الطبري، سبل الهدى (7/ 13)

(2) رواه أحمد والنّسائي والتّرمذي وابن حبان، سبل الهدى (7/ 14)

(3) رواه أحمد وابن حبّان، سبل الهدى (7/ 14)

(4) رواه مسلم، سبل الهدى (7/ 14)

(5) البخاري في التفسير 8/ 155 (4643، 4644)

(6) رواه ابن مردويه عن جابر وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن أبي حاتم، سبل الهدى (7/ 17)

شمائل النبوة ومكارمها (199)

(إن هذا اخترط عليّ سيفي، وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده فقال: من يمنعك مني؟) فقلت: الله ثلاثا، ولم يعاقبه وجلس (1).

[الحديث: 802] عن جعدة قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي برجل فقال: هذا أراد أن يقتلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لن تراع، لو أردت ذلك لم يسلطك الله عليّ) (2)

[الحديث: 803] عن أنس أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبل التنعيم متسلحين يريدون غرّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدعا عليهم، فأخذهم سلما فعفا عنهم، واستحياهم (3)

[الحديث: 804] عن أبي هريرة قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما، ثم قام فقمت حين قام، فنظرنا إلى أعرابي قد أدركه، فجذبه بردائه، فحمّر رقبته، وكان رداؤه خشنا، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له الأعرابي: احملني على بعيري هذين، فإنك لا تحملني من مالك، ولا من مال أبيك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا، وأستغفر الله، لا وأستغفر الله، لا وأستغفر الله لا أحملك حتى تقيدني من جبذتك) وكل ذلك يقول الأعرابي: والله لا أقيدكها، فذكر الحديث، وفيه: ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمر فقال: احمل له على بعيريه هذين- على بعير تمرا، وعلى الآخر شعيرا، - ثم التفت إلينا، فقال: (انصرفوا على بركة الله تعالى) (4)

[الحديث: 805] عن أبي هريرة قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة طاف بالبيت وصلّى ركعتين، ثم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب فقال: (ما تقولون؟ وما تظنون؟) قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم قالوا ذلك ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أقول كما قال أخي يوسف عليه

__________

(1) رواه البخاري، سبل الهدى (7/ 17)

(2) رواه أحمد والطبراني، سبل الهدى (7/ 18)

(3) رواه مسلم 3/ 1442 (133/ 1808) ابن أبي شيبة، وأحمد وعبد بن حميد، سبل الهدى (7/ 18)

(4) رواه النّسائي، وأبو داود (4775)، سبل الهدى (7/ 18)

شمائل النبوة ومكارمها (200)

السلام لإخوته: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92]، فخرجوا، فكأنما نشروا من القبور، فأسلموا (1).

[الحديث: 806] عن عمر قال: لما كان يوم فتح مكة أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى صفوان بن أمية، وأبي سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، قال عمر فقلت: قد أمكنني الله عز وجل منهم اليوم، لأعرفنهم بما صنعوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مثلي ومثلكم كما قال يوسف عليه السلام لإخوته): {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92]، فانفضحت حياء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كراهية أن يكون يدري، وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قال (2).

[الحديث: 807] عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل يقبض يوم حنين من فضة في ثوب بلال، ويفرقها، فقال له رجل: يا رسول الله أعدل، فقال: (ويحك، من يعدل إذا أنا لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن كنت لا أعدل) فقال عمر: ألا أضرب عنقه فإنه منافق؟ فقال: (معاذ الله أن يتحدث أني أقتل أصحابي) (3)

[الحديث: 808] عن عبد الله بن مسعود قال: لما كان يوم حنين آثر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ناسا في القسمة ليؤلفهم، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى ناسا من أشراف العرب، وآثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: إن هذه لقسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله تعالى، قال: فقلت: والله لأخبرنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتيته، فأخبرته بما قال، فتغير وجهه حتى كان كالصّرف، ثم قال: فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله؟ ثم قال: (يرحم

__________

(1) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 18)

(2) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (7/ 18)

(3) مسلم (142) وأحمد 3/ 353 والطبراني في الكبير 2/ 201 والبيهقي في الدلائل 5/ 186.

شمائل النبوة ومكارمها (201)

الله موسى عليه السلام، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر) (1)

[الحديث: 809]، عن عبد الله بن سلام: أن زيد بن سعية ـ وهو أحد علماء أهل الكتاب من اليهود ـ قال: إنه لم يبق من علامات النّبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه: أن يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه، فابتعت منه تمرا معلوما إلى أجل معلوم، وأعطيته الثمن، فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، أتيته، فأخذت بجامع قميصه وردائه، ونظرت إليه بوجه غليظ، فقلت: يا محمد ألا تقضيني حقي؟ فو الله إنكم يا بني عبد المطلب لمطل، وقد كان لي بمخالطتكم علم فقال عمر: أي عدوّ الله، أتقول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أسمع؟ فو الله لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إلى عمر في سكون، وتؤدة، وتبسم، ثم قال: (أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التّباعة اذهب يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا، مكان ما رعته)، ففعل عمر، فقلت: يا عمر، كلّ علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا اثنتين لم أخبرهما منه، يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فقد خبرتهما، فأشهدك أني رضيت بالله تعالى ربّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا (2).

[الحديث: 810] عن عائشة قالت: ابتاع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جزورا من أعرابي بوسق من تمر الذّخيرة، فجاء منزله، فالتمس التمر، فلم يجده، فخرج إلى الأعرابي فقال: (عبد الله، إنا قد ابتعنا منك جزورك هذا بوسق، من تمر الذّخيرة، ونحن نرى أن عندنا، فلم نجده) فقال

__________

(1) رواه مسلم، سبل الهدى (7/ 19)

(2) رواه ابن حبان، والحاكم 2/ 3232/ 605 وأبو نعيم في الدلائل 1/ 23.

شمائل النبوة ومكارمها (202)

الأعرابي: وا غدراه وا غدراه، فوكزه الناس وقالوا: إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقول هذا؟ فقال: (دعوه، فإن لصاحب الحقّ مقالا) فردد ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرتين أو ثلاثا، فلما رآه لا يفقه عنه قال لرجل من أصحابه: (اذهب إلى خولة بنت حكيم بن أمية فقل لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لك إن كان عندك وسق من تمر الذّخيرة فسلفينا حتى نؤديه إليك إن شاء الله تعالى) فذهب إليها الرجل ثم رجع قال: قالت: نعم هو عندنا يا رسول الله، فابعث من يقبضه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للرجل: (اذهب فأوفه الذي له) فذهب، فأوفاه الذي له، قال فمر الأعرابي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو جالس في أصحابه، فقال: جزاك الله خيرا، فقد أوفيت وأطيبت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أولئك خيار الناس الموفون المطيّبون) (1)

[الحديث: 811] عن أبي هريرة أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتقاضاه فأغلظ له، فهمّ به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دعوه فإن لصاحب الحق مقالا، ثم قال: أعطوه شيئا مثل سنّه، فقالوا: يا رسول الله، لا نجد إلا أفضل من سنه، قال: (أعطوها، وخيركم أحسنكم قضاء) (2)

[الحديث: 812] عن أنس بن مالك أن يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها فجيء بها، فقيل: ألا تقتلها فقال: (لا) (3)

[الحديث: 813] عن جابر: أبصرت عيناي، وسمعت أذناي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان بالجعرّانة، وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفضّها على الناس، فيعطيهم، فقال له رجل: يا رسول الله اعدل، فقال: (ويلك فمن يعدل إذا لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أعدل)، فقال عمر: يا رسول الله دعني أقتل هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (معاذ الله أن

__________

(1) رواه أحمد، وأبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 20)

(2) البخاري 4/ 483 (2306) ومسلم 3/ 1225 (120/ 1601)

(3) رواه البخاري، سبل الهدى (7/ 20)

شمائل النبوة ومكارمها (203)

يتحدث الناس أنني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلوقهم أو قال: حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية) (1)

[الحديث: 814] عن عبد الله بن عبيد مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما كسرت رباعيّته، وشجّ وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه، وقالوا: لو دعوت عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني لم أبعث لعّانا، ولكن بعثت داعيا ورحمة، اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون) (2)

[الحديث: 815] عن أبي سعيد الخدري قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه) (3)

[الحديث: 816] عن أنس قال: (رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على وجه رجل صفرة فقال: لو أمرتم هذا أن يغسل هذه الصفرة، وكان لا يكاد يواجه أحدا في وجهه بشيء يكرهه) (4)

[الحديث: 817] عن أنس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قل ما يواجه الرجل بشيء يكرهه، فدخل عليه يوما رجل وعليه أثر صفرة، فلما قام قال لأصحابه: لو غيّر، أو نزع هذه الصّفرة) (5)

[الحديث: 818] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا بلغه عن رجل شيئا لم يقل له: قلت: كذا وكذا قال: (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا) (6)

[الحديث: 819] عن سهل بن سعد قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيياً لا يسأل عن شيء

__________

(1) البخاري (6163) (3933) (3610) ومسلم 2/ 744 (148/ 1064) وأحمد 3/ 56، 353، 355 والبيهقي في الدلائل 5/ 185، 187 وابن ماجة (172)

(2) مسلم 4/ 2007 والبخاري في الأدب (321) والطبراني في الكبير 19/ 189.

(3) البخاري 6/ 566 ومسلم 4/ 1809 (67/ 2320)

(4) أحمد 3/ 154، 160 وأبو داود (4789) والبيهقي في الدلائل 1/ 317.

(5) البخاري في الأدب المفرد (433)

(6) رواه أبو داود، والنسائي 6/ 60، سبل الهدى (7/ 23)

شمائل النبوة ومكارمها (204)

إلا أعطى) (1)

[الحديث: 820] عن هند بن أبي هالة قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خافض الطّرف، جل نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، جلّ نظره الملاحظة) (2)

[الحديث: 821] عن عائشة قالت: صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا فرخص فيه، فتنزّه عنه قوم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخطب، فحمد الله تعالى، ثم قال: (ما بال أقوام يتنزّهون عن الشيء أصنعه؟ فو الله إني لأعلمهم بالله تعالى، وأشدهم له خشية) (3)

[الحديث: 822] عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد الناس حياء من العواتق في خدورها) (4)

[الحديث: 823] عن عائشة أن رجلا استأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة، فلما دخل عليه ألان له القول وتطلّق في وجهه، وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل، قلت: يا رسول الله، حين رأيت الرجل قلت: كذا وكذا، فلما دخل ألنت له القول، وتطلّقت في وجهه، وانبسطت إليه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (متى عهدتني فاحشا إن شر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه) (5) وفي رواية: (اتقاء شرّه)

[الحديث: 824] عن صفوان بن أمية قال: والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ، وأعطى حكيم بن حزام مائة من الغنم، وأعطى عيينة بن حصن مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس مائة من

__________

(1) رواه عبد بن حميد، وأبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 23)

(2) رواه البيهقي، سبل الهدى (7/ 23)

(3) البخاري في الأدب المفرد (436)

(4) البيهقي 10/ 192 وفي الدلائل 1/ 216 وأحمد 3/ 91271.

(5) رواه البخاري (6054) (6131) ومسلم، ومالك وأحمد، والتّرمذي، سبل الهدى (7/ 25)

شمائل النبوة ومكارمها (205)

الإبل (1).

[الحديث: 825] عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله عز وجل أمرني بمداراة الناس، كما أمرني بالفرائض) (2)

[الحديث: 826] عن إسماعيل بن عياش قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصبر الناس على أقذار الناس) (3)

[الحديث: 827] عن أنس قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليه برد نجرانيّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيّ فجبذ بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وقد أثّرت فيها حاشية الرّداء من شدّة جبذته، ثمّ قال: يا محمّد، مر لي من مال الله الّذي عندك. فالتفت إليه فضحك، ثمّ أمر له بعطاء (4).

ب ـ في المصادر الشيعية

من الأحاديث الواردة في ذلك:

[الحديث: 828] قال الإمام علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس كفا، وأكرمهم عشرة، من خالطه فعرفه أحبه (5).

[الحديث: 829] عن جرير بن عبد الله قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتيته لابايعه، فقال لي: يا جرير لاي شيء جئت؟ قال: قلت: جئت لاسلم على يديك يا رسول الله فألقى لي كساءه ثم أقبل على أصحابه فقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (6).

__________

(1) رواه ابن الأعرابي، سبل الهدى (7/ 25)

(2) رواه ابن عدي 2/ 447، والحكيم والترمذي، سبل الهدى (7/ 25)

(3) ابن سعد 1/ 2/ 99.

(4) البخاري- الفتح 10 (6088) ومسلم (1057)

(5) بحار الأنوار (16/ 231)

(6) بحار الأنوار (16/ 238)

شمائل النبوة ومكارمها (206)

[الحديث: 830] عن بحر السقا قال: قال لي الإمام الصادق: يا بحر حسن الخلق يسر، ثم قال: ألا اخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة؟ قلت: بلى، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الانصار وهو قائم، فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم تقل شيئا، ولم يقل لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، فقام لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الرابعة وهي خلفه، فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت، فقال لها الناس: فعل الله بك وفعل حبست رسول الله ثلاث مرات لا تقولين له شيئا، ولا هو يقول لك شيئا، ما كانت حاجتك إليه؟ قالت: إن لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة (1) من ثوبه ليستشفى بها، فلما أردت أخذها رآني فقام، فاستحييت أن آخذها وهو يراني، وأكره أن استأمره في أخذها فأخذتها (2).

[الحديث: 831] عن الإمام الباقر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اتي باليهودية التي سمت الشاة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: قلت: إن كان نبيا لم يضره، وإن كان ملكا أرحت الناس منه، فعفا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها (3).

[الحديث: 832] عن الإمام الصادق قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عائشة فرأى كسرة كاد أن يطأها فأخذها وأكلها، وقال: يا حميرى أكرمي جوار نعم الله عليك، فإنها لم تنفر من قوم فكادت تعود إليهم (4).

[الحديث: 833] عن الإمام الصادق قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر في بعض طرق المدينة وسوداء تلقط السرقين، فقيل لها: تنحي عن طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: إن الطريق

__________

(1) هدبة الثوب: طرفه مما يلي طرته.

(2) اصول الكافي 2: 102.

(3) اصول الكافي 2: 108.

(4) فروع الكافي 2: 165.

شمائل النبوة ومكارمها (207)

لمعرض (1)، فهم بها بعض القوم أن يتناولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دعوها فإنها جبارة (2).

[الحديث: 834] عن الإمام الباقر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجرى الخيل التى أضمرت من الحصباء إلى مسجد بني زريق، وسبقها من ثلاث نخلات، فأعطى السابق عذقا، وأعطى المصلي (3) عذقا، وأعطى الثالث عذقا (4).

[الحديث: 835] عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده (5).

[الحديث: 836] عن جابر بن عبد الله قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إحدى وعشرين غزوة بنفسه، شاهدت منها تسعة عشر، وغبت عن اثنتين، فبينا أنا معه في بعض غزواته إذ أعيانا ضحى تحتي بالليل فبرك، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخرنا في آخريات الناس، فيزجي الضعيف ويردف ويدعو لهم، فانتهى إلي وأنا أقول: يا لهف أمياه، وما زال لنا ناضح سوء، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا جابر بأبي أنت وامي يا رسول الله، قال: ما شأنك؟ قلت: أعيا ناضحى، فقال: أمعك عصا؟ فقلت: نعم، فضربه، ثم بعثه، ثم أناخه ووطئ على ذراعه، وقال: اركب فركبت فسايرته فجعل جملي يسبقه، فاستغفر لي تلك الليلة خمس وعشرين مرة، فقال لي: ما ترك عبد الله من الولد؟ يعني أباه، قلت: سبع نسوة، قال: أبوك عليه دين؟ قلت: نعم، قال: فإذا قدمت المدينة فقاطعهم، فإن أبوا فإذا حضر جذاذ نخلكم فأذني، فقال: بكم اشتريت جملك؟ فقلت: بخمس أواق من ذهب، قال: قد أخذناه، فلما قدم

__________

(1) أى عريض وواسع.

(2) اصول الكافي 2: 309.

(3) المصلي في خيل الحلبة هو الثاني.

(4) فروع الكافي 1: 341.

(5) بحار الأنوار (16/ 232)

شمائل النبوة ومكارمها (208)

المدينة أتيته بالجمل فقال: يا بلال أعطه خمس اواق من ذهب يستعين به في دين عبد الله، وزده ثلاثا واردد عليه جمله، قال: هل قاطعت غرماء عبد الله؟ قلت: لا يا رسول الله، قال: أترك وفاء؟ قلت: لا، قال: لا عليك إذا حضر جذاذ نخلكم فأذني، فأذنته فجاء فدعا لنا فجذذنا واستوفى كل غريم كان يطلب تمرا وفاء، وبقي لنا ما كنا نجذ وأكثر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ارفعوا ولا تكيلوا فرفعناه وأكلنا منه زمانا (1).

[الحديث: 837] عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا حدث الحديث أو سأل عن الامر كرره ثلاثا ليفهم ويفهم عنه (2).

[الحديث: 838] عن ابن عمر قال: قال رجل: يا رسول الله، فقال: لبيك (3).

[الحديث: 839] عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كنا إذا جلسنا إليه إن أخذنا بحديث في ذكر الآخرة أخذ معنا، وإن أخذنا في الدنيا أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الطعام والشراب أخذ معنا، فكل هذا احدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (4).

[الحديث: 840] عن أبي الحميساء قال: بايعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يبعث فواعدنيه مكانا فنسيته يومي والغد، فأتيته يوم الثالث، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا فتى لقد شققت علي، أنا هاهنا منذ ثلاثة أيام (5).

[الحديث: 841] عن جرير بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل بعض بيوته فامتلا البيت، ودخل جرير فقعد خارج البيت، فأبصره النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ ثوبه فلفه فرمى به إليه، وقال:

__________

(1) مكارم الأخلاق للطبرسي: 18 و19.

(2) بحار الأنوار (16/ 234)

(3) بحار الأنوار (16/ 235)

(4) بحار الأنوار (16/ 235)

(5) بحار الأنوار (16/ 235)

شمائل النبوة ومكارمها (209)

اجلس على هذا، فأخذ جرير فوضعه على وجهه فقبله (1).

[الحديث: 842] عن سلمان الفارسي قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي، ثم قال: يا سلمان ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقى له الوسادة إكراما له إلا غفر الله له (2).

[الحديث: 843] عن الإمام الباقر قال: دخل يهودي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعائشة عنده، فقال: السام (3) عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عليك، ثم دخل آخر فقال: مثل ذلك فرد عليه كما رد على صاحبه، ثم دخل آخر فقال: مثل ذلك، فرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما رد على صاحبه، فغضبت عائشة فقالت: عليكم السام والغضب واللعنة يا معشر اليهود، يا إخوة القردة والخنازير، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عائشة إن الفحش لو كان ممثلا لكان مثال سوء، إن الرفق لم يوضع على شيء قط إلا زانه، ولم يرفع عنه قط إلا شانه، قالت: يا رسول الله أما سمعت إلى قولهم: السام عليكم؟ فقال: بلى، أما سمعت ما رددت عليهم؟ قلت: عليكم، فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا: السلام عليكم، وإذا سلم عليكم كافر فقولوا: عليك (4).

[الحديث: 844] عن الإمام الصادق قال: أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشئ فقسمه فلم يسع أهل الصفة جميعا، فخص به اناسا منهم، فخاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون قد دخل قلوب الآخرين شيء، فخرج إليهم فقال: معذرة إلى الله عز وجل، وإليكم يا أهل الصفة، إنا اوتينا بشئ فأردنا أن نقسمه بينكم فلم يسعكم، فخصصت به اناسا منكم، خشينا جزعهم

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 235)

(2) مكارم الأخلاق للطبرسي: 19 و20..

(3) السام: الموت.

(4) اصول الكافي 2: 648.

شمائل النبوة ومكارمها (210)

وهلعهم (1).

[الحديث: 845] عن الإمام الصادق قال: ما صافح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا قط فنزع يده حتى يكون هو الذي ينزع يده منه (2).

[الحديث: 846] عن الإمام الصادق قال: لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم حذيفة فمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده فكف حذيفة يده، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا حذيفة بسطت يدي إليك فكففت يدك عني؟ فقال حذيفة: يا رسول الله بيدك الرغبة، ولكني كنت جنبا فلم احب أن تمس يدي يدك وأنا جنب، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أما تعلم أن المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتت ذنوبهما كما يتحات (3) ورق الشجر (4).

[الحديث: 847] عن الإمام الصادق قال: قال: ما منع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سائلا قط، إن كان عنده أعطى، وإلا قال: يأتي الله به (5).

[الحديث: 848] قال الإمام الصادق: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم لحظاته بين أصحابه، ينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية) (6)

[الحديث: 849] قال الإمام الصادق: (ما كلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العباد بكنه عقله قط، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنا معشر الانبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) (7)

[الحديث: 850] عن الإمام الصادق قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم عنده عائشة

__________

(1) فروع الكافي 1: 155..

(2) فروع الكافي 1: 155..

(3) تحات الورق من الشجر: تناثر.

(4) الاصول 2: 183.

(5) فروع الكافي 1: 166.

(6) روضة الكافي: 268.

(7) روضة الكافي: 268.

شمائل النبوة ومكارمها (211)

فاستأذن عليه رجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بئس أخو العشيرة، وقامت عائشة فدخلت البيت، وأذن له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخل، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليه حتى إذا فرغ من حديثه خرج، فقالت له عائشة: يا رسول الله بينا أنت تذكره إذ أقبلت عليه بوجهك وبشرك (1)، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن من أشر عباد الله من يكره مجالسته لفحشه) (2)

[الحديث: 851] عن الإمام الصادق قال: مرت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة بذية وهو يأكل، فقالت: يا محمد إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه، فقال لها: ويحك وأي عبد أعبد مني؟ قالت: اما لا فناولني لقمة من طعامك، فناولها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقمة من طعامه، فقالت: لا والله إلا إلى في من فيك، قال: فأخرج اللقمة من فيه فتناولها إياها فأكلتها، قال أبوعبد الله عليه السلام فما أصابت بداء حتى فارقت الدنيا) (3)

[الحديث: 852] عن الإمام الصادق قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتته اخت له من الرضاعة، فلما أن نظر إليها سر بها وبسط ردائه لها فأجلسها عليه، ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها، ثم قامت فذهبت، ثم جاء أخوها فلم يصنع به ما صنع بها، فقيل: يا رسول الله صنعت باخته ما لم تصنع به وهو رجل؟ فقال: لانها كانت أبرا بأبيها منه) (4)

[الحديث: 853] عن الإمام الصادق قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل من بني فهد وهو يضرب عبدا له، والعبد يقول: أعوذ بالله، فلم يقلع الرجل عنه، فلما أبصر العبد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أعوذ بمحمد فأقلع عنه الضرب، فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يتعوذ بالله فلا تعيذه؟ ويتعوذ بمحمد فتعيذه؟ والله أحق أن يجار عائذه من محمد، فقال الرجل: هو حر

__________

(1) البشر: بشاشة الوجه.

(2) بحار الأنوار (16/ 281)، والنوادر.

(3) بحار الأنوار (16/ 281)، والنوادر.

(4) بحار الأنوار (16/ 282)، والنوادر.

شمائل النبوة ومكارمها (212)

لوجه الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي بعثني بالحق نبيا لو لم تفعل لواقع وجهك حر النار) (1).

[الحديث: 854] عن جابر قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسوق وأقبل يريد العالية والناس يكتنفه، فمر بجدي أسك على مزبلة ملقى وهو ميت، فأخذ باذنه، فقال: أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم؟ قالوا مانحب أنه لنا بشئ، وما نصنع به؟ قال: أفتحبون أنه لكم؟ قالوا: لا، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فقالوا: والله لو كان حيا كان عيبا، فكيف وهو ميت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الدنيا على الله أهون من هذا عليكم) (2).

[الحديث: 855] عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار، وكان يوم خيبر ويوم قريظة والنضير على حمار مخطوم بحبل من ليف تحته اكاف من ليف (3).

[الحديث: 856] عن أنس بن مالك قال: لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا إليه لما يعرفون من كراهيته (4).

[الحديث: 857] عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلس على الارض، ويأكل على الارض ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك (5).

[الحديث: 858] عن أنس بن مالك قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر على صبيان فسلم عليهم وهو مغذ (6).

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 282)، والنوادر.

(2) بحار الأنوار (16/ 282)، والنوادر.

(3) بحار الأنوار (16/ 229)

(4) بحار الأنوار (16/ 229)

(5) بحار الأنوار (16/ 229)

(6) بحار الأنوار (16/ 229)

شمائل النبوة ومكارمها (213)

[الحديث: 859] عن أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر بنسوة فسلم عليهن (1).

[الحديث: 860] عن ابن مسعود قال: أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل يكلمه فأرعد، فقال: هون عليك، فلست بملك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القد (2).

[الحديث: 861] عن أبي ذر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه فيجئ الغريب فلا يدري أيهم هو، حتى يسأل، فطلبنا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكانا (3) من طين، وكان يجلس عليه، ونجلس بجانبيه.

[الحديث: 862] سئلت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصنع إذا خلا؟ قالت: يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويصنع ما يصنع الرجل في أهله (4).

[الحديث: 863] قالت عائشة: أحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخياطة (5).

[الحديث: 864] قال أنس بن مالك: خدمت النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسع سنين فما أعلمه قال لي قط: هلا فعلت كذا وكذا؟ ولا عاب علي شيئا قط (6).

[الحديث: 865] قال أنس بن مالك قال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين، وشممت العطر كله فلم أشم نكهة أطيب من نكهته، وكان إذا لقيه واحد من أصحابه قام معه، فلم ينصرف حتى يكون الرجل ينصرف عنه، وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناولها إياه، فلم ينزع عنه حتى يكون الرجل هو الذى ينزع عنه، وما أخرج ركبتيه بين جليس

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 229)

(2) مكارم الأخلاق للطبرسي: 14.

(3) الدكان: شئ كالمصطبة يقعد عليه. والمصطبة: مكان ممهد قليل الارتفاع عن الارض، يجلس عليه.

(4) بحار الأنوار (16/ 230)

(5) بحار الأنوار (16/ 230)

(6) بحار الأنوار (16/ 230)

شمائل النبوة ومكارمها (214)

له قط، وما قعد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل قط فقام حتى يقوم (1).

[الحديث: 866] عن أنس بن مالك قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أدركه أعرابي فأخذ بردائه فجبذه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أثرت به حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال له: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضحك وأمر له بعطاء (2).

[الحديث: 867] عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حييا لا يسأل شيئا إلا أعطاه (3).

[الحديث: 868] عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه (4).

[الحديث: 869] عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئا، فإني احب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر (5).

[الحديث: 870] عن الإمام الصادق قال: نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن الله جل جلاله يقرئك السلام ويقول لك: هذه بطحاء مكة تكون لك رضراضه (6)، قال: فنظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء ثلاثا ثم قال: لا يارب، ولكن أشبع يوما فأحمدك، وأجوع يوما فأسألك (7).

__________

(1) مكارم الأخلاق للطبرسي: 15.

(2) بحار الأنوار (16/ 230)

(3) بحار الأنوار (16/ 230)

(4) بحار الأنوار (16/ 230)

(5) مكارم الأخلاق للطبرسي: 16.

(6) الرضراض. ما صغر ودق من الحصى..

(7) بحار الأنوار (16/ 238)

شمائل النبوة ومكارمها (215)

[الحديث: 871] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحلب عنز أهله (1).

[الحديث: 872] عن الإمام الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب الركوب على الحمار مؤكفا، والاكل على الحضيض مع العبيد، ومناولة السائل بيديه (2).

[الحديث: 873] عن الإمام الصادق قال: ما أكل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متكئا منذ بعثه الله عز وجل حتى قبض، وكان يأكل أكلة العبد، ويجلس جلسة العبد، قلت: ولم ذاك؟ قال: تواضعا لله عز وجل (3).

[الحديث: 874] سئل الإمام الصادق: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل متكئا على يمينه وعلى يساره؟ فقال: ما كان رسول الله يأكل متكئا على يمينه ولا على يساره، ولكن يجلس جلسة العبد، قيل له: ولم ذلك؟ قال: تواضعا لله عز وجل (4).

[الحديث: 875] قال الإمام الصادق: ما أكل نبي الله وهو متكئ منذ بعثه الله عز وجل، وكان يكره أن يتشبه بالملوك، ونحن لا نستطيع أن نفعل (5).

[الحديث: 876] قال الإمام الباقر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل أكل العبد، ويجلس جلسة العبد، وكان يأكل على الحضيض، وينام على الحضيض (6).

[الحديث: 877] عن الإمام الصادق قال: قدم أعرابي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله تسابقني بناقتك هذه، فسابقه فسبقه الاعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنكم رفعتموها فأحب الله أن يضعها، إن الجبال تطاولت لسفينة نوح عليه السلام، وكان الجودي أشد تواضعا

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 238)

(2) بحار الأنوار (16/ 238)

(3) فروع الكافي 2: 157.

(4) فروع الكافي 2: 157.

(5) فروع الكافي 2: 157 و158.

(6) فروع الكافي 2: 157.

شمائل النبوة ومكارمها (216)

فحب الله بها الجودي (1).

[الحديث: 878] عن الإمام الصادق قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحلب عنز أهله) (2)

[الحديث: 879] عن عبد الله بن سنان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذبح يوم الاضحى كبشين: أحدهما عن نفسه، والآخر عمن لم يجد من امته (3).

[الحديث: 880] روي أنه كان يؤتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة أو يسميه، فيأخذه فيضعه في حجره تكرمة لاهله، فربما بال الصبي عليه، فيصيح بعض من رآه حين بال، فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزرموا بالصبي، فيدعه حتى يقضي بوله، ثم يفرغ له من دعائه أو تسميته ويبلغ سرور أهله فيه، ولا يرون أنه يتأذى ببول صبيهم، فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعد (4).

4 ـ شجاعته وكرمه

من الأحاديث الواردة في ذلك:

[الحديث: 881] عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشجع الناس.. فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم راجعا، وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عري، في عنقه السيف، وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا، ما وجدت من شيء، وقال للفرس: وجدناه بحرا، وإنه لبحر، وكان فرسه بطيئا فيه قطاف فما سبق بعد (5).

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 283)، والنوادر.

(2) فروع الكافي 1: 352.

(3) فروع الكافي 1: 212.

(4) بحار الأنوار (16/ 240)

(5) البخاري 5/ 240 (2627، 6033) ومسلم 4/ 1802 حديث (48/ 2307) وأحمد 3/ 147، 261.

شمائل النبوة ومكارمها (217)

[الحديث: 882] عن علي قال: كنا إذا حمي البأس ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه (1).

[الحديث: 883] عن علي قال: لما كنا يوم بدر اتقينا المشركين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان أشد الناس بأسا يومئذ، وما كان أحد أقرب من المشركين منه (2).

[الحديث: 884] عن البراء سأله رجل من قيس: أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين؟ فقال البراء: ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يفر، كانت هوازن ناسا رماة، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا، وأكببنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذ بلجامها، وهو يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب) (3)

[الحديث: 885] عن عمران بن حصين: ما لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتيبة إلا كان أول من يضرب (4).

[الحديث: 886] عن ابن عمر قال: ما رأيت أحدا أنجد ولا أجود، ولا أشجع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (5).

[الحديث: 887] عن العباس قال: لقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حنينا، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحارث، وهو على بغلة شهباء، فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يركض بغلته قبل الكفار، وأنا

__________

(1) رواه أحمد، وابن ماجة، سبل الهدى (7/ 46)

(2) رواه أحمد، وابن ماجة، سبل الهدى (7/ 46)

(3) رواه ابن أبي شيبة، سبل الهدى (7/ 46)

(4) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 47)

(5) رواه الدارميّ، سبل الهدى (7/ 47)

شمائل النبوة ومكارمها (218)

آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكفها، وهو لا يألوها، يسرع للمشركين، وأبو سفيان آخذ بغرز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأقبل المسلمون واقتتلوا هم والكفار ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال هذا حين حمي الوطيس (1).

[الحديث: 888] عن البراء بن عازب قال: لما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحفر الخندق عرض لنا فيه صخرة عظيمة شديدة، لا يأخذ فيها المعول، فاشتكينا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رآها أخذ ثوبه، وأخذ المعول، فقال: (باسم الله، فضرب ضربة فكسر ثلثها، ثم ضرب الثانية فثلغ الثلث الآخر) ثم ضرب الثالثة، فثلغ ثلث الصخر (2).

[الحديث: 889] عن البراء بن عازب قال: كنا إذا اشتد البأس، وحمي الوطيس، استقبلنا القوم بوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن الشجاع منا ليحاذي الذي يحاذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3).

[الحديث: 890] عن علي لما سئل عن موقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر قال: (كان أشدّنا من حاذى ركبته صلى الله عليه وآله وسلم (4).

[الحديث: 891] عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سئل عن شيء فأراد أن يفعله قال: (نعم) وإن أراد ألا يفعله سكت، وكان لا يقول لشيء لا (5).

[الحديث: 892] عن أنس قال: ما سئل رسول الله شيئاً إلا أعطاه ولقد جاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى أهله فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة، وإن كان الرجل ليجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما يريد بذلك إلا الدنيا، فما

__________

(1) رواه أحمد، ومسلم، سبل الهدى (7/ 47)

(2) رواه ابن أبي خيثمة، سبل الهدى (7/ 47)

(3) رواه مسلم، سبل الهدى (7/ 47)

(4) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 47)

(5) رواه الخرائطي، والطبراني، سبل الهدى (7/ 49)

شمائل النبوة ومكارمها (219)

يمسي حتى يكون دينه أحب إليه من الدنيا وما بينها (1).

[الحديث: 893] عن سهل بن سعد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيياً لا يسأل شيئاً إلا أعطى (2).

[الحديث: 894] عن الربيع بن عفراء قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقناع من رطب، وجرو زغب، فأعطاني ملء كفي حليّا، أو ذهبا (3).

[الحديث: 895] عن سهل ابن سعد أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها، قال سهل: أتدرون ما البردة؟ قالوا، الشّملة، قال: نعم، قالت نسجتها بيدي لأكسوكها فخذها، فأخذها النبي صلى الله عليه وآله وسلم محتاجا إليها فخرج إلينا وإنها لإزاره فقال الأعرابي: يا رسول الله بأبي أنت وأمي هبها لي وفي لفظ، فقال: (نعم)، فجلس ما شاء الله في المجلس، ثم رجع فطواها فأرسل بها إليه، ثم سأله، وعلم أنه لا يرد سائلا، وفي لفظ: لا يسأل شيئا فيمنعه قال: والله إني ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني، رجوت بركتها حين لبسها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال سهل: فكانت كفنه، وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصنع له غيرها، فمات قبل أن تنزع (4).

[الحديث: 896] عن أم سنبلة قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهدية، فأبى أزواجه أن يقبلنها، فأمرهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذنها، ثم أقطعها واديا (5).

[الحديث: 897] عن هارون بن أبان قال: قدّم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم سبعون ألف درهم، وهو

__________

(1) رواه مسلم 4/ 1806 (58/ 2312)

(2) رواه الدارمي، سبل الهدى (7/ 50)

(3) رواه الترمذي، سبل الهدى (7/ 50)

(4) رواه البخاري، وابن ماجة، وابن سعد، والطبراني، والإسماعيلي والنّسائي، سبل الهدى (7/ 50)

(5) رواه الطبراني، سبل الهدى (7/ 50)

شمائل النبوة ومكارمها (220)

أكثر مال أتي به قط، فوضع على حصير من المسجد، ثم قام بنفسه، فما رد سائلا، حتى فرغ منه، قالوا: ويحتمل أن يكون المراد بهذه الكثرة الدراهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قسم بين رجلين من النّعم والشاء ما هو أكثر من هذا المال المذكور في هذا الحديث، وذكر ابن فارس في كتابه أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنّه في يوم حنين جاءت امرأة، فأنشدت شعرا تذكره أيام رضاعه في هوازن، فرد عليهم ما أخذ، وأعطاهم عطاء كثيرا، حتى قوّم ما أعطاهم فكان خمسمائة ألف، قال ابن دحية: وهذا نهاية الجود الذي لم يسمع بمثله في الجود (1).

[الحديث: 898] عن أنس، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمال من البحرين فقال: انظروا يعني صبّوه في المسجد، وكان أكثر مال أتى به صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد، ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطى إلى أن جاء العباس فقال: يا رسول الله أعطني، فإني فأديت نفسي، وفأديت عقيلا، فقال: (خذ) فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقلّه فلم يستطع، فقال: يا رسول الله مر بعضهم يرفعه إليّ قال: (لا)، قال: فارفعه أنت، قال: (لا أستطيع)، ثم نثر منه، ثم ذهب يقلّه فلم يستطع، فقال: يا رسول الله: مر بعضهم يرفعه عليّ، قال: (لا)، قال: فارفعه أنت)، قال: (لا) ثم نثر منه فاحتمله، فألقاه على كاهله، فانطلق فما زال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجبا منه، فما قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وثمّ منها درهم (2).

[الحديث: 899] عن جابر أنه كان يسير على جمل له قد أعيا فمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضربه، ودعا له، فسار سيرا لم يسر مثله، ثم قال: (بعنيه بوقيّة)، قلت: لا، ثم قال: (بعنيه بوقيّة)، فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما قدمنا المدينة أتيته بالجمل، ونقد لي ثمنه، ثم انصرفت،

__________

(1) رواه الدّارمي، سبل الهدى (7/ 51)

(2) رواه البخاري، سبل الهدى (7/ 51)

شمائل النبوة ومكارمها (221)

فأرسل إلي فقال: (ما كنت لآخذ جملك، هو لك) (1)

وفي رواية قال صلى الله عليه وآله وسلم لجابر في سفر: (بعني جملك)، فقال: هو لك يا رسول الله، بأبي وأمي، فقال: (بعنيه) فباعه إياه، وأمر بلالا أن ينقده ثمنه، فأنقده ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: (اذهب بالثمن والجمل بارك الله لك فيهما)

[الحديث: 900] عن أبي عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقى جبريل، وكان يلقاه كل ليلة من رمضان، فيدارسه في القرآن. فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة (2).

[الحديث: 901] عن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما عندي شيء أعطيك، ولكن استقرض، حتى يأتينا شيء فنعطيك، فقال عمر: ما كلفك الله هذا، أعطيت ما عندك، فإذا لم يكن عندك فلا تكلف، قال: فكره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول عمر، حتى عرف في وجهه، فقال الرجل: يا رسول الله، بأبي وأمي أنت، فأعط، ولا تخش من ذي العرش إقلالا، فتبسم وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: (بهذا أمرت) (3)

[الحديث: 902] عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أخبركم عن الأجود؟ الله الأجود، وأنا أجود ولد آدم، وأجودهم من بعدي رجل تعلم علما فنشر علمه، يبعث يوم القيامة أمة وحده، ورجل جاهد في سبيل الله حتى يقتل) (4)

[الحديث: 903] عن علي أنه كان إذا نعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: كان أجود الناس

__________

(1) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (7/ 51)

(2) رواه البخاري ومسلم، سبل الهدى (7/ 51)

(3) رواه التّرمذي والخرائطي، سبل الهدى (7/ 52)

(4) رواه بقي بن مخلد وأبو يعلى، سبل الهدى (7/ 52)

شمائل النبوة ومكارمها (222)

كفا (1).

[الحديث: 904] عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس (2).

[الحديث: 905] عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل (3).

[الحديث: 906] عن أبي سعيد قال: دخل رجلان على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسألانه عن ثمن بعير فأعانهما بدينارين، فخرجا من عنده، فلقيا عمر، فأثنيا خيرا، وقالا معروفا، وشكرا ما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهما، فدخل عمر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بما قالا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لكن فلانا أعطيته ما بين العشرة والمائة فلم يقل ذلك، إن أحدهم يسألني فينطلق بمسألته يتأبّطها، وما هي إلا نار)، فقال عمر يا رسول الله، فلم تعطهم ما هو نار؟ فقال: (يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل) (4)

[الحديث: 907] عن أبي سعيد إن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، وقال: (ما يكون عندي من خير فلن أدّخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء هو خير، وأوسع من الصبر) (5)

[الحديث: 908] عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لو أن لي مثل جبال تهامة ذهبا لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني كذوبا ولا بخيلا) (6)

__________

(1) رواه ابن أبي خيثمة، سبل الهدى (7/ 52)

(2) رواه ابن أبي شيبة، سبل الهدى (7/ 52)

(3) رواه البزّار، سبل الهدى (7/ 52)

(4) رواه ابن أبي الدّنيا وغيره، سبل الهدى (7/ 52)

(5) رواه أحمد والخمسة، سبل الهدى (7/ 52)

(6) رواه ابن عدي 3/ 964.

شمائل النبوة ومكارمها (223)

[الحديث: 909] عن جبير بن مطعم أنه بينما هو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومعه الناس، مقبلا من حنين علقت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأعراب يسألونه، حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداءه، فوقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (أعطوني ردائي، فلو كان لي عدد هذه العضاة نعم لقسمته عليكم لا بخيلا، ولا كذابا، ولا جبانا) (1)

[الحديث: 910] عن سهل بن سعد الساعدي قال: حكيت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حلّة أنمار صوف أسود، فجعل حاشيتها بيضاء، وقام فيها إلى أصحابه، فضرب بيده إلى فخذه فقال: (ألا ترون إلى هذه ما أحسنها!) فقال أعرابي: يا رسول الله بأبي أنت وأمي هبها لي وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يسأل شيئاً أبدا فيقول: لا، فقال: (نعم)، فأعطاه الجبة (2).

[الحديث: 911] عن عمر قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قسما لأناس، فقلت: يا رسول الله لغير هؤلاء كانوا أحقّ بهذا القسم، فقال: (إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش، أو يبخلوني، ولست بباخل) (3)

[الحديث: 912] عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام حنين سأله الناس، فأعطاهم من البقر والغنم والإبل، حتى لم يبق من ذلك شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ماذا تريدون؟ أتريدون أن تبخّلوني؟ فو الله ما أنا ببخيل، ولا جبان، ولا كذوب)، فجذبوا ثوبه حتى بدت رقبته، فكأنما أنظر- حين مدّ يدا من منكبه- شقة القمر من بياضه) (4)

[الحديث: 913] عن جابر بن عبد الله قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا قط فقال:

__________

(1) رواه البخاري 6/ 35 (2821) (3148)

(2) رواه الطبري، سبل الهدى (7/ 53)

(3) رواه مسلم في كتاب الزكاة (127) وأحمد 1/ 35.

(4) رواه ابن الأعرابي، سبل الهدى (7/ 53)

شمائل النبوة ومكارمها (224)

لا (1).

[الحديث: 914] عن عمر أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما عندي شيء، ولكن اتبع علي، فإذا جاءنا شيء قضينا، قال عمر: فقلت: يا رسول الله ما كلفك الله ما لا تقدر عليه، قال: فكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الرجل: أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا، قال: فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعرف السرور في وجهه (2).

[الحديث: 915] روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في بعض مغازيه فمر به ركب وهو يصلي، فوقفوا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسألوهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودعوا وأثنوا وقالوا: لولا أنا عجال لانتظرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاقرأوه منا السلام ومضوا، فانفتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مغضبا، ثم قال لهم: يقف عليكم الركب ويسألونكم عني ويبلغوني السلام ولا تعرضون عليهم الغداء، ليعز علي قوم فيهم خليلي جعفر أن يجوزوه حتى يتغدوا عنده (3).

[الحديث: 916] عن الإمام الصادق قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئا إلا أعطاه، فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت: انطلق إليه فاسأله، فإن قال لك ليس عندنا شيء فقل: أعطني قميصك، قال: فأخذ قميصه فرمى به إليه؛ فأدبه الله عز وجل على القصد، فقال: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29]) (4)

[الحديث: 917] قال الإمام علي: لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو

__________

(1) مكارم الأخلاق للطبرسي: 16.

(2) مكارم الأخلاق للطبرسي: 17..

(3) فروع الكافي 2: 158.

(4) فروع الكافي 1: 178.

شمائل النبوة ومكارمها (225)

أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا (1).

[الحديث: 918] قال الإمام علي: كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه (2).

[الحديث: 919] عن أنس بن مالك قال: كان بالمدينة فزع فركب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرسا لابي طلحة، فقال: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا (3).

[الحديث: 920] عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشجع الناس، وأحسن الناس، وأجود الناس، قال: فزع أهل المدينة ليلة فانطلق الناس قبل الصوت، قال: قتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد سبقهم وهو يقول: لن تراعوا، وهو على فرس لابي طلحة وفي عنقه السيف، قال: فجعل يقول للناس: لم تراعوا وجدناه بحرا، أو أنه لبحر (4).

5 ـ بشاشته ومرحه

وهو من الصفات التي اتفق عليها كل من كتب في الشمائل النبوية لتواتر الأحاديث الدالة على ذلك، قد لخص بعضهم هديه في تبسمه وضحكه؛ فقال: (وكان جل ضحكه صلى الله عليه وآله وسلم التبسم، بل كله التبسم، فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه، وكان يضحك مما يضحك منه، وهو مما يتعجب من مثله ويستغرب وقوعه ويستندر) (5)

من الأحاديث الواردة في ذلك:

[الحديث: 921] عن الحارث بن جزء قال: ما رأيت أحداً أكثر تبسما من رسول الله

__________

(1) بحار الأنوار (16/ 232)

(2) بحار الأنوار (16/ 232)

(3) بحار الأنوار (16/ 232)

(4) مكارم الأخلاق للطبرسي: 17.

(5) زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 175)

شمائل النبوة ومكارمها (226)

صلى الله عليه وآله وسلم، وفي رواية ما كان ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا تبسما (1).

[الحديث: 922] عن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستجمعا ضاحكا حتى ترى لهواته إنما كان يبتسم (2).

[الحديث: 923] عن هند بن أبي هالة قال: كان جل ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام (3).

[الحديث: 924] عن عمرة قالت: سألت عائشة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خلا؟ قالت: كان كالرجل من رجالكم، إلا أنه كان أكرم الناس خلقا، كان ضاحكا بساما (4).

وفي رواية، قالت: (كان ألين الناس، وأكرم الناس، ضحاكا بساما)

[الحديث: 925] عن حصين بن يزيد الكلبي قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضاحكا، ما كان إلا مبتسما (5).

[الحديث: 926] عن أمّ الدرداء قالت: كان أبو الدرداء لا يحدث بحديث إلا تبسم فيه، فقلت: إني أخشى أن يحمقك الناس فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحدث بحديث إلا تبسم (6).

[الحديث: 927] عن عون بن عبد الله بن عتيبة بن مسعود رحمه الله كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يضحك إلا تبسما، ولا يلتفت إلا جميعا (7).

__________

(1) أحمد في المسند 4/ 190 والترمذي 5/ 601 (3642)

(2) البخاري 10/ 504 (6092) ومسلم 2/ 616 حديث (16/ 899)

(3) رواه الترمذي والبيهقي، سبل الهدى (7/ 121)

(4) رواه الخرائطي، سبل الهدى (7/ 121)

(5) رواه أبو نعيم وابن عساكر، سبل الهدى (7/ 121)

(6) رواه أحمد، سبل الهدى (7/ 121)

(7) ابن المبارك في الزّهد (47) وأحمد 5/ 97، 105 والترمذي (3645) وفي الشمائل (114)

شمائل النبوة ومكارمها (227)

[الحديث: 928] عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إني لأعلم أول رجل يدخل الجنة، وآخر رجل يخرج من النار، يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: أعرضوا عليه صغار ذنوبه، ويخبّا عنه كبارها، فيقال له: عملت كذا وكذا، وهو يقرّ، لا ينكر، وهو يشفق من كبارها، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة، قال: فيقول أي ربّ، إن لي ذنوبا ما أراها ههنا)، قال أبو ذر: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضحك، حتى بدت نواجذه (1).

[الحديث: 929] عن جرير قال: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت، ولا رآني قط إلا تبسم في وجهي (2).

[الحديث: 930] عن أبي هريرة قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: هلكت، قال: (ويحك، وما شأنك؟) قال: وقعت على أهلي في رمضان، قال: (أعتق رقبة)، قال: لا أجد، قال: (فصم شهرين متتابعين)، قال: ما أطيقه، قال: (فأطعم ستين مسكينا)، ثم قال: ما بين ظهري المدينة أحوج إليه مني، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: (خذه، واستغفر ربك) (3)

[الحديث: 931] عن أبي الورد قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرآني رجلا أحمر، فقال: (أنت أبو الورد). وقال لخادمه أنس ابن مالك يمازحه: (يا ذا الأذنين) (4)

[الحديث: 932] عن صهيب قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقباء وبين أيديهم تمر وبسر تمر، وأنا أشتكي إحدى عيني، فرفعت التمر آكله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أتأكل التمر على عينيك وأنت رمد؟) فقلت: إنما آكل على شقي الصحيح، وأنا أمزح مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،

__________

(1) رواه أبو بكر بن أبي شيبة، سبل الهدى (7/ 122)

(2) الترمذي (3821، 3830) وابن أبي شيبة 12/ 152.

(3) البخاري 4/ 163 (1936) (6087) (6709) 6710) 6711) ومسلم 2/ 781 (81/ 1111)

(4) رواه ابن عدي، وأبو بكر الشافعي، سبل الهدى (7/ 123)

شمائل النبوة ومكارمها (228)

فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى نظرت إلى نواجذه (1).

[الحديث: 933] عن صهيب قال: ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه (2).

[الحديث: 934] عن جرير بن عبد الله قال: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك (3).

[الحديث: 935] عن ابن مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جرى به الضحك وضع يده على فيه (4).

[الحديث: 936] عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أفكه الناس (5).

[الحديث: 937] عن حبشي بن جنادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفكه الناس خلقا (6).

[الحديث: 938] عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني لأمزح، ولا أقول إلا حقا) (7)

[الحديث: 939] عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال: ما رأيت أحداً أكثر مزاحا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (8).

[الحديث: 940] عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مازحا، وكان يقول: (إن الله

__________

(1) رواه قاسم بن ثابت في دلائله، سبل الهدى (7/ 123)

(2) رواه أبو الشيخ وابن حبان، سبل الهدى (7/ 123)

(3) رواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم، سبل الهدى (7/ 123)

(4) رواه أبو الحسن بن الضحاك، سبل الهدى (7/ 124)

(5) رواه الطبراني في الصغير 2/ 39 وابن السني (413) والبيهقي في الدلائل 1/ 331.

(6) رواه ابن عساكر، سبل الهدى (7/ 111)

(7) رواه الطبراني في الكبير 12/ 391.

(8) رواه أبو الشيخ، سبل الهدى (7/ 111)

شمائل النبوة ومكارمها (229)

تعالى لا يؤاخذ المزّاح الصادق في مزاحه) (1)

[الحديث: 941] عن أم نبيط قالت: أهدينا جارية لنا من بني النّجار إلى زوجها، وكنت مع نسوة من بني النجار، ومعي دف أضرب به، وأنا أقول: أتيناكم أتيناكم، فحيونا نحييكم، ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم، فقالت: فوقف علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (ما هذا يا أم نبيط؟) فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، جارية من بني النجار نهديها إلى زوجها، قال: (فتقولين ماذا؟) قلت: فأعدت عليه قولي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم) (2)

[الحديث: 942] عن أبي هريرة قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا؟ قال: (إني لا أقول إلا حقا) (3)

[الحديث: 943] عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله ع