بيانات الكتاب
الكتاب: أحكام الحكومة الإسلامية
الوصف: أكثر من ثلاثة آلاف حديث حول أسس الحكومة الإسلامية ومؤسساتها
السلسلة: سنة بلا مذاهب
المؤلف: د. نور الدين أبو لحية
الناشر: دار الأنوار للنشر والتوزيع
الطبعة: الأولى، 1442 هـ
عدد الصفحات: 670 <
ISBN: 978-620-3-85895-2
لمطالعة الكتاب من تطبيق مؤلفاتي المجاني وهو أحسن وأيسر: هنا
يجمع هذا الكتاب أكثر من ثلاثة آلاف حديث حول الأسس والمؤسسات التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية، بالإضافة إلى الأحكام الشرعية المرتبطة بالسعي لتحقيقها على أرض الواقع، والمناهج المعتمدة في ذلك.
وهو يجمع كل ما ورد مفرقا في المصادر الحديثية وغيرها، سواء في أبواب الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبارها تمثل دور الأمة بجميع مكوناتها في تحقيق الحاكمية الإلهية، أو مراقبة مدى تنفيذها.
ومثلها ما ورد في أبواب الخلافة والإمارة والسياسة الشرعية، والتي يوصف فيها عادة أدوار المسؤولين والحكام وصفاتهم.
ومثلها ما ورد في أبواب القضاء والبينات والدعاوى باعتبارها تشكل ركنا أساسيا في الحكومة الإسلامية يهدف إلى تحقيق العدالة والأمن الاجتماعي والقيمي.
ومثلها ما ورد في أبواب الجهاد، والذي يهدف إلى حماية الأمن القومي للحكومة الإسلامية، سواء بمواجهة المعتدين خارجيا، أو البغاة والمعارضة المسلحة داخليا.
ومثلها ما ورد في أبواب الحدود والتعزيرات، والتي تهدف إلى حفظ القيم الأخلاقية والحضارية في الحكومة الإسلامية.
ومثلها ما ورد في أبواب القصاص والديات ونحوها، والتي تهدف إلى حفظ الأرواح والأمن في المجتمع المسلم، ووضع كل القوانين التي تحقق ذلك.
وقد أضفنا إلى ذلك ما ورد من التوجيهات المرتبطة بتحقيق تلك القيم، لأن الحكومة الإسلامية حكومة ربانية تنطلق من الروادع الدينية والأخروية قبل الزواجر القانونية، ومثلها ما ورد في سير الأئمة وورثة النبوة ما يشير إلى النماذج الواقعية لتحقيق الحاكمية الإلهية بأجمل صورها.
أحكام الحكومة الإسلامية (14)
يجمع هذا الكتاب أكثر من ثلاثة آلاف حديث حول الأسس والمؤسسات التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية بالإضافة إلى الأحكام الشرعية المرتبطة بالسعي لتحقيقها على أرض الواقع، والمناهج المعتمدة في ذلك.
وهو يجمع كل ما ورد مفرقا في المصادر الحديثية وغيرها، سواء في أبواب الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبارها تمثل دور الأمة بجميع مكوناتها في تحقيق الحاكمية الإلهية، أو مراقبة مدى تنفيذها.
ومثلها ما ورد في أبواب الخلافة والإمارة والسياسة الشرعية، والتي يوصف فيها عادة أدوار المسؤولين والحكام وصفاتهم.
ومثلها ما ورد في أبواب القضاء والبينات والدعاوى باعتبارها تشكل ركنا أساسيا في الحكومة الإسلامية يهدف إلى تحقيق العدالة والأمن الاجتماعي والقيمي.
ومثلها ما ورد في أبواب الجهاد، والذي يهدف إلى حماية الأمن القومي للحكومة الإسلامية، سواء بمواجهة المعتدين خارجيا، أو البغاة والمعارضة المسلحة داخليا.
ومثلها ما ورد في أبواب الحدود والتعزيرات، والتي تهدف إلى حفظ القيم الأخلاقية والحضارية في الحكومة الإسلامية.
ومثلها ما ورد في أبواب القصاص والديات ونحوها، والتي تهدف إلى حفظ الأرواح والأمن في المجتمع المسلم، ووضع كل القوانين التي تحقق ذلك.
وقد أضفنا إلى ذلك ما ورد من التوجيهات المرتبطة بتحقيق تلك القيم، لأن الحكومة الإسلامية حكومة ربانية تنطلق من الروادع الدينية والأخروية قبل الزواجر القانونية.
أحكام الحكومة الإسلامية (15)
وأضفنا ما ورد في سير الأئمة وورثة النبوة ما يشير إلى النماذج الواقعية لتحقيق الحاكمية الإلهية بأجمل صورها.
وقد حاولنا أن نستبعد كل ما نراه متعارضا مع القرآن الكريم وقيم العدالة الفطرية، وهي تلك الأحاديث المدسوسة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أئمة الهدى، والتي لها علاقة ببعض القيم الجاهلية، وقد بينا في مقدمات المباحث والفصول ما استبعدناه من تلك الأحاديث، وأثبتنا مدى بعدها عن القرآن الكريم، وما تقتضيه الفطرة السليمة.
بناء على هذا قسمنا الأحاديث الواردة حول الحكومة الإسلامية إلى سبعة فصول:
الأول ـ أسس الحكومة الإسلامية وخصائصها: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول ثلاثة أسس كبرى للحكومة الإسلامية، وهي: الحاكمية والعدالة والشوري.. فالأولى تدل على ربانية المصادر التي تستنبط منها الأحكام والموازين، والثانية تدل على التنفيذ الصحيح لتلك الموازين الإلهية، والثالثة تدل على مشاركة كل أطياف الأمة في تحقيق ذلك التنفيذ.
الثاني ـ مسؤوليات الرعية في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول مسؤولية الرعية في الحكومة الإسلامية إما قبل تأسيسها بالسعي إلى ذلك واستعمال كل الوسائل، بحسب الظروف المتاحة، أو بعد تأسيسها بممارسة الرقابة على كل مؤسسات الدولة، حتى تتحقق الحاكمية بصورتها المثلى.
الثالث ـ مسؤوليات الحكام في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول صفات الحكام والمسؤولين في الحكومة الإسلامية، بالإضافة إلى نموذج عملي عن الفترة التي ولي فيها الإمام علي ووصاياه لعماله، باعتبارها دستورا للقيم التي تمثل الحاكمية الإسلامية خير تمثيل.
الرابع ـ مسؤوليات القضاة في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة
أحكام الحكومة الإسلامية (16)
حول أحكام القضاء وآدابه.. وما ورد حول الدعاوى والبينات، باعتبارها الوسائل التي يستعملها القاضي للتحقيق، أما قوانين العقوبات التي يطبقها القضاة، فقد خصصنا لها فصولا خاصة.
الخامس ـ حفظ الأمن في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول حفظ الأمن في الحكومة الإسلامية، إما خارجيا بالجهاد ومقاومة الأعداء، أو داخليا بالدفاع عن النفس، ومواجهة البغاة والمعارضة المسلحة وقطاع الطرق والمحاربين والمفسدين.
السادس ـ حفظ القيم في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول مسؤولية الرعية وحكامها في تحقيق القيم الإسلامية بأجمل صورة، وذلك إما بالوعظ والإرشاد والتوجيه.. أو بتطبيق الحدود والتعزيرات التي وردت في الشريعة، لتحفظ الرعية من تسلل الانحراف والمنحرفين إليها، وقد ذكرنا فيه الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ الأعراض، وحفظ العقل، وحفظ الأموال، وهي تشمل جميع ما ورد في الشريعة من أنواع الحدود وأحكامها.
السابع ـ حفظ الأرواح في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول الزواجر التوجيهية التي تحذر من القتل والأذى والظلم، ومثلها العقوبات الحسية للقتل أو الجرح وأنواع الأذى، بالقصاص والدية ونحوهما.
وقد قسمنا الأحاديث في كل فصل أو مبحث بحسب من رويت عنهم الأحاديث سواء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أئمة الهدى من بعده، وذلك ليتيسر على الباحث والمطالع أن يتعرف على كل التفاصيل المرتبطة بالموضوع الذي يريد مطالعته أو بحثه.
وننبه إلى أن الغرض من الكتاب هو الاطلاع على النظرة الشمولية للحكومة
أحكام الحكومة الإسلامية (17)
الإسلامية، والتي تشمل جميع مناحي الحياة، ولذلك لا غرابة في ذكر الأحاديث المتعلقة ببعض القيم الأخلاقية الأساسية، والتي لا تولي لها السياسة الحديثة كبير اهتمام، بينما تشكل في الرؤية الإسلامية أركانا مهمة لا تتم الحكومة من دونها.
لذلك لا نقبل أي اعتراض على بعض ما ورد في الكتاب بحجة عدم تناسبه مع موضوعه؛ فالرؤية السياسية الإسلامية تختلف جذريا عن الرؤى المبنية على الفلسفات المادية والعلمانية.
بالإضافة إلى ذلك ننبه إلى أن المعيار الأكبر الذي طبقناه في هذا الجزء خصوصا هو [العدالة] بمفهومها الواسع، ولذلك رفضنا كل حديث يتعارض معها باعتباره ليس معارضا للقرآن الكريم فقط، وإنما معارض للأحاديث الكثيرة التي تحض على العدالة، وتعتبرها ركنا من أركان الدين، بل صفة من صفات الله تعالى؛ فكما أن الله لا يجور ولا يظلم أحدا؛ فشريعته كذلك أكرم وأجل من أن تحتوي على ظلم أو جور.
وبناء على هذا رددنا الأحاديث التي تفرق في العقوبات بين الذكر والأنثى والمسلم وغير المسلم، لأنها تتناقض مع ما ورد في القرآن الكريم من كون النساء شقائق الرجال، وما ورد فيه من النهي عن الإكراه في الدين، أو ظلم غير المسلمين.
أحكام الحكومة الإسلامية (18)
أسس الحكومة الإسلامية وخصائصها
جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول الأسس الكبرى التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية، وقد رأينها أنه يمكن حصرها في ثلاثة أسس:
أولها ـ حاكمية الشريعة الإسلامية، باعتبار الإسلام نظاما شاملا لكل مجالات الحياة بما فيها المجالات السياسية والقضائية والأمنية وغيرها، وقد ذكرنا فيه الأحاديث التي تبين وجوب طاعة الله مطلقا وفي كل الشؤون، بالإضافة إلى المصادر التي نتعرف من خلالها على شريعة الله بعيدا عن الأهواء والرغبات والاجتهادات المخالفة والمعارضة للنصوص المقدسة.
ثانيها ـ العدالة وشمولها لكل المحال، ذلك أن الشريعة قد تجد من يطبقها على أرض الواقع، لكن لا بحسب ما أمر الله، وإنما بحسب ما يشتهي، مثل ذلك الذي يدفع الزكاة، ولكن لا يبحث عن أولى الناس استحقاقا لها؛ فيكون في ظاهره قد أدى الزكاة، ولكنه في حقيقته خالف تطبيقه لها المناط والمقاصد التي قصد إليها من خلال تشريعها.
ثالثا ـ الشورى وأهلها المؤهلون لها، وهي ترتبط بالقائمين على الحكومة الإسلامية، حتى لا يقعوا في الاستبداد، أو احتكار السلطة، ذلك أن تطبيقهم للشريعة لا يكفي وحده، ما لم يشركوا الأمة جميعا في القرارات التي يتخذونها، وذلك كله ضمن ضوابط الشريعة التي تحكم الجميع، وبذلك يمكن اعتبار الحكومة الإسلامية نظاما جمهوريا، لا نظاما ملكيا أو امبراطوريا يتعامل وفق معايير عائلية وأسرية، لا وفق معايير الشريعة والعدالة.
أحكام الحكومة الإسلامية (19)
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث التي تقرر حاكمية الشريعة في كل النواحي المرتبطة بالإنسان والمجتمع والحكومة وغيرها، حتى النواحي الوجدانية والعاطفية ونحوها.
وهي نصوص كثيرة تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة إلى تحكيم الله ورسوله بعيدا عن الأهواء والرغبات، واعتبار الانحراف عن ذلك الحكم جاهلية مقيتة.
ومن تلك الآيات الكريمة قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45]، وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 47]، وهي آيات تبين مدى الكفر والظلم والفسوق الذي يقع فيه الذين فصلوا حياتهم عن شريعة الله.
وقد ذُكرت الأحكام فيها بذلك الترتيب بحسب نوع الإعراض عن حكم الله، فإن كان إعراضا كليا، ممتلئا بالجحود والتحقير، فهو الكفر بعينه، وإن كان الإعراض ناتجا عن التقصير والكسل، فصاحبه ـ كما تنص الآيات الكريمة ـ ظالم وفاسق.
وهكذا نرى القرآن الكريم يعتبر الشرائع والقوانين التي تتعارض مع شريعة الله شرائع وقوانين جاهلية، قال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50]، واعتبر تارك شريعة الله، والملتجئ لغيره مشركا؛ فقال: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21]
بل نجد من الآيات الكريمة ما ينفي الإيمان عن المعرض عن أحكام الله، كما قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65]
وضرب مثالا على ذلك بما كان يحصل في عهد النبوة من مرضى القلوب الذين
أحكام الحكومة الإسلامية (20)
يدعون الإيمان بالله ورسوله، وفي نفس الوقت لا يذعنون لما يرد عنهما من أحكام، قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [النور: 47 - 50]
وذكر في مقابلهم موقف المؤمنين الصادقين في إيمانهم والمذعنين إذعانا تاما لله ورسوله، وذكر جزاءهم ومصيرهم؛ فقال: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 51 - 52]
وهكذا نرى القرآن الكريم يعتبر الدعوة إلى الحكم بغير ما أنزل الله دعوة إلى الطاغوت، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء: 60، 61]
وغيرها من الآيات الكريمة التي تقرر هذه الحقيقة، وقد جمعنا في هذا المبحث الكثير من الأحاديث التي تؤكدها، بالإضافة إلى الأحاديث التي تحذر من الرأي والاستحسان والقياس الفاسد، أو الاجتهاد الذي يحاول أن يستغل ظواهر بعض الأحكام ليبني عليها أحكاما جديدة لا تتناسب مع شريعة الله وعدالتها.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:
أحكام الحكومة الإسلامية (21)
[الحديث: 1] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبدٌ حبشيٌ كأن رأسه زبيبةٌ ما أقام فيكم كتاب الله (1).
[الحديث: 2] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة (2).
[الحديث: 3] عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سيلي أموركم بعدي رجالٌ يطفئون السنة ويعملون بالبدعة ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، قلت: يا رسول الله إن أدركتهم كيف أفعل؟ قال: تسألني يا ابن أم عبد كيف تفعل لا طاعة لمن عصى الله (3).
[الحديث: 4] عن عقبة بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم سرية فسلحت رجلا منهم سيفا فلما رجع قال: أرأيت ما لامنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أعجزتم إذا بعثت رجلا فلم يمض لأمري أن تجعلون مكانه من يمضي لأمري (4).
[الحديث: 5] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا، فيرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السّؤال، وإضاعة المال) (5)
[الحديث: 6] عن أمّ الحصين قالت: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجّة الوداع، فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف، وهو على راحلته، ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته، والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشّمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قولا
__________
(1) البخاري (693)
(2) البخاري (2955)، مسلم (1839)
(3) ابن ماجة (2865)
(4) أبو داود (2627)، والحاكم 2/ 115.
(5) مسلم (1715)
أحكام الحكومة الإسلامية (22)
كثيرا، ثمّ سمعته يقول: (إن أمّر عليكم عبد مجدّع (1) أسود يقودكم بكتاب الله تعالى، فاسمعوا له وأطيعوا) (2)
[الحديث: 7] عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما فينا خطيبا، بماء يدعى خمّا بين مكّة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكّر، ثمّ قال: (أمّا بعد، ألا أيّها النّاس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنّور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحثّ على كتاب الله، ورغّب فيه ثمّ قال: (و أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي) (3)
[الحديث: 8] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حكم في درهمين بحكم جور، ثم جبر عليه كان من أهل هذه الآية: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، قيل: كيف يجبر عليه؟ قال: يكون له سوط وسجن فيحكم عليه، فإن رضي بحكمه، وإلا ضربه بسوط، وحبسه في سجنه (4).
[الحديث: 9] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حكم بما لم يحكم به الله كان كمن شهد بشهادة زور، ويقذف به في النار، يعذب بعذاب شاهد الزور (5).
[الحديث: 10] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتدرون متى يتوفر على المستمع والقارئ هذه المثوبات العظيمة؟ إذا لم يقل في والقرآن برأيه، ولم يجف عنه، ولم يستأكل به، ولم يراء به..
__________
(1) مجدع: أي مقطع الأعضاء.
(2) مسلم (1298)
(3) مسلم (2408)
(4) الكافي 7/ 408/ 3، التهذيب 6/ 221/ 524.
(5) عقاب الاعمال: 339.
أحكام الحكومة الإسلامية (23)
عليكم بالقرآن، فإنه الشفاء النافع، والدواء المبارك، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتّبعه (1).
[الحديث: 11] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله عزّ وجلّ كان حامده من الناس ذاما، ومن آثر طاعة الله عزّ وجلّ بما يغضب الناس كفاه الله عزّ وجلّ عداوة كل عدو، وحسد كل حاسد، وبغي كل باغ، وكان الله له ناصرا وظهيرا (2).
[الحديث: 12] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أرضى سلطانا جائرا بسخط الله خرج من دين الله (3).
[الحديث: 13] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله عزّ وجلّ كان حامده من الناس ذاما (4).
[الحديث: 14] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (5).
[الحديث: 15] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أرضى سلطانا بما أسخط الله خرج من دين الله (6).
[الحديث: 16] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئا من الجوارح، فيقول: أي رب عذبتني بعذاب لم تعذّب به شيئا، فيقال له: خرجت منك كلمة، فبلغت مشارق الأرض ومغاربها فسفك بها الدم الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئا من جوارحك (7).
[الحديث: 17] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما
__________
(1) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 4.
(2) الكافي 2/ 276/ 2 و5/ 62/ 1.
(3) الكافي 2/ 277/ 5.
(4) الكافي 2/ 276/ 2 و5/ 63/ 3.
(5) من لا يحضره الفقيه 4/ 273.
(6) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 69/ 318.
(7) الكافي 2: 94/ 16
أحكام الحكومة الإسلامية (24)
يصلح (1).
[الحديث: 18] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله جل جلاله: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما على ديني من استعمل القياس في ديني (2).
[الحديث: 19] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الكذب (3).
[الحديث: 20] عن زيد أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: 1]، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله قضى الجهاد على المؤمنين في الفتنة بعدي.. يجاهدون على الإحداث في الدين، إذا عملوا بالرأي في الدين، ولا رأي في الدين، إنما الدين من الرب أمره ونهيه (4).
[الحديث: 21] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه (5).
[الحديث: 22] عن الإمام الصادق، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنى، فقال: أيها الناس! ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله (6).
[الحديث: 23] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من دان بغير سماع ألزمه الله البتة إلى الفناء، ومن دان بسماع من غير الباب الذي فتحه الله لخلقه فهو مشرك، والباب المأمون على وحي الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم (7).
[الحديث: 24] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم ارحم خلفائي ـ ثلاثا ـ قيل: يا رسول الله
__________
(1) الكافي 1/ 35/ 3 والمحاسن 198/ 23.
(2) أمالي الصدوق: 15/ 3، والتوحيد: 68/ 23، وعيون أخبار الإمام الرضا 1/ 116/ 4.
(3) قرب الإسناد: 15.
(4) تفسير الفرات: 232.
(5) الكافي 1/ 55/ 1.
(6) الكافي 1/ 56/ 5.
(7) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 9/ 22.
أحكام الحكومة الإسلامية (25)
ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون بعدي، يروون حديثي وسنتي (1).
[الحديث: 25] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الأمور ثلاثة: أمر تبين لك رشده فاتّبعه، وأمر تبين لك غيه فاجتنبه، وامر اختلف فيه فرده إلى الله عزّ وجلّ (2).
[الحديث: 26] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: البر ما اطمأنت إليه النفس، والبر ما اطمأن به الصدر، والإثم ما تردد في الصدر، وجال في القلب، وإن أفتاك الناس وأفتوك (3).
[الحديث: 27] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (4).
[الحديث: 28] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لكل ملك حمى، وحمى الله محارمه، فمن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه (5).
[الحديث: 29] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لكل ملك حمى وإن حمى الله حلاله وحرامه، والمشتبهات بين ذلك، كما لو أن راعيا رعي إلى جانب الحمى لم تثبت غنمه أن تقع في وسطه، فدعوا المشتبهات (6).
[الحديث: 30] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة، وحرامي حرام إلى يوم القيامة، ألا وقد بينهما الله عزّ وجلّ في الكتاب، وبينتهما لكم في سنتي وسيرتي، وبينهما شبهات من الشيطان وبدع بعدي، من تركها صلح له أمر دينه، وصلحت له مروته وعرضه، ومن تلبس بها وقع فيها واتبعها، كان كمن رعي غنمه قرب الحمى، ومن رعي ماشيته قرب الحمى، نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله عزّ وجلّ محارمه، فتوقوا حمى الله ومحارمه (7).
__________
(1) من لا يحضره الفقيه 4/ 302/ 915.
(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 285/ 854.
(3) قرب الإسناد: 135.
(4) تفسير جوامع الجامع: 5، والبحار 2/ 259.
(5) تفسير جوامع الجامع: 35.
(6) أمالي الطوسي 1/ 390.
(7) كنز الفوائد: 1/ 164.
أحكام الحكومة الإسلامية (26)
وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 31] قال الإمام علي لعمر بن الخطاب: ثلاث إن حفظتهن، وعملت بهن كفتك ما سواهن، وإن تركتهن لم ينفعك شيء سواهن، قال: وما هن يا أبا الحسن؟ قال: إقامة الحدود على القريب والبعيد، والحكم بكتاب الله في الرضا والسخط، والقسم بالعدل بين الأحمر والأسود، قال عمر: لعمري لقد أوجزت وأبلغت (1).
[الحديث: 32] قال الإمام علي: لا دين لم دان بطاعة مخلوق في معصية الخالق (2).
[الحديث: 33] قال الإمام علي لشريح: يا شريح، قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي، أو وصي نبي أو شقي (3).
[الحديث: 34] قال الإمام علي: إن الناس آلوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ثلاثة: آلوا إلى عالم على هدى من الله، قد أغناه الله بما علم عن غيره، وجاهل مدع للعلم، لا علم له، معجب بما عنده، قد فتنته الدنيا، وفتن غيره، ومتعلم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة، ثم هلك من ادّعى، وخاب من افترى (4).
[الحديث: 35] قال الإمام علي: أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم، والعمل به، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إن المال مقسوم مضمون لكم، قد قسمه عادل بينكم وضمنه، وسيفي لكم، والعلم مخزون عند أهله، وقد أمرتم
__________
(1) التهذيب 6/ 227/ 547.
(2) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 43/ 149.
(3) الكافي 7/ 406/ 2.
(4) الكافي 1/ 26/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (27)
بطلبه من أهله فاطلبوه (1).
[الحديث: 36] قال الإمام عليّ: احذروا على دينكم ثلاثة: رجلا قرأ القرآن حتّى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك، فقيل له: يا أمير المؤمنين أيّهما أولى بالشرك؟ قال: الرامي، ورجلا استخفّته الأحاديث كلّما احدثت أحدوثة كذب مدّها بأطول منها، ورجلا آتاه الله عزّ وجلّ سلطانا فزعم أنّ طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، وكذب لأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبّه لمعصية الله فلا طاعة في معصيته، ولا طاعة لمن عصى الله، إنّما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر (2).
[الحديث: 37] قال الإمام علي: من أبغض الخلق إلى الله عزّ وجلّ لرجلين: رجل وكله الله إلى نفسه، فهو جائر عن قصد السبيل، مشعوف بكلام بدعة، قد لهج بالصوم والصلاة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته، ورجل قمش جهلا في جهال الناس، عان بأغباش الفتنة، قد سماه أشباه الناس عالماً، ولم يغن فيه يوما سالما، بكّر فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن، واكتنز من غير طائل، جلس بين الناس قاضيا ماضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، وإن خالف قاضيا سبقه، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي من بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه، ثم قطع، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ، لا يحسب العلم في شيء مما أنكر، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا لغيره، إن قاس شيئا بشيء لم يكذب نظره، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، لكيلا يقال
__________
(1) الكافي 1: 23/ 4
(2) الخصال ج 1 ص 139.
أحكام الحكومة الإسلامية (28)
له: لا يعلم، ثم جسر فقضى، فهو مفتاح عشوات، ركاب شبهات خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم، تبكى منه المواريث، وتصرخ منه الدماء، يستحل بقضائه الحرام، ويحرم بقضائه الحلال، لا ملئ بإصدار ما عليه ورد، ولا هو أهل لما منه فرط من ادعائه علم الحق (1).
[الحديث: 38] قال الإمام علي: من عمي نسي الذكر، واتبع الظن، وبارز خالقه، ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين (2).
[الحديث: 39] قال الإمام علي: من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس (3).
[الحديث: 40] قال الإمام علي: إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه، ولكن أتاه عن ربه فأخذ به) (4)
[الحديث: 41] قال الإمام علي: الإسلام هو التسليم.. وإن المؤمن أخذ دينه عن ربه، ولم يأخذه عن رأيه (5).
[الحديث: 42] قال الإمام علي: لا رأي في الدين (6).
[الحديث: 43] قال الإمام علي: اللهم إنه لابد لك من حجج في أرضك، حجّة بعد حجة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك، كيلا يتفرق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم يترقب، إن غاب عن الناس شخصه في حال هدنتهم، فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون (7).
__________
(1) الكافي 1/ 44/ 6.
(2) الكافي 2/ 288/ 1.
(3) الكافي 1/ 47/ 17، قرب الإسناد 7.
(4) الكافي 2/ 38/ 1.
(5) أمالي الصدوق: 287/ 4، ومعاني الأخبار/ 185/ 1.
(6) المحاسن 211/ 78.
(7) الكافي 1/ 274/ 13.
أحكام الحكومة الإسلامية (29)
[الحديث: 44] قال الإمام علي: احذروا على دينكم ثلاثة: رجلا قرأ القرآن، حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره، ورماه بالشرك، قيل: يا أمير المؤمنين أيهما أولى بالشرك؟ قال: الرامي، ورجلا استخفّته، الأكاذيب كلما أحدث أحدوثة كذب مدها بأطول منها، ورجلا آتاه الله سلطاناً، فزعم أن طاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله، وكذب، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا ينبغي أن يكون المخلوق حبه لمعصية الله، فلا طاعة في معصيته، ولا طاعة لمن عصى الله، إنما الطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولولاة الأمر (1).
[الحديث: 45] قال الإمام علي في خطبة له: (وناظر قلب اللبيب به يبصر أمده، ويعرف غوره ونجده، داع دعا، وراع رعي، فاستجيبوا للداعي، واتبعوا الراعي، قد خاضوا بحار الفتن، وأخذوا بالبدع دون السنن، وأرز المؤمنون، ونطق الضالون والمكذّبون.. نحن الشعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا.. وإن العامل بغير علم كالسائر على غير طريق، فلا يزيده بعده عن الطريق الواضح إلا بعدا عن حاجته، وإن العامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح، فلينظر ناظر، أسائر هو، أم راجع؟!) (2)
[الحديث: 46] قال الإمام علي: إنما الناس رجلان: متتبع شرعة، ومبتدع بدعة، ليس معه من الله برهان سنة، ولا ضياء حجة (3).
[الحديث: 47] سئل الإمام علي عن اختلاف الأمة، فقال: إن دين الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله، إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد (4).
__________
(1) الخصال: 139/ 158.
(2) نهج البلاغة 2/ 57.
(3) نهج البلاغة 2/ 115.
(4) بشارة المصطفى: 4.
أحكام الحكومة الإسلامية (30)
[الحديث: 48] قال الإمام علي في كتابه إلى عثمان بن حنيف، عامله على البصرة: أما بعد، يا ابن حنيف! فقد بلغني: أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة، فأسرعت إليها، تستطاب عليك الألوان، وتنقل عليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم، عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه (1).
[الحديث: 49] قال الإمام علي في كتابه إلى مالك الأشتر: اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور.. وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم (2).
[الحديث: 50] قال الإمام علي في خطبة له: فلا تقولوا ما لا تعرفون، فإن أكثر الحق فيما تنكرون.. فلا تستعمل الرأي فيما لا يدرك قعره البصر، ولا تتغلغل إليه الفكر (3).
[الحديث: 51] قال الإمام علي في خطبة له: فيا عجبا! وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتفون أثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي، يعملون في الشبهات، ويسيرون في الشهوات، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا، مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، وتعويلهم في المبهمات على آرائهم، كأن كل امرئ منهم إمام نفسه، قد أخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات، وأسباب محكمات (4).
[الحديث: 52] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: يا بني، دع القول فيما لا تعرف، والخطاب فيما لا تكلّف، وأمسك عن طريق إذا خفت ضلالته، فإن الكف عند حيرة
__________
(1) نهج البلاغة 3/ 78.
(2) نهج البلاغة 3/ 104.
(3) نهج البلاغة 1/ 153.
(4) نهج البلاغة 1/ 154/ 84.
أحكام الحكومة الإسلامية (31)
الضلال خير من ركوب الأهوال.. وابدأ قبل ذلك بالاستعانة بإلهك، والرغبة إليه في توفيقك، وترك كل شائبة أولجتك في شبهة، أو أسلمتك إلى ضلالة (1).
[الحديث: 53] قال الإمام علي: من ترك قول لا أدري أصيبت مقاتله (2).
[الحديث: 54] قال الإمام علي: لا ورع كالوقوف عند الشبهة (3).
[الحديث: 55] قال الإمام علي: إنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق، فأما أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين، ودليلهم سمت الهدى، وأما أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال، ودليلهم العمى (4).
[الحديث: 56] قال الإمام علي: إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات، حجزه التقوى عن تقحم الشبهات (5).
[الحديث: 57] قال الإمام علي: حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك، والمعاصي حمى الله، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها (6).
[الحديث: 58] قال الإمام علي: إن الشك والمعصية في النار، ليسا منا، ولا إلينا (7).
[الحديث: 59] قال الإمام علي يوصي بعض أصحابه: أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت (8).
[الحديث: 60] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: أوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محلها، والصمت عند الشبهة، وأنهاك عن التسرع بالقول
__________
(1) نهج البلاغة 3/ 44.
(2) نهج البلاغة 3/ 169/ 85.
(3) نهج البلاغة 3/ 177/ 113.
(4) نهج البلاغة 1/ 85/ 37.
(5) نهج البلاغة 1/ 42/ 15.
(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 53/ 193
(7) عقاب الأعمال: 308، والمحاسن: 249/ 259.
(8) أمالي الطوسي 1/ 109.
أحكام الحكومة الإسلامية (32)
والفعل، والزم الصمت تسلم (1).
[الحديث: 61] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: اعلم يا بني إن أحب ما أنت آخذ به من وصيتي إليك تقوى الله، والاقتصار على ما افترض عليك، والأخذ بما مضى عليه سلفك من آبائك والصالحون من أهل بيتك، فإنهم لن يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر، وفكّروا كما أنت مفكر، ثم ردهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا، والإمساك عما لم يكلفوا، فليكن طلبك لذلك بتفهم وتعلم، لا بتورد الشبهات، وعلو الخصومات، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك، والرغبة إليه في التوفيق، ونبذ كل شائبة أدخلت عليك شبهة، أو أسلمتك إلى ضلالة (2).
[الحديث: 62] قال الإمام علي: إن الله حدَّ حدوداً فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تنقصوها، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تكلفوها، رحمة من الله لكم فاقبلوها.. حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك والمعاصي حمى الله، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها (3).
[الحديث: 63] عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين: إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن، وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن، وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل عليّ ثم قال: قد سألت فافهم الجواب: إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا،
__________
(1) أمالي الطوسي 1/ 6.
(2) كشف المحجة: 159، 162.
(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 53/ 193.
أحكام الحكومة الإسلامية (33)
وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عهده، حتى قام خطيباً، وقال: أيها الناس قد كثرت عليّ الكذابة، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة، ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام، لا يتأثّم، ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدا، ولو علم المسلمون أنه منافق كاذب ما قبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقدرآه وسمع منه، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما خبرك ووصفهم بما وصفهم فقال عزوجل: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [المنافقون: 4]، ثم بقوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان حتى ولوهم الأعمال، وحكموهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.. ورجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً، لم يحمله على وجهه، ووهم فيه، ولم يتعمد كذبا، فهو في يده، يقول به، ويعمل به، ويرويه، فيقول: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلو علم المسلمون أنه وهم لرفضوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.. ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا أمر به ثم نهى عنه، وهو لا يعلم: أو نهى عنه، ثم أمر به، وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه، ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم الناس إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.. وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مبغض للكذب خوفا من الله، وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به كما سمعه، لم يزد فيه، ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ، ورفض المنسوخ، فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل القرآن، منه ناسخ
أحكام الحكومة الإسلامية (34)
ومنسوخ، وخاص وعام، ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام له وجهان، وكلام عام، وكلام خاص مثل القرآن (1).
[الحديث: 64] قال الإمام الصادق: لما ولى أمير المؤمنين شريحا القضاء اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه (2).
[الحديث: 65] قال الإمام الصادق: كتب رجل إلى الإمام الحسين: عظني بحرفين، فكتب إليه: من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو، وأسرع لمجيء ما يحذر (3).
[الحديث: 66] قال الإمام السجاد: إذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في أحكامهم، ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا، وإن تعاملتم بأحكامنا كان خيرا لكم (4).
[الحديث: 67] قال الإمام السجاد يوصي بعض أصحابه: إن وضح لك أمر فاقبله، وإلا فاسكت تسلم، ورد علمه إلى الله، فإنك أوسع مما بين السماء والأرض (5).
[الحديث: 68] قال الإمام الباقر: من حكم في درهمين فأخطأ كفر (6).
[الحديث: 69] قال الإمام الباقر: الحكم حكمان: حكم الله، وحكم أهل الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم أهل الجاهلية، ومن حكم بدرهمين بغير ما أنزل الله عزّ وجلّ فقد كفر بالله تعالى (7).
__________
(1) الكافي 1/ 50/ 1.
(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 263/ 821.
(3) الكافي 2/ 276/ 3.
(4) من لا يحضره الفقيه 3/ 3/ 3.
(5) كتاب سليم بن قيس/ 67.
(6) من لا يحضره الفقيه 3/ 5/ 14.
(7) من لا يحضره الفقيه 3/ 3/ 6.
أحكام الحكومة الإسلامية (35)
[الحديث: 70] قال الإمام الباقر: لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شيء من آيات الله (1).
[الحديث: 71] قال الإمام الباقر: من أفتى الناس بغير علم، ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه (2).
[الحديث: 72] قال الإمام الباقر: ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، إن الرجل لينتزع الآية، يخر فيها أبعد ما بين السماء (3).
[الحديث: 73] قال الإمام الباقر: الحكم حكمان: حكم الله عزّ وجلّ، وحكم أهل الجاهلية، وقد قال الله عزّ وجلّ: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50] وأشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية (4).
[الحديث: 74] قيل للإمام الباقر: ما حق الله على العباد؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون، ويقفوا عند ما لا يعلمون (5).
[الحديث: 75] قال الإمام الباقر: من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث أحلّ، وحرم فيما لا يعلم (6).
[الحديث: 76] قال الإمام الباقر: أما لو أن رجلا صام نهاره، وقام ليله، وتصدق بجميع ماله، وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، وتكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله ثواب، ولا كان من أهل الإيمان (7)
[الحديث: 77] قيل للإمام الباقر: ترد علينا أشياء لا نجدها في الكتاب والسنة،
__________
(1) الكافي 2/ 276/ 4.
(2) الكافي 7/ 409/ 2، والمحاسن 205/ 60.
(3) الكافي 1/ 33/ 4.
(4) الكافي 7/ 407/ 2.
(5) الكافي 1/ 34/ 7.
(6) الكافي 1/ 47/ ذيل 17.
(7) الكافي 2/ 16/ 5.
أحكام الحكومة الإسلامية (36)
فنقول فيها برأينا، فقال: أما إنك إن أصبت لم توجر، وإن أخطأت كذبت على الله (1).
[الحديث: 78] قال الإمام الباقر: إياك وأصحاب القياس في الدين، فإنهم تركوا علم ما وكلوا به، وتكلفوا ما قد كفوه، يتأولون الأخبار، ويكذبون على الله عزّ وجلّ، وكأني بالرجل منهم ينادى من بين يديه، فيجيب من خلفه، وينادى من خلفه، فيجيب من بين يديه، قد تاهوا وتحيروا في الأرض والدين (2).
[الحديث: 79] قال الإمام الباقر: ود المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان، ألا ومن أحب في الله وأبغض في الله، وأعطى في الله، ومنع في الله، فهو من أصفياء الله (3).
[الحديث: 80] قال الإمام الباقر: لا لوم على من أحب قومه وإن كانوا كفارا، قيل: فقول الله: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: 22] فقال: ليس حيث تذهب إنه يبغضه في الله (4).
[الحديث: 81] قال الإمام الباقر: إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا فانظر إلى قلبك فإن كان يحب أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك، وإذا كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع من أحب (5).
[الحديث: 82] قال الإمام الباقر: لو أن رجلا أحب رجلا لله لأثابه الله على حبه إياه، وإن كان المحبوب في علم الله من أهل النار، ولو أن رجلا أبغض رجلا لله لأثابه الله على بغضه وإن كان المبغض في علم الله من أهل الجنة (6).
__________
(1) المحاسن 215/ 99.
(2) أمالي المفيد: 51/ 12.
(3) الكافي 2/ 102/ 3.
(4) مستطرفات السرائر/ 58/ 25.
(5) الكافي 2/ 103/ 11.
(6) الكافي 2/ 103/ 12.
أحكام الحكومة الإسلامية (37)
[الحديث: 83] قال الإمام الباقر لبعض أصحابه: ما تقول لو أفتينا رجلا ممن يتولانا بشيء من التقية؟ قال الرجل: أنت أعلم، جعلت فداك، قال: إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجرا، وفي رواية: إن أخذ به أجر، وإن تركه ـ والله ـ أثم (1).
[الحديث: 84] قال الإمام الباقر: إذا جاءكم عنا حديث، فوجدتم عليه شاهداً، أو شاهدين من كتاب الله، فخذوا به، وإلا فقفوا عنده، ثم ردوه إلينا، حتى يستبين لكم (2).
[الحديث: 85]: قال الإمام الباقر: لا تصدق علينا، إلا ما وافق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (3).
[الحديث: 86] قال الإمام الباقر: لا تتخذوا من دون الله وليجة، فلا تكونوا مؤمنين، فإن كل سبب ونسب وقرابة ووليجه وبدعة وشبهة منقطع، إلا ما أثبت القرآن (4).
[الحديث: 87] قال الإمام الباقر: من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدي عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان (5).
[الحديث: 88] قال الإمام الباقر: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه (6).
[الحديث: 89] قال الإمام الباقر: لا تتخذوا من دون الله وليجة، فلا تكونوا مؤمنين، فإن كل سبب، ونسب، وقرابة، ووليجة، وبدعة، وشبهة باطل مضمحل إلا ما أثبته القرآن (7).
[الحديث: 90] قال الإمام الباقر لزيد بن علي: إن الله أحل حلالا، وحرم حراما،
__________
(1) الكافي 1/ 52/ 4.
(2) الكافي 2/ 176/ 4.
(3) تفسير العياشي 1/ 9/ 6.
(4) الكافي 1/ 48/ 22.
(5) الكافي 6/ 434/ 24.
(6) الكافي 1/ 40/ 9.
(7) الكافي 1/ 48/ 22.
أحكام الحكومة الإسلامية (38)
وفرض فرائض، وضرب أمثالا، وسن سننا.. فإن كنت على بينة من ربك، ويقين من أمرك، وتبيان من شأنك فشأنك، وإلا فلا ترومنّ أمرا، أنت منه في شك وشبهة (1).
[الحديث: 91] قال الإمام الباقر: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة (2).
[الحديث: 92] قال الإمام الباقر يوصي أصحابه: إذا اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، وردوه إلينا، حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فإذا كنتم كما أوصيناكم، لم تعدوه إلى غيره، فمات منكم ميت من قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً، ومن أدرك قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدواً لنا كان له أجر عشرين شهيدا (3).
[الحديث: 93] قال الإمام الباقر في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [يونس: 27]: هؤلاء أهل البدع والشبهات والشهوات، يسوّد الله وجوههم يوم يلقونه (4).
[الحديث: 94] قال الإمام الباقر: إن الحاكم إذا أتاه أهل التوراة وأهل الانجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه، إن شاء حكم بينهم، وإن شاء تركهم (5).
[الحديث: 95] قال الإمام الصادق: من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عزّ وجلّ ممن له سوط أو عصا فهو كافر بما أنزل الله عزّ وجلّ على محمد صلى الله عليه وآله وسلم (6).
__________
(1) الكافي 1/ 290/ 16.
(2) الزهد: 19/ 41.
(3) أمالي الطوسي 1/ 236.
(4) تفسير القمي 1/ 311.
(5) التهذيب 6/ 300/ 839.
(6) الكافي 7/ 407/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (39)
[الحديث: 96] قال الإمام الصادق: من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عزّ وجلّ فهو كافر بالله العظيم (1).
[الحديث: 97] قال الإمام الصادق: أي قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء (2).
[الحديث: 98] قال الإمام الصادق: من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر، قيل: كفر بما أنزل الله؟ أو كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: ويلك إذا كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد كفر بما أنزل الله (3).
[الحديث: 99] قال الإمام الصادق: أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر، فقضى عليه بغير حكم الله، فقد شركه في الإثم (4).
[الحديث: 100] قال الإمام الصادق: من كان بينه وبين أخ له مماراة في حق، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه، فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عزّ وجلّ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 60] (5)
[الحديث: 101] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ في كتابه: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]: إن الله عزّ وجلّ قد علم أن في الأمة حكاما يجورون، أما أنه لم يعن:
__________
(1) الكافي 7/ 408/ 2، التهذيب 6/ 221/ 523.
(2) الكافي 7/ 408/ 4.
(3) تفسير العياشي 1/ 324/ 127، تفسير البرهان 1/ 476/ 9.
(4) الكافي 7/ 411/ 1.
(5) الكافي 7/ 411/ 2.
أحكام الحكومة الإسلامية (40)
حكام أهل العدل، ولكنه عنى: حكام أهل الجور، إنه لو كان لك على رجل حق، فدعوته إلى حكام أهل العدل، فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، لكان ممن حاكم إلى الطاغوت، وهو قول الله عزّ وجلّ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء: 60 - 61] (1)
[الحديث: 102] عن عمر بن حنظلة، قال: سألت الإمام الصادق عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أيحل ذلك؟ فقال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل، فإنما تحاكم إلى طاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا، لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء: 60 - 61] (2)
[الحديث: 103] قال الإمام الصادق: إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم، يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضيا، فتحاكموا إليه (3).
[الحديث: 104] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء: 58] فقال:
__________
(1) الكافي 7/ 411/ 3.
(2) الكافي 1/ 54/ 10، وفي 7/ 412/ 5
(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 2/ 1
أحكام الحكومة الإسلامية (41)
عدل الإمام: أن يدفع ما عنده إلى الإمام الذي بعده، وأمرت الأئمة أن يحكموا بالعدل، وأمر الناس أن يتبعوهم (1).
[الحديث: 105] قيل للإمام الصادق: ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشيء، فيتراضيان برجل منا، فقال: ليس هو ذاك، إنما هو الذي يجبر الناس على حكمه بالسيف والسوط (2).
[الحديث: 106] قال الإمام الصادق: لا تسخطوا الله برضى أحد من خلقه، ولا تتقربوا إلى الناس بتباعد من الله (3).
[الحديث: 107] قال الإمام الصادق في قوله عزّ وجلّ: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ [مريم: 81 - 82]: ليس العبادة هي السجود والركوع إنما هي طاعة الرجال، من أطال المخلوق في معصية الخالق فقد عبده (4).
[الحديث: 108] قال الإمام الصادق: اتقوا الحكومة، فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء، العادل في المسلمين لنبي، أو وصي نبي (5).
[الحديث: 109] قال الإمام الصادق لابن أبي ليلى القاضي: بأي شيء تقضي؟ قال: بما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الإمام علي، وعن أبي بكر وعمر، قال: فبلغك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن عليا أقضاكم؟ قال: نعم، قال: فكيف تقضي بغير قضاء الإمام علي، وقد بلغك هذا؟! فما تقول: إذا جيء بأرض من فضة وسماوات من فضة، ثم أخذ رسول الله
__________
(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 2/ 2
(2) التهذيب 6/ 223/ 532.
(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 288/ 864.
(4) تفسير القمي 2/ 55.
(5) الكافي 7/ 406/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (42)
صلى الله عليه وآله وسلم بيدك، فأوقفك بين يدي ربك، وقال: يا رب إن هذا قد قضى بغير ما قضيت؟! (1)
[الحديث: 110] قال الإمام الصادق: أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال: أنهاك أن تدين الله بالباطل، وتفتي الناس بما لا تعلم (2).
[الحديث: 111] قال الإمام الصادق: القضاة أربعة ثلاثة في النار، وواحد في الجنة: رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة (3).
[الحديث: 112] قال الإمام الصادق: الحكم حكمان: حكم الله عزّ وجلّ، وحكم أهل الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية (4).
[الحديث: 113] قيل للإمام الصادق: ما حق الله على خلقه؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون، ويكفوا عما لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا إلى الله حقه (5).
[الحديث: 114] قال الإمام الصادق: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير إلا بعدا (6)
[الحديث: 115] عن حمزة بن الطيار، أنه عرض على الإمام الصادق بعض خطب أبيه، حتى إذا بلغ موضعا منها قال: كف، واسكت، ثم قال: (إنه لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون، إلا الكف عنه والتثبت، والرد إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد، ويجلو عنكم فيه العمى، قال الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43] (7)
__________
(1) التهذيب 6/ 220/ 521.
(2) الكافي 1/ 33/ 1، والخصال 52/ 65.
(3) الكافي 7/ 407/ 1، والتهذيب 6/ 218/ 513، ومن لا يحضره الفقيه 3/ 3/ 6.
(4) الكافي 7/ 407.
(5) الكافي 1/ 40/ 12.
(6) الكافي 1: 34/ 1.
(7) الكافي 1: 40/ 10.
أحكام الحكومة الإسلامية (43)
[الحديث: 116] قال الإمام الصادق في رسالة طويلة إلى أصحابه: أيتها العصابة المرحومة المفلحة إن الله أتم لكم ما آتاكم من الخير، واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى، ولا رأي، ولا مقاييس، قد أنزل الله القرآن، وجعل فيه تبيان كل شيء، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا، لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا في دينهم بهوى ولا رأي، ولا مقاييس، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم، وهم الذين من سألهم ـ وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم ـ أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله بإذنه وإلى جميع سبل الحق، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله عندهم إلا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة، فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم وأمر بسؤالهم، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقاييسهم حتى دخلهم الشيطان؛ لأنهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند الله كافرين، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين، وحتى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما، وجعلوا ما حرم الله في كثير من الأمر حلالا، فذلك أصل ثمرة أهوائهم، وقد عهد إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته، فقالوا: نحن بعد ما قبض الله عزّ وجلّ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد قبض الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد عهده الذي عهده إلينا، وأمرنا به، مخالفا لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فما أحد أجرأ على الله، ولا أبين ضلالة ممن أخذ بذلك، وزعم أن ذلك يسعه، والله إن لله على خلقه أن يطيعوه، ويتبعوا أمره في حياة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعد موته، هل يستطيع أولئك أعداء الله أن يزعموا أن أحدا ممن أسلم مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بقوله، ورأيه ومقاييسه؟ فإن قال: نعم فقد كذب على الله، وضلّ ضلالا بعيدا، وإن قال: لا لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه، وهواه
أحكام الحكومة الإسلامية (44)
ومقاييسه، فقد أقر بالحجة على نفسه، وهو ممن يزعم أن الله يطاع ويتبع أمره بعد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال الله وقوله الحق: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144]، وذلك ليعلموا أن الله يطاع، ويتبع أمره في حياة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد قبض الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، وكما لم يكن لأحد من الناس مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه خلافا لأمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فكذلك لم يكن لأحد من الناس بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يأخذ بهواه، ولا رأيه، ولا مقاييسه.. واتبعوا آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسنته، فخذوا بها، ولا تتبعوا أهواءكم ورأيكم فتضلوا، فإن أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدى من الله.. أيتها العصابة! عليكم بآثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسنته، وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بعده وسنتهم، فإنه من أخذ بذلك فقد اهتدى، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل، لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم (1).
[الحديث: 117] عن عيسى بن عبد الله القرشي، قال: دخل أبو حنيفة على الإمام الصادق، فقال له: يا أبا حنيفة! بلغني: أنك تقيس؟ قال: نعم، قال: لا تقس، فإن أول من قاس إبليس (2).
[الحديث: 118] قيل للإمام الصادق: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنته فننظر فيها؟ فقال: لا أما أنك إن أصبت لم توجر، وإن أخطأت كذبت على الله (3).
[الحديث: 119] قال الإمام الصادق: من شك أو ظن فأقام على أحدهما فقد حبط عمله، إن حجة الله هي الحجة الواضحة (4).
__________
(1) الكافي 8/ 5.
(2) الكافي 1/ 47/ 20.
(3) الكافي 1/ 46/ 11.
(4) الكافي 2/ 294/ 8.
أحكام الحكومة الإسلامية (45)
[الحديث: 120] قال الإمام الصادق: إن السنة لا تقاس، ألا ترى أن المرأة تقضي صومها، ولا تقضي صلاتها، إن السنة إذا قيست محق الدين (1).
[الحديث: 121] قال الإمام الصادق: إن القياس لا مجال له في علم الله وأمره.. إن أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس، ومن حمل أمر الله على المقاييس هلك وأهلك، إن أول معصية ظهرت من إبليس اللعين حين أمر الله ملائكته بالسجود لآدم فسجدوا، وأبى إبليس أن يسجد، فقال: أنا خير منه، فكان أوّل كفره قوله: أنا خير منه، ثم قياسه بقوله: خلقتني من نار، وخلقته من طين، فطرده الله عن جواره ولعنه، وسماه رجيما، وأقسم بعزته لا يقيس أحد في دينه، إلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار (2).
[الحديث: 122] عن ابن شبرمة، قال: دخلت انا وأبو حنيفة على الإمام الصادق، فقال لأبي حنيفة: اتق الله، ولا تقس في الدين برأيك، فإن أول من قاس إبليس.. ويحك أيهما أعظم؟ قتل النفس، أو الزنا؟ قال: قتل النفس، قال: فإن الله عزّ وجلّ قد قبل في قتل النفس شاهدين، ولم يقبل في الزنا إلا أربعة، ثم أيهما أعظم؟ الصلاة، أم الصوم؟ قال: الصلاة، قال: فما بال الحائض تقضي الصيام، ولا تقضي الصلاة؟ فكيف يقوم لك القياس؟ فاتق الله، ولا تقس (3).
[الحديث: 123] قال الإمام الصادق: إياك والقياس فإن أبي حدثني عن آبائه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من قاس شيئا من الدين برأيه قرنه الله مع إبليس في النار، فإن أول من قاس إبليس، حين قال: خلقتني من نار، وخلقته من طين، فدع الرأي والقياس، وما قال قوم ليس له في دين الله برهان، فإن دين الله لم يوضع بالآراء والمقاييس (4).
__________
(1) الكافي 1/ 46/ 15.
(2) علل الشرائع 59/ 1.
(3) علل الشرائع 86/ 2.
(4) علل الشرائع: 88/ 4.
أحكام الحكومة الإسلامية (46)
[الحديث: 124] قال الإمام الصادق في قول الله عز وجل: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]: يقول: أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ إلى رضوانك وجنتك، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك (1).
[الحديث: 125] قال الإمام الصادق في رسالة إلى أصحاب الرأي والقياس: أما بعد، فإن من دعا غيره إلى دينه بالارتياء والمقاييس لم ينصف ولم يصب حظه، لأن المدعو إلى ذلك أيضاً لا يخلو من الارتياء والمقاييس، ومتى لم يكن بالداعي قوة في دعائه على المدعو لم يؤمن على الداعي أن يحتاج إلى المدعو بعد قليل، لأنا قد رأينا المتعلم الطالب ربما كان فائقا لمعلمه ولو بعد حين، ورأينا المعلم الداعي ربما احتاج في رأيه إلى رأي من يدعو، وفي ذلك تحير الجاهلون، وشك المرتابون، وظن الظانون، ولو كان ذلك عند الله جائزا لم يبعث الله الرسل بما فيه الفصل، ولم ينه عن الهزل، ولم يعب الجهل، ولكن الناس لما سفهوا الحق، وغمطوا النعمة، واستغنوا بجهلهم وتدابيرهم عن علم الله، واكتفوا بذلك عن رسله والقوام بأمره، وقالوا: لا شيء إلا ما أدركته عقولنا، وعرفته ألبابنا، فولاهم الله ما تولوا، وأهملهم وخذلهم حتى صاروا عبدة أنفسهم من حيث لا يعلمون، ولو كان الله رضي منهم اجتهادهم وارتياءهم فيما ادعوا من ذلك لم يبعث إليهم فاصلا لما بينهم، ولا زاجرا عن وصفهم، وإنما استدللنا أن رضا الله غير ذلك، ببعثه الرسل بالأمور القيمة الصحيحة، والتحذير من الأمور المشكلة المفسدة، ثم جعلهم أبوابه وصراطه والأدلاء عليه بأمور محجوبة عن الرأي والقياس، فمن طلب ما عند الله بقياس ورأي لم يزدد من الله إلا بعدا، ولم يبعث رسولا قط ـ وإن طال عمره ـ قابلا من الناس خلاف ما جاء به، حتى يكون متبوعا
__________
(1) الاحتجاج 368.
أحكام الحكومة الإسلامية (47)
مرة وتابعا أخرى، ولم ير أيضاً فيما جاء به استعمل رأيا ولا مقياسا، حتى يكون ذلك واضحا عنده كالوحي من الله، وفي ذلك دليل لكل ذي لب وحجى، إن أصحاب الرأي والقياس مخطئون مدحضون (1).
[الحديث: 126] عن معاوية بن ميسرة قال: شهدت الإمام الصادق في مسجد الخيف، وهو في حلقة، فيها نحو من مائتي رجل، وفيهم عبد الله بن شبرمة، فقال له: يا أبا عبد الله إنا نقضي بالعراق فنقضي بالكتاب والسنة، ثم ترد علينا المسألة فنجتهد فيها بالرأي.. فقال الإمام الصادق: فأي رجل كان علي بن أبي طالب؟ فأطراه ابن شبرمة، وقال فيه قولا عظيما، فقال له الإمام الصادق: فإن الإمام علي أبى أن يدخل في دين الله الرأي، وأن يقول في شيء من دين الله بالرأي والمقاييس.. ولو علم ابن شبرمة من أين هلك الناس ما دان بالمقاييس، ولا عمل بها (2).
[الحديث: 127] قال الإمام الصادق: في كتاب آداب أمير المؤمنين: لا تقيسوا الدين، فإن أمر الله لا يقاس، وسيأتي قوم يقيسون، وهم أعداء الدين (3).
[الحديث: 128] عن محمد بن مسلم، قال: كنت عند الإمام الصادق بمنى إذ أقبل أبو حنيفة على حمار له، فلما جلس قال: إني أريد أن أقايسك، فقال الإمام الصادق: ليس في دين الله قياس (4).
[الحديث: 129] قال الإمام الصادق: لعن الله أصحاب القياس، فإنهم غيروا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واتهموا الصادقين في دين الله (5).
__________
(1) المحاسن: 209/ 76.
(2) المحاسن: 210/ 77.
(3) المحاسن: 215/ 98.
(4) المحاسن: 304/ 14.
(5) أمالي: المفيد 52/ 13.
أحكام الحكومة الإسلامية (48)
[الحديث: 130] سئل الإمام الصادق عن الحكومة، فقال: من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر، ومن فسر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر (1).
[الحديث: 131] قال الإمام الصادق: يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم فقهاء علماء أنهم قد أثبتوا جميع الفقه والدين مما تحتاج إليه الأمة، وليس كل علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علموه، ولا صار إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا عرفوه، وذلك أن الشيء من الحلال والحرام والأحكام يرد عليهم، فيسألون عنه، ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبوا، فيطلب الناس العلم من معدنه، فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله، وتركوا الآثار، ودانوا بالبدع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل بدعة ضلالة، فلو أنهم إذا سألوا عن شيء من دين الله، فلم يكن عندهم فيه أثر عن رسول الله، ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم (2).
[الحديث: 132] قال الإمام الصادق: إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول، وعليكم أن تفرعوا (3).
[الحديث: 133] قيل للإمام الصادق: رجل راوية لحديثكم، يبث ذلك في الناس ويسدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم، ولعل عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيهما أفضل؟ قال: الراوية لحديثنا، يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد (4).
[الحديث: 134] قال الإمام الصادق: إن العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ
__________
(1) تفسير العياشي 1/ 18/ 6.
(2) تفسير العياشي 2/ 331/ 46.
(3) السرائر/ 477.
(4) الكافي 1/ 25/ 9 وبصائر الدرجات 27/ 6.
أحكام الحكومة الإسلامية (49)
حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه، فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولاً، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين (1).
[الحديث: 135] قال الإمام الصادق: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة (2).
[الحديث: 136] قال الإمام الصادق: من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله فهو ممن كمل ايمانه (3).
[الحديث: 137] قال الإمام الصادق: من أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله، وتبغض في الله، وتعطي في الله، وتمنع في الله (4).
[الحديث: 138] قال الإمام الصادق: ثلاث من علامات المؤمن: علمه بالله، ومن يحب، ومن يبغض (5).
[الحديث: 139] قال الإمام الصادق: قد يكون حب في الله ورسوله، وحب في الدنيا، فما كان في الله ورسوله فثوابه على الله، وما كان في الدنيا فليس بشيء (6).
[الحديث: 140] قال الإمام الصادق: من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، فهو ممن كمل إيمانه (7).
[الحديث: 141] قال الإمام الصادق: كل من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له (8).
[الحديث: 142] قال الإمام الصادق: إن الرجل ليحب ولي الله وما يعلم ما يقول
__________
(1) الكافي 1/ 24/ 2.
(2) الكافي 1/ 37/ 2.
(3) الكافي 2/ 101/ 1، والمحاسن: 263/ 330.
(4) الكافي 2/ 102/ 2، والمحاسن: 263/ 328.
(5) الكافي 2/ 103/ 9.
(6) الكافي 2/ 103/ 13.
(7) الزهد: 17/ 34.
(8) الكافي 2/ 104/ 16.
أحكام الحكومة الإسلامية (50)
فيدخله الله الجنة، وإن الرجل يبغض ولي الله وما يدري ما يقول فيموت فيدخل النار (1).
[الحديث: 143] قال الإمام الصادق: طبعت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها (2).
[الحديث: 144] قال الإمام الصادق: جبلت القلوب على حب من نفعها، وبغض من ضرها (3).
[الحديث: 145] قيل للإمام الصادق: أخبرني عن الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحل إلا لهم ولا يقوم به إلا من كان منهم، أم هو مباح لكل من وحد الله عزّ وجلّ وآمن برسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله عزّ وجلّ وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيل الله؟ فقال: ذلك لقوم لا يحل إلا لهم، ولا يقوم به إلاّ من كان منهم فقيل: من أولئك؟ فقال: من قام بشرائط الله عزّ وجلّ في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عزّ وجلّ، ومن لم يكن قائما بشرائط الله عزّ وجلّ في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد والدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه بما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد، قيل: بين لي يرحمك الله، فقال: ان الله عزّ وجلّ أخبر في كتابه الدعاء إليه، ووصف الدعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا ويستدل ببعضها على بعض، فأخبر أنه تبارك وتعالى أول من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتباع أمره، فبدأ بنفسه فقال: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يونس: 25] ثم ثنى برسوله فقال: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125] يعني: القرآن، ولم يكن داعيا إلى الله عزّ وجلّ من خالف أمر الله ويدعو إليه بغير
__________
(1) المحاسن: 265/ 343.
(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 301/ 913.
(3) الكافي 8/ 152/ 140.
أحكام الحكومة الإسلامية (51)
ما أمر في كتابه الذي أمر أن لا يدعى إلا به، وقال في نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: 52] يقول: تدعو، ثمّ ثلّث بالدعاء إليه بكتابه أيضاً فقال تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: 9] أي يدعو (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ)، ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104] ثم أخبر عن هذه الأمة وممن هي وأنها من ذرية إبراهيم وذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، الذين وصفناهم قبل هذه في صفة أمة إبراهيم الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108] يعني: أول من اتبعه على الإيمان به والتصديق له بما جاء به من عند الله عزّ وجلّ من الأمة التي بعث فيها ومنها واليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط، ولم يلبس ايمانه بظلم، وهو الشرك، ثم ذكر اتباع نبيه صلى الله عليه وآله وسلم واتباع هذه الأمة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها داعية إليه، وأذن له في الدعاء إليه، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 64] ثم وصف أتباع نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من المؤمنين فقال عزّ وجلّ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: 29]، وقال: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [التحريم: 8] يعني: أولئك
أحكام الحكومة الإسلامية (52)
المؤمنين، وقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: 1] ثم حلاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم الا من كان منهم، فقال فيما حلاهم به ووصفهم: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: 2 - 11] وقال في صفتهم وحليتهم أيضاً: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: 68] ثم أخبر أنه اشترى من هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم ﴿أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ﴾ [التوبة: 111]، ثم ذكر وفاءهم له بعهده ومبايعته فقال: ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 111] فلما نزلت هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ [التوبة: 111] قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أرأيتك يا نبي الله الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم أشهيد هو؟ فأنزل الله عزّ وجلّ على رسوله ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 112] فبشر الله المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنة، وقال: التائبون من الذنوب، العابدون الذين لا يعبدون إلا الله، ولا يشركون به شيئاً، الحامدون الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء، السائحون وهم الصائمون، الراكعون الساجدون وهم الذين يواظبون على الصلوات الخمس، والحافظون لها
أحكام الحكومة الإسلامية (53)
والمحافظون عليها في ركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها الآمرون بالمعروف بعد ذلك، والعاملون به والناهون عن المنكر والمنتهون عنه، فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنة، ثم أخبر تبارك وتعالى أنه لم يأمر بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط فقال عزّ وجلّ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ [الحج: 39 - 40].. وإنما أذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان التي وصفناها، وذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما، ولا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الإيمان التي اشترط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزّ وجلّ كان مؤمنا، وإذا كان مؤمنا كان مظلوما، وإذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد لقول الله عز وجل: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: 39] وإن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم ممن يبغي ويجب جهاده حتى يتوب وليس مثله مأذونا له في الجهاد والدعاء إلى الله عزّ وجلّ لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين أذن لهم في القرآن في القتال، فلما نزلت هذه الآية ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: 39] في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم وأموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم، وأذن لهم في القتال.
قيل: فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم، فما بالهم في قتالهم كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال: لو كان إنما أذن في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكة من قبائل العرب سبيل، لأن الذين ظلموهم غيرهم، وإنما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لإخراجهم إياهم من ديارهم وأموالهم بغير حق، ولو كانت الآية إنمّا عنت المهاجرين الذين
أحكام الحكومة الإسلامية (54)
ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمن بعدهم إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وكان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وليس كما ظننت ولا كما ذكرت، لكن المهاجرين ظلموا من جهتين: ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم، فقد قاتلوهم بإذن الله عزّ وجلّ لهم في ذلك، وبحجة هذه الآية يقاتل مؤمنو كل زمان، وإنما أذن الله عزّ وجلّ للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عزّ وجلّ من الشرائط التي شرطها الله عزّ وجلّ على المؤمنين في الإيمان والجهاد ومن كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين، وليس بمأذون له في القتال، ولا بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف، لأنه ليس من أهل ذلك، ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عز وجل لأنه ليس يجاهد مثله، وأمر بدعائه إلى الله، ولا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون بجهاده وحظر الجهاد عليه ومنعه منه، ولا يكون داعيا إلى الله عزّ وجلّ من أمر بدعائه مثله إلى التوبة والحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه، فمن كانت قد تمت فيه شرائط الله عزّ وجلّ التي وصف بها أهلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما أذن لهم في الجهاد، لأن حكم الله عزّ وجلّ في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلا من علة أو حادث يكون، والأولون والآخرون أيضاً في منع الحوادث شركاء، والفرائض عليهم واحدة، يسأل الآخرون من أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون، ويحاسبون عما به يحاسبون، ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه حتّى يفيء بما
أحكام الحكومة الإسلامية (55)
شرط الله عزّ وجلّ فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد، فليتق الله عزّ وجلّ عبد ولا يغتر بالأماني التي نهى الله عزّ وجلّ عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن، ويتبرأ منها ومن حملتها ورواتها، ولا يقدم على الله عزّ وجلّ بشبهة لا يعذر بها، فإنّه ليس وراء المتعرض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها، وهي غاية الأعمال في عظم قدرها، فليحكم امرؤ لنفسه وليرها كتاب الله عزّ وجلّ ويعرضها عليه فإنّه لا أحد أعلم بالمرء من نفسه، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد، وإن علم تقصيرا فليصلحها وليقمها على ما فرض الله تعالى عليها من الجهاد ثم ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها.
ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين: لا تجاهدوا، ولكن نقول: قد علمناكم ما شرط الله عزّ وجلّ على أهل الجهاد الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك، وليعرضها على شرائط الله عزّ وجلّ، فإن رأى أنه قد وفي بها وتكاملت فيه فإنّه ممن أذن الله عز وجل له في الجهاد، وإن أبى إلا أن يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم والإقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله عزّ وجلّ بالجهل والروايات الكاذبة فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل أن الله تعالى ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم، فليتق الله عزّ وجلّ امرؤ وليحذر أن يكون منهم، فقد بين لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله عليه توكلنا وإليه
أحكام الحكومة الإسلامية (56)
المصير (1).
[الحديث: 146] قيل للإمام الصادق: إن كان كل واحد من أصحابنا اختار رجلا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، واختلف فيهما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ فقال: الحكم ما حكم به أعدلهما، وأفقههما، وأصدقهما في الحديث، وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر، قيل: فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا، لا يفضل واحد منهما على صاحبه، قال: ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به، المجمع عليه عند أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه، قيل: فإن كان الخبران عنكم مشهورين، قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: ينظر، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة يؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة (2).
[الحديث: 147] قال الإمام الصادق: من عرف أنّا لا نقول إلا حقّاً، فليكتف بما يعلم منا، فإن سمع منا خلاف ما يعلم، فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه (3).
[الحديث: 148] سئل الإمام الصادق عن رجل، اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر، كلاهما يرويه، أحدهما يأمر بأخذه، والآخر ينهاه عنه، كيف يصنع؟ قال: يرجئه حتى يلقى من يخبره، فهو في سعة حتى يلقاه (4).. وفي رواية: بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك (5).
[الحديث: 149] سئل الإمام الصادق عن اختلاف الحديث، يرويه من نثق به،
__________
(1) الكافي 5/ 13/ 1.
(2) الكافي 1/ 54/ 10.
(3) الكافي 1/ 53/ 6.
(4) الكافي 1/ 53/ 7.
(5) الكافي 1/ 53/ ذيل 7.
أحكام الحكومة الإسلامية (57)
ومنهم من لا نثق به، قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فالذي جاءكم به أولى به (1).
[الحديث: 150] قال الإمام الصادق: ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف (2).
[الحديث: 151] قال الإمام الصادق: لا يسع الناس حتى يسألوا، ويتفقهوا، ويعرفوا إمامهم، ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية (3).
[الحديث: 152] قال الإمام الصادق: كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف (4).
[الحديث: 153] قال الإمام الصادق: من خالف كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد كفر (5).
[الحديث: 154] سئل الإمام الصادق عن رجلين اتفقا على عدلين، جعلاهما بينهما في حكم، وقع بينهما فيه خلاف، فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما، عن قول أيهما يمضي الحكم؟ قال: ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما، فينفذ حكمه، ولا يلتفت إلى الآخر (6).
[الحديث: 155] قال الإمام الصادق: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إن الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء، ولا يكذب (7).
[الحديث: 156] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ
__________
(1) الكافي 1/ 55/ 2.
(2) الكافي 1/ 55/ 4.
(3) الكافي 1/ 31/ 4.
(4) الكافي 1/ 55/ 3، والمحاسن 220/ 128.
(5) الكافي 1/ 56/ 16.
(6) من لا يحضره الفقيه 3/ 5/ 17.
(7) معاني الأخبار/ 1/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (58)
وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 31]: والله ما صاموا لهم، ولا صلوا لهم، ولكن أحلوا لهم حراماً، وحرموا عليهم حلالاً، فاتبعوهم (1).
[الحديث: 157] قال الإمام الصادق: إياكم وهؤلاء الرؤساء الذين يترأسون، فوالله ما خفقت النعال خلف رجل، إلا هلك وأهلك (2).
[الحديث: 158] قال الإمام الصادق: إياك والرياسة، وإياك أن تطأ أعقاب الرجال، قيل: جعلت فداك، أما الرياسة فقد عرفتها، وأما أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلا مما وطئت أعقاب الرجال، فقال: ليس حيث تذهب، إياك أن تنصب رجلا دون الحجة، فتصدقه في كل ما قال (3).
[الحديث: 159] قال الإمام الصادق قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف: 106]: شرك طاعة، وليس شرك عبادة (4).
[الحديث: 160] قال الإمام الصادق قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فإن أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الحج: 11]: إن الآية تنزل في الرجل، ثم تكون في أتباعه قيل: كل من نصب دونكم شيئا فهو ممن يعبد الله على حرف؟ فقال: نعم، وقد يكون محضا (5).
[الحديث: 161] قال الإمام الصادق: من أطاع رجلا في معصية فقد عبده (6).
[الحديث: 162] قال الإمام الصادق: والله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله عزّ وجلّ، ما جعل الله لأحد خيرا في خلاف أمرنا (7).
__________
(1) الكافي 1/ 43/ 3.
(2) الكافي 2/ 225/ 3.
(3) الكافي 2/ 225/ 5.
(4) الكافي 2/ 292/ 4.
(5) الكافي 2/ 292/ 4.
(6) الكافي 2/ 293/ 8.
(7) الكافي 1/ 207/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (59)
[الحديث: 163] قال الإمام الصادق: حسبكم أن تقولوا ما نقول، وتصمتوا عما نصمت، إنكم قد رأيتم أن الله عز وجل لم يجعل لأحد في خلافنا خيرا (1).
[الحديث: 164] قال الإمام الصادق: من دان الله بغير سماع عن صادق، ألزمه الله التيه إلى الفناء، ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك، وذلك الباب المأمون على سر الله المكنون (2).
[الحديث: 165] قال الإمام الصادق: إياك والرياسة، فما طلبها أحد إلا هلك، قيل: قد هلكنا إذاً، ليس أحد منا إلا وهو يحب أن يذكر، ويقصد، ويؤخذ عنه، فقال: ليس حيث تذهب، إنما ذلك أن تنصب رجلا دون الحجة، فتصدقه في كل ما قال، وتدعو الناس إلى قوله (3).
[الحديث: 166] قيل للإمام الصادق: إذا كان عوام اليهود لا يعرفون الكتاب إلاّ بما يسمعونه من علمائهم، فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوام اليهود إلاّ كعوامنا، يقلّدون علماءهم؟ فقال: بين عوامنا وعوام اليهود فرق من جهة، وتسوية من جهة، أمّا من حيث الاستواء فإن اللّه ذمّ عوامنا بتقليدهم علماءهم، كما ذمّ عوامهم، وأمّا من حيث افترقوا فإن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وأكل الحرام، والرشاء وتغيير الأحكام، واضطرّوا بقلوبهم إلى أنّ من فعل ذلك فهو فاسق، لا يجوز أن يصدّق على الله، ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمّهم، وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر، والعصبيّة الشديدة، والتكالب على الدُنيا وحرامها، فمن قلّد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمّهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم، فأمّا من كان من
__________
(1) الكافي 8/ 87/ 51.
(2) الكافي 1/ 308/ 4.
(3) معاني الأخبار/ 179/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (60)
الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه، وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا كلّهم، فإن من ركب من القبائح والفواحش مراكب علماء العامة، فلا تقبلوا منهم عنّا شيئاً، ولا كرامة، وإنمّا كثر التخليط فيما يتحمّل عنّا أهل البيت لذلك، لأنَّ الفسقة يتحمّلون عنّا فيحرّفونه بأسره لجهلهم، ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلّة معرفتهم وآخرون يتعمّدون الكذب علينا (1).
[الحديث: 167] قال الإمام الصادق: اعرفوا منازل الناس على قدر رواياتهم عنا (2).
[الحديث: 168] قال الإمام الصادق يوصي أصحابه: إياكم إذا وقعت بينكم خصومة، أو تدارى في شيء من الأخذ والعطاء، أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلا، قد عرف حلالنا وحرامنا، فإني قد جعلته عليكم قاضيا، وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر (3).
[الحديث: 169] قيل للإمام الصادق: إن قوما يروون: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: اختلاف أمتي رحمة، فقال: صدقوا، قيل: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب؟ قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: 122] فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيتعلموا، ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان، لا اختلافا في دين الله، إنما الدين واحد، إنما الدين واحد (4).
__________
(1) الاحتجاج: 457.
(2) الكافي 1/ 40/ 13.
(3) التهذيب 6/ 303/ 846.
(4) معاني الأخبار/ 157/ 1، وعلل الشرائع: 85/ 4.
أحكام الحكومة الإسلامية (61)
[الحديث: 170] قال الإمام الصادق: من استأكل بعلمه افتقر، قيل: إن في شيعتك قوما يتحملون علومكم، ويبثونها في شيعتكم، فلا يعدمون منهم البر والصلة والإكرام، قال: ليس أولئك بمستأكلين، إنما ذاك الذي يفتي بغير علم ولا هدى من الله، ليبطل به الحقوق، طمعا في حطام الدنيا (1).
[الحديث: 171] قيل للإمام الصادق: ما حق الله على خلقه؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون، ويكفوا عما لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا إلى الله حقه (2).
[الحديث: 172] قال الإمام الصادق: لا يفلح من لا يعقل، ولا يعقل من لا يعلم.. ومن فرط تورط، ومن خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما لا يعلم، ومن هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه، ومن لم يعلم لم يفهم، ومن لم يفهم لم يسلم، ومن لم يسلم لم يكرم، ومن لم يكرم تهضم، ومن تهضم كان ألوم، ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم (3).
[الحديث: 173] قال الإمام الصادق: من شك، أو ظن، فأقام على أحدهما، فقد حبط عمله، إن حجة الله هي الحجة الواضحة (4).
[الحديث: 174] قال الإمام الصادق: إنما الأمور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم، ثم قال في آخر الحديث: فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات (5).
__________
(1) معاني الأخبار/ 181/ 1.
(2) الكافي 1/ 40/ 12.
(3) الكافي 1/ 20/ 29.
(4) الكافي 2/ 294/ 8.
(5) الكافي 1/ 54/ 10.
أحكام الحكومة الإسلامية (62)
[الحديث: 175] قال الإمام الصادق: لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا، ولم يجحدوا، لم يكفروا (1).
[الحديث: 176] قال الإمام الصادق: أورع الناس من وقف عند الشبهة (2).
[الحديث: 177] قيل للإمام الصادق: من الورع من الناس؟ قال: الذي يتورع عن محارم الله، ويجتنب هؤلاء، فإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام، وهو لا يعرفه (3).
[الحديث: 178] قال الإمام الصادق: ما حجب الله علمه عن العباد، فهو موضوع عنهم (4).
[الحديث: 179] قال الإمام الصادق: من عمل بما علم كفى ما لم يعلم (5).
[الحديث: 180] قال الإمام الصادق: إن من أجاب في كل ما يسأل عنه فهو المجنون (6).
[الحديث: 181] قال الإمام الصادق: أورع الناس من وقف عند الشبهة، وأعبد الناس من أقام الفرائض، وأزهد الناس من ترك الحرام، وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب (7).
[الحديث: 182] قال الإمام الصادق: العامل على غير بصيرة كالسائر على سراب بقيعة، لا يزيده سرعة سيره إلا بعدا.
[الحديث: 183] قال الإمام الصادق: ما من أحد أغير من الله تبارك وتعالى، ومن أغير ممن حرم الفواحش، ما ظهر منها، وما بطن (8).
__________
(1) الكافي 2/ 286/ 19.
(2) الخصال: 16/ 56.
(3) معاني الأخبار/ 252/ 1.
(4) التوحيد: 459/ 27 والكافي 1/ 34/ 7.
(5) التوحيد: 416/ 17.
(6) معاني الأخبار/ 238/ 2.
(7) الخصال: 16/ 56.
(8) تفسير العياشي 2/ 16/ 37.
أحكام الحكومة الإسلامية (63)
[الحديث: 184] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: سل العلماء ما جهلت، وإياك أن تسألهم تعنتا وتجربة، وإياك أن تعمل برأيك شيئا، وخذ بالاحتياط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا، واهرب من الفتيا هربك من الأسد، ولا تجعل رقبتك عتبة للناس (1).
[الحديث: 185] قال الإمام الصادق: كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي (2).
[الحديث: 186] قيل للإمام الصادق: رجلان من أهل الكتاب نصرانيان أو يهوديان، كان بينهما خصومة، فقضى بينهما حاكم من حكامهما بجور، فأبى الذي قضى عليه أن يقبل، وسأل أن يرد إلى حكم المسلمين، قال: يرد إلى حكم المسلمين (3).
[الحديث: 187] قال الإمام الكاظم: لا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة بالعلم، والعلم بالتعلم، والتعلم بالعقل يعتقد، ولا علم إلا من عالم رباني (4).
[الحديث: 188] قيل للإمام الكاظم: بما أوحد الله؟ فقال: لا تكونن مبتدعا من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيه ضل، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر (5).
[الحديث: 189] سئل الإمام الكاظم عن القياس، فقال: وما لكم وللقياس، إن الله لا يسأل كيف أحلّ، وكيف حرّم (6).
[الحديث: 190] قال الإمام الكاظم: جميع أمور الأديان أربعة: أمر لا اختلاف فيه، وهو إجماع الأمة على الضرورة التي يضطرون إليها، والأخبار المجمع عليها، وهي الغاية المعروض عليها كل شبهة، والمستنبط منها كل حادثة، وأمر يحتمل الشك والإنكار، فسبيله
__________
(1) وسائل الشيعة (27/ 172)
(2) من لا يحضره الفقيه 1/ 208/ 937.
(3) التهذيب 6/ 301/ 842.
(4) الكافي 1/ 13/ 12.
(5) الكافي 1/ 45/ 10.
(6) الكافي 1/ 47/ 16.
أحكام الحكومة الإسلامية (64)
استيضاح أهله لمنتحليه بحجة من كتاب الله مجمع على تأويلها، وسنة مجمع عليها لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، ولا تسع خاصة الأمة وعامتها الشك فيه والإنكار له، وهذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه، وأرش الخدش فما فوقه، فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين، فما ثبت لك برهانه اصطفيته، وما غمض عليك صوابه نفيته، فمن أورده واحدة من هذه الثلاث، وهي الحجة البالغة، التي بينها الله ورسوله في قوله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: 149] تبلغ الحجة البالغة الجاهل فيعلمها بجهلة، كما يعلمه العالم بعلمه، لأن الله عدل لا يجور، يحتج على خلقه بما يعلمون، يدعوهم إلى ما يعرفون، لا إلى ما يجهلون وينكرون (1).
[الحديث: 191] سئل الإمام الكاظم عن رجلين أصابا صيداً، وهما محرمان، الجزاء بينهما؟ أو على كل واحد منهما جزاء؟ قال: لا، بل عليهما أن يجزي كل واحد منهما الصيد، قيل: إن بعض أصحابنا سألني عن ذلك، فلم أدر ما عليه، فقال: إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط، حتى تسألوا عنه فتعلموا (2).
[الحديث: 192] قال الإمام الرضا في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]: هو أن يعلم الرجل أنه ظالم، فيحكم له القاضي، فهو غير معذور في أخذه ذلك الذي قد حكم له، إذا كان قد علم أنه ظالم (3).
[الحديث: 193] قال الإمام الرضا: بر الوالدين واجب وإن كانا مشركين، ولا
__________
(1) تحف العقول: 304.
(2) الكافي 4/ 391/ 1.
(3) التهذيب 6/ 219/ 518.
أحكام الحكومة الإسلامية (65)
طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (1).
[الحديث: 194] قال الإمام الرضا: ما اتقى الله يتقى، ومن أطاع الله يطاع، ومن أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوقين ومن أسخط الخالق فقمن أن يسلط الله عليه سخط المخلوق (2).
[الحديث: 195] قيل للإمام الرضا: جعلت فداك، إن بعض أصحابنا يقولون: نسمع الأمر يحكى عنك وعن آبائك، فنقيس عليه، ونعمل به، فقال: سبحان الله! لا والله ما هذا من دين جعفر، هؤلاء قوم لا حاجة بهم إلينا، قد خرجوا من طاعتنا، وصاروا في موضعنا، فأين التقليد الذي كانوا يقلدون جعفرا وأبا جعفر؟ قال جعفر: لا تحملوا على القياس، فليس من شيء يعدله القياس، إلا والقياس يكسره (3).
[الحديث: 196] قال الإمام الرضا: علينا إلقاء الأصول، وعليكم التفريع (4).
[الحديث: 197] قال الإمام الرضا: حب أولياء الله عزّ وجلّ واجب، وكذلك بغض أعدائهم والبراءة منهم ومن أئمتهم (5).
[الحديث: 198] قال الإمام الرضا: من أحب عاصيا فهو عاص، ومن أحب مطيعا فهو مطيع، ومن أعان ظالما فهو ظالم، ومن خذل ظالما فهو عادل، انه ليس بين الله وبين أحد قرابة، ولا تنال ولاية الله إلا بالطاعة (6).
[الحديث: 199] عن أحمد بن الحسن الميثمي، أنه سأل الإمام الرضا يوما وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه، وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
__________
(1) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 124.
(2) التوحيد: 60/ 18.
(3) قرب الإسناد: 157.
(4) السرائر، وسائل الشيعة (27/ 62)
(5) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 124.
(6) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 235/ 7.
أحكام الحكومة الإسلامية (66)
في الشيء الواحد، فقال: إن الله حرم حراما، وأحل حلالا، وفرض فرائض، فما جاء في تحليل ما حرم الله، أو في تحريم ما أحل الله، أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك، فذلك ما لا يسع الأخذ به، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن ليحرم ما أحل الله، ولا ليحلل ما حرّم الله، ولا ليغير فرائض الله وأحكامه، كان في ذلك كله متبعا مسلما مؤديا عن الله، وذلك قول الله: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [يونس: 15] فكان صلى الله عليه وآله وسلم متبعا لله، مؤديا عن الله ما أمره به من تبليغ الرسالة، قيل: فإنه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما ليس في الكتاب، وهو في السنة، ثم يرد خلافه، فقال: كذلك قد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أشياء، نهي حرام فوافق في ذلك نهيه نهي الله، وأمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجبا لازما كعدل فرائض الله، فوافق في ذلك أمره أمر الله، فما جاء في النهي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهي حرام، ثم جاء خلافه لم يسغ استعمال ذلك، وكذلك فيما أمر به، لأنا لا نرخص فيما لم يرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا نأمر بخلاف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا لعلة خوف ضرورة، فأما أن نستحل ما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو نحرِّم ما استحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يكون ذلك أبدا، لأنا تابعون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مسلمون له، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تابعا لأمر ربه، مسلما له، وقال الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7] وإن الله نهى عن أشياء، ليس نهي حرام، بل إعافة وكراهة، وأمر بأشياء ليس بأمر فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدين، ثم رخص في ذلك للمعلول وغير المعلول، فما كان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهي إعافة، أو أمر فضل، فذلك الذي يسع استعمال الرخصة فيه، إذا ورد عليكم عنا الخبر فيه باتفاق، يرويه من يرويه في النهي، ولا ينكره، وكان الخبران صحيحين
أحكام الحكومة الإسلامية (67)
معروفين باتفاق الناقلة فيهما، يجب الأخذ بأحدهما، أو بهما جميعاً، أو بأيهما شئت وأحببت، موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والرد إليه وإلينا، وكان تارك ذلك من باب العناد والإنكار وترك التسليم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشركا بالله العظيم، فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله، فما كان في كتاب الله موجودا حلالاً، أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب، فاعرضوه على سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام، ومأمورا به عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر إلزام فاتبعوا ما وافق نهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمره، وما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة، ثم كان الخبر الأخير خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكرهه، ولم يحرِّمه، فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا، وبأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه، فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك، ولا تقولوا فيه بآرائكم، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف، وأنتم طالبون باحثون، حتى يأتيكم البيان من عندنا (1).
[الحديث: 200] قال الإمام الرضا: من رد متشابه القرآن إلى محكمه، فقد هدي إلى صراط مستقيم.. وإن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن، ومتشابها كمتشابه القرآن، فردوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها، فتضلوا (2).
[الحديث: 201] قال الإمام الرضا يوصي بعض أصحابه: أخبرني أبي، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس.. يا ابن أبي محمود.. إذا أخذ الناس يمينا
__________
(1) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 20/ 45.
(2) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 290/ 39.
أحكام الحكومة الإسلامية (68)
وشمالا فالزم طريقتنا، فإنه من لزمنا لزمناه، ومن فارقنا فارقناه، فإن أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة: هذه نواة، ثم يدين بذلك، ويبرأ ممن خالفه، يا ابن أبي محمود! احفظ ما حدثتك به، فقد جمعت لك فيه خير الدنيا والآخرة (1).
[الحديث: 202] قال الإمام الرضا في حديث اختلاف الأحاديث: وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه، فردوا إلينا علمه، فنحن أولى بذلك، ولا تقولوا فيه بآرائكم، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف، وأنتم طالبون باحثون، حتى يأتيكم البيان من عندنا (2).
ثانيا ـ ما ورد حول العدالة وشمولهأ
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث التي تعتبر العدالة ركنا من أركان الشريعة، ذلك أن الله تعالى الموصوف بالعدل وعدم الظلم، يستحيل عليه أن يشرع لعباده ما يكون فيه أي ظلم أو جور، مهما كان قليلا.
ولهذا نرى اقتران التوحيد بالعدل في القرآن الكريم؛ فالعدل يقتضي التوحيد، والتوحيد يقتضي العدل.. أما اقتضاء العدل للتوحيد، فإن الشخص إن كلف تكاليف مختلفة من جهات متعددة، ثم حوكم في محاكم مختلفة من قضاة متناقضين كان ذلك منتهى الجور، ولكن العدل الإلهي مستند إلى التوحيد الإلهي، فالعبد لا يكلف إلا من رب واحد، وهو الذي يتولى جزاءه، فلا يخاف ظلما ولا هضما.
أما اقتضاء التوحيد للعدل، فإن من أعظم أسباب الجور فقر الجائر لمن جار له بأي نوع من أنواع الافتقار، أو بغضه للمجور لعلة من العلل، والله تعالى الغني عن عباده، لا يفتقر لأحد منهم، وينزه عن العلل التي يقع بسببها الجور والظلم.
__________
(1) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 303/ 63.
(2) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 21/ 45.
أحكام الحكومة الإسلامية (69)
ولهذا ورد في النصوص الجمع بين التوحيد والعدل، ومن ذلك قوله تعالى حاكيا قول هود عليه السلام لقومه: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (هود:56)
فهذه الآية الكريمة تجمع بين سري العدل والتوحيد، بل تسند أحدهما للآخر: أما سر التوحيد الذي هو أساس التوكل كما أنه أساس العدل، فقد عبر عنه بقوله: ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ أي لا يخرج أي شيء عن قهره وسلطانه.
وأما سر العدل، والذي جاء مستدركا لما قد يفهم خطأ من التوحيد، فقد عبر عنه بقوله: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أي هو الحاكم العادل الذي لا يجور في حكمه، فإنه على صراط مستقيم.
وهكذا نرى القرآن الكريم ينص على امتناع الظلم عن الله تعالى، كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (آل عمران:182)، وقال: ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ﴾ (غافر: 31)، وقال: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (فصلت:46)، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (يونس:44)، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ (النساء:40)، وقال: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً﴾ (طه:112)
فهذه الآيات الكريمة تعتبر العدالة صفة إلهية، وأنها المنبع الذي تنبع منه كل أنواع الأحكام والجزاء، وهو ما يدل على استحالة الظلم في شريعة الله، وأن كل ظلم أو جور تسرب إليها إنما هو بفعل الأهواء، ولا علاقة له بالله.. وهو وحده كاف لرفض كل ما تسرب من الأحاديث والآثار التي تتناقض مع هذه الصفة الإلهية العظمى.
أحكام الحكومة الإسلامية (70)
والقرآن ـ ترغيبا في العدل ـ لا يكتفي بما ذكره من كونه صفة إلهية، وإنما يضيف إليه وجوب التعامل بالعدل، وفي كل المحال، ولهذا نرى النصوص الكثيرة التي تمجد العدل وتأمر به وتخبر عن محبة الله تعالى للعادلين، بل تخبر عن الله أنه لا يحكم إلا بالعدل.
قال تعالى في تمجيد العدل: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه﴾ (النساء: 58)، ففي قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه﴾ دليل على محبة الله للعدل، وهي محبة تدل على أنه من صفات الكمال.
ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿فإن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الحجرات: 9)، وقد ورد في النصوص الكثيرة الإخبار بمحبة الله من اتصف بصفاته.
وقد جمع الله تعالى بين أمره بالعدل وإخباره عن اتصافه به في قوله تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (النحل:76)
وهكذا نرى القرآن الكريم يعتبر إقامة العدل من الأغراض الكبرى لإرسال الرسل، قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحديد:25)
بل إن الله تعالى قرن الدعاة إلى العدالة بالرسل ـ عليهم السلام ـ واعتبر قتلهم كقتل الرسل، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (آل عمران:21)
وأخبر أن كل ما ورد به القرآن الكريم من الأحكام أحكام تقوم على القسط، بل هي
أحكام الحكومة الإسلامية (71)
القسط عينه، قال تعالى: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ (لأعراف:29)
ودعا البشر الواعين لحقائق القرآن الكريم أن يكونوا دعاة للعدالة بمفهومها الواسع، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فإن اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ (النساء:135)
بل إن القرآن يدعو المؤمنين إلى ممارسة ما تقتضيه العدالة، ولو كان ذلك في مصلحة الأعداء.. فالمؤمن لا تصرفه عداوته لأحد من الناس عن التعامل معه وفق ما تقتضيه شريعة العدل التي تتفق عليها العقول، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (المائدة:8)
وهكذا نراه يدعو إلى تنفيذ العدالة من كل المؤمنين، ابتداء بمن وكلت لهم وظائف الخلافة والولاية؛ فالخليفة الصالح هو الذي يتخلق بوصف العدالة، ولا يجره الهوى إلى الجور، قال تعالى مخاطبا داود عليه السلام: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ (صّ:26)
والله تعالى يأمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم باعتباره الولي الأول لأمر المؤمنين بأن يحكم بالعدل.. لا الرعية البسيطة المطيعة.. وإنما السماعين للكذب الأكالين للسحت، قال تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فإن جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (المائدة:42)
أحكام الحكومة الإسلامية (72)
وفي هذه الآية رد بليغ على أولئك الذين يريدون فرض شريعة الاستبداد، ويجدون من بائعي دينهم من يفتيهم بذلك بحجة أن من الرعية من لا يفيدهم إلا سيف الحجاج.
والعدل بالمفهوم القرآني ليس قاصرا على هذا.. وليس قاصرا على هؤلاء.. بل إنه يشمل الكل.. فالمؤمن الباحث عن الكمال الإنساني لن يصل إليه إلا بتحقيق العدل في كل الشؤون.. فالأخلاق الإسلامية كلها تقوم على العدل، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾ (الاسراء:29)، فالله تعالى يأمرنا في هذه الآية بالتوسط الذي يقتضيه العدل.
بناء على هذا، سنذكر هنا الأحاديث التي تتوافق مع هذه المعاني القرآنية، لا باعتبارها أساسا من الأسس التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية فقط، وإنما باعتبارها معيارا نلجأ إليه كل حين لرفض الأحاديث والآثار والاجتهادات التي تخالف هذه القيمة النبيلة.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:
[الحديث: 203] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا حكمتم فاعدلوا، وإذا قتلتم فأحسنوا، فإنّ الله- عزّ وجلّ- محسن يحبّ المحسنين) (1)
[الحديث: 204] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرّحمن- عزّ وجلّ- وكلتا يديه يمين، الّذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) (2)
[الحديث: 205] قال النّعمان بن بشير: أعطاني أبي عطيّة، فقالت عمرة بنت رواحة:
__________
(1) مجمع الزوائد (5/ 197): رواه الطبرانى في الأوسط
(2) مسلم (1827) والنسائي (8/ 221، 222)
أحكام الحكومة الإسلامية (73)
لا أرضى حتّى يشهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنّي أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطيّة، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله. قال: (أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟). قال: لا، قال (فاتّقوا الله واعدلوا بين أولادكم) قال: فرجع فردّ عطيّته) (1)
[الحديث: 206] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ أحبّ النّاس إلى الله يوم القيامة، وأدناهم منه مجلسا: إمام عادل، وأبغض النّاس إلى الله، وأبعدهم منه مجلسا: إمام جائر) (2)
[الحديث: 207] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة. فإذا أوصى حاف في وصيّته فيختم له بشرّ عمله، فيدخل النّار، وإنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنة. فيعدل في وصيّته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة) (3)
[الحديث: 208] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة، وما هي؟: أوّلها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة، إلّا من عدل، وكيف يعدل مع قرابته؟) (4)
[الحديث: 209] عن عبادة بن الصّامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على السّمع والطّاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكارهنا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالعدل أين كنّا، لا نخاف في الله لومة لائم) (5)
[الحديث: 210] عن جابر قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسّم غنيمة بالجعرانة إذ قال له رجل: اعدل، قال: (لقد شقيت إن لم أعدل) (6)
[الحديث: 211] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاث كفّارات، وثلاث درجات، وثلاث
__________
(1) البخاري (2587)
(2) الترمذي (1329)
(3) أبو داود (2867) والترمذي (2117)
(4) مجمع الزوائد (5/ 200): رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط
(5) النسائي (7/ 139)
(6) البخاري (3138)، ومسلم (1063)
أحكام الحكومة الإسلامية (74)
منجيات، وثلاث مهلكات. فأمّا الكفّارات: فإسباغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصّلوات بعد الصّلوات، ونقل الأقدام إلى الجماعات. وأمّا الدّرجات: فإطعام الطّعام، وإفشاء السّلام، والصّلاة باللّيل والنّاس نيام. وأمّا المنجيات: فالعدل في الغضب والرّضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله في السّر والعلانية. وأمّا المهلكات: فشحّ مطاع، وهوى متّبع، وإعجاب المرء بنفسه) (1)
[الحديث: 212] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاثة لا تردّ دعوتهم، الإمام العادل، والصّائم حتّى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السّماء ويقول: بعزّتي، لأنصرنّك ولو بعد حين) (2)
[الحديث: 213] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سبعة يظلّهم الله تعالى في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: إمام عدل، وشابّ نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلّق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه) (3)
[الحديث: 214] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كلّ سلامى من النّاس عليه صدقة، كلّ يوم تطلع فيه الشّمس يعدل بين النّاس صدقة) (4)
عن عبد الله بن مسعود قال: لمّا كان يوم حنين آثر النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أناسا في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة. قال رجل: والله إنّ هذه القسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه
__________
(1) كشف الأستار عن زوائد البزار (1/ 59، 60)
(2) الترمذي (3598)
(3) البخاري (1423) ومسلم (1031)
(4) البخاري (2707) ومسلم (1009)
أحكام الحكومة الإسلامية (75)
الله، فقلت: والله لأخبرنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فأتيته فأخبرته، فقال: (فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى. فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر) (1)
[الحديث: 215] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا منّي أو من أهل بيتي، يواطأ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا) (2)
[الحديث: 216] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما أصاب أحدا قطّ همّ ولا حزن، فقال: اللهمّ إنّي عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكلّ اسم هو لك، سمّيت به نفسك، أو علّمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك. أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي. إلّا أذهب الله همّه وحزنه، وأبدله مكانه فرجا). قال فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلّمه؟. فقال: (بلى، ينبغي لمن سمعه أن يتعلّمه) (3)
[الحديث: 217] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أصاب حدّا فعجّل الله عقوبته في الدّنيا فالله أعدل من أن يثنّي على عبده العقوبة في الآخرة، ومن أصاب حدّا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود إلى شيء قد عفا عنه) (4)
[الحديث: 218] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنّما الإمام جنّة يقاتل من ورائه، ويتّقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل فإنّ له بذلك أجرا، وإن قال بغيره؛
__________
(1) البخاري (3150) ومسلم (1062)
(2) الترمذي (2230) وأبو داود (4282)
(3) أحمد (5/ 3712 - 3713)
(4) الترمذي (2626)
أحكام الحكومة الإسلامية (76)
فإنّ عليه منه) (1)
[الحديث: 219] عن عائشة أنّ قريشا أهمّتهم المرأة المخزوميّة الّتي سرقت فقالوا: من يكلّم فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن يجترأ عليه إلّا أسامة حبّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فكلّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (أتشفع في حدّ من حدود الله؟) ثمّ قام فخطب فقال: (يا أيّها النّاس، إنّما ضلّ من كان قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق الشّريف تركوه، وإذا سرق الضّعيف فيهم أقاموا عليه الحدّ، وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطع محمّد يدها) (2)
[الحديث: 220] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قد أذهب الله عنكم عبّيّة الجاهليّة وفخرها بالآباء، مؤمن تقيّ، وفاجر شقيّ، والنّاس بنو آدم، وآدم من تراب) (3)
[الحديث: 221] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من أحد ولي شيئا من أمور المسلمين، فأراد الله به خيرا، إلّا جعل الله له وزيرا صالحا، إن نسي ذكّره، وإن ذكر أعانه، وإن همّ بشر كفّه وزجره (4).
[الحديث: 222] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي شيئا من أمور أمتي فحسنت سريرته لهم، رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم، ومن بسط كفّه إليهم بالمعروف رزق المحبة منهم، ومن كفّ عن أموالهم وفر الله عزّ وجلّ ماله، ومن أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنّة مصاحبا، ومن كثر عفوه مد في عمره، ومن عمّ عدله نصر على عدوه، ومن خرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة، آنسه الله عزّ وجلّ بغير أنيس وأعانه بغير مال (5).
__________
(1) البخاري (2957) ومسلم (1841)
(2) البخاري (6788) ومسلم (1688)
(3) أبو داود (5116). والترمذي (3965)
(4) أعلام الدين ص 295
(5) أعلام الدين ص 184
أحكام الحكومة الإسلامية (77)
[الحديث: 223] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي عشرة فلم يعدل فيهم جاء يوم القيامة ويداه ورجلاه ورأسه في ثقب فأس (1).
[الحديث: 224] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يؤمر رجل على عشرة فما فوقهم إلّا جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه، فإن كان محسنا فك عنه، وإن كان مسيئا زيد غلا إلى غله (2).
[الحديث: 225] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: من أخذ شيئا من أموال أهل الذمّة ظلما فقد خان اللّه ورسوله وجميع المؤمنين (3).
[الحديث: 226] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: من اقتطع مال مؤمن غصبا بغير حلّه لم يزل اللّه عزّ وجلّ معرضا عنه، ماقتا لأعماله الّتي يعملها من البرّ والخير، لا يثبتها في حسناته حتّى يتوب، ويردّ المال الّذي أخذه إلى صاحبه (4).
[الحديث: 227] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عزّ وجلّ يقول: ويل للذين يختلون الدنيا بالدين، وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وويل للذين يسير المؤمن فيهم بالتقية، أبي يغترون؟ أم علي يجترئون؟ فبي حلفت لاتيحن لهم فتنة تترك الحليم منهم حيرانا (5).
وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
__________
(1) ثواب الأعمال ص 309
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 270
(3) الأشعثيات ص 81.
(4) عقاب الأعمال ص 322.
(5) ـ الكافي 2/ 226/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (78)
[الحديث: 228] قال الإمام علي لعمر: ثلاث إن حفظتهنّ وعلمتهنّ كفتك ما سواهن، وإن تركتهن لم ينفعك شيء سواهنّ قيل: وما هنّ؟ قال: إقامة الحدود على القريب والبعيد، والحكم بكتاب الله في الرضا والسخط، والقسم بين الناس بالعدل بين الأحمر والأسود (1).
[الحديث: 229] قال الإمام علي: ستّة أشياء حسن، ولكن من ستة أحسن، العدل حسن وهو من الأمراء أحسن، والصبر حسن وهو من الفقراء أحسن، والورع حسن وهو من العلماء أحسن، والسخاء حسن وهو من الأغنياء أحسن، والتوبة حسنة وهي من الشابّ أحسن، والحياء حسن وهو من النساء أحسن، وأمير لا عدل له كغيم لا غيث له، وفقير لا صبر له كمصباح لا ضوء له، وعالم لا ورع له كشجرة لا ثمرة لها، وغني لا سخاء له كمكان لا نبت له، وشابّ لا توبة له كنهر لا ماء له، وامرأة لا حياء لها كطعام لا ملح له (2).
[الحديث: 230] قال الإمام علي: إنّ اللّه تبارك وتعالى يعذّب الستّة بالستّة، العرب بالعصبيّة، والدهاقنة بالكبر، والأمراء بالجور، والفقهاء بالحسد، والتجّار بالخيانة، وأهل الرستاق بالجهل (3).
[الحديث: 231] قال الإمام علي: اعلم أنّ أفضل عباد اللّه عند اللّه إمام عادل هدي وهدى، فأقام سنّة معلومة، وأمات بدعة مجهولة، وإنّ السنن لنيّرة لها أعلام، وإنّ البدع لظاهرة لها أعلام، وإنّ شرّ الناس عند اللّه إمام جائر ضلّ وضلّ به، فأمات سنّة مأخوذة، وأحيا بدعة متروكة، وإنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر
__________
(1) مناقب ج 2 ص 147.
(2) إرشاد القلوب ص 193.
(3) المحاسن ص 10.
أحكام الحكومة الإسلامية (79)
وليس معه نصير ولا عاذر، فيلقى في نار جهنّم فيدور فيها كما تدور الرحى، ثمّ يرتبط في قعرها (1).
[الحديث: 232] قال الإمام علي: العدل فضيلة السّلطان (2).
[الحديث: 233] قال الإمام علي: إمام عادل خير من مطر وابل (3).
[الحديث: 234] قال الإمام علي: العدل أفضل السياستين (4).
[الحديث: 235] قال الإمام علي: أفضل الملوك العادل (5).
[الحديث: 236] قال الإمام علي: أجلّ الملوك من ملك نفسه وبسط العدل (6).
[الحديث: 237] قال الإمام علي: إنّ الزهد في ولاية الظّالم بقدر الرغبة في ولاية العادل (7).
[الحديث: 238] قال الإمام علي: تاج الملك عدله (8).
[الحديث: 239] قال الإمام علي: جمال السياسة العدل في الإمرة، والعفو مع القدرة (9).
[الحديث: 240] قال الإمام علي: خير السّياسات العدل (10).
[الحديث: 241] قال الإمام علي: دولة العادل من الواجبات (11).
[الحديث: 242] قال الإمام علي: زين الملك العدل (12).
__________
(1) نهج البلاغة كلام 163 ص 526.
(2) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(3) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(4) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(5) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(6) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(7) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(8) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(9) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(10) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(11) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(12) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
أحكام الحكومة الإسلامية (80)
[الحديث: 243] قال الإمام علي: زمان العادل خير الأزمنة (1).
[الحديث: 244] قال الإمام علي: غريزة العقل تحدو على استعمال العدل (2).
[الحديث: 245] قال الإمام علي: ليس ثواب عند الله سبحانه أعظم من ثواب السّلطان العادل والرجل المحسن (3).
[الحديث: 246] قال الإمام علي: سياسة العدل ثلاث: لين في حزم، واستقصاء في عدل، وإفضال في قصد (4).
[الحديث: 247] قال الإمام علي: العدل يصلح البريّة (5).
[الحديث: 248] قال الإمام علي: العدل نظام الإمرة (6).
[الحديث: 249] قال الإمام علي: العدل قوام الرعيّة (7).
[الحديث: 250] قال الإمام علي: العدل قوام البرّيّة (8).
[الحديث: 251] قال الإمام علي: الرعيّة لا يصلحها إلّا العدل (9).
[الحديث: 252] قال الإمام علي: العادل راع ينتظر أحد الجزائين (10).
[الحديث: 253] قال الإمام علي: الطّاعة جنّة الرعيّة والعدل جنّة الدول (11).
[الحديث: 254] قال الإمام علي: العدل قوام الرعيّة وجمال الولاة (12).
[الحديث: 255] قال الإمام علي: إذا بني الملك على قواعد العدل، ودعم بدعائم
__________
(1) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(2) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(3) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(4) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(5) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(6) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(7) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(8) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(9) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(10) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(11) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(12) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
أحكام الحكومة الإسلامية (81)
العقل نصر الله مواليه، وخذل معاديه (1).
[الحديث: 256] قال الإمام علي: بالعدل تصلح الرعيّة (2).
[الحديث: 257] قال الإمام علي: اعدل تدم لك القدرة (3).
[الحديث: 258] قال الإمام علي: ثبات الدول بإقامة سنن العدل (4).
[الحديث: 259] قال الإمام علي: سلطان العاقل ينشر مناقبه (5).
[الحديث: 260] قال الإمام علي: صلاح الرعيّة العدل (6).
[الحديث: 261] قال الإمام علي: ليكن مركبك العدل، فمن ركبه ملك (7).
[الحديث: 262] قال الإمام علي: عدل السّلطان حياة الرعيّة وصلاح البريّة (8).
[الحديث: 263] قال الإمام علي: في العدل الاقتداء بسنّة الله وثبات الدول (9).
[الحديث: 264] قال الإمام علي: لن تحصّن الدول بمثل استعمال العدل فيها (10).
[الحديث: 265] قال الإمام علي: من عدل تمكّن (11).
[الحديث: 266] قال الإمام علي: من عدل نفذ حكمه (12).
[الحديث: 267] قال الإمام علي: من كثر عدله حمدت أيّامه (13).
[الحديث: 268] قال الإمام علي: من عدل في البلاد نشر الله عليه الرحمة (14).
__________
(1) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(2) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(3) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(4) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(5) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(6) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(7) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(8) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(9) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(10) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(11) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(12) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(13) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(14) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
أحكام الحكومة الإسلامية (82)
[الحديث: 269] قال الإمام علي: من عدل في سلطانه استغنى عن أعوانه (1).
[الحديث: 270] قال الإمام علي: من عمل بالعدل حصّن الله ملكه (2).
[الحديث: 271] قال الإمام علي: من عدل في سلطانه، وبذل إحسانه أعلى الله شأنه وأعزّ أعوانه (3).
[الحديث: 272] قال الإمام علي: من أحسن إلى رعيّته نشر الله عليه جناح رحمته، وأدخله في مغفرته (4).
[الحديث: 273] قال الإمام علي: ما عمرت البلدان بمثل العدل (5).
[الحديث: 274] قال الإمام علي: ما حصّن الدول بمثل العدل (6).
[الحديث: 275] قال الإمام علي: والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهّدا وأجرّ في الأغلال مصفّدا أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، وغاصبا لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها، ويطول في الثري حلولها، والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتّى استماحني من برّكم صاعا ورأيت صبيانه شعث الشعور، وغبر الألوان من فقرهم كأنّما سوّدت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكّدا وكرّر عليّ القول مردّدا فأصغيت إليه سمعي فظنّ أنّي أبيعه ديني وأتّبع قياده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديدة، ثمّ أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضجّ ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئنّ من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرّني إلى نار سجرها جبّارها لغضبه، أتئنّ من الأذى ولا أئنّ من لظى،
__________
(1) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(2) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(3) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(4) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(5) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
(6) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.
أحكام الحكومة الإسلامية (83)
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها كأنّما عجنت بريق حيّة أو قيئها فقلت: أصلة أم زكاة أم صدقة فذلك كلّه محرّم علينا أهل البيت؟ فقال: لا ذا ولا ذاك، ولكنّها هديّة، فقلت: هبلتك الهبول أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ أمختبط أم ذو جنّة أم تهجر؟ والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وإنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعليّ ولنعيم يفنى ولذّة لا تبقى، نعوذ بالله من سبات العقل، وقبح الزلل، وبه نستعين (1).
[الحديث: 276] قال الإمام الصادق: من تولى أمرا من أمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر في أمور الناس كان حقّا على الله عزّ وجلّ أن يؤمن روعته يوم القيامة ويدخله الجنّة (2).
[الحديث: 277] قال الإمام الصادق: من ولي شيئا من أمور المسلمين فضيّعهم ضيّعه الله تعالى (3).
[الحديث: 278] قال الإمام الصادق: إنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى نبيّ من الأنبياء في مملكة جبّار من الجبابرة أن ائت هذا الجبّار فقل له: إنّي لم أستعملك على سفك الدماء واتّخاذ الأموال وإنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين فإنّي لن أدع ظلامتهم وإن كانوا كفّارا (4).
[الحديث: 279] قال الإمام الصادق: اتقوا الله واعدلوا فإنكم تعيبون على قوم لا
__________
(1) نهج البلاغة، ص 713.
(2) أمالي الصدوق ج 1 ص 202
(3) ثواب الأعمال ص 309
(4) عقاب الأعمال ص 321
أحكام الحكومة الإسلامية (84)
يعدلون (1).
[الحديث: 280] قال الإمام الصادق: العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وان قل (2).
[الحديث: 281] قال الإمام الصادق: العدل أحلى من الشهد وألين من الزبد وأطيب ريحا من المسك (3).
[الحديث: 282] قال الإمام الصادق: ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عزّ وجلّ يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة، ورجل قال الحق فيما عليه (4).
[الحديث: 283] قال الإمام الصادق: إن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم عمل بغيره (5).
[الحديث: 284] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: 94]: هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره (6).
[الحديث: 285] قيل للإمام السجاد: أخبرني بجميع شرائع الدّين، فقال: قول الحقّ، والحكم بالعدل، والوفاء بالعهد (7).
[الحديث: 286] قال الإمام السجاد: حق أهل الذمة: أن تقبل منهم ما قبل اللّه عزّ
__________
(1) ـ الكافي 2/ 118/ 14.
(2) ـ الكافي 2/ 117/ 11.
(3) ـ الكافي 2/ 118/ 15.
(4) ـ الكافي 2/ 227/ 3.
(5) ـ الكافي 2/ 227/ 1.
(6) ـ الكافي 2/ 227/ 4.
(7) الخصال ج 1 ص 113.
أحكام الحكومة الإسلامية (85)
وجلّ منهم، ولا تظلمهم ما وفوا أهل الذمّة للّه عزّ وجلّ بعهده (1).
[الحديث: 287] قال الإمام الباقر: لله عزّ وجلّ جنّة لا يدخلها إلّا ثلاثة: رجل حكم في نفسه بالحقّ، ورجل زار أخاه المؤمن في الله، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله عزّ وجلّ (2).
ثالثا ـ ما ورد حول الشورى وأهلهأ
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث التي تعتبر الشورى صفة من صفات المؤمنين، وقيمة من قيم الحكم في الإسلام؛ فالحكومة الإسلامية ليست حكومة مستبدة، وإنما هي حكومة ترجع للخبراء والرعية في كل شأن من شؤونها، لأنه لا يمكن تطبيق العدالة من دون ذلك.
ولذلك يدعو الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم المؤيد بالوحي إلى استشارة رعيته التي كان حاكما عليها، قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159]
وهكذا يصف القرآن الثلة الصادقة من المؤمنين بهذه الصفة، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ [الشورى: 38].
بل إنه يعتبر إبراهيم عليه السلام مثالا صادقا لهذه الصفة، ونموذجا عاليا لتأديتها؛ فهو مع كونه قد أمر بأمر إلهي، إلا أنه راح يخبر ابنه عنه، ويستشيره فيه، لينال أجر التسليم معه، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا
__________
(1) مكارم الأخلاق ص 424.
(2) الخصال ج 1 ص 131.
أحكام الحكومة الإسلامية (86)
تَرَى﴾ [الصافات: 102]
والله تعالى يدعو إلى الشورى في كل المحال حتى في الخلافات التي تدب في الأسرة الواحدة، قال تعالى: ﴿فإن أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: 233]
وعندما يشتد الخلاف بين الزوجين، ولا يمكنهما التشاور يدعوها إلى الاستعانة بأطراف خارجية تقوم هي أيضا بالتشاور لحل المشكلة، قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء: 35]
أما في مجال الحكم؛ فقد ذكر الله تعالى نموذجا عن ذلك، وأثنى عليه بطريقة غير مباشرة، قال تعالى مخبرا عن ملكة سبأ: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: 32 - 35]
ففي هذه الآيات الكريمة نموذجان لكيفية الشورى، والبعد عن الاستبداد، أما أولهما، فطلب رأي الآخرين، وأما الثاني، فهو عرض الرأي عليهم قبل تنفيذه، وبذلك فإن الشورى لا تعني فقط طلب الآخرين، وإنما الاستفادة من آرائهم في التقويم والتصحيح، وهو ما سنرى أمثلة عنه في الأحاديث التي سنوردها هنا.
وننبه إلى أن ما ذكره القرآن عن استشارة فرعون لملئه، لا يمثل الشورى الشرعية، ولا الصحيحة، لأن الشورى لا تكون إلا في الأمور التي تكتنفها العدالة والرحمة، لا الظلم والقسوة، بالإضافة إلا أن الملأ لم يكونوا مختارين فيما يشيرون فيه، بل كانوا ملزمين
أحكام الحكومة الإسلامية (87)
بالخضوع والتملق له.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:
[الحديث: 288] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المستشار مؤتمن (1).
[الحديث: 289] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تقوّل عليّ ما لم أقل فليتبوّأ مقعده من النّار، ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشده فقد خانه، ومن أفتى بفتيا غير ثبت فإنّما إثمه على من أفتاه (2).
[الحديث: 290] جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك. فقال: (هل لك من أمّ)؟ قال: نعم. قال: (فالزمها، فإن الجنّة عند رجلها) (3)
[الحديث: 291] عن الحسن في قوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: 159]: (قد علم الله أنّ ما به إليهم من حاجة، ولكن أراد ليستن به من بعده) (4)
[الحديث: 292] عن قتادة قال: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يشاور أصحابه في الأمور، وهو يأتيه الوحيّ من السّماء لأنّه أطيب لأنفس القوم، وأن القوم إذا شاور بعضهم بعضا، وأرادوا بذلك وجه الله تعالى عزم عليهم على أرشده (5).
[الحديث: 293] عن الضّحّاك قال: ما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالمشاورة لما فيها من
__________
(1) الترمذي (2823، 2824)، وأبو داود (5128)
(2) أحمد (1/ 876)
(3) النسائي رقم 197 (6/ 11)
(4) رواه سعيد بن منصور وابن المنذر، سبل الهدى (9/ 398)
(5) رواه ابن جرير وابن أبي خيثمة، سبل الهدى (9/ 398)
أحكام الحكومة الإسلامية (88)
الفضل والبركة (1).
[الحديث: 294] عن أبي هريرة قال: ما رأيت من الناس أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2).
[الحديث: 295] عن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يشاور في الحرب فعليك به (3).
[الحديث: 296] عن يحيى بن سعد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استشار النّاس يوم بدر، فقام الحباب بن المنذر، فقال: نحن أهل الحرب أرى أن تعوّر المياه إلا ماء واحدا نلقاهم عليه قال: واستشارهم يوم قريظة والنضير، فقام الحباب بن المنذر فقال: أرى أن ننزل بين القصور، فنقطع خبر هؤلاء عن هؤلاء، وخبر هؤلاء عن هؤلاء، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (4).
[الحديث: 297] عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة، فقال: إيانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فانطلقوا حتى نزلوا بدرا (5).
[الحديث: 298] عن عائشة قالت: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، حين استلبث الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله؛ فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك، ولا نعلم
__________
(1) رواه ابن أبي شيبة، سبل الهدى (9/ 398)
(2) رواه ابن أبي حاتم والخرائطي، سبل الهدى (9/ 398)
(3) رواه الطبراني، سبل الهدى (9/ 398)
(4) رواه ابن سعد، سبل الهدى (9/ 398)
(5) مسلم 1779.
أحكام الحكومة الإسلامية (89)
إلا خيرا، وأما عليٌ فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثيرٌ، وسل الجارية تصدقك (1).
[الحديث: 299] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مشاورة العاقل الناصح رشد ويمن وتوفيق من الله، فإذا أشار عليك الناصح العاقل، فإيّاك والخلاف فإن في ذلك العطب (2).
[الحديث: 300] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: استرشدوا العاقل ولا تعصوه فتندموا (3).
[الحديث: 301] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا شاور عليك العاقل الناصح فاقبل، وإيّاك والاختلاف عليهم فإن فيه الهلاك (4).
[الحديث: 302] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: لا تشاورنّ جبانا فإنّه يضيق عليك المخرج، ولا تشاورنّ بخيلا فإنّه يقصر بك عن غايتك، ولا تشاورنّ حريصا فإنّه يزين لك شرّها، واعلم أنّ الجبن والبخل والحرص غريزة يجمعها سوء الظنّ (5).
[الحديث: 303] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحزم أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره (6).
[الحديث: 304] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير (7).
[الحديث: 305] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المشاورة حرز من الندامة، وأمن من الملامة (8).
__________
(1) البخاري 4141
(2) المحاسن، ص 602.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 152.
(4) إعلام الدين ص 295.
(5) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 293.
(6) أعلام الدين ص 294.
(7) المحاسن، ص 601.
(8) نزهة الناظر، ص 12.
أحكام الحكومة الإسلامية (90)
وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 306] قال الإمام علي: لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل، ويعدك الفقر، ولا جبانا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزيّن لك الشره بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظنّ بالله! (1).
[الحديث: 307] قال الإمام علي: خير من شاورت ذوو النّهى والعلم واولوا التجارب والحزم (2).
[الحديث: 308] قال الإمام علي: ما عطب امرئ استشار (3).
[الحديث: 309] قال الإمام عليّ: من شاور ذوي الأسباب، دلّ على الرشاد (4).
[الحديث: 310] قال الإمام عليّ: شاور في حديثك الّذين يخافون الله (5).
[الحديث: 311] قال الإمام علي: من ملك استأثر، ومن استبدّ برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها (6).
[الحديث: 312] قال الإمام علي: لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا ظهير كالمشاورة (7).
[الحديث: 313] قال الإمام عليّ: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني: يا عليّ، ما حار من استخار، ولا ندم من استشار.. يا عليّ، عليك بالدّلجة، فإن الأرض تطوى باللّيل ما لا تطوى بالنّهار، يا عليّ، اغد باسم الله فإن عزّ وجلّ بارك لأمتي
__________
(1) نهج البلاغة عهد 53، 998.
(2) غرر الحكم، ص 389.
(3) الخصال ص 620.
(4) كنز الكراجكي على ما في (المستدرك) ج 2 ص 65.
(5) المحاسن، ص 601.
(6) نهج البلاغة الحكمة 152 ص 1165.
(7) نهج البلاغة الحكمة 51 ص 1112.
أحكام الحكومة الإسلامية (91)
في بكورها (1).
[الحديث: 314] قال الإمام علي: ما حار من استخار، ولا ندم من استشار (2).
[الحديث: 315] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: اضمم آراء الرجال بعضها إلى بعض، ثمّ اختر أقربها من الصواب وأبعدها من الارتياب.. وقد خاطر بنفسه من استغنى برأيه، ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطاء (3).
[الحديث: 316] قال الإمام علي: الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه (4).
[الحديث: 317] قال الإمام علي: انّ الجاهل من عدّ نفسه بما جهل من معرفته للعلم عالما وبرأيه مكتفيا (5).
[الحديث: 318] قال الإمام علي: من لم يستشر يندم (6).
[الحديث: 319] قال الإمام علي: المشاورة استظهار (7).
[الحديث: 320] قال الإمام علي: كفى بالمشاورة ظهيرا (8).
[الحديث: 321] قال الإمام علي: نعم المظاهرة المشاورة (9).
[الحديث: 322] قال الإمام علي: نعم الاستظهار المشاورة (10).
[الحديث: 323] قال الإمام علي: لا مظاهرة أوثق من مشاورة (11).
[الحديث: 324] قال الإمام علي: أفضل الناس رأيا من لا يستغني عن رأي
__________
(1) بحار الأنوار ج 75 ص 78، (كشف الغمّة).
(2) تحف العقول، ص 207.
(3) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 278.
(4) نهج البلاغة حكمة 202 ص 1181.
(5) مستدرك الوسائل ج 2 ص 65، السيّد عليّ بن طاووس في (كشف المحجّة).
(6) تفسير العيّاشي ج 1 ص 120.
(7) غرر الحكم، ص 441.
(8) غرر الحكم، ص 441.
(9) غرر الحكم، ص 441.
(10) غرر الحكم، ص 441.
(11) غرر الحكم، ص 441.
أحكام الحكومة الإسلامية (92)
مشير (1).
[الحديث: 325] قال الإمام علي: إنّما خضّ على المشاورة لأنّ رأي المشير صرف ورأي المستشير مشوب بالهوى (2).
[الحديث: 326] قال الإمام علي: إذا عزمت فاستشر (3).
[الحديث: 327] قال الإمام علي: إذا أمضيت أمرا فأمضه بعد الرويّة ومراجعة المشورة، ولا تؤخّر عمل يوم إلى غد وأمض لكلّ يوم عمله (4).
[الحديث: 328] قال الإمام علي: باكروا، فالبركة في المباكرة وشاوروا، فالنّجح في المشاورة (5).
[الحديث: 329] قال الإمام علي: جماع الخير في المشاورة والأخذ بقول النصيح (6).
[الحديث: 330] قال الإمام علي: شاور قبل أن تعزم، وفكّر قبل أن تقدم (7).
[الحديث: 331] قال الإمام علي: عليك بالمشاورة فإنّها نتيجة الحزم (8).
[الحديث: 332] قال الإمام علي: قد أصاب المسترشد (9).
[الحديث: 333] قال الإمام علي: من شاور الرجال شاركها في عقولها (10).
[الحديث: 334] قال الإمام علي: لا تستصغرنّ عندك الرأي الخطير إذا أتاك به الرجل الحقير (11).
[الحديث: 335] قال الإمام علي: لا يستغني العاقل عن المشاورة (12).
__________
(1) غرر الحكم، ص 441.
(2) غرر الحكم، ص 441.
(3) غرر الحكم، ص 441.
(4) غرر الحكم، ص 441.
(5) غرر الحكم، ص 441.
(6) غرر الحكم، ص 441.
(7) غرر الحكم، ص 441.
(8) غرر الحكم، ص 441.
(9) غرر الحكم، ص 441.
(10) غرر الحكم، ص 441.
(11) غرر الحكم، ص 441.
(12) غرر الحكم، ص 441.
أحكام الحكومة الإسلامية (93)
[الحديث: 336] قال الإمام علي: المشورة تجلب لك صواب غيرك (1).
[الحديث: 337] قال الإمام علي: الشركة في الرأي تؤدّي إلى الصواب (2).
[الحديث: 338] قال الإمام علي: امخضوا الرأي مخض السقاء، ينتج سديد شديد الآراء (3).
[الحديث: 339] قال الإمام علي: اضربوا بعض الرّأي ببعض، يتولّد منه الصواب (4).
[الحديث: 340] قال الإمام علي: من لزم المشاورة لم يعدم عند الصواب مادحا وعند الخطاء عاذرا (5).
[الحديث: 341] قال الإمام علي: ما استنبط الصواب بمثل المشاورة (6).
[الحديث: 342] قال الإمام علي: المستشير متحصّن من السقط (7).
[الحديث: 343] قال الإمام علي: المستشير على طرف النجاح (8).
[الحديث: 344] قال الإمام علي: المشاورة راحة لك وتعب لغيرك (9).
[الحديث: 345] قال الإمام علي: استشر أعداءك تعرف من رأيهم مقدار عداوتهم ومواضع مقاصدهم (10).
[الحديث: 346] قال الإمام علي: خوافي الآراء تكشفها المشاورة (11).
[الحديث: 347] قال الإمام علي: ما ضلّ من استشار (12).
__________
(1) غرر الحكم، ص 441.
(2) غرر الحكم، ص 441.
(3) غرر الحكم، ص 441.
(4) غرر الحكم، ص 441.
(5) غرر الحكم، ص 441.
(6) غرر الحكم، ص 441.
(7) غرر الحكم، ص 441.
(8) غرر الحكم، ص 441.
(9) غرر الحكم، ص 441.
(10) غرر الحكم، ص 441.
(11) غرر الحكم، ص 441.
(12) غرر الحكم، ص 441.
أحكام الحكومة الإسلامية (94)
[الحديث: 348] قال الإمام علي: أفضل من شاورت ذو التّجارب، وشرّ من قارنت ذو المعايب (1).
[الحديث: 349] قال الإمام علي: خير من شاورت ذو والنّهى والعلم، واولوا التجارب والحزم (2).
[الحديث: 350] قال الإمام علي: شاور في أمورك الّذين يخشون الله، ترشد (3).
[الحديث: 351] قال الإمام علي: شاور ذوي العقول، تأمن الزلل والندم (4).
[الحديث: 352] قال الإمام علي: من استشار العاقل ملك (5).
[الحديث: 353] قال الإمام علي: من شاور ذوي العقول استضاء بأنوار العقول (6).
[الحديث: 354] قال الإمام علي: من شاور ذوي النّهى والألباب فاز بالنّجح والصواب (7).
[الحديث: 355] قال الإمام علي: من استشار ذوي النّهى والألباب فاز بالحزم والسداد (8).
[الحديث: 356] قال الإمام علي: من استعان بذوي الألباب سلك سبيل الرشاد (9).
[الحديث: 357] قال الإمام علي: مشاورة الحازم المشفق ظفر (10).
[الحديث: 358] قال الإمام علي: مشاورة الجاهل المشفق خطر (11).
__________
(1) غرر الحكم، ص 441.
(2) غرر الحكم، ص 441.
(3) غرر الحكم، ص 441.
(4) غرر الحكم، ص 441.
(5) غرر الحكم، ص 441.
(6) غرر الحكم، ص 441.
(7) غرر الحكم، ص 441.
(8) غرر الحكم، ص 441.
(9) غرر الحكم، ص 441.
(10) غرر الحكم، ص 441.
(11) غرر الحكم، ص 441.
أحكام الحكومة الإسلامية (95)
[الحديث: 359] قال الإمام علي: استشر عدوّك العاقل واحذر رأي صديقك الجاهل (1).
[الحديث: 360] قال الإمام علي: لا تشاورنّ في أمرك من يجهل (2).
[الحديث: 361] قال الإمام علي: لا تشاور عدوّك واستره خبرك (3).
[الحديث: 362] قال الإمام علي: لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا، فيعدل بك عن القصد ويعدك الفقر (4).
[الحديث: 363] قال الإمام علي: لا تشركنّ في رأيك جبانا، يضعّفك عن الأمر الأمور ويعظّم عليك ما ليس بعظيم (5).
[الحديث: 364] قال الإمام علي: لا تشركنّ في مشورتك حريصا، يهوّن عليك الشرّ، ويزيّن لك الشره (6).
[الحديث: 365] قال الإمام علي: لا تستشر الكذّاب، فإنّه كالسّراب يقرّب عليك البعيد ويبعّد عليك اليك القريب (7).
[الحديث: 366] قال الإمام علي: آفة المشاورة انتقاض الآراء (8).
[الحديث: 367] قال الإمام علي: إذا ازدحم الجواب نفي الصواب (9).
[الحديث: 368] قال الإمام علي: شرّ الآراء ما خالف الشريعة (10).
[الحديث: 369] قال الإمام علي: على المشير الاجتهاد في الرأي وليس عليه ضمان
__________
(1) غرر الحكم، ص 441.
(2) غرر الحكم، ص 441.
(3) غرر الحكم، ص 441.
(4) غرر الحكم، ص 441.
(5) غرر الحكم، ص 441.
(6) غرر الحكم، ص 441.
(7) غرر الحكم، ص 441.
(8) غرر الحكم، ص 441.
(9) غرر الحكم، ص 441.
(10) غرر الحكم، ص 441.
أحكام الحكومة الإسلامية (96)
النّجح (1).
[الحديث: 370] قال الإمام علي: من ضلّ مشيره بطل تدبيره (2).
[الحديث: 371] قال الإمام علي: من نصح مستشيره صلح تدبيره (3).
[الحديث: 372] قال الإمام علي: ظلم المستشير ظلم وخيانة (4).
[الحديث: 373] قال الإمام علي: من غشّ مستشيره سلب تدبيره (5).
[الحديث: 374] قال الإمام علي: لا تردّنّ على النصيح ولا تستغشّنّ المشير (6).
[الحديث: 375] قال الإمام علي: خيانة المستسلم والمستشير من أفظع الأمور وأعظم الشرور وموجب عذاب السعير (7).
[الحديث: 376] قال الإمام علي: صلاح الرّأي بنصح المستشير (8).
[الحديث: 377] قال الإمام علي: قد يزلّ الرأي الفذّ (9).
[الحديث: 378] قال الإمام علي: قد يضلّ العقل الفذّ (10).
[الحديث: 379] قال الإمام علي: من خالف المشورة ارتبك (11).
[الحديث: 380] قال الإمام علي: من استغنى بعقله ضلّ (12).
[الحديث: 381] قال الإمام علي: من استبدّ برأيه زلّ (13).
[الحديث: 382] قال الإمام علي: من جهل وجوه الآراء أعيته الحيل (14).
__________
(1) غرر الحكم، ص 441.
(2) غرر الحكم، ص 441.
(3) غرر الحكم، ص 441.
(4) غرر الحكم، ص 441.
(5) غرر الحكم، ص 441.
(6) غرر الحكم، ص 441.
(7) غرر الحكم، ص 441.
(8) غرر الحكم، ص 441.
(9) غرر الحكم، ص 441.
(10) غرر الحكم، ص 441.
(11) غرر الحكم، ص 441.
(12) غرر الحكم، ص 441.
(13) غرر الحكم، ص 441.
(14) غرر الحكم، ص 441.
أحكام الحكومة الإسلامية (97)
[الحديث: 383] قال الإمام علي: من أعجب برأيه ذلّ (1).
[الحديث: 384] قال الإمام علي: لا تستبدّ برأيك، فمن استبدّ برأيه هلك (2).
[الحديث: 385] قال الإمام الباقر: قيل: يا رسول الله، ما الحزم؟ قال: مشاورة ذوي الرأي واتّباعهم (3).
[الحديث: 386] قال الإمام الباقر: أوّل الحزم المشورة لذي الرأي الناصح، والعمل بما يشير به (4).
[الحديث: 387] قال الإمام الباقر: في التوراة أربعة أسطر: من لا يستشر يندم، والفقر الموت الأكبر، وكما تدين تدان، ومن ملك استأثر (5).
[الحديث: 388] قال الإمام الصادق: استشر العاقل من الرجال؛ الورع، فإنّه لا يأمر إلّا بخير، وإيّاك والخلاف، فإن خلاف الورع العاقل مفسدة في الدين والدنيا (6).
[الحديث: 389] قال الإمام الصادق: إنّ المشورة لا تكون إلّا بحدودها، فمن عرفها بحدودها وإلّا كانت مضرّتها على المستشير أكثر من منفعتها له، فأوّلها: أن يكون الّذي يشاوره عاقلا، والثانية: أن يكون حرّا متديّنا، والثالثة: أن يكون صديقا مؤاخيا، والرابعة: أن تطلعه على سرّك، فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثمّ يستر ذلك ويكتمه، فإنّه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته، وإذا كان حرّا متديّنا جهد نفسه في النصيحة لك، وإذا كان
__________
(1) غرر الحكم، ص 441.
(2) غرر الحكم، ص 441.
(3) المحاسن، ص 600.
(4) نزهة الناظر، ص 102.
(5) المحاسن، ص 601.
(6) المحاسن، ص 602.
أحكام الحكومة الإسلامية (98)
صديقا مؤاخيا كتم سرّك إذا أطلعته على سرّك، وإذا أطلعته على سرّك فكان علمه به كعلمك، تمّت المشورة وكملت النصيحة (1).
[الحديث: 390] قال الإمام الصادق: ما يمنع أحدكم إذا ورد عليه مالا قبل له به أن يستشير رجلا عاقلا له دين وورع؟!.. أما إنّه إذا فعل ذلك لم يخذله الله؛ بل يرفعه الله، ورماه بخير الأمور وأقربها إلى الله (2).
[الحديث: 391] قال الإمام الصادق: شاور في أمورك ما يقتضي الدين، من فيه خمس خصال: عقل وعلم وتجربة ونصح وتقوى، فإن تجد فاستعمل الخمسة واعزم وتوكّل على الله، فإن ذلك يؤدّيك إلى الصواب، وما كان من أمور الدنيا التي هي غير عائدة إلى الدين فأمضها ولا تتفكّر فيها، فإنّك إذا فعلت ذلك أصبت بركة العيش وحلاوة الطاعة، وفي المشاورة اكتساب العلم، والعاقل من يستفيد منها علما جديدا ويستدلّ به على المحصول من المراد، ومثل المشورة مع أهلها مثل التفكّر في خلق السموات والأرض وفنائهما وهما غنيّان عن العبد لأنّه كلّما قوي تفكّره فيهما غاص في بحار نور المعرفة وازداد بهما اعتبارا ويقينا ولا تشاور من لا يصدّقه عقلك وإن كان مشهورا بالعقل والورع، وإذا شاورت من يصدّقه قلبك فلا تخالفه فيما يشير به عليك وإن كان بخلاف مرادك فإن النفس تجمح عن قبول الحقّ وخلافها عند قبول الحقائق أبين، قال الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159] وقال الله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38] أي متشاورون فيه (3).
__________
(1) المحاسن، ص 602.
(2) المحاسن، ص 602.
(3) مصباح الشريعة ص 36.
أحكام الحكومة الإسلامية (99)
[الحديث: 392] قال الإمام الصادق: من لم يكن له واعظ من قلبه، وزاجر من نفسه، ولم يكن له قرين مرشد، استمكن عدوّه من عنقه (1).
[الحديث: 393] قال الإمام الصادق: استشيروا في أمركم الّذين يخشون ربّهم (2).
[الحديث: 394] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: شاور في أمرك الّذين يخشون الله عزّ وجلّ (3).
[الحديث: 395] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: إن كنت تحبّ أن تستتب لك النعمة، وتكمل لك المروة، وتصلح لك المعيشة، فلا تستشر السفلة في أمرك، فإنّك إن ائتمنتهم خانوك، وإن حدّثوك كذبوك، وإن نكبت خذلوك، وإن وعدوك بوعد لم يصدقوك (4).
[الحديث: 396] قال الإمام الصادق: لا مال أعود من العقل، ولا مصيبة أعظم من الجهل، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا ورع كالكفّ، ولا عبادة كالتفكّر، ولا قائد خير من التوفيق، ولا قرين خير من حسن الخلق، ولا ميراث خير من الأدب (5).
[الحديث: 397] قال الإمام الصادق: لن يهلك امرئ عن مشورة (6).
[الحديث: 398] قال الإمام الصادق: المستبدّ برأيه موقوف على مداحض الزلل (7).
[الحديث: 399] قال الإمام الصادق: لا تشر على المستبدّ برأيه (8).
__________
(1) أمالي الصدوق ص 441.
(2) المحاسن، ص 601.
(3) الخصال، ج 1 ص 169.
(4) علل الشرائع ص 558.
(5) الاختصاص ص 246.
(6) المحاسن، ص 601.
(7) أعلام الدين ص 304.
(8) أعلام الدين ص 304.
أحكام الحكومة الإسلامية (100)
[الحديث: 400] قال الإمام الصادق: لا رأي لمن انفرد برأيه (1).
[الحديث: 401] قال الإمام الصادق: من استشار أخاه فلم يمحضه محض الرّأي سلبه الله عزّ وجلّ رأيه (2).
[الحديث: 402] قال الإمام الصادق: قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فاكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم، وأكثر التبسّم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم، وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحقّ فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثمّ لا تعزم حتى تثبّت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتّى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلّي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الأمانة (3).
[الحديث: 403] قال الإمام الكاظم: من استشار لم يعدم عند الصواب مادحا، وعند الخطأ عاذرا (4).
__________
(1) كنز الكراجكي ج 1 ص 367.
(2) أصول الكافي ج 2 ص 363.
(3) من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 194.
(4) نزهة الناظر، ص 123.
أحكام الحكومة الإسلامية (101)
مسؤوليات الرعية في الحكومة الإسلامية
جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول مسؤولية الشعوب والجماهير أو الرعية في الحكومة الإسلامية، وهي مسؤولية لا نجد لها نظيرا في جميع الأنظمة العالمية، ابتداء من الأنظمة العلمانية.
ومن خلال استقرائنا للنصوص المقدسة الواردة في ذلك، وجدنا أنه يمكن حصرها في وظيفتين كبيرتين:
أولاهما: السعي الجاد، وبكل الوسائل لتحقيق الحاكمية الإلهية في الأرض جميعا، وذلك عبر أسلوبين:
1. أسلوب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، مع مهادنة الأنظمة الحاكمة، وعدم الاصطدام معها، أو ما يعبر عنه بالتقية، وذلك حرصا على تحقيق الحاكمية بأقل الخسائر الممكنة، وفي نفس الوقت عرضها بصورة جميلة مقنعة، ذلك أن الحاكمية الإلهية تستلزم القابلية البشرية؛ فالدين لا يفرض عن طريق العنف والإكراه.
2. أسلوب المواجهة مع المستبدين والظلمة الذين يحولون بين الدعاة وأداء وظائفهم التوجيهية والإصلاحية، وهو مرتبط بظروف خاصة، وأناس لهم الأهلية لذلك.
ثانيهما: مراقبة تطبيق الشريعة في الواقع، سواء إبان إقامة الحكومة الإسلامية، أو قبل إقامتها، ذلك أن الرعية مسؤولة عن نصيحة حكامها حتى لا يخرجوا عن الشريعة، أو ينفذوها تنفيذا خاطئا.
ولذلك يمكن اعتبار الرعية أو المؤسسات التي تمثلها ركنا من أركان الحكومة الإسلامية، لا يمكن أن تتم بصورتها المثالية بدونه.
أحكام الحكومة الإسلامية (102)
بناء على هذا قسمنا هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث، هي:
أولا ـ ما ورد حول الحسبة والرقابة الشرعية: تناولنا فيه الأحاديث الخاصة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضوابطه وآدابه.
ثانيا ـ ما ورد حول الإصلاح بالتقية والتدرج: تناولنا فيه الأحاديث الخاصة بالتقية ومراعاة الأولويات والاكتفاء بالنصح دون المواجهة المباشرة.
ثالثا ـ ما ورد حول الإصلاح بالمواجهة والشدة: تناولنا فيه الأحاديث الخاصة بالمواجهة مع الظلمة، وذكرنا فيه خصوصا نموذج الإمام الحسين، باعتباره يمثل قمة تلك المواجهة أو نموذجا من نماذجها التي يحتذي بها من وكلت لهم هذه المهمة.
أولا ـ ما ورد حول الحسبة والرقابة الشرعية
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الحسبة والرقابة الشرعية، وهي أحاديث كثيرة واردة في مصادر الفريقين، وكلها توافق ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع مراعاة الآداب المرتبطة بذلك.
ومن أمثلتها ما ورد في اعتباره صفة من صفات المسلم الأساسية، والتي تميزه عن غيره من الكفار والمنافقين، قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 71]
وعندما ذكر الله تعالى الجزاء العظيم الذي أعده المؤمنين، وذكر أوصافهم التي استحقوا بها هذا الجزاء، ذكر معها هذه الخصلة الأساسية، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ
أحكام الحكومة الإسلامية (103)
حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 111 - 112]
وفي مقابل ذلك.. عندما ذكر المنافقين قال: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة: 67]
وعندما ذكر التغيير والتحريف الذي وقع فيه أهل الكتاب قال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ داود وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78 - 81]
والأمر لا يتوقف عند الأفراد؛ بل على الجميع، بكل ما أوتوا من طاقات أن ينهضوا بهذا الواجب الذي تتوقف عليه خيرية الأمة، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: 110]، وقال: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]
وكيف لا تتوقف عليه وهو ركن أساسي من أركان الدين، حتى أن الله تعالى عندما ذكر صفة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في الكتب المتقدمة ذكر أنه موصوف فيها بأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي
أحكام الحكومة الإسلامية (104)
التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157]
وبناء على هذا؛ فقد أوردنا هنا كل الأحاديث التي تذكر شمولية وعمومية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فهو ليس خاصا بمسائل بعينها دون غيرها، وليس خاصا بأقوام دون غيرهم، كما قال تعالى عند ذكر المؤمنين من أهل الكتاب: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: 113 - 114] فاعتبر خيرية هذه الطائفة في أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر.
وقال في سورة العصر عند وصف المؤمنين الناجين والمفلحين: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: 1 - 3]
ونحب أن نبين أننا لم نقتصر على الأحاديث التي ورد فيها عبارة [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]، بل أوردنا كل الأحاديث التي تخدم هذا المعنى، سواء عبر عنه بالنصيحة أو الدعوة، أو سن السنن الحسنة أو غيرها، لأن كل ذلك يخدم تحكيم الشريعة في الواقع.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:
[الحديث: 404] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم
أحكام الحكومة الإسلامية (105)
مثل آثام من اتبعه، لا ينقصه ذلك من أوزارهم شيئا) (1)
[الحديث: 405] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) (2)
[الحديث: 406] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: هذا اتق الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم على بعض، ثم قال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ داود وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78 - 81] ثم قال: والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم (3).
[الحديث: 407] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي، يقدرون على أن يغيروا عليه ولا يغيرون، إلا أصابهم الله منه بعقاب قبل أن يموتوا) (4)
[الحديث: 408] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون
__________
(1) مسلم (2674)
(2) مسلم (49)
(3) أبو داود (4336)، والترمذي (3047) وابن ماجة (4006)
(4) أبو داود (4339)، وابن ماجة (4009)
أحكام الحكومة الإسلامية (106)
عن المنكر، أو ليوشكن الله يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم) (1)
[الحديث: 409] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فأنكرها، كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها) (2)
[الحديث: 410] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها، قال: إن فيها عبدك: فلانا لم يعصك طرفة عين، قال: اقلبها عليه وعليهم فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط) (3)
[الحديث: 411] عن أنس قال: قلنا: يا رسول الله! لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به، ولا ننهى عن المنكر حتى نجتنبه كله؟ فقال: (بل مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به، وانهوا عن المنكر وإن لم تجتنبوه كله) (4)
[الحديث: 412] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تزال لا إله إلا الله تدفع عن قائلها، ما بالى قائلوها ما أصابهم في دنياهم، إذا سلم لهم دينهم، فإذا لم يبال قائلوها ما أصابهم في دينهم بسلامة دنياهم، فقالوا: لا إله إلا الله، قيل لهم: كذبتم) (5)
[الحديث: 413] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الدين النصيحة)، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: (لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) (6)
[الحديث: 414] عن جرير بن عبد الله قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: أبايعك على الإسلام، فشرط على: (والنصح لكل مسلم) (7)
[الحديث: 415] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف بكم إذا فسق فتيانكم وطغى
__________
(1) الترمذي (2169)
(2) أبو داود (4345)
(3) الطبراني في الأوسط 7/ 336 (7661)
(4) قال الهيثمي 7/ 280: رواه الطبراني في الصغير والأوسط.
(5) قال الهيثمي 7/ 277: رواه البزار.
(6) مسلم (55)
(7) البخاري (58)، ومسلم (56)
أحكام الحكومة الإسلامية (107)
نساؤكم؟)، قالوا: يا رسول الله، وإن ذلك لكائنٌ؟ قال: (نعم. وأشد، كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر؟)، قالوا: يا رسول الله وإن ذلك لكائن؟ قال: (نعم وأشد، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف؟)، قالوا: يا رسول الله وإن ذلك لكائن؟ قال: (نعم وأشد، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا، والمنكر معروفا) (1)
[الحديث: 416] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أُمّتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله (2).
[الحديث: 417] عن الإمام الصادق أن رجلا من خثعم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني ما أفضل الإسلام؟ قال: الإيمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثم ماذا؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال الرجل: فأخبرني أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: الشرك بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم قطيعة الرحم، قال: ثم ماذا؟ قال: الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف (3).
[الحديث: 418] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ فقال: نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال: نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا (4).
[الحديث: 419] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عزّ وجلّ ليبغض المؤمن الضعيف الذي
__________
(1) ابن المبارك في الزهد 1/ 84 (1376))
(2) الكافي 5/ 59/ 13.
(3) الكافي 5/ 58/ 9، والتهذيب 6/ 176/ 355.
(4) الكافي 5/ 59/ 14.
أحكام الحكومة الإسلامية (108)
لا دين له، فقيل: وما المؤمن الضعيف الذي لا دين له؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر (1).
[الحديث: 420] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده ما أنفق الناس من نفقة أحب من قول الخير (2).
[الحديث: 421] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله من قال خيرا فغنم، أو سكت على سوء فسلم (3).
[الحديث: 422] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزال أُمّتي بخير ما أمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر والتقوى، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء (4).
[الحديث: 423] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدال على الخير كفاعله (5).
[الحديث: 424] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو دل على خير أو أشار به فهو شريك، ومن أمر بسوء أو دل عليه أو أشار به فهو شريك (6).
[الحديث: 425] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يبغض المؤمن الضعيف الذي لا زبر له، وهو الذي لا ينهى عن المنكر (7).
[الحديث: 426] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلّا من كان فيه ثلاث: رفقا بما يأمر به، رفيقا بما ينهى عنه، عدلا فيما يأمر به، عدلا فيما ينهى عنه، عالما بما يأمر به، عالما بما ينهى عنه) (8)
[الحديث: 427] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أوحى الله إلى جبريل وأمره أن يخسف ببلد
__________
(1) الكافي 5/ 59/ 15.
(2) المحاسن: 15/ 41.
(3) المحاسن: 15/ 43.
(4) التهذيب 6/ 181/ 373.
(5) من لا يحضره الفقيه 4/ 272.
(6) الخصال: 138/ 156.
(7) معاني الأخبار/ 344/ 1.
(8) الأشعثيّات ص 88.
أحكام الحكومة الإسلامية (109)
يشتمل على الكفار والفجار، فقال جبريل: يا رب أخسف بهم إلا بفلان الزاهد ليعرف ماذا يأمره الله فيه، فقال: اخسف بفلان قبلهم، فسأل ربه فقال: يا رب عرفني لم ذلك وهو زاهد عابد، قال: مكنت له وأقدرته فهو لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، وكان يتوفر على حبهم في غضبي، فقالوا: يا رسول الله فكيف بنا ونحن لا نقدر على إنكار ما نشاهده من منكركم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو ليعمنكم عذاب الله، ثمّ قال: من رأى منكم منكرا فلينكر بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه فحسبه أن يعلم الله من قلبه أنه لذلك كاره (1).
[الحديث: 428] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن المعصية إذا عمل بها العبد سرا لم تضرّ إلا عاملها، فإذا عمل بها علانية ولم يغير عليه أضرت بالعامة.. قال الإمام الصادق: وذلك انه يذل بعمله دين الله ويقتدي به أهل عداوة الله (2).
[الحديث: 429] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شهد أمرا فكرهه كان كمن غاب عنه، ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده (3).
[الحديث: 430] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يأتي على الناس زمان يذوب فيه قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الآنك في النار، يعني الرصاص، وما ذاك إلا لما يرى من البلاء والإحداث في دينهم ولا يستطيعون له غيرا (4).
[الحديث: 431] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: أوصيك ان لا تشرك بالله شيئا، ولا تعص والديك ـ إلى ان قال: ـ وادع الناس إلى الإسلام، واعلم أن لك بكل
__________
(1) تفسير الامام العسكري 480/ 307.
(2) عقاب الاعمال: 310/ 2.
(3) التهذيب 6/ 170/ 327.
(4) أمالي الطوسي 2/ 132.
أحكام الحكومة الإسلامية (110)
من أجابك عتق رقبة من ولد يعقوب (1).
[الحديث: 432] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رأيت ليلة أسري بي إلى السماء قوما تقرض شفاههم بمقاريض من نار، ثم ترمى، فقلت، يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: خطباء أمتك، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون (2).
[الحديث: 433] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم النار وإنما دخلنا الجنة بفضل تعليمكم وتأديبكم؟ فيقولون: إنا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله (3).
[الحديث: 434] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدال على الخير كفاعله (4).
[الحديث: 435] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تمسك بسنتي في اختلاف أُمّتي كان له أجر مائة شهيد (5).
[الحديث: 436] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنسك الناس نسكا أنصحهم جيبا، وأسلمهم قلبا لجميع المسلمين (6).
[الحديث: 437] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من يضمن لي خمسا أضمن له الجنّة قيل: وما هي؟ يا رسول الله قال: النصيحة لله عزّ وجلّ، والنصيحة لرسوله، والنصيحة لكتاب الله، والنصيحة لدين الله والنصيحة لجماعة المسلمين (7).
[الحديث: 438] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة لا يغل عليهنّ قلب مؤمن: إخلاص الدعوة لله تعالى، والنصيحة لولاة الأمر في الحقّ حيث كان، وأن يعم بدعوته جميع المسلمين،
__________
(1) الزهد: 20/ 44.
(2) إرشاد القلوب/ 16.
(3) أمالي الطوسي 2/ 140.
(4) ثواب الاعمال: 15.
(5) المحاسن: 27/ 7.
(6) الكافي 2/ 131/ 2.
(7) الخصال ج 1 ص 294.
أحكام الحكومة الإسلامية (111)
فإن الدعوة محيط من ورائهم (1).
[الحديث: 439] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدين نصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمّة الدين ولجماعة المسلمين (2).
[الحديث: 440] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سعى في حاجة لأخيه فلم ينصحه فقد خان الله ورسوله (3).
[الحديث: 441] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المؤمن مرآة لأخيه المؤمن، ينصحه إذا غاب عنه، ويميط عنه ما يكره إذا شهد، ويوسّع له في المجلس (4).
[الحديث: 442] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه (5).
[الحديث: 443] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة رفع الله عنهم العذاب يوم القيامة: الرّاضي بقضاء الله، والناصح للمسلمين، والدالّ على الخير (6).
[الحديث: 444] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنّصيحة لخلقه (7).
[الحديث: 445] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به كله ولا ننهى عن المنكر حتى ننتهي عنه كله؟ فقال: لا بل مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كله، وانهوا عن المنكر وان لم تنتهوا عنه كله (8).
__________
(1) الأشعثيّات ص 223.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 82.
(3) أصول الكافي ج 2 ص 362.
(4) نوادر الراوندي ص 8.
(5) أصول الكافي ج 2 ص 208.
(6) إرشاد القلوب ص 196.
(7) أصول الكافي ج 2 ص 208.
(8) إرشاد القلوب/ 14.
أحكام الحكومة الإسلامية (112)
وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 446] قال الإمام علي: إنه إنمّا هلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك، وانهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات، فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لن يقربا أجلا ولن يقطعا رزقا (1).
[الحديث: 447] قال الإمام علي: قولوا الخير تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله (2).
[الحديث: 448] قال الإمام علي: من ترك إنكار المنكر بقلبه ولسانه ويده فهو ميت بين الأحياء (3).
[الحديث: 449] قال الإمام علي: إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة إذا عملت الخاصة بالمنكر سرا من غير أن تعلم العامة، فإذا عملت الخاصة بالمنكر جهارا فلم تغير ذلك العامة استوجب الفريقان العقوبة من الله عزّ وجلّ (4).
[الحديث: 450] قال الإمام علي: لما جعل التفضل في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه فلا ينتهي، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وجليسه وشريبه حتى ضرب الله عزّ وجلّ قلوب بعضهم ببعض، ونزل فيهم القرآن حيث يقول عزّ وجلّ: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ
__________
(1) الكافي 5/ 57/ 6.
(2) المحاسن: 15/ 42.
(3) التهذيب 6/ 181/ 374.
(4) علل الشرائع: 522/ 6، وقرب الإسناد: 26.
أحكام الحكومة الإسلامية (113)
يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78 - 81] (1).
[الحديث: 451] قال الإمام علي: العامل بالظلم والراضي به والمعين عليه شركاء ثلاثة (2).
[الحديث: 452] قال الإمام علي: إنما يجمع الناس الرضا والسخط، فمن رضي أمرا فقد دخل فيه، ومن سخطه فقد خرج منه (3).
[الحديث: 453] قال الإمام علي: الراضي بفعل قوم كالداخل معهم فيه، وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضا به (4).
[الحديث: 454] قال الإمام علي: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة (5).
[الحديث: 455] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: يا بني، اقبل من الحكماء مواعظهم، وتدبر أحكامهم، وكن آخذ الناس بما تأمر به، وأكف الناس عما تنهى عنه، وأمر بالمعروف تكن من أهله، فإن استتمام الأمور عند الله تبارك وتعالى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر (6).
[الحديث: 456] قال الإمام علي: من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق
__________
(1) عقاب الاعمال: 311/ 3.
(2) الخصال: 107/ 72.
(3) المحاسن: 262/ 323.
(4) نهج البلاغة 3/ 191/ 154.
(5) الكافي 5/ 58/ 10.
(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 277.
أحكام الحكومة الإسلامية (114)
بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم (1).
[الحديث: 457] قال الإمام علي لرجل سأله أن يعظه: لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل.. ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي (2).
[الحديث: 458] قال الإمام علي: وأمروا بالمعروف وائتمروا به، وانهوا عن المنكر وتناهوا عنه، وإنما أمرنا بالنهي بعد التناهي (3).
[الحديث: 459] قال الإمام علي: إنا لله وإنا إليه راجعون، ظهر الفساد فلا منكر مغير، ولا زاجر مزدجر، لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به (4).
[الحديث: 460] قال الإمام علي: ما أحدثت بدعة إلا تركت بها سنة، فاتقوا البدع، والزموا المهيع إن عوازم الأمور أفضلها، وإن محدثاتها شرارها (5).
[الحديث: 461] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: لا تعمل بالخديعة فإنّها خلق اللّئام، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة (6).
[الحديث: 462] قال الإمام علي: امحض أخاك بالنصيحة حسنة كانت أو قبيحة، وساعده على كلّ حال وزل، معه حيثما زال ولا تطلبن منه المجازاة، فإنّها من شيم الدناة (7).
[الحديث: 463] قال الإمام علي: خير إخوانك أنصحهم (8).
[الحديث: 464] قال الإمام علي: من نصحك فقد أنجدك (9).
__________
(1) نهج البلاغة 3/ 166/ 73.
(2) نهج البلاغة 3/ 189/ 150.
(3) نهج البلاغة 1/ 202/ ذيل خطبة 101.
(4) نهج البلاغة 2/ 17/ 125.
(5) نهج البلاغة 2/ 38/ 141.
(6) تحف العقول، ص 81.
(7) كنز الكراجكي ج 1 ص 93.
(8) غرر الحكم، ص 391.
(9) غرر الحكم، ص 617.
أحكام الحكومة الإسلامية (115)
[الحديث: 465] قال الإمام علي: من استنصحك الله فلا تغشّه (1).
[الحديث: 466] قال الإمام علي: ما آل جهدك في النصيحة من ذلّك على عيبك وحفظ غيبك (2).
[الحديث: 467] قال الإمام السجاد: (كان آخر ما أوصى به الخضر موسى بن عمران عليهما السّلام أن قال له: لا تعيّرنّ أحدا بذنب، وإنّ أحبّ الأمور إلى الله عزّ وجلّ ثلاثة: القصد في الجدة، والعفو في المقدرة، والرفق بعباد الله، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلّا رفق الله عزّ وجلّ به يوم القيامة. ورأس الحكمة مخافة الله تبارك وتعالى) (3)
[الحديث: 468] قال الإمام السجاد: إياكم وصحبة العاصين، ومعونة الظالمين ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم (4).
[الحديث: 469] قال الإمام السجاد في وصف المنافق: المنافق ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي (5).
[الحديث: 470] قال الإمام السجّاد: أما حقّ أخيك: فإن تعلم أنه يدك وعزّك وقوّتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله، ولا عدّة للظلم بخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه، والنصيحة له فإن أطاع الله وإلّا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة إلّا بالله (6).
[الحديث: 471] قال الإمام الباقر: قم بالحقّ ولا تعرض لما فاتك، واعتزل ما لا
__________
(1) غرر الحكم، ص 619.
(2) غرر الحكم، ص 619.
(3) الخصال ج 1 ص 111.
(4) الكافي 8/ 16/ 2.الباب 42.
(5) أمالي الصدوق: 399/ 12.
(6) مكارم الأخلاق ص 421.
أحكام الحكومة الإسلامية (116)
يعنيك، وتجنّب عدوّك، واحذر صديقك من الأقوام إلّا الأمين والأمين من خشي الله، ولا تصحب الفاجر ولا تطلعه على سرّك ولا تأمنه على أمانتك، واستشر في أمورك الّذين يخشون ربّهم (1).
[الحديث: 472] قال الإمام الباقر: ويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر (2).
[الحديث: 473] قال الإمام الباقر: بئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر (3).
[الحديث: 474] قال الإمام الباقر: يكون في آخر الزمان قوم ينبغ فيهم قوم مراؤون.. ولو أضرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتم غضب الله عزّ وجلّ عليهم فيعمهم بعقابه فيهلك الأبرار في دار الأشرار، والصغار في دار الكبار، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء، ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر (4).
[الحديث: 475] قال الإمام الباقر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله، فمن نصرهما أعزه الله، ومن خذلهما خذله الله (5).
[الحديث: 476] قال الإمام الباقر: أوحى الله إلى شعيب النبي عليه السلام: إني
__________
(1) علل الشرائع ص 559.
(2) الكافي 5/ 56/ 4، والتهذيب 6/ 176/ 353.
(3) الكافي 5/ 57/ 5.
(4) الكافي 5/ 55/ 1.
(5) ثواب الاعمال: 192/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (117)
معذب من قومك مائة ألف: أربعين ألفا من شرارهم، وستين ألفا من خيارهم، فقال عليه السلام: يا رب هؤلاء الأشرار، فما بالأخيار؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي (1).
[الحديث: 477] قال الإمام الباقر: من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به، ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئا، ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم شيئا (2).
[الحديث: 478] قال الإمام الباقر: أيما عبد من عباد الله سن سنة هدى كان له مثل أجر من عمل بذلك من غير أن ينقص من أجورهم شيء، وأيما عبد من عباد الله سن سنة ضلال كان عليه مثل وزر من فعل ذلك من غير أن ينقص من أوزارهم شيء (3).
[الحديث: 479] قال الإمام الباقر: من استن بسنة عدل فاتبع كان له أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، ومن استن سنة جور فاتبع كان عليه مثل وزر من عمل به من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء (4).
[الحديث: 480] قال الإمام الباقر: من عمل باب هدى كان له أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم، ومن عمل باب ضلال كان عليه مثل وزر من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم (5).
[الحديث: 481] عن غياث بن إبراهيم قال: كان الإمام الصادق إذا مر بجماعة
__________
(1) الكافي 5/ 55/ 1، والتهذيب 6/ 180/ 372.
(2) الكافي 1/ 27/ 4.
(3) ثواب الاعمال: 160/ 1.
(4) المحاسن: 27/ 8.
(5) المحاسن: 27/ 9.
أحكام الحكومة الإسلامية (118)
يختصمون لا يجوزهم حتى يقول ثلاثا: اتقوا الله، يرفع بها صوته (1).
[الحديث: 482] قال الإمام الصادق يوصي أصحابه: ليعطفن ذوو السن منكم والنهى على ذوي الجهل وطلاب الرئاسة، أو لتصيبنكم لعنتي أجمعين (2).
[الحديث: 483] قال الإمام الصادق: ما قدّست أُمّة لم يؤخذ لضعيفها من قويها غير متعتع (3).
[الحديث: 484] قال الإمام الصادق: ويل لمن يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف (4).
[الحديث: 485] قال الإمام الصادق في حديث شرائع الدين: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك، ولم يخف على نفسه ولا على أصحابه (5).
[الحديث: 486] قال الإمام الصادق: أيها الناس مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقربا أجلا ولم يباعدا رزقا (6).
[الحديث: 487] سئل الإمام الصادق عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الأمة جميعا؟ فقال: لا، فقيل له: ولم؟ قال: إنما هو على القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا، والدليل على ذلك كتاب الله عزّ وجلّ قوله: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104] فهذا خاص غير عام، وكما قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: 159] ولم يقل: على أمة موسى ولا على كل قومه، وهم يومئذ أُمم مختلفة، والأمة واحد فصاعدا، كما قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ
__________
(1) الكافي 5/ 59/ 12.
(2) الكافي 8/ 158/ 152.
(3) الكافي 5/ 56/ 2.
(4) الزهد: 106/ 290.
(5) الخصال: 609.
(6) تفسير القمي 2/ 36.
أحكام الحكومة الإسلامية (119)
كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: 120] يقول: مطيعا لله عزّ وجلّ، وليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوة له ولا عدد ولا طاعة (1).
[الحديث: 488] قال الإمام الصادق: إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عالم بما يأمر به تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، رفيق فيما ينهى (2).
[الحديث: 489] قال الإمام الصادق: إن إبليس احتال على عابد من بني إسرائيل حتى ذهب إلى فاجرة يريد الزنا بها، فقالت له: إن ترك الذنب أيسر من طلب التوبة، وليس كل من طلب التوبة وجدها، فانصرف وماتت من ليلتها فأصبحت وإذا على بابها مكتوب: احضروا فلانة فإنها من أهل الجنة، فارتاب الناس فمكثوا ثلاثا لا يدفنونها ارتيابا في أمرها، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبي من الأنبياء ـ ولا أعلمه الا موسى بن عمران ـ أن ائت فلانة فصل عليها، ومر الناس فليصلوا عليها، فإني قد غفرت لها، وأوجبت لها الجنة بتثبيطها عبدي فلانا عن معصيتي (3).
[الحديث: 490] قال الإمام الصادق: ما جعل الله بسط اللسان وكف اليد، ولكن جعلهما يبسطان معا ويكفآن معاً (4).
[الحديث: 491] قال الإمام الصادق: أيما ناشئ نشأ في قومه ثم لم يؤدب على معصية كان الله أول ما يعاقبهم به أن ينقص في أرزاقهم (5).
[الحديث: 492] قال الإمام الصادق: ما أقر قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يغيرونه إلا
__________
(1) الكافي 5/ 59/ 16.
(2) روضة الواعظين: 365.
(3) الكافي 8/ 384/ 584.
(4) الكافي 5/ 55/ 1.
(5) عقاب الاعمال 265/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (120)
أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده (1).
[الحديث: 493] قال الإمام الصادق: حسب المؤمن غيرا إذا رأى منكرا أن يعلم الله عزّ وجلّ من قلبه إنكاره (2).
[الحديث: 494] قال الإمام الصادق: حسب المؤمن عذراً إذا رأى منكرا أن يعلم الله من نيته أنه له كاره (3)
[الحديث: 495] قال الإمام الصادق: حسب المؤمن نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله (4).
[الحديث: 496] قال الإمام الصادق: الساعي قاتل ثلاثة: قاتل نفسه، وقاتل من سعى به، وقاتل من سعى إليه (5).
[الحديث: 497] قال الإمام الصادق: لو أن أهل السماوات والأرض لم يحبوا أن يكونوا شهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكانوا من أهل النار (6).
[الحديث: 498] قال الإمام الصادق: لما نزلت هذه الآية ﴿قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: 183] وقد علم أن قد قالوا: والله ما قتلنا ولا شهدنا، وإنما قيل لهم: ابرأوا من قتلتهم فأبوا (7).
[الحديث: 499] عن محمد بن الارقط، قال: قال لي الإمام الصادق: تنزل الكوفة؟ فقلت: نعم، فقال: ترون قتلة الحسين بين أظهركم؟ قلت: جعلت فداك ما بقي منهم أحد، قال: فأنت إذا لا ترى القاتل إلا من قتل، أو من ولي القتل؟! ألم تسمع إلى قول الله: ﴿قُلْ
__________
(1) عقاب الاعمال: 310/ 1.
(2) الكافي 5/ 60/ 1.
(3) التهذيب 6: 178/ 361.
(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 284/ 847.
(5) الخصال: 107/ 73.
(6) المحاسن: 262/ 324.
(7) تفسير العياشي 1/ 209/ 164.
أحكام الحكومة الإسلامية (121)
قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: 183]، فأي رسول قتل الذين كان محمد صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرهم، ولم يكن بينه وبين عيسى رسول، وإنما رضوا قتل أولئك فسموا قاتلين (1).
[الحديث: 500] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 259]: إن الله بعث إلى بني إسرائيل نبيا يقال له: أرميا.. فأوحى الله إليه أن قل لهم إن البيت بيت المقدس، والغرس بنو إسرائيل، عملوا بالمعاصي فلأُسلّطنّ عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم، فإن بكوا إلي لم أرحم بكاءهم وإن دعوني لم أستجب دعاءهم ثم لأخربنها مائة عام، ثم لأعمرنها، فلما حدثهم اجتمع العلماء فقالوا: يا رسول الله ما ذنبنا نحن ولم نكن نعمل بعملهم؟ فعاود لنا ربك.. ثم أوحى الله قل لهم: لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه، فسلط الله عليهم بخت نصر فصنع بهم ما قد بلغك (2).
[الحديث: 501] قال الإمام الصادق: إن الله بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها فلما انتهيا إلى المدينة فوجدا فيها رجلا يدعو ويتضرع.. فقال أحدهما: يا رب إنّي انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعوك ويتضرع إليك فقال: امض لما أمرتك به، فإن ذا رجل لم يتمعر وجهه غيظا لي قط (3).
__________
(1) تفسير العياشي 1/ 209/ 165.
(2) تفسير العياشي 1/ 140/ 466.
(3) الكافي 5/ 58/ 8.
أحكام الحكومة الإسلامية (122)
[الحديث: 502] قال الإمام الصادق: والله ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤونة من الناطق علينا بما نكره، فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه فردوه عنها، فإن قبل منكم وإلا فتحملوا عليه بمن يثقل عليه ويسمع منه، فإن الرجل منكم يطلب الحاجة فيلطف فيها حتى تقضى فالطفوا في حاجتي كما تلطفون في حوائجكم، فإن هو قبل منكم وإلا فادفنوا كلامه تحت أقدامكم (1).
[الحديث: 503] قال الإمام الصادق: لآخذن البريء منكم بذنب السقيم، ولم لا أفعل ويبلغكم عن الرجل ما يشينكم ويشينني فتجالسونهم وتحدثونهم فيمر بكم المار فيقول: هؤلاء شر من هذا، فلو أنكم إذا بلغكم عنه ما تكرهون زبرتموهم ونهيتموهم كان أبر بكم وبي (2).
[الحديث: 504] قال الإمام الصادق: لأحملن ذنوب سفهائكم إلى علمائكم.. ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهون وما يدخل علينا به الأذى أن تأتوه فتؤنبوه وتعذلوه وتقولوا له قولا بليغا، قيل: جعلت فداك إذا لا يقبلون منا؟ قال: اهجروهم واجتنبوا مجالسهم (3).
[الحديث: 505] قال الإمام الصادق لقوم من أصحابه: إنه قد حق لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم، وكيف لا يحق لي ذلك وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه، ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتى يترك (4).
[الحديث: 506] قال الإمام الصادق: لو أنكم إذا بلغكم عن الرجل شيء تمشيتم
__________
(1) الكافي 2/ 176/ 5.
(2) الكافي 8/ 158/ 150.
(3) الكافي 8/ 162/ 169.
(4) التهذيب 6/ 181/ 375.
أحكام الحكومة الإسلامية (123)
إليه فقلتم: يا هذا إما أن تعتزلنا وتجتنبنا، وإما أن تكف عن هذا، فإن فعل وإلا فاجتنبوه (1).
[الحديث: 507] قال الإمام الصادق: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله، فمن نصرهما نصره الله، ومن خذلهما خذله الله (2).
[الحديث: 508] قال الإمام الصادق: لما نزلت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6] جلس رجل من المسلمين يبكي، وقال: أنا عجزت عن نفسي، كلفت أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك (3).
[الحديث: 509] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6] كيف أقيهم؟ فقال: تأمرهم بما أمر الله، وتنهاهم عما نهاهم الله، فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك كنت قد قضيت ما عليك (4).
[الحديث: 510] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6] كيف نقي أهلنا؟ قال: تأمرونهم وتنهونهم (5).
__________
(1) أمالي الطوسي 2/ 275.
(2) الكافي 5/ 59/ 11.
(3) الكافي 5/ 62/ 1، والتهذيب 6/ 178/ 364.
(4) الكافي 5/ 62/ 2، والزهد: 17/ 36، وتفسير القمي 2/ 377.
(5) الكافي 5/ 62/ 3.
أحكام الحكومة الإسلامية (124)
[الحديث: 511] قال الإمام الصادق في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [الأعراف: 165]: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا وأمروا فنجوا، وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا ذرا، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا (1).
[الحديث: 512] قال الإمام الصادق: إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل بما يأمر به، تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، رفيق فيما ينهى (2).
[الحديث: 513] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]: من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها (3).
[الحديث: 514] قال الإمام الصادق: مر عيسى بن مريم عليه السلام على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها، فقال: أما إنهم لم يموتوا إلا بسخطه ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون: يا روح الله وكلمته ادع الله أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها؛ فدعا عيسى عليه السلام فنودي من الجو أن نادهم، فقام عيسى عليه السلام بالليل على شرف من الأرض، فقال: يا أهل القرية فأجابه منهم مجيب: لبيك، فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت، وحب الدنيا، مع خوف قليل، وأمل بعيد، وغفلة في لهو ولعب.. قال: كيف عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي، قال:
__________
(1) الكافي 8/ 158/ 151.
(2) الخصال: 109/ 79.
(3) الكافي 2/ 168/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (125)
كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا في عافية، وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟ قال: سجّين، قال: وما سجين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة.. قال: ويحك كيف لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله إنهم ملجمون بلجم من نار، بأيدي ملائكة غلاظ شداد، وإني كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمني معهم، فأنا معلق بشعرة على شفير جهنم، لا أدري أكبكب فيها أم أنجو منها، فالتفت عيسى عليه السلام إلى الحواريين فقال: يا أولياء الله أكل الخبز اليابس بالملح الجريش، والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة (1).
[الحديث: 515] قيل للإمام الصادق: من الورع من الناس؟ قال: الذي يتورع عن محارم الله، ويجتنب هؤلاء، فإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه، وإذا رأى المنكر ولم ينكره وهو يقوى عليه فقد أحب أن يعصي الله، ومن أحب أن يعصي الله فقد بارز الله بالعداوة، ومن أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصي الله، إن الله تبارك وتعالى حمد نفسه على إهلاك الظالمين فقال: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 45] (2).
[الحديث: 516] قال الإمام الصادق: لا تصحبوا أهل البدع، ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المرء على دين خليله وقرينه (3).
[الحديث: 517] قال الإمام الصادق: من قعد عند سباب لأولياء الله فقد عصى الله (4).
[الحديث: 518] قال الإمام الصادق: لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلسا يعصى الله
__________
(1) الكافي 2/ 239/ 11.
(2) معاني الأخبار/ 252/ 1.
(3) الكافي 2/ 278/ 3 و469/ 10.
(4) الكافي 2/ 281/ 14.
أحكام الحكومة الإسلامية (126)
فيه ولا يقدر على تغييره (1).
[الحديث: 519] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: 140]، فقال إنمّا عنى بهذا الرجل يجحد الحق ويكذب به، ويقع في الأئمة، فقم من عنده ولا تقاعده كائنا من كان (2).
[الحديث: 520] قيل للإمام الصادق: بم يعرف الناجي؟ فقال: من كان فعله لقوله موافقا فهو ناج، ومن لم يكن فعله لقوله موافقاً، فإنما ذلك مستودع (3).
[الحديث: 521] قال الإمام الصادق: من علم خيرا فله مثل أجر من عمل به، قيل: فإن علمه غيره يجري ذلك له؟ قيل: إن علمه الناس كلهم جرى له، قيل: فإن مات؟ قال: وإن مات (4).
[الحديث: 522] قال الإمام الصادق: لا يتكلم الرجل بكلمة حق يؤخذ بها إلا كان له مثل أجر من أخذ بها، ولا يتكلم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلا كان عليه وزر من أخذ بها (5).
[الحديث: 523] قال الإمام الصادق: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسنة هدى سنها فهي يعمل بها بعد موته، وولد صالح يستغفر له (6).
[الحديث: 524] قال الإمام الصادق: ما من مؤمن سن على نفسه سنة حسنة أو
__________
(1) الكافي 2/ 278.
(2) الكافي 2/ 280/ 8.
(3) أمالي الصدوق: 293/ 7.
(4) الكافي 1: 27/ 3.
(5) ثواب الاعمال: 160/ 1.
(6) أمالي الصدوق: 38/ 7.
أحكام الحكومة الإسلامية (127)
شيئا من الخير ثم حال بينه وبين ذلك حائل إلا كتب الله له ما أجري على نفسه أيام الدنيا (1).
[الحديث: 525] قال الإمام الصادق: المؤمن أخو المؤمن يحقّ عليه النصيحة (2).
[الحديث: 526] قال الإمام الصادق: يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه (3).
[الحديث: 527] قال الإمام الصادق: يجب للمؤمن على المؤمن النّصيحة له في المشهد والمغيب (4).
[الحديث: 528] قال الإمام الصادق: من سعى لأخيه المؤمن في حاجة ولم يمحضه فيها النصيحة كان كمن خان الله ورسوله (5).
[الحديث: 529] قال الإمام الصادق: من مشى في حاجة أخيه ثمّ لم يناصحه فيها كان كمن خان الله ورسوله وكان الله خصمه (6).
[الحديث: 530] قال الإمام الصادق: من مشى مع قوم في حاجة فلم يناصحهم، فقد خان الله ورسوله (7).
[الحديث: 531] قال الإمام الصادق: من مشى مع أخيه في حاجة، فناصحه فيها، جعل الله بينه وبين النار يوم القيامة سبعة خنادق، بين الخندق والخندق ما بين السماء والأرض (8).
[الحديث: 532] قيل للإمام الصادق: المؤمن رحمة؟ قال: نعم، وأيّما مؤمن أتاه أخوه في حاجته فإنما ذلك رحمة ساقها الله إليه، وسيّبها له، فإن قضاها كان قد قبل الرحمة بقبولها، وإن ردّه وهو يقدر على قضائها فإنّما ردّ عن نفسه الرحمة التي ساقها الله إليه وسيّبها له،
__________
(1) المحاسن: 28/ 10.
(2) كتاب المؤمن ص 42.
(3) أصول الكافي ج 2 ص 208.
(4) أصول الكافي ج 2 ص 208.
(5) مستدرك الوسائل ج 2 ص 412، الشيخ المفيد في الروضة.
(6) أصول الكافي ج 2 ص 363.
(7) مصادقة الإخوان ص 70.
(8) عوالي اللآلي ج 1 ص 375.
أحكام الحكومة الإسلامية (128)
وذخرت الرحمة للمردود عن حاجته، ومن مشى في حاجة أخيه ولم يناصحه بكلّ جهده فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، وأيّما رجل أتاه رجل من إخوانه واستعان به في حاجته فلم يعنه وهو يقدر، ابتلاه الله تعالى بقضاء حوائج أعدائنا ليعذّبه بها ومن حقّر مؤمنا فقيرا واستخفّ به واحتقره لقلّة ذات يده وفقره شهّره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، وحقّره، ولا يزال ماقتا له، ومن اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره وأعانه نصره الله في الدّنيا والآخرة، ومن لم ينصره ولم يدفع عنه وهو يقدر خذله الله وحقّره في الدّنيا والآخرة (1).
[الحديث: 533] قال الإمام الصادق: أيّما رجل من أصحابنا استعان به رجل من إخوانه في حاجة فلم يبالغ فيها بكلّ جهد فقد خان الله ورسوله والمؤمنين (2).
[الحديث: 534] قال الإمام الصادق: أيّما مؤمن مشى مع أخيه المؤمن في حاجة فلم يناصحه فقد خان الله ورسوله (3).
[الحديث: 535] قال الإمام الصادق: عليكم بالنصح لله في خلقه فلن تلقّاه بعمل أفضل منه (4).
[الحديث: 536] قال الإمام الكاظم لبعض أصحابه: مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب.. إنه يقول في الله قولا عظيما، يصف الله ولا يوصف، فإما جلست معه وتركتنا، وإما جلست معنا وتركته، قيل: هو يقول ما شاء، أي شيء عليّ منه إذا لم أقل ما يقول؟ فقال: أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا، أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى عليه السلام، وكان أبوه من أصحاب فرعون فلما لحقت خيل فرعون بموسى تخلف عنه
__________
(1) عدّة الداعي ص 190.
(2) أصول الكافي ج 2 ص 362.
(3) أصول الكافي ج 2 ص 363.
(4) أصول الكافي ج 2 ص 208.
أحكام الحكومة الإسلامية (129)
ليعظ أباه فيلحقه بموسى، فمضى أبوه وهو يراغمه حتى بلغا طرفا من البحر، فغرقا جميعاً، فأتى موسى الخبر فقال: هو في رحمة الله، ولكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع (1).
[الحديث: 537] قال عبد المؤمن الأنصاريّ: دخلت على الإمام الكاظم وعنده محمّد بن عبد الله فتبسّمت إليه فقال: أتحبّه؟ قلت: نعم، وما أحببتة إلّا لكم، قال: هو أخوك، والمؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمّه ملعون ملعون من اتّهم أخاه، ملعون ملعون من غشّ أخاه، ملعون ملعون من لم ينصح أخاه، ملعون ملعون من استأثر على أخيه، ملعون ملعون من احتجب عن أخيه، ملعون ملعون من اغتاب أخاه (2).
[الحديث: 538] قال الإمام الرضا: لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم (3).
[الحديث: 539] قيل للإمام الرضا: لم سمى الحواريون الحواريين؟ فقال: أما عند الناس فإنهم سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل وهو اسم مشتق من الخبز الحوار، وأما عندنا فسموا الحواريون الحواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم، ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير (4).
[الحديث: 540] قيل للإمام الرضا: لأي علة أغرق الله عزّ وجلّ الدنيا كلها في زمن نوح عليه السلام وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له؟ فقال: ما كان فيهم الأطفال لأن الله عزّ وجلّ أعقم أصلاب قوم نوح وأرحام نسائهم أربعين عاما فانقطع نسلهم فغرقوا ولا طفل
__________
(1) الكافي 2/ 278/ 1.
(2) عدّة الداعي ص 187.
(3) الكافي 5/ 61/ 3، والتهذيب 6/ 176/ 352.
(4) علل الشرائع: 80/ 1، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 79/ 10.
أحكام الحكومة الإسلامية (130)
فيهم، ما كان الله ليهلك بعذابه من لا ذنب له، وأما الباقون من قوم نوح فأغرقوا بتكذيبهم لنبي الله نوح عليه السلام وسائرهم أغرقوا برضاهم بتكذيب المكذبين، ومن غاب عن أمر فرضي به كان كمن شاهده وأتاه (1).
[الحديث: 541] قال الإمام الرضا: من مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه، كان كمن حارب الله ورسوله (2).
[الحديث: 542] قال الإمام الرضا: حق المؤمن على المؤمن، أن يمحضه النصيحة ـ في المشهد والمغيب ـ كنصيحته لنفسه (3).
ثانيا ـ ما ورد حول الإصلاح بالتقية والتدرج
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول مسؤوليات الرعية بكل مكوناتها في تحقيق الحاكمية الإلهية في الواقع عبر أيسر الطرق وأسهلها، وهو التدرج والتقية، والذي يقتضي الاقتصار على الأولويات مع ترك الخصومة والصراع مع أي جهة قد يكون الصراع معها عقبة دون تحقيق الحاكمية.
ويشير إلى صحة هذه الأحاديث وقبولها كل ما ورد في القرآن الكريم في الفترة المكية خصوصا من الآيات الدالة على وجوب حرص المؤمنين على عدم الدخول مع المعادين لهم في أي صراعات هامشية قد تصرف عن جوهر الدعوة الحقيقي.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: 10]، وقوله: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلَا أَنْ
__________
(1) علل الشرائع: 30/ 1، التوحيد: 392/ 2، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 75/ 2.
(2) فقه الإمام الرضا، ص 369.
(3) فقه الإمام الرضا، ص 369.
أحكام الحكومة الإسلامية (131)
تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ [القلم: 48 - 52]، وقوله: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: 48 - 49]، وقوله: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [الأحقاف: 35]
ومثلها الآيات التي تجيز للمؤمنين استعمال التقية مع المعتدين عليهم، كما قال تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28]
ومثلها الآيات الكثيرة التي تدعو إلى استعمال كل الوسائل اللينة في الدعوة إلى الله، وهي ليست قاصرة على الفترة المكية، ولا منسوخة بالآيات التي تحض على مواجهة الظلمة والمعتدين، بل لكليهما مجاله الخاص؛ فاللين مع اللينين، وفي الفترة التي تناسبه، والشدة مع المعتدين وفي الفترة التي تتناسب مع ذلك.
ولا نحب هنا أن نجري مفاضلة بين هذا الأسلوب وأسلوب الشدة والمواجهة، ذلك أن بكليهما تتحقق العبودية لله، والمؤمن هو الذي يدور مع الحق حيث دار، ويسير بحسب ما يؤمر به.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:
[الحديث: 543] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أبلغ ذا سلطان حاجة من لا يستطيع
أحكام الحكومة الإسلامية (132)
إبلاغه، ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزول الأقدام (1).
[الحديث: 544] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد أن ينصح لذي سلطان بأمر فلا يبذله علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه (2).
[الحديث: 545] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حضر إماما فليقل خيرا أو ليسكت (3).
[الحديث: 546] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعصي الأمير فقد عصاني (4).
[الحديث: 547] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما الإمام جنةٌ يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل، فإن له بذلك أجرا وإن قال بغيره كان عليه منه وزر (5).
[الحديث: 548] جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم؟ فقال: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم (6).
[الحديث: 549] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك (7).
[الحديث: 550] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم، قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من
__________
(1) البزار كما في (كشف الأستار) 2/ 234.
(2) أحمد (3/ 403 - 404)
(3) (الأوسط) (6/ 108) (5947)
(4) البخاري (2957)، ومسلم (1835)
(5) البخاري (2957)، ومسلم (1841)
(6) مسلم (1846)
(7) مسلم (1836)، والنسائي 7/ 140.
أحكام الحكومة الإسلامية (133)
طاعة (1).
[الحديث: 551] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا، أي من كره بقلبه وأنكر بقلبه (2).
[الحديث: 552] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلةٌ جاهليةٌ، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي بعهد زي عهدها فليس مني ولست منه (3).
[الحديث: 553] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثٌة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليمٌ: رجلٌ على فضل ماء بفلاة يمنعه ابن السبيل، ورجلٌ بايع رجلا سلعة بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه فأخذها وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه منها ما يريد وفي له، وإن لم يعطه لم يف (4).
[الحديث: 554] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تسبوا الأئمة، وادعوا الله لهم بالصلاح، فإصلاحهم لكم صلاحٌ (5).
[الحديث: 555] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام عنقه (6).
[الحديث: 556] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من عمل لله في الجماعة فأصاب قبل الله منه،
__________
(1) مسلم (1855) 66.
(2) مسلم (1854)
(3) مسلم (1848)
(4) البخاري (2672)، ومسلم (108)
(5) الطبراني في الكبير 8/ 134 (7609)، والطبراني في (الأوسط) 2/ 169 (1606)
(6) أبو داود (4758)، والحاكم 2/ 117.
أحكام الحكومة الإسلامية (134)
وإن أخطأ غفر له، ومن عمل يبتغى الفرقة فأصاب لم يقبل الله منه وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار (1).
[الحديث: 557] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لن تجتمع أمتي على ضلالة، فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة (2).
[الحديث: 558] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية، فإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد (3).
[الحديث: 559] عن أبي ذر، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجده نائما في المسجد فقال له: ألا أراك نائما؟ فقال: يا رسول الله، وأين أنام هل لي بيتٌ غيره؟، فقال: كيف أنت إذا أخرجوك منه؟ قال: إذن ألحق بالشام أرض الهجرة وأرض المحشر وأرض الأنبياء فأكون رجلا من أهلها قال: كيف أنت إذا أخرجوك من الشام؟ قال: إذن أرجع إليه فيكون بيتي منزلي، قال: كيف بك إذا أخرجوك منه الثانية؟ قال: إذن آخذ سيفي فأقاتل عني حتى أموت فقال: أدلك على خير من ذلك؟ قال: بلى بأبي وأمي يا نبي الله فقال: تنقاد لهم حيث قادوك وتنساق لهم حيث ما ساقوك حتى تلقاني وأنت على ذلك (4).
[الحديث: 560] عن عروة بن الزّبير أنّ عائشة أخبرته أنّه استأذن على النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: (ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة). فلمّا دخل ألان له الكلام. فقلت له: يا رسول الله، قلت ما قلت، ثمّ ألنت له في القول. فقال: (أي عائشة، إنّ شرّ النّاس منزلة عند الله من تركه أو ودعه النّاس اتّقاء فحشه) (5)
__________
(1) الطبراني 12/ 61 (12473)
(2) الطبراني 12/ 447 (13623)
(3) أحمد 5/ 233، والطبراني 20/ 164 - 165 (345)
(4) أحمد 5/ 156.
(5) البخاري الفتح 10 (6131) وقال الحافظ ابن حجر رحمه اللّه تعالى: ولفظه عند الحارث بن أسامة (إنه منافق أداريه عن نفاقه، وأخشى أن يفسد علي غيره (الفتح: 10/ 529)
أحكام الحكومة الإسلامية (135)
[الحديث: 561] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّا نكشر (1) في وجوه أقوام وإنّ قلوبنا لتلعنهم) (2)
[الحديث: 562] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم وجدال كل مفتون فإن كل مفتون ملقن حجته إلى انقضاء مدته، فإذا انقضت مدته أحرقته فتنته بالنار (3).
[الحديث: 563] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رفعت عن أُمتي أربع خصال: ما اضطروا إليه، وما نسوا، وما أكرهوا عليه، وما لم يطيقوا، وذلك في كتاب الله قوله: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ [البقرة: 286]، وقول الله: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ [النحل: 106] (4).
[الحديث: 564] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا إيمان لمن لا تقية له، ويقول: قال الله: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: 28] (5).
[الحديث: 565] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك لم تنقض أيامه (6).
[الحديث: 566] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاث موبقات: نكث الصّفقة، وترك السنّة،
__________
(1) نكشر في وجوه أقوام: نبسم في وجوههم. يقال: كشر عن أسنانه أبدى يكون ذلك في الضحك وغيره، والمقصود هنا الضحك بقرينة مقابلته بلعن القلوب.
(2) ذكره البخاري معلقا موقوفا على أبي الدرداء. وقال الحافظ في الفتح (10/ 544): وصله ابن أبي الدنيا وإبراهيم الحربي في غريب الحديث والدينوري في المجالسة وأخرجه أبو نعيم في الحلية، فهو على شرطه إما حسن أو صحيح.
(3) التوحيد: 459/ 25.
(4) تفسير العياشي 1/ 160/ 534.
(5) تفسير العياشي 1/ 166/ 24.
(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 254/ 821.
أحكام الحكومة الإسلامية (136)
وفراق الجماعة، وثلاث منجيات: تكفّ لسانك، وتبكي على خطيئتك، وتلزم بيتك (1).
[الحديث: 567] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أوصي أمتي بخمس: بالسّمع والطاعة، والهجرة، والجهاد، والجماعة؛ ومن دعا بدعاء الجاهليّة فله حثوة من حثي جهنّم (2).
[الحديث: 568] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من فارق جماعة المسلمين فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، قيل: يا رسول الله وما جماعة المسلمين؟ قال: جماعة أهل الحقّ وإن قلّوا (3).
[الحديث: 569] عن الإمام الصادق عن آبائه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن جماعة أمّته؟ فقال: جماعة أمتي أهل الحقّ وان قلّوا (4).
[الحديث: 570] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما جماعة أمّتك؟ قال: من كان على الحقّ وإن كانوا عشرة (5).
[الحديث: 571] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ القليل من المؤمنين كثير (6).
[الحديث: 572] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الناس أفضل قال: رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد الله، ويدع الناس من شرّه (7).
[الحديث: 573] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الله يحبّ التقي النقيّ الخفيّ (8).
[الحديث: 574] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن سأله عن طريق النجاة: يسعك بيتك أمسك عليك دينك، وأبك على خطيئتك (9).
__________
(1) الخصال ص 85.
(2) نوادر الراوندي ص 21.
(3) أمالي الصدوق ص 333.
(4) المحاسن، ص 219.
(5) المحاسن، ص 219.
(6) المحاسن، ص 219.
(7) عوالي اللآلي ج 1 ص 280.
(8) عوالي اللآلي ج 1 ص 280.
(9) عوالي اللآلي ج 1 ص 280.
أحكام الحكومة الإسلامية (137)
[الحديث: 575] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الله يحبّ الأخفياء الأتقياء الأبرياء الّذين إذا غابوا لم يفقدوا، وإذا حضروا لم يعرفوا (1).
[الحديث: 576] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أغبط أوليائي عندي، رجل خفيف الحال ذو حظ من صلاة أحسن عبادة ربّه في الغيب، وكان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا فصبر عليه عجّلت منيته مات فقلّ تراثه وقلّت بواكيه (2).
[الحديث: 577] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كن جليس بيتك فإن دخل عليك فادخل مخدعك فإن دخل عليك فقل أبوء بإثمي وإثمك، وكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل (3).
[الحديث: 578] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أخبركم بخير الناس منزلة؟ إنّه رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل الله حتّى يموت أو يقتل، ألا وأخبركم بالّذي يليه؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: رجل في جبل يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس ألا أخبركم بشرّ الناس منزلة؟ الّذي يسأل الله فلا يعطي (4).
[الحديث: 579] عن عبد الله بن عمر قال: بينا نحن حول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ ذكر الفتنة أو ذكرت عنده الفتنة، فقال: إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفرت أمانتهم وكانوا هكذا ـ وشبّك بين أصابعه ـ الزم بيتك، وأمسك عليك لسانك وخذ ما تعرف وذر ما تنكر، وعليك بأمر خاصّة نفسك وذر عنك العامّة (5).
[الحديث: 580] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أحبّ الناس إليّ منزلة، رجل يؤمن بالله
__________
(1) عوالي اللآلي ج 1 ص 71.
(2) كتاب عاصم بن حميد ص 27.
(3) عوالي اللآلي ج 1 ص 38.
(4) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(5) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
أحكام الحكومة الإسلامية (138)
ورسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعمر ماله ويحفظ دينه ويعتزل الناس (1).
[الحديث: 581] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كفى بالرجل أن يشار إليه بالأصابع في دين أو دينا (2).
وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 582] قال الإمام علي: الاستغناء عن العذر أعز من الصدق به (3).
[الحديث: 583] قال الإمام علي يوصي بعض أصحابه: آمرك أن تصون دينك، وعلمنا الذي أودعناك، فلا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد، ولا تفش سرنا إلى من يشنع علينا، وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فإن الله يقول: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: 28]، وقد أذنت لكم في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه وفي إظهار البراءة إن حملك الوجل عليه وفي ترك الصلوات المكتوبات إن خشيت على حشاشة نفسك الآفات والعاهات، فإن تفضيلك أعداءنا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا، وإن إظهارك براءتك منا عند تقيتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا، ولئن تبرأ منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك، لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامها، ومالها الذي به قيامها، وجاهها الذي به تمسكها، وتصون من عرف بذلك أولياءنا وإخواننا، فإن ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك، وتنقطع به عن عمل في الدين، وصلاح إخوانك المؤمنين، وإياك ثم إياك أن تترك
__________
(1) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(2) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(3) نهج البلاغة 3/ 231/ 329.
أحكام الحكومة الإسلامية (139)
التقية التي أمرتك بها، فإنك شائط بدمك ودماء إخوانك معرض لنعمتك ونعمتهم للزوال، ومذل لهم في أيدي أعداء دين الله، وقد أمرك الله بإعزازهم، فإنك إن خالفت وصيتي كان ضررك على إخوانك ونفسك أشد من ضرر الناصب لنا الكافر بنا (1).
[الحديث: 584] قال الإمام علي: أما الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار، فإن الله نهى المؤمن أن يتخذ الكافر وليا، ثم من عليه بإطلاق الرخصة له عند التقية في الظاهر، قال الله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28] فهذه رحمة تفضل الله بها على المؤمنين، رحمة لهم ليستعملوها عند التقية في الظاهر، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه (2).
[الحديث: 585] قال الإمام علي: قولوا الخير تعرفوا به، واعملوا بالخير تكونوا من أهله، ولا تكونوا عجلا مرائين مذاييع، فإن خياركم الذين إذا نظر إليهم ذكر الله، وشراركم المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة المبتغون للبراء المعايب (3).
[الحديث: 586] قال الإمام علي في خطبة له: الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجل الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النية مقام إصلائه بسيفه، فإن لكل شيء مدة وأجلاً (4).
__________
(1) الاحتجاج: 238.
(2) المحكم والمتشابه: 36.
(3) الكافي 2/ 178/ 12.
(4) نهج البلاغة 2/ 156/ 185.
أحكام الحكومة الإسلامية (140)
[الحديث: 587] قال الإمام علي: أفضل الأعمال لزوم الحقّ (1).
[الحديث: 588] قال الإمام علي: أحسن الأفعال ما وافق الحقّ، وأفضل المقال ما طابق الصّدق (2).
[الحديث: 589] قال الإمام علي: خير أعمالك ما قضى فرضك (3).
[الحديث: 590] قال الإمام عليّ يوصي بعض أهله: إنّي أوصيك وكفى بك وصيّا بما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا كان ذلك يا بنيّ ألزم بيتك وأبك خطيئتك ولا تكن الدّنيا أكبر همّك (4).
[الحديث: 591] قال الإمام علي: طوبى لمن لزم بيته، وأكل كسرته، وبكى على خطيئته، وكان من نفسه في تعب، والناس منه في راحة (5).
[الحديث: 592] قال الإمام عليّ: تبذّل ولا تشهر واخف شخصك لئلّا تذكر، وتعلم واكتم واصمت تسلم ـ وأومأ بيده إلى صدره ـ تسرّ الأبرار، وتغيظ الفجّار وأومأ بيده إلى العامة (6).
[الحديث: 593] قال الإمام علي: طلبت الراحة فما وجدت إلّا بترك مخالطة الناس، لقوام عيش الدنيا، اتركوا الدنيا ومخالطة الناس، تستريحوا في الدارين، وتأمنوا من العذاب (7).
[الحديث: 594] قال الإمام علي: خير أهل الزمان كلّ نومة أولئك أئمّة الهدى ومصابيح العلم، ليسوا بالعجل المذاييع البذر (8).
__________
(1) غرر الحكم، ص 156.
(2) غرر الحكم، ص 156.
(3) غرر الحكم، ص 156.
(4) أمالي المفيد ص 220.
(5) تفسير القمّي ج 2 ص 71.
(6) أمالي المفيد ص 209.
(7) جامع الأخبار ص 123.
(8) عوالي اللآلي ج 1 ص 71.
أحكام الحكومة الإسلامية (141)
[الحديث: 595] قال الإمام علي: من اعتزل سلم، من اختبر اعتزل (1).
[الحديث: 596] قال الإمام علي: من اعتزل سلم درعه (2).
[الحديث: 597] قال الإمام علي: من خالط الناس نال مكرهم، من اعتزل الناس سلم من شرّهم (3).
[الحديث: 598] قال الإمام علي: من انفرد عن الناس صان دينه (4).
[الحديث: 599] قال الإمام علي: السلامة في التفرد، الراحة في التزهّد (5).
[الحديث: 600] قال الإمام علي: الانفراد راحة المتعبّدين (6).
[الحديث: 601] قال الإمام علي: العزلة حصين التقوى (7).
[الحديث: 602] قال الإمام علي: العزلة أفضل شيم الأكياس (8).
[الحديث: 603] قال الإمام علي: سلامة الدين في الاعتزال (9).
[الحديث: 604] قال الإمام علي: في الانفراد لعبادة الله كنوز الأرباح في اعتزال أبناء الدنيا جمّا الصلاح (10).
[الحديث: 605] قال الإمام علي: من انفرد كفى الإخوان (11).
[الحديث: 606] قال الإمام علي: من انفرد عن الناس آنس بالله سبحانه (12).
[الحديث: 607] قال الإمام علي: ملازمة الخلوة دأب الصّلحاء (13).
__________
(1) غرر الحكم، ص 610.
(2) غرر الحكم، ص 627.
(3) غرر الحكم، ص 637.
(4) غرر الحكم، ص 645.
(5) غرر الحكم، ص 15.
(6) غرر الحكم، ص 24.
(7) غرر الحكم، ص 37.
(8) غرر الحكم، ص 318.
(9) غرر الحكم، ص 319.
(10) غرر الحكم، ص 514.
(11) غرر الحكم، ص 628.
(12) غرر الحكم، ص 670.
(13) غرر الحكم، ص 758.
أحكام الحكومة الإسلامية (142)
[الحديث: 608] قال الإمام علي: يأتي على الناس زمان يكون العافية عشرة أجزاء، تسعة منها في اعتزال الناس، وواحدة في الصّمت (1).
[الحديث: 609] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي يقول: يأتي على الناس زمان يكون فيه أحسنهم حالا من كان جالسا في بيته (2).
[الحديث: 610] قال الإمام علي يوصي بعض أصحابه: تبذل ولا تشهر ووار شخصك ولا تذكر وتعلّم واعمل واسكت تسلم تسرّ الأبرار وتغيظ الفجّار ولا عليك إذا علمت معالم دينك أن لا تعرف الناس ولا يعرفوك (3)
[الحديث: 611] قال الإمام السجاد: كان آخر ما أوصى به الخضر موسى عليه السلام: لا تعيرن أحدا بذنب، وإن أحب الأمور إلى الله ثلاثة: القصد في الجدة، والعفو في المقدرة، والرفق بعباد الله، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله به يوم القيامة، ورأس الحكمة مخافة الله عزّ وجلّ (4).
[الحديث: 612] قال الإمام السجاد: وددت والله أني افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض لحم ساعدي: النزق، وقلة الكتمان (5).
[الحديث: 613] قال الإمام الباقر: إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج، فبعث إلى رجل من قريش فأتاه، فقال له يزيد: أتقر لي أنك عبد لي إن شئت بعتك، وإن شئت استرققتك.. إن لم تقر لي والله قتلتك، فقال له الرجل: ليس قتلك إيّاي بأعظم من
__________
(1) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(2) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(3) إرشاد القلوب ص 100.
(4) الخصال: 111/ 83.
(5) الكافي 2/ 175/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (143)
قتل الإمام الحسين، فأمر به فقتل، ثم أرسل إلى الإمام السجاد، فقال له مثل مقاله للقرشي، فقال له الإمام السجاد: أرأيت إن لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟ فقال له يزيد: بلى، فقال الإمام السجاد: قد أقررت لك بما سألت، أنا عبد مكره، فإن شئت فأمسك، وإن شئت فبع، فقال له يزيد: أولى لك، حقنت دمك، ولم ينقصك ذلك من شرفك (1).
[الحديث: 614] قال الإمام السجاد: والله لا يخرج أحد منا (أي الخروج المسلح) قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به (2).
[الحديث: 615] قال الإمام الباقر: إن المؤمنين على منازل، منهم على واحدة، ومنهم على اثنتين، ومنهم على ثلاث، ومنهم على أربع، ومنهم على خمس، ومنهم على ست، ومنهم على سبع، فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة اثنتين لم يقو، وعلى صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو، وعلى صاحب الثلاث أربعا لم يقو، وعلى صاحب الأربع خمسا لم يقو، وعلى صاحب الخمس ستا لم يقو، وعلى صاحب الست سبعا لم يقو، وعلى هذه الدرجات (3).
[الحديث: 616] قال الإمام الباقر: لا تخاصموا الناس، فإن الناس لو استطاعوا أن يحبونا لأحبونا (4).
__________
(1) الكافي 8: 234/ 313
(2) الكافي 8/ 264/ 382.
(3) الكافي 2/ 37/ 3.
(4) المحاسن: 203/ 49.
أحكام الحكومة الإسلامية (144)
[الحديث: 617] قيل للإمام الباقر: أدعو الناس إلى ما في يدي؟ فقال: لا، قيل: إن استرشدني أحد أرشده؟ قال: نعم، ان استرشدك فأرشده، فإن استزادك فزده، وإن جاحدك فجاحده (1).
[الحديث: 618] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: إياك والخصومات، فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردي صاحبها، وعسى أن يتكلم بالشيء فلا يغفر له، إنه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به وطلبوا علم ما كفوه حتى انتهى كلامهم إلى الله فتحيروا حتى أن كان الرجل ليدعى من بين يديه، فيجيب من خلفه، ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه (2).
[الحديث: 619] قال الإمام الباقر: الخصومة تمحق الدين، وتحبط العمل، وتورث الشك (3).
[الحديث: 620] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: إياك وأصحاب الخصومات والكذابين علينا، فإنهم تركوا ما أمروا بعلمه، وتكلفوا علم السماء (4).
[الحديث: 621] قال الإمام الباقر: وأي شيء أقر لعيني من التقية، إن التقية جنة المؤمن (5).
[الحديث: 622] قال الإمام الباقر: لا والله ما على وجه الأرض شيء أحب إلي من التقية، إنه من كانت له تقية رفعه الله، ومن لم تكن له تقية وضعه الله، إن الناس إنما هم في هدنة فلو قد كان ذلك كان هذا (6).
__________
(1) المحاسن: 232/ 184.
(2) الكافي 1/ 73/ 4، والمحاسن: 238/ 210.
(3) التوحيد: 458/ 21.
(4) التوحيد: 458/ 24.
(5) الكافي 2/ 174/ 14.
(6) الكافي 2/ 172/ 4.
أحكام الحكومة الإسلامية (145)
[الحديث: 623] قال الإمام الباقر: لا خير فيمن لا تقية له، ولقد قال يوسف عليه السلام: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: 70] وما سرقوا (1).
[الحديث: 624] قال الإمام الباقر: التقية في كل ضرورة، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به (2).
[الحديث: 625] قال الإمام الباقر: التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم، فقد أحله الله له (3).
[الحديث: 626] قال الإمام الباقر: خالطوهم بالبرانية، وخالفوهم بالجوانية إذا كانت الإمرة صبيانية (4).
[الحديث: 627] قيل للإمام الباقر: رجلان من أهل الكوفة أخذا فقيل لهما: ابرآ من أمير المؤمنين فبرئ واحد منهما، وأبى الآخر، فخلي سبيل الذي برئ وقتل الآخر، فقال: أما الذي برئ فرجل فقيه في دينه، وأما الذي لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنة (5).
[الحديث: 628] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: ليقو شديدكم ضعيفكم، وليعد غنيكم على فقيركم، ولا تبثوا سرنا، ولا تذيعوا أمرنا (6).
[الحديث: 629] قال الإمام الباقر: ولاية الله أسرها إلى جبريل عليه السلام، وأسرها جبريل إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأسرها صلى الله عليه وآله وسلم إلى الإمام علي وأسرها علي إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك من الذي أمسك حرفا سمعه (7).
[الحديث: 630] قال الإمام الباقر: في حكمة آل داود: ينبغي للمسلم أن يكون
__________
(1) علل الشرائع: 51/ 1.
(2) الكافي 2/ 174/ 13.
(3) الكافي 2/ 175/ 18.
(4) الكافي 2/ 175/ 20.
(5) الكافي 2/ 175/ 21.
(6) الكافي 2/ 176/ 4.
(7) الكافي 2/ 178/ 10.
أحكام الحكومة الإسلامية (146)
مالكا لنفسه، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، فاتقوا الله ولا تذيعوا حديثنا (1).
[الحديث: 631] قال الإمام الباقر: يحشر العبد يوم القيامة وما ندا دما، فيدفع إليه شبه المحجمة، أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا رب إنك تعلم أنك قبضتني وما سفكت دما، فيقول: بلى، ولكنك سمعت من فلان رواية كذا وكذا فرويتها عليه، فنقلت عليه حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها، وهذا سهمك من دمه (2).
[الحديث: 632] قيل للإمام الباقر: إنّ والينا جعلت فداك رجل يتولّاكم أهل البيت ويحبّكم وعليّ في ديوانه خراج فإن رأيت جعلني اللّه فداك أن تكتب إليه كتابا بالإحسان إليّ فقال لي: (لا أعرفه) فقلت: جعلت فداك إنّه على ما قلت من محبّيكم أهل البيت وكتابك ينفعني عنده؛ فأخذ القرطاس وكتب: (بسم اللّه الرحمن الرحيم. أمّا بعد فإن موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا، وإنّ مالك من عملك ما أحسنت فيه فأحسن إلى إخوانك؛ واعلم أنّ اللّه عزّ وجلّ سائلك عن مثاقيل الذّر والخردل) (3)
[الحديث: 633] قال الإمام الباقر: من أحللنا له شيئا أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال، وما حرمناه من ذلك فهو له حرام (4).
[الحديث: 634] قيل للإمام الباقر: الرجل يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنم الصدقة وهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم؟ فقال: ما الإبل إلا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه، قيل له: فما ترى في مصدق يجيئنا فيأخذ منا صدقات أغنامنا فنقول: بعناها فيبيعناها، فما تقول في
__________
(1) الكافي 2/ 178/ 10.
(2) الكافي 2/ 275/ 5.
(3) الكافي ج 5 ص 112.
(4) التهذيب 4/ 138/ 387.
أحكام الحكومة الإسلامية (147)
شرائها منه؟ فقال: إن كان قد أخذها وعزلها فلا بأس، قيل له: فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا، ويأخذ حظه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟ فقال: إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه من غير كيل (1).
[الحديث: 635] قال الإمام الباقر: الغبرة على من أثارها، هلك المحاصير، قيل: جعلت فداك وما المحاصير؟ قال: المستعجلون، أما إنهم لن يردوا الأمر يعرض لهم.. أترى قوما حبسوا أنفسهم على الله لا يجعل لهم فرجا؟ بلى والله ليجعلن الله لهم فرجا (2).
[الحديث: 636] قال الإمام الباقر: الزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات اذكرها لك، وما أراك تدركها: اختلاف بني فلان، ومناد ينادي من السماء، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق (3).
[الحديث: 637] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: ما يضرّك إذا كان على الحقّ ما قال له الناس، ولو قالوا مجنون، وما يضرّه لو كان على رأس جبل يعبد الله حتّى يجيئه الموت (4).
[الحديث: 638] قال الإمام الباقر: ما يضرّ من عرّفه الله الحقّ أن يكون على قلّة جبل يأكل من نبات الأرض حتّى يجيئه الموت (5).
[الحديث: 639] سئل الإمام الصادق عن الحديث الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر، ما معناه؟ قال: هذا على أن يأمره بعد معرفته،
__________
(1) الكافي 5/ 228/ 2.
(2) الكافي 8/ 273/ 411.
(3) غيبة الطوسي: 269.
(4) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(5) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
أحكام الحكومة الإسلامية (148)
وهو مع ذلك يقبل منه وإلا فلا (1).
[الحديث: 640] قال الإمام الصادق: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ، أو جاهل فيتعلم، فأما صاحب سوط أو سيف فلا (2).
[الحديث: 641] قال الإمام الصادق لبعض أصحابه: يا مفضل من تعرض لسلطان جائر فأصابته بلية لم يؤجر عليها، ولم يرزق الصبر عليها (3).
[الحديث: 642] عن الإمام الصادق ـ في حديث ـ أنه أنكر على رجل أمرا فلم يقبل منه فطأطأ رأسه ومضى (4).
[الحديث: 643] قال الإمام الصادق: كان المسيح عليه السلام يقول: إن التارك شفاء المجروح من جرحه شريك جارحه لا محالة.. فكذلك لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتجهلوا، ولا تمنعوها أهلها فتأثموا، وليكن أحدكم بمنزلة الطبيب المداوي إن رأى موضعا لدوائه وإلا أمسك (5).
[الحديث: 644] قال الإمام الصادق: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض لما لا يطيق (6).
[الحديث: 645] قال الإمام الصادق: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل: بم يذل نفسه؟ قال: يدخل فيما يعتذر منه (7).
[الحديث: 646] قال الإمام الصادق: إياك وما تعتذر منه فإن المؤمن لا يسيء ولا يعتذر، والمنافق يسيء كل يوم ويعتذر (8).
__________
(1) الكافي 5/ 59/ 16.
(2) الكافي 5/ 60/ 2، والتهذيب 6/ 178/ 362.
(3) الكافي 5/ 60/ 3.
(4) الكافي 5/ 61/ 5.
(5) الكافي 8/ 345/ 545.
(6) الكافي 5/ 63/ 4.
(7) الكافي 5/ 64/ 5.
(8) الزهد: 5/ 7.
أحكام الحكومة الإسلامية (149)
[الحديث: 647] قال الإمام الصادق: لا تحملوا على شيعتنا، وارفقوا بهم، فإن الناس لا يحتملون ما تحملون (1).
[الحديث: 648] قال الإمام الصادق: ان الله وضع الإيمان على سبعة أسهم: على البر، والصدق، واليقين، والرضا، والوفاء، والعلم، والحلم، ثم قسم ذلك بين الناس، فمن جعل فيه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل، وقسم لبعض الناس السهم، ولبعضهم السهمين، ولبعضهم الثلاثة حتى انتهوا إلى سبعة ثم قال: لا تحملوا على صاحب السهم سهمين، ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهظوهم، ثم قال كذلك حتى انتهى إلى سبعة (2).
[الحديث: 649] عن يعقوب بن الضحاك عن خادم للإمام الصادق قال: بعثني الإمام الصادق في حاجة وهو بالحيرة أنا وجماعة من مواليه قال: فانطلقنا فيها ثم رجعنا مغتمين، وكان فراشي في الحائر الذي كنا فيه نزولا فجئت وأنا بحال فرميت بنفسي، فبينا أنا كذلك إذا أنا بالإمام الصادق قد أقبل، فقال: قد أتيناك، فاستويت جالسا وجلس على صدر فراشي فسألني عما بعثني له، فأخبرته فحمدالله ثم جرى ذكر قوم فقلت: جعلت فداك، إنا نبرأ منهم إنهم لا يقولون ما نقول، فقال: يتولونا ولا يقولون ما تقولون تبرؤون منهم؟.. قلت نعم، قال: فهو ذا عندنا ما ليس عندكم فينبغي لنا أن نبرأ منكم؟.. قلت: لا.. جعلت فداك، قال: وهوذا عند الله ما ليس عندنا؟ أفتراه اطرحنا؟.. قلت: لا والله جعلت فداك، ما نفعل، قال: فتولوهم ولا تبرؤا منهم.. إن من المسلمين من له سهم، ومنهم من له سهمان، ومنهم من له ثلاثة أسهم، ومنهم من له أربعة أسهم، ومنهم من له خمسة
__________
(1) الكافي 8/ 334/ 522.
(2) الكافي 2/ 35/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (150)
أسهم، ومنهم من له ستة أسهم، ومنهم من له سبعة أسهم، فليس ينبغي أن يحمل صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين، ولا صاحب السهمين على ما عليه صاحب الثلاثة، ولا صاحب الثلاثة على ما عليه صاحب الأربعة، ولا صاحب الأربعة، على ما عليه صاحب الخمسة، ولا صاحب الخمسة على ما عليه صاحب الستة، ولا صاحب الستة على ما عليه صاحب السبعة، وسأضرب لك مثلا، إن رجلا كان له جار وكان نصرانيا فدعاه إلى الإسلام وزينه له فأجابه، فأتاه سحيرا فقرع عليه الباب، فقال: من هذا؟ قال: أنا فلان، قال: وما حاجتك؟ قال توضأ والبس ثوبيك ومر بنا إلى الصلاة، قال: فتوضأ ولبس ثوبيه وخرج معه، قال: فصليا ما شاء، الله ثم صليا الفجر، ثم مكثا حتى أصبحا، فقام الذي كان نصرانيا يريد منزله، فقال له الرجل: أين تذهب؟ النهار قصير، والذي بينك وبين الظهر قليل، قال: فجلس معه إلى أن صلى الظهر، ثم قال: وما بين الظهر والعصر قليل، فاحتبسه حتى صلى العصر، ثم قام وأراد أن ينصرف إلى منزله فقال له: ان هذا آخر النهار وأقل من أوله، فاحتبسه حتى صلى المغرب، ثم أراد أن ينصرف إلى منزله فقال له: إنما بقيت صلاة واحدة، فمكث حتى صلى العشاء الآخرة ثم تفرقا، فلما كان سحيرا غدا عليه فضرب عليه الباب، فقال: من هذا؟ قال: أنا فلان، قال: وما حاجتك؟ قال: توضأ والبس ثوبيك واخرج فصل، قال: اطلب لهذا الدين من هو أفرغ مني، وأنا إنسان مسكين وعليّ عيال، فقال الإمام الصادق: أدخله في شيء أخرجه منه، أو قال: أدخله من مثل ذه وأخرجه من مثل هذا (1).
[الحديث: 650] قال الإمام الصادق: لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى
__________
(1) الكافي 2/ 35/ 2.
أحكام الحكومة الإسلامية (151)
هذا الخلق لم يلم أحد أحدا، قيل: أصلحك الله فكيف ذلك؟ فقال: إن الله خلق أجزاء بلغ بها تسعة وأربعين جزءا، ثم جعل الأجزاء أعشارا، فجعل الجزء عشرة أعشار، ثم قسمه بين الخلق فجعل في رجل عشر جزء وفي آخر عشري جزء حتى بلغ به جزءا تاما، وفي آخر جزءا وعشر جزء، وفي آخر جزءا وعشري جزء، وآخر جزءا وثلاثة أعشار جزء حتى بلغ به جزئين تامين، ثم بحساب ذلك حتى بلغ بأرفعهم تسعة وأربعين جزءا، فمن لم يجعل فيه إلا عشر جزء لم يقدر أن يكون مثل صاحب العشرين، وكذلك صاحب العشرين لا يكون مثل صاحب الأعشار، وكذلك من تم له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزئين ولو علم الناس ان الله عزّ وجلّ خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحد أحدا (1).
وهذا الحديث يفهم على ضوء العدالة الإلهية؛ فالأجزاء ليس المراد بها الأعمال التي يحاسب عليها العباد، وإنما المراد بها الطاقات والمواهب كالذكاء والذاكرة ونحوها، والتي يتفاوت فيها الخلق من غير أن يحاسبوا عليها.
[الحديث: 651] قال الإمام الصادق: إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلّم، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شيء حتى ينتهي إلى العاشرة، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق، ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره (2).
[الحديث: 652] قال الإمام الصادق: ما أنتم والبراءة يبرأ بعضكم من بعض، إن المؤمنين بعضهم أفضل من بعض، وبعضهم أكثر صلاة من بعض، وبعضهم أنفذ بصرا من
__________
(1) الكافي 2/ 37/ 1.
(2) الكافي 2/ 37/ 2.
أحكام الحكومة الإسلامية (152)
بعض، وهي الدرجات (1).
[الحديث: 653] قال الإمام الصادق: إياكم والناس إن الله عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه.. ولو إنكم إذا كلمتم الناس قلتم: ذهبنا حيث ذهب الله، واخترنا من اختار الله، اختار الله محمدا وأخترنا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم (2).
[الحديث: 654] عن ثابت أبي سعيد قال: قال لي الإمام الصادق: يا ثابت ما لكم وللناس؟ كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا، كفوا عن الناس، ولا يقول أحدكم: أخي وابن عمي وجاري، فإن الله عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه، فلا يسمع بمعروف إلا عرفه، ولا بمنكر إلا أنكره ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره (3).
[الحديث: 655] قال الإمام الصادق: اجعلوا امركم هذا لله، ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء، ولا تخاصموا بدينكم، فإن المخاصمة ممرضة للقلب إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القصص: 56] وقال: ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99] ذروا الناس، فإن الناس أخذوا عن الناس، وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي ولا سواء، وإني سمعت أبي يقول: إذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره (4).
[الحديث: 656] قال الإمام الصادق: لا يخاصم إلا رجل ليس له ورع أو رجل
__________
(1) الكافي 2/ 38/ 4.
(2) الكافي 2/ 169/ 1.
(3) الكافي 2/ 169/ 2.
(4) الكافي 2/ 169/ 4.
أحكام الحكومة الإسلامية (153)
شاك (1).
[الحديث: 657] قال الإمام الصادق: لا يخاصم إلا شاك أو من لا ورع له (2).
[الحديث: 658] قال الإمام الصادق: التقية ترس المؤمن، والتقية حرز المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقية له، إن العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا، فيدين الله عزّ وجلّ فيما بينه وبينه، فيكون له عزا في الدنيا ونورا في الآخرة، وإن العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيذيعه، فيكون له ذلا في الدنيا، وينزع الله ذلك النور منه (3).
[الحديث: 659] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2 - 3]: هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء، ليس عندهم ما يتحملون به إلينا فيسمعون حديثنا، ويقتبسون من علمنا، فيرحل قوم فوقهم، وينفقون أموالهم، ويتبعون أبدانهم حتى يدخلوا علينا، فيسمعون حديثنا فينقلوه إليهم، فيعيه هؤلاء، ويضيعه هؤلاء، فأولئك الذين يجعل الله لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون (4).
[الحديث: 660] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ [القصص: 54]: بما صبروا على التقية، ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ [القصص: 54]: الحسنة: التقية، والسيئة: الاذاعة (5).
[الحديث: 661] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ [المؤمنون: 96]: التي هي أحسن: التقية (6).
__________
(1) التوحيد: 458/ 23.
(2) التوحيد: 460/ 30.
(3) الكافي 2/ 175/ 23.
(4) الكافي 8/ 178/ 201.
(5) كشف المحجة: 19.
(6) المحاسن: 257/ 297.
أحكام الحكومة الإسلامية (154)
[الحديث: 662] قال الإمام الصادق: إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له (1).
[الحديث: 663] سئل الإمام الكاظم عن القيام للولاة؟ فقال: قال الإمام الباقر: التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له (2).
[الحديث: 664] قال الإمام الصادق: احذروا عواقب العثرات (3).
[الحديث: 665] قال الإمام الصادق: اتقوا على دينكم، وأحجبوه بالتقية فإنه لا إيمان لمن لا تقية له، إنما أنتم في الناس كالنحل في الطير، ولو أن الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلا أكلته، ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم إنكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم، ولنحلوكم في السر والعلانية، رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا (4).
[الحديث: 666] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34]: الحسنة: التقية والسيئة: الاذاعة، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم (5).
[الحديث: 667] قال الإمام الصادق: أبى الله إلا أن يعبد سرا، أبى الله عزّ وجلّ لنا ولكم في دينه إلا التقية (6).
[الحديث: 668] قال الإمام الصادق: كلما تقارب هذا الأمر كان أشد للتقية (7).
[الحديث: 669] قال الإمام الصادق: التقية ترس الله بينه وبين خلقه (8).
__________
(1) الكافي 2/ 172/ 2، والمحاسن: 259/ 309.
(2) الكافي 2/ 174/ 12.
(3) الكافي 2/ 175/ 22.
(4) الكافي 2/ 172/ 5.
(5) الكافي 2/ 173/ 6، والمحاسن: 257/ 297.
(6) الكافي 2/ 173/ 7.
(7) الكافي 2/ 175/ 17.
(8) الكافي 2/ 175/ 19.
أحكام الحكومة الإسلامية (155)
[الحديث: 670] قال الإمام الصادق في رسالته إلى أصحابه: عليكم بمجاملة أهل الباطل، تحملوا الضيم منهم، وإياكم ومماظتهم، دينوا فيما بينكم وبينهم إذا أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام بالتقية التي أمركم الله أن تأخذوا بها فيما بينكم وبينهم (1).
[الحديث: 671] قال الإمام الصادق: ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبء، قيل: وما الخبء؟ قال: التقية (2).
[الحديث: 672] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 200]، فقال: اصبروا على المصائب وصابروهم على التقية، ورابطوا على من تقتدون به ـ واتقوا الله لعلكم تفلحون (3).
[الحديث: 673] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: عليك بالتقية فإنها سنة إبراهيم الخليل عليه السلام.. وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد سفرا دارى بغيره، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمرني ربي بمداراة الناس، كما أمرني بإقامة الفرائض، ولقد أدبه الله عزّ وجلّ بالتقية، فقال: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: 34 - 35] ومن استعمل التقية في دين الله فقد تسنم الذروة العليا من القرآن، وإن عز المؤمن في حفظ لسانه، ومن لم يملك لسانه ندم (4).
[الحديث: 674] قال الإمام الصادق: التقية دين الله عزّ وجلّ، قيل: من دين الله؟ قال: إي والله من دين الله، لقد قال يوسف: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: 70] والله
__________
(1) الكافي 8/ 2.
(2) معاني الأخبار/ 162/ 1.
(3) معاني الأخبار/ 369/ 1.
(4) معاني الأخبار/ 385/ 20.
أحكام الحكومة الإسلامية (156)
ما كانوا سرقوا شيئا (1).
[الحديث: 675] قال الإمام الصادق: المؤمن مجاهد، لأنه يجاهد أعداء الله عزّ وجلّ في دولة الباطل بالتقية، وفي دولة الحق بالسيف (2).
[الحديث: 676] قال الإمام الصادق في حديث شرائع الدين: لا يحل قتل أحد من الكفار في التقية إلا قاتل أوساع في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك ولا على أصحابك، واستعمال التقية في دار التقية واجب ولا حنث ولا كفارة على من حلف تقية يدفع بذلك ظلما عن نفسه (3).
[الحديث: 677] قال الإمام الصادق: لا دين لمن لا تقية له، ولا إيمان لمن لا ورع له (4).
[الحديث: 678] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: اكتم أمرنا ولا تذعه فإنه من كتم أمرنا ولا يذيعه أعزه الله في الدنيا، وجعله نورا بين عينيه يقوده إلى الجنة، إن التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له، إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية، والمذيع لأمرنا كالجاحد له (5).
[الحديث: 679] قال الإمام الصادق: ليس منا من لم يلزم التقية، ويصوننا عن سفلة الرعية (6).
[الحديث: 680] قال الإمام الصادق: عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه لتكون سجيته مع من يحذره (7).
__________
(1) علل الشرائع: 51/ 2.
(2) علل الشرائع: 467/ 22.
(3) الخصال: 607/ 9.
(4) صفات الشيعة: 3/ 3.
(5) مختصر بصائر الدرجات: 101.
(6) أمالي الطوسي 1/ 287.
(7) أمالي الطوسي 1/ 299.
أحكام الحكومة الإسلامية (157)
[الحديث: 681] قال الإمام الصادق: لا خير فيمن لا تقية له، ولا إيمان لمن لا تقية له (1).
[الحديث: 682] قال الإمام الصادق في قول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]: هذا في التقية (2).
[الحديث: 683] قال الإمام الصادق: لا دين لمن لا تقية له، والتقية في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخفين (3).
[الحديث: 684] قال الإمام الصادق: التقية من دين الله.. ولقد قال يوسف عليه السلام: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: 70] والله ما كانوا سرقوا شيئا، ولقد قال إبراهيم عليه السلام: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: 89] والله ما كان سقيما (4).
[الحديث: 685] قال الإمام الصادق: إن المؤمن إذا أظهر الإيمان ثم ظهر منه ما يدل على نقضه خرج مما وصف وأظهر وكان له ناقضا إلا أن يدعي أنه إنمّا عمل ذلك تقية، ومع ذلك ينظر فيه، فإن كان ليس مما يمكن أن تكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك، لأن للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له وتفسير ما يتقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله، فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز (5).
[الحديث: 686] قال الإمام الصادق: ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف، إن كانوا ليشهدون الأعياد، ويشدون الزنانير، فأعطاهم الله أجرهم مرتين (6).
__________
(1) المحاسن: 257/ 299.
(2) تفسير العياشي 1/ 87/ 218.
(3) الكافي 2/ 172/ 2.
(4) الكافي 2/ 172/ 3.
(5) الكافي 2/ 134/ 1.
(6) الكافي 2/ 173/ 8.
أحكام الحكومة الإسلامية (158)
[الحديث: 687] قال الإمام الصادق: إياكم أن تعملوا عملا نعير به، فإن ولد السوء يعير والده بعمله، كونوا لمن انقطعتم إليه زينا، ولا تكونوا عليه شينا، صلوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم، والله ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبء، قيل: وما الخب ء؟ قال التقية (1).
[الحديث: 688] قال الإمام الصادق: رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلى نفسه فحدثهم بما يعرفون، وترك ما ينكرون (2).
[الحديث: 689] قيل للإمام الصادق:: إن الناس يروون أن الإمام علي قال على منبر الكوفة: أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة منّي فلا تبرؤوا مني، فقال: ما أكثر ما يكذب الناس على الإمام علي.. إنما قال: إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة مني وإني لعلى دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يقل: ولا تبرؤوا مني، فقال له السائل: أرأيت إن اختار القتل دون البراءة، فقال: والله ما ذلك عليه، وماله إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالإيمان، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106] فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندها: يا عمار إن عادوا فعد، فقد أنزل الله عذرك، وأمرك ان تعود إن عادوا (3).
[الحديث: 690] قال الإمام الصادق: ما منع ميثم رحمه الله من التقية؟ فوالله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾
__________
(1) الكافي 2/ 174/ 11.
(2) الخصال: 25/ 89.
(3) الكافي 2/ 173/ 10.
أحكام الحكومة الإسلامية (159)
[النحل: 106] (1)
[الحديث: 691] قال الإمام الصادق: إن التقية ترس المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقية له، فقيل له: جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106] فقال: وهل التقية الا هذا (2).
[الحديث: 692] قيل للإمام الصادق: مد الرقاب أحب اليك أم البراءة من الإمام علي؟ فقال: الرخصة أحب إليّ، أما سمعت قول الله عزّ وجلّ في عمار: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106] (3).
[الحديث: 693] قيل للإمام الصادق: إن الضحاك قد ظهر بالكوفة ويوشك أن ندعى إلى البراءة من الإمام علي، فكيف نصنع؟ قال: فابرأ منه، قيل: أيهما أحب إليك؟ قال: أن تمضوا على ما مضى عليه عمار بن ياسر، أخذ بمكة فقالوا له: ابرأ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبرأ منه، فأنزل الله عزّ وجلّ عذره: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106] (4).
[الحديث: 694] ذكر الإمام الصادق أصحاب الكهف، فقال: لو كلفكم قومكم ما كلفهم قومهم، فقيل له: وما كلفهم قومهم؟ فقال: كلفوهم الشرك بالله العظيم، فأظهروا
__________
(1) الكافي 2/ 174/ 15.
(2) قرب الإسناد: 17.
(3) تفسير العياشي 2/ 272/ 74.
(4) تفسير العياشي 2/ 272/ 76.
أحكام الحكومة الإسلامية (160)
لهم الشرك، وأسروا الإيمان حتى جاءهم الفرج (1).
[الحديث: 695] قال الإمام الصادق: إن أصحاب الكهف أسروا الإيمان وأظهروا الكفر، وكانوا على إجهار الكفر أعظم أجرا منهم على إسرار الإيمان (2).
[الحديث: 696] قيل للإمام الصادق: إنّي أقعد في المسجد، فيجيء الناس فيسألوني، فإن لم أجبهم لم يقبلوا منّي، وأكره أن أجيبهم بقولكم وما جاء عنكم، فقال: انظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك (3).
[الحديث: 697] عن معاذ بن مسلم النحوي، قال: قال لي الإمام الصادق: بلغني أنك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟ قلت: نعم، وأردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج، إني أقعد في المسجد فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء، فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون، ويجيء الرجل أعرفه بمودتكم فأخبره بما جاء عنكم، ويجيء الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو، فأقول: جاء عن فلان كذا، وجاء عن فلان كذا، فأدخل قولكم فيما بين ذلك، فقال لي: اصنع كذا، فإني كذا أصنع (4).
[الحديث: 698] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله (5).
[الحديث: 699] قال الإمام الصادق: أمر الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما على غير شيء: الصبر والكتمان (6).
[الحديث: 700] قال الإمام الصادق: إنه ليس احتمال أمرنا التصديق له والقبول
__________
(1) تفسير العياشي 2/ 323/ 8.
(2) تفسير العياشي 2/ 323/ 10.
(3) رجال الكشي 2/ 622/ 602.
(4) رجال الكشي 2/ 524/ 470.
(5) الكافي 2/ 176/ 3.
(6) الكافي 2/ 176/ 2.
أحكام الحكومة الإسلامية (161)
فقط، من احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله، فاقرئهم السلام، وقل لهم: رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلينا، حدثوهم بما يعرفون، واستروا عنهم ما ينكرون (1).
[الحديث: 701] قال الإمام الصادق: خلق في المسجد يشهرونا ويشهرون أنفسهم، أولئك ليسوا منا، ولا نحن منهم، أنطلق فأداري وأستر فيهتكون ستري، هتك الله ستورهم يقولون: إمام، والله ما أنا بإمام إلا من أطاعني، فأما من عصاني فلست له بإمام، لم يتعلقون باسمي ألا يكفون اسمي من أفواههم!؟ فو الله لا يجمعني الله وإياهم في دار (2).
[الحديث: 702] قال الإمام الصادق: إياكم وذكر علي وفاطمة؛ فإن الناس (النواصب) ليس شيء أبغض إليهم من ذكر علي وفاطمة (3).
[الحديث: 703] قال الإمام الصادق: من استفتح نهار بإذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد، وضيق المحابس (4).
[الحديث: 704] قال الإمام الصادق: كفوا ألسنتكم والزموا بيوتكم (5).
[الحديث: 705] قال الإمام الصادق: إن الله عزّ وجلّ عير قوما بالإذاعة في قوله عزّ وجلّ: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ [النساء: 83]، فإياكم والإذاعة (6).
[الحديث: 706] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [آل عمران: 112]: أما
__________
(1) الكافي 2/ 176/ 5.
(2) الكافي 8/ 374/ 562.
(3) الكافي 8/ 159/ 156.
(4) الكافي 2/ 276/ 12.
(5) الكافي 2/ 178/ 13.
(6) الكافي 2/ 274/ 1، والمحاسن: 256/ 293.
أحكام الحكومة الإسلامية (162)
والله ما قتلوهم بأسيافهم ولكن أذاعوا عليهم، وأفشوا سرهم فقتلوا (1).
[الحديث: 707] قال الإمام الصادق: إن من أمرنا مستور مقنع بالميثاق، فمن هتك علينا أذله الله (2).
[الحديث: 708] قال الإمام الصادق: نفس المهموم لنا المغتم لمظلمتنا تسبيح، وهمه لأمرنا عبادة، وكتمانه لسرنا جهاد في سبيل الله (3).
[الحديث: 709] قال الإمام الصادق: مذيع السر شاك، وقائله عند غير أهله كافر، ومن تمسك بالعروة الوثقى فهو ناج، قيل: ما هو؟ قال: التسليم (4).
[الحديث: 710] قال الإمام الصادق: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقنا (5).
[الحديث: 711] قال الإمام الصادق: من أذاع علينا حديثنا سلبه الله الإيمان (6).
[الحديث: 712] قال الإمام الصادق: ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطأ، ولكن قتلنا قتل عمد (7).
[الحديث: 713] قال الإمام الصادق في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [البقرة: 61]: والله ما قتلوهم بأيديهم، ولا ضربوهم بأسيافهم، ولكنهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها، فأخذوا عليها، فقُتلوا فصار قتلا واعتداء ومعصية (8).
[الحديث: 714] قال الإمام الصادق: من أذاع علينا شيئا من أمرنا فهو كمن قتلنا
__________
(1) الكافي 2/ 275/ 7.
(2) الكافي 2/ 179/ 15.
(3) الكافي 2/ 179/ 16.
(4) الكافي 2/ 276/ 10.
(5) الكافي 2/ 274/ 2.
(6) الكافي 2/ 275/ 3.
(7) الكافي 2/ 275/ 4.
(8) الكافي 2/ 275/ 6، والمحاسن: 256/ 291.
أحكام الحكومة الإسلامية (163)
عمداً، ولم يقتلنا خطأ (1).
[الحديث: 715] قال الإمام الصادق: المذيع لما أراد الله ستره مارق من الدين (2).
[الحديث: 716] قال الإمام الصادق: لا تذيعوا أمرنا ولا تحدثوا به إلا أهله، فإن المذيع علينا أمرنا أشد علينا مؤونة من عدونا، انصرفوا رحمكم الله ولا تذيعوا سرنا (3).
[الحديث: 717] قال الإمام الصادق: الناطق علينا بما نكره أشد مؤونة علينا من المذيع (4).
[الحديث: 718] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله (5).
[الحديث: 719] قال الإمام الصادق: ما أيسر ما رضي الناس به منكم، كفوا ألسنتكم عنهم (6).
[الحديث: 720] سئل الإمام الصادق عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة ظلماء، فقال: كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله، وكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون، فنهى الله عن سب آلهتهم لكي لا يسب الكفار إله المؤمنين، فيكون المؤمنون قد أشركوا بالله من حيث لا يعملون، فقال: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 108] (7).
[الحديث: 721] قال الإمام الصادق: (كفّارة عمل السلطان قضاء حوائج
__________
(1) الكافي 2/ 275/ 9.
(2) الكافي 2/ 276/ 11.
(3) المحاسن: 255/ 287.
(4) المحاسن: 256/ 288.
(5) المحاسن: 257/ 295.
(6) الكافي 8/ 341/ 537.
(7) تفسير القمي 1/ 213.
أحكام الحكومة الإسلامية (164)
الإخوان) (1)
[الحديث: 722] قال الإمام الصادق: (إنّ للّه عزّ وجلّ بأبواب الجبارين خلقا من خلقه يدفع بهم عن أوليائه أولئك عتقاء اللّه من النار) (2)
[الحديث: 723] قال الإمام الصادق: (ما من جبّار إلّا وعلى بابه وليّ لنا يدفع اللّه به عن أوليائنا، أولئك لهم أوفر حظّ من الثواب يوم القيامة) (3)
[الحديث: 724] عن أبي بصير، قال: ذكر عند الإمام الصادق رجل من أصحابه قد ولّى ولاية، فقال: (كيف صنيعته إلى إخوانه؟) قلت: ليس عنده خير، فقال: (أفّ يدخلون فيما لا ينبغي لهم ولا يصنعون إلى إخوانهم خيرا) (4)
[الحديث: 725] سئل الإمام الصادق عن رجل يحب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو في ديوان هؤلاء فيقتل تحت رايتهم؟ فقال: يحشره الله على نيته (5).
[الحديث: 726] قال الإمام الصادق: من تولى أمرا من أمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر في أمور الناس كان حقا على الله عز وجل أن يؤمن روعته يوم القيامة، ويدخله الجنة (6).
[الحديث: 727] عن أبي بكر الحضرمي قال: دخلت على الإمام الصادق وعنده إسماعيل ابنه، فقال: ما يمنع ابن أبي السمال أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس، ويعطيهم ما يعطي الناس؟ ثم قال لي: لم تركت عطاءك؟ قلت: مخافة على ديني، قال: (ما منع ابن أبي السمال أن يبعث إليك بعطائك؟ أما علم أن لك في بيت المال نصيبا؟) (7)
__________
(1) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 108.
(2) مشكاة الأنوار ص 316.
(3) بحار الأنوار ج 72 ص 379 عن كتاب (قضاء الحقوق) للصوري.
(4) الكافي ج 5 ص 112.
(5) المقنع: 122.
(6) أمالي الصدوق: 203/ 2.
(7) التهذيب 6/ 336/ 933.
أحكام الحكومة الإسلامية (165)
[الحديث: 728] قيل للإمام الصادق: أشتري من العامل الشيء وأنا أعلم أنه يظلم؟ فقال: اشتر منه (1).
[الحديث: 729] سئل الإمام الصادق عن شراء الخيانة والسرقة؟ قال: إذا عرفت ذلك فلا تشتره إلا من العمال (2).
[الحديث: 730] سئل الإمام الصادق عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم؟ قال: يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا (3).
[الحديث: 731] قال الإمام الصادق: عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له وانظروا لأنفسكم، فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي، فإذا وجد رجلا هو أعلم بغنمه من الذي هو فيها يخرجه ويجيء بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها ثم كانت الأخرى باقية تعمل على ما قد استبان لها، ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم، إن أتاكم آت منا فانظروا على أي شيء تخرجون، ولا تقولوا: خرج زيد، فإن زيداً كان عالما وكان صدوقا ولم يدعكم إلى نفسه، وإنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه، فالخارج منا اليوم إلى أي شيء يدعوكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فنحن نشهدكم أنا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد، وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لا يسمع منا إلا من اجتمعت بنو فاطمة معه، فوالله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه إذا كان رجب فاقبلوا على اسم الله، وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وإن أحببتم أن تصوموا في
__________
(1) التهذيب 6/ 337/ 938.
(2) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 162.
(3) التهذيب 6/ 375/ 1093 و7/ 131/ 577
أحكام الحكومة الإسلامية (166)
أهاليكم فلعل ذلك يكون أقوى لكم، وكفاكم بالسفياني علامة (1).
[الحديث: 732] عن الفضل الكاتب قال: كنت عند الإمام الصادق فأتاه كتاب أبي مسلم، فقال: ليس لكتابك جواب اخرج عنا.. إن الله لا يعجل لعجلة العباد، ولإزالة جبل عن موضعه أهون من إزالة ملك لم ينقض أجله، قيل: فما العلامة فيما بيننا وبينك جعلت فداك؟ قال: لا تبرح الأرض يا فضل حتّى يخرج السفياني فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا ـ يقولها ثلاثا ـ وهو من المحتوم (2).
[الحديث: 733] قال الإمام الصادق: ما كان عبد ليحبس نفسه على الله إلا أدخله الله الجنة (3).
[الحديث: 734] قال الإمام الصادق: من خلع جماعة المسلمين قدر شبر خلع ربق الإيمان من عنقه، ومن نكث صفقة الإمام جاء إلى الله أجذم (4).
[الحديث: 735] قال الإمام الصادق: إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، وما عليك أن لم يثن الناس عليك، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محمودا.. وإن قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنّع ولا تداهن، ثمّ قال: نعم صومعة المسلم بيته يكفّ فيه بصره ولسانه ونفسه.. (5).
[الحديث: 736] قال الإمام الصادق: طوبى لكلّ عبد نومة عرف الناس قبل أن يعرفوه (6).
__________
(1) الكافي 8/ 264/ 381.
(2) الكافي 8/ 274/ 412.
(3) أمالي الطوسي 1/ 122.
(4) المحاسن، ص 219.
(5) روضة الكافي ج 1 ص 186.
(6) كتاب الزهد ص 4.
أحكام الحكومة الإسلامية (167)
[الحديث: 737] قيل للإمام الصادق: ندعو الناس إلى هذا الأمر؟ فقال: يا فضيل إن الله عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه حتى دخله في هذا الأمر طائعا أو كارها (1).
[الحديث: 738] عن يونس بن حمّاد قال: وصفت للإمام الصادق من يقول بهذا الأمر ممن يعمل عمل السلطان، فقال: (إذا ولّوكم يدخلون عليكم الرفق، وينفعونكم في حوائجكم؟) قال: قلت: منهم من يفعل ذلك ومنهم من لا يفعل قال: (من لم يفعل ذلك منهم فابرؤوا منه برئ اللّه منه) (2)
[الحديث: 739] قيل للإمام الصادق: ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلا من أعمالهم وأنا أمر به فأنزل عليه فيضيفني ويحسن إليّ، وربما أمر لي بالدرهم والكسوة وقد ضاق صدري من ذلك؟ فقال: كل وخذ منه، فلك المهنا وعليه الوزر (3).
[الحديث: 740] قيل للإمام الصادق: أصلحك الله أمر بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال: نعم، قيل: وأحج بها؟ قال: نعم (4).
[الحديث: 741] عن عمر أخي عذافر قال: دفع إليّ إنسان ستمائة درهم أو سبعمائة درهم للإمام الصادق، فكانت في جوالقي، فلما انتهيت إلى الحفيرة جوالقي وذهب بجميع ما فيه، ووافقت عامل المدينة بها فقال: أنت الذي شق جوالقك فذهب بمتاعك؟ فقلت: نعم، قال: إذا قدمنا المدينة فائتنا حتى نعوضك، فلما انتهينا إلى المدينة دخلت على الإمام الصادق فقال: يا عمر شقت زاملتك وذهب بمتاعك؟ فقلت: نعم، فقال: ما أعطاك الله خير ممّا أخذ منك.. فائت عامل المدينة فتنجز منه ما وعدك، فإنما هو شيء دعاك الله إليه لم
__________
(1) الكافي 2/ 169/ 3.
(2) الكافي ج 5 ص 109.
(3) التهذيب 6/ 338/ 940.
(4) التهذيب 6/ 338/ 942.
أحكام الحكومة الإسلامية (168)
تطلبه منه (1).
[الحديث: 742] عن محمد بن قيس بن رمانة قال: دخلت على الإمام الصادق فذكرت له بعض حالي، فقال: يا جارية هاتي ذلك الكيس، هذه أربعمائة دينار وصلني بها أبو جعفر فخذها وتفرج بها (2).
[الحديث: 743] عن جميل بن صالح، قال: أرادوا بيع تمر عين أبي ابن زياد فأردت أن أشتريه، فقلت: حتى أستأذن الإمام الصادق فأمرت مصادف فسأله؟ فقال له: قل له: فليشتره، فإنه إن لم يشتره اشتراه غيره (3).
[الحديث: 744] قال الإمام الصادق: أوحى الله إلى نبيّ من أنبياء بني إسرائيل إن أحببت أن تلقاني في حظير القدس فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس، بمنزلة الطير الواحد، فإذا كان الليل آوى وحده واستوحش من الطّيور، واستأنس بربّه (4).
[الحديث: 745] قال الإمام الصادق: لولا الموضع الّذي وضعني الله فيه، لسرّني أن أكون على رأس جبل لا أعرف الناس ولا يعرفوني حتّى يأتيني الموت (5).
[الحديث: 746] قال الإمام الصادق: ما يضرّ المؤمن إذا كان منفردا عن الناس ولو على قلّة جبل فأعادها ثلاث مرّات (6)..
[الحديث: 747] قال الإمام الصادق: ما يضرّ من كان على هذا الأمر أن لا يكون له ما يستظلّ به إلّا الشجرة ولا يأكل إلّا من ورقه (7).
__________
(1) الكافي 8/ 221/ 278.
(2) الكافي 4/ 21/ 7
(3) التهذيب 6/ 375/ 1092، الكافي 5/ 229/ 5.
(4) قصص الأنبياء ص 280.
(5) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(6) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(7) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
أحكام الحكومة الإسلامية (169)
[الحديث: 748] قال الإمام الصادق: طوبى لعبد نومة عرف الناس فصاحبهم ببدنه ولم يصاحبهم بقلبه فعرفوه في الظّاهر وعرفهم في الباطن (1).
[الحديث: 749] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: لا عليك أن لا يعرفك الناس ـ ثلاثا ـ يا عبد الحميد إنّ لله رسلا مستعلنين ورسلا مستخفين فإذا سألته بحقّ المستعلنين فاسأله بحقّ المستخفين (2).
[الحديث: 750] قال الإمام الصادق: قال الله تبارك وتعالى: إنّ من أعبد أوليائي عبد مؤمن ذو حظّ من صلاة أحسن عبادة ربّه بالغيب وعبد الله في السريرة وكان غامضا في الناس ولم يشر إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافا فصبر عليه، فعجلت به المنية فقلّ تراثه وقلّت بواكيه (3).
[الحديث: 751] قال الإمام الصادق: إنّ مما يحتجّ الله به على عبده يوم القيامة أن يقول: ألم أخمل ذكرك؟ (4).
[الحديث: 752] قال الإمام الصادق: ما يضرّ أحدكم أن يكون على قلّة جبل حتّى ينتهي إليه أجله (5).
[الحديث: 753] قال الإمام الصادق: العزلة عبادة إذا قلّ العتب على الرجل قعوده في بيته (6).
[الحديث: 754] قيل للإمام الصادق: جعلت فداك رجل عرف هذا الأمر لزم بيته ولم يتعرّف إلى أحد من اخوانه، فقال: كيف يتفقّه هذا في دينه؟! (7).
__________
(1) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(2) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(3) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(4) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(5) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(6) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.
(7) أصول الكافي ج 1 ص 36.
أحكام الحكومة الإسلامية (170)
[الحديث: 755] قال الإمام الكاظم يوصي بعض أصحابه: مر أصحابك أن يكفوا ألسنتهم ويدعوا الخصومة في الدين، ويجتهدوا في عبادة الله عزّ وجلّ (1).
[الحديث: 756] قال الإمام الكاظم في قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13]: أشدكم تقية (2).
[الحديث: 757] قال الإمام الكاظم: (كفّارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان) (3)
[الحديث: 758] استأذن عليّ بن يقطين على الإمام الكاظم في ترك عمل السلطان فلم يأذن له، وقال: (لا تفعل، فإن لنا بك أنسا ولإخوانك بك عزّا، وعسى أن يجبر اللّه بك كسرا، ويكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه، يا عليّ كفّارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم، أضمن لي واحدة وأضمن لك ثلاثا أضمن لي أن لا تلقى أحدا من أوليائك إلّا قضيت حاجته وأكرمته، وأضمن لك أن لا يضلّك سقف سجن أبدا، ولا ينالك حدّ سيف أبدا، ولا يدخل الفقر بيتك أبدا، يا عليّ من سرّ مؤمنا فباللّه بدأ وبالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثنّى وبنا ثلّث) (4)
[الحديث: 759] عن عليّ بن يقطين قال: قلت للإمام الكاظم: ما تقول في أعمال هؤلاء؟ قال: (إنّ كنت لا بدّ فاعلا فاتّق أموال المستضعفين) قال: فأخبرني عليّ أنّه كان يجبيها من الشيعة علانية ويردّها عليهم في السر (5).
[الحديث: 760] قيل للإمام الكاظم: إن قلبي يضيق مما أنا عليه من عمل السلطان
__________
(1) التوحيد: 460/ 29.
(2) المحاسن: 258/ 302.
(3) تحف العقول، ص 410.
(4) بحار الأنوار ج 72 ص 379 عن (قضاء الحقوق) للصوري.
(5) الكافي ج 5 ص 112.
أحكام الحكومة الإسلامية (171)
فإن أذنت جعلني الله فداك هربت منه، فقال: لا آذن لك بالخروج من عملهم، واتق الله (1).
[الحديث: 761] عن داود بن رزين قال: قلت للإمام الكاظم: إني أخالط السلطان فتكون عندي الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها، ثم يقع لهم عندي المال، فلي أن آخذه؟ قال: خذ مثل ذلك ولا تزد عليه (2).
[الحديث: 762] عن الفضل بن الربيع أن هارون بعث إلى الإمام الكاظم بخلع وحملان ومال، فقال: لا حاجة لي بالخلع والحملان والمال إذا كان فيه حقوق الأمة، فقلت: ناشدتك بالله أن لا ترده فيغتاظ، قال: اعمل به ما أحببت (3).
[الحديث: 763] قال الإمام الكاظم لبعض أصحابه: مالك لا تدخل مع علي (عامل للسلطان) في شراء الطعام إني أظنك ضيقا، قيل: نعم، فإن شئت وسعت عليّ، قال: اشتره (4).
[الحديث: 764] قال الإمام الكاظم: إن كان في يدك هذه شيء، فإن استطعت أن لا تعلم هذه فافعل (5).
[الحديث: 765] قال الإمام الكاظم: احفظ لسانك تعز، ولا تمكن الناس من قياد رقبتك فتذل (6).
[الحديث: 766] عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلت على الإمام الكاظم، فقال لي: (يا زياد إنّك لتعمل عمل السلطان؟)، قلت: أجل، قال لي: (ولم؟) قلت: أنا رجل لي مروءة، وعليّ عيال، وليس وراء ظهري شيء، فقال لي: (يا زياد لأن أسقط من حالق فأنقطع قطعة
__________
(1) قرب الإسناد: 126.
(2) التهذيب 6/ 337/ 939
(3) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 75/ 4.
(4) التهذيب 6/ 336/ 932.
(5) الكافي 2/ 179/ 14.
(6) الكافي 2/ 179/ 14.
أحكام الحكومة الإسلامية (172)
قطعة، أحبّ إليّ من أن أتولّى لأحد منهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم، إلّا، لماذا؟) قلت: لا أدري جعلت فداك قال: (إلّا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فكّ أسره، أو قضاء دينه، يا زياد إنّ أهون ما يصنع اللّه بمن تولّى لهم عملا أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ اللّه من حساب الخلائق. يا زياد فإن ولّيت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك، فواحدة بواحدة واللّه من وراء ذلك، يا زياد أيّما رجل منكم تولّى لأحد منهم عملا ثمّ ساوى بينكم وبينهم فقولوا له: أنت منتحل كذّاب، يا زياد إذا ذكرت مقدرتك على الناس فاذكر مقدرة اللّه عليك غدا، ونفاد ما أتيت إليهم عنهم، وبقاء ما أتيت إليهم عليك) (1)
[الحديث: 767] قال الإمام الكاظم: الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدّنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند الله، وكان الله أنسه في الوحشة وصاحبه في الوحدة وغناه في العيلة، ومعزّه من غير عشيرة (2).
[الحديث: 768] عن الريان بن الصلت قال: جاء قوم بخراسان إلى الإمام الرضا فقالوا: إن قوما من أهل بيتك يتعاطون أمورا قبيحة، فلو نهيتهم عنها، فقال: لا أفعل، قيل: ولم؟ قال: لأني سمعت أبي يقول: النصيحة خشنة (3).
[الحديث: 769] قال الإمام الرضا: محض الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله.. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان إذا أمكن ولم يكن خيفة على النفس (4).
[الحديث: 770] قال الإمام الرضا: لا دين لمن لا ورع له، ولا إيمان لمن لا تقية له، وإن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية، قيل: يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال: إلى قيام القائم،
__________
(1) الكافي ج 5 ص 109.
(2) أصول الكافي ج 1 ص 14.
(3) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 290/ 38.
(4) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 121/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (173)
فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا (1).
[الحديث: 771] عن الإمام العسكري أن الإمام الرضا جفا جماعة من الشيعة وحجبهم، فقالوا: يا ابن رسول الله ما هذا الجفاء العظيم والاستخفاف بعد الحجاب الصعب؟ فقال: لدعواكم إنكم شيعة أمير المؤمنين وأنتم في أكثر أعمالكم مخالفون، ومقصرون في كثير من الفرائض، وتتهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في الله، وتتقون حيث لا تجب التقية، وتتركون التقية حيث لابدّ من التقية (2).
[الحديث: 772] قال الإمام الرضا: (إنّ للّه بأبواب السلاطين من نوّر اللّه سبحانه وتعالى وجهه بالبرهان ومكّن له في البلاد، ليدفع به عن أوليائه، ويصلح به أمور المسلمين، إليه يلجأ المؤمنون من الضرر، ويفزع ذو الحاجة من شيعتنا، وبه يؤمّن اللّه تعالى روعتهم في دار الظلمة أولئك المؤمنون حقّا، وأولئك أمناء اللّه في أرضه، أولئك نورهم يسعى بين أيديهم، يزهو نورهم لأهل السماوات كما تزهو الكواكب الدرّية لأهل الأرض وأولئك من نورهم تضيئ القيامة، خلقوا واللّه للجنّة وخلقت الجنّة لهم، فهنيئا لهم، ما على أحدكم إن شاء لينال هذا كلّه؟) قيل: بما ذا جعلني اللّه فداك؟ قال: (تكون معهم فتسرّنا بإدخال السرور على المؤمنين من شيعتنا) (3)
[الحديث: 773] قال الإمام الرضا: (إنّ للّه مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه.. أولئك عتقاء اللّه من النار) (4)
[الحديث: 774] عن الحسن بن الحسين الأنباريّ قال: كتبت إلى الإمام الرضا أربعة عشر سنة استأذنه في عمل السلطان، فلمّا كان في آخر كتاب كتبته إليه أذكر أنّي أخاف على
__________
(1) كفاية الاثر/ 270.
(2) الاحتجاج: 441.
(3) أعلام الدين ص 271.
(4) مشكاة الأنوار ص 316.
أحكام الحكومة الإسلامية (174)
خبط عنقي وأنّ السلطان يقول لي: إنّك رافضيّ ولسنا نشك في أنّك تركت العمل للسلطان للرفض، فكتب إليّ: (قد فهمت كتابك وما ذكرت من الخوف على نفسك فإن كنت تعلم أنّك إذا ولّيت عملت في عملك بما أمر به رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ تصير أعوانك وكتّابك أهل ملّتك فإذا صار إليك شيء واسيت به فقراء المؤمنين حتّى تكون واحدا منهم كان ذا بذا وإلّا فلا) (1)
[الحديث: 775] قيل للإمام الرضا: أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ فقال له: يا هذا أيما أفضل النبي أو الوصي؟ فقال: لا بل النبي، فقال: أيما أفضل مسلم أو مشرك؟ فقال: لا بل مسلم، قال: فإن العزيز عزيز مصر كان مشركا، وكان يوسف عليه السلام نبيا، وإن المأمون مسلم وأنا وصي، ويوسف سأل العزيز أن يوليه حين قال: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55] وأنا أجبرت على ذلك (2).
[الحديث: 776] عن الريان بن الصلت قال: دخلت على الإمام الرضا، فقلت له: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا، فقال: قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف عليه السلام كان نبيا رسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55]، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان (3).
__________
(1) الكافي ج 5 ص 112.
(2) علل الشرائع: 238/ 2، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 138/ 1.
(3) علل الشرائع: 239/ 3، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 139/ 2، وأمالي الصدوق: 68/ 2.
أحكام الحكومة الإسلامية (175)
[الحديث: 777] عن أبي الصلت الهروي قال: إن المأمون قال للإمام الرضا: يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحق بالخلافة مني، فقال الإمام الرضا: بالعبودية لله عز وجل أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عز وجل، فقال له المأمون: فإني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك، فقال له الإمام الرضا: إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسك الله، وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله لا بد لك من قبول هذا الأمر، فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا، فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله، فقال له: إن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي، فقال الإمام الرضا: والله لقد حدثني أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما، تبكي عليّ ملائكة السماء والأرض، وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد، فبكى المأمون وقال له: يا ابن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حي؟ فقال الإمام الرضا: أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت، فقال المأمون: يا ابن رسول الله إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك، ليقول الناس: إنك زاهد في الدنيا، فقال له الإمام الرضا: والله ما كذبت منذ خلقني الله عز وجل، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإني لأعلم ما تريد، فقال المأمون: وما أريد؟ قال: الأمان على الصدق، قال: لك الأمان قال: تريد أن يقول الناس: إن علي بن موسى الرضا لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، أما ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة؟ فغضب المأمون، ثم قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي، فبالله
أحكام الحكومة الإسلامية (176)
أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الإمام الرضا: قد نهاني الله أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أن لا أولي أحدا، ولا أعزل أحدا، ولا أنقض رسما ولا سنة، وأكون في الأمر من بعيد مشيرا، فرضي بذلك منه وجعله ولي عهده على كراهية منه لذلك (1).
[الحديث: 778] قيل للإمام الرضا: يا ابن رسول الله ما حملك على الدخول في ولاية العهد؟ قال: ما حمل جدي أمير المؤمنين على الدخول في الشورى (2).
[الحديث: 779] عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: والله ما دخل الإمام الرضا في هذا الأمر طائعا ولقد حمل إلى الكوفة مكرها، ثم أشخص منها على طريق البصرة إلى فارس ثم إلى مرو (3).
[الحديث: 780] عن موسى بن سلمة، أن ذا الرئاستين الفضل بن سهل خرج ذات يوم وهو يقول: واعجبا لقد رأيت عجبا، سلوني ما رأيت، قالوا: وما رأيت أصلحك الله؟ قال: رأيت أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسى (الإمام الرضا) قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين، وأفسخ ما في رقبتي، وأجعله في رقبتك، ورأيت علي بن موسى يقول له: الله الله لا طاقة لي بذلك ولا قوة، فما رأيت خلافة كانت أضيع منها، أمير المؤمنين ينفض منها ويعرضها على علي بن موسى، وعلي بن موسى يرفضها ويأبى (4).
[الحديث: 781] عن محمد بن زيد الرزامي، أن رجلا من الخوارج قال للإمام الرضا: أخبرني عن دخولك لهذا الطاغية فيما دخلت له وهم عندك كفار، وأنت ابن رسول الله، فما حملك على هذا؟ فقال له: أرأيتك هؤلاء أكفر عندك أم عزيز مصر وأهل مملكته؟
__________
(1) علل الشرائع: 237/ 1، عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 139/ 3.
(2) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 140/ 4.
(3) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 141/ 5.
(4) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 141/ 6.
أحكام الحكومة الإسلامية (177)
أليس هؤلاء على حال يزعمون أنهم موحدون، وأولئك لم يوحدوا الله ولم يعرفوه؟ ويوسف بن يعقوب نبي ابن نبي ابن نبي، فسأل العزيز وهو كافر فقال: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55] وكان يجلس مجلس الفراعنة، وإنما أنا رجل من ولد رسول الله أجبرني على هذا الأمر وأكرهني عليه ما الذي أنكرت ونقمت علي؟ فقال: لا عتب عليك أشهد أنك ابن رسول الله، وأنك صادق (1).
[الحديث: 782] قال الإمام الرضا للمأمون: لا تقس أخي زيدا إلى زيد بن علي، فإنّه كان من علماء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، غضب لله فجاهد أعدائه حتى قتل في سبيله، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد يقول: رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، لقد استشارني في خروجه فقلت: إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك.. إن زيد بن علي لم يدع ما ليس له بحق، وإنه كان أتقى لله من ذلك إنه قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم (2).
[الحديث: 783] عن الحسين بن خالد قال: قلت للإمام الرضا: إن عبد الله بن بكير كان يروي حديثا وأنا أحب أن أعرضه عليك، فقال: ما ذلك الحديث؟ قلت: قال ابن بكير: حدثني عبيد بن زرارة قال: كنت عند الإمام الصادق أيام خرج محمد بن عبد الله بن الحسن إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك إن محمد بن عبد الله قد خرج فما تقول في الخروج معه؟ فقال: اسكنوا ما سكنت السماء والأرض فقال عبد الله بن بكير: فإن كان الأمر هكذا أو لم يكن خروج ما سكنت السماء والأرض فما من قائم وما من خروج، فقال الإمام الرضا: صدق الإمام الصادق وليس الأمر على ما تأوله ابن بكير، إنما عنى
__________
(1) الخرائج والجرائح/ 201.
(2) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 248/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (178)
الإمام الصادق اسكنوا ما سكنت السماء من النداء، والأرض من الخسف بالجيش (1).
[الحديث: 784] قال الإمام الهادي: لو قلت: إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا (2).
ثالثا ـ ما ورد حول الإصلاح بالمواجهة والشدة
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الإصلاح من خلال المواجهة والشدة مع الذين يقفون حائلين بين المؤمنين وأدائهم لواجباتهم في تحقيق الحاكمية الإلهية في الواقع.
وهو أسلوب له أدلته القرآن الكثيرة، وخصوصا تلك الآيات التي تحض على الجهاد أو استعمال الشدة مع المعتدين وأئمة الضلال، مثل قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج: 39 - 41]
فهذه الآيات الكريمة لا تتحدث فقط عن جهاد المعتدين خارجيا، وإنما تشير إلى المعتدين داخليا، ولذلك ورد بعدها الإخبار بتمكين الله لهم وأدائهم للتكاليف المرتبطة بهم.
ومثلها الآيات الكثيرة التي تدعو إلى البراءة من المعتدين وعدم التعاون معهم، كما قال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا
__________
(1) أمالي الطوسي 2/ 26.
(2) مستطرفات السرائر/ 67/ 10.
أحكام الحكومة الإسلامية (179)
آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22]
وهذا المنهج يتكامل مع المنهج السابق، ولا يتناقض معه، أو كما عبر عن ذلك الإمام الصادق بقوله، وهو يشير إلى كلا المنهجين: (المؤمن مجاهد، لأنه يجاهد أعداء الله عزّ وجلّ في دولة الباطل بالتقية، وفي دولة الحق بالسيف) (1)
فهذا الحديث يشير إلى أن لكل مرحلة الوظائف المرتبطة بها، وهما ليسا متناقضين، فحتى إبان المواجهة المباشرة مع الباطل تراعى سنن الأولويات والتدرج والتقية.
وقد أوردنا هنا ما يدل على هذا من الأحاديث، وخصوصا تلك الخطب التي كان يلقيها الإمام الحسين على الأمة ليدعوها إلى مواجهة أول ملك ورث الملك من أبيه في الإسلام، وقد كانت المناسبة حينها صالحة لهذا النوع من المواجهة، حتى لو تحمل المستضعفون الكثير من الخسائر، لأن السكوت عن ذلك يعني تأييدا منهم لدولة الباطل.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:
[الحديث: 785] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أعان على خصومة وهو لا يعلم أحقٌ أو باطلٌ فهو في سخط الله حتى ينزع، ومن مشى مع قوم يرى أنه شاهد وليس بشاهد فهو كشاهد زور (2).
__________
(1) علل الشرائع: 467/ 22.
(2) الطبراني في (الأوسط) 8/ 252 (8552)
أحكام الحكومة الإسلامية (180)
[الحديث: 786] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مشى مع ظالم: ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام (1).
[الحديث: 787] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسمعوا، إنه سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني، ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن دخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني، وأنا منه، وهو واردٌ علي الحوض (2)
[الحديث: 788] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقدس أمةٌ لا يقضى فيها بالحق ويأخذ الضعيف حقه من القوي غير متعتع (3).
[الحديث: 789] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه سيلي أموركم بعدي رجالٌ يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى الله تعالى (4).
[الحديث: 790] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه ستكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم مالا يقضون لكم، فإن عصيتموهم قتلوكم وإن أطعتموهم أضلوكم، قالوا: يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم، نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب، موتٌ في طاعة الله خيرٌ من حياة في معصية الله (5).
[الحديث: 791] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ستكون عليكم أئمة يملكون رقابكم، ويحدثونكم فيكذبون، ويعملون فيسيؤون، لا يرضون عنكم حتى تحسنوا قبيحهم
__________
(1) الطبراني 1/ 227 (619)
(2) الترمذي (2259)، والنسائي 7/ 160.
(3) الطبراني 19/ 385.
(4) أحمد 5/ 325.
(5) الطبراني 20/ 90.
أحكام الحكومة الإسلامية (181)
وتصدقوا كذبهم، فأعطوهم الحق ما رضوا به، فإذا تجاوزوا فمن قتل على ذلك فهو شهيدٌ (1).
[الحديث: 792] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث: رجل قرأ كتاب الله حتى إذا رؤيت عليه بهجته وكان عليه ردء الإسلام اخترط سيفه وضرب به جاره ورماه بالشرك، قيل: يا رسول الله، الرامي أحق به أم المرمي؟ قال: الرامي، ورجلٌ آتاه الله سلطانا فقال: من أطاعنى فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، وكذب، ليس بخليفة أن يكون حبه دون الخالق، ورجل استخفته الأحاديث كلما قطع أحدوثة حدث بأطول منها، إن يدرك الدجال يتبعه (2).
[الحديث: 793] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تدخلن على الأمراء فإن غلبت على ذلك فلا تجاوز سنتي ولا تخافن سيفه وسوطه أن تأمر بتقوى الله (3).
[الحديث: 794] عن حذيفة قال: ضرب لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثلا وترك سائرها قال: إن قوما كانوا أهل ضعف ومسكنة قاتلهم أهل تجبر وعدد، فأظهر الله أهل الضعف عليهم فعمدوا إلى عدوهم فاستعملوهم وسلطوهم فأسخطوا الله عليهم إلى يوم يلقونه (4).
[الحديث: 795] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاه خونة وفقهاء كذبة، فمن أدرك ذلك الزمان منكم فلا يكونن لهم جابيا ولا عريفا ولا شرطيا (5).
[الحديث: 796] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على
__________
(1) الطبراني 22/ 362.
(2) الطبراني 20/ 88، والصغير 2/ 186 (1001)
(3) الطبراني في الأوسط 1/ 79 (227)
(4) أحمد 5/ 407.
(5) الطبراني في الأوسط 4/ 277 (4190)، و(الصغير)
أحكام الحكومة الإسلامية (182)
يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب) (1)
[الحديث: 797] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر) (2)
[الحديث: 798] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره، أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة) (3)
[الحديث: 799] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: أوصيك ببذل مالك ودمك دون دينك (4).
[الحديث: 800] عن الإمام الصادق أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أوصني فقال: لا تشرك بالله شيئا وإن أحرقت بالنار وعذبت إلا وقلبك مطمئن بالإيمان، ووالديك فأطعهما (5).
[الحديث: 801] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا، يسلطه الله عليه في نار جهنم وبئس المصير (6).
[الحديث: 802] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، ومن لاق لهم دواة، أو ربط كيسا، أو مد لهم مدة قلم، فاحشروهم معهم (7).
[الحديث: 803] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما اقترب عبد من سلطان جائر إلا تباعد من
__________
(1) أبو داود (4338)، الترمذي (2168)، وابن ماجة (4005)
(2) وأبو داود (4344)، والترمذي (2174)، وابن ماجة (4011)
(3) أحمد 3/ 487، والطبراني 6/ 73 (5554)
(4) المحاسن: 17/ 48.
(5) الكافي 2/ 126/ 2.
(6) من لا يحضره الفقيه: 4/ 10/ 1.
(7) عقاب الأعمال: 309/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (183)
الله، ولا كثر ماله الا اشتد حسابه، ولا كثر تبعه إلا كثرت شياطينه (1).
[الحديث: 804] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم وأبواب السلطان وحواشيها، فإن أقربكم من أبواب السلطان وحواشيها أبعدكم من الله عز وجل، ومن آثر السلطان على الله أذهب الله عنه الورع وجعله حيرانا (2).
[الحديث: 805] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة يقسين القلب: استماع اللّهو، وطلب الصيد، وإتيان باب السلطان (3).
[الحديث: 806] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: إيّاكم وأبواب السلطان وحواشيها، فإن أقربكم من أبواب السلطان وحواشيها أبعدكم من اللّه تعالى، ومن آثر السلطان على اللّه عزّ وجلّ أذهب اللّه عنه الورع، وجعله حيرانا (4).
[الحديث: 807] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من بدا جفا، ومن تبع الصيد غفل، ومن لزم السلطان افتتن، وما يزداد من السلطان قربا إلّا ازداد من اللّه تعالى بعدا (5).
[الحديث: 808] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل التابعين من أمتي من لا يقرب أبواب السلطان (6).
[الحديث: 809] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تولى خصومة ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنه ونار جهنم وبئس المصير، ومن خف لسلطان جائر في حاجة كان قرينه في النار، ومن دل سلطانا على الجور قرن مع هامان، وكان هو والسلطان من أشد أهل النار عذابا، ومن عظم صاحب دنيا وأحبه لطمع دنياه سخط الله عليه، وكان في درجته
__________
(1) عقاب الأعمال: 310/ 1.
(2) عقاب الأعمال: 310/ 2.
(3) الخصال ج 1 ص 126.
(4) عقاب الأعمال ص 310.
(5) أمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 270.
(6) نوادر الراوندي ص 27.
أحكام الحكومة الإسلامية (184)
مع قارون في التابوت الأسفل من النار، ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعلها الله حية طولها سبعون ألف ذراع، فيسلطه الله عليه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا، ومن سعى بأخيه إلى سلطان ولم ينله منه سوء ولا مكروه أحبط الله عمله، وإن وصل منه إليه سوء أو مكروه أو أذى جعله الله في طبقة مع هامان في جهنم (1).
[الحديث: 810] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام (2).
[الحديث: 811] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة، وأعوان الظلمة، وأشباه الظلمة، حتى من بري لهم قلما، ولاق لهم دواة؛ فيجتمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم (3).
[الحديث: 812] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا، يسلطه الله عليه في نار جهنم وبئس المصير (4).
[الحديث: 813] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، ومن لاق لهم دواة، أو ربط كيسا، أو مد لهم مدة قلم، فاحشروهم معهم (5).
[الحديث: 814] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم وأبواب السلطان وحواشيها، فإن أقربكم من أبواب السلطان وحواشيها أبعدكم من الله عز وجل، ومن آثر السلطان على الله أذهب الله عنه الورع وجعله حيرانا (6).
__________
(1) عقاب الأعمال: 331، 335، 337.
(2) تنبيه الخواطر 1/ 54.
(3) تنبيه الخواطر 1/ 54.
(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 10/ 1.
(5) عقاب الأعمال: 309/ 1.
(6) عقاب الأعمال: 310/ 2.
أحكام الحكومة الإسلامية (185)
[الحديث: 815] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تولى خصومة ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنه ونار جهنم وبئس المصير، ومن خف لسلطان جائر في حاجة كان قرينه في النار، ومن دل سلطانا على الجور قرن مع هامان، وكان هو والسلطان من أشد أهل النار عذابا، ومن عظم صاحب دنيا وأحبه لطمع دنياه سخط الله عليه، وكان في درجته مع قارون في التابوت الأسفل من النار، ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعلها الله حية طولها سبعون ألف ذراع، فيسلطه الله عليه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا، ومن سعى بأخيه إلى سلطان ولم ينله منه سوء ولا مكروه أحبط الله عمله، وإن وصل منه إليه سوء أو مكروه أو أذى جعله الله في طبقة مع هامان في جهنم (1).
[الحديث: 816] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة، وأعوان الظلمة، وأشباه الظلمة، حتى من برى لهم قلما، ولاق لهم دواة؛ فيجتمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم (2).
[الحديث: 817] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تولى خصومة ظالم أو أعان عليها ثم نزل به ملك الموت قال له: ابشر بلعنة الله ونار جهنم وبئس المصير (3).
[الحديث: 818] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولى جائرا على جور كان قرين هامان في جهنم (4).
[الحديث: 819] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا يسلّطه اللّه عليه في نار
__________
(1) عقاب الأعمال: 331، 335، 337.
(2) تنبيه الخواطر 1/ 54.
(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 5/ 1.
(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 5/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (186)
جهنم ومأواه النار وبئس المصير) (1)
[الحديث: 820] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (من مدح سلطانا جائرا وتخفّف وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار) (2)
[الحديث: 821] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (من ولي جائرا على جور كان قرين هامان في جهنّم) (3)
[الحديث: 822] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (احثوا في وجوه المدّاحين التراب) (4)
[الحديث: 823] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (شرّ الناس المثلّث) قيل: يا رسول اللّه وما المثلّث؟ قال: (الّذي يسعى بأخيه إلى السلطان فيهلك نفسه، ويهلك أخاه، ويهلك السلطان) (5)
[الحديث: 824] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من مشى مع ظالم فقد أجرم) (6)
[الحديث: 825] قال الإمام الصادق: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جيشا إلى خثعم فلما غشيهم استعصموا بالسجود، فقتل بعضهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أعطوا الورثة نصف العقل بصلاتهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الا إني بريء من كل مسلم نزل مع مشرك في دار الحرب (7).
[الحديث: 826] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح (8).
وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
__________
(1) مكارم الأخلاق ص 432.
(2) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 5.
(3) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 5.
(4) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 5.
(5) جامع الأخبار ص 155.
(6) جامع الأخبار ص 155.
(7) الكافي 5/ 43/ 1.
(8) أمالي الطوسي 2/ 37.
أحكام الحكومة الإسلامية (187)
[الحديث: 827] قال الإمام علي: من أحد سنان الغضب لله قوي على قتل أشداء الباطل (1).
[الحديث: 828] عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت الإمام علي يقول يوم لقينا أهل الشام: أيها المؤمنون إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكره بلسانه فقد أجر، وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله العليا وكلمة الظالمين السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى، وقام على الطريق، ونور في قلبه اليقين (2).
[الحديث: 829] قال الإمام علي في ذكر أصناف الناهين عن المنكر: منهم المنكر للمنكر بقلبه ولسانه ويده فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه التارك بيده فذلك متمسك بخصلتين من خصال الخير، ومضيع خصلة، ومنهم المنكر بقلبه والتارك بيده ولسانه فذلك الذي ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث وتمسك بواحدة، ومنهم تارك لإنكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت الأحياء، وما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كنقية في بحر لجي، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق، وأفضل من ذلك كلمة عدل عند إمام جائر (3).
[الحديث: 830] قال الإمام علي: إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم، ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفا ولم ينكر منكرا قلب فجعل أعلاه
__________
(1) نهج البلاغة 3/ 194/ 174.
(2) نهج البلاغة 3/ 243/ 373.
(3) نهج البلاغة 3/ 243/ 374.
أحكام الحكومة الإسلامية (188)
أسفله (1).
[الحديث: 831] قال الإمام علي: لا يحضرن أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر ظلما وعدواناً، ولا مقتولا ولا مظلوما إذا لم ينصره، لأن نصرته على المؤمن فريضة واجبة إذا هو حضره، والعافية أوسع ما لم تلزمك الحجة الظاهرة (2).
[الحديث: 832] قال الإمام علي: إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال (3).
[الحديث: 833] عن ميثم النهرواني قال: دعاني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقال: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أمية ـ عبيد الله بن زياد ـ إلى البراءة منّي؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك؟ قال: إذا والله يقتلك ويصلبك، قلت: أصبر، فداك في الله قليل فقال: يا ميثم إذا تكون معي في درجتي (4).
وقد روي أنه حج في السنة التي قتل فيها، ولمّا رجع قبضه ابن زياد وحبسه مع المختار ابن أبي عبيدة الثقفي، ثم أخرجه وصلبه على خشبة حول باب عمرو بن حريث فجعل ميثم يحدّث بفضائل الإمام علي، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، قال: الجموه، فكان ميثم أول من ألجم في الإسلام، ولمّا كان اليوم الثامن طعن بالحربة ثم انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دماً فمات، كان قتله بعد شهادة مسلم بأيام قليلة، وبقي مصلوباً حتى اجتمع سبعة من التمارين وأخذوا جثّته، وجاءوا به الى فيض ماء في مراد فدفنوه ورموا الخشبة في خربة هناك (5).
[الحديث: 834] قال الإمام علي: ستدعون إلى سبّي فسبوني، وتدعون إلى البراءة
__________
(1) نهج البلاغة 3/ 244/ 375.
(2) عقاب الاعمال: 311/ 3.
(3) الكافي 8/ 22/ 4.
(4) رجال الكشي 1/ 295/ 139.
(5) انظر رجال الكشي: 80 / 135 و83 / 139
أحكام الحكومة الإسلامية (189)
مني فمدوا الرقاب فإني على الفطرة (1).
[الحديث: 835] قال الإمام علي: إنكم ستعرضون على سبي، فإن خفتم على أنفسكم فسبوني، ألا وإنكم ستعرضون على البراءة مني فلا تفعلوا فإني على الفطرة (2).
[الحديث: 836] قال الإمام علي: أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنه سيأمركم بسبي، والبراءة مني، فأما السب فسبوني فإنه لي زكاة، ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة (3).
[الحديث: 837] قال الإمام عليّ: ثلاث من حفظهنّ كان معصوما من الشيطان الرجيم، ومن كلّ بليّة: من لم يخل بامرأة ليس يملك منها شيئا، ولم يدخل على سلطان، ولم يعن صاحب بدعة ببدعته (4).
[الحديث: 838] قال الإمام عليّ: (العامل بالظلم، والمعين عليه، والراضي به شركاء ثلاثة) (5)
[الحديث: 839] قال الإمام علي في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [البقرة: 207]: المراد بالآية الرجل يقتل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (6).
[الحديث: 840] قال الإمام الباقر: ذكرت الحرورية عند الإمام علي فقال: إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة فقاتلوهم، وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم فإن
__________
(1) أمالي الطوسي 1/ 213.
(2) أمالي الطوسي 1/ 374.
(3) نهج البلاغة 1/ 101/ 56.
(4) نوادر الراوندي ص 14.
(5) الخصال ص 107.
(6) مجمع البيان 1/ 301.
أحكام الحكومة الإسلامية (190)
لهم في ذلك مقالا (1).
[الحديث: 841] قال الإمام الصادق: لما فرغ الإمام علي من أهل النهروان، قال: لا يقاتلهم بعدي إلا من هم أولى بالحق منه (2).
[الحديث: 842] قال الإمام الصادق: كان في وصية أمير المؤمنين لأصحابه: إذا حضرت بلية فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم وإذا نزلت نازلة فاجعلوا أنفسكم دون دينكم، واعلموا أن الهالك من هلك دينه، والحريب من حرب دينه، ألا وإنه لا فقر بعد الجنة، ألا وإنه لا غنى بعد النار، ولا يفك أسيرها، ولا يبرأ ضريرها (3).
[الحديث: 843] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار، إذ يقول: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: 63] وقال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: 78 - 79] وإنما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم، ورهبة مما يحذرون، والله يقول: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: 44] وقال: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة: 71] فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها هيهنا وصعبها، وذلك أن الأمر
__________
(1) التهذيب 6/ 145/ 252.
(2) التهذيب 6/ 144/ 249.
(3) الكافي 2/ 171/ 2.
أحكام الحكومة الإسلامية (191)
بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام مع رد المظالم، ومخالفة الظالم وقسمة الفيء والغنائم، وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها (1).
[الحديث: 844] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: أنتم أيّتها العصابة، عصابة بالعِلم مشهورة، وبالخير مذكورة، وبالنصيحة معروفة، وبالله في أنفس الناس مُهابة، يهابكم الشريف، ويُكرمكم الضعيف، ويُؤثركم من لا فضل لكم عليه، ولا يد لكم عنده، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلّابها، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر.. أليس كلّ ذلك إنّما نلتموه بما يُرجى عندكم من القيام بحقّ الله، وإن كنتم عن أكثر حقّه تُقصِّرون؟ فاستخففتم بحقّ الأمّة، فأمّا حقّ الضعفاء فضيّعتم، وأمّا حقّكم بزعمكم فطلبتم، فلا مالاً بذلتم، ولا نفساً خاطرتم بها للّذي خلقها، ولا عشيرة عاديتم في ذات الله.. أنتم تتمنّون على الله جنّته ومجاورة رسله وأماناً من عذابه، لقد خشيت عليكم أيّها المتمنّون على الله أن تحلّ نقمة من نقماته لأنّكم بلغتم من كرامة الله منزلةً فضّلتم بها، ومن يعرف بالله لا تُكرمون، وأنتم بالله في عباده تُكرمون.. وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون، وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون، وذمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محقورة، والعمي والبكم والزمن في المدائن مهملة لا ترحمون، ولا في منزلتكم تعملون، ولا من فيها تُعينون، وبالإدهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون.. كلّ ذلك ممّا أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون، وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسمعون، ذلك بأنّ مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، ما سُلبتم ذلك إلّا بتفرّقكم عن الحقّ واختلافكم في
__________
(1) تحف العقول: 237.
أحكام الحكومة الإسلامية (192)
السنّة بعد البيّنة الواضحة، ولو صبرتم على الأذى، وتحمّلتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع ولكنّكم مكّنتم الظّلمة من منزلتكم وأسلمتم أمور الله في أيديهم، يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات، سلّطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة الّتي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعَف على معيشته مغلوب، يتقلّبون في الملك بآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم اقتداءً بالأشرار وجرأةً على الجبّار، في كلّ بلدٍ منهم على منبره خطيب يصقع، فالأرض شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول، لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبّارٍ عنيد وذي سطوةٍ على الضعفة شديد مطاع لا يعرف المبدئ والمعيد، فيا عجباً ومالي لا أعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدّق ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا (1).
[الحديث: 845] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: اللّهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان ولا التماساً من فُضول الحطام، ولكن لنُري المعالم من دينك ونُظهر الإصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك، ويُعمل بفرائضك وسننك وأحكامك. فإن لم تنصرونا وتُنصفونا، قوي الظلمة عليكم وعملوا في إطفاء نور نبيّكم، وحسبنا الله وعليه توكّلنا وإليه أنبنا وإليه المصير) (2)
[الحديث: 846] قال الإمام الحسين مخاطبا أصحابه وأصحاب الحرّ بالبيضة بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه: (أيّها الناس إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلّا لحرم اللّه ناكثا لعهد اللّه مخالفا لسنّة رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يعمل في عباد اللّه بالإثم والعدوان فلم
__________
(1) تحف العقول: 237.
(2) تحف العقول، ص 237.
أحكام الحكومة الإسلامية (193)
يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّا على اللّه أن يدخله مدخله، ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمان، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام اللّه وحرّموا حلاله، وأنا أحقّ من غيّر، وقد أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم إنكم لا تسلموني، ولا تخذلوني فإن تمّمتم عليّ بيعتكم تصيبوا رشدكم؛ فأنا الحسين بن عليّ وابن فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم فلكم فيّ أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم؛ فلعمري ما هي لكم بنكر لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم، والمغرور من اغترّ بكم فحظّكم أخطأتم ونصيبكم ضيّعتم، ومن نكث فإنّما ينكث على نفسه، وسيغني اللّه عنك، والسّلام عليك ورحمة اللّه وبركاته) (1)
[الحديث: 847] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: أوصيكم بتقوى الله واحذركم أيّامه وأرفع لكم أعلامه، فكان المخوف قد أفد بمهول وروده، ونكير حلوله، وبشع مذاقه، فاعتلق مهجكم وحال بين العمل وبينكم، فبادروا بصحّة الأجسام في مدّة الأعمار كأنّكم ببغتات (جمع بغتة) طوارقه فتنقلكم من ظهر الأرض إلى بطنها، ومن علوّها إلى سفلها، ومن أنسها إلى وحشتها، ومن روحها وضوئها إلى ظلمتها، ومن سعتها إلى ضيقها، حيث لا يزار حميم، ولا يعاد سقيم، ولا يجاب صريخ، أعاننا الله وإيّاكم على أهوال ذلك اليوم، ونجّانا وإيّاكم من عقابه، وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه،، عباد الله فلو كان ذلك قصر مرماكم ومدى مظعنكم كان حسب العامل شغلاً يستفرغ عليه أحزانه، ويذهله عن دنياه، ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه، فكيف وهو بعد
__________
(1) تاريخ الطبري ج 4 ص 304.
أحكام الحكومة الإسلامية (194)
ذلك مرتهن باكتسابه، مستوقف على حسابه، لا وزير له يمنعه، ولا ظهير عنه يدفعه، ويومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، قل انتظروا إنّا منتظرون،، اُوصيكم بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتّقاه أن يحوله عمّا يكره إلى ما يحبّ، ويرزقه من حيث لا يحتسب، فإيّاك أن تكون ممّن يخاف على العباد من ذنوبهم، ويأمن العقوبة من ذنبه، فإن الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنّته ولا ينال ما عنده إلاّ بطاعته إن شاء الله (1).
[الحديث: 848] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: عباد الله، اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر؛ فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد لكانت الأنبياء أحقّ بالبقاء، وأولى بالرضاء، وأرضى بالقضاء، غير أنّ الله خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء؛ فجديدها بال، ونعيمها مضمحل، وسرورها مكفهر، والمنزلة بلغة، والدار قلعة؛ فتزوّدوا فإن خير الزاد التقوى (2).
[الحديث: 849] كتب الإمام الحسين لرجل طلب منه أن يعظه بموعظة موجزة: (مَن حاول أمراً بمعصية الله تعالى كان أفوت لِما يرجو وأسرع لمجيء ما يحذر) (3)
[الحديث: 850] كتب الإمام الحسين لرجل سأله عن خير الدنيا والآخرة: (أمّا بعد، فإن مَن طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله اُمور الناس، ومَن طلب رضى الناس بسخط الله وكّله الله إلى الناس، والسّلام) (4)
[الحديث: 851] قال الإمام الحسين لأبي ذر الغفاري بعد أن نفي إلى الربذة: (يا عماه، إن الله تبارك وتعالى قادر أن يغير ما قد ترى، إن الله كل يوم هو في شأن، وقد منعك
__________
(1) الأنوار البهية، 1417، 45.
(2) تاريخ ابن عساكر 4/ 333.
(3) أُصول الكافي، 2/ 273.
(4) الاختصاص 225، أمالي الصدوق 167 - 168.
أحكام الحكومة الإسلامية (195)
القوم دنياهم ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم! فاسأل الله الصبر واستعذ به من الجشع والجزع؛ فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقا، والجزع لا يؤخر أجلا) (1)
[الحديث: 852] كتب الإمام الحسين لأهل الكوفة عندما طلبوا منه التحرك بعد نقض معاوية لبنود الهدنة التي وقعها مع الإمام الحسن: (فالصقوا رحمكم الله بالأرض واكتموا في البيوت واحترسوا من الظنة مادام معاوية حيا، فإن يحدث الله شيئا وأنا حي كتبت اليكم رأيي) (2)
[الحديث: 853] قال الإمام السجاد: قال موسى بن عمران عليه السلام: يا رب من أهلك الذين تظلهم في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك؟ فأوحى الله إليه: الطاهرة قلوبهم، والبريئة أيديهم، الذين يذكرون جلالي ذكر آبائهم.. والذين يغضبون لمحارمي إذا استحلت مثل النمر إذا جرح (3).
[الحديث: 854] قال الإمام السجاد: ما أحب أن لي بذل نفسي حمر النعم، وما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا أكافئ بها صاحبها (4).
[الحديث: 855] قال الإمام السجاد: إياكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين (5).
[الحديث: 856] قال الإمام الباقر: يكون في آخر الزمان قوم ينبع فيهم قوم مراؤون
__________
(1) بحار الانوار 22/ 412،
(2) انساب الاشراف 3: 151،
(3) المحاسن: 16/ 45.
(4) الخصال: 23/ 81.
(5) الكافي 8/ 14/ 2
أحكام الحكومة الإسلامية (196)
ينفرون وينسكون، حدثاء سفهاء، لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر إلا إذا أمنوا الضرر يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير يتبعون زلات العلماء وفساد عملهم، يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلمهم في نفس ولا مال ولو أضرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتم غضب الله عز وجل عليهم فيعمهم بعقابه فيهلك الأبرار في دار الفجار والصغار في دار الكبار، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر فأنكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم، فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الشورى: 42] هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا ولا باغين مالا ولا مريدين بظلم ظفرا حتى يفيئوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته (1).
[الحديث: 857] قال الإمام الباقر: من مشى إلى سلطان جائر فأمره بتقوى الله ووعظه وخوفه كان له مثل أجر الثقلين الجن والإنس، ومثل أعمالهم (2).
[الحديث: 858] قال الإمام الباقر: سلامة الدين وصحة البدن خير من المال، والمال زينة من زينة الدنيا حسنة (3).
[الحديث: 859] عن أبي بصير قال: سألت الإمام الباقر عن أعمالهم فقال لي: يا أبا
__________
(1) الكافي 5/ 55/ 1..
(2) مستطرفات السرائر/ 141/ 1.
(3) الكافي 2/ 171/ 3.
أحكام الحكومة الإسلامية (197)
محمد، لا ولا مدة قلم، إن أحدهم لا يصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينه مثله، أو حتى يصيبوا من دينه مثله (1).
[الحديث: 860] عن محمّد بن مسلم قال: كنت قاعدا عند الإمام الباقر على باب داره بالمدينة فنظر إلى الناس يمرّون أفواجا فقال لبعض من عنده: (حدث بالمدينة أمر؟) فقال: جعلت فداك ولي المدينة وال فغدا الناس يهنّئونه، فقال: (إنّ الرجل ليغدي عليه بالأمر تهنّأ به وإنّه لباب من أبواب النار) (2)
[الحديث: 861] قال الإمام الباقر: (العامل بالظلم، والمعين له، والراضي به شركاء ثلاث) (3)
[الحديث: 862] قال الإمام الباقر: (إنّ موسى ناجاه اللّه تبارك وتعالى وكان فيما قال في مناجاته: ولا ترض بالظلم ولا تكن ظالما، فإنّي للظالم رصيد حتّى أديل منه المظلوم) (4)
[الحديث: 863] قال الإمام الباقر: (من فعل خمسة أشياء فلا بدّ له من خمسة: ولا بدّ لصاحب الخمسة من النار، الأولى: من شرب المثلث فلا بدّ له من شرب الخمر ولا بدّ لشارب الخمر من النار، الثاني: من لبس الثياب الفاخرة فلا بدّ له من الكبر ولا بدّ لصاحب الكبر من النار، الثالث: من جلس على بساط السلطان فلا بدّ أن يتكلّم بهوى السلطان ولا بدّ لصاحب الهوى من النار، الرابع: من جالس النساء فلا بدّ له من الزنا ولا بدّ للزاني من النار، الخامس: من باع واشترى من غير فقه فلا بدّ له من الربا ولا بدّ لآكل الربا من النار) (5)
__________
(1) الكافي 5/ 106/ 5.
(2) الكافي ج 5 ص 106.
(3) جامع الأخبار ص 155.
(4) روضة الكافي ج 1 ص 70.
(5) إرشاد القلوب ص 194.
أحكام الحكومة الإسلامية (198)
[الحديث: 864] قال الإمام الصادق: إن الله فوض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوض إليه أن يكون ذليلا، أما تسمع الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8]، فالمؤمن يكون عزيزا ولا يكون ذليلاً.. إن المؤمن أعز من الجبل، إن الجبل يستقل منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقل من دينه شيء (1).
[الحديث: 865] قال الإمام الصادق: إن الله عزّ وجلّ فوض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوض إليه أن يذل نفسه، أما تسمع لقول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8]، فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزاً، ولا يكون ذليلا يعزه الله بالايمان والاسلام (2).
[الحديث: 866] قال الإمام الصادق: إن الله تبارك وتعالى فوض إلى المؤمن كل شيء إلا إذلال نفسه (3).
[الحديث: 867] قال الإمام الصادق: لم تبق الأرض إلا وفيها منا عالم، يعرف الحق من الباطل، وإنما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية، وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا لقلتم: لا نفعل إنما نتقي، ولكانت التقية أحب إليكم من آبائكم وأمهاتكم، ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك، ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حد الله (4).
[الحديث: 868] عن جهم بن حميد قال: قال لي الإمام الصادق: أما تغشى سلطان هؤلاء، فقال: قلت: لا، قال: ولم؟ قلت: فرارا بديني، قال: وعزمت على ذلك؟ قلت: نعم،
__________
(1) الكافي 5/ 63/ 1.
(2) الكافي 5/ 63/ 2.
(3) الكافي 5/ 63/ 3.
(4) التهذيب 6/ 172/ 335.
أحكام الحكومة الإسلامية (199)
قال لي: الآن سلم لك دينك (1).
[الحديث: 869] عن يونس بن يعقوب قال: قال لي الإمام الصادق: لا تعنهم على بناء مسجد (2).
[الحديث: 870] عن محمد بن عذافر، عن أبيه قال: قال الإمام الصادق: يا عذافر نبئت أنك تعامل أبا أيوب والربيع فما حالك إذا نودي بك في أعوان الظلمة؟ قال: فوجم أبي، فقال له الإمام الصادق لما رأى ما أصابه: أي عذافر إني إنما خوفتك بما خوفني الله عز وجل به، قال محمد: فقدم أبي فما زال مغموما مكروبا حتى مات (3).
[الحديث: 871] قال الإمام الصادق: اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع، وقووه بالتقية والاستغناء بالله عز وجل، إنه من خضع لصاحب سلطان ولمن يخالفه على دينه طلبا لما في يديه من دنياه أخمله الله عز وجل ومقته عليه، ووكله إليه، فإن هو غلب على شيء من دنياه فصار إليه منه شيء نزع الله جل اسمه البركة منه، ولم يأجره على شيء منه ينفقه في حج ولا عتق ولا بر (4).
[الحديث: 872] عن ابن أبي يعفور قال: كنت عند الإمام الصادق إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك إنه ربما أصاب الرجل منا الضيق أو الشدة فيدعى إلى البناء يبنيه، أو النهر يكريه، أو المسناة يصلحها، فما تقول في ذلك؟ فقال الإمام الصادق: ما أحب أني عقدت لهم عقدة، أو وكيت لهم وكاء، وإن لي ما بين لابتيها، لا ولا مدة بقلم، إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد (5).
__________
(1) الكافي 5/ 108/ 10.
(2) التهذيب 6/ 338/ 941.
(3) الكافي 5/ 105/ 1.
(4) الكافي 5/ 105/ 3
(5) الكافي 5/ 107/ 7.
أحكام الحكومة الإسلامية (200)
[الحديث: 873] عن يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال: قلت للإمام الصادق فلان يقرئك السّلام وفلان وفلان، فقال: (وعليهم السّلام) قلت: يسألونك الدعاء، فقال: (ومالهم؟) قلت: حبسهم أبو جعفر فقال: (ومالهم وماله؟) قلت: استعملهم فحبسهم، فقال: (ومالهم وماله؟ ألم أنههم، ألم أنههم، ألم أنههم، هم النار، هم النار، هم النار) ثمّ قال: (اللّهمّ اخدع عنهم سلطانهم)، فانصرفت من مكّة فسألت عنهم فإذا هم قد أخرجوا بعد هذا الكلام بثلاثة أيّام (1).
[الحديث: 874] سأل رجل الإمام الصادق عن قوم من أصحابه يدخلون في أعمال السلطان ويعملون لهم، ويحبونهم ويوالونهم، فقال: (ليس هم من الشيعة ولكنهم من أولئك الذين قال الله فيهم: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78 - 81] (2)
[الحديث: 875] عن الوليد بن صبيح قال: دخلت على الإمام الصادق فاستقبلني زرارة خارجا من عنده، فقال لي الإمام الصادق: يا وليد أما تعجب من زرارة سألني عن أعمال هؤلاء أي شيء كان يريد أ يريد أن أقول له: لا فيروي ذلك عني، ثمّ قال: يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم إنّما كانت الشيعة تقول: يؤكل من طعامهم ويشرب من شرابهم ويستظلّ بظلّهم متى كانت الشيعة تسأل عن هذا (3).
__________
(1) الكافي ج 5 ص 106.
(2) تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي ج 1 ص 176.
(3) الكافي ج 5 ص 105.
أحكام الحكومة الإسلامية (201)
[الحديث: 876] عن حميد قال: قلت للإمام الصادق: إنّي ولّيت عملا فهل لي من ذلك مخرج؟ فقال: (ما أكثر من طلب المخرج من ذلك فعسر عليه) فما ترى؟ قال: (أرى أن تتّقي اللّه عزّ وجلّ ولا تعدّه) (1)
[الحديث: 877] قال الإمام الصادق يوصي أصحابه: (إيّاكم أن تعينوا على مسلم مظلوم فيدعو اللّه عليكم ويستجاب له فيكم، فإن أبانا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: إنّ دعوة المسلم المظلوم مستجابة) (2)
[الحديث: 878] قال الإمام الصادق: من سود اسمه في ديوان الجبارين من ولد فلان حشره الله يوم القيامة حيرانا (3).
[الحديث: 879] عن علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتاب بني أمية فقال لي: استأذن لي علي الإمام الصادق فاستأذنت له، فأذن له، فلما أن دخل سلم وجلس، ثم قال: جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا، وأغمضت في مطالبه، فقال الإمام الصادق: لولا أن بني أمية وجدوا لهم من يكتب ويجبي لهم الفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم، فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟ قال: أفعل، قال له: فاخرج من جميع ما كسبت في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت به، وأنا أضمن لك على الله عز وجل الجنة، فأطرق الفتى طويلا ثم قال له: لقد فعلت جعلت فداك.. قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض إلا خرج منه حتى ثيابه التي كانت على بدنه، فقسمت له
__________
(1) الكافي ج 5 ص 109.
(2) روضة الكافي ج 1 ص 11.
(3) عقاب الأعمال: 310/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (202)
قسمة واشترينا له ثيابا وبعثنا إليه بنفقة، فما أتى عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض، فكنا نعوده، فدخلت يوما وهو في السوق، ففتح عينيه، ثم قال لي: يا علي وفى لي والله صاحبك، ثم مات فتولينا أمره، فخرجت حتى دخلت على الإمام الصادق، فلما نظر إلي قال لي: يا علي وفينا والله لصاحبك، فقلت: صدقت، جعلت فداك هكذا والله قال لي عند موته (1).
[الحديث: 880] قال الإمام الصادق: المتعرب بعد الهجرة التارك لهذا الأمر بعد معرفته (2).
[الحديث: 881] قال الإمام الصادق: يقول أحدكم: إني غريب إنما الغريب الذي يكون في دار الشرك (3).
[الحديث: 882] عن حماد السمندري، قال: قلت للإمام الصادق: إني أدخل إلى بلاد الشرك وإن من عندنا يقولون: إن مت ثم حشرت معهم، فقال لي: يا حماد إذا كنت ثم تذكر أمرنا وتدعو إليه؟ قلت: نعم، قال: فإذا كنت في هذه المدن مدن الإسلام تذكر أمرنا وتدعو إليه؟ قال: قلت: لا، فقال لي: إنك إن مت ثم حشرت أمة وحدك يسعى نورك بين يديك (4).
[الحديث: 883] قال الإمام الصادق: ما جعل الله عزّ وجلّ بسط اللسان وكف اليد، ولكن جعلهما يبسطان معا ويكفان معا (5).
[الحديث: 884] ذكر بين يدي الإمام الصادق من خرج من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لا زال أنا وشيعتي بخير ما خرج الخارجي من آل محمد، ولوددت أن الخارجي من آل محمد
__________
(1) الكافي 5/ 106/ 4.
(2) معاني الأخبار/ 265/ 1.
(3) التهذيب 6/ 174/ 344.
(4) رجال الكشي 2/ 634/ 635.
(5) الكافي 5/ 55/ 1.
أحكام الحكومة الإسلامية (203)
خرج وعلي نفقة عياله (1).
[الحديث: 885] عن داود بن زربيّ قال: أخبرني مولى للإمام السجاد، قال: كنت بالكوفة فقدم الإمام الصادق الحيرة فأتيته فقلت له: جعلت فداك لو كلّمت داود بن عليّ أو بعض هؤلاء فأدخل في بعض هذه الولايات، فقال: (ما كنت لأفعل)، قال: فانصرفت إلى منزلي فتفكّرت فقلت: ما أحسبه منعني إلّا مخافة أن أظلم أو أجور، واللّه لآتينّه ولأعطينّه الطلاق والعتاق والأيمان المغلّظة ألّا أظلم أحدا ولا أجور ولأعدلنّ، قال: فأتيته فقلت: جعلت فداك إنّي فكّرت في إبائك عليّ فظننت أنّك إنّما منعتني وكرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم وإنّ كلّ امرأة لي طالق وكلّ مملوك لي حرّ عليّ وعليّ إن ظلمت أحدا أو جرت عليه وإن لم أعدل؟ قال: (كيف قلت؟) قال: فأعدت عليه الأيمان فرفع رأسه إلى السماء فقال: (تناول السماء أيسر عليك من ذلك) (2)
[الحديث: 886] عن صفوان بن مهران الجمال قال: دخلت على الإمام الكاظم فقال لي: يا صفوان، كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك أي شيء، فقال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل، ـ يعني هارون ـ قلت: والله ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا للصيد ولا للهو، ولكني أكريته لهذا الطريق ـ يعني طريق مكة ـ، ولا أتولاه بنفسي، ولكني أبعث معه غلماني، فقال لي: يا صفوان أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك، فقال لي: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك؟ قلت: نعم، قال: من أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان ورد النار، قال صفوان: فذهبت فبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى
__________
(1) مستطرفات السرائر 48/ 4.
(2) الكافي ج 5 ص 106.
أحكام الحكومة الإسلامية (204)
هارون فدعاني فقال لي: يا صفوان بلغني أنك بعت جمالك، قلت: نعم، قال: ولم؟ قلت: أنا شيخ كبير وإن الغلمان لا يفون بالأعمال؟ فقال: هيهات هيهات، إني لأعلم من أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر، قلت: ما لي ولموسى بن جعفر؟ فقال: دع هذا عنك فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك (1).
[الحديث: 887] قيل للإمام الكاظم: إنهم يقولون: ما منع عليا إن كان له حق أن يقوم بحقه؟ فقال: إن الله لم يكلف هذا أحدا إلا نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ﴾ [النساء: 84] وقال لغيره: ﴿إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾ [الأنفال: 16] فالإمام علي لم يجد فئة ولو وجد فئة لقاتل (2).
[الحديث: 888] قال الإمام الرضا: دخل موسى بن جعفر (الإمام الكاظم) على هارون الرشيد وقد استخفه الغضب على رجل فأمر أن يضرب ثلاثة حدود، فقال: إنمّا تغضب لله، فلا تغضب له بأكثر مما غضب لنفسه (3).
[الحديث: 889] قال الإمام الرضا: قال عيسى بن مريم عليه السلام للحواريين: يا بني إسرائيل لا تأسوا على ما فاتكم من دنياكم إذا سلم دينكم، كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم (4).
[الحديث: 890] عن سليمان الجعفري قال: قلت للإمام الرضا: ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال: (يا سليمان الدخول في أعمالهم والعون لهم والسعي في حوائجهم عديل
__________
(1) رجال الكشي 2/ 740/ 828
(2) تفسير العياشي 2/ 51/ 31.
(3) أمالي الصدوق: 27/ 2.
(4) أمالي الصدوق: 401/ 2.
أحكام الحكومة الإسلامية (205)
الكفر، والنظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحقّ به النار) (1)
[الحديث: 891] قال الإمام الرضا: حرّم الله التعرب بعد الهجرة للرجوع عن الدين وترك المؤازرة للأنبياء والحجج، وما في ذلك من الفساد وإبطال حق كل ذي حق لعلة سكنى البدو، ولذلك لو عرف الرجل الدين كاملا لم يجز له مساكنة أهل الجهل والخوف عليه، لأنه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك (2).
[الحديث: 892] قال الإمام الرضا: حرم الله الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين، والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة، وترك نصرتهم على الأعداء والعقوبة لهم على ترك ما دعوا إليه من الإقرار بالربوبية، وإظهار العدل، وترك الجور وإماتة الفساد، لما في ذلك من جرأة العدو على المسلمين، وما يكون في ذلك من السبي والقتل وإبطال دين الله عزّ وجلّ وغيره من الفساد (3).
__________
(1) تفسير العيّاشي ج 1 ص 238.
(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 369/ 1748.
(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 369/ 1748.
أحكام الحكومة الإسلامية (206)
مسؤوليات الحكام في الحكومة الإسلامية
جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول مسؤوليات الحكام والمسؤولين في الحكومة الإسلامية، وخصوصا تلك الأحاديث الكثيرة المروية عن الإمام علي، باعتباره تولى المسؤولية في فترة وجيزة، لكنها كانت ثرية جدا بالتجارب والممارسات الصالحة.
ولهذا كان أكثر ما أوردناه في هذا الفصل من خطب وكلمات ووصايا الإمام علي، وهي دليل على مدى تتلمذه على النبوة والقيم القرآنية.
ويشير إلى هذا النوع من الأحاديث قوله تعالى لداود عليه السلام: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ [ص: 26]
ومثلها ما ورد في القرآن من النماذج العملية المرتبطة بمسؤوليات الحكام، ومنها نموذج سليمان وداود عليهما السلام، كما قال تعالى: يا داود
وأولها نموذج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ذكر الله تعالى الكثير من صفاته وأخلاقه أثناء توليه لأمور المسلمين، ومنها قوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159]
وهي تشير إلى أن الرحمة واللين والشورى من الصفات الضرورية للحاكم، ذلك أنه واسطة الرعاية الإلهية لمن يتولاهم، ولذلك يحتاج أن يتوفر لديه من الرحمة والعطف ما يجعله حريصا عليهم، وعلى مصالحهم.
أحكام الحكومة الإسلامية (207)
ومثل ذلك ما ورد في قصة سليمان عليه السلام، وتفقده لرعيته من الحيوانات، كما قال تعالى: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ [النمل: 20]، فقد شعر سليمان عليه السلام بغيبة الهدهد، فراح يبحث عنه، ولم يكتف بالبحث، وإنما راح ينزل إليه، وهو النبي الكريم، ويسأله عن سر غيابه، ثم يوكل له من المهام ما يراه متناسبا معه، وكل ذلك يشير إلى أن الحاكم هو الذي يكون مع الشعب والجماهير، ولا ينفرد ببرجه العاجي عنهم.
ومثل ذلك ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ [النمل: 20 - 21]، والظاهر فيها أن سليمان عليه السلام قال ذلك بقصد التهديد، وهو يدل على أن القوانين كانت مشددة مع المقصرين، ولهذا شرع الله تعالى الحدود والتعزيرات، وأتاح للحاكم المسلم استعمالها، ليحفظ المجتمع من تسرب أدوات الفساد إليه، ذلك أن فردا واحدا أو أفرادا معدودين من المنحرفين يمكنهم إذا أعطيت لهم الحرية الكافية الخالية من أي ردع أن يفسدوا مجتمعا كاملا.
ومثلها كل الآيات التي تتحدث عن الصفات التي توفرت ليوسف عليه السلام ليصبح أهلا لتولي الحكم في الاقتصاد المصري، كما قال تعالى: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55]
ومثلها ما ورد في حق موسى عليه السلام وصفاته التي أهلته لقيادة قومه من بني إسرائيل، كما قال تعالى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26]
بناء على هذا جمعنا هنا نوعين من الأحاديث:
أحكام الحكومة الإسلامية (208)
أولهما ـ ما ورد حول صفات الحكام ومسؤولياتهم في الأحاديث النبوية وأحاديث أئمة الهدى.
ثانيهما ـ ما ورد من الوصايا والنماذج العملية: وقد اقتصرنا على وصايا ورسائل وأعمال الإمام علي، وخصوصا في الفترة التي ولي فيها الخلافة، لاحتوائها على كل ما يخدم هذا الجانب من معان.
أولا ـ ما ورد حول صفات الحكام ومسؤولياتهم
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى، وفي مصادر السنة والشيعة حول صفات الحكام في الحكومة الإسلامية، والمسؤوليات المناطة بهم.
وهي تحتاج ـ لأهميتها ـ الكثير من التأمل والتدبر لاستنباط ما نحتاجه للتأسيس لنظريات الحكم في الإسلام، ذلك أن التعامل السطحي معها يبعدنا عنها وعن مقاصدها التي تهدف إليها.
فما ورد في الأحاديث ـ مثلا ـ عن نهي الحكام عن الاحتجاب على رعاياهم، لا يعني فقط حضورهم في المهرجانات والمناسبات، بل يعني التواصل الدائم معهم، عبر مؤسسات خاصة بذلك، تتيح لكل فرد من الرعية أن يبلغ حاجته، وبطريقة سهلة مضمونة، ومتناسبة مع كل عصر وظروفه.
أما الفهم السطحي لذلك، وهو الاكتفاء بالخروج للمساجد للصلاة، أو التسوق مع الناس؛ فهو قد يكون متناسبا مع العصور السابقة لا مع هذا العصر، بالإضافة إلى أنه لن يخدم إلا الفئة المحدودة التي تجاور الحاكم في بيئته، دون غيرها من الفئات.
أحكام الحكومة الإسلامية (209)
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:
[الحديث: 893] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم، وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خيرٌ لكم من بطنها، وإذا كانت أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم فبطن الأرض خيرٌ لكم من ظهرها (1).
[الحديث: 894] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كلكم راع وكلكم مسئولٌ عن رعيته فالإمام راع ومسئولٌ عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئولٌ عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعيةٌ ومسئولةٌ عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئولٌ عن رعيته (2).
[الحديث: 895] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة (3).
[الحديث: 896] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن المقسطين عند الله على منابر من نور، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا (4).
[الحديث: 897] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ا من عبد يسترعيه الله رعيته يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة (5).
[الحديث: 898] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم منه مجلسا: إمامٌ عادلٌ، وأبغض الناس وأبعدهم منه مجلسا إمامٌ جائرٌ (6).
__________
(1) الترمذي (2266)
(2) البخاري (2554)، ومسلم (1829)
(3) أبو داود (2948)، والترمذي (1332)
(4) مسلم (1827)، والنسائي 8/ 221 - 222.
(5) البخاري (7151)، ومسلم (1421)
(6) الترمذي (1329)
أحكام الحكومة الإسلامية (210)
[الحديث: 899] عن المقدام بن معدي كرب: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرب على منكبيه، ثم قال: أفلحت يا قديم إن مت ولم تكن أميرا ولا كاتبا ولا عريفا (1).
[الحديث: 900] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: إنك ضعيفٌ وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامةٌ إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها (2).
[الحديث: 901] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها (3).
[الحديث: 902] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة (4).
[الحديث: 903] عن أبي موسى قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال أحدهما: يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله، وقال الآخر مثل ذلك فقال: إنا والله لا نولي هذا العمل أحدا سأله، أو أحدا حرص عليه (5).
[الحديث: 904] عن ابن عباس قال: قدم مسيلمة الكذاب المدينة في بشر كثير فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر بعده أتبعه، فأقبل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يده صلى الله عليه وآله وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله (6).
[الحديث: 905] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم
__________
(1) أبو داود (2933)
(2) مسلم (1825)
(3) البخاري (6622)، ومسلم (1652)
(4) البخاري (7148)
(5) البخاري (7149)، ومسلم (1733)
(6) البخاري (4373)، ومسلم (2273، 2274)
أحكام الحكومة الإسلامية (211)
يذكره، وإن ذكر لم يعنه (1).
[الحديث: 906] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله (2).
[الحديث: 907] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به (3).
[الحديث: 908] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك، إلّا أتى الله عزّ وجلّ مغلولا يوم القيامة، يده إلى عنقه، فكّه برّه، أو أوبقة إثمه، أوّلها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة (4).
[الحديث: 909] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا حتى يفكه العدل أو يوبقه الجور (5).
[الحديث: 910] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من رجل ولى عشرة إلا أتى يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه حتى يقضى بينه وبينهم (6).
[الحديث: 911] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من أمتي أحدٌ ولي من أمر الناس شيئا لم يحفظهم بما يحفظ نفسه وأهله إلا لم يجد رائحة الجنة (7).
[الحديث: 912] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي شيئا من أمر المسلمين لم ينظر الله في
__________
(1) أبو داود (2932)،والنسائي 7/ 159.
(2) البخاري (7198)، والنسائي 7/ 158.
(3) مسلم (1828)
(4) أحمد (5/ 267)
(5) البزار كما في (كشف الأستار) (1640)، (الأوسط) 6/ 216 (6225)
(6) الطبراني في الكبير 12/ 135 (12689)، (الأوسط) 1/ 94 (286)
(7) الطبراني في الأوسط 7/ 312 (7594)، و(الصغير) 2/ 137 (919)
أحكام الحكومة الإسلامية (212)
حاجته حتى ينظر في حوائجهم (1).
[الحديث: 913] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتين؛ قصعةٌ يأكلها هو وأهله، وقصعةٌ يضعها بين يدي الناس (2).
[الحديث: 914] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم (3).
[الحديث: 915] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم وكل غال مارق (4).
[الحديث: 916] عن أبي حميد السّاعديّ قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يقال له ابن اللّتبيّة على الصّدقة فلمّا قدم قال: هذا لكم، وهذا لي، أهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أ فلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمّه حتّى ينظر أ يهدى إليه أم لا، والّذي نفس محمّد بيده! لا ينال أحد منكم منها شيئا إلّا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر (5)، ثمّ رفع يديه حتّى رأينا عفرتي إبطيه، ثمّ قال: اللهمّ! هل بلّغت؟)، مرّتين (6).
[الحديث: 917] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ المقسطين عند الله على منابر من نور الّذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا (7).
__________
(1) الطبراني 12/ 440 (13603)
(2) أحمد (1/ 78)
(3) أحمد 1/ 6.
(4) الطبراني في الكبير 8/ 281 (8079)، و(الأوسط) 1/ 200 (640)
(5) تيعر: معناه تصيح، واليعار صوت الشاة،
(6) البخاري [فتح الباري]، 13 (7197) ومسلم (1832) واللفظ له
(7) مسلم (1827)
أحكام الحكومة الإسلامية (213)
[الحديث: 918] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يؤمّر رجل على عشرة فما فوقهم إلّا جي ء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه، فإن كان محسنا فكّ عنه، وإن كان مسيئا زيد غلّا إلى غلّه (1).
[الحديث: 919] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أحبّ الناس يوم القيامة وأقربهم إلى اللّه مجلسا إمام عادل، وإنّ أبغض الناس إلى اللّه وأشدّهم عذابا إمام جائر (2).
[الحديث: 920] قال الإمام علي: نهى رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أن يؤمّ الرجل قوما إلّا بإذنهم، وقال: من أمّ قوما بإذنهم وهم به راضون، فاقتصد بهم في حضوره، وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده، فله مثل أجر القوم ولا ينقص من أجورهم شيء، ألا ومن أمّ قوما بأمرهم ثمّ لم يتمّ بهم الصلاة، ولم يحسن في ركوعه وسجوده وخشوعه وقراءته، ردّت عليه صلاته ولم تجاوز ترقوته، وكانت منزلته كمنزلة إمام جائر معتد لم يصلح إلى رعيته، ولم يقم فيهم بحقّ، ولا قام فيهم بأمر (3).
[الحديث: 921] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي شيئا من أمور أمتي، فحسنت سريرته لهم رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم، ومن بسط كفه لهم بالمعروف رزق المحبة منهم، ومن كف يده عن أموالهم وقى الله عزّ وجلّ ماله، ومن أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنّة مصاحبا، ومن كثر عفوه مدّ في عمره، ومن عمّ عدله نصر على عدوه، ومن خرج من ذلّ المعصية إلى عزّ الطاعة آنسه الله عزّ وجلّ بغير أنيس، وأعانه بغير مال (4).
[الحديث: 922] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما ذئبان ضاريان في غنم قد تفرّق رعاؤها بأضرّ
__________
(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 270.
(2) روضة الواعظين ص 466.
(3) أمالي الصدوق ص 344.
(4) كنز الفوائد للكراجكي ج 1 ص 135.
أحكام الحكومة الإسلامية (214)
في دين المسلم من الرئاسة (1).
[الحديث: 923] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ من تعلّم العلم ليماري به السّفهاء، أو يباهي به العلماء، أو يصرف وجوه الناس إليه ليعظّموه، فليتبوّء مقعده من النار، فإن الرئاسة لا تصلح إلّا للّه ولأهلها. ومن وضع نفسه في غير الموضع الّذي وضعه اللّه فيه مقته اللّه. ومن دعا إلى نفسه، فقال: أنا رئيسكم وليس هو كذلك، لم ينظر اللّه إليه حتّى يرجع عمّا قال ويتوب إلى اللّه ممّا ادّعى (2).
[الحديث: 924] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: طاعة السلطان واجبة، ومن ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة الله عزّ وجلّ، ودخل في نهيه، ان الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195] (3).
[الحديث: 925] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من استرعى رعيّة فغشّها حرّم اللّه عليه الجنّة (4).
وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 926] قال العلاء للإمام علي: يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد، قال: وماله؟ قال: لبس العباءة وتخلّى من الدّنيا، قال: عليّ به فلما جاء قال: يا عديّ نفسه لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله أحلّ لك الطّيّبات وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك!، قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة
__________
(1) أصول الكافي ج 2 ص 297.
(2) تحف العقول، ص 43.
(3) أمالي الصدوق: 277/ 20.
(4) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ج 2 ص 227.
أحكام الحكومة الإسلامية (215)
ملبسك وجشوبة مأكلك، قال: ويحك إنّي لست كأنت، إنّ الله تعالى فرض على أئمّة الحقّ أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيّغ بالفقير فقره (1).
[الحديث: 927] قال الإمام علي: ليس شيء أفسد للأمور ولا أبلغ في هلاك الجمهور من الشّرّ (2).
[الحديث: 928] قال الإمام علي: من جار ملكه عظم هلكه (3).
[الحديث: 929] قال الإمام علي: من جار في سلطانه وأكثر عدوانه، هدم الله بنيانه، وهدّ أركانه (4).
[الحديث: 930] قال الإمام علي: من جار في سلطانه وعدّ من عوادي زمانه (5).
[الحديث: 931] قال الإمام علي: للظالم انتقام (6).
[الحديث: 932] قال الإمام علي: السلطان الجائر يخيف البريّ (7).
[الحديث: 933] قال الإمام علي: بئس الظلم ظلم المستسلم (8).
[الحديث: 934] قال الإمام علي: قلوب الرعيّة خزائن راعيها فما أودعها من عدل أو جور وجده (9).
[الحديث: 935] قال الإمام علي: من ظلم رعيّته نصر أضداده (10).
[الحديث: 936] قال الإمام علي: ما جار شريف (11).
[الحديث: 937] قال الإمام علي: آفة العمران جور السّلطان (12).
__________
(1) نهج البلاغة، كلام 200 ص 663.
(2) غرر الحكم، ص 346
(3) غرر الحكم، ص 346
(4) غرر الحكم، ص 346
(5) غرر الحكم، ص 346
(6) غرر الحكم، ص 346
(7) غرر الحكم، ص 346
(8) غرر الحكم، ص 346
(9) غرر الحكم، ص 346
(10) غرر الحكم، ص 346
(11) غرر الحكم، ص 346
(12) غرر الحكم، ص 346
أحكام الحكومة الإسلامية (216)
[الحديث: 938] قال الإمام علي: بئس السّياسة الجور (1).
[الحديث: 939] قال الإمام علي: القدرة يزيلها العدوان (2).
[الحديث: 940] قال الإمام علي: في احتقاب المظالم زوال القدرة (3).
[الحديث: 941] قال الإمام علي: من جارت أقضيته زالت قدرته (4).
[الحديث: 942] قال الإمام علي: من طال عدوانه زال سلطانه (5).
[الحديث: 943] قال الإمام علي: من جارت ولايته زالت دولته (6).
[الحديث: 944] قال الإمام علي: من عامل رعيّته بالظّلم أزال الله ملكه وعجّل بواره وهلكه هلاكه (7).
[الحديث: 945] قال الإمام علي: الظّلم بوار الرعيّة (8).
[الحديث: 946] قال الإمام علي: في الجور هلاك الرعيّة (9).
[الحديث: 947] قال الإمام علي: راكب الظّلم يدركه البوار (10).
[الحديث: 948] قال الإمام علي: بئس الاستعداد الاستبداد (11).
[الحديث: 949] قال الإمام علي: لله سبحانه حكم بيّن في المستأثر والجازع (12).
[الحديث: 950] قال الإمام علي: من ملك استأثر (13).
[الحديث: 951] قال الإمام علي: من قنع برأيه فقد هلك (14).
__________
(1) غرر الحكم، ص 346
(2) غرر الحكم، ص 346
(3) غرر الحكم، ص 346
(4) غرر الحكم، ص 346
(5) غرر الحكم، ص 346
(6) غرر الحكم، ص 346
(7) غرر الحكم، ص 346
(8) غرر الحكم، ص 346
(9) غرر الحكم، ص 346
(10) غرر الحكم، ص 346
(11) غرر الحكم، ص 347
(12) غرر الحكم، ص 347
(13) غرر الحكم، ص 347
(14) غرر الحكم، ص 347
أحكام الحكومة الإسلامية (217)
[الحديث: 952] قال الإمام علي: من استغنى بعقله ضلّ (1).
[الحديث: 953] قال الإمام علي: من استبدّ برأيه زلّ (2).
[الحديث: 954] قال الإمام علي: من استبدّ برأيه خفّت وطأته على أعدائه (3).
[الحديث: 955] قال الإمام علي: من استبدّ برأيه فقد خاطر وغرّر (4).
[الحديث: 956] قال الإمام علي: آفة الرياسة الفخر (5).
[الحديث: 957] قال الإمام علي: الهيبة مقرونة بالخيبة (6).
[الحديث: 958] قال الإمام علي: قرنت الهيبة بالخيبة (7).
[الحديث: 959] قال الإمام علي: التكبّر في الولاية ذلّ في العزل (8).
[الحديث: 960] قال الإمام علي: من تكبر في سلطانه صغّره (9).
[الحديث: 961] قال الإمام علي: من تكبّر في ولايته كثر عند عزله غزله ذلّته (10).
[الحديث: 962] قال الإمام علي: من اختال في ولايته أبان عن حماقته (11).
[الحديث: 963] قال الإمام علي: آفة الملوك سوء السّيرة (12).
[الحديث: 964] قال الإمام علي: آفة الوزراء خبث السّريرة (13).
[الحديث: 965] قال الإمام علي: آفة الزعماء ضعف السّياسة (14).
__________
(1) غرر الحكم، ص 347
(2) غرر الحكم، ص 347
(3) غرر الحكم، ص 347
(4) غرر الحكم، ص 347
(5) غرر الحكم، ص 346
(6) غرر الحكم، ص 346
(7) غرر الحكم، ص 346
(8) غرر الحكم، ص 346
(9) غرر الحكم، ص 346
(10) غرر الحكم، ص 346
(11) غرر الحكم، ص 346
(12) غرر الحكم، ص 337
(13) غرر الحكم، ص 337
(14) غرر الحكم، ص 337
أحكام الحكومة الإسلامية (218)
[الحديث: 966] قال الإمام علي: آفة الرعيّة مخالفة الطّاعة (1).
[الحديث: 967] قال الإمام علي: آفة القويّ استضعاف الخصم (2).
[الحديث: 968] قال الإمام علي: آفة العدول قلّة الورع (3).
[الحديث: 969] قال الإمام علي: آفة الملك ضعف الحماية (4).
[الحديث: 970] قال الإمام علي: آفة القدرة منع الإحسان (5).
[الحديث: 971] قال الإمام علي: الدولة تردّ خطأ صاحبها صوابا وصواب ضدّه خطاء (6).
[الحديث: 972] قال الإمام علي: إذا زادك السّلطان تقريبا فزده إجلالا (7).
[الحديث: 973] قال الإمام علي: ثلاثة مهلكة، الجرأة على السّلطان، وائتمان الخوّان، وشرب السمّ للتجربة (8).
[الحديث: 974] قال الإمام علي: استعن على العدل بحسن النّيّة في الرعيّة، وقلّة الطّمع، وكثرة الورع (9).
[الحديث: 975] قال الإمام علي: أقم الناس على سنّتهم ودينهم وليأمنك برئهم وليخفك مريبهم وتعاهد ثغورهم وأطرافهم أطراف بلادهم (10).
[الحديث: 976] قال الإمام علي: إنّ السلطان لأمين الله في الأرض ومقيم العدل في البلاد والعباد ووزعته وزرعته في الأرض (11).
__________
(1) غرر الحكم، ص 337
(2) غرر الحكم، ص 337
(3) غرر الحكم، ص 337
(4) غرر الحكم، ص 337
(5) غرر الحكم، ص 337
(6) غرر الحكم، ص 337
(7) غرر الحكم، ص 337
(8) غرر الحكم، ص 337
(9) غرر الحكم، ص 341
(10) غرر الحكم، ص 341
(11) غرر الحكم، ص 341
أحكام الحكومة الإسلامية (219)
[الحديث: 977] قال الإمام علي: إنّ هذا المال ليس لي ولك وإنّما هو للمسلمين وجلب أسيافهم فإن شركتهم في حربهم شركتهم فيه، وإلّا فجنا أيديهم لا يكون لغير أفواههم (1).
[الحديث: 978] قال الإمام علي: إذا ولّيت فاعدل (2).
[الحديث: 979] قال الإمام علي: إذا أردت أن تطاع فاسأل ما يستطاع (3).
[الحديث: 980] قال الإمام علي: خير الملوك من أمات الجور وأحيى العدل (4).
[الحديث: 981] قال الإمام علي: ذد عن شرائع الدّين وحط ثغور المسلمين، واحرز دينك وأمانتك بإنصافك من نفسك، والعمل بالعدل في رعيّتك (5).
[الحديث: 982] قال الإمام علي: زكاة السلطان إغاثة الملهوف (6).
[الحديث: 983] قال الإمام علي: من لم ينصف المظلوم من الظّالم عظمت آثامه (7).
[الحديث: 984] قال الإمام علي: من لم ينصف المظلوم من الظّالم سلبه الله قدرته (8).
[الحديث: 985] قال الإمام علي: لا تؤيس الضعفاء من عدلك (9).
[الحديث: 986] قال الإمام علي: عليكم بالإحسان إلى العباد، والعدل في البلاد تأمنوا عند قيام الأشهاد (10).
[الحديث: 987] قال الإمام علي: على الإمام أن يعلّم أهل ولايته حدود الإسلام والإيمان (11).
__________
(1) غرر الحكم، ص 341
(2) غرر الحكم، ص 341
(3) غرر الحكم، ص 341
(4) غرر الحكم، ص 341
(5) غرر الحكم، ص 341
(6) غرر الحكم، ص 341
(7) غرر الحكم، ص 341
(8) غرر الحكم، ص 341
(9) غرر الحكم، ص 341
(10) غرر الحكم، ص 341
(11) غرر الحكم، ص 341
أحكام الحكومة الإسلامية (220)
[الحديث: 988] قال الإمام علي: في حمل عباد الله على أحكام الله استيفاء الحقوق وكلّ الرفق (1).
[الحديث: 989] قال الإمام علي: فضيلة السلطان عمارة البلدان (2).
[الحديث: 990] قال الإمام علي: كما تدين تدان (3).
[الحديث: 991] قال الإمام علي: لو استوت قدماي من هذه المداحض لغيّرت أشياء (4).
[الحديث: 992] قال الإمام علي: من النبل أن تتيقّظ لإيجاب حقّ الرعيّة إليك وتتغابى عن الجناية عليك (5).
[الحديث: 993] قال الإمام علي: عند كمال القدرة تظهر فضيلة العفو (6).
[الحديث: 994] قال الإمام علي: من تجبّر على من دونه كسر (7).
[الحديث: 995] قال الإمام علي: من استطال على الناس بقدرته سلب القدرة (8).
[الحديث: 996] قال الإمام علي: الحلم رأس الرئاسة (9).
[الحديث: 997] قال الإمام علي: العفو زين القدرة (10).
[الحديث: 998] قال الإمام علي: الإنصاف زين الإمرة (11).
[الحديث: 999] قال الإمام علي: اضرب خادمك إذا عصى الله، واعف عنه إذا عصاك (12).
__________
(1) غرر الحكم، ص 341
(2) غرر الحكم، ص 341
(3) غرر الحكم، ص 341
(4) غرر الحكم، ص 341
(5) غرر الحكم، ص 341
(6) غرر الحكم، ص 342.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
(11) غرر الحكم، ص 342.
(12) غرر الحكم، ص 342.
أحكام الحكومة الإسلامية (221)
[الحديث: 1000] قال الإمام علي: تجاوز مع القدرة، وأحسن مع الدّولة تكمل لك السّيادة (1).
[الحديث: 1001] قال الإمام علي: ذو الشّرف لا تبطره منزلة نالها وإن عظمت كالجبل الّذي لا تزعزعه الرياح، والدّنيّ تبطره أدنى منزلة نزلة كالكلأ الّذي يحرّكه مرّ النّسيم (2).
[الحديث: 1002] قال الإمام علي: ذاك ينفع سلمه ولا يخاف ظلمه، إذا قال فعل وإذا ولّي عدل (3).
[الحديث: 1003] قال الإمام علي: زكاة القدرة الإنصاف (4).
[الحديث: 1004] قال الإمام علي: العفو زكاة القدرة (5).
[الحديث: 1005] قال الإمام علي: الظفر شافع المذنب (6).
[الحديث: 1006] قال الإمام علي: الطمع يذلّ الأمير (7).
[الحديث: 1007] قال الإمام علي: آلة الرئاسة سعة الصّدر (8).
[الحديث: 1008] قال الإمام علي: العفو مع القدرة جنّة من عذاب الله سبحانه (9).
[الحديث: 1009] قال الإمام علي: أفضل الملوك أعفّهم نفسا (10).
[الحديث: 1010] قال الإمام علي: دولة اللّئيم تكشف مساوئه ومعائبه (11).
[الحديث: 1011] قال الإمام علي: دولة الكريم تظهر مناقبة (12).
__________
(1) غرر الحكم، ص 342.
(2) غرر الحكم، ص 342.
(3) غرر الحكم، ص 342.
(4) غرر الحكم، ص 342.
(5) غرر الحكم، ص 342.
(6) غرر الحكم، ص 342.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
(11) غرر الحكم، ص 342.
(12) غرر الحكم، ص 342.
أحكام الحكومة الإسلامية (222)
[الحديث: 1012] قال الإمام علي: رأس السياسة استعمال الرفق (1).
[الحديث: 1013] قال الإمام علي: زين الرئاسة الإفضال (2).
[الحديث: 1014] قال الإمام علي: يحتاج الإمام إلى قلب عقول، ولسان قؤول، وجنان على إقامة الحقّ صؤول (3).
[الحديث: 1015] قال الإمام علي: أفضل الملوك سجيّة من عمّ النّاس بعدله (4).
[الحديث: 1016] قال الإمام علي: أجلّ الأمراء من لم يكن الهوى عليه أميرا (5).
[الحديث: 1017] قال الإمام علي: أفضل الملوك من حسن فعله ونيّته وعدل في جنده ورعيّته (6).
[الحديث: 1018] قال الإمام علي: أحسن الملوك حالا من حسن عيش النّاس في عيشه وعمّ رعيّته بعدله (7).
[الحديث: 1019] قال الإمام علي: أعقل الملوك من ساس نفسه للرّعيّة بما يسقط عنه حجّتها وساس الرعيّة بما تثبت به حجّته عليها (8).
[الحديث: 1020] قال الإمام علي: حق على الملك أن يسوس نفسه قبل جنده (9).
[الحديث: 1021] قال الإمام علي: خير الأمراء من كان على نفسه أميرا (10).
[الحديث: 1022] قال الإمام علي: خور السّلطان اشدّ على الرعيّة من جور السلطان (11).
__________
(1) غرر الحكم، ص 342.
(2) غرر الحكم، ص 342.
(3) غرر الحكم، ص 340.
(4) غرر الحكم، ص 340.
(5) غرر الحكم، ص 340.
(6) غرر الحكم، ص 340.
(7) غرر الحكم، ص 340.
(8) غرر الحكم، ص 340.
(9) غرر الحكم، ص 340.
(10) غرر الحكم، ص 340.
(11) غرر الحكم، ص 340.
أحكام الحكومة الإسلامية (223)
[الحديث: 1023] قال الإمام علي: فليصدق رائد اهله، وليحضر عقله، وليكن من أبناء الآخرة، فمنها قدم وإليها ينقلب (1).
[الحديث: 1024] قال الإمام علي: من أحسن الكفاية استحقّ الولاية (2).
[الحديث: 1025] قال الإمام علي: من حقّ الملك أن يسوس نفسه قبل جنده (3).
[الحديث: 1026] قال الإمام علي: من أمارات الدولّة اليقظة التيقّظ لحراسة الأمور (4).
[الحديث: 1027] قال الإمام علي: من دلائل الدّولة قلّة الغفلة (5).
[الحديث: 1028] قال الإمام علي: السيّد من لا يصانع ولا يخادع ولا تغرّه المطامع (6).
[الحديث: 1029] قال الإمام علي: يستدلّ على إدبار الدول بأربع: تضييع الأصول، والتّمسّك بالغرور، وتقديم الأراذل، وتأخير الأفاضل (7).
[الحديث: 1030] قال الإمام علي: ولئن أمهل الله تعالى الظّالم فلن يفوته أخذه، وهو له بالمرصاد على مجاز طريقه، وموضع الشّجا من مجاز ريقه (8).
[الحديث: 1031] قال الإمام علي: القدرة تنسي الحفيظة (9).
[الحديث: 1032] قال الإمام علي: الولايات مضامير الرجال (10).
[الحديث: 1033] قال الإمام علي: الملك المنتقل الزّائل حقير يسير (11).
__________
(1) غرر الحكم، ص 340.
(2) غرر الحكم، ص 340.
(3) غرر الحكم، ص 340.
(4) غرر الحكم، ص 340.
(5) غرر الحكم، ص 340.
(6) غرر الحكم، ص 340.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
(11) غرر الحكم، ص 342.
أحكام الحكومة الإسلامية (224)
[الحديث: 1034] قال الإمام علي: القدرة تظهر محمود الخصال ومذمومها (1).
[الحديث: 1035] قال الإمام علي: الدّولة كما تقبل تدبر (2).
[الحديث: 1036] قال الإمام علي: المحاسن في الإقبال هي المساوئ في الإدبار (3).
[الحديث: 1037] قال الإمام علي: الشركة في الملك تؤدّي إلى الاضطراب (4).
[الحديث: 1038] قال الإمام علي: الذّلّ بعد العزل العزّ يوازي عزّ الولاية (5).
[الحديث: 1039] قال الإمام علي: المرء يتغيّر في ثلاث: القرب من الملوك والولايات والغناء من بعد الفقر، فمن لم يتغيّر في هذه فهو ذو عقل قويم وخلق مستقيم (6).
[الحديث: 1040] قال الإمام علي: التّسلّط على الضّعيف والمملوك من لزوم لؤم القدرة (7).
[الحديث: 1041] قال الإمام علي: اجعل لكلّ إنسان من خدمك عملا تأخذه به فإن ذلك أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك (8).
[الحديث: 1042] قال الإمام علي: إذا تغيّرت نيّة السّلطان تغيّر فسد الزّمان (9).
[الحديث: 1043] قال الإمام علي: إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليك النّعم مع المعاصي فهو استدراج لك (10).
[الحديث: 1044] قال الإمام علي: إذا نفذ حكمك في نفسك تداعت أنفس النّاس إلى عدلك (11).
__________
(1) غرر الحكم، ص 342.
(2) غرر الحكم، ص 342.
(3) غرر الحكم، ص 342.
(4) غرر الحكم، ص 342.
(5) غرر الحكم، ص 342.
(6) غرر الحكم، ص 342.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
(11) غرر الحكم، ص 342.
أحكام الحكومة الإسلامية (225)
[الحديث: 1045] قال الإمام علي: تكبّرك في الولاية ذل في العزل (1).
[الحديث: 1046] قال الإمام علي: جود الولاة بفيء المسلمين جور وختر (2).
[الحديث: 1047] قال الإمام علي: حسن الشّهرة حصن القدرة (3).
[الحديث: 1048] قال الإمام علي: داووا الجور بالعدل، وداووا الفقر بالصّدقة والبذل (4).
[الحديث: 1049] قال الإمام علي: ربّ عادل جائر (5).
[الحديث: 1050] قال الإمام علي: رحمة من لا يرحم تمنع الرحمة، واستبقاء من لا يبقى يهلك الأمة (6).
[الحديث: 1051] قال الإمام علي: زلّة الرأي تأتي على الملك وتؤذن بالهلك (7).
[الحديث: 1052] قال الإمام علي: زوال الدول باصطناع السّفل (8).
[الحديث: 1053] قال الإمام علي: سلطان الدنيا ذلّ وعلوّها سفل (9).
[الحديث: 1054] قال الإمام علي: ستّة تختبر بها عقول الرجال النّاس المصاحبة، والمعاملة والولاية، والعزل، والغنى، والفقر (10).
[الحديث: 1055] قال الإمام علي: ساهل الدّهر ما ذلّ لك قعوده، ولا تخاطر بشيء رجاء أكثر كثر منه (11).
[الحديث: 1056] قال الإمام علي: صواب الرأي بالدّول ويذهب بذهابها (12).
__________
(1) غرر الحكم، ص 342.
(2) غرر الحكم، ص 342.
(3) غرر الحكم، ص 342.
(4) غرر الحكم، ص 342.
(5) غرر الحكم، ص 342.
(6) غرر الحكم، ص 342.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
(11) غرر الحكم، ص 342.
(12) غرر الحكم، ص 342.
أحكام الحكومة الإسلامية (226)
[الحديث: 1057] قال الإمام علي: صيّر الدّين حصن دولتك، والشّكر حرز نعمتك، فكلّ دولة يحوطها الدّين لا تغلب وكلّ نعمة يحرزها الشّكر لا تسلب (1).
[الحديث: 1058] قال الإمام علي: ظلم المستسلم أعظم الجرم (2).
[الحديث: 1059] قال الإمام علي: ظلم الضّعيف أفحش الظلم (3).
[الحديث: 1060] قال الإمام علي: قد يعذّر المتحيّر المبهوت (4).
[الحديث: 1061] قال الإمام علي: ظلامة المظلومين يمهلها الله سبحانه ولا يهملها (5).
[الحديث: 1062] قال الإمام علي: قلّما يعود الإدبار إقبالا (6).
[الحديث: 1063] قال الإمام علي: قوّة سلطان الحجّة أعظم من قوّة سلطان القدرة (7).
[الحديث: 1064] قال الإمام علي: كيف يهتدي الضّليل مع غفلة الدّليل؟! (8).
[الحديث: 1065] قال الإمام علي: لكلّ دولة برهة (9).
[الحديث: 1066] قال الإمام علي: لكلّ كبد حرقة حرمة (10).
[الحديث: 1067] قال الإمام علي: لئن آمر الباطل لقديما فعل، لئن قلّ الحقّ لربّما ولعلّ، لقلّما أدبر شيء فأقبل (11).
[الحديث: 1068] قال الإمام علي: لن يتمكّن العدل حتّى يزلّ البخس (12).
__________
(1) غرر الحكم، ص 342.
(2) غرر الحكم، ص 342.
(3) غرر الحكم، ص 342.
(4) غرر الحكم، ص 342.
(5) غرر الحكم، ص 342.
(6) غرر الحكم، ص 342.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
(11) غرر الحكم، ص 342.
(12) غرر الحكم، ص 342.
أحكام الحكومة الإسلامية (227)
[الحديث: 1069] قال الإمام علي: لن يهلك من اقتصد (1).
[الحديث: 1070] قال الإمام علي: من بذل جاهه استحمد (2).
[الحديث: 1071] قال الإمام علي: من أحسن الملكة أمن الهلكة (3).
[الحديث: 1072] قال الإمام علي: من ضعفت آراءه قويت أعداؤه (4).
[الحديث: 1073] قال الإمام علي: من وثق بإحسانك أشفق على سلطانك (5).
[الحديث: 1074] قال الإمام علي: من خاف سوطك تمنّى موتك (6).
[الحديث: 1075] قال الإمام علي: من حمد على الظّلم مكر به (7).
[الحديث: 1076] قال الإمام علي: من شكر على الإساءة سخر به (8).
[الحديث: 1077] قال الإمام علي: من أطاع أمرك أجلّ قدرك (9).
[الحديث: 1078] قال الإمام علي: من أساء إلى رعيّته سرّ حسّاده (10).
[الحديث: 1079] قال الإمام علي: من رفع بلا كفاية وضع بلا جناية (11).
[الحديث: 1080] قال الإمام علي: من أشفق على سلطانه قصّر عن عدوانه (12).
[الحديث: 1081] قال الإمام علي: من لم يستظهر باليقظة لم ينتفع بالحفظة (13).
[الحديث: 1082] قال الإمام علي: من جعل ملكه خادما لدينه انقاد له كلّ سلطان (14).
__________
(1) غرر الحكم، ص 342.
(2) غرر الحكم، ص 342.
(3) غرر الحكم، ص 342.
(4) غرر الحكم، ص 342.
(5) غرر الحكم، ص 342.
(6) غرر الحكم، ص 342.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
(11) غرر الحكم، ص 342.
(12) غرر الحكم، ص 342.
(13) غرر الحكم، ص 342.
(14) غرر الحكم، ص 342.
أحكام الحكومة الإسلامية (228)
[الحديث: 1083] قال الإمام علي: من جعل دينه خادما لملكه طمع فيه كلّ إنسان (1).
[الحديث: 1084] قال الإمام علي: من ربّاه الهوان أبطرته الكرامة (2).
[الحديث: 1085] قال الإمام علي: من لم يحسن في دولته خذل في نكبته (3).
[الحديث: 1086] قال الإمام علي: من حقّ الراعي أن يختار لرعيّته ما يختاره لنفسه (4).
[الحديث: 1087] قال الإمام علي: لا تظلمنّ من لا يجد ناصرا إلّا الله (5).
[الحديث: 1088] قال الإمام علي: لا تبسطنّ يدك على من لا يقدر على دفعها عنه (6).
[الحديث: 1089] قال الإمام علي: لا تحارب من يعتصم بالدّين، فإن مغالب الدّين محروب (7).
[الحديث: 1090] قال الإمام علي: لا تنقضنّ سنّة صالحة عمل بها واجتمعت الألفة لها وصلحت الرعيّة عليها (8).
[الحديث: 1091] قال الإمام علي: لا ينجع تدبير من لا يطاع (9).
[الحديث: 1092] قال الإمام علي: أين العمالقة وأبناء العمالقة (10).
[الحديث: 1093] قال الإمام علي: أين الجبابرة وأبناء الجبابرة (11).
__________
(1) غرر الحكم، ص 342.
(2) غرر الحكم، ص 342.
(3) غرر الحكم، ص 342.
(4) غرر الحكم، ص 342.
(5) غرر الحكم، ص 342.
(6) غرر الحكم، ص 342.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
(11) غرر الحكم، ص 342.
أحكام الحكومة الإسلامية (229)
[الحديث: 1094] قال الإمام علي: أين أهل مدائن الرسّ الّذين قتلوا النّبيّين، وأطفئوا نور المرسلين (1).
[الحديث: 1095] قال الإمام علي: أين الّذين كانوا أحسن آثارا وأعدل أفعالا وأكبر أكثر ملكا (2).
[الحديث: 1096] قال الإمام علي: أين الّذين قالوا من أشدّ منّا قوّة وأعظم جمعا (3).
[الحديث: 1097] قال الإمام علي: أين الّذين عسكروا العساكر ومدّنوا المدائن (4).
[الحديث: 1098] قال الإمام علي: أين الّذين هزموا الجيوش وساروا بالألوف (5).
[الحديث: 1099] قال الإمام علي: أين الّذين شيّدوا الممالك ومهّدوا المسالك وأغاثوا الملهوف وقروا الضيوف (6).
[الحديث: 1100] قال الإمام علي: أين من سعى واجتهد وأعدّ واحتشد (7).
[الحديث: 1101] قال الإمام علي: أين من حصّن وأكّد وزخرف ونجّد (8).
[الحديث: 1102] قال الإمام علي: أين من جمع فأكثر واحتقب واعتقد، ونظر بزعمه للولد (9).
[الحديث: 1103] قال الإمام علي: أين من ادّخر واعتقد وجمع المال على المال فأكثر (10).
__________
(1) غرر الحكم، ص 342.
(2) غرر الحكم، ص 342.
(3) غرر الحكم، ص 342.
(4) غرر الحكم، ص 342.
(5) غرر الحكم، ص 342.
(6) غرر الحكم، ص 342.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
أحكام الحكومة الإسلامية (230)
[الحديث: 1104] قال الإمام علي: أين كسرى وقيصر وتبّع وحمير (1).
[الحديث: 1105] قال الإمام علي: أين من بني وشيّد وفرش ومهّد وجمع وعدّد (2).
[الحديث: 1106] قال الإمام علي: أين من كان منكم أطول أعمارا أو أعظم آثارا (3).
[الحديث: 1107] قال الإمام علي: أين من كان أعدّ عديدا وأكنف جنودا وأعظم آثارا (4).
[الحديث: 1108] قال الإمام علي: أين الملوك والأكاسرة (5).
[الحديث: 1109] قال الإمام علي: أين بنوا الأصفر الأصغر والفراعنة (6).
[الحديث: 1110] قال الإمام علي: أين الّذين استذلّوا الأعداء وملكوا نواصيها (7).
[الحديث: 1111] قال الإمام علي: أين الّذين بلغوا من الدنيا أقاصي الهمم (8).
[الحديث: 1112] قال الإمام علي: أين الّذين دانت لهم الأمم (9).
[الحديث: 1113] قال الإمام علي: أين الّذين ملكوا من الدنيا أقاصيها (10).
[الحديث: 1114] قال الإمام علي: الأعمال تستقيم بالعمّال (11).
[الحديث: 1115] قال الإمام علي: احرس منزلتك عند سلطانك، واحذر أن يحطّك عنها التّهاون عن حفظ ما رقاك إليه (12).
__________
(1) غرر الحكم، ص 342.
(2) غرر الحكم، ص 342.
(3) غرر الحكم، ص 342.
(4) غرر الحكم، ص 342.
(5) غرر الحكم، ص 342.
(6) غرر الحكم، ص 342.
(7) غرر الحكم، ص 342.
(8) غرر الحكم، ص 342.
(9) غرر الحكم، ص 342.
(10) غرر الحكم، ص 342.
(11) غرر الحكم، ص 345
(12) غرر الحكم، ص 345
أحكام الحكومة الإسلامية (231)
[الحديث: 1116] قال الإمام علي: أطع من فوقك يطعك من دونك، وأصلح سريرتك يصلح الله علانيتك (1).
[الحديث: 1117] قال الإمام علي: آفة الأعمال عجز العمّال (2).
[الحديث: 1118] قال الإمام علي: تولّي الأراذل والأحداث الدول دليل انحلالها وإدبارها (3).
[الحديث: 1119] قال الإمام علي: شرّ الولاة من يخافه البريء (4).
[الحديث: 1120] قال الإمام علي: شرّ الوزراء من كان للأشرار وزيرا (5).
[الحديث: 1121] قال الإمام علي: كذب السفير يولّد الفساد، ويفوّت المراد، ويبطل الحزم وينقض العزم (6).
[الحديث: 1122] قال الإمام علي: من خانه وزيره فسد تدبيره (7).
[الحديث: 1123] قال الإمام علي: وزراء السوء أعوان الظلمة وإخوان الأثمة (8).
[الحديث: 1124] قال الإمام علي: طلب السلطان من خداع الشّيطان (9).
[الحديث: 1125] قال الإمام السجاد: الذنوب التي تعجّل الفناء: قطيعة الرحم، واليمين الفاجرة، والأقوال الكاذبة، والزنا، وسدّ طريق المسلمين، وادّعاء الإمامة بغير حقّ (10).
__________
(1) غرر الحكم، ص 345
(2) غرر الحكم، ص 345
(3) غرر الحكم، ص 345
(4) غرر الحكم، ص 345
(5) غرر الحكم، ص 345
(6) غرر الحكم، ص 345
(7) غرر الحكم، ص 345
(8) غرر الحكم، ص 345
(9) غرر الحكم، ص 345
(10) معاني الأخبار ص 270.
أحكام الحكومة الإسلامية (232)
[الحديث: 1126] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: ويحك.. لا تطلبنّ الرئاسة، ولا تكن ذئبا، ولا تأكل بنا الناس فيفقرك اللّه، ولا تقل فينا مالا نقول في أنفسنا، فإنّك موقوف ومسؤول لا محالة، فإن كنت صادقا صدّقناك، وإن كنت كاذبا كذّبناك (1).
[الحديث: 1127] قال الإمام الصادق: من تولى أمرا من أمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر في أمور الناس كان حقا على الله عز وجل أن يؤمن روعته يوم القيامة ويدخله الجنّة (2).
[الحديث: 1128] قال الإمام الصادق: من طلب الرئاسة هلك (3).
[الحديث: 1129] قال الإمام الصادق: أترى لا أعرف خياركم من شراركم؟ بلى واللّه، وإنّ شراركم من أحبّ أن يوطأ عقبه، إنّه لا بدّ من كذّاب أو عاجز الرّأي (4).
[الحديث: 1130] قال الإمام الصادق: من فضائل المسلم أن يقال: فلان قارئ لكتاب اللّه عزّ وجلّ، وفلان ذو حظّ من ورع، وفلان يجتهد في عبادته لربّه، فهذه فضائل المسلم، مالكم وللرياسات! إنّما المسلمون رأس واحد، إيّاكم والرجال فإن الرجال للرجال مهلكة (5).
[الحديث: 1131] قال الإمام الصادق: ثلاثة لا يقبل اللّه لهم صلاة: عبد آبق من مواليه حتّى يرجع إليهم فيضع يده في أيديهم، ورجل أمّ قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت
__________
(1) أصول الكافي ج 2 ص 298.
(2) روضة الواعظين ج 2 ص 465.
(3) أصول الكافي ج 2 ص 297.
(4) أصول الكافي ج 2 ص 298.
(5) رجال الكشّي ص 292.
أحكام الحكومة الإسلامية (233)
وزوجها عليها ساخط (1).
[الحديث: 1132] قال الإمام الصادق: أربعة لا تقبل لهم صلاة: الإمام الجائر، والرجل يؤمّ القوم وهم له كارهون، والعبد الآبق من مواليه من غير ضرورة، والمرأة تخرج من بيت زوجها بغير إذنه (2).
[الحديث: 1133] قال الإمام الصادق: إنّ اللّه عزّ وجلّ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبّارين: أن ائت هذا الجبّار فقل له: إنّني لم أستعملك على سفك الدماء واتّخاذ الأموال وإنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين فانّي لم أدع ظلامتهم وإن كانوا كفّارا (3).
[الحديث: 1056] قال الإمام الصادق: إحدى الجهتين من الولاية ولاية ولاة العدل الذين أمر الله بولايتهم على الناس، والجهة الأخرى ولاية ولاة الجور، فوجه الحلال من الولاية ولاية الوالي العادل، وولاية ولاته بجهة ما أمر به الوالي العادل بلا زيادة ولا نقصان، فالولاية له والعمل معه ومعونته وتقويته حلال محلل.. وأما وجه الحرام من الولاية فولاية الوالي الجائر وولاية ولاته، فالعمل لهم والكسب معهم بجهة الولاية لهم حرام محرم معذب فاعل ذلك على قليل من فعله أو كثير، لأن كل شيء من جهة المؤونة له معصية كبيرة من الكبائر، وذلك أن في ولاية الوالي الجائر دروس الحق كله، فلذلك حرم العمل معهم ومعونتهم والكسب معهم إلا بجهة الضرورة، نظير الضرورة إلى الدم والميتة (4).
[الحديث: 1134] كتب بعض الولاة إلى الإمام الصادق يقول: (بسم الله الرحمن
__________
(1) أمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 196.
(2) الخصال ج 1 ص 242.
(3) اصول الكافي ج 2 ص 333.
(4) تحف العقول: 331.
أحكام الحكومة الإسلامية (234)
الرحيم أطال الله تعالى بقاء سيّدي وجعلني من كلّ سوء فداه ولا أراني فيه مكروها فإنّه وليّ ذلك والقادر عليه، واعلم سيّدي ومولاي إنّي بليت بولاية الأهواز فإن رأى سيّدي أن يحدّ لي حدّا أو يمثّل لي مثالا لأستدل به على ما يقربني إلى الله عزّ وجلّ وإلى رسوله، ويلخّص في كتابه ما يرى لي العمل به، وفيما تبدله وابتدله، وأين اضع زكاتي وفيمن اصرفها، وبمن آنس وإلى من أستريح، وبمن أثق وآمن والجأ إليه في سرّي فعسى الله أن يخلّصني بهدايتك ودلالتك فإنّك حجّة الله على خلقه وأمينه في بلاده)
فأجابه الإمام الصادق برسالة طويلة نذكر فيها ما له علاقة بمسؤوليات الحكام وصفاتهم، مقسمين لها إلى أحاديث قصيرة، ليسهل الاستفادة منها، وقد بدأها بقوله: (جاءني رسولك بكتابك فقرأته وفهمت ما فيه وجميع ما ذكرته وسألت عنه وزعمت أنّك بليت بولاية الأهواز فسرّني ذلك وساءني، وسأخبرك بما ساءني من ذلك وما سرّني إن شاء الله تعالى، فأمّا سروري بولايتك فقلت: عسى الله أن يغيث الله بك ملهوفا من أولياء آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ويعزّ بك ذليلهم ويكسو بك عاريهم، ويقوي بك ضعيفهم ويطفئ بك نار المخالفين عنهم، وأمّا ما ساءني من ذلك فإن أدنى ما أخاف عليك أن تعثر بوليّ لنا فلا تشمّ رائحة حظيرة القدس فإنّي ملخّص لك جميع ما سألت عنه إن أنت عملت به ولم تجاوزه رجوت أن تسلم إن شاء الله) (1)
[الحديث: 1135] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: أخبرني أبي عن آبائه عن الإمام علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبّه، واعلم أنّي سأشير عليك برأي إن أنت عملت به تخلّصت ممّا أنت متخوّفه،
__________
(1) كشف الريبة ص 96.
أحكام الحكومة الإسلامية (235)
واعلم أنّ خلاصك ونجاتك من حقن الدماء وكفّ الأذى عن أولياء الله، والرفق بالرعيّة، والتأنّي وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف، وشدّة من غير أنف، ومداراة صاحبك ومن يرد عليك من رسله وارتق فتق رعيّتك بأن توقّفهم على ما وافق الحقّ والعدل إن شاء الله تعالى، وإيّاك والسعاة وأهل النمائم فلا يلتزقنّ منهم بك أحدا ولا يراك الله يوما وليلة وأنت تقبل منهم صرفا ولا عدلا فيسخط الله عليك ويهتك سترك (1).
[الحديث: 1136] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: أمّا من تأنس به وتستريح إليه وتلجأ أمورك إليه فذلك الرجل المستبصر الأمين الموافق لك على دينك، وميّز أعوانك، وجرّب الفريقين فإن رأيت هنالك رشدا فشأنك وإيّاه، وإيّاك أن تعطي درهما أو تخلع ثوبا أو تحمل على دابّة في غير ذات الله لشاعر أو مضك أو ممتزح إلّا أعطيت مثله في ذات الله، وليكن جوائزك وعطاياك وخلعك للقواد والرسل والأحفاد وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والأخماس وما أردت أن تصرفه في وجوه البرّ والنّجاح والعتق والصّدقة والحجّ والمشرب والكسوة التي تصلّي فيها، وتصل بها والهدية التي تهديها إلى الله تعالى عزّ وجلّ وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أطيب كسبك (2).
[الحديث: 1137] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: اجهد أن لا تكنز ذهبا ولا فضّة فتكون من أهل هذه الآية قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: 34] ولا تستصغرنّ من حلوا وفضل طعام تصرفه في بطون خالية يسكن بها غضب الله تبارك تعالى، واعلم أنّي سمعت أبي يحدّث عن آبائه عن الإمام علي إنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأصحابه يوما: ما آمن بالله واليوم
__________
(1) كشف الريبة ص 96.
(2) كشف الريبة ص 96.
أحكام الحكومة الإسلامية (236)
الآخر من بات شبعان وجاره جائع، فقالوا: هلكنا يا رسول الله فقال: من فضل طعامكم ومن فضل تمركم ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفؤون بها غضب الربّ (1).
[الحديث: 1138] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: سأنبّئك بهوان الدنيا وهوان شرفها على ما مضى من السلف والتابعين فقد حدّثني الإمام الباقر قال: لمّا تجهّزّ الإمام الحسين إلى الكوفة أتاه ابن عبّاس فناشده الله والرحم أن يكون هو المقتول بالطفّ فقال: بمصرعي منك وما وكدي من الدنيا إلّا فراقها ألا أخبرك يا بن عبّاس بحديث الإمام علي والدنيا، لقد قال لها: ارجعي واطلبي زوجا غيري.. فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لأحد حتّى لقي الله محمودا غير ملوم ولا مذموم، ثمّ اقتدت به الأئمّة من بعده بما قد بلغكم لم يتلطّخوا بشيء من بوائقها (2).
[الحديث: 1139] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: إيّاك أن تخيف مؤمنا فإن أبي حدّثني عن أبيه عن جدّه عن الإمام علي أنّه كان يقول: من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّه، وحشره الله في صورة الذرّ لحمه وجسده وجميع أعضائه حتّى يورده مورده، وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من أغاث لهفانا من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّه وآمنه يوم الفزع الأكبر، وآمنه من سوء المنقلب ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة إحداها الجنّة، ومن كسا أخاه المؤمن من عرى كساه الله من سندس الجنّة واستبرقها وحريرها ولم يزل يخوض في رضوان الله ما دام على المكسوّ منها سلك، ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه الله من طيّبات الجنّة ومن سقاه من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ريّه، ومن أخدم أخاه
__________
(1) كشف الريبة ص 96.
(2) كشف الريبة ص 96.
أحكام الحكومة الإسلامية (237)
أخدمه الله من الولدان المخلّدين وأسكنه مع أوليائه الطاهرين، ومن حمل أخاه المؤمن رحله حمله الله على ناقة من نوق الجنّة وباهى به على الملائكة المقرّبين يوم القيامة، ومن زوّج أخاه المؤمن امرأة يأنس بها وتشدّ عضده ويستريح إليها زوّجه الله من حور العين وآنسه بمن أحبّ من الصّدّيقين من أهل بيته وإخوانه وآنسهم به، ومن أعان أخاه المؤمن على سلطان جائر أعانه الله على إجازة الصراط عند زلزلة الأقدام، ومن زار أخاه المؤمن إلى منزله لا لحاجة منه إليه كتب من زوّار الله وكان حقيقا على الله أن يكرم زائره (1).
[الحديث: 1140] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: حدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأصحابه يوما: معاشر النّاس إنّه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه فلا تتّبعوا عثرات المؤمنين فإنّه من اتّبع عثرة مؤمن اتّبع الله عثراته يوم القيامة وفضحه في جوف بيته وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي أنّه قال: أخذ الله ميثاق المؤمن أن لا يصدّق في مقالته ولا ينتصف في عدوّه وعلى أن لا يشفي غيظه إلّا بفضيحة نفسه لأنّ كلّ مؤمن ملجم وذلك لغاية قصيرة، وراحة طويلة أخذ الله ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها عليه مؤمن مثله يقول بمقالته فيه ويحسده والشيطان يغويه ويمنعه، والسلطان يقفو أثره ويتبع عثراته، وكافر بالّذي هو مؤمن يرى سفك دمه دينا وإباحة حريمه غنما فما بقاء المؤمن بعد هذا (2).
[الحديث: 1141] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: حدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: نزل جبريل عليه السّلام فقال يا محمّد إنّ الله يقرأ عليك السّلام ويقول اشتققت للمؤمن اسما من أسمائي سمّيته مؤمنا فالمؤمن منّي وأنا منه
__________
(1) كشف الريبة ص 96.
(2) كشف الريبة ص 96.
أحكام الحكومة الإسلامية (238)
من استهان بمؤمن فقد استقبلني بالمحاربة.. وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام عليّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: يوما يا عليّ لا تناظر رجلا حتّى تنظر في سريرته فإن كانت سريرته حسنة فإن الله عزّ وجلّ لم يكن ليخذل وليّه، وإنّ كانت سريرته رديّة فقد يكفيه مساويه؛ فلو جهدت أن تعمل به أكثر ممّا عمله من معاصي الله عزّ وجلّ ما قدرت عليه (1).
[الحديث: 1142] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: حدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: أدنى الكفر أن يسمع الرجل عن أخيه الكلمة ليحفظها عليه يريد أن يفضحه بها أولئك لا خلاق لهم.. وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي أنّه قال: من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت أذناه ما يشينه، ويهدم مروءته فهو من الّذين قال الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19].. وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي أنّه قال: من روى عن أخيه المؤمن رواية يريد بها أن يهدم مروءته وثلبه أوبقه الله تعالى بخطيئته حتّى يأتي بمخرج ممّا قال، ولن يأتي بالمخرج منه أبدا، ومن أدخل على أخيه المؤمن سرورا فقد أدخل على أهل البيت سرورا، ومن أدخل على أهل البيت سرورا فقد أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرورا ومن أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرورا فقد سرّ الله ومن سرّ الله فحقيق عليه أن يدخله الجنّة (2).
[الحديث: 1143] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: أوصيك بتقوى الله وايثار طاعته والاعتصام بحبله فإنّه من أعتصم بحبل الله فقد هدي إلى صراط مستقيم، فاتّق الله ولا تؤثر أحدا على رضاه وهواه فإنّه وصيّة الله عزّ وجلّ إلى خلقه لا يقبل منهم
__________
(1) كشف الريبة ص 96.
(2) كشف الريبة ص 96.
أحكام الحكومة الإسلامية (239)
غيرها ولا يعظم سواها، واعلم إنّ الخلائق لم يوكّلوا بشيء أعظم من التّقوى فإنّه وصيّتنا أهل البيت فإن استطعت من أن لا تنال من الدنيا شيئا تسأل عنه غدا فافعل (1).
[الحديث: 1144] قال الإمام الكاظم يوصي بعض أصحابه: لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلا فاسألوا الله بقاه، وإن كان جائرا فاسألوا الله إصلاحه، فإن صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم (2).
[الحديث: 1145] قال الإمام الكاظم: لولا أنّي سمعت في خبر عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن طاعة السلطان للتقية واجبة إذا ما أجبت (3).
ثانيا ـ ما ورد من الوصايا والنماذج العملية
نتناول في هذا المبحث ما ورد في كتب وخطب ومقالات الإمام علي في فترة توليه الخلافة، ذلك أنها تحوي الكثير من المعاني النبيلة المتفقة مع ما ورد في القرآن الكريم من صفات الحكام الصالحين.
وقد قسمنا ما ورد عنه في ذلك إلى قسمين:
أولاهما: ما ورد عنه من وصايا وكتب إلى عماله، وقد قسمنا رسائله الطويلة إلى أحاديث قصيرة حتى يمكن الاستفادة منها بسهولة.
ثانيهما: ما ورد من أحاديث تصور فترة توليه للخلافة، وكيف بويع، وكيف كان
__________
(1) كشف الريبة ص 96.
(2) أمالي الصدوق: 277/ 21.
(3) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 76/ 5.
أحكام الحكومة الإسلامية (240)
يتعامل فيها مع الرعية والمال ونحوهما.
1 ـ ما ورد في وصايا الإمام علي وكتبه إلى عماله
[الحديث: 1146] كتب الإمام علي إلى محمّد بن أبي بكر حين قلّده مصر: اخفض لهم جناحك، وألن لّهم جانبك، وابسط لهم وجهك، واس بينهم في اللّحظة والنّضرة، حتّى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم، فإن الله تعالى يسائلكم مّعشر عباده عن الصّغيرة من أعمالكم والكبيرة، والظّاهرة والمستورة، فإن يعذّب فأنتم أظلم، وإن يعف فهو أكرم (1).
[الحديث: 1147] كتب الإمام علي إلى بعض عمّاله: أمّا بعد، فإنّك ممن أستظهر به على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الأثيم، وأسدّ به لهاة الثّغر المخوف، فاستعن بالله على ما أهمّك، واخلط الشدّة بضغث من اللّين، وارفق ما كان الرفق أرفق، وأعتزم بالشدّة حين لا يغني عنك إلّا الشّدّة، واخفض للرّعيّة جناحك، وابسط لهم وجهك، وألن لّهم جانبك، واس بينهم في اللّحظة والنظرة والإشارة والتحيّة، حتّى لا يطمع العظماء في حيفك، ولا ييأس الضّعفاء من عدلك، والسّلام (2).
[الحديث: 1148] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اعلم يا مالك أنّي قد وجّهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وأنّ الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم، وإنّما يستدلّ على الصّالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده، فليكن أحبّ الذّخائر إليك ذخيرة العمل الصالح (3).
__________
(1) نهج البلاغة مكتوب 27 ص 886.
(2) نهج البلاغة، مكتوب 46 ص 976.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (241)
[الحديث: 1149] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: املك هواك وشحّ بنفسك عما لا يحل لك فإن الشحّ بالنفس الإنصاف منها فيما أحبّت أو كرهت، وأشعر قلبك الرحمة للرّعيّة، والمحبّة لهم، واللّطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدّين، وإمّا نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزّلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطاء، فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الّذي تحبّ أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنّك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولّاك، وقد استكفاك أمرهم، وابتلاك بهم (1).
[الحديث: 1150] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ولا تنصبنّ نفسك لحرب الله، فإنّه لا يدي لك بنقمته، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته، ولا تندمنّ على عفو، ولا تبجحنّ بعقوبة، ولا تسرعنّ إلى بادرة وجدت منها مندوحة، ولا تقولنّ إنّي مؤمّر آمر فأطاع، فإن ذلك إدغال في القلب، ومنهكة للدّين، وتقرب من الغير (2).
[الحديث: 1151] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة أو مخيلة، فانظر إلى عظم ملك الله فوقك وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نّفسك، فإن ذلك يطامن إليك من طماحك، ويكفّ عنك من غربك، ويفيء إليك بما عزب عنك من عقلك (3).
[الحديث: 1152] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك ومساماة الله في عظمه، والتّشبّه به في جبروته، فإن الله يذلّ كلّ جبّار، ويهين كلّ مختال (4).
[الحديث: 1153] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أنصف الله وأنصف
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (242)
النّاس من نّفسك ومن خاصّة أهلك ومن لك فيه هوى من رّعيّتك، فإنّك إلّا تفعل تظلم! ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجّته، وكان لله حربا حتّى ينزع ويتوب، وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله يسمع دعوة المضطهدين، وهو للظّالمين بالمرصاد (1).
[الحديث: 1154] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن أحبّ الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمّها في العدل، وأجمعها لرضى الرعيّة، فإن سخط العامّة، يجحف برضى الخاصّة، وإنّ سخط الخاصّة يغتفر مع رضى العامّة (2).
[الحديث: 1155] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليس أحد من الرعيّة أثقل على الوالي مؤنة في الرخاء وأقلّ معونة لّه في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف، وأقلّ شكرا عند الإعطاء، وأبطأ عذرا عند المنع، وأضعف صبرا عند ملمّات الدّهر من أهل الخاصة (3).
[الحديث: 1156] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّما عمود الدّين وجماع المسلمين، والعدّة للأعداء العامّة من الأمّة، فليكن صغوك لهم، وميلك معهم (4).
[الحديث: 1157] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: وليكن أبعد رعيّتك منك وأشنؤهم عندك أطلبهم لمعايب النّاس، فإن في الناس عيوبا الوالي أحقّ من سترها، فلا تكشفنّ عمّا غاب عنك منها، فإنّما عليك تطهير ما ظهر لك، والله يحكم على ما غاب عنك، فاستر العورة ما استطعت، يستر الله منك ما تحبّ ستره عن رعيّتك (5).
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
(5) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (243)
[الحديث: 1158] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أطلق عن الناس عقدة كلّ حقد، واقطع عنك سبب كلّ وتر، وتغاب عن كلّ ما لا يصحّ لك، ولا تعجلنّ إلى تصديق ساع، فإن الساعي غاش وإن تشبّه بالناصحين (1).
[الحديث: 1159] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل، ويعدك الفقر، ولا جبانا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزيّن لك الشّره بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظّنّ بالله! (2).
[الحديث: 1160] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا، ومن شركهم في الآثام فلا يكوننّ لك بطانة، فإنّهم أعوان الأثمة، وإخوان الظّلمة، وأنت واجد منهم خير الخلف ممّن لّه مثل آرائهم ونفاذهم، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم ممّن لّم يعاون ظالما على ظلمه ولا آثما على إثمه: أولئك أخفّ عليك مؤونة، وأحسن لك معونة، وأحنى عليك عطفا، وأقلّ لغيرك إلفا، فاتّخذ أولئك خاصّة لخلواتك وحفلاتك (3).
[الحديث: 1161] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن آثرهم عندك أقولهم بمرّ الحقّ لك، وأقلّهم مساعدة فيما يكون منك ممّا كره الله لأوليائه، واقعا ذلك من هواك حيث وقع (4).
[الحديث: 1162] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الصق بأهل الورع والصّدق، ثمّ رضهم على أن لا يطروك ولا يبجّحوك بباطل لم تفعله، فإن كثرة الاطراء
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (244)
تحدث الزهو وتدني من العزّة (1).
[الحديث: 1163] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا يكوننّ المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان، وتدريبا لأهل الإساءة على الإساءة، والزم كلّا منهم ما ألزم نفسه (2).
[الحديث: 1164] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اعلم أنه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظنّ وال برعيّته من إحسانه إليهم، وتخفيفه المؤونات عليهم، وترك استكراهه إيّاهم على ما ليس له قبلهم، فليكن منك في ذلك أمر يّجتمع لك به حسن الظّنّ برعيّتك، فإن حسن الظّنّ يقطع عنك نصبا طويلا (3).
[الحديث: 1165] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ أحقّ من حسن ظنّك به لمن حسن بلاؤك عنده، وإنّ أحقّ من ساء ظنّك به لمن ساء بلاؤك عنده (4).
[الحديث: 1166] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تنقض سنّة صالحة عمل بها صدور هذه الأمّة، واجتمعت بها الألفة، وصلحت عليها الرعيّة، ولا تحدثنّ سنّة تضرّ بشيء من ماضي تلك السّنن فيكون الأجر لمن سنّها، والوزر عليك بما نقضت منها (5).
[الحديث: 1167] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أكثر مدارسة العلماء، ومنافثة الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به النّاس قبلك (6).
[الحديث: 1168] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اعلم أنّ الرعيّة
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
(5) نهج البلاغة، ص 988.
(6) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (245)
طبقات لا يصلح بعضها إلّا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض: فمنها جنود الله، ومنها كتّاب العامّة والخاصّة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمّال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذّمّة ومسلمة الناس، ومنها التّجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة، وكلّ قد سمى الله له سهمه، ووضع على حدّه وفريضته في كتابه أو سنّة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم عهدا منه عندنا محفوظا (1).
[الحديث: 1169] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الجنود بإذن الله حصون الرعيّة، وزين الولاة، وعزّ الدّين، وسبل الأمن، وليس تقوم الرعيّة إلّا بهم، ثمّ لا قوام للجنود إلّا بما يخرج الله لهم من الخراج الّذي يقوون به على جهاد عدوّهم، ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ويكون من وراء حاجتهم، ثمّ لا قوام لهذين الصّنفين إلّا بالصّنف الثالث من القضاة والعمّال والكتّاب، لما يحكمون من المعاقد، ويجمعون من المنافع، ويؤتمنون عليه من خواصّ الأمور وعوامّها، ولا قوام لهم جميعا إلّا بالتجّار وذوي الصّناعات فيما يجتمعون عليه من مرافقهم، ويقيمونه من أسواقهم، ويكفونهم مّن التّرفّق بأيديهم ممّا لا يبلغه رفق غيرهم، ثمّ الطبقة السّفلى من أهل الحاجة والمسكنة الّذين يحقّ رفدهم ومعونتهم، وفي الله لكلّ سعة، ولكلّ على الوالي حقّ يقدر ما يصلحه، وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله من ذلك إلّا بالاهتمام والاستعانة بالله، وتوطين نفسه على لزوم الحقّ، والصّبر عليه فيما خفّ عليه أو ثقل (2).
[الحديث: 1170] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ولّ من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك، وأنقاهم جيبا، وأفضلهم حلما، ممّن يبطئ عن
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (246)
الغضب، ويستريح إلى العذر، ويرأف بالضعفاء، وينبو على الأقوياء، وممّن لّا يثيره العنف، ولا يقعد به الضعف (1).
[الحديث: 1171] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الصق بذوي الأحساب، وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة، ثمّ أهل النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة، فإنّهم جماع من الكرم، وشعب من العرف، ثمّ تفقّد من أمورهم ما يتفقّد الوالدان من وّلدهما، ولا يتفاقمنّ في نفسك شيء قوّيتهم به، ولا تحقرنّ لطفا تعاهدتهم به وإن قلّ، فإنّه داعية لّهم إلى بذل النّصيحة لك، وحسن الظّنّ بك (2).
[الحديث: 1172] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تدع تفقّد لطيف أمورهم اتّكالا على جسيمها، فإن لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به، وللجسيم موقعا لا يستغنون عنه (3).
[الحديث: 1173] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن آثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جدته، بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم، حتّى يكون همّهم همّا واحدا في جهاد العدوّ، فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك (4).
[الحديث: 1174] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، وظهور مودّة الرعيّة، وإنّه لا تظهر مودّتهم إلّا بسلامة صدورهم، ولا تصحّ نصيحتهم إلّا بحيطتهم على ولاة أمورهم، وقلّة استثقال دولهم،
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (247)
وترك استبطاء انقطاع مدّتهم (1).
[الحديث: 1175] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أفسح في آمالهم، وواصل في حسن الثناء عليهم وتعديد ما أبلى ذو والبلاء منهم، فإن كثرة الذّكر لحسن أفعالهم تهزّ الشّجاع، وتحرّض النّاكل، إن شاء الله تعالى (2).
[الحديث: 1176] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اعرف لكلّ امرئ مّنهم ما أبلى، ولا تضيفنّ بلاء امرئ إلى غيره ولا تقصّرنّ به دون غاية بلائه، ولا يدعونّك شرف امرئ إلى أن تعظّم من بلائه ما كان صغيرا، ولا ضعة امرئ إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيما (3).
[الحديث: 1177] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله سبحانه لقوم أحبّ إرشادهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]، فالرّدّ إلى الله: الأخذ بمحكم كتابه، والردّ إلى الرسول: الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرقة (4).
[الحديث: 1178] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اختر للحكم بين الناس أفضل رعيّتك في نفسك ممّن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزّلّة، ولا يحصر من الفيء إلى الحقّ إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشّبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلّهم تبرّما بمراجعة الخصم،
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (248)
وأصبرهم على تكشّف الأمور، وأصرمهم عند اتّضاح الحكم، ممّن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل، ثمّ أكثر تعاهد قضائه، وأفسح له في البذل ما يزيل علّته، وتقلّ معه حاجته، إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصّتك، ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك، فانظر في ذلك نظرا بليغا، فإن هذا الدّين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار: يعمل فيه بالهوى، وتطلب به الدنيا (1).
[الحديث: 1179] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: انظر في أمور عمّالك فاستعملهم اختبارا، ولا تولّهم محاباة وأثرة، فإنّهما جماع من شعب الجور والخيانة، وتوخّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصّالحة، والقدم في الإسلام المتقدّمة، فإنّهم أكرم أخلاقا، وأصحّ أعراضا، وأقلّ في المطامع إشرافا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا، ثمّ أسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوّة لّهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لّهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجّة عليهم إن خالفوا أمرك، أو ثلموا أمانتك، ثمّ تفقّد أعمالهم، وابعث العيون من أهل الصّدق والوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السّرّ لأمورهم حدوة لّهم على استعمال الأمانة، والرفق بالرعيّة (2).
[الحديث: 1180] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: تحفّظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهدا، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله، ثمّ نصبته بمقام المذلّة، ووسمته بالخيانة، وقلّدته عار التهمة (3).
[الحديث: 1181] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: تفقّد أمر الخراج بما
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (249)
يصلح أهله، فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحا لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلّا بهم، لأنّ الناس كلّهم عيال على الخراج وأهله (1).
[الحديث: 1182] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأنّ ذلك لا يدرك إلّا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلّا قليلا، فإن شكوا ثقلا أو علّة أو انقطاع شرب أو بآلّة أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش خفّفت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم، ولا يثقلنّ عليك شيء خفّفت به المؤونة عنهم، فإنّه، ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك، وتزيين ولايتك، مع استجلابك حسن ثنائهم، وتبجّحك باستفاضة العدل فيهم، معتمدا فضل قوّتهم بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم، والثّقة منهم بما عوّدتهم مّن عدلك عليهم ورفقك بهم، فربّما حدث من الأمور ما إذا عوّلت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به، فإن العمران محتمل ما حملته، وإنّما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنّما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع، وسوء ظنّهم بالبقاء، وقلّة انتفاعهم بالعبر (2).
[الحديث: 1183] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: انظر في حال كتّابك فولّ على أمورك خيرهم، واخصص رسائلك التي تدخل فيها مكائدك وأسرارك بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق ممّن لا تبطره الكرامة فيجترئ بها عليك في خلاف لك بحضرة ملأ، ولا تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات عمّالك عليك، وإصدار جواباتها على الصواب عنك، وفيما يأخذ لك ويعطي منك، ولا يضعف عقدا اعتقده لك، ولا يعجز عن إطلاق
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (250)
ما عقد عليك، ولا يجهل مبلغ قدر نفسه في الأمور، فإن الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل، ثمّ لا يكن اختيارك إيّاهم على فراستك واستنامتك وحسن الظّنّ منك، فإن الرجال يتعرّفون لفراسات الولاة بتصنّعهم وحسن خدمتهم وليس وراء ذلك من النّصيحة والأمانة شيء، ولكن اختبرهم بما ولّوا للصالحين قبلك، فاعمد لأحسنهم كان في العامّة أثرا، وأعرفهم بالأمانة وجها، فإن ذلك دليل على نصيحتك لله ولمن ولّيت أمره، واجعل لرأس كلّ أمر من أمورك رأسا منهم لا يقهره كبيرها، ولا يتشتّت عليه كثيرها، ومهما كان في كتّابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته (1).
[الحديث: 1184] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: استوص بالتجار وذوي الصّناعات وأوص بهم خيرا، المقيم منهم والمضطرب بماله، والمترفّق ببدنه، فإنّهم مّوادّ المنافع، وأسباب المرافق، وجلّابها من المباعد والمطارح في برّك وبحرك، وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها، ولا يجترئون عليها، فإنّهم سلم لا تخاف بائقته، وصلح لا تخشى غائلته، وتفقّد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك، واعلم، مع ذلك، أنّ في كثير منهم ضيقا فاحشا، وشحّا قبيحا، واحتكارا للمنافع، وتحكّما في البياعات، وذلك باب مضرّة للعامّة، وعيب على الولاة (2).
[الحديث: 1185] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: امنع من الاحتكار، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منع منه، وليكن البيع بيعا سمحا: بموازين عدل، وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع، فمن قارف حكرة بعد نهيك إيّاه فنكّل به، وعاقبه في غير إسراف (3).
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (251)
[الحديث: 1186] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الله الله في الطبقة السّفلى من الّذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين وأهل البؤسى والزّمنى، فإن في هذه الطبقة قانعا ومعترّا، واحفظ لله ما استحفظك من حقّه فيهم، واجعل لّهم قسما مّن بيت مالك، وقسما من غلّات صوافي الإسلام في كلّ بلد، فإن للأقصى منهم مثل الّذي للأدنى، وكلّ قد استرعيت حقّه، فلا يشغلنّك عنهم بطر، فإنّك لا تعذر بتضييع التافه لإحكامك الكثير المهمّ، فلا تشخص همّك عنهم، ولا تصعّر خدّك لهم، وتفقّد أمور من لا يصل إليك منهم ممّن تقتحمه العيون، وتحقره الرجال، ففرّغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتّواضع، فليرفع إليك أمورهم، ثمّ اعمل فيهم بالإعذار إلى الله يوم تلقاه، فإن هؤلاء من بين الرعيّة أحوج إلى الإنصاف من غيرهم، وكلّ فأعذر إلى الله في تأدية حقّه إليه (1).
[الحديث: 1187] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: تعهّد أهل اليتم وذوي الرقّة في السّنّ ممّن لا حيلة له، ولا ينصب للمسألة نفسه وذلك على الولاة ثقيل، والحقّ كلّه ثقيل وقد يخفّفه الله على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم، ووثقوا بصدق موعود الله لهم (2).
[الحديث: 1188] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرّغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم مجلسا عامّا فتتواضع فيه لله الّذي خلقك، وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك حتّى يكلّمك متكلّمهم غير متتعتع، فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في غير موطن: لن تقدّس أمّة لا يؤخذ للضّعيف فيها حقّه، من القويّ غير متتعتع، واحتمل الخرق منهم والعيّ، ونحّ عنهم الضّيق والأنف،
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (252)
يبسط الله عليك بذلك أكناف رحمته، ويوجب لك ثواب طاعته، وأعط ما أعطيت هنيئا، وامنع في إجمال وإعذار (1).
[الحديث: 1189] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ثَمّ أمور من أمورك لا بدّ لك من مباشرتها: منها إجابة عمّالك بما يعيا عنه كتّابك، ومنها إصدار حاجات النّاس عند ورودها عليك بما تحرج به صدور أعوانك (2).
[الحديث: 1190] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أمض لكلّ يوم عمله، فإن لكلّ يوم ما فيه، واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله أفضل تلك المواقيت، وأجزل تلك الأقسام وإن كانت كلّها لله إذا صلحت فيها النيّة، وسلمت منها الرعيّة (3).
[الحديث: 1191] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن في خاصّة ما تلخص لله به دينك إقامة فرائضه التي هي له خاصّة، فأعط الله من بدنك في ليلك ونهارك، ووفّ ما تقرّبت به إلى الله من ذلك كاملا غير مثلوم ولا منقوص، بالغا من بدنك ما بلغ (4).
[الحديث: 1192] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إذا قمت في صلاتك للناس فلا تكوننّ منفّرا ولا مضيّعا، فإن في الناس من به العلّة وله الحاجة، وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين وجّهني إلى اليمن كيف أصلّي بهم؟ فقال: صلّ بهم كصلاة أضعفهم، وكن بالمؤمنين رحيما (5).
[الحديث: 1193] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تطوّلنّ احتجابك
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
(5) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (253)
عن رعيّتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعيّة شعبة من الضّيق، وقلّة علم بالأمور، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير، ويعظم الصّغير، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، ويشاب الحقّ بالباطل، وإنّما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه النّاس به من الأمور، وليست على الحقّ سمات تعرف بها ضروب الصّدق من الكذب (1).
[الحديث: 1194] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّما أنت أحد رجلين: إمّا امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحقّ ففيم احتجابك من وّاجب حقّ تعطيه، أو فعل كريم تسديه؟ أو مبتلى بالمنع فما أسرع كفّ النّاس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك، مع أنّ أكثر حاجات النّاس إليك ممّا لا مؤونة فيه عليك: من شكاة مظلمة أو طلب إنصاف في معاملة (2).
[الحديث: 1195] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ للوالي خاصّة وبطانة فيهم استئثار وتطاول وقلّة إنصاف في معاملة، فاحسم مادّة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال (3).
[الحديث: 1196] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تقطعنّ لأحد من حاشيتك وحامّتك قطيعة، ولا يطمعنّ منك في اعتقاد عقدة تضرّ بمن يليها من النّاس في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونته على غيرهم، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك، وعيبه عليك في الدنيا والآخرة (4).
[الحديث: 1197] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ألزم الحقّ من لزمه
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (254)
من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرا محتسبا، واقعا ذلك من قرابتك وخاصّتك حيث وقع، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فإن مغبّة ذلك محمودة (1).
[الحديث: 1198] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إن ظنّت الرعيّة بك حيفا فأصحر لهم بعذرك، واعدل عنك ظنونهم بإصحارك، فإن في ذلك رياضة مّنك لنفسك، ورفقا برعيّتك، وإعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحقّ (2).
[الحديث: 1199] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تدفعنّ صلحا دعاك إليه عدوّك لله فيه رضى، فإن في الصلح دعة لجنودك، وراحة مّن همومك، وأمنا لبلادك، ولكن الحذر كلّ الحذر من عدوّك بعد صلحه، فإن العدوّ ربّما قارب ليتغفّل، فخذ بالحزم، واتّهم في ذلك حسن الظنّ (3).
[الحديث: 1200] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إن عقدت بينك وبين عدوّ لك عقدة أو ألبسته منك ذمّة فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمّتك بالأمانة، واجعل نفسك جنّة دون ما أعطيت، فإنّه ليس من فرائض الله شيء النّاس أشدّ عليه اجتماعا مع تفرّق أهوائهم وتشتّت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر (4).
[الحديث: 1201] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تغدرنّ بذمّتك، ولا تخيسنّ بعهدك، ولا تختلنّ عدوّك، فإنّه لا يجترى ء على الله إلّا جاهل شقيّ، وقد جعل الله عهده وذمّته أمنا أفضاه بين العباد برحمته، وحريما يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (255)
جواره، فلا إدغال ولا مد السة ولا خداع فيه (1).
[الحديث: 1202] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تعقد عقدا تجوّز فيه العلل، ولا تعوّلنّ على لحن قول بعد التّأكيد والتّوثقة (2).
[الحديث: 1203] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى طلب انفساخه بغير الحقّ، فإن صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته، وأن تحيط بك من الله فيه طلبة لا تستقيل فيها دنياك ولا آخرتك (3).
[الحديث: 1204] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والدّماء وسفكها بغير حلّها، فإنّه ليس شيء أدعي لنقمة، ولا أعظم لتبعة، ولا أحرى بزوال نعمة، وانقطاع مدّة، من سفك الدماء بغير حقّها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدّماء يوم القيمة، فلا تقوّينّ سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك ممّا يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله، ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد، لأنّ فيه قود البدن (4).
[الحديث: 1205] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إن ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة، فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة، فلا تطمحنّ بك نخوة سلطانك عن أن تؤدّي إلى أولياء المقتول حقّهم (5).
[الحديث: 1206] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والإعجاب بنفسك، والثّقة بما يعجبك منها، وحبّ الإطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
(5) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (256)
ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين (1).
[الحديث: 1207] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والمنّ على رعيّتك بإحسانك، أو التّزيّد فيما كان من فعلك، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك، فإن المنّ يبطل الإحسان، والتّزيّد يذهب بنور الحقّ، والخلف يوجب المقت عند الله والنّاس، قال الله تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 3] (2).
[الحديث: 1208] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والعجلة بالأمور قبل أوانها، أو التّساقط فيها عند إمكانها، أو اللجاجة فيها إذا تنكّرت، أو الوهن عنها إذا استوضحت فضع كلّ أمر موضعه، وأوقع كلّ عمل موقعه (3).
[الحديث: 1209] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والاستئثار بما النّاس فيه أسوة، والتغابي عمّا تعنى به ممّا قد وضح للعيون، فإنه مأخوذ منك لغيرك، وعمّا قليل تنكشف عنك أغطية الأمور، وينتصف منك للمظلوم (4).
[الحديث: 1210] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: املك حميّة أنفك، وسورة حدّك، وسطوة يدك، وغرب لسانك، واحترس من كلّ ذلك بكفّ البادرة، وتأخير السطوة، حتّى يسكن غضبك فتملك الاختيار، ولن تحكم ذلك من نفسك حتّى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربّك (5).
[الحديث: 1211] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الواجب عليك أن تتذكّر ما مضى لمن تقدّمك من حكومة عادلة، أو سنّة فاضلة، أو أثر عن نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم أو فريضة
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
(3) نهج البلاغة، ص 988.
(4) نهج البلاغة، ص 988.
(5) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (257)
في كتاب الله، فتقتدي بما شاهدت ممّا عملنا به فيها، وتجتهد لنفسك في اتّباع ما عهدت إليك في عهدي هذا، واستوثقت به من الحجّة لنفسي عليك لكيلا تكون لك علّة عند تسرّع نفسك إلى هواها، فلن يّعصم من السّوء ولا يوفّق للخير إلّا الله تعالى (1).
[الحديث: 1212] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: كان فيما عهد إليّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصاياه تحضيض على الصلاة والزّكاة وما ملكته أيمانكم، فبذلك أختم لك بما عهدت، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، وأنا أسأل الله بسعة رحمته، وعظيم قدرته على إعطاء كلّ رغبة أن يوفّقني وإيّاك لما فيه رضاه من الإقامة على العذر الواضح إليه وإلى خلقه، مع حسن الثناء في العباد، وجميل الأثر في البلاد، وتمام النعمة، وتضعيف الكرامة، وأنّ يختم لي ولك بالسّعادة والشّهادة، إنّا إليه راجعون (2).
[الحديث: 1213] كتب الإمام علي إلى أمراء الخراج: إنّه من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدّم لنفسه ولم يحرزها، ومن اتّبع هواه وانقاد له على ما يعرف نفع عاقبته عما قليل ليصبحنّ من النادمين، ألا وإن أسعد الناس في الدنيا من عدل عما يعرف ضره، وإن أشقاهم من اتبع هواه، فاعتبروا واعلموا أنّ لكم ما قدمتم من خير، وما سوى ذلك وددتم لو أنّ بينكم وبينه ﴿أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: 30] وإن عليكم ما فرّطتم فيه، وإن الّذي طلبتم ليسير، وإن ثوابه لكبير، ولو لم يكن فيما نهي عنه من الظّلم والعدوان عقاب يخاف، كان في ثوابه ما لا عذر لأحد بترك طلبته فارحموا ترحموا، ولا تعذّبوا خلق الله ولا تكلّفوهم فوق طاقتهم، وأنصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا لحوائجهم فإنكم خزّان الرعيّة، لا تتخذنّ حجّابا، ولا تحجبنّ أحدا عن حاجته حتى ينهيها
__________
(1) نهج البلاغة، ص 988.
(2) نهج البلاغة، ص 988.
أحكام الحكومة الإسلامية (258)
إليكم.. ولا تأخذوا أحدا بأحد إلّا كفيلا عمن كفل عنه، واصبروا أنفسكم على ما فيه الاغتباط، وإياكم وتأخير العمل ودفع الخير؛ فإن في ذلك الندم. والسّلام (1).
[الحديث: 1214] كتب الإمام علي إلى أمراء الجنود: إن حقّ الوالي ألّا يغيّره على رعيّته أمر ناله ولا أمر خصّ به، وأن يزيده ما قسم الله له دنوّا من عباده وعطفا عليهم، ألا وإنّ لكم عندي ألّا أحتجز دونكم سرّا إلّا في حرب، ولا أطوي عنكم أمرا إلّا في حكم، ولا أؤخّر حقّا لكم عن محلّه، ولا أرزأكم شيئا، وأن تكونوا عندي في الحقّ سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت عليكم النصيحة والطاعة.. فلا تنكصوا عن دعوتي، ولا تفرّطوا في صلاح دينكم من دنياكم، وأن تنفذوا لما هو لله طاعة، ولمعيشتكم صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحقّ ولا يأخذكم في الله لومة لائم؛ فإن أبيتم أن تستقيموا لي على ذلك لم يكن أحد أهون عليّ ممّن فعل ذلك منكم، ثمّ أعاقبه عقوبة لا يجد عندي فيها هوادة، فخذوا هذا من أمرائكم، وأعطوهم من أنفسكم، يصلح الله أمركم. والسّلام (2).
[الحديث: 1215] كتب الإمام علي إلى أمراء الجنود: إني أبرأ إليكم وإلى أهل الذمة من معرة الجيش، إلّا من جوعة إلى شبعة، ومن فقر إلى غنى، أو عمي إلى هدى؛ فإن ذلك عليهم؛ فاعزلوا الناس عن الظّلم والعدوان، وخذوا على أيدي سفهائكم، واحترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنّا فيردّ علينا وعليكم دعاءنا، فإن الله تعالى يقول: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾ [الفرقان: 77] فإن الله إذا مقت قوما من السماء هلكوا في الأرض، فلا تألوا أنفسكم خيرا، ولا الجند حسن سيرة، ولا الرعيّة معونة، ولا دين الله قوّة، وأبلوا في سبيله ما استوجب عليك