الكتاب: معارج الذكر والدعاء
الوصف: ثلاثة آلاف وخمسمائة حديث حول أنواع الأذكار والأدعية وفضائلها
السلسلة: سنة بلا مذاهب
المؤلف: د. نور الدين أبو لحية
الناشر: دار الأنوار للنشر والتوزيع
الطبعة: الأولى، 1442 هـ
عدد الصفحات: 833 <
ISBN: 978-620-3-85899-0
لمطالعة الكتاب من تطبيق مؤلفاتي المجاني وهو أحسن وأيسر: هنا
يجمع هذا الكتاب ثلاثة آلاف وخمسمائة حديث حول الذكر والدعاء، إما بالدعوة إليهما، والترغيب فيهما، وبيان الفضل المتعلق بهما، أو ببيان الهيئات التنفيذية لذلك.
وقد أوردنا فيه الصيغ المختلفة للأذكار والأدعية، سواء تلك التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، أو رويت عن ورثته من أئمة الهدى، والمتوافقة جميعا مع القرآن الكريم.
وقد اخترنا تسميته بـ[معارج الذكر والدعاء]، باعتبارهما ليسا مجرد ألفاظ تردد، وإنما هما معارج ووسائل لتحقيق كل الغايات الكبرى المرتبطة بالسير الصعودي التكاملي للإنسان.
ولهذا يُطلق على الدعاء لقب [القرآن الصاعد]، لأنه يعبر عن حاجات العبد التي يطلبها من ربه، كما أن القرآن المتنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعبر عن القيم والتكاليف التي يطلبها الله من عباده.
وبما أن الذكر والدعاء قد يقع فيهما الكثير من الأخطاء المرتبطة بمعرفة الله تعالى، أو كيفية التوجه إليه؛ فقد ورد في المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى ما يكفي للتدريب على ذلك، أو ما يكفي للاكتفاء به.
بل إن أذكارهم وأدعيتهم مدرسة متكاملة في المعرفة بالله وحقوقه، والتأدب معه، وكيفية السير إليه، وغيرها من النواحي حتى تلك التي ترتبط بالحاجات المختلفة.
لذلك أوردنا في هذا الكتاب أكثر ما وجدناه منها، مع التنبيه إلى أنا قطعنا الأحاديث الطويلة في الأدعية إلى قطع قصيرة، يسهل حفظها أو الدعاء بها، وقد اعتمدنا في ذلك على انتهاء المعنى في كل قطعة.
معارج الذكر والدعاء (9)
يجمع هذا الكتاب ثلاثة آلاف وخمسمائة حديث حول الذكر والدعاء، إما بالدعوة إليهما، والترغيب فيهما، وبيان الفضل المتعلق بهما، أو ببيان الهيئات التنفيذية لذلك.
وقد أوردنا فيه الصيغ المختلفة للأذكار والأدعية، سواء تلك التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، أو رويت عن ورثته من أئمة الهدى، والمتوافقة جميعا مع القرآن الكريم.
وقد اخترنا تسميته بـ[معارج الذكر والدعاء]، باعتبارهما ليسا مجرد ألفاظ تردد، وإنما هما معارج ووسائل لتحقيق كل الغايات الكبرى المرتبطة بالسير الصعودي التكاملي للإنسان.
ولهذا يُطلق على الدعاء لقب [القرآن الصاعد]، لأنه يعبر عن حاجات العبد التي يطلبها من ربه، كما أن القرآن المتنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعبر عن القيم والتكاليف التي يطلبها الله من عباده.
وبما أن الذكر والدعاء قد يقع فيهما الكثير من الأخطاء المرتبطة بمعرفة الله تعالى، أو كيفية التوجه إليه؛ فقد ورد في المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى ما يكفي للتدريب على ذلك، أو ما يكفي للاكتفاء به.
بل إن أذكارهم وأدعيتهم مدرسة متكاملة في المعرفة بالله وحقوقه، والتأدب معه، وكيفية السير إليه، وغيرها من النواحي حتى تلك التي ترتبط بالحاجات المختلفة.
لذلك أوردنا في هذا الكتاب أكثر ما وجدناه منها، مع التنبيه إلى أنا قطعنا الأحاديث الطويلة في الأدعية إلى قطع قصيرة، يسهل حفظها أو الدعاء بها، وقد اعتمدنا في ذلك على انتهاء المعنى في كل قطعة.
معارج الذكر والدعاء (10)
وقد دعانا إلى ذلك ما نراه في الواقع من النفور من الأدعية الطويلة، أو عدم التمكن من الاستفادة منها، أو من أجزائها المختلفة، ولذلك كان في ذلك التقطيع مصالح كثيرة متعددة، منها ما يرجع إلى استعمال الدعاء نفسه، ومنها ما يرجع إلى الاستفادة منه في نواحي الاستدلال والاستنباط.
وقد وضعنا في التوثيق المرتبط بكل دعاء المصدر أو المرجع الذي يوجد فيه، ولذلك يمكن لمن أعجبته أي قطعة من القطع، أن يرجع للدعاء كاملا؛ فيكون الجزء مرغبا في الكل.
وننبه إلى أنا لم نورد في هذا الكتاب أكثر الأدعية التي أوردناها في الكتب السابقة حرصا على الاختصار، ومنها مثلا دعاء الجوشن الكبير الذي أوردناه في كتاب [الجلال والجمال الإلهي]، ودعاء كميل، والذي أوردناه في كتاب [الأنبياء والهدي المقدس]، وغيرها من الأدعية المرتبطة بالشعائر التعبدية ونحوها.
وننبه كذلك إلا أنا لم نبالغ في رد الأحاديث المرتبطة بالأدعية بسبب أسانيدها، بل راعينا صحة المعنى، وجمال التعبير عنه، وهو كاف في قبول الدعاء، سواء صحت نسبته سندا أو لم تصح، لأنه لا يبتدع عبادة جديدة، ولا يعد بجزاء مبالغ فيه، قد يصرف عن سائر الأعمال، ولهذا اهتممنا بذكر الأدعية دون الأجور المرتبطة بها، إلا ما كان صحيحا واردا في المصادر المعتبرة.
وقد قسمنا الأحاديث الواردة في الكتاب إلى اثني عشر فصلا، تضمن كل واحدا منها معراجا يصعد به المؤمن إلى مراقي الكمال، وهذه المعارج هي:
أولا ـ معراج الفضل والكمال: وهو المعراج الذي يحقق الاحتساب والنية والإخلاص، بالإضافة إلى أنه يبين مدى أهمية ما يُذكر فضله، لتزداد رغبة النفس فيه، وقد
معارج الذكر والدعاء (11)
أوردنا فيه ما ورد حول فضل الذكر، وما ورد حول فضل الدعاء
ثانيا ـ معراج الكثرة والدوام: وهو المعراج الذي يجعل من الكثرة والدوام وسائل للسير السريع إلى الله، والكمال المرتبط بذلك السير، وقد أوردنا فيه ما ورد حول فضل كثرة الذكر.. وما ورد حول فضل الدوام والاستمرار.
ثالثا ـ معراج الانتقاء والاختيار: وهو المعراج الذي يرغب فيما ورد في النصوص المقدسة من القرآن والسنة المطهرة من ألفاظ وتراكيب معينة في الذكر، لها دور كبير في السير التحققي إلى الله تعالى، وقد أوردنا فيه ما ورد حول فضل البسملة.. وما ورد حول فضل التسبيح.. وما ورد حول فضل الحمد.. وما ورد حول فضل التهليل.. وما ورد حول فضل التكبير.. وما ورد حول فضل الحوقلة.. وما ورد حول الاستثناء بالمشيئة.
رابعا ـ معراج الثناء والتمجيد: وهو المعراج الذي يعلم المؤمن كيف يتأدب أثناء دعائه بعدم الاكتفاء بطلب حاجاته، وإنما يقدم لها بالثناء على ربه وتمجيده وتسبيحه، ليكون الدعاء وسيلة للترقي والمعرفة، وقد أوردنا فيه ما ورد حول الأسماء والصفات.. وما ورد حول الحمد والثناء.
خامسا ـ معراج الأزمنة والأمكنة: وهو المعراج الذي يعلم المؤمن كيف يستثمر الزمان والمكان والنفحات المرتبطة بهما لطلب حاجاته، أو السير إلى ربه، وقد أوردنا فيه ما ورد حول الأذكار والأدعية المرتبطة بالصباح والمساء.. وبآناء الليل.. وبأزمنة الشعائر.. وبأزمنة الظواهر.. وبالأزمنة المباركة.. وبالأمكنة المباركة.
سادسا ـ معراج الضرورات والحاجات: وهو المعراج الذي يربط الضرورات والحاجات المعيشية للمؤمن بذكر ربه ودعائه له، حتى لا تصبح تلك الحاجات حجابا بينه وبين كماله، وقد أوردنا فيه ما ورد حول الأكل والشرب.. وما ورد حول النوم واليقظة..
معارج الذكر والدعاء (12)
وما ورد حول الطهارة والنظافة.. وما ورد حول اللباس والزينة.. وما ورد حول الركوب والسفر.. وما ورد حول البيوت والمجالس.. وما ورد حول شؤون المعيشة.. وما ورد حول الآداب الاجتماعية.
سابعا ـ معراج الإجابة والاستجابة: وهو المعراج الذي يعلم المؤمن صدق وعد الله بإجابته لدعاء عباده، وفي نفس الوقت يعلمه بشروط الإجابة، وأهلها، وموانعها، وقد أوردنا فيه ما ورد حول إجابة الله لعباده.. وما ورد حول موانع الإجابة.. وما ورد حول أهل الإجابة.
ثامنا ـ معراج الأدب والخشوع: وهو المعراج الذي يعلم المؤمن كيف يتأدب مع ربه أثناء ذكره أو دعائه له، وقد أوردنا فيه ما ورد حول الآداب الباطنة.. وما ورد حول الآداب الظاهرة.. وما ورد حول المحظورات والمكروهات.
تاسعا ـ معراج التزكية والترقية: وهو المعراج الذي يجعل من الذكر والدعاء وسائل للتربية بكافة أشكالها، سواء تلك التي ترتبط بالسير إلى الله، أو تلك التي ترتبط بالعلاقات المختلفة مع النفس والخلق، وقد أوردنا فيه ما ورد حول التخلية والتصفية.. وما ورد حول التحلية والترقية.
عاشرا ـ معراج الاستعاذة والتحصن: وهو المعراج الذي يعلم المؤمن كيف يستعيذ بربه، ويتحصن به من كل المكاره التي تنزل به، أو يخاف أن تنزل به، وقد أوردنا فيه ما ورد حول فضل الاستعاذة وتأثيرها.. وما ورد من الاستعاذات المأثورة.
الحادي عشر ـ معراج الاستغاثة والطلب: وهو المعراج الذي يعلم المؤمن كيف يلجأ إلى ربه لتحقيق حاجاته ومصالحه، أو لدفع ما ينزل به من البلاء، وقد أوردنا فيه ما ورد حول الاستغاثة لدفع البلاء.. وما ورد حول طلب الحاجات المختلفة.
معارج الذكر والدعاء (13)
الثاني عشر ـ معراج الولاء والبراء: وهو المعراج الذي يعلم المؤمن كيف يستعمل الدعاء وسيلة لتحقيق الولاء والبراء، حتى لا يبقى الدعاء محصورا في عالم النفس، وإنما تكون له أدواره المرتبطة بالمجتمع، بل بالأمة جميعا، وقد أوردنا فيه ما ورد حول الولاء والدعاء للمؤمنين.. وما ورد حول البراء والدعاء على المعتدين.
وننبه في الأخير إلى أنا لم نبالغ كثيرا في توثيق الأحاديث المرتبطة بهذا الباب، ولهذا اكتفينا بذكر مصادر أو مراجع محدودة لكل حديث، مع العلم أن أكثر الأحاديث الواردة في المصادر السنية يوجد نظير لها في المصادر الشيعية، ولهذا اكتفينا بإيرادها في المصادر السنية، مع التوثيق لها.
معارج الذكر والدعاء (14)
المعراج الأول من معارج الذكر والدعاء [معراج الفضل والكمال]، وإلى هذا المعراج الإشارة بقوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، ومثلها الآيات الكثيرة من القرآن الكريم التي تشير إلى أن كل الفضائل التي يرتقي بها الإنسان في معارج الكمال مرتبطة بمدى توجهه بقلبه وقالبه لله تعالى؛ ولا يتحقق ذلك بكماله إلا في الذكر والدعاء، ذلك أنه توجه محض خالص غير مشوب بأي شائبة.
ولهذا وردت الأحاديث الكثيرة في بيان الفضل العظيم الذي منّ الله به على من يذكره أو يدعوه، وقد خصصنا هذا الفصل ببعضها أو بما كان محضا خالصا بهذا الباب، وإلا فإن كل الكتاب يبين فضل الذكر والدعاء، إما على سبيل العموم ببيان فضل الذكر عموما، أو على سبيل الخصوص ببيان فضل بعض الأذكار أو الأدعية.
وقد جعلنا أحاديث الفضائل أول الفصول، باعتبارها الداعية للاحتساب والنية والإخلاص، بالإضافة إلى كونها تبين مدى أهمية ما يُذكر فضله، لتزداد رغبة النفس فيه.
وقد قسمت هذا الفصل إلى قسمين:
الأول: ما ورد حول فضل الذكر
الثاني: ما ورد حول فضل الدعاء
معارج الذكر والدعاء (15)
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل الذكر]، وهي تتوافق مع الآيات القرآنية الكثيرة الداعية إلى ذكر الله، بل كثرة ذكره، وتعد بالأجر العظيم على ذلك.
ومن الأمثلة عنها، بل من أعظمها قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، والتي تعتبر ذكر الله لعبده، والذي يدل على قبوله ورضاه، منوطا بذكر العبد لربه.
ومثل ذلك الآيات التي تعد بالفلاح الذاكرين لله، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: 45]، وقوله: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 10]، والفلاح اسم جامع لكل أنواع المكارم التي وعد الله بها عباده، سواء ما وصفه منها، أو ما ظل مخبأ في خزائن الغيب الإلهي.
ولهذا؛ فإن كل الأحاديث المرتبطة بفضل الذكر تفصل المصاديق التي ينطبق عليها ذلك الفلاح.
ونحب أن ننبه هنا إلى أن ما ورد من الأحاديث في فضل الذكر على غيره من الأعمال، لا يعني تحقيرها أو الانتقاص منها، أو الدعوة إلى تركها، أو استبدالها بالذكر؛ وإنما تعني أن الذاكر الممارس لتلك الأعمال أفضل من الغافل الذي يمارسها من دون اصطحابها بالذكر، ذلك أن الذكر هو روحها وسرها وحياتها، كما قال تعالى عن الصلاة: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]
معارج الذكر والدعاء (16)
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية:
[الحديث: 1] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه (1).
[الحديث: 2] عن أبي سعيد الخدري، قال: قيل: يا رسول الله، أي الناس أعظم درجة؟ قال: الذاكرين الله (2).
[الحديث: 3] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله عز وجل: إن أوليائي من عبادي وأحبائي من خلقي الذين يذكرون بذكري، واذكر بذكرهم (3).
[الحديث: 4] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن من الناس مفاتيح لذكر الله؛ إذا رؤوا ذكر الله (4).
[الحديث: 5] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أنبئكم بخياركم؟.. خياركم الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل (5).
[الحديث: 6] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما توطن رجلٌ مسلمٌ المساجد للصلاة والذكر، إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم (6).
[الحديث: 7] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا انبئكم بخير أعمالكم، وأرضاها عند مليككم،
__________
(1) ابن ماجة: 2/ 1246، أحمد: 3/ 647 8.
(2) شعب الإيمان: 1/ 419.
(3) حلية الأولياء: 1/ 6، المعجم الأوسط: 1/ 203.
(4) المعجم الكبير: 10/ 205 6.
(5) ابن ماجة: 2/ 1379، أحمد: 10/ 442 0.
(6) ابن ماجة: 1/ 262، أحمد: 3/ 220.
معارج الذكر والدعاء (17)
وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟! قال: ذكر الله (1).
[الحديث: 8] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أكثروا ذكر الله عز وجل على كل حال؛ فإنه ليس عملٌ أحب إلى الله تعالى ولا أنجى لعبد من كل سيئة في الدنيا والآخرة من ذكر الله، قالوا: ولا القتال في سبيل الله؟ قال: لولا ذكر الله لم يؤمر بالقتال في سبيل الله، ولو اجتمع الناس على ما أمروا به من ذكر الله تعالى ما كتب الله القتال على عباده، فإن ذكر الله تعالى لا يمنعكم من القتال في سبيله، بل هو عونٌ لكم على ذلك، قالوا: يا رسول الله، فإن ذكر الله لا يكفينا من الجهاد، قال: ولا الجهاد يكفي من ذكر الله، ولا يصلح الجهاد إلا بذكر الله، وإنما الجهاد شعبةٌ من شعب ذكر الله، وطوبى لمن أكثر في الجهاد من ذكر الله، وكل كلمة بسبعين ألف حسنة، كل حسنة بعشر، وعند الله من المزيد ما لا يحصيه غيره (2).
[الحديث: 9] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أعطي أربعا أعطي أربعا، وتفسير ذلك في كتاب الله عز وجل:.. من أعطي الذكر ذكره الله؛ لأن الله يقول: ﴿اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152] (3).
[الحديث: 10] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152] يقول: اذكروني يا معشر العباد بطاعتي، أذكركم بمغفرتي (4).
[الحديث: 11] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني؛ فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم (5).
__________
(1) ابن ماجة: 2/ 1245؛ الكافي: 2/ 499.
(2) كنز العمال: 2/ 243 عن ابن صصري في أماليه.
(3) شعب الإيمان: 4/ 126.
(4) الفردوس: 3/ 150.
(5) البخاري: 6/ 2694، مسلم: 4/ 2061.
معارج الذكر والدعاء (18)
[الحديث: 12] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: المستهترون في ذكر الله؛ يضع الذكر عنهم أثقالهم، فيأتون يوم القيامة خفافا (1).
[الحديث: 13] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عز وجل يقول: إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه (2).
[الحديث: 14] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ذاكر الله في الغافلين كالذي يقاتل عن الفارين، وذاكر الله في الغافلين مثل المصباح في البيت المظلم، وذاكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر، وذاكر الله في الغافلين يعرفه الله مقعده من الجنة، وذاكر الله في الغافلين يغفر الله له بعدد كل فصيح وأعجمي، فالفصيح بنو آدم والأعجمي البهائم (3).
[الحديث: 15] عن ابن عباس، قال: مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعبد الله بن رواحة الأنصاري وهو يذكر أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما إنكم الملأ الذين أمرني الله أن أصبر نفسي معكم، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28]، أما إنه ما جلس عدتكم إلا جلس معهم عدتهم من الملائكة، إن سبحوا الله سبحوه، وإن حمدوا الله حمدوه، وإن كبروا الله كبروه، ثم يصعدون، فيقولون: يا ربنا، عبادك سبحوك فسبحنا، وكبروك فكبرنا، وحمدوك فحمدنا، فيقول ربنا: يا ملائكتي، أشهدكم أني قد غفرت لهم، فيقولون: فيهم فلانٌ وفلانٌ الخطاء! فيقول: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم (4).
[الحديث: 16] عن أبي عثمان، قال: كان سلمان في عصابة يذكرون الله، فمر بهم
__________
(1) الترمذي: 5/ 577، كنزالعمال: 1/ 417.
(2) الترمذي: 5/ 570.
(3) حلية الأولياء: 6/ 181.
(4) المعجم الصغير: 2/ 109، حلية الأولياء: 5/ 117.
معارج الذكر والدعاء (19)
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجاءهم قاصدا حتى دنا منهم، فكفوا عن الحديث إعظاما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال: ما كنتم تقولون؟ فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم، فأحببت أن أشارككم فيها! (1).
[الحديث: 17] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يقعد قومٌ يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده (2).
[الحديث: 18] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما اجتمع قومٌ على ذكر فتفرقوا عنه إلا قيل لهم: قوموا مغفورا لكم (3).
[الحديث: 19] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه، إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم، فقد بدلت سيئاتكم حسنات (4).
[الحديث: 20] عن جابر: خرج علينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا أيها الناس، إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر في الأرض، فارتعوا في رياض الجنة، قالوا: وأين رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر، فاغدوا وروحوا في ذكر الله، وذكروه أنفسكم (5).
[الحديث: 21] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليبعثن الله أقواما يوم القيامة في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء؛ هم المتحابون في الله من قبائل شتى وبلاد شتى، يجتمعون على ذكر الله يذكرونه (6).
[الحديث: 22] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اذكر الله؛ فإنه عونٌ لك على ما تطلب (7).
[الحديث: 23] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اتخذوا ذكر الله تجارة، يأتكم الرزق بغير
__________
(1) الحاكم: 1/ 210.
(2) مسلم: 4/ 2074؛ مكارم الأخلاق: 2/ 85.
(3) الإصابة: 3/ 175.
(4) أحمد: 4/ 286 6، مسند أبي يعلى: 4/ 161.
(5) الحاكم: 1/ 672؛ مكارم الأخلاق: 2/ 78.
(6) كنزالعمال: 1/ 438 عن المعجم الكبير.
(7) الخصال: ص 525، معاني الأخبار: ص 334؛ المعجم الكبير: 2/ 157.
معارج الذكر والدعاء (20)
بضاعة (1).
[الحديث: 24] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مكتوبٌ في التوراة التي لم تغير أن موسى عليه السلام سأل ربه فقال: يا رب، أقريبٌ أنت مني فأناجيك، أم بعيدٌ فأنأديك؟ فأوحى إليه: يا موسى، أنا جليس من ذكرني، فقال موسى: فمن في سترك يوم لا ستر إلا سترك؟ فقال: الذين يذكروني فأذكرهم، ويتحابون في فأحبهم، فأولئك الذين إذا أردت أن أصيب أهل الأرض بسوء ذكرتهم فدفعت عنهم بهم (2).
[الحديث: 25] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضا: يا جارة، هل مر بك اليوم ذاكرٌ لله تعالى، أو عبدٌ وضع جبهته عليك ساجدا لله؟ فمن قائلة: لا، ومن قائلة: نعم، فإذا قالت: نعم، اهتزت وانشرحت، وترى أن لها فضلا على جارتها (3).
[الحديث: 26] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قالت الحواريون لعيسى: يا روح الله من نجالس؟ قال: من يذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ويرغبكم في الآخرة عمله (4).
[الحديث: 27] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصف أولياء الله: تنعم الناس بالدنيا، وتنعموا بذكر الله (5).
[الحديث: 28] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة،
__________
(1) الفردوس: 2/ 119، فردوس الأخبار: 2/ 193.
(2) عدة الداعي: ص 235، الكافي: 2/ 496.
(3) مكارم الأخلاق: 2/ 373، بحار الأنوار: 77/ 84.
(4) الكافي: 1/ 39، تحف العقول: ص 44.
(5) إرشاد القلوب: ص 135.
معارج الذكر والدعاء (21)
ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله (1).
[الحديث: 29] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أشرف الحديث ذكر الله تعالى، ورأس الحكمة طاعته، وأصدق القول وأبلغ الموعظة وأحسن القصص كتاب الله (2).
[الحديث: 30] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال سبحانه: ﴿اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152] بنعمتي، واذكروني بالطاعة والعبادة أذكركم بالنعم والإحسان والرحمة والرضوان (3).
[الحديث: 31] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45] ذكر الله تعالى إياكم أكبر من ذكركم إياه (4).
[الحديث: 32] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: على كل قلب جاثمٌ من الشيطان، فإذا ذكر اسم الله خنس الشيطان وذاب، وإذا ترك الذكر التقمه الشيطان فجذبه وأغواه واستزله وأطغاه (5).
[الحديث: 33] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين، فجاءه ذكر الله عز وجل فنجاه من بينهم (6).
[الحديث: 34] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء (7).
[الحديث: 35] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثةٌ معصومون من إبليس وجنوده: الذاكرون
__________
(1) أبو داود: 2/ 179، أحمد: 9/ 331 5.
(2) من لا يحضره الفقيه: 4/ 402، الأمالي للصدوق: ص 576.
(3) عدة الداعي: ص 238، بحار الأنوار: 93/ 163.
(4) الفردوس: 4/ 406، الدر المنثور: 6/ 466 عن ابن السني وابن مردويه.
(5) عدة الداعي: ص 192، إرشاد القلوب: ص 61.
(6) فضائل الأشهر الثلاثة: ص 112؛ المعجم الكبير: 25/ 282.
(7) مسلم: 3/ 1598، أبو داود: 3/ 347.
معارج الذكر والدعاء (22)
لله، والباكون من خشية الله، والمستغفرون بالأسحار (1).
[الحديث: 36] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من اعطي لسانا ذاكرا، فقد أعطي خير الدنيا والآخرة (2).
[الحديث: 37] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله عز وجل: إذا أردت أن أجمع للمسلم خير الدنيا والآخرة، جعلت له قلبا خاشعا، ولسانا ذاكرا، وجسدا على البلاء صابرا، وزوجة مؤمنة (3).
[الحديث: 38] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اذكر الله عند همك إذا هممت، وعند لسانك إذا حكمت، وعند يدك إذا قسمت (4).
[الحديث: 39] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث القدسي: إن أهل الخير وأهل الآخرة أعينهم باكيةٌ، وقلوبهم ذاكرةٌ؛ إذا كتب الناس من الغافلين كتبوا من الذاكرين (5).
[الحديث: 40] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا خلوت فأكثر ذكر الله (6).
[الحديث: 41] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، منهم رجلٌ ذكر الله خاليا ففاضت عيناه (7).
[الحديث: 42] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل كلام لا يبدأ في أوله بذكر الله فهو أبتر (8).
[الحديث: 43] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الملائكة يمرون على حلق الذكر، فيقومون على رؤوسهم، ويبكون لبكائهم، ويؤمنون لدعائهم، فإذا صعدوا إلى السماء، يقول الله
__________
(1) إرشاد القلوب: ص 196؛ كنز العمال: 15/ 841 3 عن أبي الشيخ في الثواب.
(2) الكافي: 2/ 499.
(3) الكافي: 5/ 327، دعائم الإسلام: 2/ 194.
(4) كنز الفوائد: 2/ 31، بحار الأنوار: 77/ 171.
(5) إرشاد القلوب: ص 201، بحار الأنوار: 77/ 24.
(6) جامع الأخبار: ص 512.
(7) المحق: النقص والمحو والإبطال.
(8) عمل اليوم والليلة للنسائي: ص 346، أحمد: 3/ 281.
معارج الذكر والدعاء (23)
تعالى: يا ملائكتي أين كنتم؟ ـ وهو أعلم ـ فيقولون: يا ربنا إنا حضرنا مجلسا من مجالس الذكر، فرأينا أقواما يسبحونك ويمجدونك ويقدسونك، ويخافون نارك، فيقول الله سبحانه: يا ملائكتي، ازووها عنهم واشهدكم أني قد غفرت لهم، وآمنتهم مما يخافون، فيقولون: ربنا، إن فيهم فلانا وإنه لم يذكرك! فيقول: قد غفرت له بمجالسته لهم؛ فإن الذاكرين من لا يشقى بهم جليسهم (1).
[الحديث: 44] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أكثر ذكر الله رزقه الله (2).
[الحديث: 45] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل أحد يموت عطشان، إلا ذاكر الله (3).
[الحديث: 46] قال الإمام علي: دخلت السوق فابتعت لحما بدرهم، وذرة بدرهم، فأتيت به فاطمة (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت: لو دعوت أبي، فأتيته وهو مضطجعٌ، وهو يقول: أعوذ بالله من الجوع ضجيعا، فقلت له: يا رسول الله، إن عندنا طعاما، فقام واتكأ علي، ومضينا نحو فاطمة، فلما دخلنا: قال: هلم طعامك يا فاطمة، فقدمت إليه البرمة والقرص، فغطى القرص وقال: اللهم بارك لنا في طعامنا.. ثم قال: اغرفي لعائشة فغرفت، ثم قال: اغرفي لأم سلمة فغرفت، فما زالت تغرف حتى وجهت إلى نسائه قرصة قرصة ومرقا، ثم قال: اغرفي لأبيك وبعلك، ثم قال: اغرفي وكلي وأهدي لجاراتك، ففعلت، وبقي عندهم أياما يأكلون (4).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
__________
(1) عدة الداعي: ص 241، أعلام الدين: ص 280.
(2) دعائم الإسلام: 2/ 116.
(3) الدعوات: ص 237.
(4) قرب الإسناد: ص 325.
معارج الذكر والدعاء (24)
[الحديث: 47] قال الإمام علي: ذاكر الله سبحانه مجالسه (1).
[الحديث: 48] قال الإمام علي: أهل الذكر، أهل الله وخاصته (2).
[الحديث: 49] قال الإمام علي في وصف الصادقين من شيعته: يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمه الشكر، خاشعا قلبه، ذاكرا ربه بينا صبره، كثيرا ذكره (3).
[الحديث: 50] قال الإمام علي: طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها، وهجرت في الليل غمضها.. في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاههم، وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم، ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22]
[الحديث: 51] قال الإمام علي: إن الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب، تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد العشوة، وتنقاد به بعد المعاندة، وما برح لله ـ عزت آلاؤه ـ في البرهة بعد البرهة، وفي أزمان الفترات، عبادٌ ناجاهم في فكرهم، وكلمهم في ذات عقولهم، فاستصبحوا بنور يقظة في الأبصار والأسماع والأفئدة، يذكرون بأيام الله، ويخوفون مقامه، بمنزلة الأدلة في الفلوات، من أخذ القصد حمدوا إليه طريقه، وبشروه بالنجاة، ومن أخذ يمينا وشمالا ذموا إليه الطريق، وحذروه من الهلكة، وكانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات، وأدلة تلك الشبهات، وإن للذكر لأهلا، أخذوه من الدنيا بدلا، فلم تشغلهم تجارةٌ ولا بيعٌ عنه، يقطعون به أيام الحياة، ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين، ويأمرون بالقسط ويأتمرون به، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه، فكأنما قطعوا الدنيا إلى الآخرة وهم فيها، فشاهدوا ما وراء ذلك، فكأنما اطلعوا غيوب أهل البرزخ في
__________
(1) غرر الحكم: ح 5159.
(2) غرر الحكم: ح 1467.
(3) مطالب السؤول: ص 54؛ التمحيص: ص 72.
معارج الذكر والدعاء (25)
طول الإقامة فيه، وحققت القيامة عليهم عداتها، فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدنيا، حتى كأنهم يرون ما لا يرى الناس، ويسمعون ما لا يسمعون، فلو مثلتهم لعقلك ـ في مقاومهم المحمودة، ومجالسهم المشهودة، وقد نشروا دواوين أعمالهم، وفرغوا لمحاسبة أنفسهم على كل صغيرة وكبيرة أمروا بها فقصروا عنها، أو نهوا عنها ففرطوا فيها، وحملوا ثقل أوزارهم ظهورهم، فضعفوا عن الاستقلال بها، فنشجوا نشيجا، وتجاوبوا نحيبا، يعجون إلى ربهم من مقام ندم واعتراف ـ لرأيت أعلام هدى، ومصابيح دجى، قد حفت بهم الملائكة، وتنزلت عليهم السكينة، وفتحت لهم أبواب السماء، وأعدت لهم مقاعد الكرامات، في مقعد اطلع الله عليهم فيه، فرضي سعيهم، وحمد مقامهم، يتنسمون بدعائه روح التجاوز، رهائن فاقة إلى فضله، وأسارى ذلة لعظمته، جرح طول الأسى قلوبهم، وطول البكاء عيونهم، لكل باب رغبة إلى الله منهم يدٌ قارعةٌ، يسألون من لا تضيق لديه المنادح، ولا يخيب عليه الراغبون، فحاسب نفسك لنفسك، فإن غيرها من الأنفس لها حسيبٌ غيرك (1).
[الحديث: 52] قال الإمام علي: كن لله مطيعا، وبذكره آنسا، وتمثل في حال توليك عنه إقباله عليك؛ يدعوك إلى عفوه، ويتغمدك بفضله (2).
[الحديث: 53] قال الإمام علي: إن أحسن الحديث ذكر الله (3).
[الحديث: 54] قال الإمام علي: ذكر الله نور الإيمان (4).
[الحديث: 55] قال الإمام علي: ذكر الله شيمة المتقين (5).
[الحديث: 56] قال الإمام علي: الذكر لذة المحبين (6).
__________
(1) نهج البلاغة: الخطبة 222، بحار الأنوار: 69/ 325.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 223، بحار الأنوار: 71/ 192.
(3) من لا يحضره الفقيه: 1/ 521.
(4) غرر الحكم: ح 5161.
(5) غرر الحكم: ح 5163.
(6) غرر الحكم: ح 670.
معارج الذكر والدعاء (26)
[الحديث: 57] قال الإمام علي: ذكر الله مسرة كل متق، ولذة كل موقن (1).
[الحديث: 58] قال الإمام علي: اذكروا الله يذكركم؛ فإنه ذاكرٌ لمن ذكره، واسألوا الله من رحمته وفضله؛ فإنه لا يخيب عليه داع دعاه (2).
[الحديث: 59] قال الإمام علي: إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام، واذكروا الله عز وجل، ولا تولوهم الأدبار فتسخطوا الله تبارك وتعالى، وتستوجبوا غضبه (3).
[الحديث: 60] قال الإمام علي: اشحن الخلوة بالذكر، واصحب النعم بالشكر (4).
[الحديث: 61] قال الإمام علي: أفضل العبادة سهر العيون بذكر الله سبحانه (5).
[الحديث: 62] قال الإمام الحسن: اعلموا أن الله لم يخلقكم عبثا، وليس بتارككم سدى، قد كفاكم مؤونة الدنيا، وفرغكم لعبادته، وحثكم على الشكر، وافترض عليكم الذكر (6).
[الحديث: 63] قال الإمام الحسن ـ لرجل برئ من علة كانت به ـ: إن الله قد ذكرك فاذكره، وأقالك فاشكره (7).
[الحديث: 64] قال الإمام الباقر: لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله عز وجل؛ قائما كان أو جالسا أو مضطجعا، إن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا
__________
(1) غرر الحكم: ح 5174.
(2) من لا يحضره الفقيه: 1/ 432، مصباح المتهجد: ص 384.
(3) الكافي: 5/ 42، الخصال: ص 617، تحف العقول: ص 107.
(4) غرر الحكم: ح 2374.
(5) غرر الحكم: ح 3149.
(6) تحف العقول: ص 232، بحار الأنوار: 78/ 110.
(7) تحف العقول: ص 234 وص 280، بحار الأنوار: 78/ 106.
معارج الذكر والدعاء (27)
وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 190 - 191] (1).
[الحديث: 65] قال الإمام الباقر: إن أبناء الآخرة هم المؤمنون، العاملون، الزاهدون، أهل العلم والفقه، وأهل فكرة واعتبار واختبار، لا يملون من ذكر الله (2).
[الحديث: 66] قال الإمام الباقر: الآخرة دار قرار، والدنيا دار فناء وزوال، ولكن أهل الدنيا أهل غفلة، وكأن المؤمنين هم الفقهاء؛ أهل فكرة وعبرة، لم يصمهم عن ذكر الله جل اسمه ما سمعوا بآذانهم، ولم يعمهم عن ذكر الله ما رأوا من الزينة بأعينهم، ففازوا بثواب الآخرة، كما فازوا بذلك العلم (3).
[الحديث: 67] قال الإمام الباقر في قوله تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45]: يقول: ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه، ألا ترى أنه يقول: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152]؟ (4).
[الحديث: 68] قال الإمام الباقر: تعرض لرقة القلب بكثرة الذكر في الخلوات (5).
[الحديث: 69] قال الإمام الباقر: إن في التوراة مكتوبا، فيما ناجى الله تعالى به موسى أن قال له: يا موسى اذكرني في خلوتك وعند سرور لذتك، أذكرك عند غفلاتك (6).
[الحديث: 70] قال الإمام الباقر لبعض أصحابه: إن شئت أخبرتك بأبواب الخير؟ قيل: نعم، جعلت فداك! قال: الصوم جنةٌ، والصدقة تذهب بالخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل بذكر الله، ثم قرأ: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا
__________
(1) الأمالي للمفيد: ص 310، تفسير العياشي: 1/ 211.
(2) تحف العقول: ص 287، بحار الأنوار: 78/ 165.
(3) الكافي: 2/ 133، بحار الأنوار: 73/ 36.
(4) تفسير القمي: 2/ 150، بحار الأنوار: 82/ 199.
(5) تحف العقول: ص 285، بحار الأنوار: 78/ 164.
(6) الكافي: 6/ 296، المحاسن: 2/ 213.
معارج الذكر والدعاء (28)
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة: 16] (1).
[الحديث: 71] قال الإمام الصادق: إن في الجنة قيعانا، فإذا أخذ الذاكر في الذكر أخذت الملائكه في غرس الأشجار، فربما وقف بعض الملائكة، فيقال له: لم وقفت؟ فيقول: إن صاحبي قد فتر ـ يعني عن الذكر ـ (2).
[الحديث: 72] قال الإمام الصادق: قال الله تعالى: ابن آدم، اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي، ابن آدم، اذكرني في خلاء أذكرك في خلاء، ابن آدم، اذكرني في ملأ أذكرك في ملأ خير من ملئك (3).
[الحديث: 73] قال الإمام الصادق: قال الله عز وجل: من ذكرني سرا ذكرته علانية (4).
[الحديث: 74] قال الإمام الصادق في قول الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 201]: هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك، فذلك قوله: ﴿تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 201] (5).
[الحديث: 75] قال الإمام الصادق: يا أهل الإيمان ومحل الكتمان، تفكروا وتذكروا عند غفلة الساهين (6).
[الحديث: 76] قال الإمام الصادق: شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله كثيرا (7).
__________
(1) الكافي: 2/ 24، المحاسن: 1/ 451.
(2) عدة الداعي: ص 239، بحار الأنوار: 93/ 163.
(3) المحاسن: 1/ 110، بحار الأنوار: 93/ 158.
(4) الكافي: 2/ 501، عدة الداعي: ص 244.
(5) الكافي: 2/ 434، تفسير العياشي: 2/ 43.
(6) تحف العقول: ص 373، بحار الأنوار: 78/ 258.
(7) الكافي: 2/ 499.
معارج الذكر والدعاء (29)
[الحديث: 77] قال الإمام الرضا: كان نقش خاتم عيسى عليه السلام حرفين اشتقهما من الإنجيل: طوبى لعبد ذكر الله من أجله، وويلٌ لعبد نسي الله من أجله (1).
[الحديث: 78] قيل للإمام الرضا: لم أمر الله العباد ونهاهم؟ قال: لأنه لا يكون بقاؤهم وصلاحهم إلا بالأمر والنهي، والمنع عن الفساد والتغاصب.. قيل: لم تعبّدهم؟ قال: لئلا يكونوا ناسين لذكره، ولا تاركين لأدبه، ولا لاهين عن أمره ونهيه، إذ كان فيه صلاحهم وفسادهم وقوامهم، فلو تركوا بغير تعبد لطال عليهم الأمد، وقست قلوبهم (2).
__________
(1) الأمالي للصدوق: ص 542، عيون أخبار الإمام الرضا: 2/ 55.
(2) علل الشرائع: ص 256، بحار الأنوار: 6/ 63.
معارج الذكر والدعاء (30)
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل الدعاء]، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الحث على الدعاء، وتعتبره من الأعمال الفاضلة التي قام بها الرسل الهداة الذين أمرنا بالاقتداء بهم، وفي ذلك أبلغ الرد على من توهموا أن التفويض والتسليم والتوكل على الله متناف مع الدعاء.
ومن تلك الآيات قوله تعالى في تلقي آدم عليه السلام من ربه الكلمات التي تعلمه كيفية التوبة: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: 37]، وهي التي نص عليها قوله تعالى: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: 23]
ومنها دعوات نوح عليه السلام، والتي ورد ذكرها في قوله تعالى: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾ [هود: 45]، وقوله: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [هود: 47]، وقوله: ﴿قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ [المؤمنون: 26]، وقوله: ﴿قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ﴾ [الشعراء: 117] وقوله: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا﴾ [نوح: 26 - 28]، وغيرها من الآيات الكريمة.
ومنها دعوات إبراهيم عليه السلام، والذي أخبر القرآن الكريم عن كثرة دعائه لله، كما قال تعالى: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي
معارج الذكر والدعاء (31)
شَقِيًّا﴾ [مريم: 48]
ومن تلك الدعوات، ما عبر عنه قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: 124 - 129]
وقد ورد التعقيب عليها بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [البقرة: 130]، وفي ذلك إشارة إلى أن الكمال في الدعاء لا في تركه، بل إن في تركه رغبة عن سنة إبراهيم عليه السلام.
ومن دعواته التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ما عبر عنه قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ
معارج الذكر والدعاء (32)
الدُّعَاءِ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ [إبراهيم: 35 - 41]
ومنها ما عبر عنه قوله تعالى: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 83 - 89]، وغيرها من دعواته الكثيرة.
ومنها دعوات لوط عليه السلام، كما قال تعالى: ﴿قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ﴾ [الشعراء: 168 - 169]
ومنها دعوات يعقوب عليه السلام، كما قال تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 86]
ومنها دعوات يوسف عليه السلام، كما قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: 33]، وقوله: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: 101]
وغيرها من الأمثلة الكثيرة التي لا يمكن إيرادها جميعا هنا، وإنما ذكرناها لنبين مدى الانحراف الذي وقع فيه من توهموا أن الدعاء نقص، ومناف للكمال؛ فهؤلاء الكمل الذين أخبر الله عنهم، ودعا إلى الاهتداء بهديهم، كانوا يدعون الله في كل أحوالهم، ولكل حاجاتهم، وهو ما تؤكده الأحاديث التي سنوردها هنا.
معارج الذكر والدعاء (33)
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 79] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدعاء مخ العبادة (1).
[الحديث: 80] عن النعمان بن بشير، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] (2)
[الحديث: 81] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أشرف العبادة الدعاء (3).
[الحديث: 82] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس شيءٌ أكرم على الله تعالى من الدعاء (4).
[الحديث: 83] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله ما الأواه؟ قال: الأواه الخاشع الدعاء المتضرع، ثم قرأ: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: 114] (5).
[الحديث: 84] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لم يدع الله غضب الله عليه (6).
[الحديث: 85] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: من لا يدعوني أغضب عليه (7).
[الحديث: 86] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تعجزوا في الدعاء؛ فإنه لا يهلك مع الدعاء أحدٌ (8).
[الحديث: 87] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدعاء مخ العبادة، ولا يهلك مع الدعاء
__________
(1) الترمذي: 5/ 656، عدة الداعي: ص 26.
(2) الترمذي: 5/ 376، أبو داوود: 2/ 76.
(3) الأدب المفرد: ص 216.
(4) الترمذي: 5/ 655، ابن ماجة: 2/ 1258.
(5) الزهد لابن المبارك: ص 605.
(6) أحمد: 3/ 668 وص 518 2، الترمذي: 5/ 656.
(7) كنز العمال: 2/ 63 عن العسكري في المواعظ.
(8) الحاكم: 1/ 671، الفردوس: 5/ 28، بحار الأنوار: 93/ 300.
معارج الذكر والدعاء (34)
أحدٌ (1).
[الحديث: 88] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: افزعوا إلى الله في حوائجكم، والجؤوا إليه في ملماتكم، وتضرعوا إليه وادعوه؛ فإن الدعاء مخ العبادة (2).
[الحديث: 89] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل العبادة الدعاء (3).
[الحديث: 90] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس شيءٌ أحب إلى الله عز وجل من أن يسأل (4).
[الحديث: 91] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل عن صحف إبراهيم عليه السلام: كان فيها: على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعاتٌ: ساعةٌ يناجي فيها ربه عز وجل، وساعةٌ يحاسب نفسه، وساعةٌ يتفكر فيما صنع الله عز وجل إليه، وساعةٌ يخلو فيها بحظ نفسه من الحلال؛ فإن هذه الساعة عونٌ لتلك الساعات، واستجمامٌ للقلوب وتوزيعٌ لها (5).
[الحديث: 92] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أربعٌ من كن فيه أمن يوم الفزع الأكبر.. وإذا كانت له حاجةٌ سأل ربه (6).
[الحديث: 93] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من عبد سلك واديا فيبسط كفيه فيذكر الله ويدعو، إلا ملأ الله ذلك الوادي حسنات، فليعظم ذلك الوادي أو ليصغر (7).
[الحديث: 94] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وبخوا نفوسكم قبل أن توبخوا، ادعوا الله عز وجل قبل أن تردوا عليه ولا تقدرون على ذلك (8).
__________
(1) الدعوات: ص 18.
(2) عدة الداعي: ص 36، أعلام الدين: ص 278.
(3) عدة الداعي: ص 35، إرشاد القلوب: ص 168.
(4) الكافي: 6/ 21، من لا يحضره الفقيه: 2/ 70.
(5) الخصال: ص 5?5، معاني الأخبار: ص ??4.
(6) تنبيه الخواطر: ?/???.
(7) ثواب الأعمال: ص ???.
(8) الفضائل: ص ???، بحار الأنوار: ?/?45.
معارج الذكر والدعاء (35)
[الحديث: 95] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يدخل الجنة رجلان كانا يعملان عملا واحدا، فيرى أحدهما صاحبه فوقه، فيقول: يا رب، بما أعطيته وكان عملنا واحدا؟ فيقول الله تبارك وتعالى: سألني ولم تسألني (1).
[الحديث: 96] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، الذين اتخذوا أرض الله بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، واتخذوا الكتاب شعارا، والدعاء لله دثارا (2).
[الحديث: 97] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عز وجل ليحيي قلب المؤمن بالدعاء (3).
[الحديث: 98] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ترك الدعاء معصيةٌ (4).
[الحديث: 99] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء (5).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 100] قال الإمام علي: أحب الأعمال إلى الله عز وجل في الأرض الدعاء، وأفضل العبادة العفاف (6).
[الحديث: 101] سئل الإمام علي: أي عمل أنجح؟ فقال: طلب ما عند الله عز وجل (7).
[الحديث: 102] قال الإمام علي: خير ما استنجحت به الأمور ذكر الله سبحانه (8).
__________
(1) عدة الداعي: ص ?6، بحار الأنوار: ?/???.
(2) الأمالي للطوسي: ص 532، مكارم الأخلاق: 2/ 370.
(3) الفردوس: 1/ 168
(4) تنبيه الخواطر: 2/ 120؛ المعجم الصغير: 1/ 251.
(5) الأمالي للمفيد: ص 317، الأمالي للطوسي: ص 89.
(6) الكافي: 2/ 667، عدة الداعي: ص 33.
(7) من لا يحضره الفقيه: 6/ 383، معاني الأخبار: ص 198.
(8) غرر الحكم: ح 4987.
معارج الذكر والدعاء (36)
[الحديث: 103] قال الإمام علي: ذكر الله طارد اللأواء والبؤس (1).
[الحديث: 104] قال الإمام علي: للمؤمن ثلاث ساعات: فساعةٌ يناجي فيها ربه، وساعةٌ يرم معاشه، وساعةٌ يخلي بين نفسه وبين لذتها فيما يحل ويجمل (2).
[الحديث: 105] قال الإمام علي: قال الله عز وجل لعباده: أيها الفقراء إلى رحمتي، إني قد ألزمتكم الحاجة إلي في كل حال، وذلة العبودية في كل وقت؛ فإلي فافزعوا في كل أمر تأخذون فيه وترجون تمامه وبلوغ غايته؛ فإني إن أردت أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم، وإن أردت أن أمنعكم لم يقدر غيري على إعطائكم؛ فأنا أحق من سئل وأولى من تضرع إليه (3).
[الحديث: 106] قال الإمام علي: أعلم الناس بالله أكثرهم له مسألة (4).
[الحديث: 107] قال الإمام علي: اعملوا والعمل ينفع، والدعاء يسمع، والتوبة ترفع (5).
[الحديث: 108] قال الإمام علي: الدعاء زيادةٌ (6).
[الحديث: 109] قال الإمام علي: إن لله عبادا كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين، وأهل النار في النار معذبين.. أما الليل فصافون أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى ربهم: ربنا ربنا، يطلبون فكاك رقابهم (7).
[الحديث: 110] قال الإمام علي: التقرب إلى الله تعالى بمسألته، وإلى الناس بتركها (8).
__________
(1) غرر الحكم: ح 5170.
(2) نهج البلاغة: الحكمة ???، تحف العقول: ص ???.
(3) التوحيد: ص ???.
(4) غرر الحكم: ح ??6?، عيون الحكم والمواعظ: ص ???.
(5) غرر الحكم: ح 2560، عيون الحكم والمواعظ: ص 92.
(6) شرح نهج البلاغة: 20/ 261.
(7) تاريخ دمشق: 62/ 693، الكافي: 2/ 132.
(8) غرر الحكم: ح 1801، عيون الحكم والمواعظ: ص 56.
معارج الذكر والدعاء (37)
[الحديث: 111] قال الإمام علي: الحظوة عند الخالق بالرغبة فيما لديه، والحظوة عند المخلوق بالرغبة عما في يديه (1).
[الحديث: 112] قال الإمام علي في وصف الصادقين من الموالين: صفر الوجوه من السهر، ذبل الشفاه من الدعاء، عليهم غبرة الخاشعين (2).
[الحديث: 113] قال الإمام علي: أربعٌ للمرء لا عليه: الإيمان والشكر والاستغفار والدعاء؛ فإنه قال تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان:] (3).
[الحديث: 114] قال الإمام علي لرجل سأله أن يعظه: لا تكن ممن يعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتلي، إن أصابه بلاءٌ دعا مضطرا، وإن ناله رخاءٌ أعرض مغترا (4).
[الحديث: 115] قال الإمام السجاد: صلى الإمام علي الفجر، ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قيد رمح، وأقبل على الناس بوجهه، فقال: والله، لقد أدركت أقواما يبيتون لربهم سجدا وقياما، يخالفون بين جباههم وركبهم، كأن زفير النار في آذانهم، إذا ذكر الله عندهم مادوا كما يميد الشجر، كأنما القوم باتوا غافلين.. ثم قام، فما رئي ضاحكا حتى قبض (5).
[الحديث: 116] قال الإمام الباقر: صلى الإمام علي بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف الله، ثم قال: أما والله، لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنهم ليصبحون ويمسون شعثا غبرا خمصا، بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجدا وقياما، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربهم
__________
(1) غرر الحكم: ح 2055، عيون الحكم والمواعظ: ص 63 و1620.
(2) الإرشاد: 1/ 237، صفات الشيعة: ص 89.
(3) الأمالي للطوسي: ص 693.
(4) نهج البلاغة: الحكمة 150.
(5) الكافي: 2/ 236، أعلام الدين: ص 111.
معارج الذكر والدعاء (38)
ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون مشفقون (1).
[الحديث: 117] قال الإمام السجاد في دعائه لوداع شهر رمضان: اللهم أنت الذي دللتهم، وقلت: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]، فسميت دعاءك عبادة وتركه استكبارا، وتوعدت على تركه دخول جهنم داخرين (2).
[الحديث: 118] قال الإمام السجاد في مناجاته: إلهي لا تجعلني ممن يبطره الرخاء، ويصرعه البلاء؛ فلا يدعوك إلا عند حلول نازلة، ولا يذكرك إلا عند وقوع جائحة، فيصرع لك خده، وترفع بالمسألة إليك يده (3).
[الحديث: 119] قال الإمام الباقر في قول الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]: هو الدعاء، وأفضل العبادة الدعاء (4).
[الحديث: 120] قيل للإمام الباقر: أي العبادة أفضل؟ قال: ما من شيء أفضل عند الله عز وجل من أن يسأل ويطلب مما عنده، وما أحدٌ أبغض إلى الله عز وجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده (5).
[الحديث: 121] قيل للإمام الباقر: أيهما أفضل في الصلاة، كثرة القراءة، أو طول اللبث في الركوع والسجود؟ فقال: كثرة اللبث في الركوع والسجود في الصلاة أفضل، أما
__________
(1) الكافي: 2/ 236، الأمالي للطوسي: ص 102.
(2) الصحيفة السجادية: ص 173 الدعاء 65.
(3) بحار الأنوار: 96/ 130 عن الكتاب العتيق الغروي.
(4) الكافي: 2/ 666.
(5) الكافي: 2/ 666، مكارم الأخلاق: 2/ 7.
معارج الذكر والدعاء (39)
تسمع لقول الله عز وجل: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [المزمل: 20]، إنما عنى بإقامة الصلاة طول اللبث في الركوع والسجود، قيل: فأيهما أفضل كثرة القراءة أو كثرة الدعاء؟ فقال: كثرة الدعاء أفضل، أما تسمع لقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان: 77] (1).
[الحديث: 122] سئل الإمام الباقر عن قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: 114]، فقال: الأواه هو الدعاء (2).
[الحديث: 123] قال الإمام الباقر لبعض أصحابه: إنما شيعة علي الشاحبون الناحلون الذابلون، ذابلةٌ شفاههم.. إذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فراشا، واستقبلوا الأرض بجباههم، كثيرٌ سجودهم، كثيرةٌ دموعهم، كثيرٌ دعاؤهم، كثيرٌ بكاؤهم، يفرح الناس وهم يحزنون (3).
[الحديث: 124] قال الإمام الباقر: قال سليمان بن داوود عليهما السلام: أوتينا ما أوتي الناس وما لم يؤتوا، وعلمنا ما علم الناس وما لم يعلموا، فلم نجد شيئا أفضل من خشية الله في الغيب والمشهد، والقصد في الغنى والفقر، وكلمة الحق في الرضا والغضب، والتضرع إلى الله عز وجل في كل حال (4).
[الحديث: 125] قال الإمام الباقر: لما كلم الله موسى عليه السلام، قال موسى: إلهي فما جزاء من لم يفتر لسانه عن ذكرك، والتضرع والاستعانة لك في الدنيا؟ قال: يا موسى، أعينه على شدائد الآخرة (5).
__________
(1) مستطرفات السرائر: ص 88، فلاح السائل: ص 80، عدة الداعي: ص 16.
(2) الكافي: 2/ 666، تفسير العياشي: 2/ 116.
(3) الخصال: ص 666، صفات الشيعة: ص 88.
(4) الخصال: ص 261، مشكاة الأنوار: ص 530.
(5) فضائل الأشهر الثلاثة: ص 88.
معارج الذكر والدعاء (40)
[الحديث: 126] قال الإمام الصادق: ثلاثٌ لا يضر معهن شيءٌ: الدعاء عند الكرب، والاستغفار عند الذنب، والشكر عند النعمة (1).
[الحديث: 127] قال الإمام الصادق ـ في قول الله عز وجل: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ [فاطر: 2] الدعاء (2).
[الحديث: 128] قيل للإمام الصادق: رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة، فتلا هذا القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه، ودعا هذا أكثر فكان دعاؤه أكثر من تلاوته، ثم انصرفا في ساعة واحدة، أيهما أفضل؟ قال: كلٌ فيه فضلٌ، كلٌ حسنٌ، قيل: إني قد علمت أن كلا حسنٌ وأن كلا فيه فضلٌ، فقال: الدعاء أفضل، أما سمعت قول الله عز وجل: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر:]، هي والله العبادة، هي والله أفضل، هي والله أفضل، أليست هي العبادة؟! هي والله العبادة، هي والله العبادة، أليست هي أشدهن؟! هي والله أشدهن، هي والله أشدهن (3).
[الحديث: 129] قال الإمام الصادق: ادع ولا تقل: قد فرغ من الأمر؛ فإن الدعاء هو العبادة؛ إن الله عز وجل يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]، وقال: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60] (4).
__________
(1) الكافي: 2/ 95، الأمالي للطوسي: ص 206.
(2) فلاح السائل: ص ?5، بحار الأنوار: ??/???.
(3) تهذيب الأحكام: 2/ 106، فلاح السائل: ص 79، عدة الداعي: ص 35.
(4) الكافي: 2/ 667.
معارج الذكر والدعاء (41)
[الحديث: 130] قال الإمام الكاظم: اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان والثقات الذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم (1).
[الحديث: 131] قال الإمام الرضا: الدعاء أفضل من قراءة القرآن؛ لأن الله جل وعز يقول: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾ [الفرقان:] (2).
__________
(1) تحف العقول: ص 4??، الفقه المنسوب للإمام الرضا: ص ???.
(2) الفقه المنسوب للإمام الرضا: ص 365، مكارم الأخلاق: 2/ 238.
معارج الذكر والدعاء (42)
المعراج الثاني من معارج الذكر والدعاء [معراج الكثرة والدوام]، وإلى هذا المعراج الإشارة بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41]، وقوله: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 10]
فالآية الكريمة الأولى تدعو إلى كثرة الذكر، والثانية تدعو إلى الدوام عليه، وفي كل الأحوال، حتى في حال الانتشار في الأرض، والسعي لتحصيل الكسب.
وسر ذلك يعود إلى أن الذكر يشبه الغذاء والدواء، فكما أنه لا يستغنى عن كليهما لحفظ الجسد؛ فكذلك لا يستغنى عن الذكر والدعاء لحفظ الروح والحقيقة الإنسانية التي لا دوام لها، ولا كمال من دون الارتباط بالله تعالى.
وقد قسمنا الأحاديث الدالة على كلا المعنيين إلى قسمين:
أولا ـ ما ورد حول فضل كثرة الذكر.
ثانيا ـ ما ورد حول فضل الدوام والاستمرار.
مع التنبيه إلى أنه نتيجة ارتباط الكثرة بالدوام، قد يرد في الحديث الواحد ما يدل على كليهما؛ فلذلك نكتفي بإيراده في أحد القسمين.
معارج الذكر والدعاء (43)
أولا ـ ما ورد حول فضل كثرة الذكر
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل كثرة الذكر]، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من تخصيص الذكر وحده من بين العبادات جميعا بالدعوة إلى الإكثار منه، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 41]
وسر ذلك يعود إلى أن التأثير الحقيقي والكامل للذكر يكون في ذلك الإكثار، ولهذا يخبر الله تعالى عن قلة ذكر المنافقين لله، وهو يدل على أنه السبب في إصابتهم بمرض النفاق، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ الله إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 142]
بل إن الله تعالى يذكر أن الاستفادة الحقيقية من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو التربية على يديه، لا تكون إلا للمكثرين من ذكر الله، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]
ولهذا يعتبر الله الذكر الكثير من صفات الصالحين، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ الله كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ الله لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]
وقد قال الإمام الصادق مشيرا إلى هذا المعنى: (ما من شي ء إلّا وله حدّ ينتهي إليه
معارج الذكر والدعاء (44)
إلّا الذكر، فليس له حدّ ينتهي إليه، فرض الله عزّ وجلّ الفرائض فمن أدّاهنّ فهو حدّهنّ، وشهر رمضان فمن صامه فهو حدّه، والحجّ فمن حجّ فهو حدّه إلّا الذكر فإنّ الله عزّ وجلّ لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حدّا ينتهي إليه، ثمّ تلا هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 41]، وقال: (لم يجعل الله عزّ وجلّ له حدّا ينتهي إليه) (1)
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 132] عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل: أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ فقال: ﴿الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ [الأحزاب: 35] (2).
[الحديث: 133] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أكثر ذكر الله، فقد برئ من النفاق (3).
[الحديث: 134] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من عجز منكم عن الليل أن يكابده، وبخل بالمال أن ينفقه، وجبن عن العدو أن يجاهده، فليكثر من ذكر الله (4).
[الحديث: 135] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أكثروا ذكر الله عز وجل على كل حال؛ فليس عملٌ أحب إلى الله ولا أنجى لعبده من ذكر الله في الدنيا والآخرة (5).
__________
(1) الكافي 2/ 361.
(2) الترمذي: 5/ 458، أحمد: 4/ 151 0.
(3) المعجم الأوسط: 7/ 86.
(4) شعب الإيمان: 1/ 291، المعجم الكبير: 11/ 70 1.
(5) شعب الإيمان: 1/ 395.
معارج الذكر والدعاء (45)
[الحديث: 136] عن أم أنس أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله أوصني، قال: اهجري المعاصي فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض فإنها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله فإنك لا تأتين الله بشيء أحب إليه من كثرة ذكره (1).
[الحديث: 137] عن معاذ، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أي المجاهدين أعظم أجرا؟ قال: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا، قال: فأي الصائمين أعظم أجرا؟ قال: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا.. ثم ذكر الصلاة، والزكاة، والحج، والصدقة، كل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا (2).
[الحديث: 138] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعا، كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات (3).
[الحديث: 139] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله كثيرا؛ فإنه ذكرٌ لك في السماء، ونورٌ لك في الأرض (4).
[الحديث: 140] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ذكر الله كثيرا كتبت له براءتان: براءةٌ من النار، وبراءةٌ من النفاق (5).
[الحديث: 141] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أكثر ذكر الله، أظله الله في جنته (6).
[الحديث: 142] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا اخبركم بخير أعمالكم لكم، وأرفعها في درجاتكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من الدينار والدرهم، وخير لكم من أن تلقوا
__________
(1) المعجم الكبير: 25/ 129.
(2) أحمد: 5/ 309 4.
(3) أبو داود: 2/ 70، ابن ماجة: 1/ 424؛ مجمع البيان: 8/ 561.
(4) غرر الحكم: ح 541.
(5) الكافي: 2/ 500.
(6) الكافي: 2/ 122 وص 500، تنبيه الخواطر: 2/ 191.
معارج الذكر والدعاء (46)
عدوكم فتقتلوهم ويقتلوكم؟ فقالوا: بلى، فقال: ذكر الله عز وجل كثيرا (1).
[الحديث: 143] قال الإمام الصادق: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: من خير أهل المسجد؟ فقال: أكثرهم لله ذكرا (2).
[الحديث: 144] قال الإمام علي لرجل من بني سعد: ألا احدثك عني وعن فاطمة الزهراء (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)؟ إنها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرٌ شديدٌ، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادما يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل، فأتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوجدت عنده حداثا فاستحيت فانصرفت، فعلم صلى الله عليه وآله وسلم أنها قد جاءت لحاجة، فغدا علينا.. ثم قال: يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد؟.. فقلت: أنا والله أخبرك يا رسول الله، إنها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وجرت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادما يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل، قال: أفلا أعلمكما ما هو خيرٌ لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما فكبرا أربعا وثلاثين تكبيرة، وسبحا ثلاثا وثلاثين تسبيحة، واحمدا ثلاثا وثلاثين تحميدة (3).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 145] قال الإمام علي: من اشتغل بذكر الله، طيب الله ذكره (4).
__________
(1) الكافي: 2/ 499، المحاسن: 1/ 109.
(2) الكافي: 2/ 499، عدة الداعي: ص 234.
(3) من لا يحضره الفقيه: 1/ 320؛ أبو داود: 3/ 150.
(4) غرر الحكم: ح 8235.
معارج الذكر والدعاء (47)
[الحديث: 146] قال الإمام علي في كتابه لبعض عماله: إن أحب إخواني إلي أكثرهم لله ذكرا، وأشدهم منه خوفا، وأنا أرجو أن تكون منهم إن شاء الله (1).
[الحديث: 147] قال الإمام علي: إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه، فاستشعر الحزن، وتجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى في قلبه، وأعد القرى ليومه النازل به، فقرب على نفسه البعيد، وهون الشديد، نظر فأبصر، وذكر فاستكثر (2).
[الحديث: 148] قال الإمام علي: المؤمن وقورٌ ذكورٌ (3).
[الحديث: 149] قال الإمام علي: من ذكر الله عز وجل في السر فقد ذكر الله كثيرا، إن المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السر، فقال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 142] (4).
[الحديث: 150] قال الإمام الباقر: ما عبد الله بشيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو كان شيءٌ أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة (5).
[الحديث: 151] قال الإمام الصادق يوصي أصحابه: أكثروا ذكر الله ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار، فإن الله أمر بكثرة الذكر له، والله ذاكرٌ لمن ذكره من المؤمنين، واعلموا أن الله لم يذكره أحدٌ من عباده المؤمنين إلا ذكره بخير (6).
__________
(1) تحف العقول: ص 177.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 87.
(3) غرر الحكم: ح 1933.
(4) الكافي: 2/ 501.
(5) الكافي: 3/ 343، تهذيب الأحكام: 2/ 105.
(6) الكافي: 8/ 7، تحف العقول: ص 314.
معارج الذكر والدعاء (48)
[الحديث: 152] قال الإمام الباقر في ذكر صفات الصادقين: ما كانوا يعرفون إلا بالتواضع، والتخشع، والأمانة، وكثرة ذكر الله (1).
[الحديث: 153] قيل للإمام الصادق: من أكرم الخلق على الله؟، فقال: أكثرهم ذكرا لله، وأعملهم بطاعته (2).
[الحديث: 154] قال الإمام الصادق: ما من شيء إلا وله حدٌ ينتهي إليه إلا الذكر؛ فليس له حدٌ ينتهي إليه، فرض الله عز وجل الفرائض فمن أداهن فهو حدهن، وشهر رمضان فمن صامه فهو حده، والحج فمن حج فهو حده، إلا الذكر؛ فإن الله عز وجل لم يرض منه بالقليل، ولم يجعل له حدا ينتهي إليه. ثم تلا هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 41 - 42]، فلم يجعل الله عز وجل له حدا ينتهي إليه.. وكان أبي (الإمام الباقر) كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله، وآكل معه الطعام وإنه ليذكر الله، ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله، وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول: لا إله إلا الله، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس، ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر (3).
[الحديث: 155] قال الإمام الصادق: تسبيح فاطمة الزهراء (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) من الذكر الكثير الذي قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41] (4).
[الحديث: 156] قال الإمام الصادق: من بات على تسبيح فاطمة (بنت رسول الله
__________
(1) الكافي: 2/ 74، صفات الشيعة: ص 90.
(2) المحاسن: 2/ 432، تحف العقول: ص 364.
(3) الكافي: 2/ 498، عدة الداعي: ص 233.
(4) الكافي: 2/ 500.
معارج الذكر والدعاء (49)
صلى الله عليه وآله وسلم)، كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات) (1).
[الحديث: 157] قيل للإمام الصادق: قول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41] ما الذكر الكثير؟ قال: أن يسبح في دبر المكتوبة ثلاثين مرة (2).
[الحديث: 158] قال الإمام الصادق ـ في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 41]: إذا ذكر العبد ربه في اليوم مئة مرة، كان ذلك كثيرا (3).
[الحديث: 159] قال الإمام الصادق لبعض أصحابه: إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه؛ فإنه لم يلزمه عبدٌ فشقي (4).
[الحديث: 160] قال الإمام الصادق: تسبيح فاطمة (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) من ذكر الله الكثير الذي قال الله عز وجل: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152] (5).
[الحديث: 161] قال الإمام الصادق: من سبح تسبيح فاطمة (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) في دبر المكتوبة من قبل أن يبسط رجليه، أوجب الله له الجنة (6).
[الحديث: 162] قال الإمام الصادق: من سبح الله في دبر الفريضة تسبيح فاطمة الزهراء (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) مئة مرة، وأتبعها بـ (لا إله إلا الله) غفر الله له (7).
[الحديث: 163] قال الإمام الصادق: تسبيح فاطمة (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) في كل يوم في دبر كل صلاة، أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم (8).
[الحديث: 164] عن محمد بن عذافر، قال: دخلت مع أبي على الإمام الصادق،
__________
(1) مجمع البيان: 8/ 561، بحار الأنوار: 22/ 176.
(2) تهذيب الأحكام: 2/ 107، قرب الإسناد: ص 169.
(3) النوادر للأشعري: ص 137، بحار الأنوار: 93/ 160.
(4) الكافي: 3/ 343، تهذيب الأحكام: 2/ 105.
(5) من لا يحضره الفقيه: 1/ 320؛ أبو داود: 3/ 150.
(6) فلاح السائل: ص 297.
(7) الكافي: 3/ 342، المحاسن: 1/ 106.
(8) الكافي: 3/ 343، ثواب الأعمال: ص 196.
معارج الذكر والدعاء (50)
فسأله أبي عن تسبيح فاطمة (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: (الله أكبر) حتى أحصاها أربعا وثلاثين مرة، ثم قال: (الحمد لله) حتى بلغ سبعا وستين، ثم قال: (سبحان الله) حتى بلغ مئة، يحصيها بيده جملة واحدة (1).
[الحديث: 165] قال الإمام الصادق: في تسبيح فاطمة (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، يبدأ بالتكبير أربعا وثلاثين، ثم التحميد ثلاثا وثلاثين، ثم التسبيح ثلاثا وثلاثين (2).
__________
(1) الكافي: 3/ 342، تهذيب الأحكام: 2/ 105، المحاسن: 1/ 106.
(2) الكافي: 3/ 342، تهذيب الأحكام: 2/ 106.
معارج الذكر والدعاء (51)
ثانيا ـ ما ورد حول فضل الدوام على الذكر
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل الدوام على الذكر]،، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الحض على الذكر في كل الأوقات والمناسبات.
ومن الأمثلة على ذلك ما ورد من الحض عليه في أشد الأوقات وأصعبها، وهو الوقت الذي يلاقي فيه المؤمنون أعداءهم، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا الله كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: 45]
ومنها الدعوة إلى الحرص عليه في الصباح والمساء، قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ [طه: 130]، وقال: ﴿فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم: 17، 18]
وفي الليل والنهار، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ [الفرقان: 62]
وعند الحج وبعده، قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا الله عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: 198]، وقال: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [البقرة: 200]، وقال: ﴿وَاذْكُرُوا الله فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا الله وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [البقرة: 203]
معارج الذكر والدعاء (52)
وعند الصلاة وبعدها، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]
وهكذا نجد القرآن الكريم يدعو إلى استعمال كل الهيئات فيه، والتي يتيسر على النفس ممارستها والدوام عليها من غير تكلف، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [الأعراف: 205، 206]
ولذلك يمكن للذاكر أن يذكر الله، من غير أن يحرك شفتيه، ولا أن يتعب أي جارحة من جوارحه، بل يكتفي بحضوره مع ربه، أو ترديده للأذكار في سره.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 166] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سأل موسى عليه السلام ربه، فقال: يا رب، أي عبادك أتقى؟ قال: الذي يذكر ولا ينسى (1).
[الحديث: 167] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله (2).
[الحديث: 168] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس،
__________
(1) صحيح ابن حبان: 14/ 101، الدر المنثور: 3/ 541.
(2) الزهد لابن المبارك: ص 328، التاريخ الكبير: 1/ 416.
معارج الذكر والدعاء (53)
والقمر، والنجوم، والأظلة؛ لذكر الله (1).
[الحديث: 169] عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الله على كل أحيانه (2).
[الحديث: 170] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من اضطجع مضجعا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة، ومن جلس مجلسا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة، ومن مشى ممشى لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة (3).
[الحديث: 171] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بئس العبد عبدٌ تخيل واختال ونسي الكبير المتعال، بئس العبد عبدٌ تجبر واعتدى ونسي الجبار الأعلى، بئس العبد عبدٌ سها ولها ونسي المقابر والبلى، بئس العبد عبدٌ عتا وطغى ونسي المبتدا والمنتهى، بئس العبد عبدٌ يختل الدنيا بالدين، بئس العبد عبدٌ يختل الدين بالشبهات، بئس العبد عبدٌ طمعٌ يقوده، بئس العبد عبدٌ هوى يضله، بئس العبد عبدٌ رغبٌ يذله (4).
[الحديث: 172] عن معاذ بن جبل، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أن تموت ولسانك رطبٌ من ذكر الله (5).
[الحديث: 173] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اذكر الله حيثما كنت (6).
[الحديث: 174] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة (7).
[الحديث: 175] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أربعٌ لا يصيبهن إلا مؤمنٌ: الصمت؛ وهو
__________
(1) الحاكم: 1/ 115، السنن الكبرى: 1/ 558.
(2) مسلم: 1/ 282، أبو داود: 1/ 5.
(3) شعب الإيمان: 1/ 403، أبو داود: 4/ 264.
(4) الترمذي: 4/ 632، الحاكم: 4/ 351.
(5) صحيح ابن حبان: 3/ 100، المعجم الكبير: 20/ 93.
(6) كنز العمّال: 1/ 443 عن الترغيب في الذكر.
(7) أبو داود: 4/ 264، أحمد: 3/ 340.
معارج الذكر والدعاء (54)
أول العبادة، والتواضع لله سبحانه وتعالى، وذكر الله على كل حال، وقلة الشيء (1).
[الحديث: 176] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته لمعاذ بن جبل: أوصيك بتقوى الله، وصدق الحديث، والوفاء بالعهد واذكر ربك عند كل شجر وحجر (2).
[الحديث: 177] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نزل جبريل إلي، وقال لي: يا محمد! ربك يقرئك السلام، ويقول لك: كل ساعة تذكرني فيها فهي لك عندي مدخرةٌ، وكل ساعة لا تذكرني فيها فهي منك ضائعةٌ (3).
[الحديث: 178] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا اسم الله عز وجل، ولم يصلوا على نبيهم، إلا كان ذلك المجلس حسرة ووبالا عليهم (4).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 179] قال الإمام علي في وصيته لابنه الحسن: كن لله ذاكرا على كل حال (5).
[الحديث: 180] قال الإمام علي: المؤمن دائم الذكر، كثير الفكر، على النعماء شاكرٌ، وفي البلاء صابرٌ (6).
[الحديث: 181] قال الإمام علي: بدوام ذكر الله تنجاب الغفلة (7).
__________
(1) عدة الداعي: ص 234، بحار الأنوار: 93/ 162.
(2) تحف العقول: ص 26
(3) إرشاد القلوب: ص 49.
(4) الكافي: 2/ 497، عدة الداعي: ص 231.
(5) الأمالي للمفيد: ص 222، الأمالي للطوسي: ص 8.
(6) الرواح: نقيض الصباح، وهو اسمٌ للوقت من زوال الشمس إلى الليل.
(7) غرر الحكم: ح 4269.
معارج الذكر والدعاء (55)
[الحديث: 182] قال الإمام علي: اذكروا الله في كل مكان فإنه معكم (1).
[الحديث: 183] قال الإمام علي: إلهي إنه من لم يشغله الولوع بذكرك، ولم يزوه السفر بقربك، كانت حياته عليه ميتة، وميتته عليه حسرة (2).
[الحديث: 184] قال الإمام علي: اذكروا الله في كل مكان فإنه معكم.. أكثروا ذكر الله عزّ وجلّ إذا دخلتم الأسواق، وعند اشتغال الناس، فإنه كفارةٌ للذنوب، وزيادةٌ في الحسنات، ولا تُكتبوا في الغافلين (3).
[الحديث: 185] قال الإمام علي: أكثروا ذكر الله تعالى على الطعام ولا تطغوا، فإنها نعمةٌ من نعم الله ورزقٌ من رزقه، يجب عليكم فيه شكره وحمده (4).
[الحديث: 186] قال الإمام علي: إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلّوا الكلام، وأكثروا ذكر الله عزّ وجلّ (5).
[الحديث: 187] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: لا تدعن ذكر الله على كل حال، ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء، فاذكر الله عز وجل وقل كما يقول المؤذن (6).
[الحديث: 188] قال الإمام الباقر: مكتوبٌ في التوراة التي لم تغير أن موسى عليه السلام سأل ربه فقال: إلهي إنه يأتي علي مجالس أعزك وأجلك أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى، إن ذكري حسنٌ على كل حال (7).
__________
(1) الخصال: ص 613
(2) بحار الأنوار: 94/ 95 عن الكتاب العتيق الغروي.
(3) الخصال 2/ 157.
(4) الخصال 2/ 158.
(5) الخصال 2/ 159.
(6) من لا يحضره الفقيه: 1/ 288، علل الشرائع: ص 284.
(7) الكافي: 2/ 497
معارج الذكر والدعاء (56)
[الحديث: 189] قال الإمام الصادق: كان أبي كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه وإنّه ليذكر الله، وآكل معه الطعام وإنّه ليذكر الله، ولقد كان يحدّث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله، وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول: (لا إله إلّا الله) وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتّى تطلع الشمس ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منّا ومن كان لا يقرأ منّا أمره بالذكر (1).
[الحديث: 190] قال الإمام الصادق: لا بأس بذكر الله وأنت تبول؛ فإن ذكر الله عز وجل حسنٌ على كل حال، فلا تسأم من ذكر الله (2).
__________
(1) الكافي 2/ 361.
(2) الكافي: 2/ 497
معارج الذكر والدعاء (57)
المعراج الثالث من معارج الذكر والدعاء [معراج الانتقاء والاختيار]، وإلى هذا المعراج الإشارة بقوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [غافر: 55]، وقوله: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر: 3]، وقوله: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: 111]
وغيرها من الآيات الكريمة التي تصف ألفاظا أو معاني معينة تدعو إلى ذكر الله بها، وهي بذلك تبين فضلها وشرفها على سائر الألفاظ وخصوصا المخترعة منها.
وقد أوردنا كل نوع منها في مبحث خاص، مع الإشارة إلى أن هناك ألفاظ أو تراكيب غيرها، سنوردها في سائر الفصول، وقد اكتفينا هنا بهذه الأقسام:
أولا ـ ما ورد حول فضل البسملة
ثانيا ـ ما ورد حول فضل التسبيح
ثالثا ـ ما ورد حول فضل الحمد
رابعا ـ ما ورد حول فضل التهليل
خامسا ـ ما ورد حول فضل التكبير
سادسا ـ ما ورد حول فضل الحوقلة
سابعا ـ ما ورد حول الاستثناء بالمشيئة
معارج الذكر والدعاء (58)
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل البسملة]، والتي يشير إليها ورودها في بداية كل السور القرآنية، وكفاها بذلك شرفا وفضلا.
بل إن الله تعالى أخبر أن الأنبياء عليهم السلام، كانوا يذكرونها، بل يبدؤون بها، كما قال تعالى عن سليمان عليه السلام: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: 30]
وهكذا ورد الأمر بها عند الذبح، كما قال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾ [الأنعام: 118 - 119]
وكل ذلك يشير إلى فضلها، وارتباطها بكل الأعمال، سواء كانت من الشعائر التعبدية أو غيرها، وذلك لما تتضمنه من معان جليلة تربط المؤمن بربه الرحمن الرحيم، ليمارس حياته كلها تحت ظل تلك الرحمة، وببركاتها، وفي نفس الوقت يستشعر كل معاني الرحمة بالخلق، فيصير رحمة خالصة، اقتداء بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، الذي وصفه ربه بكونه رؤوفا رحيما، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
معارج الذكر والدعاء (59)
[الحديث: 191] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قرأ جبريل (بسم الله الرحمن الرحيم) علمت أن السورة قد ختمت (1).
[الحديث: 192] عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل (بسم الله الرحمن الرحيم) (2).
[الحديث: 193] عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفتتح صلاته بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) (3).
[الحديث: 194] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قرأتم (الحمد لله) فاقرؤوا: (بسم الله الرحمن الرحيم)، إنها أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، و(بسم الله الرحمن الرحيم) إحداها (4).
[الحديث: 195] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بسم الله الرحمن الرحيم) مفتاح كل كتاب (5).
[الحديث: 196] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ابتدأ بأمر وقال: (باسم الله)، غفر الله له (6).
[الحديث: 197] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بباسم الله فهو أجذم (7).
[الحديث: 198] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) موقنا
__________
(1) معجم السفر: ص 341، الحاكم: 1/ 355.
(2) الدر المنثور: 1/ 20.
(3) الترمذي: 2/ 14، الدارقطني: 1/ 304 وص 305.
(4) الدارقطني: 1/ 312، السنن الكبرى: 2/ 67.
(5) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 1/ 407.
(6) كنزالعمال: 10/ 164 4 عن الرافعي.
(7) تلخيص الحبير: 1/ 76، تفسير الفخر الرازي: 1/ 213.
معارج الذكر والدعاء (60)
سبحت معه الجبال، إلا أنه لا يسمع ذلك منها (1).
[الحديث: 199] عن الشعبي: كان أهل الجاهلية يكتبون (باسمك اللهم)، فكتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أول ما كتب (باسمك اللهم)، حتى نزلت: (بسم الله مجراها ومرساها) فكتب (بسم الله)، ثم نزلت: (ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) فكتب (بسم الله الرحمن)، ثم أنزلت الآية التي في طس: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: 30]، فكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) (2).
[الحديث: 200] عن أبي تميمة الهجيمي عمن كان رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: كنت رديفه على حمار فعثر الحمار، فقلت: تعس الشيطان، فقال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقل: تعس الشيطان؛ فإنك إذا قلت: تعس الشيطان تعاظم الشيطان في نفسه، وقال: صرعته بقوتي، فإذا قلت: (باسم الله)، تصاغرت إليه نفسه حتى يكون أصغر من ذباب (3).
[الحديث: 201] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كان جبريل إذا جاءني بالوحي أول ما يلقي علي: (بسم الله الرحمن الرحيم) (4).
[الحديث: 202] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله عز وجل: قسمت فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، إذا قال العبد: (بسم الله الرحمن الرحيم) قال الله جل جلاله: بدأ عبدي باسمي، وحقٌ علي أن أتمم له أموره، وأبارك له في أحواله (5).
__________
(1) الدر المنثور: 1/ 26 عن أبي نعيم والديلمي.
(2) الدر المنثور: 6/ 354 عن عبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(3) أحمد: 7/ 349 4 وح 20615، أبو داود: 4/ 296.
(4) الدارقطني: 1/ 305.
(5) عيون أخبار الإمام الرضا: 1/ 300، الأمالي للصدوق: ص 239.
معارج الذكر والدعاء (61)
[الحديث: 203] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يرد دعاءٌ أوله (بسم الله الرحمن الرحيم) (1).
[الحديث: 204] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمانٌ لأمتي من الغرق إذا هم ركبوا السفن فقرؤوا: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: 67] ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [هود: 41] (2).
[الحديث: 205] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: ألا أعلمك كلمات؛ إذا وقعت في ورطة أو بلية فقل: (بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)، فإن الله عز وجل يصرف بها عنك ما يشاء من أنواع البلاء (3).
[الحديث: 206] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمتي يأتون يوم القيامة وهم يقولون: (بسم الله الرحمن الرحيم)، فتثقل حسناتهم في الميزان، فتقول الامم: ما أرجح موازين أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟! فتقول الأنبياء: إن ابتداء كلامهم ثلاثة أسماء من أسماء الله؛ لو وضعت في كفة الميزان، ووضعت سيئات الخلق في كفة أخرى، لرجحت حسناتهم (4).
[الحديث: 207] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا مر المؤمن على الصراط فيقول: (بسم الله الرحمن الرحيم) طفئت لهب النيران، وتقول: جز يا مؤمن، فإن نورك قد أطفأ لهبي! (5).
[الحديث: 208] قال الإمام الباقر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) يرفع بها صوته، فإذا سمعها المشركون ولوا مدبرين، فأنزل الله جل ذكره: ﴿وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾ [الإسراء: 46] (6).
__________
(1) منية المريد: ص 351، بحار الأنوار: 92/ 34؛ الدر المنثور: 1/ 27.
(2) من لا يحضره الفقيه: 4/ 370؛ المعجم الكبير: 12/ 97 1.
(3) جامع الأخبار: ص 120، بحار الأنوار: 92/ 258.
(4) ربيع الأبرار: 2/ 336.
(5) عيون أخبار الإمام الرضا: 2/ 123.
(6) تفسير العياشي: 1/ 20.
معارج الذكر والدعاء (62)
[الحديث: 209] قال الإمام علي: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يجهر في المكتوبات بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) (1).
[الحديث: 210] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كتبت (بسم الله الرحمن الرحيم) فبين السين فيه (2).
[الحديث: 211] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كتب أحدكم (بسم الله الرحمن الرحيم) فليمد الرحمن (3).
[الحديث: 212] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رفع قرطاسا من الأرض مكتوبا عليه (بسم الله الرحمن الرحيم) إجلالا لله ولاسمه عن أن يداس، كان عند الله من الصديقين، وخفف عن والديه وإن كانا مشركين (4).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 213] قال الإمام علي: إن (بسم الله الرحمن الرحيم) آيةٌ من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها (بسم الله الرحمن الرحيم) (5).
[الحديث: 214] قال الإمام علي: قولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم: بسم الله الرحمن الرحيم (6).
[الحديث: 215] قال الإمام علي يوصي بعض أصحابه: سم كل يوم باسم الله،
__________
(1) الحاكم: 1/ 439، الدارقطني: 1/ 303.
(2) تاريخ بغداد: 12/ 340، تاريخ دمشق: 16/ 6.
(3) منية المريد: ص 350؛ الفردوس: 1/ 296.
(4) تنبيه الخواطر: 1/ 32، إرشاد القلوب: ص 185.
(5) عيون أخبار الإمام الرضا: 1/ 302، بحار الأنوار: 85/ 48.
(6) التوحيد: ص 232، بحار الأنوار: 92/ 233.
معارج الذكر والدعاء (63)
وقل: لا حول ولا قوة إلا بالله، وتوكل على الله (1).
[الحديث: 216] قيل للإمام الباقر: نعبد الرحمن الرحيم الواحد الأحد الصمد؟ فقال: إن من عبد الاسم دون المسمى بالأسماء أشرك وكفر وجحد ولم يعبد شيئا، بل اعبد الله الواحد الأحد الصمد المسمى بهذه الأسماء دون الأسماء، إن الأسماء صفاتٌ وصف بها نفسه (2).
[الحديث: 217] قال الإمام الصادق: من عبد الله بالتوهم فقد كفر، ومن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك، ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه، فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سرائره وعلانيته؛ فأولئك هم المؤمنون حقا (3).
[الحديث: 218] قال الإمام الصادق: لقد دخل عبد الله بن يحيى على الإمام علي، فقال: يا أمير المؤمنين، ما تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ قال: إن العبد إذا أراد أن يقرأ أو يعمل عملا ويقول (بسم الله): أي بهذا الاسم أعمل هذا العمل، فكل أمر يعمله يبدأ فيه بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) فإنه يبارك له فيه (4).
[الحديث: 219] قال الإمام الصادق: (بسم الله الرحمن الرحيم) تيجان السور (5).
[الحديث: 220] قال الإمام الصادق: أغلقوا أبواب المعصية بالاستعاذة، وافتحوا
__________
(1) تحف العقول: ص 171، بشارة المصطفى: ص 25.
(2) الكافي: 1/ 87.
(3) الكافي: 1/ 87، التوحيد: ص 220.
(4) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري: ص 25، بحار الأنوار: 92/ 242.
(5) نثر الدر: 1/ 352.
معارج الذكر والدعاء (64)
أبواب الطاعة بالتسمية (1).
[الحديث: 221] قال الإمام الصادق: لا تدع (بسم الله الرحمن الرحيم) وإن كان بعده شعرٌ (2).
[الحديث: 222] قال الإمام الصادق: لربما ترك في افتتاح أمر بعض شيعتنا (بسم الله الرحمن الرحيم)، فيمتحنه الله بمكروه؛ لينبهه على شكر الله تعالى والثناء عليه، ويمحو عنه وصمة تقصيره عند تركه قول: (بسم الله الرحمن الرحيم) (3).
[الحديث: 223] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: احتجز من الناس كلهم بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) وبـ (قل هو الله أحدٌ)، اقرأها عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك ومن فوقك ومن تحتك، فإذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرات، واعقد بيدك اليسرى، ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده (4).
[الحديث: 224] عن صفوان الجمال، قال: صليت خلف الإمام الصادق أياما، فكان إذا كانت صلاةٌ لا يجهر فيها، جهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)، وكان يجهر في السورتين جميعا (5).
[الحديث: 225] عن حنان بن سدير، قال: صليت خلف الإمام الصادق المغرب، فتعوذ جهارا: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وأعوذ بالله أن يحضرون، ثم جهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) (6).
[الحديث: 226] قال الإمام الصادق: اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) من أجود
__________
(1) البلد الأمين: ص 100، المصباح للكفعمي: ص 144.
(2) الكافي: 2/ 672.
(3) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري: ص 22، بحار الأنوار: 76/ 305.
(4) الكافي: 2/ 624، عدة الداعي: ص 275.
(5) الكافي: 3/ 315، تهذيب الأحكام: 2/ 68.
(6) قرب الإسناد: ص 124، تهذيب الأحكام: 2/ 289.
معارج الذكر والدعاء (65)
كتابك، ولا تمد الباء حتى ترفع السين (1).
[الحديث: 227] سئل الإمام الكاظم عن أعظم آية في كتاب الله، فقال: (بسم الله الرحمن الرحيم) (2).
[الحديث: 228] قيل للإمام الكاظم: إني صاحب صيد السبع، وأنا أبيت في الليل في الخرابات وأتوحش، فقال لي: قل إذا دخلت: (باسم الله أدخل) وأدخل رجلك اليمنى، وإذا خرجت فأخرج رجلك اليسرى، وسم الله؛ فإنك لا ترى مكروها (3).
[الحديث: 229] سئل الإمام الرضا عن اسم الله واشتقاقه، فقال: الله مشتقٌ من إله، والإله يقتضي مألوها، والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد.. قيل: زدني قال: إن لله تسعة وتسعين اسما، فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء، وكلها غيره.. الخبز اسمٌ للمأكول، والماء اسمٌ للمشروب، والثوب اسمٌ للملبوس، والنار اسمٌ للمحرق (4).
[الحديث: 230] قال الإمام الرضا: أسماء الله تعبيرٌ، وأفعاله تفهيمٌ، وذاته حقيقةٌ (5).
__________
(1) الكافي: 2/ 672، مشكاة الأنوار: ص 250.
(2) تفسير العياشي: 1/ 21، بحار الأنوار: 92/ 238.
(3) الكافي: 2/ 570، المحاسن: 2/ 119.
(4) الكافي: 1/ 87 وص 114، التوحيد: ص 220.
(5) التوحيد: ص 36، الاحتجاج: 2/ 361.
معارج الذكر والدعاء (66)
ثانيا ـ ما ورد حول فضل التسبيح
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل التسبيح]، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من التسبيحات الكثيرة، ابتداء من تسبيح الكون، وانتهاء بتسبيح الملائكة عليهم السلام.
وسر ذلك هو كون التسبيح ركنا أساسيا من أركان معرفة الله، لأنه ينفي عن الله كل ما لا يليق بجلاله وجماله وكماله وعظمته، ولهذا يقترن التسبيح بذكر مقولات الذين كذبوا على الله، كما قال تعالى مخبرا عن تنزهه عما يقوله المشركون: ﴿وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الأنعام: 100]
وأخبر عن أولئك الذين تصوروا الله جاهلا لا يعلم ما لا يعلمون، فقال: ﴿قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: 18]
وهكذا يقترن التسبيح بالشرك وبكل ما لا يليق بالله تعالى مما يذكره الجاهلون بقدر الله، كما قال تعالى في معرض رده على مقولات المشركين، وبعدها عن مقتضيات العقول: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء: 40 - 44]
ولهذا تقترن كلمة التسبيح بكلمة (تعالى)، والتي تعني تعالي الله وتقدسه وتنزهه، كما قال تعالى: ﴿وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: 67]، وقال:
معارج الذكر والدعاء (67)
﴿أَتَى أَمْرُ الله فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النحل: 1]، وقال: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 43]
وتقترن ـ كذلك ـ بكلمة التقديس، كما في قوله تعالى عند ذكره لقول الملائكة عليهم السلام: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ [البقرة: 30]
كما تقترن بالتعجب من العقول وجهلها وعدم استعمالها في إدراك الحقائق، كما قال تعالى: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ الله وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يونس: 68]
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 231] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن تفسير: (سبحان الله)، فقال: هو تنزيه الله عن كل سوء (1).
[الحديث: 232] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن نبي الله نوحا لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاصٌ عليك الوصية: آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: آمرك بـ (لا إله إلا الله)؛ فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة، ووضعت (لا إله إلا الله) في كفة، رجحت بهن (لا إله إلا الله). ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة،
__________
(1) الحاكم: 1/ 680.
معارج الذكر والدعاء (68)
قصمتهن (لا إله إلا الله)، و(سبحان الله وبحمده)؛ فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك، والكبر (1).
[الحديث: 233] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (سبحان الله وبحمده) في يوم مئة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (2).
[الحديث: 234] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (لا إله إلا الله) دخل الجنة، ووجبت له الجنة، ومن قال: (سبحان الله وبحمده) مئة، كتب الله له ألف حسنة وأربعا وعشرين حسنة، قالوا: يا رسول الله، إذا لا يهلك منا أحدٌ، قال: بلى، إن أحدكم ليجيء بالحسنات لو وضعت على جبل أثقلته، ثم تجيء النعم فتذهب بتلك، ثم يتطاول الرب بعد ذلك برحمته (3).
[الحديث: 235] عن ربيعة بن كعب، قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع، حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العشاء الآخرة، فأجلس ببابه إذا دخل بيته، أقول: لعلها أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاجةٌ، فما أزال أسمعه يقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله وبحمده، حتى أمل فأرجع أو تغلبني عيني، فأرقد (4).
[الحديث: 236] عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله، فقال: إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده (5).
[الحديث: 237] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قولوا: (سبحان الله وبحمده) مئة مرة؛ من
__________
(1) أحمد: 2/ 575، الحاكم: 1/ 113.
(2) البخاري: 5/ 2352، مسلم: 4/ 2071.
(3) الحاكم: 4/ 279.
(4) أحمد: 5/ 571 9، المعجم الكبير: 5/ 57.
(5) مسلم: 4/ 2093، الترمذي: 5/ 576.
معارج الذكر والدعاء (69)
قالها مرة كتبت له عشرا، ومن قالها عشرا كتبت له مئة، ومن قالها مئة كتبت له ألفا، ومن زاد زاده الله، ومن استغفر غفر الله له (1).
[الحديث: 238] عن العرباض بن سارية، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد، وقال: إن فيهن آية أفضل من ألف آية (2).
[الحديث: 239] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد كان دعاء أخي يونس عجبا أوله تهليلٌ، وأواسطه تسبيحٌ، وآخره إقرارٌ بالذنب: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87] ما دعا به مهمومٌ ولا مغمومٌ ولا مكروبٌ ولا مديونٌ في يوم ثلاث مرات إلا استجيب له (3).
[الحديث: 240] عن عقبة بن عامر الجهني: لما نزلت: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: 74]، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: 1]، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجعلوها في سجودكم (4).
[الحديث: 241] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما يستطيع أحدكم أن يعمل كل يوم مثل أحد عملا؟ قالوا: يا رسول الله، ومن يستطيع أن يعمل كل يوم مثل أحد عملا؟! قال: كلكم يستطيعه، قالوا: يا رسول الله، ماذا؟ قال: (سبحان الله) أعظم من أحد، و(لا إله إلا الله) أعظم من أحد، و(الحمد لله) أعظم من أحد، و(الله أكبر) أعظم من أحد (5).
[الحديث: 242] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قيل: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: المساجد، قيل: وما الرتع يا رسول الله؟ قال: سبحان الله،
__________
(1) الترمذي: 5/ 513.
(2) أبو داود: 4/ 313، الترمذي: 5/ 181.
(3) الفردوس: 3/ 432.
(4) تهذيب الأحكام: 2/ 313، علل الشرائع: ص 333؛ ابن ماجة: 1/ 287، الدارمي: 1/ 318، أحمد: 6/ 141 9.
(5) المعجم الكبير: 18/ 175.
معارج الذكر والدعاء (70)
والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (1).
[الحديث: 243] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الكلام أربعٌ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (2).
[الحديث: 244] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما سبحت ولا سبح الأنبياء قبلي بأفضل من: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (3).
[الحديث: 245] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لأن أقول: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) أحب إلي مما طلعت عليه الشمس (4).
[الحديث: 246] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خمسٌ ما أثقلهن في الميزان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والولد الصالح يتوفى لمسلم فيصبر ويحتسب (5).
[الحديث: 247] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله) قال الله: أسلم عبدي واستسلم (6).
[الحديث: 248] عن أبي الدرداء، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عليك بـ (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) فإنهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها (7).
[الحديث: 249] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أكثروا من قول: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)؛ فإنهن يأتين يوم القيامة لهن مقدماتٌ ومؤخراتٌ ومعقباتٌ، وهن الباقيات الصالحات (8).
[الحديث: 250] عن عائشة، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي: يا عائشة
__________
(1) الترمذي: 5/ 532.
(2) البخاري: 6/ 2459، ابن ماجة: 2/ 1253.
(3) الفردوس: 4/ 70.
(4) مسلم: 4/ 2072، الترمذي: 5/ 578.
(5) الخصال: ص 267؛ أحمد: 5/ 320 2.
(6) الحاكم: 1/ 681.
(7) ابن ماجة: 2/ 1253.
(8) ثواب الأعمال: ص 23 وص 26؛ شعب الإيمان: 1/ 426.
معارج الذكر والدعاء (71)
اغسلي هذين البردين، فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، بالأمس غسلتهما! فقال لي: أما علمت أن الثوب يسبح، فإذا اتسخ انقطع تسبيحه (1).
[الحديث: 251] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبلال: يا بلال، إن الصائم تسبح عظامه وتستغفر له الملائكة ما أُكل عنده (2).
[الحديث: 252] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صمت الصائم تسبيحٌ، ونومه عبادةٌ، ودعاؤه مستجابٌ، وعمله مضاعفٌ (3).
[الحديث: 253] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قال العبد: (سبحان الله) فقد أنف لله، وحقٌ على الله أن ينصره (4).
[الحديث: 254] قال الإمام الحسن: جاء نفرٌ من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسأله أعلمهم فقال له: أخبرني عن تفسير: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: علم الله عز وجل أن بني آدم يكذبون على الله عز وجل، فقال: (سبحان الله)؛ براءة مما يقولون (5).
[الحديث: 255] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما.. وهي: الله، الإله.. السبوح (6).
[الحديث: 256] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفس محمد بيده، إن في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون والآخرون بمثله، يثمر ثمرا كالرمان (7).
__________
(1) تاريخ بغداد: 9/ 245.
(2) ابن ماجة: 1/ 556.
(3) الفردوس: 2/ 397؛ من لا يحضره الفقيه: 2/ 76.
(4) المحاسن: 1/ 106، بحار الأنوار: 93/ 183.
(5) علل الشرائع: ص 251، الأمالي للصدوق: ص 255.
(6) التوحيد: ص 194، الخصال: ص 593.
(7) المحاسن: 1/ 288، بحار الأنوار: 8/ 138.
معارج الذكر والدعاء (72)
[الحديث: 257] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصف إخوانه الذين يشتاق لهم: لو أن أحدا منهم يسبح تسبيحة خيرٌ له من أن يصير له جبال الدنيا ذهبا (1).
[الحديث: 258] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: ليس كل من قال: (أحب الله) أحبني، حتى يشغل بذكري اشتغالا، ويكثر التسبيح دائما (2).
[الحديث: 259] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين، ولكن أوحي إلي أن: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر: 98 - 99] (3).
[الحديث: 260] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (سبحان الله العظيم وبحمده) غرست له نخلةٌ في الجنة (4).
[الحديث: 261] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال موسى: إلهي أريد من أشجار الجنة وثمارها، قال: ذلك لمن سبح تسبيحة في ليلة القدر (5).
[الحديث: 262] قال الإمام الباقر: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجل يغرس غرسا في حائط له، فوقف له وقال: ألا أدلك على غرس أثبت أصلا، وأسرع إيناعا، وأطيب ثمرا وأبقى؟ قال: بلى، فدلني يا رسول الله، فقال: إذا أصبحت وأمسيت فقل: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) فإن لك إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، وهن من الباقيات الصالحات (6).
[الحديث: 263] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لما أسري بي إلى السماء، دخلت الجنة فرأيت
__________
(1) التحصين لابن فهد: ص 25.
(2) إرشاد القلوب: ص 199 ـ 205، بحار الأنوار: 77/ 30.
(3) تفسير القرطبي: 10/ 64؛ الأمالي للطوسي: ص 531 ح 1162.
(4) الترمذي: 5/ 511، النسائي: 6/ 207 3.
(5) الإقبال: 1/ 345.
(6) ثواب الأعمال: ص 26، تهذيب الأحكام: 2/ 107.
معارج الذكر والدعاء (73)
فيها قيعانا يققا من مسك، ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة وربما أمسكوا، فقلت لهم: ما لكم ربما بنيتم وربما أمسكتم؟ قالوا: حتى تأتينا النفقة، قلت: وما نفقتكم؟ قالوا: قول المؤمن: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)؛ فإذا قالهن بنينا، وإذا سكت وأمسك أمسكنا (1).
[الحديث: 264] قال الإمام الصادق: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه ذات يوم: أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب والآنية، ثم وضعتم بعضه على بعض أكنتم ترونه يبلغ السماء؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: ألا أدلكم على شيء أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته الفريضة: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) ثلاثين مرة؛ فإن أصلهن في الأرض وفرعهن في السماء، وهن يدفعن الهدم، والحرق، والغرق، والتردي في البئر، وأكل السبع، وميتة السوء، والبلية التي تنزل من السماء على العبد في ذلك اليوم، وهن الباقيات (2).
[الحديث: 265] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حصنوا أموالكم بالزكاة، فإنه ما يصاد ما صيد من الطير إلا بتضييعهم التسبيح (3).
[الحديث: 266] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما صيد صيدٌ ولا قطعت شجرةٌ إلا بتضييع من التسبيح، وكل شيء من الخلق يسبح حتى يتغير عن أعلى خلقة التي خلقها الله، وإن كنتم تسمعون نقض جدركم وسقفكم فإنما هو تسبيحٌ (4).
[الحديث: 267] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو فهمهم الله عز وجل تسبيح الوحوش
__________
(1) الأمالي للطوسي: ص 474، تفسير القمي: 2/ 53 و1/ 21.
(2) معاني الأخبار: ص 194، تفسير العياشي: 1/ 67.
(3) قرب الإسناد: ص 117.
(4) الفردوس: 4/ 121، كنزالعمال: 1/ 445 عن أبي نعيم.
معارج الذكر والدعاء (74)
والطيور والسباع والجبال لطارت الأفئدة، ولكن أكن ذلك عنكم (1).
[الحديث: 268] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تضربوا الدواب على وجوهها؛ فإنها تسبح بحمد الله (2).
[الحديث: 269] عن ابن عباس، قال: قدم ملوك حضرموت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: كيف نعلم أنك رسول الله؟ فأخذ كفا من حصى فقال: هذا يشهد أني رسول الله، فسبح الحصى في يده، وشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (3).
[الحديث: 270] عن ابن مسعود، قال: كنا نجلس مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونسمع الطعام يسبح ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل، وأتاه مكرزٌ العامري وسأله آية، فدعا تسع حصيات فسبحن في يده (4).
[الحديث: 271] عن أبي ذر، قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذ حصيات في كفه فسبحن، ثم وضعهن في الأرض فسكتن، ثم أخذهن فسبحن (5).
[الحديث: 272] قال الإمام الباقر: إن كل شيء عليك تصلي فيه يسبح معك، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا اقيمت الصلاة لبس نعليه وصلى فيهما (6).
[الحديث: 273] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تعلموا العلم؛ فإن تعلمه حسنةٌ، ومدارسته تسبيحٌ، والبحث عنه جهادٌ (7).
[الحديث: 274] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنين المؤمن تسبيحٌ، وصياحه تهليلٌ، ونومه
__________
(1) الفردوس: 3/ 369.
(2) الكافي: 6/ 538، من لا يحضره الفقيه: 2/ 286.
(3) المناقب لابن شهر آشوب: 1/ 90، بحار الأنوار: 17/ 379.
(4) المناقب لابن شهر آشوب: 1/ 90، بحار الأنوار: 17/ 379.
(5) دلائل النبوة لأبي نعيم: ص 432.
(6) علل الشرائع: ص 336، بحار الأنوار: 83/ 274.
(7) تحف العقول: ص 28، الأمالي للصدوق: ص 713؛ الفردوس: 2/ 41.
معارج الذكر والدعاء (75)
على الفراش عبادةٌ (1).
[الحديث: 275] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن المؤمن إذا حم حمى واحدة تناثرت الذنوب منه كورق الشجر فإن أن على فراشه فأنينه تسبيحٌ وصياحه تهليلٌ وتقلبه على فراشه كمن يضرب بسيفه في سبيل الله (2).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 276] عن يزيد بن الأصم، أنه سأل رجلٌ عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين، ما تفسير: سبحان الله؟ قال: إن في هذا الحائط رجلا كان إذا سئل أنبأ، وإذا سكت ابتدأ، فدخل الرجل؛ فإذا هو علي بن أبي طالب، فقال: يا أبا الحسن، ما تفسير: سبحان الله؟ قال: هو تعظيم جلال الله عز وجل، وتنزيهه عما قال فيه كل مشرك، فإذا قالها العبد صلى عليه كل ملك (3).
[الحديث: 277] قال الإمام علي: من سبح الله كل يوم ثلاثين مرة، دفع الله عز وجل عنه سبعين نوعا من البلاء؛ أيسرها الفقر (4).
[الحديث: 278] قال الإمام علي: إن الإنسان إذا كان في الصلاة فإن جسده وثيابه وكل شيء حوله يسبح (5).
__________
(1) من لا يحضره الفقيه: 4/ 364؛ تاريخ بغداد: 2/ 191.
(2) عدة الداعي: ص 116، إرشاد القلوب: ص 43.
(3) التوحيد: ص 312، معاني الأخبار: ص 9.
(4) الخصال: ص 505، روضة الواعظين: ص 499.
(5) علل الشرائع: ص 336، بحار الأنوار: 82/ 213.
معارج الذكر والدعاء (76)
[الحديث: 279] قال الإمام السجاد: إذا قلت: (سبحان الله وبحمده) رفعت الله تبارك وتعالى عما يقول العادلون به (1).
[الحديث: 280] عن أبي حازم، قال: قال رجلٌ للإمام السجاد: تعرف الصلاة؟ فحملت عليه، فقال: مهلا يا أبا حازم فإن العلماء هم الحلماء الرحماء، ثم واجه السائل فقال: نعم أعرفها! فسأله عن أفعالها وتروكها وفرائضها ونوافلها، حتى بلغ قوله: ما افتتاحها؟ قال: التكبير، قال: ما برهانها؟ قال: القراءة، قال: ما خشوعها؟ قال: النظر إلى موضع السجود، قال: ما تحريمها؟ قال: التكبير، قال: ما تحليلها؟ قال: التسليم، قال: ما جوهرها؟ قال: التسبيح (2).
[الحديث: 281] قال الإمام السجاد في دعائه في الصلاة على حملة العرش: فصل عليهم، وعلى الملائكة الذين من دونهم؛ من سكان سماواتك، وأهل الأمانة على رسالاتك، والذين لا تدخلهم سأمةٌ من دؤوب، ولا إعياءٌ من لغوب، ولا فتورٌ، ولا تشغلهم عن تسبيحك الشهوات (3).
[الحديث: 282] قال الإمام السجاد: إن طالب العلم إذا خرج من منزله، لم يضع رجله على رطب ولا يابس من الأرض، إلا سبحت له إلى الأرضين السابعة (4).
[الحديث: 283] قال الإمام الباقر: إن المؤمن ليكون له من الجنان ما أحب واشتهى، يتنعم فيهن كيف يشاء، وإذا أراد المؤمن شيئا أو اشتهى إنما دعواه فيها إذا أراد أن يقول: (سبحانك اللهم)، فإذا قالها تبادرت إليه الخدم بما اشتهى من غير أن يكون طلبه منهم أو
__________
(1) الخصال: ص 299.
(2) المناقب لابن شهر آشوب: 4/ 130.
(3) الصحيفة السجادية: ص 27.
(4) الخصال: ص 518.
معارج الذكر والدعاء (77)
أمر به، وذلك قول الله عز وجل: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ [يونس: 10] يعني الخدام، قال: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: 10] (1).
[الحديث: 284] قال الإمام الباقر: من قرأ المسبحات كلها قبل أن ينام لم يمت حتى يدرك القائم، وإن مات كان في جوار محمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم (2).
[الحديث: 285] قال الإمام الباقر لبعض أصحابه: تدري أي شيء حد الركوع والسجود؟ قيل: لا، قال: تسبح في الركوع ثلاث مرات (سبحان ربي العظيم وبحمده)، وفي السجود (سبحان ربي الأعلى وبحمده) ثلاث مرات، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته، ومن نقص ثنتين نقص ثلثي صلاته، ومن لم يسبح فلا صلاة له (3).
[الحديث: 286] قال الإمام الباقر: إن موسى ناجاه الله تبارك وتعالى فقال له في مناجاته: يا موسى، متى ما دعوتني ورجوتني فإني سأغفر لك على ما كان منك، السماء تسبح لي وجلا، والملائكة من مخافتي مشفقون، والأرض تسبح لي طمعا، وكل الخلق يسبحون لي داخرون (4).
[الحديث: 287] قال الإمام الباقر: إذا أخرج أحدكم الحصاة من المسجد، فليردها مكانها أو في مسجد آخر؛ فإنها تسبح (5).
[الحديث: 288] قال الإمام الصادق: دخل رجلٌ على أبي (الإمام الباقر)، فقال له: فداك أبي وامي، إني أجد الله يقول في كتابه: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: 44]، فقال له: هو كما قال، فقال له: أتسبح الشجرة اليابسة؟
__________
(1) الكافي: 8/ 100، بحار الأنوار: 8/ 161.
(2) الكافي: 2/ 620، ثواب الأعمال: ص 146.
(3) الكافي: 3/ 329، تهذيب الأحكام: 2/ 157، الاستبصار: 1/ 324.
(4) الكافي: 8/ 42.
(5) تهذيب الأحكام: 3/ 256، من لا يحضره الفقيه: 1/ 237.
معارج الذكر والدعاء (78)
فقال: نعم، أما سمعت خشب البيت كيف ينقض؟ وذلك تسبيحه، فسبحان الله على كل حال (1).
[الحديث: 289] قال الإمام الصادق ـ لهشام بن الحكم وقد سأله عن تفسير: (سبحان الله)، فقال: أنفةٌ لله، أما ترى الرجل إذا عجب من الشيء قال: سبحان الله (2).
[الحديث: 290] سئل الإمام الصادق عن التسبيح، فقال: هو اسمٌ من أسماء الله، ودعوى أهل الجنة (3).
[الحديث: 291] قال الإمام الصادق: إن المؤمن ليتنعم بتسبيح الحلي عليه في الجنة، في كل مفصل من المؤمن في الجنة ثلاثة أساور من ذهب وفضة ولؤلؤ (4).
[الحديث: 292] قال الإمام الصادق: ما يعلم عظم ثواب الدعاء وتسبيح العبد فيما بينه وبين نفسه، إلا الله تبارك وتعالى (5).
[الحديث: 293] قال الإمام الصادق: من سبح الله مئة مرة كان أفضل الناس ذلك اليوم، إلا من قال مثل قوله (6).
[الحديث: 294] قيل للإمام الصادق: إن من سعادة المرء خف: وما في هذا من السعادة؟! إنما السعادة خفة ماضغيه بالتسبيح (7).
[الحديث: 295] قال الإمام الصادق: كان فيما وعظ الله تبارك وتعالى به عيسى عليه السلام: يا عيسى، تيقظ ولا تيأس من روحي، وسبحني مع من يسبحني، وبطيب الكلام
__________
(1) تفسير العياشي: 2/ 294.
(2) الكافي: 3/ 329، معاني الأخبار: ص 9.
(3) تفسير العياشي: 2/ 120.
(4) ربيع الأبرار: 4/ 26.
(5) فلاح السائل: ص 92، بحار الأنوار: 93/ 319.
(6) المحاسن: 1/ 107، بحار الأنوار: 93/ 183.
(7) علل الشرائع: ص 580، معاني الأخبار: ص 183.
معارج الذكر والدعاء (79)
فقدسني (1).
[الحديث: 296] قيل للإمام الصادق: من قال: (سبحان الله) مئة مرة، كان ممن ذكر الله كثيرا؟ قال: نعم (2).
[الحديث: 297] قال الإمام الصادق في وصف المؤمنين: فهم الحفي عيشهم، المنتقلة ديارهم من أرض إلى أرض، الخميصة بطونهم من الصيام، الذبلة شفاههم من التسبيح، العمش العيون من البكاء (3).
[الحديث: 298] قال الإمام الصادق: من قال: (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم وبحمده) كتب الله له ثلاثة آلاف حسنة، ورفع له ثلاثة آلاف درجة، وخلق منها طائرا في الجنة يسبح الله وكان أجر تسبيحه له (4).
[الحديث: 299] قال الإمام الصادق: عجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87] فإني سمعت الله يقول: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: 88] (5).
[الحديث: 300] قال الإمام الصادق: من قال: (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) ثلاثين مرة، استقبل الغنى واستدبر الفقر، وقرع باب الجنة (6).
[الحديث: 301] قال الإمام الصادق: من صلى صلاة مكتوبة، ثم سبح في دبرها ثلاثين مرة، لم يبق على بدنه شيءٌ من الذنوب إلا تناثر (7).
[الحديث: 302] عن أبان بن تغلب، قال: دخلت على الإمام الصادق وهو يصلي،
__________
(1) الأمالي للصدوق: ص 606 ـ 610، الكافي: 8/ 137.
(2) ثواب الأعمال: ص 27، عدة الداعي: ص 246.
(3) الاصول الستة عشر: ص 6.
(4) ثواب الأعمال: ص 27.
(5) من لا يحضره الفقيه: 4/ 392، الخصال: ص 218.
(6) الأمالي للصدوق: ص 355.
(7) الأمالي للصدوق: ص 345.
معارج الذكر والدعاء (80)
فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة (1).
[الحديث: 303] قال الإمام الصادق: لا يصاد من الطير إلا ما ضيع تسبيحه (2).
[الحديث: 304] قال الإمام الصادق: أقسم بالذي خلق الخلق وبسط الرزق، إنه ما ضاع مالٌ في بر ولا بحر إلا بترك الزكاة، وما صيد صيدٌ في بر ولا بحر إلا بتركه التسبيح في ذلك اليوم (3).
[الحديث: 305] قال الإمام الصادق في الدواب: لاتغنوا على ظهورها، أما يستحيي أحدكم أن يغني على ظهر دابة وهي تسبح؟! (4).
[الحديث: 306] قال الإمام الصادق: من اتخذ في بيته طيرا فليتخذ ورشانا (5)؛ فإنه أكثر شيء ذكرا لله عز وجل وأكثر تسبيحا (6).
[الحديث: 307] قال الإمام الصادق في دعائه: يا من سبح له ظلمة الليل وضوء النهار، وما على الأرض وقعر البحر (7).
[الحديث: 308] قال الإمام الصادق: أنزل الله تبارك وتعالى على داود عليه السلام الزبور، وعلمه صنعة الحديد فلينه له، وأمر الجبال والطير أن تسبح معه، وأعطاه صوتا لم يسمع بمثله حسنا (8).
[الحديث: 309] قال الإمام الصادق: من مشى إلى المسجد، لم يضع رجلا على رطب ولا يابس إلا سبحت له الأرض إلى الأرض السابعة (9).
__________
(1) الكافي: 3/ 329، تهذيب الأحكام: 2/ 299.
(2) الكافي: 3/ 505، من لا يحضره الفقيه: 2/ 12.
(3) من لا يحضره الفقيه: 2/ 7، عوالي اللآلي: 1/ 370.
(4) المحاسن: 2/ 469، بحار الأنوار: 64/ 206.
(5) الورشان: نوع من الحمام البري، أكدر اللون فيه بياض فوق ذنبه.
(6) الكافي: 6/ 550.
(7) الدعوات: ص 119.
(8) تفسير العياشي: 2/ 294، بحار الأنوار: 60/ 177.
(9) تهذيب الأحكام: 3/ 255، من لا يحضره الفقيه: 1/ 233.
معارج الذكر والدعاء (81)
[الحديث: 310] قال الإمام الصادق: إن العبد لينوي من نهاره أن يصلي بالليل فتغلبه عينه فينام، فيثبت الله له صلاته، ويكتب نفسه تسبيحا، ويجعل نومه عليه صدقة (1).
[الحديث: 311] قال الإمام الصادق: إن الله عز وجل يقول: إني لست كل كلام الحكيم أتقبل، إنما أتقبل هواه وهمه؛ فإن كان هواه وهمه في رضاي، جعلت همه تقديسا وتسبيحا (2).
__________
(1) علل الشرائع: ص 524، بحار الأنوار: 70/ 206.
(2) الكافي: 8/ 166.
معارج الذكر والدعاء (82)
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل الحمد]، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة إلى حمد الله، والتي تقترن أحيانا كثيرة بالدعوة لتنزيهه، ذلك أن كمال التنزيه يكون بالحمد، وكمال الحمد يكون بالتنزيه.
ذلك أن من يكتفي بتوحيد الله، أو تنزيهه عما لا يليق به، ثم لا يثبت له المحامد، ولا الكمالات لم يسبحه ولم يقدسه ولم يكبره.. لأن كمال الله ليس مرتبطا بتنزيهه فقط، وإنما بإثبات جميع صفات الكمال له.
بل إن التمجيد والحمد مندرج في التقديس والتنزيه؛ فلا يمكن أن يكون الله تعالى قدوسا وسبوحا ما لم يكن حميدا مجيدا.. ومثل ذلك التمجيد والتحميد، فهما مفتقران للتقديس والتنزيه؛ فلا يمكن ثبوت الكمال ما لم يثبت نفي النقص.
ولهذا يجتمع في القرآن الكريم كلا المعنيين: التقديس والتمجيد، كما قال تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: 98]، وقال: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: 44]، وقال: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ﴾ [الفرقان: 58]، وقال: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [غافر: 55]، وقال: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ [الطور: 48]، وقال: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر: 3]، وغيرها من الآيات الكريمة.
ولذلك، فإن أكثر ما ورد في الأحاديث الشريفة من الثناء على التسبيح وبيان فضله
معارج الذكر والدعاء (83)
والأجور المرتبطة به، له علاقة بالحمد والتمجيد، ذلك أنهما مقترنان في أكثر ما ورد من صيغ الذكر.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 312] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الحمد لله) رأس الشكر، ما شكر الله عبدٌ لا يحمده (1).
[الحديث: 313] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن إبراهيم سأل ربه عز وجل قال: يا رب ما جزاء من حمدك؟ قال: الحمد مفتاح الشكر وخاتم الشكر، والحمد يعرج به إلى عرش رب العالمين (2).
[الحديث: 314] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من شيء أحب إلى الله من الحمد (3).
[الحديث: 315] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس شيءٌ أحب إليه الحمد من الله تعالى، ولذلك أثنى على نفسه فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الفاتحة: 2] (4).
[الحديث: 316] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحدٌ أحب إليه الحمد من الله عز وجل (5).
[الحديث: 317] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عز وجل يحب أن يحمد (6).
[الحديث: 318] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الدعاء الحمد لله (7).
__________
(1) نوادر الاصول: 1/ 412، الآداب للبيهقي: ص 459.
(2) الفردوس: 1/ 223، تاريخ دمشق: 6/ 242.
(3) مسند أبي يعلى: 4/ 206.
(4) تفسير الطبري: 1 الجزء 1 ص 60.
(5) مجمع البيان: 7/ 125؛ المعجم الكبير: 10/ 178 8.
(6) المعجم الكبير: 1/ 283.
(7) الترمذي: 5/ 462، ابن ماجة: 2/ 1249.
معارج الذكر والدعاء (84)
[الحديث: 319] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحمد لله ثمن كل نعمة (1).
[الحديث: 320] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أنعم الله على عبد فحمد الله عليها، إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة وإن عظمت (2).
[الحديث: 321] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أفضل عباد الله يوم القيامة الحمادون (3).
[الحديث: 322] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يحشر الناس يوم القيامة في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وتبعدهم البصر، ثم يقوم مناد فينادي يقول: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم، فيقول: أين الذين يحمدون الله في السراء والضراء؟ فيقومون وهم قليلون فيدخلون الجنة بغير حساب (4).
[الحديث: 323] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحمد على النعمة أمانٌ لزوالها (5).
[الحديث: 324] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ليدع بما شاء (6).
[الحديث: 325] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (الحمد لله) غرس الله له بها شجرة في الجنة (7).
[الحديث: 326] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يمنع أحدكم إذا عرف الإجابة من نفسه، فشفي من مرض أو قدم من سفر يقول: الحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات (8).
[الحديث: 327] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو
__________
(1) الدر المنثور: 1/ 32 عن ابن شاهين في السنة.
(2) المعجم الكبير: 8/ 193، شعب الإيمان: 4/ 98.
(3) المعجم الكبير: 18/ 124، أحمد: 7/ 208 6.
(4) مسند إسحاق بن راهويه: 5/ 180.
(5) الفردوس: 2/ 155، كنزالعمال: 3/ 255 عن شعب الإيمان.
(6) عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 45، أبو داود: 2/ 77.
(7) المعجم الكبير: 1/ 232، الطبقات الكبرى: 7/ 88.
(8) الحاكم: 1/ 730.
معارج الذكر والدعاء (85)
أقطع (1).
[الحديث: 328] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة علي فهو أقطع أبتر، ممحوقٌ من كل بركة (2).
[الحديث: 329] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يحشر الناس يوم القيامة في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وتبعدهم البصر، ثم يقوم مناد فينادي يقول: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم، فيقول: أين الذين يحمدون الله في السراء والضراء؟ فيقومون وهم قليلون فيدخلون الجنة بغير حساب (3).
[الحديث: 330] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا سأل أحدكم ربه مسألة فتعرف الاستجابة فليقل: (الحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات)، ومن أبطأ عنه من ذلك شيءٌ فليقل: (الحمد لله على كل حال) (4).
[الحديث: 331] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أنعم الله على عبد من نعمة فقال: (الحمد لله) إلا وقد أدى شكرها، فإن قالها الثانية جدد الله له ثوابها، فإن قالها الثالثة غفر الله له ذنوبه (5).
[الحديث: 332] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عجبت للمسلم إذا أصابه خيرٌ حمد الله وشكر، وإذا أصابته مصيبةٌ احتسب وصبر، المسلم يؤجر في كل شيء، حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه (6).
[الحديث: 333] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لم يحمد الله على ما عمل من عمل صالح
__________
(1) عمل اليوم والليلة للنسائي: ص 345، ابن ماجة: 1/ 610.
(2) كنزالعمال: 1/ 558 عن الرهاوي.
(3) مسند إسحاق بن راهويه: 5/ 180.
(4) الأسماء والصفات للبيهقي: 1/ 342.
(5) الحاكم: 1/ 688، شعب الإيمان: 4/ 98.
(6) أحمد: 1/ 375، مسند الطيالسي: ص 29.
معارج الذكر والدعاء (86)
وحمد نفسه، قل شكره وحبط عمله (1).
[الحديث: 334] قال الإمام علي: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية فقال: اللهم إن لك علي إن رددتهم سالمين غانمين أن أشكرك أحق الشكر، فما لبثوا أن جاؤوا كذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحمد لله على سابغ نعم الله (2).
[الحديث: 335] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: التوحيد ثمن الجنة، والحمد لله وفاء شكر كل نعمة (3).
[الحديث: 336] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: يا خير حامد ومحمود، يا خير شاهد ومشهود (4).
[الحديث: 337] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علم الله أن العباد لا يؤدون شكر نعمته فحمد نفسه قبل أن يحمدوه وهو أول الكلام، لولا ذلك لما أنعم الله على أحد بنعمته (5).
[الحديث: 338] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (الحمد لله كما هو أهله) فقد شغل كتاب السماوات، فيقولون: اللهم لا نعلم الغيب، فيقول الله: اكتبوها كما قالها عبدي، وعلي ثوابها (6).
[الحديث: 339] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا إله إلا الله) نصف الميزان، و(الحمد لله) تملؤه (7).
[الحديث: 340] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن جزاء من قال: (سبحان الله)، فقال: إذا
__________
(1) تفسير الطبري: 5 الجزء 8 ص 206.
(2) مشكاة الأنوار: ص 70.
(3) الأمالي للطوسي: ص 570، تنبيه الخواطر: 2/ 70؛ الدر المنثور: 1/ 32.
(4) البلد الأمين: ص 410.
(5) الأمالي للصدوق: ص 255.
(6) عدة الداعي: ص 245، ثواب الأعمال: ص 28.
(7) الأمالي للمفيد: ص 246؛ الفردوس: 5/ 9.
معارج الذكر والدعاء (87)
قال العبد: (سبحان الله) سبح معه ما دون العرش، فيعطى قائلها عشر أمثالها، وإذا قال: (الحمد لله) أنعم الله عليه بنعم الدنيا موصولا بنعم الآخرة، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها، وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا الحمد لله؛ وذلك قوله تعالى: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: 10] (1).
[الحديث: 341] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو أن الدنيا كلها لقمةٌ واحدةٌ، فأكلها العبد المسلم ثم قال: (الحمد لله)، لكان قوله ذلك خيرا لهٌ من الدنيا وما فيها (2).
[الحديث: 342] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قال العبد: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2]، قال الله جل جلاله: حمدني عبدي وعلم أن النعم التي له من عندي، وأن البلايا التي دفعت عنه فبطولي، أشهدكم أني أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا (3).
[الحديث: 343] قال الإمام زين العابدين: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب حمد الله وأثنى عليه (4).
[الحديث: 344] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أنعم الله تعالى عليه نعمة فليحمد الله تعالى، ومن استبطأ عليه الرزق فليستغفر الله، ومن حزنه أمرٌ فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله (5).
[الحديث: 345] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من نعمة ـ وإن تقادم عهدها ـ تذكرها العبد فقال: (الحمد لله)، إلا جدد الله له ثوابه كيوم وجدها (6).
__________
(1) علل الشرائع: ص 251، الأمالي للصدوق: ص 255.
(2) الأمالي للطوسي: ص 610.
(3) عيون أخبار الإمام الرضا: 1/ 300.
(4) الأمالي للمفيد: ص 211.
(5) عيون أخبار الإمام الرضا: 2/ 46؛ كنزالعمال: 3/ 259.
(6) الدعوات: ص 286.
معارج الذكر والدعاء (88)
[الحديث: 346] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ظهرت عليه النعمة، فليكثر ذكر: الحمد لله (1).
[الحديث: 347] قال الإمام علي يوصي بعض أصحابه: قل عند كل شدة: (لا حول ولا قوة إلا بالله) تكفها، وقل عند كل نعمة: (الحمد لله) تزدد منها (2).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 348] قال الإمام علي: الحمد شكرٌ (3).
[الحديث: 349] سئل الإمام علي عن قول الله عز وجل: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2] ما تفسيره؟ فقال: (الحمد لله) هو أن عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا؛ إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل؛ لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم: قولوا: الحمد لله على ما أنعم به علينا رب العالمين، وهم الجماعات من كل مخلوق من الجمادات والحيوانات؛ وأما الحيوانات فهو يقلبها في قدرته، ويغذوها من رزقه، ويحوطها بكنفه، ويدبر كلا منها بمصلحته، وأما الجمادات فهو يمسكها بقدرته؛ ويمسك المتصل منها أن يتهافت، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ويمسك الأرض أن تنخسف إلا بأمره، إنه بعباده رؤوفٌ رحيمٌ (4).
[الحديث: 350] قال الإمام علي: إن الله له الحمد افتتح الحمد لنفسه، وختم أمر الدنيا ومحل الآخرة بالحمد لنفسه، فقال: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
__________
(1) معاني الأخبار: ص 161، الأمالي للصدوق: ص 562.
(2) تحف العقول: ص 174.
(3) شرح نهج البلاغة: 20/ 261.
(4) عيون أخبار الإمام الرضا: 1/ 282.
معارج الذكر والدعاء (89)
الْعَالَمِينَ﴾ [الزمر: 75] (1).
[الحديث: 351] قال الإمام علي: لا يحمد حامدٌ إلا ربه، ولا يلم لائمٌ إلا نفسه (2).
[الحديث: 352] قال الإمام علي: إن أحق ما ابتدأ به المبتدئون، ونطق به الناطقون، وتفوه به القائلون: حمد الله وثناءٌ عليه بما هو أهله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3).
[الحديث: 353] قال الإمام علي في خطبة له: الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته (4).
[الحديث: 354] قال الإمام علي: أوصيكم أيها الناس بتقوى الله، وكثرة حمده على آلائه إليكم، ونعمائه عليكم، وبلائه لديكم (5).
[الحديث: 355] قال الإمام علي: يقال يوم القيامة: ليتقدم الحامدون، فتقدم أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل الأمم، وهو مكتوبٌ: أمة محمد هم الحامدون؛ يحمدون الله تبارك وتعالى على كل منزلة، ويكبرونه على كل حال، مناديهم في جوف السماء، لهم دويٌ كدوي النحل (6).
[الحديث: 356] قال الإمام علي: السؤال بعد المدح، فامدحوا الله عز وجل ثم اسأ لوا الحوائج، أثنوا على الله عز وجل وامدحوه قبل طلب الحوائج (7).
[الحديث: 357] عن ابن العزرمي عن أبيه، قال: كان أمير المؤمنين (الإمام علي) إذا أراد أن يزوج قال: الحمد لله، أحمده وأستعينه واؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. فإن الله له الحمد على غابر ما يكون وماضيه، وله الحمد مفردا والثناء مخلصا بما منه كانت لنا نعمة مونقة وعلينا مجللة
__________
(1) الكافي: 1/ 141.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 16.
(3) تاريخ دمشق: 39/ 198، المناقب للخوارزمي: ص 299.
(4) نهج البلاغة: الخطبة 157.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 188.
(6) النمل: 15.
(7) الخصال: ص 635، تحف العقول: ص 123.
معارج الذكر والدعاء (90)
وإلينا متزينة (1).
[الحديث: 358] قال الإمام الحسن في وصيته: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وإنه أولى من عبد وأحق من حمد (2).
[الحديث: 359] روي أن بغلة للإمام الباقر نفرت فيما بين مكة والمدينة، فقال: لئن ردها الله علي لأشكرنه حق شكره، فلما أخذها قال: (الحمد لله رب العالمين) ثلاث مرات، ثم قال ثلاث مرات: (شكرا لله) (3).
[الحديث: 360] عن حماد بن عثمان، قال: خرج الإمام الصادق من المسجد وقد ضاعت دابته، فقال: لئن ردها الله علي لأشكرن الله حق شكره، فما لبث أن أتي بها، فقال: الحمد لله، فقال له قائلٌ: جعلت فداك، أليس قلت: لأشكرن الله حق شكره، فقال الإمام الصادق: ألم تسمعني قلت: الحمد لله؟ (4).
[الحديث: 361] قيل للإمام الصادق: هل للشكر حدٌ إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال: نعم، قيل: ما هو؟ قال: يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حقٌ أداه (5).
[الحديث: 362] قال الإمام الصادق: شكر النعمة اجتناب المحارم، وتمام الشكر
__________
(1) مسند إسحاق بن راهويه: 5/ 180.
(2) الأمالي للطوسي: ص 159.
(3) مكارم الأخلاق: 2/ 78.
(4) الكافي: 2/ 97؛ الشكر لابن أبي الدنيا: ص 54، حلية الأولياء: 3/ 186.
(5) الكافي: 2/ 96، تفسير العياشي: 1/ 67.
معارج الذكر والدعاء (91)
قول الرجل: الحمد لله رب العالمين (1).
[الحديث: 363] قال الإمام الصادق: شكر كل نعمة وإن عظمت أن تحمد الله عز وجل عليها (2).
[الحديث: 364] قال الإمام الصادق: ما أنعم الله على عبد بنعمة ـ صغرت أو كبرت ـ فقال: (الحمد لله) إلا أدى شكرها (3).
[الحديث: 365] قال الإمام الصادق: من قال أربع مرات إذا أصبح: (الحمد لله رب العالمين) فقد أدى شكر يومه، ومن قالها إذا أمسى فقد أدى شكر ليلته (4).
[الحديث: 366] قال الإمام الصادق: من قال في كل يوم سبع مرات: (الحمد لله على كل نعمة كانت أو هي كائنةٌ)، فقد أدى شكر ما مضى وشكر ما بقي (5).
[الحديث: 367] قال الإمام الصادق: من أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصى الله، إن الله تعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين، فقال: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 45] (6).
[الحديث: 368] قيل للإمام الصادق: علمني دعاء جامعا، فقال: احمد الله فإنه لايبقى أحدٌ يصلي إلا دعا لك، يقول: سمع الله لمن حمده (7).
[الحديث: 369] قال الإمام الصادق: ما أنعم الله على عبد بنعمة بالغة ما بلغت فحمد الله عليها، إلا كان حمده لله أفضل من تلك النعمة وأعظم وأوزن (8).
[الحديث: 370] سئل الإمام الصادق عن قول الله عز وجل: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ
__________
(1) الكافي: 2/ 95، مشكاة الأنوار: ص 71.
(2) الكافي: 2/ 95، الخصال: ص 21.
(3) الكافي: 2/ 96.
(4) الكافي: 2/ 503، ثواب الأعمال: ص 13؛ كنزالعمال: 2/ 136.
(5) ثواب الأعمال: ص 24.
(6) الكافي: 5/ 108.
(7) الكافي: 2/ 503، مكارم الأخلاق: 2/ 79.
(8) ثواب الأعمال: ص 216، مكارم الأخلاق: 2/ 78.
معارج الذكر والدعاء (92)
الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 112]، فقال: بشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنة، وقال: (التائبون) من الذنوب، (العابدون) الذين لا يعبدون إلا الله ولا يشركون به شيئا، (الحامدون) الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء (1).
[الحديث: 371] قال الإمام الصادق: إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها؛ فإن الله عز وجل قال في كتابه: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7] (2).
[الحديث: 372] قال الإمام الصادق: ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه، وحمد الله ظاهرا بلسانه، فتم كلامه؛ حتى يؤمر له بالمزيد (3).
[الحديث: 373] قال الإمام الصادق في صلاة الشكر: إذا أنعم الله عليك بنعمة فصل ركعتين، تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب و(قل هو الله أحدٌ)، وتقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب و(قل يا أيها الكافرون)، وتقول في الركعة الاولى في ركوعك وسجودك: (الحمد لله شكرا شكرا وحمدا)، وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك: (الحمد لله الذي استجاب دعائي وأعطاني مسألتي) (4).
[الحديث: 374] قال الإمام الصادق: إنا لنحب من كان عاقلا فهما فقيها حليما مداريا صبورا صدوقا وفيا، إن الله عز وجل خص الأنبياء عليهم السلام بمكارم الأخلاق، فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك، ومن لم تكن فيه فليتضرع إلى الله عز وجل وليسأله
__________
(1) الكافي: 5/ 15، تهذيب الأحكام: 6/ 130.
(2) حلية الأولياء: 3/ 193؛ كشف الغمة: 2/ 368.
(3) الكافي: 2/ 95، تفسير القمي: 1/ 368.
(4) الكافي: 3/ 481، تهذيب الأحكام: 3/ 184.
معارج الذكر والدعاء (93)
إياها، قيل: جعلت فداك وما هن؟ قال: هن الورع، والقناعة، والصبر، والشكر، والحلم، والحياء، والسخاء، والشجاعة، والغيرة، والبر، وصدق الحديث، وأداء الأمانة (1).
[الحديث: 375] قال الإمام الرضا: إن قوله عز وجل: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الفاتحة: 2] إنما هو أداءٌ لما أوجب الله عز وجل على خلقه من الشكر، وشكرٌ لما وفق عبده من الخير (2).
[الحديث: 376] قال الإمام الرضا في خطبة له: الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه، وافتتح بالحمد كتابه، وجعل الحمد أول جزاء محل نعمته، وآخر دعوى أهل جنته (3).
[الحديث: 377] قال الإمام الرضا: من حمد الله على النعمة فقد شكره، وكان الحمد أفضل من تلك النعمة (4).
__________
(1) الكافي: 2/ 56، الأمالي للمفيد: ص 192.
(2) من لا يحضره الفقيه: 1/ 310.
(3) الكافي: 5/ 273.
(4) الكافي: 2/ 96.
معارج الذكر والدعاء (94)
رابعا ـ ما ورد حول فضل التهليل
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل التهليل]، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة إلى كلمة التوحيد، وترديدها واعتبار الدعوة إليها من أعظم أسباب الفتح الإلهي، والذي تزكى به النفس، وتطهر، وترتقي في معارج العرفان الكبرى، والتي تتيح لها القابلية لتنزلات الملائكة وما معها من روح القدس، كما قال تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ﴾ [النحل:2]
وقد اعتبرها الله تعالى العروة الوثقى، التي لا يتمسك بها إلا الناجون، فقال: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِالله فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 256]
واعتبرها العهد الذي عهد به إلى عباده، كما قال تعالى: ﴿لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً﴾ [مريم: 87]
واعتبرها الحسنى التي لا ينال اليسرى إلا من صدق بها، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ [الليل: 5 ـ 7]
واعتبرها كلمة الحق كما في قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: 86]
واعتبرها كلمة التقوى، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ [الفتح: 26]
واعتبرها القول الثابت، كما في قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: 27]
معارج الذكر والدعاء (95)
واعتبرها الكلمة الطيبة، كما في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ [إبراهيم: 24]
وهذه الآية الكريمة تشير إلى الآثار التي يحدثها ذكر الله تعالى في النفس؛ فالله تعالى شبه كلمة التوحيد بالنخلة، لأنها لا تنبت في كل أرض، وكذلك كلمة التوحيد لا تستقر في كل قلب، بل في قلب المؤمن فقط.. والنخلة عرقها ثابت بالأرض، وفرعها مرتفع، وكذلك كلمة التوحيد أصلُها ثابت في قلب المؤمن، فإذا تكلم بها وعمل بمقتضاها عرجت به في سموات المكارم والقيم الرفيعة، كما قال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: 10].. والنخلة تؤتي ثمرها كل حين، وكذلك عمل المؤمن يصعد به ويرتقي كل حين.
ولهذا كله كانت المحور الأعظم الذي تدور حوله دعوة الرسل عليهم السلام، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25]
وأخبر أنهم جميعا دعوا إليها، فكلهم قال لقومه ﴿اعْبُدُوا الله مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: 73]
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 378] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جددوا إيمانكم، قيل: يا رسول الله وكيف
معارج الذكر والدعاء (96)
نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول: لا إله إلا الله (1).
[الحديث: 379] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ [الفتح: 26]: لا إله إلا الله (2).
[الحديث: 380] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الذكر: لا إله إلا الله (3).
[الحديث: 381] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا إله إلا الله)، لا يسبقها عملٌ، ولا تترك ذنبا (4).
[الحديث: 382] عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله! أوصني، قال: إذا عملت سيئة، فأتبعها حسنة تمحها، قال: قلت: يا رسول الله، أمن الحسنات: (لا إله إلا الله)؟ قال: هي أفضل الحسنات (5).
[الحديث: 383] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لكل شيء مفتاحٌ، ومفتاح السماوات قول: لا إله إلا الله (6).
[الحديث: 384] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما قال عبدٌ: (لا إله إلا الله) قط مخلصا، إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش، ما اجتنب الكبائر (7).
[الحديث: 385] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: التسبيح نصف الميزان، والحمد يملؤه، و(لا إله إلا الله) ليس لها دون الله حجابٌ حتى تخلص إليه (8).
[الحديث: 386] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (لا إله إلا الله) نفعته يوما من دهره،
__________
(1) أحمد: 3/ 281، الحاكم: 4/ 285.
(2) الترمذي: 5/ 386، أحمد: 8/ 53 2.
(3) الترمذي: 5/ 462، ابن ماجة: 2/ 1249.
(4) ابن ماجة: 2/ 1248، كنز العمال: 1/ 418.
(5) أحمد: 8/ 113 3.
(6) المعجم الكبير: 20/ 215.
(7) الترمذي: 5/ 575.
(8) الترمذي: 5/ 536.
معارج الذكر والدعاء (97)
أصابه قبل ذلك ما أصابه (1).
[الحديث: 387] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أفصح أولادكم فعلموهم لا إله إلا الله (2).
[الحديث: 388] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ربى صغيرا حتى يقول: (لا إله إلا الله) لم يحاسبه الله عز وجل (3).
[الحديث: 389] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: افتحوا على صبيانكم أول كلمة بـ (لا إله إلا الله)، ولقنوهم عند الموت (لا إله إلا الله) (4).
[الحديث: 390] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: (لا إله إلا الله) خالصا من قلبه أو نفسه (5).
[الحديث: 391] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (لا إله إلا الله) مخلصا دخل الجنة، قيل: وما إخلاصها؟ قال: أن تحجزه عن محارم الله عز وجل (6).
[الحديث: 392] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا إله إلا الله) لا يسبقها عملٌ، ولا تترك ذنبا (7).
[الحديث: 393] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (لا إله إلا الله) في ساعة من ليل أو نهار، طلست ما في صحيفته من السيئات (8).
[الحديث: 394] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا إله إلا الله) تدفع عن قائلها تسعة وتسعين بابا من البلاء أدناها الهم (9).
__________
(1) شعب الإيمان: 1/ 109، المعجم الأوسط: 4/ 12.
(2) عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 150.
(3) المعجم الأوسط: 5/ 130.
(4) شعب الإيمان: 6/ 398.
(5) البخاري: 1/ 49.
(6) المعجم الأوسط: 2/ 56، حلية الأولياء: 9/ 254.
(7) ابن ماجة: 2/ 1248.
(8) التوحيد: ص 23؛ مسند أبي يعلى: 3/ 445.
(9) تاريخ دمشق: 17/ 172.
معارج الذكر والدعاء (98)
[الحديث: 395] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لأعلم كلمة لا يقولها عبدٌ حقا من قلبه فيموت على ذلك، إلا حرمه الله على النار: لا إله إلا الله (1).
[الحديث: 396] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله قد حرم على النار من قال: (لا إله إلا الله) يبتغي بذلك وجه الله (2).
[الحديث: 397] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كان آخر كلامه: (لا إله إلا الله) دخل الجنة (3).
[الحديث: 398] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قولوا: (لا إله إلا الله) تفلحوا (4).
[الحديث: 399] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سيد القول: (لا إله إلا الله)، وخير العبادة الاستغفار (5).
[الحديث: 400] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل: لا إله إلا الله (6).
[الحديث: 401] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل العلم: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الاستغفار (7).
[الحديث: 402] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خير العبادة قول: لا إله إلا الله (8).
[الحديث: 403] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل العبادة قول: لا إله إلا الله، ولا حول
__________
(1) الحاكم: 1/ 144.
(2) البخاري: 1/ 164، مسلم: 1/ 456.
(3) أبو داود: 3/ 190، أحمد: 8/ 240 5.
(4) أحمد: 53، الحاكم: 1/ 61.
(5) الجعفريات: ص 228، جامع الأحاديث للقمي: ص 87.
(6) التوحيد: ص 18، ثواب الأعمال: ص 17.
(7) جامع الأخبار: ص 134، بحار الأنوار: 93/ 282؛ الفردوس: 1/ 352.
(8) الكافي: 2/ 506، التوحيد: ص 18.
معارج الذكر والدعاء (99)
ولا قوة إلا بالله، وخير الدعاء الاستغفار، ثم تلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ [محمد: 19] (1).
[الحديث: 404] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن (لا إله إلا الله) أنس المؤمن في حياته، وعند موته، وحين يبعث (2).
[الحديث: 405] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: شعار المسلمين على الصراط يوم القيامة: لا إله إلا الله، وعلى الله فليتوكل المتوكلون (3).
[الحديث: 406] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس شيءٌ إلا وله شيءٌ يعدله، إلا الله عز وجل فإنه لا يعدله شيءٌ، و(لا إله إلا الله) فإنه لا يعدلها شيءٌ (4).
[الحديث: 407] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن (لا إله إلا الله) كلمةٌ عظيمةٌ كريمةٌ على الله عز وجل، من قالها مخلصا استوجب الجنة (5).
[الحديث: 408] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قال العبد: (أشهد أن لا إله إلا الله)، قال الله تعالى: يا ملائكتي، علم عبدي أنه ليس له ربٌ غيري، أشهدكم أني غفرت له (6).
[الحديث: 409] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقنوا موتاكم: (لا إله إلا الله) فإنها تهدم الذنوب، فقالوا: يا رسول الله، فمن قال في صحته؟ فقال: ذاك أهدم وأهدم وأهدم، إن (لا إله إلا الله) أنس المؤمن في حياته، وعند موته، وحين يبعث (7).
[الحديث: 410] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من الكلام كلمةٌ أحب إلى الله عز وجل من قول: (لا إله إلا الله)، وما من عبد يقول: (لا إله إلا الله) يمد بها صوته فيفرغ، إلا تناثرت
__________
(1) المحاسن: 1/ 453، بحار الأنوار: 93/ 190.
(2) ثواب الأعمال: ص 16، بحار الأنوار: 93/ 201.
(3) جامع الأحاديث للقمي: ص 89، بحار الأنوار: 93/ 204 عن الإمامة والتبصرة.
(4) ثواب الأعمال: ص 17، بحار الأنوار: 93/ 331.
(5) التوحيد: ص 23، كنزالعمال: 1/ 62 عن ابن النجار.
(6) تاريخ دمشق: 7/ 61.
(7) ثواب الأعمال: ص 16، بحار الأنوار: 81/ 235.
معارج الذكر والدعاء (100)
ذنوبه تحت قدميه كما يتناثر ورق الشجر تحتها (1).
[الحديث: 411] عن زيد بن خالد، قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي: بشر الناس أنه من قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) فله الجنة (2).
[الحديث: 412] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا اخبركم بما يكون به خير الدنيا والآخرة، وإذا كربتم واغتممتم دعوتم الله به ففرج عنكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: قولوا: (لا إله إلا الله ربنا لا نشرك به شيئا) ثم ادعوا بما بدا لكم (3).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 413] سئل الإمام علي: أي القول أصدق؟ فقال: شهادة أن لا إله إلا الله (4).
[الحديث: 414] قال الإمام علي: ما من عبد مسلم يقول: (لا إله إلا الله) إلا صعدت تخرق كل سقف، لا تمر بشيء من سيئاته إلا طلستها، حتى تنتهي إلى مثلها من الحسنات فتقف (5).
[الحديث: 415] قال الإمام علي: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة ممتحنا إخلاصها، معتقدا مصاصها، نتمسك بها أبدا ما أبقانا، وندخرها لأهاويل ما يلقانا، فإنها عزيمة الإيمان، وفاتحة الإحسان، ومرضاة الرحمن، ومدحرة الشيطان (6).
__________
(1) التوحيد: ص 21، جامع الأحاديث للقمي: ص 196.
(2) التوحيد: ص 22، بحار الأنوار: 93/ 196.
(3) المحاسن: 1/ 100، الدعوات: ص 56.
(4) من لا يحضره الفقيه: 4/ 383، معاني الأخبار: ص 199.
(5) التوحيد: ص 21، ثواب الأعمال: ص 17.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 2، بحار الأنوار: 77/ 331.
معارج الذكر والدعاء (101)
[الحديث: 416] قال الإمام الباقر: ما من شيء أعظم ثوابا من شهادة أن لا إله إلا الله، إن الله عز وجل لا يعدله شيءٌ، ولا يشركه في الأمور أحدٌ (1).
[الحديث: 417] قال الإمام الباقر: من قال: (لا إله إلا الله) فلن يلج ملكوت السماء حتى يتم قوله بعمل صالح (2).
[الحديث: 418] قال الإمام الباقر: (لا إله إلا الله) إعزازٌ لأهل دعوته، الصلاة تثبيتٌ للإخلاص وتنزيهٌ عن الكبر (3).
[الحديث: 419] قال الإمام الصادق: من شهد أن لا إله إلا الله عند موته، دخل الجنة (4).
[الحديث: 420] قال الإمام الرضا: إن التهليل هو إقرارٌ لله تعالى بالتوحيد، وخلع الأنداد من دون الله، وهو أول الإيمان، وأعظم من التسبيح والتحميد (5).
[الحديث: 421] قال الإمام الرضا في حكمة الأذان: فإن قال قائلٌ: فلم جعل آخرها التهليل ولم يجعل آخرها التكبير كما جعل في أولها التكبير؟ قيل: لأن التهليل اسم الله في آخره فأحب الله تعالى أن يختم الكلام باسمه كما فتحه باسمه (6).
__________
(1) الكافي: 2/ 516، التوحيد: ص 19، المحاسن: 1/ 98.
(2) الأمالي للمفيد: ص 184، الزهد للحسين بن سعيد: ص 19.
(3) الأمالي للطوسي: ص 296، بحار الأنوار: 78/ 183.
(4) المحاسن: 1/ 103، بحار الأنوار: 81/ 236.
(5) عيون أخبار الإمام الرضا: 2/ 106، علل الشرائع: ص 259.
(6) عيون أخبار الإمام الرضا: 2/ 106، علل الشرائع: ص 259.
معارج الذكر والدعاء (102)
خامسا ـ ما ورد حول فضل التكبير
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل التكبير]، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة إلى التكبير، وهو قول [الله أكبر] بصيغها المختلفة.
وقد ورد الحث على ذلك في أوائل ما نزل من القرآن الكريم، فقد ورد في سورة المدثر، وهي من أوائل سور القرآن الكريم، قوله تعالى: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ [المدثر: 3]، وقد قرنها بالأمر بالإنذار، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ [المدثر: 1، 2]، ليبين من خلالها أنه لا يمكن أن يقوى أحد أو يصدق في الدعوة إلى ربه، من دون أن يكون مزودا بهذه المعرفة الجليلة معرفة عظم الله وكبره، حتى يصغر أمامه كل شيء.
وهكذا ورد في سورة الإسراء قوله تعالى: ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: 111] بعد آيات كثيرة تبين المعاناة العظيمة التي عاناها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع تلك القلوب القاسية التي كانت تخاطبه بقولها: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ﴾ [الإسراء: 90 - 93]
وهكذا يقرن القرآن الكريم بين وصف الله تعالى نفسه بالكبر والعلو مع وصف الأصنام التي تعبد من دون الله بالضعف والهوان، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ الله هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [الحج: 62]، وقال: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لله الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾ [غافر: 12]
معارج الذكر والدعاء (103)
وقد كان من حكمة الله تعالى أن تكون الصيغة الدالة على كبر الله وجلاله وعظمته، على وزن أفعل التفضيل من غير تحديد للمفضول، وذلك حتى يدخل كل شيء ما يعقل وما لا يعقل..
بل قد ورد عن الإمام الصادق النهي عن تحديد أي شيء للدلالة على أكبرية الله عليه، لأن في ذلك تحديدا وتقييدا، فقد روي أنه قال لبعض أصحابه: أي شيء الله أكبر؟ فقال: الله أكبر من كل شيء، فقال: فكان ثم شيء فيكون أكبر منه؟ فقلت: فما هو؟ فقال: (الله أكبر من أن يوصف) (1)
وروي أن رجلا قال أمامه: الله أكبر من كل شيء، فقال له: حددته، فقال الرجل: وكيف أقول؟ فقال: (الله أكبر من أن يوصف) (2)
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 422] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الملة، قيل: وما هي؟ قال: التكبير، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، ولا حول ولا قوة إلا بالله (3).
[الحديث: 423] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: التسبيح نصف الميزان، والحمد يملؤه، والتكبير يملأ ما بين السماء (4).
__________
(1) معانى الاخبار ص 11.
(2) المحاسن ص 241.
(3) الحاكم: 1/ 694، أحمد: 4/ 150 3.
(4) الترمذي: 5/ 536؛ الكافي: 2/ 506.
معارج الذكر والدعاء (104)
[الحديث: 424] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قال العبد: (لا إله إلا الله والله أكبر)، يقول الله عز وجل: صدق عبدي، لا إله إلا أنا وأنا أكبر (1).
[الحديث: 425] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لكل شيء صفوةٌ، وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى (2).
[الحديث: 426] عن عبد الله بن مسعود، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكبر في كل رفع ووضع، وقيام وقعود (3).
[الحديث: 427] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة أصوات يباهي الله بهن الملائكة: الأذان، والتكبير في سبيل الله، ورفع الصوت بالتلبية (4).
[الحديث: 428] عن سعد المؤذن، قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكبر بين أضعاف الخطبة، يكثر التكبير في خطبة العيدين (5).
[الحديث: 429] عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى (6).
[الحديث: 430] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا وقعت كبيرةٌ أو هاجت ريحٌ مظلمةٌ فعليكم بالتكبير؛ فإنه يجلي العجاج الأسود (7).
[الحديث: 431] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: منّ علي ربي وقال: يا محمد جعلت لك ولأمتك الأرض كلها مسجدا، وترابها طهورا، وأعطيت لك ولأمتك التكبير، وقرنت
__________
(1) ابن ماجة: 2/ 1246، الحاكم: 1/ 46.
(2) مسند أبي يعلى: 5/ 422.
(3) الدارمي: 1/ 302، النسائي: 2/ 233، أحمد: 2/ 47.
(4) كنز العمال: 15/ 814 عن ابن النجار.
(5) ابن ماجة: 1/ 409، الحاكم: 3/ 703.
(6) الحاكم: 1/ 438، السنن الكبرى: 3/ 395.
(7) مسند أبي يعلى: 2/ 369، كنز العمال: 7/ 830 عن ابن السني.
معارج الذكر والدعاء (105)
ذكرك بذكري، حتى لا يذكرني أحدٌ من أمتك إلا ذكرك مع ذكري، طوبى لك يا محمد ولأمتك (1).
[الحديث: 432] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من هبط واديا فقال: (لا إله إلا الله والله أكبر) ملأ الله الوادي حسنات، فليعظم الوادي بعدا أو ليصغر (2).
[الحديث: 433] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من استقبل جنازة أو رآها فقال: (الله أكبر، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا إيمانا وتسليما، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة، وقهر العباد بالموت)، لم يبق في السماء ملكٌ إلا بكى رحمة لصوته (3).
[الحديث: 434] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: إذا نظرت في مرآة فكبر ثلاثا وقل: اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي (4).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 435] قيل للإمام الباقر: التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات؟ فقال: التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلاة، وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات، وأول التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر؛ يقول فيه: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام (5).
[الحديث: 436] عن كامل بن العلاء، قال: كنت مع الإمام الباقر بالعريض فهبت
__________
(1) الخصال: ص 425، علل الشرائع: ص 128.
(2) المحاسن: 1/ 101.
(3) الكافي: 3/ 167، تهذيب الأحكام: 1/ 452.
(4) تحف العقول: ص 11، بحار الأنوار: 77/ 65.
(5) الكافي: 4/ 516، تهذيب الأحكام: 3/ 139.
معارج الذكر والدعاء (106)
ريحٌ شديدةٌ، فجعل يكبر، ثم قال: إن التكبير يرد الريح (1).
[الحديث: 437] قال الإمام الصادق لبعض أصحابه: أي شيء (الله أكبر)؟ قال: الله أكبر من كل شيء، فقال: وكان ثم شيءٌ فيكون أكبر منه؟ قيل: وما هو؟ قال: الله أكبر من أن يوصف (2).
[الحديث: 438] قال الإمام الصادق: أما إن في الفطر تكبيرا ولكنه مستورٌ، قيل: وأين هو؟ قال: في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة، وفي صلاة الفجر، وفي صلاة العيد، ثم يقطع، قيل: كيف أقول؟ قال: تقول: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا)، وهو قول الله عز وجل: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185] يعني الصيام (3).
[الحديث: 439] قال الإمام الصادق: كبر مع كل حصاة تكبيرة إذا رميتها، ولا تقدم جمرة على جمرة، وقف بعد الفراغ من الرمي وادع بما قسم لك (4).
[الحديث: 440] قال الإمام الصادق: من أعجبه شيءٌ من أخيه المؤمن فليكبر عليه، فإن العين حقٌ (5).
__________
(1) من لا يحضره الفقيه: 1/ 544.
(2) الكافي: 1/ 118 وح 8، التوحيد: ص 313.
(3) الكافي: 4/ 166، تهذيب الأحكام: 3/ 138.
(4) دعائم الإسلام: 1/ 323.
(5) طب الأئمة لابني بسطام: ص 121، بحار الأنوار: 95/ 127.
معارج الذكر والدعاء (107)
سادسا ـ ما ورد حول فضل الحوقلة
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [فضل الحوقلة]، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة إلى التوكل والاعتماد على الله وحده، وعدم الاعتزاز أو الاغترار بالقوة، كما قال تعالى في حوار صاحب الجنتين: ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ [الكهف: 37 - 40]
ويشير إليها كل ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة للاستعانة بالله وحده، وفي كل الشؤون، كما قال تعالى في سورة الفاتحة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5]
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 441] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ: أتدري ما تفسير: لا حول ولا قوة إلا بالله؟ لا حول عن معصية الله إلا بقوة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله (1).
[الحديث: 442] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كلام أهل السماوات: لا حول ولا قوة إلا بالله (2).
__________
(1) الفردوس: 5/ 375.
(2) تاريخ بغداد: 8/ 333.
معارج الذكر والدعاء (108)
[الحديث: 443] عن قيس بن سعد بن عبادة، قال: مر بي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. وقال: ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟ قلت: بلى، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله (1).
[الحديث: 444] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عز وجل لما خلق الجنة جعل غرسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله (2).
[الحديث: 445] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أكثر من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله) فإنها كنزٌ من كنوز الجنة (3).
[الحديث: 446] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أنعم الله عليه بنعمة فأراد بقاءها، فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [الكهف: 39] (4).
[الحديث: 447] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أكثروا من قول: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)؛ فإنهن الباقيات الصالحات، وهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها، وهن من كنوز الجنة (5).
[الحديث: 448] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما على الأرض أحدٌ يقول: (لا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله) إلا كفرت عنه خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر (6).
[الحديث: 449] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حزنه أمرٌ فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله (7).
[الحديث: 450] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رأى شيئا فأعجبه فقال: (ما شاء الله، لا
__________
(1) الترمذي: 5/ 571، أحمد: 8/ 256 0.
(2) كنزالعمال: 1/ 469 عن الشيرازي في الألقاب.
(3) الترمذي: 5/ 580، أحمد: 3/ 231.
(4) المعجم الكبير: 17/ 311.
(5) كنزالعمال: 1/ 466 عن الرامهرمزي في الأمثال.
(6) الترمذي: 5/ 509، أحمد: 2/ 551.
(7) عيون أخبار الإمام الرضا: 2/ 46؛ تاريخ بغداد: 3/ 180.
معارج الذكر والدعاء (109)
قوة إلا بالله) لم يضره العين (يعني لا يصيبه العين) (1)
[الحديث: 451] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبعض أصحابه: ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة أو بلية فقل: (بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)؛ فإن الله عز وجل يصرف بها عنك ما يشاء من أنواع البلاء (2).
[الحديث: 452] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قال العبد: (لا حول ولا قوة إلا بالله) فقد فوض أمره إلى الله، وحقٌ على الله أن يكفيه (3).
[الحديث: 453] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد كنز الحديث فعليه بـ (لا حول ولا قوة إلا بالله) (4).
[الحديث: 454] عن أبي ذر، قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أستكثر من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) فإنها من كنوز الجنة (5).
[الحديث: 455] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ملأ من أصحابه فقال: خذوا جنتكم، فقالوا: يا رسول الله حضر عدوٌ؟ قال: لا، جنتكم من النار، قولوا: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) فإنهن يوم القيامة مقدماتٌ منجياتٌ ومعقباتٌ، وهن عند الله الصالحات الباقيات (6).
[الحديث: 456] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن آدم شكا إلى الله عز وجل ما يلقى من حديث النفس والحزن، فنزل عليه جبريل فقال له: يا آدم قل: (لا حول ولا قوة إلا بالله)،
__________
(1) عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 78؛ مجمع البيان: 10/ 866.
(2) الكافي: 2/ 573؛ عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 121.
(3) المحاسن: 1/ 112.
(4) معاني الأخبار: ص 139؛ التاريخ الكبير: 3/ 283.
(5) الخصال: ص 345.
(6) الأمالي للطوسي: ص 677.
معارج الذكر والدعاء (110)
فقالها فذهب عنه الوسوسة والحزن (1).
[الحديث: 457] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمانٌ لأمتي من الهم: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه (2).
[الحديث: 458] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ظهرت عليه النعمة فليكثر ذكر (الحمد لله)، ومن كثرت همومه فعليه بالاستغفار، ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)؛ ينفي الله عنه الفقر (3).
[الحديث: 459] قال الإمام السجاد: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سمع المؤذن قال كما يقول، فإذا قال: حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير العمل، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله (4).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 460] سئل الإمام علي عن تأويل: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: لا حول لنا عن معاصي الله إلا بعصمة الله، ولا قوة لنا على طاعة الله إلا بعون الله (5).
[الحديث: 461] سئل الإمام علي عن معنى لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: إنا لا نملك مع الله شيئا، ولا نملك إلا ما ملكنا، فمتى ملكنا ما هو أملك به منا كلفنا، ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا (6).
__________
(1) الأمالي للصدوق: ص 637.
(2) من لا يحضره الفقيه: 4/ 371.
(3) الكافي: 8/ 93، المحاسن: 1/ 114؛ تاريخ بغداد: 2/ 52.
(4) دعائم الإسلام: 1/ 145؛ أحمد: 9/ 230 7.
(5) الاحتجاج: 2/ 494، تحف العقول: ص 468.
(6) نهج البلاغة: الحكمة 404.
معارج الذكر والدعاء (111)
[الحديث: 462] سئل الإمام الصادق عن تفسير: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فقال: لا يحول بيننا وبين المعاصي إلا الله، ولا يقوينا على أداء الطاعة والفرائض إلا الله (1).
[الحديث: 463] قال الإمام الصادق: من بخل منكم بمال أن ينفقه، وبالجهاد أن يحضره، وبالليل أن يكابده، فلا يبخل بـ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله (2).
[الحديث: 464] قال الإمام الصادق: إذا قال العبد: (لا حول ولا قوة إلا بالله) قال الله عز وجل للملائكة: استسلم عبدي، اقضوا حاجته (3).
[الحديث: 465] قال الإمام الصادق: ما من رجل دعا فختم بقول: (ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله) إلا أجيبت حاجته (4).
[الحديث: 466] قال الإمام الصادق: إذا دعا الرجل، فقال بعدما دعا: ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله عز وجل: استبسل عبدي واستسلم لأمري، اقضوا حاجته (5).
[الحديث: 467] قال الإمام الصادق: إن آدم شكا إلى ربه حديث النفس، فقال: أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله (6).
[الحديث: 468] قال الإمام الصادق: من قال في كل يوم مئة مرة: (لا حول ولا قوة إلا بالله) دفع الله بها عنه سبعين نوعا من البلاء؛ أيسرها الهم (7).
__________
(1) المحاسن: 1/ 113.
(2) المحاسن: 1/ 107.
(3) المحاسن: 1/ 113 وح 111.
(4) ثواب الأعمال: ص 24.
(5) الكافي: 2/ 521.
(6) المحاسن: 1/ 112.
(7) ثواب الأعمال: ص 195.
معارج الذكر والدعاء (112)
[الحديث: 469] قال الإمام الصادق: من قال: (ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله) سبعين مرة، صرف عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء؛ أيسر ذلك الخنق (1).
[الحديث: 470] قال الإمام الصادق: إذا صليت المغرب والغداة فقل: (بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) سبع مرات؛ فإنه من قالها لم يصبه جذامٌ ولا برصٌ ولا جنونٌ، ولا سبعون نوعا من أنواع البلاء (2).
[الحديث: 471] قال الإمام الصادق: من قال: (ما شاء الله كان، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مئة مرة حين يصلي الفجر، لم ير يومه ذلك شيئا يكرهه (3).
__________
(1) الكافي: 2/ 521، ثواب الأعمال: ص 194.
(2) جامع الأخبار: ص 175، بحار الأنوار: 84/ 26.
(3) الكافي: 2/ 530، بحار الأنوار: 86/ 162.
معارج الذكر والدعاء (113)
سابعا ـ ما ورد حول الاستثناء بالمشيئة
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول [الاستثناء بالمشيئة]، ونقصد بها ما ورد الأمر به في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾ [الكهف: 23 - 24]
وهي تعلم المؤمن ألا يجزم بفعل شيء دون أن يستعين بالله في ذلك، حتى لا يكون اعتماده على حوله وقوته، وإنما على حول الله وقوته، ولهذا يرتبط الاستثناء في بعض الأحيان بالحوقلة، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا﴾ [الكهف: 39]
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب:
[الحديث: 472] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن من إتمام إيمان العبد أن يستثني في كل حديث (1).
[الحديث: 473] قال الإمام الصادق: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا قط فقال: لا؛ إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكن عنده قال: يكون إن شاء الله (2).
[الحديث: 474] قال الإمام الصادق: للعبد أن يستثني ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاه ناسٌ من اليهود فسألوه عن أشياء، فقال لهم: تعالوا غدا أحدثكم، ولم يستثن، فاحتبس جبريل عنه أربعين يوما، ثم أتاه فقال: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ
__________
(1) تفسير العياشي: 2/ 325، بحار الأنوار: 76/ 306.
(2) تفسير العياشي: 1/ 261، بحار الأنوار: 16/ 340.
معارج الذكر والدعاء (114)
إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 23 - 24] (1).
وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 475] قال الإمام علي: الاستثناء في اليمين متى ما ذكر وإن كان بعد أربعين صباحا، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 24] (2).
[الحديث: 476] قال الإمام الباقر في قول الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ [طه: 115]: إن الله عز وجل لما قال لآدم عليه السلام: ادخل الجنة، قال له: يا آدم، لا تقرب هذه الشجرة، وأراه إياها، فقال آدم لربه: كيف أقربها وقد نهيتني عنها أنا وزوجتي؟! فقال لهما: لا تقرباها يعني لا تأكلا منها، فقال آدم وزوجته: نعم يا ربنا لا نقربها ولا نأكل منها، ولم يستثنيا في قولهما: نعم، فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما وإلى ذكرهما، وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في الكتاب: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: 23 - 24] ألا أفعله، فتسبق مشيئة الله في ألا أفعله فلا أقدر على أن أفعله، فلذلك قال الله عز وجل (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)، أي استثن مشيئة الله في فعلك (3).
[الحديث: 477] قال الإمام الباقر في قول الله عز وجل: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 24]: إذا حلف الرجل فنسي أن يستثني، فليستثن إذا ذكر (4).
__________
(1) من لا يحضره الفقيه: 3/ 362.
(2) الكافي: 7/ 448.
(3) الكافي: 7/ 448، بحار الأنوار: 76/ 306.
(4) الكافي: 7/ 447، تهذيب الأحكام: 8/ 281.
معارج الذكر والدعاء (115)
[الحديث: 478] عن مرازم بن حكيم: أمر الإمام الصادق بكتاب في حاجة، فكتب ثم عرض عليه ولم يكن فيه استثناءٌ، فقال: كيف رجوتم أن يتم هذا وليس فيه استثناءٌ؟ انظروا كل موضع لا يكون فيه استثناءٌ فاستثنوا فيه (1).
[الحديث: 479] سئل الإمام الصادق عن قول الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: 24] فقال: أن تستثني، ثم ذكرت بعد، فاستثن حين تذكر (2).
[الحديث: 480] قال الإمام الصادق: إذا دعا الرجل فقال بعد ما دعا: (ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله)، قال الله عز وجل: استبسل عبدي، واستسلم لأمري، اقضوا حاجته (3).
[الحديث: 481] قال الإمام الصادق: من أحب أن لا يرد دعاؤه فليقدم هذا الدعاء أمام دعائه، وهو: ما شاء الله توجها إلى الله، ما شاء الله تعبدا لله، ما شاء الله تلطفا لله، ما شاء الله تذللا لله، ما شاء الله استنصارا بالله، ما شاء الله استكانة لله، ما شاء الله تضرعا إلى الله، ما شاء الله استغاثة بالله، ما شاء الله استعانة بالله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (4).
__________
(1) الكافي: 2/ 673، مشكاة الأنوار: ص 251.
(2) الكافي: 3/ 324؛ الترمذي: 5/ 561، أحمد: 1/ 208.
(3) الكافي: 2/ 521.
(4) فلاح السائل: ص 194.
معارج الذكر والدعاء (116)
المعراج الثامن من معارج الذكر والدعاء [معراج الثناء والتمجيد]، وإلى هذا المعراج الإشارة بكل الآيات الكريمة التي تدعو إلى حمد الله والثناء عليه بأوصافه العليا وأسمائه الحسنى، كما قال تعالى: ﴿وَلله الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]، وذكر بعض تلك الأسماء، ودعا إلى ذكره بها، فقال: ﴿قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: 110]
ومثل ذلك الآيات الكريمة التي تذكر ثناء الأنبياء عليهم السلام على ربهم، وفي المناسبات المختلفة، كما قال تعالى حاكيا عن هود عليه السلام: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: 56]
وقال حاكيا عن إبراهيم عليه السلام قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الشعراء: 78 - 82] بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: 56]
وغيرها من الآيات الكريمة، والتي ورد في الأحاديث الكثير من الصيغ التي تبين كيفية الثناء على الله وتمجيده وحمده، وقد قسمناها إلى قسمين:
أولا ـ ما ورد حول الأسماء والصفات
ثانيا ـ ما ورد حول الحمد والثناء
معارج الذكر والدعاء (117)
أولا ـ ما ورد حول الأسماء والصفات
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول علاقة الذكر والدعاء بـ[الأسماء والصفات]، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الآيات التي تحض على ذلك، ومنها قوله تعالى: ﴿وَلله الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]
ومنها الآيات الكثيرة التي تعلمنا كيفية ذلك، والتي تندرج جميعا ضمن مفهوم قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: 110]
ومنها ما ورد من أسماء لله، وهي كثيرة جدا، كقوله تعالى: ﴿هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحشر: 23، 24]
ومثلها ما ورد في فواصل أكثر الآيات القرآنية، كقوله تعالى: ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 192]، وقوله: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقرة: 225]، وقوله: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 244]، وقوله: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: 116]
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
معارج الذكر والدعاء (118)
[الحديث: 482] عن ابن عمر، قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يقول: يا كائنا قبل أن يكون شيءٌ، والمكون لكل شيء، والكائن بعدما لا يكون شيءٌ، أسألك بلحظة من لحظاتك الحافظات الغافرات الواجبات المنجيات (1).
[الحديث: 483] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لله ملكا موكلا بمن يقول: يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثا، قال الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك، فاسأل (2).
[الحديث: 484] عن أنس، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجل وهو يقول: يا أرحم الراحمين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سل فقد نظر الله إليك (3).
[الحديث: 485] عن ابن عباس، أن رجلا قال: يا رسول الله، هل من الدعاء شيءٌ لا يرد؟ قال: نعم، تقول: أسألك باسمك الأعلى الأعز الأجل الأكرم (4).
[الحديث: 486] عن معاذ بن جبل، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجل وهو يدعو ويقول: يا ذا الجلال والإكرام، فقال له: قد استجيب لك، فسل (5).
[الحديث: 487] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألظوا (6) بـ (يا ذا الجلال والإكرام) (7)
[الحديث: 488] عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو: (يا حي يا قيوم) (8)
[الحديث: 489] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: هو اسمٌ
__________
(1) الأسماء والصفات للبيهقي: 1/ 63.
(2) الحاكم: 1/ 728؛ محاسبة النفس لابن طاووس: ص 35، الدعوات: ص 65.
(3) الحاكم: 1/ 728؛ محاسبة النفس لابن طاووس: ص 35.
(4) المعجم الكبير: 11/ 285 5، الدعاء للطبراني: ص 53؛ الدعوات: ص 50.
(5) معاني الأخبار: ص 230، بحار الأنوار: 95/ 135؛ الأدب المفرد: ص 217، أحمد: 8/ 266.
(6) ألظ بالشيء: لزمه وثابر عليه.
(7) الترمذي: 5/ 539 عن أنس، أحمد: 6/ 187 7، الحاكم: 1/ 676.
(8) عمل اليوم والليلة للنسائي: ص 397، المعجم الأوسط: 8/ 79.
معارج الذكر والدعاء (119)
من أسماء الله، وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد العين وبياضها من القرب (1).
[الحديث: 490] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: 163]، وفاتحة سورة آل عمران: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [آل عمران: 2]) (2).
[الحديث: 491] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [آل عمران: 26 - 27] (3).
[الحديث: 492] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في سور ثلاث: في البقرة وآل عمران، وطه.. قال الراوي: في البقرة آية الكرسي، وفي آل عمران: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ﴾ [البقرة: 255] وفي طه: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا﴾ [طه: 111] (4).
[الحديث: 493] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل أدلكم على اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى؟ الدعوة التي دعا بها يونس، حيث ناداه في الظلمات الثلاث: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87]، فقال رجلٌ: يا رسول الله، هل كانت ليونس خاصة أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا تسمع قول الله عز وجل: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: 88]؟ (5).
__________
(1) الحاكم: 1/ 738؛ مهج الدعوات: ص 381.
(2) أبو داوود: 2/ 80، الترمذي: 5/ 517، ابن ماجة: 2/ 1267.
(3) مهج الدعوات: ص 380؛ المعجم الكبير: 12/ 133.
(4) ابن ماجة: 2/ 1267، الحاكم: 1/ 686.
(5) الحاكم: 1/ 685، تفسير الطبري: ج 10 الجزء 17 ص 82.
معارج الذكر والدعاء (120)
[الحديث: 494] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسم الله الأعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر (1).
[الحديث: 495] عن البراء بن عازب، قال: قلت لعلي: يا أمير المؤمنين (الإمام علي)، أسألك بالله ورسوله إلا خصصتني بأعظم ما خصك به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واختصه به جبريل، وأرسله به الرحمن، فضحك ثم قال يا براء: إذا أردت أن تدعو الله عز وجل باسمه الأعظم فاقرأ من أول سورة الحديد إلى آخر ست آيات منها، إلى ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الحديد: 6]، وآخر سورة الحشر، يعني أربع آيات، ثم ارفع يديك فقل: (يا من هو هكذا، أسألك بحق هذه الأسماء أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا مما تريد)، فوالله الذي لا إله غيره لتقبلن بحاجتك إن شاء الله (2).
[الحديث: 496] عن بريدة، قال: سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يدعو وهو يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدٌ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى (3).
[الحديث: 497] عن أنس، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسا في الحلقة ورجلٌ قائمٌ يصلي، فلما ركع وسجد فتشهد ثم قال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، إني أسألك.. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أتدرون بما دعا الله؟ قال: فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي
__________
(1) مهج الدعوات: ص 380؛ الفردوس: 1/ 616.
(2) كنز العمال: 2/ 268 عن ابن النجار.
(3) الترمذي: 5/ 515، أبو داوود: 2/ 79؛ مهج الدعوات: ص 380.
معارج الذكر والدعاء (121)
نفسي بيده لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى (1).
[الحديث: 498] عن أنس، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فدعا رجلٌ فقال: يا بديع السماوات، يا حي يا قيوم، إني أسألك، فقال: أتدرون بما دعا؟ والذي نفسي بيده، دعا الله باسمه الذي إذا دعي به أجاب (2).
[الحديث: 499] قال الإمام الباقر: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم عليا دعوة يدعو بها عند ما أهمه، فكان عليٌ يعلمها ولده: يا كائنا قبل كل شيء، ويا مكون كل شيء، ويا كائنا بعد كل شيء، افعل بي كذا وكذا (3).
[الحديث: 500] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم أنت الله، وأنت الرحمن، وأنت الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الحميد، المجيد، المبدئ، المعيد، الودود، الشهيد، القديم، العلي، العظيم، العليم، الصادق، الرؤوف، الرحيم، الشكور، الغفور، العزيز، الحكيم، ذو القوة، المتين، الرقيب، الحفيظ، ذو الجلال والإكرام، العظيم، العليم، الغني، الولي، الفتاح، القابض، الباسط، العدل، الوفي، الولي، الحق، المبين، الخلاق، الرزاق، الوهاب، التواب، الرب، الوكيل، اللطيف، الخبير، السميع، البصير، الديان، المتعالي، القريب، المجيب، الباعث، الوارث، الواسع، الباقي، الحي، الدائم الذي لا يموت، القيوم، النور، الغفار، الواحد، القهار، الأحد، الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحدٌ، ذو الطول، المقتدر، علام الغيوب، البديء، البديع، القابض، الباسط،
__________
(1) أحمد: 6/ 688 وص 316 1، أبو داوود: 2/ 79؛ الدعوات: ص 57.
(2) الأدب المفرد: ص 211.
(3) الأسماء والصفات: 1/ 62.
معارج الذكر والدعاء (122)
الداعي، الظاهر، المقيت، المغيث، الدافع، الضار، النافع، المعز، المذل، المطعم، المنعم، المهيمن، المكرم، المحسن، المجمل، الحنان، المفضل، المحيي، المميت، الفعال لما يريد، مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قديرٌ.. تولج الليل في النهار، وتولج النهار في الليل، وتخرج الحي من الميت، وتخرج الميت من الحي، وترزق من تشاء بغير حساب.. فالق الإصباح وفالق الحب والنوى، يسبح له ما في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم.. اللهم ما قلت من قول، أو حلفت من حلف، أو نذرت من نذر في يومي هذا وليلتي هذه فمشيتك بين يدي ذلك كله، ما شئت فيه كان، وما لم تشأ منه لم يكن، فادفع عني بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. اللهم بحق هذه الأسماء عندك، صل على محمد وآل محمد، واغفر لي، وارحمني، وتب علي، وتقبل مني، وأصلح لي شأني، ويسر أموري، ووسع علي في رزقي، وأغنني بكرم وجهك عن جميع خلقك، وصن وجهي ويدي ولساني عن مسألة غيرك، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا؛ فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت على كل شيء قديرٌ، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيد المرسلين محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين (1).
[الحديث: 501] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لله عز وجل تسعةٌ وتسعون اسما، من دعا الله بها استجاب له، ومن أحصاها دخل الجنة، وقال الله عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180] (2).
[الحديث: 502] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رفع يديه إلى الله تعالى ويقول متضرعا: يا
__________
(1) مهج الدعوات: ص 122.
(2) التوحيد: ص 195.
معارج الذكر والدعاء (123)
رب ـ ثلاث مرات ـ ملأ الله تعالى يديه من الرحمة (1).
[الحديث: 503] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بسم الله الرحمن الرحيم) أقرب إلى الاسم الأعظم من سواد العين إلى بياضها (2).
[الحديث: 504] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البقرة: 255]، و﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: 163] (3).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 505] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: إذا نزل بك أمرٌ عظيمٌ في دين أو دنيا، فتوضأ وارفع يديك وقل: يا الله يا الله ـ سبع مرات ـ فإنه يستجاب لك (4).
[الحديث: 506] قال الإمام السجاد: كنت أدعو الله سبحانه سنة عقيب كل صلاة أن يعلمني الاسم الأعظم، فإني ذات يوم قد صليت الفجر، إذ غلبتني عيناي وأنا قاعدٌ، وإذا أنا برجل قائم بين يدي يقول لي: سألت الله تعالى أن يعلمك الاسم الأعظم؟ قلت:
__________
(1) مستدرك الوسائل: 5/ 220 عن تفسير أبي الفتوح الرازي.
(2) عدة الداعي: ص 69، عيون أخبار الرضا: 2/ 5، الحاكم: 1/ 738.
(3) مهج الدعوات: ص 383.
(4) مكارم الأخلاق: 2/ 166، بحار الأنوار: 80/ 328.
معارج الذكر والدعاء (124)
نعم، قال: قل: (اللهم إني أسألك باسمك، الله، الله، الله، الله، الله، الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم)، فو الله ما دعوت بها لشيء إلا رأيت نجحه (1).
[الحديث: 507] قال الإمام الصادق: اشتكيت فمر بي أبي (الإمام الباقر)، فقال: قل يا بني عشر مرات: يا الله؛ فإنه لم يقلها عبدٌ إلا قال: لبيك، ومن قال: يا ربي يا الله، يا ربي يا الله حتى ينقطع النفس، أجيب فقيل له: لبيك، ما حاجتك (2).
[الحديث: 508] قال الإمام الصادق: إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربه وليمدحه؛ فإن الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه، فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه، تقول: يا أجود من أعطى، ويا خير من سئل، يا أرحم من استرحم، يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدٌ، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ويقضي ما أحب، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الأعلى، يا من ليس كمثله شيءٌ، يا سميع يا بصير.. وأكثر من أسماء الله عز وجل؛ فإن أسماء الله كثيرةٌ، وصل على محمد وآله وقل: اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ما أكف به وجهي، وأؤدي به عن أمانتي، وأصل به رحمي؛ ويكون عونا لي في الحج والعمرة (3).
[الحديث: 509] قال الإمام الصادق: من قال عشر مرات: يا رب يا رب، قيل له: لبيك، ما حاجتك؟ (4).
__________
(1) مكارم الأخلاق: 2/ 159، مهج الدعوات: ص 382.
(2) الدعوات: ص 66، بحار الأنوار: 93/ 235.
(3) الكافي: 2/ 685، فلاح السائل: ص 89.
(4) الكافي: 2/ 520.
معارج الذكر والدعاء (125)
[الحديث: 510] قال الإمام الصادق: إن العبد إذا سجد فقال: يا رب يا رب ـ حتى ينقطع نفسه ـ قال له الرب تبارك وتعالى: لبيك ما حاجتك؟ (1).
[الحديث: 511] قال الإمام الصادق: إن الرجل منكم ليقف عند ذكر الجنة والنار، ثم يقول: أي رب أي رب أي رب ـ ثلاثا ـ فإذا قالها نودي من فوق رأسه: سل، ما حاجتك (2).
[الحديث: 512] قال الإمام الصادق: من قال: يا رب يا الله، يا رب يا الله ـ حتى ينقطع نفسه ـ قيل له: لبيك، ما حاجتك؟ (3).
[الحديث: 513] قال الإمام الصادق: من قال: يا من يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء أحدٌ غيره ـ ثلاث مرات ـ استجيب له، وهو الدعاء الذي لا يرد (4).
[الحديث: 514] عن الليث بن سعد عن الإمام الصادق ـ في دعاء سريع الإجابة ـ: يا الله يا الله يا الله ـ حتى انقطع نفسه ـ يا رحمن يا رحمن يا رحمن ـ حتى انقطع نفسه ـ يا رحيم يا رحيم ـ حتى انقطع نفسه ـ يا أرحم الراحمين ـ حتى انقطع نفسه ـ ثم سأل حاجته فحضرت في الحال (5).
[الحديث: 515] قال الإمام الصادق: (بسم الله الرحمن الرحيم) اسم الله الأكبر.. أو قال: الأعظم (6).
[الحديث: 516] قال الإمام الصادق: اسم الله الأعظم مقطعٌ في أم الكتاب (7).
__________
(1) من لا يحضره الفقيه: 1/ 333، مكارم الأخلاق: 2/ 38.
(2) المحاسن: 1/ 105 عن أبي بصير، بحار الأنوار: 93/ 233.
(3) الكافي: 2/ 520، المحاسن: 1/ 105.
(4) الدعوات: ص 65، بحار الأنوار: 95/ 162.
(5) المجتنى: ص 66.
(6) مهج الدعوات: ص 379.
(7) ثواب الأعمال: ص 130، تفسير العياشي: 1/ 19.
معارج الذكر والدعاء (126)
[الحديث: 517] عن معاوية بن عمار، قال: قال لي الإمام الصادق ابتداء منه: يا معاوية أما علمت أن رجلا أتى الإمام علي فشكا الإبطاء عليه في الجواب في دعائه، فقال له: أين أنت عن الدعاء السريع الإجابة؟ فقال له الرجل: ما هو؟ قال: قل: اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم، الأجل الأكرم، المخزون المكنون، النور الحق البرهان المبين، الذي هو نورٌ مع نور، ونورٌ من نور، ونورٌ في نور، ونورٌ على نور، ونورٌ فوق كل نور، ونورٌ يضي ء به كل ظلمة ويكسر به كل شدة وكل شيطان مريد وكل جبار عنيد، لا تقر به أرضٌ ولا تقوم به سماءٌ، ويأمن به كل خائف، ويبطل به سحر كل ساحر، وبغي كل باغ، وحسد كل حاسد، ويتصدع لعظمته البر والبحر، ويستقل به الفلك حين يتكلم به الملك فلا يكون للموج عليه سبيلٌ، وهو اسمك الأعظم الأعظم الأجل الأجل، النور الأكبر الذي سميت به نفسك واستويت به على عرشك، وأتوجه إليك بمحمد وأهل بيته، أسألك بك وبهم أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا (1).
[الحديث: 518] قال الإمام الرضا: وصف نفسه ـ تبارك وتعالى ـ بأسماء دعا الخلق ـ إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم ـ إلى أن يدعوه بها، فسمى نفسه: سميعا، بصيرا، قادرا، قائما، ناطقا، ظاهرا، باطنا، لطيفا، خبيرا، قويا، عزيزا، حكيما، عليما وما أشبه هذه الأسماء (2).
[الحديث: 519] قال الإمام الرضا: من قال بعد صلاة الفجر: (بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مائة مرة، كان أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها، وإنه دخل فيها اسم الله الأعظم (3).
__________
(1) الكافي: 2/ 582.
(2) الكافي: 1/ 120.
(3) مهج الدعوات: ص 379.
معارج الذكر والدعاء (127)
ثانيا ـ ما ورد حول الحمد والثناء
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول علاقة الذكر والدعاء بـ[الحمد والثناء]، ذلك أن كل الأذكار تحوي حمدا وثناء على الله، حتى تلك التي تسبح الله وتقدسه، فالثناء والحمد مندرج في التقديس والتنزيه؛ فلا يمكن أن يكون الله تعالى قدوسا وسبوحا ما لم يكن حميدا مجيدا..
ومثل ذلك الدعاء؛ فإن كماله في ارتباطه بالحمد والثناء والتنزيه والتعظيم، ولهذا نرى الأدعية القرآنية مرتبطة بذلك، كما قال تعالى في سورة الفاتحة: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 1 - 5]، وهذه الآيات كلها ثناء وتمجيد لله، وهي مقدمة للدعاء بعدها، والذي هو قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 6 - 7]
ومثل ذلك ما ورد في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [آل عمران: 191، 192]
ومثل ذلك ما ورد في دعاء إبراهيم عليه السلام وتقديمه الثناء على الدعاء، حيث قال: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى الله مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ الْحَمْدُ لله الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: 38، 39]، ثم ذكر طلبه بعدها، فقال: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ [إبراهيم: 40، 41]
وهكذا نجد في السنة المطهرة اقتران الأدعية النبوية، وما ورد عن أئمة الهدى من
معارج الذكر والدعاء (128)
أدعية بالتمجيد والثناء على الله، لأنه أعظم وسيلة لتحقيق المطلوب، بل نراهم في بعض الأدعية يكتفون بالثناء وحده، لأنه كاف في تحقيق المطلوب.
وسر العلاقة بين الدعاء والثناء ليس مرتبطا فقط بكونه ذكرا لله، وإنما بكونه ميسرا لتحصيل اليقين في فضل الله، وهو شرط من شروط الدعاء؛ فتمجيد الله والثناء عليه ليس سوى تذكير للنفس بعظمة خالقها، ودعوتها للجوء إليه، وعدم تضييع الفرصة في التواصل معه، ولذلك فإن مصلحته المجردة تعود على العبد، أما الله، فهو غني بذاته عن أن يصل إليه النفع منه؛ فكيف يصله من غيره.
وذلك يشبه من يبحث عن طبيب أو مهندس أو خبير في أي شأن من الشؤون.. فإذا وجده، وسجل اسمه وعنوانه في دفتره.. لا يفعل ذلك إلا لحاجته إليه.
وهكذا ـ ولله المثل الأعلى ـ تذكير النفس بكون الله قادرا أو مريدا أو رحيما أو لطيفا أو عليما، أو غيرها من معاني عظمة الله ومجده، فهي إشعار للنفس بأنها في كنف إله يغنيها في كل حاجاتها، ويدعوها إلى التواصل معه، وعدم الاحتجاب عنه بأي حجاب.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 520] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا مرض العبد بعث الله تعالى إليه ملكين فقال: انظرا ماذا يقول لعواده، فإن هو إذا جاؤوه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله عز وجل، وهو أعلم، فيقول: لعبدي علي، إن توفيته أن أدخله الجنة، وإن أنا شفيته أن ابدل له
معارج الذكر والدعاء (129)
لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، وأن أكفر عنه سيئاته (1).
[الحديث: 521] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أول من يدعى إلى الجنة الحمادون؛ الذين يحمدون الله على السراء والضراء (2).
[الحديث: 522] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا.. لم يصبه ذلك البلاء (3).
[الحديث: 523] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنك حميدٌ مجيدٌ، ودودٌ شكورٌ كريمٌ، وفيٌ مليٌ، اللهم إنك توابٌ وهابٌ سريع الحساب، جليلٌ عزيزٌ متكبرٌ، خالقٌ بارئٌ مصورٌ، واحدٌ أحدٌ، قادرٌ قاهرٌ، اللهم لا ينفد ما وهبت، ولا يرد ما منعت، فلك الحمد كما خلقت وصورت وقضيت، وأضللت وهديت، وأضحكت وأبكيت، وأمت وأحييت، وأفقرت وأغنيت، وأمرضت وشفيت، وأطعمت وسقيت، لك الحمد في كل ما قضيت، ولا ملجأ منك إلاإليك، يا واسع النعماء، يا كريم الآلاء، يا جزيل العطاء، يا قاضي القضاء، يا باسط الخيرات، يا كاشف الكربات، يا مجيب الدعوات، يا ولي الحسنات، يا رافع الدرجات، يا منزل البركات والآيات، اللهم إنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الأعلى، يا فالق الحب والنوى، ولك الحمد في الآخرة والأولى، اللهم إنك غافر الذنب وقابل التوب، شديد العقاب ذو الطول، لا إله إلا أنت إليك المصير، وسعت كل شي ء رحمتك، ولا راد لأمرك، ولا معقب لحكمك، بلغت حجتك ونفذ أمرك، وبقيت أنت
__________
(1) الموطأ: 2/ 940، كنز العمال: 3/ 310 عن الدارقطني في الغرائب.
(2) المعجم الكبير: 12/ 15 5، الحاكم: 1/ 681؛ مكارم الأخلاق: 2/ 77.
(3) الترمذي: 5/ 494.
معارج الذكر والدعاء (130)
وحدك لا شريك في أمرك، ولا تخيب سائلك إذا سألك، أسألك بحق السائلين إليك الطالبين ما عندك، أسألك يا رب بأحب السائلين إليك، وبأسمائك التي إذا دعيت بها أجبت، وإذا سئلت بها أعطيت، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأسألك باسمك العظيم الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا أقسم عليك به كفيت، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تكفينا ما أهمنا وما لم يهمنا من أمر ديننا ودنيانا وآخرتنا، وتعفو عنا وتغفر لنا وتقضي حوائجنا (1).
[الحديث: 524] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ورد عليه أمرٌ يسره قال: (الحمد لله على هذه النعمة)، وإذا ورد عليه أمرٌ يغتم به قال: (الحمد لله على كل حال) (2).
[الحديث: 525] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من نظر إلى صاحب بلاء، فقال: الحمد لله الذي عدل عني بلاءك، وفضلني عليك وعلى كثير ممن خلق تفضيلا.. كان حقا على الله تعالى أن لا يضربه بذلك البلاء (3).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 526] قال الإمام السجاد: أحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كل حال (4).
__________
(1) البلد الأمين: ص 350، المصباح للكفعمي: ص 356.
(2) الكافي: 2/ 97، مشكاة الأنوار: ص 70.
(3) الجعفريات: ص 220.
(4) تحف العقول: ص 265.
معارج الذكر والدعاء (131)
[الحديث: 527] كان الإمام السجاد إذا قرأ هذه الآية: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: 18] يقول: سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلاالمعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم بأ نه لا يدركه، فشكر عز وجل معرفة العارفين بالتقصير عن معرفته، وجعل معرفتهم بالتقصير شكرا، كما جعل علم العالمين أنهم لا يدركونه إيمانا، علما منه أنه قدر وسع العباد، فلا يجاوزون ذلك (1).
[الحديث: 528] قال الإمام السجاد: سبحان من جعل الاعتراف بالنعمة له حمدا، سبحان من جعل الاعتراف بالعجز عن الشكر شكرا (2).
[الحديث: 529] قال الإمام السجاد في دعائه: اللهم إن أحدا لا يبلغ من شكرك غاية إلاحصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكرا، ولا يبلغ مبلغا من طاعتك وإن اجتهد إلا كان مقصرا دون استحقاقك بفضلك، فأشكر عبادك عاجزٌ عن شكرك، وأعبدهم مقصرٌ عن طاعتك (3).
[الحديث: 530] قال الإمام السجاد في دعائه: اللهم لا يجب لأحد أن تغفر له باستحقاقه، ولا أن ترضى عنه باستيجابه، فمن غفرت له فبطولك، ومن رضيت عنه فبفضلك، تشكر يسير ما شكرته، وتثيب على قليل ما تطاع فيه، حتى كأن شكر عبادك الذي أوجبت عليه ثوابهم، وأعظمت عنه جزاءهم، أمرٌ ملكوا استطاعة الامتناع منه دونك فكافيتهم، أو لم يكن سببه بيدك فجازيتهم؟، بل ملكت يا إلهي أمرهم قبل أن يملكوا
__________
(1) تحف العقول: ص 283، الكافي: 8/ 394.
(2) تحف العقول: ص 283، الكافي: 8/ 394.
(3) الصحيفة السجادية: ص 43.
معارج الذكر والدعاء (132)
عبادتك، وأعددت ثوابهم قبل أن يفيضوا في طاعتك؛ وذلك أن سنتك الإفضال، وعادتك الإحسان، وسبيلك العفو (1).
[الحديث: 531] قال الإمام السجاد في دعائه: إلهي، كل البرية معترفةٌ بأنك غير ظالم لمن عاقبت، وشاهدةٌ بأنك متفضلٌ على من عافيت، وكلٌ مقرٌ على نفسه بالتقصير عما استوجبت؛ فلولا أن الشيطان يخدعهم عن طاعتك ما عصاك عاص، ولولا أنه صور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضالٌ (2).
[الحديث: 532] قال الإمام السجاد في دعائه: سبحانك، ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك، تشكر للمطيع ما أنت توليته له، وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه، أعطيت كلا منهما ما لم يجب له، وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه، ولو كافأت المطيع على ما أنت توليته لأوشك أن يفقد ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك، ولكنك بكرمك جازيته على المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية، ثم لم تسمه القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك، ولم تحمله على المناقشات في الآلات التي تسبب باستعمالها إلى مغفرتك، ولو فعلت ذلك به لذهب بجميع ما كدح له، وجملة ما سعى فيه، جزاء للصغرى من أياديك ومننك، ولبقي رهينا بين يديك بسائر نعمك، فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك؟، لا، متى؟، هذا يا إلهي حال من أطاعك، وسبيل من تعبد لك، فأما العاصي أمرك والمواقع نهيك، فلم تعاجله بنقمتك، لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الإنابة إلى طاعتك، ولقد كان يستحق في أول ما هم بعصيانك كل ما أعددت لجميع خلقك من عقوبتك، فجميع ما أخرت عنه من
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 43.
(2) الصحيفة السجادية: ص 43.
معارج الذكر والدعاء (133)
العذاب، وأبطأت به عليه من سطوات النقمة والعقاب، تركٌ من حقك، ورضى بدون واجبك (1).
[الحديث: 533] قال الإمام السجاد في دعائه: من أكرم يا إلهي منك؟، ومن أشقى ممن هلك عليك؟ لا، من؟ فتباركت أن توصف إلا بالإحسان، وكرمت أن يخاف منك إلا العدل، لا يخشى جورك على من عصاك، ولا يخاف إغفالك ثواب من أرضاك، فصل على محمد وآله، وهب لي أملي، وزدني من هداك ما أصل به إلى التوفيق في عملي، إنك منانٌ كريمٌ (2).
[الحديث: 534] قال الإمام السجاد في مناجاة الشاكرين: إلهي، أذهلني عن إقامة شكرك تتابع طولك، وأعجزني عن إحصاء ثنائك فيض فضلك، وشغلني عن ذكر محامدك ترادف عوائدك، وأعياني عن نشر عوارفك توالي أياديك، وهذا مقام من اعترف بسبوغ النعماء، وقابلها بالتقصير، وشهد على نفسه بالإهمال والتضييع، وأنت الرؤوف الرحيم، البر الكريم، الذي لا يخيب قاصديه، ولا يطرد عن فنائه آمليه، بساحتك تحط رحال الراجين، وبعرصتك تقف آمال المسترفدين، فلا تقابل آمالنا بالتخييب والإياس، ولا تلبسنا سربال القنوط والإبلاس (3).
[الحديث: 535] قال الإمام السجاد في مناجاة الشاكرين: إلهي، تصاغر عند تعاظم آلائك شكري، وتضاءل في جنب إكرامك إياي ثنائي ونشري، جللتني نعمك من أنوار الإيمان حللا، وضربت علي لطائف برك من العز كللا، وقلدتني مننك قلائد لا تحل، وطوقتني أطواقا لا تفل، فآلاؤك جمةٌ ضعف لساني عن إحصائها، ونعماؤك كثيرةٌ قصر
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 43.
(2) الصحيفة السجادية: ص 43.
(3) بحار الأنوار: 94/ 146 نقلا عن بعض الكتب.
معارج الذكر والدعاء (134)
فهمي عن إدراكها فضلا عن استقصائها، فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إياك يفتقر إلى شكر؟، فكلما قلت: لك الحمد وجب علي لذلك أن أقول: لك الحمد (1).
[الحديث: 536] قال الإمام السجاد في مناجاة الشاكرين: إلهي، كما غذيتنا بلطفك، وربيتنا بصنعك، فتمم علينا سوابغ النعم، وادفع عنا مكاره النقم، وآتنا من حظوظ الدارين أرفعها وأجلها عاجلا وآجلا، ولك الحمد على حسن بلائك، وسبوغ نعمائك، حمدا يوافق رضاك، ويمتري العظيم من برك ونداك، يا عظيم يا كريم، برحمتك يا أرحم الراحمين (2).
[الحديث: 537] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين، ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا، واخترعهم على مشيته اختراعا، ثم سلك بهم طريق إرادته، وبعثهم في سبيل محبته، لا يملكون تأخيرا عما قدمهم إليه، ولا يستطيعون تقدما إلى ما أخرهم عنه، وجعل لكل روح منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه، لا ينقص من زاده ناقصٌ، ولا يزيد من نقص منهم زائد، ثم ضرب له في الحياة أجلا موقوتا، ونصب له أمدا محدودا يتخطأ إليه بأيام عمره، ويرهقه بأعوام دهره، حتى إذا بلغ أقصى أثره واستوعب حساب عمره، قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور ثوابه أو محذور عقابه ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى عدلا منه تقدست أسماؤه وتظاهرت آلاؤه لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون (3).
[الحديث: 538] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده على ما أبلاهم من مننه المتتابعة، وأسبغ عليهم من نعمه
__________
(1) بحار الأنوار: 94/ 146 نقلا عن بعض الكتب.
(2) بحار الأنوار: 94/ 146 نقلا عن بعض الكتب.
(3) الصحيفة السجادية: ص 19.
معارج الذكر والدعاء (135)
المتظاهرة؛ لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه، وتوسعوا في رزقه فلم يشكروه، ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الإنسانية إلى حد البهيمية، فكانوا كما وصف في محكم كتابه: ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: 44] (1).
[الحديث: 539] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله على ما عرفنا من نفسه، وألهمنا من شكره، وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيته، ودلنا عليه من الإخلاص له في توحيده، وجنبنا من الإلحاد والشك في أمره، حمدا نعمر به فيمن حمده من خلقه، ونسبق به من سبق إلى رضاه وعفوه، حمدا يضي ء لنا به ظلمات البرزخ، ويسهل علينا به سبيل المبعث، ويشرف به منازلنا عند مواقف الأشهاد، يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون (2).
[الحديث: 540] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله حمدا يرتفع منا إلى أعلى عليين، في كتاب مرقوم يشهده المقربون.. حمدا تقر به عيوننا إذا برقت الأبصار، وتبيض به وجوهنا إذا اسودت الأبشار.. حمدا نعتق به من أليم نار الله إلى كريم جوار الله.. حمدا نزاحم به ملائكته المقربين، ونضام به أنبياءه المرسلين في دار المقامة التي لا تزول، ومحل كرامته التي لا تحول (3).
[الحديث: 541] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله الذي اختار لنا محاسن الخلق، وأجرى علينا طيبات الرزق، وجعل لنا الفضيلة بالملكة على جميع الخلق، فكل خليقته منقادةٌ لنا بقدرته، وصائرةٌ إلى طاعتنا بعزته (4).
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 19.
(2) الصحيفة السجادية: ص 19.
(3) الصحيفة السجادية: ص 19.
(4) الصحيفة السجادية: ص 19.
معارج الذكر والدعاء (136)
[الحديث: 542] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله الذي أغلق عنا باب الحاجة إلا إليه، فكيف نطيق حمده؟ أم متى نؤدي شكره؟ لا، متى؟ (1).
[الحديث: 543] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله الذي ركب فينا آلات البسط، وجعل لنا أدوات القبض، ومتعنا بأرواح الحياة، وأثبت فينا جوارح الأعمال، وغذانا بطيبات الرزق، وأغنانا بفضله، وأقنانا بمنه، ثم أمرنا ليختبر طاعتنا، ونهانا ليبتلي شكرنا، فخالفنا عن طريق أمره، وركبنا متون زجره، فلم يبتدرنا بعقوبته، ولم يعاجلنا بنقمته، بل تأنانا برحمته تكرما، وانتظر مراجعتنا برأفته حلما (2).
[الحديث: 544] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله الذي دلنا على التوبة التي لم نفدها إلامن فضله، فلو لم نعتدد من فضله إلا بها، لقد حسن بلاؤه عندنا، وجل إحسانه إلينا، وجسم فضله علينا، فما هكذا كانت سنته في التوبة لمن كان قبلنا، لقد وضع عنا ما لا طاقة لنا به، ولم يكلفنا إلاوسعا، ولم يجشمنا إلايسرا، ولم يدع لأحد منا حجة ولا عذرا، فالهالك منا من هلك عليه، والسعيد منا من رغب إليه (3).
[الحديث: 545] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله بكل ما حمده به أدنى ملائكته إليه، وأكرم خليقته عليه، وأرضى حامديه لديه، حمدا يفضل سائر الحمد، كفضل ربنا على جميع خلقه (4).
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 19.
(2) الصحيفة السجادية: ص 19.
(3) الصحيفة السجادية: ص 19.
(4) الصحيفة السجادية: ص 19.
معارج الذكر والدعاء (137)
[الحديث: 546] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله مكان كل نعمة له علينا وعلى جميع عباده الماضين والباقين، عدد ما أحاط به علمه من جميع الأشياء، ومكان كل واحدة منها عددها أضعافا مضاعفة أبدا سرمدا إلى يوم القيامة (1).
[الحديث: 547] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله حمدا لا منتهى لحده، ولا حساب لعدده، ولا مبلغ لغايته، ولا انقطاع لأمده (2).
[الحديث: 548] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله حمدا يكون وصلة إلى طاعته وعفوه، وسببا إلى رضوانه، وذريعة إلى مغفرته، وطريقا إلى جنته، وخفيرا من نقمته، وأمنا من غضبه، وظهيرا على طاعته، وحاجزا عن معصيته، وعونا على تأدية حقه ووظائفه (3).
[الحديث: 549] قال الإمام السجاد في حمد الله والثناء عليه: الحمد لله حمدا نسعد به في السعداء من أوليائه، ونصير به في نظم الشهداء بسيوف أعدائه، إنه وليٌ حميدٌ (4).
[الحديث: 550] عن طاووس اليماني، قال: كان الإمام السجاد يدعو بهذا الدعاء: إلهي، وعزتك وجلالك وعظمتك، لو أني منذ بدعت فطرتي من أول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك، بكل شعرة في كل طرفة عين سرمد الأبد، بحمد الخلائق وشكرهم أجمعين، لكنت مقصرا في بلوغ أداء شكر أخفى نعمة من نعمك علي.. ولو أني كربت معادن حديد الدنيا بأنيابي، وحرثت أرضها بأشفار عيني، وبكيت من خشيتك مثل بحور السماوات والأرضين دما وصديدا، لكان ذلك قليلا في كثير ما يجب من حقك علي.. ولو أنك إلهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلائق أجمعين، وعظمت للنار خلقي وجسمي، وملأت جهنم
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 19.
(2) الصحيفة السجادية: ص 19.
(3) الصحيفة السجادية: ص 19.
(4) الصحيفة السجادية: ص 19.
معارج الذكر والدعاء (138)
وأطباقها مني حتى لا يكون في النار معذبٌ غيري، ولا يكون لجهنم حطبٌ سواي، لكان ذلك بعدلك علي قليلا في كثير ما استوجبته من عقوبتك (1).
[الحديث: 551] قال الإمام السجاد في دعائه: يا الله الذي لا يخفى عليه شي ءٌ في الأرض ولا في السماء، وكيف يخفى عليك ـ يا إلهي ـ ما أنت خلقته، وكيف لا تحصي ما أنت صنعته، أو كيف يغيب عنك ما أنت تدبره، أو كيف يستطيع أن يهرب منك من لا حياة له إلابرزقك، أو كيف ينجو منك من لا مذهب له في غير ملكك؟، سبحانك، أخشى خلقك لك أعلمهم بك، وأخضعهم لك أعملهم بطاعتك، وأهونهم عليك من أنت ترزقه وهو يعبد غيرك (2).
[الحديث: 552] قال الإمام السجاد في دعائه: سبحانك، لا ينقص سلطانك من أشرك بك، وكذب رسلك، وليس يستطيع من كره قضاءك أن يرد أمرك، ولا يمتنع منك من كذب بقدرتك، ولا يفوتك من عبد غيرك، ولا يعمر في الدنيا من كره لقاءك، سبحانك، ما أعظم شأنك، وأقهر سلطانك، وأشد قوتك، وأنفذ أمرك، سبحانك، قضيت على جميع خلقك الموت، من وحدك ومن كفر بك، وكلٌ ذائق الموت، وكلٌ صائرٌ إليك، فتباركت وتعاليت لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، آمنت بك، وصدقت رسلك، وقبلت كتابك، وكفرت بكل معبود غيرك، وبرئت ممن عبد سواك (3).
[الحديث: 553] قال الإمام السجاد في دعائه: اللهم إني أصبح وأمسي مستقلا لعملي، معترفا بذنبي، مقرا بخطاياي، أنا بإسرافي على نفسي ذليلٌ، عملي أهلكني، وهواي أرداني وشهواتي حرمتني، فأسألك يا مولاي سؤال من نفسه لاهيةٌ لطول أمله، وبدنه غافلٌ
__________
(1) الأمالي للصدوق: ص 375، بحار الأنوار: 94/ 90.
(2) الصحيفة السجادية: ص 221.
(3) الصحيفة السجادية: ص 221.
معارج الذكر والدعاء (139)
لسكون عروقه، وقلبه مفتونٌ بكثرة النعم عليه، وفكره قليلٌ لما هو صائرٌ إليه، سؤال من قد غلب عليه الأمل، وفتنه الهوى، واستمكنت منه الدنيا وأظله الأجل، سؤال من استكثر ذنوبه، واعترف بخطيئته، سؤال من لا رب له غيرك، ولا ولي له دونك، ولا منقذ له منك، ولا ملجأ له منك إلا إليك (1).
[الحديث: 554] قال الإمام السجاد في دعائه: إلهي، أسألك بحقك الواجب على جميع خلقك، وباسمك العظيم الذي أمرت رسولك أن يسبحك به، وبجلال وجهك الكريم، الذي لا يبلى ولا يتغير، ولا يحول ولا يفنى، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغنيني عن كل شي ء بعبادتك، وأن تسلي نفسي عن الدنيا بمخافتك، وأن تثنيني بالكثير من كرامتك برحمتك، فإليك أفر، ومنك أخاف، وبك أستغيث وإياك أرجو، ولك أدعو وإليك ألجأ، وبك أثق، وإياك أستعين، وبك أؤمن، وعليك أتوكل وعلى جودك وكرمك أتكل (2).
[الحديث: 555] قال الإمام السجاد في دعائه: إلهي، أحمدك ـ وأنت للحمد أهلٌ ـ على حسن صنيعك إلي، وسبوغ نعمائك علي، وجزيل عطائك عندي، وعلى ما فضلتني به من رحمتك، وأسبغت علي من نعمتك، فقد اصطنعت عندي ما يعجز عنه شكري، ولولا إحسانك إلي، وسبوغ نعمائك علي، ما بلغت إحراز حظي، ولا إصلاح نفسي، ولكنك ابتدأتني بالإحسان، ورزقتني في أموري كلها الكفاية، وصرفت عني جهد البلاء، ومنعت مني محذور القضاء (3).
[الحديث: 556] قال الإمام السجاد في دعائه: إلهي، كم من بلاء جاهد قد صرفت عني، وكم من نعمة سابغة أقررت بها عيني، وكم من صنيعة كريمة لك عندي، أنت الذي
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 221.
(2) الصحيفة السجادية: ص 221.
(3) الصحيفة السجادية: ص 217.
معارج الذكر والدعاء (140)
أجبت عند الاضطرار دعوتي، وأقلت عند العثار زلتي، وأخذت لي من الأعداء بظلامتي (1).
[الحديث: 557] قال الإمام السجاد في دعائه: إلهي، ما وجدتك بخيلا حين سألتك، ولا منقبضا حين أردتك، بل وجدتك لدعائي سامعا، ولمطالبي معطيا، ووجدت نعماك علي سابغة في كل شأن من شأني، وكل زمان من زماني (2).
[الحديث: 558] قال الإمام السجاد في دعائه: إلهي، أنت عندي محمودٌ، وصنيعك لدي مبرورٌ، تحمدك نفسي ولساني وعقلي حمدا يبلغ الوفاء وحقيقة الشكر، حمدا يكون مبلغ رضاك عني، فنجني من سخطك (3).
[الحديث: 559] قال الإمام السجاد في دعائه: إلهي، يا كهفي حين تعييني المذاهب، ويا مقيلي عثرتي، فلولا سترك عورتي لكنت من المفضوحين، ويا مؤيدي بالنصر، فلولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين، ويا من وضعت له الملوك نير المذلة على أعناقها، فهم من سطواته خائفون، ويا أهل التقوى، ويا من له الأسماء الحسنى (4).
[الحديث: 560] عن أبي حمزة، قال: كان علي بن الحسين إذا رأى جنازة قد أقبلت، قال: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم (5).
[الحديث: 561] قال الإمام السجاد في دعائه إذا ابتلي أو رأى مبتلى: اللهم لك الحمد على سترك بعد علمك، ومعافاتك بعد خبرك، فكلنا قد اقترف العائبة فلم تشهره، وارتكب الفاحشة فلم تفضحه، وتستر بالمساوئ فلم تدلل عليه.. كم نهي لك قد أتيناه،
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 217.
(2) الصحيفة السجادية: ص 217.
(3) الصحيفة السجادية: ص 217.
(4) الصحيفة السجادية: ص 217.
(5) ثواب الأعمال: ص 141، بحار الأنوار: 92/ 301.
معارج الذكر والدعاء (141)
وأمر قد وقفتنا عليه فتعديناه، وسيئة اكتسبناها، وخطيئة ارتكبناها، كنت المطلع عليها دون الناظرين، والقادر على إعلانها فوق القادرين، كانت عافيتك لنا حجابا دون أبصارهم، وردما دون أسماعهم؛ فاجعل ما سترت من العورة، وأخفيت من الدخيلة، واعظا لنا، وزاجرا عن سوء الخلق، واقتراف الخطيئة، وسعيا إلى التوبة الماحية، والطريق المحمودة، وقرب الوقت فيه، ولا تسمنا الغفلة عنك، إنا إليك راغبون، ومن الذنوب تائبون، وصل على خيرتك من خلقك، محمد وعترته الصفوة من بريتك الطاهرين، واجعلنا لهم سامعين ومطيعين كما أمرت (1).
[الحديث: 562] قال الإمام الباقر في دعائه: بسم الله الرحمن الرحيم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، آمنت بالله وبجميع رسله، وبجميع ما أنزل به على جميع الرسل، وأن وعد الله حقٌ، ولقاءه حقٌ، وصدق الله، وبلغ المرسلون، والحمد لله رب العالمين، وسبحان الله كلما سبح الله شي ءٌ وكما يحب الله أن يسبح، والحمد لله كلما حمد الله شي ءٌ وكما يحب الله أن يحمد، ولا إله إلا الله كلما هلل الله شي ءٌ وكما يحب الله أن يهلل، والله أكبر كلما كبر الله شي ءٌ وكما يحب الله أن يكبر (2).
[الحديث: 563] عن مسعدة بن صدقة، قال: هذا من محامد الإمام الصادق عند الشي ء من الرزق إذا كان تجدد له: الحمد لله الذي نعمه تغدو علينا وتروح، ونظل بها نهارا ونبيت فيها ليلا، فنصبح فيها برحمته مسلمين، ونمسي فيها بمنته مؤمنين، من البلوى
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 137.
(2) الكافي: 2/ 587، تهذيب الأحكام: 3/ 76.
معارج الذكر والدعاء (142)
معافين، الحمد لله المنعم المفضل، المحسن المجمل، ذي الجلال والإكرام، ذي الفواضل والنعم، الحمد لله الذي لم يخذلنا عند شدة، ولم يفضحنا عند سريرة، ولم يسلمنا عند جريرة (1).
[الحديث: 564] قال الإمام الصادق في شكر الله تعالى: الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت بخيلا حين يستقرضني، والحمد لله الذي استوجب الشكر علي بفضله وإن كنت قليلا شكري، والحمد لله الذي وكلني الناس إليه فأكرمني ولم يكلني إليهم فيهينوني، فرضيت بلطفك يا رب لطفا، وبكفايتك خلفا.. اللهم يا رب، ما أعطيتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، اللهم وما زويت عني مما أحب فاجعله قواما لي فيما تحب، اللهم أعطني ما أحب واجعله خيرا لي، واصرف عني ما أكره، واجعله خيرا لي.. اللهم ما غيبت عني من الأمور فلا تغيبني عن حفظك، وما فقدت فلا أفقد عونك، وما نسيت فلا أنسى ذكرك، وما مللت فلا أمل شكرك، عليك توكلت، حسبي الله ونعم الوكيل (2).
[الحديث: 565] سئل الإمام الصادق عن دعاء يُعصم به من الذنوب جامعا للدنيا والآخرة، فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، ولم يهتك الستر عني، يا كريم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، ويا منتهى كل شكوى، يا كريم الصفح، يا عظيم المن، يا مبتدئ كل نعمة قبل استحقاقها، يا رباه يا سيداه يا مولاه يا غياثاه، صل على محمد وآل محمد، وأسألك أن لا تجعلني في النار.. ثم تسأل ما بدا لك (3).
__________
(1) قرب الإسناد، بحار الأنوار: 93/ 209.
(2) مهج الدعوات: ص 188.
(3) الكافي: 2/ 578.
معارج الذكر والدعاء (143)
[الحديث: 566] قال الإمام الصادق في دعائه: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الحليم الكريم، وأنت الله لا إله إلا أنت العزيز الحكيم، وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد القهار، وأنت الله لا إله إلا أنت الملك الجبار، وأنت الله لا إله إلا أنت الرحيم الغفار، وأنت الله لا إله إلا أنت شديد المحال، وأنت الله لا إله إلا أنت الكبير المتعال، وأنت الله لا إله إلا أنت السميع البصير، وأنت الله لا إله إلا أنت المنيع القدير، وأنت الله لا إله إلا أنت الغفور الشكور، وأنت الله لا إله إلا أنت الحميد المجيد، وأنت الله لا إله إلا أنت الغفور الودود، وأنت الله لا إله إلا أنت الحنان المنان، وأنت الله لا إله إلا أنت الحليم الديان، وأنت الله لا إله إلا أنت الجواد الماجد، وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد، وأنت الله لا إله إلا أنت الغائب الشاهد، وأنت الله لا إله إلا أنت الظاهر الباطن، وأنت الله لا إله إلا أنت بكل شي ء عليمٌ.. تم نورك فهديت، وبسطت يدك فأعطيت، ربنا وجهك أكرم الوجوه، وجهتك خير الجهات، وعطيتك أفضل العطايا وأهنؤها، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت، تجيب المضطر، وتكشف السوء، وتقبل التوبة، وتعفو عن الذنوب، لا تجازى أياديك، ولا تحصى نعمك، ولا يبلغ مدحتك قول قائل (1).
[الحديث: 567] قال الإمام الصادق: من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها، وأدى إلى الله شكرها، كانت كعبادة ستين سنة، قيل: ما قبولها؟ قال: يصبر عليها ولا يخبر بما كان فيها، فإذا أصبح حمد الله على ما كان (2).
[الحديث: 568] قال الإمام الصادق: إن المؤمن من الله عز وجل لبأفضل مكان ـ ثلاثا ـ إنه ليبتليه بالبلاء ثم ينزع نفسه عضوا عضوا من جسده، وهو يحمد الله على ذلك (3).
__________
(1) الكافي: 2/ 583.
(2) الكافي: 3/ 167، من لا يحضره الفقيه: 1/ 177.
(3) الكافي: 2/ 254، تنبيه الخواطر: 2/ 204.
معارج الذكر والدعاء (144)
[الحديث: 569] قال الإمام الصادق: ما من عبد يرى مبتلى فيقول: (الحمد لله الذي عدل عني ما ابتلاك به، وفضلني عليك بالعافية، اللهم عافني مما ابتليته به)، إلالم يبتل بذلك البلاء (1).
[الحديث: 570] قال الإمام الصادق: من نظر إلى ذي عاهة أو من قد مثل به، أو صاحب بلاء، فليقل سرا في نفسه من غير أن يسمعه: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء لفعل بي ذلك) ثلاث مرات؛ فإنه لا يصيبه ذلك البلاء أبدا (2).
[الحديث: 571] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي، كم من باغ بغاني بمكائده، ونصب لي أشراك مصائده، ووكل بي تفقد رعايته، وأضبأ إلي إضباء السبع لطريدته؛ انتظارا لانتهاز فرصته، وهو يظهر لي بشاشة الملق، ويبسط لي وجها غير طلق، فلما رأيت دغل سريرته، وقبح ما انطوى عليه لشريكه في ملبه، وأصبح مجلبا إلي في بغيه، أركسته لأم رأسه، وأتيت بنيانه من أساسه، فصرعته في زبيته، وأرديته في مهوى حفرته، ورميته بحجره، وخنقته بوتره، وذكيته بمشاقصه، وكببته لمنخره، ورددت كيده في نحره، ووبقته بندامته، وفتنته بحسرته، فاستخذل واستخذأ، وتضاءل بعد نخوته، وانقمع بعد استطالته ذليلا مأسورا في ربق حبائله، التي كان يؤمل أن يراني فيها يوم سطوته، وقد كدت لولا رحمتك يحل بي ما حل بساحته، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (3).
__________
(1) الكافي: 2/ 97.
(2) الأمالي للصدوق: ص 339.
(3) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
معارج الذكر والدعاء (145)
[الحديث: 572] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي، كم من حاسد شرق بحسده، وشجي بغيظه، وسلقني بحد لسانه، ووخزني بمؤق عينه، وجعل عرضي غرضا لمراميه، وقلدني خلالا لم يزل فيه، فناديتك يا رب مستجيرا بك، واثقا بسرعة إجابتك، متوكلا على ما لم أزل أعرفه من حسن دفاعك، عالما أنه لم يضطهد من أوى إلى ظل كنفك، وأن لا تقرع الفوادح من لجأ إلى معقل الانتصار بك، فحصنتني من بأسه بقدرتك، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (1).
[الحديث: 573] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي، كم من سحائب مكروه قد جليتها، وسماء نعمة أمطرتها، وجداول كرامة أجريتها، وأعين أحداث طمستها، وناشئة رحمة نشرتها، وجنة عافية ألبستها، وغوامر كربات كشفتها، وأمور جارية قدرتها، لم تعجزك إذ طلبتها، ولم تمتنع عليك إذ أردتها، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (2).
[الحديث: 574] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي كم من ظن حسن حققت، ومن عدم إملاق جبرت، ومن مسكنة فادحة حولت، ومن صرعة مهلكة أنعشت، ومن مشقة أزحت، لا تسأل يا سيدي عما تفعل وهم يسألون، ولا ينقصك ما أنفقت ولقد سئلت فأعطيت، ولم تسأل فابتدأت، واستميح باب فضلك فما أكديت، أبيت إلاإنعاما وامتنانا، وإلا تطولا يا رب وإحسانا، وأبيت يا رب إلا انتهاكا لحرماتك، واجتراء
__________
(1) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(2) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
معارج الذكر والدعاء (146)
على معاصيك، وتعديا لحدودك، وغفلة عن وعيدك، وطاعة لعدوي وعدوك، لم يمنعك يا إلهي وناصري إخلالي بالشكر عن إتمام إحسانك، ولا حجزني ذلك عن ارتكاب مساخطك.. اللهم فهذا مقام عبد ذليل اعترف لك بالتوحيد، وأقر على نفسه بالتقصير في أداء حقك، وشهد لك بسبوغ نعمتك عليه، وجميل عاداتك عنده، وإحسانك إليه، فهب لي يا إلهي وسيدي من فضلك ما أريده سببا إلى رحمتك، وأتخذه سلما أعرج فيه إلى مرضاتك، وآمن به من سخطك بعزتك وطولك، وبحق محمد نبيك والأئمة صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (1).
[الحديث: 575] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي، كم من عبد أمسى وأصبح في كرب الموت، وحشرجة الصدر، والنظر إلى ما تقشعر منه الجلود، وتفزع إليه القلوب، وأنا في عافية من ذلك كله، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (2).
[الحديث: 576] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي، كم من عبد أمسى وأصبح سقيما موجعا مدنفا في أنين وعويل، يتقلب في غمه، ولا يجد محيصا، ولا يسيغ طعاما، ولا يستعذب شرابا، ولا يستطيع ضرا ولا نفعا، وهو في حسرة وندامة، وأنا في صحة من البدن، وسلامة من العيش، كل ذلك منك، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا
__________
(1) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(2) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
معارج الذكر والدعاء (147)
يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (1).
[الحديث: 577] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي، كم من عبد أمسى وأصبح خائفا مرعوبا مسهدا، مشفقا وحيدا وجلا، هاربا طريدا أو منحجزا في مضيق، أو مخبأة من المخابي، قد ضاقت عليه الأرض برحبها، ولا يجد حيلة ولا منجى، ولا مأوى ولا مهربا، وأنا في أمن وأمان، وطمأنينة وعافية من ذلك كله، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (2).
[الحديث: 578] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي وسيدي، كم من عبد أمسى وأصبح مغلولا مكبلا بالحديد بأيدي العداة، لا يرحمونه، فقيدا من أهله وولده، منقطعا عن إخوانه وبلده، يتوقع كل ساعة بأية قتلة يقتل، وبأي مثلة يمثل، وأنا في عافية من ذلك كله، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (3).
[الحديث: 579] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي وسيدي، كم من عبد أمسى وأصبح يقاسي الحرب ومباشرة القتال بنفسه، قد غشيته الأعداء من كل جانب، والسيوف والرماح وآلة الحرب، يتقعقع في الحديد مبلغ مجهوده، ولا يعرف حيلة، ولا يهتدي سبيلا، ولا يجد مهربا، قد أدنف بالجراحات، أو متشحطا بدمه تحت السنابك والأرجل، يتمنى شربة من ماء أو نظرة إلى أهله وولده، ولا يقدر عليها، وأنا في عافية من
__________
(1) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(2) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(3) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
معارج الذكر والدعاء (148)
ذلك كله، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (1).
[الحديث: 580] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي، وكم من عبد أمسى وأصبح في ظلمات البحار، وعواصف الرياح والأهوال والأمواج، يتوقع الغرق والهلاك، لا يقدر على حيلة، أو مبتلى بصاعقة، أو هدم أو غرق، أو حرق أو شرق، أو خسف أو مسخ أو قذف، وأنا في عافية من ذلك كله، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (2).
[الحديث: 581] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي، وكم من عبد أمسى وأصبح مسافرا شاحطا عن أهله ووطنه وولده، متحيرا في المفاوز، تائها مع الوحوش والبهائم والهوام، وحيدا فريدا، لا يعرف حيلة، ولا يهتدي سبيلا، أو متأذيا ببرد أو حر، أو جوع أو عري، أو غيره من الشدائد، مما أنا منه خلوٌ، وأنا في عافية من ذلك كله، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (3).
[الحديث: 582] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي، وكم من عبد أمسى وأصبح فقيرا عائلا عاريا، مملقا مخفقا مهجورا، جائعا خائفا ظمآن، ينتظر من يعود عليه بفضل، أو عبد وجيه هو أوجه مني عندك، وأشد عبادة لك، مغلولا مقهورا، قد حمل ثقلا من تعب العناء، وشدة العبودية وكلفة الرق، وثقل الضريبة، أو مبتلى ببلاء شديد
__________
(1) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(2) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(3) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
معارج الذكر والدعاء (149)
لا قبل له به، إلابمنك عليه، وأنا المخدوم المنعم المعافى المكرم في عافية مما هو فيه، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين (1).
[الحديث: 583] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: إلهي ومولاي وسيدي، وكم من عبد أمسى وأصبح شريدا طريدا، حيران متحيرا، جائعا خائفا، حاسرا في الصحاري والبراري، أحرقه الحر والبرد، وهو في ضر من العيش، وضنك من الحياة، وذل من المقام، ينظر إلى نفسه حسرة، لا يقدر على ضر ولا نفع، وأنا خلوٌ من ذلك كله بجودك وكرمك، فلا إله إلا أنت، سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين (2).
[الحديث: 584] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: مولاي وسيدي، كم من عبد أمسى وأصبح عليلا مريضا، سقيما مدنفا على فرش العلة، وفي لباسها ينقلب يمينا وشمالا، لا يعرف شيئا من لذة الطعام، ولا من لذة الشراب، ينظر إلى نفسه حسرة، لا يستطيع لها ضرا ولا نفعا، وأنا خلوٌ من ذلك كله بجودك وكرمك، فلا إله إلا أنت، سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لك من العابدين، ولأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين (3).
__________
(1) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(2) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(3) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
معارج الذكر والدعاء (150)
[الحديث: 585] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: مولاي وسيدي، كم من عبد أمسى وأصبح قد دنا يومه من حتفه، وقد أحدق به ملك الموت في أعوانه، يعالج سكرات الموت وحياضه، تدور عيناه يمينا وشمالا، ينظر إلى أحبائه وأودائه وأخلائه، قد منع عن الكلام، وحجب عن الخطاب، ينظر إلى نفسه حسرة، فلا يستطيع لها نفعا ولا ضرا، وأنا خلوٌ من ذلك كله بجودك وكرمك، فلا إله إلا أنت، سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لك من العابدين، ولنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين (1).
[الحديث: 586] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: مولاي وسيدي، وكم من عبد أمسى وأصبح في مضائق الحبوس والسجون، وكربها وذلها وحديدها، يتداوله أعوانها وزبانيتها، فلا يدري أي حال يفعل به، وأي مثلة يمثل به، فهو في ضر من العيش، وضنك من الحياة، ينظر إلى نفسه حسرة، لا يستطيع لها ضرا ولا نفعا، وأنا خلوٌ من ذلك كله بجودك وكرمك، فلا إله إلا أنت، سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لك من العابدين، ولنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين (2).
[الحديث: 587] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: مولاي وسيدي، وكم من عبد أمسى وأصبح قد استمر عليه القضاء، وأحدق به البلاء، وفارق أوداءه وأحباءه وأخلاءه، وأمسى حقيرا أسيرا، ذليلا في أيدي الكفار والأعداء، يتداولونه يمينا وشمالا، قد حمل في المطامير، وثقل بالحديد، لا يرى شيئا من ضياء الدنيا ولا من روحها،
__________
(1) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(2) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
معارج الذكر والدعاء (151)
ينظر إلى نفسه حسرة، لا يستطيع لها ضرا ولا نفعا، وأنا خلوٌ من ذلك كله بجودك وكرمك، فلا إله إلا أنت، سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لك من العابدين، ولنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين (1).
[الحديث: 588] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: مولاي وسيدي، كم من عبد أمسى وأصبح قد اشتاق إلى الدنيا؛ للرغبة فيها إلى أن خاطر بنفسه وماله؛ حرصا منه عليها، قد ركب الفلك، وكسرت به، وهو في آفاق البحار وظلمها، ينظر إلى نفسه حسرة، لا يقدر لها على ضر ولا نفع، وأنا خلوٌ من ذلك كله بجودك وكرمك، فلا إله إلا أنت، سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لك من العابدين، ولنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين (2).
[الحديث: 589] قال الإمام الكاظم في حمد الله على صرف البلاء: مولاي وسيدي، كم من عبد أمسى وأصبح قد استمر عليه القضاء، وأحدق به البلاء والكفار والأعداء، وأخذته الرماح والسيوف والسهام، وجدل صريعا، وقد شربت الأرض من دمه، وأكلت السباع والطيور من لحمه، وأنا خلوٌ من ذلك كله بجودك وكرمك، لا باستحقاق مني، يا لا إله إلا أنت، سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين (3).
__________
(1) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(2) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
(3) مهج الدعوات: ص 218، البلد الأمين: ص 326.
معارج الذكر والدعاء (152)
المعراج الرابع من معارج الذكر والدعاء [معراج الأزمنة والأمكنة]، وإلى هذا المعراج الإشارة بما ورد في القرآن الكريم من الإشادة والثناء على أزمنة أو أمكنة خاصة، وذلك ما يدل على كونها محال لتحقق الإجابة.
ومن الأمثلة عنها ما ورد في القرآن في حق ليلة القدر، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 1 - 5]، وهي تدل على أن تلك الليلة المباركة تتشرف بمضاعفة أعمال العاملين فيها، وأن ذلك بسبب تنزلات خاصة من الملائكة عليهم السلام، وأنه يحصل فيها من الخير ما لا يحصل في غيرها.
وقد قسمنا هذا الفصل بناء على ما ورد في الأحاديث الشريفة من الإشادة بأزمنة وأمكنة خاصة إلى الأقسام التالية:
أولا ـ ما ورد حول الصباح والمساء
ثانيا ـ ما ورد حول آناء الليل
ثالثا ـ ما ورد حول أزمنة الشعائر
رابعا ـ ما ورد حول أزمنة الظواهر
خامسا ـ ما ورد حول الأزمنة المباركة
سادسا ـ ما ورد حول الأمكنة المباركة
معارج الذكر والدعاء (153)
أولا ـ ما ورد حول الصباح والمساء
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول الأذكار والأدعية الخاصة بـ[الصباح والمساء]، أو التي يستحسن ذكرها في تلك الأوقات.
وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الآيات الكثيرة التي تخص هذين الوقتين بالمزيد من الذكر والدعاء والتوجه إلى الله، كما قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28]
وقال: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [الروم: 17 - 19]
وقال: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ [الرعد: 15]
وقال: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ [آل عمران: 41]
وقال: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف: 205]
وغيرها من الآيات الكثيرة التي ورد في الأحاديث تأكيدها، والترغيب فيها، وبيان الهيئات والصيغ المثلى لتنفيذها.
معارج الذكر والدعاء (154)
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 590] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لأن أذكر الله مع قوم بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس أحب إلي من الدنيا وما فيها، ولأن أذكر الله مع قوم بعد صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس أحب إلي من الدنيا وما فيها (1).
[الحديث: 591] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا صليتم الصبح فافزعوا إلى الدعاء، وباكروا في طلب الحوائج، اللهم بارك لأمتي في بكورها (2).
[الحديث: 592] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سبح عند غروب الشمس سبعين تسبيحة، غفر له سائر عمله (3).
[الحديث: 593] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، أعوذ بالله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، من شر ما خلق وذرأ وبرأ) من قالهن عصم من كل ساحر، وكاهن، وشيطان، وحاسد (4).
[الحديث: 594] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من صباح يصبح العباد إلاصارخٌ يصرخ: أيها الخلائق، سبحوا الملك القدوس (5).
[الحديث: 595] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يصبح: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ يُخْرِجُ الْحَيَّ
__________
(1) شعب الإيمان: 1/ 409.
(2) تاريخ بغداد: 12/ 155 الرقم 6628، تاريخ دمشق: 26/ 266.
(3) الفردوس: 3/ 523.
(4) المعجم الأوسط: 4/ 310.
(5) مسند أبي يعلى: 1/ 327، الترمذي: 5/ 563.
معارج الذكر والدعاء (155)
مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [الروم: 17 - 19] أدرك ما فاته في يومه ذلك، ومن قالهن حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته (1).
[الحديث: 596] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما سمى الله نوحا عبدا شكورا؛ لأنه كان إذا أمسى وأصبح قال: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم: 17 - 18] (2).
[الحديث: 597] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شي ءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات، لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات، لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي (3).
[الحديث: 598] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يصبح وحين يمسي: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) لم يضره شي ءٌ (4).
[الحديث: 599] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال في كل يوم حين يصبح وحين يمسي: (حسبي الله لا إله إلاهو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) سبع مرات، كفاه الله عز وجل همه من أمر الدنيا والآخرة (5).
[الحديث: 600] عن سلمان الفارسي، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا سلمان، إذا أصبحت فقل: (اللهم أنت ربي لا شريك لك، أصبحنا وأصبح الملك لله لا شريك له) تقولها ثلاثا، وإذا أمسيت فقل ذلك؛ فإنهن يكفرن ما بينهن من خطيئة (6).
__________
(1) أبو داود: 4/ 319، المعجم الكبير: 12/ 185 1، الدعاء للطبراني: ص 123.
(2) الدر المنثور: 5/ 237 عن ابن مردويه.
(3) أبو داود: 4/ 323، أحمد: 1/ 158.
(4) المعجم الأوسط: 1/ 167، صحيح ابن حبان: 3/ 299.
(5) عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 30، أبو داود: 4/ 321.
(6) الأمالي للمفيد: ص 228، الأمالي للطوسي: ص 186، عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 28.
معارج الذكر والدعاء (156)
[الحديث: 601] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال في يوم إذا أصبح وإذا أمسى: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حيٌ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شي ء قديرٌ)، غفرت له ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر (1).
[الحديث: 602] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سره أن ينسئ الله في عمره وينصره على عدوه ويقيه ميتة السوء، فليقل حين يمسي وحين يصبح ثلاث مرات: سبحان الله مل ء الميزان، ومنتهى العلم، ومبلغ الرضا، وزنة العرش (2).
[الحديث: 603] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أهله: قولي حين تصبحين: (سبحان الله وبحمده، لا قوة إلابالله، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شي ء قديرٌ، وأن الله قد أحاط بكل شي ء علما)؛ فإنه من قالهن حين يصبح حفظ حتى يمسي، ومن قالهن حين يمسي حفظ حتى يصبح (3).
[الحديث: 604] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال: (سبحان الله عدد ما خلق، وسبحان الله مل ء ما خلق، وسبحان الله عدد ما في السماوات والأرض، وسبحان الله مل ء ما أحصى كتابه، وسبحان الله مل ء كل شي ء)، وقال: (الحمد لله) مثل ذلك، و(الله أكبر) مثل ذلك حين يصبح، فقد قال مثل ما قال الناس كلهم إلامن قال مثل قوله، أو أكثر، ومن قالها حين يمسي، قال مثل ما قال الناس في ليلتهم إلامن قال مثل قوله أو أكثر (4).
__________
(1) مسند البزار: 3/ 260.
(2) المجتنى: ص 107، بحار الأنوار: 86/ 160؛ كنز العمال: 2/ 635 عن الديلمي.
(3) أبو داود: 4/ 319، النسائي: 6/ 7.
(4) داعي الفلاح: ص 104.
معارج الذكر والدعاء (157)
[الحديث: 605] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يصبح: (اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك، وحدك لا شريك لك، فلك الحمد، ولك الشكر)، فقد أدى شكر يومه، ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته (1).
[الحديث: 606] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يصبح أو يمسي: (اللهم إني أصبحت اشهدك، واشهد حملة عرشك وملائكتك، وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك)، أعتق الله ربعه من النار، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه، ومن قالها ثلاثا أعتق الله ثلاثة أرباعه، فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار (2).
[الحديث: 607] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال إذا أصبح وإذا أمسى: (اللهم أنت خلقتني وأنت تهديني، وأنت تطعمني وأنت تسقيني، وأنت تميتني وأنت تحييني)، لم يسأل شيئا إلاأعطاه الله إياه (3).
[الحديث: 608] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال إذا أصبح وإذا أمسى: (ربي الله الذي لا إله إلاهو العلي العظيم، توكلت على الله وهو رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شي ء قديرٌ، وأن الله قد أحاط بكل شي ء علما)، ثم مات، دخل الجنة (4).
[الحديث: 609] عن طلق بن حبيب: جاء رجلٌ إلى أبي الدرداء فقال: يا أبا الدرداء، احترق بيتك، فقال: ما احترق بيتي، ثم جاء آخر، فقال: يا أبا الدرداء احترق بيتك، فقال: ما احترق بيتي، ثم جاء آخر فقال: يا أبا الدرداء اتبعت النار، فلما انتهت إلى بيتك طفيت، فقال: قد علمت أن الله عز وجل لم يكن ليفعل، فقال رجلٌ: يا أبا الدرداء ما ندري أي
__________
(1) أبو داود: 4/ 318، شعب الإيمان: 4/ 89، النسائي: 6/ 5.
(2) أبو داود: 4/ 317 وص 493، الترمذي: 5/ 527.
(3) المعجم الأوسط: 1/ 306.
(4) عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 20.
معارج الذكر والدعاء (158)
كلامك أعجب؟ قولك: ما احترق، أو قولك: قد علمت أن الله عز وجل لم يكن ليفعل، قال: ذاك لكلمات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من قالهن حين يصبح لم تصبه مصيبةٌ حتى يمسي، ومن قالهن حين يمسي لم تصبه مصيبةٌ حتى يصبح: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت، وأنت رب العرش الكريم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلابالله، أعلم أن الله على كل شي ء قديرٌ، وأن الله قد أحاط بكل شي ء علما، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذٌ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم (1).
[الحديث: 610] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، لا إله إلا أنت، رب كل شي ء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا، أو أجره إلى مسلم (2).
[الحديث: 611] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أصبح أحدكم فليقل: (اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير)، وإذا أمسى فليقل: (اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور) (3).
[الحديث: 612] عن عبد الله بن مسعود، قال: كان نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أمسى قال: (أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شي ء قديرٌ، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل، وسوء الكبر، رب أعوذ بك
__________
(1) الدعاء للطبراني: ص 128، عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 25.
(2) الترمذي: 5/ 542، الأدب المفرد: ص 352، أحمد: 2/ 633.
(3) الترمذي: 5/ 466، النسائي: 6/ 145 9، أبو داود: 4/ 317.
معارج الذكر والدعاء (159)
من عذاب في النار، وعذاب في القبر)، وإذا أصبح قال ذلك أيضا: (أصبحنا وأصبح الملك لله) (1).
[الحديث: 613] قال الإمام علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أمسى قال: (أمسينا وأمسى الملك لله الواحد القهار، الحمد لله الذي ذهب بالنهار وجاء بالليل ونحن منه في عافية، اللهم هذا خلقٌ لك جديدٌ قد جاء، فما عملت فيه من سيئة فتجاوز عنها، وما عملت فيه من حسنة فتقبلها وأضعفها أضعافا مضاعفة، اللهم إنك بجميع حاجتي عالمٌ، وإنك على جميع نجحها قادرٌ، اللهم أنجح الليلة كل حاجة لي ولا تزدني في دنياي، ولا تنقصني في آخرتي)، وإذا أصبح قال مثل ذلك (2).
[الحديث: 614] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من عبد مسلم يقول حين يصبح وحين يمسي ـ ثلاث مرات ـ: (رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا)، إلاكان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة (3).
[الحديث: 615] عن عبد الرحمن بن أبزي، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى: أصبحنا على فطرة الإسلام، وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (4).
[الحديث: 616] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يصبح ـ ثلاث مرات ـ: (اللهم لك الحمد، لا إله إلا أنت ربي وأنا عبدك، آمنت بك مخلصا لك ديني، أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت، أتوب إليك من سيئ عملي، وأستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها إلا
__________
(1) مسلم: 4/ 2089، أبو داود: 4/ 318، الترمذي: 5/ 466.
(2) المعجم الأوسط: 7/ 334.
(3) أحمد: 7/ 12 و9/ 44 2، ابن ماجة: 2/ 1273، النسائي: 6/ 4.
(4) أحمد: 5/ 238 وص 239 7، النسائي: 6/ 3.
معارج الذكر والدعاء (160)
أنت)، فإن مات في ذلك اليوم دخل الجنة، وإن قال حين يمسي ـ ثلاث مرات ـ فمات في تلك الليلة إلا دخل الجنة (1).
[الحديث: 617] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يصبح أو حين يمسي: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بنعمتك، وأبوء بذنبي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، فمات من يومه، أو من ليلته دخل الجنة (2).
[الحديث: 618] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أهله: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين (3).
[الحديث: 619] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أصبح أحدكم فليقل: (أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهم إني أسألك خير هذا اليوم، فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شر ما فيه، وشر ما بعده)، ثم إذا أمسى فليقل مثل ذلك (4).
[الحديث: 620] عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بهذه الدعوات إذا أصبح، وإذا أمسى: (اللهم إني أسألك من فجأة الخير، وأعوذ بك من فجأة الشر)؛ فإن العبد لا يدري ما يفجؤه إذا أصبح، وإذا أمسى (5).
[الحديث: 621] عن أبي سعيد الخدري، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسا
__________
(1) المعجم الكبير: 8/ 196، المعجم الأوسط: 3/ 263، الدعاء للطبراني: ص 118.
(2) أبو داود: 4/ 317، ابن ماجة: 2/ 1274، أحمد: 9/ 24 5، الحاكم: 1/ 696.
(3) الحاكم: 1/ 730، النسائي: 6/ 147 5.
(4) أبو داود: 4/ 322، المعجم الكبير: 3/ 296.
(5) مسند أبي يعلى: 3/ 360، عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 19.
معارج الذكر والدعاء (161)
في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: همومٌ لزمتني وديونٌ يا رسول الله، قال: أفلا اعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك، وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي، وقضى عني ديني (1).
[الحديث: 622] عن ابن عمر، قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استرعوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي (2).
[الحديث: 623] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال إذا أمسى: (أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، أعوذ بالله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلابإذنه، من شر ما خلق وذرأ وبرأ)، من قالهن عصم من كل ساحر وكاهن وشيطان وحاسد (3).
[الحديث: 624] عن الحارث الأعور، قال: دخلت على علي بن أبي طالب بعد العشاء، فقال: ما جاء بك هذه الساعة؟ قلت: إني أحبك، قال: آلله إنك تحبني؟ قلت: آلله إني أحبك، قال: ألا اعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قلت: بلى، قال: قل: اللهم افتح مسامع قلبي لذكرك، وارزقني طاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وآله وسلم، وعملا بكتابك (4).
[الحديث: 625] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أصبح أحدكم فليقل: (أصبحنا وأصبح
__________
(1) أبو داود: 2/ 93.
(2) أبو داود: 4/ 319، ابن ماجة: 2/ 1273، أحمد: 2/ 254.
(3) الدعاء للطبراني: ص 129، المعجم الأوسط: 4/ 310.
(4) الدعاء للطبراني: ص 428، المعجم الأوسط: 2/ 72 و5/ 289.
معارج الذكر والدعاء (162)
الملك لله رب العالمين، اللهم إني أسألك خير هذا اليوم، فتحه ونصره، ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شر ما فيه، وشر ما بعده)، ثم إذا أمسى فليقل مثل ذلك (1).
[الحديث: 626] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شي ء قديرٌ عشر مرات، كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات، وكن له مسلحة من أول نهاره إلى آخره؛ ما لم يعمل يومئذ عملا يقهرهن (2).
[الحديث: 627] عن ابن عباس، أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه يصيبه الآفات، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قل إذا أصبحت: (باسم الله على نفسي وأهلي ومالي) فإنه لا يذهب لك شي ءٌ، فقالهن الرجل فذهبت عنه الآفات (3).
[الحديث: 628] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يصبح: (الحمد لله الذي تواضع كل شي ء لعظمته)، كتبت له عشر حسنات (4).
[الحديث: 629] عن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أصبح قال: اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا (5).
[الحديث: 630] عن عبد الله بن القاسم، قال: حدثتني جارةٌ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها كانت تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول عند طلوع الفجر: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة القبر (6).
__________
(1) أبو داود: 4/ 322.
(2) بحار الأنوار: 86/ 192؛ أحمد: 9/ 144 7، المعجم الكبير: 4/ 128، الدعاء للطبراني، ص 126.
(3) عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 23.
(4) المعجم الكبير: 23/ 370، الدعاء للطبراني: ص 123.
(5) مسند أبي يعلى: 6/ 264، مسند الحميدي: 1/ 143.
(6) أحمد: 8/ 312 1.
معارج الذكر والدعاء (163)
[الحديث: 631] عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أصبح قال: أصبحنا وأصبح الملك والكبرياء، والعظمة والخلق، والليل والنهار وما سكن فيها، لله وحده لا شريك له، اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحا، وأوسطه فلاحا، وآخره نجاحا، وأسألك خير الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين (1).
[الحديث: 632] عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أصبح يقول: (أصبحت يا رب اشهدك، وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك، وجميع خلقك على شهادتي على نفسي، أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأؤمن بك، وأتوكل عليك)، يقولها ثلاثا (2).
[الحديث: 633] عن زيد بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علمه دعاء، وأمره أن يتعاهد به أهله كل يوم، قال: قل كل يوم حين تصبح: لبيك اللهم لبيك وسعديك، والخير في يديك، ومنك وبك وإليك، اللهم ما قلت من قول أو نذرت من نذر، أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه، ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلابك، إنك على كل شي ء قديرٌ.. اللهم وما صليت من صلاة فعلى من صليت، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت، إنك أنت وليي في الدنيا والآخرة، توفني مسلما وألحقني بالصالحين.. أسألك اللهم الرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الممات، ولذة النظر إلى وجهك وشوقا إلى لقائك، من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، أعوذ بك أن أظلم أو أظلم، أو أعتدي أو يعتدى علي، أو أكتسب خطيئة محبطة أو ذنبا لا يغفر.. اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، ذا الجلال والإكرام، فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا واشهدك وكفى بك
__________
(1) الزهد لابن المبارك: ص 384، الدعاء للطبراني: ص 113.
(2) المعجم الأوسط: 9/ 141، الدعاء للطبراني: ص 114.
معارج الذكر والدعاء (164)
شهيدا، إني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك، ولك الحمد وأنت على كل شي ء قديرٌ، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك، وأشهد أن وعدك حقٌ، ولقاءك حقٌ والجنة حقٌ، والساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأنت تبعث من في القبور، وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة، وإني لا أثق إلابرحمتك فاغفر لي ذنبي كله، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم (1).
[الحديث: 634] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أصبحت غداة قط، إلا استغفرت الله فيها مئة مرة (2).
[الحديث: 635] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله عز وجل: يابن آدم، اذكرني بعد الفجر ساعة، واذكرني بعد العصر ساعة، أكفك ما أهمك (3).
[الحديث: 636] قال الإمام الباقر: إن إبليس إنما يبث جنود الليل من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق، ويبث جنود النهار من حين يطلع الفجر إلى مطلع الشمس، وإن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: أكثروا ذكر الله عز وجل في هاتين الساعتين، وتعوذوا بالله عز وجل من شر إبليس وجنوده، وعوذوا صغاركم في هاتين الساعتين، فإنهما ساعتا غفلة (4).
[الحديث: 637] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفس محمد بيده، لدعاء الرجل بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس أنجح في الحاجات من الضارب بماله في الأرض (5).
[الحديث: 638] قال الإمام الصادق: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقف عند طلوع كل فجر على
__________
(1) أحمد: 8/ 156 4، الحاكم: 1/ 697.
(2) النسائي: 6/ 115 5.
(3) تهذيب الأحكام: 2/ 138، من لا يحضره الفقيه: 1/ 329.
(4) من لا يحضره الفقيه: 1/ 501، الكافي: 2/ 522.
(5) دعائم الإسلام: 1/ 167.
معارج الذكر والدعاء (165)
باب علي وفاطمة، فيقول: الحمد لله المحسن المجمل المنعم المفضل، الذي بنعمته تتم الصالحات، سمع سامعٌ بحمد الله ونعمته وحسن بلائه عندنا (1).
[الحديث: 639] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من عبد يقول إذا أصبح: (الحمد لله ربي لا أشرك به شيئا، وأشهد أن لا إله إلا الله) إلا ظل يغفر له ذنوبه حتى يمسي، وإن قالها إذا أمسى بات يغفر له ذنوبه حتى يصبح (2).
[الحديث: 640] قال الإمام علي: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل يوم إذا أصبح وطلعت الشمس يقول: (الحمد لله رب العالمين كثيرا طيبا على كل حال) يقول ثلاثمئة وستين مرة شكرا (3).
[الحديث: 641] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لما أسري بي إلى السماء نوديت: يا محمد، من كثرت ذنوبه من أمتك فيما دون الكبائر حتى يشهر بكثرتها، ويمقت على اتباعها، فليعتمدني عند طلوع الفجر أو قبل أفول الشفق، ولينصب وجهه إلي (4).
[الحديث: 642] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وأبواب الجنان، واستجيب الدعاء، فطوبى لمن رفع له عند ذلك عملٌ صالحٌ (5).
[الحديث: 643] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أصبح قال: (الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال) ثلاثمئة وستين مرة، وإذا أمسى قال مثل ذلك (6).
[الحديث: 644] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: اغد باسم الله؛ فإن الله بارك لأمتي في بكورها (7).
__________
(1) الأمالي للصدوق: ص 208.
(2) الكافي: 8/ 93، تنبيه الخواطر: 2/ 136، المحاسن: 1/ 114.
(3) الأمالي للطوسي: ص 597، تنبيه الخواطر: 2/ 76.
(4) البلد الأمين: ص 505.
(5) من لا يحضره الفقيه: 1/ 209، الأمالي للصدوق: ص 671.
(6) الكافي: 2/ 503.
(7) تاريخ بغداد: 3/ 54، الأمالي للطوسي: ص 136.
معارج الذكر والدعاء (166)
[الحديث: 645] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أصبح ولا يذكر أربعة أشياء أخاف عليه زوال النعمة: أولها أن يقول: الحمد لله الذي عرفني نفسه ولم يتركني عميان القلب.. والثاني يقول: الحمد لله الذي جعلني من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. والثالث يقول: الحمد لله الذي جعل رزقي في يديه ولم يجعل رزقي في أيدي الناس.. والرابع يقول: الحمد لله الذي ستر ذنوبي وعيوبي ولم يفضحني بين الناس (1).
[الحديث: 646] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من صباح إلا وملكان يناديان، يقولان: يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر انته، هل من داع فيستجاب له! هل من مستغفر فيغفر له! هل من تائب فيتاب عليه! هل من مغموم فينفس عنه غمه! اللهم عجل للمنفق ماله خلفا، وللممسك تلفا. فهذا دعاؤهما حتى تغرب الشمس (2).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 647] قال الإمام علي: من قال حين يمسي ثلاث مرات: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم: 17 - 18] لم يفته خيرٌ يكون في تلك الليلة، وصرف عنه جميع شرها، ومن قال مثل ذلك حين يصبح، لم يفته خيرٌ يكون في ذلك اليوم، وصرف عنه جميع شره (3).
[الحديث: 648] قال الإمام علي: من قال حين يمسي ثلاث مرات: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾
__________
(1) الدعوات: ص 81.
(2) الأمالي للصدوق: ص 701.
(3) ثواب الأعمال: ص 199، الأمالي للصدوق: ص 674.
معارج الذكر والدعاء (167)
[الروم: 17 - 19] لم يفته خيرٌ يكون في تلك الليلة، وصرف عنه جميع شرها، ومن قال مثل ذلك حين يصبح لم يفته خيرٌ يكون في ذلك اليوم، وصرف عنه جميع شره (1).
[الحديث: 649] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي يقول إذا أصبح: (سبحان الله الملك القدوس) ثلاثا، (اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحويل عافيتك، ومن فجأة نقمتك، ومن درك الشقاء، ومن شر ما سبق) (2).
[الحديث: 650] قال الإمام علي: من قال حين يصبح: (الحمد لله على حسن المساء، والحمد لله على حسن المبيت، والحمد لله على حسن الصباح)، فقد أدى شكر ليلته ويومه (3).
[الحديث: 651] قال الإمام الكاظم: كان الإمام علي يقول إذا أصبح: سبحان الله الملك القدوس ـ ثلاثا ـ اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحويل عافيتك، ومن فجأة نقمتك، ومن درك الشقاء، ومن شر ما سبق في الكتاب، اللهم إني أسألك بعزة ملكك، وشدة قوتك، وبعظيم سلطانك، وبقدرتك على خلقك (4).
[الحديث: 652] كان الإمام الحسن يقول إذا طلعت الشمس: سمع سامعٌ بحمد الله الأعظم، لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل، شي ء قديرٌ (5).
[الحديث: 653] قال الإمام الصادق: كان الإمام السجاد إذا أصبح قال: (أبتدئ يومي هذا بين يدي نسياني وعجلتي باسم الله وما شاء الله)، فإذا فعل ذلك العبد أجزأه مما
__________
(1) ثواب الأعمال: ص 199، الأمالي للصدوق: ص 674.
(2) الكافي: 2/ 527.
(3) شعب الإيمان: 4/ 95.
(4) الكافي: 2/ 532.
(5) المصنف لابن أبي شيبة: 7/ 99.
معارج الذكر والدعاء (168)
نسي في يومه (1).
[الحديث: 654] قال الإمام الصادق: كان الإمام السجاد يقول: ما أبالي إذا قلت هذه الكلمات لو اجتمع علي الإنس والجن: باسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم إليك أسلمت نفسي، وإليك وجهت وجهي، وإليك ألجأت ظهري، وإليك فوضت أمري، اللهم احفظني بحفظ الإيمان من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي، ومن قبلي وادفع عني بحولك وقوتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بك (2).
[الحديث: 655] قال الإمام السجاد في دعائه في الصباح والمساء: الحمد لله الذي خلق الليل والنهار بقوته، وميز بينهما بقدرته، وجعل لكل واحد منهما حدا محدودا، وأمدا ممدودا، يولج كل واحد منهما في صاحبه، ويولج صاحبه فيه بتقدير منه للعباد فيما يغذوهم به، وينشئهم عليه، فخلق لهم الليل ليسكنوا فيه من حركات التعب ونهضات النصب، وجعله لباسا ليلبسوا من راحته ومنامه، فيكون ذلك لهم جماما وقوة، ولينالوا به لذة وشهوة، وخلق لهم النهار مبصرا ليبتغوا فيه من فضله، وليتسببوا إلى رزقه، ويسرحوا في أرضه، طلبا لما فيه نيل العاجل من دنياهم، ودرك الآجل في أخراهم، بكل ذلك يصلح شأنهم ويبلو أخبارهم، وينظر كيف هم في أوقات طاعته، ومنازل فروضه ومواقع أحكامه ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ [النجم: 31]، اللهم فلك الحمد على ما فلقت لنا من الإصباح، ومتعتنا به من ضوء النهار، وبصرتنا من مطالب الأقوات، ووقيتنا فيه من طوارق الآفات (3).
__________
(1) الكافي: 2/ 523، الاصول الستة عشر: ص 151.
(2) الكافي: 2/ 559.
(3) الصحيفة السجادية: ص 39.
معارج الذكر والدعاء (169)
[الحديث: 656] قال الإمام السجاد في دعائه في الصباح والمساء: اللهم أصبحنا وأصبحت الأشياء كلها بجملتها لك، سماؤها وأرضها، وما بثثت في كل واحد منهما، ساكنه ومتحركه، ومقيمه وشاخصه، وما علا في الهواء وما كن تحت الثرى (1).
[الحديث: 657] قال الإمام السجاد في دعائه في الصباح والمساء: اللهم أصبحنا في قبضتك، يحوينا ملكك وسلطانك، وتضمنا مشيتك، ونتصرف عن أمرك، ونتقلب في تدبيرك، ليس لنا من الأمر إلاما قضيت، ولا من الخير إلاما أعطيت، وهذا يومٌ حادثٌ جديدٌ وهو علينا شاهدٌ عتيدٌ، إن أحسنا ودعنا بحمد، وإن أسأنا فارقنا بذم، اللهم صل على محمد وآله، وارزقنا حسن مصاحبته، واعصمنا من سوء مفارقته بارتكاب جريرة أو اقتراف صغيرة أو كبيرة، وأجزل لنا فيه من الحسنات، وأخلنا فيه من السيئات، واملأ لنا ما بين طرفيه حمدا وشكرا وأجرا وذخرا وفضلا وإحسانا (2).
[الحديث: 658] قال الإمام السجاد في دعائه في الصباح والمساء: اللهم يسر على الكرام الكاتبين مؤونتنا، واملأ لنا من حسناتنا صحائفنا، ولا تخزنا عندهم بسوء أعمالنا.. اللهم اجعل لنا في كل ساعة من ساعاته حظا من عبادتك، ونصيبا من شكرك، وشاهد صدق من ملائكتك (3).
[الحديث: 659] قال الإمام السجاد في دعائه في الصباح والمساء: اللهم احفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن جميع نواحينا، حفظا عاصما من معصيتك، هاديا إلى طاعتك، مستعملا لمحبتك (4).
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 39.
(2) الصحيفة السجادية: ص 39.
(3) الصحيفة السجادية: ص 39.
(4) الصحيفة السجادية: ص 39.
معارج الذكر والدعاء (170)
[الحديث: 660] قال الإمام السجاد في دعائه في الصباح والمساء: اللهم وفقنا في يومنا هذا وليلتنا هذه وفي جميع أيامنا لاستعمال الخير، وهجران الشر، وشكر النعم، واتباع السنن، ومجانبة البدع، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحياطة الإسلام، وانتقاص الباطل وإذلاله، ونصرة الحق وإعزازه، وإرشاد الضال، ومعاونة الضعيف، وإدراك اللهيف (1).
[الحديث: 661] قال الإمام السجاد في دعائه في الصباح والمساء: اللهم اجعل يومنا أيمن يوم عهدناه، وأفضل صاحب صحبناه، وخير وقت ظللنا فيه، واجعلنا من أرضى من مر عليه الليل والنهار من جملة خلقك، أشكرهم لما أوليت من نعمك، وأقومهم بما شرعت من شرائعك، وأوقفهم عما حذرت من نهيك (2).
[الحديث: 662] قال الإمام السجاد في دعائه في الصباح والمساء: اللهم إني اشهدك وكفى بك شهيدا، وأشهد سماءك وأرضك ومن أسكنتهما من ملائكتك، وسائر خلقك، في يومي هذا، وساعتي هذه، وليلتي هذه، ومستقري هذا، أني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، قائمٌ بالقسط، عدلٌ في الحكم، رؤوفٌ بالعباد، مالك الملك، رحيمٌ بالخلق، وأن محمدا عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك، حملته رسالتك فأداها، وأمرته بالنصح لامته فنصح لها (3).
[الحديث: 663] قال الإمام السجاد في دعائه في الصباح والمساء: اللهم صل على محمد وآله أكثر ما صليت على أحد من خلقك، وآته عنا أفضل ما آتيت أحدا من عبادك، واجزه عنا أفضل وأكرم ما جزيت أحدا من أنبيائك عن أمته، إنك أنت المنان بالجسيم،
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 39.
(2) الصحيفة السجادية: ص 39.
(3) الصحيفة السجادية: ص 39.
معارج الذكر والدعاء (171)
الغافر للعظيم، وأنت أرحم من كل رحيم، فصل على محمد وآله الطيبين الطاهرين الأخيار الأنجبين (1).
[الحديث: 664] قال الإمام الباقر: إن الله عز وجل يحب من عباده المؤمنين كل عبد دعاء؛ فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس؛ فإنها ساعةٌ تفتح فيها أبواب السماء، وتقسم فيها الأرزاق، وتقضى فيها الحوائج العظام (2).
[الحديث: 665] قال الإمام الباقر: من قال إذا أصبح: (اللهم إني أصبحت في ذمتك وجوارك، اللهم إني أستودعك ديني ونفسي ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي، وأعوذ بك يا عظيم من شر خلقك جميعا، وأعوذ بك من شر ما يبلس به إبليس وجنوده)، إذا قال هذا الكلام، لم يضره يومه ذلك شيءٌ، وإذا أمسى فقاله، لم يضره تلك الليلة شيءٌ إن شاء الله تعالى (3).
[الحديث: 666] قال الإمام الباقر: إن إبليس ـ عليه لعائن الله ـ يبث جنود الليل من حيث تغيب الشمس وتطلع، فأكثروا ذكر الله عز وجل في هاتين الساعتين، وتعوذوا بالله من شر إبليس وجنوده، وعوذوا صغاركم في تلك الساعتين، فإنهما ساعتا غفلة (4).
[الحديث: 667] قال الإمام الباقر: إن نوحا عليه السلام إنما سمي عبدا شكورا لأ نه كان يقول إذا أمسى وأصبح: اللهم إني اشهدك أنه ما أمسى وأصبح بي من نعمة أو عافية
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 39.
(2) الكافي: 2/ 678، مكارم الأخلاق: 2/ 16.
(3) الكافي: 2/ 528.
(4) الكافي: 2/ 522، من لا يحضره الفقيه: ج 1، ص 501.
معارج الذكر والدعاء (172)
في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها علي حتى ترضى، وبعد الرضا، إلهنا (1).
[الحديث: 668] قال الإمام الصادق: لا تدع أن تدعو بهذا الدعاء ثلاث مرات إذا أصبحت وثلاث مرات إذا أمسيت: اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد، فإن أبي (الإمام الباقر) كان يقول: هذا من الدعاء المخزون (2).
[الحديث: 669] قال الإمام الكاظم: سمعت الإمام الباقر يقول إذا أمسى: أمسينا وأمسى الملك لله الواحد القهار، والحمد لله رب العالمين الذي ذهب بالنهار وجاء بالليل، ونحن في عافية منه، اللهم هذا خلقٌ جديدٌ قد غشانا، فما عملت فيه من خير فسهله لي وقيضه واكتبه أضعافا مضاعفة، وما عملت فيه من شر فتجاوز عنه برحمتك.. أمسيت لا أملك ما أرجو، ولا أدفع شر ما أخشى، أمسى الأمر لغيري، وأمسيت مرتهنا بكسبي، وأمسيت لا فقير أفقر مني، فلتسع لفقري من سعتك مما كتبت على نفسك، وأسألك التقوى ما أبقيتني، والكرامة إذا توفيتني، والصبر على ما أبليتني، والبركة في ما رزقتني، والعزم على طاعتك في ما بقي من عمري، والشكر لك في ما أنعمت به علي (3).
[الحديث: 670] قال الإمام الباقر: ما من عبد يقول إذا أصبح قبل طلوع الشمس: (الله أكبر، الله أكبر كبيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، والحمد لله رب العالمين كثيرا، لا شريك له، وصلى الله على محمد وآله) إلاابتدرهن ملكٌ وجعلهن في جوف جناحه وصعد بهن إلى السماء الدنيا (4).
__________
(1) علل الشرائع: ص 29، من لا يحضره الفقيه: 1/ 335.
(2) الكافي: 2/ 534.
(3) الأمالي للطوسي: ص 371.
(4) الكافي: 2/ 526.
معارج الذكر والدعاء (173)
[الحديث: 671] قال الإمام الباقر: إذا أصبحت فقل: اللهم اجعل لي سهما وافرا في كل حسنة أنزلتها من السماء إلى الأرض في هذا اليوم، واصرف عني كل مصيبة أنزلتها من السماء إلى الأرض في هذا اليوم، وعافني من طلب ما لم تقدر لي من رزق، وما قدرت لي من رزق فسقه إلي في يسر منك وعافية آمين.. ثلاث مرات (1).
[الحديث: 672] قال الإمام الصادق: كان أبي (الإمام الباقر) يقول إذا أصبح: باسم الله وبالله، وإلى الله وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم إليك أسلمت نفسي، وإليك فوضت أمري، وعليك توكلت يا رب العالمين، اللهم احفظني بحفظ الإيمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي ومن قبلي، لا إله إلا أنت، لا حول ولا قوة إلابالله، نسألك العفو والعافية من كل سوء وشر في الدنيا والآخرة.. اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن ضغطة القبر ومن ضيق القبر، وأعوذ بك من سطوات الليل والنهار، اللهم رب المشعر الحرام، ورب البلد الحرام، ورب الحل والحرام، أبلغ محمدا وآل محمد عني السلام (2).
[الحديث: 673] قال الإمام الصادق: كان أبي (الإمام الباقر) يقول إذا أصبح: اللهم إني أعوذ بدرعك الحصينة، وأعوذ بجمعك أن تميتني غرقا أو حرقا أو شرقا، أو قودا أو صبرا أو مسما، أو ترديا في بئر، أو أكيل السبع، أو موت الفجأة، أو بشي ء من ميتات السوء، ولكن أمتني على فراشي في طاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وآله وسلم، مصيبا للحق غير مخطئ، أو في الصف الذي نعتهم في كتابك: ﴿يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: 4]) (3)
__________
(1) الأمالي للطوسي: ص 371.
(2) الكافي: 2/ 525.
(3) الكافي: 2/ 525.
معارج الذكر والدعاء (174)
[الحديث: 674] قال الإمام الصادق: كان أبي (الإمام الباقر) يقول إذا أصبح: أعيذ نفسي وولدي وما رزقني ربي بـ (قل أعوذ برب الفلق) ـ حتى يختم السورة ـ وأعيذ نفسي وولدي وما رزقني ربي ب (قل أعوذ برب الناس) حتى يختم السورة (1).
[الحديث: 675] قال الإمام الصادق: كان أبي (الإمام الباقر) يقول إذا أصبح: الحمد لله عدد ما خلق الله، والحمد لله مثل ما خلق الله، والحمد لله مل ء ما خلق الله، والحمد لله مداد كلماته، والحمد لله زنة عرشه، والحمد لله رضا نفسه، ولا إله إلا الله الحليم الكريم، ولا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات والأرضين، وما بينهما ورب العرش العظيم (2).
[الحديث: 676] قال الإمام الصادق: كان أبي (الإمام الباقر) يقول إذا أصبح: اللهم إني أعوذ بك من درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، وأعوذ بك من الفقر والوقر، وأعوذ بك من سوء المنظر في الأهل والمال والولد (3).
[الحديث: 677] قال الإمام الصادق: كان أبي (الإمام الباقر) إذا أصبح ويصلي على محمد وآل محمد عشر مرات (4).
[الحديث: 678] قال الإمام الباقر: تقول إذا أصبحت: أصبحت بالله مؤمنا على دين محمد وسنته، ودين علي وسنته، ودين الأوصياء وسنتهم، آمنت بسرهم وعلانيتهم وشاهدهم وغائبهم، وأعوذ بالله مما استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليٌ والأوصياء، وأرغب إلى الله فيما رغبوا إليه، ولا حول ولا قوة إلابالله (5).
__________
(1) الكافي: 2/ 525.
(2) الكافي: 2/ 525.
(3) الكافي: 2/ 525.
(4) الكافي: 2/ 525.
(5) الكافي: 2/ 522.
معارج الذكر والدعاء (175)
[الحديث: 679] قال الإمام الصادق: التعقيب بعد صلاة الفجر ـ يعني بالدعاء ـ أبلغ في طلب الرزق من الضارب في البلاد (1).
[الحديث: 680] قال الإمام الصادق: الجلوس بعد صلاة الغداة في التعقيب والدعاء حتى تطلع الشمس أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض (2).
[الحديث: 681] سئل الإمام الصادق عن قول الله عز وجل: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: 130] غروبها)، فقال: فريضةٌ على كل مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات وقبل غروبها عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حيٌ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قديرٌ.. قيل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، فقال: يا هذا، لا شك في أن الله يحيي ويميت، ويميت ويحيي، ولكن قل كما أقول (3).
[الحديث: 682] قال الإمام الصادق: الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، وهي ساعة إجابة (4).
[الحديث: 683] قال الإمام الصادق: إن الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، سنةٌ واجبةٌ مع طلوع الفجر والمغرب (5).
[الحديث: 684] قال الإمام الصادق: إذا كان قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فعليك بالدعاء، واجتهد ولا تمتنع بشيء تطلبه من ربك، ولا تقل: هذا ما لا أعطاه، وادع
__________
(1) دعائم الإسلام: 1/ 170.
(2) تهذيب الأحكام: 2/ 138، من لا يحضره الفقيه: 1/ 329.
(3) الخصال: ص 452.
(4) الكافي: 2/ 522.
(5) الكافي: 2/ 532.
معارج الذكر والدعاء (176)
فإن الله يفعل ما يشاء (1).
[الحديث: 685] سئل الإمام الصادق عن قول الله عز وجل: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: 130]، فقال: فريضةٌ على كل مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات وقبل غروبها عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حيٌ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شي ء قديرٌ (2).
[الحديث: 686] قال الإمام الصادق في قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ [الرعد: 15]: هو الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، وهي ساعة إجابة (3).
[الحديث: 687] قال الإمام الصادق: إذا تغيرت الشمس فاذكر الله عز وجل، وإن كنت مع قوم يشغلونك فقم وادع (4).
[الحديث: 688] قال الإمام الصادق: من قال إذا أصبح قبل أن تطلع الشمس، وإذا أمسى قبل أن تغرب الشمس: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأن الدين كما شرع، والإسلام كما وصف، والقول كما حدث، والكتاب كما أنزل، وأن الله هو الحق المبين)، وذكر محمدا وآل محمد بخير، وحيى محمدا وآل محمد بالسلام، فتح الله له ثمانية أبواب الجنة، وقيل له: ادخل من أي أبوابها شئت ومحا عنه خنا ذلك اليوم (5).
__________
(1) الزهد للحسين بن سعيد: ص 19.
(2) الخصال: ص 452، المحاسن: 1/ 99.
(3) الكافي: 2/ 522.
(4) الكافي: 2/ 524.
(5) الأمالي للمفيد: ص 84.
معارج الذكر والدعاء (177)
[الحديث: 689] قال الإمام الصادق: من قال عشر مرات قبل أن تطلع الشمس وقبل غروبها: (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حيٌ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شي ء قديرٌ)، كانت كفارة لذنوبه ذلك اليوم (1).
[الحديث: 690] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: قل: (أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأعوذ بالله أن يحضرون إن الله هو السميع العليم)، وقل: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يحيي ويميت وهو على كل شي ء قديرٌ)، فقال له رجلٌ: مفروضٌ هو؟ قال: نعم، مفروضٌ محدودٌ تقوله قبل طلوع الشمس وقبل الغروب عشر مرات، فإن فاتك شي ءٌ فاقضه من الليل والنهار (2).
[الحديث: 691] قال الإمام الصادق: إن الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها سنةٌ واجبةٌ مع طلوع الفجر والمغرب، تقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حيٌ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شي ء قديرٌ) عشر مرات، وتقول: (أعوذ بالله السميع العليم من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون، إن الله هو السميع العليم) عشر مرات، قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، فإن نسيت قضيت كما تقضي الصلاة إذا نسيتها (3).
[الحديث: 692] قال الإمام الصادق: ما على أحدكم أن يقول إذا أصبح وأمسى ـ ثلاث مرات ـ: اللهم مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وأجرني من النار برحمتك، اللهم امدد
__________
(1) الكافي: 2/ 518، من لا يحضره الفقيه: 1/ 335.
(2) الكافي: 2/ 533.
(3) الكافي: 2/ 532.
معارج الذكر والدعاء (178)
لي في عمري، وأوسع علي في رزقي، وانشر علي رحمتك، وإن كنت عندك في أم الكتاب شقيا فاجعلني سعيدا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب (1).
[الحديث: 693] قيل للإمام الصادق: علمني شيئا أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال: قل: الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره، الحمد لله كما يحب الله أن يحمد، الحمد لله كما هو أهله، اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد، وصلى الله على محمد وآل محمد (2).
[الحديث: 694] قال الإمام الصادق: تقول إذا أصبحت وأمسيت: أصبحنا والملك، والحمد، والعظمة، والكبرياء، والجبروت، والحلم، والعلم، والجلال، والجمال، والكمال، والبهاء، والقدرة، والتقديس، والتعظيم، والتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد، والسماح، والجود، والكرم، والمجد، والمن، والخير، والفضل، والسعة، والحول، والسلطان، والقوة، والعزة، والقدرة، والفتق، والرتق، والليل، والنهار، والظلمات، والنور، والدنيا والآخرة، والخلق جميعا، والأمر كله، وما سميت، وما لم اسم، وما علمت منه، وما لم أعلم، وما كان، وما هو كائنٌ، لله رب العالمين (3).
[الحديث: 695] قال الإمام الصادق: تقول إذا أصبحت وأمسيت: الحمد لله الذي أذهب بالليل، وجاء بالنهار وأنا في نعمة منه وعافية وفضل عظيم، الحمد لله الذي له ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم، والحمد لله الذي يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وهو عليمٌ بذات الصدور، اللهم بك نمسي وبك نصبح، وبك نحيا وبك نموت، وإليك نصير، وأعوذ بك أن أذل أو
__________
(1) فلاح السائل: ص 385، مصباح المتهجد: ص 108 وص 211.
(2) الكافي: 2/ 529.
(3) من لا يحضره الفقيه: 1/ 337.
معارج الذكر والدعاء (179)
اذل، أو أضل أو اضل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي، يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك وطاعة رسولك، اللهم لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (1).
[الحديث: 696] قال الإمام الصادق: تقول إذا أصبحت وأمسيت: (اللهم إن الليل والنهار خلقان من خلقك، فلا تبتليني فيهما بجرأة على معاصيك، ولا ركوب لمحارمك، وارزقني فيهما عملا متقبلا، وسعيا مشكورا وتجارة لن تبور (2).
[الحديث: 697] قال الإمام الصادق: من قال هذا حين يمسي حف بجناح من أجنحة جبريل عليه السلام حتى يصبح: أستودع الله العلي الأعلى الجليل العظيم نفسي ومن يعنيني أمره، أستودع الله نفسي المرهوب المخوف المتضعضع لعظمته كل شي ء (ثلاث مرات) (3).
[الحديث: 698] قال الإمام الصادق: من قال عند غروب الشمس في كل يوم: (يا من ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، اختم لي في يومي هذا بخير، وشهري بخير، وسنتي بخير، وعمري بخير)، فمات في تلك الليلة أو في الجمعة أو في ذلك الشهر أو في تلك السنة، دخل الجنة (4).
[الحديث: 699] قال الإمام الصادق: إذا أمسيت قل: اللهم إني أسألك عند إقبال ليلك وإدبار نهارك، وحضور صلواتك وأصوات دعائك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وادع بما أحببت (5).
__________
(1) من لا يحضره الفقيه: 1/ 337.
(2) من لا يحضره الفقيه: 1/ 337.
(3) الكافي: 2/ 523.
(4) فلاح السائل: ص 384.
(5) الكافي: 2/ 523.
معارج الذكر والدعاء (180)
[الحديث: 700] قال الإمام الصادق: إذا ادخل عليك الصباح فقل: اللهم اجعل لنا نورا نمشي به في الناس، ولا تحرمنا نورك يوم نلقاك، اللهم واجعل لنا نورا، إنك نورٌ، لا إله إلا أنت (1).
[الحديث: 701] قال الإمام الصادق: لا تدع أن تقول: (باسم الله وبالله) في كل صباح ومساء، فإن في ذلك إصرافا لكل سوء (2).
[الحديث: 702] قال الإمام الصادق: تقول: (أعوذ بالله السميع العليم من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون، إن الله هو السميع العليم) عشر مرات، قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، فإن نسيت قضيت كما تقضي الصلاة إذا نسيتها (3).
[الحديث: 703] قال الإمام الصادق: تقول إذا أصبحت وأمسيت: اللهم بك نمسي وبك نصبح، وبك نحيا وبك نموت وإليك نصير، وأعوذ بك من أن أذل أو اذل، أو أضل أو اضل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي (4).
[الحديث: 704] قال الإمام الصادق: إذا أصبحت فقل: اللهم إني أعوذ بك من شر ما خلقت وذرأت وبرأت في بلادك وعبادك، اللهم إني أسألك بجلالك وجمالك وحلمك وكرمك، كذا وكذا (5).
[الحديث: 705] قال الإمام الصادق في دعائه في الصباح: بسم الله الرحمن الرحيم، أصبحت بالله ممتنعا، وبعزته محتجبا، وبأسمائه عائذا من شر الشيطان والسلطان، ومن شر كل دابة ربي آخذٌ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم، ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ
__________
(1) مكارم الأخلاق: 2/ 43.
(2) المقنع: ص 543، الدعوات: ص 85.
(3) الكافي: 2/ 533 وح 32.
(4) من لا يحضره الفقيه: 1/ 337.
(5) الكافي: 2/ 527.
معارج الذكر والدعاء (181)
إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة: 129]، اللهم ارزقني من فضلك ولا تجعل لي حاجة إلى أحد من خلقك، اللهم ألبسني العافية وارزقني عليها الشكر، يا واحد يا أحد يا صمد، يا الله الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدٌ، يا الله يا رحمن يا رحيم، يا مالك الملك، ويا الله يا لا إله إلا أنت، اشفني بشفائك من كل داء وسقم، فإني عبدك وابن عبدك أتقلب في قبضتك (1).
[الحديث: 706] قال الإمام الكاظم: إذا أمسيت فنظرت إلى الشمس في غروب وإدبار فقل: (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريكٌ في الملك، الحمد لله الذي يصف ولا يوصف، ويعلم ولا يعلم، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أعوذ بوجه الله الكريم وباسم الله العظيم من شر ما ذرأ وما برأ، ومن شر ما تحت الثرى، ومن شر ما ظهر وما بطن، ومن شر ما كان في الليل والنهار، ومن شر أبي مرة وما ولد، ومن شر الرسيس، ومن شر ما وصفت وما لم أصف، فالحمد لله رب العالمين)، ذكر أنها أمانٌ من السبع ومن الشيطان الرجيم ومن ذريته (2).
__________
(1) الكافي: 2/ 524.
(2) الكافي: 2/ 532، المحاسن: 2/ 118.
معارج الذكر والدعاء (182)
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول الأذكار والأدعية الخاصة بـ[آناء الليل]، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة إلى الاهتمام بالليل، والتوجه إلى الله بأصناف العبادة فيه، كما قال تعالى في وصف المؤمنين الصادقين: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: 17 - 18]، وقال عنهم: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ [آل عمران: 17]
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 707] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من مسلم يبيت على ذكر طاهرا فيتعار من الليل، فيسأل الله خيرا من الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه (1).
[الحديث: 708] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا مضى شطر الليل أو ثلث الليل، أمر الله عز وجل مناديا فنادى: هل من داع يستجاب له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فيتاب عليه؟ (2).
[الحديث: 709] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يمهل، حتى إذا ذهب من الليل نصفه أو ثلثاه، قال: لا يسألن عبادي غيري، من يدعني أستجب له، من يسألني اعطه، من
__________
(1) أبو داوود: 6/ 310، أحمد: 8/ 262 وص 255 3.
(2) مسند أبي يعلى: 5/ 356، مسلم: 1/ 522.
معارج الذكر والدعاء (183)
يستغفرني أغفر له، حتى يطلع الفجر (1).
[الحديث: 710] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن في الليل لساعة لا يوافقها رجلٌ مسلمٌ يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة (2).
[الحديث: 711] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كان لداوود نبي الله من الليل ساعةٌ يوقظ فيها أهله فيقول: يا آل داود، قوموا فصلوا؛ فإن هذه ساعةٌ يستجيب الله فيها الدعاء، إلا لساحر أو عشار (3).
[الحديث: 712] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا بقي ثلث الليل قال تبارك وتعالى: من ذا الذي يستكشف الضر أكشف عنه؟ من ذا الذي يسترزقني أرزقه؟ من ذا الذي يسألني أعطيه (4).
[الحديث: 713] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، أي الليل أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر (5).
[الحديث: 714] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات (6).
[الحديث: 715] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، هل من ساعة أقرب من الأخرى أو هل من ساعة يبتغى ذكرها؟ قال: نعم، إن أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد جوف الليل الآخر؛ فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله عز وجل في تلك الساعة
__________
(1) ابن ماجة: 1/ 635، الدارمي: 1/ 370.
(2) مسلم: 1/ 521، أحمد: 5/ 68 وص 86.
(3) أحمد: 5/ 692 1، المعجم الكبير: 9/ 55.
(4) مسند الطيالسي: ص 329، كنز العمال: 2/ 113 عن الطبراني في الكبير وشعب الإيمان.
(5) أبو داوود: 2/ 25، أحمد: 6/ 683 9.
(6) الترمذي: 5/ 526، المصنف لعبد الرزاق: 2/ 626.
معارج الذكر والدعاء (184)
فكن (1).
[الحديث: 716] قال الإمام علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل يستاك ويقرأ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 190] (2).
[الحديث: 717] عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، ثم يقول: (لا إله إلا الله) ثلاثا، ثم يقول: (الله أكبر كبيرا) ثلاثا، (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه) ثم يقرأ (3).
[الحديث: 718] عن عاصم بن حميد: سألت عائشة: بأي شي ء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قيام الليل؟ فقالت: لقد سألتني عن شي ء ما سألني عنه أحدٌ قبلك؛ كان إذا قام كبر عشرا، وحمد الله عشرا، وسبح عشرا، وهلل عشرا، واستغفر عشرا، وقال: (اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني)، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة (4).
[الحديث: 719] عن ربيعة الجرشي، قال: سألت عائشة قلت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ إذا قام يصلي من الليل وبما كان يستفتح؟ قالت: كان يكبر عشرا، ويحمد عشرا، ويسبح عشرا، ويهلل عشرا، ويستغفر الله عشرا، ويقول: (اللهم اغفر لي، واهدني، وارزقني) عشرا، ويقول: (اللهم إني أعوذ بك من الضيق يوم الحساب) عشرا (5).
__________
(1) النسائي: 1/ 279، الترمذي: 5/ 570.
(2) التهجد لابن أبي الدنيا: ص 122.
(3) أبو داود: 1/ 206، الترمذي: 2/ 9، الدارمي: 1/ 299.
(4) أبو داود: 1/ 203، ابن ماجة: 1/ 431.
(5) النسائي: 6/ 218 6، أحمد: 9/ 475 6.
معارج الذكر والدعاء (185)
[الحديث: 720] عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة إلاوقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلاوقف فتعوذ، ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة (1).
[الحديث: 721] عن حذيفة بن اليمان، قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد العتمة، فقلت: يا رسول الله ائذن لي أن أتعبد بعبادتك الليلة، فذهب وذهبت معه إلى البئر، فأخذت ثوبه فسترت عليه ووليته ظهري، ثم أخذ ثوبي فستر علي حتى اغتسلت، ثم أتى المسجد فاستقبل القبلة وأقامني عن يمينه، ثم قرأ فاتحة الكتاب، ثم استفتح البقرة، لا يمر بآية رحمة إلاسأل، ولا آية خوف إلا استعاذ، ولا مثل إلا فكر، حتى ختمها، ثم كبر فركع، فسمعته يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) ويردد فيه شفتيه حتى أظن أنه يقول: (وبحمده)، فمكث في ركوعه قريبا من قيامه، ورفع رأسه ثم سجد، فسمعته يقول في سجوده: (سبحان ربى الأعلى) ويردد شفتيه، فأظن أنه يقول: (وبحمده) فمكث في سجوده قريبا من قيامه، ثم نهض حين فرغ من سجدتيه، فقرأ بفاتحة الكتاب، ثم استفتح آل عمران، لا يمر بآية رحمة إلاسأل، ولا آية خوف إلا استعاذ، ولا مثل إلافكر، حتى ختمها، ثم فعل في الركوع والسجود كفعله الأول، ثم سمعت النداء بالصبح، قال حذيفة: فما تعبدت بعبادة كانت أشد علي منها (2).
__________
(1) أبو داود: 1/ 231، السنن الكبرى: 2/ 439.
(2) حلية الأولياء: 6/ 128.
معارج الذكر والدعاء (186)
[الحديث: 722] عن ابن عباس، قال: بعثني العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتيته ممسيا وهو في بيت خالتي ميمونة، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل، فلما صلى الركعتين قبل الفجر قال: اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي، وترد بها ألفتي، وتصلح بها ديني، وتحفظ بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتبيض بها وجهي، وتلهمني بها رشدي، وتعصمني بها من كل سوء.. اللهم أعطني إيمانا صادقا، ويقينا ليس بعده كفرٌ، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة.. اللهم إني أسألك الفوز عند القضاء، ونزل الشهداء، وعيش السعداء، ومرافقة الأنبياء، والنصر على الأعداء.. اللهم أنزلت بك حاجتي، وإن قصر رأيي وضعف عملي وافتقرت إلى رحمتك، فأسألك يا قاضي الأمور، ويا شافي الصدور، كما تجير بين البحور، أن تجيرني من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور.. اللهم ما قصر عنه رأيي، وضعف عنه عملي، ولم تبلغه أمنيتي، من خير وعدته أحدا من عبادك، أو خير أنت معطيه أحدا من خلقك، فإني أرغب إليك فيه، وأسألك يا رب العالمين.. اللهم اجعلنا هادين مهديين، غير ضالين ولا مضلين، حربا لأعدائك، وسلما لأوليائك، نحب بحبك الناس، ونعادي بعداوتك من خالفك من خلقك.. اللهم هذا الدعاء وعليك الاستجابة، اللهم وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلابالله.. اللهم ذا الحبل الشديد، والأمر الرشيد، أسألك الأمن يوم الوعيد، والجنة يوم الخلود، مع المقربين الشهود، والركع السجود، والموفين بالعهود، إنك رحيمٌ ودودٌ، وإنك تفعل ما تريد.. سبحان الذي تعطف بالعز وقال به، سبحان الذي لا ينبغي الحمد إلاله، سبحان ذي العرش والبهاء، سبحان ذي المقدرة والكرم، سبحان الذي أحصى كل شي ء بعلمه.. اللهم اجعل لي نورا في قلبي، ونورا في قبري، ونورا في سمعي، ونورا في بصري، ونورا في شعري، ونورا في بشري، ونورا في
معارج الذكر والدعاء (187)
لحمي، ونورا في دمي، ونورا في عظامي، ونورا بين يدي، ونورا من خلفي، ونورا عن يميني، ونورا عن شمالي، ونورا من فوقي، ونورا من تحتي، اللهم زدني نورا، وأعظم لي نورا، واجعل لي نورا (1).
[الحديث: 723] عن أبي بن كعب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سلم في الوتر قال: سبحان الملك القدوس (2).
[الحديث: 724] عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: اللهم لك الحمد، أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت ملك السماوات والأرض، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حقٌ، وقولك حقٌ، والجنة حقٌ، والنار حقٌ، والنبيون حقٌ، ومحمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم حقٌ، والساعة حقٌ.. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت (3).
[الحديث: 725] عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (4).
__________
(1) الترمذي: 5/ 482، صحيح ابن خزيمة: 2/ 166.
(2) أبو داود: 2/ 65، النسائي: 6/ 183 5، أحمد: 8/ 24.
(3) البخاري: 1/ 377 و5/ 2328، مسلم: 1/ 532، أبو داود: 1/ 205.
(4) مسلم: 1/ 534، أبو داود: 1/ 204، الترمذي: 5/ 484.
معارج الذكر والدعاء (188)
[الحديث: 726] قال الإمام علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في آخر وتره: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك (1).
[الحديث: 727] قال الإمام علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في آخر وتره: اللهم اجعل في بصري نورا، ومن خلفي نورا، ومن تحتي نورا، ومن فوقي نورا، وعن يميني نورا، وأعظم لي نورا (2).
[الحديث: 728] قال الإمام الحسن: علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت (3).
[الحديث: 729] عن أبي محمد، أن الإمام الحسين كان يقول في قنوت الوتر: اللهم إنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الأعلى، وإن إليك الرجعى، وإن لك الآخرة والأولى، اللهم إنا نعوذ بك من أن نذل ونخزى (4).
[الحديث: 730] عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل: لم أخر يعقوب بنيه في الاستغفار؟ قال: أخرهم إلى السحر؛ لأن دعاء السحر مستجابٌ (5).
[الحديث: 731] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لما أسري بي إلى السماء نوديت يا محمد، ومن
__________
(1) أبو داود: 2/ 64، ابن ماجة: 1/ 373، النسائي: 3/ 249.
(2) الدعاء للطبراني: ص 238.
(3) أبو داود: 2/ 63، الترمذي: 2/ 328، ابن ماجة: 1/ 372.
(4) المصنف لابن أبي شيبة: 7/ 113 و2/ 200.
(5) الدر المنثور: 6/ 586 عن أبي الشيخ وابن مردويه، وتفسير القمي: 1/ 355.
معارج الذكر والدعاء (189)
كانت له حاجةٌ سرا ـ بالغة ما بلغت، إلي أو إلى غيري ـ فليدعني في جوف الليل خاليا (1).
[الحديث: 732] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن العبد إذا تخلى بسيده في جوف الليل المظلم وناجاه أثبت الله النور في قلبه، فإذا قال: يا رب يا رب، ناداه الجليل جل جلاله: لبيك عبدي، سلني أعطك، وتوكل علي أكفك (2).
[الحديث: 733] قيل للإمام الصادق: إن الناس يروون عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن في الليل لساعة لا يدعو فيها عبدٌ مؤمنٌ بدعوة إلا استجيب له؟ قال: نعم. قيل: متى هي؟ قال: ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي، قيل: ليلةٌ من الليالي أو كل ليلة؟ فقال: كل ليلة (3).
[الحديث: 734] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان آخر الليل يقول الله سبحانه وتعالى: هل من داع فاجيبه؟ هل من سائل فاعطيه سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ (4).
[الحديث: 735] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن العبد إذا تخلى بسيده في جوف الليل المظلم وناجاه، أثبت الله النور في قلبه، فإذا قال: (يا رب يا رب) ناداه الجليل جل جلاله: (لبيك عبدي سلني اعطك، وتوكل علي أكفك)، ثم يقول جل جلاله لملائكته: يا ملائكتي، انظروا إلى عبدي فقد تخلى بي في جوف الليل المظلم، والبطالون لاهون، والغافلون نيامٌ، اشهدوا أني قد غفرت له (5).
[الحديث: 736] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيت أم سلمة في ليلتها، ففقدته من الفراش، فدخلها من ذلك ما يدخل النساء، فقامت تطلبه في جوانب البيت،
__________
(1) البلد الأمين: ص 511.
(2) الأمالي للصدوق: ص 356.
(3) تهذيب الأحكام: 2/ 118، الأمالي للطوسي: ص 169.
(4) عدة الداعي: ص 60، الاصول الستة عشر: ص 69.
(5) الأمالي للصدوق: ص 354.
معارج الذكر والدعاء (190)
حتى انتهت إليه وهو في جانب من البيت قائمٌ رافعٌ يديه يبكي، وهو يقول: اللهم لا تنزع مني صالح ما أعطيتني أبدا، اللهم ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، اللهم لا تشمت بي عدوا ولا حاسدا أبدا، اللهم لا تردني في سوء استنقذتني منه أبدا.. فانصرفت أم سلمة تبكي حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبكائها، فقال لها: ما يبكيك يا أم سلمة؟ فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ولم لا أبكي وأنت بالمكان الذي أنت به من الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، تسأله أن لا يشمت بك عدوا أبدا، ولا حاسدا، وأن لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا، وأن لا ينزع عنك صالح ما أعطاك أبدا، وأن لا يكلك إلى نفسك طرفة عين أبدا، فقال: يا أم سلمة، وما يؤمنني؟ وإنما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين، فكان منه ما كان (1).
[الحديث: 737] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى العشاء الآخرة أمر بوضوئه وسواكه يوضع عند رأسه مخمرا، فيرقد ما شاء الله، ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي أربع ركعات، ثم يرقد، ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي أربع ركعات، ثم يرقد حتى إذا كان في وجه الصبح قام فأوتر، ثم صلى الركعتين، ثم قال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21] (2).
[الحديث: 738] قال الإمام الصادق في صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كان يؤتى بطهور فيخمر عند رأسه، ويوضع سواكه تحت فراشه، ثم ينام ما شاء الله، فإذا استيقظ جلس، ثم قلب بصره في السماء، ثم تلا الآيات من آل عمران ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 190]، ثم يستن ويتطهر، ثم يقوم إلى المسجد
__________
(1) تفسير القمي: 2/ 75.
(2) الكافي: 3/ 445، دعائم الإسلام: 2/ 211.
معارج الذكر والدعاء (191)
فيركع أربع ركعات على قدر قراءته ركوعه، وسجوده على قدر ركوعه، يركع حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ ويسجد حتى يقال: متى يرفع رأسه؟ ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السماء، ثم يستن ويتطهر، ويقوم إلى المسجد فيصلي أربع ركعات كما ركع قبل ذلك، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السماء، ثم يستن ويتطهر، ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلي الركعتين، ثم يخرج إلى الصلاة (1).
[الحديث: 739] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد شيئا من قيام الليل وأخذ مضجعه فليقل: (بسم الله، اللهم لا تؤمني مكرك، ولا تنسني ذكرك، ولا تجعلني من الغافلين، أقوم ساعة كذا وكذا)، إلا وكل الله عزو جل به ملكا ينبهه تلك الساعة (2).
[الحديث: 740] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من خاف أن ينام عن صلاة الليل فليقرأ عند منامه: اللهم ابعثني من مضجعي لذكرك وشكرك، وصلواتك واستغفارك، وتلاوة كتابك، وحسن عبادتك، يا أرحم الراحمين (3).
[الحديث: 741] قال الإمام الصادق: ما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من نوم إلا خر لله عز وجل ساجدا، وكان إذا نام تنام عيناه ولا ينام قلبه، ويقول: (إن قلبي ينتظر الوحي).. وكان إذا راعه شي ءٌ في منامه قال: (هو الله لا شريك له)، وكان كثير الرؤيا، ولا يرى رؤيا إلاجاءت مثل فلق الصبح، وكان إذا استيقظ من نومه يقول: (سبحان الذي يحى الموتى وهو على كل شي ء قدير). وإذا قام للصلاة قال: الحمد لله نور السماوات والأرض، والحمد لله قيوم السماوات والأرض، والحمد لله رب السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق،
__________
(1) تهذيب الأحكام: 2/ 334.
(2) الكافي: 2/ 540.
(3) إرشاد القلوب: ص 91.
معارج الذكر والدعاء (192)
وقولك الحق، ولقاؤك حقٌ، والجنة حقٌ، والنار حقٌ، والساعة حقٌ. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت، ثم يستاك قبل الوضوء (1).
[الحديث: 742] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: صل من الليل ولو قدر حلب شاة، وبالأسحار فادع، لا ترد لك دعوةٌ؛ فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ [آل عمران: 17] (2).
[الحديث: 743] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خير وقت دعوتم الله عز وجل فيه الأسحار، وتلا هذه الآية في قول يعقوب عليه السلام: ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يوسف: 98] وقال: أخرهم إلى السحر (3).
[الحديث: 744] سئل الإمام الصادق عن قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ [آل عمران: 17]، فقال: استغفر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وتره سبعين مرة (4).
[الحديث: 745] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستغفر الله في الوتر سبعين مرة ويقول: (هذا مقام العائذ بك من النار) سبع مرات (5).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
__________
(1) مكارم الأخلاق: 2/ 50 - 2125.
(2) مكارم الأخلاق: 2/ 56.
(3) الكافي: 2/ 677.
(4) تفسير العياشي: 1/ 165، تهذيب الأحكام: 2/ 130.
(5) من لا يحضره الفقيه: 1/ 489.
معارج الذكر والدعاء (193)
[الحديث: 746] قال الإمام علي: إن داود قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنها لساعةٌ لا يدعو فيها عبدٌ إلا استيجب له، إلا أن يكون عشارا أو عريفا أو شرطيا، أو صاحب عرطبة أو صاحب كوبة (1).
[الحديث: 747] قال الإمام علي في دعائه في قنوت الوتر: اللهم خلقتني بتقدير وتدبير وتبصير بغير تقصير، وأخرجتني من ظلمات ثلاث بحولك وقوتك، أحاول الدنيا ثم أزاولها ثم أزايلها، وآتيتني فيها الكلأ والمرعى، وبصرتني فيها الهدى، فنعم الرب أنت ونعم المولى، فيا من كرمني وشرفني ونعمني، أعوذ بك من الزقوم، وأعوذ بك من الحميم، وأعوذ بك من مقيل في النار، بين أطباق النار، في ظلال النار، يوم النار، يا رب النار.. اللهم إني أسألك مقيلا في الجنة بين أنهارها وأشجارها، وثمارها وريحانها، وخدمها وأزواجها، اللهم إني أسألك خير الخير: رضوانك والجنة، وأعوذ بك من شر الشر: سخطك والنار.. هذا مقام العائذ بك من النار ـ ثلاث مرات ـ.. اللهم اجعل خوفك في جسدي كله، واجعل قلبي أشد مخافة لك مما هو، واجعل لي في كل يوم وليلة حظا ونصيبا من عمل بطاعتك، واتباع مرضاتك.. اللهم أنت منتهى غايتي ورجائي، ومسألتي وطلبتي، أسألك يا إلهي كمال الإيمان، وتمام اليقين، وصدق التوكل عليك، وحسن الظن بك.. يا سيدي، اجعل إحساني مضاعفا، وصلاتي تضرعا، ودعائي مستجابا، وعملي مقبولا، وسعيي مشكورا، وذنبي مغفورا، ولقني منك نضرة وسرورا (2).
__________
(1) نهج البلاغة: الحكمة 106، حلية الأولياء: 1/ 79.
(2) من لا يحضره الفقيه: 1/ 491.
معارج الذكر والدعاء (194)
[الحديث: 748] كان الإمام السجاد يقول: (العفو العفو) ثلاثمئة مرة في الوتر في السحر (1).
[الحديث: 749] عن أبي حمزة الثمالي، قال: كان الإمام السجاد يقول في آخر وتره وهو قائمٌ: رب، أسأت وظلمت نفسي، وبئس ما صنعت، وهذه يداي جزاء بما صنعتا.. ثم يبسط يديه جميعا قدام وجهه ويقول: وهذه رقبتي خاضعةٌ لك لما أتت.. ثم يطأطئ رأسه ويخضع برقبته، ثم يقول: وها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتى ترضى، لك العتبى، لا أعود، لا أعود، لا أعود (2).
[الحديث: 750] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي لا تؤدبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلامن عندك، ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلابك، لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك ولا الذي أساء واجترأ عليك ولم يرضك خرج عن قدرتك، يا رب يا رب يا رب ـ حتى ينقطع النفس ـ بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدر ما أنت (3).
[الحديث: 751] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت بخيلا حين يستقرضني، والحمد لله الذي أناديه كلما شئت لحاجتي وأخلو به حيث شئت لسري بغير شفيع فيقضي لي حاجتي (4).
[الحديث: 752] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: الحمد لله الذي لا أدعو غيره، ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي، والحمد لله الذي لا أرجو غيره، ولو رجوت
__________
(1) من لا يحضره الفقيه: 1/ 489.
(2) من لا يحضره الفقيه: 1/ 491.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (195)
غيره لأخلف رجائي، والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني ولم يكلني إلى الناس فيهينوني، والحمد لله الذي تحبب إلي وهو غنيٌ عني، والحمد لله الذي يحلم عني حتى كأني لاذنب لي، فربي أحمد شي ء عندي وأحق بحمدي (1).
[الحديث: 753] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة، ومناهل الرجاء إليك مترعة، والاستعانة بفضلك لمن أملك مباحة، وأبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة، وأعلم أنك للراجين بموضع إجابة وللملهوفين بمرصد إغاثة، وأن في اللهف إلى جودك والرضا بقضائك عوضا من منع الباخلين ومندوحة عما في أيدي المستأثرين، وأن الراحل إليك قريب المسافة، وأنك لا تحتجب عن خلقك إلاأن تحجبهم الأعمال دونك، وقد قصدت إليك بطلبتي وتوجهت إليك بحاجتي، وجعلت بك استغاثتي وبدعائك توسلي من غير استحقاق لاستماعك مني ولا استيجاب لعفوك عني، بل لثقتي بكرمك وسكوني إلى صدق وعدك ولجئي إلى الإيمان بتوحيدك، ويقيني بمعرفتك مني ألا رب لي غيرك، ولا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك (2).
[الحديث: 754] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم أنت القائل وقولك حقٌ ووعدك صدقٌ: ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [النساء: 32]، وليس من صفاتك يا سيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية، وأنت المنان بالعطيات على أهل مملكتك والعائد عليهم بتحنن رأفتك (3).
[الحديث: 755] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا ونوهت باسمي كبيرا، فيا من رباني في الدنيا بإحسانه وتفضله ونعمه،
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (196)
وأشار لي في الآخرة إلى عفوه وكرمه، معرفتي يا مولاي دليلي عليك، وحبي لك شفيعي إليك، وأنا واثقٌ من دليلي بدلالتك وساكنٌ من شفيعي إلى شفاعتك (1).
[الحديث: 756] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: أدعوك يا سيدي بلسان قد أخرسه ذنبه، رب أناجيك بقلب قد أوبقه جرمه، أدعوك يا رب راهبا راغبا راجيا خائفا، إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت، وإذا رأيت كرمك طمعت، فإن عفوت فخير راحم، وإن عذبت فغير ظالم (2).
[الحديث: 757] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: حجتي يا ألله في جرأتي على مسألتك مع إتياني ما تكره: جودك وكرمك، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي: رأفتك ورحمتك، وقد رجوت ألا تخيب بين ذين وذين منيتي، فحقق رجائي واسمع دعائي يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج (3).
[الحديث: 758] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: عظم يا سيدي أملي وساء عملي، فأعطني من عفوك بمقدار أملي ولا تؤاخذني بأسوء عملي، فإن كرمك يجل عن مجازاة المذنبين، وحلمك يكبر عن مكافاة المقصرين، وأنا يا سيدي عائذٌ بفضلك هاربٌ منك إليك، متنجزٌ ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا، وما أنا يا رب وما خطري، هبني بفضلك وتصدق علي بعفوك (4).
[الحديث: 759] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: أي رب جللني بسترك واعف عن توبيخي بكرم وجهك، فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته، لا لأنك أهون الناظرين إلي وأخف المطلعين علي، بل لأنك يا
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (197)
رب خير الساترين وأحكم الحاكمين وأكرم الأكرمين، ستار العيوب غفار الذنوب علام الغيوب، تستر الذنب بكرمك وتؤخر العقوبة بحلمك، فلك الحمد على حلمك بعد علمك وعلى عفوك بعد قدرتك، ويحملني ويجرئني على معصيتك حلمك عني، ويدعوني إلى قلة الحياء سترك علي، ويسرعني إلى التوثب على محارمك معرفتي بسعة رحمتك وعظيم عفوك (1).
[الحديث: 760] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: يا حليم يا كريم، يا حي يا قيوم، يا غافر الذنب يا قابل التوب، يا عظيم المن يا قديم الإحسان، أين سترك الجميل؟ أين عفوك الجليل؟ أين فرجك القريب؟ أين غياثك السريع؟ أين رحمتك الواسعة؟ أين عطاياك الفاضلة؟ أين مواهبك الهنيئة؟ أين صنائعك السنية؟ أين فضلك العظيم؟ أين منك الجسيم؟ أين إحسانك القديم؟ أين كرمك يا كريم؟ به فاستنقذني وبرحمتك فخلصني (2).
[الحديث: 761] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: يا محسن يا مجمل، يا منعم يا مفضل، لسنا نتكل في النجاة من عقابك على أعمالنا، بل بفضلك علينا لأنك أهل التقوى وأهل المغفرة، تبدئ بالإحسان نعما وتعفو عن الذنب كرما، فما ندري ما نشكر، أجميل ما تنشر أم قبيح ما تستر؟ أم عظيم ما أبليت وأوليت؟ أم كثير ما منه نجيت وعافيت؟ (3).
[الحديث: 762] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: يا حبيب من تحبب إليك، ويا قرة عين من لاذ بك وانقطع إليك، أنت المحسن ونحن المسيؤون، فتجاوز يا رب عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك، وأي جهل يا رب لا يسعه جودك، أو أي زمان أطول من
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (198)
أناتك، وما قدر أعمالنا في جنب نعمك، وكيف نستكثر أعمالا نقابل بها كرمك، بل كيف يضيق على المذنبين ما وسعهم من رحمتك (1).
[الحديث: 763] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، فوعزتك يا سيدي لو نهرتني ما برحت من بابك ولا كففت عن تملقك لما انتهى إلي من المعرفة بجودك وكرمك، وأنت الفاعل لما تشاء، تعذب من تشاء بما تشاء كيف تشاء، وترحم من تشاء بما تشاء كيف تشاء، لا تسأل عن فعلك، ولا تنازع في ملكك، ولا تشارك في أمرك، ولا تضاد في حكمك ولا يعترض عليك أحدٌ في تدبيرك، لك الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين (2).
[الحديث: 764] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: يا رب هذا مقام من لاذ بك واستجار بكرمك وألف إحسانك ونعمك، وأنت الجواد الذي لا يضيق عفوك ولا ينقص فضلك ولا تقل رحمتك، وقد توثقنا منك بالصفح القديم والفضل العظيم والرحمة الواسعة، أفتراك يا رب تخلف ظنوننا أو تخيب آمالنا؟ كلا يا كريم ليس هذا ظننا بك ولا هذا فيك طمعنا (3).
[الحديث: 765] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: يا رب، إن لنا فيك أملا طويلا كثيرا، إن لنا فيك رجاء عظيما، عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا، ودعوناك ونحن نرجو أن تستجيب لنا، فحقق رجاءنا مولانا فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا، ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك لا تصرفنا عنك حثنا على الرغبة إليك، وإن كنا غير مستوجبين لرحمتك
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (199)
فأنت أهلٌ أن تجود علينا وعلى المذنبين بفضل سعتك، فامنن علينا بما أنت أهله وجد علينا فإنا محتاجون إلى نيلك (1).
[الحديث: 766] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: يا غفار بنورك اهتدينا، وبفضلك استغنينا، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا، ذنوبنا بين يديك نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك، تتحبب إلينا بالنعم ونعارضك بالذنوب، خيرك إلينا نازلٌ وشرنا إليك صاعدٌ، ولم يزل ولا يزال ملكٌ كريمٌ يأتيك عنا بعمل قبيح فلا يمنعك ذلك أن تحوطنا بنعمك وتتفضل علينا بآلائك، فسبحانك ما أحلمك وأعظمك وأكرمك مبدئا ومعيدا، تقدست أسماؤك وجل ثناؤك وكرم صنائعك وفعالك، أنت إلهي أوسع فضلا وأعظم حلما من أن تقايسني بفعلي وخطيئتي، فالعفو العفو سيدي سيدي سيدي (2).
[الحديث: 767] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم اشغلنا بذكرك، وأعذنا من سخطك وأجرنا من عذابك، وارزقنا من مواهبك، وأنعم علينا من فضلك، وارزقنا حج بيتك وزيارة قبر نبيك صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليه وعلى أهل بيته إنك قريبٌ مجيبٌ، وارزقنا عملا بطاعتك، وتوفنا على ملتك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم (3).
[الحديث: 768] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا، اجزهما بالإحسان إحسانا وبالسيئات غفرانا (4).
[الحديث: 769] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، وتابع بيننا وبينهم في الخيرات (5).
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(5) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (200)
[الحديث: 770] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم اغفر لحينا وميتنا، شاهدنا وغائبنا، ذكرنا وانثانا، صغيرنا وكبيرنا، حرنا ومملوكنا (1).
[الحديث: 771] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا (2).
[الحديث: 772] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم اختم لي بخير واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي ولا تسلط علي من لا يرحمني، واجعل علي منك واقية باقية، ولا تسلبني صالح ما أنعمت به علي، وارزقني من فضلك رزقا واسعا حلالا طيبا (3).
[الحديث: 773] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم احرسني بحراستك واحفظني بحفظك واكلأني بكلاءتك، وارزقني حج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كل عام وزيارة قبر نبيك، ولا تخلني يا رب من تلك المشاهد الشريفة والمواقف الكريمة (4).
[الحديث: 774] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم تب علي حتى لا أعصيك وألهمني الخير والعمل به، وخشيتك بالليل والنهار ما أبقيتني يا رب العالمين (5).
[الحديث: 775] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم إني كلما قلت: قد تهيأت وتعبأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك، ألقيت علي نعاسا إذا أنا صليت، وسلبتني مناجاتك إذا أنا ناجيت، ما لي كلما قلت: قد صلحت سريرتي وقرب من مجالس التوابين مجلسي، عرضت لي بليةٌ أزالت قدمي وحالت بيني وبين خدمتك.. سيدي لعلك
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(5) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (201)
عن بابك طردتني وعن خدمتك نحيتني، أو لعلك رأيتني مستخفا بحقك فأقصيتني، أو لعلك رأيتني معرضا عنك فقليتني، أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني، أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني، أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني، أو لعلك رأيتني في الغافلين فمن رحمتك آيستني، أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني، أو لعلك لم تحب أن تسمع دعائي فباعدتني، أو لعلك بجرمي وجريرتي كافيتني، أو لعلك بقلة حيائي منك جازيتني، فإن عفوت يا رب فطالما عفوت عن المذنبين قبلي؛ لأن كرمك أي رب يجل عن مجازاة المذنبين، وحلمك يكبر عن مكافاة المقصرين، وأنا عائذٌ بفضلك هاربٌ منك إليك، متنجزٌ ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا (1).
[الحديث: 776] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي أنت أوسع فضلا وأعظم حلما من أن تقايسني بعملي، أو أن تستزلني بخطيئتي، وما أنا يا سيدي وما خطري؟، هبني بفضلك سيدي، وتصدق علي بعفوك وجللني بسترك، واعف عن توبيخي بكرم وجهك (2).
[الحديث: 777] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: سيدي أنا الصغير الذي ربيته، وأنا الجاهل الذي علمته، وأنا الضال الذي هديته، وأنا الوضيع الذي رفعته، وأنا الخائف الذي آمنته، والجائع الذي أشبعته، والعطشان الذي أرويته، والعاري الذي كسوته والفقير الذي أغنيته، والضعيف الذي قويته، والذليل الذي أعززته، والسقيم الذي شفيته،
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (202)
والسائل الذي أعطيته، والمذنب الذي سترته والخاطئ الذي أقلته، وأنا القليل الذي كثرته، والمستضعف الذي نصرته، وأنا الطريد الذي آويته (1).
[الحديث: 778] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: أنا يا رب الذي لم أستحيك في الخلاء ولم أراقبك في الملأ، أنا صاحب الدواهي العظمى، أنا الذي على سيده اجترى، أنا الذي عصيت جبار السماء، أنا الذي أعطيت على معاصي الجليل الرشا، أنا الذي حين بشرت بها خرجت إليها أسعى، أنا الذي أمهلتني فما ارعويت، وسترت علي فما استحييت، وعملت بالمعاصي فتعديت، وأسقطتني من عينك فما باليت، فبحلمك أمهلتني وبسترك سترتني، حتى كأنك أغفلتني، ومن عقوبات المعاصي جنبتني حتى كأنك استحييتني (2).
[الحديث: 779] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحدٌ، ولا بأمرك مستخفٌ، ولا لعقوبتك متعرضٌ، ولا لوعيدك متهاونٌ، لكن خطيئةٌ عرضت وسولت لي نفسي وغلبني هواي وأعانتني عليها شقوتي، وغرني سترك المرخى علي، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي، فالآن من عذابك من يستنقذني؟ ومن أيدي الخصماء غدا من يخلصني؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني؟ فوا سوأتا على ما أحصى كتابك من عملي الذي لولا ما أرجو من كرمك وسعة رحمتك، ونهيك إياي عن القنوط لقنطت عندما أتذكرها، يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج (3).
[الحديث: 780] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم بذمة الإسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبحب النبي الامي القرشي الهاشمي العربي
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (203)
التهامي المكي المدني أرجو الزلفة لديك، فلا توحش استيناس إيماني، ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك، فإن قوما آمنوا بألسنتهم ليحقنوا به دماءهم فأدركوا ما أملوا، وإنا آمنا بك بألسنتنا وقلوبنا لتعفو عنا فأدركنا ما أملنا، وثبت رجاءك في صدورنا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (1).
[الحديث: 781] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: وعزتك لو انتهرتني ما برحت من بابك ولا كففت عن تملقك لما ألهم قلبي من المعرفة بكرمك وسعة رحمتك، إلى من يذهب العبد إلا إلى مولاه، وإلى من يلتجئ المخلوق إلا إلى خالقه (2).
[الحديث: 782] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي لو قرنتني بالأصفاد، ومنعتني سيبك من بين الأشهاد، ودللت على فضائحي عيون العباد، وأمرت بي إلى النار وحلت بيني وبين الأبرار، ما قطعت رجائي منك وما صرفت تأميلي للعفو عنك، ولا خرج حبك من قلبي، أنا لا أنسى أياديك عندي وسترك علي في دار الدنيا (3).
[الحديث: 783] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: سيدي أخرج حب الدنيا من قلبي، واجمع بيني وبين المصطفى وآله خيرتك من خلقك وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسلم، وانقلني إلى درجة التوبة إليك، وأعني بالبكاء على نفسي فقد أفنيت بالتسويف والآمال عمري، وقد نزلت منزلة الآيسين من خيري (4).
[الحديث: 784] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي.. من يكون أسوأ حالا مني إن أنا نقلت على مثل حالي إلى قبري، لم أمهده لرقدتي ولم أفرشه بالعمل الصالح لضجعتي، وما لي لا أبكي وما أدري إلى ما يكون مصيري، وأرى نفسي تخادعني وأيامي
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (204)
تخاتلني؟ وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت، فما لي لا أبكي؟، أبكي لخروج نفسي، أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر ونكير إياي، أبكي لخروجي من قبري عريانا ذليلا حاملا ثقلي على ظهري، أنظر مرة عن يميني واخرى عن شمالي، إذ الخلائق في شأن غير شأني، لكل امرى منهم يومئذ شأنٌ يغنيه، وجوهٌ يومئذ مسفرةٌ ضاحكةٌ مستبشرةٌ، ووجوهٌ يومئذ عليها غبرةٌ ترهقها قترةٌ وذلةٌ (1).
[الحديث: 785] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: سيدي عليك معولي ومعتمدي ورجائي وتوكلي، وبرحمتك تعلقي، تصيب برحمتك من تشاء وتهدي بكرامتك من تحب، فلك الحمد على ما نقيت من الشرك قلبي، ولك الحمد على بسط لساني، أفبلساني هذا الكال أشكرك؟ أم بغاية جهدي في عملي ارضيك؟ وما قدر لساني يا رب في جنب شكرك وما قدر عملي في جنب نعمك وإحسانك إلي (2).
[الحديث: 786] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي إن جودك بسط أملي، وشكرك قبل عملي، سيدي إليك رغبتي وإليك رهبتي وإليك تأميلي، قد ساقني إليك أملي وعليك يا واحدي علقت همتي وفيما عندك انبسطت رغبتي، ولك خالص رجائي وخوفي، وبك أنست محبتي وإليك ألقيت بيدي، وبحبل طاعتك مددت رهبتي (3).
[الحديث: 787] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: مولاي بذكرك عاش قلبي، وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني، فيا مولاي ويا مؤملي ويا منتهى سؤلي، فرق بيني وبين ذنبي المانع لي من لزوم طاعتك، فإنما أسألك لقديم الرجاء فيك وعظيم الطمع منك،
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (205)
الذي أوجبته على نفسك من الرأفة والرحمة، فالأمر لك وحدك، والخلق كلهم عيالك وفي قبضتك، وكل شي ء خاضعٌ لك تباركت يا رب العالمين (1).
[الحديث: 788] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي ارحمني إذا انقطعت حجتي، وكل عن جوابك لساني وطاش عند سؤالك إياي لبي، فيا عظيم رجائي لا تخيبني إذا اشتدت فاقتي، ولا تردني لجهلي، ولا تمنعني لقلة صبري، أعطني لفقري وارحمني لضعفي (2).
[الحديث: 789] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: سيدي عليك معتمدي ومعولي ورجائي وتوكلي، وبرحمتك تعلقي وبفنائك أحط رحلي، ولجودك أقصد طلبتي، وبكرمك أي رب أستفتح دعائي، ولديك أرجو غنى فاقتي، وبغناك أجبر عيلتي، وتحت ظل عفوك قيامي، وإلى جودك وكرمك أرفع بصري، وإلى معروفك أديم نظري، فلا تحرقني بالنار وأنت موضع أملي، ولا تسكني الهاوية فإنك قرة عيني (3).
[الحديث: 790] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: سيدي لا تكذب ظني بإحسانك ومعروفك، فإنك ثقتي ولا تحرمني ثوابك فإنك العارف بفقري (4).
[الحديث: 791] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي إن كان قد دنا أجلي ولم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف إليك بذنبي وسائل عللي (5).
[الحديث: 792] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي إن عفوت فمن أولى منك؟ وإن عذبت فمن أعدل منك في الحكم؟ (6).
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(5) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(6) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (206)
[الحديث: 793] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: ارحم في هذه الدنيا غربتي، وعند الموت كربتي، وفي القبر وحدتي، وفي اللحد وحشتي، وإذا نشرت للحساب بين يديك ذل موقفي، واغفر لي ما خفي على الآدميين من عملي، وأدم لي ما به سترتني، وارحمني صريعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وتفضل علي ممدودا على المغتسل يقلبني صالح جيرتي، وتحنن علي محمولا قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي، وجد علي منقولا قد نزلت بك وحيدا في حفرتي، وارحم في ذلك البيت الجديد غربتي حتى لا أستأنس بغيرك (1).
[الحديث: 794] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: سيدي إن وكلتني إلى نفسي هلكت، سيدي فبمن أستغيث إن لم تقلني عثرتي؟ فإلى من أفزع إن فقدت عنايتك في ضجعتي؟ وإلى من ألتجئ إن لم تنفس كربتي؟ سيدي من لي ومن يرحمني إن لم ترحمني؟ وفضل من أؤمل إن عدمت فضلك يوم فاقتي؟ وإلى من الفرار من الذنوب إذا انقضى أجلي؟ (2).
[الحديث: 795] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: سيدي لا تعذبني وأنا أرجوك.. إلهي حقق رجائي وآمن خوفي فإن كثرة ذنوبي لا أرجو فيها إلاعفوك (3).
[الحديث: 796] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: سيدي أنا أسألك ما لا أستحق وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة فاغفر لي، وألبسني من نظرك ثوبا يغطي علي التبعات وتغفرها لي ولا اطالب بها، إنك ذو من قديم وصفح عظيم وتجاوز كريم (4).
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (207)
[الحديث: 797] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي أنت الذي تفيض سيبك على من لا يسألك وعلى الجاحدين بربوبيتك، فكيف سيدي بمن سألك وأيقن أن الخلق لك والأمر إليك؟ تباركت وتعاليت يا رب العالمين (1).
[الحديث: 798] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: سيدي عبدك ببابك أقامته الخصاصة بين يديك، يقرع باب إحسانك بدعائه ويستعطف جميل نظرك بمكنون رجائه، فلا تعرض بوجهك الكريم عني واقبل مني ما أقول، فقد دعوتك بهذا الدعاء وأنا أرجو ألا تردني معرفة مني برأفتك ورحمتك.. إلهي أنت الذي لايحفيك سائلٌ ولا ينقصك نائلٌ؛ أنت كما تقول وفوق ما نقول (2).
[الحديث: 799] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم إني أسألك صبرا جميلا وفرجا قريبا وقولا صادقا وأجرا عظيما، أسألك يا رب من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم.. أسألك اللهم من خير ما سألك منه عبادك الصالحون (3).
[الحديث: 800] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: يا خير من سئل وأجود من أعطى، أعطني سؤلي في نفسي وأهلي ووالدي وولدي وأهل حزانتي وإخواني فيك، وأرغد عيشي وأظهر مروتي وأصلح جميع أحوالي، واجعلني ممن أطلت عمره وحسنت عمله، وأتممت عليه نعمتك ورضيت عنه، وأحييته حياة طيبة في أدوم السرور وأسبغ الكرامة وأتم العيش، إنك تفعل ما تشاء ولا يفعل ما يشاء غيرك (4).
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (208)
[الحديث: 801] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم خصني منك بخاصة ذكرك، ولا تجعل شيئا مما أتقرب به في آناء الليل وأطراف النهار رياء ولا سمعة ولا أشرا ولا بطرا واجعلني لك من الخاشعين (1).
[الحديث: 802] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم أعطني السعة في الرزق، والأمن في الوطن، وقرة العين في الأهل والمال والولد والمقام في نعمك عندي، والصحة في الجسم والقوة في البدن والسلامة في الدين، واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وآله وسلم أبدا ما استعمرتني، واجعلني من أوفر عبادك عندك نصيبا في كل خير أنزلته وتنزله في شهر رمضان في ليلة القدر وما أنت منزله في كل سنة، من رحمة تنشرها وعافية تلبسها وبلية تدفعها وحسنات تتقبلها وسيئات تتجاوز عنها، وارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام، وارزقني رزقا واسعا من فضلك الواسع، واصرف عني يا سيدي الأسواء، واقض عني الدين والظلامات حتى لا أتأذى بشي ء منه، وخذ عني بأسماع وأبصار أعدائي وحسادي والباغين علي وانصرني عليهم، وأقر عيني وفرح قلبي، واجعل لي من همي وكربي فرجا ومخرجا، واجعل من أرادني بسوء من جميع خلقك تحت قدمي، واكفني شر الشيطان وشر السلطان وسيئات عملي، وطهرني من الذنوب كلها، وأجرني من النار بعفوك وأدخلني الجنة برحمتك، وألحقني بأوليائك الصالحين محمد وآله الأبرار الطيبين الطاهرين الأخيار صلواتك عليهم وعلى أجسادهم وأرواحهم ورحمة الله وبركاته (2).
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (209)
[الحديث: 803] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي وسيدي وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بعفوك، ولئن طالبتني بلؤمي لاطالبنك بكرمك، ولئن أدخلتني النار لاخبرن أهل النار بحبي لك (1).
[الحديث: 804] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي وسيدي إن كنت لا تغفر إلا لأوليائك وأهل طاعتك فإلى من يفزع المذنبون؟ وإن كنت لاتكرم إلاأهل الوفاء بك فبمن يستغيث المسيؤون؟ (2).
[الحديث: 805] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك، وإن أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك، وأنا والله أعلم أن سرور نبيك أحب إليك من سرور عدوك (3).
[الحديث: 806] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم إني أسألك أن تملأ قلبي حبا لك وخشية منك وتصديقا لك وإيمانا بك وفرقا منك وشوقا إليك، يا ذا الجلال والإكرام، حبب إلي لقاءك وأحبب لقائي، واجعل لي في لقائك الراحة والفرج والكرامة (4).
[الحديث: 807] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم ألحقني بصالح من مضى واجعلني من صالح من بقي، وخذ بي سبيل الصالحين وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم، واختم عملي بأحسنه واجعل ثوابي منه الجنة برحمتك، وأعني على صالح ما أعطيتني، وثبتني يا رب ولا تردني في سوء استنقذتني منه يا رب العالمين (5).
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(5) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (210)
[الحديث: 808] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم إني أسألك إيمانا لا أجل له دون لقائك، أحيني ما أحييتني عليه وتوفني إذا توفيتني عليه، وابعثني إذا بعثتني عليه وأبرئ قلبي من الرياء والشك والسمعة في دينك حتى يكون عملي خالصا لك (1).
[الحديث: 809] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم أعطني بصيرة في دينك وفهما في حكمك وفقها في علمك، وكفلين من رحمتك وورعا يحجزني عن معاصيك وبيض وجهي بنورك واجعل رغبتي فيما عندك، وتوفني في سبيلك وعلى ملة رسولك صلى الله عليه وآله وسلم (2).
[الحديث: 810] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم إني أعوذ بك من الكسل والفشل والهم والجبن والبخل والغفلة والقسوة والذلة والمسكنة والفقر والفاقة وكل بلية، والفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأعوذ بك من نفس لا تقنع وبطن لا يشبع وقلب لا يخشع ودعاء لا يسمع وعمل لاينفع، وأعوذ بك يا رب على نفسي وديني ومالي وعلى جميع ما رزقتني من الشيطان الرجيم إنك أنت السميع العليم (3).
[الحديث: 811] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم إنه لا يجيرني منك أحدٌ ولا أجد من دونك ملتحدا، فلا تجعل نفسي في شي ء من عذابك، ولا تردني بهلكة ولا تردني بعذاب أليم (4).
[الحديث: 812] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم تقبل مني وأعل ذكري وارفع درجتي وحط وزري ولا تذكرني بخطيئتي، واجعل ثواب مجلسي وثواب
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
معارج الذكر والدعاء (211)
منطقي وثواب دعائي رضاك والجنة، أعطني يا رب جميع ما سألتك وزدني من فضلك، إني إليك راغبٌ يا رب العالمين (1).
[الحديث: 813] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم إنك أنزلت في كتابك أن نعفو عمن ظلمنا، وقد ظلمنا أنفسنا فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا، وأمرتنا ألا نرد سائلا عن أبوابنا وقد جئتك سائلا فلا تردني إلابقضاء حاجتي، وأمرتنا بالإحسان إلى ما ملكت أيماننا ونحن أرقاؤك فأعتق رقابنا من النار (2).
[الحديث: 814] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: يا مفزعي عند كربتي، ويا غوثي عند شدتي، إليك فزعت وبك استغثت ولذت، لا ألوذ بسواك ولا أطلب الفرج إلامنك، فصل على محمد وآل محمد فأغثني وفرج عني، يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير واعف عني الكثير إنك أنت الرحيم الغفور (3).
[الحديث: 815] قال الإمام السجاد في دعائه في السحر: اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي، ويقينا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلاما كتبت لي، ورضني من العيش بما قسمت لي يا أرحم الراحمين (4).
[الحديث: 816] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: تعرض للرحمة وعفو الله بحسن المراجعة، واستعن على حسن المراجعة بخالص الدعاء والمناجاة في الظلم (5).
[الحديث: 817] قال الإمام الباقر: ينادي مناد حين يمضي ثلث الليل: يا باغي الخير
__________
(1) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(2) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(3) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(4) مصباح المتهجد: ص 582 ح 691.
(5) تحف العقول: ص 285، بحار الأنوار: 78/ 166.
معارج الذكر والدعاء (212)
أقبل، يا طالب الشر أقصر، هل من تائب يتاب عليه؟ هل من مستغفر يغفر له؟ هل من سائل فيعطى؟ حتى تطلع الشمس (1).
[الحديث: 818] قال الإمام الباقر: إذا قمت بالليل من منامك فقل: الحمد لله الذي رد علي روحي لأحمده وأعبده.. فإذا سمعت صوت الديوك فقل: سبوحٌ قدوسٌ رب الملائكة والروح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، عملت سوءا، وظلمت نفسي فاغفر لي وارحمني، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.. فإذا قمت فانظر في آفاق السماء وقل: اللهم إنه لا يواري عنك ليلٌ ساج، ولا سماءٌ ذات أبراج، ولا أرضٌ ذات مهاد، ولا ظلماتٌ بعضها فوق بعض، ولا بحرٌ لجيٌ، تدلج بين يدي المدلج من خلقك، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، غارت النجوم، ونامت العيون، وأنت الحي القيوم، لا تأخذك سنةٌ ولا نومٌ، سبحان رب العالمين، وإله المرسلين، والحمد لله رب العالمين.. ثم اقرأ الخمس الآيات من آخر آل عمران: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: 190 - 194]، ثم استك وتوضأ، فإذا وضعت يدك في الماء، فقل: بسم الله وبالله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين.. فإذا فرغت فقل: (الحمد لله رب العالمين).. فإذا قمت إلى صلاتك فقل: بسم
__________
(1) دعائم الإسلام: 1/ 210.
معارج الذكر والدعاء (213)
الله وبالله، وإلى الله ومن الله، وما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلابالله، اللهم اجعلني من زوار بيتك وعمار مساجدك، وافتح لي باب توبتك، وأغلق عني باب معصيتك وكل معصية، الحمد لله الذي جعلني ممن يناجيه، اللهم أقبل علي بوجهك، جل ثناؤك.. ثم افتتح الصلاة بالتكبير (1).
[الحديث: 819] قال الإمام الباقر: القنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة، تقول في دعاء القنوت: اللهم تم نورك فهديت فلك الحمد ربنا، وبسطت يدك فأعطيت فلك الحمد ربنا، وعظم حلمك فعفوت فلك الحمد ربنا، وجهك أكرم الوجوه، وجهتك خير الجهات، وعطيتك أفضل العطيات وأهنؤها، تطاع ربنا فتشكر، وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت، تجيب المضطر، وتكشف الضر، وتشفي السقيم، وتنجي من الكرب العظيم، لا يجزي بآلائك أحدٌ، ولا يحصي نعماءك قول قائل.. اللهم إليك رفعت الأبصار، ونقلت الأقدام، ومدت الأعناق، ورفعت الأيدي، ودعيت بالألسن؛ وتحوكم إليك في الأعمال، ربنا اغفر لنا وارحمنا، وافتح بيننا وبين خلقك بالحق، وأنت خير الفاتحين.. اللهم إليك نشكو غيبة نبينا، وشدة الزمان علينا، ووقوع الفتن، وتظاهر الأعداء، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، فافرج ذلك يا رب بفتح منك تعجله، ونصر منك تعزه، وإمام عدل تظهره، إله الحق رب العالمين.. ثم تقول في قنوت الوتر بعد هذا: (أستغفر الله وأتوب إليه) سبعين مرة، وتعوذ بالله من النار كثيرا.. وتقول في دبر الوتر بعد التسليم: (سبحان الله ربي الملك القدوس العزيز الحكيم) ثلاث مرات، (الحمد لرب الصباح، الحمد لفالق الإصباح) ثلاث مرات (2).
__________
(1) الكافي: 3/ 445 و2/ 538.
(2) الأمالي للصدوق: ص 474.
معارج الذكر والدعاء (214)
[الحديث: 820] قال الإمام الباقر: من داوم على صلاة الليل والوتر، واستغفر الله في كل وتر سبعين مرة، ثم واظب على ذلك سنة، كتب من المستغفرين بالأسحار (1).
[الحديث: 821] قال الإمام الصادق: من بات على وضوء بات وفراشه مسجده، فإن تحفف وصلى ثم ذكر الله، لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه (2).
[الحديث: 822] قال الإمام الصادق: إن في الليل لساعة، ما يوافقها عبدٌ مسلمٌ يصلي ويدعو الله عز وجل فيها، إلا استجيب له في كل ليلة، قيل: أصلحك الله، فأي ساعة هي من الليل؟ قال: إذا مضى نصف الليل، في السدس الأول من النصف الباقي (3).
[الحديث: 823] قال الإمام الصادق: من تطهر ثم أوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده، فإن قام من الليل فذكر الله تناثرت عنه خطاياه، فإن قام من آخر الليل فتطهر وصلى ركعتين وحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه، إما أن يعطيه الذي يسأله بعينه، وإما أن يدخر له ما هو خيرٌ له منه (4).
[الحديث: 824] قال الإمام الصادق: كان فيما ناجى الله عز وجل به موسى عليه السلام أن قال له: يا موسى، كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني؛ أليس كل محب يحب خلوة حبيبه؟! ها أنا ذا مطلعٌ على أحبائي، إذا جنهم الليل حولت أبصارهم من قلوبهم، ومثلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلموني عن الحضور، يا
__________
(1) تفسير العياشي: 1/ 165.
(2) المحاسن: 1/ 118.
(3) الكافي: 3/ 667 و2/ 678، تهذيب الأحكام: 2/ 117.
(4) الكافي: 3/ 668.
معارج الذكر والدعاء (215)
موسى هب لي من قلبك الخشوع، ومن بدنك الخضوع، ومن عينيك الدموع في ظلم الليل، وادعني؛ فإنك تجدني قريبا مجيبا (1).
[الحديث: 825] قال الإمام الصادق: إذا أردت أن تقوم إلى صلاة الليل فقل: اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة وآله، وأقدمهم بين يدي حوائجي، فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، اللهم ارحمني بهم ولا تعذبني بهم، واهدني بهم ولا تضلني بهم، وارزقني بهم ولا تحرمني بهم، واقض لي حوائجي للدنيا والآخرة، إنك على كل شي ء قديرٌ، وبكل شي ء عليمٌ (2).
[الحديث: 826] عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: كان الإمام الصادق إذا قام آخر الليل يرفع صوته حتى يسمع أهل الدار ويقول: اللهم أعني على هول المطلع، ووسع علي ضيق المضجع، وارزقني خير ما قبل الموت، وارزقني خير ما بعد الموت (3).
[الحديث: 827] قال الإمام الصادق: إن أفضل ما دعوتم الله بالأسحار، قال الله تعالى: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: 18] (4).
[الحديث: 828] قال الإمام الصادق: عليكم بالدعاء والإلحاح على الله عز وجل في الساعة التي لا يخيب الله عز وجل فيها برا ولا فاجرا، قيل: جعلت فداك! وأي ساعة هي؟ قال: هي الساعة التي دعا فيها أيوب وشكا إلى الله عز وجل بليته، فكشف الله عز وجل ما به من ضر، ودعا فيها يعقوب فرد الله يوسف وكشف الله كربته، ودعا فيها محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم فكشف الله عز وجل كربته، ومكنه من أكتاف المشركين بعد اليأس، أنا ضامنٌ أن لا يخيب الله عز وجل في ذلك الوقت برا ولا فاجرا، البر يستجاب له في نفسه وغيره، والفاجر
__________
(1) الأمالي للصدوق: ص 438.
(2) من لا يحضره الفقيه: 1/ 483.
(3) الكافي: 2/ 539، من لا يحضره الفقيه: 1/ 480.
(4) قصص الأنبياء: ص 188 عن الفضل بن أبي قرة.
معارج الذكر والدعاء (216)
يستجاب له في غيره، ويصرف الله إجابته إلى ولي من أوليائه، فاغتنموا الدعاء في ذلك الوقت (1).
[الحديث: 829] قال الإمام الصادق في قول الله عز وجل: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: 18]: في الوتر في آخر الليل سبعين مرة (2).
[الحديث: 830] قال الإمام الصادق: القنوت في الفريضة الدعاء، وفي الوتر الاستغفار (3).
[الحديث: 831] سئل الإمام الصادق عن القنوت في الوتر، هل فيه شي ءٌ موقتٌ يتبع ويقال؟ فقال: لا، أثن على الله عز وجل وصل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستغفر لذنبك العظيم، ثم قال: كل ذنب عظيمٌ (4).
[الحديث: 832] قال الإمام الصادق: استغفر الله في الوتر سبعين مرة، تنصب يدك اليسرى وتعد باليمنى الاستغفار (5).
[الحديث: 833] قال الإمام الصادق: من قال آخر قنوته في الوتر: (أستغفر الله وأتوب إليه) مئة مرة أربعين ليلة، كتبه الله من المستغفرين بالأسحار (6).
[الحديث: 834] قال الإمام الكاظم: من أراد أن يقوم من ليله للصلاة فلا يذهب به النوم، فليقل حين يأوي إلى فراشه: اللهم لا تؤمني مكرك، ولا تنسني ذكرك، ولا تول عني وجهك، ولا تهتك عني سترك، ولا تأخذني على تمردي، ولا تجعلني من الغافلين،
__________
(1) الأمالي للطوسي: ص 699.
(2) تهذيب الأحكام: 2/ 130، علل الشرائع: ص 364.
(3) الكافي: 3/ 340 وص 450، تهذيب الأحكام: 2/ 131.
(4) الكافي: 3/ 450، تهذيب الأحكام: 2/ 131.
(5) من لا يحضره الفقيه: 1/ 489، علل الشرائع: ص 364.
(6) بحار الأنوار: 87/ 224 عن المصباح للكفعمي.
معارج الذكر والدعاء (217)
وأيقظني من رقدتي، وسهل لي القيام في هذه الليلة في أحب الأوقات إليك، وارزقني فيها الصلاة والشكر والدعاء، حتى أسألك فتعطيني، وأدعوك فتستجيب لي، وأستغفرك فتغفر لي، إنك أنت الغفور الرحيم (1).
__________
(1) فلاح السائل: ص 499، مصباح المتهجد: ص 123.
معارج الذكر والدعاء (218)
ثالثا ـ ما ورد حول أزمنة الشعائر
نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث في المصادر السنية والشيعية حول الأذكار والأدعية الخاصة بـ[أزمنة الشعائر]، ونقصد بها الأزمنة التي تمارس فيها الشعائر التعبدية، باعتبارها لم تقم إلا لإقامة ذكر الله وتعظيمه، كما قال تعالى عن الصلاة: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]
وننبه إلى أنا خصصنا مبحثا خاصا بالأزمنة المباركة، وهي أزمنة قد تقام فيها الشعائر أيضا، وميزناها عنها، باعتبار الشعائر فيها ليست عامة للجميع، ولكن مع ذلك يمكن أن ينال غيرهم فضلها، مثل يوم عرفة الذي هو زمن مبارك، تقام فيه الشعائر الخاصة بالحجاج، لكن غيرهم يمكن أن ينال ذلك الفضل أيضا بكثرة ذكره ودعائه وتوجهه إلى الله تعالى.
1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية
من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية، مع التنبيه إلى أن بعض ما نورده في المصادر السنية موجود في المصادر الشيعية أيضا:
[الحديث: 835] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة مواطن لا ترد فيها دعوةٌ: رجلٌ يكون في برية حيث لا يراه أحدٌ، فيقوم فيصلي، فيقول الله عز وجل لملائكته: أرى عبدي هذا يعلم أن له ربا يغفر الذنوب، فانظروا ما ذا يطلب، فتقول الملائكة: أي رب، رضاك ومغفرتك، فيقول: اشهدوا أني قد غفرت له.. ورجلٌ يكون معه فئةٌ فيفر عنه أصحابه، ويثبت هو في مكانه، فيقول الله للملائكة: انظروا ما يطلب عبدي، فتقول الملائكة: يا رب، بذل مهجته لك يطلب رضاك، فيقول: اشهدوا أني قد غفرت له.. ورجلٌ يقوم من آخر الليل، فيقول
معارج الذكر والدعاء (219)
الله للملائكة: اشهدوا أني قد غفرت له (1).
[الحديث: 836] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ساعتان لا ترد على داع دعوته: حين تقام الصلاة، وفي الصف في سبيل الله (2).
[الحديث: 837] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثنتان لا تردان، أو قلما تردان: الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا (3).
[الحديث: 838] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء، فلم ترد فيهما دعوةٌ: حضور الصلاة، وعند الزحف للقتال (4).
[الحديث: 839] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تحروا الدعاء في الفيافي، وثلاثةٌ لا يرد دعاؤهم: عند النداء، وعند الصف في سبيل الله، وعند نزول القطر (5).
[الحديث: 840] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاث ساعات للمرء المسلم، ما دعا فيهن إلا استجيب له، ما لم يسأل قطيعة رحم أو مأثما، قيل: يا رسول الله، أية ساعة؟ قال: حين يؤذن المؤذن بالصلاة حتى يسكت، وحين يلتقي الصفان حتى يحكم الله بينهما، وحين ينزل المطر حتى يسكن (6).
[الحديث: 841] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تفتح أبواب السماء، ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة، وعند رؤية الكعبة (7).
__________
(1) أسد الغابة: 2/ 270، معرفة الصحابة لأبي نعيم: 2/ 1102.
(2) صحيح ابن حبان: 5/ 61، المعجم الكبير: 6/ 160؛ مكارم الأخلاق: 2/ 66، الأمالي للشجري: 1/ 235.
(3) أبو داوود: 3/ 21، الدارمي: 1/ 288، الحاكم: 1/ 313.
(4) حلية الأولياء: 6/ 363، صحيح ابن حبان: 5/ 5.
(5) حلية الأولياء: 6/ 363.
(6) حلية الأولياء: 9/ 320.
(7) السنن الكبرى: 3/ 502، المعجم الكبير: 8/ 169؛ الأمالي للشجري: 1/ 226.
معارج الذكر والدعاء (220)
[الحديث: 842] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تفتح أبواب السماء لخمس: لقراءة القرآن، وللقاء الزحفين، ولنزول القطر، ولدعوة المظلوم، وللأذان (1).
[الحديث: 843] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أذن بالأذان، فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء (2).
[الحديث: 844] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان فيما بينه وبين الروحاء حتى لا يسمع صوت التأذين، وفتحت أبواب السماء وأبواب الجنان، واستجيب الدعاء (3).
[الحديث: 845] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء، فمن نزل به كربٌ أو شدةٌ فليتحين المنادي، فإذا كبر كبر، وإذا تشهد تشهد، وإذا قال: حي على الصلاة، قال: حي على الصلاة، وإذا قال: حي على الفلاح، قال: حي على الفلاح، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة الصادقة المستجابة، المستجاب لها دعوة الحق وكلمة التقوى، أحينا عليها وأمتنا عليها، وابعثنا عليها، واجعلنا من خيار أهلها أحياء وأمواتا، ثم يسأل الله حاجته (4).
[الحديث: 846] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا: اللهم افتح أقفال قلوبنا بذكرك، وأتمم علينا نعمتك من فضلك، واجعلنا من عبادك الصالحين (5).
__________
(1) المعجم الأوسط: 6/ 66، المعجم الصغير: 1/ 169.
(2) حلية الأولياء: 6/ 308.
(3) المعجم الأوسط: 9/ 83.
(4) الحاكم: 1/ 731، عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 39.
(5) عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 40.
معارج الذكر والدعاء (221)
[الحديث: 847] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، غفر له ذنبه (1).
[الحديث: 848] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سمع النداء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل عليه وبلغه درجة الوسيلة عندك، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة، وجبت له الشفاعة (2).
[الحديث: 849] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة (3).
[الحديث: 850] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (4).
[الحديث: 851] عن أم سلمة، قالت: علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أقول عند أذان المغرب: اللهم، إن هذا إقبال ليلك، وإدبار نهارك، وأصوات دعاتك، فاغفر لي (5).
[الحديث: 852] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء؛ فمن نزل به كربٌ أو شدةٌ فليتحين المنادي، فإذا كبر كبر وإذا تشهد
__________
(1) مسلم: 1/ 290، أبو داود: 1/ 145، النسائي: 2/ 26.
(2) المعجم الكبير: ج 12 ص 66 4.
(3) البخاري: 1/ 222، أبو داود: 1/ 146، الترمذي: 1/ 413.
(4) مسلم: 1/ 288، أبو داود: 1/ 144، الترمذي: 5/ 586.
(5) أبو داود: 1/ 146، الحاكم: 1/ 314.
معارج الذكر والدعاء (222)
تشهد، وإذا قال: حي على الصلاة، قال: حي على الصلاة، وإذا قال: حي على الفلاح، قال: حي على الفلاح، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة الصادقة المستجابة، المستجاب لها، دعوة الحق وكلمة التقوى، أحينا عليها وأمتنا عليها، وابعثنا عليها، واجعلنا من خيار أهلها أحياء وأمواتا، ثم يسأل الله حاجته (1).
[الحديث: 853] عن عبد الله بن عمرو، أن رجلا قال: يا رسول الله، إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تعطه (2).
[الحديث: 854] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة (3).
[الحديث: 855] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدعاء بين الأذان والإقامة مستجابٌ؛ فادعوا (4).
[الحديث: 856] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات (5).
[الحديث: 857] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل صلاة لا يدعى فيها للمؤمنين والمؤمنات، فصلاة خداج (6).
[الحديث: 858] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صلوا صلاة الصبح، ثم سلوا الله حوائجكم البتة (7).
[الحديث: 859] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن من الدعاء المستجاب الذي لا يرد، الدعاء
__________
(1) الحاكم: 1/ 731، حلية الأولياء: 10/ 213.
(2) أبو داوود: 1/ 166، أحمد: 2/ 580.
(3) أبو داوود: 1/ 166، الترمذي: 1/ 616 و5/ 577؛ الدعوات: ص 36، بحار الأنوار: 93/ 368.
(4) مسند أبي يعلى: 6/ 15، أحمد: 6/ 312 5، صحيح ابن خزيمة: 1/ 222.
(5) الترمذي: 5/ 526.
(6) الفردوس: 3/ 259.
(7) تاريخ دمشق: 65/ 205.
معارج الذكر والدعاء (223)
بين المغرب والعشاء (1).
[الحديث: 860] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كان طالبا إلى الله عز وجل حاجة في أمر دنياه وآخرته، فليطلبها في العشاء الآخرة؛ فإنها صلاةٌ لم يصلها أحدٌ من الأمم قبلكم (2).
[الحديث: 861] عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ (3).
[الحديث: 862] عن جبير بن مطعم، قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا افتتح الصلاة قال: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا ـ ثلاث مرات ـ اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفثه ونفخه (4).
[الحديث: 863] عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (5).
[الحديث: 864] عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا استفتح الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162 - 163] (6).
__________
(1) كنز العمال: 2/ 110 عن أبي الشيخ.
(2) الفردوس: 3/ 516.
(3) أبو داود: 1/ 231، الدارمي: 1/ 318.
(4) الحاكم: 1/ 360، أبو داود: 1/ 203.
(5) أبو داود: 1/ 206، الترمذي: 2/ 11، ابن ماجة: 1/ 265.
(6) الدعاء للطبراني: ص 172، المعجم الكبير: 12/ 271 4.
معارج الذكر والدعاء (224)
[الحديث: 865] قال الإمام علي: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا استفتح الصلاة قال: لا إله إلا أنت سبحانك، ظلمت نفسي وعملت سوء، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (1).
[الحديث: 866] قال الإمام علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: 79]، إن ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162 - 163]، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك (2).
[الحديث: 867] عن أبي امامة، قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات (3).
[الحديث: 868] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا صليتم الصبح فافزعوا إلى الدعاء (4).
[الحديث: 869] عن ثوبان، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (5).
__________
(1) السنن الكبرى: 2/ 50.
(2) الترمذي: 5/ 486 و3423، مسلم: 1/ 534.
(3) الترمذي: 5/ 527، النسائي: 6/ 32.
(4) تاريخ بغداد: 12/ 155.
(5) مسلم: 1/ 414، الترمذي: 2/ 98، ابن ماجة: 1/ 300.
معارج الذكر والدعاء (225)
[الحديث: 870] عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه، قال: كان الرجل إذا أسلم علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني وعافني وارزقني (1).
[الحديث: 871] عن المغيرة، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شي ء قديرٌ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (2).
[الحديث: 872] عن جابر، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أقول خلف كل صلاة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شي ء قديرٌ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أبديت وما أخفيت، أنت إلهي لا إله إلا أنت (3).
[الحديث: 873] عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول قبل القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (4).
[الحديث: 874] عن عوف بن مالك، قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلاوقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلاوقف فتعوذ، ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة (5).
__________
(1) مسلم: 4/ 2073.
(2) البخاري: 1/ 289 و5/ 2332، مسلم: 1/ 414.
(3) الدعاء للطبراني: ص 215.
(4) المصنف لعبد الرزاق: 2/ 86، وسائل الشيعة: 6/ 135.
(5) أبو داود: 1/ 231، النسائي: 2/ 223، أحمد: 9/ 256 5.
معارج الذكر والدعاء (226)
[الحديث: 875] عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)، يتأول القرآن (1).
[الحديث: 876] قال الإمام علي: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا ركع قال: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، خشع سمعي وبصري، ومخي وعظمي وعصبي، وما استقلت به قدمي، لله رب العالمين (2).
[الحديث: 877] عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قضى صلاته مسح جبهته بيده اليمنى، ثم يقول: بسم الله الذي لا إله إلاهو، الرحمن الرحيم، اللهم أذهب عني الهم والحزن (3).
[الحديث: 878] عن عبد الله بن الزبير، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شي ء قديرٌ، لا حول ولا قوة إلابالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (4).
[الحديث: 879] عن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قضى الصلاة قال: اللهم إني أسألك من الخير كله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، ما علمت منه وما لم أعلم (5).
__________
(1) البخاري: 1/ 282 وص 274، مسلم: 1/ 350، أبو داود: 1/ 232.
(2) مسلم: 1/ 535
(3) الدعاء للطبراني: ص 210، المعجم الأوسط: 3/ 66، من لا يحضره الفقيه: 1/ 331.
(4) مسلم: 1/ 415، أبو داود: 2/ 82 و1507، النسائي: 3/ 70.
(5) الدعاء للطبراني: ص 208، مسند الطيالسي: ص 106.
معارج الذكر والدعاء (227)
[الحديث: 880] عن معاذ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيده وقال: يا معاذ، والله، إني لأحبك، وأوصيك: لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (1).
[الحديث: 881] عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو في أثر الصلاة، فيقول: اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع (2).
[الحديث: 882] عن أبي بردة الأسلمي عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى الصبح رفع صوته حتى يسمع أصحابه، يقول: (اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة) ثلاث مرات (اللهم أصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي) ثلاث مرات (اللهم أصلح لي آخرتي التي جعلت إليها مرجعي) ثلاث مرات (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك) ثلاث مرات (اللهم أعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) (3).
[الحديث: 883] عن مسلم بن أبي بكرة، قال: كان أبي يقول في دبر الصلاة: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر)، فكنت أقولهن، فقال: أي بني عمن أخذت هذا؟ قلت: عنك، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقولهن في دبر الصلاة (4).
__________
(1) أبو داود: 2/ 86، النسائي: 3/ 53، أحمد: 8/ 265 7.
(2) كنز الفوائد: 1/ 385، بحار الأنوار: 86/ 18؛ أبو داود: 2/ 92، النسائي: 8/ 263.
(3) الأمالي للطوسي: ص 158، بحار الأنوار: 86/ 134؛ النسائي: 3/ 73.
(4) النسائي: 3/ 74، أحمد: 7/ 306 وص 312 1، صحيح ابن خزيمة: 1/ 367.
معارج الذكر والدعاء (228)
[الحديث: 884] عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول بعد التشهد: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات (1).
[الحديث: 885] عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى بأصحابه أقبل على القوم فقال: اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني، اللهم إني أعوذ بك من غنى يطغيني، اللهم إني أعوذ بك من صاحب يرديني، اللهم إني أعوذ بك من أمل يلهيني، اللهم إني أعوذ بك من فقر ينسيني (2).
[الحديث: 886] عن أبي أيوب الأنصاري، قال: ما صليت وراء نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم إلاسمعته حين ينصرف من صلاته يقول: اللهم اغفر لي أخطائي وذنوبي كلها، اللهم أنعمني وأحيني وارزقني، واهدني لصالح الأعمال والأخلاق، فإنه لا يهدي لصالحها إلا أنت، ولا يصرف عن سيئها إلا أنت (3).
[الحديث: 887] قال الإمام علي: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا سلم من الصلاة قال: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت (4).
[الحديث: 888] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لصاحب القرآن عند كل ختمة دعوة مستجابة (5).
[الحديث: 889] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ختم القرآن فله دعوةٌ مستجابةٌ (6).
__________
(1) أبو داود: 1/ 259، الترمذي: 5/ 525، أحمد: 1/ 521 وص 638.
(2) الدعاء للطبراني: ص 209، مسند أبي يعلى: 4/ 240.
(3) الحاكم: 3/ 523، المعجم الكبير: 4/ 125.
(4) أبو داود: 2/ 83، سنن الدار قطني: 1/ 297، السنن الكبرى: 2/ 264، مسلم: 1/ 536؛ دعائم الإسلام: 1/ 170.
(5) شعب الإيمان: 2/ 376، حلية الأولياء: 7/ 260.
(6) المعجم الكبير: 18/ 259، شعب الإيمان: 2/ 376.
معارج الذكر والدعاء (229)
[الحديث: 890] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لقارئ القرآن دعوة مستجابة؛ فإن شاء صاحبها عجلها في الدنيا، وإن شاء أخرها إلى الآخرة (1).
[الحديث: 891] عن زر بن حبيش، قال: كان عبد الله بن مسعود قائما يصلي، فلما بلغ المئة من النساء، قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: سل تعطه، فقال: اللهم إني أسألك إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، ومرافقة نبيك في أعلى جنة الخلد (2).
[الحديث: 892] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا سجدتم فاجتهدوا في الدعاء، فإنه قمنٌ أن يستجاب لكم (3).
[الحديث: 893] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجدٌ؛ فأكثروا الدعاء (4).
[الحديث: 894] عن عبد الله بن مسعود، قال: كان نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان ساجدا قال: سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك (5).
[الحديث: 895] عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (6).
[الحديث: 896] عن الإمام علي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين (7).
__________
(1) كنز العمال: 1/ 513 عن ابن مردويه.
(2) حلية الأولياء: 6/ 257، أحمد: 2/ 173.
(3) النسائي: 2/ 218، مسلم: 1/ 368، أبو داوود: 1/ 232.
(4) مسلم: 1/ 350، أبو داوود: 1/ 231، النسائي: 2/ 226؛ بحار الأنوار: 86/ 216 عن جامع البزنطي.
(5) الدعاء للطبراني: ص 192، المعجم الأوسط: 10/ 124، المعجم الكبير: 10/ 155 2.
(6) مسلم: 1/ 350، أبو داود: 1/ 232، الحاكم: 1/ 395.
(7) مسلم: 1/ 534، الترمذي: 5/ 486، أبو داود: 1/ 202.
معارج الذكر والدعاء (230)
[الحديث: 897] عن عائشة، قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة من الفراش، فالتمسته، فوقعت يدي على بطن قدميه ـ وهو في المسجد ـ وهما منصوبتان، وهو يقول: اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك (1).
[الحديث: 898] عن عبد الله بن مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد قال: اللهم سجد لك سوادي وخيالي، وبك آمن فؤادي، أبوء بنعمتك علي، وهذا ما جنيت على نفسي، يا عظيم يا عظيم اغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب العظيمة إلاالرب العظيم (2).
[الحديث: 899] عن عائشة، قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مضجعه فجعلت ألتمسه، فوقعت يدي عليه وهو ساجدٌ، وهو يقول: اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت (3).
[الحديث: 900] عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (4).
[الحديث: 901] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم؛ فإنها أفضل الساعات، ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه، ويستجيب لهم إذا دعوه (5).
__________
(1) مسلم: 1/ 352، أبو داود: 1/ 232، الترمذي: 5/ 524.
(2) الحاكم: 1/ 716، مسند أبي يعلى: 4/ 348؛ بحار الأنوار: 86/ 239 عن اختيار ابن الباقي.
(3) النسائي: 2/ 220، أحمد: 9/ 482 4، مسند الطيالسي: ص 200.
(4) مسلم: 1/ 350، الحاكم: 1/ 395، صحيح ابن حبان: 5/ 258.
(5) عيون أخبار الرضا: 1/ 295.
معارج الذكر والدعاء (231)
[الحديث: 902] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أدى فريضة فله عند الله دعوةٌ مستجابةٌ (1).
[الحديث: 903] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أدى لله مكتوبة فله في أثرها دعوةٌ مستجابةٌ (2).
[الحديث: 904] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا فرغ العبد من الصلاة، ولم يسأل الله تعالى حاجته، يقول الله تعالى لملائكته: انظروا إلى عبدي، فقد أدى فريضتي ولم يسأل حاجته مني، كأنه قد استغنى عني (3).
[الحديث: 905] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عز وجل يستحيي من عبده إذا صلى في جماعة، ثم يسأله حاجة أن ينصرف حتى يقضيها (4).
[الحديث: 906] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما صلاة المغرب، فهي الساعة التي تاب الله عز وجل فيها على آدم، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء، فوعدني ربي عز وجل أن يستجيب لمن دعاه فيها (5).
[الحديث: 907] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كانت له حاجةٌ فليطلبها في العشاء؛ فإنه لم يعطها أحدٌ من الأمم قبلكم، يعني العشاء الآخرة (6).
[الحديث: 908] قال الإمام السجاد: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سمع المؤذن قال كما يقول، فإذا قال: (حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير العمل) قال: لا حول
__________
(1) الأمالي للمفيد: ص 118؛ المعجم الكبير: 18/ 259.
(2) الأمالي للطوسي: ص 289، الدعوات: ص 27.
(3) بحار الأنوار: 85/ 325.
(4) حلية الأولياء: 7/ 256؛ تنبيه الخواطر: 1/ 6، إرشاد القلوب: ص 183، بحار الأنوار: 88/ 6.
(5) من لا يحضره الفقيه: 1/ 213.
(6) المجتنى: ص 68، عدة الداعي: ص 39.
معارج الذكر والدعاء (232)
ولا قوة إلا بالله، فإذا انقضت الإقامة، قال: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، أعط محمدا سؤله يوم القيامة، وبلغه الدرجة الوسيلة من الجنة، وتقبل شفاعته في أمته (1).
[الحديث: 909] قال الإمام الصادق: إذا قال المؤذن: (الله أكبر) فقل: الله أكبر، وإذا قال: (أشهد أن لا إله إلا الله) فقل: أشهد أن لا إله إلا الله، وإذا قال: (أشهد أن محمدا رسول الله)، فقل: أشهد أن محمدا رسول الله، فإذا قال: (قد قامت الصلاة) فقل: اللهم أقمها وأدمها، واجعلني من خير صالحي أهلها عملا (2).
[الحديث: 910] قال الإمام الصادق: من قال حين يسمع أذان الصبح: (اللهم إني أسألك بإقبال نهارك، وإدبار ليلك، وحضور صلواتك، وأصوات دعاتك، أن تتوب علي، إنك أنت التواب الرحيم)، وقال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب، ثم مات من يومه أو ليلته، مات تائبا (3).
[الحديث: 911] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله: يابن آدم، اذكرني بعد الفجر ساعة، واذكرني بعد العصر ساعة، أكفك ما أهمك (4).
[الحديث: 912] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد أن لا يؤاخذه الله تعالى يوم القيامة على قبيح أعماله ولا ينشر له ديوانٌ، فليدع هذا الدعاء في دبر كل صلاة: اللهم إن مغفرتك أرجى من عملي، وإن رحمتك أوسع من ذنبي، اللهم إن كان ذنبي عندك عظيما فعفوك أعظم
__________
(1) دعائم الإسلام: 1/ 145.
(2) دعائم الإسلام: 1/ 145.
(3) من لا يحضره الفقيه: 1/ 287، ثواب الأعمال: ص 183.
(4) تهذيب الأحكام: 2/ 138، من لا يحضره الفقيه: 1/ 329.
معارج الذكر والدعاء (233)
من ذنبي، اللهم إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك فرحمتك أهلٌ أن تبلغني وتسعني لأنها وسعت كل شي ء، برحمتك يا أرحم الراحمين (1).
[الحديث: 913] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني؛ إنك أنت الغفور الرحيم (2).
[الحديث: 914] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تقول في دبر كل صلاة: اللهم اهدني من عندك، وأفض علي من فضلك، وانشر علي من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك (3).
[الحديث: 915] قال الإمام علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد الانصراف عن الصلاة مسح جبهته بيده اليمنى، ثم يقول: اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت، عالم الغيب والشهادة، اللهم أذهب عنا الهم والحزن والفتن ما ظهر منها وما بطن، وقال: ما أحدٌ من أمتي يفعل ذلك إلاأعطاه الله عز وجل ما سأل (4).
[الحديث: 916] قال الإمام الجواد: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا فرغ من صلاته: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وإسرافي على نفسي، وما أنت أعلم به مني، اللهم أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أجمعين، ما علمت الحياة خيرا لي فأحيني، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا ينقطع، وأسألك الرضا بالقضاء، وبركة الموت بعد العيش، وبرد العيش بعد الموت، ولذة المنظر إلى وجهك، وشوقا إلى رؤيتك ولقائك،
__________
(1) المصباح للكفعمي: ص 30.
(2) النسائي: 6/ 53 7، البخاري: 1/ 287، مسلم: 4/ 2078.
(3) تهذيب الأحكام: 2/ 107، ثواب الأعمال: ص 191.
(4) الجعفريات: ص 40.
معارج الذكر والدعاء (234)
من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهديين، اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم إني أسألك عزيمة الرشاد والثبات في الأمر والرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عافيتك وأداء حقك، وأسألك يا رب قلبا سليما ولسانا صادقا، وأستغفرك لما تعلم، وأسألك خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، فإنك تعلم ولا نعلم وأنت علام الغيوب (1).
[الحديث: 917] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تقول إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعدٌ: اللهم إني أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك، وسكان سماواتك وأرضك، وأنبيائك ورسلك، أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسرٌ، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من عسري يسرا (2).
[الحديث: 918] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من عبد يبسط كفيه في دبر صلاته، ثم يقول: اللهم إلهي وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف، وإله جبريل وميكائيل وإسرافيل، أسألك أن تستجيب لي دعوتي فإني مضطرٌ، وتعصمني في ديني، فإني مبتلى، وتنالني برحمتك، فإني مذنبٌ، وتنفي عني الفقر؛ فإني مسكينٌ.. إلا كان حقا على الله ألا يرد يديه خائبتين (3).
[الحديث: 919] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، أي الرجال خيرٌ؟ قال: الحال المرتحل، قيل: يا رسول الله وما الحال المرتحل؟ قال: الفاتح الخاتم، الذي يفتح القرآن ويختمه، فله عند الله دعوةٌ مستجابةٌ (4).
__________
(1) الكافي: 2/ 548، من لا يحضره الفقيه: 1/ 327.
(2) كمال الدين: ص 265، عيون أخبار الإمام الرضا: 1/ 60.
(3) الدعوات: ص 50، بحار الأنوار: 86/ 34؛ تاريخ دمشق: 16/ 383.
(4) ثواب الأعمال: ص 127.
معارج الذكر والدعاء (235)
[الحديث: 920] قال الإمام السجاد: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ختم القرآن حمد الله بمحامد وهو قائمٌ، ثم يقول: الحمد لله رب العالمين (1).
[الحديث: 921] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا وضع وجهه للسجود: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي، فاغفر لي ذنوبي، يا حيا لا يموت (2).
[الحديث: 922] قال الإمام الباقر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عائشة ذات ليلة، فقام يتنفل، فاستيقظت عائشة، فضربت بيدها فلم تجده، فقامت تطوف عليه، فوطئته وهو ساجدٌ باك، يقول: سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، أبوء إليك بالنعم، وأعترف لك بالذنب العظيم، عملت سوءا وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت.. أعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا أبلغ مدحك والثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، أستغفرك وأتوب إليك (3).
وهي أحاديث كثيرة، وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:
[الحديث: 923] قال الإمام علي: لا ينفتل العبد من صلاته حتى يسأل الله الجنة ويستجير به من النار، ويسأ له أن يزوجه من الحور العين (4).
__________
(1) كنز العمال: 2/ 349 عن شعب الإيمان.
(2) بحار الأنوار: 86/ 218 عن الجعفريات.
(3) الكافي: 3/ 324، شعب الإيمان: 3/ 385، فضائل الأوقات للبيهقي: ص 127.
(4) الخصال: ص 629.
معارج الذكر والدعاء (236)
[الحديث: 924] قال الإمام علي: إذا انصرفت من الصلاة قل: اللهم اجعلني مع محمد وآل محمد في كل عافية وبلاء، واجعلني مع محمد وآل محمد في كل مثوى ومنقلب.. اللهم اجعل محياي محياهم ومماتي مماتهم، واجعلني معهم في المواطن كلها، ولا تفرق بيني وبينهم، إنك على كل شي ء قديرٌ (1).
[الحديث: 925] عن محمد بن الحنفية، قال: بينا الإمام علي يطوف بالبيت، إذا رجلٌ متعلقٌ بالأستار، وهو يقول: يا من لا يشغله سمعٌ عن سمع، يا من لا يغلطه السائلون، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك، فقال له: هذا دعاؤك؟ قال له الرجل: وقد سمعته؟ قال: نعم، قال: فادع به في دبر كل صلاة، فوالله ما يدعو به أحدٌ من المؤمنين في أدبار الصلاة إلاغفر الله له ذنوبه (2).
[الحديث: 926] قال الإمام علي: من قرأ مائة آية من القرآن ـ من أي القرآن شاء ـ ثم قال: يا الله ـ سبع مرات ـ فلو دعا على الصخرة لقلعها إن شاء الله (3).
[الحديث: 927] قال الإمام علي: إذا استفتحت الصلاة فقل: الله أكبر، وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، حنيفا مسلما، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي، ومحياي ومماتي لله رب العالمين، وحده لا شريك له، وبذلك امرت وأنا من المسلمين (4).
[الحديث: 928] عن عاصم بن ضمرة، قال: كان عليٌ إذا افتتح الصلاة قال: الله أكبر، لا إله إلا أنت سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، لبيك
__________
(1) الكافي: 2/ 544.
(2) الأمالي للمفيد: ص 92، فلاح السائل: ص 302، تاريخ بغداد: 4/ 118.
(3) ثواب الأعمال: ص 130، مكارم الأخلاق: 2/ 161.
(4) دعائم الإسلام: 1/ 157.
معارج الذكر والدعاء (237)
وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، وعبدك بين يديك، وعبدك بين يديك، ومنك، وإليك، ولا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت (1).
[الحديث: 929] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي يصلي صلاة الخوف على الدابة مستقبل القبلة، ثم يركع ويقول: (لك خشعت وبك آمنت وأنت ربي)، ثم يخفض رأسه من الركوع من غير أن يمس جبهته شي ءٌ، ثم يقول: لك سجدت وبك آمنت وأنت ربي (2).
[الحديث: 930] عن الحارث، قال: كان الإمام علي إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، [اللهم] بحولك وقوتك أقوم وأقعد (3).
[الحديث: 931] قال الإمام علي: من أحب الكلام إلى الله عز وجل أن يقول العبد وهو ساجدٌ: رب ظلمت نفسي فاغفر لي (4).
[الحديث: 932] عن عاصم بن ضمرة، قال: كان الإمام علي إذا سجد قال: اللهم لك سجدت، ولك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وأنت ربي، سجد لك سمعي وبصري، ولحمي ودمي، وعظامي وعصبي، وشعري وبشري، سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله (5).
[الحديث: 933] عن الأصبغ بن نباتة، قال: كان الإمام علي يقول في سجوده: أناجيك يا سيدي كما يناجي العبد الذليل مولاه، وأطلب إليك طلب من يعلم أنك تعطي
__________
(1) المصنف لعبد الرزاق: 2/ 79.
(2) النوادر للراوندي: ص 198، الجعفريات: ص 47.
(3) المصنف لابن أبي شيبة: 1/ 278، الدعاء للطبراني: ص 189.
(4) الدعاء للطبراني: ص 195.
(5) المصنف لعبد الرزاق: 2/ 163.
معارج الذكر والدعاء (238)
ولا ينقص مما عندك شي ءٌ، وأستغفرك استغفار من يعلم أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وأتوكل عليك توكل من يعلم أنك على كل شي ء قديرٌ (1).
[الحديث: 934] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي يقول لأصحابه: من سجد بين الأذان والإقامة، فقال في سجوده: (رب لك سجدت خاضعا خاشعا ذليلا) يقول الله تعالى: ملائكتي؛ وعزتي وجلالي، لأجعلن محبته في قلوب عبادي المؤمنين، وهيبته في قلوب المنافقين (2).
[الحديث: 935] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي يقول وهو ساجدٌ: ارحم ذلي بين يديك، وتضرعي إليك، ووحشتي من الناس، وآنسني بك يا كريم.. وكان يقول: وعظتني فلم أتعظ، وزجرتني عن محارمك فلم أنزجر، وعمرتني أياديك فما شكرت، عفوك عفوك يا كريم، أسألك الراحة عند الموت، وأسألك العفو عند الحساب (3).
[الحديث: 936] قال الإمام الرضا: كان الإمام علي يقول في سجوده: اللهم ارحم ذلي بين يديك، وتضرعي إليك، ووحشتي من الناس، وأنسي بك يا كريم، فإني عبدك وابن عبدك، أتقلب في قبضتك، يا ذا المن والفضل والجود والغنى والكرم، ارحم ضعفي، وشيبتي من النار يا كريم (4).
[الحديث: 937] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي يقول في دعائه وهو ساجدٌ: اللهم إني أعوذ بك أن تبتليني ببلية تدعوني ضرورتها على أن أتغوث بشي ء من معاصيك، اللهم ولا تجعل لي حاجة إلى أحد من شرار خلقك ولئامهم، فإن جعلت لي حاجة إلى أحد
__________
(1) الأمالي للصدوق: ص 327.
(2) فلاح السائل: ص 272.
(3) الكافي: 3/ 327، المصباح للكفعمي: ص 43.
(4) فقه الرضا: ص 141.
معارج الذكر والدعاء (239)
من خلقك، فاجعلها إلى أحسنهم وجها وخلقا وخلقا، وأسخاهم بها نفسا، وأطلقهم بها لسانا، وأسمحهم بها كفا، وأقلهم بها علي امتنانا (1).
[الحديث: 938] عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: صلى الإمام علي بنا في مسجد بني كاهل الفجر، فقنت بنا، فقال: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونستهديك ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من ينكرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك بالكافرين ملحقٌ، اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيمن أعطيت، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك، ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 286] (2).
[الحديث: 939] قال الإمام علي في القنوت: اللهم إليك شخصت الأبصار، ونقلت الأقدام، ورفعت الأيدي ومدت الأعناق، وأنت دعيت بالألسن، وإليك سرهم ونجواهم في الأعمال، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا وقلة عددنا وكثرة عدونا، وتظاهر الأعداء علينا، ووقوع الفتن بنا، ففرج ذلك اللهم بعدل تظهره، وإمام حق نعرفه، إله الحق آمين رب العالمين (3).
__________
(1) قرب الإسناد: ص 1.
(2) المزار الكبير: ص 121، المزار للشهيد الأول: ص 276.
(3) ذكرى الشيعة: 3/ 290، كشف المحجة: ص 247 عن كتاب الرسائل للكليني.
معارج الذكر والدعاء (240)
[الحديث: 940] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم إنك أعنتني على ختم كتابك الذي أنزلته نورا، وجعلته مهيمنا على كل كتاب أنزلته، وفضلته على كل حديث قصصته، وفرقانا فرقت به بين حلالك وحرامك، وقرآنا أعربت به عن شرائع أحكامك، وكتابا فصلته لعبادك تفصيلا، ووحيا أنزلته على نبيك محمد صلواتك عليه وآله تنزيلا، وجعلته نورا نهتدي من ظلم الضلالة والجهالة باتباعه، وشفاء لمن أنصت بفهم التصديق إلى استماعه، وميزان قسط لا يحيف عن الحق لسانه، ونور هدى لا يطفأ عن الشاهدين برهانه، وعلم نجاة لا يضل من أم قصد سنته، ولا تنال أيدي الهلكات من تعلق بعروة عصمته.. اللهم فإذ أفدتنا المعونة على تلاوته، وسهلت جواسي ألسنتنا بحسن عبارته، فاجعلنا ممن يرعاه حق رعايته، ويدين لك باعتقاد التسليم لمحكم آياته، ويفزع إلى الإقرار بمتشابهه وموضحات بيناته (1).
[الحديث: 941] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم إنك أنزلته على نبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم مجملا، وألهمته علم عجائبه مكملا، وورثتنا علمه مفسرا، وفضلتنا على من جهل علمه، وقويتنا عليه لترفعنا فوق من لم يطق حمله.. اللهم فكما جعلت قلوبنا له حملة، وعرفتنا برحمتك شرفه وفضله، فصل على محمد الخطيب به، وعلى آله الخزان له، واجعلنا ممن يعترف بأنه من عندك حتى لا يعارضنا الشك في تصديقه، ولا يختلجنا الزيغ عن قصد طريقه (2).
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 157.
(2) الصحيفة السجادية: ص 157.
معارج الذكر والدعاء (241)
[الحديث: 942] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم اجعلنا ممن يعتصم بحبله، ويأوي من المتشابهات إلى حرز معقله، ويسكن في ظل جناحه، ويهتدي بضوء صباحه، ويقتدي بتبلج إسفاره، ويستصبح بمصباحه، ولا يلتمس الهدى في غيره (1).
[الحديث: 943] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم وكما نصبت به محمدا علما للدلالة عليك، وأنهجت بآله سبل الرضا إليك، فصل على محمد وآله، واجعل القرآن وسيلة لنا إلى أشرف منازل الكرامة، وسلما نعرج فيه إلى محل السلامة، وسببا نجزى به النجاة في عرصة القيامة، وذريعة نقدم بها على نعيم دار المقامة (2).
[الحديث: 944] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم احطط بالقرآن عنا ثقل الأوزار، وهب لنا حسن شمائل الأبرار، واقف بنا آثار الذين قاموا لك به آناء الليل وأطراف النهار، حتى تطهرنا من كل دنس بتطهيره، وتقفو بنا آثار الذين استضاؤوا بنوره، ولم يلههم الأمل عن العمل فيقطعهم بخدع غروره (3).
[الحديث: 945] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم اجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مونسا، ومن نزغات الشيطان وخطرات الوسواس حارسا، ولأقدامنا عن نقلها إلى المعاصي حابسا، ولألسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفة مخرسا، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجرا، ولما طوت الغفلة عنا من تصفح الاعتبار ناشرا، حتى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه، وزاجر أمثاله التي ضعفت الجبال الرواسي على صلابتها عن احتماله (4).
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 157.
(2) الصحيفة السجادية: ص 157.
(3) الصحيفة السجادية: ص 157.
(4) الصحيفة السجادية: ص 157.
معارج الذكر والدعاء (242)
[الحديث: 946] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم أدم بالقرآن صلاح ظاهرنا، واحجب به خطرات الوسواس عن صحة ضمائرنا، واغسل به درن قلوبنا وعلائق أوزارنا، واجمع به منتشر أمورنا، وأرو به في موقف العرض عليك ظمأ هواجرنا، واكسنا به حلل الأمان يوم الفزع الأكبر في نشورنا (1).
[الحديث: 947] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم اجبر بالقرآن خلتنا من عدم الإملاق، وسق إلينا به رغد العيش وخصب سعة الأرزاق، وجنبنا به الضرائب المذمومة ومداني الأخلاق، واعصمنا به من هوة الكفر ودواعي النفاق، حتى يكون لنا في القيامة إلى رضوانك وجنانك قائدا، ولنا في الدنيا عن سخطك وتعدي حدودك ذائدا، ولما عندك بتحليل حلاله وتحريم حرامه شاهدا (2).
[الحديث: 948] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم هون بالقرآن عند الموت على أنفسنا كرب السياق، وجهد الأنين، وترادف الحشارج إذا بلغت النفوس التراقي وقيل من راق، وتجلى ملك الموت لقبضها من حجب الغيوب، ورماها عن قوس المنايا بأسهم وحشة الفراق، وداف لها من ذعاف الموت كأسا مسمومة المذاق، ودنا منا إلى الآخرة رحيلٌ وانطلاقٌ، وصارت الأعمال قلائد في الأعناق، وكانت القبور هي المأوى إلى ميقات يوم التلاق (3).
[الحديث: 949] قال الإمام السجاد في دعائه عند ختم القرآن: اللهم بارك لنا في حلول دار البلى، وطول المقامة بين أطباق الثرى، واجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا، وافسح لنا برحمتك في ضيق ملاحدنا، ولا تفضحنا في حاضري القيامة بموبقات
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 157.
(2) الصحيفة السجادية: ص 157.
(3) الصحيفة السجادية: ص 157.
معارج الذكر والدعاء (243)
آثامنا، وارحم بالقرآن في موقف العرض عليك ذل مقامنا، وثبت به عند اضطراب جسر جهنم يوم المجاز عليها زلل أقدامنا، ونور به قبل البعث سدف قبورنا، ونجنا به من كل كرب يوم القيامة، وشدائد أهوال يوم الطامة، وبيض وجوهنا يوم تسود وجوه الظلمة في يوم الحسرة والندامة، واجعل لنا في صدور المؤمنين ودا، ولا تجعل الحياة علينا نكدا (1).
[الحديث: 950] قيل للإمام الباقر: ما أقول إذا سمعت الأذان؟ قال: اذكر الله مع كل ذاكر (2).
[الحديث: 951] قال الإمام الباقر: إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصبٌ: (الله أكبر)، ثم اركع وقل: (اللهم لك ركعت، ولك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وأنت ربي، خشع لك قلبي، وسمعي وبصري، وشعري وبشري، ولحمي ودمي، ومخي وعظامي وعصبي، وما أقلته قدماي، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر، سبحان ربي العظيم وبحمده) ثلاث مرات في ترتيل (3).
[الحديث: 952] قال الإمام الباقر: المسألة قبل الصلاة وبعدها (4).
[الحديث: 953] قال الإمام الباقر في قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح: 7 - 8]: إذا قضيت الصلاة بعد أن تسلم وأنت جالسٌ فانصب في الدعاء من أمر الدنيا والآخرة، وإذا فرغت من الدعاء فارغب إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يتقبلها منك (5).
__________
(1) الصحيفة السجادية: ص 157.
(2) علل الشرائع: ص 284.
(3) الكافي: 3/ 319، تهذيب الأحكام: 2/ 77.
(4) دعائم الإسلام: 1/ 166.
(5) قرب الإسناد: ص 7.
معارج الذكر والدعاء (244)
[الحديث: 954] قال الإمام الباقر: لما كلم الله عز وجل موسى عليه السلام قال موسى: إلهي، ما جزاء من صلى الصلاة لوقتها، لم يشغله عن وقتها دنيا؟ قال: يا موسى، أعطيه سؤله وأبيحه جنتي (1).
[الحديث: 955] قال الإمام الباقر: أقل ما يجزئك من الدعاء بعد الفريضة أن تقول: اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك، اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة (2).
[الحديث: 956] قال الإمام الباقر بعد دعاء ذكره لقنوت الوتر: ثم تقول في قنوت الوتر بعد هذا: (أستغفر الله وأتوب إليه) سبعين مرة، وتعوذ بالله من النار كثيرا (3).
[الحديث: 957] قال الإمام الباقر: الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا، وبذلك جرت السنة (4).
[الحديث: 958] قال الإمام الباقر: لا تنسوا الموجبتين في دبر كل صلاة، قيل: وما الموجبتان؟ قال: تسأل الله الجنة، وتعوذ بالله من النار (5).
[الحديث: 959] قال الإمام الباقر في قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح: 7 - 8]: إذا قضيت الصلاة بعد أن تسلم وأنت جالسٌ، فانصب في الدعاء من أمر الدنيا والآخرة، وإذا فرغت من الدعاء فارغب إلى الله تبارك وتعالى أن يتقبلها منك (6).
__________
(1) فضائل الأشهر الثلاثة: ص 89، الأمالي للصدوق: ص 277.
(2) الكافي: 3/ 343، تهذيب الأحكام: 2/ 107.
(3) الأمالي للطوسي: ص 433.
(4) من لا يحضره الفقيه: 1/ 328، الكافي: 3/ 342.
(5) الكافي: 3/ 343، تهذيب الأحكام: 2/ 108.
(6) قرب الإسناد: ص 7.
معارج الذكر والدعاء (245)
[الحديث: 960] قال الإمام الباقر: من استغفر الله بعد صلاة الفجر سبعين مرة، غفر الله له (1).
[الحديث: 961] قال الإمام الباقر: من قال في دبر صلاة الفريضة قبل أن يثني رجليه: أستغفر الله الذي لا إله إلاهو الحي القيوم، ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه (ثلاث مرات) غفر الله عز وجل له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر (2).
[الحديث: 962] قال الإمام الباقر: أقل ما يجزئك من الدعاء بعد الفريضة أن تقول: اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك، اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة (3).
[الحديث: 963] قال الإمام الباقر: ادع في طلب الرزق في المكتوبة وأنت ساجدٌ: يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين، ارزقني وارزق عيالي من فضلك الواسع، فإنك ذو الفضل العظيم (4).
[الحديث: 964] قال الإمام الباقر: تقول في قنوت الفريضة في الأيام كلها ـ إلافي الجمعة ـ: اللهم إني أسألك لي ولوالدي، ولولدي ولأهل بيتي، وإخواني المؤمنين فيك، اليقين، والعفو، والمعافاة، والرحمة، والمغفرة، والعافية، في الدنيا والآخرة (5).
[الحديث: 965] قال الإمام الصادق: من أذن ثم سجد، فقال (لا إله إلا أنت ربي، سجدت لك خاضعا خاشعا) غفر الله له ذنوبه (6).
__________
(1) ثواب الأعمال: ص 198، الخصال: ص 581.
(2) الكافي: 2/ 521، مكارم الأخلاق: 2/ 93؛ المعجم الصغير: 2/ 26، عمل اليوم والليلة لابن السني: ص 53.
(3) الكافي: 3/ 343 و2/ 578، تهذيب الأحكام: 2/ 108.
(4) الكافي: 2/ 551.
(5) من لا يحضره الفقيه: 1/ 318.
(6) فلاح السائل: ص 272.
معارج الذكر والدعاء (246)
[الحديث: 966] عن معاوية بن وهب، قال: سمعت الإمام الصادق يقول بين الأذان والإقامة: سبحان من لا تبيد معالمه، سبحان من لا ينسى من ذكره، سبحان من لا يخيب سائله، سبحان من ليس له حاجبٌ يغشى، ولا بوابٌ يرشى، ولا ترجمانٌ يناجى، سبحان من اختار لنفسه أحسن الأسماء، سبحان من فلق البحر لموسى، سبحان من لا يزداد على كثرة العطاء إلاكرما وجودا، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره (1).
[الحديث: 967] قال الإمام الصادق: يقول الرجل إذا فرغ من الأذان وجلس: اللهم اجعل قلبي بارا، وعيشي قارا، ورزقي دارا، واجعل لي عند قبر نبيك صلى الله عليه وآله وسلم قرارا ومستقرا (2).
[الحديث: 968] قال الإمام الصادق: عليكم بالدعاء في أدبار الصلاة؛ فإنه مستجابٌ (3).
[الحديث: 969] قال الإمام الصادق: إن الله عز وجل فرض عليكم الصلوات الخمس في أفضل الساعات؛ فعليكم بالدعاء في أدبار الصلوات (4).
[الحديث: 970] قال الإمام الصادق: إن الله عز وجل فرض عليكم الصلاة في أحب الأوقات إليه؛ فاسألوا الله حوائجكم عقيب فرائضكم (5).
[الحديث: 971] قال الإمام الصادق: ما من مؤمن يؤدي فريضة من فرائض الله إلا كان له عند أدائها دعوةٌ مستجابةٌ (6).
[الحديث: 972] قال الإمام الصادق في قول الله عز وجل: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
__________
(1) فلاح السائل: ص 273، مكارم الأخلاق: 2/ 64.
(2) الكافي: 3/ 308، تهذيب الأحكام: 2/ 64.
(3) الخصال: ص 688.
(4) الخصال: ص 278، تفسير القمي: 1/ 67.
(5) عدة الداعي: ص 58.
(6) المحاسن: 1/ 122.
معارج الذكر والدعاء (247)
وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح: 7 - 8]: الدعاء بعد الفريضة، إياك أن تدعه؛ فإن فضله بعد الفريضة كفضل الفريضة على النافلة، إن الله عز وجل يقول: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] وأفضل العبادة الدعاء، وإياه عنى (1).
[الحديث: 973] قال الإمام الصادق: من قال: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، أربعين مرة في دبر كل صلاة فريضة قبل أن يثني رجليه، ثم سأل الله أعطي ما سأل (2).
[الحديث: 974] قال الإمام الصادق: من قال إذا صلى المغرب ثلاث مرات: (الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره) أعطي خيرا كثيرا (3).
[الحديث: 975] سئل الإمام الصادق عن التعوذ من الشيطان عند كل سورة؟ قال: نعم، تعوذ بالله من الشيطان الرجيم (4).
[الحديث: 976] عن صفوان الجمال، قال: شهدت الإمام الصادق استقبل القبلة قبل التكبير، وقال: اللهم لا تؤيسني من روحك، ولا تقنطني من رحمتك، ولا تؤمني مكرك، فإنه لا يأمن مكر الله إلاالقوم الخاسرون (5).
[الحديث: 977] قال الإمام الصادق: إذا قمت إلى الصلاة، فقل: اللهم إني أقدم إليك محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بين يدي حاجتي، وأتوجه به إليك، فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا
__________
(1) دعائم الإسلام: 1/ 166.
(2) الأمالي للصدوق: ص 269.
(3) الكافي: 2/ 545، من لا يحضره الفقيه: 1/ 326.
(4) تفسير العياشي: 2/ 270.
(5) الكافي: 2/ 544.
معارج الذكر والدعاء (248)
والآخرة ومن المقربين، اجعل صلاتي به مقبولة، وذنبي به مغفورا، ودعائي به مستجابا، إنك أنت الغفور الرحيم (1).
[الحديث: 978] قال الإمام الصادق: إذا قمت إلى الصلاة فقل: بسم الله وبالله، ومن الله وإلى الله، وكما شاء الله ولا قوة إلابالله، اللهم اجعلني من زوارك وعمار مساجدك، وافتح لي باب رحمتك، وأغلق عني باب معصيتك، الحمد لله الذي جعلني ممن يناجيه، اللهم أقبل علي بوجهك، جل ثناؤك.. ثم افتح الصلاة (2).
[الحديث: 979] قال الإمام الصادق: إن القرآن لا يقرأ هذرمة ولكن يرتل ترتيلا، فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فقف عندها، وسل الله عز وجل الجنة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها، وتعوذ بالله من النار (3).
[الحديث: 980] قال الإمام الصادق لرجل تعوذ بعد التوجه من الشيطان، تقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم (4).
[الحديث: 981] قال الإمام الصادق: لا تدع في دبر كل صلاة: أعيذ نفسي وما رزقني ربي بالله الواحد الصمد ـ حتى تختمها ـ وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الفلق ـ حتى تختمها ـ واعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الناس ـ حتى تختمها ـ (5).
[الحديث: 982] قال الإمام الصادق في دعائه في قنوت صلاة العيد: اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون، وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك المخلصون (6).
__________
(1) الكافي: 3/ 309، تهذيب الأحكام: 2/ 287.
(2) دعائم الإسلام: 1/ 167.
(3) الكافي: 2/ 617.
(4) دعائم الإسلام: 1/ 157.
(5) الكافي: 3/ 343 وص 346، تهذيب الأحكام: 2/ 108.
(6) من لا يحضره الفقيه: 1/ 513 وص 523.
معارج الذكر والدعاء (249)
[الحديث: 983] قال الإمام الصادق: إن الله عز وجل فرض عليكم الصلوات الخمس في أفضل الساعات؛ فعليكم بالدعاء في أدبار الصلوات (1).
[الحديث: 984] قال الإمام الصادق: يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: في الوتر، وبعد الفجر، وبعد الظهر، وبعد المغرب (2).
[الحديث: 985] قال الإمام الصادق: الجلوس بعد صلاة الغداة في التعقيب والدعاء حتى تطلع الشمس أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض (3).
[الحديث: 986] قال الإمام الصادق: قل بعد التسليم: الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حيٌ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شي ء قديرٌ، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك؛ إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (4).
[الحديث: 987] قال الإمام الصادق: من قال في دبر الفريضة: أستودع الله العظيم الجليل نفسي وأهلي وولدي ومن يعنيني أمره، وأستودع الله المرهوب المخوف المتضعضع لعظمته كل شي ء نفسي وأهلي ومالي وولدي ومن يعنيني أمره.. حف بجناح من أجنحة جبريل عليه السلام، وحفظ في نفسه وأهله وماله (5).
[الحديث: 988] قال الإمام الصادق: إذا صليت فقل بعقب صلاتك: اللهم لك صليت، وبك آمنت، وإياك دعوت، وإياك رجوت، فأسألك أن تجعل لي في صلاتي ودعائي بركة تكفر بها سيئاتي، وتبيض بها وجهي وتكرم بها مقامي، وتحط بها عني وزري، اللهم
__________
(1) الخصال: ص 278، تفسير القمي: 1/ 67.
(2) الكافي: 2/ 477.
(3) تهذيب الأحكام: 2/ 138، من لا يحضره الفقيه: 1/ 329، بحار الأنوار: 10/ 90.
(4) تهذيب الأحكام: 2/ 106.
(5) الكافي: 2/ 573.
معارج الذكر والدعاء (250)
احطط عني وزري، واجعل ما عندك خيرا لي، الحمد لله الذي قضى عني صلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (1).
[الحديث: 989] قال الإمام الصادق: الحواميم رياحين القرآن، فإذا قرأتموها فاحمدوا الله واشكروه كثيرا لحفظها وتلاوتها، إن العبد ليقوم ويقرأ الحواميم، فيخرج من فيه أطيب من المسك الأذفر والعنبر، وإن الله عز وجل ليرحم تاليها وقارئها (2).
[الحديث: 990] قيل للإمام الصادق: أدعو وأنا راكعٌ أو ساجدٌ؟ فقال: نعم، ادع وأنت ساجدٌ؛ فإن أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجدٌ، ادع الله عز وجل لدنياك وآخرتك (3).
[الحديث: 991] قيل للإمام الصادق: أدعو وأنا ساجدٌ؟ فقال: نعم؛ ادع للدنيا والآخرة؛ فإنه رب الدنيا والآخرة (4).
[الحديث: 992] قال الإمام الصادق: أقرب ما يكون العبد من ربه، إذا دعا ربه وهو ساجدٌ (5).
[الحديث: 993] قال الإمام الصادق: إذا نزلت برجل نازلةٌ أو شديدةٌ، أو كربه أمرٌ، فليكشف عن ركبتيه وذراعيه وليلصقهما بالأرض، وليلزق جؤجؤه بالأرض، ثم ليدع بحاجته وهو ساجدٌ (6).
[الحديث: 994] قال الإمام الصادق: إذا أصابك أمرٌ فبلغ منك مجهودك، فاسجد على الأرض، وقل: يا مذل كل جبار، يا معز كل ذليل، قد وحقك بلغ بي مجهودي، فصل
__________
(1) دعائم الإسلام: 1/ 169.
(2) مكارم الأخلاق: 1/ 310.
(3) الاصول الستة عشر: ص 61.
(4) الكافي: 3/ 323، تهذيب الأحكام: 2/ 299.
(5) الكافي: 3/ 323.
(6) الكافي: 2/ 556، عدة الداعي: ص 260.
معارج الذكر والدعاء (251)
على محمد وآل محمد وفرج عني (1).
[الحديث: 995] عن عبد الله بن هلال، قال: شكوت إلى الإمام الصادق تفرق أموالنا، وما د