×

بيانات الكتاب

الكتاب: أحكام الحكومة الإسلامية

الوصف: أكثر من ثلاثة آلاف حديث حول أسس الحكومة الإسلامية ومؤسساتها

السلسلة: سنة بلا مذاهب

المؤلف: د. نور الدين أبو لحية

الناشر: دار الأنوار للنشر والتوزيع

الطبعة: الأولى، 1442 هـ

عدد الصفحات: 670 <

صيغة: pdf

صيغة: docx

ISBN: 978-620-3-85895-2

لمطالعة الكتاب من تطبيق مؤلفاتي المجاني وهو أحسن وأيسر: هنا

 />
							</p>
			
					<p dir=

يجمع هذا الكتاب أكثر من ثلاثة آلاف حديث حول الأسس والمؤسسات التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية، بالإضافة إلى الأحكام الشرعية المرتبطة بالسعي لتحقيقها على أرض الواقع، والمناهج المعتمدة في ذلك.

وهو يجمع كل ما ورد مفرقا في المصادر الحديثية وغيرها، سواء في أبواب الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبارها تمثل دور الأمة بجميع مكوناتها في تحقيق الحاكمية الإلهية، أو مراقبة مدى تنفيذها.

ومثلها ما ورد في أبواب الخلافة والإمارة والسياسة الشرعية، والتي يوصف فيها عادة أدوار المسؤولين والحكام وصفاتهم.

ومثلها ما ورد في أبواب القضاء والبينات والدعاوى باعتبارها تشكل ركنا أساسيا في الحكومة الإسلامية يهدف إلى تحقيق العدالة والأمن الاجتماعي والقيمي.

ومثلها ما ورد في أبواب الجهاد، والذي يهدف إلى حماية الأمن القومي للحكومة الإسلامية، سواء بمواجهة المعتدين خارجيا، أو البغاة والمعارضة المسلحة داخليا.

ومثلها ما ورد في أبواب الحدود والتعزيرات، والتي تهدف إلى حفظ القيم الأخلاقية والحضارية في الحكومة الإسلامية.

ومثلها ما ورد في أبواب القصاص والديات ونحوها، والتي تهدف إلى حفظ الأرواح والأمن في المجتمع المسلم، ووضع كل القوانين التي تحقق ذلك.

وقد أضفنا إلى ذلك ما ورد من التوجيهات المرتبطة بتحقيق تلك القيم، لأن الحكومة الإسلامية حكومة ربانية تنطلق من الروادع الدينية والأخروية قبل الزواجر القانونية، ومثلها ما ورد في سير الأئمة وورثة النبوة ما يشير إلى النماذج الواقعية لتحقيق الحاكمية الإلهية بأجمل صورها.

أحكام الحكومة الإسلامية (14)

المقدمة

يجمع هذا الكتاب أكثر من ثلاثة آلاف حديث حول الأسس والمؤسسات التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية بالإضافة إلى الأحكام الشرعية المرتبطة بالسعي لتحقيقها على أرض الواقع، والمناهج المعتمدة في ذلك.

وهو يجمع كل ما ورد مفرقا في المصادر الحديثية وغيرها، سواء في أبواب الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبارها تمثل دور الأمة بجميع مكوناتها في تحقيق الحاكمية الإلهية، أو مراقبة مدى تنفيذها.

ومثلها ما ورد في أبواب الخلافة والإمارة والسياسة الشرعية، والتي يوصف فيها عادة أدوار المسؤولين والحكام وصفاتهم.

ومثلها ما ورد في أبواب القضاء والبينات والدعاوى باعتبارها تشكل ركنا أساسيا في الحكومة الإسلامية يهدف إلى تحقيق العدالة والأمن الاجتماعي والقيمي.

ومثلها ما ورد في أبواب الجهاد، والذي يهدف إلى حماية الأمن القومي للحكومة الإسلامية، سواء بمواجهة المعتدين خارجيا، أو البغاة والمعارضة المسلحة داخليا.

ومثلها ما ورد في أبواب الحدود والتعزيرات، والتي تهدف إلى حفظ القيم الأخلاقية والحضارية في الحكومة الإسلامية.

ومثلها ما ورد في أبواب القصاص والديات ونحوها، والتي تهدف إلى حفظ الأرواح والأمن في المجتمع المسلم، ووضع كل القوانين التي تحقق ذلك.

وقد أضفنا إلى ذلك ما ورد من التوجيهات المرتبطة بتحقيق تلك القيم، لأن الحكومة الإسلامية حكومة ربانية تنطلق من الروادع الدينية والأخروية قبل الزواجر القانونية.

أحكام الحكومة الإسلامية (15)

وأضفنا ما ورد في سير الأئمة وورثة النبوة ما يشير إلى النماذج الواقعية لتحقيق الحاكمية الإلهية بأجمل صورها.

وقد حاولنا أن نستبعد كل ما نراه متعارضا مع القرآن الكريم وقيم العدالة الفطرية، وهي تلك الأحاديث المدسوسة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أئمة الهدى، والتي لها علاقة ببعض القيم الجاهلية، وقد بينا في مقدمات المباحث والفصول ما استبعدناه من تلك الأحاديث، وأثبتنا مدى بعدها عن القرآن الكريم، وما تقتضيه الفطرة السليمة.

بناء على هذا قسمنا الأحاديث الواردة حول الحكومة الإسلامية إلى سبعة فصول:

الأول ـ أسس الحكومة الإسلامية وخصائصها: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول ثلاثة أسس كبرى للحكومة الإسلامية، وهي: الحاكمية والعدالة والشوري.. فالأولى تدل على ربانية المصادر التي تستنبط منها الأحكام والموازين، والثانية تدل على التنفيذ الصحيح لتلك الموازين الإلهية، والثالثة تدل على مشاركة كل أطياف الأمة في تحقيق ذلك التنفيذ.

الثاني ـ مسؤوليات الرعية في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول مسؤولية الرعية في الحكومة الإسلامية إما قبل تأسيسها بالسعي إلى ذلك واستعمال كل الوسائل، بحسب الظروف المتاحة، أو بعد تأسيسها بممارسة الرقابة على كل مؤسسات الدولة، حتى تتحقق الحاكمية بصورتها المثلى.

الثالث ـ مسؤوليات الحكام في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول صفات الحكام والمسؤولين في الحكومة الإسلامية، بالإضافة إلى نموذج عملي عن الفترة التي ولي فيها الإمام علي ووصاياه لعماله، باعتبارها دستورا للقيم التي تمثل الحاكمية الإسلامية خير تمثيل.

الرابع ـ مسؤوليات القضاة في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة

أحكام الحكومة الإسلامية (16)

حول أحكام القضاء وآدابه.. وما ورد حول الدعاوى والبينات، باعتبارها الوسائل التي يستعملها القاضي للتحقيق، أما قوانين العقوبات التي يطبقها القضاة، فقد خصصنا لها فصولا خاصة.

الخامس ـ حفظ الأمن في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول حفظ الأمن في الحكومة الإسلامية، إما خارجيا بالجهاد ومقاومة الأعداء، أو داخليا بالدفاع عن النفس، ومواجهة البغاة والمعارضة المسلحة وقطاع الطرق والمحاربين والمفسدين.

السادس ـ حفظ القيم في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول مسؤولية الرعية وحكامها في تحقيق القيم الإسلامية بأجمل صورة، وذلك إما بالوعظ والإرشاد والتوجيه.. أو بتطبيق الحدود والتعزيرات التي وردت في الشريعة، لتحفظ الرعية من تسلل الانحراف والمنحرفين إليها، وقد ذكرنا فيه الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ الأعراض، وحفظ العقل، وحفظ الأموال، وهي تشمل جميع ما ورد في الشريعة من أنواع الحدود وأحكامها.

السابع ـ حفظ الأرواح في الحكومة الإسلامية: ذكرنا فيه الأحاديث الواردة حول الزواجر التوجيهية التي تحذر من القتل والأذى والظلم، ومثلها العقوبات الحسية للقتل أو الجرح وأنواع الأذى، بالقصاص والدية ونحوهما.

وقد قسمنا الأحاديث في كل فصل أو مبحث بحسب من رويت عنهم الأحاديث سواء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أئمة الهدى من بعده، وذلك ليتيسر على الباحث والمطالع أن يتعرف على كل التفاصيل المرتبطة بالموضوع الذي يريد مطالعته أو بحثه.

وننبه إلى أن الغرض من الكتاب هو الاطلاع على النظرة الشمولية للحكومة

أحكام الحكومة الإسلامية (17)

الإسلامية، والتي تشمل جميع مناحي الحياة، ولذلك لا غرابة في ذكر الأحاديث المتعلقة ببعض القيم الأخلاقية الأساسية، والتي لا تولي لها السياسة الحديثة كبير اهتمام، بينما تشكل في الرؤية الإسلامية أركانا مهمة لا تتم الحكومة من دونها.

لذلك لا نقبل أي اعتراض على بعض ما ورد في الكتاب بحجة عدم تناسبه مع موضوعه؛ فالرؤية السياسية الإسلامية تختلف جذريا عن الرؤى المبنية على الفلسفات المادية والعلمانية.

بالإضافة إلى ذلك ننبه إلى أن المعيار الأكبر الذي طبقناه في هذا الجزء خصوصا هو [العدالة] بمفهومها الواسع، ولذلك رفضنا كل حديث يتعارض معها باعتباره ليس معارضا للقرآن الكريم فقط، وإنما معارض للأحاديث الكثيرة التي تحض على العدالة، وتعتبرها ركنا من أركان الدين، بل صفة من صفات الله تعالى؛ فكما أن الله لا يجور ولا يظلم أحدا؛ فشريعته كذلك أكرم وأجل من أن تحتوي على ظلم أو جور.

وبناء على هذا رددنا الأحاديث التي تفرق في العقوبات بين الذكر والأنثى والمسلم وغير المسلم، لأنها تتناقض مع ما ورد في القرآن الكريم من كون النساء شقائق الرجال، وما ورد فيه من النهي عن الإكراه في الدين، أو ظلم غير المسلمين.

أحكام الحكومة الإسلامية (18)

أسس الحكومة الإسلامية وخصائصها

جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول الأسس الكبرى التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية، وقد رأينها أنه يمكن حصرها في ثلاثة أسس:

أولها ـ حاكمية الشريعة الإسلامية، باعتبار الإسلام نظاما شاملا لكل مجالات الحياة بما فيها المجالات السياسية والقضائية والأمنية وغيرها، وقد ذكرنا فيه الأحاديث التي تبين وجوب طاعة الله مطلقا وفي كل الشؤون، بالإضافة إلى المصادر التي نتعرف من خلالها على شريعة الله بعيدا عن الأهواء والرغبات والاجتهادات المخالفة والمعارضة للنصوص المقدسة.

ثانيها ـ العدالة وشمولها لكل المحال، ذلك أن الشريعة قد تجد من يطبقها على أرض الواقع، لكن لا بحسب ما أمر الله، وإنما بحسب ما يشتهي، مثل ذلك الذي يدفع الزكاة، ولكن لا يبحث عن أولى الناس استحقاقا لها؛ فيكون في ظاهره قد أدى الزكاة، ولكنه في حقيقته خالف تطبيقه لها المناط والمقاصد التي قصد إليها من خلال تشريعها.

ثالثا ـ الشورى وأهلها المؤهلون لها، وهي ترتبط بالقائمين على الحكومة الإسلامية، حتى لا يقعوا في الاستبداد، أو احتكار السلطة، ذلك أن تطبيقهم للشريعة لا يكفي وحده، ما لم يشركوا الأمة جميعا في القرارات التي يتخذونها، وذلك كله ضمن ضوابط الشريعة التي تحكم الجميع، وبذلك يمكن اعتبار الحكومة الإسلامية نظاما جمهوريا، لا نظاما ملكيا أو امبراطوريا يتعامل وفق معايير عائلية وأسرية، لا وفق معايير الشريعة والعدالة.

أولا ـ ما ورد حول حاكمية الشريعة ومصادرهأ

أحكام الحكومة الإسلامية (19)

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث التي تقرر حاكمية الشريعة في كل النواحي المرتبطة بالإنسان والمجتمع والحكومة وغيرها، حتى النواحي الوجدانية والعاطفية ونحوها.

وهي نصوص كثيرة تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة إلى تحكيم الله ورسوله بعيدا عن الأهواء والرغبات، واعتبار الانحراف عن ذلك الحكم جاهلية مقيتة.

ومن تلك الآيات الكريمة قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45]، وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 47]، وهي آيات تبين مدى الكفر والظلم والفسوق الذي يقع فيه الذين فصلوا حياتهم عن شريعة الله.

وقد ذُكرت الأحكام فيها بذلك الترتيب بحسب نوع الإعراض عن حكم الله، فإن كان إعراضا كليا، ممتلئا بالجحود والتحقير، فهو الكفر بعينه، وإن كان الإعراض ناتجا عن التقصير والكسل، فصاحبه ـ كما تنص الآيات الكريمة ـ ظالم وفاسق.

وهكذا نرى القرآن الكريم يعتبر الشرائع والقوانين التي تتعارض مع شريعة الله شرائع وقوانين جاهلية، قال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50]، واعتبر تارك شريعة الله، والملتجئ لغيره مشركا؛ فقال: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21]

بل نجد من الآيات الكريمة ما ينفي الإيمان عن المعرض عن أحكام الله، كما قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65]

وضرب مثالا على ذلك بما كان يحصل في عهد النبوة من مرضى القلوب الذين

أحكام الحكومة الإسلامية (20)

يدعون الإيمان بالله ورسوله، وفي نفس الوقت لا يذعنون لما يرد عنهما من أحكام، قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [النور: 47 - 50]

وذكر في مقابلهم موقف المؤمنين الصادقين في إيمانهم والمذعنين إذعانا تاما لله ورسوله، وذكر جزاءهم ومصيرهم؛ فقال: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 51 - 52]

وهكذا نرى القرآن الكريم يعتبر الدعوة إلى الحكم بغير ما أنزل الله دعوة إلى الطاغوت، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء: 60، 61]

وغيرها من الآيات الكريمة التي تقرر هذه الحقيقة، وقد جمعنا في هذا المبحث الكثير من الأحاديث التي تؤكدها، بالإضافة إلى الأحاديث التي تحذر من الرأي والاستحسان والقياس الفاسد، أو الاجتهاد الذي يحاول أن يستغل ظواهر بعض الأحكام ليبني عليها أحكاما جديدة لا تتناسب مع شريعة الله وعدالتها.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أحكام الحكومة الإسلامية (21)

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 1] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبدٌ حبشيٌ كأن رأسه زبيبةٌ ما أقام فيكم كتاب الله (1).

[الحديث: 2] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة (2).

[الحديث: 3] عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سيلي أموركم بعدي رجالٌ يطفئون السنة ويعملون بالبدعة ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، قلت: يا رسول الله إن أدركتهم كيف أفعل؟ قال: تسألني يا ابن أم عبد كيف تفعل لا طاعة لمن عصى الله (3).

[الحديث: 4] عن عقبة بن مالك قال: بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم سرية فسلحت رجلا منهم سيفا فلما رجع قال: أرأيت ما لامنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أعجزتم إذا بعثت رجلا فلم يمض لأمري أن تجعلون مكانه من يمضي لأمري (4).

[الحديث: 5] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا، فيرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السّؤال، وإضاعة المال) (5)

[الحديث: 6] عن أمّ الحصين قالت: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجّة الوداع، فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف، وهو على راحلته، ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته، والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشّمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قولا

__________

(1) البخاري (693)

(2) البخاري (2955)، مسلم (1839)

(3) ابن ماجة (2865)

(4) أبو داود (2627)، والحاكم 2/ 115.

(5) مسلم (1715)

أحكام الحكومة الإسلامية (22)

كثيرا، ثمّ سمعته يقول: (إن أمّر عليكم عبد مجدّع (1) أسود يقودكم بكتاب الله تعالى، فاسمعوا له وأطيعوا) (2)

[الحديث: 7] عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما فينا خطيبا، بماء يدعى خمّا بين مكّة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكّر، ثمّ قال: (أمّا بعد، ألا أيّها النّاس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنّور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحثّ على كتاب الله، ورغّب فيه ثمّ قال: (و أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي) (3)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 8] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حكم في درهمين بحكم جور، ثم جبر عليه كان من أهل هذه الآية: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، قيل: كيف يجبر عليه؟ قال: يكون له سوط وسجن فيحكم عليه، فإن رضي بحكمه، وإلا ضربه بسوط، وحبسه في سجنه (4).

[الحديث: 9] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حكم بما لم يحكم به الله كان كمن شهد بشهادة زور، ويقذف به في النار، يعذب بعذاب شاهد الزور (5).

[الحديث: 10] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتدرون متى يتوفر على المستمع والقارئ هذه المثوبات العظيمة؟ إذا لم يقل في والقرآن برأيه، ولم يجف عنه، ولم يستأكل به، ولم يراء به..

__________

(1) مجدع: أي مقطع الأعضاء.

(2) مسلم (1298)

(3) مسلم (2408)

(4) الكافي 7/ 408/ 3، التهذيب 6/ 221/ 524.

(5) عقاب الاعمال: 339.

أحكام الحكومة الإسلامية (23)

عليكم بالقرآن، فإنه الشفاء النافع، والدواء المبارك، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتّبعه (1).

[الحديث: 11] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله عزّ وجلّ كان حامده من الناس ذاما، ومن آثر طاعة الله عزّ وجلّ بما يغضب الناس كفاه الله عزّ وجلّ عداوة كل عدو، وحسد كل حاسد، وبغي كل باغ، وكان الله له ناصرا وظهيرا (2).

[الحديث: 12] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أرضى سلطانا جائرا بسخط الله خرج من دين الله (3).

[الحديث: 13] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله عزّ وجلّ كان حامده من الناس ذاما (4).

[الحديث: 14] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (5).

[الحديث: 15] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أرضى سلطانا بما أسخط الله خرج من دين الله (6).

[الحديث: 16] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئا من الجوارح، فيقول: أي رب عذبتني بعذاب لم تعذّب به شيئا، فيقال له: خرجت منك كلمة، فبلغت مشارق الأرض ومغاربها فسفك بها الدم الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئا من جوارحك (7).

[الحديث: 17] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما

__________

(1) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 4.

(2) الكافي 2/ 276/ 2 و5/ 62/ 1.

(3) الكافي 2/ 277/ 5.

(4) الكافي 2/ 276/ 2 و5/ 63/ 3.

(5) من لا يحضره الفقيه 4/ 273.

(6) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 69/ 318.

(7) الكافي 2: 94/ 16

أحكام الحكومة الإسلامية (24)

يصلح (1).

[الحديث: 18] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله جل جلاله: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما على ديني من استعمل القياس في ديني (2).

[الحديث: 19] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الكذب (3).

[الحديث: 20] عن زيد أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ [النصر: 1]، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله قضى الجهاد على المؤمنين في الفتنة بعدي.. يجاهدون على الإحداث في الدين، إذا عملوا بالرأي في الدين، ولا رأي في الدين، إنما الدين من الرب أمره ونهيه (4).

[الحديث: 21] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه (5).

[الحديث: 22] عن الإمام الصادق، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنى، فقال: أيها الناس! ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله (6).

[الحديث: 23] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من دان بغير سماع ألزمه الله البتة إلى الفناء، ومن دان بسماع من غير الباب الذي فتحه الله لخلقه فهو مشرك، والباب المأمون على وحي الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم (7).

[الحديث: 24] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم ارحم خلفائي ـ ثلاثا ـ قيل: يا رسول الله

__________

(1) الكافي 1/ 35/ 3 والمحاسن 198/ 23.

(2) أمالي الصدوق: 15/ 3، والتوحيد: 68/ 23، وعيون أخبار الإمام الرضا 1/ 116/ 4.

(3) قرب الإسناد: 15.

(4) تفسير الفرات: 232.

(5) الكافي 1/ 55/ 1.

(6) الكافي 1/ 56/ 5.

(7) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 9/ 22.

أحكام الحكومة الإسلامية (25)

ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون بعدي، يروون حديثي وسنتي (1).

[الحديث: 25] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الأمور ثلاثة: أمر تبين لك رشده فاتّبعه، وأمر تبين لك غيه فاجتنبه، وامر اختلف فيه فرده إلى الله عزّ وجلّ (2).

[الحديث: 26] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: البر ما اطمأنت إليه النفس، والبر ما اطمأن به الصدر، والإثم ما تردد في الصدر، وجال في القلب، وإن أفتاك الناس وأفتوك (3).

[الحديث: 27] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (4).

[الحديث: 28] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لكل ملك حمى، وحمى الله محارمه، فمن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه (5).

[الحديث: 29] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن لكل ملك حمى وإن حمى الله حلاله وحرامه، والمشتبهات بين ذلك، كما لو أن راعيا رعي إلى جانب الحمى لم تثبت غنمه أن تقع في وسطه، فدعوا المشتبهات (6).

[الحديث: 30] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة، وحرامي حرام إلى يوم القيامة، ألا وقد بينهما الله عزّ وجلّ في الكتاب، وبينتهما لكم في سنتي وسيرتي، وبينهما شبهات من الشيطان وبدع بعدي، من تركها صلح له أمر دينه، وصلحت له مروته وعرضه، ومن تلبس بها وقع فيها واتبعها، كان كمن رعي غنمه قرب الحمى، ومن رعي ماشيته قرب الحمى، نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله عزّ وجلّ محارمه، فتوقوا حمى الله ومحارمه (7).

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 4/ 302/ 915.

(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 285/ 854.

(3) قرب الإسناد: 135.

(4) تفسير جوامع الجامع: 5، والبحار 2/ 259.

(5) تفسير جوامع الجامع: 35.

(6) أمالي الطوسي 1/ 390.

(7) كنز الفوائد: 1/ 164.

أحكام الحكومة الإسلامية (26)

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 31] قال الإمام علي لعمر بن الخطاب: ثلاث إن حفظتهن، وعملت بهن كفتك ما سواهن، وإن تركتهن لم ينفعك شيء سواهن، قال: وما هن يا أبا الحسن؟ قال: إقامة الحدود على القريب والبعيد، والحكم بكتاب الله في الرضا والسخط، والقسم بالعدل بين الأحمر والأسود، قال عمر: لعمري لقد أوجزت وأبلغت (1).

[الحديث: 32] قال الإمام علي: لا دين لم دان بطاعة مخلوق في معصية الخالق (2).

[الحديث: 33] قال الإمام علي لشريح: يا شريح، قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي، أو وصي نبي أو شقي (3).

[الحديث: 34] قال الإمام علي: إن الناس آلوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ثلاثة: آلوا إلى عالم على هدى من الله، قد أغناه الله بما علم عن غيره، وجاهل مدع للعلم، لا علم له، معجب بما عنده، قد فتنته الدنيا، وفتن غيره، ومتعلم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة، ثم هلك من ادّعى، وخاب من افترى (4).

[الحديث: 35] قال الإمام علي: أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم، والعمل به، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إن المال مقسوم مضمون لكم، قد قسمه عادل بينكم وضمنه، وسيفي لكم، والعلم مخزون عند أهله، وقد أمرتم

__________

(1) التهذيب 6/ 227/ 547.

(2) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 43/ 149.

(3) الكافي 7/ 406/ 2.

(4) الكافي 1/ 26/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (27)

بطلبه من أهله فاطلبوه (1).

[الحديث: 36] قال الإمام عليّ: احذروا على دينكم ثلاثة: رجلا قرأ القرآن حتّى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره ورماه بالشرك، فقيل له: يا أمير المؤمنين أيّهما أولى بالشرك؟ قال: الرامي، ورجلا استخفّته الأحاديث كلّما احدثت أحدوثة كذب مدّها بأطول منها، ورجلا آتاه الله عزّ وجلّ سلطانا فزعم أنّ طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، وكذب لأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا ينبغي للمخلوق أن يكون حبّه لمعصية الله فلا طاعة في معصيته، ولا طاعة لمن عصى الله، إنّما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر (2).

[الحديث: 37] قال الإمام علي: من أبغض الخلق إلى الله عزّ وجلّ لرجلين: رجل وكله الله إلى نفسه، فهو جائر عن قصد السبيل، مشعوف بكلام بدعة، قد لهج بالصوم والصلاة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته، ورجل قمش جهلا في جهال الناس، عان بأغباش الفتنة، قد سماه أشباه الناس عالماً، ولم يغن فيه يوما سالما، بكّر فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن، واكتنز من غير طائل، جلس بين الناس قاضيا ماضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، وإن خالف قاضيا سبقه، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي من بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه، ثم قطع، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ، لا يحسب العلم في شيء مما أنكر، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا لغيره، إن قاس شيئا بشيء لم يكذب نظره، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، لكيلا يقال

__________

(1) الكافي 1: 23/ 4

(2) الخصال ج 1 ص 139.

أحكام الحكومة الإسلامية (28)

له: لا يعلم، ثم جسر فقضى، فهو مفتاح عشوات، ركاب شبهات خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم، تبكى منه المواريث، وتصرخ منه الدماء، يستحل بقضائه الحرام، ويحرم بقضائه الحلال، لا ملئ بإصدار ما عليه ورد، ولا هو أهل لما منه فرط من ادعائه علم الحق (1).

[الحديث: 38] قال الإمام علي: من عمي نسي الذكر، واتبع الظن، وبارز خالقه، ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين (2).

[الحديث: 39] قال الإمام علي: من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس (3).

[الحديث: 40] قال الإمام علي: إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه، ولكن أتاه عن ربه فأخذ به) (4)

[الحديث: 41] قال الإمام علي: الإسلام هو التسليم.. وإن المؤمن أخذ دينه عن ربه، ولم يأخذه عن رأيه (5).

[الحديث: 42] قال الإمام علي: لا رأي في الدين (6).

[الحديث: 43] قال الإمام علي: اللهم إنه لابد لك من حجج في أرضك، حجّة بعد حجة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك، كيلا يتفرق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم يترقب، إن غاب عن الناس شخصه في حال هدنتهم، فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون (7).

__________

(1) الكافي 1/ 44/ 6.

(2) الكافي 2/ 288/ 1.

(3) الكافي 1/ 47/ 17، قرب الإسناد 7.

(4) الكافي 2/ 38/ 1.

(5) أمالي الصدوق: 287/ 4، ومعاني الأخبار/ 185/ 1.

(6) المحاسن 211/ 78.

(7) الكافي 1/ 274/ 13.

أحكام الحكومة الإسلامية (29)

[الحديث: 44] قال الإمام علي: احذروا على دينكم ثلاثة: رجلا قرأ القرآن، حتى إذا رأيت عليه بهجته اخترط سيفه على جاره، ورماه بالشرك، قيل: يا أمير المؤمنين أيهما أولى بالشرك؟ قال: الرامي، ورجلا استخفّته، الأكاذيب كلما أحدث أحدوثة كذب مدها بأطول منها، ورجلا آتاه الله سلطاناً، فزعم أن طاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله، وكذب، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا ينبغي أن يكون المخلوق حبه لمعصية الله، فلا طاعة في معصيته، ولا طاعة لمن عصى الله، إنما الطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولولاة الأمر (1).

[الحديث: 45] قال الإمام علي في خطبة له: (وناظر قلب اللبيب به يبصر أمده، ويعرف غوره ونجده، داع دعا، وراع رعي، فاستجيبوا للداعي، واتبعوا الراعي، قد خاضوا بحار الفتن، وأخذوا بالبدع دون السنن، وأرز المؤمنون، ونطق الضالون والمكذّبون.. نحن الشعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقا.. وإن العامل بغير علم كالسائر على غير طريق، فلا يزيده بعده عن الطريق الواضح إلا بعدا عن حاجته، وإن العامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح، فلينظر ناظر، أسائر هو، أم راجع؟!) (2)

[الحديث: 46] قال الإمام علي: إنما الناس رجلان: متتبع شرعة، ومبتدع بدعة، ليس معه من الله برهان سنة، ولا ضياء حجة (3).

[الحديث: 47] سئل الإمام علي عن اختلاف الأمة، فقال: إن دين الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله، إن الحق أحسن الحديث، والصادع به مجاهد (4).

__________

(1) الخصال: 139/ 158.

(2) نهج البلاغة 2/ 57.

(3) نهج البلاغة 2/ 115.

(4) بشارة المصطفى: 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (30)

[الحديث: 48] قال الإمام علي في كتابه إلى عثمان بن حنيف، عامله على البصرة: أما بعد، يا ابن حنيف! فقد بلغني: أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة، فأسرعت إليها، تستطاب عليك الألوان، وتنقل عليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم، عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه (1).

[الحديث: 49] قال الإمام علي في كتابه إلى مالك الأشتر: اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور.. وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم (2).

[الحديث: 50] قال الإمام علي في خطبة له: فلا تقولوا ما لا تعرفون، فإن أكثر الحق فيما تنكرون.. فلا تستعمل الرأي فيما لا يدرك قعره البصر، ولا تتغلغل إليه الفكر (3).

[الحديث: 51] قال الإمام علي في خطبة له: فيا عجبا! وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتفون أثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي، يعملون في الشبهات، ويسيرون في الشهوات، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا، مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، وتعويلهم في المبهمات على آرائهم، كأن كل امرئ منهم إمام نفسه، قد أخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات، وأسباب محكمات (4).

[الحديث: 52] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: يا بني، دع القول فيما لا تعرف، والخطاب فيما لا تكلّف، وأمسك عن طريق إذا خفت ضلالته، فإن الكف عند حيرة

__________

(1) نهج البلاغة 3/ 78.

(2) نهج البلاغة 3/ 104.

(3) نهج البلاغة 1/ 153.

(4) نهج البلاغة 1/ 154/ 84.

أحكام الحكومة الإسلامية (31)

الضلال خير من ركوب الأهوال.. وابدأ قبل ذلك بالاستعانة بإلهك، والرغبة إليه في توفيقك، وترك كل شائبة أولجتك في شبهة، أو أسلمتك إلى ضلالة (1).

[الحديث: 53] قال الإمام علي: من ترك قول لا أدري أصيبت مقاتله (2).

[الحديث: 54] قال الإمام علي: لا ورع كالوقوف عند الشبهة (3).

[الحديث: 55] قال الإمام علي: إنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق، فأما أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين، ودليلهم سمت الهدى، وأما أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال، ودليلهم العمى (4).

[الحديث: 56] قال الإمام علي: إن من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات، حجزه التقوى عن تقحم الشبهات (5).

[الحديث: 57] قال الإمام علي: حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك، والمعاصي حمى الله، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها (6).

[الحديث: 58] قال الإمام علي: إن الشك والمعصية في النار، ليسا منا، ولا إلينا (7).

[الحديث: 59] قال الإمام علي يوصي بعض أصحابه: أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت (8).

[الحديث: 60] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: أوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محلها، والصمت عند الشبهة، وأنهاك عن التسرع بالقول

__________

(1) نهج البلاغة 3/ 44.

(2) نهج البلاغة 3/ 169/ 85.

(3) نهج البلاغة 3/ 177/ 113.

(4) نهج البلاغة 1/ 85/ 37.

(5) نهج البلاغة 1/ 42/ 15.

(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 53/ 193

(7) عقاب الأعمال: 308، والمحاسن: 249/ 259.

(8) أمالي الطوسي 1/ 109.

أحكام الحكومة الإسلامية (32)

والفعل، والزم الصمت تسلم (1).

[الحديث: 61] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: اعلم يا بني إن أحب ما أنت آخذ به من وصيتي إليك تقوى الله، والاقتصار على ما افترض عليك، والأخذ بما مضى عليه سلفك من آبائك والصالحون من أهل بيتك، فإنهم لن يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر، وفكّروا كما أنت مفكر، ثم ردهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا، والإمساك عما لم يكلفوا، فليكن طلبك لذلك بتفهم وتعلم، لا بتورد الشبهات، وعلو الخصومات، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك، والرغبة إليه في التوفيق، ونبذ كل شائبة أدخلت عليك شبهة، أو أسلمتك إلى ضلالة (2).

[الحديث: 62] قال الإمام علي: إن الله حدَّ حدوداً فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تنقصوها، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تكلفوها، رحمة من الله لكم فاقبلوها.. حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك والمعاصي حمى الله، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها (3).

[الحديث: 63] عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين: إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن، وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن، وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل عليّ ثم قال: قد سألت فافهم الجواب: إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا،

__________

(1) أمالي الطوسي 1/ 6.

(2) كشف المحجة: 159، 162.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 53/ 193.

أحكام الحكومة الإسلامية (33)

وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عهده، حتى قام خطيباً، وقال: أيها الناس قد كثرت عليّ الكذابة، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة، ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام، لا يتأثّم، ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدا، ولو علم المسلمون أنه منافق كاذب ما قبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقدرآه وسمع منه، وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما خبرك ووصفهم بما وصفهم فقال عزوجل: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [المنافقون: 4]، ثم بقوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان حتى ولوهم الأعمال، وحكموهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.. ورجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً، لم يحمله على وجهه، ووهم فيه، ولم يتعمد كذبا، فهو في يده، يقول به، ويعمل به، ويرويه، فيقول: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلو علم المسلمون أنه وهم لرفضوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.. ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا أمر به ثم نهى عنه، وهو لا يعلم: أو نهى عنه، ثم أمر به، وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه، ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم الناس إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.. وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مبغض للكذب خوفا من الله، وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به كما سمعه، لم يزد فيه، ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ، ورفض المنسوخ، فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل القرآن، منه ناسخ

أحكام الحكومة الإسلامية (34)

ومنسوخ، وخاص وعام، ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام له وجهان، وكلام عام، وكلام خاص مثل القرآن (1).

[الحديث: 64] قال الإمام الصادق: لما ولى أمير المؤمنين شريحا القضاء اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتى يعرضه عليه (2).

ما روي عن الإمام الحسين

[الحديث: 65] قال الإمام الصادق: كتب رجل إلى الإمام الحسين: عظني بحرفين، فكتب إليه: من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو، وأسرع لمجيء ما يحذر (3).

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 66] قال الإمام السجاد: إذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في أحكامهم، ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا، وإن تعاملتم بأحكامنا كان خيرا لكم (4).

[الحديث: 67] قال الإمام السجاد يوصي بعض أصحابه: إن وضح لك أمر فاقبله، وإلا فاسكت تسلم، ورد علمه إلى الله، فإنك أوسع مما بين السماء والأرض (5).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 68] قال الإمام الباقر: من حكم في درهمين فأخطأ كفر (6).

[الحديث: 69] قال الإمام الباقر: الحكم حكمان: حكم الله، وحكم أهل الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم أهل الجاهلية، ومن حكم بدرهمين بغير ما أنزل الله عزّ وجلّ فقد كفر بالله تعالى (7).

__________

(1) الكافي 1/ 50/ 1.

(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 263/ 821.

(3) الكافي 2/ 276/ 3.

(4) من لا يحضره الفقيه 3/ 3/ 3.

(5) كتاب سليم بن قيس/ 67.

(6) من لا يحضره الفقيه 3/ 5/ 14.

(7) من لا يحضره الفقيه 3/ 3/ 6.

أحكام الحكومة الإسلامية (35)

[الحديث: 70] قال الإمام الباقر: لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شيء من آيات الله (1).

[الحديث: 71] قال الإمام الباقر: من أفتى الناس بغير علم، ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه (2).

[الحديث: 72] قال الإمام الباقر: ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، إن الرجل لينتزع الآية، يخر فيها أبعد ما بين السماء (3).

[الحديث: 73] قال الإمام الباقر: الحكم حكمان: حكم الله عزّ وجلّ، وحكم أهل الجاهلية، وقد قال الله عزّ وجلّ: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50] وأشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية (4).

[الحديث: 74] قيل للإمام الباقر: ما حق الله على العباد؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون، ويقفوا عند ما لا يعلمون (5).

[الحديث: 75] قال الإمام الباقر: من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث أحلّ، وحرم فيما لا يعلم (6).

[الحديث: 76] قال الإمام الباقر: أما لو أن رجلا صام نهاره، وقام ليله، وتصدق بجميع ماله، وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، وتكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله ثواب، ولا كان من أهل الإيمان (7)

[الحديث: 77] قيل للإمام الباقر: ترد علينا أشياء لا نجدها في الكتاب والسنة،

__________

(1) الكافي 2/ 276/ 4.

(2) الكافي 7/ 409/ 2، والمحاسن 205/ 60.

(3) الكافي 1/ 33/ 4.

(4) الكافي 7/ 407/ 2.

(5) الكافي 1/ 34/ 7.

(6) الكافي 1/ 47/ ذيل 17.

(7) الكافي 2/ 16/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (36)

فنقول فيها برأينا، فقال: أما إنك إن أصبت لم توجر، وإن أخطأت كذبت على الله (1).

[الحديث: 78] قال الإمام الباقر: إياك وأصحاب القياس في الدين، فإنهم تركوا علم ما وكلوا به، وتكلفوا ما قد كفوه، يتأولون الأخبار، ويكذبون على الله عزّ وجلّ، وكأني بالرجل منهم ينادى من بين يديه، فيجيب من خلفه، وينادى من خلفه، فيجيب من بين يديه، قد تاهوا وتحيروا في الأرض والدين (2).

[الحديث: 79] قال الإمام الباقر: ود المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان، ألا ومن أحب في الله وأبغض في الله، وأعطى في الله، ومنع في الله، فهو من أصفياء الله (3).

[الحديث: 80] قال الإمام الباقر: لا لوم على من أحب قومه وإن كانوا كفارا، قيل: فقول الله: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ [المجادلة: 22] فقال: ليس حيث تذهب إنه يبغضه في الله (4).

[الحديث: 81] قال الإمام الباقر: إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا فانظر إلى قلبك فإن كان يحب أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك، وإذا كان يبغض أهل طاعة الله ويحب أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع من أحب (5).

[الحديث: 82] قال الإمام الباقر: لو أن رجلا أحب رجلا لله لأثابه الله على حبه إياه، وإن كان المحبوب في علم الله من أهل النار، ولو أن رجلا أبغض رجلا لله لأثابه الله على بغضه وإن كان المبغض في علم الله من أهل الجنة (6).

__________

(1) المحاسن 215/ 99.

(2) أمالي المفيد: 51/ 12.

(3) الكافي 2/ 102/ 3.

(4) مستطرفات السرائر/ 58/ 25.

(5) الكافي 2/ 103/ 11.

(6) الكافي 2/ 103/ 12.

أحكام الحكومة الإسلامية (37)

[الحديث: 83] قال الإمام الباقر لبعض أصحابه: ما تقول لو أفتينا رجلا ممن يتولانا بشيء من التقية؟ قال الرجل: أنت أعلم، جعلت فداك، قال: إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجرا، وفي رواية: إن أخذ به أجر، وإن تركه ـ والله ـ أثم (1).

[الحديث: 84] قال الإمام الباقر: إذا جاءكم عنا حديث، فوجدتم عليه شاهداً، أو شاهدين من كتاب الله، فخذوا به، وإلا فقفوا عنده، ثم ردوه إلينا، حتى يستبين لكم (2).

[الحديث: 85]: قال الإمام الباقر: لا تصدق علينا، إلا ما وافق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (3).

[الحديث: 86] قال الإمام الباقر: لا تتخذوا من دون الله وليجة، فلا تكونوا مؤمنين، فإن كل سبب ونسب وقرابة ووليجه وبدعة وشبهة منقطع، إلا ما أثبت القرآن (4).

[الحديث: 87] قال الإمام الباقر: من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق يؤدي عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان (5).

[الحديث: 88] قال الإمام الباقر: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه (6).

[الحديث: 89] قال الإمام الباقر: لا تتخذوا من دون الله وليجة، فلا تكونوا مؤمنين، فإن كل سبب، ونسب، وقرابة، ووليجة، وبدعة، وشبهة باطل مضمحل إلا ما أثبته القرآن (7).

[الحديث: 90] قال الإمام الباقر لزيد بن علي: إن الله أحل حلالا، وحرم حراما،

__________

(1) الكافي 1/ 52/ 4.

(2) الكافي 2/ 176/ 4.

(3) تفسير العياشي 1/ 9/ 6.

(4) الكافي 1/ 48/ 22.

(5) الكافي 6/ 434/ 24.

(6) الكافي 1/ 40/ 9.

(7) الكافي 1/ 48/ 22.

أحكام الحكومة الإسلامية (38)

وفرض فرائض، وضرب أمثالا، وسن سننا.. فإن كنت على بينة من ربك، ويقين من أمرك، وتبيان من شأنك فشأنك، وإلا فلا ترومنّ أمرا، أنت منه في شك وشبهة (1).

[الحديث: 91] قال الإمام الباقر: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة (2).

[الحديث: 92] قال الإمام الباقر يوصي أصحابه: إذا اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، وردوه إلينا، حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فإذا كنتم كما أوصيناكم، لم تعدوه إلى غيره، فمات منكم ميت من قبل أن يخرج قائمنا كان شهيداً، ومن أدرك قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدواً لنا كان له أجر عشرين شهيدا (3).

[الحديث: 93] قال الإمام الباقر في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [يونس: 27]: هؤلاء أهل البدع والشبهات والشهوات، يسوّد الله وجوههم يوم يلقونه (4).

[الحديث: 94] قال الإمام الباقر: إن الحاكم إذا أتاه أهل التوراة وأهل الانجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه، إن شاء حكم بينهم، وإن شاء تركهم (5).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 95] قال الإمام الصادق: من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عزّ وجلّ ممن له سوط أو عصا فهو كافر بما أنزل الله عزّ وجلّ على محمد صلى الله عليه وآله وسلم (6).

__________

(1) الكافي 1/ 290/ 16.

(2) الزهد: 19/ 41.

(3) أمالي الطوسي 1/ 236.

(4) تفسير القمي 1/ 311.

(5) التهذيب 6/ 300/ 839.

(6) الكافي 7/ 407/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (39)

[الحديث: 96] قال الإمام الصادق: من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عزّ وجلّ فهو كافر بالله العظيم (1).

[الحديث: 97] قال الإمام الصادق: أي قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء (2).

[الحديث: 98] قال الإمام الصادق: من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فقد كفر، قيل: كفر بما أنزل الله؟ أو كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: ويلك إذا كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد كفر بما أنزل الله (3).

[الحديث: 99] قال الإمام الصادق: أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر، فقضى عليه بغير حكم الله، فقد شركه في الإثم (4).

[الحديث: 100] قال الإمام الصادق: من كان بينه وبين أخ له مماراة في حق، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه، فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عزّ وجلّ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 60] (5)

[الحديث: 101] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ في كتابه: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]: إن الله عزّ وجلّ قد علم أن في الأمة حكاما يجورون، أما أنه لم يعن:

__________

(1) الكافي 7/ 408/ 2، التهذيب 6/ 221/ 523.

(2) الكافي 7/ 408/ 4.

(3) تفسير العياشي 1/ 324/ 127، تفسير البرهان 1/ 476/ 9.

(4) الكافي 7/ 411/ 1.

(5) الكافي 7/ 411/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (40)

حكام أهل العدل، ولكنه عنى: حكام أهل الجور، إنه لو كان لك على رجل حق، فدعوته إلى حكام أهل العدل، فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له، لكان ممن حاكم إلى الطاغوت، وهو قول الله عزّ وجلّ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء: 60 - 61] (1)

[الحديث: 102] عن عمر بن حنظلة، قال: سألت الإمام الصادق عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أيحل ذلك؟ فقال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل، فإنما تحاكم إلى طاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا، لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء: 60 - 61] (2)

[الحديث: 103] قال الإمام الصادق: إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم، يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضيا، فتحاكموا إليه (3).

[الحديث: 104] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء: 58] فقال:

__________

(1) الكافي 7/ 411/ 3.

(2) الكافي 1/ 54/ 10، وفي 7/ 412/ 5

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 2/ 1

أحكام الحكومة الإسلامية (41)

عدل الإمام: أن يدفع ما عنده إلى الإمام الذي بعده، وأمرت الأئمة أن يحكموا بالعدل، وأمر الناس أن يتبعوهم (1).

[الحديث: 105] قيل للإمام الصادق: ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشيء، فيتراضيان برجل منا، فقال: ليس هو ذاك، إنما هو الذي يجبر الناس على حكمه بالسيف والسوط (2).

[الحديث: 106] قال الإمام الصادق: لا تسخطوا الله برضى أحد من خلقه، ولا تتقربوا إلى الناس بتباعد من الله (3).

[الحديث: 107] قال الإمام الصادق في قوله عزّ وجلّ: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ [مريم: 81 - 82]: ليس العبادة هي السجود والركوع إنما هي طاعة الرجال، من أطال المخلوق في معصية الخالق فقد عبده (4).

[الحديث: 108] قال الإمام الصادق: اتقوا الحكومة، فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء، العادل في المسلمين لنبي، أو وصي نبي (5).

[الحديث: 109] قال الإمام الصادق لابن أبي ليلى القاضي: بأي شيء تقضي؟ قال: بما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الإمام علي، وعن أبي بكر وعمر، قال: فبلغك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن عليا أقضاكم؟ قال: نعم، قال: فكيف تقضي بغير قضاء الإمام علي، وقد بلغك هذا؟! فما تقول: إذا جيء بأرض من فضة وسماوات من فضة، ثم أخذ رسول الله

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 2/ 2

(2) التهذيب 6/ 223/ 532.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 288/ 864.

(4) تفسير القمي 2/ 55.

(5) الكافي 7/ 406/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (42)

صلى الله عليه وآله وسلم بيدك، فأوقفك بين يدي ربك، وقال: يا رب إن هذا قد قضى بغير ما قضيت؟! (1)

[الحديث: 110] قال الإمام الصادق: أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال: أنهاك أن تدين الله بالباطل، وتفتي الناس بما لا تعلم (2).

[الحديث: 111] قال الإمام الصادق: القضاة أربعة ثلاثة في النار، وواحد في الجنة: رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة (3).

[الحديث: 112] قال الإمام الصادق: الحكم حكمان: حكم الله عزّ وجلّ، وحكم أهل الجاهلية، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية (4).

[الحديث: 113] قيل للإمام الصادق: ما حق الله على خلقه؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون، ويكفوا عما لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا إلى الله حقه (5).

[الحديث: 114] قال الإمام الصادق: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير إلا بعدا (6)

[الحديث: 115] عن حمزة بن الطيار، أنه عرض على الإمام الصادق بعض خطب أبيه، حتى إذا بلغ موضعا منها قال: كف، واسكت، ثم قال: (إنه لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون، إلا الكف عنه والتثبت، والرد إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد، ويجلو عنكم فيه العمى، قال الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43] (7)

__________

(1) التهذيب 6/ 220/ 521.

(2) الكافي 1/ 33/ 1، والخصال 52/ 65.

(3) الكافي 7/ 407/ 1، والتهذيب 6/ 218/ 513، ومن لا يحضره الفقيه 3/ 3/ 6.

(4) الكافي 7/ 407.

(5) الكافي 1/ 40/ 12.

(6) الكافي 1: 34/ 1.

(7) الكافي 1: 40/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (43)

[الحديث: 116] قال الإمام الصادق في رسالة طويلة إلى أصحابه: أيتها العصابة المرحومة المفلحة إن الله أتم لكم ما آتاكم من الخير، واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى، ولا رأي، ولا مقاييس، قد أنزل الله القرآن، وجعل فيه تبيان كل شيء، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا، لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا في دينهم بهوى ولا رأي، ولا مقاييس، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم، وهم الذين من سألهم ـ وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم ـ أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله بإذنه وإلى جميع سبل الحق، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله عندهم إلا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة، فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم وأمر بسؤالهم، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقاييسهم حتى دخلهم الشيطان؛ لأنهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند الله كافرين، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين، وحتى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما، وجعلوا ما حرم الله في كثير من الأمر حلالا، فذلك أصل ثمرة أهوائهم، وقد عهد إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته، فقالوا: نحن بعد ما قبض الله عزّ وجلّ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد قبض الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد عهده الذي عهده إلينا، وأمرنا به، مخالفا لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فما أحد أجرأ على الله، ولا أبين ضلالة ممن أخذ بذلك، وزعم أن ذلك يسعه، والله إن لله على خلقه أن يطيعوه، ويتبعوا أمره في حياة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعد موته، هل يستطيع أولئك أعداء الله أن يزعموا أن أحدا ممن أسلم مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بقوله، ورأيه ومقاييسه؟ فإن قال: نعم فقد كذب على الله، وضلّ ضلالا بعيدا، وإن قال: لا لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه، وهواه

أحكام الحكومة الإسلامية (44)

ومقاييسه، فقد أقر بالحجة على نفسه، وهو ممن يزعم أن الله يطاع ويتبع أمره بعد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال الله وقوله الحق: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144]، وذلك ليعلموا أن الله يطاع، ويتبع أمره في حياة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد قبض الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، وكما لم يكن لأحد من الناس مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه خلافا لأمر محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فكذلك لم يكن لأحد من الناس بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يأخذ بهواه، ولا رأيه، ولا مقاييسه.. واتبعوا آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسنته، فخذوا بها، ولا تتبعوا أهواءكم ورأيكم فتضلوا، فإن أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدى من الله.. أيتها العصابة! عليكم بآثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسنته، وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بعده وسنتهم، فإنه من أخذ بذلك فقد اهتدى، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل، لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم (1).

[الحديث: 117] عن عيسى بن عبد الله القرشي، قال: دخل أبو حنيفة على الإمام الصادق، فقال له: يا أبا حنيفة! بلغني: أنك تقيس؟ قال: نعم، قال: لا تقس، فإن أول من قاس إبليس (2).

[الحديث: 118] قيل للإمام الصادق: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنته فننظر فيها؟ فقال: لا أما أنك إن أصبت لم توجر، وإن أخطأت كذبت على الله (3).

[الحديث: 119] قال الإمام الصادق: من شك أو ظن فأقام على أحدهما فقد حبط عمله، إن حجة الله هي الحجة الواضحة (4).

__________

(1) الكافي 8/ 5.

(2) الكافي 1/ 47/ 20.

(3) الكافي 1/ 46/ 11.

(4) الكافي 2/ 294/ 8.

أحكام الحكومة الإسلامية (45)

[الحديث: 120] قال الإمام الصادق: إن السنة لا تقاس، ألا ترى أن المرأة تقضي صومها، ولا تقضي صلاتها، إن السنة إذا قيست محق الدين (1).

[الحديث: 121] قال الإمام الصادق: إن القياس لا مجال له في علم الله وأمره.. إن أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس، ومن حمل أمر الله على المقاييس هلك وأهلك، إن أول معصية ظهرت من إبليس اللعين حين أمر الله ملائكته بالسجود لآدم فسجدوا، وأبى إبليس أن يسجد، فقال: أنا خير منه، فكان أوّل كفره قوله: أنا خير منه، ثم قياسه بقوله: خلقتني من نار، وخلقته من طين، فطرده الله عن جواره ولعنه، وسماه رجيما، وأقسم بعزته لا يقيس أحد في دينه، إلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار (2).

[الحديث: 122] عن ابن شبرمة، قال: دخلت انا وأبو حنيفة على الإمام الصادق، فقال لأبي حنيفة: اتق الله، ولا تقس في الدين برأيك، فإن أول من قاس إبليس.. ويحك أيهما أعظم؟ قتل النفس، أو الزنا؟ قال: قتل النفس، قال: فإن الله عزّ وجلّ قد قبل في قتل النفس شاهدين، ولم يقبل في الزنا إلا أربعة، ثم أيهما أعظم؟ الصلاة، أم الصوم؟ قال: الصلاة، قال: فما بال الحائض تقضي الصيام، ولا تقضي الصلاة؟ فكيف يقوم لك القياس؟ فاتق الله، ولا تقس (3).

[الحديث: 123] قال الإمام الصادق: إياك والقياس فإن أبي حدثني عن آبائه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من قاس شيئا من الدين برأيه قرنه الله مع إبليس في النار، فإن أول من قاس إبليس، حين قال: خلقتني من نار، وخلقته من طين، فدع الرأي والقياس، وما قال قوم ليس له في دين الله برهان، فإن دين الله لم يوضع بالآراء والمقاييس (4).

__________

(1) الكافي 1/ 46/ 15.

(2) علل الشرائع 59/ 1.

(3) علل الشرائع 86/ 2.

(4) علل الشرائع: 88/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (46)

[الحديث: 124] قال الإمام الصادق في قول الله عز وجل: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]: يقول: أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ إلى رضوانك وجنتك، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك (1).

[الحديث: 125] قال الإمام الصادق في رسالة إلى أصحاب الرأي والقياس: أما بعد، فإن من دعا غيره إلى دينه بالارتياء والمقاييس لم ينصف ولم يصب حظه، لأن المدعو إلى ذلك أيضاً لا يخلو من الارتياء والمقاييس، ومتى لم يكن بالداعي قوة في دعائه على المدعو لم يؤمن على الداعي أن يحتاج إلى المدعو بعد قليل، لأنا قد رأينا المتعلم الطالب ربما كان فائقا لمعلمه ولو بعد حين، ورأينا المعلم الداعي ربما احتاج في رأيه إلى رأي من يدعو، وفي ذلك تحير الجاهلون، وشك المرتابون، وظن الظانون، ولو كان ذلك عند الله جائزا لم يبعث الله الرسل بما فيه الفصل، ولم ينه عن الهزل، ولم يعب الجهل، ولكن الناس لما سفهوا الحق، وغمطوا النعمة، واستغنوا بجهلهم وتدابيرهم عن علم الله، واكتفوا بذلك عن رسله والقوام بأمره، وقالوا: لا شيء إلا ما أدركته عقولنا، وعرفته ألبابنا، فولاهم الله ما تولوا، وأهملهم وخذلهم حتى صاروا عبدة أنفسهم من حيث لا يعلمون، ولو كان الله رضي منهم اجتهادهم وارتياءهم فيما ادعوا من ذلك لم يبعث إليهم فاصلا لما بينهم، ولا زاجرا عن وصفهم، وإنما استدللنا أن رضا الله غير ذلك، ببعثه الرسل بالأمور القيمة الصحيحة، والتحذير من الأمور المشكلة المفسدة، ثم جعلهم أبوابه وصراطه والأدلاء عليه بأمور محجوبة عن الرأي والقياس، فمن طلب ما عند الله بقياس ورأي لم يزدد من الله إلا بعدا، ولم يبعث رسولا قط ـ وإن طال عمره ـ قابلا من الناس خلاف ما جاء به، حتى يكون متبوعا

__________

(1) الاحتجاج 368.

أحكام الحكومة الإسلامية (47)

مرة وتابعا أخرى، ولم ير أيضاً فيما جاء به استعمل رأيا ولا مقياسا، حتى يكون ذلك واضحا عنده كالوحي من الله، وفي ذلك دليل لكل ذي لب وحجى، إن أصحاب الرأي والقياس مخطئون مدحضون (1).

[الحديث: 126] عن معاوية بن ميسرة قال: شهدت الإمام الصادق في مسجد الخيف، وهو في حلقة، فيها نحو من مائتي رجل، وفيهم عبد الله بن شبرمة، فقال له: يا أبا عبد الله إنا نقضي بالعراق فنقضي بالكتاب والسنة، ثم ترد علينا المسألة فنجتهد فيها بالرأي.. فقال الإمام الصادق: فأي رجل كان علي بن أبي طالب؟ فأطراه ابن شبرمة، وقال فيه قولا عظيما، فقال له الإمام الصادق: فإن الإمام علي أبى أن يدخل في دين الله الرأي، وأن يقول في شيء من دين الله بالرأي والمقاييس.. ولو علم ابن شبرمة من أين هلك الناس ما دان بالمقاييس، ولا عمل بها (2).

[الحديث: 127] قال الإمام الصادق: في كتاب آداب أمير المؤمنين: لا تقيسوا الدين، فإن أمر الله لا يقاس، وسيأتي قوم يقيسون، وهم أعداء الدين (3).

[الحديث: 128] عن محمد بن مسلم، قال: كنت عند الإمام الصادق بمنى إذ أقبل أبو حنيفة على حمار له، فلما جلس قال: إني أريد أن أقايسك، فقال الإمام الصادق: ليس في دين الله قياس (4).

[الحديث: 129] قال الإمام الصادق: لعن الله أصحاب القياس، فإنهم غيروا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واتهموا الصادقين في دين الله (5).

__________

(1) المحاسن: 209/ 76.

(2) المحاسن: 210/ 77.

(3) المحاسن: 215/ 98.

(4) المحاسن: 304/ 14.

(5) أمالي: المفيد 52/ 13.

أحكام الحكومة الإسلامية (48)

[الحديث: 130] سئل الإمام الصادق عن الحكومة، فقال: من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر، ومن فسر برأيه آية من كتاب الله فقد كفر (1).

[الحديث: 131] قال الإمام الصادق: يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم فقهاء علماء أنهم قد أثبتوا جميع الفقه والدين مما تحتاج إليه الأمة، وليس كل علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علموه، ولا صار إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا عرفوه، وذلك أن الشيء من الحلال والحرام والأحكام يرد عليهم، فيسألون عنه، ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبوا، فيطلب الناس العلم من معدنه، فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله، وتركوا الآثار، ودانوا بالبدع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل بدعة ضلالة، فلو أنهم إذا سألوا عن شيء من دين الله، فلم يكن عندهم فيه أثر عن رسول الله، ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم (2).

[الحديث: 132] قال الإمام الصادق: إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول، وعليكم أن تفرعوا (3).

[الحديث: 133] قيل للإمام الصادق: رجل راوية لحديثكم، يبث ذلك في الناس ويسدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم، ولعل عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيهما أفضل؟ قال: الراوية لحديثنا، يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد (4).

[الحديث: 134] قال الإمام الصادق: إن العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ

__________

(1) تفسير العياشي 1/ 18/ 6.

(2) تفسير العياشي 2/ 331/ 46.

(3) السرائر/ 477.

(4) الكافي 1/ 25/ 9 وبصائر الدرجات 27/ 6.

أحكام الحكومة الإسلامية (49)

حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه، فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولاً، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين (1).

[الحديث: 135] قال الإمام الصادق: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة (2).

[الحديث: 136] قال الإمام الصادق: من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله فهو ممن كمل ايمانه (3).

[الحديث: 137] قال الإمام الصادق: من أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله، وتبغض في الله، وتعطي في الله، وتمنع في الله (4).

[الحديث: 138] قال الإمام الصادق: ثلاث من علامات المؤمن: علمه بالله، ومن يحب، ومن يبغض (5).

[الحديث: 139] قال الإمام الصادق: قد يكون حب في الله ورسوله، وحب في الدنيا، فما كان في الله ورسوله فثوابه على الله، وما كان في الدنيا فليس بشيء (6).

[الحديث: 140] قال الإمام الصادق: من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، فهو ممن كمل إيمانه (7).

[الحديث: 141] قال الإمام الصادق: كل من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له (8).

[الحديث: 142] قال الإمام الصادق: إن الرجل ليحب ولي الله وما يعلم ما يقول

__________

(1) الكافي 1/ 24/ 2.

(2) الكافي 1/ 37/ 2.

(3) الكافي 2/ 101/ 1، والمحاسن: 263/ 330.

(4) الكافي 2/ 102/ 2، والمحاسن: 263/ 328.

(5) الكافي 2/ 103/ 9.

(6) الكافي 2/ 103/ 13.

(7) الزهد: 17/ 34.

(8) الكافي 2/ 104/ 16.

أحكام الحكومة الإسلامية (50)

فيدخله الله الجنة، وإن الرجل يبغض ولي الله وما يدري ما يقول فيموت فيدخل النار (1).

[الحديث: 143] قال الإمام الصادق: طبعت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها (2).

[الحديث: 144] قال الإمام الصادق: جبلت القلوب على حب من نفعها، وبغض من ضرها (3).

[الحديث: 145] قيل للإمام الصادق: أخبرني عن الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحل إلا لهم ولا يقوم به إلا من كان منهم، أم هو مباح لكل من وحد الله عزّ وجلّ وآمن برسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله عزّ وجلّ وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيل الله؟ فقال: ذلك لقوم لا يحل إلا لهم، ولا يقوم به إلاّ من كان منهم فقيل: من أولئك؟ فقال: من قام بشرائط الله عزّ وجلّ في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عزّ وجلّ، ومن لم يكن قائما بشرائط الله عزّ وجلّ في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد والدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه بما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد، قيل: بين لي يرحمك الله، فقال: ان الله عزّ وجلّ أخبر في كتابه الدعاء إليه، ووصف الدعاة إليه فجعل ذلك لهم درجات يعرف بعضها بعضا ويستدل ببعضها على بعض، فأخبر أنه تبارك وتعالى أول من دعا إلى نفسه ودعا إلى طاعته واتباع أمره، فبدأ بنفسه فقال: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يونس: 25] ثم ثنى برسوله فقال: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125] يعني: القرآن، ولم يكن داعيا إلى الله عزّ وجلّ من خالف أمر الله ويدعو إليه بغير

__________

(1) المحاسن: 265/ 343.

(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 301/ 913.

(3) الكافي 8/ 152/ 140.

أحكام الحكومة الإسلامية (51)

ما أمر في كتابه الذي أمر أن لا يدعى إلا به، وقال في نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: 52] يقول: تدعو، ثمّ ثلّث بالدعاء إليه بكتابه أيضاً فقال تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: 9] أي يدعو (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ)، ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104] ثم أخبر عن هذه الأمة وممن هي وأنها من ذرية إبراهيم وذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنه أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، الذين وصفناهم قبل هذه في صفة أمة إبراهيم الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108] يعني: أول من اتبعه على الإيمان به والتصديق له بما جاء به من عند الله عزّ وجلّ من الأمة التي بعث فيها ومنها واليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط، ولم يلبس ايمانه بظلم، وهو الشرك، ثم ذكر اتباع نبيه صلى الله عليه وآله وسلم واتباع هذه الأمة التي وصفها في كتابه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها داعية إليه، وأذن له في الدعاء إليه، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: 64] ثم وصف أتباع نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من المؤمنين فقال عزّ وجلّ: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: 29]، وقال: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [التحريم: 8] يعني: أولئك

أحكام الحكومة الإسلامية (52)

المؤمنين، وقال: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: 1] ثم حلاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم الا من كان منهم، فقال فيما حلاهم به ووصفهم: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: 2 - 11] وقال في صفتهم وحليتهم أيضاً: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾ [الفرقان: 68] ثم أخبر أنه اشترى من هؤلاء المؤمنين ومن كان على مثل صفتهم ﴿أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ﴾ [التوبة: 111]، ثم ذكر وفاءهم له بعهده ومبايعته فقال: ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 111] فلما نزلت هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ [التوبة: 111] قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أرأيتك يا نبي الله الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتى يقتل إلا أنه يقترف من هذه المحارم أشهيد هو؟ فأنزل الله عزّ وجلّ على رسوله ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 112] فبشر الله المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم وحليتهم بالشهادة والجنة، وقال: التائبون من الذنوب، العابدون الذين لا يعبدون إلا الله، ولا يشركون به شيئاً، الحامدون الذين يحمدون الله على كل حال في الشدة والرخاء، السائحون وهم الصائمون، الراكعون الساجدون وهم الذين يواظبون على الصلوات الخمس، والحافظون لها

أحكام الحكومة الإسلامية (53)

والمحافظون عليها في ركوعها وسجودها وفي الخشوع فيها وفي أوقاتها الآمرون بالمعروف بعد ذلك، والعاملون به والناهون عن المنكر والمنتهون عنه، فبشر من قتل وهو قائم بهذه الشروط بالشهادة والجنة، ثم أخبر تبارك وتعالى أنه لم يأمر بالقتال إلا أصحاب هذه الشروط فقال عزّ وجلّ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ [الحج: 39 - 40].. وإنما أذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان التي وصفناها، وذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما، ولا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الإيمان التي اشترط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزّ وجلّ كان مؤمنا، وإذا كان مؤمنا كان مظلوما، وإذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد لقول الله عز وجل: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: 39] وإن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم ممن يبغي ويجب جهاده حتى يتوب وليس مثله مأذونا له في الجهاد والدعاء إلى الله عزّ وجلّ لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين أذن لهم في القرآن في القتال، فلما نزلت هذه الآية ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: 39] في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم وأموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم، وأذن لهم في القتال.

قيل: فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم، فما بالهم في قتالهم كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب؟ فقال: لو كان إنما أذن في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكة من قبائل العرب سبيل، لأن الذين ظلموهم غيرهم، وإنما أذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لإخراجهم إياهم من ديارهم وأموالهم بغير حق، ولو كانت الآية إنمّا عنت المهاجرين الذين

أحكام الحكومة الإسلامية (54)

ظلمهم أهل مكة كانت الآية مرتفعة الفرض عمن بعدهم إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وكان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم إذا لم يبق من الظالمين والمظلومين أحد وليس كما ظننت ولا كما ذكرت، لكن المهاجرين ظلموا من جهتين: ظلمهم أهل مكة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحق به منهم، فقد قاتلوهم بإذن الله عزّ وجلّ لهم في ذلك، وبحجة هذه الآية يقاتل مؤمنو كل زمان، وإنما أذن الله عزّ وجلّ للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عزّ وجلّ من الشرائط التي شرطها الله عزّ وجلّ على المؤمنين في الإيمان والجهاد ومن كان قائما بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين، وليس بمأذون له في القتال، ولا بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف، لأنه ليس من أهل ذلك، ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عز وجل لأنه ليس يجاهد مثله، وأمر بدعائه إلى الله، ولا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون بجهاده وحظر الجهاد عليه ومنعه منه، ولا يكون داعيا إلى الله عزّ وجلّ من أمر بدعائه مثله إلى التوبة والحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه، فمن كانت قد تمت فيه شرائط الله عزّ وجلّ التي وصف بها أهلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما أذن لهم في الجهاد، لأن حكم الله عزّ وجلّ في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلا من علة أو حادث يكون، والأولون والآخرون أيضاً في منع الحوادث شركاء، والفرائض عليهم واحدة، يسأل الآخرون من أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون، ويحاسبون عما به يحاسبون، ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه حتّى يفيء بما

أحكام الحكومة الإسلامية (55)

شرط الله عزّ وجلّ فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد، فليتق الله عزّ وجلّ عبد ولا يغتر بالأماني التي نهى الله عزّ وجلّ عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله التي يكذبها القرآن، ويتبرأ منها ومن حملتها ورواتها، ولا يقدم على الله عزّ وجلّ بشبهة لا يعذر بها، فإنّه ليس وراء المتعرض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها، وهي غاية الأعمال في عظم قدرها، فليحكم امرؤ لنفسه وليرها كتاب الله عزّ وجلّ ويعرضها عليه فإنّه لا أحد أعلم بالمرء من نفسه، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد، وإن علم تقصيرا فليصلحها وليقمها على ما فرض الله تعالى عليها من الجهاد ثم ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها.

ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين: لا تجاهدوا، ولكن نقول: قد علمناكم ما شرط الله عزّ وجلّ على أهل الجهاد الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك، وليعرضها على شرائط الله عزّ وجلّ، فإن رأى أنه قد وفي بها وتكاملت فيه فإنّه ممن أذن الله عز وجل له في الجهاد، وإن أبى إلا أن يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم والإقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله عزّ وجلّ بالجهل والروايات الكاذبة فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل أن الله تعالى ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم، فليتق الله عزّ وجلّ امرؤ وليحذر أن يكون منهم، فقد بين لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله عليه توكلنا وإليه

أحكام الحكومة الإسلامية (56)

المصير (1).

[الحديث: 146] قيل للإمام الصادق: إن كان كل واحد من أصحابنا اختار رجلا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، واختلف فيهما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ فقال: الحكم ما حكم به أعدلهما، وأفقههما، وأصدقهما في الحديث، وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر، قيل: فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا، لا يفضل واحد منهما على صاحبه، قال: ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به، المجمع عليه عند أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه، قيل: فإن كان الخبران عنكم مشهورين، قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: ينظر، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة يؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة (2).

[الحديث: 147] قال الإمام الصادق: من عرف أنّا لا نقول إلا حقّاً، فليكتف بما يعلم منا، فإن سمع منا خلاف ما يعلم، فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه (3).

[الحديث: 148] سئل الإمام الصادق عن رجل، اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر، كلاهما يرويه، أحدهما يأمر بأخذه، والآخر ينهاه عنه، كيف يصنع؟ قال: يرجئه حتى يلقى من يخبره، فهو في سعة حتى يلقاه (4).. وفي رواية: بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك (5).

[الحديث: 149] سئل الإمام الصادق عن اختلاف الحديث، يرويه من نثق به،

__________

(1) الكافي 5/ 13/ 1.

(2) الكافي 1/ 54/ 10.

(3) الكافي 1/ 53/ 6.

(4) الكافي 1/ 53/ 7.

(5) الكافي 1/ 53/ ذيل 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (57)

ومنهم من لا نثق به، قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فالذي جاءكم به أولى به (1).

[الحديث: 150] قال الإمام الصادق: ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف (2).

[الحديث: 151] قال الإمام الصادق: لا يسع الناس حتى يسألوا، ويتفقهوا، ويعرفوا إمامهم، ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية (3).

[الحديث: 152] قال الإمام الصادق: كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف (4).

[الحديث: 153] قال الإمام الصادق: من خالف كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد كفر (5).

[الحديث: 154] سئل الإمام الصادق عن رجلين اتفقا على عدلين، جعلاهما بينهما في حكم، وقع بينهما فيه خلاف، فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما، عن قول أيهما يمضي الحكم؟ قال: ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما، فينفذ حكمه، ولا يلتفت إلى الآخر (6).

[الحديث: 155] قال الإمام الصادق: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إن الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء، ولا يكذب (7).

[الحديث: 156] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ

__________

(1) الكافي 1/ 55/ 2.

(2) الكافي 1/ 55/ 4.

(3) الكافي 1/ 31/ 4.

(4) الكافي 1/ 55/ 3، والمحاسن 220/ 128.

(5) الكافي 1/ 56/ 16.

(6) من لا يحضره الفقيه 3/ 5/ 17.

(7) معاني الأخبار/ 1/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (58)

وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 31]: والله ما صاموا لهم، ولا صلوا لهم، ولكن أحلوا لهم حراماً، وحرموا عليهم حلالاً، فاتبعوهم (1).

[الحديث: 157] قال الإمام الصادق: إياكم وهؤلاء الرؤساء الذين يترأسون، فوالله ما خفقت النعال خلف رجل، إلا هلك وأهلك (2).

[الحديث: 158] قال الإمام الصادق: إياك والرياسة، وإياك أن تطأ أعقاب الرجال، قيل: جعلت فداك، أما الرياسة فقد عرفتها، وأما أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلا مما وطئت أعقاب الرجال، فقال: ليس حيث تذهب، إياك أن تنصب رجلا دون الحجة، فتصدقه في كل ما قال (3).

[الحديث: 159] قال الإمام الصادق قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف: 106]: شرك طاعة، وليس شرك عبادة (4).

[الحديث: 160] قال الإمام الصادق قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فإن أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الحج: 11]: إن الآية تنزل في الرجل، ثم تكون في أتباعه قيل: كل من نصب دونكم شيئا فهو ممن يعبد الله على حرف؟ فقال: نعم، وقد يكون محضا (5).

[الحديث: 161] قال الإمام الصادق: من أطاع رجلا في معصية فقد عبده (6).

[الحديث: 162] قال الإمام الصادق: والله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله عزّ وجلّ، ما جعل الله لأحد خيرا في خلاف أمرنا (7).

__________

(1) الكافي 1/ 43/ 3.

(2) الكافي 2/ 225/ 3.

(3) الكافي 2/ 225/ 5.

(4) الكافي 2/ 292/ 4.

(5) الكافي 2/ 292/ 4.

(6) الكافي 2/ 293/ 8.

(7) الكافي 1/ 207/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (59)

[الحديث: 163] قال الإمام الصادق: حسبكم أن تقولوا ما نقول، وتصمتوا عما نصمت، إنكم قد رأيتم أن الله عز وجل لم يجعل لأحد في خلافنا خيرا (1).

[الحديث: 164] قال الإمام الصادق: من دان الله بغير سماع عن صادق، ألزمه الله التيه إلى الفناء، ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك، وذلك الباب المأمون على سر الله المكنون (2).

[الحديث: 165] قال الإمام الصادق: إياك والرياسة، فما طلبها أحد إلا هلك، قيل: قد هلكنا إذاً، ليس أحد منا إلا وهو يحب أن يذكر، ويقصد، ويؤخذ عنه، فقال: ليس حيث تذهب، إنما ذلك أن تنصب رجلا دون الحجة، فتصدقه في كل ما قال، وتدعو الناس إلى قوله (3).

[الحديث: 166] قيل للإمام الصادق: إذا كان عوام اليهود لا يعرفون الكتاب إلاّ بما يسمعونه من علمائهم، فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوام اليهود إلاّ كعوامنا، يقلّدون علماءهم؟ فقال: بين عوامنا وعوام اليهود فرق من جهة، وتسوية من جهة، أمّا من حيث الاستواء فإن اللّه ذمّ عوامنا بتقليدهم علماءهم، كما ذمّ عوامهم، وأمّا من حيث افترقوا فإن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وأكل الحرام، والرشاء وتغيير الأحكام، واضطرّوا بقلوبهم إلى أنّ من فعل ذلك فهو فاسق، لا يجوز أن يصدّق على الله، ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمّهم، وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر، والعصبيّة الشديدة، والتكالب على الدُنيا وحرامها، فمن قلّد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمّهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم، فأمّا من كان من

__________

(1) الكافي 8/ 87/ 51.

(2) الكافي 1/ 308/ 4.

(3) معاني الأخبار/ 179/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (60)

الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه، وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا كلّهم، فإن من ركب من القبائح والفواحش مراكب علماء العامة، فلا تقبلوا منهم عنّا شيئاً، ولا كرامة، وإنمّا كثر التخليط فيما يتحمّل عنّا أهل البيت لذلك، لأنَّ الفسقة يتحمّلون عنّا فيحرّفونه بأسره لجهلهم، ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلّة معرفتهم وآخرون يتعمّدون الكذب علينا (1).

[الحديث: 167] قال الإمام الصادق: اعرفوا منازل الناس على قدر رواياتهم عنا (2).

[الحديث: 168] قال الإمام الصادق يوصي أصحابه: إياكم إذا وقعت بينكم خصومة، أو تدارى في شيء من الأخذ والعطاء، أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلا، قد عرف حلالنا وحرامنا، فإني قد جعلته عليكم قاضيا، وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر (3).

[الحديث: 169] قيل للإمام الصادق: إن قوما يروون: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: اختلاف أمتي رحمة، فقال: صدقوا، قيل: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب؟ قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: 122] فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيتعلموا، ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان، لا اختلافا في دين الله، إنما الدين واحد، إنما الدين واحد (4).

__________

(1) الاحتجاج: 457.

(2) الكافي 1/ 40/ 13.

(3) التهذيب 6/ 303/ 846.

(4) معاني الأخبار/ 157/ 1، وعلل الشرائع: 85/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (61)

[الحديث: 170] قال الإمام الصادق: من استأكل بعلمه افتقر، قيل: إن في شيعتك قوما يتحملون علومكم، ويبثونها في شيعتكم، فلا يعدمون منهم البر والصلة والإكرام، قال: ليس أولئك بمستأكلين، إنما ذاك الذي يفتي بغير علم ولا هدى من الله، ليبطل به الحقوق، طمعا في حطام الدنيا (1).

[الحديث: 171] قيل للإمام الصادق: ما حق الله على خلقه؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون، ويكفوا عما لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا إلى الله حقه (2).

[الحديث: 172] قال الإمام الصادق: لا يفلح من لا يعقل، ولا يعقل من لا يعلم.. ومن فرط تورط، ومن خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما لا يعلم، ومن هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه، ومن لم يعلم لم يفهم، ومن لم يفهم لم يسلم، ومن لم يسلم لم يكرم، ومن لم يكرم تهضم، ومن تهضم كان ألوم، ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم (3).

[الحديث: 173] قال الإمام الصادق: من شك، أو ظن، فأقام على أحدهما، فقد حبط عمله، إن حجة الله هي الحجة الواضحة (4).

[الحديث: 174] قال الإمام الصادق: إنما الأمور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات، وهلك من حيث لا يعلم، ثم قال في آخر الحديث: فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات (5).

__________

(1) معاني الأخبار/ 181/ 1.

(2) الكافي 1/ 40/ 12.

(3) الكافي 1/ 20/ 29.

(4) الكافي 2/ 294/ 8.

(5) الكافي 1/ 54/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (62)

[الحديث: 175] قال الإمام الصادق: لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا، ولم يجحدوا، لم يكفروا (1).

[الحديث: 176] قال الإمام الصادق: أورع الناس من وقف عند الشبهة (2).

[الحديث: 177] قيل للإمام الصادق: من الورع من الناس؟ قال: الذي يتورع عن محارم الله، ويجتنب هؤلاء، فإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام، وهو لا يعرفه (3).

[الحديث: 178] قال الإمام الصادق: ما حجب الله علمه عن العباد، فهو موضوع عنهم (4).

[الحديث: 179] قال الإمام الصادق: من عمل بما علم كفى ما لم يعلم (5).

[الحديث: 180] قال الإمام الصادق: إن من أجاب في كل ما يسأل عنه فهو المجنون (6).

[الحديث: 181] قال الإمام الصادق: أورع الناس من وقف عند الشبهة، وأعبد الناس من أقام الفرائض، وأزهد الناس من ترك الحرام، وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب (7).

[الحديث: 182] قال الإمام الصادق: العامل على غير بصيرة كالسائر على سراب بقيعة، لا يزيده سرعة سيره إلا بعدا.

[الحديث: 183] قال الإمام الصادق: ما من أحد أغير من الله تبارك وتعالى، ومن أغير ممن حرم الفواحش، ما ظهر منها، وما بطن (8).

__________

(1) الكافي 2/ 286/ 19.

(2) الخصال: 16/ 56.

(3) معاني الأخبار/ 252/ 1.

(4) التوحيد: 459/ 27 والكافي 1/ 34/ 7.

(5) التوحيد: 416/ 17.

(6) معاني الأخبار/ 238/ 2.

(7) الخصال: 16/ 56.

(8) تفسير العياشي 2/ 16/ 37.

أحكام الحكومة الإسلامية (63)

[الحديث: 184] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: سل العلماء ما جهلت، وإياك أن تسألهم تعنتا وتجربة، وإياك أن تعمل برأيك شيئا، وخذ بالاحتياط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا، واهرب من الفتيا هربك من الأسد، ولا تجعل رقبتك عتبة للناس (1).

[الحديث: 185] قال الإمام الصادق: كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي (2).

[الحديث: 186] قيل للإمام الصادق: رجلان من أهل الكتاب نصرانيان أو يهوديان، كان بينهما خصومة، فقضى بينهما حاكم من حكامهما بجور، فأبى الذي قضى عليه أن يقبل، وسأل أن يرد إلى حكم المسلمين، قال: يرد إلى حكم المسلمين (3).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 187] قال الإمام الكاظم: لا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة بالعلم، والعلم بالتعلم، والتعلم بالعقل يعتقد، ولا علم إلا من عالم رباني (4).

[الحديث: 188] قيل للإمام الكاظم: بما أوحد الله؟ فقال: لا تكونن مبتدعا من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيه ضل، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر (5).

[الحديث: 189] سئل الإمام الكاظم عن القياس، فقال: وما لكم وللقياس، إن الله لا يسأل كيف أحلّ، وكيف حرّم (6).

[الحديث: 190] قال الإمام الكاظم: جميع أمور الأديان أربعة: أمر لا اختلاف فيه، وهو إجماع الأمة على الضرورة التي يضطرون إليها، والأخبار المجمع عليها، وهي الغاية المعروض عليها كل شبهة، والمستنبط منها كل حادثة، وأمر يحتمل الشك والإنكار، فسبيله

__________

(1) وسائل الشيعة (27/ 172)

(2) من لا يحضره الفقيه 1/ 208/ 937.

(3) التهذيب 6/ 301/ 842.

(4) الكافي 1/ 13/ 12.

(5) الكافي 1/ 45/ 10.

(6) الكافي 1/ 47/ 16.

أحكام الحكومة الإسلامية (64)

استيضاح أهله لمنتحليه بحجة من كتاب الله مجمع على تأويلها، وسنة مجمع عليها لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، ولا تسع خاصة الأمة وعامتها الشك فيه والإنكار له، وهذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه، وأرش الخدش فما فوقه، فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين، فما ثبت لك برهانه اصطفيته، وما غمض عليك صوابه نفيته، فمن أورده واحدة من هذه الثلاث، وهي الحجة البالغة، التي بينها الله ورسوله في قوله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: 149] تبلغ الحجة البالغة الجاهل فيعلمها بجهلة، كما يعلمه العالم بعلمه، لأن الله عدل لا يجور، يحتج على خلقه بما يعلمون، يدعوهم إلى ما يعرفون، لا إلى ما يجهلون وينكرون (1).

[الحديث: 191] سئل الإمام الكاظم عن رجلين أصابا صيداً، وهما محرمان، الجزاء بينهما؟ أو على كل واحد منهما جزاء؟ قال: لا، بل عليهما أن يجزي كل واحد منهما الصيد، قيل: إن بعض أصحابنا سألني عن ذلك، فلم أدر ما عليه، فقال: إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط، حتى تسألوا عنه فتعلموا (2).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 192] قال الإمام الرضا في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188]: هو أن يعلم الرجل أنه ظالم، فيحكم له القاضي، فهو غير معذور في أخذه ذلك الذي قد حكم له، إذا كان قد علم أنه ظالم (3).

[الحديث: 193] قال الإمام الرضا: بر الوالدين واجب وإن كانا مشركين، ولا

__________

(1) تحف العقول: 304.

(2) الكافي 4/ 391/ 1.

(3) التهذيب 6/ 219/ 518.

أحكام الحكومة الإسلامية (65)

طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (1).

[الحديث: 194] قال الإمام الرضا: ما اتقى الله يتقى، ومن أطاع الله يطاع، ومن أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوقين ومن أسخط الخالق فقمن أن يسلط الله عليه سخط المخلوق (2).

[الحديث: 195] قيل للإمام الرضا: جعلت فداك، إن بعض أصحابنا يقولون: نسمع الأمر يحكى عنك وعن آبائك، فنقيس عليه، ونعمل به، فقال: سبحان الله! لا والله ما هذا من دين جعفر، هؤلاء قوم لا حاجة بهم إلينا، قد خرجوا من طاعتنا، وصاروا في موضعنا، فأين التقليد الذي كانوا يقلدون جعفرا وأبا جعفر؟ قال جعفر: لا تحملوا على القياس، فليس من شيء يعدله القياس، إلا والقياس يكسره (3).

[الحديث: 196] قال الإمام الرضا: علينا إلقاء الأصول، وعليكم التفريع (4).

[الحديث: 197] قال الإمام الرضا: حب أولياء الله عزّ وجلّ واجب، وكذلك بغض أعدائهم والبراءة منهم ومن أئمتهم (5).

[الحديث: 198] قال الإمام الرضا: من أحب عاصيا فهو عاص، ومن أحب مطيعا فهو مطيع، ومن أعان ظالما فهو ظالم، ومن خذل ظالما فهو عادل، انه ليس بين الله وبين أحد قرابة، ولا تنال ولاية الله إلا بالطاعة (6).

[الحديث: 199] عن أحمد بن الحسن الميثمي، أنه سأل الإمام الرضا يوما وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه، وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

__________

(1) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 124.

(2) التوحيد: 60/ 18.

(3) قرب الإسناد: 157.

(4) السرائر، وسائل الشيعة (27/ 62)

(5) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 124.

(6) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 235/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (66)

في الشيء الواحد، فقال: إن الله حرم حراما، وأحل حلالا، وفرض فرائض، فما جاء في تحليل ما حرم الله، أو في تحريم ما أحل الله، أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك، فذلك ما لا يسع الأخذ به، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن ليحرم ما أحل الله، ولا ليحلل ما حرّم الله، ولا ليغير فرائض الله وأحكامه، كان في ذلك كله متبعا مسلما مؤديا عن الله، وذلك قول الله: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [يونس: 15] فكان صلى الله عليه وآله وسلم متبعا لله، مؤديا عن الله ما أمره به من تبليغ الرسالة، قيل: فإنه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما ليس في الكتاب، وهو في السنة، ثم يرد خلافه، فقال: كذلك قد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أشياء، نهي حرام فوافق في ذلك نهيه نهي الله، وأمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجبا لازما كعدل فرائض الله، فوافق في ذلك أمره أمر الله، فما جاء في النهي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهي حرام، ثم جاء خلافه لم يسغ استعمال ذلك، وكذلك فيما أمر به، لأنا لا نرخص فيما لم يرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا نأمر بخلاف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا لعلة خوف ضرورة، فأما أن نستحل ما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو نحرِّم ما استحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يكون ذلك أبدا، لأنا تابعون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مسلمون له، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تابعا لأمر ربه، مسلما له، وقال الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7] وإن الله نهى عن أشياء، ليس نهي حرام، بل إعافة وكراهة، وأمر بأشياء ليس بأمر فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدين، ثم رخص في ذلك للمعلول وغير المعلول، فما كان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهي إعافة، أو أمر فضل، فذلك الذي يسع استعمال الرخصة فيه، إذا ورد عليكم عنا الخبر فيه باتفاق، يرويه من يرويه في النهي، ولا ينكره، وكان الخبران صحيحين

أحكام الحكومة الإسلامية (67)

معروفين باتفاق الناقلة فيهما، يجب الأخذ بأحدهما، أو بهما جميعاً، أو بأيهما شئت وأحببت، موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والرد إليه وإلينا، وكان تارك ذلك من باب العناد والإنكار وترك التسليم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشركا بالله العظيم، فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله، فما كان في كتاب الله موجودا حلالاً، أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب، فاعرضوه على سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام، ومأمورا به عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر إلزام فاتبعوا ما وافق نهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمره، وما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة، ثم كان الخبر الأخير خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكرهه، ولم يحرِّمه، فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا، وبأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه، فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك، ولا تقولوا فيه بآرائكم، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف، وأنتم طالبون باحثون، حتى يأتيكم البيان من عندنا (1).

[الحديث: 200] قال الإمام الرضا: من رد متشابه القرآن إلى محكمه، فقد هدي إلى صراط مستقيم.. وإن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن، ومتشابها كمتشابه القرآن، فردوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها، فتضلوا (2).

[الحديث: 201] قال الإمام الرضا يوصي بعض أصحابه: أخبرني أبي، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس.. يا ابن أبي محمود.. إذا أخذ الناس يمينا

__________

(1) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 20/ 45.

(2) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 290/ 39.

أحكام الحكومة الإسلامية (68)

وشمالا فالزم طريقتنا، فإنه من لزمنا لزمناه، ومن فارقنا فارقناه، فإن أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة: هذه نواة، ثم يدين بذلك، ويبرأ ممن خالفه، يا ابن أبي محمود! احفظ ما حدثتك به، فقد جمعت لك فيه خير الدنيا والآخرة (1).

[الحديث: 202] قال الإمام الرضا في حديث اختلاف الأحاديث: وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه، فردوا إلينا علمه، فنحن أولى بذلك، ولا تقولوا فيه بآرائكم، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف، وأنتم طالبون باحثون، حتى يأتيكم البيان من عندنا (2).

ثانيا ـ ما ورد حول العدالة وشمولهأ

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث التي تعتبر العدالة ركنا من أركان الشريعة، ذلك أن الله تعالى الموصوف بالعدل وعدم الظلم، يستحيل عليه أن يشرع لعباده ما يكون فيه أي ظلم أو جور، مهما كان قليلا.

ولهذا نرى اقتران التوحيد بالعدل في القرآن الكريم؛ فالعدل يقتضي التوحيد، والتوحيد يقتضي العدل.. أما اقتضاء العدل للتوحيد، فإن الشخص إن كلف تكاليف مختلفة من جهات متعددة، ثم حوكم في محاكم مختلفة من قضاة متناقضين كان ذلك منتهى الجور، ولكن العدل الإلهي مستند إلى التوحيد الإلهي، فالعبد لا يكلف إلا من رب واحد، وهو الذي يتولى جزاءه، فلا يخاف ظلما ولا هضما.

أما اقتضاء التوحيد للعدل، فإن من أعظم أسباب الجور فقر الجائر لمن جار له بأي نوع من أنواع الافتقار، أو بغضه للمجور لعلة من العلل، والله تعالى الغني عن عباده، لا يفتقر لأحد منهم، وينزه عن العلل التي يقع بسببها الجور والظلم.

__________

(1) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 303/ 63.

(2) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 21/ 45.

أحكام الحكومة الإسلامية (69)

ولهذا ورد في النصوص الجمع بين التوحيد والعدل، ومن ذلك قوله تعالى حاكيا قول هود عليه السلام لقومه: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (هود:56)

فهذه الآية الكريمة تجمع بين سري العدل والتوحيد، بل تسند أحدهما للآخر: أما سر التوحيد الذي هو أساس التوكل كما أنه أساس العدل، فقد عبر عنه بقوله: ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ أي لا يخرج أي شيء عن قهره وسلطانه.

وأما سر العدل، والذي جاء مستدركا لما قد يفهم خطأ من التوحيد، فقد عبر عنه بقوله: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أي هو الحاكم العادل الذي لا يجور في حكمه، فإنه على صراط مستقيم.

وهكذا نرى القرآن الكريم ينص على امتناع الظلم عن الله تعالى، كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (آل عمران:182)، وقال: ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ﴾ (غافر: 31)، وقال: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (فصلت:46)، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (يونس:44)، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ (النساء:40)، وقال: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً﴾ (طه:112)

فهذه الآيات الكريمة تعتبر العدالة صفة إلهية، وأنها المنبع الذي تنبع منه كل أنواع الأحكام والجزاء، وهو ما يدل على استحالة الظلم في شريعة الله، وأن كل ظلم أو جور تسرب إليها إنما هو بفعل الأهواء، ولا علاقة له بالله.. وهو وحده كاف لرفض كل ما تسرب من الأحاديث والآثار التي تتناقض مع هذه الصفة الإلهية العظمى.

أحكام الحكومة الإسلامية (70)

والقرآن ـ ترغيبا في العدل ـ لا يكتفي بما ذكره من كونه صفة إلهية، وإنما يضيف إليه وجوب التعامل بالعدل، وفي كل المحال، ولهذا نرى النصوص الكثيرة التي تمجد العدل وتأمر به وتخبر عن محبة الله تعالى للعادلين، بل تخبر عن الله أنه لا يحكم إلا بالعدل.

قال تعالى في تمجيد العدل: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه﴾ (النساء: 58)، ففي قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه﴾ دليل على محبة الله للعدل، وهي محبة تدل على أنه من صفات الكمال.

ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿فإن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الحجرات: 9)، وقد ورد في النصوص الكثيرة الإخبار بمحبة الله من اتصف بصفاته.

وقد جمع الله تعالى بين أمره بالعدل وإخباره عن اتصافه به في قوله تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (النحل:76)

وهكذا نرى القرآن الكريم يعتبر إقامة العدل من الأغراض الكبرى لإرسال الرسل، قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحديد:25)

بل إن الله تعالى قرن الدعاة إلى العدالة بالرسل ـ عليهم السلام ـ واعتبر قتلهم كقتل الرسل، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (آل عمران:21)

وأخبر أن كل ما ورد به القرآن الكريم من الأحكام أحكام تقوم على القسط، بل هي

أحكام الحكومة الإسلامية (71)

القسط عينه، قال تعالى: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ (لأعراف:29)

ودعا البشر الواعين لحقائق القرآن الكريم أن يكونوا دعاة للعدالة بمفهومها الواسع، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فإن اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ (النساء:135)

بل إن القرآن يدعو المؤمنين إلى ممارسة ما تقتضيه العدالة، ولو كان ذلك في مصلحة الأعداء.. فالمؤمن لا تصرفه عداوته لأحد من الناس عن التعامل معه وفق ما تقتضيه شريعة العدل التي تتفق عليها العقول، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (المائدة:8)

وهكذا نراه يدعو إلى تنفيذ العدالة من كل المؤمنين، ابتداء بمن وكلت لهم وظائف الخلافة والولاية؛ فالخليفة الصالح هو الذي يتخلق بوصف العدالة، ولا يجره الهوى إلى الجور، قال تعالى مخاطبا داود عليه السلام: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ (صّ:26)

والله تعالى يأمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم باعتباره الولي الأول لأمر المؤمنين بأن يحكم بالعدل.. لا الرعية البسيطة المطيعة.. وإنما السماعين للكذب الأكالين للسحت، قال تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فإن جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (المائدة:42)

أحكام الحكومة الإسلامية (72)

وفي هذه الآية رد بليغ على أولئك الذين يريدون فرض شريعة الاستبداد، ويجدون من بائعي دينهم من يفتيهم بذلك بحجة أن من الرعية من لا يفيدهم إلا سيف الحجاج.

والعدل بالمفهوم القرآني ليس قاصرا على هذا.. وليس قاصرا على هؤلاء.. بل إنه يشمل الكل.. فالمؤمن الباحث عن الكمال الإنساني لن يصل إليه إلا بتحقيق العدل في كل الشؤون.. فالأخلاق الإسلامية كلها تقوم على العدل، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾ (الاسراء:29)، فالله تعالى يأمرنا في هذه الآية بالتوسط الذي يقتضيه العدل.

بناء على هذا، سنذكر هنا الأحاديث التي تتوافق مع هذه المعاني القرآنية، لا باعتبارها أساسا من الأسس التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية فقط، وإنما باعتبارها معيارا نلجأ إليه كل حين لرفض الأحاديث والآثار والاجتهادات التي تخالف هذه القيمة النبيلة.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 203] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا حكمتم فاعدلوا، وإذا قتلتم فأحسنوا، فإنّ الله- عزّ وجلّ- محسن يحبّ المحسنين) (1)

[الحديث: 204] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرّحمن- عزّ وجلّ- وكلتا يديه يمين، الّذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) (2)

[الحديث: 205] قال النّعمان بن بشير: أعطاني أبي عطيّة، فقالت عمرة بنت رواحة:

__________

(1) مجمع الزوائد (5/ 197): رواه الطبرانى في الأوسط

(2) مسلم (1827) والنسائي (8/ 221، 222)

أحكام الحكومة الإسلامية (73)

لا أرضى حتّى يشهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنّي أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطيّة، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله. قال: (أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟). قال: لا، قال (فاتّقوا الله واعدلوا بين أولادكم) قال: فرجع فردّ عطيّته) (1)

[الحديث: 206] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ أحبّ النّاس إلى الله يوم القيامة، وأدناهم منه مجلسا: إمام عادل، وأبغض النّاس إلى الله، وأبعدهم منه مجلسا: إمام جائر) (2)

[الحديث: 207] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة. فإذا أوصى حاف في وصيّته فيختم له بشرّ عمله، فيدخل النّار، وإنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنة. فيعدل في وصيّته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة) (3)

[الحديث: 208] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة، وما هي؟: أوّلها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة، إلّا من عدل، وكيف يعدل مع قرابته؟) (4)

[الحديث: 209] عن عبادة بن الصّامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على السّمع والطّاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكارهنا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالعدل أين كنّا، لا نخاف في الله لومة لائم) (5)

[الحديث: 210] عن جابر قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسّم غنيمة بالجعرانة إذ قال له رجل: اعدل، قال: (لقد شقيت إن لم أعدل) (6)

[الحديث: 211] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاث كفّارات، وثلاث درجات، وثلاث

__________

(1) البخاري (2587)

(2) الترمذي (1329)

(3) أبو داود (2867) والترمذي (2117)

(4) مجمع الزوائد (5/ 200): رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط

(5) النسائي (7/ 139)

(6) البخاري (3138)، ومسلم (1063)

أحكام الحكومة الإسلامية (74)

منجيات، وثلاث مهلكات. فأمّا الكفّارات: فإسباغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصّلوات بعد الصّلوات، ونقل الأقدام إلى الجماعات. وأمّا الدّرجات: فإطعام الطّعام، وإفشاء السّلام، والصّلاة باللّيل والنّاس نيام. وأمّا المنجيات: فالعدل في الغضب والرّضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله في السّر والعلانية. وأمّا المهلكات: فشحّ مطاع، وهوى متّبع، وإعجاب المرء بنفسه) (1)

[الحديث: 212] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاثة لا تردّ دعوتهم، الإمام العادل، والصّائم حتّى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السّماء ويقول: بعزّتي، لأنصرنّك ولو بعد حين) (2)

[الحديث: 213] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سبعة يظلّهم الله تعالى في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: إمام عدل، وشابّ نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلّق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه) (3)

[الحديث: 214] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كلّ سلامى من النّاس عليه صدقة، كلّ يوم تطلع فيه الشّمس يعدل بين النّاس صدقة) (4)

عن عبد الله بن مسعود قال: لمّا كان يوم حنين آثر النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أناسا في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة. قال رجل: والله إنّ هذه القسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه

__________

(1) كشف الأستار عن زوائد البزار (1/ 59، 60)

(2) الترمذي (3598)

(3) البخاري (1423) ومسلم (1031)

(4) البخاري (2707) ومسلم (1009)

أحكام الحكومة الإسلامية (75)

الله، فقلت: والله لأخبرنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فأتيته فأخبرته، فقال: (فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى. فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر) (1)

[الحديث: 215] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا منّي أو من أهل بيتي، يواطأ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا) (2)

[الحديث: 216] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما أصاب أحدا قطّ همّ ولا حزن، فقال: اللهمّ إنّي عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكلّ اسم هو لك، سمّيت به نفسك، أو علّمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك. أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي. إلّا أذهب الله همّه وحزنه، وأبدله مكانه فرجا). قال فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلّمه؟. فقال: (بلى، ينبغي لمن سمعه أن يتعلّمه) (3)

[الحديث: 217] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أصاب حدّا فعجّل الله عقوبته في الدّنيا فالله أعدل من أن يثنّي على عبده العقوبة في الآخرة، ومن أصاب حدّا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود إلى شيء قد عفا عنه) (4)

[الحديث: 218] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنّما الإمام جنّة يقاتل من ورائه، ويتّقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل فإنّ له بذلك أجرا، وإن قال بغيره؛

__________

(1) البخاري (3150) ومسلم (1062)

(2) الترمذي (2230) وأبو داود (4282)

(3) أحمد (5/ 3712 - 3713)

(4) الترمذي (2626)

أحكام الحكومة الإسلامية (76)

فإنّ عليه منه) (1)

[الحديث: 219] عن عائشة أنّ قريشا أهمّتهم المرأة المخزوميّة الّتي سرقت فقالوا: من يكلّم فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن يجترأ عليه إلّا أسامة حبّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فكلّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (أتشفع في حدّ من حدود الله؟) ثمّ قام فخطب فقال: (يا أيّها النّاس، إنّما ضلّ من كان قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق الشّريف تركوه، وإذا سرق الضّعيف فيهم أقاموا عليه الحدّ، وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطع محمّد يدها) (2)

[الحديث: 220] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قد أذهب الله عنكم عبّيّة الجاهليّة وفخرها بالآباء، مؤمن تقيّ، وفاجر شقيّ، والنّاس بنو آدم، وآدم من تراب) (3)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 221] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من أحد ولي شيئا من أمور المسلمين، فأراد الله به خيرا، إلّا جعل الله له وزيرا صالحا، إن نسي ذكّره، وإن ذكر أعانه، وإن همّ بشر كفّه وزجره (4).

[الحديث: 222] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي شيئا من أمور أمتي فحسنت سريرته لهم، رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم، ومن بسط كفّه إليهم بالمعروف رزق المحبة منهم، ومن كفّ عن أموالهم وفر الله عزّ وجلّ ماله، ومن أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنّة مصاحبا، ومن كثر عفوه مد في عمره، ومن عمّ عدله نصر على عدوه، ومن خرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة، آنسه الله عزّ وجلّ بغير أنيس وأعانه بغير مال (5).

__________

(1) البخاري (2957) ومسلم (1841)

(2) البخاري (6788) ومسلم (1688)

(3) أبو داود (5116). والترمذي (3965)

(4) أعلام الدين ص 295

(5) أعلام الدين ص 184

أحكام الحكومة الإسلامية (77)

[الحديث: 223] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي عشرة فلم يعدل فيهم جاء يوم القيامة ويداه ورجلاه ورأسه في ثقب فأس (1).

[الحديث: 224] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يؤمر رجل على عشرة فما فوقهم إلّا جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه، فإن كان محسنا فك عنه، وإن كان مسيئا زيد غلا إلى غله (2).

[الحديث: 225] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: من أخذ شيئا من أموال أهل الذمّة ظلما فقد خان اللّه ورسوله وجميع المؤمنين (3).

[الحديث: 226] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: من اقتطع مال مؤمن غصبا بغير حلّه لم يزل اللّه عزّ وجلّ معرضا عنه، ماقتا لأعماله الّتي يعملها من البرّ والخير، لا يثبتها في حسناته حتّى يتوب، ويردّ المال الّذي أخذه إلى صاحبه (4).

[الحديث: 227] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عزّ وجلّ يقول: ويل للذين يختلون الدنيا بالدين، وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وويل للذين يسير المؤمن فيهم بالتقية، أبي يغترون؟ أم علي يجترئون؟ فبي حلفت لاتيحن لهم فتنة تترك الحليم منهم حيرانا (5).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

__________

(1) ثواب الأعمال ص 309

(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 270

(3) الأشعثيات ص 81.

(4) عقاب الأعمال ص 322.

(5) ـ الكافي 2/ 226/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (78)

[الحديث: 228] قال الإمام علي لعمر: ثلاث إن حفظتهنّ وعلمتهنّ كفتك ما سواهن، وإن تركتهن لم ينفعك شيء سواهنّ قيل: وما هنّ؟ قال: إقامة الحدود على القريب والبعيد، والحكم بكتاب الله في الرضا والسخط، والقسم بين الناس بالعدل بين الأحمر والأسود (1).

[الحديث: 229] قال الإمام علي: ستّة أشياء حسن، ولكن من ستة أحسن، العدل حسن وهو من الأمراء أحسن، والصبر حسن وهو من الفقراء أحسن، والورع حسن وهو من العلماء أحسن، والسخاء حسن وهو من الأغنياء أحسن، والتوبة حسنة وهي من الشابّ أحسن، والحياء حسن وهو من النساء أحسن، وأمير لا عدل له كغيم لا غيث له، وفقير لا صبر له كمصباح لا ضوء له، وعالم لا ورع له كشجرة لا ثمرة لها، وغني لا سخاء له كمكان لا نبت له، وشابّ لا توبة له كنهر لا ماء له، وامرأة لا حياء لها كطعام لا ملح له (2).

[الحديث: 230] قال الإمام علي: إنّ اللّه تبارك وتعالى يعذّب الستّة بالستّة، العرب بالعصبيّة، والدهاقنة بالكبر، والأمراء بالجور، والفقهاء بالحسد، والتجّار بالخيانة، وأهل الرستاق بالجهل (3).

[الحديث: 231] قال الإمام علي: اعلم أنّ أفضل عباد اللّه عند اللّه إمام عادل هدي وهدى، فأقام سنّة معلومة، وأمات بدعة مجهولة، وإنّ السنن لنيّرة لها أعلام، وإنّ البدع لظاهرة لها أعلام، وإنّ شرّ الناس عند اللّه إمام جائر ضلّ وضلّ به، فأمات سنّة مأخوذة، وأحيا بدعة متروكة، وإنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر

__________

(1) مناقب ج 2 ص 147.

(2) إرشاد القلوب ص 193.

(3) المحاسن ص 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (79)

وليس معه نصير ولا عاذر، فيلقى في نار جهنّم فيدور فيها كما تدور الرحى، ثمّ يرتبط في قعرها (1).

[الحديث: 232] قال الإمام علي: العدل فضيلة السّلطان (2).

[الحديث: 233] قال الإمام علي: إمام عادل خير من مطر وابل (3).

[الحديث: 234] قال الإمام علي: العدل أفضل السياستين (4).

[الحديث: 235] قال الإمام علي: أفضل الملوك العادل (5).

[الحديث: 236] قال الإمام علي: أجلّ الملوك من ملك نفسه وبسط العدل (6).

[الحديث: 237] قال الإمام علي: إنّ الزهد في ولاية الظّالم بقدر الرغبة في ولاية العادل (7).

[الحديث: 238] قال الإمام علي: تاج الملك عدله (8).

[الحديث: 239] قال الإمام علي: جمال السياسة العدل في الإمرة، والعفو مع القدرة (9).

[الحديث: 240] قال الإمام علي: خير السّياسات العدل (10).

[الحديث: 241] قال الإمام علي: دولة العادل من الواجبات (11).

[الحديث: 242] قال الإمام علي: زين الملك العدل (12).

__________

(1) نهج البلاغة كلام 163 ص 526.

(2) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(3) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(4) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(5) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(6) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(7) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(8) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(9) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(10) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(11) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(12) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

أحكام الحكومة الإسلامية (80)

[الحديث: 243] قال الإمام علي: زمان العادل خير الأزمنة (1).

[الحديث: 244] قال الإمام علي: غريزة العقل تحدو على استعمال العدل (2).

[الحديث: 245] قال الإمام علي: ليس ثواب عند الله سبحانه أعظم من ثواب السّلطان العادل والرجل المحسن (3).

[الحديث: 246] قال الإمام علي: سياسة العدل ثلاث: لين في حزم، واستقصاء في عدل، وإفضال في قصد (4).

[الحديث: 247] قال الإمام علي: العدل يصلح البريّة (5).

[الحديث: 248] قال الإمام علي: العدل نظام الإمرة (6).

[الحديث: 249] قال الإمام علي: العدل قوام الرعيّة (7).

[الحديث: 250] قال الإمام علي: العدل قوام البرّيّة (8).

[الحديث: 251] قال الإمام علي: الرعيّة لا يصلحها إلّا العدل (9).

[الحديث: 252] قال الإمام علي: العادل راع ينتظر أحد الجزائين (10).

[الحديث: 253] قال الإمام علي: الطّاعة جنّة الرعيّة والعدل جنّة الدول (11).

[الحديث: 254] قال الإمام علي: العدل قوام الرعيّة وجمال الولاة (12).

[الحديث: 255] قال الإمام علي: إذا بني الملك على قواعد العدل، ودعم بدعائم

__________

(1) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(2) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(3) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(4) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(5) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(6) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(7) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(8) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(9) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(10) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(11) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(12) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

أحكام الحكومة الإسلامية (81)

العقل نصر الله مواليه، وخذل معاديه (1).

[الحديث: 256] قال الإمام علي: بالعدل تصلح الرعيّة (2).

[الحديث: 257] قال الإمام علي: اعدل تدم لك القدرة (3).

[الحديث: 258] قال الإمام علي: ثبات الدول بإقامة سنن العدل (4).

[الحديث: 259] قال الإمام علي: سلطان العاقل ينشر مناقبه (5).

[الحديث: 260] قال الإمام علي: صلاح الرعيّة العدل (6).

[الحديث: 261] قال الإمام علي: ليكن مركبك العدل، فمن ركبه ملك (7).

[الحديث: 262] قال الإمام علي: عدل السّلطان حياة الرعيّة وصلاح البريّة (8).

[الحديث: 263] قال الإمام علي: في العدل الاقتداء بسنّة الله وثبات الدول (9).

[الحديث: 264] قال الإمام علي: لن تحصّن الدول بمثل استعمال العدل فيها (10).

[الحديث: 265] قال الإمام علي: من عدل تمكّن (11).

[الحديث: 266] قال الإمام علي: من عدل نفذ حكمه (12).

[الحديث: 267] قال الإمام علي: من كثر عدله حمدت أيّامه (13).

[الحديث: 268] قال الإمام علي: من عدل في البلاد نشر الله عليه الرحمة (14).

__________

(1) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(2) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(3) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(4) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(5) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(6) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(7) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(8) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(9) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(10) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(11) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(12) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(13) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(14) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

أحكام الحكومة الإسلامية (82)

[الحديث: 269] قال الإمام علي: من عدل في سلطانه استغنى عن أعوانه (1).

[الحديث: 270] قال الإمام علي: من عمل بالعدل حصّن الله ملكه (2).

[الحديث: 271] قال الإمام علي: من عدل في سلطانه، وبذل إحسانه أعلى الله شأنه وأعزّ أعوانه (3).

[الحديث: 272] قال الإمام علي: من أحسن إلى رعيّته نشر الله عليه جناح رحمته، وأدخله في مغفرته (4).

[الحديث: 273] قال الإمام علي: ما عمرت البلدان بمثل العدل (5).

[الحديث: 274] قال الإمام علي: ما حصّن الدول بمثل العدل (6).

[الحديث: 275] قال الإمام علي: والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهّدا وأجرّ في الأغلال مصفّدا أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، وغاصبا لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها، ويطول في الثري حلولها، والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتّى استماحني من برّكم صاعا ورأيت صبيانه شعث الشعور، وغبر الألوان من فقرهم كأنّما سوّدت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكّدا وكرّر عليّ القول مردّدا فأصغيت إليه سمعي فظنّ أنّي أبيعه ديني وأتّبع قياده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديدة، ثمّ أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضجّ ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئنّ من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرّني إلى نار سجرها جبّارها لغضبه، أتئنّ من الأذى ولا أئنّ من لظى،

__________

(1) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(2) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(3) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(4) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(5) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

(6) غرر الحكم، ص 339 ـ 340.

أحكام الحكومة الإسلامية (83)

وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها كأنّما عجنت بريق حيّة أو قيئها فقلت: أصلة أم زكاة أم صدقة فذلك كلّه محرّم علينا أهل البيت؟ فقال: لا ذا ولا ذاك، ولكنّها هديّة، فقلت: هبلتك الهبول أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ أمختبط أم ذو جنّة أم تهجر؟ والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وإنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعليّ ولنعيم يفنى ولذّة لا تبقى، نعوذ بالله من سبات العقل، وقبح الزلل، وبه نستعين (1).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 276] قال الإمام الصادق: من تولى أمرا من أمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر في أمور الناس كان حقّا على الله عزّ وجلّ أن يؤمن روعته يوم القيامة ويدخله الجنّة (2).

[الحديث: 277] قال الإمام الصادق: من ولي شيئا من أمور المسلمين فضيّعهم ضيّعه الله تعالى (3).

[الحديث: 278] قال الإمام الصادق: إنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى نبيّ من الأنبياء في مملكة جبّار من الجبابرة أن ائت هذا الجبّار فقل له: إنّي لم أستعملك على سفك الدماء واتّخاذ الأموال وإنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين فإنّي لن أدع ظلامتهم وإن كانوا كفّارا (4).

[الحديث: 279] قال الإمام الصادق: اتقوا الله واعدلوا فإنكم تعيبون على قوم لا

__________

(1) نهج البلاغة، ص 713.

(2) أمالي الصدوق ج 1 ص 202

(3) ثواب الأعمال ص 309

(4) عقاب الأعمال ص 321

أحكام الحكومة الإسلامية (84)

يعدلون (1).

[الحديث: 280] قال الإمام الصادق: العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن، ما أوسع العدل إذا عدل فيه وان قل (2).

[الحديث: 281] قال الإمام الصادق: العدل أحلى من الشهد وألين من الزبد وأطيب ريحا من المسك (3).

[الحديث: 282] قال الإمام الصادق: ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله عزّ وجلّ يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة، ورجل قال الحق فيما عليه (4).

[الحديث: 283] قال الإمام الصادق: إن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم عمل بغيره (5).

[الحديث: 284] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ﴾ [الشعراء: 94]: هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه إلى غيره (6).

ما روي عن سائر الأئمة

[الحديث: 285] قيل للإمام السجاد: أخبرني بجميع شرائع الدّين، فقال: قول الحقّ، والحكم بالعدل، والوفاء بالعهد (7).

[الحديث: 286] قال الإمام السجاد: حق أهل الذمة: أن تقبل منهم ما قبل اللّه عزّ

__________

(1) ـ الكافي 2/ 118/ 14.

(2) ـ الكافي 2/ 117/ 11.

(3) ـ الكافي 2/ 118/ 15.

(4) ـ الكافي 2/ 227/ 3.

(5) ـ الكافي 2/ 227/ 1.

(6) ـ الكافي 2/ 227/ 4.

(7) الخصال ج 1 ص 113.

أحكام الحكومة الإسلامية (85)

وجلّ منهم، ولا تظلمهم ما وفوا أهل الذمّة للّه عزّ وجلّ بعهده (1).

[الحديث: 287] قال الإمام الباقر: لله عزّ وجلّ جنّة لا يدخلها إلّا ثلاثة: رجل حكم في نفسه بالحقّ، ورجل زار أخاه المؤمن في الله، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله عزّ وجلّ (2).

ثالثا ـ ما ورد حول الشورى وأهلهأ

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث التي تعتبر الشورى صفة من صفات المؤمنين، وقيمة من قيم الحكم في الإسلام؛ فالحكومة الإسلامية ليست حكومة مستبدة، وإنما هي حكومة ترجع للخبراء والرعية في كل شأن من شؤونها، لأنه لا يمكن تطبيق العدالة من دون ذلك.

ولذلك يدعو الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم المؤيد بالوحي إلى استشارة رعيته التي كان حاكما عليها، قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159]

وهكذا يصف القرآن الثلة الصادقة من المؤمنين بهذه الصفة، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ [الشورى: 38].

بل إنه يعتبر إبراهيم عليه السلام مثالا صادقا لهذه الصفة، ونموذجا عاليا لتأديتها؛ فهو مع كونه قد أمر بأمر إلهي، إلا أنه راح يخبر ابنه عنه، ويستشيره فيه، لينال أجر التسليم معه، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا

__________

(1) مكارم الأخلاق ص 424.

(2) الخصال ج 1 ص 131.

أحكام الحكومة الإسلامية (86)

تَرَى﴾ [الصافات: 102]

والله تعالى يدعو إلى الشورى في كل المحال حتى في الخلافات التي تدب في الأسرة الواحدة، قال تعالى: ﴿فإن أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا﴾ [البقرة: 233]

وعندما يشتد الخلاف بين الزوجين، ولا يمكنهما التشاور يدعوها إلى الاستعانة بأطراف خارجية تقوم هي أيضا بالتشاور لحل المشكلة، قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء: 35]

أما في مجال الحكم؛ فقد ذكر الله تعالى نموذجا عن ذلك، وأثنى عليه بطريقة غير مباشرة، قال تعالى مخبرا عن ملكة سبأ: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: 32 - 35]

ففي هذه الآيات الكريمة نموذجان لكيفية الشورى، والبعد عن الاستبداد، أما أولهما، فطلب رأي الآخرين، وأما الثاني، فهو عرض الرأي عليهم قبل تنفيذه، وبذلك فإن الشورى لا تعني فقط طلب الآخرين، وإنما الاستفادة من آرائهم في التقويم والتصحيح، وهو ما سنرى أمثلة عنه في الأحاديث التي سنوردها هنا.

وننبه إلى أن ما ذكره القرآن عن استشارة فرعون لملئه، لا يمثل الشورى الشرعية، ولا الصحيحة، لأن الشورى لا تكون إلا في الأمور التي تكتنفها العدالة والرحمة، لا الظلم والقسوة، بالإضافة إلا أن الملأ لم يكونوا مختارين فيما يشيرون فيه، بل كانوا ملزمين

أحكام الحكومة الإسلامية (87)

بالخضوع والتملق له.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 288] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المستشار مؤتمن (1).

[الحديث: 289] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تقوّل عليّ ما لم أقل فليتبوّأ مقعده من النّار، ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشده فقد خانه، ومن أفتى بفتيا غير ثبت فإنّما إثمه على من أفتاه (2).

[الحديث: 290] جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك. فقال: (هل لك من أمّ)؟ قال: نعم. قال: (فالزمها، فإن الجنّة عند رجلها) (3)

[الحديث: 291] عن الحسن في قوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: 159]: (قد علم الله أنّ ما به إليهم من حاجة، ولكن أراد ليستن به من بعده) (4)

[الحديث: 292] عن قتادة قال: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يشاور أصحابه في الأمور، وهو يأتيه الوحيّ من السّماء لأنّه أطيب لأنفس القوم، وأن القوم إذا شاور بعضهم بعضا، وأرادوا بذلك وجه الله تعالى عزم عليهم على أرشده (5).

[الحديث: 293] عن الضّحّاك قال: ما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالمشاورة لما فيها من

__________

(1) الترمذي (2823، 2824)، وأبو داود (5128)

(2) أحمد (1/ 876)

(3) النسائي رقم 197 (6/ 11)

(4) رواه سعيد بن منصور وابن المنذر، سبل الهدى (9/ 398)

(5) رواه ابن جرير وابن أبي خيثمة، سبل الهدى (9/ 398)

أحكام الحكومة الإسلامية (88)

الفضل والبركة (1).

[الحديث: 294] عن أبي هريرة قال: ما رأيت من الناس أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2).

[الحديث: 295] عن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يشاور في الحرب فعليك به (3).

[الحديث: 296] عن يحيى بن سعد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استشار النّاس يوم بدر، فقام الحباب بن المنذر، فقال: نحن أهل الحرب أرى أن تعوّر المياه إلا ماء واحدا نلقاهم عليه قال: واستشارهم يوم قريظة والنضير، فقام الحباب بن المنذر فقال: أرى أن ننزل بين القصور، فنقطع خبر هؤلاء عن هؤلاء، وخبر هؤلاء عن هؤلاء، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (4).

[الحديث: 297] عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة، فقال: إيانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فانطلقوا حتى نزلوا بدرا (5).

[الحديث: 298] عن عائشة قالت: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، حين استلبث الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله؛ فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك، ولا نعلم

__________

(1) رواه ابن أبي شيبة، سبل الهدى (9/ 398)

(2) رواه ابن أبي حاتم والخرائطي، سبل الهدى (9/ 398)

(3) رواه الطبراني، سبل الهدى (9/ 398)

(4) رواه ابن سعد، سبل الهدى (9/ 398)

(5) مسلم 1779.

أحكام الحكومة الإسلامية (89)

إلا خيرا، وأما عليٌ فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثيرٌ، وسل الجارية تصدقك (1).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 299] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مشاورة العاقل الناصح رشد ويمن وتوفيق من الله، فإذا أشار عليك الناصح العاقل، فإيّاك والخلاف فإن في ذلك العطب (2).

[الحديث: 300] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: استرشدوا العاقل ولا تعصوه فتندموا (3).

[الحديث: 301] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا شاور عليك العاقل الناصح فاقبل، وإيّاك والاختلاف عليهم فإن فيه الهلاك (4).

[الحديث: 302] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: لا تشاورنّ جبانا فإنّه يضيق عليك المخرج، ولا تشاورنّ بخيلا فإنّه يقصر بك عن غايتك، ولا تشاورنّ حريصا فإنّه يزين لك شرّها، واعلم أنّ الجبن والبخل والحرص غريزة يجمعها سوء الظنّ (5).

[الحديث: 303] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحزم أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره (6).

[الحديث: 304] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير (7).

[الحديث: 305] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المشاورة حرز من الندامة، وأمن من الملامة (8).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

__________

(1) البخاري 4141

(2) المحاسن، ص 602.

(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 152.

(4) إعلام الدين ص 295.

(5) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 293.

(6) أعلام الدين ص 294.

(7) المحاسن، ص 601.

(8) نزهة الناظر، ص 12.

أحكام الحكومة الإسلامية (90)

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 306] قال الإمام علي: لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل، ويعدك الفقر، ولا جبانا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزيّن لك الشره بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظنّ بالله! (1).

[الحديث: 307] قال الإمام علي: خير من شاورت ذوو النّهى والعلم واولوا التجارب والحزم (2).

[الحديث: 308] قال الإمام علي: ما عطب امرئ استشار (3).

[الحديث: 309] قال الإمام عليّ: من شاور ذوي الأسباب، دلّ على الرشاد (4).

[الحديث: 310] قال الإمام عليّ: شاور في حديثك الّذين يخافون الله (5).

[الحديث: 311] قال الإمام علي: من ملك استأثر، ومن استبدّ برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها (6).

[الحديث: 312] قال الإمام علي: لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا ظهير كالمشاورة (7).

[الحديث: 313] قال الإمام عليّ: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني: يا عليّ، ما حار من استخار، ولا ندم من استشار.. يا عليّ، عليك بالدّلجة، فإن الأرض تطوى باللّيل ما لا تطوى بالنّهار، يا عليّ، اغد باسم الله فإن عزّ وجلّ بارك لأمتي

__________

(1) نهج البلاغة عهد 53، 998.

(2) غرر الحكم، ص 389.

(3) الخصال ص 620.

(4) كنز الكراجكي على ما في (المستدرك) ج 2 ص 65.

(5) المحاسن، ص 601.

(6) نهج البلاغة الحكمة 152 ص 1165.

(7) نهج البلاغة الحكمة 51 ص 1112.

أحكام الحكومة الإسلامية (91)

في بكورها (1).

[الحديث: 314] قال الإمام علي: ما حار من استخار، ولا ندم من استشار (2).

[الحديث: 315] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: اضمم آراء الرجال بعضها إلى بعض، ثمّ اختر أقربها من الصواب وأبعدها من الارتياب.. وقد خاطر بنفسه من استغنى برأيه، ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطاء (3).

[الحديث: 316] قال الإمام علي: الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه (4).

[الحديث: 317] قال الإمام علي: انّ الجاهل من عدّ نفسه بما جهل من معرفته للعلم عالما وبرأيه مكتفيا (5).

[الحديث: 318] قال الإمام علي: من لم يستشر يندم (6).

[الحديث: 319] قال الإمام علي: المشاورة استظهار (7).

[الحديث: 320] قال الإمام علي: كفى بالمشاورة ظهيرا (8).

[الحديث: 321] قال الإمام علي: نعم المظاهرة المشاورة (9).

[الحديث: 322] قال الإمام علي: نعم الاستظهار المشاورة (10).

[الحديث: 323] قال الإمام علي: لا مظاهرة أوثق من مشاورة (11).

[الحديث: 324] قال الإمام علي: أفضل الناس رأيا من لا يستغني عن رأي

__________

(1) بحار الأنوار ج 75 ص 78، (كشف الغمّة).

(2) تحف العقول، ص 207.

(3) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 278.

(4) نهج البلاغة حكمة 202 ص 1181.

(5) مستدرك الوسائل ج 2 ص 65، السيّد عليّ بن طاووس في (كشف المحجّة).

(6) تفسير العيّاشي ج 1 ص 120.

(7) غرر الحكم، ص 441.

(8) غرر الحكم، ص 441.

(9) غرر الحكم، ص 441.

(10) غرر الحكم، ص 441.

(11) غرر الحكم، ص 441.

أحكام الحكومة الإسلامية (92)

مشير (1).

[الحديث: 325] قال الإمام علي: إنّما خضّ على المشاورة لأنّ رأي المشير صرف ورأي المستشير مشوب بالهوى (2).

[الحديث: 326] قال الإمام علي: إذا عزمت فاستشر (3).

[الحديث: 327] قال الإمام علي: إذا أمضيت أمرا فأمضه بعد الرويّة ومراجعة المشورة، ولا تؤخّر عمل يوم إلى غد وأمض لكلّ يوم عمله (4).

[الحديث: 328] قال الإمام علي: باكروا، فالبركة في المباكرة وشاوروا، فالنّجح في المشاورة (5).

[الحديث: 329] قال الإمام علي: جماع الخير في المشاورة والأخذ بقول النصيح (6).

[الحديث: 330] قال الإمام علي: شاور قبل أن تعزم، وفكّر قبل أن تقدم (7).

[الحديث: 331] قال الإمام علي: عليك بالمشاورة فإنّها نتيجة الحزم (8).

[الحديث: 332] قال الإمام علي: قد أصاب المسترشد (9).

[الحديث: 333] قال الإمام علي: من شاور الرجال شاركها في عقولها (10).

[الحديث: 334] قال الإمام علي: لا تستصغرنّ عندك الرأي الخطير إذا أتاك به الرجل الحقير (11).

[الحديث: 335] قال الإمام علي: لا يستغني العاقل عن المشاورة (12).

__________

(1) غرر الحكم، ص 441.

(2) غرر الحكم، ص 441.

(3) غرر الحكم، ص 441.

(4) غرر الحكم، ص 441.

(5) غرر الحكم، ص 441.

(6) غرر الحكم، ص 441.

(7) غرر الحكم، ص 441.

(8) غرر الحكم، ص 441.

(9) غرر الحكم، ص 441.

(10) غرر الحكم، ص 441.

(11) غرر الحكم، ص 441.

(12) غرر الحكم، ص 441.

أحكام الحكومة الإسلامية (93)

[الحديث: 336] قال الإمام علي: المشورة تجلب لك صواب غيرك (1).

[الحديث: 337] قال الإمام علي: الشركة في الرأي تؤدّي إلى الصواب (2).

[الحديث: 338] قال الإمام علي: امخضوا الرأي مخض السقاء، ينتج سديد شديد الآراء (3).

[الحديث: 339] قال الإمام علي: اضربوا بعض الرّأي ببعض، يتولّد منه الصواب (4).

[الحديث: 340] قال الإمام علي: من لزم المشاورة لم يعدم عند الصواب مادحا وعند الخطاء عاذرا (5).

[الحديث: 341] قال الإمام علي: ما استنبط الصواب بمثل المشاورة (6).

[الحديث: 342] قال الإمام علي: المستشير متحصّن من السقط (7).

[الحديث: 343] قال الإمام علي: المستشير على طرف النجاح (8).

[الحديث: 344] قال الإمام علي: المشاورة راحة لك وتعب لغيرك (9).

[الحديث: 345] قال الإمام علي: استشر أعداءك تعرف من رأيهم مقدار عداوتهم ومواضع مقاصدهم (10).

[الحديث: 346] قال الإمام علي: خوافي الآراء تكشفها المشاورة (11).

[الحديث: 347] قال الإمام علي: ما ضلّ من استشار (12).

__________

(1) غرر الحكم، ص 441.

(2) غرر الحكم، ص 441.

(3) غرر الحكم، ص 441.

(4) غرر الحكم، ص 441.

(5) غرر الحكم، ص 441.

(6) غرر الحكم، ص 441.

(7) غرر الحكم، ص 441.

(8) غرر الحكم، ص 441.

(9) غرر الحكم، ص 441.

(10) غرر الحكم، ص 441.

(11) غرر الحكم، ص 441.

(12) غرر الحكم، ص 441.

أحكام الحكومة الإسلامية (94)

[الحديث: 348] قال الإمام علي: أفضل من شاورت ذو التّجارب، وشرّ من قارنت ذو المعايب (1).

[الحديث: 349] قال الإمام علي: خير من شاورت ذو والنّهى والعلم، واولوا التجارب والحزم (2).

[الحديث: 350] قال الإمام علي: شاور في أمورك الّذين يخشون الله، ترشد (3).

[الحديث: 351] قال الإمام علي: شاور ذوي العقول، تأمن الزلل والندم (4).

[الحديث: 352] قال الإمام علي: من استشار العاقل ملك (5).

[الحديث: 353] قال الإمام علي: من شاور ذوي العقول استضاء بأنوار العقول (6).

[الحديث: 354] قال الإمام علي: من شاور ذوي النّهى والألباب فاز بالنّجح والصواب (7).

[الحديث: 355] قال الإمام علي: من استشار ذوي النّهى والألباب فاز بالحزم والسداد (8).

[الحديث: 356] قال الإمام علي: من استعان بذوي الألباب سلك سبيل الرشاد (9).

[الحديث: 357] قال الإمام علي: مشاورة الحازم المشفق ظفر (10).

[الحديث: 358] قال الإمام علي: مشاورة الجاهل المشفق خطر (11).

__________

(1) غرر الحكم، ص 441.

(2) غرر الحكم، ص 441.

(3) غرر الحكم، ص 441.

(4) غرر الحكم، ص 441.

(5) غرر الحكم، ص 441.

(6) غرر الحكم، ص 441.

(7) غرر الحكم، ص 441.

(8) غرر الحكم، ص 441.

(9) غرر الحكم، ص 441.

(10) غرر الحكم، ص 441.

(11) غرر الحكم، ص 441.

أحكام الحكومة الإسلامية (95)

[الحديث: 359] قال الإمام علي: استشر عدوّك العاقل واحذر رأي صديقك الجاهل (1).

[الحديث: 360] قال الإمام علي: لا تشاورنّ في أمرك من يجهل (2).

[الحديث: 361] قال الإمام علي: لا تشاور عدوّك واستره خبرك (3).

[الحديث: 362] قال الإمام علي: لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا، فيعدل بك عن القصد ويعدك الفقر (4).

[الحديث: 363] قال الإمام علي: لا تشركنّ في رأيك جبانا، يضعّفك عن الأمر الأمور ويعظّم عليك ما ليس بعظيم (5).

[الحديث: 364] قال الإمام علي: لا تشركنّ في مشورتك حريصا، يهوّن عليك الشرّ، ويزيّن لك الشره (6).

[الحديث: 365] قال الإمام علي: لا تستشر الكذّاب، فإنّه كالسّراب يقرّب عليك البعيد ويبعّد عليك اليك القريب (7).

[الحديث: 366] قال الإمام علي: آفة المشاورة انتقاض الآراء (8).

[الحديث: 367] قال الإمام علي: إذا ازدحم الجواب نفي الصواب (9).

[الحديث: 368] قال الإمام علي: شرّ الآراء ما خالف الشريعة (10).

[الحديث: 369] قال الإمام علي: على المشير الاجتهاد في الرأي وليس عليه ضمان

__________

(1) غرر الحكم، ص 441.

(2) غرر الحكم، ص 441.

(3) غرر الحكم، ص 441.

(4) غرر الحكم، ص 441.

(5) غرر الحكم، ص 441.

(6) غرر الحكم، ص 441.

(7) غرر الحكم، ص 441.

(8) غرر الحكم، ص 441.

(9) غرر الحكم، ص 441.

(10) غرر الحكم، ص 441.

أحكام الحكومة الإسلامية (96)

النّجح (1).

[الحديث: 370] قال الإمام علي: من ضلّ مشيره بطل تدبيره (2).

[الحديث: 371] قال الإمام علي: من نصح مستشيره صلح تدبيره (3).

[الحديث: 372] قال الإمام علي: ظلم المستشير ظلم وخيانة (4).

[الحديث: 373] قال الإمام علي: من غشّ مستشيره سلب تدبيره (5).

[الحديث: 374] قال الإمام علي: لا تردّنّ على النصيح ولا تستغشّنّ المشير (6).

[الحديث: 375] قال الإمام علي: خيانة المستسلم والمستشير من أفظع الأمور وأعظم الشرور وموجب عذاب السعير (7).

[الحديث: 376] قال الإمام علي: صلاح الرّأي بنصح المستشير (8).

[الحديث: 377] قال الإمام علي: قد يزلّ الرأي الفذّ (9).

[الحديث: 378] قال الإمام علي: قد يضلّ العقل الفذّ (10).

[الحديث: 379] قال الإمام علي: من خالف المشورة ارتبك (11).

[الحديث: 380] قال الإمام علي: من استغنى بعقله ضلّ (12).

[الحديث: 381] قال الإمام علي: من استبدّ برأيه زلّ (13).

[الحديث: 382] قال الإمام علي: من جهل وجوه الآراء أعيته الحيل (14).

__________

(1) غرر الحكم، ص 441.

(2) غرر الحكم، ص 441.

(3) غرر الحكم، ص 441.

(4) غرر الحكم، ص 441.

(5) غرر الحكم، ص 441.

(6) غرر الحكم، ص 441.

(7) غرر الحكم، ص 441.

(8) غرر الحكم، ص 441.

(9) غرر الحكم، ص 441.

(10) غرر الحكم، ص 441.

(11) غرر الحكم، ص 441.

(12) غرر الحكم، ص 441.

(13) غرر الحكم، ص 441.

(14) غرر الحكم، ص 441.

أحكام الحكومة الإسلامية (97)

[الحديث: 383] قال الإمام علي: من أعجب برأيه ذلّ (1).

[الحديث: 384] قال الإمام علي: لا تستبدّ برأيك، فمن استبدّ برأيه هلك (2).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 385] قال الإمام الباقر: قيل: يا رسول الله، ما الحزم؟ قال: مشاورة ذوي الرأي واتّباعهم (3).

[الحديث: 386] قال الإمام الباقر: أوّل الحزم المشورة لذي الرأي الناصح، والعمل بما يشير به (4).

[الحديث: 387] قال الإمام الباقر: في التوراة أربعة أسطر: من لا يستشر يندم، والفقر الموت الأكبر، وكما تدين تدان، ومن ملك استأثر (5).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 388] قال الإمام الصادق: استشر العاقل من الرجال؛ الورع، فإنّه لا يأمر إلّا بخير، وإيّاك والخلاف، فإن خلاف الورع العاقل مفسدة في الدين والدنيا (6).

[الحديث: 389] قال الإمام الصادق: إنّ المشورة لا تكون إلّا بحدودها، فمن عرفها بحدودها وإلّا كانت مضرّتها على المستشير أكثر من منفعتها له، فأوّلها: أن يكون الّذي يشاوره عاقلا، والثانية: أن يكون حرّا متديّنا، والثالثة: أن يكون صديقا مؤاخيا، والرابعة: أن تطلعه على سرّك، فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثمّ يستر ذلك ويكتمه، فإنّه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته، وإذا كان حرّا متديّنا جهد نفسه في النصيحة لك، وإذا كان

__________

(1) غرر الحكم، ص 441.

(2) غرر الحكم، ص 441.

(3) المحاسن، ص 600.

(4) نزهة الناظر، ص 102.

(5) المحاسن، ص 601.

(6) المحاسن، ص 602.

أحكام الحكومة الإسلامية (98)

صديقا مؤاخيا كتم سرّك إذا أطلعته على سرّك، وإذا أطلعته على سرّك فكان علمه به كعلمك، تمّت المشورة وكملت النصيحة (1).

[الحديث: 390] قال الإمام الصادق: ما يمنع أحدكم إذا ورد عليه مالا قبل له به أن يستشير رجلا عاقلا له دين وورع؟!.. أما إنّه إذا فعل ذلك لم يخذله الله؛ بل يرفعه الله، ورماه بخير الأمور وأقربها إلى الله (2).

[الحديث: 391] قال الإمام الصادق: شاور في أمورك ما يقتضي الدين، من فيه خمس خصال: عقل وعلم وتجربة ونصح وتقوى، فإن تجد فاستعمل الخمسة واعزم وتوكّل على الله، فإن ذلك يؤدّيك إلى الصواب، وما كان من أمور الدنيا التي هي غير عائدة إلى الدين فأمضها ولا تتفكّر فيها، فإنّك إذا فعلت ذلك أصبت بركة العيش وحلاوة الطاعة، وفي المشاورة اكتساب العلم، والعاقل من يستفيد منها علما جديدا ويستدلّ به على المحصول من المراد، ومثل المشورة مع أهلها مثل التفكّر في خلق السموات والأرض وفنائهما وهما غنيّان عن العبد لأنّه كلّما قوي تفكّره فيهما غاص في بحار نور المعرفة وازداد بهما اعتبارا ويقينا ولا تشاور من لا يصدّقه عقلك وإن كان مشهورا بالعقل والورع، وإذا شاورت من يصدّقه قلبك فلا تخالفه فيما يشير به عليك وإن كان بخلاف مرادك فإن النفس تجمح عن قبول الحقّ وخلافها عند قبول الحقائق أبين، قال الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159] وقال الله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 38] أي متشاورون فيه (3).

__________

(1) المحاسن، ص 602.

(2) المحاسن، ص 602.

(3) مصباح الشريعة ص 36.

أحكام الحكومة الإسلامية (99)

[الحديث: 392] قال الإمام الصادق: من لم يكن له واعظ من قلبه، وزاجر من نفسه، ولم يكن له قرين مرشد، استمكن عدوّه من عنقه (1).

[الحديث: 393] قال الإمام الصادق: استشيروا في أمركم الّذين يخشون ربّهم (2).

[الحديث: 394] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: شاور في أمرك الّذين يخشون الله عزّ وجلّ (3).

[الحديث: 395] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: إن كنت تحبّ أن تستتب لك النعمة، وتكمل لك المروة، وتصلح لك المعيشة، فلا تستشر السفلة في أمرك، فإنّك إن ائتمنتهم خانوك، وإن حدّثوك كذبوك، وإن نكبت خذلوك، وإن وعدوك بوعد لم يصدقوك (4).

[الحديث: 396] قال الإمام الصادق: لا مال أعود من العقل، ولا مصيبة أعظم من الجهل، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا ورع كالكفّ، ولا عبادة كالتفكّر، ولا قائد خير من التوفيق، ولا قرين خير من حسن الخلق، ولا ميراث خير من الأدب (5).

[الحديث: 397] قال الإمام الصادق: لن يهلك امرئ عن مشورة (6).

[الحديث: 398] قال الإمام الصادق: المستبدّ برأيه موقوف على مداحض الزلل (7).

[الحديث: 399] قال الإمام الصادق: لا تشر على المستبدّ برأيه (8).

__________

(1) أمالي الصدوق ص 441.

(2) المحاسن، ص 601.

(3) الخصال، ج 1 ص 169.

(4) علل الشرائع ص 558.

(5) الاختصاص ص 246.

(6) المحاسن، ص 601.

(7) أعلام الدين ص 304.

(8) أعلام الدين ص 304.

أحكام الحكومة الإسلامية (100)

[الحديث: 400] قال الإمام الصادق: لا رأي لمن انفرد برأيه (1).

[الحديث: 401] قال الإمام الصادق: من استشار أخاه فلم يمحضه محض الرّأي سلبه الله عزّ وجلّ رأيه (2).

[الحديث: 402] قال الإمام الصادق: قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فاكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم، وأكثر التبسّم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم، وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحقّ فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثمّ لا تعزم حتى تثبّت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتّى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلّي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الأمانة (3).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 403] قال الإمام الكاظم: من استشار لم يعدم عند الصواب مادحا، وعند الخطأ عاذرا (4).

__________

(1) كنز الكراجكي ج 1 ص 367.

(2) أصول الكافي ج 2 ص 363.

(3) من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 194.

(4) نزهة الناظر، ص 123.

أحكام الحكومة الإسلامية (101)

مسؤوليات الرعية في الحكومة الإسلامية

جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول مسؤولية الشعوب والجماهير أو الرعية في الحكومة الإسلامية، وهي مسؤولية لا نجد لها نظيرا في جميع الأنظمة العالمية، ابتداء من الأنظمة العلمانية.

ومن خلال استقرائنا للنصوص المقدسة الواردة في ذلك، وجدنا أنه يمكن حصرها في وظيفتين كبيرتين:

أولاهما: السعي الجاد، وبكل الوسائل لتحقيق الحاكمية الإلهية في الأرض جميعا، وذلك عبر أسلوبين:

1. أسلوب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، مع مهادنة الأنظمة الحاكمة، وعدم الاصطدام معها، أو ما يعبر عنه بالتقية، وذلك حرصا على تحقيق الحاكمية بأقل الخسائر الممكنة، وفي نفس الوقت عرضها بصورة جميلة مقنعة، ذلك أن الحاكمية الإلهية تستلزم القابلية البشرية؛ فالدين لا يفرض عن طريق العنف والإكراه.

2. أسلوب المواجهة مع المستبدين والظلمة الذين يحولون بين الدعاة وأداء وظائفهم التوجيهية والإصلاحية، وهو مرتبط بظروف خاصة، وأناس لهم الأهلية لذلك.

ثانيهما: مراقبة تطبيق الشريعة في الواقع، سواء إبان إقامة الحكومة الإسلامية، أو قبل إقامتها، ذلك أن الرعية مسؤولة عن نصيحة حكامها حتى لا يخرجوا عن الشريعة، أو ينفذوها تنفيذا خاطئا.

ولذلك يمكن اعتبار الرعية أو المؤسسات التي تمثلها ركنا من أركان الحكومة الإسلامية، لا يمكن أن تتم بصورتها المثالية بدونه.

أحكام الحكومة الإسلامية (102)

بناء على هذا قسمنا هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث، هي:

أولا ـ ما ورد حول الحسبة والرقابة الشرعية: تناولنا فيه الأحاديث الخاصة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضوابطه وآدابه.

ثانيا ـ ما ورد حول الإصلاح بالتقية والتدرج: تناولنا فيه الأحاديث الخاصة بالتقية ومراعاة الأولويات والاكتفاء بالنصح دون المواجهة المباشرة.

ثالثا ـ ما ورد حول الإصلاح بالمواجهة والشدة: تناولنا فيه الأحاديث الخاصة بالمواجهة مع الظلمة، وذكرنا فيه خصوصا نموذج الإمام الحسين، باعتباره يمثل قمة تلك المواجهة أو نموذجا من نماذجها التي يحتذي بها من وكلت لهم هذه المهمة.

أولا ـ ما ورد حول الحسبة والرقابة الشرعية

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الحسبة والرقابة الشرعية، وهي أحاديث كثيرة واردة في مصادر الفريقين، وكلها توافق ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع مراعاة الآداب المرتبطة بذلك.

ومن أمثلتها ما ورد في اعتباره صفة من صفات المسلم الأساسية، والتي تميزه عن غيره من الكفار والمنافقين، قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 71]

وعندما ذكر الله تعالى الجزاء العظيم الذي أعده المؤمنين، وذكر أوصافهم التي استحقوا بها هذا الجزاء، ذكر معها هذه الخصلة الأساسية، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ

أحكام الحكومة الإسلامية (103)

حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 111 - 112]

وفي مقابل ذلك.. عندما ذكر المنافقين قال: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة: 67]

وعندما ذكر التغيير والتحريف الذي وقع فيه أهل الكتاب قال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ داود وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78 - 81]

والأمر لا يتوقف عند الأفراد؛ بل على الجميع، بكل ما أوتوا من طاقات أن ينهضوا بهذا الواجب الذي تتوقف عليه خيرية الأمة، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: 110]، وقال: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]

وكيف لا تتوقف عليه وهو ركن أساسي من أركان الدين، حتى أن الله تعالى عندما ذكر صفة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في الكتب المتقدمة ذكر أنه موصوف فيها بأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي

أحكام الحكومة الإسلامية (104)

التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157]

وبناء على هذا؛ فقد أوردنا هنا كل الأحاديث التي تذكر شمولية وعمومية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فهو ليس خاصا بمسائل بعينها دون غيرها، وليس خاصا بأقوام دون غيرهم، كما قال تعالى عند ذكر المؤمنين من أهل الكتاب: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: 113 - 114] فاعتبر خيرية هذه الطائفة في أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر.

وقال في سورة العصر عند وصف المؤمنين الناجين والمفلحين: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: 1 - 3]

ونحب أن نبين أننا لم نقتصر على الأحاديث التي ورد فيها عبارة [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]، بل أوردنا كل الأحاديث التي تخدم هذا المعنى، سواء عبر عنه بالنصيحة أو الدعوة، أو سن السنن الحسنة أو غيرها، لأن كل ذلك يخدم تحكيم الشريعة في الواقع.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 404] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم

أحكام الحكومة الإسلامية (105)

مثل آثام من اتبعه، لا ينقصه ذلك من أوزارهم شيئا) (1)

[الحديث: 405] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) (2)

[الحديث: 406] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: هذا اتق الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم على بعض، ثم قال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ داود وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ الله عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78 - 81] ثم قال: والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم (3).

[الحديث: 407] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي، يقدرون على أن يغيروا عليه ولا يغيرون، إلا أصابهم الله منه بعقاب قبل أن يموتوا) (4)

[الحديث: 408] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون

__________

(1) مسلم (2674)

(2) مسلم (49)

(3) أبو داود (4336)، والترمذي (3047) وابن ماجة (4006)

(4) أبو داود (4339)، وابن ماجة (4009)

أحكام الحكومة الإسلامية (106)

عن المنكر، أو ليوشكن الله يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم) (1)

[الحديث: 409] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فأنكرها، كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها) (2)

[الحديث: 410] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها، قال: إن فيها عبدك: فلانا لم يعصك طرفة عين، قال: اقلبها عليه وعليهم فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط) (3)

[الحديث: 411] عن أنس قال: قلنا: يا رسول الله! لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به، ولا ننهى عن المنكر حتى نجتنبه كله؟ فقال: (بل مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به، وانهوا عن المنكر وإن لم تجتنبوه كله) (4)

[الحديث: 412] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تزال لا إله إلا الله تدفع عن قائلها، ما بالى قائلوها ما أصابهم في دنياهم، إذا سلم لهم دينهم، فإذا لم يبال قائلوها ما أصابهم في دينهم بسلامة دنياهم، فقالوا: لا إله إلا الله، قيل لهم: كذبتم) (5)

[الحديث: 413] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الدين النصيحة)، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: (لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) (6)

[الحديث: 414] عن جرير بن عبد الله قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: أبايعك على الإسلام، فشرط على: (والنصح لكل مسلم) (7)

[الحديث: 415] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف بكم إذا فسق فتيانكم وطغى

__________

(1) الترمذي (2169)

(2) أبو داود (4345)

(3) الطبراني في الأوسط 7/ 336 (7661)

(4) قال الهيثمي 7/ 280: رواه الطبراني في الصغير والأوسط.

(5) قال الهيثمي 7/ 277: رواه البزار.

(6) مسلم (55)

(7) البخاري (58)، ومسلم (56)

أحكام الحكومة الإسلامية (107)

نساؤكم؟)، قالوا: يا رسول الله، وإن ذلك لكائنٌ؟ قال: (نعم. وأشد، كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر؟)، قالوا: يا رسول الله وإن ذلك لكائن؟ قال: (نعم وأشد، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف؟)، قالوا: يا رسول الله وإن ذلك لكائن؟ قال: (نعم وأشد، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا، والمنكر معروفا) (1)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 416] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أُمّتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله (2).

[الحديث: 417] عن الإمام الصادق أن رجلا من خثعم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني ما أفضل الإسلام؟ قال: الإيمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثم ماذا؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال الرجل: فأخبرني أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: الشرك بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم قطيعة الرحم، قال: ثم ماذا؟ قال: الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف (3).

[الحديث: 418] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ فقال: نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال: نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا (4).

[الحديث: 419] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عزّ وجلّ ليبغض المؤمن الضعيف الذي

__________

(1) ابن المبارك في الزهد 1/ 84 (1376))

(2) الكافي 5/ 59/ 13.

(3) الكافي 5/ 58/ 9، والتهذيب 6/ 176/ 355.

(4) الكافي 5/ 59/ 14.

أحكام الحكومة الإسلامية (108)

لا دين له، فقيل: وما المؤمن الضعيف الذي لا دين له؟ قال: الذي لا ينهى عن المنكر (1).

[الحديث: 420] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفسي بيده ما أنفق الناس من نفقة أحب من قول الخير (2).

[الحديث: 421] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله من قال خيرا فغنم، أو سكت على سوء فسلم (3).

[الحديث: 422] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزال أُمّتي بخير ما أمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر والتقوى، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء (4).

[الحديث: 423] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدال على الخير كفاعله (5).

[الحديث: 424] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو دل على خير أو أشار به فهو شريك، ومن أمر بسوء أو دل عليه أو أشار به فهو شريك (6).

[الحديث: 425] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يبغض المؤمن الضعيف الذي لا زبر له، وهو الذي لا ينهى عن المنكر (7).

[الحديث: 426] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلّا من كان فيه ثلاث: رفقا بما يأمر به، رفيقا بما ينهى عنه، عدلا فيما يأمر به، عدلا فيما ينهى عنه، عالما بما يأمر به، عالما بما ينهى عنه) (8)

[الحديث: 427] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أوحى الله إلى جبريل وأمره أن يخسف ببلد

__________

(1) الكافي 5/ 59/ 15.

(2) المحاسن: 15/ 41.

(3) المحاسن: 15/ 43.

(4) التهذيب 6/ 181/ 373.

(5) من لا يحضره الفقيه 4/ 272.

(6) الخصال: 138/ 156.

(7) معاني الأخبار/ 344/ 1.

(8) الأشعثيّات ص 88.

أحكام الحكومة الإسلامية (109)

يشتمل على الكفار والفجار، فقال جبريل: يا رب أخسف بهم إلا بفلان الزاهد ليعرف ماذا يأمره الله فيه، فقال: اخسف بفلان قبلهم، فسأل ربه فقال: يا رب عرفني لم ذلك وهو زاهد عابد، قال: مكنت له وأقدرته فهو لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، وكان يتوفر على حبهم في غضبي، فقالوا: يا رسول الله فكيف بنا ونحن لا نقدر على إنكار ما نشاهده من منكركم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو ليعمنكم عذاب الله، ثمّ قال: من رأى منكم منكرا فلينكر بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه فحسبه أن يعلم الله من قلبه أنه لذلك كاره (1).

[الحديث: 428] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن المعصية إذا عمل بها العبد سرا لم تضرّ إلا عاملها، فإذا عمل بها علانية ولم يغير عليه أضرت بالعامة.. قال الإمام الصادق: وذلك انه يذل بعمله دين الله ويقتدي به أهل عداوة الله (2).

[الحديث: 429] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شهد أمرا فكرهه كان كمن غاب عنه، ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده (3).

[الحديث: 430] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يأتي على الناس زمان يذوب فيه قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الآنك في النار، يعني الرصاص، وما ذاك إلا لما يرى من البلاء والإحداث في دينهم ولا يستطيعون له غيرا (4).

[الحديث: 431] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: أوصيك ان لا تشرك بالله شيئا، ولا تعص والديك ـ إلى ان قال: ـ وادع الناس إلى الإسلام، واعلم أن لك بكل

__________

(1) تفسير الامام العسكري 480/ 307.

(2) عقاب الاعمال: 310/ 2.

(3) التهذيب 6/ 170/ 327.

(4) أمالي الطوسي 2/ 132.

أحكام الحكومة الإسلامية (110)

من أجابك عتق رقبة من ولد يعقوب (1).

[الحديث: 432] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رأيت ليلة أسري بي إلى السماء قوما تقرض شفاههم بمقاريض من نار، ثم ترمى، فقلت، يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: خطباء أمتك، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون (2).

[الحديث: 433] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم النار وإنما دخلنا الجنة بفضل تعليمكم وتأديبكم؟ فيقولون: إنا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله (3).

[الحديث: 434] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدال على الخير كفاعله (4).

[الحديث: 435] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تمسك بسنتي في اختلاف أُمّتي كان له أجر مائة شهيد (5).

[الحديث: 436] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنسك الناس نسكا أنصحهم جيبا، وأسلمهم قلبا لجميع المسلمين (6).

[الحديث: 437] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من يضمن لي خمسا أضمن له الجنّة قيل: وما هي؟ يا رسول الله قال: النصيحة لله عزّ وجلّ، والنصيحة لرسوله، والنصيحة لكتاب الله، والنصيحة لدين الله والنصيحة لجماعة المسلمين (7).

[الحديث: 438] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة لا يغل عليهنّ قلب مؤمن: إخلاص الدعوة لله تعالى، والنصيحة لولاة الأمر في الحقّ حيث كان، وأن يعم بدعوته جميع المسلمين،

__________

(1) الزهد: 20/ 44.

(2) إرشاد القلوب/ 16.

(3) أمالي الطوسي 2/ 140.

(4) ثواب الاعمال: 15.

(5) المحاسن: 27/ 7.

(6) الكافي 2/ 131/ 2.

(7) الخصال ج 1 ص 294.

أحكام الحكومة الإسلامية (111)

فإن الدعوة محيط من ورائهم (1).

[الحديث: 439] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدين نصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولأئمّة الدين ولجماعة المسلمين (2).

[الحديث: 440] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سعى في حاجة لأخيه فلم ينصحه فقد خان الله ورسوله (3).

[الحديث: 441] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المؤمن مرآة لأخيه المؤمن، ينصحه إذا غاب عنه، ويميط عنه ما يكره إذا شهد، ويوسّع له في المجلس (4).

[الحديث: 442] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه (5).

[الحديث: 443] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة رفع الله عنهم العذاب يوم القيامة: الرّاضي بقضاء الله، والناصح للمسلمين، والدالّ على الخير (6).

[الحديث: 444] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنّصيحة لخلقه (7).

[الحديث: 445] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به كله ولا ننهى عن المنكر حتى ننتهي عنه كله؟ فقال: لا بل مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كله، وانهوا عن المنكر وان لم تنتهوا عنه كله (8).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

__________

(1) الأشعثيّات ص 223.

(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 82.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 362.

(4) نوادر الراوندي ص 8.

(5) أصول الكافي ج 2 ص 208.

(6) إرشاد القلوب ص 196.

(7) أصول الكافي ج 2 ص 208.

(8) إرشاد القلوب/ 14.

أحكام الحكومة الإسلامية (112)

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 446] قال الإمام علي: إنه إنمّا هلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك، وانهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات، فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لن يقربا أجلا ولن يقطعا رزقا (1).

[الحديث: 447] قال الإمام علي: قولوا الخير تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله (2).

[الحديث: 448] قال الإمام علي: من ترك إنكار المنكر بقلبه ولسانه ويده فهو ميت بين الأحياء (3).

[الحديث: 449] قال الإمام علي: إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة إذا عملت الخاصة بالمنكر سرا من غير أن تعلم العامة، فإذا عملت الخاصة بالمنكر جهارا فلم تغير ذلك العامة استوجب الفريقان العقوبة من الله عزّ وجلّ (4).

[الحديث: 450] قال الإمام علي: لما جعل التفضل في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه فلا ينتهي، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وجليسه وشريبه حتى ضرب الله عزّ وجلّ قلوب بعضهم ببعض، ونزل فيهم القرآن حيث يقول عزّ وجلّ: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ

__________

(1) الكافي 5/ 57/ 6.

(2) المحاسن: 15/ 42.

(3) التهذيب 6/ 181/ 374.

(4) علل الشرائع: 522/ 6، وقرب الإسناد: 26.

أحكام الحكومة الإسلامية (113)

يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78 - 81] (1).

[الحديث: 451] قال الإمام علي: العامل بالظلم والراضي به والمعين عليه شركاء ثلاثة (2).

[الحديث: 452] قال الإمام علي: إنما يجمع الناس الرضا والسخط، فمن رضي أمرا فقد دخل فيه، ومن سخطه فقد خرج منه (3).

[الحديث: 453] قال الإمام علي: الراضي بفعل قوم كالداخل معهم فيه، وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضا به (4).

[الحديث: 454] قال الإمام علي: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة (5).

[الحديث: 455] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: يا بني، اقبل من الحكماء مواعظهم، وتدبر أحكامهم، وكن آخذ الناس بما تأمر به، وأكف الناس عما تنهى عنه، وأمر بالمعروف تكن من أهله، فإن استتمام الأمور عند الله تبارك وتعالى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر (6).

[الحديث: 456] قال الإمام علي: من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق

__________

(1) عقاب الاعمال: 311/ 3.

(2) الخصال: 107/ 72.

(3) المحاسن: 262/ 323.

(4) نهج البلاغة 3/ 191/ 154.

(5) الكافي 5/ 58/ 10.

(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 277.

أحكام الحكومة الإسلامية (114)

بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم (1).

[الحديث: 457] قال الإمام علي لرجل سأله أن يعظه: لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل.. ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي (2).

[الحديث: 458] قال الإمام علي: وأمروا بالمعروف وائتمروا به، وانهوا عن المنكر وتناهوا عنه، وإنما أمرنا بالنهي بعد التناهي (3).

[الحديث: 459] قال الإمام علي: إنا لله وإنا إليه راجعون، ظهر الفساد فلا منكر مغير، ولا زاجر مزدجر، لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به (4).

[الحديث: 460] قال الإمام علي: ما أحدثت بدعة إلا تركت بها سنة، فاتقوا البدع، والزموا المهيع إن عوازم الأمور أفضلها، وإن محدثاتها شرارها (5).

[الحديث: 461] قال الإمام علي يوصي بعض أهله: لا تعمل بالخديعة فإنّها خلق اللّئام، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة (6).

[الحديث: 462] قال الإمام علي: امحض أخاك بالنصيحة حسنة كانت أو قبيحة، وساعده على كلّ حال وزل، معه حيثما زال ولا تطلبن منه المجازاة، فإنّها من شيم الدناة (7).

[الحديث: 463] قال الإمام علي: خير إخوانك أنصحهم (8).

[الحديث: 464] قال الإمام علي: من نصحك فقد أنجدك (9).

__________

(1) نهج البلاغة 3/ 166/ 73.

(2) نهج البلاغة 3/ 189/ 150.

(3) نهج البلاغة 1/ 202/ ذيل خطبة 101.

(4) نهج البلاغة 2/ 17/ 125.

(5) نهج البلاغة 2/ 38/ 141.

(6) تحف العقول، ص 81.

(7) كنز الكراجكي ج 1 ص 93.

(8) غرر الحكم، ص 391.

(9) غرر الحكم، ص 617.

أحكام الحكومة الإسلامية (115)

[الحديث: 465] قال الإمام علي: من استنصحك الله فلا تغشّه (1).

[الحديث: 466] قال الإمام علي: ما آل جهدك في النصيحة من ذلّك على عيبك وحفظ غيبك (2).

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 467] قال الإمام السجاد: (كان آخر ما أوصى به الخضر موسى بن عمران عليهما السّلام أن قال له: لا تعيّرنّ أحدا بذنب، وإنّ أحبّ الأمور إلى الله عزّ وجلّ ثلاثة: القصد في الجدة، والعفو في المقدرة، والرفق بعباد الله، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلّا رفق الله عزّ وجلّ به يوم القيامة. ورأس الحكمة مخافة الله تبارك وتعالى) (3)

[الحديث: 468] قال الإمام السجاد: إياكم وصحبة العاصين، ومعونة الظالمين ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم (4).

[الحديث: 469] قال الإمام السجاد في وصف المنافق: المنافق ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي (5).

[الحديث: 470] قال الإمام السجّاد: أما حقّ أخيك: فإن تعلم أنه يدك وعزّك وقوّتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله، ولا عدّة للظلم بخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه، والنصيحة له فإن أطاع الله وإلّا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة إلّا بالله (6).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 471] قال الإمام الباقر: قم بالحقّ ولا تعرض لما فاتك، واعتزل ما لا

__________

(1) غرر الحكم، ص 619.

(2) غرر الحكم، ص 619.

(3) الخصال ج 1 ص 111.

(4) الكافي 8/ 16/ 2.الباب 42.

(5) أمالي الصدوق: 399/ 12.

(6) مكارم الأخلاق ص 421.

أحكام الحكومة الإسلامية (116)

يعنيك، وتجنّب عدوّك، واحذر صديقك من الأقوام إلّا الأمين والأمين من خشي الله، ولا تصحب الفاجر ولا تطلعه على سرّك ولا تأمنه على أمانتك، واستشر في أمورك الّذين يخشون ربّهم (1).

[الحديث: 472] قال الإمام الباقر: ويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر (2).

[الحديث: 473] قال الإمام الباقر: بئس القوم قوم يعيبون الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر (3).

[الحديث: 474] قال الإمام الباقر: يكون في آخر الزمان قوم ينبغ فيهم قوم مراؤون.. ولو أضرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتم غضب الله عزّ وجلّ عليهم فيعمهم بعقابه فيهلك الأبرار في دار الأشرار، والصغار في دار الكبار، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء، ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر (4).

[الحديث: 475] قال الإمام الباقر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله، فمن نصرهما أعزه الله، ومن خذلهما خذله الله (5).

[الحديث: 476] قال الإمام الباقر: أوحى الله إلى شعيب النبي عليه السلام: إني

__________

(1) علل الشرائع ص 559.

(2) الكافي 5/ 56/ 4، والتهذيب 6/ 176/ 353.

(3) الكافي 5/ 57/ 5.

(4) الكافي 5/ 55/ 1.

(5) ثواب الاعمال: 192/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (117)

معذب من قومك مائة ألف: أربعين ألفا من شرارهم، وستين ألفا من خيارهم، فقال عليه السلام: يا رب هؤلاء الأشرار، فما بالأخيار؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي (1).

[الحديث: 477] قال الإمام الباقر: من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به، ولا ينقص أولئك من أجورهم شيئا، ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم شيئا (2).

[الحديث: 478] قال الإمام الباقر: أيما عبد من عباد الله سن سنة هدى كان له مثل أجر من عمل بذلك من غير أن ينقص من أجورهم شيء، وأيما عبد من عباد الله سن سنة ضلال كان عليه مثل وزر من فعل ذلك من غير أن ينقص من أوزارهم شيء (3).

[الحديث: 479] قال الإمام الباقر: من استن بسنة عدل فاتبع كان له أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، ومن استن سنة جور فاتبع كان عليه مثل وزر من عمل به من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء (4).

[الحديث: 480] قال الإمام الباقر: من عمل باب هدى كان له أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم، ومن عمل باب ضلال كان عليه مثل وزر من عمل به ولا ينقص أولئك من أوزارهم (5).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 481] عن غياث بن إبراهيم قال: كان الإمام الصادق إذا مر بجماعة

__________

(1) الكافي 5/ 55/ 1، والتهذيب 6/ 180/ 372.

(2) الكافي 1/ 27/ 4.

(3) ثواب الاعمال: 160/ 1.

(4) المحاسن: 27/ 8.

(5) المحاسن: 27/ 9.

أحكام الحكومة الإسلامية (118)

يختصمون لا يجوزهم حتى يقول ثلاثا: اتقوا الله، يرفع بها صوته (1).

[الحديث: 482] قال الإمام الصادق يوصي أصحابه: ليعطفن ذوو السن منكم والنهى على ذوي الجهل وطلاب الرئاسة، أو لتصيبنكم لعنتي أجمعين (2).

[الحديث: 483] قال الإمام الصادق: ما قدّست أُمّة لم يؤخذ لضعيفها من قويها غير متعتع (3).

[الحديث: 484] قال الإمام الصادق: ويل لمن يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف (4).

[الحديث: 485] قال الإمام الصادق في حديث شرائع الدين: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك، ولم يخف على نفسه ولا على أصحابه (5).

[الحديث: 486] قال الإمام الصادق: أيها الناس مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقربا أجلا ولم يباعدا رزقا (6).

[الحديث: 487] سئل الإمام الصادق عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الأمة جميعا؟ فقال: لا، فقيل له: ولم؟ قال: إنما هو على القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا، والدليل على ذلك كتاب الله عزّ وجلّ قوله: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104] فهذا خاص غير عام، وكما قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: 159] ولم يقل: على أمة موسى ولا على كل قومه، وهم يومئذ أُمم مختلفة، والأمة واحد فصاعدا، كما قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ

__________

(1) الكافي 5/ 59/ 12.

(2) الكافي 8/ 158/ 152.

(3) الكافي 5/ 56/ 2.

(4) الزهد: 106/ 290.

(5) الخصال: 609.

(6) تفسير القمي 2/ 36.

أحكام الحكومة الإسلامية (119)

كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: 120] يقول: مطيعا لله عزّ وجلّ، وليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج إذا كان لا قوة له ولا عدد ولا طاعة (1).

[الحديث: 488] قال الإمام الصادق: إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عالم بما يأمر به تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، رفيق فيما ينهى (2).

[الحديث: 489] قال الإمام الصادق: إن إبليس احتال على عابد من بني إسرائيل حتى ذهب إلى فاجرة يريد الزنا بها، فقالت له: إن ترك الذنب أيسر من طلب التوبة، وليس كل من طلب التوبة وجدها، فانصرف وماتت من ليلتها فأصبحت وإذا على بابها مكتوب: احضروا فلانة فإنها من أهل الجنة، فارتاب الناس فمكثوا ثلاثا لا يدفنونها ارتيابا في أمرها، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبي من الأنبياء ـ ولا أعلمه الا موسى بن عمران ـ أن ائت فلانة فصل عليها، ومر الناس فليصلوا عليها، فإني قد غفرت لها، وأوجبت لها الجنة بتثبيطها عبدي فلانا عن معصيتي (3).

[الحديث: 490] قال الإمام الصادق: ما جعل الله بسط اللسان وكف اليد، ولكن جعلهما يبسطان معا ويكفآن معاً (4).

[الحديث: 491] قال الإمام الصادق: أيما ناشئ نشأ في قومه ثم لم يؤدب على معصية كان الله أول ما يعاقبهم به أن ينقص في أرزاقهم (5).

[الحديث: 492] قال الإمام الصادق: ما أقر قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يغيرونه إلا

__________

(1) الكافي 5/ 59/ 16.

(2) روضة الواعظين: 365.

(3) الكافي 8/ 384/ 584.

(4) الكافي 5/ 55/ 1.

(5) عقاب الاعمال 265/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (120)

أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده (1).

[الحديث: 493] قال الإمام الصادق: حسب المؤمن غيرا إذا رأى منكرا أن يعلم الله عزّ وجلّ من قلبه إنكاره (2).

[الحديث: 494] قال الإمام الصادق: حسب المؤمن عذراً إذا رأى منكرا أن يعلم الله من نيته أنه له كاره (3)

[الحديث: 495] قال الإمام الصادق: حسب المؤمن نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله (4).

[الحديث: 496] قال الإمام الصادق: الساعي قاتل ثلاثة: قاتل نفسه، وقاتل من سعى به، وقاتل من سعى إليه (5).

[الحديث: 497] قال الإمام الصادق: لو أن أهل السماوات والأرض لم يحبوا أن يكونوا شهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكانوا من أهل النار (6).

[الحديث: 498] قال الإمام الصادق: لما نزلت هذه الآية ﴿قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: 183] وقد علم أن قد قالوا: والله ما قتلنا ولا شهدنا، وإنما قيل لهم: ابرأوا من قتلتهم فأبوا (7).

[الحديث: 499] عن محمد بن الارقط، قال: قال لي الإمام الصادق: تنزل الكوفة؟ فقلت: نعم، فقال: ترون قتلة الحسين بين أظهركم؟ قلت: جعلت فداك ما بقي منهم أحد، قال: فأنت إذا لا ترى القاتل إلا من قتل، أو من ولي القتل؟! ألم تسمع إلى قول الله: ﴿قُلْ

__________

(1) عقاب الاعمال: 310/ 1.

(2) الكافي 5/ 60/ 1.

(3) التهذيب 6: 178/ 361.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 284/ 847.

(5) الخصال: 107/ 73.

(6) المحاسن: 262/ 324.

(7) تفسير العياشي 1/ 209/ 164.

أحكام الحكومة الإسلامية (121)

قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: 183]، فأي رسول قتل الذين كان محمد صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرهم، ولم يكن بينه وبين عيسى رسول، وإنما رضوا قتل أولئك فسموا قاتلين (1).

[الحديث: 500] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 259]: إن الله بعث إلى بني إسرائيل نبيا يقال له: أرميا.. فأوحى الله إليه أن قل لهم إن البيت بيت المقدس، والغرس بنو إسرائيل، عملوا بالمعاصي فلأُسلّطنّ عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم، فإن بكوا إلي لم أرحم بكاءهم وإن دعوني لم أستجب دعاءهم ثم لأخربنها مائة عام، ثم لأعمرنها، فلما حدثهم اجتمع العلماء فقالوا: يا رسول الله ما ذنبنا نحن ولم نكن نعمل بعملهم؟ فعاود لنا ربك.. ثم أوحى الله قل لهم: لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه، فسلط الله عليهم بخت نصر فصنع بهم ما قد بلغك (2).

[الحديث: 501] قال الإمام الصادق: إن الله بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها فلما انتهيا إلى المدينة فوجدا فيها رجلا يدعو ويتضرع.. فقال أحدهما: يا رب إنّي انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعوك ويتضرع إليك فقال: امض لما أمرتك به، فإن ذا رجل لم يتمعر وجهه غيظا لي قط (3).

__________

(1) تفسير العياشي 1/ 209/ 165.

(2) تفسير العياشي 1/ 140/ 466.

(3) الكافي 5/ 58/ 8.

أحكام الحكومة الإسلامية (122)

[الحديث: 502] قال الإمام الصادق: والله ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤونة من الناطق علينا بما نكره، فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه فردوه عنها، فإن قبل منكم وإلا فتحملوا عليه بمن يثقل عليه ويسمع منه، فإن الرجل منكم يطلب الحاجة فيلطف فيها حتى تقضى فالطفوا في حاجتي كما تلطفون في حوائجكم، فإن هو قبل منكم وإلا فادفنوا كلامه تحت أقدامكم (1).

[الحديث: 503] قال الإمام الصادق: لآخذن البريء منكم بذنب السقيم، ولم لا أفعل ويبلغكم عن الرجل ما يشينكم ويشينني فتجالسونهم وتحدثونهم فيمر بكم المار فيقول: هؤلاء شر من هذا، فلو أنكم إذا بلغكم عنه ما تكرهون زبرتموهم ونهيتموهم كان أبر بكم وبي (2).

[الحديث: 504] قال الإمام الصادق: لأحملن ذنوب سفهائكم إلى علمائكم.. ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهون وما يدخل علينا به الأذى أن تأتوه فتؤنبوه وتعذلوه وتقولوا له قولا بليغا، قيل: جعلت فداك إذا لا يقبلون منا؟ قال: اهجروهم واجتنبوا مجالسهم (3).

[الحديث: 505] قال الإمام الصادق لقوم من أصحابه: إنه قد حق لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم، وكيف لا يحق لي ذلك وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه، ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتى يترك (4).

[الحديث: 506] قال الإمام الصادق: لو أنكم إذا بلغكم عن الرجل شيء تمشيتم

__________

(1) الكافي 2/ 176/ 5.

(2) الكافي 8/ 158/ 150.

(3) الكافي 8/ 162/ 169.

(4) التهذيب 6/ 181/ 375.

أحكام الحكومة الإسلامية (123)

إليه فقلتم: يا هذا إما أن تعتزلنا وتجتنبنا، وإما أن تكف عن هذا، فإن فعل وإلا فاجتنبوه (1).

[الحديث: 507] قال الإمام الصادق: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله، فمن نصرهما نصره الله، ومن خذلهما خذله الله (2).

[الحديث: 508] قال الإمام الصادق: لما نزلت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6] جلس رجل من المسلمين يبكي، وقال: أنا عجزت عن نفسي، كلفت أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك (3).

[الحديث: 509] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6] كيف أقيهم؟ فقال: تأمرهم بما أمر الله، وتنهاهم عما نهاهم الله، فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك كنت قد قضيت ما عليك (4).

[الحديث: 510] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6] كيف نقي أهلنا؟ قال: تأمرونهم وتنهونهم (5).

__________

(1) أمالي الطوسي 2/ 275.

(2) الكافي 5/ 59/ 11.

(3) الكافي 5/ 62/ 1، والتهذيب 6/ 178/ 364.

(4) الكافي 5/ 62/ 2، والزهد: 17/ 36، وتفسير القمي 2/ 377.

(5) الكافي 5/ 62/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (124)

[الحديث: 511] قال الإمام الصادق في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [الأعراف: 165]: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا وأمروا فنجوا، وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا ذرا، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا (1).

[الحديث: 512] قال الإمام الصادق: إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل بما يأمر به، تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، رفيق فيما ينهى (2).

[الحديث: 513] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]: من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها (3).

[الحديث: 514] قال الإمام الصادق: مر عيسى بن مريم عليه السلام على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها، فقال: أما إنهم لم يموتوا إلا بسخطه ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون: يا روح الله وكلمته ادع الله أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها؛ فدعا عيسى عليه السلام فنودي من الجو أن نادهم، فقام عيسى عليه السلام بالليل على شرف من الأرض، فقال: يا أهل القرية فأجابه منهم مجيب: لبيك، فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت، وحب الدنيا، مع خوف قليل، وأمل بعيد، وغفلة في لهو ولعب.. قال: كيف عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي، قال:

__________

(1) الكافي 8/ 158/ 151.

(2) الخصال: 109/ 79.

(3) الكافي 2/ 168/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (125)

كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا في عافية، وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟ قال: سجّين، قال: وما سجين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة.. قال: ويحك كيف لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله إنهم ملجمون بلجم من نار، بأيدي ملائكة غلاظ شداد، وإني كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمني معهم، فأنا معلق بشعرة على شفير جهنم، لا أدري أكبكب فيها أم أنجو منها، فالتفت عيسى عليه السلام إلى الحواريين فقال: يا أولياء الله أكل الخبز اليابس بالملح الجريش، والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة (1).

[الحديث: 515] قيل للإمام الصادق: من الورع من الناس؟ قال: الذي يتورع عن محارم الله، ويجتنب هؤلاء، فإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه، وإذا رأى المنكر ولم ينكره وهو يقوى عليه فقد أحب أن يعصي الله، ومن أحب أن يعصي الله فقد بارز الله بالعداوة، ومن أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصي الله، إن الله تبارك وتعالى حمد نفسه على إهلاك الظالمين فقال: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 45] (2).

[الحديث: 516] قال الإمام الصادق: لا تصحبوا أهل البدع، ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المرء على دين خليله وقرينه (3).

[الحديث: 517] قال الإمام الصادق: من قعد عند سباب لأولياء الله فقد عصى الله (4).

[الحديث: 518] قال الإمام الصادق: لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلسا يعصى الله

__________

(1) الكافي 2/ 239/ 11.

(2) معاني الأخبار/ 252/ 1.

(3) الكافي 2/ 278/ 3 و469/ 10.

(4) الكافي 2/ 281/ 14.

أحكام الحكومة الإسلامية (126)

فيه ولا يقدر على تغييره (1).

[الحديث: 519] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: 140]، فقال إنمّا عنى بهذا الرجل يجحد الحق ويكذب به، ويقع في الأئمة، فقم من عنده ولا تقاعده كائنا من كان (2).

[الحديث: 520] قيل للإمام الصادق: بم يعرف الناجي؟ فقال: من كان فعله لقوله موافقا فهو ناج، ومن لم يكن فعله لقوله موافقاً، فإنما ذلك مستودع (3).

[الحديث: 521] قال الإمام الصادق: من علم خيرا فله مثل أجر من عمل به، قيل: فإن علمه غيره يجري ذلك له؟ قيل: إن علمه الناس كلهم جرى له، قيل: فإن مات؟ قال: وإن مات (4).

[الحديث: 522] قال الإمام الصادق: لا يتكلم الرجل بكلمة حق يؤخذ بها إلا كان له مثل أجر من أخذ بها، ولا يتكلم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلا كان عليه وزر من أخذ بها (5).

[الحديث: 523] قال الإمام الصادق: ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسنة هدى سنها فهي يعمل بها بعد موته، وولد صالح يستغفر له (6).

[الحديث: 524] قال الإمام الصادق: ما من مؤمن سن على نفسه سنة حسنة أو

__________

(1) الكافي 2/ 278.

(2) الكافي 2/ 280/ 8.

(3) أمالي الصدوق: 293/ 7.

(4) الكافي 1: 27/ 3.

(5) ثواب الاعمال: 160/ 1.

(6) أمالي الصدوق: 38/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (127)

شيئا من الخير ثم حال بينه وبين ذلك حائل إلا كتب الله له ما أجري على نفسه أيام الدنيا (1).

[الحديث: 525] قال الإمام الصادق: المؤمن أخو المؤمن يحقّ عليه النصيحة (2).

[الحديث: 526] قال الإمام الصادق: يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه (3).

[الحديث: 527] قال الإمام الصادق: يجب للمؤمن على المؤمن النّصيحة له في المشهد والمغيب (4).

[الحديث: 528] قال الإمام الصادق: من سعى لأخيه المؤمن في حاجة ولم يمحضه فيها النصيحة كان كمن خان الله ورسوله (5).

[الحديث: 529] قال الإمام الصادق: من مشى في حاجة أخيه ثمّ لم يناصحه فيها كان كمن خان الله ورسوله وكان الله خصمه (6).

[الحديث: 530] قال الإمام الصادق: من مشى مع قوم في حاجة فلم يناصحهم، فقد خان الله ورسوله (7).

[الحديث: 531] قال الإمام الصادق: من مشى مع أخيه في حاجة، فناصحه فيها، جعل الله بينه وبين النار يوم القيامة سبعة خنادق، بين الخندق والخندق ما بين السماء والأرض (8).

[الحديث: 532] قيل للإمام الصادق: المؤمن رحمة؟ قال: نعم، وأيّما مؤمن أتاه أخوه في حاجته فإنما ذلك رحمة ساقها الله إليه، وسيّبها له، فإن قضاها كان قد قبل الرحمة بقبولها، وإن ردّه وهو يقدر على قضائها فإنّما ردّ عن نفسه الرحمة التي ساقها الله إليه وسيّبها له،

__________

(1) المحاسن: 28/ 10.

(2) كتاب المؤمن ص 42.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 208.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 208.

(5) مستدرك الوسائل ج 2 ص 412، الشيخ المفيد في الروضة.

(6) أصول الكافي ج 2 ص 363.

(7) مصادقة الإخوان ص 70.

(8) عوالي اللآلي ج 1 ص 375.

أحكام الحكومة الإسلامية (128)

وذخرت الرحمة للمردود عن حاجته، ومن مشى في حاجة أخيه ولم يناصحه بكلّ جهده فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، وأيّما رجل أتاه رجل من إخوانه واستعان به في حاجته فلم يعنه وهو يقدر، ابتلاه الله تعالى بقضاء حوائج أعدائنا ليعذّبه بها ومن حقّر مؤمنا فقيرا واستخفّ به واحتقره لقلّة ذات يده وفقره شهّره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، وحقّره، ولا يزال ماقتا له، ومن اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره وأعانه نصره الله في الدّنيا والآخرة، ومن لم ينصره ولم يدفع عنه وهو يقدر خذله الله وحقّره في الدّنيا والآخرة (1).

[الحديث: 533] قال الإمام الصادق: أيّما رجل من أصحابنا استعان به رجل من إخوانه في حاجة فلم يبالغ فيها بكلّ جهد فقد خان الله ورسوله والمؤمنين (2).

[الحديث: 534] قال الإمام الصادق: أيّما مؤمن مشى مع أخيه المؤمن في حاجة فلم يناصحه فقد خان الله ورسوله (3).

[الحديث: 535] قال الإمام الصادق: عليكم بالنصح لله في خلقه فلن تلقّاه بعمل أفضل منه (4).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 536] قال الإمام الكاظم لبعض أصحابه: مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب.. إنه يقول في الله قولا عظيما، يصف الله ولا يوصف، فإما جلست معه وتركتنا، وإما جلست معنا وتركته، قيل: هو يقول ما شاء، أي شيء عليّ منه إذا لم أقل ما يقول؟ فقال: أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا، أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى عليه السلام، وكان أبوه من أصحاب فرعون فلما لحقت خيل فرعون بموسى تخلف عنه

__________

(1) عدّة الداعي ص 190.

(2) أصول الكافي ج 2 ص 362.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 363.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 208.

أحكام الحكومة الإسلامية (129)

ليعظ أباه فيلحقه بموسى، فمضى أبوه وهو يراغمه حتى بلغا طرفا من البحر، فغرقا جميعاً، فأتى موسى الخبر فقال: هو في رحمة الله، ولكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع (1).

[الحديث: 537] قال عبد المؤمن الأنصاريّ: دخلت على الإمام الكاظم وعنده محمّد بن عبد الله فتبسّمت إليه فقال: أتحبّه؟ قلت: نعم، وما أحببتة إلّا لكم، قال: هو أخوك، والمؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمّه ملعون ملعون من اتّهم أخاه، ملعون ملعون من غشّ أخاه، ملعون ملعون من لم ينصح أخاه، ملعون ملعون من استأثر على أخيه، ملعون ملعون من احتجب عن أخيه، ملعون ملعون من اغتاب أخاه (2).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 538] قال الإمام الرضا: لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم (3).

[الحديث: 539] قيل للإمام الرضا: لم سمى الحواريون الحواريين؟ فقال: أما عند الناس فإنهم سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل وهو اسم مشتق من الخبز الحوار، وأما عندنا فسموا الحواريون الحواريين لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم، ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير (4).

[الحديث: 540] قيل للإمام الرضا: لأي علة أغرق الله عزّ وجلّ الدنيا كلها في زمن نوح عليه السلام وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له؟ فقال: ما كان فيهم الأطفال لأن الله عزّ وجلّ أعقم أصلاب قوم نوح وأرحام نسائهم أربعين عاما فانقطع نسلهم فغرقوا ولا طفل

__________

(1) الكافي 2/ 278/ 1.

(2) عدّة الداعي ص 187.

(3) الكافي 5/ 61/ 3، والتهذيب 6/ 176/ 352.

(4) علل الشرائع: 80/ 1، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 79/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (130)

فيهم، ما كان الله ليهلك بعذابه من لا ذنب له، وأما الباقون من قوم نوح فأغرقوا بتكذيبهم لنبي الله نوح عليه السلام وسائرهم أغرقوا برضاهم بتكذيب المكذبين، ومن غاب عن أمر فرضي به كان كمن شاهده وأتاه (1).

[الحديث: 541] قال الإمام الرضا: من مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه، كان كمن حارب الله ورسوله (2).

[الحديث: 542] قال الإمام الرضا: حق المؤمن على المؤمن، أن يمحضه النصيحة ـ في المشهد والمغيب ـ كنصيحته لنفسه (3).

ثانيا ـ ما ورد حول الإصلاح بالتقية والتدرج

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول مسؤوليات الرعية بكل مكوناتها في تحقيق الحاكمية الإلهية في الواقع عبر أيسر الطرق وأسهلها، وهو التدرج والتقية، والذي يقتضي الاقتصار على الأولويات مع ترك الخصومة والصراع مع أي جهة قد يكون الصراع معها عقبة دون تحقيق الحاكمية.

ويشير إلى صحة هذه الأحاديث وقبولها كل ما ورد في القرآن الكريم في الفترة المكية خصوصا من الآيات الدالة على وجوب حرص المؤمنين على عدم الدخول مع المعادين لهم في أي صراعات هامشية قد تصرف عن جوهر الدعوة الحقيقي.

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: 10]، وقوله: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلَا أَنْ

__________

(1) علل الشرائع: 30/ 1، التوحيد: 392/ 2، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 75/ 2.

(2) فقه الإمام الرضا، ص 369.

(3) فقه الإمام الرضا، ص 369.

أحكام الحكومة الإسلامية (131)

تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ [القلم: 48 - 52]، وقوله: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: 48 - 49]، وقوله: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [الأحقاف: 35]

ومثلها الآيات التي تجيز للمؤمنين استعمال التقية مع المعتدين عليهم، كما قال تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28]

ومثلها الآيات الكثيرة التي تدعو إلى استعمال كل الوسائل اللينة في الدعوة إلى الله، وهي ليست قاصرة على الفترة المكية، ولا منسوخة بالآيات التي تحض على مواجهة الظلمة والمعتدين، بل لكليهما مجاله الخاص؛ فاللين مع اللينين، وفي الفترة التي تناسبه، والشدة مع المعتدين وفي الفترة التي تتناسب مع ذلك.

ولا نحب هنا أن نجري مفاضلة بين هذا الأسلوب وأسلوب الشدة والمواجهة، ذلك أن بكليهما تتحقق العبودية لله، والمؤمن هو الذي يدور مع الحق حيث دار، ويسير بحسب ما يؤمر به.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 543] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أبلغ ذا سلطان حاجة من لا يستطيع

أحكام الحكومة الإسلامية (132)

إبلاغه، ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزول الأقدام (1).

[الحديث: 544] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد أن ينصح لذي سلطان بأمر فلا يبذله علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه (2).

[الحديث: 545] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حضر إماما فليقل خيرا أو ليسكت (3).

[الحديث: 546] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعصي الأمير فقد عصاني (4).

[الحديث: 547] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما الإمام جنةٌ يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل، فإن له بذلك أجرا وإن قال بغيره كان عليه منه وزر (5).

[الحديث: 548] جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم؟ فقال: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم (6).

[الحديث: 549] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك (7).

[الحديث: 550] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم، قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من

__________

(1) البزار كما في (كشف الأستار) 2/ 234.

(2) أحمد (3/ 403 - 404)

(3) (الأوسط) (6/ 108) (5947)

(4) البخاري (2957)، ومسلم (1835)

(5) البخاري (2957)، ومسلم (1841)

(6) مسلم (1846)

(7) مسلم (1836)، والنسائي 7/ 140.

أحكام الحكومة الإسلامية (133)

طاعة (1).

[الحديث: 551] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا، أي من كره بقلبه وأنكر بقلبه (2).

[الحديث: 552] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلةٌ جاهليةٌ، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي بعهد زي عهدها فليس مني ولست منه (3).

[الحديث: 553] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثٌة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليمٌ: رجلٌ على فضل ماء بفلاة يمنعه ابن السبيل، ورجلٌ بايع رجلا سلعة بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه فأخذها وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه منها ما يريد وفي له، وإن لم يعطه لم يف (4).

[الحديث: 554] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تسبوا الأئمة، وادعوا الله لهم بالصلاح، فإصلاحهم لكم صلاحٌ (5).

[الحديث: 555] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام عنقه (6).

[الحديث: 556] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من عمل لله في الجماعة فأصاب قبل الله منه،

__________

(1) مسلم (1855) 66.

(2) مسلم (1854)

(3) مسلم (1848)

(4) البخاري (2672)، ومسلم (108)

(5) الطبراني في الكبير 8/ 134 (7609)، والطبراني في (الأوسط) 2/ 169 (1606)

(6) أبو داود (4758)، والحاكم 2/ 117.

أحكام الحكومة الإسلامية (134)

وإن أخطأ غفر له، ومن عمل يبتغى الفرقة فأصاب لم يقبل الله منه وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار (1).

[الحديث: 557] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لن تجتمع أمتي على ضلالة، فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة (2).

[الحديث: 558] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية، فإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد (3).

[الحديث: 559] عن أبي ذر، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجده نائما في المسجد فقال له: ألا أراك نائما؟ فقال: يا رسول الله، وأين أنام هل لي بيتٌ غيره؟، فقال: كيف أنت إذا أخرجوك منه؟ قال: إذن ألحق بالشام أرض الهجرة وأرض المحشر وأرض الأنبياء فأكون رجلا من أهلها قال: كيف أنت إذا أخرجوك من الشام؟ قال: إذن أرجع إليه فيكون بيتي منزلي، قال: كيف بك إذا أخرجوك منه الثانية؟ قال: إذن آخذ سيفي فأقاتل عني حتى أموت فقال: أدلك على خير من ذلك؟ قال: بلى بأبي وأمي يا نبي الله فقال: تنقاد لهم حيث قادوك وتنساق لهم حيث ما ساقوك حتى تلقاني وأنت على ذلك (4).

[الحديث: 560] عن عروة بن الزّبير أنّ عائشة أخبرته أنّه استأذن على النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: (ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة). فلمّا دخل ألان له الكلام. فقلت له: يا رسول الله، قلت ما قلت، ثمّ ألنت له في القول. فقال: (أي عائشة، إنّ شرّ النّاس منزلة عند الله من تركه أو ودعه النّاس اتّقاء فحشه) (5)

__________

(1) الطبراني 12/ 61 (12473)

(2) الطبراني 12/ 447 (13623)

(3) أحمد 5/ 233، والطبراني 20/ 164 - 165 (345)

(4) أحمد 5/ 156.

(5) البخاري الفتح 10 (6131) وقال الحافظ ابن حجر رحمه اللّه تعالى: ولفظه عند الحارث بن أسامة (إنه منافق أداريه عن نفاقه، وأخشى أن يفسد علي غيره (الفتح: 10/ 529)

أحكام الحكومة الإسلامية (135)

[الحديث: 561] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّا نكشر (1) في وجوه أقوام وإنّ قلوبنا لتلعنهم) (2)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 562] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم وجدال كل مفتون فإن كل مفتون ملقن حجته إلى انقضاء مدته، فإذا انقضت مدته أحرقته فتنته بالنار (3).

[الحديث: 563] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رفعت عن أُمتي أربع خصال: ما اضطروا إليه، وما نسوا، وما أكرهوا عليه، وما لم يطيقوا، وذلك في كتاب الله قوله: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ [البقرة: 286]، وقول الله: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ [النحل: 106] (4).

[الحديث: 564] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا إيمان لمن لا تقية له، ويقول: قال الله: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: 28] (5).

[الحديث: 565] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك لم تنقض أيامه (6).

[الحديث: 566] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاث موبقات: نكث الصّفقة، وترك السنّة،

__________

(1) نكشر في وجوه أقوام: نبسم في وجوههم. يقال: كشر عن أسنانه أبدى يكون ذلك في الضحك وغيره، والمقصود هنا الضحك بقرينة مقابلته بلعن القلوب.

(2) ذكره البخاري معلقا موقوفا على أبي الدرداء. وقال الحافظ في الفتح (10/ 544): وصله ابن أبي الدنيا وإبراهيم الحربي في غريب الحديث والدينوري في المجالسة وأخرجه أبو نعيم في الحلية، فهو على شرطه إما حسن أو صحيح.

(3) التوحيد: 459/ 25.

(4) تفسير العياشي 1/ 160/ 534.

(5) تفسير العياشي 1/ 166/ 24.

(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 254/ 821.

أحكام الحكومة الإسلامية (136)

وفراق الجماعة، وثلاث منجيات: تكفّ لسانك، وتبكي على خطيئتك، وتلزم بيتك (1).

[الحديث: 567] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أوصي أمتي بخمس: بالسّمع والطاعة، والهجرة، والجهاد، والجماعة؛ ومن دعا بدعاء الجاهليّة فله حثوة من حثي جهنّم (2).

[الحديث: 568] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من فارق جماعة المسلمين فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، قيل: يا رسول الله وما جماعة المسلمين؟ قال: جماعة أهل الحقّ وإن قلّوا (3).

[الحديث: 569] عن الإمام الصادق عن آبائه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن جماعة أمّته؟ فقال: جماعة أمتي أهل الحقّ وان قلّوا (4).

[الحديث: 570] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما جماعة أمّتك؟ قال: من كان على الحقّ وإن كانوا عشرة (5).

[الحديث: 571] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ القليل من المؤمنين كثير (6).

[الحديث: 572] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الناس أفضل قال: رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد الله، ويدع الناس من شرّه (7).

[الحديث: 573] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الله يحبّ التقي النقيّ الخفيّ (8).

[الحديث: 574] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن سأله عن طريق النجاة: يسعك بيتك أمسك عليك دينك، وأبك على خطيئتك (9).

__________

(1) الخصال ص 85.

(2) نوادر الراوندي ص 21.

(3) أمالي الصدوق ص 333.

(4) المحاسن، ص 219.

(5) المحاسن، ص 219.

(6) المحاسن، ص 219.

(7) عوالي اللآلي ج 1 ص 280.

(8) عوالي اللآلي ج 1 ص 280.

(9) عوالي اللآلي ج 1 ص 280.

أحكام الحكومة الإسلامية (137)

[الحديث: 575] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الله يحبّ الأخفياء الأتقياء الأبرياء الّذين إذا غابوا لم يفقدوا، وإذا حضروا لم يعرفوا (1).

[الحديث: 576] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أغبط أوليائي عندي، رجل خفيف الحال ذو حظ من صلاة أحسن عبادة ربّه في الغيب، وكان غامضا في الناس، جعل رزقه كفافا فصبر عليه عجّلت منيته مات فقلّ تراثه وقلّت بواكيه (2).

[الحديث: 577] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كن جليس بيتك فإن دخل عليك فادخل مخدعك فإن دخل عليك فقل أبوء بإثمي وإثمك، وكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل (3).

[الحديث: 578] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أخبركم بخير الناس منزلة؟ إنّه رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل الله حتّى يموت أو يقتل، ألا وأخبركم بالّذي يليه؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: رجل في جبل يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس ألا أخبركم بشرّ الناس منزلة؟ الّذي يسأل الله فلا يعطي (4).

[الحديث: 579] عن عبد الله بن عمر قال: بينا نحن حول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ ذكر الفتنة أو ذكرت عنده الفتنة، فقال: إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفرت أمانتهم وكانوا هكذا ـ وشبّك بين أصابعه ـ الزم بيتك، وأمسك عليك لسانك وخذ ما تعرف وذر ما تنكر، وعليك بأمر خاصّة نفسك وذر عنك العامّة (5).

[الحديث: 580] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أحبّ الناس إليّ منزلة، رجل يؤمن بالله

__________

(1) عوالي اللآلي ج 1 ص 71.

(2) كتاب عاصم بن حميد ص 27.

(3) عوالي اللآلي ج 1 ص 38.

(4) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(5) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

أحكام الحكومة الإسلامية (138)

ورسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعمر ماله ويحفظ دينه ويعتزل الناس (1).

[الحديث: 581] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كفى بالرجل أن يشار إليه بالأصابع في دين أو دينا (2).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 582] قال الإمام علي: الاستغناء عن العذر أعز من الصدق به (3).

[الحديث: 583] قال الإمام علي يوصي بعض أصحابه: آمرك أن تصون دينك، وعلمنا الذي أودعناك، فلا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد، ولا تفش سرنا إلى من يشنع علينا، وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فإن الله يقول: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: 28]، وقد أذنت لكم في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه وفي إظهار البراءة إن حملك الوجل عليه وفي ترك الصلوات المكتوبات إن خشيت على حشاشة نفسك الآفات والعاهات، فإن تفضيلك أعداءنا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا، وإن إظهارك براءتك منا عند تقيتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا، ولئن تبرأ منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك، لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامها، ومالها الذي به قيامها، وجاهها الذي به تمسكها، وتصون من عرف بذلك أولياءنا وإخواننا، فإن ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك، وتنقطع به عن عمل في الدين، وصلاح إخوانك المؤمنين، وإياك ثم إياك أن تترك

__________

(1) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(2) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(3) نهج البلاغة 3/ 231/ 329.

أحكام الحكومة الإسلامية (139)

التقية التي أمرتك بها، فإنك شائط بدمك ودماء إخوانك معرض لنعمتك ونعمتهم للزوال، ومذل لهم في أيدي أعداء دين الله، وقد أمرك الله بإعزازهم، فإنك إن خالفت وصيتي كان ضررك على إخوانك ونفسك أشد من ضرر الناصب لنا الكافر بنا (1).

[الحديث: 584] قال الإمام علي: أما الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار، فإن الله نهى المؤمن أن يتخذ الكافر وليا، ثم من عليه بإطلاق الرخصة له عند التقية في الظاهر، قال الله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28] فهذه رحمة تفضل الله بها على المؤمنين، رحمة لهم ليستعملوها عند التقية في الظاهر، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه (2).

[الحديث: 585] قال الإمام علي: قولوا الخير تعرفوا به، واعملوا بالخير تكونوا من أهله، ولا تكونوا عجلا مرائين مذاييع، فإن خياركم الذين إذا نظر إليهم ذكر الله، وشراركم المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة المبتغون للبراء المعايب (3).

[الحديث: 586] قال الإمام علي في خطبة له: الزموا الأرض، واصبروا على البلاء، ولا تحركوا بأيديكم وسيوفكم في هوى ألسنتكم، ولا تستعجلوا بما لم يعجل الله لكم، فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيدا، ووقع أجره على الله، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله، وقامت النية مقام إصلائه بسيفه، فإن لكل شيء مدة وأجلاً (4).

__________

(1) الاحتجاج: 238.

(2) المحكم والمتشابه: 36.

(3) الكافي 2/ 178/ 12.

(4) نهج البلاغة 2/ 156/ 185.

أحكام الحكومة الإسلامية (140)

[الحديث: 587] قال الإمام علي: أفضل الأعمال لزوم الحقّ (1).

[الحديث: 588] قال الإمام علي: أحسن الأفعال ما وافق الحقّ، وأفضل المقال ما طابق الصّدق (2).

[الحديث: 589] قال الإمام علي: خير أعمالك ما قضى فرضك (3).

[الحديث: 590] قال الإمام عليّ يوصي بعض أهله: إنّي أوصيك وكفى بك وصيّا بما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا كان ذلك يا بنيّ ألزم بيتك وأبك خطيئتك ولا تكن الدّنيا أكبر همّك (4).

[الحديث: 591] قال الإمام علي: طوبى لمن لزم بيته، وأكل كسرته، وبكى على خطيئته، وكان من نفسه في تعب، والناس منه في راحة (5).

[الحديث: 592] قال الإمام عليّ: تبذّل ولا تشهر واخف شخصك لئلّا تذكر، وتعلم واكتم واصمت تسلم ـ وأومأ بيده إلى صدره ـ تسرّ الأبرار، وتغيظ الفجّار وأومأ بيده إلى العامة (6).

[الحديث: 593] قال الإمام علي: طلبت الراحة فما وجدت إلّا بترك مخالطة الناس، لقوام عيش الدنيا، اتركوا الدنيا ومخالطة الناس، تستريحوا في الدارين، وتأمنوا من العذاب (7).

[الحديث: 594] قال الإمام علي: خير أهل الزمان كلّ نومة أولئك أئمّة الهدى ومصابيح العلم، ليسوا بالعجل المذاييع البذر (8).

__________

(1) غرر الحكم، ص 156.

(2) غرر الحكم، ص 156.

(3) غرر الحكم، ص 156.

(4) أمالي المفيد ص 220.

(5) تفسير القمّي ج 2 ص 71.

(6) أمالي المفيد ص 209.

(7) جامع الأخبار ص 123.

(8) عوالي اللآلي ج 1 ص 71.

أحكام الحكومة الإسلامية (141)

[الحديث: 595] قال الإمام علي: من اعتزل سلم، من اختبر اعتزل (1).

[الحديث: 596] قال الإمام علي: من اعتزل سلم درعه (2).

[الحديث: 597] قال الإمام علي: من خالط الناس نال مكرهم، من اعتزل الناس سلم من شرّهم (3).

[الحديث: 598] قال الإمام علي: من انفرد عن الناس صان دينه (4).

[الحديث: 599] قال الإمام علي: السلامة في التفرد، الراحة في التزهّد (5).

[الحديث: 600] قال الإمام علي: الانفراد راحة المتعبّدين (6).

[الحديث: 601] قال الإمام علي: العزلة حصين التقوى (7).

[الحديث: 602] قال الإمام علي: العزلة أفضل شيم الأكياس (8).

[الحديث: 603] قال الإمام علي: سلامة الدين في الاعتزال (9).

[الحديث: 604] قال الإمام علي: في الانفراد لعبادة الله كنوز الأرباح في اعتزال أبناء الدنيا جمّا الصلاح (10).

[الحديث: 605] قال الإمام علي: من انفرد كفى الإخوان (11).

[الحديث: 606] قال الإمام علي: من انفرد عن الناس آنس بالله سبحانه (12).

[الحديث: 607] قال الإمام علي: ملازمة الخلوة دأب الصّلحاء (13).

__________

(1) غرر الحكم، ص 610.

(2) غرر الحكم، ص 627.

(3) غرر الحكم، ص 637.

(4) غرر الحكم، ص 645.

(5) غرر الحكم، ص 15.

(6) غرر الحكم، ص 24.

(7) غرر الحكم، ص 37.

(8) غرر الحكم، ص 318.

(9) غرر الحكم، ص 319.

(10) غرر الحكم، ص 514.

(11) غرر الحكم، ص 628.

(12) غرر الحكم، ص 670.

(13) غرر الحكم، ص 758.

أحكام الحكومة الإسلامية (142)

[الحديث: 608] قال الإمام علي: يأتي على الناس زمان يكون العافية عشرة أجزاء، تسعة منها في اعتزال الناس، وواحدة في الصّمت (1).

[الحديث: 609] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي يقول: يأتي على الناس زمان يكون فيه أحسنهم حالا من كان جالسا في بيته (2).

[الحديث: 610] قال الإمام علي يوصي بعض أصحابه: تبذل ولا تشهر ووار شخصك ولا تذكر وتعلّم واعمل واسكت تسلم تسرّ الأبرار وتغيظ الفجّار ولا عليك إذا علمت معالم دينك أن لا تعرف الناس ولا يعرفوك (3)

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 611] قال الإمام السجاد: كان آخر ما أوصى به الخضر موسى عليه السلام: لا تعيرن أحدا بذنب، وإن أحب الأمور إلى الله ثلاثة: القصد في الجدة، والعفو في المقدرة، والرفق بعباد الله، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله به يوم القيامة، ورأس الحكمة مخافة الله عزّ وجلّ (4).

[الحديث: 612] قال الإمام السجاد: وددت والله أني افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض لحم ساعدي: النزق، وقلة الكتمان (5).

[الحديث: 613] قال الإمام الباقر: إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج، فبعث إلى رجل من قريش فأتاه، فقال له يزيد: أتقر لي أنك عبد لي إن شئت بعتك، وإن شئت استرققتك.. إن لم تقر لي والله قتلتك، فقال له الرجل: ليس قتلك إيّاي بأعظم من

__________

(1) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(2) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(3) إرشاد القلوب ص 100.

(4) الخصال: 111/ 83.

(5) الكافي 2/ 175/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (143)

قتل الإمام الحسين، فأمر به فقتل، ثم أرسل إلى الإمام السجاد، فقال له مثل مقاله للقرشي، فقال له الإمام السجاد: أرأيت إن لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟ فقال له يزيد: بلى، فقال الإمام السجاد: قد أقررت لك بما سألت، أنا عبد مكره، فإن شئت فأمسك، وإن شئت فبع، فقال له يزيد: أولى لك، حقنت دمك، ولم ينقصك ذلك من شرفك (1).

[الحديث: 614] قال الإمام السجاد: والله لا يخرج أحد منا (أي الخروج المسلح) قبل خروج القائم إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به (2).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 615] قال الإمام الباقر: إن المؤمنين على منازل، منهم على واحدة، ومنهم على اثنتين، ومنهم على ثلاث، ومنهم على أربع، ومنهم على خمس، ومنهم على ست، ومنهم على سبع، فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة اثنتين لم يقو، وعلى صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو، وعلى صاحب الثلاث أربعا لم يقو، وعلى صاحب الأربع خمسا لم يقو، وعلى صاحب الخمس ستا لم يقو، وعلى صاحب الست سبعا لم يقو، وعلى هذه الدرجات (3).

[الحديث: 616] قال الإمام الباقر: لا تخاصموا الناس، فإن الناس لو استطاعوا أن يحبونا لأحبونا (4).

__________

(1) الكافي 8: 234/ 313

(2) الكافي 8/ 264/ 382.

(3) الكافي 2/ 37/ 3.

(4) المحاسن: 203/ 49.

أحكام الحكومة الإسلامية (144)

[الحديث: 617] قيل للإمام الباقر: أدعو الناس إلى ما في يدي؟ فقال: لا، قيل: إن استرشدني أحد أرشده؟ قال: نعم، ان استرشدك فأرشده، فإن استزادك فزده، وإن جاحدك فجاحده (1).

[الحديث: 618] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: إياك والخصومات، فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردي صاحبها، وعسى أن يتكلم بالشيء فلا يغفر له، إنه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به وطلبوا علم ما كفوه حتى انتهى كلامهم إلى الله فتحيروا حتى أن كان الرجل ليدعى من بين يديه، فيجيب من خلفه، ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه (2).

[الحديث: 619] قال الإمام الباقر: الخصومة تمحق الدين، وتحبط العمل، وتورث الشك (3).

[الحديث: 620] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: إياك وأصحاب الخصومات والكذابين علينا، فإنهم تركوا ما أمروا بعلمه، وتكلفوا علم السماء (4).

[الحديث: 621] قال الإمام الباقر: وأي شيء أقر لعيني من التقية، إن التقية جنة المؤمن (5).

[الحديث: 622] قال الإمام الباقر: لا والله ما على وجه الأرض شيء أحب إلي من التقية، إنه من كانت له تقية رفعه الله، ومن لم تكن له تقية وضعه الله، إن الناس إنما هم في هدنة فلو قد كان ذلك كان هذا (6).

__________

(1) المحاسن: 232/ 184.

(2) الكافي 1/ 73/ 4، والمحاسن: 238/ 210.

(3) التوحيد: 458/ 21.

(4) التوحيد: 458/ 24.

(5) الكافي 2/ 174/ 14.

(6) الكافي 2/ 172/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (145)

[الحديث: 623] قال الإمام الباقر: لا خير فيمن لا تقية له، ولقد قال يوسف عليه السلام: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: 70] وما سرقوا (1).

[الحديث: 624] قال الإمام الباقر: التقية في كل ضرورة، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به (2).

[الحديث: 625] قال الإمام الباقر: التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم، فقد أحله الله له (3).

[الحديث: 626] قال الإمام الباقر: خالطوهم بالبرانية، وخالفوهم بالجوانية إذا كانت الإمرة صبيانية (4).

[الحديث: 627] قيل للإمام الباقر: رجلان من أهل الكوفة أخذا فقيل لهما: ابرآ من أمير المؤمنين فبرئ واحد منهما، وأبى الآخر، فخلي سبيل الذي برئ وقتل الآخر، فقال: أما الذي برئ فرجل فقيه في دينه، وأما الذي لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنة (5).

[الحديث: 628] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: ليقو شديدكم ضعيفكم، وليعد غنيكم على فقيركم، ولا تبثوا سرنا، ولا تذيعوا أمرنا (6).

[الحديث: 629] قال الإمام الباقر: ولاية الله أسرها إلى جبريل عليه السلام، وأسرها جبريل إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأسرها صلى الله عليه وآله وسلم إلى الإمام علي وأسرها علي إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك من الذي أمسك حرفا سمعه (7).

[الحديث: 630] قال الإمام الباقر: في حكمة آل داود: ينبغي للمسلم أن يكون

__________

(1) علل الشرائع: 51/ 1.

(2) الكافي 2/ 174/ 13.

(3) الكافي 2/ 175/ 18.

(4) الكافي 2/ 175/ 20.

(5) الكافي 2/ 175/ 21.

(6) الكافي 2/ 176/ 4.

(7) الكافي 2/ 178/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (146)

مالكا لنفسه، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، فاتقوا الله ولا تذيعوا حديثنا (1).

[الحديث: 631] قال الإمام الباقر: يحشر العبد يوم القيامة وما ندا دما، فيدفع إليه شبه المحجمة، أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا رب إنك تعلم أنك قبضتني وما سفكت دما، فيقول: بلى، ولكنك سمعت من فلان رواية كذا وكذا فرويتها عليه، فنقلت عليه حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها، وهذا سهمك من دمه (2).

[الحديث: 632] قيل للإمام الباقر: إنّ والينا جعلت فداك رجل يتولّاكم أهل البيت ويحبّكم وعليّ في ديوانه خراج فإن رأيت جعلني اللّه فداك أن تكتب إليه كتابا بالإحسان إليّ فقال لي: (لا أعرفه) فقلت: جعلت فداك إنّه على ما قلت من محبّيكم أهل البيت وكتابك ينفعني عنده؛ فأخذ القرطاس وكتب: (بسم اللّه الرحمن الرحيم. أمّا بعد فإن موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا، وإنّ مالك من عملك ما أحسنت فيه فأحسن إلى إخوانك؛ واعلم أنّ اللّه عزّ وجلّ سائلك عن مثاقيل الذّر والخردل) (3)

[الحديث: 633] قال الإمام الباقر: من أحللنا له شيئا أصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال، وما حرمناه من ذلك فهو له حرام (4).

[الحديث: 634] قيل للإمام الباقر: الرجل يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنم الصدقة وهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم؟ فقال: ما الإبل إلا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه، قيل له: فما ترى في مصدق يجيئنا فيأخذ منا صدقات أغنامنا فنقول: بعناها فيبيعناها، فما تقول في

__________

(1) الكافي 2/ 178/ 10.

(2) الكافي 2/ 275/ 5.

(3) الكافي ج 5 ص 112.

(4) التهذيب 4/ 138/ 387.

أحكام الحكومة الإسلامية (147)

شرائها منه؟ فقال: إن كان قد أخذها وعزلها فلا بأس، قيل له: فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا، ويأخذ حظه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟ فقال: إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه من غير كيل (1).

[الحديث: 635] قال الإمام الباقر: الغبرة على من أثارها، هلك المحاصير، قيل: جعلت فداك وما المحاصير؟ قال: المستعجلون، أما إنهم لن يردوا الأمر يعرض لهم.. أترى قوما حبسوا أنفسهم على الله لا يجعل لهم فرجا؟ بلى والله ليجعلن الله لهم فرجا (2).

[الحديث: 636] قال الإمام الباقر: الزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات اذكرها لك، وما أراك تدركها: اختلاف بني فلان، ومناد ينادي من السماء، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق (3).

[الحديث: 637] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: ما يضرّك إذا كان على الحقّ ما قال له الناس، ولو قالوا مجنون، وما يضرّه لو كان على رأس جبل يعبد الله حتّى يجيئه الموت (4).

[الحديث: 638] قال الإمام الباقر: ما يضرّ من عرّفه الله الحقّ أن يكون على قلّة جبل يأكل من نبات الأرض حتّى يجيئه الموت (5).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 639] سئل الإمام الصادق عن الحديث الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر، ما معناه؟ قال: هذا على أن يأمره بعد معرفته،

__________

(1) الكافي 5/ 228/ 2.

(2) الكافي 8/ 273/ 411.

(3) غيبة الطوسي: 269.

(4) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(5) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

أحكام الحكومة الإسلامية (148)

وهو مع ذلك يقبل منه وإلا فلا (1).

[الحديث: 640] قال الإمام الصادق: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ، أو جاهل فيتعلم، فأما صاحب سوط أو سيف فلا (2).

[الحديث: 641] قال الإمام الصادق لبعض أصحابه: يا مفضل من تعرض لسلطان جائر فأصابته بلية لم يؤجر عليها، ولم يرزق الصبر عليها (3).

[الحديث: 642] عن الإمام الصادق ـ في حديث ـ أنه أنكر على رجل أمرا فلم يقبل منه فطأطأ رأسه ومضى (4).

[الحديث: 643] قال الإمام الصادق: كان المسيح عليه السلام يقول: إن التارك شفاء المجروح من جرحه شريك جارحه لا محالة.. فكذلك لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتجهلوا، ولا تمنعوها أهلها فتأثموا، وليكن أحدكم بمنزلة الطبيب المداوي إن رأى موضعا لدوائه وإلا أمسك (5).

[الحديث: 644] قال الإمام الصادق: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض لما لا يطيق (6).

[الحديث: 645] قال الإمام الصادق: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل: بم يذل نفسه؟ قال: يدخل فيما يعتذر منه (7).

[الحديث: 646] قال الإمام الصادق: إياك وما تعتذر منه فإن المؤمن لا يسيء ولا يعتذر، والمنافق يسيء كل يوم ويعتذر (8).

__________

(1) الكافي 5/ 59/ 16.

(2) الكافي 5/ 60/ 2، والتهذيب 6/ 178/ 362.

(3) الكافي 5/ 60/ 3.

(4) الكافي 5/ 61/ 5.

(5) الكافي 8/ 345/ 545.

(6) الكافي 5/ 63/ 4.

(7) الكافي 5/ 64/ 5.

(8) الزهد: 5/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (149)

[الحديث: 647] قال الإمام الصادق: لا تحملوا على شيعتنا، وارفقوا بهم، فإن الناس لا يحتملون ما تحملون (1).

[الحديث: 648] قال الإمام الصادق: ان الله وضع الإيمان على سبعة أسهم: على البر، والصدق، واليقين، والرضا، والوفاء، والعلم، والحلم، ثم قسم ذلك بين الناس، فمن جعل فيه السبعة الأسهم فهو كامل محتمل، وقسم لبعض الناس السهم، ولبعضهم السهمين، ولبعضهم الثلاثة حتى انتهوا إلى سبعة ثم قال: لا تحملوا على صاحب السهم سهمين، ولا على صاحب السهمين ثلاثة فتبهظوهم، ثم قال كذلك حتى انتهى إلى سبعة (2).

[الحديث: 649] عن يعقوب بن الضحاك عن خادم للإمام الصادق قال: بعثني الإمام الصادق في حاجة وهو بالحيرة أنا وجماعة من مواليه قال: فانطلقنا فيها ثم رجعنا مغتمين، وكان فراشي في الحائر الذي كنا فيه نزولا فجئت وأنا بحال فرميت بنفسي، فبينا أنا كذلك إذا أنا بالإمام الصادق قد أقبل، فقال: قد أتيناك، فاستويت جالسا وجلس على صدر فراشي فسألني عما بعثني له، فأخبرته فحمدالله ثم جرى ذكر قوم فقلت: جعلت فداك، إنا نبرأ منهم إنهم لا يقولون ما نقول، فقال: يتولونا ولا يقولون ما تقولون تبرؤون منهم؟.. قلت نعم، قال: فهو ذا عندنا ما ليس عندكم فينبغي لنا أن نبرأ منكم؟.. قلت: لا.. جعلت فداك، قال: وهوذا عند الله ما ليس عندنا؟ أفتراه اطرحنا؟.. قلت: لا والله جعلت فداك، ما نفعل، قال: فتولوهم ولا تبرؤا منهم.. إن من المسلمين من له سهم، ومنهم من له سهمان، ومنهم من له ثلاثة أسهم، ومنهم من له أربعة أسهم، ومنهم من له خمسة

__________

(1) الكافي 8/ 334/ 522.

(2) الكافي 2/ 35/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (150)

أسهم، ومنهم من له ستة أسهم، ومنهم من له سبعة أسهم، فليس ينبغي أن يحمل صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين، ولا صاحب السهمين على ما عليه صاحب الثلاثة، ولا صاحب الثلاثة على ما عليه صاحب الأربعة، ولا صاحب الأربعة، على ما عليه صاحب الخمسة، ولا صاحب الخمسة على ما عليه صاحب الستة، ولا صاحب الستة على ما عليه صاحب السبعة، وسأضرب لك مثلا، إن رجلا كان له جار وكان نصرانيا فدعاه إلى الإسلام وزينه له فأجابه، فأتاه سحيرا فقرع عليه الباب، فقال: من هذا؟ قال: أنا فلان، قال: وما حاجتك؟ قال توضأ والبس ثوبيك ومر بنا إلى الصلاة، قال: فتوضأ ولبس ثوبيه وخرج معه، قال: فصليا ما شاء، الله ثم صليا الفجر، ثم مكثا حتى أصبحا، فقام الذي كان نصرانيا يريد منزله، فقال له الرجل: أين تذهب؟ النهار قصير، والذي بينك وبين الظهر قليل، قال: فجلس معه إلى أن صلى الظهر، ثم قال: وما بين الظهر والعصر قليل، فاحتبسه حتى صلى العصر، ثم قام وأراد أن ينصرف إلى منزله فقال له: ان هذا آخر النهار وأقل من أوله، فاحتبسه حتى صلى المغرب، ثم أراد أن ينصرف إلى منزله فقال له: إنما بقيت صلاة واحدة، فمكث حتى صلى العشاء الآخرة ثم تفرقا، فلما كان سحيرا غدا عليه فضرب عليه الباب، فقال: من هذا؟ قال: أنا فلان، قال: وما حاجتك؟ قال: توضأ والبس ثوبيك واخرج فصل، قال: اطلب لهذا الدين من هو أفرغ مني، وأنا إنسان مسكين وعليّ عيال، فقال الإمام الصادق: أدخله في شيء أخرجه منه، أو قال: أدخله من مثل ذه وأخرجه من مثل هذا (1).

[الحديث: 650] قال الإمام الصادق: لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى

__________

(1) الكافي 2/ 35/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (151)

هذا الخلق لم يلم أحد أحدا، قيل: أصلحك الله فكيف ذلك؟ فقال: إن الله خلق أجزاء بلغ بها تسعة وأربعين جزءا، ثم جعل الأجزاء أعشارا، فجعل الجزء عشرة أعشار، ثم قسمه بين الخلق فجعل في رجل عشر جزء وفي آخر عشري جزء حتى بلغ به جزءا تاما، وفي آخر جزءا وعشر جزء، وفي آخر جزءا وعشري جزء، وآخر جزءا وثلاثة أعشار جزء حتى بلغ به جزئين تامين، ثم بحساب ذلك حتى بلغ بأرفعهم تسعة وأربعين جزءا، فمن لم يجعل فيه إلا عشر جزء لم يقدر أن يكون مثل صاحب العشرين، وكذلك صاحب العشرين لا يكون مثل صاحب الأعشار، وكذلك من تم له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزئين ولو علم الناس ان الله عزّ وجلّ خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحد أحدا (1).

وهذا الحديث يفهم على ضوء العدالة الإلهية؛ فالأجزاء ليس المراد بها الأعمال التي يحاسب عليها العباد، وإنما المراد بها الطاقات والمواهب كالذكاء والذاكرة ونحوها، والتي يتفاوت فيها الخلق من غير أن يحاسبوا عليها.

[الحديث: 651] قال الإمام الصادق: إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلّم، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شيء حتى ينتهي إلى العاشرة، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق، ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره (2).

[الحديث: 652] قال الإمام الصادق: ما أنتم والبراءة يبرأ بعضكم من بعض، إن المؤمنين بعضهم أفضل من بعض، وبعضهم أكثر صلاة من بعض، وبعضهم أنفذ بصرا من

__________

(1) الكافي 2/ 37/ 1.

(2) الكافي 2/ 37/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (152)

بعض، وهي الدرجات (1).

[الحديث: 653] قال الإمام الصادق: إياكم والناس إن الله عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه.. ولو إنكم إذا كلمتم الناس قلتم: ذهبنا حيث ذهب الله، واخترنا من اختار الله، اختار الله محمدا وأخترنا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم (2).

[الحديث: 654] عن ثابت أبي سعيد قال: قال لي الإمام الصادق: يا ثابت ما لكم وللناس؟ كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا، كفوا عن الناس، ولا يقول أحدكم: أخي وابن عمي وجاري، فإن الله عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه، فلا يسمع بمعروف إلا عرفه، ولا بمنكر إلا أنكره ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره (3).

[الحديث: 655] قال الإمام الصادق: اجعلوا امركم هذا لله، ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء، ولا تخاصموا بدينكم، فإن المخاصمة ممرضة للقلب إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [القصص: 56] وقال: ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99] ذروا الناس، فإن الناس أخذوا عن الناس، وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي ولا سواء، وإني سمعت أبي يقول: إذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره (4).

[الحديث: 656] قال الإمام الصادق: لا يخاصم إلا رجل ليس له ورع أو رجل

__________

(1) الكافي 2/ 38/ 4.

(2) الكافي 2/ 169/ 1.

(3) الكافي 2/ 169/ 2.

(4) الكافي 2/ 169/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (153)

شاك (1).

[الحديث: 657] قال الإمام الصادق: لا يخاصم إلا شاك أو من لا ورع له (2).

[الحديث: 658] قال الإمام الصادق: التقية ترس المؤمن، والتقية حرز المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقية له، إن العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا، فيدين الله عزّ وجلّ فيما بينه وبينه، فيكون له عزا في الدنيا ونورا في الآخرة، وإن العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيذيعه، فيكون له ذلا في الدنيا، وينزع الله ذلك النور منه (3).

[الحديث: 659] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2 - 3]: هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء، ليس عندهم ما يتحملون به إلينا فيسمعون حديثنا، ويقتبسون من علمنا، فيرحل قوم فوقهم، وينفقون أموالهم، ويتبعون أبدانهم حتى يدخلوا علينا، فيسمعون حديثنا فينقلوه إليهم، فيعيه هؤلاء، ويضيعه هؤلاء، فأولئك الذين يجعل الله لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون (4).

[الحديث: 660] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ [القصص: 54]: بما صبروا على التقية، ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ [القصص: 54]: الحسنة: التقية، والسيئة: الاذاعة (5).

[الحديث: 661] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ [المؤمنون: 96]: التي هي أحسن: التقية (6).

__________

(1) التوحيد: 458/ 23.

(2) التوحيد: 460/ 30.

(3) الكافي 2/ 175/ 23.

(4) الكافي 8/ 178/ 201.

(5) كشف المحجة: 19.

(6) المحاسن: 257/ 297.

أحكام الحكومة الإسلامية (154)

[الحديث: 662] قال الإمام الصادق: إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له (1).

[الحديث: 663] سئل الإمام الكاظم عن القيام للولاة؟ فقال: قال الإمام الباقر: التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له (2).

[الحديث: 664] قال الإمام الصادق: احذروا عواقب العثرات (3).

[الحديث: 665] قال الإمام الصادق: اتقوا على دينكم، وأحجبوه بالتقية فإنه لا إيمان لمن لا تقية له، إنما أنتم في الناس كالنحل في الطير، ولو أن الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلا أكلته، ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم إنكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم، ولنحلوكم في السر والعلانية، رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا (4).

[الحديث: 666] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34]: الحسنة: التقية والسيئة: الاذاعة، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم (5).

[الحديث: 667] قال الإمام الصادق: أبى الله إلا أن يعبد سرا، أبى الله عزّ وجلّ لنا ولكم في دينه إلا التقية (6).

[الحديث: 668] قال الإمام الصادق: كلما تقارب هذا الأمر كان أشد للتقية (7).

[الحديث: 669] قال الإمام الصادق: التقية ترس الله بينه وبين خلقه (8).

__________

(1) الكافي 2/ 172/ 2، والمحاسن: 259/ 309.

(2) الكافي 2/ 174/ 12.

(3) الكافي 2/ 175/ 22.

(4) الكافي 2/ 172/ 5.

(5) الكافي 2/ 173/ 6، والمحاسن: 257/ 297.

(6) الكافي 2/ 173/ 7.

(7) الكافي 2/ 175/ 17.

(8) الكافي 2/ 175/ 19.

أحكام الحكومة الإسلامية (155)

[الحديث: 670] قال الإمام الصادق في رسالته إلى أصحابه: عليكم بمجاملة أهل الباطل، تحملوا الضيم منهم، وإياكم ومماظتهم، دينوا فيما بينكم وبينهم إذا أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام بالتقية التي أمركم الله أن تأخذوا بها فيما بينكم وبينهم (1).

[الحديث: 671] قال الإمام الصادق: ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبء، قيل: وما الخبء؟ قال: التقية (2).

[الحديث: 672] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 200]، فقال: اصبروا على المصائب وصابروهم على التقية، ورابطوا على من تقتدون به ـ واتقوا الله لعلكم تفلحون (3).

[الحديث: 673] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: عليك بالتقية فإنها سنة إبراهيم الخليل عليه السلام.. وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد سفرا دارى بغيره، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمرني ربي بمداراة الناس، كما أمرني بإقامة الفرائض، ولقد أدبه الله عزّ وجلّ بالتقية، فقال: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: 34 - 35] ومن استعمل التقية في دين الله فقد تسنم الذروة العليا من القرآن، وإن عز المؤمن في حفظ لسانه، ومن لم يملك لسانه ندم (4).

[الحديث: 674] قال الإمام الصادق: التقية دين الله عزّ وجلّ، قيل: من دين الله؟ قال: إي والله من دين الله، لقد قال يوسف: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: 70] والله

__________

(1) الكافي 8/ 2.

(2) معاني الأخبار/ 162/ 1.

(3) معاني الأخبار/ 369/ 1.

(4) معاني الأخبار/ 385/ 20.

أحكام الحكومة الإسلامية (156)

ما كانوا سرقوا شيئا (1).

[الحديث: 675] قال الإمام الصادق: المؤمن مجاهد، لأنه يجاهد أعداء الله عزّ وجلّ في دولة الباطل بالتقية، وفي دولة الحق بالسيف (2).

[الحديث: 676] قال الإمام الصادق في حديث شرائع الدين: لا يحل قتل أحد من الكفار في التقية إلا قاتل أوساع في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك ولا على أصحابك، واستعمال التقية في دار التقية واجب ولا حنث ولا كفارة على من حلف تقية يدفع بذلك ظلما عن نفسه (3).

[الحديث: 677] قال الإمام الصادق: لا دين لمن لا تقية له، ولا إيمان لمن لا ورع له (4).

[الحديث: 678] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: اكتم أمرنا ولا تذعه فإنه من كتم أمرنا ولا يذيعه أعزه الله في الدنيا، وجعله نورا بين عينيه يقوده إلى الجنة، إن التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له، إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية، والمذيع لأمرنا كالجاحد له (5).

[الحديث: 679] قال الإمام الصادق: ليس منا من لم يلزم التقية، ويصوننا عن سفلة الرعية (6).

[الحديث: 680] قال الإمام الصادق: عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه لتكون سجيته مع من يحذره (7).

__________

(1) علل الشرائع: 51/ 2.

(2) علل الشرائع: 467/ 22.

(3) الخصال: 607/ 9.

(4) صفات الشيعة: 3/ 3.

(5) مختصر بصائر الدرجات: 101.

(6) أمالي الطوسي 1/ 287.

(7) أمالي الطوسي 1/ 299.

أحكام الحكومة الإسلامية (157)

[الحديث: 681] قال الإمام الصادق: لا خير فيمن لا تقية له، ولا إيمان لمن لا تقية له (1).

[الحديث: 682] قال الإمام الصادق في قول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]: هذا في التقية (2).

[الحديث: 683] قال الإمام الصادق: لا دين لمن لا تقية له، والتقية في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخفين (3).

[الحديث: 684] قال الإمام الصادق: التقية من دين الله.. ولقد قال يوسف عليه السلام: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: 70] والله ما كانوا سرقوا شيئا، ولقد قال إبراهيم عليه السلام: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: 89] والله ما كان سقيما (4).

[الحديث: 685] قال الإمام الصادق: إن المؤمن إذا أظهر الإيمان ثم ظهر منه ما يدل على نقضه خرج مما وصف وأظهر وكان له ناقضا إلا أن يدعي أنه إنمّا عمل ذلك تقية، ومع ذلك ينظر فيه، فإن كان ليس مما يمكن أن تكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك، لأن للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له وتفسير ما يتقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله، فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز (5).

[الحديث: 686] قال الإمام الصادق: ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف، إن كانوا ليشهدون الأعياد، ويشدون الزنانير، فأعطاهم الله أجرهم مرتين (6).

__________

(1) المحاسن: 257/ 299.

(2) تفسير العياشي 1/ 87/ 218.

(3) الكافي 2/ 172/ 2.

(4) الكافي 2/ 172/ 3.

(5) الكافي 2/ 134/ 1.

(6) الكافي 2/ 173/ 8.

أحكام الحكومة الإسلامية (158)

[الحديث: 687] قال الإمام الصادق: إياكم أن تعملوا عملا نعير به، فإن ولد السوء يعير والده بعمله، كونوا لمن انقطعتم إليه زينا، ولا تكونوا عليه شينا، صلوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم، والله ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبء، قيل: وما الخب ء؟ قال التقية (1).

[الحديث: 688] قال الإمام الصادق: رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلى نفسه فحدثهم بما يعرفون، وترك ما ينكرون (2).

[الحديث: 689] قيل للإمام الصادق:: إن الناس يروون أن الإمام علي قال على منبر الكوفة: أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة منّي فلا تبرؤوا مني، فقال: ما أكثر ما يكذب الناس على الإمام علي.. إنما قال: إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة مني وإني لعلى دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يقل: ولا تبرؤوا مني، فقال له السائل: أرأيت إن اختار القتل دون البراءة، فقال: والله ما ذلك عليه، وماله إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالإيمان، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106] فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندها: يا عمار إن عادوا فعد، فقد أنزل الله عذرك، وأمرك ان تعود إن عادوا (3).

[الحديث: 690] قال الإمام الصادق: ما منع ميثم رحمه الله من التقية؟ فوالله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾

__________

(1) الكافي 2/ 174/ 11.

(2) الخصال: 25/ 89.

(3) الكافي 2/ 173/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (159)

[النحل: 106] (1)

[الحديث: 691] قال الإمام الصادق: إن التقية ترس المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقية له، فقيل له: جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106] فقال: وهل التقية الا هذا (2).

[الحديث: 692] قيل للإمام الصادق: مد الرقاب أحب اليك أم البراءة من الإمام علي؟ فقال: الرخصة أحب إليّ، أما سمعت قول الله عزّ وجلّ في عمار: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106] (3).

[الحديث: 693] قيل للإمام الصادق: إن الضحاك قد ظهر بالكوفة ويوشك أن ندعى إلى البراءة من الإمام علي، فكيف نصنع؟ قال: فابرأ منه، قيل: أيهما أحب إليك؟ قال: أن تمضوا على ما مضى عليه عمار بن ياسر، أخذ بمكة فقالوا له: ابرأ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبرأ منه، فأنزل الله عزّ وجلّ عذره: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106] (4).

[الحديث: 694] ذكر الإمام الصادق أصحاب الكهف، فقال: لو كلفكم قومكم ما كلفهم قومهم، فقيل له: وما كلفهم قومهم؟ فقال: كلفوهم الشرك بالله العظيم، فأظهروا

__________

(1) الكافي 2/ 174/ 15.

(2) قرب الإسناد: 17.

(3) تفسير العياشي 2/ 272/ 74.

(4) تفسير العياشي 2/ 272/ 76.

أحكام الحكومة الإسلامية (160)

لهم الشرك، وأسروا الإيمان حتى جاءهم الفرج (1).

[الحديث: 695] قال الإمام الصادق: إن أصحاب الكهف أسروا الإيمان وأظهروا الكفر، وكانوا على إجهار الكفر أعظم أجرا منهم على إسرار الإيمان (2).

[الحديث: 696] قيل للإمام الصادق: إنّي أقعد في المسجد، فيجيء الناس فيسألوني، فإن لم أجبهم لم يقبلوا منّي، وأكره أن أجيبهم بقولكم وما جاء عنكم، فقال: انظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك (3).

[الحديث: 697] عن معاذ بن مسلم النحوي، قال: قال لي الإمام الصادق: بلغني أنك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟ قلت: نعم، وأردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج، إني أقعد في المسجد فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء، فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون، ويجيء الرجل أعرفه بمودتكم فأخبره بما جاء عنكم، ويجيء الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو، فأقول: جاء عن فلان كذا، وجاء عن فلان كذا، فأدخل قولكم فيما بين ذلك، فقال لي: اصنع كذا، فإني كذا أصنع (4).

[الحديث: 698] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله (5).

[الحديث: 699] قال الإمام الصادق: أمر الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما على غير شيء: الصبر والكتمان (6).

[الحديث: 700] قال الإمام الصادق: إنه ليس احتمال أمرنا التصديق له والقبول

__________

(1) تفسير العياشي 2/ 323/ 8.

(2) تفسير العياشي 2/ 323/ 10.

(3) رجال الكشي 2/ 622/ 602.

(4) رجال الكشي 2/ 524/ 470.

(5) الكافي 2/ 176/ 3.

(6) الكافي 2/ 176/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (161)

فقط، من احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله، فاقرئهم السلام، وقل لهم: رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلينا، حدثوهم بما يعرفون، واستروا عنهم ما ينكرون (1).

[الحديث: 701] قال الإمام الصادق: خلق في المسجد يشهرونا ويشهرون أنفسهم، أولئك ليسوا منا، ولا نحن منهم، أنطلق فأداري وأستر فيهتكون ستري، هتك الله ستورهم يقولون: إمام، والله ما أنا بإمام إلا من أطاعني، فأما من عصاني فلست له بإمام، لم يتعلقون باسمي ألا يكفون اسمي من أفواههم!؟ فو الله لا يجمعني الله وإياهم في دار (2).

[الحديث: 702] قال الإمام الصادق: إياكم وذكر علي وفاطمة؛ فإن الناس (النواصب) ليس شيء أبغض إليهم من ذكر علي وفاطمة (3).

[الحديث: 703] قال الإمام الصادق: من استفتح نهار بإذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد، وضيق المحابس (4).

[الحديث: 704] قال الإمام الصادق: كفوا ألسنتكم والزموا بيوتكم (5).

[الحديث: 705] قال الإمام الصادق: إن الله عزّ وجلّ عير قوما بالإذاعة في قوله عزّ وجلّ: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ [النساء: 83]، فإياكم والإذاعة (6).

[الحديث: 706] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [آل عمران: 112]: أما

__________

(1) الكافي 2/ 176/ 5.

(2) الكافي 8/ 374/ 562.

(3) الكافي 8/ 159/ 156.

(4) الكافي 2/ 276/ 12.

(5) الكافي 2/ 178/ 13.

(6) الكافي 2/ 274/ 1، والمحاسن: 256/ 293.

أحكام الحكومة الإسلامية (162)

والله ما قتلوهم بأسيافهم ولكن أذاعوا عليهم، وأفشوا سرهم فقتلوا (1).

[الحديث: 707] قال الإمام الصادق: إن من أمرنا مستور مقنع بالميثاق، فمن هتك علينا أذله الله (2).

[الحديث: 708] قال الإمام الصادق: نفس المهموم لنا المغتم لمظلمتنا تسبيح، وهمه لأمرنا عبادة، وكتمانه لسرنا جهاد في سبيل الله (3).

[الحديث: 709] قال الإمام الصادق: مذيع السر شاك، وقائله عند غير أهله كافر، ومن تمسك بالعروة الوثقى فهو ناج، قيل: ما هو؟ قال: التسليم (4).

[الحديث: 710] قال الإمام الصادق: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقنا (5).

[الحديث: 711] قال الإمام الصادق: من أذاع علينا حديثنا سلبه الله الإيمان (6).

[الحديث: 712] قال الإمام الصادق: ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطأ، ولكن قتلنا قتل عمد (7).

[الحديث: 713] قال الإمام الصادق في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [البقرة: 61]: والله ما قتلوهم بأيديهم، ولا ضربوهم بأسيافهم، ولكنهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها، فأخذوا عليها، فقُتلوا فصار قتلا واعتداء ومعصية (8).

[الحديث: 714] قال الإمام الصادق: من أذاع علينا شيئا من أمرنا فهو كمن قتلنا

__________

(1) الكافي 2/ 275/ 7.

(2) الكافي 2/ 179/ 15.

(3) الكافي 2/ 179/ 16.

(4) الكافي 2/ 276/ 10.

(5) الكافي 2/ 274/ 2.

(6) الكافي 2/ 275/ 3.

(7) الكافي 2/ 275/ 4.

(8) الكافي 2/ 275/ 6، والمحاسن: 256/ 291.

أحكام الحكومة الإسلامية (163)

عمداً، ولم يقتلنا خطأ (1).

[الحديث: 715] قال الإمام الصادق: المذيع لما أراد الله ستره مارق من الدين (2).

[الحديث: 716] قال الإمام الصادق: لا تذيعوا أمرنا ولا تحدثوا به إلا أهله، فإن المذيع علينا أمرنا أشد علينا مؤونة من عدونا، انصرفوا رحمكم الله ولا تذيعوا سرنا (3).

[الحديث: 717] قال الإمام الصادق: الناطق علينا بما نكره أشد مؤونة علينا من المذيع (4).

[الحديث: 718] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله (5).

[الحديث: 719] قال الإمام الصادق: ما أيسر ما رضي الناس به منكم، كفوا ألسنتكم عنهم (6).

[الحديث: 720] سئل الإمام الصادق عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة ظلماء، فقال: كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله، وكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون، فنهى الله عن سب آلهتهم لكي لا يسب الكفار إله المؤمنين، فيكون المؤمنون قد أشركوا بالله من حيث لا يعملون، فقال: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 108] (7).

[الحديث: 721] قال الإمام الصادق: (كفّارة عمل السلطان قضاء حوائج

__________

(1) الكافي 2/ 275/ 9.

(2) الكافي 2/ 276/ 11.

(3) المحاسن: 255/ 287.

(4) المحاسن: 256/ 288.

(5) المحاسن: 257/ 295.

(6) الكافي 8/ 341/ 537.

(7) تفسير القمي 1/ 213.

أحكام الحكومة الإسلامية (164)

الإخوان) (1)

[الحديث: 722] قال الإمام الصادق: (إنّ للّه عزّ وجلّ بأبواب الجبارين خلقا من خلقه يدفع بهم عن أوليائه أولئك عتقاء اللّه من النار) (2)

[الحديث: 723] قال الإمام الصادق: (ما من جبّار إلّا وعلى بابه وليّ لنا يدفع اللّه به عن أوليائنا، أولئك لهم أوفر حظّ من الثواب يوم القيامة) (3)

[الحديث: 724] عن أبي بصير، قال: ذكر عند الإمام الصادق رجل من أصحابه قد ولّى ولاية، فقال: (كيف صنيعته إلى إخوانه؟) قلت: ليس عنده خير، فقال: (أفّ يدخلون فيما لا ينبغي لهم ولا يصنعون إلى إخوانهم خيرا) (4)

[الحديث: 725] سئل الإمام الصادق عن رجل يحب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو في ديوان هؤلاء فيقتل تحت رايتهم؟ فقال: يحشره الله على نيته (5).

[الحديث: 726] قال الإمام الصادق: من تولى أمرا من أمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر في أمور الناس كان حقا على الله عز وجل أن يؤمن روعته يوم القيامة، ويدخله الجنة (6).

[الحديث: 727] عن أبي بكر الحضرمي قال: دخلت على الإمام الصادق وعنده إسماعيل ابنه، فقال: ما يمنع ابن أبي السمال أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس، ويعطيهم ما يعطي الناس؟ ثم قال لي: لم تركت عطاءك؟ قلت: مخافة على ديني، قال: (ما منع ابن أبي السمال أن يبعث إليك بعطائك؟ أما علم أن لك في بيت المال نصيبا؟) (7)

__________

(1) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 108.

(2) مشكاة الأنوار ص 316.

(3) بحار الأنوار ج 72 ص 379 عن كتاب (قضاء الحقوق) للصوري.

(4) الكافي ج 5 ص 112.

(5) المقنع: 122.

(6) أمالي الصدوق: 203/ 2.

(7) التهذيب 6/ 336/ 933.

أحكام الحكومة الإسلامية (165)

[الحديث: 728] قيل للإمام الصادق: أشتري من العامل الشيء وأنا أعلم أنه يظلم؟ فقال: اشتر منه (1).

[الحديث: 729] سئل الإمام الصادق عن شراء الخيانة والسرقة؟ قال: إذا عرفت ذلك فلا تشتره إلا من العمال (2).

[الحديث: 730] سئل الإمام الصادق عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم؟ قال: يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا (3).

[الحديث: 731] قال الإمام الصادق: عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له وانظروا لأنفسكم، فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي، فإذا وجد رجلا هو أعلم بغنمه من الذي هو فيها يخرجه ويجيء بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها ثم كانت الأخرى باقية تعمل على ما قد استبان لها، ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم، إن أتاكم آت منا فانظروا على أي شيء تخرجون، ولا تقولوا: خرج زيد، فإن زيداً كان عالما وكان صدوقا ولم يدعكم إلى نفسه، وإنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه، فالخارج منا اليوم إلى أي شيء يدعوكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فنحن نشهدكم أنا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم وليس معه أحد، وهو إذا كانت الرايات والألوية أجدر أن لا يسمع منا إلا من اجتمعت بنو فاطمة معه، فوالله ما صاحبكم إلا من اجتمعوا عليه إذا كان رجب فاقبلوا على اسم الله، وإن أحببتم أن تتأخروا إلى شعبان فلا ضير، وإن أحببتم أن تصوموا في

__________

(1) التهذيب 6/ 337/ 938.

(2) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 162.

(3) التهذيب 6/ 375/ 1093 و7/ 131/ 577

أحكام الحكومة الإسلامية (166)

أهاليكم فلعل ذلك يكون أقوى لكم، وكفاكم بالسفياني علامة (1).

[الحديث: 732] عن الفضل الكاتب قال: كنت عند الإمام الصادق فأتاه كتاب أبي مسلم، فقال: ليس لكتابك جواب اخرج عنا.. إن الله لا يعجل لعجلة العباد، ولإزالة جبل عن موضعه أهون من إزالة ملك لم ينقض أجله، قيل: فما العلامة فيما بيننا وبينك جعلت فداك؟ قال: لا تبرح الأرض يا فضل حتّى يخرج السفياني فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا ـ يقولها ثلاثا ـ وهو من المحتوم (2).

[الحديث: 733] قال الإمام الصادق: ما كان عبد ليحبس نفسه على الله إلا أدخله الله الجنة (3).

[الحديث: 734] قال الإمام الصادق: من خلع جماعة المسلمين قدر شبر خلع ربق الإيمان من عنقه، ومن نكث صفقة الإمام جاء إلى الله أجذم (4).

[الحديث: 735] قال الإمام الصادق: إن قدرتم أن لا تعرفوا فافعلوا، وما عليك أن لم يثن الناس عليك، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محمودا.. وإن قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنّع ولا تداهن، ثمّ قال: نعم صومعة المسلم بيته يكفّ فيه بصره ولسانه ونفسه.. (5).

[الحديث: 736] قال الإمام الصادق: طوبى لكلّ عبد نومة عرف الناس قبل أن يعرفوه (6).

__________

(1) الكافي 8/ 264/ 381.

(2) الكافي 8/ 274/ 412.

(3) أمالي الطوسي 1/ 122.

(4) المحاسن، ص 219.

(5) روضة الكافي ج 1 ص 186.

(6) كتاب الزهد ص 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (167)

[الحديث: 737] قيل للإمام الصادق: ندعو الناس إلى هذا الأمر؟ فقال: يا فضيل إن الله عزّ وجلّ إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه حتى دخله في هذا الأمر طائعا أو كارها (1).

[الحديث: 738] عن يونس بن حمّاد قال: وصفت للإمام الصادق من يقول بهذا الأمر ممن يعمل عمل السلطان، فقال: (إذا ولّوكم يدخلون عليكم الرفق، وينفعونكم في حوائجكم؟) قال: قلت: منهم من يفعل ذلك ومنهم من لا يفعل قال: (من لم يفعل ذلك منهم فابرؤوا منه برئ اللّه منه) (2)

[الحديث: 739] قيل للإمام الصادق: ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلا من أعمالهم وأنا أمر به فأنزل عليه فيضيفني ويحسن إليّ، وربما أمر لي بالدرهم والكسوة وقد ضاق صدري من ذلك؟ فقال: كل وخذ منه، فلك المهنا وعليه الوزر (3).

[الحديث: 740] قيل للإمام الصادق: أصلحك الله أمر بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال: نعم، قيل: وأحج بها؟ قال: نعم (4).

[الحديث: 741] عن عمر أخي عذافر قال: دفع إليّ إنسان ستمائة درهم أو سبعمائة درهم للإمام الصادق، فكانت في جوالقي، فلما انتهيت إلى الحفيرة جوالقي وذهب بجميع ما فيه، ووافقت عامل المدينة بها فقال: أنت الذي شق جوالقك فذهب بمتاعك؟ فقلت: نعم، قال: إذا قدمنا المدينة فائتنا حتى نعوضك، فلما انتهينا إلى المدينة دخلت على الإمام الصادق فقال: يا عمر شقت زاملتك وذهب بمتاعك؟ فقلت: نعم، فقال: ما أعطاك الله خير ممّا أخذ منك.. فائت عامل المدينة فتنجز منه ما وعدك، فإنما هو شيء دعاك الله إليه لم

__________

(1) الكافي 2/ 169/ 3.

(2) الكافي ج 5 ص 109.

(3) التهذيب 6/ 338/ 940.

(4) التهذيب 6/ 338/ 942.

أحكام الحكومة الإسلامية (168)

تطلبه منه (1).

[الحديث: 742] عن محمد بن قيس بن رمانة قال: دخلت على الإمام الصادق فذكرت له بعض حالي، فقال: يا جارية هاتي ذلك الكيس، هذه أربعمائة دينار وصلني بها أبو جعفر فخذها وتفرج بها (2).

[الحديث: 743] عن جميل بن صالح، قال: أرادوا بيع تمر عين أبي ابن زياد فأردت أن أشتريه، فقلت: حتى أستأذن الإمام الصادق فأمرت مصادف فسأله؟ فقال له: قل له: فليشتره، فإنه إن لم يشتره اشتراه غيره (3).

[الحديث: 744] قال الإمام الصادق: أوحى الله إلى نبيّ من أنبياء بني إسرائيل إن أحببت أن تلقاني في حظير القدس فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس، بمنزلة الطير الواحد، فإذا كان الليل آوى وحده واستوحش من الطّيور، واستأنس بربّه (4).

[الحديث: 745] قال الإمام الصادق: لولا الموضع الّذي وضعني الله فيه، لسرّني أن أكون على رأس جبل لا أعرف الناس ولا يعرفوني حتّى يأتيني الموت (5).

[الحديث: 746] قال الإمام الصادق: ما يضرّ المؤمن إذا كان منفردا عن الناس ولو على قلّة جبل فأعادها ثلاث مرّات (6)..

[الحديث: 747] قال الإمام الصادق: ما يضرّ من كان على هذا الأمر أن لا يكون له ما يستظلّ به إلّا الشجرة ولا يأكل إلّا من ورقه (7).

__________

(1) الكافي 8/ 221/ 278.

(2) الكافي 4/ 21/ 7

(3) التهذيب 6/ 375/ 1092، الكافي 5/ 229/ 5.

(4) قصص الأنبياء ص 280.

(5) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(6) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(7) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

أحكام الحكومة الإسلامية (169)

[الحديث: 748] قال الإمام الصادق: طوبى لعبد نومة عرف الناس فصاحبهم ببدنه ولم يصاحبهم بقلبه فعرفوه في الظّاهر وعرفهم في الباطن (1).

[الحديث: 749] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: لا عليك أن لا يعرفك الناس ـ ثلاثا ـ يا عبد الحميد إنّ لله رسلا مستعلنين ورسلا مستخفين فإذا سألته بحقّ المستعلنين فاسأله بحقّ المستخفين (2).

[الحديث: 750] قال الإمام الصادق: قال الله تبارك وتعالى: إنّ من أعبد أوليائي عبد مؤمن ذو حظّ من صلاة أحسن عبادة ربّه بالغيب وعبد الله في السريرة وكان غامضا في الناس ولم يشر إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافا فصبر عليه، فعجلت به المنية فقلّ تراثه وقلّت بواكيه (3).

[الحديث: 751] قال الإمام الصادق: إنّ مما يحتجّ الله به على عبده يوم القيامة أن يقول: ألم أخمل ذكرك؟ (4).

[الحديث: 752] قال الإمام الصادق: ما يضرّ أحدكم أن يكون على قلّة جبل حتّى ينتهي إليه أجله (5).

[الحديث: 753] قال الإمام الصادق: العزلة عبادة إذا قلّ العتب على الرجل قعوده في بيته (6).

[الحديث: 754] قيل للإمام الصادق: جعلت فداك رجل عرف هذا الأمر لزم بيته ولم يتعرّف إلى أحد من اخوانه، فقال: كيف يتفقّه هذا في دينه؟! (7).

__________

(1) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(2) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(3) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(4) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(5) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(6) كتاب التحصين عنه في المستدرك ج 2 ص 323.

(7) أصول الكافي ج 1 ص 36.

أحكام الحكومة الإسلامية (170)

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 755] قال الإمام الكاظم يوصي بعض أصحابه: مر أصحابك أن يكفوا ألسنتهم ويدعوا الخصومة في الدين، ويجتهدوا في عبادة الله عزّ وجلّ (1).

[الحديث: 756] قال الإمام الكاظم في قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13]: أشدكم تقية (2).

[الحديث: 757] قال الإمام الكاظم: (كفّارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان) (3)

[الحديث: 758] استأذن عليّ بن يقطين على الإمام الكاظم في ترك عمل السلطان فلم يأذن له، وقال: (لا تفعل، فإن لنا بك أنسا ولإخوانك بك عزّا، وعسى أن يجبر اللّه بك كسرا، ويكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه، يا عليّ كفّارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم، أضمن لي واحدة وأضمن لك ثلاثا أضمن لي أن لا تلقى أحدا من أوليائك إلّا قضيت حاجته وأكرمته، وأضمن لك أن لا يضلّك سقف سجن أبدا، ولا ينالك حدّ سيف أبدا، ولا يدخل الفقر بيتك أبدا، يا عليّ من سرّ مؤمنا فباللّه بدأ وبالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثنّى وبنا ثلّث) (4)

[الحديث: 759] عن عليّ بن يقطين قال: قلت للإمام الكاظم: ما تقول في أعمال هؤلاء؟ قال: (إنّ كنت لا بدّ فاعلا فاتّق أموال المستضعفين) قال: فأخبرني عليّ أنّه كان يجبيها من الشيعة علانية ويردّها عليهم في السر (5).

[الحديث: 760] قيل للإمام الكاظم: إن قلبي يضيق مما أنا عليه من عمل السلطان

__________

(1) التوحيد: 460/ 29.

(2) المحاسن: 258/ 302.

(3) تحف العقول، ص 410.

(4) بحار الأنوار ج 72 ص 379 عن (قضاء الحقوق) للصوري.

(5) الكافي ج 5 ص 112.

أحكام الحكومة الإسلامية (171)

فإن أذنت جعلني الله فداك هربت منه، فقال: لا آذن لك بالخروج من عملهم، واتق الله (1).

[الحديث: 761] عن داود بن رزين قال: قلت للإمام الكاظم: إني أخالط السلطان فتكون عندي الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها، ثم يقع لهم عندي المال، فلي أن آخذه؟ قال: خذ مثل ذلك ولا تزد عليه (2).

[الحديث: 762] عن الفضل بن الربيع أن هارون بعث إلى الإمام الكاظم بخلع وحملان ومال، فقال: لا حاجة لي بالخلع والحملان والمال إذا كان فيه حقوق الأمة، فقلت: ناشدتك بالله أن لا ترده فيغتاظ، قال: اعمل به ما أحببت (3).

[الحديث: 763] قال الإمام الكاظم لبعض أصحابه: مالك لا تدخل مع علي (عامل للسلطان) في شراء الطعام إني أظنك ضيقا، قيل: نعم، فإن شئت وسعت عليّ، قال: اشتره (4).

[الحديث: 764] قال الإمام الكاظم: إن كان في يدك هذه شيء، فإن استطعت أن لا تعلم هذه فافعل (5).

[الحديث: 765] قال الإمام الكاظم: احفظ لسانك تعز، ولا تمكن الناس من قياد رقبتك فتذل (6).

[الحديث: 766] عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلت على الإمام الكاظم، فقال لي: (يا زياد إنّك لتعمل عمل السلطان؟)، قلت: أجل، قال لي: (ولم؟) قلت: أنا رجل لي مروءة، وعليّ عيال، وليس وراء ظهري شيء، فقال لي: (يا زياد لأن أسقط من حالق فأنقطع قطعة

__________

(1) قرب الإسناد: 126.

(2) التهذيب 6/ 337/ 939

(3) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 75/ 4.

(4) التهذيب 6/ 336/ 932.

(5) الكافي 2/ 179/ 14.

(6) الكافي 2/ 179/ 14.

أحكام الحكومة الإسلامية (172)

قطعة، أحبّ إليّ من أن أتولّى لأحد منهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم، إلّا، لماذا؟) قلت: لا أدري جعلت فداك قال: (إلّا لتفريج كربة عن مؤمن، أو فكّ أسره، أو قضاء دينه، يا زياد إنّ أهون ما يصنع اللّه بمن تولّى لهم عملا أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ اللّه من حساب الخلائق. يا زياد فإن ولّيت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك، فواحدة بواحدة واللّه من وراء ذلك، يا زياد أيّما رجل منكم تولّى لأحد منهم عملا ثمّ ساوى بينكم وبينهم فقولوا له: أنت منتحل كذّاب، يا زياد إذا ذكرت مقدرتك على الناس فاذكر مقدرة اللّه عليك غدا، ونفاد ما أتيت إليهم عنهم، وبقاء ما أتيت إليهم عليك) (1)

[الحديث: 767] قال الإمام الكاظم: الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن الله اعتزل أهل الدّنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند الله، وكان الله أنسه في الوحشة وصاحبه في الوحدة وغناه في العيلة، ومعزّه من غير عشيرة (2).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 768] عن الريان بن الصلت قال: جاء قوم بخراسان إلى الإمام الرضا فقالوا: إن قوما من أهل بيتك يتعاطون أمورا قبيحة، فلو نهيتهم عنها، فقال: لا أفعل، قيل: ولم؟ قال: لأني سمعت أبي يقول: النصيحة خشنة (3).

[الحديث: 769] قال الإمام الرضا: محض الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله.. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان إذا أمكن ولم يكن خيفة على النفس (4).

[الحديث: 770] قال الإمام الرضا: لا دين لمن لا ورع له، ولا إيمان لمن لا تقية له، وإن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية، قيل: يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال: إلى قيام القائم،

__________

(1) الكافي ج 5 ص 109.

(2) أصول الكافي ج 1 ص 14.

(3) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 290/ 38.

(4) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 121/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (173)

فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا (1).

[الحديث: 771] عن الإمام العسكري أن الإمام الرضا جفا جماعة من الشيعة وحجبهم، فقالوا: يا ابن رسول الله ما هذا الجفاء العظيم والاستخفاف بعد الحجاب الصعب؟ فقال: لدعواكم إنكم شيعة أمير المؤمنين وأنتم في أكثر أعمالكم مخالفون، ومقصرون في كثير من الفرائض، وتتهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في الله، وتتقون حيث لا تجب التقية، وتتركون التقية حيث لابدّ من التقية (2).

[الحديث: 772] قال الإمام الرضا: (إنّ للّه بأبواب السلاطين من نوّر اللّه سبحانه وتعالى وجهه بالبرهان ومكّن له في البلاد، ليدفع به عن أوليائه، ويصلح به أمور المسلمين، إليه يلجأ المؤمنون من الضرر، ويفزع ذو الحاجة من شيعتنا، وبه يؤمّن اللّه تعالى روعتهم في دار الظلمة أولئك المؤمنون حقّا، وأولئك أمناء اللّه في أرضه، أولئك نورهم يسعى بين أيديهم، يزهو نورهم لأهل السماوات كما تزهو الكواكب الدرّية لأهل الأرض وأولئك من نورهم تضيئ القيامة، خلقوا واللّه للجنّة وخلقت الجنّة لهم، فهنيئا لهم، ما على أحدكم إن شاء لينال هذا كلّه؟) قيل: بما ذا جعلني اللّه فداك؟ قال: (تكون معهم فتسرّنا بإدخال السرور على المؤمنين من شيعتنا) (3)

[الحديث: 773] قال الإمام الرضا: (إنّ للّه مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه.. أولئك عتقاء اللّه من النار) (4)

[الحديث: 774] عن الحسن بن الحسين الأنباريّ قال: كتبت إلى الإمام الرضا أربعة عشر سنة استأذنه في عمل السلطان، فلمّا كان في آخر كتاب كتبته إليه أذكر أنّي أخاف على

__________

(1) كفاية الاثر/ 270.

(2) الاحتجاج: 441.

(3) أعلام الدين ص 271.

(4) مشكاة الأنوار ص 316.

أحكام الحكومة الإسلامية (174)

خبط عنقي وأنّ السلطان يقول لي: إنّك رافضيّ ولسنا نشك في أنّك تركت العمل للسلطان للرفض، فكتب إليّ: (قد فهمت كتابك وما ذكرت من الخوف على نفسك فإن كنت تعلم أنّك إذا ولّيت عملت في عملك بما أمر به رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ تصير أعوانك وكتّابك أهل ملّتك فإذا صار إليك شيء واسيت به فقراء المؤمنين حتّى تكون واحدا منهم كان ذا بذا وإلّا فلا) (1)

[الحديث: 775] قيل للإمام الرضا: أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ فقال له: يا هذا أيما أفضل النبي أو الوصي؟ فقال: لا بل النبي، فقال: أيما أفضل مسلم أو مشرك؟ فقال: لا بل مسلم، قال: فإن العزيز عزيز مصر كان مشركا، وكان يوسف عليه السلام نبيا، وإن المأمون مسلم وأنا وصي، ويوسف سأل العزيز أن يوليه حين قال: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55] وأنا أجبرت على ذلك (2).

[الحديث: 776] عن الريان بن الصلت قال: دخلت على الإمام الرضا، فقلت له: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا، فقال: قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف عليه السلام كان نبيا رسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55]، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان (3).

__________

(1) الكافي ج 5 ص 112.

(2) علل الشرائع: 238/ 2، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 138/ 1.

(3) علل الشرائع: 239/ 3، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 139/ 2، وأمالي الصدوق: 68/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (175)

[الحديث: 777] عن أبي الصلت الهروي قال: إن المأمون قال للإمام الرضا: يا ابن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحق بالخلافة مني، فقال الإمام الرضا: بالعبودية لله عز وجل أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عز وجل، فقال له المأمون: فإني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك، فقال له الإمام الرضا: إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسك الله، وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك، فقال له المأمون: يا ابن رسول الله لا بد لك من قبول هذا الأمر، فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا، فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله، فقال له: إن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي، فقال الإمام الرضا: والله لقد حدثني أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما، تبكي عليّ ملائكة السماء والأرض، وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد، فبكى المأمون وقال له: يا ابن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حي؟ فقال الإمام الرضا: أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت، فقال المأمون: يا ابن رسول الله إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك، ليقول الناس: إنك زاهد في الدنيا، فقال له الإمام الرضا: والله ما كذبت منذ خلقني الله عز وجل، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإني لأعلم ما تريد، فقال المأمون: وما أريد؟ قال: الأمان على الصدق، قال: لك الأمان قال: تريد أن يقول الناس: إن علي بن موسى الرضا لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، أما ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة؟ فغضب المأمون، ثم قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي، فبالله

أحكام الحكومة الإسلامية (176)

أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الإمام الرضا: قد نهاني الله أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أن لا أولي أحدا، ولا أعزل أحدا، ولا أنقض رسما ولا سنة، وأكون في الأمر من بعيد مشيرا، فرضي بذلك منه وجعله ولي عهده على كراهية منه لذلك (1).

[الحديث: 778] قيل للإمام الرضا: يا ابن رسول الله ما حملك على الدخول في ولاية العهد؟ قال: ما حمل جدي أمير المؤمنين على الدخول في الشورى (2).

[الحديث: 779] عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: والله ما دخل الإمام الرضا في هذا الأمر طائعا ولقد حمل إلى الكوفة مكرها، ثم أشخص منها على طريق البصرة إلى فارس ثم إلى مرو (3).

[الحديث: 780] عن موسى بن سلمة، أن ذا الرئاستين الفضل بن سهل خرج ذات يوم وهو يقول: واعجبا لقد رأيت عجبا، سلوني ما رأيت، قالوا: وما رأيت أصلحك الله؟ قال: رأيت أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسى (الإمام الرضا) قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين، وأفسخ ما في رقبتي، وأجعله في رقبتك، ورأيت علي بن موسى يقول له: الله الله لا طاقة لي بذلك ولا قوة، فما رأيت خلافة كانت أضيع منها، أمير المؤمنين ينفض منها ويعرضها على علي بن موسى، وعلي بن موسى يرفضها ويأبى (4).

[الحديث: 781] عن محمد بن زيد الرزامي، أن رجلا من الخوارج قال للإمام الرضا: أخبرني عن دخولك لهذا الطاغية فيما دخلت له وهم عندك كفار، وأنت ابن رسول الله، فما حملك على هذا؟ فقال له: أرأيتك هؤلاء أكفر عندك أم عزيز مصر وأهل مملكته؟

__________

(1) علل الشرائع: 237/ 1، عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 139/ 3.

(2) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 140/ 4.

(3) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 141/ 5.

(4) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 141/ 6.

أحكام الحكومة الإسلامية (177)

أليس هؤلاء على حال يزعمون أنهم موحدون، وأولئك لم يوحدوا الله ولم يعرفوه؟ ويوسف بن يعقوب نبي ابن نبي ابن نبي، فسأل العزيز وهو كافر فقال: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55] وكان يجلس مجلس الفراعنة، وإنما أنا رجل من ولد رسول الله أجبرني على هذا الأمر وأكرهني عليه ما الذي أنكرت ونقمت علي؟ فقال: لا عتب عليك أشهد أنك ابن رسول الله، وأنك صادق (1).

[الحديث: 782] قال الإمام الرضا للمأمون: لا تقس أخي زيدا إلى زيد بن علي، فإنّه كان من علماء آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، غضب لله فجاهد أعدائه حتى قتل في سبيله، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد يقول: رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، لقد استشارني في خروجه فقلت: إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك.. إن زيد بن علي لم يدع ما ليس له بحق، وإنه كان أتقى لله من ذلك إنه قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم (2).

[الحديث: 783] عن الحسين بن خالد قال: قلت للإمام الرضا: إن عبد الله بن بكير كان يروي حديثا وأنا أحب أن أعرضه عليك، فقال: ما ذلك الحديث؟ قلت: قال ابن بكير: حدثني عبيد بن زرارة قال: كنت عند الإمام الصادق أيام خرج محمد بن عبد الله بن الحسن إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك إن محمد بن عبد الله قد خرج فما تقول في الخروج معه؟ فقال: اسكنوا ما سكنت السماء والأرض فقال عبد الله بن بكير: فإن كان الأمر هكذا أو لم يكن خروج ما سكنت السماء والأرض فما من قائم وما من خروج، فقال الإمام الرضا: صدق الإمام الصادق وليس الأمر على ما تأوله ابن بكير، إنما عنى

__________

(1) الخرائج والجرائح/ 201.

(2) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 248/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (178)

الإمام الصادق اسكنوا ما سكنت السماء من النداء، والأرض من الخسف بالجيش (1).

ما روي عن سائر الأئمة

[الحديث: 784] قال الإمام الهادي: لو قلت: إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا (2).

ثالثا ـ ما ورد حول الإصلاح بالمواجهة والشدة

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الإصلاح من خلال المواجهة والشدة مع الذين يقفون حائلين بين المؤمنين وأدائهم لواجباتهم في تحقيق الحاكمية الإلهية في الواقع.

وهو أسلوب له أدلته القرآن الكثيرة، وخصوصا تلك الآيات التي تحض على الجهاد أو استعمال الشدة مع المعتدين وأئمة الضلال، مثل قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج: 39 - 41]

فهذه الآيات الكريمة لا تتحدث فقط عن جهاد المعتدين خارجيا، وإنما تشير إلى المعتدين داخليا، ولذلك ورد بعدها الإخبار بتمكين الله لهم وأدائهم للتكاليف المرتبطة بهم.

ومثلها الآيات الكثيرة التي تدعو إلى البراءة من المعتدين وعدم التعاون معهم، كما قال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا

__________

(1) أمالي الطوسي 2/ 26.

(2) مستطرفات السرائر/ 67/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (179)

آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22]

وهذا المنهج يتكامل مع المنهج السابق، ولا يتناقض معه، أو كما عبر عن ذلك الإمام الصادق بقوله، وهو يشير إلى كلا المنهجين: (المؤمن مجاهد، لأنه يجاهد أعداء الله عزّ وجلّ في دولة الباطل بالتقية، وفي دولة الحق بالسيف) (1)

فهذا الحديث يشير إلى أن لكل مرحلة الوظائف المرتبطة بها، وهما ليسا متناقضين، فحتى إبان المواجهة المباشرة مع الباطل تراعى سنن الأولويات والتدرج والتقية.

وقد أوردنا هنا ما يدل على هذا من الأحاديث، وخصوصا تلك الخطب التي كان يلقيها الإمام الحسين على الأمة ليدعوها إلى مواجهة أول ملك ورث الملك من أبيه في الإسلام، وقد كانت المناسبة حينها صالحة لهذا النوع من المواجهة، حتى لو تحمل المستضعفون الكثير من الخسائر، لأن السكوت عن ذلك يعني تأييدا منهم لدولة الباطل.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 785] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أعان على خصومة وهو لا يعلم أحقٌ أو باطلٌ فهو في سخط الله حتى ينزع، ومن مشى مع قوم يرى أنه شاهد وليس بشاهد فهو كشاهد زور (2).

__________

(1) علل الشرائع: 467/ 22.

(2) الطبراني في (الأوسط) 8/ 252 (8552)

أحكام الحكومة الإسلامية (180)

[الحديث: 786] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مشى مع ظالم: ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام (1).

[الحديث: 787] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسمعوا، إنه سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني، ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن دخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني، وأنا منه، وهو واردٌ علي الحوض (2)

[الحديث: 788] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقدس أمةٌ لا يقضى فيها بالحق ويأخذ الضعيف حقه من القوي غير متعتع (3).

[الحديث: 789] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه سيلي أموركم بعدي رجالٌ يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى الله تعالى (4).

[الحديث: 790] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه ستكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم مالا يقضون لكم، فإن عصيتموهم قتلوكم وإن أطعتموهم أضلوكم، قالوا: يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم، نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب، موتٌ في طاعة الله خيرٌ من حياة في معصية الله (5).

[الحديث: 791] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ستكون عليكم أئمة يملكون رقابكم، ويحدثونكم فيكذبون، ويعملون فيسيؤون، لا يرضون عنكم حتى تحسنوا قبيحهم

__________

(1) الطبراني 1/ 227 (619)

(2) الترمذي (2259)، والنسائي 7/ 160.

(3) الطبراني 19/ 385.

(4) أحمد 5/ 325.

(5) الطبراني 20/ 90.

أحكام الحكومة الإسلامية (181)

وتصدقوا كذبهم، فأعطوهم الحق ما رضوا به، فإذا تجاوزوا فمن قتل على ذلك فهو شهيدٌ (1).

[الحديث: 792] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث: رجل قرأ كتاب الله حتى إذا رؤيت عليه بهجته وكان عليه ردء الإسلام اخترط سيفه وضرب به جاره ورماه بالشرك، قيل: يا رسول الله، الرامي أحق به أم المرمي؟ قال: الرامي، ورجلٌ آتاه الله سلطانا فقال: من أطاعنى فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، وكذب، ليس بخليفة أن يكون حبه دون الخالق، ورجل استخفته الأحاديث كلما قطع أحدوثة حدث بأطول منها، إن يدرك الدجال يتبعه (2).

[الحديث: 793] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تدخلن على الأمراء فإن غلبت على ذلك فلا تجاوز سنتي ولا تخافن سيفه وسوطه أن تأمر بتقوى الله (3).

[الحديث: 794] عن حذيفة قال: ضرب لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثلا وترك سائرها قال: إن قوما كانوا أهل ضعف ومسكنة قاتلهم أهل تجبر وعدد، فأظهر الله أهل الضعف عليهم فعمدوا إلى عدوهم فاستعملوهم وسلطوهم فأسخطوا الله عليهم إلى يوم يلقونه (4).

[الحديث: 795] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاه خونة وفقهاء كذبة، فمن أدرك ذلك الزمان منكم فلا يكونن لهم جابيا ولا عريفا ولا شرطيا (5).

[الحديث: 796] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على

__________

(1) الطبراني 22/ 362.

(2) الطبراني 20/ 88، والصغير 2/ 186 (1001)

(3) الطبراني في الأوسط 1/ 79 (227)

(4) أحمد 5/ 407.

(5) الطبراني في الأوسط 4/ 277 (4190)، و(الصغير)

أحكام الحكومة الإسلامية (182)

يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب) (1)

[الحديث: 797] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر) (2)

[الحديث: 798] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره، أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة) (3)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 799] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: أوصيك ببذل مالك ودمك دون دينك (4).

[الحديث: 800] عن الإمام الصادق أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أوصني فقال: لا تشرك بالله شيئا وإن أحرقت بالنار وعذبت إلا وقلبك مطمئن بالإيمان، ووالديك فأطعهما (5).

[الحديث: 801] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا، يسلطه الله عليه في نار جهنم وبئس المصير (6).

[الحديث: 802] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، ومن لاق لهم دواة، أو ربط كيسا، أو مد لهم مدة قلم، فاحشروهم معهم (7).

[الحديث: 803] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما اقترب عبد من سلطان جائر إلا تباعد من

__________

(1) أبو داود (4338)، الترمذي (2168)، وابن ماجة (4005)

(2) وأبو داود (4344)، والترمذي (2174)، وابن ماجة (4011)

(3) أحمد 3/ 487، والطبراني 6/ 73 (5554)

(4) المحاسن: 17/ 48.

(5) الكافي 2/ 126/ 2.

(6) من لا يحضره الفقيه: 4/ 10/ 1.

(7) عقاب الأعمال: 309/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (183)

الله، ولا كثر ماله الا اشتد حسابه، ولا كثر تبعه إلا كثرت شياطينه (1).

[الحديث: 804] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم وأبواب السلطان وحواشيها، فإن أقربكم من أبواب السلطان وحواشيها أبعدكم من الله عز وجل، ومن آثر السلطان على الله أذهب الله عنه الورع وجعله حيرانا (2).

[الحديث: 805] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة يقسين القلب: استماع اللّهو، وطلب الصيد، وإتيان باب السلطان (3).

[الحديث: 806] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: إيّاكم وأبواب السلطان وحواشيها، فإن أقربكم من أبواب السلطان وحواشيها أبعدكم من اللّه تعالى، ومن آثر السلطان على اللّه عزّ وجلّ أذهب اللّه عنه الورع، وجعله حيرانا (4).

[الحديث: 807] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من بدا جفا، ومن تبع الصيد غفل، ومن لزم السلطان افتتن، وما يزداد من السلطان قربا إلّا ازداد من اللّه تعالى بعدا (5).

[الحديث: 808] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل التابعين من أمتي من لا يقرب أبواب السلطان (6).

[الحديث: 809] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تولى خصومة ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنه ونار جهنم وبئس المصير، ومن خف لسلطان جائر في حاجة كان قرينه في النار، ومن دل سلطانا على الجور قرن مع هامان، وكان هو والسلطان من أشد أهل النار عذابا، ومن عظم صاحب دنيا وأحبه لطمع دنياه سخط الله عليه، وكان في درجته

__________

(1) عقاب الأعمال: 310/ 1.

(2) عقاب الأعمال: 310/ 2.

(3) الخصال ج 1 ص 126.

(4) عقاب الأعمال ص 310.

(5) أمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 270.

(6) نوادر الراوندي ص 27.

أحكام الحكومة الإسلامية (184)

مع قارون في التابوت الأسفل من النار، ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعلها الله حية طولها سبعون ألف ذراع، فيسلطه الله عليه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا، ومن سعى بأخيه إلى سلطان ولم ينله منه سوء ولا مكروه أحبط الله عمله، وإن وصل منه إليه سوء أو مكروه أو أذى جعله الله في طبقة مع هامان في جهنم (1).

[الحديث: 810] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام (2).

[الحديث: 811] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة، وأعوان الظلمة، وأشباه الظلمة، حتى من بري لهم قلما، ولاق لهم دواة؛ فيجتمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم (3).

[الحديث: 812] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا، يسلطه الله عليه في نار جهنم وبئس المصير (4).

[الحديث: 813] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، ومن لاق لهم دواة، أو ربط كيسا، أو مد لهم مدة قلم، فاحشروهم معهم (5).

[الحديث: 814] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم وأبواب السلطان وحواشيها، فإن أقربكم من أبواب السلطان وحواشيها أبعدكم من الله عز وجل، ومن آثر السلطان على الله أذهب الله عنه الورع وجعله حيرانا (6).

__________

(1) عقاب الأعمال: 331، 335، 337.

(2) تنبيه الخواطر 1/ 54.

(3) تنبيه الخواطر 1/ 54.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 10/ 1.

(5) عقاب الأعمال: 309/ 1.

(6) عقاب الأعمال: 310/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (185)

[الحديث: 815] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تولى خصومة ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنه ونار جهنم وبئس المصير، ومن خف لسلطان جائر في حاجة كان قرينه في النار، ومن دل سلطانا على الجور قرن مع هامان، وكان هو والسلطان من أشد أهل النار عذابا، ومن عظم صاحب دنيا وأحبه لطمع دنياه سخط الله عليه، وكان في درجته مع قارون في التابوت الأسفل من النار، ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعلها الله حية طولها سبعون ألف ذراع، فيسلطه الله عليه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا، ومن سعى بأخيه إلى سلطان ولم ينله منه سوء ولا مكروه أحبط الله عمله، وإن وصل منه إليه سوء أو مكروه أو أذى جعله الله في طبقة مع هامان في جهنم (1).

[الحديث: 816] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة، وأعوان الظلمة، وأشباه الظلمة، حتى من برى لهم قلما، ولاق لهم دواة؛ فيجتمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم (2).

[الحديث: 817] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تولى خصومة ظالم أو أعان عليها ثم نزل به ملك الموت قال له: ابشر بلعنة الله ونار جهنم وبئس المصير (3).

[الحديث: 818] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولى جائرا على جور كان قرين هامان في جهنم (4).

[الحديث: 819] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا يسلّطه اللّه عليه في نار

__________

(1) عقاب الأعمال: 331، 335، 337.

(2) تنبيه الخواطر 1/ 54.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 5/ 1.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 5/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (186)

جهنم ومأواه النار وبئس المصير) (1)

[الحديث: 820] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (من مدح سلطانا جائرا وتخفّف وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار) (2)

[الحديث: 821] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (من ولي جائرا على جور كان قرين هامان في جهنّم) (3)

[الحديث: 822] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (احثوا في وجوه المدّاحين التراب) (4)

[الحديث: 823] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (شرّ الناس المثلّث) قيل: يا رسول اللّه وما المثلّث؟ قال: (الّذي يسعى بأخيه إلى السلطان فيهلك نفسه، ويهلك أخاه، ويهلك السلطان) (5)

[الحديث: 824] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من مشى مع ظالم فقد أجرم) (6)

[الحديث: 825] قال الإمام الصادق: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جيشا إلى خثعم فلما غشيهم استعصموا بالسجود، فقتل بعضهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أعطوا الورثة نصف العقل بصلاتهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الا إني بريء من كل مسلم نزل مع مشرك في دار الحرب (7).

[الحديث: 826] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح (8).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

__________

(1) مكارم الأخلاق ص 432.

(2) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 5.

(3) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 5.

(4) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 5.

(5) جامع الأخبار ص 155.

(6) جامع الأخبار ص 155.

(7) الكافي 5/ 43/ 1.

(8) أمالي الطوسي 2/ 37.

أحكام الحكومة الإسلامية (187)

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 827] قال الإمام علي: من أحد سنان الغضب لله قوي على قتل أشداء الباطل (1).

[الحديث: 828] عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت الإمام علي يقول يوم لقينا أهل الشام: أيها المؤمنون إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكره بلسانه فقد أجر، وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله العليا وكلمة الظالمين السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى، وقام على الطريق، ونور في قلبه اليقين (2).

[الحديث: 829] قال الإمام علي في ذكر أصناف الناهين عن المنكر: منهم المنكر للمنكر بقلبه ولسانه ويده فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه التارك بيده فذلك متمسك بخصلتين من خصال الخير، ومضيع خصلة، ومنهم المنكر بقلبه والتارك بيده ولسانه فذلك الذي ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث وتمسك بواحدة، ومنهم تارك لإنكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت الأحياء، وما أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كنقية في بحر لجي، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق، وأفضل من ذلك كلمة عدل عند إمام جائر (3).

[الحديث: 830] قال الإمام علي: إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم، ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفا ولم ينكر منكرا قلب فجعل أعلاه

__________

(1) نهج البلاغة 3/ 194/ 174.

(2) نهج البلاغة 3/ 243/ 373.

(3) نهج البلاغة 3/ 243/ 374.

أحكام الحكومة الإسلامية (188)

أسفله (1).

[الحديث: 831] قال الإمام علي: لا يحضرن أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر ظلما وعدواناً، ولا مقتولا ولا مظلوما إذا لم ينصره، لأن نصرته على المؤمن فريضة واجبة إذا هو حضره، والعافية أوسع ما لم تلزمك الحجة الظاهرة (2).

[الحديث: 832] قال الإمام علي: إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال (3).

[الحديث: 833] عن ميثم النهرواني قال: دعاني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقال: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أمية ـ عبيد الله بن زياد ـ إلى البراءة منّي؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك؟ قال: إذا والله يقتلك ويصلبك، قلت: أصبر، فداك في الله قليل فقال: يا ميثم إذا تكون معي في درجتي (4).

وقد روي أنه حج في السنة التي قتل فيها، ولمّا رجع قبضه ابن زياد وحبسه مع المختار ابن أبي عبيدة الثقفي، ثم أخرجه وصلبه على خشبة حول باب عمرو بن حريث فجعل ميثم يحدّث بفضائل الإمام علي، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، قال: الجموه، فكان ميثم أول من ألجم في الإسلام، ولمّا كان اليوم الثامن طعن بالحربة ثم انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دماً فمات، كان قتله بعد شهادة مسلم بأيام قليلة، وبقي مصلوباً حتى اجتمع سبعة من التمارين وأخذوا جثّته، وجاءوا به الى فيض ماء في مراد فدفنوه ورموا الخشبة في خربة هناك (5).

[الحديث: 834] قال الإمام علي: ستدعون إلى سبّي فسبوني، وتدعون إلى البراءة

__________

(1) نهج البلاغة 3/ 244/ 375.

(2) عقاب الاعمال: 311/ 3.

(3) الكافي 8/ 22/ 4.

(4) رجال الكشي 1/ 295/ 139.

(5) انظر رجال الكشي: 80 / 135 و83 / 139

أحكام الحكومة الإسلامية (189)

مني فمدوا الرقاب فإني على الفطرة (1).

[الحديث: 835] قال الإمام علي: إنكم ستعرضون على سبي، فإن خفتم على أنفسكم فسبوني، ألا وإنكم ستعرضون على البراءة مني فلا تفعلوا فإني على الفطرة (2).

[الحديث: 836] قال الإمام علي: أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنه سيأمركم بسبي، والبراءة مني، فأما السب فسبوني فإنه لي زكاة، ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة (3).

[الحديث: 837] قال الإمام عليّ: ثلاث من حفظهنّ كان معصوما من الشيطان الرجيم، ومن كلّ بليّة: من لم يخل بامرأة ليس يملك منها شيئا، ولم يدخل على سلطان، ولم يعن صاحب بدعة ببدعته (4).

[الحديث: 838] قال الإمام عليّ: (العامل بالظلم، والمعين عليه، والراضي به شركاء ثلاثة) (5)

[الحديث: 839] قال الإمام علي في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [البقرة: 207]: المراد بالآية الرجل يقتل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (6).

[الحديث: 840] قال الإمام الباقر: ذكرت الحرورية عند الإمام علي فقال: إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة فقاتلوهم، وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم فإن

__________

(1) أمالي الطوسي 1/ 213.

(2) أمالي الطوسي 1/ 374.

(3) نهج البلاغة 1/ 101/ 56.

(4) نوادر الراوندي ص 14.

(5) الخصال ص 107.

(6) مجمع البيان 1/ 301.

أحكام الحكومة الإسلامية (190)

لهم في ذلك مقالا (1).

[الحديث: 841] قال الإمام الصادق: لما فرغ الإمام علي من أهل النهروان، قال: لا يقاتلهم بعدي إلا من هم أولى بالحق منه (2).

[الحديث: 842] قال الإمام الصادق: كان في وصية أمير المؤمنين لأصحابه: إذا حضرت بلية فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم وإذا نزلت نازلة فاجعلوا أنفسكم دون دينكم، واعلموا أن الهالك من هلك دينه، والحريب من حرب دينه، ألا وإنه لا فقر بعد الجنة، ألا وإنه لا غنى بعد النار، ولا يفك أسيرها، ولا يبرأ ضريرها (3).

ما روي عن الإمام الحسين

[الحديث: 843] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار، إذ يقول: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: 63] وقال: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: 78 - 79] وإنما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم، ورهبة مما يحذرون، والله يقول: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: 44] وقال: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [التوبة: 71] فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها هيهنا وصعبها، وذلك أن الأمر

__________

(1) التهذيب 6/ 145/ 252.

(2) التهذيب 6/ 144/ 249.

(3) الكافي 2/ 171/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (191)

بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام مع رد المظالم، ومخالفة الظالم وقسمة الفيء والغنائم، وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها (1).

[الحديث: 844] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: أنتم أيّتها العصابة، عصابة بالعِلم مشهورة، وبالخير مذكورة، وبالنصيحة معروفة، وبالله في أنفس الناس مُهابة، يهابكم الشريف، ويُكرمكم الضعيف، ويُؤثركم من لا فضل لكم عليه، ولا يد لكم عنده، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلّابها، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر.. أليس كلّ ذلك إنّما نلتموه بما يُرجى عندكم من القيام بحقّ الله، وإن كنتم عن أكثر حقّه تُقصِّرون؟ فاستخففتم بحقّ الأمّة، فأمّا حقّ الضعفاء فضيّعتم، وأمّا حقّكم بزعمكم فطلبتم، فلا مالاً بذلتم، ولا نفساً خاطرتم بها للّذي خلقها، ولا عشيرة عاديتم في ذات الله.. أنتم تتمنّون على الله جنّته ومجاورة رسله وأماناً من عذابه، لقد خشيت عليكم أيّها المتمنّون على الله أن تحلّ نقمة من نقماته لأنّكم بلغتم من كرامة الله منزلةً فضّلتم بها، ومن يعرف بالله لا تُكرمون، وأنتم بالله في عباده تُكرمون.. وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون، وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون، وذمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محقورة، والعمي والبكم والزمن في المدائن مهملة لا ترحمون، ولا في منزلتكم تعملون، ولا من فيها تُعينون، وبالإدهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون.. كلّ ذلك ممّا أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون، وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسمعون، ذلك بأنّ مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، ما سُلبتم ذلك إلّا بتفرّقكم عن الحقّ واختلافكم في

__________

(1) تحف العقول: 237.

أحكام الحكومة الإسلامية (192)

السنّة بعد البيّنة الواضحة، ولو صبرتم على الأذى، وتحمّلتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع ولكنّكم مكّنتم الظّلمة من منزلتكم وأسلمتم أمور الله في أيديهم، يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات، سلّطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة الّتي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعَف على معيشته مغلوب، يتقلّبون في الملك بآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم اقتداءً بالأشرار وجرأةً على الجبّار، في كلّ بلدٍ منهم على منبره خطيب يصقع، فالأرض شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول، لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبّارٍ عنيد وذي سطوةٍ على الضعفة شديد مطاع لا يعرف المبدئ والمعيد، فيا عجباً ومالي لا أعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدّق ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا (1).

[الحديث: 845] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: اللّهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان ولا التماساً من فُضول الحطام، ولكن لنُري المعالم من دينك ونُظهر الإصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك، ويُعمل بفرائضك وسننك وأحكامك. فإن لم تنصرونا وتُنصفونا، قوي الظلمة عليكم وعملوا في إطفاء نور نبيّكم، وحسبنا الله وعليه توكّلنا وإليه أنبنا وإليه المصير) (2)

[الحديث: 846] قال الإمام الحسين مخاطبا أصحابه وأصحاب الحرّ بالبيضة بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه: (أيّها الناس إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلّا لحرم اللّه ناكثا لعهد اللّه مخالفا لسنّة رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يعمل في عباد اللّه بالإثم والعدوان فلم

__________

(1) تحف العقول: 237.

(2) تحف العقول، ص 237.

أحكام الحكومة الإسلامية (193)

يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّا على اللّه أن يدخله مدخله، ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمان، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام اللّه وحرّموا حلاله، وأنا أحقّ من غيّر، وقد أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم إنكم لا تسلموني، ولا تخذلوني فإن تمّمتم عليّ بيعتكم تصيبوا رشدكم؛ فأنا الحسين بن عليّ وابن فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم فلكم فيّ أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم؛ فلعمري ما هي لكم بنكر لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم، والمغرور من اغترّ بكم فحظّكم أخطأتم ونصيبكم ضيّعتم، ومن نكث فإنّما ينكث على نفسه، وسيغني اللّه عنك، والسّلام عليك ورحمة اللّه وبركاته) (1)

[الحديث: 847] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: أوصيكم بتقوى الله واحذركم أيّامه وأرفع لكم أعلامه، فكان المخوف قد أفد بمهول وروده، ونكير حلوله، وبشع مذاقه، فاعتلق مهجكم وحال بين العمل وبينكم، فبادروا بصحّة الأجسام في مدّة الأعمار كأنّكم ببغتات (جمع بغتة) طوارقه فتنقلكم من ظهر الأرض إلى بطنها، ومن علوّها إلى سفلها، ومن أنسها إلى وحشتها، ومن روحها وضوئها إلى ظلمتها، ومن سعتها إلى ضيقها، حيث لا يزار حميم، ولا يعاد سقيم، ولا يجاب صريخ، أعاننا الله وإيّاكم على أهوال ذلك اليوم، ونجّانا وإيّاكم من عقابه، وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه،، عباد الله فلو كان ذلك قصر مرماكم ومدى مظعنكم كان حسب العامل شغلاً يستفرغ عليه أحزانه، ويذهله عن دنياه، ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه، فكيف وهو بعد

__________

(1) تاريخ الطبري ج 4 ص 304.

أحكام الحكومة الإسلامية (194)

ذلك مرتهن باكتسابه، مستوقف على حسابه، لا وزير له يمنعه، ولا ظهير عنه يدفعه، ويومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، قل انتظروا إنّا منتظرون،، اُوصيكم بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتّقاه أن يحوله عمّا يكره إلى ما يحبّ، ويرزقه من حيث لا يحتسب، فإيّاك أن تكون ممّن يخاف على العباد من ذنوبهم، ويأمن العقوبة من ذنبه، فإن الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنّته ولا ينال ما عنده إلاّ بطاعته إن شاء الله (1).

[الحديث: 848] قال الإمام الحسين في بعض خطبه يحث على مواجهة الظلمة: عباد الله، اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر؛ فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد لكانت الأنبياء أحقّ بالبقاء، وأولى بالرضاء، وأرضى بالقضاء، غير أنّ الله خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء؛ فجديدها بال، ونعيمها مضمحل، وسرورها مكفهر، والمنزلة بلغة، والدار قلعة؛ فتزوّدوا فإن خير الزاد التقوى (2).

[الحديث: 849] كتب الإمام الحسين لرجل طلب منه أن يعظه بموعظة موجزة: (مَن حاول أمراً بمعصية الله تعالى كان أفوت لِما يرجو وأسرع لمجيء ما يحذر) (3)

[الحديث: 850] كتب الإمام الحسين لرجل سأله عن خير الدنيا والآخرة: (أمّا بعد، فإن مَن طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله اُمور الناس، ومَن طلب رضى الناس بسخط الله وكّله الله إلى الناس، والسّلام) (4)

[الحديث: 851] قال الإمام الحسين لأبي ذر الغفاري بعد أن نفي إلى الربذة: (يا عماه، إن الله تبارك وتعالى قادر أن يغير ما قد ترى، إن الله كل يوم هو في شأن، وقد منعك

__________

(1) الأنوار البهية، 1417، 45.

(2) تاريخ ابن عساكر 4/ 333.

(3) أُصول الكافي، 2/ 273.

(4) الاختصاص 225، أمالي الصدوق 167 - 168.

أحكام الحكومة الإسلامية (195)

القوم دنياهم ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم! فاسأل الله الصبر واستعذ به من الجشع والجزع؛ فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقا، والجزع لا يؤخر أجلا) (1)

[الحديث: 852] كتب الإمام الحسين لأهل الكوفة عندما طلبوا منه التحرك بعد نقض معاوية لبنود الهدنة التي وقعها مع الإمام الحسن: (فالصقوا رحمكم الله بالأرض واكتموا في البيوت واحترسوا من الظنة مادام معاوية حيا، فإن يحدث الله شيئا وأنا حي كتبت اليكم رأيي) (2)

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 853] قال الإمام السجاد: قال موسى بن عمران عليه السلام: يا رب من أهلك الذين تظلهم في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك؟ فأوحى الله إليه: الطاهرة قلوبهم، والبريئة أيديهم، الذين يذكرون جلالي ذكر آبائهم.. والذين يغضبون لمحارمي إذا استحلت مثل النمر إذا جرح (3).

[الحديث: 854] قال الإمام السجاد: ما أحب أن لي بذل نفسي حمر النعم، وما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا أكافئ بها صاحبها (4).

[الحديث: 855] قال الإمام السجاد: إياكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين (5).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 856] قال الإمام الباقر: يكون في آخر الزمان قوم ينبع فيهم قوم مراؤون

__________

(1) بحار الانوار 22/ 412،

(2) انساب الاشراف 3: 151،

(3) المحاسن: 16/ 45.

(4) الخصال: 23/ 81.

(5) الكافي 8/ 14/ 2

أحكام الحكومة الإسلامية (196)

ينفرون وينسكون، حدثاء سفهاء، لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر إلا إذا أمنوا الضرر يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير يتبعون زلات العلماء وفساد عملهم، يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلمهم في نفس ولا مال ولو أضرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتم غضب الله عز وجل عليهم فيعمهم بعقابه فيهلك الأبرار في دار الفجار والصغار في دار الكبار، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر فأنكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم، فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الشورى: 42] هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا ولا باغين مالا ولا مريدين بظلم ظفرا حتى يفيئوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته (1).

[الحديث: 857] قال الإمام الباقر: من مشى إلى سلطان جائر فأمره بتقوى الله ووعظه وخوفه كان له مثل أجر الثقلين الجن والإنس، ومثل أعمالهم (2).

[الحديث: 858] قال الإمام الباقر: سلامة الدين وصحة البدن خير من المال، والمال زينة من زينة الدنيا حسنة (3).

[الحديث: 859] عن أبي بصير قال: سألت الإمام الباقر عن أعمالهم فقال لي: يا أبا

__________

(1) الكافي 5/ 55/ 1..

(2) مستطرفات السرائر/ 141/ 1.

(3) الكافي 2/ 171/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (197)

محمد، لا ولا مدة قلم، إن أحدهم لا يصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينه مثله، أو حتى يصيبوا من دينه مثله (1).

[الحديث: 860] عن محمّد بن مسلم قال: كنت قاعدا عند الإمام الباقر على باب داره بالمدينة فنظر إلى الناس يمرّون أفواجا فقال لبعض من عنده: (حدث بالمدينة أمر؟) فقال: جعلت فداك ولي المدينة وال فغدا الناس يهنّئونه، فقال: (إنّ الرجل ليغدي عليه بالأمر تهنّأ به وإنّه لباب من أبواب النار) (2)

[الحديث: 861] قال الإمام الباقر: (العامل بالظلم، والمعين له، والراضي به شركاء ثلاث) (3)

[الحديث: 862] قال الإمام الباقر: (إنّ موسى ناجاه اللّه تبارك وتعالى وكان فيما قال في مناجاته: ولا ترض بالظلم ولا تكن ظالما، فإنّي للظالم رصيد حتّى أديل منه المظلوم) (4)

[الحديث: 863] قال الإمام الباقر: (من فعل خمسة أشياء فلا بدّ له من خمسة: ولا بدّ لصاحب الخمسة من النار، الأولى: من شرب المثلث فلا بدّ له من شرب الخمر ولا بدّ لشارب الخمر من النار، الثاني: من لبس الثياب الفاخرة فلا بدّ له من الكبر ولا بدّ لصاحب الكبر من النار، الثالث: من جلس على بساط السلطان فلا بدّ أن يتكلّم بهوى السلطان ولا بدّ لصاحب الهوى من النار، الرابع: من جالس النساء فلا بدّ له من الزنا ولا بدّ للزاني من النار، الخامس: من باع واشترى من غير فقه فلا بدّ له من الربا ولا بدّ لآكل الربا من النار) (5)

__________

(1) الكافي 5/ 106/ 5.

(2) الكافي ج 5 ص 106.

(3) جامع الأخبار ص 155.

(4) روضة الكافي ج 1 ص 70.

(5) إرشاد القلوب ص 194.

أحكام الحكومة الإسلامية (198)

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 864] قال الإمام الصادق: إن الله فوض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوض إليه أن يكون ذليلا، أما تسمع الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8]، فالمؤمن يكون عزيزا ولا يكون ذليلاً.. إن المؤمن أعز من الجبل، إن الجبل يستقل منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقل من دينه شيء (1).

[الحديث: 865] قال الإمام الصادق: إن الله عزّ وجلّ فوض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوض إليه أن يذل نفسه، أما تسمع لقول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8]، فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزاً، ولا يكون ذليلا يعزه الله بالايمان والاسلام (2).

[الحديث: 866] قال الإمام الصادق: إن الله تبارك وتعالى فوض إلى المؤمن كل شيء إلا إذلال نفسه (3).

[الحديث: 867] قال الإمام الصادق: لم تبق الأرض إلا وفيها منا عالم، يعرف الحق من الباطل، وإنما جعلت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية، وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا لقلتم: لا نفعل إنما نتقي، ولكانت التقية أحب إليكم من آبائكم وأمهاتكم، ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك، ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حد الله (4).

[الحديث: 868] عن جهم بن حميد قال: قال لي الإمام الصادق: أما تغشى سلطان هؤلاء، فقال: قلت: لا، قال: ولم؟ قلت: فرارا بديني، قال: وعزمت على ذلك؟ قلت: نعم،

__________

(1) الكافي 5/ 63/ 1.

(2) الكافي 5/ 63/ 2.

(3) الكافي 5/ 63/ 3.

(4) التهذيب 6/ 172/ 335.

أحكام الحكومة الإسلامية (199)

قال لي: الآن سلم لك دينك (1).

[الحديث: 869] عن يونس بن يعقوب قال: قال لي الإمام الصادق: لا تعنهم على بناء مسجد (2).

[الحديث: 870] عن محمد بن عذافر، عن أبيه قال: قال الإمام الصادق: يا عذافر نبئت أنك تعامل أبا أيوب والربيع فما حالك إذا نودي بك في أعوان الظلمة؟ قال: فوجم أبي، فقال له الإمام الصادق لما رأى ما أصابه: أي عذافر إني إنما خوفتك بما خوفني الله عز وجل به، قال محمد: فقدم أبي فما زال مغموما مكروبا حتى مات (3).

[الحديث: 871] قال الإمام الصادق: اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع، وقووه بالتقية والاستغناء بالله عز وجل، إنه من خضع لصاحب سلطان ولمن يخالفه على دينه طلبا لما في يديه من دنياه أخمله الله عز وجل ومقته عليه، ووكله إليه، فإن هو غلب على شيء من دنياه فصار إليه منه شيء نزع الله جل اسمه البركة منه، ولم يأجره على شيء منه ينفقه في حج ولا عتق ولا بر (4).

[الحديث: 872] عن ابن أبي يعفور قال: كنت عند الإمام الصادق إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك إنه ربما أصاب الرجل منا الضيق أو الشدة فيدعى إلى البناء يبنيه، أو النهر يكريه، أو المسناة يصلحها، فما تقول في ذلك؟ فقال الإمام الصادق: ما أحب أني عقدت لهم عقدة، أو وكيت لهم وكاء، وإن لي ما بين لابتيها، لا ولا مدة بقلم، إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد (5).

__________

(1) الكافي 5/ 108/ 10.

(2) التهذيب 6/ 338/ 941.

(3) الكافي 5/ 105/ 1.

(4) الكافي 5/ 105/ 3

(5) الكافي 5/ 107/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (200)

[الحديث: 873] عن يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال: قلت للإمام الصادق فلان يقرئك السّلام وفلان وفلان، فقال: (وعليهم السّلام) قلت: يسألونك الدعاء، فقال: (ومالهم؟) قلت: حبسهم أبو جعفر فقال: (ومالهم وماله؟) قلت: استعملهم فحبسهم، فقال: (ومالهم وماله؟ ألم أنههم، ألم أنههم، ألم أنههم، هم النار، هم النار، هم النار) ثمّ قال: (اللّهمّ اخدع عنهم سلطانهم)، فانصرفت من مكّة فسألت عنهم فإذا هم قد أخرجوا بعد هذا الكلام بثلاثة أيّام (1).

[الحديث: 874] سأل رجل الإمام الصادق عن قوم من أصحابه يدخلون في أعمال السلطان ويعملون لهم، ويحبونهم ويوالونهم، فقال: (ليس هم من الشيعة ولكنهم من أولئك الذين قال الله فيهم: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 78 - 81] (2)

[الحديث: 875] عن الوليد بن صبيح قال: دخلت على الإمام الصادق فاستقبلني زرارة خارجا من عنده، فقال لي الإمام الصادق: يا وليد أما تعجب من زرارة سألني عن أعمال هؤلاء أي شيء كان يريد أ يريد أن أقول له: لا فيروي ذلك عني، ثمّ قال: يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم إنّما كانت الشيعة تقول: يؤكل من طعامهم ويشرب من شرابهم ويستظلّ بظلّهم متى كانت الشيعة تسأل عن هذا (3).

__________

(1) الكافي ج 5 ص 106.

(2) تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي ج 1 ص 176.

(3) الكافي ج 5 ص 105.

أحكام الحكومة الإسلامية (201)

[الحديث: 876] عن حميد قال: قلت للإمام الصادق: إنّي ولّيت عملا فهل لي من ذلك مخرج؟ فقال: (ما أكثر من طلب المخرج من ذلك فعسر عليه) فما ترى؟ قال: (أرى أن تتّقي اللّه عزّ وجلّ ولا تعدّه) (1)

[الحديث: 877] قال الإمام الصادق يوصي أصحابه: (إيّاكم أن تعينوا على مسلم مظلوم فيدعو اللّه عليكم ويستجاب له فيكم، فإن أبانا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: إنّ دعوة المسلم المظلوم مستجابة) (2)

[الحديث: 878] قال الإمام الصادق: من سود اسمه في ديوان الجبارين من ولد فلان حشره الله يوم القيامة حيرانا (3).

[الحديث: 879] عن علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتاب بني أمية فقال لي: استأذن لي علي الإمام الصادق فاستأذنت له، فأذن له، فلما أن دخل سلم وجلس، ثم قال: جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا، وأغمضت في مطالبه، فقال الإمام الصادق: لولا أن بني أمية وجدوا لهم من يكتب ويجبي لهم الفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم، فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟ قال: أفعل، قال له: فاخرج من جميع ما كسبت في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت به، وأنا أضمن لك على الله عز وجل الجنة، فأطرق الفتى طويلا ثم قال له: لقد فعلت جعلت فداك.. قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض إلا خرج منه حتى ثيابه التي كانت على بدنه، فقسمت له

__________

(1) الكافي ج 5 ص 109.

(2) روضة الكافي ج 1 ص 11.

(3) عقاب الأعمال: 310/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (202)

قسمة واشترينا له ثيابا وبعثنا إليه بنفقة، فما أتى عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض، فكنا نعوده، فدخلت يوما وهو في السوق، ففتح عينيه، ثم قال لي: يا علي وفى لي والله صاحبك، ثم مات فتولينا أمره، فخرجت حتى دخلت على الإمام الصادق، فلما نظر إلي قال لي: يا علي وفينا والله لصاحبك، فقلت: صدقت، جعلت فداك هكذا والله قال لي عند موته (1).

[الحديث: 880] قال الإمام الصادق: المتعرب بعد الهجرة التارك لهذا الأمر بعد معرفته (2).

[الحديث: 881] قال الإمام الصادق: يقول أحدكم: إني غريب إنما الغريب الذي يكون في دار الشرك (3).

[الحديث: 882] عن حماد السمندري، قال: قلت للإمام الصادق: إني أدخل إلى بلاد الشرك وإن من عندنا يقولون: إن مت ثم حشرت معهم، فقال لي: يا حماد إذا كنت ثم تذكر أمرنا وتدعو إليه؟ قلت: نعم، قال: فإذا كنت في هذه المدن مدن الإسلام تذكر أمرنا وتدعو إليه؟ قال: قلت: لا، فقال لي: إنك إن مت ثم حشرت أمة وحدك يسعى نورك بين يديك (4).

[الحديث: 883] قال الإمام الصادق: ما جعل الله عزّ وجلّ بسط اللسان وكف اليد، ولكن جعلهما يبسطان معا ويكفان معا (5).

[الحديث: 884] ذكر بين يدي الإمام الصادق من خرج من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لا زال أنا وشيعتي بخير ما خرج الخارجي من آل محمد، ولوددت أن الخارجي من آل محمد

__________

(1) الكافي 5/ 106/ 4.

(2) معاني الأخبار/ 265/ 1.

(3) التهذيب 6/ 174/ 344.

(4) رجال الكشي 2/ 634/ 635.

(5) الكافي 5/ 55/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (203)

خرج وعلي نفقة عياله (1).

[الحديث: 885] عن داود بن زربيّ قال: أخبرني مولى للإمام السجاد، قال: كنت بالكوفة فقدم الإمام الصادق الحيرة فأتيته فقلت له: جعلت فداك لو كلّمت داود بن عليّ أو بعض هؤلاء فأدخل في بعض هذه الولايات، فقال: (ما كنت لأفعل)، قال: فانصرفت إلى منزلي فتفكّرت فقلت: ما أحسبه منعني إلّا مخافة أن أظلم أو أجور، واللّه لآتينّه ولأعطينّه الطلاق والعتاق والأيمان المغلّظة ألّا أظلم أحدا ولا أجور ولأعدلنّ، قال: فأتيته فقلت: جعلت فداك إنّي فكّرت في إبائك عليّ فظننت أنّك إنّما منعتني وكرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم وإنّ كلّ امرأة لي طالق وكلّ مملوك لي حرّ عليّ وعليّ إن ظلمت أحدا أو جرت عليه وإن لم أعدل؟ قال: (كيف قلت؟) قال: فأعدت عليه الأيمان فرفع رأسه إلى السماء فقال: (تناول السماء أيسر عليك من ذلك) (2)

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 886] عن صفوان بن مهران الجمال قال: دخلت على الإمام الكاظم فقال لي: يا صفوان، كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك أي شيء، فقال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل، ـ يعني هارون ـ قلت: والله ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا للصيد ولا للهو، ولكني أكريته لهذا الطريق ـ يعني طريق مكة ـ، ولا أتولاه بنفسي، ولكني أبعث معه غلماني، فقال لي: يا صفوان أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك، فقال لي: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك؟ قلت: نعم، قال: من أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان ورد النار، قال صفوان: فذهبت فبعت جمالي عن آخرها، فبلغ ذلك إلى

__________

(1) مستطرفات السرائر 48/ 4.

(2) الكافي ج 5 ص 106.

أحكام الحكومة الإسلامية (204)

هارون فدعاني فقال لي: يا صفوان بلغني أنك بعت جمالك، قلت: نعم، قال: ولم؟ قلت: أنا شيخ كبير وإن الغلمان لا يفون بالأعمال؟ فقال: هيهات هيهات، إني لأعلم من أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر، قلت: ما لي ولموسى بن جعفر؟ فقال: دع هذا عنك فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك (1).

[الحديث: 887] قيل للإمام الكاظم: إنهم يقولون: ما منع عليا إن كان له حق أن يقوم بحقه؟ فقال: إن الله لم يكلف هذا أحدا إلا نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ﴾ [النساء: 84] وقال لغيره: ﴿إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾ [الأنفال: 16] فالإمام علي لم يجد فئة ولو وجد فئة لقاتل (2).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 888] قال الإمام الرضا: دخل موسى بن جعفر (الإمام الكاظم) على هارون الرشيد وقد استخفه الغضب على رجل فأمر أن يضرب ثلاثة حدود، فقال: إنمّا تغضب لله، فلا تغضب له بأكثر مما غضب لنفسه (3).

[الحديث: 889] قال الإمام الرضا: قال عيسى بن مريم عليه السلام للحواريين: يا بني إسرائيل لا تأسوا على ما فاتكم من دنياكم إذا سلم دينكم، كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم (4).

[الحديث: 890] عن سليمان الجعفري قال: قلت للإمام الرضا: ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال: (يا سليمان الدخول في أعمالهم والعون لهم والسعي في حوائجهم عديل

__________

(1) رجال الكشي 2/ 740/ 828

(2) تفسير العياشي 2/ 51/ 31.

(3) أمالي الصدوق: 27/ 2.

(4) أمالي الصدوق: 401/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (205)

الكفر، والنظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحقّ به النار) (1)

[الحديث: 891] قال الإمام الرضا: حرّم الله التعرب بعد الهجرة للرجوع عن الدين وترك المؤازرة للأنبياء والحجج، وما في ذلك من الفساد وإبطال حق كل ذي حق لعلة سكنى البدو، ولذلك لو عرف الرجل الدين كاملا لم يجز له مساكنة أهل الجهل والخوف عليه، لأنه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك (2).

[الحديث: 892] قال الإمام الرضا: حرم الله الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين، والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة، وترك نصرتهم على الأعداء والعقوبة لهم على ترك ما دعوا إليه من الإقرار بالربوبية، وإظهار العدل، وترك الجور وإماتة الفساد، لما في ذلك من جرأة العدو على المسلمين، وما يكون في ذلك من السبي والقتل وإبطال دين الله عزّ وجلّ وغيره من الفساد (3).

__________

(1) تفسير العيّاشي ج 1 ص 238.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 369/ 1748.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 369/ 1748.

أحكام الحكومة الإسلامية (206)

مسؤوليات الحكام في الحكومة الإسلامية

جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول مسؤوليات الحكام والمسؤولين في الحكومة الإسلامية، وخصوصا تلك الأحاديث الكثيرة المروية عن الإمام علي، باعتباره تولى المسؤولية في فترة وجيزة، لكنها كانت ثرية جدا بالتجارب والممارسات الصالحة.

ولهذا كان أكثر ما أوردناه في هذا الفصل من خطب وكلمات ووصايا الإمام علي، وهي دليل على مدى تتلمذه على النبوة والقيم القرآنية.

ويشير إلى هذا النوع من الأحاديث قوله تعالى لداود عليه السلام: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ [ص: 26]

ومثلها ما ورد في القرآن من النماذج العملية المرتبطة بمسؤوليات الحكام، ومنها نموذج سليمان وداود عليهما السلام، كما قال تعالى: يا داود

وأولها نموذج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ذكر الله تعالى الكثير من صفاته وأخلاقه أثناء توليه لأمور المسلمين، ومنها قوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: 159]

وهي تشير إلى أن الرحمة واللين والشورى من الصفات الضرورية للحاكم، ذلك أنه واسطة الرعاية الإلهية لمن يتولاهم، ولذلك يحتاج أن يتوفر لديه من الرحمة والعطف ما يجعله حريصا عليهم، وعلى مصالحهم.

أحكام الحكومة الإسلامية (207)

ومثل ذلك ما ورد في قصة سليمان عليه السلام، وتفقده لرعيته من الحيوانات، كما قال تعالى: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ [النمل: 20]، فقد شعر سليمان عليه السلام بغيبة الهدهد، فراح يبحث عنه، ولم يكتف بالبحث، وإنما راح ينزل إليه، وهو النبي الكريم، ويسأله عن سر غيابه، ثم يوكل له من المهام ما يراه متناسبا معه، وكل ذلك يشير إلى أن الحاكم هو الذي يكون مع الشعب والجماهير، ولا ينفرد ببرجه العاجي عنهم.

ومثل ذلك ما ورد في قوله تعالى: ﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ [النمل: 20 - 21]، والظاهر فيها أن سليمان عليه السلام قال ذلك بقصد التهديد، وهو يدل على أن القوانين كانت مشددة مع المقصرين، ولهذا شرع الله تعالى الحدود والتعزيرات، وأتاح للحاكم المسلم استعمالها، ليحفظ المجتمع من تسرب أدوات الفساد إليه، ذلك أن فردا واحدا أو أفرادا معدودين من المنحرفين يمكنهم إذا أعطيت لهم الحرية الكافية الخالية من أي ردع أن يفسدوا مجتمعا كاملا.

ومثلها كل الآيات التي تتحدث عن الصفات التي توفرت ليوسف عليه السلام ليصبح أهلا لتولي الحكم في الاقتصاد المصري، كما قال تعالى: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55]

ومثلها ما ورد في حق موسى عليه السلام وصفاته التي أهلته لقيادة قومه من بني إسرائيل، كما قال تعالى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26]

بناء على هذا جمعنا هنا نوعين من الأحاديث:

أحكام الحكومة الإسلامية (208)

أولهما ـ ما ورد حول صفات الحكام ومسؤولياتهم في الأحاديث النبوية وأحاديث أئمة الهدى.

ثانيهما ـ ما ورد من الوصايا والنماذج العملية: وقد اقتصرنا على وصايا ورسائل وأعمال الإمام علي، وخصوصا في الفترة التي ولي فيها الخلافة، لاحتوائها على كل ما يخدم هذا الجانب من معان.

أولا ـ ما ورد حول صفات الحكام ومسؤولياتهم

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى، وفي مصادر السنة والشيعة حول صفات الحكام في الحكومة الإسلامية، والمسؤوليات المناطة بهم.

وهي تحتاج ـ لأهميتها ـ الكثير من التأمل والتدبر لاستنباط ما نحتاجه للتأسيس لنظريات الحكم في الإسلام، ذلك أن التعامل السطحي معها يبعدنا عنها وعن مقاصدها التي تهدف إليها.

فما ورد في الأحاديث ـ مثلا ـ عن نهي الحكام عن الاحتجاب على رعاياهم، لا يعني فقط حضورهم في المهرجانات والمناسبات، بل يعني التواصل الدائم معهم، عبر مؤسسات خاصة بذلك، تتيح لكل فرد من الرعية أن يبلغ حاجته، وبطريقة سهلة مضمونة، ومتناسبة مع كل عصر وظروفه.

أما الفهم السطحي لذلك، وهو الاكتفاء بالخروج للمساجد للصلاة، أو التسوق مع الناس؛ فهو قد يكون متناسبا مع العصور السابقة لا مع هذا العصر، بالإضافة إلى أنه لن يخدم إلا الفئة المحدودة التي تجاور الحاكم في بيئته، دون غيرها من الفئات.

أحكام الحكومة الإسلامية (209)

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 893] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم، وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خيرٌ لكم من بطنها، وإذا كانت أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم فبطن الأرض خيرٌ لكم من ظهرها (1).

[الحديث: 894] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كلكم راع وكلكم مسئولٌ عن رعيته فالإمام راع ومسئولٌ عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئولٌ عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعيةٌ ومسئولةٌ عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئولٌ عن رعيته (2).

[الحديث: 895] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة (3).

[الحديث: 896] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن المقسطين عند الله على منابر من نور، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا (4).

[الحديث: 897] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ا من عبد يسترعيه الله رعيته يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة (5).

[الحديث: 898] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم منه مجلسا: إمامٌ عادلٌ، وأبغض الناس وأبعدهم منه مجلسا إمامٌ جائرٌ (6).

__________

(1) الترمذي (2266)

(2) البخاري (2554)، ومسلم (1829)

(3) أبو داود (2948)، والترمذي (1332)

(4) مسلم (1827)، والنسائي 8/ 221 - 222.

(5) البخاري (7151)، ومسلم (1421)

(6) الترمذي (1329)

أحكام الحكومة الإسلامية (210)

[الحديث: 899] عن المقدام بن معدي كرب: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرب على منكبيه، ثم قال: أفلحت يا قديم إن مت ولم تكن أميرا ولا كاتبا ولا عريفا (1).

[الحديث: 900] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: إنك ضعيفٌ وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامةٌ إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها (2).

[الحديث: 901] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها (3).

[الحديث: 902] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة (4).

[الحديث: 903] عن أبي موسى قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال أحدهما: يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله، وقال الآخر مثل ذلك فقال: إنا والله لا نولي هذا العمل أحدا سأله، أو أحدا حرص عليه (5).

[الحديث: 904] عن ابن عباس قال: قدم مسيلمة الكذاب المدينة في بشر كثير فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر بعده أتبعه، فأقبل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يده صلى الله عليه وآله وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله (6).

[الحديث: 905] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم

__________

(1) أبو داود (2933)

(2) مسلم (1825)

(3) البخاري (6622)، ومسلم (1652)

(4) البخاري (7148)

(5) البخاري (7149)، ومسلم (1733)

(6) البخاري (4373)، ومسلم (2273، 2274)

أحكام الحكومة الإسلامية (211)

يذكره، وإن ذكر لم يعنه (1).

[الحديث: 906] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله (2).

[الحديث: 907] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به (3).

[الحديث: 908] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك، إلّا أتى الله عزّ وجلّ مغلولا يوم القيامة، يده إلى عنقه، فكّه برّه، أو أوبقة إثمه، أوّلها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة (4).

[الحديث: 909] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا حتى يفكه العدل أو يوبقه الجور (5).

[الحديث: 910] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من رجل ولى عشرة إلا أتى يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه حتى يقضى بينه وبينهم (6).

[الحديث: 911] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من أمتي أحدٌ ولي من أمر الناس شيئا لم يحفظهم بما يحفظ نفسه وأهله إلا لم يجد رائحة الجنة (7).

[الحديث: 912] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي شيئا من أمر المسلمين لم ينظر الله في

__________

(1) أبو داود (2932)،والنسائي 7/ 159.

(2) البخاري (7198)، والنسائي 7/ 158.

(3) مسلم (1828)

(4) أحمد (5/ 267)

(5) البزار كما في (كشف الأستار) (1640)، (الأوسط) 6/ 216 (6225)

(6) الطبراني في الكبير 12/ 135 (12689)، (الأوسط) 1/ 94 (286)

(7) الطبراني في الأوسط 7/ 312 (7594)، و(الصغير) 2/ 137 (919)

أحكام الحكومة الإسلامية (212)

حاجته حتى ينظر في حوائجهم (1).

[الحديث: 913] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتين؛ قصعةٌ يأكلها هو وأهله، وقصعةٌ يضعها بين يدي الناس (2).

[الحديث: 914] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم (3).

[الحديث: 915] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم وكل غال مارق (4).

[الحديث: 916] عن أبي حميد السّاعديّ قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يقال له ابن اللّتبيّة على الصّدقة فلمّا قدم قال: هذا لكم، وهذا لي، أهدي لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي، أ فلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمّه حتّى ينظر أ يهدى إليه أم لا، والّذي نفس محمّد بيده! لا ينال أحد منكم منها شيئا إلّا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر (5)، ثمّ رفع يديه حتّى رأينا عفرتي إبطيه، ثمّ قال: اللهمّ! هل بلّغت؟)، مرّتين (6).

[الحديث: 917] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ المقسطين عند الله على منابر من نور الّذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا (7).

__________

(1) الطبراني 12/ 440 (13603)

(2) أحمد (1/ 78)

(3) أحمد 1/ 6.

(4) الطبراني في الكبير 8/ 281 (8079)، و(الأوسط) 1/ 200 (640)

(5) تيعر: معناه تصيح، واليعار صوت الشاة،

(6) البخاري [فتح الباري]، 13 (7197) ومسلم (1832) واللفظ له

(7) مسلم (1827)

أحكام الحكومة الإسلامية (213)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 918] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يؤمّر رجل على عشرة فما فوقهم إلّا جي ء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه، فإن كان محسنا فكّ عنه، وإن كان مسيئا زيد غلّا إلى غلّه (1).

[الحديث: 919] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أحبّ الناس يوم القيامة وأقربهم إلى اللّه مجلسا إمام عادل، وإنّ أبغض الناس إلى اللّه وأشدّهم عذابا إمام جائر (2).

[الحديث: 920] قال الإمام علي: نهى رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أن يؤمّ الرجل قوما إلّا بإذنهم، وقال: من أمّ قوما بإذنهم وهم به راضون، فاقتصد بهم في حضوره، وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده، فله مثل أجر القوم ولا ينقص من أجورهم شيء، ألا ومن أمّ قوما بأمرهم ثمّ لم يتمّ بهم الصلاة، ولم يحسن في ركوعه وسجوده وخشوعه وقراءته، ردّت عليه صلاته ولم تجاوز ترقوته، وكانت منزلته كمنزلة إمام جائر معتد لم يصلح إلى رعيته، ولم يقم فيهم بحقّ، ولا قام فيهم بأمر (3).

[الحديث: 921] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ولي شيئا من أمور أمتي، فحسنت سريرته لهم رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم، ومن بسط كفه لهم بالمعروف رزق المحبة منهم، ومن كف يده عن أموالهم وقى الله عزّ وجلّ ماله، ومن أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنّة مصاحبا، ومن كثر عفوه مدّ في عمره، ومن عمّ عدله نصر على عدوه، ومن خرج من ذلّ المعصية إلى عزّ الطاعة آنسه الله عزّ وجلّ بغير أنيس، وأعانه بغير مال (4).

[الحديث: 922] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما ذئبان ضاريان في غنم قد تفرّق رعاؤها بأضرّ

__________

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 270.

(2) روضة الواعظين ص 466.

(3) أمالي الصدوق ص 344.

(4) كنز الفوائد للكراجكي ج 1 ص 135.

أحكام الحكومة الإسلامية (214)

في دين المسلم من الرئاسة (1).

[الحديث: 923] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ من تعلّم العلم ليماري به السّفهاء، أو يباهي به العلماء، أو يصرف وجوه الناس إليه ليعظّموه، فليتبوّء مقعده من النار، فإن الرئاسة لا تصلح إلّا للّه ولأهلها. ومن وضع نفسه في غير الموضع الّذي وضعه اللّه فيه مقته اللّه. ومن دعا إلى نفسه، فقال: أنا رئيسكم وليس هو كذلك، لم ينظر اللّه إليه حتّى يرجع عمّا قال ويتوب إلى اللّه ممّا ادّعى (2).

[الحديث: 924] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: طاعة السلطان واجبة، ومن ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة الله عزّ وجلّ، ودخل في نهيه، ان الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195] (3).

[الحديث: 925] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من استرعى رعيّة فغشّها حرّم اللّه عليه الجنّة (4).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 926] قال العلاء للإمام علي: يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد، قال: وماله؟ قال: لبس العباءة وتخلّى من الدّنيا، قال: عليّ به فلما جاء قال: يا عديّ نفسه لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله أحلّ لك الطّيّبات وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك!، قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 297.

(2) تحف العقول، ص 43.

(3) أمالي الصدوق: 277/ 20.

(4) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ج 2 ص 227.

أحكام الحكومة الإسلامية (215)

ملبسك وجشوبة مأكلك، قال: ويحك إنّي لست كأنت، إنّ الله تعالى فرض على أئمّة الحقّ أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيّغ بالفقير فقره (1).

[الحديث: 927] قال الإمام علي: ليس شيء أفسد للأمور ولا أبلغ في هلاك الجمهور من الشّرّ (2).

[الحديث: 928] قال الإمام علي: من جار ملكه عظم هلكه (3).

[الحديث: 929] قال الإمام علي: من جار في سلطانه وأكثر عدوانه، هدم الله بنيانه، وهدّ أركانه (4).

[الحديث: 930] قال الإمام علي: من جار في سلطانه وعدّ من عوادي زمانه (5).

[الحديث: 931] قال الإمام علي: للظالم انتقام (6).

[الحديث: 932] قال الإمام علي: السلطان الجائر يخيف البريّ (7).

[الحديث: 933] قال الإمام علي: بئس الظلم ظلم المستسلم (8).

[الحديث: 934] قال الإمام علي: قلوب الرعيّة خزائن راعيها فما أودعها من عدل أو جور وجده (9).

[الحديث: 935] قال الإمام علي: من ظلم رعيّته نصر أضداده (10).

[الحديث: 936] قال الإمام علي: ما جار شريف (11).

[الحديث: 937] قال الإمام علي: آفة العمران جور السّلطان (12).

__________

(1) نهج البلاغة، كلام 200 ص 663.

(2) غرر الحكم، ص 346

(3) غرر الحكم، ص 346

(4) غرر الحكم، ص 346

(5) غرر الحكم، ص 346

(6) غرر الحكم، ص 346

(7) غرر الحكم، ص 346

(8) غرر الحكم، ص 346

(9) غرر الحكم، ص 346

(10) غرر الحكم، ص 346

(11) غرر الحكم، ص 346

(12) غرر الحكم، ص 346

أحكام الحكومة الإسلامية (216)

[الحديث: 938] قال الإمام علي: بئس السّياسة الجور (1).

[الحديث: 939] قال الإمام علي: القدرة يزيلها العدوان (2).

[الحديث: 940] قال الإمام علي: في احتقاب المظالم زوال القدرة (3).

[الحديث: 941] قال الإمام علي: من جارت أقضيته زالت قدرته (4).

[الحديث: 942] قال الإمام علي: من طال عدوانه زال سلطانه (5).

[الحديث: 943] قال الإمام علي: من جارت ولايته زالت دولته (6).

[الحديث: 944] قال الإمام علي: من عامل رعيّته بالظّلم أزال الله ملكه وعجّل بواره وهلكه هلاكه (7).

[الحديث: 945] قال الإمام علي: الظّلم بوار الرعيّة (8).

[الحديث: 946] قال الإمام علي: في الجور هلاك الرعيّة (9).

[الحديث: 947] قال الإمام علي: راكب الظّلم يدركه البوار (10).

[الحديث: 948] قال الإمام علي: بئس الاستعداد الاستبداد (11).

[الحديث: 949] قال الإمام علي: لله سبحانه حكم بيّن في المستأثر والجازع (12).

[الحديث: 950] قال الإمام علي: من ملك استأثر (13).

[الحديث: 951] قال الإمام علي: من قنع برأيه فقد هلك (14).

__________

(1) غرر الحكم، ص 346

(2) غرر الحكم، ص 346

(3) غرر الحكم، ص 346

(4) غرر الحكم، ص 346

(5) غرر الحكم، ص 346

(6) غرر الحكم، ص 346

(7) غرر الحكم، ص 346

(8) غرر الحكم، ص 346

(9) غرر الحكم، ص 346

(10) غرر الحكم، ص 346

(11) غرر الحكم، ص 347

(12) غرر الحكم، ص 347

(13) غرر الحكم، ص 347

(14) غرر الحكم، ص 347

أحكام الحكومة الإسلامية (217)

[الحديث: 952] قال الإمام علي: من استغنى بعقله ضلّ (1).

[الحديث: 953] قال الإمام علي: من استبدّ برأيه زلّ (2).

[الحديث: 954] قال الإمام علي: من استبدّ برأيه خفّت وطأته على أعدائه (3).

[الحديث: 955] قال الإمام علي: من استبدّ برأيه فقد خاطر وغرّر (4).

[الحديث: 956] قال الإمام علي: آفة الرياسة الفخر (5).

[الحديث: 957] قال الإمام علي: الهيبة مقرونة بالخيبة (6).

[الحديث: 958] قال الإمام علي: قرنت الهيبة بالخيبة (7).

[الحديث: 959] قال الإمام علي: التكبّر في الولاية ذلّ في العزل (8).

[الحديث: 960] قال الإمام علي: من تكبر في سلطانه صغّره (9).

[الحديث: 961] قال الإمام علي: من تكبّر في ولايته كثر عند عزله غزله ذلّته (10).

[الحديث: 962] قال الإمام علي: من اختال في ولايته أبان عن حماقته (11).

[الحديث: 963] قال الإمام علي: آفة الملوك سوء السّيرة (12).

[الحديث: 964] قال الإمام علي: آفة الوزراء خبث السّريرة (13).

[الحديث: 965] قال الإمام علي: آفة الزعماء ضعف السّياسة (14).

__________

(1) غرر الحكم، ص 347

(2) غرر الحكم، ص 347

(3) غرر الحكم، ص 347

(4) غرر الحكم، ص 347

(5) غرر الحكم، ص 346

(6) غرر الحكم، ص 346

(7) غرر الحكم، ص 346

(8) غرر الحكم، ص 346

(9) غرر الحكم، ص 346

(10) غرر الحكم، ص 346

(11) غرر الحكم، ص 346

(12) غرر الحكم، ص 337

(13) غرر الحكم، ص 337

(14) غرر الحكم، ص 337

أحكام الحكومة الإسلامية (218)

[الحديث: 966] قال الإمام علي: آفة الرعيّة مخالفة الطّاعة (1).

[الحديث: 967] قال الإمام علي: آفة القويّ استضعاف الخصم (2).

[الحديث: 968] قال الإمام علي: آفة العدول قلّة الورع (3).

[الحديث: 969] قال الإمام علي: آفة الملك ضعف الحماية (4).

[الحديث: 970] قال الإمام علي: آفة القدرة منع الإحسان (5).

[الحديث: 971] قال الإمام علي: الدولة تردّ خطأ صاحبها صوابا وصواب ضدّه خطاء (6).

[الحديث: 972] قال الإمام علي: إذا زادك السّلطان تقريبا فزده إجلالا (7).

[الحديث: 973] قال الإمام علي: ثلاثة مهلكة، الجرأة على السّلطان، وائتمان الخوّان، وشرب السمّ للتجربة (8).

[الحديث: 974] قال الإمام علي: استعن على العدل بحسن النّيّة في الرعيّة، وقلّة الطّمع، وكثرة الورع (9).

[الحديث: 975] قال الإمام علي: أقم الناس على سنّتهم ودينهم وليأمنك برئهم وليخفك مريبهم وتعاهد ثغورهم وأطرافهم أطراف بلادهم (10).

[الحديث: 976] قال الإمام علي: إنّ السلطان لأمين الله في الأرض ومقيم العدل في البلاد والعباد ووزعته وزرعته في الأرض (11).

__________

(1) غرر الحكم، ص 337

(2) غرر الحكم، ص 337

(3) غرر الحكم، ص 337

(4) غرر الحكم، ص 337

(5) غرر الحكم، ص 337

(6) غرر الحكم، ص 337

(7) غرر الحكم، ص 337

(8) غرر الحكم، ص 337

(9) غرر الحكم، ص 341

(10) غرر الحكم، ص 341

(11) غرر الحكم، ص 341

أحكام الحكومة الإسلامية (219)

[الحديث: 977] قال الإمام علي: إنّ هذا المال ليس لي ولك وإنّما هو للمسلمين وجلب أسيافهم فإن شركتهم في حربهم شركتهم فيه، وإلّا فجنا أيديهم لا يكون لغير أفواههم (1).

[الحديث: 978] قال الإمام علي: إذا ولّيت فاعدل (2).

[الحديث: 979] قال الإمام علي: إذا أردت أن تطاع فاسأل ما يستطاع (3).

[الحديث: 980] قال الإمام علي: خير الملوك من أمات الجور وأحيى العدل (4).

[الحديث: 981] قال الإمام علي: ذد عن شرائع الدّين وحط ثغور المسلمين، واحرز دينك وأمانتك بإنصافك من نفسك، والعمل بالعدل في رعيّتك (5).

[الحديث: 982] قال الإمام علي: زكاة السلطان إغاثة الملهوف (6).

[الحديث: 983] قال الإمام علي: من لم ينصف المظلوم من الظّالم عظمت آثامه (7).

[الحديث: 984] قال الإمام علي: من لم ينصف المظلوم من الظّالم سلبه الله قدرته (8).

[الحديث: 985] قال الإمام علي: لا تؤيس الضعفاء من عدلك (9).

[الحديث: 986] قال الإمام علي: عليكم بالإحسان إلى العباد، والعدل في البلاد تأمنوا عند قيام الأشهاد (10).

[الحديث: 987] قال الإمام علي: على الإمام أن يعلّم أهل ولايته حدود الإسلام والإيمان (11).

__________

(1) غرر الحكم، ص 341

(2) غرر الحكم، ص 341

(3) غرر الحكم، ص 341

(4) غرر الحكم، ص 341

(5) غرر الحكم، ص 341

(6) غرر الحكم، ص 341

(7) غرر الحكم، ص 341

(8) غرر الحكم، ص 341

(9) غرر الحكم، ص 341

(10) غرر الحكم، ص 341

(11) غرر الحكم، ص 341

أحكام الحكومة الإسلامية (220)

[الحديث: 988] قال الإمام علي: في حمل عباد الله على أحكام الله استيفاء الحقوق وكلّ الرفق (1).

[الحديث: 989] قال الإمام علي: فضيلة السلطان عمارة البلدان (2).

[الحديث: 990] قال الإمام علي: كما تدين تدان (3).

[الحديث: 991] قال الإمام علي: لو استوت قدماي من هذه المداحض لغيّرت أشياء (4).

[الحديث: 992] قال الإمام علي: من النبل أن تتيقّظ لإيجاب حقّ الرعيّة إليك وتتغابى عن الجناية عليك (5).

[الحديث: 993] قال الإمام علي: عند كمال القدرة تظهر فضيلة العفو (6).

[الحديث: 994] قال الإمام علي: من تجبّر على من دونه كسر (7).

[الحديث: 995] قال الإمام علي: من استطال على الناس بقدرته سلب القدرة (8).

[الحديث: 996] قال الإمام علي: الحلم رأس الرئاسة (9).

[الحديث: 997] قال الإمام علي: العفو زين القدرة (10).

[الحديث: 998] قال الإمام علي: الإنصاف زين الإمرة (11).

[الحديث: 999] قال الإمام علي: اضرب خادمك إذا عصى الله، واعف عنه إذا عصاك (12).

__________

(1) غرر الحكم، ص 341

(2) غرر الحكم، ص 341

(3) غرر الحكم، ص 341

(4) غرر الحكم، ص 341

(5) غرر الحكم، ص 341

(6) غرر الحكم، ص 342.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

(11) غرر الحكم، ص 342.

(12) غرر الحكم، ص 342.

أحكام الحكومة الإسلامية (221)

[الحديث: 1000] قال الإمام علي: تجاوز مع القدرة، وأحسن مع الدّولة تكمل لك السّيادة (1).

[الحديث: 1001] قال الإمام علي: ذو الشّرف لا تبطره منزلة نالها وإن عظمت كالجبل الّذي لا تزعزعه الرياح، والدّنيّ تبطره أدنى منزلة نزلة كالكلأ الّذي يحرّكه مرّ النّسيم (2).

[الحديث: 1002] قال الإمام علي: ذاك ينفع سلمه ولا يخاف ظلمه، إذا قال فعل وإذا ولّي عدل (3).

[الحديث: 1003] قال الإمام علي: زكاة القدرة الإنصاف (4).

[الحديث: 1004] قال الإمام علي: العفو زكاة القدرة (5).

[الحديث: 1005] قال الإمام علي: الظفر شافع المذنب (6).

[الحديث: 1006] قال الإمام علي: الطمع يذلّ الأمير (7).

[الحديث: 1007] قال الإمام علي: آلة الرئاسة سعة الصّدر (8).

[الحديث: 1008] قال الإمام علي: العفو مع القدرة جنّة من عذاب الله سبحانه (9).

[الحديث: 1009] قال الإمام علي: أفضل الملوك أعفّهم نفسا (10).

[الحديث: 1010] قال الإمام علي: دولة اللّئيم تكشف مساوئه ومعائبه (11).

[الحديث: 1011] قال الإمام علي: دولة الكريم تظهر مناقبة (12).

__________

(1) غرر الحكم، ص 342.

(2) غرر الحكم، ص 342.

(3) غرر الحكم، ص 342.

(4) غرر الحكم، ص 342.

(5) غرر الحكم، ص 342.

(6) غرر الحكم، ص 342.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

(11) غرر الحكم، ص 342.

(12) غرر الحكم، ص 342.

أحكام الحكومة الإسلامية (222)

[الحديث: 1012] قال الإمام علي: رأس السياسة استعمال الرفق (1).

[الحديث: 1013] قال الإمام علي: زين الرئاسة الإفضال (2).

[الحديث: 1014] قال الإمام علي: يحتاج الإمام إلى قلب عقول، ولسان قؤول، وجنان على إقامة الحقّ صؤول (3).

[الحديث: 1015] قال الإمام علي: أفضل الملوك سجيّة من عمّ النّاس بعدله (4).

[الحديث: 1016] قال الإمام علي: أجلّ الأمراء من لم يكن الهوى عليه أميرا (5).

[الحديث: 1017] قال الإمام علي: أفضل الملوك من حسن فعله ونيّته وعدل في جنده ورعيّته (6).

[الحديث: 1018] قال الإمام علي: أحسن الملوك حالا من حسن عيش النّاس في عيشه وعمّ رعيّته بعدله (7).

[الحديث: 1019] قال الإمام علي: أعقل الملوك من ساس نفسه للرّعيّة بما يسقط عنه حجّتها وساس الرعيّة بما تثبت به حجّته عليها (8).

[الحديث: 1020] قال الإمام علي: حق على الملك أن يسوس نفسه قبل جنده (9).

[الحديث: 1021] قال الإمام علي: خير الأمراء من كان على نفسه أميرا (10).

[الحديث: 1022] قال الإمام علي: خور السّلطان اشدّ على الرعيّة من جور السلطان (11).

__________

(1) غرر الحكم، ص 342.

(2) غرر الحكم، ص 342.

(3) غرر الحكم، ص 340.

(4) غرر الحكم، ص 340.

(5) غرر الحكم، ص 340.

(6) غرر الحكم، ص 340.

(7) غرر الحكم، ص 340.

(8) غرر الحكم، ص 340.

(9) غرر الحكم، ص 340.

(10) غرر الحكم، ص 340.

(11) غرر الحكم، ص 340.

أحكام الحكومة الإسلامية (223)

[الحديث: 1023] قال الإمام علي: فليصدق رائد اهله، وليحضر عقله، وليكن من أبناء الآخرة، فمنها قدم وإليها ينقلب (1).

[الحديث: 1024] قال الإمام علي: من أحسن الكفاية استحقّ الولاية (2).

[الحديث: 1025] قال الإمام علي: من حقّ الملك أن يسوس نفسه قبل جنده (3).

[الحديث: 1026] قال الإمام علي: من أمارات الدولّة اليقظة التيقّظ لحراسة الأمور (4).

[الحديث: 1027] قال الإمام علي: من دلائل الدّولة قلّة الغفلة (5).

[الحديث: 1028] قال الإمام علي: السيّد من لا يصانع ولا يخادع ولا تغرّه المطامع (6).

[الحديث: 1029] قال الإمام علي: يستدلّ على إدبار الدول بأربع: تضييع الأصول، والتّمسّك بالغرور، وتقديم الأراذل، وتأخير الأفاضل (7).

[الحديث: 1030] قال الإمام علي: ولئن أمهل الله تعالى الظّالم فلن يفوته أخذه، وهو له بالمرصاد على مجاز طريقه، وموضع الشّجا من مجاز ريقه (8).

[الحديث: 1031] قال الإمام علي: القدرة تنسي الحفيظة (9).

[الحديث: 1032] قال الإمام علي: الولايات مضامير الرجال (10).

[الحديث: 1033] قال الإمام علي: الملك المنتقل الزّائل حقير يسير (11).

__________

(1) غرر الحكم، ص 340.

(2) غرر الحكم، ص 340.

(3) غرر الحكم، ص 340.

(4) غرر الحكم، ص 340.

(5) غرر الحكم، ص 340.

(6) غرر الحكم، ص 340.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

(11) غرر الحكم، ص 342.

أحكام الحكومة الإسلامية (224)

[الحديث: 1034] قال الإمام علي: القدرة تظهر محمود الخصال ومذمومها (1).

[الحديث: 1035] قال الإمام علي: الدّولة كما تقبل تدبر (2).

[الحديث: 1036] قال الإمام علي: المحاسن في الإقبال هي المساوئ في الإدبار (3).

[الحديث: 1037] قال الإمام علي: الشركة في الملك تؤدّي إلى الاضطراب (4).

[الحديث: 1038] قال الإمام علي: الذّلّ بعد العزل العزّ يوازي عزّ الولاية (5).

[الحديث: 1039] قال الإمام علي: المرء يتغيّر في ثلاث: القرب من الملوك والولايات والغناء من بعد الفقر، فمن لم يتغيّر في هذه فهو ذو عقل قويم وخلق مستقيم (6).

[الحديث: 1040] قال الإمام علي: التّسلّط على الضّعيف والمملوك من لزوم لؤم القدرة (7).

[الحديث: 1041] قال الإمام علي: اجعل لكلّ إنسان من خدمك عملا تأخذه به فإن ذلك أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك (8).

[الحديث: 1042] قال الإمام علي: إذا تغيّرت نيّة السّلطان تغيّر فسد الزّمان (9).

[الحديث: 1043] قال الإمام علي: إذا رأيت الله سبحانه يتابع عليك النّعم مع المعاصي فهو استدراج لك (10).

[الحديث: 1044] قال الإمام علي: إذا نفذ حكمك في نفسك تداعت أنفس النّاس إلى عدلك (11).

__________

(1) غرر الحكم، ص 342.

(2) غرر الحكم، ص 342.

(3) غرر الحكم، ص 342.

(4) غرر الحكم، ص 342.

(5) غرر الحكم، ص 342.

(6) غرر الحكم، ص 342.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

(11) غرر الحكم، ص 342.

أحكام الحكومة الإسلامية (225)

[الحديث: 1045] قال الإمام علي: تكبّرك في الولاية ذل في العزل (1).

[الحديث: 1046] قال الإمام علي: جود الولاة بفيء المسلمين جور وختر (2).

[الحديث: 1047] قال الإمام علي: حسن الشّهرة حصن القدرة (3).

[الحديث: 1048] قال الإمام علي: داووا الجور بالعدل، وداووا الفقر بالصّدقة والبذل (4).

[الحديث: 1049] قال الإمام علي: ربّ عادل جائر (5).

[الحديث: 1050] قال الإمام علي: رحمة من لا يرحم تمنع الرحمة، واستبقاء من لا يبقى يهلك الأمة (6).

[الحديث: 1051] قال الإمام علي: زلّة الرأي تأتي على الملك وتؤذن بالهلك (7).

[الحديث: 1052] قال الإمام علي: زوال الدول باصطناع السّفل (8).

[الحديث: 1053] قال الإمام علي: سلطان الدنيا ذلّ وعلوّها سفل (9).

[الحديث: 1054] قال الإمام علي: ستّة تختبر بها عقول الرجال النّاس المصاحبة، والمعاملة والولاية، والعزل، والغنى، والفقر (10).

[الحديث: 1055] قال الإمام علي: ساهل الدّهر ما ذلّ لك قعوده، ولا تخاطر بشيء رجاء أكثر كثر منه (11).

[الحديث: 1056] قال الإمام علي: صواب الرأي بالدّول ويذهب بذهابها (12).

__________

(1) غرر الحكم، ص 342.

(2) غرر الحكم، ص 342.

(3) غرر الحكم، ص 342.

(4) غرر الحكم، ص 342.

(5) غرر الحكم، ص 342.

(6) غرر الحكم، ص 342.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

(11) غرر الحكم، ص 342.

(12) غرر الحكم، ص 342.

أحكام الحكومة الإسلامية (226)

[الحديث: 1057] قال الإمام علي: صيّر الدّين حصن دولتك، والشّكر حرز نعمتك، فكلّ دولة يحوطها الدّين لا تغلب وكلّ نعمة يحرزها الشّكر لا تسلب (1).

[الحديث: 1058] قال الإمام علي: ظلم المستسلم أعظم الجرم (2).

[الحديث: 1059] قال الإمام علي: ظلم الضّعيف أفحش الظلم (3).

[الحديث: 1060] قال الإمام علي: قد يعذّر المتحيّر المبهوت (4).

[الحديث: 1061] قال الإمام علي: ظلامة المظلومين يمهلها الله سبحانه ولا يهملها (5).

[الحديث: 1062] قال الإمام علي: قلّما يعود الإدبار إقبالا (6).

[الحديث: 1063] قال الإمام علي: قوّة سلطان الحجّة أعظم من قوّة سلطان القدرة (7).

[الحديث: 1064] قال الإمام علي: كيف يهتدي الضّليل مع غفلة الدّليل؟! (8).

[الحديث: 1065] قال الإمام علي: لكلّ دولة برهة (9).

[الحديث: 1066] قال الإمام علي: لكلّ كبد حرقة حرمة (10).

[الحديث: 1067] قال الإمام علي: لئن آمر الباطل لقديما فعل، لئن قلّ الحقّ لربّما ولعلّ، لقلّما أدبر شيء فأقبل (11).

[الحديث: 1068] قال الإمام علي: لن يتمكّن العدل حتّى يزلّ البخس (12).

__________

(1) غرر الحكم، ص 342.

(2) غرر الحكم، ص 342.

(3) غرر الحكم، ص 342.

(4) غرر الحكم، ص 342.

(5) غرر الحكم، ص 342.

(6) غرر الحكم، ص 342.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

(11) غرر الحكم، ص 342.

(12) غرر الحكم، ص 342.

أحكام الحكومة الإسلامية (227)

[الحديث: 1069] قال الإمام علي: لن يهلك من اقتصد (1).

[الحديث: 1070] قال الإمام علي: من بذل جاهه استحمد (2).

[الحديث: 1071] قال الإمام علي: من أحسن الملكة أمن الهلكة (3).

[الحديث: 1072] قال الإمام علي: من ضعفت آراءه قويت أعداؤه (4).

[الحديث: 1073] قال الإمام علي: من وثق بإحسانك أشفق على سلطانك (5).

[الحديث: 1074] قال الإمام علي: من خاف سوطك تمنّى موتك (6).

[الحديث: 1075] قال الإمام علي: من حمد على الظّلم مكر به (7).

[الحديث: 1076] قال الإمام علي: من شكر على الإساءة سخر به (8).

[الحديث: 1077] قال الإمام علي: من أطاع أمرك أجلّ قدرك (9).

[الحديث: 1078] قال الإمام علي: من أساء إلى رعيّته سرّ حسّاده (10).

[الحديث: 1079] قال الإمام علي: من رفع بلا كفاية وضع بلا جناية (11).

[الحديث: 1080] قال الإمام علي: من أشفق على سلطانه قصّر عن عدوانه (12).

[الحديث: 1081] قال الإمام علي: من لم يستظهر باليقظة لم ينتفع بالحفظة (13).

[الحديث: 1082] قال الإمام علي: من جعل ملكه خادما لدينه انقاد له كلّ سلطان (14).

__________

(1) غرر الحكم، ص 342.

(2) غرر الحكم، ص 342.

(3) غرر الحكم، ص 342.

(4) غرر الحكم، ص 342.

(5) غرر الحكم، ص 342.

(6) غرر الحكم، ص 342.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

(11) غرر الحكم، ص 342.

(12) غرر الحكم، ص 342.

(13) غرر الحكم، ص 342.

(14) غرر الحكم، ص 342.

أحكام الحكومة الإسلامية (228)

[الحديث: 1083] قال الإمام علي: من جعل دينه خادما لملكه طمع فيه كلّ إنسان (1).

[الحديث: 1084] قال الإمام علي: من ربّاه الهوان أبطرته الكرامة (2).

[الحديث: 1085] قال الإمام علي: من لم يحسن في دولته خذل في نكبته (3).

[الحديث: 1086] قال الإمام علي: من حقّ الراعي أن يختار لرعيّته ما يختاره لنفسه (4).

[الحديث: 1087] قال الإمام علي: لا تظلمنّ من لا يجد ناصرا إلّا الله (5).

[الحديث: 1088] قال الإمام علي: لا تبسطنّ يدك على من لا يقدر على دفعها عنه (6).

[الحديث: 1089] قال الإمام علي: لا تحارب من يعتصم بالدّين، فإن مغالب الدّين محروب (7).

[الحديث: 1090] قال الإمام علي: لا تنقضنّ سنّة صالحة عمل بها واجتمعت الألفة لها وصلحت الرعيّة عليها (8).

[الحديث: 1091] قال الإمام علي: لا ينجع تدبير من لا يطاع (9).

[الحديث: 1092] قال الإمام علي: أين العمالقة وأبناء العمالقة (10).

[الحديث: 1093] قال الإمام علي: أين الجبابرة وأبناء الجبابرة (11).

__________

(1) غرر الحكم، ص 342.

(2) غرر الحكم، ص 342.

(3) غرر الحكم، ص 342.

(4) غرر الحكم، ص 342.

(5) غرر الحكم، ص 342.

(6) غرر الحكم، ص 342.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

(11) غرر الحكم، ص 342.

أحكام الحكومة الإسلامية (229)

[الحديث: 1094] قال الإمام علي: أين أهل مدائن الرسّ الّذين قتلوا النّبيّين، وأطفئوا نور المرسلين (1).

[الحديث: 1095] قال الإمام علي: أين الّذين كانوا أحسن آثارا وأعدل أفعالا وأكبر أكثر ملكا (2).

[الحديث: 1096] قال الإمام علي: أين الّذين قالوا من أشدّ منّا قوّة وأعظم جمعا (3).

[الحديث: 1097] قال الإمام علي: أين الّذين عسكروا العساكر ومدّنوا المدائن (4).

[الحديث: 1098] قال الإمام علي: أين الّذين هزموا الجيوش وساروا بالألوف (5).

[الحديث: 1099] قال الإمام علي: أين الّذين شيّدوا الممالك ومهّدوا المسالك وأغاثوا الملهوف وقروا الضيوف (6).

[الحديث: 1100] قال الإمام علي: أين من سعى واجتهد وأعدّ واحتشد (7).

[الحديث: 1101] قال الإمام علي: أين من حصّن وأكّد وزخرف ونجّد (8).

[الحديث: 1102] قال الإمام علي: أين من جمع فأكثر واحتقب واعتقد، ونظر بزعمه للولد (9).

[الحديث: 1103] قال الإمام علي: أين من ادّخر واعتقد وجمع المال على المال فأكثر (10).

__________

(1) غرر الحكم، ص 342.

(2) غرر الحكم، ص 342.

(3) غرر الحكم، ص 342.

(4) غرر الحكم، ص 342.

(5) غرر الحكم، ص 342.

(6) غرر الحكم، ص 342.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

أحكام الحكومة الإسلامية (230)

[الحديث: 1104] قال الإمام علي: أين كسرى وقيصر وتبّع وحمير (1).

[الحديث: 1105] قال الإمام علي: أين من بني وشيّد وفرش ومهّد وجمع وعدّد (2).

[الحديث: 1106] قال الإمام علي: أين من كان منكم أطول أعمارا أو أعظم آثارا (3).

[الحديث: 1107] قال الإمام علي: أين من كان أعدّ عديدا وأكنف جنودا وأعظم آثارا (4).

[الحديث: 1108] قال الإمام علي: أين الملوك والأكاسرة (5).

[الحديث: 1109] قال الإمام علي: أين بنوا الأصفر الأصغر والفراعنة (6).

[الحديث: 1110] قال الإمام علي: أين الّذين استذلّوا الأعداء وملكوا نواصيها (7).

[الحديث: 1111] قال الإمام علي: أين الّذين بلغوا من الدنيا أقاصي الهمم (8).

[الحديث: 1112] قال الإمام علي: أين الّذين دانت لهم الأمم (9).

[الحديث: 1113] قال الإمام علي: أين الّذين ملكوا من الدنيا أقاصيها (10).

[الحديث: 1114] قال الإمام علي: الأعمال تستقيم بالعمّال (11).

[الحديث: 1115] قال الإمام علي: احرس منزلتك عند سلطانك، واحذر أن يحطّك عنها التّهاون عن حفظ ما رقاك إليه (12).

__________

(1) غرر الحكم، ص 342.

(2) غرر الحكم، ص 342.

(3) غرر الحكم، ص 342.

(4) غرر الحكم، ص 342.

(5) غرر الحكم، ص 342.

(6) غرر الحكم، ص 342.

(7) غرر الحكم، ص 342.

(8) غرر الحكم، ص 342.

(9) غرر الحكم، ص 342.

(10) غرر الحكم، ص 342.

(11) غرر الحكم، ص 345

(12) غرر الحكم، ص 345

أحكام الحكومة الإسلامية (231)

[الحديث: 1116] قال الإمام علي: أطع من فوقك يطعك من دونك، وأصلح سريرتك يصلح الله علانيتك (1).

[الحديث: 1117] قال الإمام علي: آفة الأعمال عجز العمّال (2).

[الحديث: 1118] قال الإمام علي: تولّي الأراذل والأحداث الدول دليل انحلالها وإدبارها (3).

[الحديث: 1119] قال الإمام علي: شرّ الولاة من يخافه البريء (4).

[الحديث: 1120] قال الإمام علي: شرّ الوزراء من كان للأشرار وزيرا (5).

[الحديث: 1121] قال الإمام علي: كذب السفير يولّد الفساد، ويفوّت المراد، ويبطل الحزم وينقض العزم (6).

[الحديث: 1122] قال الإمام علي: من خانه وزيره فسد تدبيره (7).

[الحديث: 1123] قال الإمام علي: وزراء السوء أعوان الظلمة وإخوان الأثمة (8).

[الحديث: 1124] قال الإمام علي: طلب السلطان من خداع الشّيطان (9).

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 1125] قال الإمام السجاد: الذنوب التي تعجّل الفناء: قطيعة الرحم، واليمين الفاجرة، والأقوال الكاذبة، والزنا، وسدّ طريق المسلمين، وادّعاء الإمامة بغير حقّ (10).

__________

(1) غرر الحكم، ص 345

(2) غرر الحكم، ص 345

(3) غرر الحكم، ص 345

(4) غرر الحكم، ص 345

(5) غرر الحكم، ص 345

(6) غرر الحكم، ص 345

(7) غرر الحكم، ص 345

(8) غرر الحكم، ص 345

(9) غرر الحكم، ص 345

(10) معاني الأخبار ص 270.

أحكام الحكومة الإسلامية (232)

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 1126] قال الإمام الباقر يوصي بعض أصحابه: ويحك.. لا تطلبنّ الرئاسة، ولا تكن ذئبا، ولا تأكل بنا الناس فيفقرك اللّه، ولا تقل فينا مالا نقول في أنفسنا، فإنّك موقوف ومسؤول لا محالة، فإن كنت صادقا صدّقناك، وإن كنت كاذبا كذّبناك (1).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 1127] قال الإمام الصادق: من تولى أمرا من أمور الناس فعدل وفتح بابه ورفع ستره ونظر في أمور الناس كان حقا على الله عز وجل أن يؤمن روعته يوم القيامة ويدخله الجنّة (2).

[الحديث: 1128] قال الإمام الصادق: من طلب الرئاسة هلك (3).

[الحديث: 1129] قال الإمام الصادق: أترى لا أعرف خياركم من شراركم؟ بلى واللّه، وإنّ شراركم من أحبّ أن يوطأ عقبه، إنّه لا بدّ من كذّاب أو عاجز الرّأي (4).

[الحديث: 1130] قال الإمام الصادق: من فضائل المسلم أن يقال: فلان قارئ لكتاب اللّه عزّ وجلّ، وفلان ذو حظّ من ورع، وفلان يجتهد في عبادته لربّه، فهذه فضائل المسلم، مالكم وللرياسات! إنّما المسلمون رأس واحد، إيّاكم والرجال فإن الرجال للرجال مهلكة (5).

[الحديث: 1131] قال الإمام الصادق: ثلاثة لا يقبل اللّه لهم صلاة: عبد آبق من مواليه حتّى يرجع إليهم فيضع يده في أيديهم، ورجل أمّ قوما وهم له كارهون، وامرأة باتت

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 298.

(2) روضة الواعظين ج 2 ص 465.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 297.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 298.

(5) رجال الكشّي ص 292.

أحكام الحكومة الإسلامية (233)

وزوجها عليها ساخط (1).

[الحديث: 1132] قال الإمام الصادق: أربعة لا تقبل لهم صلاة: الإمام الجائر، والرجل يؤمّ القوم وهم له كارهون، والعبد الآبق من مواليه من غير ضرورة، والمرأة تخرج من بيت زوجها بغير إذنه (2).

[الحديث: 1133] قال الإمام الصادق: إنّ اللّه عزّ وجلّ أوحى إلى نبيّ من أنبيائه في مملكة جبّار من الجبّارين: أن ائت هذا الجبّار فقل له: إنّني لم أستعملك على سفك الدماء واتّخاذ الأموال وإنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين فانّي لم أدع ظلامتهم وإن كانوا كفّارا (3).

[الحديث: 1056] قال الإمام الصادق: إحدى الجهتين من الولاية ولاية ولاة العدل الذين أمر الله بولايتهم على الناس، والجهة الأخرى ولاية ولاة الجور، فوجه الحلال من الولاية ولاية الوالي العادل، وولاية ولاته بجهة ما أمر به الوالي العادل بلا زيادة ولا نقصان، فالولاية له والعمل معه ومعونته وتقويته حلال محلل.. وأما وجه الحرام من الولاية فولاية الوالي الجائر وولاية ولاته، فالعمل لهم والكسب معهم بجهة الولاية لهم حرام محرم معذب فاعل ذلك على قليل من فعله أو كثير، لأن كل شيء من جهة المؤونة له معصية كبيرة من الكبائر، وذلك أن في ولاية الوالي الجائر دروس الحق كله، فلذلك حرم العمل معهم ومعونتهم والكسب معهم إلا بجهة الضرورة، نظير الضرورة إلى الدم والميتة (4).

[الحديث: 1134] كتب بعض الولاة إلى الإمام الصادق يقول: (بسم الله الرحمن

__________

(1) أمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 196.

(2) الخصال ج 1 ص 242.

(3) اصول الكافي ج 2 ص 333.

(4) تحف العقول: 331.

أحكام الحكومة الإسلامية (234)

الرحيم أطال الله تعالى بقاء سيّدي وجعلني من كلّ سوء فداه ولا أراني فيه مكروها فإنّه وليّ ذلك والقادر عليه، واعلم سيّدي ومولاي إنّي بليت بولاية الأهواز فإن رأى سيّدي أن يحدّ لي حدّا أو يمثّل لي مثالا لأستدل به على ما يقربني إلى الله عزّ وجلّ وإلى رسوله، ويلخّص في كتابه ما يرى لي العمل به، وفيما تبدله وابتدله، وأين اضع زكاتي وفيمن اصرفها، وبمن آنس وإلى من أستريح، وبمن أثق وآمن والجأ إليه في سرّي فعسى الله أن يخلّصني بهدايتك ودلالتك فإنّك حجّة الله على خلقه وأمينه في بلاده)

فأجابه الإمام الصادق برسالة طويلة نذكر فيها ما له علاقة بمسؤوليات الحكام وصفاتهم، مقسمين لها إلى أحاديث قصيرة، ليسهل الاستفادة منها، وقد بدأها بقوله: (جاءني رسولك بكتابك فقرأته وفهمت ما فيه وجميع ما ذكرته وسألت عنه وزعمت أنّك بليت بولاية الأهواز فسرّني ذلك وساءني، وسأخبرك بما ساءني من ذلك وما سرّني إن شاء الله تعالى، فأمّا سروري بولايتك فقلت: عسى الله أن يغيث الله بك ملهوفا من أولياء آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ويعزّ بك ذليلهم ويكسو بك عاريهم، ويقوي بك ضعيفهم ويطفئ بك نار المخالفين عنهم، وأمّا ما ساءني من ذلك فإن أدنى ما أخاف عليك أن تعثر بوليّ لنا فلا تشمّ رائحة حظيرة القدس فإنّي ملخّص لك جميع ما سألت عنه إن أنت عملت به ولم تجاوزه رجوت أن تسلم إن شاء الله) (1)

[الحديث: 1135] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: أخبرني أبي عن آبائه عن الإمام علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: من استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه الله لبّه، واعلم أنّي سأشير عليك برأي إن أنت عملت به تخلّصت ممّا أنت متخوّفه،

__________

(1) كشف الريبة ص 96.

أحكام الحكومة الإسلامية (235)

واعلم أنّ خلاصك ونجاتك من حقن الدماء وكفّ الأذى عن أولياء الله، والرفق بالرعيّة، والتأنّي وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف، وشدّة من غير أنف، ومداراة صاحبك ومن يرد عليك من رسله وارتق فتق رعيّتك بأن توقّفهم على ما وافق الحقّ والعدل إن شاء الله تعالى، وإيّاك والسعاة وأهل النمائم فلا يلتزقنّ منهم بك أحدا ولا يراك الله يوما وليلة وأنت تقبل منهم صرفا ولا عدلا فيسخط الله عليك ويهتك سترك (1).

[الحديث: 1136] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: أمّا من تأنس به وتستريح إليه وتلجأ أمورك إليه فذلك الرجل المستبصر الأمين الموافق لك على دينك، وميّز أعوانك، وجرّب الفريقين فإن رأيت هنالك رشدا فشأنك وإيّاه، وإيّاك أن تعطي درهما أو تخلع ثوبا أو تحمل على دابّة في غير ذات الله لشاعر أو مضك أو ممتزح إلّا أعطيت مثله في ذات الله، وليكن جوائزك وعطاياك وخلعك للقواد والرسل والأحفاد وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والأخماس وما أردت أن تصرفه في وجوه البرّ والنّجاح والعتق والصّدقة والحجّ والمشرب والكسوة التي تصلّي فيها، وتصل بها والهدية التي تهديها إلى الله تعالى عزّ وجلّ وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من أطيب كسبك (2).

[الحديث: 1137] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: اجهد أن لا تكنز ذهبا ولا فضّة فتكون من أهل هذه الآية قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: 34] ولا تستصغرنّ من حلوا وفضل طعام تصرفه في بطون خالية يسكن بها غضب الله تبارك تعالى، واعلم أنّي سمعت أبي يحدّث عن آبائه عن الإمام علي إنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأصحابه يوما: ما آمن بالله واليوم

__________

(1) كشف الريبة ص 96.

(2) كشف الريبة ص 96.

أحكام الحكومة الإسلامية (236)

الآخر من بات شبعان وجاره جائع، فقالوا: هلكنا يا رسول الله فقال: من فضل طعامكم ومن فضل تمركم ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفؤون بها غضب الربّ (1).

[الحديث: 1138] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: سأنبّئك بهوان الدنيا وهوان شرفها على ما مضى من السلف والتابعين فقد حدّثني الإمام الباقر قال: لمّا تجهّزّ الإمام الحسين إلى الكوفة أتاه ابن عبّاس فناشده الله والرحم أن يكون هو المقتول بالطفّ فقال: بمصرعي منك وما وكدي من الدنيا إلّا فراقها ألا أخبرك يا بن عبّاس بحديث الإمام علي والدنيا، لقد قال لها: ارجعي واطلبي زوجا غيري.. فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لأحد حتّى لقي الله محمودا غير ملوم ولا مذموم، ثمّ اقتدت به الأئمّة من بعده بما قد بلغكم لم يتلطّخوا بشيء من بوائقها (2).

[الحديث: 1139] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: إيّاك أن تخيف مؤمنا فإن أبي حدّثني عن أبيه عن جدّه عن الإمام علي أنّه كان يقول: من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّه، وحشره الله في صورة الذرّ لحمه وجسده وجميع أعضائه حتّى يورده مورده، وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من أغاث لهفانا من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّه وآمنه يوم الفزع الأكبر، وآمنه من سوء المنقلب ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة إحداها الجنّة، ومن كسا أخاه المؤمن من عرى كساه الله من سندس الجنّة واستبرقها وحريرها ولم يزل يخوض في رضوان الله ما دام على المكسوّ منها سلك، ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه الله من طيّبات الجنّة ومن سقاه من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ريّه، ومن أخدم أخاه

__________

(1) كشف الريبة ص 96.

(2) كشف الريبة ص 96.

أحكام الحكومة الإسلامية (237)

أخدمه الله من الولدان المخلّدين وأسكنه مع أوليائه الطاهرين، ومن حمل أخاه المؤمن رحله حمله الله على ناقة من نوق الجنّة وباهى به على الملائكة المقرّبين يوم القيامة، ومن زوّج أخاه المؤمن امرأة يأنس بها وتشدّ عضده ويستريح إليها زوّجه الله من حور العين وآنسه بمن أحبّ من الصّدّيقين من أهل بيته وإخوانه وآنسهم به، ومن أعان أخاه المؤمن على سلطان جائر أعانه الله على إجازة الصراط عند زلزلة الأقدام، ومن زار أخاه المؤمن إلى منزله لا لحاجة منه إليه كتب من زوّار الله وكان حقيقا على الله أن يكرم زائره (1).

[الحديث: 1140] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: حدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأصحابه يوما: معاشر النّاس إنّه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه فلا تتّبعوا عثرات المؤمنين فإنّه من اتّبع عثرة مؤمن اتّبع الله عثراته يوم القيامة وفضحه في جوف بيته وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي أنّه قال: أخذ الله ميثاق المؤمن أن لا يصدّق في مقالته ولا ينتصف في عدوّه وعلى أن لا يشفي غيظه إلّا بفضيحة نفسه لأنّ كلّ مؤمن ملجم وذلك لغاية قصيرة، وراحة طويلة أخذ الله ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها عليه مؤمن مثله يقول بمقالته فيه ويحسده والشيطان يغويه ويمنعه، والسلطان يقفو أثره ويتبع عثراته، وكافر بالّذي هو مؤمن يرى سفك دمه دينا وإباحة حريمه غنما فما بقاء المؤمن بعد هذا (2).

[الحديث: 1141] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: حدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: نزل جبريل عليه السّلام فقال يا محمّد إنّ الله يقرأ عليك السّلام ويقول اشتققت للمؤمن اسما من أسمائي سمّيته مؤمنا فالمؤمن منّي وأنا منه

__________

(1) كشف الريبة ص 96.

(2) كشف الريبة ص 96.

أحكام الحكومة الإسلامية (238)

من استهان بمؤمن فقد استقبلني بالمحاربة.. وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام عليّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: يوما يا عليّ لا تناظر رجلا حتّى تنظر في سريرته فإن كانت سريرته حسنة فإن الله عزّ وجلّ لم يكن ليخذل وليّه، وإنّ كانت سريرته رديّة فقد يكفيه مساويه؛ فلو جهدت أن تعمل به أكثر ممّا عمله من معاصي الله عزّ وجلّ ما قدرت عليه (1).

[الحديث: 1142] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: حدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: أدنى الكفر أن يسمع الرجل عن أخيه الكلمة ليحفظها عليه يريد أن يفضحه بها أولئك لا خلاق لهم.. وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي أنّه قال: من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت أذناه ما يشينه، ويهدم مروءته فهو من الّذين قال الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19].. وحدّثني أبي عن آبائه عن الإمام علي أنّه قال: من روى عن أخيه المؤمن رواية يريد بها أن يهدم مروءته وثلبه أوبقه الله تعالى بخطيئته حتّى يأتي بمخرج ممّا قال، ولن يأتي بالمخرج منه أبدا، ومن أدخل على أخيه المؤمن سرورا فقد أدخل على أهل البيت سرورا، ومن أدخل على أهل البيت سرورا فقد أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرورا ومن أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرورا فقد سرّ الله ومن سرّ الله فحقيق عليه أن يدخله الجنّة (2).

[الحديث: 1143] كتب الإمام الصادق لبعض الولاة ينصحه: أوصيك بتقوى الله وايثار طاعته والاعتصام بحبله فإنّه من أعتصم بحبل الله فقد هدي إلى صراط مستقيم، فاتّق الله ولا تؤثر أحدا على رضاه وهواه فإنّه وصيّة الله عزّ وجلّ إلى خلقه لا يقبل منهم

__________

(1) كشف الريبة ص 96.

(2) كشف الريبة ص 96.

أحكام الحكومة الإسلامية (239)

غيرها ولا يعظم سواها، واعلم إنّ الخلائق لم يوكّلوا بشيء أعظم من التّقوى فإنّه وصيّتنا أهل البيت فإن استطعت من أن لا تنال من الدنيا شيئا تسأل عنه غدا فافعل (1).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 1144] قال الإمام الكاظم يوصي بعض أصحابه: لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلا فاسألوا الله بقاه، وإن كان جائرا فاسألوا الله إصلاحه، فإن صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم (2).

[الحديث: 1145] قال الإمام الكاظم: لولا أنّي سمعت في خبر عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن طاعة السلطان للتقية واجبة إذا ما أجبت (3).

ثانيا ـ ما ورد من الوصايا والنماذج العملية

نتناول في هذا المبحث ما ورد في كتب وخطب ومقالات الإمام علي في فترة توليه الخلافة، ذلك أنها تحوي الكثير من المعاني النبيلة المتفقة مع ما ورد في القرآن الكريم من صفات الحكام الصالحين.

وقد قسمنا ما ورد عنه في ذلك إلى قسمين:

أولاهما: ما ورد عنه من وصايا وكتب إلى عماله، وقد قسمنا رسائله الطويلة إلى أحاديث قصيرة حتى يمكن الاستفادة منها بسهولة.

ثانيهما: ما ورد من أحاديث تصور فترة توليه للخلافة، وكيف بويع، وكيف كان

__________

(1) كشف الريبة ص 96.

(2) أمالي الصدوق: 277/ 21.

(3) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 76/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (240)

يتعامل فيها مع الرعية والمال ونحوهما.

1 ـ ما ورد في وصايا الإمام علي وكتبه إلى عماله

[الحديث: 1146] كتب الإمام علي إلى محمّد بن أبي بكر حين قلّده مصر: اخفض لهم جناحك، وألن لّهم جانبك، وابسط لهم وجهك، واس بينهم في اللّحظة والنّضرة، حتّى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم، فإن الله تعالى يسائلكم مّعشر عباده عن الصّغيرة من أعمالكم والكبيرة، والظّاهرة والمستورة، فإن يعذّب فأنتم أظلم، وإن يعف فهو أكرم (1).

[الحديث: 1147] كتب الإمام علي إلى بعض عمّاله: أمّا بعد، فإنّك ممن أستظهر به على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الأثيم، وأسدّ به لهاة الثّغر المخوف، فاستعن بالله على ما أهمّك، واخلط الشدّة بضغث من اللّين، وارفق ما كان الرفق أرفق، وأعتزم بالشدّة حين لا يغني عنك إلّا الشّدّة، واخفض للرّعيّة جناحك، وابسط لهم وجهك، وألن لّهم جانبك، واس بينهم في اللّحظة والنظرة والإشارة والتحيّة، حتّى لا يطمع العظماء في حيفك، ولا ييأس الضّعفاء من عدلك، والسّلام (2).

[الحديث: 1148] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اعلم يا مالك أنّي قد وجّهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وأنّ الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم، وإنّما يستدلّ على الصّالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده، فليكن أحبّ الذّخائر إليك ذخيرة العمل الصالح (3).

__________

(1) نهج البلاغة مكتوب 27 ص 886.

(2) نهج البلاغة، مكتوب 46 ص 976.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (241)

[الحديث: 1149] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: املك هواك وشحّ بنفسك عما لا يحل لك فإن الشحّ بالنفس الإنصاف منها فيما أحبّت أو كرهت، وأشعر قلبك الرحمة للرّعيّة، والمحبّة لهم، واللّطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدّين، وإمّا نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزّلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطاء، فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الّذي تحبّ أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنّك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولّاك، وقد استكفاك أمرهم، وابتلاك بهم (1).

[الحديث: 1150] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ولا تنصبنّ نفسك لحرب الله، فإنّه لا يدي لك بنقمته، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته، ولا تندمنّ على عفو، ولا تبجحنّ بعقوبة، ولا تسرعنّ إلى بادرة وجدت منها مندوحة، ولا تقولنّ إنّي مؤمّر آمر فأطاع، فإن ذلك إدغال في القلب، ومنهكة للدّين، وتقرب من الغير (2).

[الحديث: 1151] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة أو مخيلة، فانظر إلى عظم ملك الله فوقك وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نّفسك، فإن ذلك يطامن إليك من طماحك، ويكفّ عنك من غربك، ويفيء إليك بما عزب عنك من عقلك (3).

[الحديث: 1152] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك ومساماة الله في عظمه، والتّشبّه به في جبروته، فإن الله يذلّ كلّ جبّار، ويهين كلّ مختال (4).

[الحديث: 1153] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أنصف الله وأنصف

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (242)

النّاس من نّفسك ومن خاصّة أهلك ومن لك فيه هوى من رّعيّتك، فإنّك إلّا تفعل تظلم! ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجّته، وكان لله حربا حتّى ينزع ويتوب، وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله يسمع دعوة المضطهدين، وهو للظّالمين بالمرصاد (1).

[الحديث: 1154] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن أحبّ الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمّها في العدل، وأجمعها لرضى الرعيّة، فإن سخط العامّة، يجحف برضى الخاصّة، وإنّ سخط الخاصّة يغتفر مع رضى العامّة (2).

[الحديث: 1155] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليس أحد من الرعيّة أثقل على الوالي مؤنة في الرخاء وأقلّ معونة لّه في البلاء، وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف، وأقلّ شكرا عند الإعطاء، وأبطأ عذرا عند المنع، وأضعف صبرا عند ملمّات الدّهر من أهل الخاصة (3).

[الحديث: 1156] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّما عمود الدّين وجماع المسلمين، والعدّة للأعداء العامّة من الأمّة، فليكن صغوك لهم، وميلك معهم (4).

[الحديث: 1157] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: وليكن أبعد رعيّتك منك وأشنؤهم عندك أطلبهم لمعايب النّاس، فإن في الناس عيوبا الوالي أحقّ من سترها، فلا تكشفنّ عمّا غاب عنك منها، فإنّما عليك تطهير ما ظهر لك، والله يحكم على ما غاب عنك، فاستر العورة ما استطعت، يستر الله منك ما تحبّ ستره عن رعيّتك (5).

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

(5) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (243)

[الحديث: 1158] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أطلق عن الناس عقدة كلّ حقد، واقطع عنك سبب كلّ وتر، وتغاب عن كلّ ما لا يصحّ لك، ولا تعجلنّ إلى تصديق ساع، فإن الساعي غاش وإن تشبّه بالناصحين (1).

[الحديث: 1159] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل، ويعدك الفقر، ولا جبانا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزيّن لك الشّره بالجور، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظّنّ بالله! (2).

[الحديث: 1160] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا، ومن شركهم في الآثام فلا يكوننّ لك بطانة، فإنّهم أعوان الأثمة، وإخوان الظّلمة، وأنت واجد منهم خير الخلف ممّن لّه مثل آرائهم ونفاذهم، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم ممّن لّم يعاون ظالما على ظلمه ولا آثما على إثمه: أولئك أخفّ عليك مؤونة، وأحسن لك معونة، وأحنى عليك عطفا، وأقلّ لغيرك إلفا، فاتّخذ أولئك خاصّة لخلواتك وحفلاتك (3).

[الحديث: 1161] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن آثرهم عندك أقولهم بمرّ الحقّ لك، وأقلّهم مساعدة فيما يكون منك ممّا كره الله لأوليائه، واقعا ذلك من هواك حيث وقع (4).

[الحديث: 1162] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الصق بأهل الورع والصّدق، ثمّ رضهم على أن لا يطروك ولا يبجّحوك بباطل لم تفعله، فإن كثرة الاطراء

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (244)

تحدث الزهو وتدني من العزّة (1).

[الحديث: 1163] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا يكوننّ المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان، وتدريبا لأهل الإساءة على الإساءة، والزم كلّا منهم ما ألزم نفسه (2).

[الحديث: 1164] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اعلم أنه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظنّ وال برعيّته من إحسانه إليهم، وتخفيفه المؤونات عليهم، وترك استكراهه إيّاهم على ما ليس له قبلهم، فليكن منك في ذلك أمر يّجتمع لك به حسن الظّنّ برعيّتك، فإن حسن الظّنّ يقطع عنك نصبا طويلا (3).

[الحديث: 1165] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ أحقّ من حسن ظنّك به لمن حسن بلاؤك عنده، وإنّ أحقّ من ساء ظنّك به لمن ساء بلاؤك عنده (4).

[الحديث: 1166] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تنقض سنّة صالحة عمل بها صدور هذه الأمّة، واجتمعت بها الألفة، وصلحت عليها الرعيّة، ولا تحدثنّ سنّة تضرّ بشيء من ماضي تلك السّنن فيكون الأجر لمن سنّها، والوزر عليك بما نقضت منها (5).

[الحديث: 1167] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أكثر مدارسة العلماء، ومنافثة الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به النّاس قبلك (6).

[الحديث: 1168] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اعلم أنّ الرعيّة

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

(5) نهج البلاغة، ص 988.

(6) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (245)

طبقات لا يصلح بعضها إلّا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض: فمنها جنود الله، ومنها كتّاب العامّة والخاصّة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمّال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذّمّة ومسلمة الناس، ومنها التّجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة، وكلّ قد سمى الله له سهمه، ووضع على حدّه وفريضته في كتابه أو سنّة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم عهدا منه عندنا محفوظا (1).

[الحديث: 1169] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الجنود بإذن الله حصون الرعيّة، وزين الولاة، وعزّ الدّين، وسبل الأمن، وليس تقوم الرعيّة إلّا بهم، ثمّ لا قوام للجنود إلّا بما يخرج الله لهم من الخراج الّذي يقوون به على جهاد عدوّهم، ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ويكون من وراء حاجتهم، ثمّ لا قوام لهذين الصّنفين إلّا بالصّنف الثالث من القضاة والعمّال والكتّاب، لما يحكمون من المعاقد، ويجمعون من المنافع، ويؤتمنون عليه من خواصّ الأمور وعوامّها، ولا قوام لهم جميعا إلّا بالتجّار وذوي الصّناعات فيما يجتمعون عليه من مرافقهم، ويقيمونه من أسواقهم، ويكفونهم مّن التّرفّق بأيديهم ممّا لا يبلغه رفق غيرهم، ثمّ الطبقة السّفلى من أهل الحاجة والمسكنة الّذين يحقّ رفدهم ومعونتهم، وفي الله لكلّ سعة، ولكلّ على الوالي حقّ يقدر ما يصلحه، وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله من ذلك إلّا بالاهتمام والاستعانة بالله، وتوطين نفسه على لزوم الحقّ، والصّبر عليه فيما خفّ عليه أو ثقل (2).

[الحديث: 1170] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ولّ من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك، وأنقاهم جيبا، وأفضلهم حلما، ممّن يبطئ عن

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (246)

الغضب، ويستريح إلى العذر، ويرأف بالضعفاء، وينبو على الأقوياء، وممّن لّا يثيره العنف، ولا يقعد به الضعف (1).

[الحديث: 1171] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الصق بذوي الأحساب، وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة، ثمّ أهل النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة، فإنّهم جماع من الكرم، وشعب من العرف، ثمّ تفقّد من أمورهم ما يتفقّد الوالدان من وّلدهما، ولا يتفاقمنّ في نفسك شيء قوّيتهم به، ولا تحقرنّ لطفا تعاهدتهم به وإن قلّ، فإنّه داعية لّهم إلى بذل النّصيحة لك، وحسن الظّنّ بك (2).

[الحديث: 1172] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تدع تفقّد لطيف أمورهم اتّكالا على جسيمها، فإن لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به، وللجسيم موقعا لا يستغنون عنه (3).

[الحديث: 1173] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن آثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته، وأفضل عليهم من جدته، بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم، حتّى يكون همّهم همّا واحدا في جهاد العدوّ، فإن عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك (4).

[الحديث: 1174] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، وظهور مودّة الرعيّة، وإنّه لا تظهر مودّتهم إلّا بسلامة صدورهم، ولا تصحّ نصيحتهم إلّا بحيطتهم على ولاة أمورهم، وقلّة استثقال دولهم،

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (247)

وترك استبطاء انقطاع مدّتهم (1).

[الحديث: 1175] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أفسح في آمالهم، وواصل في حسن الثناء عليهم وتعديد ما أبلى ذو والبلاء منهم، فإن كثرة الذّكر لحسن أفعالهم تهزّ الشّجاع، وتحرّض النّاكل، إن شاء الله تعالى (2).

[الحديث: 1176] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اعرف لكلّ امرئ مّنهم ما أبلى، ولا تضيفنّ بلاء امرئ إلى غيره ولا تقصّرنّ به دون غاية بلائه، ولا يدعونّك شرف امرئ إلى أن تعظّم من بلائه ما كان صغيرا، ولا ضعة امرئ إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيما (3).

[الحديث: 1177] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله سبحانه لقوم أحبّ إرشادهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]، فالرّدّ إلى الله: الأخذ بمحكم كتابه، والردّ إلى الرسول: الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرقة (4).

[الحديث: 1178] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اختر للحكم بين الناس أفضل رعيّتك في نفسك ممّن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزّلّة، ولا يحصر من الفيء إلى الحقّ إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشّبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلّهم تبرّما بمراجعة الخصم،

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (248)

وأصبرهم على تكشّف الأمور، وأصرمهم عند اتّضاح الحكم، ممّن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل، ثمّ أكثر تعاهد قضائه، وأفسح له في البذل ما يزيل علّته، وتقلّ معه حاجته، إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصّتك، ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك، فانظر في ذلك نظرا بليغا، فإن هذا الدّين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار: يعمل فيه بالهوى، وتطلب به الدنيا (1).

[الحديث: 1179] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: انظر في أمور عمّالك فاستعملهم اختبارا، ولا تولّهم محاباة وأثرة، فإنّهما جماع من شعب الجور والخيانة، وتوخّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصّالحة، والقدم في الإسلام المتقدّمة، فإنّهم أكرم أخلاقا، وأصحّ أعراضا، وأقلّ في المطامع إشرافا، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا، ثمّ أسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوّة لّهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لّهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجّة عليهم إن خالفوا أمرك، أو ثلموا أمانتك، ثمّ تفقّد أعمالهم، وابعث العيون من أهل الصّدق والوفاء عليهم، فإن تعاهدك في السّرّ لأمورهم حدوة لّهم على استعمال الأمانة، والرفق بالرعيّة (2).

[الحديث: 1180] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: تحفّظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهدا، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله، ثمّ نصبته بمقام المذلّة، ووسمته بالخيانة، وقلّدته عار التهمة (3).

[الحديث: 1181] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: تفقّد أمر الخراج بما

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (249)

يصلح أهله، فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحا لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلّا بهم، لأنّ الناس كلّهم عيال على الخراج وأهله (1).

[الحديث: 1182] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأنّ ذلك لا يدرك إلّا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلّا قليلا، فإن شكوا ثقلا أو علّة أو انقطاع شرب أو بآلّة أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش خفّفت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم، ولا يثقلنّ عليك شيء خفّفت به المؤونة عنهم، فإنّه، ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك، وتزيين ولايتك، مع استجلابك حسن ثنائهم، وتبجّحك باستفاضة العدل فيهم، معتمدا فضل قوّتهم بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم، والثّقة منهم بما عوّدتهم مّن عدلك عليهم ورفقك بهم، فربّما حدث من الأمور ما إذا عوّلت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به، فإن العمران محتمل ما حملته، وإنّما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، وإنّما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع، وسوء ظنّهم بالبقاء، وقلّة انتفاعهم بالعبر (2).

[الحديث: 1183] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: انظر في حال كتّابك فولّ على أمورك خيرهم، واخصص رسائلك التي تدخل فيها مكائدك وأسرارك بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق ممّن لا تبطره الكرامة فيجترئ بها عليك في خلاف لك بحضرة ملأ، ولا تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات عمّالك عليك، وإصدار جواباتها على الصواب عنك، وفيما يأخذ لك ويعطي منك، ولا يضعف عقدا اعتقده لك، ولا يعجز عن إطلاق

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (250)

ما عقد عليك، ولا يجهل مبلغ قدر نفسه في الأمور، فإن الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل، ثمّ لا يكن اختيارك إيّاهم على فراستك واستنامتك وحسن الظّنّ منك، فإن الرجال يتعرّفون لفراسات الولاة بتصنّعهم وحسن خدمتهم وليس وراء ذلك من النّصيحة والأمانة شيء، ولكن اختبرهم بما ولّوا للصالحين قبلك، فاعمد لأحسنهم كان في العامّة أثرا، وأعرفهم بالأمانة وجها، فإن ذلك دليل على نصيحتك لله ولمن ولّيت أمره، واجعل لرأس كلّ أمر من أمورك رأسا منهم لا يقهره كبيرها، ولا يتشتّت عليه كثيرها، ومهما كان في كتّابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته (1).

[الحديث: 1184] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: استوص بالتجار وذوي الصّناعات وأوص بهم خيرا، المقيم منهم والمضطرب بماله، والمترفّق ببدنه، فإنّهم مّوادّ المنافع، وأسباب المرافق، وجلّابها من المباعد والمطارح في برّك وبحرك، وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها، ولا يجترئون عليها، فإنّهم سلم لا تخاف بائقته، وصلح لا تخشى غائلته، وتفقّد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك، واعلم، مع ذلك، أنّ في كثير منهم ضيقا فاحشا، وشحّا قبيحا، واحتكارا للمنافع، وتحكّما في البياعات، وذلك باب مضرّة للعامّة، وعيب على الولاة (2).

[الحديث: 1185] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: امنع من الاحتكار، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منع منه، وليكن البيع بيعا سمحا: بموازين عدل، وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع، فمن قارف حكرة بعد نهيك إيّاه فنكّل به، وعاقبه في غير إسراف (3).

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (251)

[الحديث: 1186] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الله الله في الطبقة السّفلى من الّذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين وأهل البؤسى والزّمنى، فإن في هذه الطبقة قانعا ومعترّا، واحفظ لله ما استحفظك من حقّه فيهم، واجعل لّهم قسما مّن بيت مالك، وقسما من غلّات صوافي الإسلام في كلّ بلد، فإن للأقصى منهم مثل الّذي للأدنى، وكلّ قد استرعيت حقّه، فلا يشغلنّك عنهم بطر، فإنّك لا تعذر بتضييع التافه لإحكامك الكثير المهمّ، فلا تشخص همّك عنهم، ولا تصعّر خدّك لهم، وتفقّد أمور من لا يصل إليك منهم ممّن تقتحمه العيون، وتحقره الرجال، ففرّغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتّواضع، فليرفع إليك أمورهم، ثمّ اعمل فيهم بالإعذار إلى الله يوم تلقاه، فإن هؤلاء من بين الرعيّة أحوج إلى الإنصاف من غيرهم، وكلّ فأعذر إلى الله في تأدية حقّه إليه (1).

[الحديث: 1187] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: تعهّد أهل اليتم وذوي الرقّة في السّنّ ممّن لا حيلة له، ولا ينصب للمسألة نفسه وذلك على الولاة ثقيل، والحقّ كلّه ثقيل وقد يخفّفه الله على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم، ووثقوا بصدق موعود الله لهم (2).

[الحديث: 1188] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: اجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرّغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم مجلسا عامّا فتتواضع فيه لله الّذي خلقك، وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك حتّى يكلّمك متكلّمهم غير متتعتع، فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في غير موطن: لن تقدّس أمّة لا يؤخذ للضّعيف فيها حقّه، من القويّ غير متتعتع، واحتمل الخرق منهم والعيّ، ونحّ عنهم الضّيق والأنف،

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (252)

يبسط الله عليك بذلك أكناف رحمته، ويوجب لك ثواب طاعته، وأعط ما أعطيت هنيئا، وامنع في إجمال وإعذار (1).

[الحديث: 1189] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ثَمّ أمور من أمورك لا بدّ لك من مباشرتها: منها إجابة عمّالك بما يعيا عنه كتّابك، ومنها إصدار حاجات النّاس عند ورودها عليك بما تحرج به صدور أعوانك (2).

[الحديث: 1190] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: أمض لكلّ يوم عمله، فإن لكلّ يوم ما فيه، واجعل لنفسك فيما بينك وبين الله أفضل تلك المواقيت، وأجزل تلك الأقسام وإن كانت كلّها لله إذا صلحت فيها النيّة، وسلمت منها الرعيّة (3).

[الحديث: 1191] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ليكن في خاصّة ما تلخص لله به دينك إقامة فرائضه التي هي له خاصّة، فأعط الله من بدنك في ليلك ونهارك، ووفّ ما تقرّبت به إلى الله من ذلك كاملا غير مثلوم ولا منقوص، بالغا من بدنك ما بلغ (4).

[الحديث: 1192] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إذا قمت في صلاتك للناس فلا تكوننّ منفّرا ولا مضيّعا، فإن في الناس من به العلّة وله الحاجة، وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين وجّهني إلى اليمن كيف أصلّي بهم؟ فقال: صلّ بهم كصلاة أضعفهم، وكن بالمؤمنين رحيما (5).

[الحديث: 1193] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تطوّلنّ احتجابك

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

(5) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (253)

عن رعيّتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعيّة شعبة من الضّيق، وقلّة علم بالأمور، والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير، ويعظم الصّغير، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، ويشاب الحقّ بالباطل، وإنّما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه النّاس به من الأمور، وليست على الحقّ سمات تعرف بها ضروب الصّدق من الكذب (1).

[الحديث: 1194] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّما أنت أحد رجلين: إمّا امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحقّ ففيم احتجابك من وّاجب حقّ تعطيه، أو فعل كريم تسديه؟ أو مبتلى بالمنع فما أسرع كفّ النّاس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك، مع أنّ أكثر حاجات النّاس إليك ممّا لا مؤونة فيه عليك: من شكاة مظلمة أو طلب إنصاف في معاملة (2).

[الحديث: 1195] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ للوالي خاصّة وبطانة فيهم استئثار وتطاول وقلّة إنصاف في معاملة، فاحسم مادّة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال (3).

[الحديث: 1196] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تقطعنّ لأحد من حاشيتك وحامّتك قطيعة، ولا يطمعنّ منك في اعتقاد عقدة تضرّ بمن يليها من النّاس في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونته على غيرهم، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك، وعيبه عليك في الدنيا والآخرة (4).

[الحديث: 1197] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: ألزم الحقّ من لزمه

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (254)

من القريب والبعيد، وكن في ذلك صابرا محتسبا، واقعا ذلك من قرابتك وخاصّتك حيث وقع، وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه، فإن مغبّة ذلك محمودة (1).

[الحديث: 1198] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إن ظنّت الرعيّة بك حيفا فأصحر لهم بعذرك، واعدل عنك ظنونهم بإصحارك، فإن في ذلك رياضة مّنك لنفسك، ورفقا برعيّتك، وإعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحقّ (2).

[الحديث: 1199] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تدفعنّ صلحا دعاك إليه عدوّك لله فيه رضى، فإن في الصلح دعة لجنودك، وراحة مّن همومك، وأمنا لبلادك، ولكن الحذر كلّ الحذر من عدوّك بعد صلحه، فإن العدوّ ربّما قارب ليتغفّل، فخذ بالحزم، واتّهم في ذلك حسن الظنّ (3).

[الحديث: 1200] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إن عقدت بينك وبين عدوّ لك عقدة أو ألبسته منك ذمّة فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمّتك بالأمانة، واجعل نفسك جنّة دون ما أعطيت، فإنّه ليس من فرائض الله شيء النّاس أشدّ عليه اجتماعا مع تفرّق أهوائهم وتشتّت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر (4).

[الحديث: 1201] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تغدرنّ بذمّتك، ولا تخيسنّ بعهدك، ولا تختلنّ عدوّك، فإنّه لا يجترى ء على الله إلّا جاهل شقيّ، وقد جعل الله عهده وذمّته أمنا أفضاه بين العباد برحمته، وحريما يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (255)

جواره، فلا إدغال ولا مد السة ولا خداع فيه (1).

[الحديث: 1202] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا تعقد عقدا تجوّز فيه العلل، ولا تعوّلنّ على لحن قول بعد التّأكيد والتّوثقة (2).

[الحديث: 1203] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: لا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى طلب انفساخه بغير الحقّ، فإن صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته، وأن تحيط بك من الله فيه طلبة لا تستقيل فيها دنياك ولا آخرتك (3).

[الحديث: 1204] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والدّماء وسفكها بغير حلّها، فإنّه ليس شيء أدعي لنقمة، ولا أعظم لتبعة، ولا أحرى بزوال نعمة، وانقطاع مدّة، من سفك الدماء بغير حقّها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدّماء يوم القيمة، فلا تقوّينّ سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك ممّا يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله، ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد، لأنّ فيه قود البدن (4).

[الحديث: 1205] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إن ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة، فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة، فلا تطمحنّ بك نخوة سلطانك عن أن تؤدّي إلى أولياء المقتول حقّهم (5).

[الحديث: 1206] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والإعجاب بنفسك، والثّقة بما يعجبك منها، وحبّ الإطراء، فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

(5) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (256)

ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين (1).

[الحديث: 1207] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والمنّ على رعيّتك بإحسانك، أو التّزيّد فيما كان من فعلك، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك، فإن المنّ يبطل الإحسان، والتّزيّد يذهب بنور الحقّ، والخلف يوجب المقت عند الله والنّاس، قال الله تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 3] (2).

[الحديث: 1208] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والعجلة بالأمور قبل أوانها، أو التّساقط فيها عند إمكانها، أو اللجاجة فيها إذا تنكّرت، أو الوهن عنها إذا استوضحت فضع كلّ أمر موضعه، وأوقع كلّ عمل موقعه (3).

[الحديث: 1209] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إيّاك والاستئثار بما النّاس فيه أسوة، والتغابي عمّا تعنى به ممّا قد وضح للعيون، فإنه مأخوذ منك لغيرك، وعمّا قليل تنكشف عنك أغطية الأمور، وينتصف منك للمظلوم (4).

[الحديث: 1210] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: املك حميّة أنفك، وسورة حدّك، وسطوة يدك، وغرب لسانك، واحترس من كلّ ذلك بكفّ البادرة، وتأخير السطوة، حتّى يسكن غضبك فتملك الاختيار، ولن تحكم ذلك من نفسك حتّى تكثر همومك بذكر المعاد إلى ربّك (5).

[الحديث: 1211] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: الواجب عليك أن تتذكّر ما مضى لمن تقدّمك من حكومة عادلة، أو سنّة فاضلة، أو أثر عن نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم أو فريضة

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

(3) نهج البلاغة، ص 988.

(4) نهج البلاغة، ص 988.

(5) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (257)

في كتاب الله، فتقتدي بما شاهدت ممّا عملنا به فيها، وتجتهد لنفسك في اتّباع ما عهدت إليك في عهدي هذا، واستوثقت به من الحجّة لنفسي عليك لكيلا تكون لك علّة عند تسرّع نفسك إلى هواها، فلن يّعصم من السّوء ولا يوفّق للخير إلّا الله تعالى (1).

[الحديث: 1212] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: كان فيما عهد إليّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصاياه تحضيض على الصلاة والزّكاة وما ملكته أيمانكم، فبذلك أختم لك بما عهدت، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، وأنا أسأل الله بسعة رحمته، وعظيم قدرته على إعطاء كلّ رغبة أن يوفّقني وإيّاك لما فيه رضاه من الإقامة على العذر الواضح إليه وإلى خلقه، مع حسن الثناء في العباد، وجميل الأثر في البلاد، وتمام النعمة، وتضعيف الكرامة، وأنّ يختم لي ولك بالسّعادة والشّهادة، إنّا إليه راجعون (2).

[الحديث: 1213] كتب الإمام علي إلى أمراء الخراج: إنّه من لم يحذر ما هو صائر إليه لم يقدّم لنفسه ولم يحرزها، ومن اتّبع هواه وانقاد له على ما يعرف نفع عاقبته عما قليل ليصبحنّ من النادمين، ألا وإن أسعد الناس في الدنيا من عدل عما يعرف ضره، وإن أشقاهم من اتبع هواه، فاعتبروا واعلموا أنّ لكم ما قدمتم من خير، وما سوى ذلك وددتم لو أنّ بينكم وبينه ﴿أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: 30] وإن عليكم ما فرّطتم فيه، وإن الّذي طلبتم ليسير، وإن ثوابه لكبير، ولو لم يكن فيما نهي عنه من الظّلم والعدوان عقاب يخاف، كان في ثوابه ما لا عذر لأحد بترك طلبته فارحموا ترحموا، ولا تعذّبوا خلق الله ولا تكلّفوهم فوق طاقتهم، وأنصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا لحوائجهم فإنكم خزّان الرعيّة، لا تتخذنّ حجّابا، ولا تحجبنّ أحدا عن حاجته حتى ينهيها

__________

(1) نهج البلاغة، ص 988.

(2) نهج البلاغة، ص 988.

أحكام الحكومة الإسلامية (258)

إليكم.. ولا تأخذوا أحدا بأحد إلّا كفيلا عمن كفل عنه، واصبروا أنفسكم على ما فيه الاغتباط، وإياكم وتأخير العمل ودفع الخير؛ فإن في ذلك الندم. والسّلام (1).

[الحديث: 1214] كتب الإمام علي إلى أمراء الجنود: إن حقّ الوالي ألّا يغيّره على رعيّته أمر ناله ولا أمر خصّ به، وأن يزيده ما قسم الله له دنوّا من عباده وعطفا عليهم، ألا وإنّ لكم عندي ألّا أحتجز دونكم سرّا إلّا في حرب، ولا أطوي عنكم أمرا إلّا في حكم، ولا أؤخّر حقّا لكم عن محلّه، ولا أرزأكم شيئا، وأن تكونوا عندي في الحقّ سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت عليكم النصيحة والطاعة.. فلا تنكصوا عن دعوتي، ولا تفرّطوا في صلاح دينكم من دنياكم، وأن تنفذوا لما هو لله طاعة، ولمعيشتكم صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحقّ ولا يأخذكم في الله لومة لائم؛ فإن أبيتم أن تستقيموا لي على ذلك لم يكن أحد أهون عليّ ممّن فعل ذلك منكم، ثمّ أعاقبه عقوبة لا يجد عندي فيها هوادة، فخذوا هذا من أمرائكم، وأعطوهم من أنفسكم، يصلح الله أمركم. والسّلام (2).

[الحديث: 1215] كتب الإمام علي إلى أمراء الجنود: إني أبرأ إليكم وإلى أهل الذمة من معرة الجيش، إلّا من جوعة إلى شبعة، ومن فقر إلى غنى، أو عمي إلى هدى؛ فإن ذلك عليهم؛ فاعزلوا الناس عن الظّلم والعدوان، وخذوا على أيدي سفهائكم، واحترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنّا فيردّ علينا وعليكم دعاءنا، فإن الله تعالى يقول: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾ [الفرقان: 77] فإن الله إذا مقت قوما من السماء هلكوا في الأرض، فلا تألوا أنفسكم خيرا، ولا الجند حسن سيرة، ولا الرعيّة معونة، ولا دين الله قوّة، وأبلوا في سبيله ما استوجب عليكم، فإن الله قد اصطنع

__________

(1) كتاب صفّين ص 108.

(2) كتاب صفّين ص 107.

أحكام الحكومة الإسلامية (259)

عندنا وعندكم ما يجب علينا أن نشكره بجهدنا، وأن ننصره ما بلغت قوتنا، ولا قوّة إلّا بالله (1).

[الحديث: 1216] كتب الإمام علي إلى أصحاب المسالح (2):إنّ حقّا على الوالي ألّا يغيّره على رعيّته فضل ناله، ولا طول خصّ به، وأن يزيده ما قسم الله له من نعمه دنوّا من عباده، وعطفا على إخوانه، ألا وإنّ لكم عندي ألّا أحتجز دونكم سرّا إلّا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلّا في حكم، ولا أؤخّر لكم حقّا عن محله، ولا أقف به دون مقطعه، وأن تكونوا عندي في الحقّ سواء، فإذا فعلت ذلك وجبت لله عليكم النّعمة، ولي عليكم الطّاعة؛ وألّا تنكصوا عن دعوة، ولا تفرّطوا في صلاح، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحقّ، فإن أنتم لم تستقيموا لي على ذلك لم يكن أحد أهون عليّ ممّن اعوجّ منكم، ثمّ أعظم له العقوبة، ولا يجد عندي فيها رخصة، فخذوا هذا من أمرائكم، واعطوهم من أنفسكم ما يصلح الله به أمركم. والسّلام (3).

[الحديث: 1217] قال الإمام علي يوصي عماله على الصدقات: انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، ولا تروّعنّ مسلما، ولا تجتازنّ عليه كارها، ولا تأخذنّ منه أكثر من حقّ الله في ماله، فإذا قدمت على الحيّ فانزل بمائهم، من غير أن تخالط أبياتهم، ثمّ امض إليهم بالسكينة والوقار حتّى تقوم بينهم فتسلّم عليهم، ولا تخدج بالتحيّة لهم ثمّ تقول: عباد الله، أرسلني إليكم وليّ الله وخليفته لآخذ منكم حقّ الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حقّ فتؤدّوه إلى وليّه؟ فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه وإن أنعم لك منعم فانطلق

__________

(1) كتاب صفّين ص 125.

(2) المسالح: جمع مسلحة: كل موضع مخافة، يقف فيه الجند بالسلاح للمراقبة والمحافظة.

(3) نهج البلاغة مكتوب 50.

أحكام الحكومة الإسلامية (260)

معه من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه، فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضّة، فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلّا بإذنه، فإن أكثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلّط عليه، ولا عنيف به، ولا تنفرنّ بهيمة ولا تفزعنها، ولا تسوءنّ صاحبها فيها، واصدع المال صدعين، ثمّ خيره: فإذا اختار فلا تعرضنّ لما اختاره، فلا تزال كذلك حتّى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله، فاقبض حقّ الله منه، فإن استقالك فأقله، ثمّ اخلطهما، ثمّ اصنع مثل الّذي صنعت أوّلا حتّى تأخذ حقّ الله في ماله، ولا تأخذنّ عودا، ولا هرمة، ولا مكسورة، ولا مهلوسة، ولا ذات عوار، ولا تأمننّ عليها إلّا من تثق بدينه رافقا بمال المسلمين حتّى يوصّله إلى وليّهم فيقسمه بينهم، ولا توكل بها إلّا ناصحا شفيقا وأمينا حفيظا، غير معنف ولا مجحف ولا ملغب ولا متعب، ثمّ احدر إلينا ما اجتمع عندك، نصيره حيث أمر الله، فإذا أخذها أمينك فأوعز إليه أن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها، ولا يمصر لبنها فيضرّ ذلك بولدها، ولا يجهدنّها ركوبا، وليعدل بين صواحباتها في ذلك وبينها، وليرفه على اللّاغب وليستأن بالنّقب والظّالع، وليوردها ما تمرّ به من الغدر، ولا يعدل بها عن نبت الأرض إلى جوادّ الطّرق، وليروحها في الساعات، وليمهلها عند النطاف والأعشاب حتّى تأتينا ـ بإذن الله ـ بدّنا منقيات، غير متعبات ولا مجهودات لنقسمها على كتاب الله وسنّة نبيّة، صلى الله عليه وآله وسلم، فإن ذلك أعظم لأجرك، وأقرب لرشدك، إن شاء الله (1).

[الحديث: 1218] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ الوالي إذا اختلف هواه منعه ذلك كثيرا من العدل، فليكن أمر الناس عندك في الحقّ سواء؛ فإنّه ليس في الجور عوض من العدل، فاجتنب ما تنكر أمثاله، وابتذل نفسك فيما افترض الله عليك، راجيا

__________

(1) نهج البلاغة، ص 879.

أحكام الحكومة الإسلامية (261)

ثوابه، ومتخوّفا عقابه (1).

[الحديث: 1219] كتب الإمام علي يوصي بعض عماله يقول: إنّ عملك ليس لك بطعمة، ولكنّه في عنقك أمانة وأنت مسترعى لمن فوقك.. ليس لك أن تفتات في رعيّة، ولا تخاطر إلّا بوثيقة، وفي يديك مال من مال الله عزّ وجلّ، وأنت من خزّانه، حتّى تسلّمه إليّ، ولعلّي أن لّا أكون شرّ ولاتك لك، والسّلام (2).

2 ـ ما ورد في النموذج العملي لفترة حكم الإمام علي

[الحديث: 1220] قال الإمام علي يصف كيف اجتمع الناس على مبايعته: (فما راعني إلا والناس إلي كعرف الضبع، ينثالون علي من كل جانب، حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم.. فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين﴾ [القصص:83].. بلى! والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها! أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز) (3)

[الحديث: 1221] قال الإمام علي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للعباس وأبي سفيان عندما طلبا مبايعته للخلافة: (أيها الناس، شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فأراح، ماء آجن،

__________

(1) نهج البلاغة، مكتوب 59.

(2) نهج البلاغة، مكتوب 5 ص 839.

(3) نهج البلاغة، خطبه 3 ص 48.

أحكام الحكومة الإسلامية (262)

ولقمة يغص بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه، فإن أقل يقولوا: حرص على الملك، وإن أسكت يقولوا: جزع من الموت! هيهات بعد اللتيا والتي، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة!) (1)

[الحديث: 1222] قال الإمام علي: الواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين، بعدما يموت إمامهم، أو يقتل ضالّا أو مهديا، أن لا يعملوا عملا، ولا يقدموا يدا ولا رجلا قبل أن يختاروا لأنفسهم إماما عفيفا، عالما، ورعا، عارفا بالقضاء والسّنّة يجبي فيئهم ويقيم حجمهم، وجمعهم، ويجبي صدقاتهم (2).

[الحديث: 1223] قال الإمام علي بعد مقتل عثمان لمن طلب مبايعته: دعوني والتمسوا غيري، فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب، ولا تثبت عليه العقول وإن الآفاق قد أغامت، والحجّة قد تنكّرت، واعلموا أنّي إن أجبتكم، ركبت بكم ما أعلم (أي طبقت فيكم الحق بلا تمييز) ولم أصغ إلى قول القائل، وعتب العاتب، وإن تركتموني، فأنا كأحدكم، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم، وأنا لكم وزيرا خير لكم منّي أميرا (3).

[الحديث: 1224] قال الإمام علي: والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها، فلما أفضت إليّ نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا، وأمرنا بالحكم به فاتّبعته، وما استنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاقتديته (4).

[الحديث: 1225] قال محمد بن الحنفية: كنت مع أبي حين قتل عثمان، فقام فدخل

__________

(1) نهج البلاغة: خطبة 5 ص 52.

(2) كتاب سليم بن قيس: ص 182.

(3) الكامل: ج 3، ص 193.

(4) نهج البلاغة: الخطب، ص 205.

أحكام الحكومة الإسلامية (263)

منزله، وأغلق بابه، فأتاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل، ولا بد للناس من إمام، ولا نجد (أو لا نعلم) اليوم أحداً أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقةً، ولا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لا تفعلوا، فإني أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً.. فقالوا: والله، لا نعلم أحق بها منك.. لا والله، ما نحن بفاعلين حتى نبايعك.. قال: ففي المسجد، فإن بيعتي لا تكون خفياً، ولا تكون إلا عن رضا المسلمين.. فمن شاء أن يبايعني بايعني.. قال: فخرج إلى المسجد فبايعه الناس (1).

[الحديث: 1226] قال عبد الله بن عباس يصف يوم مبايعة الإمام علي: لقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يشغب عليه؛ وأبى هو إلا المسجد، فلما دخل دخل المهاجرون والأنصار فبايعوه، ثم بايعه الناس (2).

[الحديث: 1227] قال أبو بشير العابدي: كنت بالمدينة حين قتل عثمان، واجتمع المهاجرون والأنصار، فيهم طلحة والزبير، فأتوا علياً فقالوا: يا أبا الحسن؛ هلم نبايعك.. فقال: لا حاجة لي في أمركم، أنا معكم فمن اخترتم فقد رضيت به، فاختاروا.. فقالوا: والله ما نختار غيرك؛ واختلفوا إليه بعد قتل عثمان مراراً، ثم أتوه في آخر ذلك، فقالوا له: إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة، وقد طال الأمر.. فقال لهم: إنكم قد اختلفتم إلي وأتيتم، وإني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم، وإلّا لا حاجة لي فيه.. قالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله. فجاء فصعد المنبر، فاجتمع الناس إليه، فقال: إني قد كنت كارهاً لأمركم، فأبيتم إلا أن أكون عليكم؛ ألا وليس لي أمر دونكم، إلا أن مفاتيح مالكم معي، ألا وإنه ليس لي أن آخذ درهماً دونكم. رضيتم؟! قالوا: نعم.. قال: اللهم اشهد عليهم. ثم بايعوه على

__________

(1) تاريخ الأمم والملوك ج 4 ص 427، الكامل في التاريخ: ج 3 ص 190.

(2) جواهر المطالب لابن الدمشقي ج 1 ص 293 وذخائر العقبى ص 111.

أحكام الحكومة الإسلامية (264)

ذلك (1).

[الحديث: 1228] كان يأخذ البيعة للإمام علي عمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التيهان، وهما يقولان: (نبايعكم على طاعة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن لم نف لكم، فلا طاعة لنا عليكم، ولا بيعة في أعناقكم. والقرآن إمامنا وإمامكم (2).

[الحديث: 1229] قال الإمام علي بعد بيعته: (ذمّتي بما أقول رهينة، وأنا به زعيم، إنّ من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات، حجزته التّقوى عن تقحّم الشّبهات، ألا وإنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم، والّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة، ولتغربلنّ غربلة، ولتساطنّ سوط القدر، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم، وأعلاكم أسفلكم، وليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا، وليقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا، واللّه، ما كتمت وشمة، ولا كذبت كذبة، ولقد نبّئت بهذا المقام وهذا اليوم.. ألا وإنّ الخطايا خيل شمس، حمل عليها أهلها، وخلعت لجمها، فتقحّمت بهم في النّار.. ألا وإنّ التّقوى مطايا ذلل، حمل عليها أهلها، وأعطوا أزمّتها، فأوردتهم الجنّة، حقّ وباطل ولكلّ أهل، فلئن أمر الباطل لقديما فعل، ولئن قلّ الحقّ فلربّما ولعلّ، ولقلّما أدبر شي ء فأقبل) (3)

[الحديث: 1230] قال الإمام علي في أوّل خطبة بعد مبايعة الناس له: (أيها الناس الدنيا دار حق وباطل، ولكلّ أهل، ألا ولئن غلب الباطل فقديما كان وفعل، ولئن قل الحق فلربما ولعل، ولقلّما أدبر شي ء وأقبل، ولئن ردّ عليكم أمركم إنكم لسعداء. إن الله عزّ وجلّ أدب هذه الأمة بالسيف والسوط فاستتروا في بيوتكم، وأصلحوا ذات بينكم، فإن التوبة

__________

(1) تاريخ الأمم والملوك ج 4 ص 427 و428، والكامل في التاريخ ج 3 ص 190.

(2) فضائل أمير المؤمنين لابن عقدة ص 91.

(3) نهج البلاغة: الخطبة رقم (16)، والإرشاد: ج 1 ص 239 - 240..

أحكام الحكومة الإسلامية (265)

من ورائكم، وما عليّ إلّا الجهد، ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها وخلعت لجمها، فتقحمت بهم إلى النار. ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها وأعطوا أزمّتها، فأوردتهم الجنّة، وفتحوا لهم أبوابا، ووجدوا ريحها وطيبها وقيل لهم: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِين﴾ [الحجر:46].. اليمين والشمال مضلّة والطريق الوسطى هي الجادة عليها يأتي الكتاب وآثار النبوّة، إن على الإمام الاستقامة، وعلى الرعية التسليم. ليس أمري وأمركم واحدا، وإني أريدكم للّه وأنتم تريدونني لأنفسكم! وأيم الله لأنصحن للخصم، ولأنصفنّ للمظلوم.. ذمّتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم، إن من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلّات، حجزته التقوى عن تقحّم الشبهات) (1)

[الحديث: 1231] قال الإمام الصادق: لما ولي الإمام علي صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أما إني والله ما أرزأكم من فيئكم هذا درهما ما قام لي عذق بيثرب، فلتصدقكم أنفسكم، أفتروني مانعا نفسي ومعطيكم؟ فقام إليه عقيل، فقال: فتجعلني وأسود في المدينة سواء؟ فقال: اجلس ما كان هاهنا أحد يتكلم غيرك، وما فضلك عليه إلا بسابقة أو تقوى (2).

[الحديث: 1232] قال الإمام علي: ألا وإن كل ما أقطعه عثمان من مال الله مردود إلى بيت مال المسلمين، فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ووالله لو وجدته تفرّق في البلدان لرددته، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل، فالجور عليه أضيق، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم (3).

[الحديث: 1233] عن أبي مخنف الأزدي قال: أتى أمير المؤمنين (الإمام علي) رهط

__________

(1) نهج البلاغة: خطبة 16، البيان والتبيين: ج 2، ص 65.

(2) الكافي 8/ 182/ 204.

(3) دعائم الإسلام: ج 1، ص 396.

أحكام الحكومة الإسلامية (266)

من الشيعة فقالوا: يا أمير المؤمنين لو أخرجت هذه الأموال ففرقتها في هؤلاء الرؤساء والأشراف وفضلتهم علينا حتى إذا استوسقت الأمور عدت إلى أفضل ما عودك الله من القسم بالسوية والعدل في الرعية، فقال: أتأمروني ويحكم أن اطلب النصر بالظلم والجور فيمن وليت عليه من أهل الإسلام؟ لا والله لا يكون ذلك ما سمر السمير وما رأيت في السماء نجما، والله لو كانت أموالهم ملكي لساويت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم (1).

[الحديث: 1234] سئل الإمام الصادق عن قسم بيت المال، فقال: أهل الإسلام هم أبناء الإسلام أسوي بينهم في العطاء، وفضائلهم بينهم وبين الله، اجعلهم كبني رجل واحد لا يفضل أحد منهم لفضله وصلاحه في الميراث على آخر ضعيف منقوص، وهذا هو فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بدو أمره، وقد قال غيرنا: أقدمهم في العطاء بما قد فضلهم الله بسوابقهم في الإسلام، إذا كان بالإسلام قد أصابوا ذلك فأنزلهم على مواريث ذوي الأرحام بعضهم أقرب من بعض، وأوفر نصيبا لقربه من الميت، وإنما ورثوا برحمهم وكذلك كان عمر يفعله (2).

[الحديث: 1235] عن أبي الهيثم بن التيهان وعبد الله بن أبي رافع: أنّ طلحة والزبير جاءا إلى الإمام علي وقالا: ليس كذلك كان يعطينا عمر، قال: فما كان يعطيكما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فسكتا، قال: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسّم بالسويّة بين المسلمين؟ قالا: نعم، قال: فسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاتّباع عندكم أم سنّة عمر؟ قالا: سنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أمير المؤمنين لنا سابقة وعناء وقرابة، قال: سابقتكما أسبق أم سابقتي؟ قالا: سابقتك، قال: فقرابتكما أم قرابتي؟ قالا: قرابتك، قال: فعناؤكما أعظم من عنائي؟ قالا: عناؤك، قال: فو

__________

(1) الكافي 4/ 31/ 3.

(2) التهذيب 6/ 146/ 255.

أحكام الحكومة الإسلامية (267)

الله ما أنا وأجيري هذا إلّا بمنزلة واحدة، وأومأ بيده إلى الأجير (1).

[الحديث: 1236] قال الإمام عليّ: أحاجّ الناس يوم القيامة بتسع: بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والعدل في الرعيّة، والقسم بالسويّة، والجهاد في سبيل الله، وإقامة الحدود وأشباهه (2).

[الحديث: 1237] عن زاذان إنّ قنبرا قدّم إلى الإمام علي جامات من ذهب وفضّة في الرحبة وقال: إنّك لا تترك شيئا إلّا قسّمته، فخبأت لك هذا، فسلّ سيفه وقال: ويحك لقد أحببت أن تدخل بيتي نارا، وقال: عليّ بالعرفاء فجاؤوا، فقال: هذا بالحصص (3).

[الحديث: 1238] طلب بعضهم من الإمام علي مالا فقال: يخرج عطائي فأقاسمكه، فقال: لا أكتفي وخرج إلى معاوية فوصله، فكتب إلى الإمام علي يخبره بما أصاب من المال، فكتب إليه الإمام علي: أمّا بعد فإن ما في يدك من المال قد كان له أهل قبلك، وهو سائر إلى أهل من بعدك، فإنّما لك ما مهّدت لنفسك، فآثر نفسك على أحوج ولدك، فإنّما أنت جامع لأحد رجلين: إمّا رجل عمل فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت، وإمّا رجل عمل فيه بمعصية الله فشقي بما جمعت له، وليس من هذين أحد بأهل أن تؤثره على نفسك، ولا تبرد له على ظهرك، فارج لمن مضى رحمه الله، وثق لمن بقي برزق الله (4).

[الحديث: 1239] قدم عقيل إلى الإمام علي، فقال للحسن: اكس عمّك فكساه قميصا من قمصه ورداء من أرديته، فلمّا حضر العشاء فإذا هو خبز وملح، فقال عقيل: ليس إلّا ما أرى؟ فقال: أو ليس هذا من نعمة الله وله الحمد كثيرا فقال: أعطني ما أقضي به ديني وعجّل سراحي حتّى أرحل عنك، قال: فكم دينك يا أبا يزيد؟ قال: مائة ألف درهم، قال:

__________

(1) المناقب ج 2 ص 110.

(2) المناقب ج 2 ص 107.

(3) المناقب ج 2 ص 108.

(4) المناقب ج 2 ص 111.

أحكام الحكومة الإسلامية (268)

لا والله ما هي عندي ولا أملكها، ولكن اصبر حتّى يخرج عطائي فأواسيكه ولولا أنّه لا بدّ للعيال من شيء لأعطيتك كلّه فقال عقيل: بيت المال في يدك وأنت تسوّفني إلى عطائك؟ وكم عطاؤك؟ وما عساه يكون ولو أعطيتنيه كلّه؟ فقال: ما أنا وأنت فيه إلّا بمنزلة رجل من المسلمين وكانا يتكلّمان فوق قصر الإمارة مشرفين على صناديق أهل السوق فقال له عليّ: إن أبيت يا أبا يزيد ما أقول فانزل إلى بعض هذه الصناديق فاكسر أقفاله وخذ ما فيه فقال: وما في هذه الصناديق؟ قال: فيها أموال التجّار قال: أتأمرني أن أكسر صناديق قوم قد توكّلوا على الله وجعلوا فيها أموالهم؟ فقال الإمام علي: أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين فأعطيك أموالهم وقد توكّلوا على الله وأقفلوا عليها؟ وإن شئت أخذت سيفك وأخذت سيفي وخرجنا جميعا إلى الحيرة، فإن بها تجّارا مياسير، فدخلنا على بعضهم فأخذنا ماله فقال: أو سارقا جئت؟ قال: تسرق من واحد خير من أن تسرق عن المسلمين جميعا قال له: أفتأذن لي أن أخرج إلى معاوية؟ فقال له: قد أذنت لك قال: فأعنّي على سفري هذا، فقال: يا حسن أعط عمّك أربعمائة درهم فخرج عقيل وهو يقول:

سيغنيني الّذي أغناك عنّي ويقضي ديننا ربّ قريب

وذكر عمرو بن علاء أنّ عقيلا لمّا سأل عطاءه من بيت المال قال له الإمام علي: تقيم إلى يوم الجمعة فأقام فلمّا صلّى الإمام علي الجمعة قال لعقيل: ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين؟ قال: بئس الرجل ذاك، قال: فأنت تأمرني أن أخون هؤلاء وأعطيك (1).

[الحديث: 1240] قال الإمام علي يذكر أخاه عقيلا: لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتّى استماحني من برّكم صاعا، وعاودني في عشر وسق من شعيركم يقضمه جياعه، وكاد

__________

(1) المناقب ج 2 ص 108.

أحكام الحكومة الإسلامية (269)

يطوي ثالث أيّامه خامصا ما استطاعه، ولقد رأيت أطفاله شعث الألوان من ضرّهم كأنّما اشمأزّت وجوههم من قرّهم، فلمّا عاودني في قوله وكرّره أصغيت إليه سمعي فغرّه وظنّني أوتغ ديني وأتّبع ما أسرّه أحميت له حديدة لينزجر، إذ لا يستطيع مسّها ولا يصبر، ثمّ أدنيتها من جسمه، فضجّ من ألمه ضجيج دنف يئنّ من سقمه وكاد يسبّني سفها من كظمه ولحرقه في لظى ادني له من عدمه، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من أذى ولا أئنّ من لظى؟ (1)

[الحديث: 1241] عن أمّ عثمان أمّ ولد الإمام علي قالت: جئت عليّا وبين يديه قرنفل مكتوب في الرحبة، فقلت: يا أمير المؤمنين هب لا بنتي من هذا القرنفل قلادة، فقال: هاك ذا ونفذ بيده إليّ درهما ـ فإنّما هذا للمسلمين أوّلا، فاصبري حتّى يأتينا حظّنا منه، فنهب لا بنتك قلادة (2).

[الحديث: 1242] سأل عبد الله بن زمعة الإمام عليا مالا فقال: إنّ هذا المال ليس لي ولا لك، وإنّما هو فيء للمسلمين وجلب أسيافهم، فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل حظّهم، وإلّا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم (3).

[الحديث: 1243] جاء عاصم بن ميثم إلى الإمام علي، وهو يقسّم مالا، فقال: يا أمير المؤمنين إنّي شيخ كبير مثقل، قال: والله ما هو بكدّ يدي ولا بتراثي عن والدي، ولكنّها أمانة أوعيتها، ثمّ قال: رحم الله من أعان شيخا كبيرا مثقلا (4).

[الحديث: 1244] لمّا أقبل علي من اليمن يعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستخلف على جنده الّذين معه رجلا من أصحابه فعمد ذلك الرجل فكسا كلّ رجل من القوم حلّة من

__________

(1) المناقب ج 2 ص 108.

(2) المناقب ج 2 ص 108.

(3) المناقب ج 2 ص 108.

(4) المناقب ج 2 ص 108.

أحكام الحكومة الإسلامية (270)

البزّ الّذي كان مع الإمام عليّ فلمّا دنا جيشه خرج الإمام عليّ ليتلقّاهم، فإذا هم عليهم الحلل! فقال: ويلك ما هذا؟ قال: كسوتهم ليتجمّلوا به إذا قدموا في الناس، قال: ويلك من قبل أن تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: فانتزع الحلل من الناس وردّها في البزّ وأظهر الجيش شكاية لما صنع بهم. ثمّ روي عن الخدريّ أنّه قال: شكا الناس عليّا، فقام رسول الله خطيبا فقال: يا أيّها الناس لا تشكوا عليّا، فو الله إنّه لخشن في ذات الله (1).

[الحديث: 1245] عن سالم الجحدريّ قال: شهدت الإمام عليّا اتي بمال عند المساء، فقال: اقتسموا هذا المال فقالوا: قد أمسينا يا أمير المؤمنين فأخّره إلى غد، فقال لهم: تقبلون لي أن أعيش إلى غد؟ قالوا: ماذا بأيدينا، فقال: لا تؤخّروه حتّى تقسّموه (2).

[الحديث: 1246] روي أنّه كان يأتي على الإمام علي وقت لا يكون عنده قيمة ثلاثة دراهم يشتري بها إزارا وما يحتاج إليه، ثمّ يقسّم كلّ ما في بيت المال على الناس، ثمّ يصلّي فيه فيقول: الحمد لله الّذي أخرجني منه كما دخلته (3).

[الحديث: 1247] عن أبي إسحاق الهمداني، أنّ امرأتين أتتا الإمام علي عند القسمة، إحداهما من العرب، والأخرى من الموالي، فأعطى كل واحدة خمسة وعشرين درهما وكرا من الطعام، فقالت العربية: يا أمير المؤمنين إني امرأة من العرب وهذه امرأة من العجم، فقال الإمام علي: والله لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيء فضلا على بني إسحاق (4).

[الحديث: 1248] عن عاصم بن ضمرة أن الإمام علي قسم قسما فسوى بين الناس (5).

__________

(1) تاريخ الطبريّ وفضائل الإمام علي عن ابن مردويه.

(2) بحار الأنوار ج 40 ص 321 نقلا عن حلية الأولياء.

(3) بحار الأنوار ج 40 ص 321 نقلا عن حلية الأولياء.

(4) الغارات 1/ 69.

(5) الغارات 1/ 117.

أحكام الحكومة الإسلامية (271)

[الحديث: 1249] عن هلال بن مسلم، عن جده، قال: شهدت الإمام علي أتى بمال عند المساء، فقال: اقسموا هذا المال، فقالوا: قد أمسينا يا أمير المؤمنين، فأخره إلى غد، فقال لهم: تتقبلون أني أعيش إلى غد؟ قالوا: وماذا بأيدينا؟ قال: فلا تؤخروه حتى تقسموه، قال: فأتي بشمع فقسموا ذلك المال من غنائمهم (1).

[الحديث: 1250] عن مجمع، أنّ الإمام علي كان يكنس بيت المال كل يوم جمعة ثم ينضحه بالماء ثم يصلي فيه ركعتين، ثم يقول: تشهدان لي يوم القيامة (2).

[الحديث: 1251] قال الإمام علي: كان خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحبس شيئا لغد، وكان أبو بكر يفعل، وقد رأى عمر في ذلك أن دون الدواوين، وأخر المال من سنة إلى سنة، وأما أنا فأصنع كما صنع خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. وكان الإمام علي يعطيهم من الجمعة إلى الجمعة (3).

[الحديث: 1252] عن مجمع التيمي، أنّ الإمام علي كان ينضح بيت المال ثم يتنفل فيه، ويقول: اشهد لي يوم القيامة أني لم أحبس فيك المال على المسلمين (4).

[الحديث: 1253] عن بكر بن عيسى، قال: كان الإمام علي يقول: يا أهل الكوفة إن خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي وغلامي فأنا خائن، وكانت نفقته تأتيه من غلته بالمدينة من ينبع، وكان يطعم الناس الخل واللحم، ويأكل من الثريد بالزيت ويجللها بالتمر من العجوة، وكان ذلك طعامه، وزعموا أنه كان يقسم ما في بيت المال فلا تأتي الجمعة وفي بيت المال شيء، ويأمر ببيت المال في كل عشية خميس فينضح بالماء ثم يصلي فيه ركعتين (5).

__________

(1) أمالي الطوسي 2/ 18.

(2) الغارات 1/ 45.

(3) الغارات 1/ 47.

(4) الغارات 1/ 49.

(5) الغارات 1/ 68.

أحكام الحكومة الإسلامية (272)

[الحديث: 1254] عن مسلم البجلي، قال: أعطى الإمام علي الناس في عام واحد ثلاثة أعطيات، ثم قدم عليه خراج أصفهان، فقال: يا أيها الناس اغدوا فخذوا، فوالله ما أنا لكم بخازن، ثم أمر ببيت المال فكنس ونضح وصلى فيه ركعتين، ثم قال: يا دنيا غري غيري، ثم خرج فإذا هو بحبال على باب المسجد، فقال: ما هذه الحبال فقيل: جيء بها من أرض كسرى، فقال: أقسموها بين المسلمين (1).

[الحديث: 1255] عن محمد بن أبي حمزة، قال: مر شيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين (الإمام علي): ما هذا؟ قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال (2).

[الحديث: 1256] قال الإمام علي في بعض خطبه: أيّها النّاس: إن الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جنّة أوقى منه، وما يغدر من علم كيف المرجع، ولقد أصبحنا في زمان قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كيسا، ونسبهم أهل الجهل إلى حسن الحيلة.. ما لهم؟! قاتلهم اللّه!. قد يرى الحوّل القلّب (البصير بتحولات الأمور وتقلباتها) وجه الحيلة ودونها مانع من أمر الله ونهيه، فيدعها رأي العين بعد القدرة عليها، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدّين (3).

[الحديث: 1257] قال الإمام علي لمن اتهمه بقلة الحيلة والدهاء: واللّه ما معاوية بأدهى منّي ولكنه يغدر ويفجر، ولو لا كراهية الغدر لكنت أدهى الناس، ولكن كلّ غدرة فجرة، وكل فجرة كفرة، ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة! (والله ما استغفل بالمكيدة، ولا أستغمز بالشديدة (4).

[الحديث: 1258] قال الإمام علي مخاطبا رعيته: والله إني لأعلم بدائكم ودوائكم

__________

(1) الغارات 1/ 83.

(2) التهذيب 6/ 292/ 811.

(3) نهج البلاغة: الخطب 41 - ورسائل الجاحظ: ص 125.

(4) نهج البلاغة: الكلام 200 ص 319.

أحكام الحكومة الإسلامية (273)

ولكن هيهات أن أصلحكم بخراب نفسي (1).

[الحديث: 1259] قال الإمام علي مخاطبا رعيته: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور، واللّه لا أطور به ما سمر سمير وما أمّ نجم في السماء نجما (2).

[الحديث: 1260] عن ابن عبّاس قال: أتيت الإمام عليّا بعد مبايعة الناس له، فوجدت المغيرة بن شعبة مستخليا به فقلت له بعد أن خرج عنه: ما كان يقول لك هذا؟ فقال: قال لي قبل يومه: إنّ لك حقّ الطاعة والنصيحة، وأنت بقيّة الناس، وأنّ الرأي اليوم يحرز ما في غد، وأنّ الضياع اليوم يضيع به ما في غد واشير عليك بشور: وهو أن تقرّر معاوية وابن عامر وعمّال عثمان على عملهم حتّى تأتيك بيعتهم وتسكن الناس، ثمّ اعزل من شئت منه وأبق من شئت، فأبيت عليه ذلك وقلت: لا اداهن في ديني ولا اعطي الدنيّة في أمري، قال: فإن كنت أبيت عليّ فانزع من شئت واترك معاوية فإن لمعاوية جرأة وهو في أهل الشام يطيعونه ويسمعون منه وذلك حجّة في إبقائه، فإن عمر بن الخطّاب ولّاه الشام في خلافته فقلت: لا واللّه لا أستعمل معاوية يومين فانصرف من عندي (3).

[الحديث: 1261] قال الإمام علي: اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك (4).

[الحديث: 1262] قال الإمام علي مخاطبا رعيته: ألا وإن لكم عندي ألّا أحتجز دونكم سرا إلّا في حرب، ولا أطوي دونكم أمرا إلّا في حكم، ولا أؤخّر لكم حقا عن محله،

__________

(1) نهج البلاغة: الخطب 126.

(2) نهج البلاغة: الخطب 126.

(3) ابن الصبّاغ المالكي، الفصول المهمة، ص 46.

(4) نهج البلاغة: (ك 131)

أحكام الحكومة الإسلامية (274)

ولا أقف به دون مقطعه (1).

[الحديث: 1263] قال الإمام علي مخاطبا أصحابه من المهاجرين والأنصار: أما بعد فإنكم ميامين الرأي، مقاويل بالحق، أهل الحلم، مباركو الفعل والأمر، وقد أردنا المسير إلى عدوّنا وعدوّكم فأشيروا علينا برأيكم (2).

[الحديث: 1264] قال الإمام علي يخاطب رعيته يبصرها بحقوقها وواجباتها: أمّا بعد فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقّا بولاية أمركم، ولكم عليّ من الحقّ مثل الذي لي عليكم.. فالحقّ أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلّا جرى عليه، ولا يجري عليه إلّا جرى له، ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا للّه سبحانه دون خلقه، لقدرته على عباده، ولعدله في كلّ ما جرت عليه صروف قضائه، ولكنّه جعل حقّه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضّلا منه وتوسّعا بما هو من المزيد أهله. ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافأ في وجوهها ويوجب بعضها بعضا، ولا يستوجب بعضها إلّا ببعض (3).

[الحديث: 1265] قال الإمام علي يخاطب رعيته يذكر العلاقة بين الراعي والرعية، والواجبات المنظمة لأدوار كليهما: (و أعظم ما افترض الله سبحانه من تلك الحقوق حقّ الوالي على الرعيّة، وحقّ الرعيّة على الوالي، فريضة فرضها الله سبحانه لكلّ على كلّ، فجعلها نظاما لإلفتهم وعزّا لدينهم، فليست تصلح الرعية إلّا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلّا باستقامة الرعيّة، فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه وأدّى الوالي إليها حقّها، عزّ الحقّ

__________

(1) نهج البلاغة: الكتب، 50.

(2) وقعة صفين (ص: 92)

(3) نهج البلاغة: الخطب، ص 216.

أحكام الحكومة الإسلامية (275)

بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على أذلالها السنن، فصلح بذلك الزمان وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء.. وإذا غلبت الرعيّة واليها أو أجحف الوالي برعيّته اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت معالم الجور، وكثر الإدغال في الدين، وتركت محاجّ السنن، فعمل بالهوى وعطّلت الأحكام، وكثرت علل النفوس؛ فلا يستوحش لعظيم حقّ عطّل، ولا لعظيم باطل فعل، فهنالك تذلّ الأبرار وتعزّ الأشرار، وتعظم تبعات الله سبحانه عند العباد)

[الحديث: 1266] قال الإمام علي يخاطب رعيته: عليكم بالتناصح في ذلك، وحسن التعاون عليه، فليس أحد ـ وإن اشتدّ على رضا الله حرصه، وطال في العمل اجتهاده ـ ببالغ حقيقة ما الله سبحانه أهله من الطاعة له.. ولكن من واجب حقوق الله سبحانه على العباد النصيحة بمبلغ جهدهم، والتعاون على إقامة الحقّ بينهم، وليس امرؤ ـ وإن عظمت في الحق منزلته، وتقدّمت في الدين فضيلته ـ بفوق أن يعان على ما حمله الله من حقّه، ولا امرؤ ـ وإن صغّرته النفوس، واقتحمته العيون ـ بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه (1).

[الحديث: 1267] قال الإمام علي يخاطب رعيته: أيّها الناس إن لي عليكم حقّا، ولكم عليّ حق، فأمّا حقّكم عليّ فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا.. وأمّا حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم (2).

[الحديث: 1268] قال الإمام علي يخاطب رعيته: لا تكلّموني بما تكلّم به الجبابرة، ولا تتحفّظوا منّي بما يتحفّظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنّوا بي

__________

(1) نهج البلاغة: الخطب، ص 216.

(2) نهج البلاغة: الخطب 34.

أحكام الحكومة الإسلامية (276)

استثقالا في حقّ قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنّه من استثقل الحقّ أن يقال له، أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفّوا عن مقالة بحقّ، أو مشورة بعدل، فإنّي لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي، إلّا أن يكفي اللّه من نفسي ما هو أملك به منّي، فإنّما أنا وأنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره، يملك منّا ما لا نملك من أنفسنا، وأخرجنا ممّا كنّا فيه إلى ما صلحنا عليه، فأبدلنا بعد الضّلالة بالهدى، وأعطانا البصيرة بعد العمى (1).

[الحديث: 1269] قال الإمام علي يخاطب رعيته: إنّ من أسخف حالات الولاة عند صالح النّاس: أن يظنّ بهم حبّ الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنّكم أنّي أحبّ الإطراء، واستماع الثّناء، ولست ـ بحمد اللّه ـ كذلك، ولو كنت أحبّ أن يقال ذلك، لتركته انحطاطا للّه سبحانه عن تناول ما هو أحقّ به من العظمة والكبرياء.. وربّما استحلى النّاس الثّناء بعد البلاء، فلا تثنوا عليّ بجميل ثناء، لإخراجي نفسي إلى اللّه سبحانه وإليكم، من التّقيّة في حقوق لم أفرغ من أدائها، وفرائض لا بدّ من إمضائها (2).

[الحديث: 1270] قال الإمام علي يخاطب رعيته: لا تكفّوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإنّي لست في نفسي بفوق أن أخطى ء، ولا آمن ذلك من فعلي، إلّا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به منّي فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره، يملك منّا ما لا، نملك من أنفسنا.. ولا تظنّوا بي استثقالا في حقّ قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحقّ أن يقال له، أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه (3).

__________

(1) نهج البلاغة: الخطبة رقم (216)

(2) نهج البلاغة: الخطبة رقم (216)

(3) نهج البلاغة: الخطب، ص 216.

أحكام الحكومة الإسلامية (277)

[الحديث: 1271] قال الإمام علي يخاطب رعيته: أيها الناس، هل فيكم أحد يدّعي قبلي جورا في حكم، أو ظلما في نفس أو مال، فليقم به أنصفه من ذلك؟ فقام رجل من القوم فأثنى عليه ثناء حسنا، فقال: أيها العبد المتكلم، ليس هذا حين إطراء، وما أحب أن يحضرني أحد في هذا المحضر بغير النصيحة، واللّه الشاهد على من رأى شيئا يكرهه، فلم يعلمنيه، فإني أحب أن أستعتب من نفسي قبل أن تفوت نفسي (1).

[الحديث: 1272] قال الإمام علي يخاطب رعيته: أيها الناس، أنا أحب أن أشهد عليكم، أن لا يقوم أحد فيقول: أردت أن أقول فخفت، فقد أعذرت فيما بيني وبينكم، اللهم إلّا أن يكون أحد يريد ظلمي، والدّعوى عليّ بما لم أجن، أما إني لم أستحلّ من أحد مالا، ولم أستحلّ من أحد دما بغير حلّه، وجاهدت مع رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بأمر اللّه وأمر رسوله، فلما قبض اللّه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، جاهدت من أمرني بجهاده من أهل البغي، وسمّاهم لي رجلا رجلا، وحضّني على جهادهم وقال: (يا علي، تقاتل الناكثين وسمّاهم لي، والقاسطين وسمّاهم لي، والمارقين)، فلا تكثر منكم الأقوال، فإن أصدق ما يكون المرء عند هذا الحال) (2)

[الحديث: 1273] قال الإمام علي يخاطب رعيته: إنّ الله عزّ وجلّ أنزل كتابا هاديا يبيّن فيه الخير والشر، فخذوا بالخير ودعوا الشر، الفرائض أدّوها إلى الله سبحانه يؤدّكم إلى الجنة. إن الله حرّم حرما غير مجهولة، وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها، وشدّ بالإخلاص والتوحيد المسلمين، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده إلّا بالحق، لا يحلّ أذى المسلم إلّا بما يجب. بادروا أمر العامة.. اتّقوا الله عبادة في عباده وبلاده. إنكم مسؤولون حتى عن

__________

(1) مسند الإمام علي: 7/ 376.

(2) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: 8/ 320.

أحكام الحكومة الإسلامية (278)

البقاع والبهائم، أطيعوا الله عزّ وجلّ ولا تعصوه، وإذا رأيتم الخير فخذوا به، وإذا رأيتم الشرّ فدعوه، واذكروا إذ أنتم قليلون مستضعفون في الأرض (1).

[الحديث: 1274] قال الإمام علي يخاطب رعيته: وأيم الله لأنصفنّ المظلوم من ظالمه، ولآخذنّ الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وإن كان كارها (2).

[الحديث: 1275] قال الإمام علي يخاطب رعيته: ما ضعفت ولا جبنت! فلأنقبنّ الباطل حتى يخرج الحق من خاصرته (3).

[الحديث: 1276] قال الإمام علي يخاطب رعيته: واللّه.. لأن أبيت على حسّك السعدان مسهّدا، أو أجرّ في الأغلال مصفدا، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة، ظالما لبعض العباد، وغاصبا لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحدا لنفس إلى البلي قفولها، ويطول في الثرى حلولها.. واللّه لو أعطيت الأقاليم السبعة ـ بما تحت أفلاكها ـ على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته.. ما لعليّ ولنعيم يفنى، ولذة لا تبقى.. نعوذ باللّه من سبات العقل، وقبّح الزلل وبه نستعين (4).

__________

(1) الكامل في التاريخ: 3/ 193.

(2) النهاية لابن الأثير، ج 3، ص 467.

(3) ميزان الحكمة: ج 5، ص 595.

(4) ربيع الأبرار: باب الخير والصلاح.

أحكام الحكومة الإسلامية (279)

مسؤوليات القضاة في الحكومة الإسلامية

جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول المؤسسات القضائية في الحكومة الإسلامية، والصفات التي ينبغي أن يتصف بها القاضي، بالإضافة إلى المناهج التي يستعملها في التحقيق.

وهي تتوافق مع ما أوردناه سابقا من الآيات القرآنية الكثيرة التي تحض على العدالة؛ فالقضاء أولى الجهات بها، باعتباره الحكم الذي تعود إليه الرعية في خصوماتها.

وقد اقتصرنا هنا على ذكر أحكام القضاء وآدابه، وما ورد حول الدعاوى والبينات، أما ما عد ذلك من القوانين التي يحكم بها، فقد خصصنا لها فصول خاصة.

أولا ـ ما ورد حول أحكام القضاء وآدابه

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول مسؤولية القضاء، وخطرها، وصفات القاضي التي تؤهله للنجاح فيها، وكيفية التعامل مع الخصوم الذين يفدون إليه، وكلها متوافقة مع القرآن الكريم والآيات التي تحض على مراعاة العدل مع الجميع حتى مع المخالفين، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8]، وقال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء: 105 - 107]

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أحكام الحكومة الإسلامية (280)

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 1277] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين (1).

[الحديث: 1278] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: القضاة ثلاثةٌ: واحدٌ في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجلٌ عرف الحق وقضى به ورجلٌ عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ورجلٌ قضى للناس على جهل فهو في النار (2).

[الحديث: 1279] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كان قاضيا فقضى بالعدل فبالحري أن ينقلب منه كفافا (3).

[الحديث: 1280] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن جبر عليه ينزل عليه ملكا فيسدده (4).

[الحديث: 1281] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة ومن غلب جوره عدله فله النار (5).

[الحديث: 1282] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى عنه وألزمه الشيطان (6).

[الحديث: 1283] عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن الراشي والمرتشي في الحكم (7).

[الحديث: 1284] عن معاذ قال: بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن فلما سرت أرسل في أثري، فرددت، فقال: أتدري لم بعثت إليك؟ لا تصيبن شيئا بغير إذني فإنه غلولٌ ﴿وَمَنْ

__________

(1) أبو داود (3572)، والترمذي (1325)

(2) أبو داود (3573)

(3) الترمذي (1322)

(4) أبو داود (3578)، والترمذي (1323)

(5) أبو داود (3575)

(6) الترمذي (1330)، وابن ماجة (2312)

(7) أبو داود (3580)، والترمذي (1336)

أحكام الحكومة الإسلامية (281)

يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: 161] لهذا دعوتك فامض لعملك (1).

[الحديث: 1285] عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن قاضيا، فقلت: يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء، فقال: إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء فما زلت قاضيا أو ما شككت في قضاء بعد (2).

[الحديث: 1286] عن ابن الزبير قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحكم (3).

[الحديث: 1287] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان (4).

[الحديث: 1288] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يقضين في قضاء بقضاءين ولا يقضي أحدٌ بين خصمين وهو غضبان (5).

[الحديث: 1289] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا ابتلى أحدكم بالقضاء بين المسلمين فلا يقضين وهو غضبان، وليسو بينهم بالنظر والمجلس والإشارة، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين فوق الآخر (6).

[الحديث: 1290] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من دعي إلى حاكم من حكام المسلمين فامتنع وهو ظالم، أو قال: لا حق له (7).

[الحديث: 1291] عن عوف بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى بين رجلين، فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يلوم على العجز ولكن

__________

(1) الترمذي (1335)

(2) أبو داود (3582)، والترمذي (1331)

(3) أبو داود (3588)، وأحمد 4/ 4.

(4) البخاري (7158)، ومسلم (1717)

(5) النسائي 8/ 247، والدارقطني في (سننه) 4/ 405.

(6) أبو يعلى 10/ 264 (5867)، والدارقطني في (سننه) 4/ 205.

(7) البزار كما في (كشف الأستار) (1362)

أحكام الحكومة الإسلامية (282)

عليك بالكيس فإذا غلبك أمرٌ، فقل: حسبي الله ونعم الوكيل (1).

[الحديث: 1292] عن معاذ: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد أن يبعثه إلى اليمن قال له: كيف تقضي إذا عرض لك قضاءٌ؟ فقال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: أقضي بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب صلى الله عليه وآله وسلم صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله (2).

وفي رواية: أن معاذا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله بم أقضى؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم أجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم أجد؟ قال: استدق الدنيا، ويعظم في عينك ما عند الله واجتهد رأيك فيسددك الله للحق.

[الحديث: 1293] عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمع جلبة بباب حجرته، فخرج إليهم، فقال: إنما أنا بشرٌ وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أبلغ من بعض فأحسب أنه صادقٌ فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعةٌ من النار فليحملها أو ليذرها (3).

[الحديث: 1294] عن أم سلمة: أن رجلين أتيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يختصمان في مواريث ولم يكن لهما بينة، فقال: لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته فأحسب أنه صادقٌ فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعةٌ من النار فليحملها أو ليذرها، فبكى الرجلان وقال كل منهما لصاحبه: حقي لك، فقال لهما صلى الله عليه وآله وسلم: أما إذا فعلتما ذلك فاقتسما فتوخيا الحق، ثم استهما، ثم تحللا (4).

__________

(1) أبو داود (3627)

(2) أبو داود (3592)، والترمذي (1327 - 1328)

(3) البخاري (2326)،ومسلم (1713)

(4) أبو داود (3584)

أحكام الحكومة الإسلامية (283)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 1295] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين (1).

[الحديث: 1296] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ابتلي بالقضاء فلا يقضي وهو غضبان (2).

[الحديث: 1297] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لسان القاضي بين جمرتين من نار، حتى يقضي بين الناس، فإما إلى الجنة، وإما إلى النار (3).

[الحديث: 1298] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول، حتى تسمع من الآخر، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء (4).

[الحديث: 1299] عن الإمام علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما وجهني إلى اليمن: إذا تحوكم إليك فلا تحكم لأحد الخصمين، دون أن تسأل من الآخر، قال: فما شككت في قضاء بعد ذلك (5).

[الحديث: 1300] عن الإمام علي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بعثه ببراءة قال: إن الناس سيتقاضون إليك، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد، حتى تسمع الآخر، فإنه أجدر أن تعلم الحق (6).

[الحديث: 1301] عن الإمام الباقر، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن يقدم صاحب اليمين في المجلس بالكلام (7).

[الحديث: 1302] قال الإمام الباقر: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا احتاج الناس إليه لتفقهه، فسألهم الرشوة (8).

__________

(1) المقنعة: 721.

(2) الكافي 7/ 413/ 2.

(3) التهذيب 6/ 292/ 808.

(4) التهذيب 6/ 227/ 549.

(5) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 65/ 286.

(6) تفسير العياشي 2/ 75/ 9.

(7) من لا يحضره الفقيه 3/ 7/ 25.

(8) التهذيب 6/ 224/ 534.

أحكام الحكومة الإسلامية (284)

[الحديث: 1303] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هدية الأمراء غلول (1).

[الحديث: 1304] قال الإمام الباقر: اشتكى الإمام علي عينه، فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا الإمام علي يصيح، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أجزعا، أم وجعا يا علي؟ قال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما وجعت وجعا قط أشد عليّ منه، قال: يا علي إن ملك الموت إذا نزل ليقبض روح الفاجر، أنزل معه سفودا من نار، فينزع روحه به فيصيح جهنم، فاستوى الإمام علي جالسا، فقال: يا رسول الله أعد عليّ حديثك، فقد أنساني وجعي ما قلت، فهل يصيب ذلك أحدا من امتك؟ قال: نعم، حاكم جائر، وآكل مال اليتيم، وشاهد الزور (2).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 1305] قال الإمام علي لشريح القاضي: انظر إلى أهل المعك والمطل، ودفع حقوق الناس من أهل المقدرة واليسار، ممّن يدلي بأموال الناس إلى الحكّام، فخذ للناس بحقوقهم منهم، وبع فيها العقار والديار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم، ومن لم يكن له عقار، ولا دار، ولا مال فلا سبيل عليه.. واعلم أنه لا يحمل الناس على الحق، إلا من ورعهم عن الباطل، ثم واس بين المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك، حتى لا يطمع قريبك في حيفك، ولا ييأس عدوك من عدلك، ورد اليمين على المدعي مع بينته، فإن ذلك أجلى للعمى، وأثبت في القضاء، واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض، إلا مجلود في حد لم يتب منه، أو معروف بشهادة زور، أو ظنين،

__________

(1) أمالي الطوسي 1/ 268.

(2) التهذيب 6/ 224/ 537،.

أحكام الحكومة الإسلامية (285)

وإياك والتضجر والتأذي في مجلس القضاء، الذي أوجب الله فيه الأجر، ويحسن فيه الذخر لمن قضى بالحق.. واعلم أن الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا، أو أحل حراما.. واجعل لمن ادعى شهودا غيبا أمدا بينهما، فإن أحضرهم أخذت له بحقه، وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضية.. وإياك أن تنفذ قضية في قصاص، أو حد من حدود الله، أو حق من حقوق المسلمين، حتى تعرض ذلك عليّ إن شاء الله، ولا تقعد في مجلس القضاء حتى تطعم (1).

[الحديث: 1306] قال الإمام علي لشريح: لا تشاور أحدا في مجلسك، وإن غضبت فقم، ولا تقضين وأنت غضبان (2).

[الحديث: 1307] قال الإمام علي: من ابتلي بالقضاء فليواس بينهم في الإشارة، وفي النظر، وفي المجلس (3).

[الحديث: 1308] روي أن رجلا نزل بالإمام علي، فمكث عنده أياماً، ثم تقدم إليه في خصومة لم يذكرها، فقال له: أخصم أنت؟ قال: نعم، قال: تحول عنّا، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يضاف الخصم، إلا ومعه خصمه (4).

[الحديث: 1309] عن الإمام الصادق، قال: كان أمير المؤمنين لا يأخذ بأول الكلام دون آخره (5).

[الحديث: 1310] قال الإمام علي في عهده إلى مالك الأشتر، حين ولاه على مصر وأعمالها: واعلم أن الرعية طبقات: منها جنود الله، ومنها كتاب العامة والخاصة، ومنها

__________

(1) الكافي 7/ 412/ 1.

(2) الكافي 7/ 413/ 5.

(3) الكافي 7/ 413/ 3، والتهذيب 6/ 226/ 543، ومن لا يحضره الفقيه 3/ 8/ 9.

(4) الكافي 7/ 413/ 4.

(5) التهذيب 6/ 310/ 853.

أحكام الحكومة الإسلامية (286)

قضاة العدل.. وكل قد سمى الله له سهمه، ووضعه على حده وفريضته.. ولكل على الوالي حق بقدر ما يصلحه.. واختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور.. وأكثر تعاهد قضائه، وافسح له في البذل ما يزيح علته، وتقل معه حاجته إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره (1).

[الحديث: 1311] قال الإمام علي: يد الله فوق رأس الحاكم ترفرف بالرحمة، فإذا حاف وكله الله إلى نفسه (2).

[الحديث: 1312] عن الأصبغ بن نباته، قال: قضى أمير المؤمنين (الإمام علي): أن ما أخطأت القضاة في دم، أو قطع، فهو على بيت مال المسلمين (3).

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 1313] قال الإمام السجاد: إذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في أحكامهم، ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا، وإن تعاملتم بأحكامنا كان خيرا لكم (4).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 1314] عن محمّد بن مسلم، قال: مر بي الإمام الباقر وأنا جالس عند قاض بالمدينة، فدخلت عليه من الغد، فقال لي: ما مجلس رأيتك فيه أمس؟ فقلت: إن هذا القاضي لي مكرم، فربما جلست إليه، فقال لي: وما يؤمنك أن تنزل اللعنة، فتعم من في المجلس (5).

[الحديث: 1315] قال الإمام الباقر: من أفتى الناس بغير علم، ولا هدى من الله،

__________

(1) نهج البلاغة 3: 99/ 53.

(2) الكافي 7/ 410/ 1 والتهذيب 6/ 222/ 528.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 5/ 16.

(4) التهذيب 6/ 225/ 540.

(5) الكافي 7/ 410/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (287)

لعنته ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه (1).

[الحديث: 1316] قال الإمام الباقر: كان في بني إسرائيل قاض، وكان يقضي بالحق فيهم، فلما حضره الموت، قال لامرأته: إذا أنا مت فغسليني، وكفنيني، وضعيني على سريري، وغطي وجهي، فإنك لا ترين سوءا، فلما مات فعلت ذلك، ثم مكث بذلك حينا، ثم إنها كشفت عن وجهه لتنظر إليه فإذا هي بدودة تقرض منخره، ففزعت من ذلك، فلما كان الليل أتاها في منامها، فقال لها: أفزعك ما رأيت؟ قالت: أجل، فقال لها: أما لئن كنت فزعت ما كان الذي رأيت إلا في أخيك فلان، أتاني ومعه خصم له، فلما جلسا إلي قلت: اللهم اجعل الحق له، ووجه القضاء على صاحبه، فلما اختصما إليّ كان الحق له، ورأيت ذلك بينا في القضاء، فوجهت القضاء له على صاحبه، فأصابني ما رأيت لموضع هواي كان مع موافقة الحق (2).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 1317] قال الإمام الصادق: لسان القاضي وراء قلبه، فإن كان له قال، وإن كان عليه أمسك (3).

[الحديث: 1318] قال الإمام الصادق: إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه، ولمن عن يساره: ما ترى؟ ما تقول؟ فعلى ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، إلا يقوم من مجلسه، ويجلسهم مكانه (4).

[الحديث: 1319] قال الإمام الصادق: من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما

__________

(1) الكافي 1/ 33/ 3 و7/ 409/ 2، والتهذيب 6/ 123/ 531.

(2) الكافي 7/ 410/ 2

(3) الكافي 7/ 413/ 5.

(4) الكافي 7/ 414/ 6.

أحكام الحكومة الإسلامية (288)

لغيره (1).

[الحديث: 1320] قال الإمام الصادق: إذا تقدمت مع خصم إلى وال، أو إلى قاض فكن عن يمينه (يعني: عن يمين الخصم) (2)

[الحديث: 1321] قال الإمام الصادق: إن النواويس شكت إلى الله عزّ وجلّ شدة حرها، فقال لها عزّ وجلّ: اسكني فإن مواضع القضاة أشد حراً منك (3).

[الحديث: 1322] عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: كان الإمام الصادق قاعدا في حلقة ربيعة الرأي، فجاء أعرابي، فسأل ربيعة الرأي عن مسألة، فأجابه، فلما سكت قال له الأعرابي: أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة، ولم يرد عليه شيئا، فأعاد المسألة عليه، فأجابه بمثل ذلك، فقال له الأعرابي: أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة، فقال الإمام الصادق: هو في عنقه، قال: أو لم يقل: وكل مفت ضامن؟! (4)

[الحديث: 1323] سئل الإمام الصادق عن قاض بين قريتين، يأخذ من السلطان على القضاء الرزق، فقال: ذلك السحت (5).

[الحديث: 1324] قال الإمام الصادق: الرشا في الحكم هو الكفر بالله (6).

[الحديث: 1325] سئل الإمام الصادق عن البخس، فقال: هو الرشا في الحكم (7).

[الحديث: 1326] قال الإمام الصادق: من أكل السحت، الرشوة في الحكم (8).

[الحديث: 1327] قال الإمام الصادق: أما الرشا في الحكم، فهو الكفر بالله (9).

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 7/ 4.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 7/ 8، والانتصار 244.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 4/ 11.

(4) الكافي 7/ 409/ 1.

(5) الكافي 7/ 409/ 1، والتهذيب 6/ 222/ 527.

(6) الكافي 7/ 409/ 2.

(7) الكافي 7/ 409/ 3.

(8) تفسير العياشي 1/ 321/ 113.

(9) تفسير العياشي 1/ 321/ 112.

أحكام الحكومة الإسلامية (289)

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 1328] قيل للإمام الكاظم: هل نأخذ في أحكام المخالفين، ما يأخذون منا في أحكامهم؟ فقال: يجوز لكم ذلك إن شاء الله، إذا كان مذهبكم فيه التقية منهم، والمداراة لهم (1).

[الحديث: 1329] سئل الإمام الكاظم عن الرجل، يأتيه من يسأله عن المسألة فيتخوف، إن هو أفتى فيها أن يشنع عليه، فيسكت عنه، أو يفتيه بالحق، أو يفتيه بما لا يتخوف على نفسه، فقال: السكوت عنه أعظم أجرا وأفضل (2).

ثانيا ـ ما ورد حول الدعاوى والبينات

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الطرق التي يستعملها القضاة للتحري والتحقيق في القضايا، وهي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من الدعوة إلى التأني وعدم قبول الدعاوى مجردة عن بيناتها، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 36]

ومثلها ما ورد في النهي عن تقبل شهادات الفاسقين المنحرفين، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]

وقد ورد في القرآن الكريم التنصيص على بعض الأحكام المرتبطة بالبينات، ومنها البينات المرتبطة بالدين، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ

__________

(1) التهذيب 6/ 224/ 535.

(2) التهذيب 6/ 225/ 538.

أحكام الحكومة الإسلامية (290)

الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فإن لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 282]

ومثلها ما ورد في عدد الشهود، كما قال تعالى: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فإن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: 15]

ونحب أن بين هنا أن الشريعة وإن وضعت قوانين معينة للشهادة والشهود؛ فإن ذلك لا يعفي القاضي من استعمل كل وسائل التحري والتأكد حتى لا تبطل الحقوق، ولهذا؛ فإن ما نورده من الأحاديث ليس متناقضا، وإنما يدل كل منهما على محله الخاص به.

ونحب أن نبين كذلك أن وضع بعض الشروط المرتبطة بالمرأة، مثل اشتراط شاهدتين حتى تذكر إحداهما الأخرى، ليس فيه أي إساءة للمرأة، ذلك أن المرأة في الغالب لا تهتم بالديون وتوثيقاتها؛ فلهذا احتاجت إلى من يذكرها، بالإضافة إلى أن من رحمة الله بها إعفاؤها من الشهادة في بعض المحال حتى لا تتعرض لأي استفزاز، ومع ذلك يمكن للقاضي الاستفادة من شهادتها في التحقيق.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أحكام الحكومة الإسلامية (291)

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 1330] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه (1).

[الحديث: 1331] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه (2).

[الحديث: 1332] روي أن امرأتين كانتا تخرزان فخرجت إحداهما، وقد أنفذ بإشفى في كفها، فادعت على الأخرى فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماؤهم وأموالهم، ذكروها بالله، واقرؤوا عليها: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 77] فذكروها فاعترفت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اليمين على المدعى عليه (3).

[الحديث: 1333] عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى بيمين وشاهد (4).

[الحديث: 1334] عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد (5).

[الحديث: 1335] عن أبي موسى: أن رجلين ادعيا بعيرا فبعث كل واحد منهما شاهدين، فقسمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينهما نصفين (6).

وفي رواية: أن رجلين ادعيا بعيرا أو دابة ليست لواحد منهما بينة فجعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينهما (7).

__________

(1) الترمذي (1341)

(2) مسلم (1711)

(3) البخاري (4552)، والنسائي 8/ 248.

(4) مسلم (1712)، وأبو داود (3608)

(5) أبو داود (3610)، والترمذي (1343)

(6) أبو داود (3615)، والنسائي 8/ 248.

(7) أبو داود (3613 - 3614)

أحكام الحكومة الإسلامية (292)

[الحديث: 1336] عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عرض على قوم اليمين، فتسارعوا إليه فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف (1).

[الحديث: 1337] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أكره الاثنان على اليمين واستحباها فليستهما عليها (2).

[الحديث: 1338] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا زان ولا ذي غمر على أخيه (3).

[الحديث: 1339] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا مجلود حدا، ولا ذي غمر على أخيه، ولا مجرب شهادة، ولا القانع لأهل البيت، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة (4).

[الحديث: 1340] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيها الناس عدلت شهادة الزور إشراكا بالله تعالى، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [الحج: 30] (5).

[الحديث: 1341] عن خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه إلى منزله؛ ليقبضه ثمن فرسه، فأسرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم المشي وأبطأ الأعرابي بالفرس، فطفق رجالٌ يعترضون الأعرابي يساومونه بالفرس لا يشعرون أنه صلى الله عليه وآله وسلم ابتاعه فنادى الأعرابي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين سمع نداء الأعرابي، فقال: أو ليس قد ابتعته منك؟ فقال الأعرابي: لا والله ما بعتكه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بلى قد ابتعته منك، فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدا، فقال خزيمة: أنا أشهد أنك

__________

(1) البخاري (2674)

(2) أبو داود (3617)

(3) أبو داود (3601)

(4) الترمذي (2298)

(5) أحمد 4/ 178،وأبو داود (3599) والترمذي (2299)

أحكام الحكومة الإسلامية (293)

قد بايعته، فأقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على خزيمة، فقال: بم تشهد؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله فجعل صلى الله عليه وآله وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين، فقال الأعرابى: هذا رسول الله؟ فقال له أبو هريرة: كفى بك جهلا أن لا تعرف نبيك، صدق الله: ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 97]، فاعترف الأعرابي بالبيع (1).

[الحديث: 1342] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كتم شهادة إذا دعي إليها كان كمن شهد بالزور (2).

[الحديث: 1343] عن ابن عمر قال: سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما الذي يجوز في الرضاع من الشهود؟ فقال: رجلٌ أو امرأةٌ (3).

[الحديث: 1344] عن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجاز شهادة القابلة (4).

[الحديث: 1345] عن الشعبي: أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء، ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة، فأتيا أبا موسى الأشعري فأخبراه، وقدما بتركته ووصيته، قال أبو موسى: هذا لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحلفهما بعد العصر بالله: ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا، وإنها لوصية الرجل وتركته فأمضى شهادتهما (5).

[الحديث: 1346] عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبس رجلا في تهمة، ثم خلى سبيله (6).

__________

(1) أبو داود (3607)، والنسائي 7/ 301.

(2) الطبراني في (الأوسط) 4/ 270 (4167)

(3) أحمد 2/ 35.

(4) الطبراني في (الأوسط) 1/ 189 (596)

(5) أبو داود (3605)

(6) أبو داود (3630)،والترمذي (1417)

أحكام الحكومة الإسلامية (294)

[الحديث: 1347] عن ابن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى في السيل المهزور أن يمسك حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل (1).

[الحديث: 1348] عن البراء بن عازب قال: كانت ناقةٌ ضاريةٌ، فدخلت حائطا، فأفسدت فيه، فكلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها، فقضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل (2).

[الحديث: 1349] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيءٌ وله نفقته (3).

[الحديث: 1350] عن أبي سعيد قال: اختصم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلان في حريم نخلة، فأمر بها فذرعت فوجدت سبعة أذرع، فقضى بذلك (4).

[الحديث: 1351] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حفر بئرا فله أربعون ذراعا عطنا لماشيته (5).

[الحديث: 1352] عن ابن عباس قال: إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم، كان رجلٌ من بني هاشم استأجره رجلٌ من قريش من فخذ أخرى فانطلق معه في إبله فمر به رجلٌ من بني هاشم، قد انقطعت عروة جوالقه، فقال: أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل، فأعطاه عقالا فشد به عروة جوالقهن فلما نزلوا عقلت الإبل إلا بعيرا واحدا، فقال الذي استأجره: ما بال هذا البعير لم يعقل من بين الإبل، قال: ليس له عقالٌ، قال: فأين عقاله، فحذفه بعصا كان فيها أجله، فمر به رجلٌ من أهل اليمن، فقال:

__________

(1) أبو داود (3639)، وابن ماجة (2482)

(2) أبو داود (3570)

(3) أبو داود (3403)،والترمذي (1366)،وابن ماجة (2466)

(4) أبو داود (3640)

(5) ابن ماجة (2486)

أحكام الحكومة الإسلامية (295)

أتشهد الموسم، قال: ما أشهد وربما شهدته، قال: هل أنت مبلغٌ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال: نعم، قال: فإذا شهدت الموسم: ناد يا آل قريش، فإذا أجابوك فناد: يا آل هاشم، فإن أجابوك فسل عن أبي طالب، فأخبره أن فلانا قتلني في عقال، ومات المستأجر، فلما قدم الذي استأجره أتاه أبو طالب فقال: ما فعل صاحبنا، قال: مرض فأحسنت القيام عليه فوليت دفنه، قال: وقد كان أهل ذاك منك فمكث حينا، ثم إن الرجل الذي أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم فقال: يا لقريش، قالوا: هذه قريشٌ، قال يا آل بني هاشم، قالوا: هذه بنو هاشم، قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب، قال: أمرني فلانٌ أن أبلغك رسالة: أن فلانا قتله في عقال، فأتاه أبو طالب فقال: اختر منا إحدى ثلاث، إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل، فإنك قتلت صاحبنا، وإن شئت حلف خمسون من قومك إنك لم تقتله، فإن أبيته قتلناك به فأتى قومه فأخبرهم فقالوا: نحلف فأتته امرأةٌ من بني هاشم كانت تحت رجل منهم قد ولدت منه، فقالت: يا أبا طالب أحب أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين، ولا تصبر يمينه حتى تصبر الأيمان ففعل، فأتاه رجلٌ منهم فقال: يا أبا طالب أردت خمسين رجلا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل، يصيب كل رجل منهم بعيران هذان بعيران فاقبلهما مني ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان فقبلهما، وجاء ثمانيةٌ وأربعون فحلفوا، قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده ما حال الحول، ومن الثمانية وأربعين عينٌ تطرف (1).

[الحديث: 1353] عن أناس من الصحابة: أن القسامة كانت في الجاهلية فأقرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ما كانت عليه في الجاهلية، وقضى بها بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على يهود خيبر (2).

__________

(1) البخاري (3845)

(2) مسلم (1670)، النسائي 8/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (296)

[الحديث: 1354] عن سهل بن أبي حثمة قال: انطلق عبد الله بن سهل، ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهو يومئذ صلحٌ فتفرقا لحوائجهما، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل، وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال: كبر كبر، وهو أحدث القوم فسكت فتكلما فقال: أتحلفون وتستحقون قاتلكم صاحبكم؟ فقالوا: وكيف نحلف، ولم نشهد، ولم نر، قال: فتبرئكم يهود بخمسين يمينا، قالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار، فعقله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عنده، وفي رواية: فوداه بمائة من إبل الصدقة (1).

[الحديث: 1355] عن رافع بن خديج قال: أصبح رجلٌ من الأنصار مقتولا بخيبر فانطلق أولياؤه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: لكم شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم، قالوا: يا رسول الله، لم يكن ثم أحدٌ من المسلمين، وإنما هم يهود، وقد يتجرؤون على أعظم من هذا، قال: فاختاروا منهم خمسين، فاستحلفهم فوداه صلى الله عليه وآله وسلم من عنده (2).

[الحديث: 1356] عن ابن عمرو: أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلا على أبواب خيبر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أقم شاهدين على من قتله، أدفعه إليك برمته، فقال: يا رسول الله ومن أين أصيب شاهدين، وإنما أصبح قتيلا على أبوابهم، قال: فتحلف خمسين قسامة، قال: يا رسول الله، وكيف أحلف على ما لا أعلم؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: فنستحلف منهم خمسين قسامة، فقال: يا رسول الله، كيف نستحلفهم وهم اليهود، فقسم صلى الله عليه وآله وسلم ديته عليهم وأعانهم بنصفها (3).

[الحديث: 1357] عن ابن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قتل بالقسامة رجلا من بني

__________

(1) البخاري (3173)، ومسلم (1669)

(2) أبو داود (4525)

(3) النسائي 8/ 12،وابن ماجة (2678)

أحكام الحكومة الإسلامية (297)

نضر بن مالك ببحرة الرغاء على شط لية البحرة قال: القاتل والمقتول منهم (1).

[الحديث: 1358] عن أبي سعيد قال: وجد قتيلٌ بين قريتين فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذرع ما بين القريتين إلى أيهما كان أقرب فوجد أقرب إلى إحداهما بشبر، فكأني أنظر إلى شبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجعله على الذي كان أقرب (2).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 1359] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان، وبعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا، فإنما قطعت له به قطعة من النار (3).

[الحديث: 1360] قال الإمام علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحكم بين الناس بالبينات والأيمان في الدعاوي، فكثرت المطالبات والمظالم فقال: أيها الناس! إنما أنا بشر، وأنتم تختصمون، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذنه، فإنما اقطع له قطعة من النار (4).

[الحديث: 1361] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: البينة على من ادعى، واليمين على من ادعي عليه (5).

[الحديث: 1362] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا (6).

[الحديث: 1363] عن عدي، قال: اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أرض،

__________

(1) أبو داود (4522)

(2) أحمد 3/ 39، 3/ 89، والبزار كما في (كشف الأستار) (1534)

(3) الكافي 7/ 414/ 1.

(4) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 284.

(5) الكافي 7/ 415/ 1.

(6) من لا يحضره الفقيه 3/ 20/ 52.

أحكام الحكومة الإسلامية (298)

فقال: ألك بينة؟ قال: لا، قال: فيمينه، قال: إذن والله يذهب بأرضي، قال: إن ذهب بأرضك بيمينه كان ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب اليم، قال: ففزع الرجل وردها إليه (1).

[الحديث: 1364] قال الإمام علي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا تخاصم إليه رجلان قال للمدعي: ألك حجة؟ فإن أقام بينة يرضاها ويعرفها، أنفذ الحكم على المدعى عليه، وإن لم يكن له بينة حلف المدعى عليه بالله، ما لهذا قبله ذلك الذي ادعاه، ولا شيء منه، وإذا جاء بشهود لا يعرفهم بخير ولا شر، قال للشهود: أين قبائلكما؟ فيصفان، أين سوقكما؟ فيصفان، أين منزلكما؟ فيصفان، ثم يقيم الخصوم والشهود بين يديه، ثم يأمر فيكتب أسامي المدعي والمدعى عليه والشهود، ويصف ما شهدوا به، ثم يدفع ذلك إلى رجل من أصحابه الخيار، ثم مثل ذلك إلى رجل آخر من خيار أصحابه، ثم يقول: ليذهب كل واحد منكما من حيث لا يشعر الآخر إلى قبائلهما وأسواقهما ومحالهما والربض الذي ينزلانه، فيسأل عنهما، فيذهبان ويسألان، فإن أتوا خيرا وذكروا فضلا رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبراه، أحضر القوم الذي أثنوا عليهما، وأحضر الشهود، فقال للقوم المثنين عليهما: هذا فلان بن فلان، وهذا فلان بن فلان، أتعرفونهما؟ فيقولون: نعم، فيقول: إن فلانا وفلانا جاءني عنكم فيما بيننا بجميل وذكر صالح أفكما قالا، فإن قالوا: نعم قضى حينئذ بشهادتهما على المدعى عليه، فإن رجعا بخبر سيئ وثناء قبيح دعا بهم، فيقول: أتعرفون فلانا وفلانا؟ فيقولون: نعم، فيقول: اقعدوا حتى يحضرا، فيقعدون فيحضرهما، فيقول للقوم: أهما هما؟ فيقولون: نعم، فإذا ثبت عنده ذلك لم يهتك ستر الشاهدين، ولا عابهما ولا وبخهما، ولكن يدعو الخصوم

__________

(1) أمالي الطوسي 1/ 368.

أحكام الحكومة الإسلامية (299)

إلى الصلح، فلا يزال بهم حتى يصطلحوا، لئلا يفتضح الشهود، ويستر عليهم، وكان رؤوفا رحيما عطوفا على أمته، فإن كان الشهود من أخلاط الناس، غرباء لا يعرفون، ولا قبيلة لهما، ولا سوق، ولا دار، أقبل على المدعى عليه فقال: ما تقول فيهما؟ فإن قال: ما عرفنا إلا خيراً، غير أنهما قد غلطا فيما شهدا عليّ، أنفذ شهادتهما، وإن جرحهما وطعن عليهما أصلح بين الخصم وخصمه، وأحلف المدعى عليه، وقطع الخصومة بينهما (1).

[الحديث: 1365] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حلف لكم على حق فصدقوه، ومن سألكم بالله فاعطوه، ذهبت اليمين بدعوى المدعي، ولا دعوى له (2).

[الحديث: 1366] عن الإمام الصادق، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجيز في الدين شهادة رجل واحد، ويمين صاحب الدين، ولم يجز في الهلال إلا شاهدي عدل (3).

[الحديث: 1367] عن الإمام الصادق، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقضي بشاهد واحد مع يمين صاحب الحق (4).

[الحديث: 1368] قال الإمام الصادق: حدثني أبي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى بشاهد ويمين (5).

[الحديث: 1369] سئل الإمام الصادق عن الرجل يكون له عند الرجل الحق، وله شاهد واحد؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقضي بشاهد واحد، ويمين صاحب الحق، وذلك في الدين (6).

[الحديث: 1370] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقضي بشاهد واحد، مع

__________

(1) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 284.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 37/ 126.

(3) الكافي 7/ 386/ 8، والتهذيب 6/ 272/ 740، والاستبصار 3/ 32/ 108.

(4) الكافي 7/ 385/ 4.

(5) الكافي 7/ 385/ 2، والتهذيب 6/ 275/ 748، والاستبصار 3/ 33/ 112.

(6) الكافي 7/ 385/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (300)

يمين صاحب الحق (1).

[الحديث: 1371] قال الإمام الباقر: أجاز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهادة شاهد، مع يمين طالب الحق، إذا حلف أنه الحق (2).

[الحديث: 1372] قال الإمام الصادق: قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة رجل، مع يمين الطالب في الدين وحده (3).

[الحديث: 1373] قال الإمام الباقر: قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة شاهد، ويمين المدعي.. ونزل جبريل عليه السلام بشهادة شاهد، ويمين صاحب الحق، وحكم به أمير المؤمنين بالعراق (4).

[الحديث: 1374] عن جابر بن عبد الله قال: جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمره أن يأخذ باليمين مع الشاهد (5).

[الحديث: 1375] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقضي بشاهد واحد، مع يمين المدعي، ولا يبطل حق مسلم، ولا يرد شهادة مؤمن (6).

[الحديث: 1376] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نزل عليَّ جبريل عليه السلام بالحجامة واليمين مع الشاهد (7).

[الحديث: 1377] عن الإمام الصادق: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين، يحلف بالله أن حقه لحقّ (8).

__________

(1) التهذيب 6/ 273/ 743 والاستبصار 3/ 33/ 114.

(2) التهذيب 6/ 273/ 744، والاستبصار 3/ 33/ 115.

(3) التهذيب 6/ 273/ 745، والاستبصار 3/ 32/ 110.

(4) من لا يحضره الفقيه 3/ 33/ 103.

(5) أمالي الصدوق: 297/ ذيل 3.

(6) مختصر بصائر الدرجات: 87.

(7) مكارم الاخلاق: 75 البحار 62/ 125/ 71.

(8) الكافي 7/ 386/ 7، والتهذيب 6/ 272/ 739، والاستبصار 3/ 32/ 107.

أحكام الحكومة الإسلامية (301)

[الحديث: 1378] قال الإمام علي في قوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فإن لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [البقرة: 282]: عدلت امرأتان في الشهادة برجل واحد، فإذا كان رجلان، أو رجل وامرأتان أقاموا الشهادة، قضى بشهادتهم، وجاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: ما بال الامرأتين برجل في الشهادة، وفي الميراث؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن ذلك قضاء من ملك عدل حكيم، لا يجور، ولا يحيف (1).

[الحديث: 1379] عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عمه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابتاع فرسا من أعرابي، فأسرع ليقضيه ثمن فرسه، فأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس، ولا يشعرون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابتاعها حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم، فنادى الأعرابي، فقال: إن كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه، وإلا بعته، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين سمع الأعرابي، فقال: أوليس قد ابتعته منك؟! فقال الأعرابي: هلم شهيدا يشهد أني قد بايعتك، ومن جاء من المسلمين قال للأعرابي: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يقول إلا حقا، حتى جاء خزيمة بن ثابت، فاستمع لمراجعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي، فقال خزيمة: إني أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خزيمة، فقال: بم تشهد؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهادة خزيمة بن ثابت شهادتين، وسماه ذا الشهادتين (2).

[الحديث: 1380] عن عاصم بن ضمرة السلولي أن غلاما ادعى على امرأة أنها أمه، فأنكرت فقال عمر: عليّ بأم الغلام، فأُتي بها مع أربع إخوة لها، وأربعين قسامة يشهدون أنها

__________

(1) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 276.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 62/ 212.

أحكام الحكومة الإسلامية (302)

لا تعرف الصبي، وأن هذا الغلام غلام مدع غشوم ظلوم، يريد أن يفضحها في عشيرتها، وأن هذه جارية من قريش لم تتزوج قط، فقال الإمام علي لعمر: أتأذن لي أن أقضي بينهم؟ فقال عمر: سبحان الله، كيف لا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أعلمكم علي بن أبي طالب؟ ثم قال للمرأة: ألك شهود؟ قالت: نعم، فتقدم الأربعون قسامة فشهدوا بالشهادة الأولى، فقال الإمام علي: لأقضين اليوم بينكم بقضية هي مرضاة الرب، علمنيها حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال لها: ألك ولي؟ فقالت: نعم هؤلاء إخوتي، فقال لإخوتها: أمري فيكم وفي أختكم جائز؟ قالوا: نعم، قال: أشهد الله، وأشهد من حضر من المسلمين، أني قد زوجت هذه الجارية من هذا الغلام بأربعمائة درهم، والنقد من مالي، يا قنبر عليّ بالدراهم، فأتاه قنبر بها فصبها في يد الغلام فقال: خذها فصبها في حجر امرأتك، ولا تأتني إلا وبك أثر العرس، فقام الغلام فصب الدراهم في حجر المرأة، ثم تلببها، فقال لها: قومي، فنادت المرأة: النار النار يا ابن عم محمد صلى الله عليه وآله وسلم تريد أن تزوجني من ولدي، هذا والله ولدي، زوجني إخوتي هجينا فولدت منه هذا، فلما ترعرع وشب، أمروني أن انتفي منه وأطرده، وهذا والله ولدي (1).

[الحديث: 1381] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم، أو ليزوي بها مال امرئ مسلم، أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر، وفي وجهه كدوح، تعرفه الخلائق باسمه ونسبه، ومن شهد شهادة حق ليحيى بها حق امرئ مسلم، أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر تعرفه الخلائق باسمه ونسبه، ثم قال الإمام الباقر: ألا ترى أن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ [الطلاق: 2]) (2).

__________

(1) الكافي 7/ 423/ 6، والتهذيب 6/ 304/ 849.

(2) الكافي 7/ 380/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (303)

[الحديث: 1382] قال الإمام الصادق: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كتمان الشهادة، وقال: ومن كتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق، وهو قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: 283] (1).

[الحديث: 1383] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رجع عن شهادته وكتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق، ويدخل النار وهو يلوك لسانه (2).

[الحديث: 1384] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تشهد بشهادة لا تذكرها، فإنه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما (3).

[الحديث: 1385] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن ملك الموت إذا نزل فقبض روح الكافر، نزل معه بسفود من نار، فينزع روحه فيصيح جهنم، قيل علي: هل يصيب ذلك أحدا من أمّتك؟ قال: نعم، حاكم جائر، وآكل مال اليتيم ظلما، وشاهد زور (4).

[الحديث: 1386] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شهد شهادة زور على أحد من الناس، علق بلسانه مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار، ومن حبس عن أخيه المسلم شيئا من حقه، حرم الله عليه بركة الرزق إلا أن يتوب، ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها (5).

[الحديث: 1387] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شهد شهادة زور على رجل مسلم أو ذمي أو من كان من الناس، علق بلسانه يوم القيامة، وهو مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار (6).

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 4/ 7/ 1.

(2) عقاب الاعمال: 333.

(3) الكافي 7/ 383/ 4.

(4) الكافي 3/ 253/ 10.

(5) من لا يحضره الفقيه 4/ 9/ 1.

(6) عقاب الاعمال: 336.

أحكام الحكومة الإسلامية (304)

[الحديث: 1388] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن شاهد الزور لا تزول قدمه يوم القيامة حتى توجب له النار (1).

[الحديث: 1389] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شهد عندنا ثم غير، أخذناه بالأول، وطرحنا الأخير (2).

[الحديث: 1390] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شهد عندنا بشهادة ثم غير، أخذناه بالأولى وطرحنا الأخرى (3).

[الحديث: 1391] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن عن الشهادة، فقال: هل ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد أو دع (4).

[الحديث: 1392] قال الإمام الصادق: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجاز شهادة النساء في الدين وليس معهن رجل (5).

[الحديث: 1393] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لم تجز شهادة الصبي، ولا خصم، ولا متهم، ولا ظنين (6).

[الحديث: 1394] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمز على أخيه، ولا ظنين في ولاء، ولا قرابة، ولا القانع مع أهل البيت (7)) (8)

[الحديث: 1395] قال الإمام الباقر: رد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهادة السائل الذي يسأل في كفه، قال الإمام الباقر: لأنه لا يؤمن على الشهادة، وذلك لأنه إن أعطي رضي، وإن منع

__________

(1) قرب الإسناد: 41.

(2) التهذيب 6/ 282/ 775، الفقيه 3/ 27/ 74.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 27/ 74،.

(4) الشرائع 4/ 132.

(5) التهذيب 6/ 263/ 701 و6/ 271/ 734، والاستبصار 3/ 22/ 69، الفقيه 3/ 32/ 100.

(6) نوادر احمد بن محمد بن عيسى: 41.

(7) قال الصدوق: الغمز: الشحناء والعداوة، والظنين: المتهم في دينه، والظنين في الولاء والقرابة: الذي يتهم بالدعاء إلى غير أبيه والمتولي غير مواليه، والقانع مع أهل البيت: الرجل يكون مع قوم في حاشيتهم، كالخادم لهم والتابع والأجير ونحوه.

(8) معاني الأخبار/ 208.

أحكام الحكومة الإسلامية (305)

سخط (1).

[الحديث: 1396] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحرمت غيبته (2).

[الحديث: 1397] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة: 282]: ليكونوا من المسلمين منكم، فإن الله إنما شرف المسلمين العدول بقبول شهادتهم، وجعل ذلك من الشرف العاجل لهم ومن ثواب دنياهم (3).

[الحديث: 1398] قال الإمام الباقر: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله أحب أن تشهد لي على نحل نحلتها ابني، فقال: مالك ولد سواه؟ قال: نعم، قال: فنحلتهم كما نحلته؟ قال: لا، قال: فإنا معاشر الأنبياء لا نشهد على الحيف (4).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 1399] قال الإمام علي: شكا نبي من الأنبياء إلى ربه، فقال: يا رب كيف أقضي فيما لم أر ولم أشهد؟ فأوحى الله إليه: احكم بينهم بكتابي، وأضفهم إلى اسمي، فحلفهم به، وهذا لمن لم تقم له بينة (5).. وفي رواية: اقض بينهم بالبينات، وأضفهم إلى اسمي يحلفون به (6).

__________

(1) الكافي 7/ 396/ 13.

(2) الخصال: 208/ 28.

(3) التفسير المنسوب للإمام العسكري 276.

(4) من لا يحضره الفقيه 3/ 40/ 134.

(5) الكافي 7/ 415/ 4، التهذيب 6/ 228/ 550.

(6) الكافي 7/ 414/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (306)

[الحديث: 1400] قال الإمام علي: إن داود عليه السلام قال: يا رب أرني الحق كما هو عندك، حتى أقضي به، فقال: إنّك لا تطيق ذلك، فألح على ربه حتى فعل، فجاءه رجل يستعدي على رجل، فقال: إن هذا أخذ مالي، فأوحى الله إلى داود: إن هذا المستعدي قتل أبا هذا، وأخذ ماله، فأمر داود بالمستعدي فقتل، وأخذ ماله، فدفع إلى المستعدى عليه، فعجب الناس، وتحدثوا حتى بلغ داود عليه السلام، ودخل عليه من ذلك ما كره، فدعا ربه أن يرفع ذلك ففعل، ثم أوحى الله إليه: أن أحكم بينهم بالبينات، وأضفهم إلى اسمي يحلفون به (1).

[الحديث: 1401] قال الإمام علي: أحكام المسلمين على ثلاثة: شهادة عادلة، أو يمين قاطعة، أو سنة ماضية من أئمة الهدى (2).

[الحديث: 1402] عن الأصبغ بن نباتة قال: قضى الإمام علي أن يحجر على الغلام حتى يعقل، وقضى في الدين أنه يحبس صاحبه، فإن تبين إفلاسه والحاجة فيخلى سبيله حتى يستفيد مالا، وقضى في الرجل يلتوي على غرمائه أنه يحبس، ثم يؤمر به، فيقسّم ماله بين غرمائه بالحصص، فإن أبى باعه، فقسمه بينهم (3).

[الحديث: 1403] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي لا يحبس في الدين إلا ثلاثة: الغاصب، ومن أكل مال اليتيم ظلما، ومن ائتمن على أمانة فذهب بها، وإن وجد له شيئا باعه، غائبا كان، أو شاهدا (4).

[الحديث: 1404] قال الإمام الصادق: اختصم رجلان إلى أمير المؤمنين (الإمام علي) في دابّة في أيديهما، وأقام كل واحد منهما البينة أنها نتجت عنده، فأحلفهما الإمام علي، فحلف أحدهما، وأبى الآخر أن يحلف، فقضى بها للحالف، فقيل له: فلو لم تكن في يد واحد

__________

(1) التهذيب 6: 228/ 551.

(2) الكافي 7/ 432/ 20.

(3) التهذيب 6/ 232/ 568.

(4) التهذيب 6/ 299/ 836.

أحكام الحكومة الإسلامية (307)

منهما، وأقاما البينة؟ فقال: أحلفهما فأيهما حلف ونكل الآخر جعلتها للحالف، فإن حلفا جميعا جعلتها بينهما نصفين، قيل: فإن كانت في يد أحدهما، وأقاما جميعا البينة؟ قال: أقضي بها للحالف الذي هي في يده (1).

[الحديث: 1405] قال الإمام الصادق: اختصم رجلان إلى الإمام علي في دابة، وكلاهما أقاما البينة أنه انتجها، فقضى بها للذي في يده، وقال: لو لم تكن في يده جعلتها بينها نصفين (2).

[الحديث: 1406] عن تميم بن طرفة: أن رجلين عرفا بعيراً، فأقام كل واحد منهما بينة، فجعله الإمام علي بينهما (3).

[الحديث: 1407] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي إذا أتاه رجلان بشهود عدلهم سواء وعددهم، أقرع بينهم على أيهما تصير اليمين، وكان يقول: اللهم ربّ السماوات السبع، أيهم كان له الحق فأده إليه، ثم يجعل الحق للذي يصير عليه اليمين إذا حلف (4).

[الحديث: 1408] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي في رجلين ادعيا بغلة، فأقام أحدهما شاهدين، والآخر خمسة، فقضى لصاحب الشهود الخمسة خمسة أسهم، ولصاحب الشاهدين سهمين (5).

[الحديث: 1409] قال الإمام الصادق: اختصم رجلان إلى الإمام علي في دابة، فزعم كل واحد منهما أنها نتجت على مذوده وأقام كل واحد منهما بينة سواء في العدد، فأقرع بينهما سهمين، فعلم السهمين كل واحد منهما بعلامة، ثم قال: (اللهم رب السماوات

__________

(1) الكافي 7/ 419/ 2.

(2) الكافي 7/ 419/ 6، التهذيب 6/ 234/ 573، والاستبصار 3/ 39/ 133.

(3) الكافي 7/ 419/ 5.

(4) الكافي 7/ 419/ 3، والتهذيب 6/ 233/ 571، والاستبصار 3/ 39/ 131، ومن لا يحضره الفقيه 3/ 53/ 181.

(5) الكافي 7/ 433/ 23.

أحكام الحكومة الإسلامية (308)

السبع، ورب الأرضين السبع، ورب العرش العظيم، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، أيهما كان صاحب الدابة، وهو أولى بها، فأسألك أن يقرع، ويخرج سهمه، فخرج سهم أحدهما، فقضى له بها (1).

[الحديث: 1410] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي يجيز في الدين شهادة رجل، ويمين المدعي (2).

[الحديث: 1411] عن الإمام الباقر، أن شابا قال للإمام علي: إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر، فرجعوا ولم يرجع أبي، فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله، فقالوا: ما ترك مالا، فقدمتهم إلى شريح، فاستحلفهم، وقد علمت أن أبي خرج ومعه مال كثير، فقال الإمام علي: والله لأحكمن بينهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبي عليه السلام، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس، فدعاهم، فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة، ثم نظر إلى وجوههم فقال: ماذا تقولون؟ تقولون: إني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى؟! إني إذا لجاهل، ثم قال: فرقوهم وغطوا رؤوسهم، ففرق بينهم، وأقيم كل رجل منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم، ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه، فقال: هات صحيفة ودواة، وجلس الإمام علي في مجلس القضاء، وجلس الناس إليه، فقال لهم: إذا أنا كبرت فكبروا، ثم قال للناس: اخرجوا، ثم دعا بواحد منهم، فأجلسه بين يديه، وكشف عن وجهه، ثم قال لعبيد الله: اكتب إقراره وما يقول، ثم أقبل عليه بالسؤال، فقال له الإمام علي: في أي يوم خرجتم من منازلكم، وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل: في يوم كذا وكذا، فقال: وفي أي شهر؟ فقال: في شهر كذا وكذا، قال: في أي

__________

(1) التهذيب 6/ 234/ 576، والاستبصار 3/ 40/ 136.

(2) الكافي 7/ 385/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (309)

سنة؟ فقال: في سنة كذا وكذا، فقال: وإلى أين بلغتم في سفركم حتى مات أبو هذا الفتى؟ قال: إلى موضع كذا وكذا، قال: وفي منزل من مات؟ قال: في منزل فلان بن فلان، قال: وما كان مرضه؟ قال: كذا وكذا قال: وكم يوما مرض؟ قال: كذا وكذا، قال: ففي أي يوم مات؟ ومن غسله؟ ومن كفنه؟ وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه؟ ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد، كبر الإمام علي، وكبر الناس جميعا، فارتاب أولئك الباقون، ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقرّ عليهم وعلى نفسه، فأمر أن يغطى رأسه وينطلق به إلى السجن، ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه، وكشف عن وجهه، وقال: كلا زعمتم أني لا أعلم ما صنعتم؟! فقال: يا أمير المؤمنين، ما أنا إلا واحد من القوم، ولقد كنت كارها لقتله فأقرّ، ثم دعا بواحد بعد واحد كلهم يقر بالقتل وأخذ المال، ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضاً، فألزمهم المال والدم، ثم ذكر حكم داود عليه السلام بمثل ذلك.. ثم إن الفتى والقوم اختلفوا في مال أبي الفتى كم كان، فأخذ الإمام علي خاتمه وجمع خواتيم من عنده، قال: أجيلوا هذه السهام، فأيكم أخرج خاتمي، فهو صادق في دعواه، لأنه سهم الله عزّ وجلّ، وهو لا يخيب (1).

[الحديث: 1412] عن ابن أبي ليلي، قال: قضى أمير المؤمنين (الإمام علي) بين رجلين اصطحبا في سفر، فلما أراد الغداء أخرج أحدهما من زاده خمسة أرغفة، وأخرج الآخر ثلاثة أرغفة، فمر بهما عابر سبيل، فدعواه إلى طعامهما، فأكل الرجل معهما حتى لم يبق شيء، فلما فرغوا أعطاهما المعتر بهما ثمانية دراهم ثواب ما أكله من طعامهما، فقال صاحب الثلاثة أرغفة لصاحب الخمسة أرغفة: أقسمها نصفين بيني وبينك، وقال صاحب

__________

(1) الكافي 7/ 371/ 8.

أحكام الحكومة الإسلامية (310)

الخمسة: لا، بل يأخذ كل واحد منّا من الدراهم على عدد ما أخرج من الزاد، فأتيا أمير المؤمنين في ذلك، فلما سمع مقالتهما قال لهما: اصطلحا فإن قضيتكما دنية، فقالا: اقض بيننا بالحق، قال: فأعطى صاحب الخمسة أرغفة سبعة دراهم، وأعطى صاحب الثلاثة أرغفة درهما وقال: أليس أخرج أحدكما من زاده خمسة أرغفة، وأخرج الآخر ثلاثة؟ قالا: نعم، قال: أليس أكل ضيفكما معكما مثل ما أكلتما؟ قالا: نعم، قال: أليس أكل كل واحد منكما ثلاثة أرغفة غير ثلث؟ قالا: نعم، قال: أليس أكلت أنت يا صاحب الثلاثة ثلاثة أرغفة غير ثلث؟ وأكلت أنت يا صاحب الخمسة ثلاثة أرغفة غير ثلث؟ وأكل الضيف ثلاثة أرغفة غير ثلث؟ أليس قد بقي لك يا صاحب الثلاثة ثلث رغيف من زادك؟ وبقى لك يا صاحب الخمسة رغيفان وثلث وأكلت ثلاثة غير ثلث؟ فأعطاكما لكل ثلث رغيف درهما، فأعطى صاحب الرغيفين وثلث سبعة دراهم، وأعطي صاحب الثلث رغيف درهما (1).

[الحديث: 1413] عن الإمام الصادق أن الإمام علي قال لأبي بكر: أتحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال: لا، قال: فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه، ادعيت أنا فيه، من تسأل البينة؟ قال: إياك كنت أسأل البينة على ما تدعيه على المسلمين، قال: فإذا كان في يدي شيء فادعى فيه المسلمون، تسألني البينة على ما في يدي؟ وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعده، ولم تسأل المؤمنين البينة على ما ادعوا عليّ كما سألتني البينة على ما ادعيت عليهم.. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر (2).

[الحديث: 1414] قال الإمام علي: لا يحبس في السجن إلا ثلاثة: الغاصب، ومن

__________

(1) الكافي 7/ 427/ 10.

(2) تفسير القمي 2/ 156.

أحكام الحكومة الإسلامية (311)

أكل مال اليتيم ظلما، ومن ائتمن على أمانة فذهب بها، وإن وجد له شيئا باعه غائبا كان أو شاهدا (1).

[الحديث: 1415] قال الإمام علي: لا يقضى على غائب (2).

[الحديث: 1416] عن الإمام الباقر، أن الإمام علي كان يستحلف النصارى واليهود في بيعهم وكنائسهم، والمجوس في بيوت نيرانهم ويقول: شددوا عليهم احتياطا للمسلمين (3).

[الحديث: 1417] عن الإمام الباقر أن رجلا استعدى الإمام علي على رجل فقال: إنه افترى عليّ، فقال الإمام علي للرجل: أفعلت ما فعلت؟ قال: لا، ثم قال للمستعدي: ألك بينة؟ فقال: ما لي بينة فأحلفه لي، فقال الإمام علي: ما عليه يمين (4).

[الحديث: 1418] قال الإمام علي: لا ضمان على صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب، لأنه إنما أخذ الجعل على الحمام، ولم يأخذ على الثياب (5).

[الحديث: 1419] قال الإمام علي: حبس الإمام بعد الحد ظلم (6).

[الحديث: 1420] قال الإمام علي: لا يشفعن أحدكم في حد إذا بلغ الإمام، فإنه لا يملكه فيما يشفع فيه، وما لم يبلغ الإمام فإنه يملكه، فاشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم، واشفع فيما لم يبلغ الإمام في غير الحد مع رجوع المشفوع له، ولا تشفع في حق امرئ مسلم وغيره إلا باذنه (7).

[الحديث: 1421] قال الإمام علي في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾

__________

(1) التهذيب 6/ 299/ 836، والاستبصار 3/ 47/ 154.

(2) قرب الإسناد: 66.

(3) قرب الإسناد: 42.

(4) التهذيب 6/ 314/ 868.

(5) التهذيب 6/ 314/ 869.

(6) التهذيب 6/ 314/ 870.

(7) من لا يحضره الفقيه 3/ 19/ 45.

أحكام الحكومة الإسلامية (312)

[البقرة: 282]: من كان في عنقه شهادة فلا يأب إذا دعي لإقامتها، وليقمها، ولينصح فيها، ولا تأخذه فيها لومة لائم، وليأمر بالمعروف، ولينه عن المنكر (1).

[الحديث: 1422] قال الإمام علي في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ [البقرة: 282]: نزلت فيمن إذا دعي لسماع الشهادة أبى، ونزلت فيمن امتنع عن أداء الشهادة إذا كانت عنده ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: 283] يعني كافر قلبه (2).

[الحديث: 1423] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في رجل شهد عليه رجلان بأنه سرق، فقطع يده، حتى إذا كان بعد ذلك جاء الشاهدان برجل آخر، فقالا: هذا السارق، وليس الذي قطعت يده، إنما شبهنا ذلك بهذا، فقضي عليهما أن غرمهما نصف الدية، ولم يجز شهادتهما على الآخر (3).

[الحديث: 1424] عن الإمام الباقر أن الإمام علي كان إذا أخذ شاهد زور، فإن كان غريبا بعث به إلى حيه، وإن كان سوقيا بعث به إلى سوقه فطيف به، ثم يحبسه أياماً، ثم يخلي سبيله (4).

[الحديث: 1425] قال الإمام علي في قوله تعالى: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [البقرة: 282]: إذا ضلّت إحداهما عن الشهادة فنسيتها، ذكرت أحداهما الأخرى بها فاستقاما في أداء الشهادة عند الله شهادة امرأتين بشهادة رجل، ثم قال: معاشر النساء، احترزن من الغلط في الشهادات، فإن الله يعظم ثواب المتحفظين والمتحفظات في الشهادة، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما من امرأتين احترزتا في الشهادة، فذكرت إحداهما

__________

(1) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 285.

(2) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 285.

(3) الكافي 7/ 384/ 8.

(4) التهذيب 6/ 280/ 770.

أحكام الحكومة الإسلامية (313)

الأخرى حتى تقيما الحق وتنفيا الباطل إلا وإذا بعثهما الله يوم القيامة عظم ثوابهما (1).

[الحديث: 1426] قال الإمام علي: إن شهادة الصبيان إذا أشهدوهم وهم صغار جازت إذا كبروا ما لم ينسوها (2).

[الحديث: 1427] قال الإمام علي: شهادة الصبيان جائزة بينهم ما لم يتفرقوا أو يرجعوا إلى أهلهم (3).

[الحديث: 1428] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في وصية لم يشهدها إلا امرأة، فقضي أن تجاز شهادة المرأة في ربع الوصية (4).

[الحديث: 1429] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في غلام شهدت عليه امرأة أنه دفع غلاما في بئر فقتله، فأجاز شهادة المرأة بحساب شهادة المرأة (5).

[الحديث: 1430] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي يقول: لا آخذ بقول عراف، ولا قائف، ولا لص، ولا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه (6).

[الحديث: 1431] عن الإمام الصادق، أنّ الإمام علي لم يكن يجيز شهادة سابق الحاج (7).

[الحديث: 1432] قيل للإمام علي: رجلان شهدا على رجل أنه سرق، فقطعت يده، ثم رجع أحدهما فقال: شبه علينا، فقال: غرما دية اليد من أموالهما خاصة (8).

[الحديث: 1433] قال الإمام علي: ليس أحد يصيب حدا فيقام عليه، ثم يتوب، إلا

__________

(1) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 285.

(2) الكافي 7/ 389/ 5.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 27/ 79.

(4) التهذيب 6/ 267/ 717، والاستبصار 3/ 28/ 88.

(5) التهذيب 6/ 267/ 714، والاستبصار 3/ 27/ 85.

(6) من لا يحضره الفقيه 3/ 30/ 91.

(7) الكافي 7/ 396/ 12.

(8) التهذيب 6/ 285/ 788.

أحكام الحكومة الإسلامية (314)

جازت شهادته إلا القاذف، فإنه لا تقبل شهادته، إن توبته فيما كان بينه وبين الله تعالى (1).

[الحديث: 1434] عن الإمام الصادق أن الإمام علي شهد عنده رجل وقد قطعت يده ورجله شهادة فأجاز شهادته، وقد كان تاب، وعرفت توبته (2).

[الحديث: 1435] قال الإمام علي: ليس يصيب أحد حدا فيقام عليه ثم يتوب إلا جازت شهادته (3).

[الحديث: 1436] قال الإمام علي في قوله تعالى: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ [البقرة: 282]: ممن ترضون دينه وأمانته وصلاحه وعفته وتيقظه فيما يشهد به وتحصيله وتمييزه، فما كل صالح مميزا، ولا محصلا، ولا كل محصل مميز صالح (4).

[الحديث: 1437] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي لا يجيز شهادة رجل على رجل إلا شهادة رجلين على رجل (5).

[الحديث: 1438] قال الإمام علي: لا أقبل شهادة رجل على رجل حي وإن كان باليمن (6).

[الحديث: 1439] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي لا يجيز شهادة على شهادة في حد (7).

[الحديث: 1440] قال الإمام علي: لا تجوز شهادة على شهادة في حد، ولا كفالة في حد (8).

__________

(1) التهذيب 6/ 284/ 786، والاستبصار 3/ 37/ 127.

(2) الكافي 7/ 397/ 3، التهذيب 6/ 245/ 618، والاستبصار 3/ 37/ 123.

(3) الكافي 7/ 397/ 4.

(4) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 283.

(5) التهذيب 6/ 255/ 668، والاستبصار 3/ 21/ 61.

(6) التهذيب 6/ 256/ 673، والاستبصار 3/ 20/ 60.

(7) التهذيب 6/ 255/ 667.

(8) التهذيب 6/ 256/ 671.

أحكام الحكومة الإسلامية (315)

[الحديث: 1441] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي أنّ الفرية ثلاثة ـ يعني ثلاث وجوه ـ إذا رمى الرجل الرجل بالزنى، وإذا قال: إنّ أمه زانية، وإذا دعي لغير أبيه، فذلك فيه حدّ ثمانون (1).

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 1442] قال الإمام السجاد: المؤمن ينصت ليسلم، وينطق ليغنم، لا يحدّث أمانته الأصدقاء، ولا يكتم شهادته من البعداء ولا يعمل شيئا من الخير رياء، ولا يتركه حياء، إن زكي خاف ما يقولون، ويستغفر اللّه لما لا يعلمون، لا يغرّه قول من جهله، ويخاف إحصاء ما عمله (2).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 1443] سئل الإمام الباقر عن الرجل يدعي ولا بينة له، فقال: يستحلفه، فإن رد اليمين على صاحب الحق فلم يحلف فلا حق له (3).

[الحديث: 1444] سئل الإمام الباقر عن الرجل يقيم البينة على حقه، هل عليه أن يستحلف؟ فقال: لا (4).

[الحديث: 1445] قيل للإمام الباقر: رجل شهد له رجلان بأن له عند رجل خمسين درهما، وجاء آخران فشهدا بأن له عنده مائة درهم، كلهم شهدوا في موقف، فقال: أقرع بينهم، ثم استحلف الذين أصابهم القرع بالله، أنهم يحلفون بالحق (5).

[الحديث: 1446] قال الإمام الباقر: القرعة لا تكون إلا للإمام (6).

__________

(1) الكافي ج 7 ص 205.

(2) اصول الكافي ج 2 ص 231.

(3) الكافي 7/ 416/ 1.

(4) التهذيب 6/ 230/ 558.

(5) الكافي 7/ 420/ 1، التهذيب 6/ 235/ 578، والاستبصار 3/ 41/ 138.

(6) التهذيب 6/ 240/ 592.

أحكام الحكومة الإسلامية (316)

[الحديث: 1447] قال الإمام الباقر: أول من سوهم عليه مريم بنت عمران، وهو قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ [آل عمران: 44] والسهام ستة، ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم، فوقفت السفينة في اللجة، فاستهموا فوقع على يونس ثلاث مرات، فمضى يونس إلى صدر السفينة، فإذا الحوت فاتح فاه فرمى نفسه، ثم كان عند عبد المطّلب تسعة بنين، فنذر في العاشر إن رزقه الله غلاما أن يذبحه، فلما ولد عبد الله لم يكن يقدر أن يذبحه ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صلبه، فجاء بعشر من الإبل، فساهم عليها وعلى عبد الله، فخرجت السهام على عبد الله، فزاد عشرا، فلم تزل السهام تخرج على عبد الله ويزيد عشرا، فلما أن خرجت مائة خرجت السهام على الإبل، فقال عبد المطلب: ما أنصفت ربي، فأعاد السهام ثلاثاً، فخرجت على الإبل، فقال: الآن علمت أن ربي قد رضي، فنحرها (1).

[الحديث: 1448] قال الإمام الباقر: لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد، إذا علم منه خير، مع يمين الخصم في حقوق الناس، فأما ما كان من حقوق الله عزّ وجلّ، أو رؤية الهلال فلا (2).

[الحديث: 1449] عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: دخل الحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل على الإمام الباقر، فسألاه عن شاهد ويمين، فقال: قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقضى به الإمام علي عندكم بالكوفة، فقالا: هذا خلاف القرآن، فقال: وأين وجدتموه خلاف القرآن؟ قالا: إن الله يقول: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ [الطلاق: 2] فقال: قول الله: ﴿وَأَشْهِدُوا

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 51/ 173.

(2) التهذيب 6: 273/ 746، والاستبصار 3: 33/ 116

أحكام الحكومة الإسلامية (317)

ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: 2] هو لا تقبلوا شهادة واحد ويمينا، ثم قال: إن الإمام علي كان قاعدا في مسجد الكوفة، فمر به عبد الله بن قفل التميمي ومعه درع طلحة، فقال له الإمام علي: هذه درع طلحة، أخذت غلولا يوم البصرة، فقال له عبد الله بن قفل: أجل بيني وبينك قاضيك الذي رضيته للمسلمين، فجعل بينه وبينه شريحا، فقال الإمام علي: هذه درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة، فقال له شريح: هات على ما تقول بينة، فأتاه بالحسن، فشهد أنها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة، فقال شريح: هذا شاهد، واحد ولا أقضي بشهادة شاهد، حتى يكون معه آخر، فدعا قنبر فشهد أنها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة، فقال شريح: هذا مملوك، ولا أقضي بشهادة مملوك، فغضب الإمام علي، وقال: خذها، فإن هذا قضى بجور ثلاث مرات، فتحول شريح وقال: لا أقضي بين اثنين، حتى تخبرني من أين قضيت بجور ثلاث مرات، فقال له: ويلك إني لما أخبرتك أنها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة، فقلت: هات على ما تقول بينة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حيث ما وجد غلول أخذ بغير بينة، فقلت: رجل لم يسمع الحديث، فهذه واحدة، ثم أتيتك بالحسن فشهد، فقلت: هذا واحد ولا أقضي بشهادة واحد، حتى يكون معه آخر، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة واحد ويمين، فهذه ثنتان، ثم أتيتك بقنبر، فشهد أنها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة، فقلت: هذا مملوك ولا أقضي بشهادة مملوك، وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا، ثم قال: ويلك إن إمام المسلمين يؤمن من أمورهم على ما هو أعظم من هذا (1).

[الحديث: 1450] قال الإمام الباقر: الغائب يقضى عليه إذا قامت عليه البيّنة، ويباع ماله، ويقضى عنه دينه وهو غائب، ويكون الغائب على حجته إذا قدم، ولا يدفع المال إلى

__________

(1) الكافي 7/ 385/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (318)

الذي أقام البينة إلا بكفلاء (1).

[الحديث: 1451] قال الإمام الباقر: لا يحلف أحد عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أقل مما يجب فيه القطع (2).

[الحديث: 1452] قيل للإمام الباقر: قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ [الليل: 1 - 2]، ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ [النجم: 1] وما أشبه ذلك، فقال: إن لله عزّ وجلّ أن يقسم من خلقه بما شاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلا به (3).

[الحديث: 1453] قال الإمام الباقر: إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها، فهو بالخيار، إن شاء شهد، وإن شاء سكت، إلا إذا علم من الظالم فيشهد، ولا يحل له إلا أن يشهد (4).

[الحديث: 1454] سئل الإمام الباقر عن الرجل يحضر حساب الرجلين، فيطلبان منه الشهادة على ما سمع منهما، قال: ذلك إليه إن شاء شهد، وإن شاء لم يشهد، وإن شهد شهد بحق قد سمعه، وإن لم يشهد فلا شيء، لأنهما لم يشهداه (5).

[الحديث: 1455] قال الإمام الباقر في الرجل يشهد حساب الرجلين، ثم يدعى إلى الشهادة: إن شاء شهد، وإن شاء لم يشهد (6).

[الحديث: 1456] قال الإمام الباقر في الرجل يشهد حساب الرجلين، ثم يدعى إلى الشهادة، قال: يشهد (7).

[الحديث: 1457] قال الإمام الباقر: ما من رجل يشهد بشهادة زور على مال رجل

__________

(1) التهذيب 6/ 296 / 827.

(2) التهذيب 6/ 310/ 855.

(3) الكافي 7/ 449/ 1.

(4) الكافي 7/ 381/ 3.

(5) الكافي 7/ 382/ 6.

(6) من لا يحضره الفقيه 3/ 33/ 107.

(7) من لا يحضره الفقيه 3/ 33/ 108.

أحكام الحكومة الإسلامية (319)

مسلم ليقطعه، إلا كتب الله له مكانه صكا إلى النار (1).

[الحديث: 1458] قال الإمام الباقر في الشهود إذا رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل: ضمنوا ما شهدوا به وغرموا، وإن لم يكن قضي طرحت شهادتهم ولم يغرموا الشهود شيئا (2).

[الحديث: 1459] سئل الإمام الباقر عن رجلين شهدا على رجل غائب عن امرأته أنه طلقها، فاعتدت المرأة وتزوجت، ثم إن الزوج الغائب قدم فزعم أنه لم يطلقها، وأكذب نفسه أحد الشاهدين، فقال: لا سبيل للأخير عليها، ويؤخذ الصداق من الذي شهد ورجع، فيرد على الأخير، ويفرق بينهما، وتعتد من الأخير، ولا يقربها الأول حتى تنقضي عدتها (3).

[الحديث: 1460] سئل الإمام الباقر عن الصبي يشهد على الشهادة؟ فقال: إن عقله حين يدرك أنه حق جازت شهادته (4).

[الحديث: 1461] قال الإمام الباقر: شهادة الأخ لأخيه تجوز إذا كان مرضيا ومعه شاهد آخر (5).

[الحديث: 1462] قال الإمام الباقر: لا يصلى خلف من يبتغي على الأذان والصلاة الأجر، ولا تقبل شهادته (6).

[الحديث: 1463] قال الإمام الباقر: لا تقبل شهادة ذي شحناء، أو ذي مخزية في الدين (7).

__________

(1) الكافي 7/ 383/ 1.

(2) الكافي 7/ 383/ 1.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 36/ 120

(4) الكافي 7/ 389/ 4.

(5) التهذيب 6/ 286/ 790.

(6) الكافي 7/ 396/ 11.

(7) من لا يحضره الفقيه 3/ 27/ 73.

أحكام الحكومة الإسلامية (320)

[الحديث: 1464] قال الإمام الباقر: لا تجوز شهادة المريب، والخصم، ودافع مغرم، أو أجير، أو شريك، أو متهم، أو تابع، ولا تقبل شهادة شارب الخمر، ولا شهادة المقامر (1).

[الحديث: 1465] قال الإمام الباقر: لا تقبل شهادة سابق الحاج، لأنه قتل راحلته، وأفنى زاده، وأتعب نفسه، واستخف بصلاته، قيل: فالمكاري والجمال والملاح؟ فقال: وما بأس بهم تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء (2).

[الحديث: 1466] سئل الإمام الباقر عن الذي يقذف المحصنات، تقبل شهادته بعد الحد إذا تاب؟ فقال: نعم، قيل: وما توبته؟ قال: يجيء فيكذب نفسه عند الإمام ويقول: قد افتريت على فلانة ويتوب مما قال (3).

[الحديث: 1467] قال الإمام الباقر: لو كان الأمر إلينا لأجزنا شهادة الرجل إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس (4).

[الحديث: 1468] قال الإمام الباقر: تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كن مستورات من أهل البيوتات، معروفات بالستر والعفاف، مطيعات للأزواج، تاركات للبذاء والتبرج إلى الرجال في أنديتهم (5).

[الحديث: 1469] سئل الإمام الباقر عن الأعمى تجوز شهادته؟ قال: نعم إذا أثبت (6).

[الحديث: 1470] سئل الإمام الباقر عن الشهادة على شهادة الرجل وهو بالحضرة في البلد، فقال: نعم، ولو كان خلف سارية يجوز ذلك إذا كان لا يمكنه أن يقيمها هو لعلة

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 25/ 67.

(2) الكافي 7/ 396/ 10.

(3) الكافي 7/ 397/ 5.

(4) من لا يحضره الفقيه 3/ 33/ 104.

(5) التهذيب 6/ 242/ 597، والاستبصار 3/ 13/ 34.

(6) التهذيب 6/ 254/ 662، والكافي 7/ 400/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (321)

تمنعه عن أن يحضره ويقيمها، فلا بأس بإقامة الشهادة على شهادته (1).

[الحديث: 1471] قال الإمام الباقر: أشهد على شهادتك من ينصحك، قيل: كيف؟ يزيد وينقص، قال: لا، ولكن من يحفظها عليك، ولا تجوز شهادة على شهادة على شهادة (2).

[الحديث: 1472] قال الإمام الباقر: تبطل الشهادة في الربا والحيف، وإذا قال الشهود: إنا لا نعلم خلي سبيلهم، وإذا علموا عزرهم (3).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 1473] سئل الإمام الصادق عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلها، البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، إلا في الدم خاصة (4).

[الحديث: 1474] قال الإمام الصادق: إن الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم، حكم في أموالكم: أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، وحكم في دمائكم: أن البينة على من ادعي عليه، واليمين على من ادعى، لئلا يبطل دم امرئ مسلم (5).

[الحديث: 1475] قال الإمام الصادق في تعارض البينتين في شاة في يد رجل: حقها للمدعي، ولا أقبل من الذي في يده بينة، لأن الله عزّ وجلّ إنما أمر أن تطلب البينة من المدعي، فإن كانت له بينة، وإلا فيمين الذي هو في يده، هكذا أمر الله عزّ وجلّ (6).

[الحديث: 1476] قال الإمام الصادق: لقد حضر الغدير اثنا عشر ألف رجل يشهدون لعلي بن أبي طالب، فما قدر على أخذ حقه، وإن أحدكم يكون له المال، ويكون له

__________

(1) التهذيب 6/ 256/ 672، والاستبصار 3/ 20/ 59.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 42/ 142.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 40/ 133.

(4) الكافي 7/ 361/ 4.

(5) الكافي 7/ 415/ 2.

(6) التهذيب 6/ 240/ 594.

أحكام الحكومة الإسلامية (322)

شاهدان، فيأخذ حقه، فإن حزب الله هم الغالبون في علي (1).

[الحديث: 1477] قال الإمام الصادق: العجب لما لقي علي بن أبي طالب، أنه كان له عشرة آلاف شاهد لم يقدر على أخذ حقه، والرجل يأخذ حقه بشاهدين (2).

[الحديث: 1478] سئل الإمام الصادق عن الرجل يدعى عليه الحق، ولا بينة للمدعي، فقال: يستحلف، أو يرد اليمين على صاحب الحق، فإن لم يفعل فلا حق له (3).

[الحديث: 1479] قال الإمام الصادق: ترد اليمين على المدعي (4).

[الحديث: 1480] سئل الإمام الصادق عن الرجل يدعى عليه الحق، وليس لصاحب الحق بينة، فقال: يستحلف المدعى عليه، فإن أبى أن يحلف، وقال: أنا أرد اليمين عليك لصاحب الحق، فإن ذلك واجب على صاحب الحق أن يحلف، ويأخذ ماله (5).

[الحديث: 1481] قال الإمام الصادق: إذا أقام المدعي البينة فليس عليه يمين، وإن لم يقم البينة، فرد عليه الذي ادعى عليه اليمين فأبى، فلا حق له (6).

[الحديث: 1482] قال الإمام الصادق: إذا أقام الرجل البينة على حقه، فليس عليه يمين، فإن لم يقم البينة فرد عليه الذي ادعى عليه اليمين، فإن أبى أن يحلف فلا حق له (7).

[الحديث: 1483] قال الإمام الصادق: إذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه، فحلف أن لا حق له قبله، ذهبت اليمين بحق المدعي، فلا دعوى له، قيل: وإن كانت عليه بيّنة عادلة؟ قال: نعم، وإن أقام بعد ما استحلفه بالله خمسين قسامة ما كان له، وكانت اليمين قد أبطلت كل ما ادّعاه قبله مما قد استحلفه عليه (8).

__________

(1) تفسير العياشي 1/ 329/ 143.

(2) تفسير العياشي 1/ 332/ 154.

(3) الكافي 7/ 416/ 2.

(4) الكافي 7/ 417/ 5، التهذيب 6/ 230/ 560.

(5) الكافي 7/ 416/ 4.

(6) من لا يحضره الفقيه 3/ 37/ 127.

(7) التهذيب 6/ 231/ 563.

(8) الكافي 7/ 417/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (323)

[الحديث: 1484] سئل الإمام الصادق عن الرجل يكون له على الرجل المال فيجحده، فقال: إن استحلفه فليس له أن يأخذ شيئا، وإن تركه ولم يستحلفه، فهو على حقه (1).

[الحديث: 1485] عن أبي بصير، قال: سألت الإمام الصادق عن الرجل يأتي القوم، فيدعي دارا في أيديهم، ويقيم البينة، ويقيم الذي في يده الدار البينة أنه ورثها عن أبيه، ولا يدري كيف كان أمرها؟ فقال: أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه، وذكر أن الإمام علي أتاه قوم يختصمون في بغلة، فقامت البينة لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذودهم، ولم يبيعوا، ولم يهبوا، فقضى بها لأكثرهم بينة واستحلفهم، قال: فسألته حينئذ، فقلت: أرأيت إن كان الذي ادعى الدار قال: إن أبا هذا الذي هو فيها أخذها بغير ثمن، ولم يقم الذي هو فيها بينة، إلا أنه ورثها عن أبيه، قال: إذا كان الأمر هكذا فهي للذي ادعاها، وأقام البينة عليها (2).

[الحديث: 1486]: سئل الإمام الصادق عن رجلين شهدا على أمر، وجاء آخران فشهدا على غير ذلك، فاختلفوا، فقال: يقرع بينهم، فأيهم قرع فعليه اليمين، وهو أولى بالحق (3).

[الحديث: 1487] قيل للإمام الصادق: رجل في يده شاة، فجاء رجل فادعاها، فأقام البينة العدول أنها ولدت عنده، ولم يهب، ولم يبع، وجاء الذي في يده بالبينة مثلهم عدول أنها ولدت عنده، لم يبع، ولم يهب، فقال: حقها للمدعي، ولا أقبل من الذي في يده بينة، لأن الله عزّ وجلّ إنما أمر أن تطلب البينة من المدعي، فإن كانت له بينة، وإلا فيمين

__________

(1) الكافي 7/ 418/ 2.

(2) الكافي 7/ 418/ 1.

(3) التهذيب 6/ 235/ 577، والاستبصار 3/ 40/ 137.

أحكام الحكومة الإسلامية (324)

الذي هو في يده، هكذا أمر الله عزّ وجلّ (1).

[الحديث: 1488] قال الإمام الصادق: ما تنازع قوم، ففوضوا أمرهم إلى الله عزّ وجلّ، إلا خرج سهم المحق، وأي قضية أعدل من القرعة، إذا فوض الأمر إلى الله، أليس الله يقول: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ [الصافات: 141] (2)؟

[الحديث: 1489] قال الإمام الصادق: قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باليمين مع الشاهد الواحد، وقضى الإمام علي به بالعراق (3).

[الحديث: 1490] عن الإمام الرضا قال: قال أبو حنيفة للإمام الصادق: تجيزون شهادة واحد ويمين؟ قال: نعم قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقضى به الإمام علي بين أظهركم بشاهد ويمين، فتعجب أبو حنيفة، فقال الإمام الصادق: أتعجب من هذا؟ إنكم تقضون بشاهد واحد في مائة شاهد، فقال له: لا نفعل، فقال: بلى، تبعثون رجلا واحدا، فيسأل عن مائة شاهد، فتجيزون شهادتهم بقوله، وإنما هو رجل واحد (4).

[الحديث: 1491] قيل للإمام الصادق: عشرة كانوا جلوسا، ووسطهم كيس، فيه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضاً: ألكم هذا الكيس؟ فقالوا كلهم: لا، وقال واحد منهم: هو لي، فلمن هو؟ قال: للذي ادعاه (5).

[الحديث: 1492] سئل الإمام الصادق عن البينة إذا أقيمت على الحق، أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة، إذا لم يعرفهم من غير مسألة؟ فقال: خمسة أشياء يجب على الناس أن يأخذوا فيها بظاهر الحكم: الولايات، والتناكح، والمواريث، والذبائح،

__________

(1) التهذيب 6/ 240/ 594، والاستبصار 3/ 43/ 143.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 52/ 175.

(3) أمالي الصدوق: 297/ 3.

(4) قرب الإسناد: 158.

(5) الكافي 7/ 422/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (325)

والشهادات، فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه (1).

[الحديث: 1493] قيل للإمام الصادق: إذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز لي أن أشهد أنه له؟ قال: نعم، قيل: أشهد أنه في يده ولا أشهد أنه له فلعله لغيره، فقال: أفيحل الشراء منه؟ قيل: نعم، فقال: فلعله لغيره، فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك؟ ثم تقول بعد الملك: هو لي وتحلف عليه، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك؟ ثم قال الإمام الصادق: لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق (2).

[الحديث: 1494] قيل للإمام الصادق: رجل دفع إليه رجلان شراء لهما من رجل فقال: لا ترد الكتاب على واحد منا دون صاحبه، فغاب أحدهما أو توارى في بيته، وجاء الذي باع منهما، فأنكر الشراء ـ يعني القبالة ـ فجاء الآخر إلى العدل فقال له: اخرج الشراء حتى نعرضه على البينة، فإن صاحبي قد أنكر البيع مني ومن صاحبي، وصاحبي غائب، ولعله قد جلس في بيته يريد الفساد عليّ، فهل يجب على العدل أن يعرض الشراء على البينة حتى يشهدوا لهذا؟ أم لا يجوز له ذلك حتى يجتمعا؟ فقال الإمام الصادق: إذا كان في ذلك صلاح أمر القوم فلا بأس إن شاء الله (3).

[الحديث: 1495] قيل للإمام الصادق: من يقيم الحدود؟ السلطان؟ أو القاضي؟ فقال: إقامة الحدود إلى من إليه الحكم (4).

[الحديث: 1496] قال الإمام الصادق: على الإمام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة، ويوم العيد إلى العيد فيرسل معهم، فإذا قضوا الصلاة والعيد، ردهم إلى

__________

(1) الكافي 7/ 431/ 15.

(2) الكافي 7/ 387/ 1.

(3) التهذيب 6/ 303/ 846.

(4) التهذيب 6/ 314/ 871.

أحكام الحكومة الإسلامية (326)

السجن (1).

[الحديث: 1497] سئل الإمام الصادق عن الأخرس، كيف يحلف إذا ادعي عليه دين وأنكره، ولم يكن للمدعي بينة؟ فقال: إن أمير المؤمنين أتي بأخرس، فادعي عليه دين، ولم يكن للمدعي بينة، فقال: الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى بينت للأمة جميع ما تحتاج إليه، ثم قال: ائتوني بمصحف، فأتي به، فقال للأخرس: ما هذا؟ فرفع رأسه إلى السماء، وأشار أنه كتاب الله عزّ وجلّ، ثم قال: ائتوني بوليّه، فأتي بأخ له فأقعده إلى جنبه، ثم قال: يا قنبر، علي بدواة وصحيفة، فأتاه بهما، ثم قال لأخي الأخرس: قل لأخيك هذا بينك وبينه: إنه علي، فتقدم إليه بذلك، ثم كتب الإمام علي: والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم الطالب الغالب، الضار النافع، المهلك المدرك، الذي يعلم السر والعلانية، إن فلان بن فلان المدعي ليس له قبل فلان بن فلان، أعني الأخرس حقّ، ولا طلبة بوجه من الوجوه، ولا بسبب من الأسباب، ثم غسله، وأمر الأخرس أن يشربه، فامتنع، فألزمه الدين (2).

[الحديث: 1498] قيل للإمام الصادق: تصدق أبي عليّ بدار فقبضتها، ثم ولد له بعد ذلك أولاد، فأراد أن يأخذها مني ويتصدق بها عليهم، فقال: لا تعطها إياه، قيل: فإنه يخاصمني، قال: فخاصمه، ولا ترفع صوتك على صوته (3).

[الحديث: 1499] قيل للإمام الصادق: إن والدي تصدق عليّ بدار ثم بدا له أن يرجع فيها، فقال: بئس ما صنع والدك، فإن أنت خاصمته، فلا ترفع عليه صوتك، وإن رفع صوته فاخفض أنت صوتك (4).

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 20/ 51.

(2) التهذيب 6/ 319/ 879.

(3) الكافي 7/ 33/ 18.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 183/ 641.

أحكام الحكومة الإسلامية (327)

[الحديث: 1500] قال الإمام الصادق في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ [البقرة: 282]: لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة ليشهد عليها أن يقول: لا أشهد لكم عليها (1).

[الحديث: 1501] قال الإمام الصادق: إذا دعيت إلى الشهادة فأجب (2).

[الحديث: 1502] قال الإمام الصادق: لا يأب الشاهد أن يجيب حين يدعى قبل الكتاب (3).

[الحديث: 1503] قال الإمام الصادق: إذا أشهدت على شهادة فأردت أن تقيمها فغيرها كيف شئت، ورتّبها وصححها بما استطعت، حتى يصح الشيء لصاحب الحق بعد أن لا تكون تشهد إلا بحقه، ولا تزيد في نفس الحق ما ليس بحق، فإنما الشاهد يبطل الحق، ويحق الحق وبالشاهدين يوجب الحق، وبالشاهد يعطى، وأن للشاهد في إقامة الشهادة بتصحيحها ـ بكل ما يجد إليه السبيل من زيادة الألفاظ والمعاني، والتفسير في الشهادة ما به يثبت الحق ويصححه ولا يؤخذ به زيادة على الحق ـ مثل أجر الصائم القائم المجاهد بسيفه في سبيل الله (4).

[الحديث: 1504] قيل للإمام الصادق: الرجل يكون عنده الشهادة، وهؤلاء القضاة لا يقبلون الشهادات إلا على تصحيح ما يرون فيه من مذهبهم، وإني إذا أقمت الشهادة احتجت إلى أن أغيرها بخلاف ما أشهدت عليه، وأزيد في الألفاظ ما لم أشهد عليه، وإلا لم يصح في قضائهم لصاحب الحق ما أشهدت عليه، أفيحل لي ذلك؟ فقال: إي والله، ولك أفضل الأجر والثواب، فصححها بكل ما قدرت عليه مما يرون التصحيح به في

__________

(1) التهذيب 6/ 275/ 751، والكافي 7/ 379/ 2.

(2) التهذيب 6/ 275/ 752.

(3) التهذيب 6/ 276/ 755.

(4) التهذيب 6/ 285/ 787.

أحكام الحكومة الإسلامية (328)

قضائهم (1).

[الحديث: 1505] قيل للإمام الصادق: تكون للرجل من إخواني عندي الشهادة ليس كلها تجيزها القضاة عندنا، قال: إذا علمت أنها حق فصححها بكل وجه حتى يصح له حقه (2).

[الحديث: 1506] قال الإمام الصادق: إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها، فهو بالخيار، إن شاء شهد وإن شاء سكت، وإذا أشهد لم يكن له إلا أن يشهد (3).

[الحديث: 1507] قال الإمام الصادق: العلم شهادة إذا كان صاحبه مظلوما (4).

[الحديث: 1508] قال الإمام الصادق: إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها، فهو بالخيار، إن شاء شهد، وإن شاء سكت، إلا إذا علم من الظالم فيشهد، ولا يحل له أن لا يشهد (5).

[الحديث: 1509] قيل للإمام الصادق: الرجل يشهدني على شهادة فأعرف خطي وخاتمي، ولا أذكر من الباقي قليلا ولا كثيرا، فقال: إذا كان صاحبك ثقة ومعه رجل ثقة فاشهد له (6).

[الحديث: 1510] قال الإمام الصادق: لا تشهدن بشهادة حتى تعرفها كما تعرف كفك (7).

[الحديث: 1511] قال الإمام الصادق: القلب يتكل على الكتابة (8).

__________

(1) السرائر/ 487.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 34/ 113.

(3) الكافي 7/ 381/ 1.

(4) من لا يحضره الفقيه 3/ 34/ 110.

(5) التهذيب 6/ 258/ 680.

(6) الكافي 7/ 382/ 1.

(7) الكافي 7/ 383/ 3.

(8) الكافي 1/ 42/ 8.

أحكام الحكومة الإسلامية (329)

[الحديث: 1512] قال الإمام الصادق: اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا (1).

[الحديث: 1513] قال الإمام الصادق: احتفظوا بكتبكم، فإنكم سوف تحتاجون إليها (2).

[الحديث: 1514] قال الإمام الصادق: شاهد الزور لا تزول قدماه حتى تجب له النار (3).

[الحديث: 1515] قال الإمام الصادق: لا ينقضي كلام شاهد الزور من بين يدي الحاكم حتى يتبوأ مقعده في النار، وكذلك من كتم الشهادة (4).

[الحديث: 1516] سئل الإمام الصادق عن شاهد الزور، ما توبته؟ قال: يؤدي من المال الذي شهد عليه بقدر ما ذهب من ماله، إن كان النصف أو الثلث، إن كان شهد هذا وآخر معه (5).

[الحديث: 1517] قال الإمام الصادق في شاهد الزور: إن كان الشيء قائما بعينه رد على صاحبه، وإن لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل (6).

[الحديث: 1518] قال الإمام الصادق في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا، ثم رجع أحدهما بعد ما قتل الرجل: إن قال الرابع: أوهمت، ضرب الحد، وأغرم الدية، وإن قال: تعمدت، قتل (7).

[الحديث: 1519] سئل الإمام الصادق عن أربعة شهدوا على رجل بالزنا، فلما قتل

__________

(1) الكافي 1/ 42/ 9.

(2) الكافي 1/ 42/ 10.

(3) الكافي 7/ 383/ 2، وأمالي الصدوق 389/ 2، وعقاب الاعمال 268/ 1.

(4) الكافي 7/ 383/ 3.

(5) الكافي 7/ 383/ 2.

(6) الكافي 7/ 384/ 3.

(7) الكافي 7/ 384/ 4، التهذيب 6/ 260/ 691 و10/ 311/ 1162.

أحكام الحكومة الإسلامية (330)

رجع أحدهم عن شهادته، فقال: يقتل الرابع، ويؤدي الثلاثة إلى أهله ثلاثة أرباع الدية (1).

[الحديث: 1520] سئل الإمام الصادق عن امرأة شهد عندها شاهدان بأن زوجها مات، فتزوجت، ثم جاء زوجها الأول، فقال: لها المهر، ويضرب الشاهدان الحد، ويضمنان المهر لها عن الرجل، ثم تعتدّ، وترجع إلى زوجها الأول (2).

[الحديث: 1521] قال الإمام الصادق: شهود الزور يجلدون حدا، وليس له وقت، ذلك إلى الإمام، ويطاف بهم حتى يعرفوا ولا يعودوا، قيل: فإن تابوا وأصلحوا، تقبل شهادتهم بعد؟ قال: إذا تابوا تاب الله عليهم، وقبلت شهادتهم بعد (3).

[الحديث: 1522] قال الإمام الصادق: إن شهود الزور يجلدون جلدا ليس له وقت، ذلك إلى الإمام، ويطاف بهم حتى تعرفهم الناس، وتلا قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فإن اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 4 - 5] قيل: بم تعرف توبته؟ قال: يكذّب نفسه على رؤوس الأشهاد حيث يضرب ويستغفر ربه عزّ وجلّ، فإذا هو فعل ذلك فثم ظهرت توبته (4).

[الحديث: 1523] قيل للإمام الصادق: إن ابن أبي ليلى يسألني الشهادة عن هذه الدار، مات فلان وتركها ميراثا، وأنه ليس له وارث غير الذي شهدنا له، فقال: اشهد بما هو علمك، قيل: إن ابن أبي ليلى يحلفنا الغموس، فقال: احلف إنما هو على علمك (5).

[الحديث: 1524] قيل للإمام الصادق: الرجل يكون في داره، ثم يغيب عنها ثلاثين سنة ويدع فيها عياله، ثم يأتينا هلاكه ونحن لا ندري ما أحدث في داره، ولا ندري ما

__________

(1) الكافي 7/ 384/ 5.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 36/ 119، التهذيب 6/ 286/ 791.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 35/ 117.

(4) من لا يحضره الفقيه 3/ 36/ 121.

(5) الكافي 7/ 387/ 2، التهذيب 6/ 262/ 696.

أحكام الحكومة الإسلامية (331)

أحدث له من الولد، إلا أنّا لا نعلم أنه أحدث في داره شيئا ولا حدث له ولد، ولا تقسم هذه الدار على ورثته الذين ترك في الدار حتى يشهد شاهدا عدل أن هذه الدار دار فلان بن فلان، مات وتركها ميراثا بين فلان وفلان، أو نشهد على هذا؟ قال: نعم (1).

[الحديث: 1525] قيل للإمام الصادق: الرجل يكون له على الرجل الحق فيجحده حقه، ويحلف أنه ليس له عليه شيء، وليس لصاحب الحق على حقه بينة، هل يجوز لنا إحياء حقه بشهادات الزور إذا خشي ذهابه؟ فقال: لا يجوز ذلك، لعلة التدنيس (2).

[الحديث: 1526] قيل للإمام الصادق: إن خصما يستكثر عليّ شهود الزور، وقد كرهت مكافاته مع أني لا أدري يصلح لي ذلك أم لا؟ فقال: أما بلغك عن الإمام علي أنه كان يقول: لا توسروا أنفسكم وأموالكم بشهادات الزور، فما على امرئ من وكف في دينه، ولا مأثم من ربه أن يدفع ذلك عنه، كما أنه لو دفع بشهادته عن سفك دم حرام، كان ذلك خيرا له (3).

[الحديث: 1527] قال الإمام الصادق لبعض أصحابه: أما ما ذكرت أنهم يستحلون الشهادات بعضهم لبعض على غيرهم، فإن ذلك لا يجوز ولا يحل، وليس هو على ما تأولوا إلا لقول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ [المائدة: 106] وذلك إذا كان مسافرا فحضره الموت أشهد اثنين ذوي عدل من أهل دينه فإن لم يجد فآخران ممن يقرأ القرآن من غير أهل ولايته ﴿تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا

__________

(1) الكافي 7/ 387/ 4.

(2) الكافي 7/ 388/ 1.

(3) التهذيب 6/ 263/ 700.

أحكام الحكومة الإسلامية (332)

إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ فإن عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [المائدة: 106 - 108].. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقضي بشهادة رجل واحد مع يمين المدعي، ولا يبطل حق مسلم، ولا يرد شهادة مؤمن، فإذا أخذ يمين المدعي وشهادة الرجل الواحد قضي له بحقه، وليس يعمل بهذا، فإذا كان لرجل مسلم قبل آخر حق فجحده ولم يقضوا له شاهد غير واحد، فهو إذا رفعه إلى بعض ولاة الجور أبطل حقه ولم يقضوا فيه بقضاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في الحق أن لا يبطل حق رجل مسلم، فيستخرج الله على يديه حق رجل مسلم، ويأجره الله عز وجل، ويحيي عدلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعمل به (1).

[الحديث: 1528] قال الإمام الصادق: أقيموا الشهادة على الوالدين والولد، ولا تقيموها على الأخ في الدين الضير، قلت: وما الضير؟ قال: إذا تعدى فيه صاحب الحق الذي يدعيه قبله خلاف ما أمر الله به ورسوله، ومثل ذلك: أن يكون لآخر على آخر دين وهو معسر، وقد أمر الله بإنظاره حتى ييسر، فقال تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: 280] ويسألك أن تقيم الشهادة وأنت تعرفه بالعسر، فلا يحل لك أن تقيم الشهادة في حال العسر (2).

[الحديث: 1529] قال الإمام الصادق: لا تشهدن بشهادة حتى تعرفها كما تعرف كفك (3).

__________

(1) مختصر بصائر الدرجات: 86.

(2) التهذيب 6/ 257/ 675.

(3) الكافي 7/ 383/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (333)

[الحديث: 1530] سئل الإمام الصادق عن الذي يشهد على الشيء وهو صغير قد رآه في صغره، ثم قام به بعدما كبر، فقال: تجعل شهادته نحوا من شهادة هؤلاء (1).

[الحديث: 1531] قيل للإمام الصادق: تجوز شهادة الصبيان؟ قال: نعم، في القتل يؤخذ بأول كلامه، ولا يؤخذ بالثاني منه (2).

[الحديث: 1532] سئل الإمام الصادق عن شهادة الصبي، فقال: لا، إلا في القتل، يؤخذ بأول كلامه ولا يؤخذ بالثاني (3).

[الحديث: 1533] قيل للإمام الصادق: أتجوز شهادة النساء في الحدود؟ فقال: في القتل وحده، إن الإمام علي كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم (4).

[الحديث: 1534] سئل الإمام الصادق عن شهادة النساء في النكاح، فقال: تجوز إذا كان معهن رجل، وكان الإمام علي يقول: لا أجيزها في الطلاق.. قيل: تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين؟ قال: نعم.. وسئل عن شهادة القابلة في الولادة، فقال: تجوز شهادة الواحدة، وتجوز شهادة النساء في المنفوس، والعذرة، وأجاز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شهادة النساء في الدين مع يمين الطالب، يحلف بالله أن حقه لحق (5).

[الحديث: 1535] سئل الإمام الصادق عن شهادة النساء؟ فقال: تجوز شهادة النساء وحدهن على ما لا يستطيع الرجال النظر إليه، وتجوز شهادة النساء في النكاح إذا كان معهن رجل، ولا تجوز في الطلاق، ولا في الدم غير أنها تجوز شهادتها في حد الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان، ولا تجوز شهادة رجلين وأربع نسوة (6).

__________

(1) التهذيب 6/ 252/ 650.

(2) الكافي 7/ 389/ 2، والتهذيب 6/ 251/ 645.

(3) الكافي 7/ 389/ 3، والتهذيب 6/ 251/ 646.

(4) التفسير المنسوب للإمام العسكري: 276.

(5) الكافي 7/ 390/ 2.

(6) الكافي 7/ 391/ 4، والتهذيب 6/ 264/ 704، والاستبصار 3/ 23/ 72.

أحكام الحكومة الإسلامية (334)

[الحديث: 1536] قال الإمام الصادق: تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال أن ينظروا إليه ويشهدوا عليه، وتجوز شهادتهن في النكاح، ولا تجوز في الطلاق، ولا في الدم، وتجوز في حد الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان، ولا تجوز إذا كان رجلان وأربع نسوة، ولا تجوز شهادتهن في زنا المحصن (1).

[الحديث: 1537] سئل الإمام الصادق عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل، فوضعت بعد موته غلاما ثم مات الغلام بعدما وقع إلى الأرض، فشهدت المرأة التي قبلتها أنه استهل وصاح حين وقع إلى الأرض، ثم مات،

فقال: على الإمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام (2).

[الحديث: 1538] قال الإمام الصادق: تجوز شهادة النساء في العذرة، وكل عيب لا يراه الرجل (3).

[الحديث: 1539] قال الإمام الصادق: أجيز شهادة النساء في الغلام صاح أو لم يصح، وفي كل شيء لا ينظر إليه الرجال تجوز شهادة النساء فيه (4).

[الحديث: 1540] سئل الإمام الصادق عن شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي، فقال: يجوز في ربع ما أوصى بحساب شهادتها (5).

[الحديث: 1541] سئل الإمام الصادق عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة تجوز شهادتها؟ قال: تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس، وتجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجال (6).

__________

(1) الكافي 7/ 392/ 11، التهذيب 6/ 265/ 707، والاستبصار 3/ 24/ 75.

(2) الكافي 7/ 392/ 12، التهذيب 6/ 268/ 720، والاستبصار 3/ 29/ 92، ومن لا يحضره الفقيه 3/ 32/ 101.

(3) الكافي 7/ 391/ 7، التهذيب 6/ 271/ 732.

(4) الكافي 7/ 392/ 13.

(5) التهذيب 6/ 268/ 718، والاستبصار 3/ 28/ 89.

(6) التهذيب 6/ 270/ 728، والاستبصار 3/ 30/ 100.

أحكام الحكومة الإسلامية (335)

[الحديث: 1542] قال الإمام الصادق: تجوز شهادة المرأة في الشيء الذي ليس بكثير في الأمر الدُّون، ولا تجوز في الكثير (1).

[الحديث: 1543] سئل الإمام الصادق عن شهادة النساء في النكاح، بلا رجل معهن إذا كانت المرأة منكرة، فقال: لا بأس به، ثم قال: ما يقول في ذلك فقهاؤكم؟ قيل: يقولون: لا تجوز إلا شهادة رجلين عدلين، فقال: كذبوا، هونوا واستخفوا بعزائم الله وفرائضه، وشددوا وعظموا ما هون الله، إن الله أمر في الطلاق بشهادة رجلين عدلين، فأجازوا الطلاق بلا شاهد واحد، والنكاح لم يجئ عن الله في تحريمه، فسن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك الشاهدين تأديبا ونظراً، لئلا ينكر الولد والميراث، وقد ثبتت عقدة النكاح ولا أن يشهد، وكان أمير المؤمنين يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الإنكار، ولا يجيز في الطلاق إلا شاهدين عدلين، قيل: فأنى ذكر الله تعالى قوله: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فإن لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا﴾ [البقرة: 282]) فقال: ذلك في الدين، إذا لم يكن رجلان، فرجل وامرأتان، ورجل واحد ويمين المدعي، إذا لم يكن امرأتان، قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين بعده عندكم (2).

[الحديث: 1544] قال الإمام الصادق: تجوز شهادة الرجل لامرأته، والمرأة لزوجها إذا كان معها غيرها (3).

[الحديث: 1545] سئل الإمام الصادق عن الرجل يشهد لامرأته، فقال: إذا كان خيرا جازت شهادته لامرأته (4).

__________

(1) التهذيب 6/ 270/ 729، والاستبصار 3/ 31/ 102.

(2) التهذيب 6/ 281/ 774، والاستبصار 3/ 26/ 81.

(3) الكافي 7/ 392/ 1، والتهذيب 6/ 247/ 627.

(4) الكافي 7/ 393/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (336)

[الحديث: 1546] قال الإمام الصادق: تجوز شهادة الولد لوالده، والوالد لولده، والأخ لأخيه (1).

[الحديث: 1547] سئل الإمام الصادق عن الرجل يشهد لأبيه، أو الأب لأبنه، أو الأخ لأخيه، فقال: لا بأس بذلك إذا كان خيرا جازت شهادته لأبيه، والأب لأبنه، والأخ لأخيه (2).

[الحديث: 1548] سئل الإمام الصادق عن شهادة الوالد لولده، والولد لوالده، والأخ لأخيه، فقال: تجوز (3).

[الحديث: 1549] سئل الإمام الصادق عن ثلاثة شركاء شهد اثنان عن واحد؟ قال: لا تجوز شهادتهما (4).

[الحديث: 1550] سئل الإمام الصادق عن شريكين شهد أحدهما لصاحبه، فقال: تجوز شهادته إلا في شيء له فيه نصيب (5).

[الحديث: 1551] سئل الإمام الصادق عن ثلاثة شركاء ادعى واحد وشهد الاثنان، فقال: يجوز (6).

[الحديث: 1552] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي لا يجيز شهادة الأجير (7).

[الحديث: 1553] قال الإمام الصادق: لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا صائنا، ويكره شهادة الأجير لصاحبه، ولا بأس بشهادته لغيره، ولا بأس به له بعد مفارقته (8).

__________

(1) الكافي 7/ 393/ 3، والتهذيب 6/ 247/ 630.

(2) الكافي 7/ 393/ 4.

(3) الكافي 7/ 393/ 2.

(4) الكافي 7/ 394/ 1.

(5) من لا يحضره الفقيه 3/ 27/ 78.

(6) التهذيب 6/ 246/ 622، والاستبصار 3/ 15/ 39.

(7) الكافي 7/ 394/ 4.

(8) من لا يحضره الفقيه 3/ 27/ 77.

أحكام الحكومة الإسلامية (337)

[الحديث: 1554] قيل للإمام الصادق: ما يرد من الشهود؟ فقال: الظنين والمتهم، قيل: فالفاسق والخائن؟ قال: ذلك يدخل في الظنين (1).

[الحديث: 1555] قيل للإمام الصادق: ما يرد من الشهود؟ فقال: الظنين، والمتهم، والخصم (2).

[الحديث: 1556] قيل للإمام الصادق: لا أقبل شهادة فاسق إلا على نفسه (3).

[الحديث: 1557] قال الإمام الصادق: إن الإمام علي كان لا يقبل شهادة فحاش، ولا ذي مخزية في الدين (4).

[الحديث: 1558] سئل الإمام الصادق عما يرد من الشهود، فقال: المريب، والخصم، والشريك، ودافع مغرم، والأجير، والتابع، والمتهم، كل هؤلاء ترد شهاداتهم (5).

[الحديث: 1559] قال الإمام الصادق: قذف المحصنات من الكبائر لأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول لُعِنُوا فِي الدُّنْيا والْآخِرَةِ ولَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (6).

[الحديث: 1560] قال الإمام الصادق: الكبائر سبع: قتل المؤمن متعمّدا، وقذف المحصنة، والفرار من الزّحف، والتّعرّب بعد الهجرة، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الرّبا بعد البيّنة، وكلّ ما أوجب اللّه عليه النار (7).

[الحديث: 1561] قال الإمام الصادق: الكبائر: القنوط من رحمة اللّه، واليأس من روح اللّه، والأمن من مكر اللّه، وقتل النّفس التي حرّم اللّه، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الرّبا بعد البيّنة، والتّعرّب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، والفرار من

__________

(1) الكافي 7/ 395/ 1، والتهذيب 6/ 242/ 601.

(2) الكافي 7/ 395/ 3.

(3) الكافي 7/ 395/ 5.

(4) الكافي 7/ 396/ 7، والتهذيب 6/ 243/ 603.

(5) التهذيب 6/ 242/ 599، والاستبصار 3/ 14/ 38.

(6) علل الشرائع ص 480.

(7) أصول الكافي ج 2 ص 277.

أحكام الحكومة الإسلامية (338)

الزّحف فقيل له: أ رأيت المرتكب للكبيرة يموت عليها، أتخرجه من الإيمان؟ وإن عذّب بها فيكون عذابه كعذاب المشركين، أوله انقطاع؟ قال: يخرج من الإسلام إذا زعم أنّها حلال ولذلك يعذّب أشدّ العذاب، وإن كان معترفا بأنّها كبيرة وهي عليه حرام وأنّه يعذّب عليها وأنّها غير حلال، فإنّه معذّب عليها وهو أهون عذابا من الأوّل، ويخرجه من الإيمان ولا يخرجه من الإسلام (1).

[الحديث: 1562] قال الإمام الصادق في الرجل إذا قذف: يجلد ثمانين حرّا كان أو مملوكا (2).

[الحديث: 1563] قال الإمام الصادق في الرجل يقذف الرجل بالزنى: يجلد هو في كتاب اللّه عزّ وجلّ وسنّة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم (3).

[الحديث: 1564] قال الإمام الصادق: لا ينبغي ولا يصلح للمسلم أن يقذف يهوديّا ولا نصرانيّا ولا مجوسيّا بما لم يطّلع عليه منه، وقال: أيسر ما في هذا أن يكون كاذبا (4).

[الحديث: 1565] عن عمرو بن نعمان الجعفيّ قال: كان للإمام الصادق صديق لا يكاد يفارقه إذا ذهب مكانا، فبينما هو يمشي معه في الحذائين ومعه غلام له سنديّ يمشي خلفهما إذ التفت الرّجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره، فلمّا نظر في الرابعة قال: يا ابن الفاعلة أين كنت؟ قال: فرفع الإمام الصادق يده فصكّ بها جبهة نفسه، ثمّ قال: سبحان اللّه تقذف أمه؟ قد كنت أرى أنّ لك ورعا فإذا ليس لك ورع فقال: جعلت فداك إنّ أمه سندية مشركة، فقال: أما علمت أنّ لكلّ أمة نكاحا، تنحّ عنّي قال: فما رأيته يمشي معه حتّى

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 280.

(2) التهذيب ج 10 ص 65.

(3) التهذيب ج 10 ص 65.

(4) دعائم الإسلام ج 2 ص 460.

أحكام الحكومة الإسلامية (339)

فرّق الموت بينهما (1)..

[الحديث: 1566] سئل الإمام الصادق عن الرجل يفتري على الرجل من جاهليّة العرب، فقال: يضرب حدّا، قيل: يضرب حدّا؟ قال: نعم إنّ ذلك يدخل على رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم (2).

[الحديث: 1567] سئل الإمام الصادق عن القاذف بعد ما يقام عليه الحد ما توبته؟ قال: يكذب نفسه، قيل: أرأيت إن أكذب نفسه وتاب، أتقبل شهادته؟ قال: نعم (3).

[الحديث: 1568] سئل الإمام الصادق عن القاذف إذا أكذب نفسه وتاب، أتقبل شهادته؟ قال: نعم (4).

[الحديث: 1569] سئل الإمام الصادق عن المحدود إذا تاب، أتقبل شهادته؟ فقال: إذا تاب، وتوبته أن يرجع مما قال، ويكذب نفسه عند الإمام، وعند المسلمين، فإذا فعل فإن على الإمام أن يقبل شهادته بعد ذلك (5).

[الحديث: 1570] قيل للإمام الصادق: بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر والعفاف، وكف البطن والفرج واليد واللسان، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر، والزنا، والربا، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وغير ذلك، والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه، حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس، ويكون منه التعاهد للصلوات

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 324.

(2) علل الشرائع ص 393.

(3) قرب الإسناد: 122.

(4) التهذيب 6/ 246/ 621، والاستبصار 3/ 37/ 126.

(5) الكافي 7/ 397/ 6.

أحكام الحكومة الإسلامية (340)

الخمس إذا واظب عليهن، وحفظ مواقتيهن بحضور جماعة من المسلمين، وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا من علة، فإذا كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس، فإذا سئل عنه في قبيله ومحلته قالوا: ما رأينا منه إلا خيراً، مواظبا على الصلوات، متعاهدا لأوقاتها في مصلاه، فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين، وذلك أن الصلاة ستر وكفّارة للذنوب، وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلي إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين، وإنما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي يعرف من يصلي ممن لا يصلي، ومن يحفظ مواقيت الصلاة ممن يضيع، ولولا ذلك لم يمكن أحد أن يشهد على آخر بصلاح، لأن من لا يصلي لا صلاح له بين المسلمين، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هم بأن يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور لجماعة المسلمين، وقد كان فيهم من يصلي في بيته فلم يقبل منه ذلك، وكيف يقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من الله عزّ وجلّ ومن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فيه الحرق في جوف بيته بالنار، وقد كان يقول: لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة (1).

[الحديث: 1571] سئل الإمام الصادق عن البينة إذا أقيمت على الحق، أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة؟ فقال: خمسة أشياء يجب على الناس الأخذ فيها بظاهر الحكم: الولايات، والمناكح، والذبائح، والشهادات، والأنساب، فإذا كان ظاهر الرجل ظاهرا مأمونا، جازت شهادته، ولا يسأل عن باطنه (2).

[الحديث: 1572] سئل الإمام الصادق عن شهادة من يلعب بالحمام؟ قال: لا بأس إذا كان لا يعرف بفسق (3).

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 24/ 65.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 9/ 29.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 30/ 88.

أحكام الحكومة الإسلامية (341)

[الحديث: 1573] سئل الإمام الصادق عن الرجل يشهد لابنه، والأبن لأبيه، والرجل لامرأته، فقال: لا بأس بذلك إذا كان خيراً (1).

[الحديث: 1574] قال الإمام الصادق: من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به خيرا، وأجيزوا شهادته (2).

[الحديث: 1575] سئل الإمام الصادق عمن تقبل شهادته ومن لا تقبل، فقال: كل من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته، قيل: تقبل شهادة مقترف بالذنوب؟ فقال: لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادة الأنبياء والأوصياء، لأنهم المعصومون دون سائر الخلق، فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة والستر، وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنبا، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج من ولاية الله، داخل في ولاية الشيطان (3).

[الحديث: 1576] قال الإمام الصادق: ثلاث من كن فيه أوجبت له أربعا على الناس: من إذا حدثهم لم يكذبهم، وإذا وعدهم لم يخلفهم، وإذا خالطهم لم يظلمهم: وجب أن يظهروا في الناس عدالته، وتظهر فيهم مروءته، وأن تحرم عليهم غيبته، وأن تجب عليهم أخوته (4).

[الحديث: 1577] سئل الإمام الصادق عن أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا، فعدل منهم اثنان ولم يعدل الآخران، فقال: إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعا، وأقيم الحد على الذي شهدوا عليه، إنما عليهم أن يشهدوا بما أبصروا وعلموا، وعلى الوالي أن يجيز شهادتهم، إلا أن يكونوا معروفين

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 26/ 70.

(2) أمالي الصدوق 278/ 23.

(3) أمالي الصدوق: 91/ 3.

(4) الخصال 208/ 29.

أحكام الحكومة الإسلامية (342)

بالفسق (1).

[الحديث: 1578] سئل الإمام الصادق عن شهادة الأصم في القتل؟ فقال: يؤخذ بأول قوله، ولا يؤخذ بالثاني (2).

[الحديث: 1579] قال الإمام الصادق: إذا شهد رجل على شهادة رجل فإن شهادته تقبل، وهي نصف شهادة، وإن شهد رجلان عدلان على شهادة رجل فقد ثبتت شهادة رجل واحد (3).

[الحديث: 1580] قيل للإمام الصادق: رجل شهد على شهادة رجل فجاء الرجل، فقال: إني لم أشهده، فقال: تجوز شهادة أعدلهما، وإن كانت عدالتهما واحدة لم تجز شهادته (4).

[الحديث: 1581] سئل الإمام الصادق عن رجل شهد شهادة على شهادة آخر، فقال: لم أشهده؟ فقال: تجوز شهادة أعدلهما (5).

[الحديث: 1582] قيل للإمام الصادق: رجل شهد على شهادة رجل، فجاء الرجل فقال: لم أشهده، فقال: تجوز شهادة أعدلهما، ولو كان أعدلهما واحدا لم تجز شهادته (6).

[الحديث: 1583] قيل للإمام الصادق: كيف صار القتل يجوز فيه شاهدان، والزنا لا يجوز فيه إلا أربعة شهود، والقتل أشد من الزنا؟ فقال: لأن القتل فعل واحد والزنا فعلان، فمن ثم لا يجوز إلا أربعة شهود: على الرجل شاهدان، وعلى المرأة شاهدان (7).

[الحديث: 1584] قيل للإمام الصادق: إن شريكا يرد شهادتنا، فقال: لا تذلوا أنفسكم (8).

__________

(1) التهذيب 6/ 277/ 759، والاستبصار 3/ 14/ 36.

(2) التهذيب 6/ 255/ 664.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 41/ 135.

(4) من لا يحضره الفقيه 3/ 41/ 137.

(5) التهذيب 6/ 256/ 669، والكافي 7/ 399/ 2.

(6) التهذيب 6/ 256/ 670.

(7) الكافي 7/ 404/ 7.

(8) التهذيب 6/ 283/ 779.

أحكام الحكومة الإسلامية (343)

[الحديث: 1585] قال الإمام الصادق: لا تشهد على من يطلق لغير السنة (1).

[الحديث: 1586] قال الإمام الصادق: إذا دفنت في الأرض شيئا فاشهد عليها فإنها لا تؤدي إليك شيئا (2).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 1587] قيل للإمام الكاظم: خبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق، فلم تكن له بينة بما له، قال: فيمين المدّعى عليه، فإن حلف فلا حق له، وإن رد اليمين على المدعي فلم يحلف، فلا حق له، وإن لم يحلف فعليه، وإن كان المطلوب بالحق قد مات، فأقيمت عليه البينة، فعلى المدعي اليمين بالله الذي لا إله إلا هو، لقد مات فلان، وأن حقه لعليه، فإن حلف، وإلا فلا حق له، لأنا لا ندري لعله قد أوفاه ببيّنة لا نعلم موضعها، أو غير بينة قبل الموت، فمن ثم صارت عليه اليمين مع البينة، فإن ادعى بلا بينة فلا حق له، لأن المدعى عليه ليس بحي، ولو كان حيا لألزم اليمين، أو الحق، أو يرد اليمين عليه، فمن ثم لم يثبت الحق (3).

[الحديث: 1588] عن عبد الله بن وضاح، قال: كانت بيني وبين رجل من اليهود معاملة، فخانني بألف درهم، فقدمته إلى الوالي فأحلفته فحلف، وقد علمت أنه حلف يمينا فاجرة، فوقع له بعد ذلك عندي أرباح ودراهم كثيرة، فأردت أن أقتص الألف درهم التي كانت لي عنده، وأحلف عليها، فكتبت إلي الإمام الكاظم فأخبرته أني قد أحلفته فحلف، وقد وقع له عندي مال فإن أمرتني أن آخذ منه الألف درهم التي حلف عليها فعلت، فكتب: لا تأخذ منه شيئا إن كان ظلمك فلا تظلمه، ولو لا أنك رضيت بيمينه فحلفته،

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 40/ 135.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 44/ 149.

(3) الكافي 7/ 415/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (344)

لأمرتك أن تأخذ من تحت يدك، ولكنك رضيت بيمينه، وقد ذهبت اليمين بما فيها، فلم آخذ منه شيئا، وانتهيت إلى كتاب الإمام الكاظم (1).

[الحديث: 1589] قال الإمام الكاظم: كل مجهول ففيه القرعة، قيل: إن القرعة تخطئ وتصيب، قال: كل ما حكم الله به فليس بمخطئ (2).

[الحديث: 1590] قال الإمام الكاظم: إن الخلال نزل به جبريل مع اليمين والشاهد، من السماء (3).

[الحديث: 1591] قال الإمام الكاظم: إذا شهد لطالب الحق امرأتان ويمينه، فهو جائز (4).

[الحديث: 1592] قال الإمام الكاظم: إذا شهد لصاحب الحق امرأتان ويمينه، فهو جائز (5).

[الحديث: 1593] قال الإمام الكاظم في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ [البقرة: 282]: إذا دعاك الرجل لتشهد له على دين أو حق لم ينبغ لك أن تقاعس عنه (6).

[الحديث: 1594] قال الإمام الكاظم يوصي بعض أهله: وإن سئلت عن الشهادة فأدها، فإن الله يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: 58] وقال: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 140] (7).

__________

(1) الكافي 7/ 430/ 14.

(2) التهذيب 6/ 240/ 593.

(3) السرائر/ 476.

(4) من لا يحضره الفقيه 3/ 33/ 105.

(5) الكافي 7/ 386/ 6.

(6) التهذيب 6/ 276/ 754.

(7) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 23/ 9.

أحكام الحكومة الإسلامية (345)

[الحديث: 1595] قال الإمام الكاظم يوصي بعض أصحابه: أقم الشهادة لله ولو على نفسك أو الوالدين والأقربين فيما بينك وبينهم، فإن خفت على أخيك ضيما فلا (1).

[الحديث: 1596] قيل للإمام الكاظم: رجل من مواليك عليه دين لرجل مخالف يريد أن يعسره ويحبسه، وقد علم أنه ليس عنده ولا يقدر عليه، وليس لغريمه بينة، هل يجوز له أن يحلف له ليدفعه عن نفسه حتى ييسر الله له؟ وإن كان عليه الشهود من مواليك قد عرفوه أنه لا يقدر، هل يجوز أن يشهدوا عليه؟ فقال: لا يجوز أن يشهدوا عليه، ولا ينوي ظلمه (2).

[الحديث: 1597] قيل للإمام الكاظم: يشهدني هؤلاء على إخواني، قال: نعم، أقم الشهادة لهم وإن خفت على أخيك ضررا (3).

[الحديث: 1598] سئل الإمام الكاظم عن رجل أشهد أجيره على شهادة ثم فارقه، أتجوز شهادته له بعد أن يفارقه؟ فقال: نعم (4).

[الحديث: 1599] سئل الإمام الكاظم عن السائل الذي يسأل بكفه هل تقبل شهادته؟ فقال: كان أبي لا يقبل شهادته إذا سأل في كفه (5).

[الحديث: 1600] قال الإمام الكاظم: لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمسفرة إذا عرفت بعينها أو حضر من يعرفها، ولا يجوز عندهم أن يشهد الشهود على إقرارها دون أن تسفر فينظر إليها (6).

ما روي عن الإمام الرضا

__________

(1) الكافي 8/ 124/ 95 و7/ 381/ 3.

(2) الكافي 7/ 388/ 2.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 42/ 144.

(4) التهذيب 6/ 257/ 674، والاستبصار 3/ 21/ 63.

(5) الكافي 7/ 397/ 14، التهذيب 6/ 244/ 609.

(6) من لا يحضره الفقيه 3/ 40/ 131.

أحكام الحكومة الإسلامية (346)

[الحديث: 1601] قال الإمام الرضا: إن داود عليه السلام عجل على المدعى عليه، فقال: ﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ﴾ [ص: 24] ولم يسأل المدعي البينة على ذلك، ولم يقبل على المدعى عليه، فيقول له: ما تقول، فكان هذا خطيئة رسم الحكم، لا ما ذهبتم إليه (1).

[الحديث: 1602] قال الإمام الرضا: العلة في أن البينة في جميع الحقوق على المدعي، واليمين على المدعى عليه ما خلا الدم، لأن المدعى عليه جاحد، ولا يمكنه إقامة البينة على الجحود، لأنه مجهول، وصارت البينة في الدم على المدعى عليه، واليمين على المدعي لأنه حوط يحتاط به المسلمون، لئلا يبطل دم امرئ مسلم، وليكون ذلك زاجرا وناهيا للقاتل، لشدة إقامة البينة على الجحود عليه، لأن من يشهد على أنه لم يفعل قليل، وأما علة القسامة أن جعلت خمسين رجلا فلما في ذلك من التغليظ والتشديد والاحتياط، لئلا يهدر دم امرئ مسلم (2).

[الحديث: 1603] قال الإمام الرضا: أصل الأيمان إنما هو الشهادتان، فجعل الأذان شهادتين شهادتين، كما جعل في سائر الحقوق شاهدان (3).

[الحديث: 1604] قال الإمام الرضا: العلة في شهادة أربعة في الزنا، واثنتين في سائر الحقوق لشدة حد المحصن، لأن فيه القتل، فجعل فيه الشهادة مضاعفة مغلظة، لما فيه من قتل نفسه، وذهاب نسب ولده، لفساد الميراث (4).

[الحديث: 1605] عن العباس بن هلال، أن الإمام الرضا ذكر أنه لو أفضي إليه الحكم لأقر الناس على ما في أيديهم، ولم ينظر في شيء إلا بما حدث في سلطانه، وذكر أن

__________

(1) عيون أخبار الإمام الرضا 1/ 194/ 1.

(2) علل الشرائع: 542/ 2، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 96/ 1.

(3) من لا يحضره الفقيه 1/ 196/ 915.

(4) علل الشرائع: 510/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (347)

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم ينظر في حدث أحدثوه وهم مشركون، وأن من أسلم أقره على ما في يده (1).

[الحديث: 1606] سئل الإمام الرضا عن رفقة كانوا في طريق، فقطع عليهم الطريق وأخذوا اللصوص، فشهد بعضهم لبعض، فقال: لا تقبل شهادتهم إلا بإقرار من اللصوص، أو شهادة من غيرهم عليهم (2).

[الحديث: 1607] قيل للإمام الرضا: رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبين، فقال: كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته (3).

__________

(1) التهذيب 6/ 295/ 824.

(2) الكافي 7/ 394/ 2.

(3) من لا يحضره الفقيه 3/ 28/ 83.

أحكام الحكومة الإسلامية (348)

حفظ الأمن في الحكومة الإسلامية

جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول المؤسسات الأمنية في الحكومة الإسلامية، والتي يطلق لقب الجهاد على الوظيفة التي تمارسها.

وقد قسمنا الفصل بحسب أنواع الممارسات الأمنية، والجهات التي تواجهها إلى أربعة مباحث:

أولا ـ ما ورد حول أحكام الجهاد وآدابه: وأوردنا فيه الأحاديث الدالة على فضل الجهاد وأحكامه وآدابه، وأنه قاصر على المعتدين الظالمين، لا على المسالمين، وأن الهدف منه الخلاص من المستكبرين لا احتلال أراضي المستضعفين.. كما أوردنا الأحاديث الواردة في فضل الشهادة والشهداء، باعتبارها من القيم القرآنية النبيلة.

ثانيا ـ ما ورد حول مشروعية الدفاع عن النفس: وأوردنا فيه الأحاديث التي تعتبر مقاومة المؤمن لظالميه أو سالبيه جهادا في سبيل الله، وأنه إن مات أثناء المقاومة يكون شهيدا كسائر الشهداء.

ثالثا ـ ما ورد حول مواجهة البغاة والمعارضة المسلحة: وأوردنا فيه الأحاديث الدالة على وجوب مواجهة البغاة أو المعارضة المسلحة، والذين يتمردون على قوانين الدولة مستعملين السلاح في ذلك.

رابعا ـ ما ورد حول الحرابة والإفساد: وأوردنا فيه الأحاديث الدالة على وجوب مواجهة المحاربين وقطاع الطرق والمفسدين في الأرض، والذين يهددون الأمن الاجتماعي.

أولا ـ ما ورد حول أحكام الجهاد وآدابه

أحكام الحكومة الإسلامية (349)

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الجهاد في سبيل الله، باعتباره ركنا من أركان الدين، وأساسا من الأسس التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية، ذلك أنها لا يمكنها أن تحفظ أمنها من دونه، خاصة مع كثرة المتربصين بها.

وكونه ركنا من أركان الدين أو أساسا من أسس الحكومة الإسلامية لا يعني أن يمارس في كل الأوقات، مثلما هو الحال في الصلاة، وإنما يعني دوام الاستعداد والمرابطة والحراسة حتى إن توفرت دواعيه كان المجاهدون بالمرصاد لكل معتد، كما قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 60]

وقد عقب الله تعالى هذه الآية الكريمة بقوله: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنفال: 61] ليبين أن الأصل في العلاقات بين دول العالم هو السلم، لا الظلم، ولا القتال، ولذلك إن رأى المسلمون في أعدائهم مجرد ميل للسلم سالموهم، وكفوا عن قتالهم.

وهذا لا ينطبق إلا على المحاربين الذين غزوا بلاد المسلمين أو تسلطوا عليها، ثم طلبوا السلام، مثلما هو حاصل مع الكيان الصهيوني؛ فالسلام معهم لا يكون إلا بعد خروجهم وتركهم للأراضي التي احتلوها.

وقد لقي هذا الأساس أو المؤسسة تشويهات كثيرة من الذين لم يفهموا مقاصده، ولا حقيقته؛ فراحوا باسم الإسلام يسفكون الدماء، ويستحلون الأعراض، وهو ما يتنافى مع قيم العدالة الإسلامية، وكونه دينا لخلاص البشرية لا لقتلها أو احتلال أراضيها.

أحكام الحكومة الإسلامية (350)

ولهذا استبعدنا في هذا الفصل كل الأحاديث التي توهم أن غرض الجهاد هو نشر الإسلام، أو الدعوة للإسلام؛ فالإسلام لا ينشر عنوة، وقد قال تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 256]

وأخبر أن دور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين من ورثته هو تبليغ الإسلام للعالم لا فرضه بالقوة، قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾ [الكهف: 29] وقال: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ﴾ [الغاشية: 21 - 24]

وبناء على هذا استبعدنا الأحاديث التي تتيح للمسلم أن يؤدي هذه الفريضة العظيمة مع الظلمة الذين استغلوها للتوسع والظلم، وذلك مثل الحديث المنسوب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه قال: (الجهاد واجبٌ عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا، والصلاة واجبةٌ عليكم خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا، وإن عمل الكبائر والصلاة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا، وإن عمل الكبائر) (1)

وقد رد أئمة الهدى على أمثال هذه الأحاديث، وبينوا أنه لا يجوز الجهاد إلا وراء إمام تقي صالح، لا يضع سلاحه إلا في وجه المعتدين الحقيقيين الظالمين، وقد روي أنه قيل للإمام الكاظم: جعلت فداك إن رجلا من مواليك بلغه أن رجلا يعطى سيفا وقوسا في سبيل الله فأتاه فأخذهما منه ثم لقيه أصحابه فأخبروه أن السبيل مع هؤلاء لا يجوز، وأمروه

__________

(1) أبو داود (2533)

أحكام الحكومة الإسلامية (351)

بردهما؟، قال: فليفعل، قيل: قد طلب الرجل فلم يجده وقيل له: قد قضى الرجل قال: فليرابط ولا يقاتل، مثل قزوين وعسقلان والديلم وما أشبه هذه الثغور، قيل: فإن جاء العدو إلى الموضع الذي هو فيه مرابط كيف يصنع؟ قال: يقاتل عن بيضة الإسلام قيل: يجاهد؟ قال: لا إلا أن يخاف على دار المسلمين، أرأيتك لو أن الروم دخلوا على المسلمين لم ينبغ لهم أن يمنعوهم، يرابط ولا يقاتل، وإن خاف على بيضة الإسلام والمسلمين قاتل فيكون قتاله لنفسه لا للسلطان، لأن في دروس الإسلام دروس ذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم (1).

فهذا الحديث واضح في أن غرض الجهاد هو حماية بلاد المسلمين، لا التوسع في بلاد غيرهم بغرض سلبها ونهبها والتسلط عليها.

ومثل ذلك ما روي عن الإمام الصادق أنه سئل عن رجل دخل أرض الحرب بأمان فغزا القوم الذين دخل عليهم قوم آخرون؟ فقال: على المسلم أن يمنع نفسه ويقاتل عن حكم الله وحكم رسوله، وأما أن يقاتل الكفار على حكم الجور وسنتهم فلا يحل له ذلك (2).

ويروى أنه قيل له: أخبرني عن الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحل إلا لهم ولا يقوم به إلا من كان منهم، أم هو مباح لكل من وحد الله عزّ وجلّ وآمن برسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله عزّ وجلّ وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيل الله؟ فقال: ذلك لقوم لا يحل إلا لهم، ولا يقوم به إلاّ من كان منهم فقيل: من أولئك؟ فقال: من قام بشرائط الله عزّ وجلّ في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى الله عزّ وجلّ، ومن لم يكن قائما بشرائط الله عزّ وجلّ في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد والدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه بما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد (3).

__________

(1) التهذيب 6/ 125/ 219.

(2) التهذيب 6/ 135/ 229.

(3) الكافي 5/ 13/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (352)

ثم راح يبين تلك الشروط بتفاصيلها، والتي لخصها بقوله: (إنما أذن للمؤمنين الذين قاموا بشرائط الإيمان التي وصفناها، وذلك أنه لا يكون مأذونا له في القتال حتى يكون مظلوما، ولا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا، ولا يكون مؤمنا حتى يكون قائما بشرائط الإيمان التي اشترط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزّ وجلّ كان مؤمنا، وإذا كان مؤمنا كان مظلوما، وإذا كان مظلوما كان مأذونا له في الجهاد لقول الله عز وجل: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: 39] وإن لم يكن مستكملا لشرائط الإيمان فهو ظالم ممن يبغي ويجب جهاده حتى يتوب وليس مثله مأذونا له في الجهاد والدعاء إلى الله عزّ وجلّ لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين أذن لهم في القرآن في القتال) (1)

وبهذا أفتى كل أئمة الهدى، كما سنرى في الأحاديث التي سنوردها في هذا المبحث، وقد روي أن عبادا البصري لقي الإمام السجاد في طريق مكة، فقال له: يا على بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته، وأقبلت على الحج ولينه، إن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 111] فقال الإمام السجاد: أتم الآية فقال: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 112]، فقال الإمام السجاد: إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج (2).

__________

(1) الكافي 5/ 13/ 1.

(2) الكافي 5/ 22/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (353)

بناء على هذا أوردنا الأحاديث التي نرى موافقتها للقرآن الكريم، ولقيمه النبيلة، وننبه إلى أن مصطلح المشركين في القرآن لا يراد به الذين يشركون بالله فقط، وإنما يراد به المعتدين الذين يعبدون الطواغيت والظلمة ويطيعون أوامرهم في التسلط والظلم، وهو ما يفسر به قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 36]

وقد قال تعالى يوضح ذلك بأوضح تعبير: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 75 - 76]

ولهذا نرى كل آيات الجهاد تقترن بوصف الجهات التي يحاربها المجاهدون بكونها معتدية، كما قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)﴾ [البقرة: 190 - 194]

والآيات واضحة جدا، وهي صريحة بأنه لا يجوز قتال المشرك لشركه، ولا الكافر لكفره، وإنما يقاتل المشرك والكافر لعداوته ومحاربته المسلمين، كما يشرع قتال الكافر إذا

أحكام الحكومة الإسلامية (354)

اضطهد المسلمين وأراد فتنتهم عن دينهم.

ومثلها قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)﴾ [البقرة: 216 - 218]، والآيات واضحة في دلالتها، وهي إخبار بسبب مشروعية الجهاد، وهو وجود كفار معتدين أخرجوا المسلمين من ديارهم.

ومثلها قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)﴾ [الأنفال: 38 - 40]، هذه الآيات تأمر بقتال المشركين الذين يضطهدون من أسلم منهم ليردوهم عن دينهم عن طريق الإكراه، والأحاديث والسير متواترة في الدلالة على هذا المعنى، وقد عبرت عن هؤلاء المعتدين بكونهم كفارا لتبين أن كفرهم وعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر هو السبب في ذلك الطغيان والعدوان الذي يمارسونه على المستضعفين.

وفوق ذلك كله نجد القرآن الكريم يدعو إلى إقامة علاقات طيبة مع غير المحاربين من غير المسلمين، قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ

أحكام الحكومة الإسلامية (355)

قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)﴾ [الممتحنة: 8، 9]، فهذه الآيات من أصرح الآيات التي تذكر أسباب مشروعية الجهاد، وأنه فقط في حق الذين يقاتلون المسلمين على دينهم ليردوهم عنه، ويخرجونهم من دارهم، أو في حق الذين يظاهرون المشركين ويساعدونهم على هذه الأمور، بل الآيات تأمر بالبر والإحسان للمشركين والكفار الذين لم يظاهروا عليهم عدوا ولم يحاربوهم ولم يخرجوهم من ديارهم.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 1608] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من ألف يوم فيما سواه من المنازل (1).

[الحديث: 1609] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من صيام شهر وقيامه، ومن مات مرابطا وقى من فتنة القبر ونمى له عمله إلى يوم القيامة (2).

[الحديث: 1610] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رباط شهر خيرٌ من صيام دهر، ومن مات مرابطا في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر، وغدا عليه برزقه وريح من الجنة، ويجزى عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله (3).

[الحديث: 1611] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حرس ليلة على ساحل البحر كان أفضل من عبادته في أهله ألف سنة (4).

__________

(1) الترمذي (1667)، والنسائي 6/ 39 - 40.

(2) مسلم (1913)

(3) ذكره الهيثمي: 5/ 290، وقال: رواه الطبراني في الكبير.

(4) أبو يعلى 7/ 267 (4283)

أحكام الحكومة الإسلامية (356)

[الحديث: 1612] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خيرٌ من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها (1).

[الحديث: 1613] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: غدوة أو روحة في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما فيها (2).

[الحديث: 1614] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قفلة في سبيل الله كغزوة (3).

[الحديث: 1615] عن معاذ بن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث غزوا، فتأخر رجل حتى صلى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأتاه يودعه ويدعو له، فقال له: تدري بكم سبقك أصحابك؟ قال: نعم، سبقوني اليوم بغدوتهم، فقال: والذي نفسي بيده، لقد سبقوك بأبعد مما بين المشرقين والمغربين في الفضيلة (4).

[الحديث: 1616] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن مقام أحدكم في سبيل الله ساعة أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما، ألا تحبون أن يغفر الله لكم فيدخلكم الجنة؟ قالوا: بلى، قال: فاغزوا في سبيل الله فإنه من قاتل في سبيل الله فواق ناقة؛ لتكون كلمة الله هي العليا وجبت له الجنة (5).

[الحديث: 1617] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة، ومن سأل الله القتل في سبيل الله صادقا من نفسه، ثم مات أو قتل، كان له أجر شهيد، ومن جرح جرحا في سبيل الله، أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت، لونها

__________

(1) البخاري (2892)، ومسلم (1881)

(2) البخاري (2794)، ومسلم (1881)

(3) أبو داود (2487)، والحاكم 2/ 73.

(4) أحمد 3/ 438.

(5) الترمذي (1650)

أحكام الحكومة الإسلامية (357)

لون الزعفران، وريحها ريح المسك، ومن خرج به خراج في سبيل الله فإن عليه طابع الشهداء (1).

[الحديث: 1618] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو علي ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده، ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم، لونه لون دم وريحه ريح مسك، والذي نفس محمد بيده، لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس محمد بيده، لوددت أن أغزو في سبيل الله، فأقتل، ثم أغزو، فأقتل، ثم أغزو، فأقتل (2).

[الحديث: 1619] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: لا تستطيعونه، فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك، يقول: لا تستطيعونه، ثم قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله (3)، وفي رواية: كمثل الصائم القائم الخاشع الراكع الساجد (4).

[الحديث: 1620] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: مؤمنٌ يجاهدٌ بنفسه وماله في سبيل الله، قيل: ثم من؟ قال: ثم رجل في شعب من الشعاب يتقي الله، ويدع الناس

__________

(1) أبو داود (2541)، والترمذي (1657)، والنسائي 6/ 25 - 26، وابن ماجه (2792)

(2) البخاري (36)، ومسلم (1876)

(3) البخاري (2785)، ومسلم (1878)

(4) النسائي 6/ 18.

أحكام الحكومة الإسلامية (358)

من شره (1).

[الحديث: 1621] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أخبركم بخير الناس منزلا؟ قيل: بلى يا رسول الله، قال: رجل أخذ برأس فرسه في سبيل الله حتى يموت أو يقتل، أخبركم بالذي يليه؟ قيل: نعم يا رسول الله، قال: رجل معتزلٌ في شعب من الشعب، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعتزل الناس شره فأخبركم بشر الناس؟ قيل: نعم يا رسول الله، قال: الذي يسأل بالله ولا يعطى به (2).

[الحديث: 1622] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع على عبد غبارٌ في سبيل الله ودخان جهنم (3).

[الحديث: 1623] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار (4).

[الحديث: 1624] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عينان لا تمسهما النار عينٌ بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله (5).

[الحديث: 1625] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يجتمعان في النار مسلم قتل كافرا (معتديا) ثم سدد وقارب، ولا يجتمعان في جوف مؤمن غبارٌ في سبيل الله وفيح جهنم، ولا يجتمعان في قلب عبد مؤمن الإيمان والحسد (6).

[الحديث: 1626] عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة، فعجبت لها فقلت: أعدها علي يا رسول

__________

(1) البخاري (2786)، ومسلم (1888)

(2) الترمذي (1652)، والنسائي 5/ 83 - 84، ومالك 2/ 356.

(3) الترمذي (1633)، والنسائي 6/ 12، وابن ماجه (2774)

(4) البخاري (907)، والترمذي (1632)، والنسائي 6/ 14.

(5) الترمذي (1639)

(6) مسلم (1891)، وأبو داود (2495)

أحكام الحكومة الإسلامية (359)

الله فأعادها علي، ثم قال: وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض قلت: وما هي يا رسول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله (1).

[الحديث: 1627] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الجنة تحت ظلال السيوف (2).

[الحديث: 1628] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من بلغ بسهم فهو له درجةٌ في الجنة، ومن رمى بسهم في سبيل الله فهو له عدل محرر (3).

[الحديث: 1629] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة، وقال: ارموا، من بلغ العدو بسهم رفعه الله به درجة، قيل: يا رسول الله، وما الدرجة؟ قال: أما إنها ليست بعتبة بيتك، ولكن ما بين الدرجتين مائة عام (4).

[الحديث: 1630] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رمى رمية في سبيل الله قصر أو بلغ كان له مثل أجر أربعة أناس من بني إسماعيل أعتقهم (5).

[الحديث: 1631] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رمى بسهم في سبيل الله كان له نورا يوم القيامة (6).

[الحديث: 1632] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده، فإن شبعه وريه وروثه في ميزانه يوم القيامة (7).

[الحديث: 1633] جاء رجلٌ بناقة مخطومة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هذه في سبيل الله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لله بها يوم القيامة سبعمائة ناقة، كلها مخطومة (8).

__________

(1) مسلم (1884)، والنسائي 6/ 19 - 20.

(2) مسلم (1902)

(3) أبو داود (3965)، والترمذي (1638)، والنسائي 6/ 26.

(4) النسائي 6/ 27،والترمذي (1634)

(5) البزار كما في (كشف الأستار) 2/ 280 (1706)

(6) البزار كما في (كشف الأستار) (1707)

(7) البخاري (2853)، والنسائي 6/ 225.

(8) مسلم (1892)، والنسائي 6/ 49.

أحكام الحكومة الإسلامية (360)

[الحديث: 1634] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: طوبى لمن أكثر في الجهاد في سبيل الله من ذكر الله تعالى؛ فإن له بكل كلمة سبعين ألف حسنة، كل حسنة منها عشرة أضعاف مع الذي له عند الله من المزيد، قيل: يا رسول الله، النفقة؟ قال: النفقة على قدر ذلك.. قال عبد الرحمن: فقلت لمعاذ: إنما النفقة بسبعمائة ضعف، فقال معاذٌ: قل فهمك، إنما ذاك إذا أنفقوها وهم مقيمون في أهليهم غير غزاة، فإذا غزوا وأنفقوا خبأ الله لهم من خزانة رحمته ما ينقطع عنه علم العباد وصفتهم، فأولئك حزب الله، وحزب الله هم الغالبون (1).

[الحديث: 1635] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أرسل بنفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم، ومن غزا بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه ذلك، فله بكل درهم سبعمائة ألف درهم، ثم تلا ﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 261] (2).

[الحديث: 1636] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا (3).

[الحديث: 1637] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: للغازي أجره، وللجاعل أجره وأجر الغازي (4).

[الحديث: 1638] عن جبلة بن حارثة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا لم يغز أعطى سلاحه عليا أو أسامة (5).

[الحديث: 1639] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الغزاة في سبيل الله خادمهم، ثم الذي

__________

(1) الطبراني 20/ 78.

(2) ابن ماجة (2761)

(3) البخاري (2843)، ومسلم (1896)

(4) أبو داود (2526)

(5) الطبراني 2/ 286 (2194)، وفي (الأوسط) 2/ 275 (1969)

أحكام الحكومة الإسلامية (361)

يأتيهم بالأخبار، وأخصمهم منزلة عند الله الصائم، ومن استقى لأصحابه قربة في سبيل الله سبقهم إلى الجنة بسبعين درجة أو سبعين عاما (1).

[الحديث: 1640] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: طوبى لعبد آخذٌ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع (2).

[الحديث: 1641] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل من عبادته ستين سنة (3).

[الحديث: 1642] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس شيءٌ أحب إلى الله من قطرتين وأثرين: قطرة دموع من خشية الله، وقطرة دم تهراق في سبيل الله، وأما الأثران، فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله (4).

[الحديث: 1643] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في الجنة، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أننا أحياءٌ في الجنة؛ لئلا يزهدوا في الجنة، ولا ينكلوا عند الحرب، فقال الله تعالى: أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 169 - 171] (5).

__________

(1) (الأوسط) 5/ 176 (4993)

(2) البخاري (2887)

(3) الطبراني 18/ 168 (377)، والطبراني في (الأوسط) 8/ 305 (8708)

(4) الترمذي (1669)

(5) أبو داود (2520)

أحكام الحكومة الإسلامية (362)

[الحديث: 1644] سئل عبد الله بن مسعود عن قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 169 - 171] فقال: إنا سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أرواحهم تسرح من الجنة حيث شاءت، فقال لهم ربهم: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل، ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد، أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، وتقرأ نبيا السلام وتخبره أن قد رضينا ورضي عنا، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا (1).

[الحديث: 1645] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من فضل الشهادة (2).

[الحديث: 1646] ذكر الشهداء عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى يبتدره زوجتاه كأنهما ظئران أضلتا فصيليهما في براح من الأرض، وفي يد كل واحدة منهما حلةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها (3).

[الحديث: 1647] جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، أيكفر الله عني سيئاتي؟ قال: نعم! ثم سكت ساعة، قال: أين السائل آنفا؟ فقال الرجل: فها أنا ذا، قال: ما قلت؟ قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله

__________

(1) مسلم (1887)

(2) البخاري (2817)، ومسلم (1877)

(3) ابن ماجه (2798)

أحكام الحكومة الإسلامية (363)

صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر أيكفر الله عني سيئاتي؟ قال: نعم إلا الدين سارني به جبريل عليه السلام آنفا (1).

[الحديث: 1648] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: القتل في سبيل الله يكفر كل خطيئة، فقال: جبريل إلا الدين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إلا الدين (2).

[الحديث: 1649] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة، والأمانة في الصلاة، والأمانة في الصوم، والأمانة في الحديث وأشد ذلك الودائع (3).

[الحديث: 1650] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه (4).

[الحديث: 1651] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته (5).

[الحديث: 1652] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الشهداء أربعة: رجلٌ مؤمنٌ جيد الأيمان لقي العدو فصدق الله حتى قتل، فذلك الذي يرفع الناس أعينهم إليه يوم القيامة هكذا ـ ورفع رأسه ـ ورجل مؤمن جيدٌ الإيمان لقي العدو، فكأنما ضرب جلده بشوك طلح من الجبن أتاه سهمٌ غربٌ فقتله، فهو في الدرجة الثانية، ورجلٌ مؤمنٌ خلط عملا صالحا وآخر سيئا، لقي العدو، فصدق الله حتى قتل فذاك في الدرجة الثالثة، ورجلٌ مؤمن أسرف على نفسه لقي

__________

(1) النسائي 6/ 33 - 34.

(2) الترمذي (164)

(3) رواه الطبراني 10/ 219 (10527)

(4) الترمذي (1663)

(5) أبو داود (2522)

أحكام الحكومة الإسلامية (364)

العدو، فصدق الله حتى قتل، فذاك في الدرجة الرابعة (1).

[الحديث: 1653] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: القتلى ثلاثةٌ: مؤمنٌ جاهد بنفسه وماله في سبيل الله إذا لقي العدو قاتل حتى قتل، فذاك الشهيد الممتحن في جهة الله تحت عرشه، لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة، ومؤمنٌ خلط عملا صالحا وآخر سيئا جاهد بنفسه وماله في سبيل الله إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل فمصمصةٌ تحت ذنوبه وخطاياه، إن السيف محاء للخطايا وأدخل من أي الأبواب الجنة شاء، ومنافقٌ جاهد بنفسه وماله، فإذا لقي العدو قاتل حتى يقتل فذاك في النار إن السيف لا يمحو النفاق (2).

[الحديث: 1654] عن البراء قال: أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلٌ مقنعٌ بالحديد فقال: يا رسول الله أقاتل أو أسلم؟ قال: أسلم، ثم قاتل، فأسلم ثم قاتل، فقتل، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: عمل قليلا وأجر كثيرا (3).

[الحديث: 1655] جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة (4).

[الحديث: 1656] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة (5).

[الحديث: 1657] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عجب ربنا تعالى من رجل غزا في سبيل الله فانهزم أصحابه، فعلم ما عليه، فرجع حتى أهريق دمه، فيقول الله تعالى لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه، أشهدكم أني قد غفرت

__________

(1) الترمذي (1644)

(2) الدارمي (2411)

(3) البخاري (2808)، ومسلم (1900)

(4) النسائي 4/ 99.

(5) الترمذي (1668)

أحكام الحكومة الإسلامية (365)

له (1).

[الحديث: 1658] جاءت امرأةٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقال لها: أم خلاد، وهي منتقبةٌ تسأل عن ابن لها قتل في سبيل الله، فقيل لها: جئت تسألين عن ابنك وأنت منتقبةٌ؟ فقالت: إن أرزأ ابني فلم أرزأ حيائي، فقال لها صلى الله عليه وآله وسلم: ابنك له أجر شهيدين، قالت: ولم؟ قال: لأنه قتله أهل الكتاب (2).

[الحديث: 1659] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه (3).

[الحديث: 1660] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من فصل في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد، أو وقصته فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه بأي حتف ما شاء الله مات فهو شهيدٌ وإن له الجنة (4).

[الحديث: 1661] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من في الجنة؟ قال: النبي في الجنة، والشهيد في الجنة والمولود والوئيد في الجنة (5).

[الحديث: 1662] عن أبي النضر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم، فقال أبو بكر: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا، قال: بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي، فبكى أبو بكر، ثم بكى، ثم قال: إنا لكائنون بعدك (6).

[الحديث: 1663] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الشهداء ثلاثةٌ: رجلٌ خرج بنفسه وماله

__________

(1) أبو داود (2536)

(2) أبو داود (2488)

(3) مسلم (1909)

(4) أبو داود (2499)

(5) أبو داود (2521)، وأحمد 5/ 58.

(6) مالك 2/ 368.

أحكام الحكومة الإسلامية (366)

محتسبا في سبيل الله لا يريد أن يقاتل ولا يقتل يكثر سواد المسلمين، فإن مات أو قتل غفرت له ذنوبه كلها، وأجير من عذاب القبر ويؤمن من الفزع ويزوج من الحور العين، وحلت عليه حلة الكرامة، ويوضع على رأسه تاج الوقار والرجل الثاني خرج بنفسه وماله محتسبا يريد أن يقتل ولا يقتل، فإن مات أو قتل كانت ركبته مع إبراهيم خليل الرحمن بين يدي الله تعالى ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [القمر: 55]، والثالث خرج بنفسه وماله محتسبا يريد أن يقتل ويقتل، فإن مات أو قتل، جاء يوم القيامة شاهرا سيفه، واضعه على عاتقه، والناس جاثون على الركب يقولون: ألا أفسحوا لنا فإنا قد بذلنا دماءنا لله تعالى، والذي نفسي بيده، لو قال ذلك إبراهيم خليل الرحمن أو لنبي من الأنبياء لرحل لهم عن الطريق، لما يرى من واجب حقهم حتى يأتون منابر من نور تحت العرش، فيجلسون عليها، ينظرون كيف يقضى بين الناس لا يجدون غم الموت ولا يقيمون في البرزخ ولا تفزعهم الصيحة، ولا يهمهم الحساب ولا الميزان ولا الصراط، ينظرون كيف يقضى بين الناس ولا يسألون شيئا إلا أعطوه، ولا يشفعون في شيء إلا شفعوا فيه، ويعطون من الجنة ما أحبوا ويتبوؤون من الجنة حيث أحبوا (1).

[الحديث: 1664] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الشهداء خمسةٌ: المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله (2).

[الحديث: 1665] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المطعون والمبطون والغرق والنفساء شهادة (3).

[الحديث: 1666] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله:

__________

(1) البزار كما في (كشف الأستار) 2/ 284 - 285 (1715)

(2) مسلم (1914)

(3) أحمد 3/ 400،والنسائي 4/ 99، والدارمي (2413)

أحكام الحكومة الإسلامية (367)

المطعون والمبطون والغرق والحرق وصاحب ذات الجنب، والذي يموت تحت الهدم والمرأة تموت بجمع (1).

[الحديث: 1667] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيده، ومن قتل دون دمه فهو شهد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد (2).

[الحديث: 1668] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل دون مظلمة فهو شهيدٌ (3).

[الحديث: 1669] عن بعض الصحابة قال: أغرنا على حي من جهينة فطلب رجلٌ من المسلمين رجلا منهم فضربه فأخطأ وأصاب نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أخاكم يا معشر المسلمين، فابتدره الناس، فوجدوه قد مات، فلفه صلى الله عليه وآله وسلم بثيابه ودمه وصلى عليه ودفنه فقالوا: يا رسول الله أشهيدٌ هو؟ قال: نعم، وأنا له شهيد (4).

[الحديث: 1670] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يختصم الشهداء والمتوفون على فرشهم إلى ربنا في الذين يتوفون من الطاعون، فيقول الشهداء: قتلوا كما قتلنا، ويقول المتوفون على فرشهم: إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا، فيقول ربنا: انظروا إلى جراحهم فإن أشبهت جراح المقتولين فإنهم منهم ومعهم، فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم (5).

[الحديث: 1671] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جاهدوا المشركين (المعتدين) بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم (6).

[الحديث: 1672] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا

__________

(1) أبو داود (3111)، والنسائي 4/ 13 - 14، ومالك 1/ 202.

(2) أبو داود (4772)، والترمذي (1421)، والنسائي 7/ 116 - 117.

(3) النسائي 7/ 117.

(4) أبو داود (2539)

(5) النسائي 6/ 37 - 38)

(6) أحمد 3/ 124، وأبو داود (2504)، والنسائي 6/ 7، والحاكم 2/ 81.

أحكام الحكومة الإسلامية (368)

استنفرتم فانفروا (1).

[الحديث: 1673] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من مات ولم يغزو لم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق) قال ابن المبارك: فنرى أن ذلك كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم (2).

[الحديث: 1674] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لم يغز ولم يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة (3).

[الحديث: 1675] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تمنوا لقاء العدو، وإذا لقيتموهم فاصبروا (4).

[الحديث: 1676] عن سلمة بن نفيل الكندي قال: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال رجل: يا رسول الله أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح، وقالوا: لا جهاد، وقد وضعت الحرب أوزارها فأقبل صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه، قال: كذبوا، الآن جاء القتال، ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة (5).

[الحديث: 1677] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم (6).

[الحديث: 1678] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله (7).

__________

(1) البخاري (2825)، ومسلم (1353)

(2) مسلم (1910)

(3) أبو داود (2503)، وابن ماجة (2762)

(4) البخاري (3026)، ومسلم (1741)

(5) النسائي 6/ 214 - 215، والحاكم 4/ 447 - 448.

(6) أبو داود (3462)

(7) البخاري (3126)، ومسلم (1904)

أحكام الحكومة الإسلامية (369)

[الحديث: 1679] جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر، ماله؟ فقال: لا شيء له، فأعادها ثلاث مرار يقول: لا شيء له، ثم قال: إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا، وابتغي به وجهه (1).

[الحديث: 1680] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالا فله ما نوى (2).

[الحديث: 1681] عن شداد بن الهاد: أن رجلا من الأعراب جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فآمن به واتبعه ثم قال: أهاجر معك فأوصى به صلى الله عليه وآله وسلم بعض أصحابه، فلما كانت غزاة غنم النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا فقسم وقسم له فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم فلما جاء دفعوه إليه فقال: ما هذا؟ قالوا: قسمٌ قسم لك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخذه فجاء به فقال: ما هذا؟ قال: قسمته لك، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكن اتبعتك على أن أرمي إلى هاهنا ـ وأشار إلى حلقه ـ بسهم فأموت فأدخل الجنة، فقال: إن تصدق الله يصدقك، فلبثوا قليلا، ثم نهضوا في قتال العدو فأتي به صلى الله عليه وآله وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال: أهو هو؟ قالوا: نعم، قال: صدق الله فصدقه، ثم كفنه صلى الله عليه وآله وسلم في جبته، ثم قدمه فصلى عليه، فكان مما ظهر من صلاته: اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا، أنا شهيدٌ على ذلك (3).

[الحديث: 1682] عن عبد الرحمن بن أبي عقبة، عن أبيه، وكان مولى من أهل فارس، قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدا فضربت رجلا من المشركين، فقلت: خذها وأنا الغلام الفارسي، فالتفت إليه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هلا قلت وأنا الغلام الأنصاري (4).

[الحديث: 1683] عن سلمة بن الأكوع قال: أمر علينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة أبا بكر في غزاة

__________

(1) النسائي 6/ 25.

(2) النسائي 6/ 24 - 25، الحاكم 2/ 109.

(3) النسائي (4/ 60 - 61)

(4) أبو داود (5123)

أحكام الحكومة الإسلامية (370)

فبيتنا أناسا من المشركين نقتلهم، وقتلت أنا بيدي تلك الليلة سبعة أهل أبيات، وكان شعارنا: أمت أمت، وفي رواية: يا منصور أمت (1).

[الحديث: 1684] عن كعب بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا غزا ناحية ورى بغيرها وكان يقول: الحرب خدعة (2).

[الحديث: 1685] عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا غزا قال: اللهم أنت عضدي ونصيري، وبك أقاتل (3).

[الحديث: 1686] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن بيتكم العدو فقولوا: حم لا ينصرون (4).

[الحديث: 1687] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الغزو غزوان فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريم، وياسر الشريك، واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجرٌ كله، وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة وعصى الإمام، وأفسد في الأرض فإنه لم يرجع بالكفاف (5).

[الحديث: 1688] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر: كيف تقاتلونهم إذا لقيتموهم؟ فقال عاصم بن ثابت: يا رسول الله، إذا كان القوم منا حيث ينالهم النبل كانت المراماة بالنبل، فإذا اقتربوا كانت لهم المراضخة بالحجارة حجرٌ في يده وحجران في حجزته، فإذا اقتربوا كانت المداعمة بالرماح، فإذا انتقضت الرماح كان الجلاد بالسيوف، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بهذا أنزلت الحرب من قاتل فليقاتل قتال عاصم (6).

[الحديث: 1689] عن بريدة قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا بسم الله، في

__________

(1) أبو داود (2596)

(2) أبو داود (2637)

(3) أبو داود (2632)

(4) أبو داود (2597)، والترمذي (1682)

(5) أبو داود (2515)، والنسائي 6/ 49، ومالك 2/ 372.

(6) الطبراني 5/ 34 (4513)

أحكام الحكومة الإسلامية (371)

سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا.. ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين.. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تحفروا ذمة الله وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن وأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا (1).

[الحديث: 1690] عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا بعث جيشا قال: انطلقوا بسم الله، ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين (2).

[الحديث: 1691] عن النعمان بن مقرن قال: غزوت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم غزوات فكان إذا طلع الفجر أمسك عن القتال حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قاتل، حتى إذا انتصف النهار أمسك حتى تزول الشمس، فإذا زالت قاتل حتى العصر، ثم أمسك حتى يصلي العصر، ثم قاتل، وكان يقول: عند هذه الأوقات تهيج رياح النصر ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلاتهم (3).

__________

(1) مسلم (1731)

(2) أبو داود (2614)

(3) أبو داود (2655)، والترمذي (1612)

أحكام الحكومة الإسلامية (372)

[الحديث: 1692] عن ابن عمر قال: بعثنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سرية فحاص الناس حيصة، فقدمنا المدينة، فاختبأنا بها وقلنا: هلكنا ثم أتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا: يا رسول الله نحن الفرارون، قال: بل أنتم العكارون وأنا فئتكم (1).

[الحديث: 1693] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من فر من اثنين فقد فر ومن فر من ثلاثة فلم يفر (2).

[الحديث: 1694] عن نجدة بن عامر: أنه كتب إلى ابن عباس: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغزو بالنساء؟ وهل كان يقتل الصبيان؟ ومتى ينقضي يتم اليتيم؟ والخمس لمن هو؟ فقال ابن عباس: لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه كتبت تسألني: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغزو بالنساء، فقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى، ويحذين من الغنيمة، وإنه لم يكن يقتل الصبيان، وأما اليتيم فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه، ضعيف العطاء منها، وإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم، وأما الخمس فإنا نقول: هو لنا فأبى علينا قومنا ذاك (3).

[الحديث: 1695] عن الربيع بنت معوذ قالت: لقد كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لنسقي القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة (4).

[الحديث: 1696] عن أم عطية قالت: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم: فأصنع لهم الطعام، وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى (5).

[الحديث: 1697] عن أبي أيوب الأنصاري فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن

__________

(1) أبو داود (2647)، والترمذي (1716)

(2) الطبراني 11/ 93 (11151)

(3) مسلم (1812)

(4) البخاري (5679)

(5) مسلم (1812) 142.

أحكام الحكومة الإسلامية (373)

القتل الصبر، فوالذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتها (1).

[الحديث: 1698] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث، وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم (2).

[الحديث: 1699] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه، قالوا: يا رسول الله وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر (3).

[الحديث: 1700] عن أنس: أن فتى من أسلم قال: إني أريد الغزو يا رسول الله وليس معي مالٌ أتجهز به، قال: ائت فلانا فإنه كان قد تجهز فمرض فأتاه، فقال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرئك السلام ويقول: أعطني الذي تجهزت به فقال: يا فلانة لأهله أعطيه الذي تجهزت به، ولا تحبسي عنه شيئا منه، فوالله لا تحبسي منه شيئا فيبارك لك فيه (4).

[الحديث: 1701] عن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمى خيلنا خيل الله إذا فزعنا، وكان يأمرنا إذا فزعنا بالجماعة والصبر والسكينة إذا قاتلنا (5).

[الحديث: 1702] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خير الصحابة أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن تغلب اثنا عشر ألفا من قلة (6).

[الحديث: 1703] عن كعب بن مالك: أن كعب بن الأشرف كان يهجو النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويحرض عليه كفار قريش فكان صلى الله عليه وآله وسلم حين قدم المدينة وفيها مشركون يعبدون الأوثان

__________

(1) أبو داود (2687)

(2) مسلم (1906)

(3) البخاري (2839)

(4) مسلم (1894)

(5) أبو داود (2560)

(6) أبو داود (2611)

أحكام الحكومة الإسلامية (374)

واليهود يؤذونه صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه فأمره الله تعالى بالصبر والعفو ففيهم نزل ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فإن ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [آل عمران: 186] فأبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأمر صلى الله عليه وآله وسلم سعد بن معاذ أن يبعث إليه من يقتله فقتله محمد بن مسلمة ـ وذكر قصة قتله ـ فلما قتلوه فزعت اليهود والمشركون فغدوا إليه صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا: طرق صاحبنا وقتل فذكر لهم صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يقول ثم دعاهم إلى أن يكتب بينه وبينهم كتابا ينتهون إلى ما فيه فكتب بينه وبين المسلمين عامة صحيفة (1).

[الحديث: 1704] عن العرباض بن سارية قال: نزلنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيبر ومعه من معه من أصحابه وكان صاحب خيبر رجلا ماردا منكرا فأقبل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد، لكم أن تذبحوا حمرنا وتأكلوا ثمرنا وتضربوا نساءنا، فغضب صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا ابن عوف اركب فرسك ثم ناد: إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن وأن اجتمعوا للصلاة، فاجتمعوا ثم صلى بهم صلى الله عليه وآله وسلم ثم قام فقال: أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن ألا إني والله لقد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر وإن الله لم يحل لكم ضرب أهل الكتاب إلا بإذن ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم إذا أعطوا الذي عليهم (2).

[الحديث: 1705] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كان بينه وبين قوم عهدٌ فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء (3).

[الحديث: 1706] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق

__________

(1) أبو داود (3000)

(2) أبو داود (3050)

(3) أبو داود (2759)

أحكام الحكومة الإسلامية (375)

طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة (1).

[الحديث: 1707] عن أبي رافع قال: بعثني قريش إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رأيته ألقى في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، لا أرجع إليهم أبدا، فقال: إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع، فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجع، فذهبت، ثم أتيته صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلمت (2).

[الحديث: 1708] عن سلمة بن نعيم، عن أبيه: قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول حين قرأ كتاب مسيلمة للرسل: ما تقولان أنتما؟ قالا: نقول كما قال، قال: أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما (3).

[الحديث: 1709] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال: هذه غدرة فلان (4).

[الحديث: 1710] أبو سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لكل غادر لواءٌ يوم القيامة يرفع له بقدر غدرته ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة (5).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 1711] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الخير في السيف، وتحت ظل السيف، ولا يقيم الناس إلا السيف، والسيوف مقاليد الجنة والنار (6).

[الحديث: 1712] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: للجنة باب يقال له: باب المجاهدين يمضون إليه فإذا هو مفتوح، وهم متقلدون سيوفهم، والجمع في الموقف والملائكة ترحب بهم، فمن

__________

(1) أبو داود (3052)

(2) أبو داود (2758)

(3) أبو داود (2761)

(4) البخاري (6178)، ومسلم (1735)

(5) مسلم (1738)

(6) الكافي 5/ 2/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (376)

ترك الجهاد ألبسه الله ذلا وفقرا في معيشته، ومحقا في دينه (1).

[الحديث: 1713] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خيول الغزاة في الدنيا خيولهم في الجنة، وإن أردية الغزاة لسيوفهم (2).

[الحديث: 1714] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أخبرني جبريل بأمر قرّت به عيني، وفرح به قلبي، قال: يا محمّد من غزا من أمتك في سبيل الله، فأصابه قطرة من السماء، أو صداع، كتب الله له شهادة يوم القيامة (3).

[الحديث: 1715] قيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما بال الشهيد لا يفتن في قبره؟ قال: كفى بالبارقة فوق رأسه فتنة (4).

[الحديث: 1716] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من قطرة أحب إلى الله عزّ وجلّ من قطرة دم في سبيل الله (5).

[الحديث: 1717] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: للشهيد سبع خصال من الله: أول قطرة من دمه مغفور له كل ذنب، والثانية يقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين، وتمسحان الغبار عن وجهه، وتقولان: مرحبا بك، ويقول هو مثل ذلك لهما، والثالثة يكسى من كسوة الجنة، والرابعة تبتدره خزنة الجنة بكل ريح طيبة أيهم يأخذه معه، والخامسة أن يرى منزله، والسادسة يقال لروحه: اسرح في الجنة حيث شئت، والسابعة أن يرضى الله عنه وإنها لراحة لكل نبي وشهيد (6).

[الحديث: 1718] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فوق كل ذي بر بر حتى يقتل في سبيل الله،

__________

(1) الكافي 5/ 2/ 2، وثواب الاعمال 225/ 2.

(2) الكافي 5/ 3/ 3.

(3) الكافي 5/ 3/ 3.

(4) الكافي 5/ 54/ 5.

(5) الكافي 5/ 53/ 3.

(6) التهذيب 6/ 121/ 208.

أحكام الحكومة الإسلامية (377)

فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر، وفوق كل ذي عقوق عقوق حتى يقتل أحد والديه، فليس فوقه عقوق (1).

[الحديث: 1719] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من خرج في سبيل الله مجاهدا فله بكل خطوة سبعمائة ألف حسنة، ويمحا عنه سبعمائة ألف سيئة، ويرفع له سبعمائة ألف درجة، وكان في ضمان الله بأي حتف مات كان شهيدا، وإن رجع رجع مغفورا له مستجابا دعاؤه (2).

[الحديث: 1720] قال الإمام الصادق: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إني راغب في الجهاد نشيط، قال: فجاهد في سبيل الله فإنك إن تقتل كنت حيا عند الله ترزق، وإن مت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت خرجت من الذنوب كما ولدت، فقال: يا رسول الله إن لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقم مع والديك، فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك خير (3).

[الحديث: 1721] عن جابر قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: إني رجل شاب نشيط وأحب الجهاد ولي والدة تكره ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ارجع فكن مع والدتك، فوالذي بعثني بالحق لأنسها بك خير (4).

[الحديث: 1722] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من بلغ رسالة غاز كان كمن أعتق رقبة وهو شريكه في ثواب غزوته (5).

[الحديث: 1723] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من اغتاب مؤمنا غازياً أوآذاه أو خلفه في أهله بسوء نصب له يوم القيامة فيستغرق حسناته ثم يركس في النار إذا كان الغازي في طاعة

__________

(1) التهذيب 6/ 122/ 209،.

(2) عقاب الاعمال 345.

(3) أمالي الصدوق 373/ 8.

(4) الكافي 2/ 130/ 20.

(5) التهذيب 6/ 123/ 214.

أحكام الحكومة الإسلامية (378)

الله عزّ وجلّ (1).

[الحديث: 1724] عن الإمام الصادق، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا بعث سرية دعا لها (2).

[الحديث: 1725] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول: سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها، وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله، فإن تبعكم فأخوكم في الدين، وإن أبى فأبلغوه مأمنه، واستعينوا بالله (3).

[الحديث: 1726] قال الإمام الصادق: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا بعث أميرا له على سرية أمره بتقوى الله عزّ وجلّ في خاصة نفسه ثم في أصحابه عامة ثم يقول: اغز بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا ولا متبتلا في شاهق، ولا تحرقوا النخل، ولا تغرقوه بالماء، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تحرقوا زرعا لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه، ولا تعقروا من البهائم مما يؤكل لحمه إلا ما لا بد لكم من أكله.. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك على أن ينزلوا على حكم الله عزّ وجلّ فلا تنزل بهم ولكن أنزلهم على حكمكم ثم اقض فيهم بعد ما شئتم، فإنكم إن أنزلتموهم على حكم الله لم تدروا تصيبوا حكم الله فيهم أم لا، وإذا حاصرتم أهل حصن فإن آذنوك على أن تنزلهم على ذمة الله وذمة رسوله فلا تنزلهم ولكن أنزلهم على ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم كان أيسر عليكم يوم القيامة

__________

(1) الكافي 5/ 8/ 10.

(2) الكافي 5/ 29/ 7.

(3) الكافي 5/ 27/ 1، التهذيب 6/ 138/ 231.

أحكام الحكومة الإسلامية (379)

من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم (1).

[الحديث: 1727] قال الإمام الرضا: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا بعث جيشا فاتهم أميرا بعث معه من ثقاته من يتجسس له خبره (2).

[الحديث: 1728] قال الإمام علي: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يلقى السم في بلاد المشركين (3).

[الحديث: 1729] قال الإمام الصادق: ما بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدوا قط ليلا (4).

[الحديث: 1730] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اقتلوا المشركين (المعتدين) واستحيوا شيوخهم وصبيانهم (5).

[الحديث: 1731] قال الإمام الباقر: قرأت في كتاب للإمام علي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب أن كل غازية غزت بما يعقب بعضها بعضا بالمعروف والقسط بين المسلمين فإنّه لا تجاز حرمة إلا بإذن أهلها، وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمه وأبيه، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على عدل وسواء (6).

[الحديث: 1732] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يجيء كل غادر بإمام يوم القيامة مائلا شدقه حتى يدخل النار (7).

[الحديث: 1733] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحرب خدعة (8).

[الحديث: 1734] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا

__________

(1) الكافي 5/ 29/ 8.

(2) قرب الإسناد: 148.

(3) الكافي 5/ 28/ 2.

(4) الكافي 5/ 28/ 3.

(5) التهذيب 6/ 142/ 241.

(6) الكافي 5/ 31.

(7) الكافي 2/ 253/ 5.

(8) من لا يحضره الفقيه 4/ 272.

أحكام الحكومة الإسلامية (380)

اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: 60] قال: القوة الرمي (1).

[الحديث: 1735] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اركبوا وارموا وإن ترموا أحب إلي من أن تركبوا.. وكل لهو المؤمن باطل إلا في تأديبه الفرس، ورميه عن قوسه، فإنهن حق ألا إن الله عزّ وجلّ ليدخل بالسهم الواحد الثلاثة الجنة: عامل الخشبة والمقوى به في سبيل الله، والرامي به في سبيل الله (2).

[الحديث: 1736] قال الإمام الرضا: أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدينارين، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أريد أن أحمل بهما في سبيل الله، فقال: ألك والدان أو أحدهما؟ قال: نعم، قال: اذهب فأنفقهما على والديك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل الله، فرجع ففعل فأتاه بدينارين آخرين، فقال: قد فعلت وهذه ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل الله، قال: ألك ولد؟ قال: نعم، قال: فاذهب فأنفقهما على ولدك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل الله، فرجع وفعل فأتاه بدينارين آخرين فقال: يا رسول الله قد فعلت وهذان الديناران أحمل بهما في سبيل الله قال: ألك زوجة؟ قال: نعم، قال: أنفقهما على زوجتك فهو خير لك أن تحمل بهما في سبيل الله، فرجع وفعل، فأتاه بدينارين آخرين فقال: يا رسول الله قد فعلت، وهذه ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل الله، فقال: ألك خادم؟ قال: نعم، قال: فاذهب فأنفقهما على خادمك فهو خير لك من أن تحمل بهما في سبيل الله، ففعل فأتاه بدينارين آخرين فقال: يا رسول الله أريد أن أحمل بهما في سبيل الله قال: احملهما، واعلم أنهما ليسا بأفضل دنانيرك (3).

[الحديث: 1737] عن عثمان بن مظعون قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ نفسي

__________

(1) الكافي 5/ 49/ 12.

(2) الكافي 5/ 50/ 13.

(3) التهذيب 6/ 171/ 330.

أحكام الحكومة الإسلامية (381)

تحدثني بالسياحة وأن ألحق بالجبال، فقال: يا عثمان لا تفعل فإن سياحة أمتي الجهاد (1).

[الحديث: 1738] قال الإمام الصادق: قدم ناس من مزينة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما شعاركم؟ قالوا: حرام، قال: بل شعاركم (حلال) (2).

[الحديث: 1739] قال الإمام الصادق: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببراءة مع الإمام علي بعث معه أناسا، وقال: من استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منا (3).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 1740] قال الإمام علي يوم الجمل: أيها الناس إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص، ومن لم يمت يقتل، وإن أفضل الموت القتل، والذي نفسي بيده، لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على فراش (4).

[الحديث: 1741] قال الإمام علي: أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه.. وهو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة، فمن تركه ألبسه الله ثوب الذل، وشمله البلاء، وديث بالصغار والقماءة، وضرب على قلبه بالإسداد، وأديل الحق منه بتضييع الجهاد، وسيم الخسف، ومنع النصف.. وأديل الحق بتضييع الجهاد وغضب الله عليه بتركه نصرته وقد قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7] (5)

__________

(1) التهذيب 6/ 122/ 210.

(2) الكافي 5/ 47/ 2.

(3) الكافي 5/ 34/ 2.

(4) الكافي 5/ 53/ 4.

(5) الكافي 5/ 4/ 6، التهذيب 6: 123/ 216..

أحكام الحكومة الإسلامية (382)

[الحديث: 1742] قال الإمام علي: إن الله فرض الجهاد وعظمه وجعله نصره وناصره، والله ما صلحت دنيا ولا دين إلا به (1).

[الحديث: 1743] سئل الإمام الرضا عن قول الإمام علي (لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش؟) فقال: في سبيل الله (2).

[الحديث: 1744] قال الإمام علي: كتب الله الجهاد على الرجال والنساء فجهاد الرجل بذل ماله ونفسه حتى يقتل في سبيل الله، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته (3).

[الحديث: 1745] قال الإمام علي: القتال قتالان: قتال أهل الشرك المعتدين لا ينفر عنهم حتى يسلموا أو يؤتوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وقتال لأهل الزيغ لا ينفر عنهم حتى يفيئوا إلى أمر الله أو يقتلوا (4).

[الحديث: 1746] قال الإمام علي: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن فقال: يا علي لا تقاتلن أحدا حتى تدعوه إلى الإسلام، وأيم الله لئن يهدي الله عزّ وجلّ على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه يا علي (5).

[الحديث: 1747] قال الإمام علي: لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم، ولا ينفذ في الفيء أمر الله عزّ وجلّ، فإنه إن مات في ذلك المكان كان معينا لعدونا في حبس حقنا والإشاطة بدمائنا وميتته ميتة جاهلية (6).

[الحديث: 1748] قال الإمام علي يحض أصحابه على الجهاد: فقدموا الدارع،

__________

(1) الكافي 5/ 8/ 11.

(2) التهذيب 6/ 123/ 215.

(3) الكافي 5/ 9/ 1.

(4) التهذيب 6/ 174/ 345.

(5) الكافي 5/ 28/ 4.

(6) علل الشرائع: 464/ 13.

أحكام الحكومة الإسلامية (383)

وأخّروا الحاسر، وعضوا على الأضراس، فإنه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا في أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة، وغضوا الأبصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل، ورايتكم فلا تميلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي الشجعان منكم، فإن الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها حفافيها وورائها وأمامها لا يتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها، أجزأ امرؤ قرنه وآسى أخاه بنفسه، ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه، وأيم الله لو فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة، أنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم إن في الفرار موجدة الله، والذل اللازم، والعار الباقي، وإن الفار غير مزيد في عمره، ولا محجوب بينه وبين يومه، من رائح إلى الله كالظمآن يرد الماء، الجنة تحت أطراف العوالي، اليوم تبلى الأخبار، اللهّم فإن ردّوا الحق فافضض جماعتهم، وشتت كلمتهم، وأبسلهم بخطاياهم، إنّهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم، وضرب يفلق الهام ويطيح العظام ويبدد السواعد والأقدام وحتى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر، ويرموا بالكتائب تقفوها الجلائب حتى يجر بلادهم الخميس يتلوه الخميس، وحتى تدعق الخيول في نواحي أرضهم وبأعنان مساربهم ومسارحهم (1).

[الحديث: 1749] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي لا يقاتل حتى تزول الشمس ويقول: تفتح أبواب السماء، وتقبل الرحمة، وينزل النصر، ويقول: هو أقرب إلى الليل وأجدر أن يقل القتل ويرجع الطالب، ويفلت المنهزم (2).

[الحديث: 1750] قال الإمام الصادق: أجاز الإمام علي أمان عبد مملوك لأهل

__________

(1) نهج البلاغة 2/ 4/ 120.

(2) الكافي 5/ 28/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (384)

حصن من الحصون، وقال: هو من المؤمنين (1).

[الحديث: 1751] قال الإمام علي وهو يخطب على المنبر بالكوفة: أيها الناس لولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ألا إن لكل غدرة فجرة، ولكل فجرة كفرة، ألا وإن الغدر والفجور والخيانة في النار (2).

[الحديث: 1752] عن عبد الله بن ميمون قال: أتي الإمام علي بأسير يوم صفين فبايعه، فقال: لا أقتلك إني أخاف الله رب العالمين، فخلى سبيله وأعطاه سلبه الذي جاء به (3).

[الحديث: 1753] كان الإمام علي يوصي المسلمين عند الحرب، فيقول: تعاهدوا الصلاة، وحافظوا عليها، واستكثروا منها، وتقربوا بها، فإنها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، وقد علم ذلك الكفار حيث سئلوا ما سلككم في سقر قالوا: لم نك من المصلين، وقد عرفها حقها من طرقها وأكرم بها المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع، ولا قرة عين من مال ولا ولد يقول الله عز وجل: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ﴾ [النور: 37] وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منصبا لنفسه بعد البشرى له بالجنة من ربه، فقال عزّ وجلّ: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ [طه: 132]، فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه، ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام على أهل الإسلام، ومن لم يعطها طيب النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها، فإنه جاهل بالسنّة، مغبون الأجر، ضال العمر طويل الندم بترك أمر الله عزّ وجلّ، والرغبة عما عليه صالحو عباد الله، يقول الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ

__________

(1) الكافي 5/ 31/ 2، والتهذيب 6/ 140/ 235.

(2) الكافي 2/ 253/ 6.

(3) التهذيب 6/ 153/ 269.

أحكام الحكومة الإسلامية (385)

مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء: 115] من الأمانة فقد خسر من ليس من أهلها وضل عمله، عرضت على السماوات المبنية، والأرض المهاد والجبال المنصوبة فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم لو امتنعن من طول أو عرض أو عظم أو قوة أو عزة امتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة، ثم إن الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام وهو قوام الدين، والأجر فيه عظيم، مع العزة والمنعة، وهو الكرة فيه الحسنات والبشرى بالجنة بعد الشهادة، وبالرزق غدا عند الرب والكرامة، يقول الله عز وجل: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 169 - 171]، ثم إن الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين، وسلب للدنيا مع الذل والصغار، وفيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال، يقول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الأنفال: 15 - 16] فحافظوا على أمر الله عزّ وجلّ في هذه المواطن التي الصبر عليها كرم وسعادة، ونجاة في الدنيا والآخرة من فظيع الهول والمخافة فإن الله عزّ وجلّ لا يعبأ بما العباد مقترفون في ليلهم ونهارهم، لطف به علما، فكل ذلك في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى، فاصبروا وصابروا واسألوا النصر، ووطنوا أنفسكم على القتال، واتقوا الله عزّ وجلّ فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون (1).

__________

(1) الكافي 5/ 36/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (386)

[الحديث: 1754] كان الإمام علي يوصي المسلمين عند الحرب، فيقول: عباد الله اتقوا الله وغضوا الأبصار، واخفضوا الأصوات، وأقلوا الكلام، ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجاولة والمبارزة والمناضلة والمنابذة والمعانقة والمكادمة، واثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين (1).

[الحديث: 1755] كان الإمام علي يوصي المسلمين عند الحرب، فيقول: إن الله عزّ وجلّ قد دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، وتشفى بكم على الخير الإيمان بالله، والجهاد في سبيل الله، وجعل ثوابه مغفرة للذنب، ومساكن طيبة في جنات عدن، وقال جل وعز: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: 4] فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص فقدموا الدارع، وأخروا الحاسر، وعضوا على النواجد، فإنّه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا على أطراف الرماح، فإنّه أمور للأسنة، وغضوا الأبصار فإنّه أربط للجأش، وأسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل، وأولى بالوقار، ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم فإن المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ، ولا تمثلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا، ولا تدخلوا دارا، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ناقصات القوى، وقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من بعده، واعلموا أن أهل الحفاظ هم الذين يحتفون براياتهم ويكتنفونها، ويصيرون حفافيها وورائها وأمامها، ولا يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها، ولا يتقدمون عليها

__________

(1) الكافي 5/ 38/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (387)

فيفردوها، رحم الله امرؤا واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللائمة، ويأتي بدناءة، وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين، وهذا ممسك يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه ينظر إليه، وهذا فمن يفعله يمقته الله، فلا تتعرضوا لمقت الله فإن ممركم إلى الله، وقد قال الله عزّ وجلّ: ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الأحزاب: 16] وأيم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيف الآجلة، فاستعينوا بالصبر والصدق، فإنما ينزل النصر بعد الصبر فجاهدوا في الله حق جهاده، ولا قوة إلا بالله (1).

[الحديث: 1756] كان الإمام علي يوصي المسلمين عند الحرب، فيقول: إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام، واذكروا الله عزّ وجلّ ولا تولوهم الأدبار، فتسخطوا الله تبارك وتعالى وتستوجبوا غضبه، وإذا رأيتم من إخوانكم المجروح ومن قد نكل به أو من قد طمع فيه عدوكم فقوه بأنفسكم (2).

[الحديث: 1757] قال الإمام علي: لأن يخطفني الطير أحب إلي من أن أقول على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مالم يقل، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم الخندق: الحرب خدعة، ويقول: تكلموا بما أردتم (3).

[الحديث: 1758] قال الإمام علي: الحرب خدعة إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوالله لأن أخر من السماء أو تخطفني الطير أحب إلي من أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا حدثتكم عني فإنما الحرب خدعة، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلغه أن بني قريظة بعثوا إلى أبي سفيان إذا التقيتم أنتم ومحمد أمددناكم وأعناكم، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطيبا فقال: إن بني قريظة

__________

(1) الكافي 5/ 39/ 4.

(2) الكافي 5/ 42/ 5.

(3) التهذيب 6/ 162/ 298.

أحكام الحكومة الإسلامية (388)

بعثوا إلينا إنا إذا التقينا نحن وأبو سفيان أمدونا وأعانونا، فبلغ ذلك أبا سفيان فقال: غدرت يهود، فارتحل عنهم (1).

[الحديث: 1759] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي إذا أراد القتال قال هذه الدعوات: اللهم إنك أعلمت سبيلا من سبلك جعلت فيه رضاك، وندبت إليه أوليائك، وجعلته أشرف سبلك عندك ثوابا وأكرمها لديك مآبا وأحبها اليك مسلكا، ثم اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليك حقا، فاجعلني ممن يشتري فيه منك نفسه، ثم وفى لك ببيعه الذي بايعك عليه غير ناكث ولا ناقض عهدا، ولا مبدل تبديلا بل استيجابا لمحبتك، وتقربا به إليك، فاجعله خاتمة عملي، وصير فيه فناء عمري، وارزقني فيه لك وبه مشهدا توجب لي به منك الرضا، وتحط به عني الخطايا، وتجعلني في الأحياء المرزوقين بأيدي العداة والعصاة تحت لواء الحق، وراية الهدى ماضيا على نصرتهم قدما، غير مول دبرا، ولا محدث شكا، اللهم وأعوذ بك عند ذلك من الجبن عند موارد الأهوال، ومن الضعف عند مساورة الأبطال ومن الذنب المحبط للأعمال، فأحجم من شك أو أمضي بغير يقين فيكون سعيي في تباب وعملي غير مقبول (2).

[الحديث: 1760] سئل الإمام علي عن الأجعال للغزو؟ فقال: لا بأس بأن يغزو الرجل عن الرجل ويأخذ منه الجعل (3).

[الحديث: 1761] قال الإمام علي: إنّ الله عزّ وجلّ لما بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أمره في بدو أمره أن يدعو بالدعوة فقط، وأنزل عليه ﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ

__________

(1) قرب الإسناد: 62.

(2) الكافي 5/ 46/ 1.

(3) التهذيب 6/ 173/ 338.

أحكام الحكومة الإسلامية (389)

عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [الأحزاب: 48] فلما أرادوا ما هموا به من تبييته أمره الله بالهجرة وفرض عليه القتال، فقال: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 39 - 40].. ومن ذلك أن الله فرض القتال على الأمة فجعل على الرجل الواحد أن يقاتل عشرة من المشركين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ [الأنفال: 65] ثم نسخها سبحانه فقال: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فإن يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: 66] فنسخ بهذه الآية ما قبلها فصار فرض المؤمنين في الحرب إذا كان عدة المشركين (المعتدين) أكثر من رجلين لرجل لم يكن فارا من الزحف، وإن كان العدة رجلين لرجل كان فارا من الزحف (1).

[الحديث: 1762] قال الإمام علي: من استأسر من غير جراحة مثقلة فلا يفدى من بيت المال، ولكن يفدى من ماله إن أحب أهله (2).

[الحديث: 1763] قال الإمام علي: وليعلم المنهزم بأنه مسخط ربه، وموبق نفسه، وأن في الفرار موجدة الله، والذل اللازم، والعار الباقي، وإن الفار لغير مزيد في عمره، ولا محجوز بينه وبين يومه، ولا يرضي ربه، ولموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها، والإقرار عليها (3).

__________

(1) المحكم والمتشابه: 10، 11.

(2) الكافي 5/ 34/ 3.

(3) الكافي 5/ 41/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (390)

[الحديث: 1764] قال الإمام الصادق: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه، فقال له الإمام علي: ما منعك أن تبارزه؟ فقال: كان فارس العرب وخشيت أن يغلبني فقال له الإمام علي: فإنه بغى عليك، ولو بارزته لغلبته ولو بغى جبل على جبل لهد الباغي (1)..

[الحديث: 1765] قال الإمام علي لابنه الحسن: لا تدعون إلى مبارزة، وإن دعيت إليها فأجب فإن الداعي باغ، والباغي مصروع (2).

[الحديث: 1766] قال الإمام علي: إطعام الأسير والإحسان إليه حق واجب وإن قتلته من الغد (3).

[الحديث: 1767] قال الإمام علي: أيّها الناس إنّ الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص ومن لم يمت يقتل وإنّ أفضل الموت القتل، والّذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة على فراش (4).

ما روي عن الإمام الحسين

[الحديث: 1768] قال الإمام الحسين: ليس شأني شأن من يخاف الموت ما أهون الموت على سبيل نيل العزّ وإحياء الحقّ، ليس الموت في سبيل العزّ إلّا حياة خالدة، وليست الحياة مع الذلّ إلّا الموت الّذي لا حياة معه أفبالموت تخوّفني هيهات طاش سهمك وخاب ظنّك، لست أخاف الموت إنّ نفسي لأكبر من ذلك وهمّتي لأعلى من أن أحمل الضيم خوفا من الموت، وهل تقدرون على أكثر من قتلي، مرحبا بالقتل في سبيل الله ولكنّكم لا تقدرون

__________

(1) الكافي 5/ 34/ 2.

(2) نهج البلاغة 3/ 204/ 233.

(3) قرب الإسناد: 42.

(4) الكافي ج 5 ص 53.

أحكام الحكومة الإسلامية (391)

على هدم مجدي ومحو عزّي وشرفي، فإذا لا أبالي بالقتل (1).

[الحديث: 1769] قال الإمام الحسين: موت في عزّ خير من حياة في ذلّ (2).

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 1770] عن الزهري قال: دخل رجال من قريش على علي بن الحسين (الإمام السجاد) فسألوه كيف الدعوة إلى الدين؟ فقال: تقول بسم الله الرحمن الرحيم ادعوك إلى الله عزّ وجلّ وإلى دينه، وجماعه أمران: أحدهما معرفة الله عزّ وجلّ، والآخر العمل برضوانه، وإن معرفة الله عزّ وجلّ أن يعرف بالوحدانية والرأفة والرحمة والعزة والعلم والقدرة والعلو على كل شيء، وأنّه النافع الضار القاهر لكل شيء، الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن ما جاء به هو الحق من عند الله عزّ وجلّ، وما سواه هو الباطل، فإذا أجابوا إلى ذلك فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين (3).

[الحديث: 1771] قال الإمام الصادق: لقي عباد البصري الإمام السجاد في طريق مكة، فقال له: يا على بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته، وأقبلت على الحج ولينه، إن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 111] فقال الإمام السجاد: أتم الآية فقال: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 112]،

__________

(1) أهل البيت ص 448.

(2) أهل البيت ص 448.

(3) الكافي 5/ 36/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (392)

فقال الإمام السجاد: إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج (1).

[الحديث: 1772] قال الإمام السجاد: إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي ولم يكن معك محمل فأرسله ولا تقتله، فإنك لا تدري ما حكم الإمام فيه (2).

[الحديث: 1773] كان من دعاء الإمام السجاد للمرابطين والمجاهدين من أهل الثغور: اللهم صل على محمد وآله، وحصن ثغور المسلمين بعزتك، وأيد حماتها بقوتك، وأسبغ عطاياهم من جدتك.. اللهم صل على محمد وآله، وكثر عدتهم، واشحذ أسلحتهم، واحرس حوزتهم، وامنع حومتهم، وألف جمعهم، ودبر أمرهم، وواتر بين ميرهم، وتوحد بكفاية مؤنهم، واعضدهم بالنصر، وأعنهم بالصبر، والطف لهم في المكر.. اللهم صل على محمد وآله، وعرفهم ما يجهلون، وعلمهم ما لا يعلمون، وبصرهم ما لا يبصرون.. اللهم صل على محمد وآله، وأنسهم عند لقائهم العدو ذكر دنياهم الخداعة الغرور، وامح عن قلوبهم خطرات المال الفتون، واجعل الجنة نصب أعينهم ولوح منها لأبصارهم ما أعددت فيها من مساكن الخلد ومنازل الكرامة والحور الحسان والأنهار المطردة بأنواع الأشربة، والأشجار المتدلية بصنوف الثمر، حتى لا يهم أحدٌ منهم بالإدبار، ولا يحدث نفسه عن قرنه بفرار.. اللهم افلل بذلك عدوهم، وأقلم عنهم أظفارهم، وفرق بينهم وبين أسلحتهم، واخلع وثائق أفئدتهم، وباعد بينهم وبين أزودتهم، وحيرهم في سبلهم، وضللهم عن وجههم، واقطع عنهم المدد وانقص منهم العدد، واملأ أفئدتهم الرعب، واقبض أيديهم عن البسط، واخزم ألسنتهم عن النطق، وشرد بهم من خلفهم، ونكل بهم من ورائهم، واقطع بخزيهم أطماع من بعدهم.. اللهم وقو بذلك محال أهل الإسلام، وحصن به

__________

(1) الكافي 5/ 22/ 1.

(2) التهذيب 6/ 153/ 267.

أحكام الحكومة الإسلامية (393)

ديارهم، وثمر به أموالهم، وفرغهم عن محاربتهم لعبادتك وعن منابذتهم للخلوة بك، حتى لا يعبد في بقاع الأرض غيرك ولا تعفر لأحد منهم جبهةٌ دونك.. اللهم اشغل المشركين بالمشركين عن تناول أطراف المسلمين، وخذهم بالنقص عن تنقصهم، وثبطهم بالفرقة عن الاحتشاد عليهم.. اللهم أخل قلوبهم من الأمنة وأبدانهم من القوة وأذهل قلوبهم عن الاحتيال وأوهن أركانهم عن منازلة الرجال وجبنهم عن مقارعة الأبطال، وابعث عليهم جندا من ملائكتك ببأس من بأسك كفعلك يوم بدر تقطع به دابرهم وتحصد به شوكتهم، وتفرق به عددهم.. اللهم وأيما غاز غزاهم من أهل ملتك أو مجاهد جاهدهم من أتباع سنتك ليكون دينك الأعلى وحزبك الأقوى وحظك الأوفى فلقه اليسر، وهيئ له الأمر، وتوله بالنجح، وتخير له الأصحاب، واستقو له الظهر، وأسبغ عليه في النفقة ومتعه بالنشاط، وأطف عنه حرارة الشوق، وأجره من غم الوحشة، وأنسه ذكر الأهل والولد وأثر له حسن النية وتوله بالعافية، وأصحبه السلامة، وأعفه من الجبن، وألهمه الجرأة وارزقه الشدة وأيده بالنصرة، وعلمه السير والسنن، وسدده في الحكم، واعزل عنه الرياء، وخلصه من السمعة واجعل فكره وذكره وظعنه وإقامته فيك ولك، فإذا صاف عدوك وعدوه فقللهم في عينه وصغر شأنهم في قلبه وأدل له منهم ولا تدلهم منه فإن ختمت له بالسعادة وقضيت له بالشهادة فبعد أن يجتاح عدوك بالقتل وبعد أن يجهد بهم الأسر وبعد أن تأمن أطراف المسلمين وبعد أن يولي عدوك مدبرين.. اللهم وأيما مسلم خلف غازيا أو مرابطا في داره أو تعهد خالفيه في غيبته، أو أعانه بطائفة من ماله، أو أمده بعتاد، أو شحذه على جهاد، أو أتبعه في وجهه دعوة، أو رعى له من ورائه حرمة، فأجر له مثل أجره وزنا بوزن ومثلا بمثل وعوضه من فعله عوضا حاضرا يتعجل به نفع ما قدم، وسرور ما أتى به، إلى أن ينتهي به الوقت إلى ما أجريت له من فضلك، وأعددت له من كرامتك.. اللهم

أحكام الحكومة الإسلامية (394)

وأيما مسلم أهمه أمر الإسلام وأحزنه تحزب أهل الشرك عليهم فنوى غزوا أو هم بجهاد فقعد به ضعفٌ أو أبطأت به فاقةٌ، أو أخره عنه حادثٌ، أو عرض له دون إرادته مانعٌ، فاكتب اسمه في العابدين وأوجب له ثواب المجاهدين واجعله في نظام الشهداء والصالحين.. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وآل محمد صلاة عالية على الصلوات مشرفة فوق التحيات، صلاة لا ينتهي أمدها ولا ينقطع عددها كأتم ما مضى من صلواتك على أحد من أوليائك، إنك المنان الحميد المبدئ المعيد الفعال لما تريد (1).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 1774] قال الإمام الباقر: فضل الله عز وجل الجهاد على الأعمال، وفضل عامله على العمال، تفضيلا في الدرجات والمغفرة، والرحمة لأنه ظهر به الدين، وبه يدفع عن الدين، وبه اشترى الله من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنّة، بيعا مفلحا منجحا، اشترط عليهم فيه حفظ الحدود، وأول ذلك الدعاء إلى طاعة الله من طاعة العباد، والى عبادة الله من عبادة العباد، وإلى ولاية الله من ولاية العباد (2).

[الحديث: 1775] قال الإمام الباقر: الرباط ثلاثة أيام، وأكثره أربعون يوما، فإذا جاوز ذلك فهو جهاد (3).

[الحديث: 1776] قال الإمام الباقر: ما من رجل أمن رجلا على ذمة ثم قتله إلا جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر (4).

[الحديث: 1777] قال الإمام الباقر: إن للحرب حكمين إذا كانت الحرب قائمة ولم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها، فكل أسير أخذ في تلك الحال فإن الإمام فيه بالخيار إن

__________

(1) الصحيفة السجادية، ص 126.

(2) الكافي 5/ 3/ 4.

(3) التهذيب 6/ 125.

(4) الكافي 5/ 31/ 3، والتهذيب 6/ 140/ 236.

أحكام الحكومة الإسلامية (395)

شاء ضرب عنقه، وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حسم، وتركه يتشحط في دمه حتى يموت، وهو قول الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33] ألا ترى أن المخير الذي خير الله الإمام على شيء واحد وهو الكفر وليس هو على أشياء مختلفة.. والحكم الآخر إذا وضعت الحرب أوزارها وأثخن أهلها فكل أسير أخذ على تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار إن شاء من عليهم فأرسلهم، وإن شاء فاداهم أنفسهم، ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ [محمد: 4] (1).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 1778] قال الإمام الصادق: من أحب كافرا فقد أبغض الله، ومن أبغض كافرا فقد أحب الله.. وصديق عدو الله عدو الله (2).

[الحديث: 1779] قيل للإمام الصادق: أي الجهاد أفضل؟ فقال: من عقر جواده، وأهريق دمه في سبيل الله (3).

[الحديث: 1780] قال الإمام الصادق: الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض (4).

[الحديث: 1781] قال الإمام الصادق: إن الله عزّ وجلّ بعث رسوله بالإسلام إلى الناس عشر سنين فأبوا أن يقبلوا حتى أمره بالقتال، فالخير في السيف وتحت السيف والأمر

__________

(1) الكافي 5/ 32/ 1.

(2) أمالي الصدوق: 484/ 8، وصفات الشيعة: 9/ 15.

(3) الكافي 5/ 54/ 7.

(4) الكافي 5/ 3/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (396)

يعود كما بدأ (1).

[الحديث: 1782] قال الإمام الصادق: من قتل في سبيل الله لم يعرفه الله شيئا من سيئاته (2).

[الحديث: 1783] قيل للإمام الصادق: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله (3).

[الحديث: 1784] قال الإمام الصادق: ثلاثة دعوتهم مستجابة: أحدهم الغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه (4).

[الحديث: 1785] سئل الإمام الصادق عن الجهاد، أسنة هو أم فريضة؟ فقال: الجهاد على أربعة أوجه، فجهادان فرض، وجهاد سنة لا تقام إلا مع الفرض، وجهاد سنة، فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عزّ وجلّ وهو من أعظم الجهاد، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار المعتدين فرض، وأما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا مع فرض فإن مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأمة، وهو سنة على الإمام وحده أن يأتي العدو مع الأمة فيجاهدهم، وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال، لأنها إحياء سنة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سن سنة حسنة (5).

[الحديث: 1786] سئل الإمام الصادق عن رجل دخل أرض الحرب بأمان فغزا

__________

(1) الكافي 5/ 7/ 7.

(2) الكافي 5/ 54/ 6.

(3) المحاسن 292/ 445.

(4) التهذيب 6/ 122.

(5) الكافي 5/ 9/ 1، والخصال 240/ 89.

أحكام الحكومة الإسلامية (397)

القوم الذين دخل عليهم قوم آخرون؟ فقال: على المسلم أن يمنع نفسه ويقاتل عن حكم الله وحكم رسوله، وأما أن يقاتل الكفار على حكم الجور وسنتهم فلا يحل له ذلك (1).

[الحديث: 1787] قيل للإمام الصادق: إني رأيت في المنام أني قلت لك إن القتال مع غير الإمام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي: نعم هو كذلك، فقال الإمام الصادق: هو كذلك، هو كذلك (2).

[الحديث: 1788] قيل للإمام الصادق: إني أكون بالباب فينادون السلاح فأخرج معهم، فقال: أرأيتك إن خرجت فأسرت رجلا فأعطيته الأمان وجعلت له من العقد ما جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمشركين أكان يفون لك به؟ قيل: لا والله جعلت فداك ما كانوا يفون لي به، قال: فلا تخرج (3).

[الحديث: 1789] قال الإمام الصادق في حديث شرائع الدين: والجهاد واجب مع إمام عادل ومن قتل دون ماله فهو شهيد (4).

[الحديث: 1790] سئل الإمام الصادق عن النساء في الحرب، فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل النساء والولدان في دار الحرب إلا أن يقاتلن، فإن قاتلت أيضاً فأمسك عنها ما أمكنك، ولم تخف خللا، فلما نهى عن قتلهن في دار الحرب كان في دار الإسلام أولى.. وكذلك المقعد والأعمى والشيخ الفاني والولدان (5).

[الحديث: 1791] قيل للإمام الصادق: ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسعى بذمتهم أدناهم؟ قال: لو أن جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل فقال:

__________

(1) التهذيب 6/ 135/ 229.

(2) الكافي 5/ 27/ 2، التهذيب 6/ 134/ 226.

(3) التهذيب 6/ 135/ 227.

(4) الخصال: 607.

(5) الكافي 5/ 28/ 6.

أحكام الحكومة الإسلامية (398)

أعطوني الأمان حتى ألقى صاحبكم وأناظره، فأعطاه أدناهم الأمان وجب على أفضلهم الوفاء به (1).

[الحديث: 1792] قال الإمام الصادق: لو أن قوما حاصروا مدينة فسألوها الأمان فقالوا: لا، فظنوا أنهم قالوا: نعم، فنزلوا إليهم، كانوا آمنين (2).

[الحديث: 1793] سئل الإمام الصادق عن قريتين من أهل الحرب لكل واحدة منهما ملك على حدة اقتتلوا ثم اصطلحوا، ثم إن أحد الملكين غدر بصاحبه فجاء إلى المسلمين فصالحهم على أن يغزوا تلك المدينة، فقال الإمام الصادق: لا ينبغي للمسلمين أن يغدروا ولا يأمروا بالغدر، ولا يقاتلوا مع الذين غدروا، ولكنهم يقاتلون المشركين المعتدين حيث وجدوهم، ولا يجوز عليهم ما عاهد عليه الكفار (3).

[الحديث: 1794] سئل الإمام الصادق عن المشركين أيبتدئهم المسلمون بالقتال في الشهر الحرام؟ فقال: إذا كان المشركون يبتدئونهم باستحلاله ثمّ رأى المسلمون أنهم يظهرون عليهم فيه وذلك قول الله عزّ وجلّ: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 194] والروم في هذا بمنزلة المشركين لأنهم لم يعرفوا للشهر الحرام حرمة ولا حقا، فهم يبدؤون بالقتال فيه وكان المشركون يرون له حقا وحرمة فاستحلوه فاستحل منهم، وأهل البغي يبتدئون بالقتال (4).

[الحديث: 1795] قال الإمام الصادق: أربع لأربع فواحدة للقتل والهزيمة (حسبنا الله ونعم الوكيل) يقول الله عزّ وجلّ: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ

__________

(1) الكافي 5/ 30/ 1، والتهذيب 6/ 140/ 234.

(2) الكافي 5/ 31/ 4.

(3) الكافي 2/ 252/ 4.

(4) التهذيب 6/ 142/ 243.

أحكام الحكومة الإسلامية (399)

فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: 173 - 174] والأخرى لمكر السوء ﴿وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [غافر: 44] يقول الله ﴿فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا﴾ [غافر: 45] والثالثة للحرق والغرق: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله)، وذلك أن الله يقول: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [الكهف: 39] والرابعة للهم والغم: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87]، قال الله سبحانه: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: 88] (1)

[الحديث: 1796] قال الإمام الصادق: شعارنا (يا محمد يا محمد)، وشعارنا يوم بدر (يا نصر الله اقترب)، وشعار المسلمين يوم أحد (يا نصر الله اقترب)، ويوم بني النضير (يا روح القدس أرح) ويوم بني قينقاع (يا ربنا لا يغلبنك)، ويوم الطائف (يا رضوان)، وشعار يوم حنين (يا بني عبد الله يا بني عبد الله) ويوم الأحزاب (حم لا يبصرون)، ويوم بني قريظة (يا سلام أسلمهم) ويوم المريسيع وهو يوم بني المصطلق (ألا إلى الله الأمر) ويوم الحديبية (ألا لعنة الله على الظالمين) ويوم خيبر يوم القموص (يا علي آتهم من عل) ويوم الفتح (نحن عباد الله حقا حقا) ويوم تبوك (يا أحد يا صمد) ويوم بني الملوح (أمت أمت) ويوم صفين (يا نصر الله) وشعار الإمام الحسين (يا محمد)، وشعارنا (يا محمد) (2).

[الحديث: 1797] قال الإمام الصادق: الرمي سهم من سهام الإسلام (3).

[الحديث: 1798] قال الإمام الصادق: من فر من رجلين في القتال في الزحف فقد فر، ومن فر من ثلاثة في القتال فلم يفر (4).

__________

(1) التهذيب 6/ 170/ 329.

(2) الكافي 5/ 47/ 1.

(3) الكافي 5/ 49/ 11.

(4) الكافي 5/ 34/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (400)

[الحديث: 1799] قال الإمام الصادق: إنّ الله عزّ وجلّ فرض على المؤمن في أول الأمر أن يقاتل عشرة من المشركين ليس له أن يولي وجهه عنهم، ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ مقعده من النار، ثم حولهم عن حالهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله عزّ وجلّ فنسخ الرجلان العشرة (1).

[الحديث: 1800] سئل الإمام الصادق عن المبارزة بين الصفين بعد إذن الإمام، فقال: لا بأس، ولكن لا يطلب إلا بإذن الإمام (2).

[الحديث: 1801] قال الإمام الصادق: إطعام الأسير حق على من أسره، وان كان يراد من الغد قتله، فإنه ينبغي أن يطعم ويسقى ويرفق به كافرا كان أو غيره (3).

[الحديث: 1802] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: 8]: هو الأسير، والأسير يطعم وإن كان يقدم للقتل، وإن الإمام علي كان يطعم من خلد في السجن من بيت مال المسلمين (4).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 1803] قيل للإمام الكاظم: جعلت فداك إن رجلا من مواليك بلغه أن رجلا يعطى سيفا وقوسا في سبيل الله فأتاه فأخذهما منه ثم لقيه أصحابه فأخبروه أن السبيل مع هؤلاء لا يجوز، وأمروه بردهما؟، قال: فليفعل، قيل: قد طلب الرجل فلم يجده وقيل له: قد قضى الرجل قال: فليرابط ولا يقاتل، مثل قزوين وعسقلان والديلم وما أشبه هذه الثغور، قيل: فإن جاء العدو إلى الموضع الذي هو فيه مرابط كيف يصنع؟ قال: يقاتل عن بيضة الإسلام قيل: يجاهد؟ قال: لا إلا أن يخاف على دار المسلمين، أرأيتك لو أن الروم

__________

(1) الكافي 5/ 69.

(2) الكافي 5/ 34/ 1.

(3) الكافي 5/ 35/ 2.

(4) التهذيب 6/ 153/ 268.

أحكام الحكومة الإسلامية (401)

دخلوا على المسلمين لم ينبغ لهم أن يمنعوهم، يرابط ولا يقاتل، وإن خاف على بيضة الإسلام والمسلمين قاتل فيكون قتاله لنفسه لا للسلطان، لأن في دروس الإسلام دروس ذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم (1).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 1804] قال الإمام الرضا: من والى أعداء الله فقد عادى أولياء الله، ومن عادى أولياء الله فقد عادى الله، وحق على الله أن يدخله نار جهنم (2).

[الحديث: 1805] قال الإمام الرضا: الجهاد واجب مع الإمام العادل (3).

[الحديث: 1806] قيل للإمام الرضا: رجل من هؤلاء مات وأوصى أن يدفع من ماله فرس وألف درهم وسيف لمن يرابط عنه ويقاتل في بعض هذه الثغور، فعمد الوصي فدفع ذلك كله إلى رجل من أصحابنا فأخذه منه وهو لا يعلم، أنه لم يأت لذلك وقت بعد، فما تقول يحل له أن يرابط عن الرجل في بعض هذه الثغور أم لا؟ فقال: يرد إلى الوصي ما أخذ منه ولا يرابط، فإنّه لم يأت لذلك وقت بعد، قيل: يرده عليه، فإنّه لا يعرف الوصي، قال: يسأل عنه، قيل: فقد سأل عنه فلم يقع عليه كيف يصنع؟ قال: إن كان هكذا فليرابط ولا يقاتل، قيل: فإنّه مرابط فجاءه العدو حتى كاد أن يدخل عليه كيف يصنع، يقاتل أم لا؟ قال: (إذا كان ذلك كذلك فلا يقاتل عن هؤلاء، ولكن يقاتل عن بيضة الإسلام فإن في ذهاب بيضة الإسلام دروس ذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم) (4)

[الحديث: 1807] قيل للإمام الرضا: إن في بلادنا موضع رباط يقال له: قزوين، وعدوا يقال له: الديلم فهل من جهاد أو هل من رباط؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه،

__________

(1) التهذيب 6/ 125/ 219.

(2) صفات الشيعة: 7/ 11.

(3) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 124.

(4) قرب الإسناد 150.

أحكام الحكومة الإسلامية (402)

أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدرا، فإن مات ينتظر أمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه هكذا في فسطاطه، وجمع بين السبابتين، ولا أقول: هكذا، وجمع بين السبابة والوسطى، فإن هذه أطول من هذه (1).

[الحديث: 1808] قيل للإمام الرضا: والجهاد واجب مع إمام عادل، ومن قاتل فقتل دون ماله ورحله ونفسه فهو شهيد، ولا يحل قتل أحد من الكفار في دار التقية إلا قاتل أو باغ وذلك إذا لم تحذر على نفسك، ولا أكل أموال الناس من المخالفين وغيرهم، والتقية في دار التقية واجبة، ولا حنث على من حلف تقية يدفع بها ظلما عن نفسه (2).

ما روي عن الإمام الجواد

[الحديث: 1809] قيل للإمام الجواد: إني كنت نذرت نذرا منذ سنين أن أخرج إلى ساحل من سواحل البحر إلى ناحيتنا مما يرابط فيه المتطوعة نحو مرابطتهم بجدة وغيرها من سواحل البحر، أفترى جعلت فداك أنه يلزمني الوفاء به أو لا يلزمني أو أفتدي الخروج إلى ذلك بشيء من أبواب البر لأصير إليه إن شاء الله؟ فقال: إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين فالوفاء به إن كنت تخاف شنعته وإلا فاصرف ما نويت من ذلك في أبواب البر وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى (3).

[الحديث: 1810] قال الإمام الجواد: لا أعلم في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار (4).

__________

(1) الكافي 5/ 22/ 2.

(2) تحف العقول: 313.

(3) التهذيب 6/ 126/ 221.

(4) الكافي 1/ 194/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (403)

ثانيا ـ ما ورد حول مشروعية الدفاع عن النفس

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول مشروعية الدفاع عن النفس، باعتباره ضامنا من الضمانات الأمنية، ذلك أن المؤمن لا يعول فقط على الجيوش أو الشرطة لحمايته، وإنما يتدرب التدريب الكافي ليحمي نفسه وأهله وماله من كل معتد.

وهذا النوع من الحماية هو الذي يجعل المسلمين يثورون بمقاومات شعبية ضد كل المعتدين الذين اعتدوا على بلادهم، دون انتظار الجيوش لتخلصهم، وهو ما نجد له الكثير من الأمثلة التاريخية التي تدل على أن أول المقاومين للأعداء هم المؤمنون المتدينون.

بالإضافة إلى كونه رادعا للصوص والمحاربين والمفسدين الذي يستغلون الجبن والخور والضعف للتسلط.

وكل ذلك يؤكد ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الكثيرة من قوة المؤمن، وأنه ليس ضعيفا ولا جبانا ولا خائفا من المعتدين، وكيف يخاف وهو يعلم أنه إن دافع عن نفسه وقتلوه كان شهيدا.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 1811] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ قُتِلَ دُونَ ماله فهو شهيد) (1)

[الحديث: 1812] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ أُرِيدَ مالُه بغير حق، فَقاتلَ فَقُتِلَ، فهو شهيد) (2)

__________

(1) البخاري 5/ 88

(2) الترمذي رقم (1419) و(1420)

أحكام الحكومة الإسلامية (404)

[الحديث: 1813] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ قُتِلَ دونَ مالِه فهو شهيدٌ، ومن سَرَق من الأرض شِبراً طُوِّقَهُ يومَ القيامَةِ من سَبْعِ أرضين) (1)

[الحديث: 1814] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ قُتلَ دُونَ مالهِ فهو شهيد، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهو شهيد، ومن قتلَ دون دِينه فهو شهيد، ومن قُتلَ دُونَ أهْلهِ فِهو شهيد) (2)

[الحديث: 1815] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فهو شهيد) (3)

[الحديث: 1816] جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الرجل: يأتيني فيأخذ مالي، قال: ذكره بالله، قال: فإن لم يذكر، قال: فاستعن عليه من حولك من المسلمين، قال: فإن لم يكن حولي أحدٌ من المسلمين، قال: فاستعن عليه بالسلطان، قال: فإن نأى السلطان عني، قال: قاتل دون مالك حتى تكون من شهداء الآخرة أو تمنع مالك (4).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 1817] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من قتل دون عياله فهو شهيد (5).

[الحديث: 1818] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل دون مظلمته فهو شهيد (6).

[الحديث: 1819] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قتل دون مظلمته فهو شهيد.. قال الإمام الصادق: هل تدري ما دون مظلمته؟.. الرجل يقتل دون أهله ودون ماله وأشباه ذلك (7).

[الحديث: 1820] قال الإمام الباقر: من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد (8).

[الحديث: 1821] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يبغض الله تبارك وتعالى رجلا يدخل عليه

__________

(1) الترمذي رقم (1418) و(1421)

(2) الحميدي (83). وأحمد (1/ 187) (1628)

(3) النسائي (7/ 117)

(4) النسائي 7/ 113 - 114.

(5) التهذيب 6/ 157/ 282.

(6) الكافي 5/ 52/ 1.

(7) الكافي 5/ 52/ 2.

(8) من لا يحضره الفقيه 4/ 272.

أحكام الحكومة الإسلامية (405)

في بيته فلا يقاتل (1).

[الحديث: 1822] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اتركوا اللص ما ترككم، فإن كلبهم شديد، وسلمهم خسيس (2).

[الحديث: 1823] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم (3).

[الحديث: 1824] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رد عن قوم من المسلمين عادية ماء أو نار وجبت له الجنة (4).

[الحديث: 1825] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شهر سيفا فدمه هدر (5).

[الحديث: 1826] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كابر امرأة ليفجر بها فقتلته فلا دية له ولا قود (6).

[الحديث: 1827] قال الإمام الصادق: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض حجراته إذا طلع رجل في شق الباب وبيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدارة، فقال: لو كنت قريبا منك لفقأت به عينك (7).

[الحديث: 1828] قال الإمام الصادق: اطلع رجل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الجريد فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو أعلم أنك تثبت لي لقمت إليك بالمشقص حتى أفقأ به عينيك، قيل: وذاك لنا؟ فقال: ويحك ـ أو ويلك ـ أقول لك: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعل، وتقول: ذاك لنا؟! (8).

__________

(1) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 28/ 24.

(2) علل الشرائع: 603/ 68.

(3) التهذيب 6/ 175/ 351.

(4) الكافي 5/ 55/ 3.

(5) التهذيب 10/ 315/ 1174.

(6) الكافي 7/ 293/ 12، والتهذيب 10/ 208/ 823.

(7) من لا يحضره الفقيه 4/ 74/ 226.

(8) الكافي 7/ 292/ 8.

أحكام الحكومة الإسلامية (406)

[الحديث: 1829] قال الإمام الصادق: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجراته مع بعض أزواجه ومعه مغازل يقبلها إذ بصر بعينين تطلعان، فقال: لو أعلم أنك تثبت لي لقمت حتى أنخسك، قيل: نفعل نحن مثل هذا إن فعل مثله؟ فقال: إن خفي لك فافعله (1).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 1830] قيل للإمام علي: يا أمير المؤمنين، إنّ لصّاً دخل على امرأتي فسرق حليها فقال: أما أنه لو دخل على ابن صفية لما رضي بذلك حتى يعمه بالسيف (2).

[الحديث: 1831] قال الإمام علي: إذا دخل عليك اللص المحارب فاقتله، فما أصابك فدمه في عنقي (3).

[الحديث: 1832] قال الإمام علي: من رد عن المسلمين عادية ماء أو نار أو عادية عدو مكابر للمسلمين غفر الله له ذنبه (4).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 1833] قال الإمام الباقر: إن الله ليمقت العبد يدخل عليه في بيته فلا يقاتل (5).

[الحديث: 1834] قال الإمام الباقر: إذا دخل عليك رجل يريد أهلك ومالك فابدره بالضربة إن استطعت، فإن اللصّ محارب لله ولرسوله، فما تبعك منه شيء فهو

__________

(1) الكافي 7/ 292/ 11.

(2) التهذيب 6/ 157/ 278، والكافي 5/ 51/ 3.

(3) الكافي 5/ 51/ 4.

(4) قرب الإسناد: 62.

(5) التهذيب 6/ 157/ 280.

أحكام الحكومة الإسلامية (407)

علي (1).

[الحديث: 1835] قال الإمام الباقر: من حمل السلاح بالليل فهو محارب إلا أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة (2).

[الحديث: 1836] قيل للإمام الباقر: اللص يدخل علي في بيتي يريد نفسي ومالي، قال: اقتله فأشهد الله ومن سمع أن دمه في عنقي (3).

[الحديث: 1837] قال الإمام الباقر: عورة المؤمن على المؤمن حرام، ومن اطلع على مؤمن في منزله، فعيناه مباحة للمؤمن في تلك الحال، ومن دمر على مؤمن بغير إذنه، فدمه مباح للمؤمن في تلك الحالة (4).

[الحديث: 1838] سئل الإمام الباقر عن رجل قتل رجلا مجنونا، فقال: إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فلا شيء عليه من قود ولا دية، ويعطي ورثته ديته من بيت مال المسلمين، وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه، وأرى أن على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ويستغفر الله ويتوب إليه (5).

[الحديث: 1839] قيل للإمام الباقر: أصلحك الله، رجل حمل عليه رجل مجنون فضربه المجنون ضربة فتناول الرجل السيف من المجنون فضربه فقتله، فقال: أرى أن لا يقتل به ولا يغرم ديته، وتكون ديته على الإمام، ولا يبطل دمه (6).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 1840] قيل للإمام الصادق: الرجل يقاتل دون ماله؟ فقال: قال رسول

__________

(1) التهذيب 6/ 157/ 279.

(2) التهذيب 6/ 157/ 281.

(3) التهذيب 6/ 158/ 283.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 76/ 236.

(5) الكافي 7/ 294/ 1، التهذيب 10/ 231/ 913.

(6) الكافي 7/ 294/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (408)

الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل دون ماله فهو بمنزلة الشهيد، قيل: أيقاتل أفضل أولا يقاتل؟ فقال: أما فلو كنت أنا لم أقاتل وتركته (1).

[الحديث: 1841] قال الإمام الصادق: أيما رجل قتله الحد في القصاص فلا دية له، وأيما رجل عدا على رجل ليضربه فدفعه عن نفسه فجرحه أو قتله فلا شيء عليه، وأيما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم ففقؤوا عينه، أو جرحوه فلا دية عليهم، ومن بدأ فاعتدى فاعتدي عليه فلا قود له (2).

[الحديث: 1842] قال الإمام الصادق: إذا أراد الرجل أن يضرب رجلا ظلما فاتقاه الرجل أو دفعه عن نفسه فأصابه ضرر فلا شيء عليه (3).

[الحديث: 1843] قال الإمام الصادق في رجل ضرب رجلا ظلما فرده الرجل عن نفسه فأصابه شيء: لا شيء عليه (4).

[الحديث: 1844] قال الإمام الصادق: من بدأ فاعتدى فاعتدي عليه فلا قود له (5).

[الحديث: 1845] قيل للإمام الصادق: رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تبعتها نفسه فواقعها، فتحرك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه، فلما فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج حملت عليه بالفأس فقتلته، فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد، فقال الإمام الصادق: يضمن مواليه الذين طلبوا بدمه دية الغلام، ويضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم لأنه زان وهو في ماله يغرمه، وليس عليها في قتلها إياه شيء لأنه سارق (6).

[الحديث: 1846] قيل للإمام الصادق: رجل أراد امرأة على نفسها حراما فرمته

__________

(1) الكافي 5/ 52/ 3، والتهذيب 6/ 167/ 319.

(2) الكافي 7/ 290/ 1، والتهذيب 10/ 206/ 813، والاستبصار 4/ 278.

(3) الكافي 7/ 291/ 4، والتهذيب 10/ 207/ 817.

(4) الكافي 7/ 291/ 6، والتهذيب 10/ 207/ 816.

(5) الكافي 7/ 292/ 9.

(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 121/ 422.

أحكام الحكومة الإسلامية (409)

بحجر فأصابت منه مقتلا، فقال: ليس عليها شيء فيما بينها وبين الله عزّ وجلّ وإن قدمت إلى إمام عادل أهدر دمه (1).

[الحديث: 1847] قال الإمام الصادق: إذا اطلع رجل على قوم يشرف عليهم، أو ينظر من خلل شيء لهم فرموه فأصابوه فقتلوه أو فقؤوا عينيه فليس عليهم غرم، وإن رجلا اطلع من خلل حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمشقص ليفقأ عينه فوجده قد انطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي خبيث أما والله لو ثبت لي لفقأت عينك (2).

[الحديث: 1848] قال الإمام الصادق: أيما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر إلى عوراتهم ففقؤوا عينه أو جرحوه فلا دية عليهم، ومن اعتدى فاعتدي عليه فلا قود له (3).

[الحديث: 1849] سئل الإمام الصادق عن رجل أتى رجلا وهو راقد فلما صار على ظهره أيقن به فبعجه بعجة فقتله، فقال: لا دية له ولا قود (4).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 1850] قيل للإمام الرضا: الرجل يكون في السفر ومعه امرأته فيجيء قوم يريدون أخذها أيمنعهم من أن تؤخذ وإن خاف على نفسه القتل؟ قال: نعم، قيل: وكذلك الأم والبنت وابنة العم والقرابة يمنعهن وإن خاف على نفسه القتل؟ قال: نعم، وكذلك المال يريدون أخذه في سفر فيمنعه وإن خاف القتل؟ قال: نعم (5).

[الحديث: 1851] قيل للإمام الرضا: لص دخل على امرأة وهي حبلى فقتل ما في بطنها، فعمدت المرأة إلى سكين فوجأته بها فقتلته، فقال: هدر دم اللص (6).

__________

(1) الكافي 7/ 291/ 2، والتهذيب 10/ 206/ 814.

(2) الكافي 7/ 290/ 5، والتهذيب 10/ 207/ 818.

(3) الكافي 7/ 290/ 1.

(4) الكافي 7/ 293/ 14، التهذيب 10/ 209/ 826.

(5) الكافي 5/ 52/ 5.

(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 122/ 423.

أحكام الحكومة الإسلامية (410)

ما روي عن سائر الأئمة

[الحديث: 1852] قال الإمام السجاد: من اعتدي عليه في صدقة ماله فقاتل فقتل فهو شهيد (1).

[الحديث: 1853] سئل الإمام الكاظم عن رجل دخل دار آخر للتلصص أو الفجور فقتله صاحب الدار، أيقتل به أم لا؟ فقال: اعلم أن من دخل دار غيره فقد أهدر دمه ولا يجب عليه شيء (2).

ثالثا ـ ما ورد حول مواجهة البغاة والمعارضة المسلحة

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول مواجهة البغاة أو المعارضة المسلحة، والتي تقوم بإثارة الفتن والشغب بغية الوصول إلى السلطة.

وقد نص القرآن الكريم على الأحكام المرتبطة بها؛ فقال: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فإن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فإن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: 9]

والآية الكريمة تدل على أنه لا يلجأ للمواجهة المسلحة إلا بعد استنفاذ كل الوسائل والأساليب الأخرى، مثلها مثل سائر الممارسات المرتبطة بالجهاد والعنف، ولهذا عقب الله تعالى تلك الآية الكريمة بقوله: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الحجرات: 10]

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

__________

(1) الكافي 5/ 52/ 4.

(2) الكافي 7/ 294/ 16.

أحكام الحكومة الإسلامية (411)

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 1854] عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله، قال: لا، قال عمر: أنا هو يا رسول الله، قال: (لا، ولكنه خاصف النعل، وكان قد أعطى عليا نعله يخصفها) (1)

[الحديث: 1855] عن علي بن ربيعة قال: سمعت عليا يقول على منبركم هذا: (عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين) (2)

[الحديث: 1856] عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو: رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر الهدى إلي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكارا، لك ذكارا، لك رهابا، لك مطواعا، إليك مخبتا، لك أواها منيبا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي (3).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 1857] قال الإمام علي: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي إن الله تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي، كما كتب عليهم جهاد مع المشركين معي، فقلت: يا رسول الله وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله وهم مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني، فقلت: فعلام نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله؟ فقال: على إحداثهم في دينهم،

__________

(1) رواه أبو يعلى برجال الصحيح، سبل الهدى والرشاد، (11/ 290)

(2) رواه أبو يعلى، سبل الهدى والرشاد، (11/ 290)

(3) أبو داود (1510)، وابن ماجه (3830)، والترمذي (3551)، وابن حبان (947)

أحكام الحكومة الإسلامية (412)

وفراقهم لأمري، واستحلالهم دماء عترتي (1).

[الحديث: 1858] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: لو بغى جبل على جبل لجعل اللّه عزّ وجلّ الباغي منهما دكّا (2).

[الحديث: 1859] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: ما رفع الناس أبصارهم إلى شيء إلّا وضعه اللّه تعالى، ولو بغى جبل على جبل لجعل اللّه تعالى الباغي منهما دكّا (3).

[الحديث: 1860] قال الإمام عليّ: خطبنا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أيّها الناس، الموتة الموتة، الوحيّة الوحيّة لا ردّة، سعادة أو شقاوة، جاء الموت بما فيه: بالروح والراحة، لأهل دار الحيوان، الّذين كان لها سعيهم، وفيها رغبتهم، جاء الموت بما فيه: بالويل والحسرة والكرّة الخاسرة لأهل دار الغرور الّذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم.. بئس العبد عبد عتا وبغى ونسي الجبّار الأعلى (4).

[الحديث: 1861] قال الإمام الصادق: كان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ: من الشكّ، والشرك، والحميّة، والغضب، والبغي، والحسد (5).

[الحديث: 1862] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجتنب خمسا: الحسد، والطيرة، والبغي، وسوء الظنّ، والنميمة (6).

[الحديث: 1863] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ أسرع الخير ثوابا البرّ، وإنّ أسرع الشرّ عقابا البغي، وكفى بالمرء عيبا أن ينظر من الناس إلى ما يعمى عنه من نفسه، أو يعيّر الناس بما لا يستطيع تركه، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه (7).

__________

(1) أمالي الطوسي 1/ 63.

(2) عقاب الأعمال ص 324.

(3) الأشعثيات: ص 147.

(4) نوادر الراوندي ص 22.

(5) الخصال ج 1 ص 329.

(6) عوالي اللآلي ج 1 ص 289.

(7) عقاب الأعمال ص 324.

أحكام الحكومة الإسلامية (413)

[الحديث: 1864] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ أعجل الشرّ عقوبة البغيّ (1).

[الحديث: 1865] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعجل الخير ثوابا صلة الرحم، وأسرع الشرّ عقابا البغي (2).

[الحديث: 1866] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: ما من ذنب أجدر أن يعجّل اللّه لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما ادخّر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم (3).

[الحديث: 1867] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة من الذنوب تعجّل عقوبتها، ولا تؤخّر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الإحسان (4).

[الحديث: 1868] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أوصيك بالدعاء فإن معه حسن الإجابة، وعليك بالشكر فإن مع الشكر الزيادة، وإيّاك أن تبغض أحدا أو تعين عليه، وأنهاك عن البغي فإن من بغي عليه لينصرنّه اللّه (5).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 1869] عن عدي بن حاتم، وكان مع الإمام علي في غزوته: أنّ الإمام علي قال يوم التقى هو ومعاوية بصفين فرفع بها صوته يسمع أصحابه: والله لأقتلن معاوية وأصحابه، ثمّ قال في آخر قوله: إن شاء الله، وخفض بها صوته، وكنت منه قريبا، فقلت: يا أمير المؤمنين إنك حلفت على ما قلت، ثمّ استثنيت، فما أردت بذلك؟ فقال: إن الحرب

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 327.

(2) جامع الأخبار ص 107.

(3) روضة الواعظين ج 2 ص 388.

(4) أمالي الطوسي ج 1 ص 13.

(5) نزهة الناظر، ص 32.

أحكام الحكومة الإسلامية (414)

خدعة، وأنا عند المؤمنين غير كذوب، فأردت أن أحرض أصحابي عليهم كي لا يفشلوا، ولكي يطمعوا فيهم، فافهم فإنك تنتفع بها بعد اليوم إن شاء الله، واعلم أن الله عزّ وجلّ قال لموسى عليه السلام حيث أرسله إلى فرعون، فأتياه ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: 44] وقد علم أنه لا يتذكر ولا يخشى، ولكن ليكون ذلك أحرص لموسى عليه السلام على الذهاب (1).

[الحديث: 1870] قال الإمام علي في خطبة له يذكر فيها أصحاب الجمل: فوالله لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا معتمدين لقتله بلا جرم لحل لي قتل ذلك الجيش كله إذ حضروه، ولم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسان ولا يد، دع ما أنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم (2).

[الحديث: 1871] عن عبد الله بن شريك، عن أبيه، قال: لما هزم الناس يوم الجمل قال الإمام علي: لا تتبعوا موليا، ولا تجيزوا على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، فلما كان يوم صفين قتل المقبل والمدبر، وأجاز على جريح، فقال أبان بن تغلب لعبدالله بن شريك: هذه سيرتان مختلفتان، فقال: إنّ أهل الجمل قتل طلحة والزبير، وإن معاوية كان قائما بعينه وكان قائدهم (3).

[الحديث: 1872] قيل للإمام الهادي: إن الإمام علي قتل أهل صفين مقبلين ومدبرين، وأجهز على جريحهم، وأنه يوم الجمل لم يتبع موليا، ولم يجهز على جريح، ومن ألقى سلاحه أمنه، ومن دخل داره أمنه، فقال: إن أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها، وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا مخالفين ولا منابذين، ورضوا

__________

(1) التهذيب 6/ 163/ 299.

(2) نهج البلاغة 2/ 104/ 167.

(3) الكافي 5/ 33/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (415)

بالكف عنهم، فكان الحكم فيهم رفع السيف عنهم والكف عن أذاهم إذ لم يطلبوا عليه أعوانا، وأهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام يجمع لهم السلاح والدروع والرماح والسيوف ويسني لهم العطاء ويهيء لهم الإنزال، ويعود مريضهم ويجبر كسيرهم، ويداوي جريحهم، ويحمل راجلهم، ويكسو حاسرهم ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحكم، لما عرف من الحكم من قتال أهل التوحيد، لكنه شرح ذلك لهم، فمن رغب عرض على السيف أو يتوب عن ذلك (1).

[الحديث: 1873] عن مروان بن الحكم قال: لما هزمنا علي بالبصرة رد على الناس أموالهم، من أقام بينة أعطاه، ومن لم يقم بينة أحلفه، فقال له قائل: يا أمير المؤمنين: أقسم الفيء بيننا والسبي، قال: فلما أكثروا عليه قال: أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه؟ فكفوا (2).

[الحديث: 1874] قال الصدوق: روي أن الناس اجتمعوا إلى الإمام علي يوم البصرة، فقالوا: يا أمير المؤمنين اقسم بيننا غنائمهم، فقال: أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه (3)؟.

[الحديث: 1875] قال الإمام علي: القتل قتلان: قتل كفارة، وقتل درجة، والقتال قتالان: قتال الفئة الباغية حتى يفيئوا، وقتال الفئة الكافرة المعتدية حتى يكفوا (4).

[الحديث: 1876] قال الإمام علي: لا تقاتلوا القوم حتى يبدأوكم، فإنكم بحمد الله على حجة وترككم إياهم حتى يبدأوكم حجة أخرى لكم، فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا، ولا تجيزوا على جريح، ولا تكشفوا عورة ولا تمثلوا بقتيل (5).

__________

(1) تحف العقول: 480.

(2) التهذيب 6/ 155/ 273.

(3) علل الشرائع: 154/ 2.

(4) قرب الإسناد: 62.

(5) الكافي 5/ 38/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (416)

[الحديث: 1877] قال الإمام علي: إذا لقيتم هؤلاء القوم غدا فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم، فإن بدأوكم فانهدوا إليهم (1).

[الحديث: 1878] قال الإمام الصادق: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز، فأبى أن يبارزه، فقال له الإمام عليّ: ما منعك أن تبارزه؟ فقال: كان فارس العرب وخشيت أن يغلبني، فقال له: إنّه بغى عليك ولو بارزته لغلبته، ولو بغى جبل على جبل لهلك الباغي (2).

[الحديث: 1879] قال الإمام علي: ألأم البغي عند القدرة (3).

[الحديث: 1880] قال الإمام علي: ما أعظم عقاب الباغي! (4).

[الحديث: 1881] قال الإمام علي: البغي يسلب النعمة (5).

[الحديث: 1882] قال الإمام علي: اتّقوا البغي، فإنّه يجلب النقم، ويسلب النعم، ويوجب الغير (6).

[الحديث: 1883] سئل الإمام علي: أي ذنب أعجل عقوبة لصاحبه؟ فقال: من ظلم من لا ناصر له إلّا اللّه، وجاور النعمة بالتقصير، واستطال بالبغي على الفقير (7).

[الحديث: 1884] قال الإمام علي: إيّاك والبغي فإنّه يعجّل الصرعة، ويحلّ بالعامل به العبر (8).

[الحديث: 1885] قال الإمام علي: إيّاك والبغي، فإن الباغي يعجّل اللّه له النعمة، ويحلّ به المثلات

__________

(1) الكافي 5/ 41.

(2) عقاب الأعمال ص 324.

(3) غرر الحكم، ص 181.

(4) غرر الحكم، ص 740.

(5) غرر الحكم، ص 17.

(6) غرر الحكم، ص 134.

(7) الاختصاص ص 234.

(8) غرر الحكم، ص 149.

أحكام الحكومة الإسلامية (417)

[الحديث: 1886] قال الإمام علي: إنّ أعجل العقوبة عقوبة البغي (1).

[الحديث: 1887] قال الإمام علي: من بغي عجّلت هلكته (2).

[الحديث: 1888] قال الإمام علي: أسرع المعاصي عقوبة أن تبغي على من لا يبغي عليك (3).

[الحديث: 1889] قال الإمام علي: ثلاث خصال لا يموت صاحبهنّ حتّى يرى وبالهنّ: البغي، وقطيعة الرحم، واليمين الكاذبة (4).

[الحديث: 1890] قال الإمام علي: من سلّ سيف البغي قتل به (5).

[الحديث: 1891] قال الإمام علي: اللّه اللّه في عاجل البغي، وآجل وخامة الظلم، وسوء عاقبة الكبر (6).

[الحديث: 1892] قال الإمام علي: إنّ البغي والزور يوتغان بالمرء في دينه ودنياه، ويبديان خلله عند من يعيبه (7).

[الحديث: 1893] قال الإمام علي: البغي يصرع (8).

[الحديث: 1894] قال الإمام علي: البغي يصرع الرجال (9).

[الحديث: 1895] قال الإمام علي: البغي يوجب الدمار (10).

[الحديث: 1896] قال الإمام علي: البغي يسلب النعمة (11).

[الحديث: 1897] قال الإمام علي: إيّاكم وصرعات البغي، وفضحات الغدر،

__________

(1) غرر الحكم، ص 215.

(2) غرر الحكم، ص 620.

(3) غرر الحكم، ص 193.

(4) أمالي المفيد ص 98.

(5) نهج البلاغة، ص 1249.

(6) نهج البلاغة، ص 797.

(7) نهج البلاغة، ص 980.

(8) غرر الحكم، ص 11.

(9) غرر الحكم، ص 56.

(10) غرر الحكم، ص 28.

(11) غرر الحكم، ص 17.

أحكام الحكومة الإسلامية (418)

وإثارة كامن الشرّ المذمّم (1).

[الحديث: 1898] قال الإمام علي: إذا استشاط السلطان تسلّط الشيطان (2).

[الحديث: 1899] قال الإمام علي: للباغي صرعة (3).

[الحديث: 1900] قال الإمام علي: من بغى كسر (4).

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 1901] قيل للإمام السجاد: إن الإمام علي سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أهل الشرك، فغضب، ثم جلس، ثمّ قال: سار والله فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح، إن الإمام علي كتب إلى مالك وهو على مقدمته في يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل، ولا يقتل مدبرا، ولا يجيز على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه على القربوس من قبل أن يقرأه، ثم قال: اقتلوا فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة ثم فتح الكتاب فقرأه ثم أمر مناديا فنادى بما في الكتاب (5).

[الحديث: 1902] قيل للإمام السجاد: بم سار الإمام علي؟ فقال: إن أبا اليقظان كان رجلا حادا رحمه الله فقال: يا أمير المؤمنين بما تسير في هؤلاء غدا؟ فقال: بالمن كما سار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أهل مكة (6).

[الحديث: 1903] جاء رجل من أهل الشام إلى الإمام السجاد، فقال: أنت علي بن الحسين؟ قال: نعم، قال: أبوك الذي قتل المؤمنين؟ فبكى الإمام السجاد، ثم مسح عينيه، فقال: ويلك! كيف قطعت على أبي أنه قتل المؤمنين؟ قال: قوله: إخواننا قد بغوا علينا،

__________

(1) غرر الحكم، ص 159.

(2) غرر الحكم، ص 311.

(3) غرر الحكم، ص 580.

(4) غرر الحكم، ص 613.

(5) الكافي 5/ 33/ 3، والتهذيب 6/ 155/ 274.

(6) التهذيب 6/ 154/ 272.

أحكام الحكومة الإسلامية (419)

فقاتلناهم على بغيهم، فقال: ويلك! أما تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قال: فقد قال الله: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا﴾ [الأعراف: 85]، ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ [الأعراف: 73] فكانوا إخوانهم في دينهم أو في عشيرتهم؟ قال له الرجل: لا، بل في عشيرتهم، قال: فهؤلاء إخوانهم في عشيرتهم، وليسوا إخوانهم في دينهم، قال: فرَّجت عني، فرج الله عنك (1).

[الحديث: 1904] قال الإمام السجاد: الذنوب التي تغيّر النعم: البغي على الناس، والزوال عن العادة في الخير، واصطناع المعروف، وكفران النعم، وترك الشكر، قال اللّه تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ (2).

[الحديث: 1905] قال الإمام السجاد: إنّ أسرع الخير ثوابا البرّ وأسرع الشرّ عقابا البغي وكفى بالمرء عيبا أن ينظر في عيوب غيره ويعمى عن عيوب نفسه أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه أو ينهي الناس عما لا يستطيع تركه (3).

[الحديث: 1906] قال الإمام السجاد: الذنوب التي تنزل النقم: عصيان العارف بالبغي، والتطاول على الناس، والاستهزاء بهم، والسخرية منهم (4).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 1907] قيل للإمام الباقر: القائم إذا قام بأي سيرة يسير في الناس؟ فقال: بسيرة ما سار به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يظهر الإسلام، قيل: وما كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: أبطل ما كان في الجاهلية، واستقبل الناس بالعدل، وكذلك القائم إذا قام يبطل ما كان في الهدنة مما كان في أيدي الناس، ويستقبل بهم العدل (5).

__________

(1) تفسير العياشي 2/ 23

(2) معاني الأخبار ص 270.

(3) إرشاد القلوب ص 183.

(4) معاني الأخبار ص 270.

(5) التهذيب 6/ 154/ 270.

أحكام الحكومة الإسلامية (420)

[الحديث: 1908] قال الإمام الباقر: لولا أن الإمام علي سار في أهل حربه بالكف عن السبي والغنيمة للقيت شيعته من الناس بلاء عظيما، والله لسيرته كانت خيرا لكم مما طلعت عليه الشمس (1).

[الحديث: 1909] قال الإمام الباقر: ان الإمام علي لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكنه كان يقول: هم إخواننا بغوا علينا (2).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 1910] سئل الإمام الصادق عن طائفتين من المؤمنين إحداهما باغية، والأخرى عادلة، فهزمت العادلة الباغية، فقال: ليس لأهل العدل أن يتبعوا مدبرا، ولا يقتلوا أسيرا، ولا يجهزوا على جريح، وهذا إذا لم يبق من أهل البغي أحد، ولم يكن فئة يرجعون إليها، فإذا كانت لهم فئة يرجعون إليها فإن أسيرهم يقتل، ومدبرهم يتبع وجريحهم يجاز عليه (3).

[الحديث: 1911] قال الإمام الصادق: لسيرة الإمام علي في أهل البصرة كانت خيرا لشيعته مما طلعت عليه الشمس، إنه علم أن للقوم دولة فلو سباهم لسبيت شيعته، قيل: فأخبرني عن القائم يسير بسيرته؟ قال: لا، إن الإمام علي سار فيهم بالمن لما علم من دولتهم، وإن القائم يسير فيهم بخلاف تلك السيرة، لأنه لا دولة لهم (4).

[الحديث: 1912] قيل للإمام الصادق: أيسير الإمام بخلاف سيرة الإمام علي؟ قال: نعم وذلك أن الإمام علي سار بالمن والكف لأنه علم أن شيعته سيظهر عليهم، وإن

__________

(1) علل الشرائع: 150/ 10.

(2) قرب الإسناد: 45.

(3) الكافي 5/ 32/ 2.

(4) الكافي 5/ 33/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (421)

القائم إذا قام سار فيهم بالسيف، لأنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده أبدا (1).

[الحديث: 1913] قيل للإمام الصادق: إن الناس يروون أن الإمام علي قتل أهل البصرة وترك أموالهم، فقال: إن دار الشرك يحل ما فيها، وإن دار الإسلام لا يحل ما فيها.. وإن الإمام علي إنما من عليهم كما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أهل مكة، وإنما ترك لأنه كان يعلم، أنّه سيكون له شيعة، وإن دولة الباطل ستظهر عليهم، فأراد أن يقتدي به في شيعته، وقد رأيتم آثار ذلك، هو ذا يسار في الناس بسيرة الإمام علي، ولو قتل الإمام علي أهل البصرة جميعا واتخذ أموالهم لكان ذلك له حلالا، لكنه من عليهم ليمن على شيعته من بعده (2).

[الحديث: 1914] قال الإمام الصادق: كان في قتال الإمام علي أهل قبلة بركة، ولو لم يقاتلهم لم يدر أحد بعده كيف يسير فيهم (3).

[الحديث: 1915] قال الإمام الصادق: يقول إبليس لجنوده: ألقوا بينهم الحسد والبغي، فإنّهما يعدلان عند اللّه الشرك (4).

[الحديث: 1916] قال الإمام الصادق: ستّة لا تكون في المؤمن: العسر، والنكد، واللجاجة، والكذب، والحسد، والبغي (5).

[الحديث: 1917] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: انظر أن لا تكلّمنّ بكلمة بغي أبدا وإن أعجبتك نفسك وعشيرتك (6).

[الحديث: 1918] قال الإمام الصادق: الذنوب التي تغيّر النعم: البغي، والذنوب التي تورث الندم: القتل، والّتي تنزل النقم: الظلم، والّتي تهتك الستر: شرب الخمر، والّتي

__________

(1) التهذيب 6/ 154/ 271.

(2) علل الشرائع: 154/ 1.

(3) التهذيب 6/ 145/ 250.

(4) أصول الكافي ج 4 ص 19.

(5) الخصال ج 1 ص 325.

(6) أصول الكافي ج 2 ص 327.

أحكام الحكومة الإسلامية (422)

تحبس الرزق: الزنا، والّتي تعجّل الفناء: قطيعة الرحم، والّتي تردّ الدعاء وتظلم الهواء: عقوق الوالدين (1).

[الحديث: 1919] قال الإمام الصادق يوصي أصحابه: إيّاكم أن يبغي بعضكم على بعض، فإنّها ليست من خصال الصالحين، فإنّه من بغى صيّر اللّه بغيه على نفسه، وصارت نصرة اللّه لمن بغي عليه، ومن نصره اللّه غلب وأصاب الظفر من اللّه (2).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 1920] قيل للإمام الرضا: لا يحل قتل أحد من النصاب والكفار في دار التقية إلا قاتل أو ساع في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك وعلى أصحابك (3).

[الحديث: 1921] قال الإمام الرضا: لا يعدم المرء دائرة السوء مع نكث الصفقة، ولا يعدم تعجيل العقوبة مع ادّراع البغي (4).

رابعا ـ ما ورد حول الحرابة والإفساد

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الأحكام والعقوبات المرتبطة بالمحاربين وقطاع الطرق وغيرهم من الذين يستعملون السلاح والتهديد في السرقة ونحوها، ويدخل فيهم المغتصبون والمتحرشون الذين يؤذون المؤمنات، وخاصة إن استعملوا التهديد والسلاح لتحقيق أغراضهم.

وقد ذكر الله تعالى العقوبة الشديدة لهؤلاء جزاء وفاقا لأعمالهم، وردعا لكل من تسول له نفسه تهديد الأمن الاجتماعي، فقال: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 447.

(2) روضة الكافي ج 1 ص 8.

(3) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 124.

(4) نزهة الناظر، ص 63.

أحكام الحكومة الإسلامية (423)

وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]

ثم ذكر الفرصة المعطاة لهم بالتوبة وتسليم أنفسهم قبل الظفر بهم، ليتحقق لهم من التخفيف ما يتناسب مع موقفهم، قال تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 34]

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 1922] عن أنس، أن ناسا من عكل وعرينة قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتكلموا بالإسلام فقالوا: يا نبي الله، إنا كنا أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف، واستوخموا بالمدينة، فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذود وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه، فيشربوا من ألبانها؛ فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستاقوا الذود، فبلغ ذلك النبي، فبعث الطلب في آثارهم، فأمر بهم فسمروا أعينهم، وقطعوا أيديهم، وتركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم، قال قتادة، بلغنا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك كان يحث على الصدقة، وينهى عن المثلة) (1)

وفي رواية: (أن ناسا من عرينة اجتووا المدينة، فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها، فقتلوا الراعي، واستاقوا الذود، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، وتركهم بالحرة يعضون الحجارة)

__________

(1) البخاري 12/ 98 ومسلم (1671) والترمذي (72) وأبو داود (4364) والنسائي 7/ 93 و94 و95 و96 و97 و98.

أحكام الحكومة الإسلامية (424)

وفي أخرى: (أن ناسا كان بهم سقمٌ فقالوا: يا رسول الله، آونا وأطعمنا، فلما صحوا قالوا: إن المدينة وخمةٌ، فأنزلهم الحرة في ذود له، فقال: اشربوا من ألبانها، فلما صحوا قتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واستاقوا ذوده، فبعث في آثارهم، وقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت)

وفي أخرى: (فأمر بمسامير فأحميت، فكحلهم، وقطع أيديهم وأرجلهم، وما حسمهم)

وفي أخرى: (فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في طلبهم قافة، فأتي بهم، قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33])

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 1923] قال الإمام الصادق: قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوم من بني ضبة مرضى، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقيموا عندي فإذا برئتم بعثتكم في سرية، فقالوا: أخرجنا من المدينة، فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من ألبانها، فلما برأوا واشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كان في الإبل، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخبر، فبعث إليهم الإمام علي وهم في واد قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه ـ قريبا من أرض اليمن ـ فأسرهم وجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت هذه الآية ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ

أحكام الحكومة الإسلامية (425)

رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 33 - 34] فاختار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القطع، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف (1).

[الحديث: 1924] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تدعوا المصلوب بعد ثلاثة أيام حتى ينزل فيدفن (2).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 1925] عن الإمام الباقر عن الإمام علي في رجل أقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت واحترق متاعهم، أنه يغرم قيمة الدار وما فيها، ثم يقتل (3).

[الحديث: 1926] عن الإمام الصادق أن الإمام علي صلب رجلا بالحيرة ثلاثة أيام، ثم أنزله في اليوم الرابع فصلى عليه ودفنه (4).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 1927] قال الإمام الباقر: من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه ونفي من تلك البلد، ومن شهر السلاح في مصر من الأمصار وضرب وعقر وأخذ المال ولم يقتل فهو محارب، فجزاؤه جزاء المحارب، وأمره إلى الإمام إن شاء قتله وصلبه، وإن شاء قطع يده ورجله، وإن ضرب وقتل وأخذ المال فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه.. قيل: أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول؟ قال: إن عفوا عنه كان على الإمام أن يقتله لأنه قد حارب وقتل وسرق..

__________

(1) الكافي 7/ 245/ 1.

(2) الكافي 7/ 268/ 39.

(3) التهذيب 10/ 231/ 912.

(4) الكافي، 7/ 246/ 7، والتهذيب 10/ 135/ 534، ومن لا يحضره الفقيه 4/ 48/ 167.

أحكام الحكومة الإسلامية (426)

قيل: أرأيت إن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية ويدعونه، ألهم ذلك؟ قال: لا، عليه القتل (1).

[الحديث: 1928] قال الإمام الباقر: من حارب الله وأخذ المال وقتل كان عليه أن يقتل أو يصلب، ومن حارب فقتل ولم يأخذ المال كان عليه أن يقتل ولا يصلب، ومن حارب وأخذ المال ولم يقتل كان عليه أن يقطع يده ورجله من خلاف، ومن حارب ولم يأخذ المال ولم يقتل كان عليه أن ينفى، ثم استثنى عزّ وجلّ ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 34] يعني: يتوبوا قبل أن يأخذهم الإمام (2).

[الحديث: 1929] قال الإمام الباقر: من حمل السلاح بالليل فهو محارب إلا أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة (3).

[الحديث: 1930] قال الإمام الباقر: من أشار بحديدة في مصر قطعت يده، ومن ضرب بها قتل (4).

[الحديث: 1931] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي إذا نفى أحدا من أهل الإسلام نفاه إلى أقرب بلد من أهل الشرك إلى الإسلام، فنظر في ذلك فكانت الديلم أقرب أهل الشرك إلى الإسلام (5).

[الحديث: 1932] قال الإمام الباقر: لا يبايع المحارب ولا يؤتى بطعام ولا يتصدق عليه (6).

__________

(1) الكافي 7/ 248/ 12.

(2) تفسير القمي 1/ 167.

(3) التهذيب 6/ 157/ 281.

(4) التهذيب 10/ 135/ 537.

(5) التهذيب 10/ 36/ 127.

(6) تفسير العياشي 1/ 316/ 94.

أحكام الحكومة الإسلامية (427)

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 1933] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 33 - 34] فقال: ذلك إلى الإمام يفعل ما شاء، قيل: فمفوض ذلك إليه؟ قال: لا، ولكن نحو الجناية (1).

[الحديث: 1934] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 33 - 34] أي شيء عليه من هذه الحدود التي سمى الله عزّ وجلّ؟ فقال: ذلك إلى الإمام إن شاء قطع وإن شاء نفى، وإن شاء صلب، وإن شاء قتل، قيل: النفي إلى أين؟ قال: من مصر إلى مصر آخر، وإن الإمام علي نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة (2).

[الحديث: 1935] قيل للإمام الصادق: الناس يقولون: إن الإمام مخير في قاطع الطريق أي شيء شاء صنع؟ فقال: ليس أي شيء شاء صنع، ولكنه يصنع بهم على قدر جنايتهم، من قطع الطريق فقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله وصلب، ومن قطع الطريق فقتل ولم يأخذ المال قتل، ومن قطع الطريق فأخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله، ومن

__________

(1) الكافي 7/ 246/ 5.

(2) الكافي 7/ 245/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (428)

قطع الطريق فلم يأخذ مالا ولم يقتل نفي من الأرض (1).

[الحديث: 1936] قيل للإمام الصادق: إن أصحابنا يقولون: إن الإمام مخير في المحارب إن شاء قطع، وإن شاء صلب، وإن شاء قتل، فقال: لا، إن هذه أشياء محدودة في كتاب الله عزّ وجلّ، فإذا ما هو قتل وأخذ قتل وصلب، وإذا قتل ولم يأخذ قتل، وإذا أخذ ولم يقتل قطع وإن هو فر ولم يقدر عليه ثم أخذ قطع إلا أن يتوب، فإن تاب لم يقطع (2).

[الحديث: 1937] قيل للإمام الصادق: رجل يخرج من منزله يريد المسجد أو يريد الحاجة فيلقاه رجل ويستعقبه فيضربه ويأخذ ثوبه، قال: أي شيء يقول فيه من قبلكم؟ قيل: هذه دغارة معلنة وإنما المحارب في قرى مشركة، فقال: أيهما أعظم؟ حرمة دار الإسلام؟ أو دار الشرك؟ قلت: دار الإسلام، فقال: هؤلاء من أهل هذه الآية ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33] (3).

[الحديث: 1938] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]: لا يبايع ولا يؤوي ولا يتصدق عليه (4).

[الحديث: 1939] قال الإمام الصادق: يحكم الحاكم على المحارب بقدر ما عمل وينفى، ويحمل في البحر ثم يقذف به، لو كان النفي من بلد إلى بلد كأن يكون إخراجه من

__________

(1) الكافي 7/ 247/ 11.

(2) الكافي 7/ 248/ 13، والتهذيب 10/ 135/ 535.

(3) الكافي 7/ 245/ 2.

(4) الكافي 7/ 246/ 4، والتهذيب 10/ 134/ 531.

أحكام الحكومة الإسلامية (429)

بلد إلى بلد عدل القتل والصلب والقطع، ولكن يكون حدا يوافق القطع والصلب (1).

[الحديث: 1940] سئل الإمام الصادق عن الإنفاء من الأرض كيف هو؟ فقال: ينفى من بلاد الإسلام كلها، فإن قدر عليه في شيء من أرض الإسلام قتل ولا أمان له حتى يلحق بأرض الشرك (2).

[الحديث: 1941] قال الإمام الصادق: المصلوب ينزل عن الخشبة بعد ثلاثة أيام ويغسل ويدفن، ولا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام (3).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 1942] سئل الإمام الكاظم عن رجل شهر إلى صاحبه بالرمح والسكين، فقال: إن كان يلعب فلا بأس (4).

[الحديث: 1943] قيل للإمام الكاظم: إن أتى المحارب أرض الشرك فدخلها؟ قال: يضرب عنقه إن أراد الدخول في أرض الشرك (5).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 1944] سئل الإمام الرضا عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 33 - 34] ما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع؟ فقال: إذا حارب الله ورسوله وسعى

__________

(1) الكافي 7/ 247/ 10.

(2) التهذيب 10/ 153/ 612.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 48/ 166.

(4) قرب الإسناد: 112.

(5) تفسير العياشي 1/ 317/ 98.

أحكام الحكومة الإسلامية (430)

في الأرض فسادا فقتل قتل به، وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإن شهر السيف وحارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ المال نفي من الأرض (1).

[الحديث: 1945] قيل للإمام الرضا: كيف ينفى المحارب؟ وما حد نفيه؟ فقال: ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره ويكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفيٌّ فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه، فيفعل ذلك به سنة، فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم السنة (2).

ما روي عن الإمام الجواد

[الحديث: 1946] قيل للإمام الجواد: قطع الطريق على السابلة من الحجاج وغيرهم وأفلت القطاع وطلبهم العامل حتّى ظفر بهم، فقال: الذي يجب في ذلك أن ينظر الحاكم في هؤلاء الذين قطعوا الطريق، فإن كانوا أخافوا السبيل فقط ولم يقتلوا أحدا ولم يأخذوا مالا، أمر بإيداعهم الحبس فإن ذلك معنى نفيهم من الأرض بإخافتهم السبيل، وإن كانوا أخافوا السبيل وقتلوا النفس أمر بقتلهم، وإن كانوا أخافوا السبيل وقتلوا النفس وأخذوا المال أمر بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وصلبهم بعد ذلك (3).

__________

(1) الكافي 7/ 246/ 8،.

(2) الكافي 7/ 246/ 8.

(3) تفسير العياشي 1/ 314/ 91.

أحكام الحكومة الإسلامية (431)

حفظ القيم في الحكومة الإسلامية

جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول حفظ القيم في الحكومة الإسلامية، وهو من الأركان التي يقوم عليها النظام الإسلامي، وهو أيضا من العلامات الكبرى له، والتي تفرقه عن سائر الأنظمة، والتي تهدف في أحسن أحوالها إلى تحقيق الرفاه والعدالة الاجتماعية للشعب دون اهتمام بالقيم الأخلاقية التي يرتضيها لنفسه.

وقد أشار إلى هذا الركن قوله تعالى في بيان وظائف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باعتباره ولي أمر الأمة الأكبر: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران: 164]

فالتزكية أو [التقوى الاجتماعية] من الأهداف الكبرى التي تسعى لها كل مؤسسات الدولة في الحكومة الإسلامية، ابتداء بنظمها التعليمية، وانتهاء بمؤسساتها الإعلامية.

وقد أشار الشيخ جوادي آملي عند بيانه للفرق بين نظام ولاية الفقيه وغيره من الأنظمة في هذا الجانب عندما قسم الحكومات إلى ثلاثة أنواع (1):

1 ـ الحكومة الاستبدادية: وهي المبنية على أساس السيطرة والقوة، والتي ترى أن الأقوى هو الذي يمسك زمام الأمور بكل قدرة ممكنة، كما قال الله تعالى حاكيا عن فرعون: ﴿فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾ [طه: 64]، ولا مكان في هذه الحكومة لرأي الناس، ولا اهتمام لها بمصالحهم، ولا بأخلاقهم، ولا بدينهم، لأن الهدف عندها هو تأمين مصالح السلطة الحاكمة.

__________

(1) الكلمة الطيبة (دروس في ولاية الفقيه) جوادي آملي (ص: 12)

أحكام الحكومة الإسلامية (432)

بل إن هذه الحكومة قد تستعمل ـ مثلما استعمل الشاه ـ كل وسائل الانحراف، لتشغل الشعب بالشهوات عن مواجهة السلطة، كما قال تعالى عن وسائل فرعون لتطويع شعبه: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [الزخرف: 54]

2 ـ حكومة الشعب: أو حكومة الناس على الناس، مثل الحكومات التي يصطلح عليها بالديمقراطية، وتقوم على أساس رأي الأكثرية، وهدفها تأمين حاجات الناس المادية، ويكون المعيار للمصلحة والفساد والجمال والقبح والحق والباطل والخير والشر فيها مبنياً على رأي الأكثرية، حتى لو كان ذلك الرأي مخالفا للصواب، ومنافيا للعقل والفطرة، وهو السائد، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: 103]

3 ـ الحكومة الإلهية: وهي الحكومة التي ليست حقاً للحاكم الذي يظفر بالقوة والسلطة، ولا حقاً للناس بحيث تكون خاضعة لقوانينهم، بل هي حق لله الذي هو رب العالمين، وحدود فعالية هذا النوع من الحكومات هي أنها تشمل، بالإضافة إلى الأمور الاجتماعية، الأخلاق والعقائد؛ فهي تقدم للشعب البرنامج الواضح على مستوى العقيدة وتقرر لهم القوانين والقواعد على مستوى الأخلاق والسلوك.

وهذا البرنامج ليس خاصا بالشعب، وإنما هو عام بالشعب ومسؤوليه، والذين يخضعون جميعا لما تتطلبه القيم الإيمانية والأخلاقية التي هي الحكم الأكبر في الدولة، كما قال الإمام علي: (أيها الناس، إني والله ما أحثكم على طاعة إلا وأسبقكم إليها، ولا أنهاكم عن معصية إلا وأتناهى قبلكم عنها) (1)

وهذا المعنى الذي ذكره الشيخ جوادي آملي، ذكره الخميني في لقاء له مع جمع من

__________

(1) نهج البلاغة، 2/ 90.

أحكام الحكومة الإسلامية (433)

أعضاء الطائفة اليهودية في إيران عقب انتصار الثورة الإسلامية، والذي حاول من خلاله أن يشرح لهم الفلسفة التي يقوم عليها نظام ولاية الفقيه، فقد قال: (إن كل الأديان التي أنزلت من عند الله تبارك وتعالى وجميع الأنبياء العظام هي من أجل راحة الانسان وتربيته، إن الله تبارك وتعالى قد أراد بإنزاله الوحي على الأنبياء العظام هداية الناس وتربية الإنسان، الإنسان بجميع أبعاده) (1)

ثم ذكر أن هذا البعد الذي تراعيه الحكومة الإلهية، وتعتبره في قمة أولوياتها وأهدافها، لا تبالي بها الأنظمة الأخرى، لكونها أنظمة دنيوية محضة، يقول: (إن المذاهب والمسالك الأخرى لا شغل لها بماذا يكون عليه الإنسان في ذاته وجوهره ومع نفسه، إنهم يتطلعون إلى حفظ دنياهم، وحفظ النظام بينهم فحسب؛ فإذا كان النظم مستقراً فليفعل الإنسان ما يشاء، وليرتكب كل ما يشاء من المخالفات بعيداً عن الأنظار، إذ لا ربط لذلك بالحكومة، فليس من قانون هنا ـ في النظم غير التوحيدية ـ يمنع الإنسان من بعض الأمور داخل بيته.. وإنما المهم عندهم فقط هو أن لا يسير الانسان في الشارع معربداً ويخل بالنظم، إن جميع المسالك غير التوحيدية هي بهذا الشكل وهذا بخلاف المسالك التوحدية والأديان التي نزلت على الأنبياء العظام) (2)

ثم أشار إلى المسؤوليات المناطة بالحكومة الإلهية مقارنة بالمسؤوليات الملقاة على الحكومات المدنية؛ فقال: (إن جميع هذه الأمور من أجل ان يكون هذا الإنسان الذي يُراد إيجاده إنساناً مهذباً، صالحا للعمل، متحلياً بمحاسن الأخلاق والاعتقادات الصحيحة، يقوم بأعمال حسنة ويعرف كيف ينبغي أن يكون سلوكه مع الناس، كيف ينبغي أن يكون

__________

(1) صحيفة الإمام، ج 7، ص: 218.

(2) المرجع السابق، ج 7، ص: 218.

أحكام الحكومة الإسلامية (434)

سلوكه في المجتمع، كيف ينبغي أن يكون مع الجيران، كيف ينبغي ان يكون مع أبناء مدينته، كيف ينبغي أن يكون مع أبناء دينه، ومع أتباع الأديان الأخرى، إن الأديان التي جاءت من عند الله تبارك وتعالى إنما تهتم بكل هذه الأمور لان الله هو الذي خلق الانسان ويريد تربيته في جميع أبعاده ولهذا لا فرق بين دين وآخر في هذه المسألة، لأنها جميعها جاءت لتربية الانسان) (1)

بناء على هذا جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا من الأحاديث، وقد قسمناه إلى المباحث التالية:

أولا ـ ما ورد حول الزواجر التوجيهية لحفظ القيم: ونقصد بها الأحاديث التي ترهب من الوقوع في الذنوب والمحرمات والأخلاق السيئة، باعتبارها الرادع الأكبر الذي يحمي أكثر الشعب من الوقوع في المحرمات، ولا تبقى إلا ثلة قليلة قد تحتاج إلى الروادع الدنيوية.

ثانيا ـ ما ورد حول الأحكام العامة لإقامة الحدود: ونقصد بها الأحاديث التي تبين أغراض الحدود الشرعية وضوابطها.

ثالثا ـ ما ورد حول الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ الأعراض: ونقصد بها الأحاديث التي تنص على العقوبات الخاصة بحفظ الأعراض ومقاومة إشاعة الفواحش في المجتمع.

__________

(1) المرجع السابق، ج 7، ص: 218.

أحكام الحكومة الإسلامية (435)

رابعا ـ ما ورد حول الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ العقل: ونقصد بها الأحاديث التي تنص على العقوبات المرتبطة بشرب الخمر، ومثلها المخدرات ونحوها مما يضر بالعقل والحالة النفسية لأفراد المجتمع.

خامسا ـ ما ورد حول الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ الأموال: ونقصد بها الأحاديث التي تنص على العقوبات المرتبطة بالسرقة وغيرها.

أولا ـ ما ورد حول الزواجر التوجيهية لحفظ القيم

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الزواجر التوجيهية المرتبطة بحفظ القيم، وهي التي تنبع من أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينذر بما أعد الله تعالى من عقوبات للمنحرفين عن الصراط المستقيم، كما قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام:51]، فقد اعتبرت الآية الكريمة الإنذار وسيلة من وسائل تحصيل التقوى، وأسلوبا من الأساليب الداعية إليها، وذلك لما يحدثه في النفس من الخوف الذي يكون حجابا واقيا يمنعها من الوقوع في المعصية أو الانغماس فيها.

ولهذا كان من وظائف الرسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ التبشير والإنذار، لأن لكل منهما تأثيره الخاص، قال تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ [البقرة:213]، وقال: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ [النساء:165]، وقال: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ﴾ [النحل:2]

وأخبر عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه: ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ

أحكام الحكومة الإسلامية (436)

عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [لأعراف:63]، وقال هود عليه السلام لقومه: ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [لأعراف:69]

وأخبر تعالى أن من مقاصد نزول القرآن الكريم الإنذار، فقال: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام:19]، وقال: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الأنعام:92]، وقال: ﴿كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [لأعراف:2]، وقال: ﴿هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ابراهيم:52]

واعتبر القرآن الكريم من وظائف العلماء الإنذار، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة:122]

ولهذا؛ فإن الحكومة الإسلامية ـ للحفاظ على القيم ـ تنشر كل ما يؤكد هذه المعاني، لأنه لا يمكن حفظ القيم ولا الأمن ولا غيرها من دون الروادع الأخروية، فالإخبار بالعقوبة الأخروية كفيل وحده ـ لمن آمن بالله واليوم الآخر ـ بردعه من غير حاجة إلى أن يمارس معه أسلوبا آخر من أساليب الردع.

ولهذا رفع الله تعالى عقوبة المحاربة على من جاء تائبا مستغفرا قبل أن يقدر عليه، كما قال تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة:34]، لأن التائب يكون قد امتلأ بالندم الذي دعاه إليه خوفه من الله، فكان في احتراقه الداخلي رادعا لا يحتاج معه إلى رادع خارجي.

أحكام الحكومة الإسلامية (437)

وإلى هذا المعنى الإشارة بقوله تعالى: ﴿وَالَّلذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً﴾ [النساء:16]، فإن الآية لها دلالة على أن للتوبة تأثيرها في رفع الحد أو التخفيف منه بشرط أن لا يتمكن من العاصي قبل توبته، لأن توبته حينذاك قد تكون مدخولة أو نوعا من الحيلة للفرار من العقوبة.

ولذلك جمع الله تعالى للقاتل مجموعة عقوبات أخروية تفوق في خطرها العقوبة التي أعدت له في الدنيا، والتي قد يفلت منها بأي حيلة من الحيل، فقال: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ [النساء:93]، فقد جمعت الآية أنواعا من الوعيد تهتز لها القلوب وترتعد لها الفرائص، أخطرها الوعيد بالخلود في جهنم، وما أعد فيها من العذاب العظيم، زيادة على غضب الله ولعنه.

ومثل ذلك ما ورد في السنة؛ وكلها كافية في ردع أي نفس خبيثة قد لا يردعها القصاص نفسه، فإنا نجد في الواقع من يقول مهددا: (سأقتله ولو قتلت به)، لأن القوة الغضبية ـ كالقوة الشهوانية ـ لا يعقلها إلا الترهيب العظيم المنشئ للخوف في النفس من الله من غضبه وعقابه.

ولهذا ذكر الله تعالى نموذج المؤمن الذي ضحى بنفسه خوفا من الله، وكان أقواهما قوة كما يذكر المفسرون، ولكن خوفه من الله منعه من أن يبسط يده لأخيه ليقتله، قال تعالى ذاكرا سر توقف أحد ابني آدم عن قتل أخيه: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة:28 ـ 29]

ولهذا، فإن الشريعة تعتمد لردع الرذائل من النفس والمجتمع هذا الأسلوب، بل تجعل له النصيب الأوفر، تاركة سائر الأساليب مراتب تالية، معتبرة تأثيرها المحدود.

أحكام الحكومة الإسلامية (438)

بناء على هذا سنورد هنا نماذج من الأحاديث الواردة في هذا الشأن، وإن كنا قد ذكرنا ذلك بتفصيل كبير في سائر أجزاء السلسلة، وخاصة في كتاب [مساوئ الأخلاق وعواقبها]، وكتاب [مكارم الأخلاق وفضائلها]

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 1947] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ الله لم يحرّم حرمة إلّا وقد علم أنّه سيطّلعها منكم مطّلع (1)، ألا وإنّي آخذ بحجزكم أن تهافتوا في النّار كتهافت الفراش أو الذّباب) (2)

[الحديث: 1948] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيّها النّاس، إنّ الله طيّب لا يقبل إلّا طيّبا، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثمّ ذكر الرّجل يطيل السّفر أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السّماء. يا ربّ يا ربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنّى يستجاب لذلك؟) (3)

[الحديث: 1949] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشبّهات لا يعلمها كثير من النّاس، فمن اتّقى المشبّهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشّبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإنّ لكلّ ملك حمى، ألا إنّ حمى

__________

(1) سيطلعها منكم مطلع: يعني سيرتكبها وينتهكها بعضكم.

(2) أحمد (1/ 390)

(3) مسلم (1015)

أحكام الحكومة الإسلامية (439)

الله في أرضه محارمه، ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب) (1)

[الحديث: 1950] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصّراط سوران فيهما أبواب مفتّحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصّراط داع يقول: أيّها النّاس، ادخلوا الصّراط جميعا ولا تتفرّجوا، وداع يدعو من جوف الصّراط فإذا أراد أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال: ويحك! لا تفتحه، فإنّك إن تفتحه تلجه) (2)

[الحديث: 1951] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما نقض قوم العهد قطّ إلّا كان القتل بينهم، ولا ظهرت الفاحشة في قوم قطّ الّا سلّط الله عزّ وجلّ عليهم الموت، ولا منع قوم الزّكاة إلّا حبس الله عنهم القطر) (3)

[الحديث: 1952] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهنّ وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ، حتّى يعلنوا بها، إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلّا أخذوا بالسّنين وشدّة المئونة وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء، ولو لا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلّا سلّط الله عليهم عدوّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب الله، ويتخيّروا ممّا أنزل الله، إلّا جعل الله بأسهم بينهم) (4)

[الحديث: 1953] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّه أتاني اللّيلة آتيان، وإنّهما ابتعثاني، وإنّهما قالا لي: انطلق، وإنّي انطلقت معهما، وإنّا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه

__________

(1) البخاري، (52) ومسلم (1599)

(2) أحمد (4/ 182، 183) النسائي (2/ 192)

(3) سنن البيهقي (3/ 346) والحاكم (2/ 126)

(4) ابن ماجة (4019)

أحكام الحكومة الإسلامية (440)

بصخرة، وإذا هو يهوي بالصّخرة لرأسه فيثلغ رأسه (1) فيتدهده (2) الحجر هاهنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتّى يصحّ رأسه كما كان، ثمّ يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرّة الأولى. قلت لهما: سبحان الله! ما هذان؟ قالا لي: انطلق. انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلّوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقّي وجهه ليشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثمّ يتحوّل إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأوّل فما يفرغ من ذلك الجانب حتّى يصحّ ذلك الجانب كما كان، ثمّ يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرّة الأولى. قلت: سبحان الله! ما هذان؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على مثل التنّور، فإذا فيه لغط وأصوات. فاطّلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا (3) قلت لهما: ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على نهر أحمر مثل الدّم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شطّ النّهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السّابح يسبح ما يسبح، ثمّ يأتي ذلك الّذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر (4) له فاه فيلقمه حجرا فينطلق يسبح ثمّ يرجع إليه. كلّما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجرا. قلت لهما: ما هذان؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلا مرآة، وإذا عنده نار يحشّها (5) ويسعى حولها. قلت لهما: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق. فانطلقنا فأتينا على روضة معتمة فيها من كلّ لون الرّبيع، وإذا بين ظهري الرّوضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولا في السّماء، وإذا حول الرّجل من أكثر ولدان رأيتهم قطّ. قلت لهما: ما

__________

(1) يثلغ رأسه: يشجها أي يكسرها.

(2) يتدهده الحجر: يتدحرج.

(3) ضوضوا: الجلبة وأصوات الناس.

(4) يفغر فاه: يفتحه.

(5) يحشّها: يوقدها.

أحكام الحكومة الإسلامية (441)

هذا؟ ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق. فانطلقنا فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر روضة قطّ أعظم منها ولا أحسن. قالا لي: ارق. فارتقيت فيها قال: فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنيّة بلبن ذهب ولبن فضّة، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا، فدخلناها فتلقّانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء. قال لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النّهر. وإذا نهر معترض يجري كأنّ ماءه المحض من البياض فذهبوا فوقعوا فيه، ثمّ رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السّوء عنهم فساروا في أحسن صورة. قالا لي: هذه جنّة عدن، وهذاك منزلك. فسما بصري صعدا. فإذا قصر مثل الرّبابة البيضاء. قالا لي هذاك منزلك، قلت لهما: بارك الله فيكما. ذراني فأدخله. قالا: أمّا الآن فلا وأنت داخله. قال: قلت لهما: فإنّي قد رأيت منذ اللّيلة عجبا فما هذا الّذي رأيت؟ قالا لي: أما إنّا سنخبرك: أمّا الرّجل الأوّل الّذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنّه الرّجل يأخذ بالقرآن فيرفضه، وينام عن الصّلاة المكتوبة، وأمّا الرّجل الّذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنّه الرّجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وأمّا الرّجال والنّساء العراة الّذين في مثل بناء التّنّور فهم الزّناة والزّواني، وأمّا الرّجل الّذي أتيت عليه يسبح في النّهر ويلقم الحجر فإنّه آكل الرّبا، وأمّا الرّجل الكرية المرآة الّذي عند النّار يحشّها ويسعى حولها فإنّه مالك خازن جهنّم. وأمّا الرّجل الطّويل الّذي في الرّوضة فإنّه إبراهيم عليه السلام، وأمّا الولدان الّذين حوله فكلّ مولود مات على الفطرة، وأمّا القوم الّذين كانوا شطرا منهم حسن وشطرا قبيح فإنّهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيّئا، تجاوز الله عنهم) (1)

[الحديث: 1954] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اجتنبوا السّبع الموبقات)، قيل: يا رسول

__________

(1) البخاري، 1 (7047)، مسلم (2275)

أحكام الحكومة الإسلامية (442)

الله، وما هنّ؟ قال: (الشّرك بالله، والسّحر، وقتل النفس الّتي حرّم الله إلّا بالحقّ، وأكل مال اليتيم، وأكل الرّبا، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) (1)

[الحديث: 1955] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكبائر قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النّفس، وشهادة الزّور) (2)

[الحديث: 1956] عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان متّكئا فدخل عليه رجل، فقال: ما الكبائر؟ فقال: الشّرك بالله، والقنوط من رحمة الله عزّ وجلّ والأمن من مكر الله، وهذا أكبر الكبائر) (3)

[الحديث: 1957] عن عبادة بن الصّامت أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه: (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدّنيا فهو كفّارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثمّ ستره الله فهو إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه) (4)

[الحديث: 1958] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كلّ أمّتي معافى إلّا المجاهرين، وإنّ من المجاهرة أن يعمل الرّجل باللّيل عملا، ثمّ يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربّه ويصبح يكشف ستر الله عنه) (5)

[الحديث: 1959] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإنّ الله يبغض الفاحش البذيء) (6)

__________

(1) البخاري، (2766)، ومسلم (89)

(2) البخاري، (2653)، ومسلم (88)

(3) المصنف (10/ 460)

(4) البخاري، (18) مسلم (1709)

(5) البخاري، 1 (6069) ومسلم (2990)

(6) الترمذي (2002)

أحكام الحكومة الإسلامية (443)

[الحديث: 1960] عن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله، إنّ فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنّها تؤذي جيرانها بلسانها. قال: (هي في النّار) قال: يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلّة صيامها وصلاتها وأنّها تتصدّق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها. قال: (هي في الجنّة) (1)

[الحديث: 1961] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كل مخمر خمرٌ وكل مسكر حرامٌ ومن شرب مسكرا بخست صلاته أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال)، قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: (صديد أهل النار) (2)

[الحديث: 1962] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من شرب الخمر لم تقبل له صلاةٌ أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال)، قيل: يا أبا عبد الرحمن وما نهر الخبال؟ قال: نهرٌ من صديد أهل النار (3).

[الحديث: 1963] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل له صلاةٌ ما دام في جوفه أو عروقه منها شيءٌ، وإن مات مات كافرا، وإن انتشى لم تقبل له صلاةٌ أربعين يوما وإن مات فيها مات كافرا) (4)

[الحديث: 1964] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مدمن الخمر كعابد وثن) (5)

[الحديث: 1965] عن أنس قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخمر عشرة عاصرها

__________

(1) أحمد والبزار وابن حبان، الترغيب (3/ 356)

(2) أبو داود (3680)

(3) الترمذي (1862)

(4) النسائي 8/ 316.

(5) ابن ماجة (3375)

أحكام الحكومة الإسلامية (444)

ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وواهبها وآكل ثمنها (1).

[الحديث: 1966] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إياك والخمر فإن خطيئتها تفرع الخطايا كما أن شجرتها تفرع الشجر) (2)

[الحديث: 1967] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يشرب ناسٌ من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) (3)

[الحديث: 1968] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من ترك الخمر وهو يقدر عليه لأسقينه منه من حظيرة القدس، ومن ترك الحرير وهو يقدر عليه لأكسونه إياه في حظيرة القدس) (4)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 1969] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا لا تحقرنّ شيئا وإن صغر في أعينكم، فإنّه لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ألا وإنّ الله سائلكم عن أعمالكم حتّى عن مسّ أحدكم ثوب أخيه بين إصبعيه) (5)

[الحديث: 1970] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ المؤمن ليرى ذنبه كأنّه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه، وإنّ الكافر ليرى ذنبه كأنّه ذباب مرّ على أنفه) (6)

[الحديث: 1971] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ إبليس رضي منكم بالمحقّرات، والذنب الّذي لا يغفر، قول الرجل: (لا أؤاخذ بهذا الذنب، استصغارا له) (7)

[الحديث: 1972] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ الله عزّ وجلّ كتم ثلاثة في ثلاثة: رضاه

__________

(1) الترمذي (1295) وابن ماجة (3381)

(2) ابن ماجة (3372)

(3) النسائي 8/ 312، 313.

(4) البزار (كشف الأستار) 3/ 359 (2939)

(5) عقاب الأعمال ص 346.

(6) أمالي الطوسي ج 2 ص 140.

(7) نوادر الراوندي ص 17.

أحكام الحكومة الإسلامية (445)

في طاعته، وكتم سخطه في معصيته، وكتم وليّه في خلقه، ولا يستخفّ أحدكم شيئا من الطاعات فإنّه لا يدري في أيّها رضا الله تعالى، ولا يستقلّنّ أحدكم شيئا من المعاصي فإنّه لا يدري في أيّها سخط الله، ولا يزرينّ أحدكم بأحد من خلقه فإنّه لا يدري أيّهم وليّ الله) (1)

[الحديث: 1973] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحقّرن ذنبا ولا تصغرنّه، واجتنب الكبائر، فإن العبد إذا نظر يوم القيامة إلى ذنوبه دمعت عيناه قيحا ودما يقول الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ وَالله رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: 30]) (2)

[الحديث: 1974] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أربعة في الذّنب شرّ من الذنب: الاستحقار والافتخار والاستبشار والإصرار) (3)

[الحديث: 1975] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إياكم ومحقّرات الذنوب، فإن لها من الله طالبا وأنها لتجمع على المرء حتّى تهلكه) (4)

[الحديث: 1976] عن الإمام الصادق: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزل بأرض قرعاء فقال لأصحابه: ايتوا بحطب فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فليأت كلّ إنسان بما قدر عليه فجاؤوا به حتّى رموا بين يديه بعضه على بعض، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هكذا تجتمع الذّنوب، ثمّ قال: (إيّاكم والمحقّرات من الذّنوب، فإن لكلّ شيء طالبا ألا وإنّ طالبها يكتب ما قدّموا وآثارهم وكلّ شيء أحصيناه في إمام مبين) (5)

__________

(1) كنز الفوائد للكراجكي ج 1 ص 55.

(2) مكارم الأخلاق ص 452.

(3) مستدرك الوسائل ج 2 ص 315 عن لبّ اللباب.

(4) إرشاد القلوب ص 33.

(5) أصول الكافي ج 2 ص 288.

أحكام الحكومة الإسلامية (446)

[الحديث: 1977] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الكبائر تسع: أعظمهنّ الإشراك بالله عزّ وجلّ، وقتل النفس المؤمنة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، وعقوق الوالدين، واستحلال البيت الحرام، والسحر فمن لقي الله عزّ وجلّ وهو بريء منهنّ كان معي في جنّة مصاريعها من ذهب) (1)

[الحديث: 1978] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الرجل ليحرم رزقه بالذّنب يصيبه) (2)

[الحديث: 1979] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا عنه، واحذروا الذّنوب فإن العبد يذنب الذّنب فيحبس عنه الرّزق) (3)

[الحديث: 1980] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله جلّ جلاله: أيّما عبد أطاعني لم أكله إلى غيري، وأيّما عبد عصاني وكّلته إلى نفسه ثمّ لم أبال في أيّ واد هلك) (4)

[الحديث: 1981] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اتقوا الذنوب فإنّها ممحقة للخيرات، إنّ العبد ليذنب الذنب فينسى به العلم الّذي كان قد علمه، وإنّ العبد ليذنب الذنب فيمتنع به من قيام الليل، وإنّ العبد ليذنب الذنب فيحرم به الرزق وقد كان هينا له)، ثمّ تلا: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ

__________

(1) كنز الفوائد للكراجكي ج 2 ص 11.

(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 141.

(3) كنز الكراجكي ج 1 ص 352.

(4) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 289.

أحكام الحكومة الإسلامية (447)

الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [القلم: 17 - 33]) (1)

[الحديث: 1982] عن البراء بن عازب قال: كان معاذ بن جبل جالسا قريبا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في منزل أبي أيّوب الأنصاريّ فقال معاذ: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا﴾ [النبأ: 18 - 19]؟ فقال: (يا معاذ سألت عن عظيم من الأمر) ثمّ أرسل عينيه ثمّ قال: (تحشر عشرة أصناف من أمّتي أشتاتا قد ميّزهم الله تعالى من المسلمين وبدّل صورهم، فبعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكّسون أرجلهم من فوق ووجوههم من تحت ثمّ يسحبون عليها، وبعضهم عمي يتردّدون، وبعضهم بكم لا يعقلون، وبعضهم يمضغون ألسنتهم يسيل القيح من أفواههم لعابا يتقذّرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطّعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلّبون على جذوع من نار، وبعضهم أشدّ نتنا من الجيف، وبعضهم يلبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم، فأمّا الّذين على صورة القردة فالقتّات من الناس، وأمّا الّذين على صورة الخنازير فأهل السحت، وأمّا المنكّسون على رؤوسهم فآكلة الربا، والعمي: الجائرون في الحكم، والصمّ البكم: المعجبون بأعمالهم، والّذين يمضغون بألسنتهم فالعلماء والقضاة الّذين خالفت أعمالهم أقوالهم، والمقطّعة أيديهم وأرجلهم الّذين يؤذون الجيران، والمصلّبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان، والّذين هم أشدّنتنا من الجيف فالّذين يتمتّعون بالشهوات واللّذّات ويمنعون حقّ الله في أموالهم، والّذين يلبسون الجباب فأهل الفخر والخيلاء) (2)

[الحديث: 1983] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اقطع لسانك عن إخوانك، وعن حملة

__________

(1) عدّة الداعي ص 211.

(2) مجمع البيان ج 10 ص 424.

أحكام الحكومة الإسلامية (448)

القرآن، ولتكن ذنوبك عليك ولا تحملها على إخوانك، ولا تزكّ نفسك بتذميم إخوانك، ولا ترائي بعملك، ولا تدخل كذا من الدنيا في الاخرة، ولا تفحش في مجلسك لكي يحذروك بسوء خلقك، ولا تناج مع رجل وعندك آخر ولا تتعظّم على الناس فينقطع عنك خيرات الدنيا، ولا تمزق الناس فيمرّقك كلاب النار قال الله تعالى: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ [النازعات: 2] أتدري ما الناشطات؟ كلاب أهل النار، تنشط العظم واللحم) قيل: من يطيق هذه الخصال؟ قال: (أما إنّه يسير على من يسّر الله عليه) (1)

[الحديث: 1984] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تزال أمتي بخير ما تحابّوا وتهادوا، وأدّوا الأمانة، واجتنبوا الحرام، وقروا الضيف، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين) (2)

[الحديث: 1985] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله عزّ وجلّ، إذا عصاني من خلقي من يعرفني سلّطت عليه من خلقي من لا يعرفني) (3)

[الحديث: 1986] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (للمؤمن اثنان وسبعون سترا فإذا أذنب ذنبا انهتك عنه ستر، فإن تاب ردّه الله عليه وسبعين معه، فإن أبي إلّا قدما قدما في المعاصي تهتك عنه أستاره، فإن تاب ردّها الله ومع كلّ ستر منها سبعة أستار، فإن أبي إلّا قدما قدما في المعاصي تهتكّت أستاره وبقى بلا ستر، وأوحى الله عزّ وجلّ إلى الملائكة أن استروا عبدي بأجنحتكم فإن بني آدم يعيرون ولا يغيّرون وأنا أغير ولا اعيّر، فإن أبى إلّا قدما في المعاصي شكت الملائكة إلى ربّها ورفعت أجنحتها وقالت أي ربّ إن عبدك هذا قد آذانا ممّا يأتي من الفواحش ما ظهر منها وما بطن قال: فيقال لهم: كفّوا عنه أجنحتكم فلو عمل بخطيئة في

__________

(1) فلاح السائل ص 124.

(2) عيون الأخبار ج 2 ص 29.

(3) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 289.

أحكام الحكومة الإسلامية (449)

سواد اللّيل أو في وضح النهار أو في مفازة أو في قعر بحر لأجراه على ألسنة الناس فاسألوا الله أن لا يهتك أستاركم) (1)

[الحديث: 1987] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله تبارك وتعالى: من أذنب ذنبا فعلم أنّ لي أن اعذّبه، وأنّ لي أن أعفو عنه، عفوت عنه) (2)

[الحديث: 1988] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحقّروا شيئا من الشرّ وإن صغر في أعينكم، ولا تستكثروا شيئا من الخير وإن كثر في أعينكم، فإنّه لا كبير مع الاستغفار ولا صغير مع الإصرار) (3)

[الحديث: 1989] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ إبليس رضى منكم بالمحقّرات، والذّنب الّذي لا يغفر قول الرجل لا اؤاخذ بهذا الذّنب استصغارا له) (4)

[الحديث: 1990] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: (انظر ان تدع الذنب سرّا وعلانية صغيرا وكبيرا فإن الله تعالى حيث ما كنت يراك وهو معك فاجتنبها) (5)

[الحديث: 1991] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا أبا ذر لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت، يا أبا ذرّ إنّ نفس المؤمن أشدّ تقلّبا وخيفة من العصفور حين يقذف به في شركه ـ إلى أن قال ـ: يا أبا ذرّ إنّ الرجل ليعمل الحسنة فيتّكل عليها ويعمل المحقّرات حتّى يأتي الله وهو عليه غضبان، وإنّ الرجل ليعمل فيفرق منها فيأتي الله عزّ وجلّ آمنا يوم القيامة) (6)

[الحديث: 1992] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أذنب العبد كان نقطة سوداء على قلبه،

__________

(1) الأشعثيّات ص 195.

(2) المحاسن، ص 26.

(3) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 11.

(4) الأشعثيّات ص 237.

(5) مكارم الأخلاق ص 454.

(6) أمالي الطوسي ج 2 ص 143.

أحكام الحكومة الإسلامية (450)

فإن هو تاب وأقلع واستغفر صفا قلبه منها، وإن هو لم يتب ولم يستغفر كان الذّنب على الذّنب والسواد على السواد حتّى يغمر القلب فيموت بكثرة غطاء الذنوب عليه وذلك قوله تعالى: ﴿بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾) (1)

[الحديث: 1993] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منه، وإن زاد زادت فذلك الرين الّذي ذكره الله في كتابه: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: 14]) (2)

[الحديث: 1994] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يقول الله عزّ وجلّ: يا بن آدم أما تنصفني، أتحبّب إليك بالنّعمة وتتمقت إليّ بالمعاصي، خيري إليك منزل وشرك إليّ صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عنكَ في كلّ يوم وليلة بعمل قبيح، يا بن آدم لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف لسارعت إلى مقته) (3)

[الحديث: 1995] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله تعالى: أيّما عبد أطاعني لم أكله إلى غيري، وأيّما عبد عصاني وكّلته إلى نفسه، ثمّ لم أبال بأيّ واد هلك) (4)

[الحديث: 1996] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو، وأسرع لما يحذر) (5)

[الحديث: 1997] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أراد الله بعبد سوءا أمسك عليه ذنوبه حتّى يوافي بها يوم القيامة، وإذا أراد بعبد خيرا عجّل عقوبته في الدنيا) (6)

[الحديث: 1998] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من حمى ولا صداع ولا عرق يضرب إلّا

__________

(1) إرشاد القلوب ص 46.

(2) روضة الواعظين ج 2 ص 414.

(3) صحيفة الإمام الرضا، ص 52.

(4) الجواهر السنية ص 145.

(5) تحف العقول، ص 248.

(6) إرشاد القلوب ص 182.

أحكام الحكومة الإسلامية (451)

بذنب، وما يعفو الله أكثر) (1)

[الحديث: 1999] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما اختلج عرق ولا عثرت قدم إلّا بما قدّمت أيديكم، وما يعفو الله عنه أكثر) (2)

[الحديث: 2000] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله تبارك وتعالى: وعزّتي وجلالي لا أخرج عبدا من الدنيا وأنا اريد أن أرحمه حتّى استوفي منه كلّ خطيئة عملها إمّا بسقم في جسده أو بضيق في رزقه وإمّا بخوف في دنياه، فإن بقيت عليه بقيّة شدّدت عليه عند الموت) (3)

[الحديث: 2001] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من ترك معصية لله مخافة الله تبارك وتعالى أرضاه يوم القيامة) (4)

[الحديث: 2002] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اتّق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسّم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحبّ للناس ما تحبّ لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب) (5)

[الحديث: 2003] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أعبد الناس من أقام الفرائض، وأزهد الناس من اجتنب المحارم، وأسخى الناس من أدّى زكاة ماله، وأتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه) (6)

[الحديث: 2004] عن أبي سعيد الخدري أنّ عمارا قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ووددت أنك عمرت فينا عمر نوح عليه السّلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا عمّار حياتي خير لكم ووفاتي

__________

(1) مشكاة الأنوار ص 278.

(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 183.

(3) مشكاة الأنوار ص 156.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 81.

(5) نزهة الناظر، ص 21.

(6) كنز الفوائد للكراجكي ج 1 ص 299.

أحكام الحكومة الإسلامية (452)

ليس بشر لكم، أمّا في حياتي فتحدّثون وأستغفر الله لكم، وامّا بعد وفاتي فاتّقوا الله وأحسنوا الصلاة عليّ وعلى أهل بيتي فإنكم تعرضون عليّ وعلى أهل بيتي وأسمائكم وأسماء آبائكم وقبائلكم، فإن يكن خيرا حمدت الله وإن يكن سوى ذلك أستغفر الله لذنوبكم) فقال المنافقون والشكاك والذين في قلوبهم مرض: يزعم أنّ الأعمال تعرض عليه بعد وفاته بأسماء الرجال، وأسماء آبائهم وأنسابهم إلى قبائلهم إنّ هذا لهو الإفك فأنزل الله جلّ جلاله ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: 105]) (1)

[الحديث: 2005] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وإنّه لينظر إلى أزواجه في الجنّة يتنعّمن) (2)

[الحديث: 2006] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ الرجل ليحبس على باب الجنة مقدار عام بذنب واحد وإنّه لينظر إلى أكوابه وأزواجه) (3)

[الحديث: 2007] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله جلّ جلاله ينوّم العبد عن خدمته عقوبة له بطريق الذنوب) (4)

[الحديث: 2008] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الكبائر أربع الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله) (5)

[الحديث: 2009] عن الإمام الصادق قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتعوّذ في كلّ يوم من ستّ: من الشكّ، والشرك، والحميّة، والغضب، والبغي، والحسد) (6)

[الحديث: 2010] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قال عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من

__________

(1) محاسبة النفس ص 18.

(2) أصول الكافي ج 2 ص 272.

(3) نوادر الراوندي ص 4.

(4) فلاح السائل ص 270.

(5) نوادر الراوندي ص 16.

(6) الخصال ج 1 ص 329.

أحكام الحكومة الإسلامية (453)

النار) (1)

[الحديث: 2011] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أكبر الكبائر أن تجعل لله ندّا وهو خلقك، ثمّ أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، ثم ان تزني بحليلة جارك) (2)

[الحديث: 2012] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أذنب ذنبا وهو ضاحك دخل النار وهو باك) (3)

[الحديث: 2013] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل) (4)

[الحديث: 2014] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من البخل، وسوء الخلق، وإنّه ليفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل) (5)

[الحديث: 2015] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يزال العبد يزداد من الله بعدا ما ساء خلقه) (6)

[الحديث: 2016] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (خلقان يحبّهما الله السخاء وحسن الخلق، وخلقان يبغضهما الله البخل وسوء الخلق، ولقد جمع الله تعالى ذلك في قوله: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [التغابن: 16]) (7)

[الحديث: 2017] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سوء الخلق شؤم) (8)

[الحديث: 2018] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشؤم، فقال: (سوء الخلق) (9)

__________

(1) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 374.

(2) مستدرك الوسائل ج 2 ص 317، الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره.

(3) عقاب الأعمال ص 266.

(4) عيون الأخبار ج 2 ص 37.

(5) مكارم الأخلاق ص 17.

(6) مكارم الأخلاق ص 467.

(7) إرشاد القلوب ص 137.

(8) تحف العقول، ص 44.

(9) إرشاد القلوب ص 134.

أحكام الحكومة الإسلامية (454)

[الحديث: 2019] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عليكم بحسن الخلق فإن حسن الخلق في الجنّة لا محالة، وإيّاكم وسوء الخلق، فإن سوء الخلق في النار لا محالة) (1)

[الحديث: 2020] قال الإمام الصادق: أتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل له إنّ سعد بن معاذ قد مات، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقام أصحابه معه فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب فلما أن حنط وكفن وحمل على سريره تبعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا حذاء ولا رداء، ثمّ كان يأخذ يمنة السرير مرّة ويسرة السرير مرّة حتّى انته به إلى القبر، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى لحده وسوى اللبن عليه، وجعل يقول: ناولوني حجرا ناولوني ترابا رطبا يسدّ به ما بين اللبن، فلمّا أن فرغ وحثا التراب عليه وسوّى قبره، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّي لأعلم إنه سيبلى ويصل البلى إليه، ولكن الله يحبّ عبدا إذا عمل عملا أحكمه فلمّا أن سوّى التربة عليه، قالت امّ سعد: يا سعد هنيئا لك الجنّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا امّ سعد مه لا تجزمي على ربّك، فإن سعدا قد أصابته ضمّة، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورجع الناس، فقالوا له: يا رسول الله لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد إنّك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء فتأسّيت بها، قالوا: وكنت تأخذ يمنة السرير مرّة ويسرة السرير مرّة، قال: كانت يدي في يد جبريل آخذ حيث يأخذ، قالوا: أمرت بغسله وصلّيت على جنازته ولحدته في قبره، ثمّ قلت إنّ سعدا قد أصابته ضمّة، قال: فقال: نعم إنّه كان في خلقه مع أهله سوء) (2)

[الحديث: 2021] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس منّا من غشّ مسلما، وليس منّا من خان مسلما) (3)

__________

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 31.

(2) أمالي الصدوق ص 384.

(3) عيون الأخبار ج 2 ص 50.

أحكام الحكومة الإسلامية (455)

[الحديث: 2022] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ جبريل الروح الأمين نزل عليّ من عند ربّ العالمين، فقال: يا محمّد عليك بحسن الخلق فإن سوء الخلق يذهب بخير الدنيا والآخرة) (1)

[الحديث: 2023] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سوء الخلق زمام من عذاب الله في أنف صاحبه، والزمام بيد الشيطان يجّره إلى الشرّ، والشرّ يجّره إلى النار) (2)

[الحديث: 2024] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن فلانة تصوم النهار، وتقوم الليل، وهي سيّئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها، فقال: (لا خير فيها هي من أهل النار) (3)

[الحديث: 2025] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بعض أصحابه: (عليك بمحاسن الأخلاق فاركبها، عليك بمساوئ الأخلاق فاجتنبها، فإن لم تفعل فلا تلومنّ إلّا نفسك) (4)

[الحديث: 2026] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من ساء خلقه عذّب نفسه) (5)

[الحديث: 2027] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ربّ عزيز أذلّه خلقه، وذليل أعزّه خلقه) (6)

[الحديث: 2028] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من لانت كلمته وجبت محبّته) (7)

[الحديث: 2029] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لكلّ ذنب توبة إلّا سوء الخلق، فإن صاحبه كلمّا خرج من ذنب دخل في ذنب) (8)

[الحديث: 2030] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة، وأبى الله لصاحب الخلق السيء بالتوبة)، قيل: يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال: (أمّا صاحب البدعة

__________

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 50.

(2) جامع الأخبار ص 107.

(3) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ج 1 ص 90.

(4) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 139.

(5) أمالي الطوسي ج 2 ص 125.

(6) كنز الفوائد ج 1 ص 320.

(7) كنز الفوائد ج 1 ص 320.

(8) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 254.

أحكام الحكومة الإسلامية (456)

فقد أشرب قلبه حبّا، وأمّا صاحب الخلق السيء فإنّه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم من الذنب الّذي تاب منه) (1)

[الحديث: 2031] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار) (2)

[الحديث: 2032] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاث يمتن القلب: الذنب على الذنب، ومماراة الأحمق تقول ويقول ولا يرجع إلى خير أبدا، ومجالسة الموتى) فقيل له: يا رسول الله، وما مجالسة الموتى؟ قال: (كلّ غنيّ مترف) (3)

[الحديث: 2033] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أربعة في الذنب شرّ من الذنب: الاستحقار، والافتخار، والاستبشار، والإصرار) (4)

[الحديث: 2034] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما آمن بالقرآن من استحلّ محارمه) (5)

[الحديث: 2035] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شرب خمرا حتى يسكر لم يقبل منه صلاته أربعين صباحا (6).

[الحديث: 2036] عن الإمام الصادق: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته للإمام علي، قال: يا عليّ من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم، فقال الإمام علي: لغير الله؟ فقال: نعم والله، صيانة لنفسه، فيشكره الله على ذلك (7).

[الحديث: 2037] سئل الإمام الصادق عن الخمر، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن

__________

(1) نوادر الراوندي ص 18.

(2) (المستدرك): ج 2 ص 319 عن القاضي أبو عبد اللّه محمّد بن سلامة القضاعي في كتاب (الشهاب).

(3) روضة الواعظين ج 2 ص 414.

(4) مستدرك الوسائل ج 2 ص 319، القطب الراوندي في (لبّ اللباب).

(5) إرشاد القلوب ص 66.

(6) الكافي: 6/ 401/ 10، التهذيب 9/ 107/ 465.

(7) من لا يحضره الفقيه: 4/ 255/ 821.

أحكام الحكومة الإسلامية (457)

أول ما نهاني عنه ربي جل جلاله عن عبادة الأوثان، وشرب الخمر، وملاحاة الرجال (1).

[الحديث: 2038] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم، ومن مات مدمن خمر سقاه الله من نهر الغوطة وهو نهر يجري من المومسات، يؤذي أهل النار ريحهن (2).

[الحديث: 2039] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شرب الخمر بعدما حرمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب، ولا يشفع إذا شفع، ولا يصدق إذا حدث، ولا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه بعد علمه فليس للذي ائتمنه على الله ضمان، وليس له أجر، ولا خلف (3).

[الحديث: 2040] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: شارب الخمر لا يعاد إذا مرض، ولا يشهد له جنازة، ولا تزكوه إذا شهد، ولا تزوجوه إذا خطب، ولا تأتمنوه على أمانة (4).

[الحديث: 2041] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا أصلّي على غريق خمر (5).

[الحديث: 2042] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: شارب الخمر إن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تحضروه، وإن شهد فلا تزكوه، وإن خطب فلا تزوجوه، وإن سألكم أمانة فلا تأتمنوه (6).

[الحديث: 2043] عن الإمام الصادق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شرب الخمر بعد أن حرمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب، ولا يصدق إذا حدث، ولا يشفع إذا شفع، ولا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيعها فليس للذي ائتمنه على الله أن يأجره، ولا يخلف عليه (7).

__________

(1) أمالي الصدوق: 339/ 1.

(2) الخصال: 179/ 243.

(3) الكافي: 6/ 396/ 2.

(4) الكافي: 6/ 396/ 4.

(5) الكافي: 6/ 399/ 15.

(6) الكافي: 6/ 397/ 5.

(7) الكافي: 6/ 397/ 9.

أحكام الحكومة الإسلامية (458)

[الحديث: 2044] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: شارب الخمر لا تصدقوه إذا حدث، ولا تزوجوه إذا خطب، ولا تعودوه إذا مرض، ولا تحضروه إذا مات، ولا تأتمنوه على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها فليس له على الله أن يخلف عليه، ولا أن يأجره عليها، لان الله يقول: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ التي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: 5])، وأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟!) (1)

[الحديث: 2045] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الخمر رأس كل إثم (2).

[الحديث: 2046] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مدمن الخمر كعابد وثن، إذا مات عليه يلقى الله يوم حين يلقاه كعابد وثن (3).

[الحديث: 2047] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مدمن الخمر يلقى الله يوم يلقاه كافرا (4).

[الحديث: 2048] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (من مات سكرانا عاين ملك الموت سكرانا ودخل القبر سكرانا ويوقف بين يدي اللّه سكرانا فيقول اللّه عزّ وجلّ له: مالك فيقول: أنا سكران فيقول اللّه: بهذا أمرتك اذهبوا به إلى سكران، فيذهب به إلى جبل في وسط جهنم فيه عين تجري مدّة ودماء لا يكون طعامه وشرابه إلّا منه، وقال اللّه تعالى: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُمْ سُكارى) (5)

[الحديث: 2049] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ومن شرب الخمر في الدنيا سقاه اللّه من سمّ الأساود ومن سمّ العقارب شربة يتساقط لحم وجهه في الإناء قبل أن يشربها، فإذا شربها تفسّخ لحمه وجلده كالجيفة يتأذّى به أهل الجمع حتّى يؤمر به إلى النار، وشاربها وعاصرها

__________

(1) تفسير القمي 1/ 131.

(2) الكافي: 6/ 402/ 3.

(3) الكافي: 6/ 405/ 8.

(4) الكافي: 6/ 404/ 5.

(5) جامع الأخبار ص 150.

أحكام الحكومة الإسلامية (459)

ومعتصرها في النار، وبايعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها سواء في عارها واثمها، ألا ومن باعها أو اشتراها لغيره لم يقبل اللّه منه صلاة ولا صياما ولا حجّا ولا اعتمارا حتّى يتوب منها، وإن مات قبل أن يتوب كان حقّا على اللّه أن يسقيه لكلّ جرعة يشرب منها في الدنيا شربة من صديد جهنّم) ثمّ قال: (ألا وإنّ اللّه حرّم الخمر بعينها والمسكر من كلّ شراب، ألا وكلّ مسكر حرام) (1)

[الحديث: 2050] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينهب نهبة ذات سرف حين ينهبها وهو مؤمن) (2)

[الحديث: 2051] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (أربع لا تدخل بيتا واحدة منهنّ إلّا خرّب ولم يعمر بالبركة: الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا) (3)

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 2052] قال الإمام عليّ: (إذا عظّمت الذّنب فقد عظّمت الله، فإذا صغّرته فقد صغّرت حقّ الله تعالى، لأنّ حقّه في الصغير والكبير، وما من ذنب عظيم عظّمته إلّا صغر عند الله تعالى، ولا من صغير صغّرته إلّا عظم عند الله عزّ وجلّ) (4)

[الحديث: 2053] قال الإمام علي: (لا يصغر ما ينفع يوم القيامة ولا يصغر ما يضر يوم القيامة، فكونوا فيما أخبركم الله عزّ وجلّ كمن عاين) (5)

__________

(1) عقاب الأعمال ص 336.

(2) التهذيب ج 6 ص 371.

(3) أمالي الصدوق ص 398.

(4) الأشعثيّات ص 237.

(5) أصول الكافي ج 2 ص 456.

أحكام الحكومة الإسلامية (460)

[الحديث: 2054] قال الإمام علي: (أشدّ الذّنوب عند الله ذنب استهان به راكبه) (1)

[الحديث: 2055] قال الإمام علي: (أعظم الذنوب عند الله ذنب صغر عند صاحبه) (2)

[الحديث: 2056] قال الإمام علي في كلام له في تسويل الشياطين: (إنهم يخدعوك بأنفسهم فإذا لم تجبهم مكروا بك وبنفسك بتحبيبهم إليك شهواتك وإعطائك أمانيك وإرادتك ويسوّلون لك وينسونك وينهونك ويأمرونك ويحسنون ظنّك بالله حتّى ترجوه فتغتر بذلك فتعصيه وجزاء المعاصي بطي ء) (3)

[الحديث: 2057] قال الإمام عليّ في قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: 30]: (ليس من المؤمن عرق ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم ولا خدش عود إلّا بذنب، ولما يعفو الله تبارك وتعالى عنه أكثر، فمن عجّل الله تبارك وتعالى غفر ذنبه في دار الدّنيا، فإن الله تبارك وتعالى أجلّ وأعظم من أن يعود في عفو في الآخرة) (4)

[الحديث: 2058] قال الإمام علي: (لو لم يتوعّد الله على معصيته لكان يجب أن لا يعصي شكرا لنعمه) (5)

[الحديث: 2059] قال الإمام علي: (ما زالت عنكم نعمة ولا غضارة عيش إلّا بذنوب اجترحتموها وما الله بظلام للعبيد) (6)

[الحديث: 2060] قال الإمام علي: (مداومة المعاصي تقطع الرزق) (7)

__________

(1) غرر الحكم، ص 192.

(2) غرر الحكم، ص 193.

(3) مستدرك الوسائل ج 2 ص 313، عماد الدين الطبرسي في بشارة المصطفى.

(4) الأشعثيّات ص 179.

(5) نهج البلاغة، ص 1227.

(6) غرر الحكم، ص 100.

(7) غرر الحكم، ص 100.

أحكام الحكومة الإسلامية (461)

[الحديث: 2061] قال الإمام علي: (مجاهرة الله سبحانه بالمعاصي تعجل النقم) (1)

[الحديث: 2062] قال الإمام علي: (مدمن الشّهوات صريع الآفات، مقارن السيّئات موقن بالتّبعات) (2)

[الحديث: 2063] قال الإمام علي: (لا وجع أوجع للقلوب من الذّنوب، ولا خوف أشد من الموت، وكفى بما سلف تفكّرا، وكفى بالموت واعظا) (3)

[الحديث: 2064] قال الإمام علي: (لا تبدينّ عن واضحة وقد عملت الأعمال الفاضحة، ولا تأمن البيات وقد عملت السيّئات) (4)

[الحديث: 2065] قال الإمام علي: (إنّما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه، وكلّ يوم لا تعصي الله فيه فهو يوم عيد) (5)

[الحديث: 2066] عن عمّار بن ياسر قال: بينا أنا أمشي بأرض الكوفة إذ رأيت أمير المؤمنين عليّا جالسا وعنده جماعة من الناس وهو يصف لكلّ إنسان ما يصلح له فقلت: يا أمير المؤمنين أيوجد عندك دواء الذّنوب فقال: (نعم اجلس) فحثوت على ركبتي حتّى تفرّق عنه الناس، ثمّ أقبل عليّ فقال: (خذ دواء أقول لك) قلت: قل يا أمير المؤمنين قال: (عليك بورق الفقر وعروق الصبر وهليج الكتمان وبليج الرضا وغاريقون الفكر وسقمونيا الأحزان واشربه بماء الأجفان واغله في طبخير) (6)

[الحديث: 2067] قال الإمام علي: (والّذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة على الفراش في غير طاعة الله) (7)

__________

(1) غرر الحكم، ص 100.

(2) غرر الحكم، ص 100.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 275.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 273.

(5) نهج البلاغة، ص 1286.

(6) مستدرك الوسائل ج 2 ص 356.

(7) نهج البلاغة، كلام 122 ص 380.

أحكام الحكومة الإسلامية (462)

[الحديث: 2068] قال الإمام علي: (لا أحسب أحدكم ينسى شيئا من أمر دينه إلّا بخطيئة أخطأها) (1)

[الحديث: 2069] قال الإمام علي: (عجبت لمن يحتمي الطعام لأذيّته ولا يحتمى الذّنب لأليم عقوبته) (2)

[الحديث: 2070] قال الإمام علي: (من الكبائر قتل المؤمن متعمدا والفرار يوم الزّحف واكل الربا بعد البيّنة وأكل مال اليتيم ظلما والتعرب بعد الهجرة ورمي المحصنات الغافلات المؤمنات) (3)

[الحديث: 2071] قال الإمام علي: (قذف المحصنات من الكبائر، لأنّ الله يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 23]) (4)

[الحديث: 2072] قال الإمام عليّ: (السكر من الكبائر والحيف في الوصية من الكبائر) (5)

[الحديث: 2073] قال الإمام قال: (غالبوا انفسكم على ترك المعاصي تسهل عليكم مقادتها إلى الطاعات) (6)

[الحديث: 2074] قال الإمام علي: (التنزه عن المعاصي عبادة التوابين) (7)

[الحديث: 2075] قال الإمام علي: (المعصية تجلب العقوبة) (8)

__________

(1) الأشعثيّات ص 172.

(2) غرر الحكم، ص 494.

(3) دعائم الإسلام ج 2 ص 457.

(4) علل الشرائع ص 478.

(5) تفسير العيّاشي ج 1 ص 238.

(6) غرر الحكم، ص 508.

(7) غرر الحكم، ص 70.

(8) غرر الحكم، ص 36.

أحكام الحكومة الإسلامية (463)

[الحديث: 2076] قال الإمام علي: (التهجّم على المعاصي يوجب عذاب النار) (1)

[الحديث: 2077] قال الإمام علي: (إيّاك والمعصية فإن اللئيم من باع جنة المأوى بمعصية دنيّة من معاصي الدنيا) (2)

[الحديث: 2078] قال الإمام علي: (إياك أن تستسهل ركوب المعاصي فإنها تكسوك في الدنيا ذلّة وتكسبك في الآخرة سخط الله) (3)

[الحديث: 2079] قال الإمام علي: (إنّما الورع التطهر عن المعاصي) (4)

[الحديث: 2080] قال الإمام علي: (توقّوا المعاصي واحبسوا أنفسكم عنها فإن الشقي من اطلق فيها عنانه) (5)

[الحديث: 2081] قال الإمام علي: (راكب المعصية مثواه النار) (6)

[الحديث: 2082] قال الإمام علي: (لو لم يتوعد الله سبحانه على معصية لوجب أن لا يعصى شكرا لنعمته) (7)

[الحديث: 2083] قال الإمام علي: (من كرمت عليه نفسه لم يهنها بالمعصية) (8)

[الحديث: 2084] قال الإمام علي: (مداومة المعاصي تقطع الرزق) (9)

[الحديث: 2085] قال الإمام علي: (ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة وكم من شهوة ساعة أورثت حزنا طويلا والموت فضح الدّنيا، فلم يترك لذي لبّ فرحا) (10)

[الحديث: 2086] قال الإمام علي: (ما من عبد إلّا وعليه أربعون جنّة حتّى يعمل

__________

(1) غرر الحكم، ص 99.

(2) غرر الحكم، ص 154.

(3) غرر الحكم، ص 156.

(4) غرر الحكم، ص 297.

(5) غرر الحكم، ص 348.

(6) غرر الحكم، ص 420.

(7) غرر الحكم، ص 605.

(8) غرر الحكم، ص 677.

(9) غرر الحكم، ص 760.

(10) أصول الكافي ج 2 ص 451.

أحكام الحكومة الإسلامية (464)

أربعين كبيرة فإذا عمل أربعين كبيرة انكشفت عنه الجنن) (1)

[الحديث: 2087] قال الإمام علي: (سوء الخلق شؤم والإساءة إلى المحسن لؤم) (2)

[الحديث: 2088] قال الإمام علي: (الخلق المذموم من ثمار الجهل) (3)

[الحديث: 2089] قال الإمام علي: (والله لا يعذّب الله سبحانه مؤمنا بعد الإيمان؛ إلّا بسوء ظنّه وسوء خلقه) (4)

[الحديث: 2090] قال الإمام علي: (سوء الخلق شرّ قرين) (5)

[الحديث: 2091] قال الإمام علي: (الخلق السيء أحد العذابين) (6)

[الحديث: 2092] قال الإمام علي: (سوء الخلق نكد العيش وعذاب النفس) (7)

[الحديث: 2093] قال الإمام علي: (سوء الخلق يوحش النّفس ويرفع الانس) (8)

[الحديث: 2094] قال الإمام علي: (من أساء خلقه عذّب نفسه) (9)

[الحديث: 2095] قال الإمام علي: (من ضاقت ساحته قلّت راحته) (10)

[الحديث: 2096] قال الإمام علي: (لا عيش لسيّء الخلق) (11)

[الحديث: 2097] قال الإمام علي: (السيء الخلق كثير الطيش منغصّ العيش) (12)

[الحديث: 2098] قال الإمام علي: (سوء الخلق يوحش القريب، وينفّر البعيد) (13)

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 279.

(2) غرر الحكم، ص 264.

(3) غرر الحكم، ص 264.

(4) غرر الحكم، ص 264.

(5) جامع الأخبار ص 107.

(6) جامع الأخبار ص 107.

(7) جامع الأخبار ص 107.

(8) جامع الأخبار ص 107.

(9) جامع الأخبار ص 107.

(10) جامع الأخبار ص 107.

(11) جامع الأخبار ص 107.

(12) جامع الأخبار ص 107.

(13) جامع الأخبار ص 107.

أحكام الحكومة الإسلامية (465)

[الحديث: 2099] قال الإمام علي: (من كثر خرقه استذلّ) (1)

[الحديث: 2100] قال الإمام علي: (من ساء خلقه ضاق رزقه) (2)

[الحديث: 2101] قال الإمام علي: (من ضاق خلقه ملّه أهله) (3)

[الحديث: 2102] قال الإمام علي: (من ساءت سجيّته سرّت منيّته) (4)

[الحديث: 2103] قال الإمام علي: (من خشنت عريكته افتقرت حاشيته) (5)

[الحديث: 2104] قال الإمام علي: (من ساء خلقه ملّه أهله) (6)

[الحديث: 2105] قال الإمام علي: (من ساء خلقه قلاه مصاحبه ورفيقه) (7)

[الحديث: 2106] قال الإمام علي: (من ساء خلقه أعوزه الصديق والرفيق) (8)

[الحديث: 2107] قال الإمام علي: (من لم تحسن خلائقه لم تحمد طرايقه) (9)

[الحديث: 2108] قال الإمام علي: (من اللؤم سوء الخلق) (10)

[الحديث: 2109] قال الإمام علي: (لا سؤدد لسيّء الخلق) (11)

[الحديث: 2110] قال الإمام علي: (لا وحشة أوحش من سوء الخلق) (12)

[الحديث: 2111] قال الإمام عليّ لأبي أيّوب الأنصاريّ: (يا أبا أيّوب ما بلغ من كريم أخلاقك؟) قال: لا أوذي جارا فمن دونه، ولا أمنعه معروفا أقدر عليه، ثمّ قال: (ما من ذنب إلّا وله توبة، وما من تائب إلّا وقد تسلّم له توبته ما خلا سيء الخلق لا يكاد يتوب

__________

(1) جامع الأخبار ص 107.

(2) جامع الأخبار ص 107.

(3) جامع الأخبار ص 107.

(4) جامع الأخبار ص 107.

(5) جامع الأخبار ص 107.

(6) جامع الأخبار ص 107.

(7) جامع الأخبار ص 107.

(8) جامع الأخبار ص 107.

(9) جامع الأخبار ص 107.

(10) جامع الأخبار ص 107.

(11) جامع الأخبار ص 107.

(12) جامع الأخبار ص 107.

أحكام الحكومة الإسلامية (466)

من ذنب إلّا وقع في غيره أشرّ منه) (1)

[الحديث: 2112] قال الإمام علي: (كلّ داء يداوى إلّا سوء الخلق) (2)

[الحديث: 2113] قال الإمام علي: (الإصرار يوجب النار) (3)

[الحديث: 2114] قال الإمام علي: (الإصرار أعظم حوبة) (4)

[الحديث: 2115] قال الإمام علي: (الإصرار يجلب النقمة) (5)

[الحديث: 2116] قال الإمام علي: (المعاودة للذنب إصرار) (6)

[الحديث: 2117] قال الإمام علي: (الإصرار أعظم حوبة، وأسرع عقوبة) (7)

[الحديث: 2118] قال الإمام علي: (التهجّم على المعاصي يوجب عقاب النار) (8)

[الحديث: 2119] قال الإمام علي: (إيّاك والإصرار، فإنّه من أكبر الكبائر، وأعظم الجرائم) (9)

[الحديث: 2120] قال الإمام علي: (أعظم الذنوب عند الله ذنب أصرّ عليه عامله) (10)

[الحديث: 2121] قال الإمام علي: (أعظم الذنوب ذنب أصرّ عليه صاحبه) (11)

[الحديث: 2122] قال الإمام علي: (إنّ الله سبحانه ليبغض الوقح المتجرّي على المعاصي) (12)

__________

(1) قرب الإسناد ص 22.

(2) غرر الحكم، ص 264.

(3) غرر الحكم، ص 187.

(4) غرر الحكم، ص 187.

(5) غرر الحكم، ص 187.

(6) غرر الحكم، ص 187.

(7) غرر الحكم، ص 187.

(8) غرر الحكم، ص 187.

(9) غرر الحكم، ص 187.

(10) غرر الحكم، ص 187.

(11) غرر الحكم، ص 187.

(12) غرر الحكم، ص 187.

أحكام الحكومة الإسلامية (467)

[الحديث: 2123] قال الإمام علي: (من أصرّ على ذنبه اجترى على سخط ربّه) (1)

[الحديث: 2124] قال الإمام علي: (من الغرّة بالله سبحانه أن يصرّ المرء على المعصية ويتمنّى المغفرة) (2)

[الحديث: 2125] قال الإمام علي: (لا تصرّ على ما يعقب الإثم) (3)

[الحديث: 2126] قال الإمام علي: (لا وزر أعظم من الإصرار) (4)

[الحديث: 2127] قال الإمام علي: (عجبت لمن علم شدّة انتقام الله وهو مقيم على الإصرار) (5)

[الحديث: 2128] قال الإمام علي: (أشدّ الذنوب ما استخفّ به صاحبه) (6)

[الحديث: 2129] قال الإمام علي: (لا تحقّرنّ صغائر الآثام فإنّها الموبقات، ومن أحاطت به محقّراته أهلكته) (7)

[الحديث: 2130] قال الإمام علي: (أشدّ الذنوب عند الله سبحانه ذنب استهان به راكبه) (8)

[الحديث: 2131] قال الإمام علي: (تهوين الذنب أعظم من ركوب الذنب) (9)

[الحديث: 2132] قال الإمام علي: (ربّ كبير من ذنبك تستصغره) (10)

[الحديث: 2133] قيل للإمام علي: إنك تزعم أن شرب الخمر أشد من الزنا والسرقة، قال: نعم، إن صاحب الزنا لعله لا يعدوه إلى غيره وإن شارب الخمر إذا شرب

__________

(1) غرر الحكم، ص 187.

(2) غرر الحكم، ص 187.

(3) غرر الحكم، ص 187.

(4) غرر الحكم، ص 187.

(5) غرر الحكم ج 2 ص 494.

(6) نهج البلاغة حكمة و469 ص و1304.

(7) غرر الحكم، ص 186.

(8) غرر الحكم، ص 186.

(9) غرر الحكم، ص 186.

(10) غرر الحكم، ص 186.

أحكام الحكومة الإسلامية (468)

الخمر زنا، وسرق، وقتل النفس التي حرم الله، وترك الصلاة (1).

ما روي عن الإمام الحسن

[الحديث: 2134] قال الإمام الحسن يوصي بعض أصحابه: (اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا، وإذا أردت عزّا بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فاخرج من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله عز وجلّ، وإذا نازعتك إلى صحبة الرّجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة أعانك، وإن قلت صدّق قولك، وإن صلت شدّ صولك، وإن مددت يدك بفضل مدّها، وإن بدت عنك ثلمة سدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتّ عنه ابتدأك، وإن نزلت إحدى الملمّات به ساءك) (2)

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 2135] قال الإمام السجاد: (احذروا أيّها الناس من المعاصي والذنوب، فقد نهاكم الله عنها وحذركموها في الكتاب الصادق والبيان الناطق ولا تأمنوا مكر الله وشدّة أخذه عندما يدعوكم إليه الشيطان اللّعين عن عاجل الشهوات واللّذات في هذه الدنيا) (3)

[الحديث: 2136] قال الإمام السجاد في قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 46]: (إن قلتم أيها الناس إنّ الله إنما عنى بهذا أهل الشرك فكيف ذلك وهو يقول: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: 47]، اعلموا

__________

(1) الكافي: 6/ 403/ 8.

(2) كفاية الأثر ص 228.

(3) أمالي الصدوق ص 505.

أحكام الحكومة الإسلامية (469)

عباد الله أنّ أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدّواوين وانّما تنشر الدّواوين لأهل الإسلام) (1)

[الحديث: 2137] قال الإمام السجاد: (من عمل بما افترض الله عليه فهو من خير الناس، ومن اجتنب ما حرّم الله عليه فهو من أعبد الناس، ومن قنع بما قسم الله له فهو من أغنى الناس) (2)

[الحديث: 2138] قال الإمام السجاد في دعائه إذا استقال من ذنوبه: (يا إلهي لو بكيت إليك حتّى تسقط أشفار عيني وانتحبت حتّى ينقطع صوتي وقمت لك حتّى تتنشر قدماي وركعت لك حتّى ينخلع صلبي وسجدت لك حتّى تتفقّا حدقتاي وأكلت تراب الأرض طول عمري وشربت ماء الرماد آخر دهري وذكرتك في خلال ذلك حتّى يكلّ لساني ثمّ لم أرفع طرفي إلى آفاق السّماء استحياء منك ما استوجبت بذلك محو سيّئة واحدة من سيّئاتي) (3)

[الحديث: 2139] قال الإمام السجاد: الذنوب الّتي تغيّر النعم: البغي على الناس، والزوال عن العادة في الخير، واصطناع المعروف، وكفران النعم، وترك الشكر، قال الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الله لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11] (4).

[الحديث: 2140] قال الإمام السجاد: الذنوب التي تورث الندم: قتل النفس الّتي حرّم الله، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الإسراء: 33]، وقال عزّ وجلّ في قصّة قابيل حين قتل أخاه هابيل فعجز عن دفنه: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَبَعَثَ الله غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ

__________

(1) أمالي الصدوق ص 505.

(2) كتاب الزهد ص 19.

(3) الصحيفة السجاديّة ص 204.

(4) معاني الأخبار ص 269.

أحكام الحكومة الإسلامية (470)

قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ [المائدة: 30 - 31]، وترك صلة القرابة حتّى يستغنوا، وترك الصلاة حتّى يخرج وقتها، وترك الوصيّة وردّ المظالم، ومنع الزكاة حتّى يحضر الموت وينغلق اللّسان (1).

[الحديث: 2141] قال الإمام السجاد: الذّنوب الّتي تنزل النقم: عصيان العارف بالبغي والتطاول على الناس والاستهزاء بهم. والسخريّة منهم (2).

[الحديث: 2142] قال الإمام السجاد: الذنوب التي تدفع القسم: إظهار الافتقار، والنوم عن العتمة، وعن صلاة الغداة، واستحقار النعم، وشكوى المعبود عزّ وجلّ (3).

[الحديث: 2143] قال الإمام السجاد: الذنوب الّتي تهتك العصم: شرب الخمر، واللّعب بالقمار، وتعاطي ما يضحك الناس من اللّغو والمزاح، وذكر عيوب الناس، ومجالسة أهل الريب (4).

[الحديث: 2144] قال الإمام السجاد: الذنوب الّتي تنزل البلاء: ترك إغاثة الملهوف، وترك معاونة المظلوم، وتضييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (5).

[الحديث: 2145] قال الإمام السجاد: الذنوب الّتي تديل الأعداء: المجاهرة بالظلم، وإعلان الفجور، وإباحة المحظور، وعصيان الأخيار، والانطباع للأشرار (6).

[الحديث: 2146] قال الإمام السجاد: الذنوب التي تعجّل الفناء: قطيعة الرحم، واليمين الفاجرة، والأقوال الكاذبة، والزّنا، وسدّ طريق المسلمين، وادّعاء الإمامة بغير حقّ (7).

__________

(1) معاني الأخبار ص 269.

(2) معاني الأخبار ص 269.

(3) معاني الأخبار ص 269.

(4) معاني الأخبار ص 269.

(5) معاني الأخبار ص 269.

(6) معاني الأخبار ص 269.

(7) معاني الأخبار ص 269.

أحكام الحكومة الإسلامية (471)

[الحديث: 2147] قال الإمام السجاد: الذنوب الّتي تقطع الرجاء: اليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والثقة بغير الله، والتكذيب بوعد الله عزّ وجلّ (1).

[الحديث: 2148] قال الإمام السجاد: الذنوب الّتي تظلم الهواء: السحر، والكهانة، والإيمان بالنجوم، والتكذيب بالقدر، وعقوق الوالدين (2).

[الحديث: 2149] قال الإمام السجاد: الذنوب الّتي تكشف الغطاء: الاستدانة بغير نيّة الأداء، والإسراف في النفقة على الباطل، والبخل على الأهل والولد وذوي الأرحام وسوء الخلق، وقلّة الصبر، واستعمال الضجر، والكسل، والاستهانة بأهل الدّين (3).

[الحديث: 2150] قال الإمام السجاد: الذنوب الّتي تردّ الدّعاء: سوء النيّة، وخبث السريرة، والنفاق مع الإخوان، وترك التصديق بالإجابة، وتأخير الصلوات المفروضات حتّى تذهب أوقاتها، وترك التقرّب إلى الله عزّ وجلّ بالبرّ والصدقة، واستعمال البذاء والفحش في القول (4).

[الحديث: 2151] قال الإمام السجاد: الذنوب الّتي تحبس غيث السماء: جور الحكام في القضاء، وشهادة الزور، وكتمان الشهادة، ومنع الزكاة والقرض والماعون، وقساوة القلوب على أهل الفقر والفاقة، وظلم اليتيم والأرملة، وانتهار السائل ورده باللّيل (5).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 2152] قال الإمام الباقر: (إنّ الرجل ليذنب الذّنب فيدرأ عنه الرزق)،

__________

(1) معاني الأخبار ص 269.

(2) معاني الأخبار ص 269.

(3) معاني الأخبار ص 269.

(4) معاني الأخبار ص 269.

(5) معاني الأخبار ص 269.

أحكام الحكومة الإسلامية (472)

وتلا: ﴿إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ﴾ [القلم: 17 - 20]) (1)

[الحديث: 2153] قال الإمام الباقر: (إنّه ما من سنة أقلّ مطرا من سنة، ولكنّ الله يضعه حيث يشاء، إنّ الله عزّ وجلّ إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم من المطر في تلك السّنة إلى غيرهم وإلى الفيافي والبحار والجبال، وإنّ الله ليعذّب الجعل في جحرها بحبس المطر عن الأرض الّتي هي بمحلّها بخطايا من بحضرتها وقد جعل الله لها السّبيل في مسلك سوى محلّة أهل المعاصي) ثمّ قال: (فاعتبروا يا أولي الأبصار) (2)

[الحديث: 2154] قال الإمام الباقر: (ما من نكبة تصيب العبد إلّا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر) (3)

[الحديث: 2155] قال الإمام الباقر: (عجبا لمن يحتمي عن الطعام مخافة الدّاء كيف لا يحتمي عن المعاصي خشية النار) (4)

[الحديث: 2156] قال الإمام الباقر: (إنّ العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك وتعالى للملك: لا تقض حاجته واحرمه إيّاها، فإنّه تعرّض لسخطي واستوجب الحرمان منّي) (5)

[الحديث: 2157] قال الإمام الباقر: (اتقوا المحقّرات من الذّنوب فإن لها طالبا، يقول أحدكم: أذنب وأستغفر، إن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: 12]، وقال عزّ وجلّ: ﴿إِنَّهَا إِنْ تَكُ

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 271.

(2) أصول الكافي ج 2 ص 272.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 269.

(4) مستدرك الوسائل ج 2 ص 313، الرواندي في لبّ اللّباب.

(5) أصول الكافي ج 2 ص 271.

أحكام الحكومة الإسلامية (473)

مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا الله إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: 16]) (1)

[الحديث: 2158] قال الإمام الباقر: (لا تستصغرنّ حسنة أن تعملها، فإنّك تراها حيث يسرّك، ولا تستصغرنّ سيّئة تعملها، فإنّك تراها حيث تسوؤك) (2)

[الحديث: 2159] قال الإمام الباقر: (من الذّنوب الّتي لا تغفر قول الرجل: ليتني لا أؤاخذ إلّا بهذا) (3)

[الحديث: 2160] قال الإمام الباقر: (إذا غدا العبد في معصية الله وكان راكبا فهو من خيل إبليس، وإذا كان راجلا فهو من رجّالته) (4)

[الحديث: 2161] قال الإمام الباقر: (ما من عبد إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنبا خرج في النّكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى في الذّنوب زاد ذلك السّواد حتّى يغطّي البياض فإذا غطّي البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا وهو قول الله عزّ وجلّ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين: 14]) (5)

[الحديث: 2162] قال الإمام الباقر: (قال الله عزّ وجلّ: أيّ قوم عصوني جعلت الملوك عليهم نقمة، ألا لا تولّعوا بسبّ الملوك، توبوا إلى الله عزّ وجلّ يعطف بقلوبهم عليكم) (6)

[الحديث: 2163] قال الإمام الباقر: (أما إنّه ليست من سنة أمطر من سنة ولكن يضعه حيث يشاء الله، إنّ الله عزّ وجلّ إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 270.

(2) علل الشرائع ص 599.

(3) الخصال ص 24.

(4) كتاب جعفر بن شريح الحضرمي ص 72.

(5) أصول الكافي ج 2 ص 273.

(6) أمالي الصدوق ص 505.

أحكام الحكومة الإسلامية (474)

من المطر في تلك السنة إلى غيرها من الفيافي والبحار والجبال، وإنّ الله عزّ وجلّ ليعذّب الجعل في جحرها بحبس المطر عن الأرض بخطايا من بحضرته، وقد جعل الله له السبيل والمسلك إلى سوا محلّة أهل المعاصي) ثمّ قال: (فاعتبروا يا اولي الأبصار) (1)

[الحديث: 2164] قال الإمام الباقر: (إنّ الله تبارك وتعالى إذا كان من أمره أن يكرم عبدا وله عنده ذنب ابتلاه بالسّقم، فإن لم يفعل ابتلاه بالحاجة، فإن هو لم يفعل شدّد عليه عند الموت) (2)

[الحديث: 2165] قال الإمام الباقر: (من كثرت ذنوبه لم يجد ما يكفّرها به ابتلاه الله عزّ وجلّ بالحزن في الدنيا ليكفّرها به، فإن فعل ذلك به وإلّا عذبه في قبره فيلقى الله عزّ وجلّ يوم يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه) (3)

[الحديث: 2166] قال الإمام الباقر: (يقول الله: ابن آدم: اجتنب ما حرّمت عليك تكن من أورع الناس) (4)

[الحديث: 2167] قال الإمام الباقر: (الأعمال تعرض كلّ خميس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (5)

[الحديث: 2168] قال الإمام الباقر: (كلّ عين باكية يوم القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل الله، وعين فاضت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله) (6)

[الحديث: 2169] عن ميسر، قال: كنت أنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان العجلي وعبد الله بن عجلان ننتظر الإمام الباقر فخرج علينا فقال: (مرحبا وأهلا، والله إنّي لأحبّ

__________

(1) عقاب الأعمال ص 301.

(2) المؤمن ص 18.

(3) مشكاة الأنوار ص 281.

(4) تحف العقول، ص 296.

(5) بصائر الدرجات ص 425.

(6) أصول الكافي ج 2 ص 80.

أحكام الحكومة الإسلامية (475)

ريحكم وأرواحكم وإنّكم لعلى دين الله) فقال علقمة: فمن كان على دين الله تشهد أنّه من أهل الجنة؟ فمكث هنيهة قال: (نوّروا أنفسكم فإن لم تكونوا اقترفتم الكبائر فأنا أشهد) قلنا: وما الكبائر؟ قال: (هي في كتاب الله على سبع) قلنا: فعُدّها علينا جعلنا الله فداك قال: الشرك بالله العظيم، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا بعد البيّنة، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وقتل المؤمن، وقذف المحصنة) قلنا: ما منّا أحد أصاب من هذه شيئا قال: (فأنتم اذا) (1)

[الحديث: 2170] سئل الإمام الباقر عن الكبائر فقال: (كلّ ما أوعد الله عليه النار) (2)

[الحديث: 2171] سئل الإمام الباقر عن الكبائر الّتي قال الله عزّ وجلّ: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ [النساء: 31] فقال: (الّتي أوجب الله عليها النار) (3)

[الحديث: 2172] قال الإمام الباقر: (الذنوب كلّها شديدة، وأشّدها ما نبت عليه اللّحم والدّم لأنه إمّا مرحوم، وإمّا معذب، والجنّة لا يدخلها إلّا طيّب) (4)

[الحديث: 2173] قال الإمام الباقر: (ما من عبد يعمل عملا لا يرضاه الله إلّا ستره الله عليه أولا، فإذا ثنى ستره الله عليه، فإذا ثلث أهبط الله ملكا في صورة آدمي يقول للناس: فعل كذا وكذا) (5)

[الحديث: 2174] قال الإمام الباقر: (لا عذر للمستعلي على ربّه، ولا توبة للمصرّ

__________

(1) تفسير العيّاشي ج 1 ص 237.

(2) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 373.

(3) مسائل عليّ بن جعفر ص 149.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 269.

(5) بحار الأنوار ج 7 ص 89.

أحكام الحكومة الإسلامية (476)

على ذنبه) (1)

[الحديث: 2175] قال الإمام الباقر: (إنّ الله قضى قضاء حتما ألّا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إيّاه حتّى يحدث العبد ذنبا يستحقّ بذلك النقمة) (2)

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 2176] قال الإمام الصادق: (إنّ الذّنب يحرم العبد الرزق) (3)

[الحديث: 2177] سئل الإمام الصادق عن قول الله عز وجلّ: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [سبأ: 19]، فقال: (هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية وأموال ظاهرة فكفروا نعم الله عز وجلّ وغيّروا ما بأنفسهم من عافية الله فغيّر الله ما بهم من نعمة ﴿إِنَّ الله لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11]؛ فأرسل الله عليهم سيل العرم فغرّق قراهم وخرّب ديارهم وأذهب أموالهم، وأبدلهم مكان جنّاتهم ﴿جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ [سبأ: 16]، ثمّ قال: ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾ [سبأ: 17]) (4)

[الحديث: 2178] قال الإمام الصادق: (يقول الله عزّ وجلّ: إذا عصاني من عرفني سلّطت عليه من لا يعرفني) (5)

[الحديث: 2179] قال الإمام الصادق: (من أخرجه الله من ذلّ المعصية إلى عزّ التقوى أغناه بلا مال، وأعزّه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله أخاف منه كلّ شيء

__________

(1) نزهة الناظر، ص 100.

(2) أصول الكافي ج 2 ص 273.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 271.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 274.

(5) أصول الكافي ج 2 ص 276.

أحكام الحكومة الإسلامية (477)

ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء) (1)

[الحديث: 2180] قال الإمام الصادق: (ما أنعم الله على عبد نعمة فسلبها إيّاه حتّى يذنب ذنبا يستحقّ بذلك السّلب) (2)

[الحديث: 2181] قال الإمام الصادق: (إنّ الله تعالى لم يجعل للمؤمن أجلا في الموت يبقيه ما أحبّ البقاء، فإذا علم أنّه سيأتي بما فيه بوار دينه قبضه الله إليه مكرها) (3)

[الحديث: 2182] قال الإمام الصادق: (إنّ أحدكم ليكثر به الخوف من السّلطان وما ذلك إلّا بالذّنوب فتوقّوها ما استطعتم ولا تمادوا فيها) (4)

[الحديث: 2183] قال الإمام الصادق: (أما إنّه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلّا بذنب؛ وذلك قول الله عزّ وجلّ في كتابه: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: 30]، ثمّ قال: (وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به) (5)

[الحديث: 2184] قال الإمام الصادق: (ولا يضرب على أحدكم عرق ولا ينكت أصبعه الأرض نكبة إلّا بذنب وما يعفو الله اكثر) (6)

[الحديث: 2185] قال الإمام الصادق: (كان أبي يقول: ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إنّ القلب ليواقع الخطيئة، فما تزال به حتّى تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله) (7)

[الحديث: 2186] قال الإمام الصادق: (اتقوا المحقّرات من الذنوب فإنّها لا تغفر) قلت: وما المحقّرات؟ قال: (الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي إن لم يكن لي غير ذلك) (8)

__________

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 204.

(2) أصول الكافي ج 2 ص 274.

(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 311.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 275.

(5) أصول الكافي ج 2 ص 269.

(6) كتاب درست بن أبي منصور ص 162.

(7) أصول الكافي ج 2 ص 268.

(8) أصول الكافي ج 2 ص 287.

أحكام الحكومة الإسلامية (478)

[الحديث: 2187] قال الإمام الصادق: (لا تنظروا إلى صغير الذنب، ولكن انظروا إلى ما اجترأتم) (1)

[الحديث: 2188] قال الإمام الصادق: (إذا أخذ القوم في معصية الله، فإن كانوا ركبانا كانوا من خيل إبليس، وإن كانوا رجّالة كانوا من رجّالته) (2)

[الحديث: 2189] قال الإمام الصادق في رسالته إلى أصحابه: (إياكم أن تشره أنفسكم إلى شيء حرّم الله عليكم فإن من انتهك ما حرّم الله عليه هاهنا في الدنيا حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذّتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الآبدين.. وإياكم والإصرار على شيء ممّا حرّم الله في القرآن ظهره وبطنه، وقد قال: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 135]) (3)

[الحديث: 2190] قال الإمام الصادق: (من همّ بسيّئة فلا يعملها، فإنّه ربّما عمل العبد السيّئة فيراه الرب تبارك وتعالى فيقول: وعزّتي وجلالي لا أغفر لك بعد ذلك أبدا) (4)

[الحديث: 2191] قال الإمام الصادق: (إذا أذنب الرّجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت وإن زاد زادت حتّى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا) (5)

[الحديث: 2192] قال الإمام الصادق: (انّ الله عزّ وجلّ بعث نبيّا إلى قومه، فأوحى الله إليه أن قل لقومك: إنّه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على طاعتي فأصابهم فيهما سوء فانتقلوا عمّا أحبّ إلى ما أكره إلّا تحوّلت لهم عمّا يحبّون إلى ما يكرهون) (6)

[الحديث: 2193] قال الإمام الصادق في رسالته إلى أصحابه: (وإيّاكم ومعاصي

__________

(1) كنز الكراجكي ج 1 ص 55.

(2) المحاسن، ص 116.

(3) روضة الكافي ج 1 ص 13.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 272.

(5) أصول الكافي ج 2 ص 271.

(6) أمالي الصدوق ص 505.

أحكام الحكومة الإسلامية (479)

الله أن تركبوها، فإنّه من انتهك في معاصي الله فركبها فقد أبلغ في الإساءة إلى نفسه، وليس بين الإحسان والاساءة منزلة، فلأهل الإحسان عند ربّهم الجنّة ولأهل الإساءة عند ربّهم النار) (1)

[الحديث: 2194] قال الإمام الصادق: (احذروا سطوات الله بالليل والنهار) قيل: وما سطوات الله؟ قال: (أخذه على المعاصي) (2)

[الحديث: 2195] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ [البقرة: 175]: (ما أصبرهم على فعل ما يعلمون أنّه يصيرهم إلى النار) (3)

[الحديث: 2196] سئل الإمام الصادق عن قول الله عز وجلّ: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: 23] فقال: (أما والله إن كانت أعمالهم أشدّ بياضا من القباطي، ولكن كانوا إذا عرض لهم الحرام لم يدعوه) (4)

[الحديث: 2197] قال الإمام الصادق: (لا تزال الهموم والغموم بالمؤمن حتّى لا تدع له ذنبا) (5)

[الحديث: 2198] قال الإمام الصادق: (إنّ الرّجل يذنب الذّنب فيحرم صلاة اللّيل، وإنّ العمل السّيّئ أسرع في صاحبه من السّكّين في اللّحم) (6)

[الحديث: 2199] أتى رجل الإمام الصادق فقال له: يا ابن رسول الله أوصني فقال: (لا يفقدك الله حيث أمرك، ولا يراك حيث نهاك) قال: زدني، قال: (لا أجد) (7)

[الحديث: 2200] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: (إيّاك والذنوب

__________

(1) روضة الكافي ج 1 ص 15.

(2) كتاب الزهد ص 18.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 268.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 81.

(5) كتاب التمحيص ص 44.

(6) أصول الكافي ج 2 ص 272.

(7) السرائر ص 494، نقلا من كتاب العيون والمحاسن للمفيد.

أحكام الحكومة الإسلامية (480)

وحذّرها شيعتنا، فو الله ما هي إلى أحد أسرع منها إليكم، إنّ أحدكم لتصيبه المعرّة من السلطان وما ذلك إلّا بذنوبه، وأنه ليصيبه السّقم وما ذلك إلّا بذنوبه، وأنّه ليحبس عنه الرزق وما هو إلّا بذنوبه، وأنّه ليشدد عليه عند الموت وما ذاك إلّا بذنوبه حتّى يقول من حضره: لقد غمّ بالموت) (1)

[الحديث: 2201] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: (لا يغرّنك الناس من نفسك فإن الأمر يصل إليك من دونهم، ولا تقطع نهارك بكذا وكذا فإن معك من يحفظ عليك، ولا تستقل قليل الخير فإنّك تراه غدا بحيث يسرّك، ولا تستقل قليل الشرّ فإنّك تراه غدا بحيث يسوؤك، وأحسن فإني لم أر شيئا أشدّ طلبا ولا أحسن دركا من حسنة محدثة لذنب قديم، إن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114]) (2)

[الحديث: 2202] سئل الإمام الصادق عن الرّجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت، هل يخرجه ذلك من الإسلام؟ وإن عذّب كان عذابه كعذاب المشركين أم له مدّة وانقطاع؟ فقال: (من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنّها حلال أخرجه ذلك من الإسلام وعذّب أشدّ العذاب، وإن كان معترفا أنّه أذنب ومات عليه أخرجه من الإيمان ولم يخرجه من الإسلام وكان عذابه أهون من عذاب الأوّل) (3)

[الحديث: 2203] قال الإمام الصادق: (وجدنا في كتاب الإمام علي: الكبائر خمسة: الشرك، وعقوق الوالدين، وأكل الربا بعد البينة، والفرار من الزحف، والتعرّب بعد الهجرة) (4)

__________

(1) علل الشرائع ص 297.

(2) مشكاة الأنوار ص 71.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 285.

(4) علل الشرائع ص 475.

أحكام الحكومة الإسلامية (481)

[الحديث: 2204] قال الإمام الصادق: (إنّ من الكبائر: عقوق الوالدين، واليأس من روح الله، والأمن لمكر الله) (1)

[الحديث: 2205] قيل للإمام الصادق: أخبرني عن الكبائر؟ قال: (هي خمس وهنّ ممّا أوجب الله عزّ وجلّ عليهنّ النار: قال الله عز وجلّ: ﴿إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48] وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء: 10]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ الله وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الأنفال: 15 - 16]، ورمي المحصنات الغافلات، وقتل مؤمن متعمّدا على دينه) (2)

[الحديث: 2206] قال الإمام الصادق: (الكبائر سبعة: منها قتل النفس متعمّدا، والشرك بالله العظيم؛ وقذف المحصنة، وأكل الرّبا بعد البيّنة، والفرار من الزّحف، والتعرّب بعد الهجرة، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلما) قال: (والتعرّب والشرك واحد) (3)، وقال: (والّذي إذا دعاه أبوه لعن أباه، والّذي إذا أجابه ابنه يضربه) (4)

[الحديث: 2207] سئل الإمام الصادق عن الكبائر، فقال: (هنّ في كتاب الإمام عليّ سبع: الكفر بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وأكل الرّبا بعد البينة، وأكل مال اليتيم ظلما، والفرار من الزّحف، والتعرّب بعد الهجرة) قيل: فهذا أكبر المعاصي؟ قال: (نعم) قيل: فأكل درهم من مال اليتيم ظلما أكبر أم ترك الصّلاة؟ قال: (ترك الصلاة) قيل: فما عددت ترك الصلاة في الكبائر؟ فقال: (أيّ شيء أوّل ما قلت لك؟) قيل: الكفر، قال:

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 278.

(2) عقاب الأعمال ص 277.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 281.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 281.

أحكام الحكومة الإسلامية (482)

(فإنّ تارك الصّلاة كافر) (1)

[الحديث: 2208] قال الإمام الصادق: (أكبر الكبائر، سبع: الشرك بالله العظيم، وقتل النفس الّتي حرّم الله إلّا بالحقّ، وأكل أموال اليتامى، وعقوق الوالدين، وقذف المحصنات، والفرار من الزّحف، وإنكار ما أنزل الله عز وجلّ) (2)

[الحديث: 2209] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ [النساء: 31] فقال: (من اجتنب ما وعد الله عليه النار إذا كان مؤمنا كفّر الله عنه سيّئاته ويدخله مدخلا كريما. والكبائر السبع الموجبات: قتل النفس الحرام، وعقوق الوالدين، وأكل الرّبا والتعرّب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزّحف) (3)

[الحديث: 2210] دخل عمرو بن عبيد على الإمام الصادق فلما سلّم وجلس تلا هذه الآية ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ [النجم: 32] 239 ثمّ أمسك فقال الإمام الصادق: ما أسكتك؟ قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عزّ وجلّ فقال: نعم يا عمرو أكبر الكبائر الشرك بالله يقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]، ويقول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدْ حَرَّمَ الله عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المائدة: 72]، وبعده اليأس من روح الله لأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87]، ثم الأمن من مكر الله لأن الله تعالى يقول: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف: 99]، ومنها عقوق

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 278.

(2) التهذيب ج 4 ص 150.

(3) ثواب الأعمال ص 158.

أحكام الحكومة الإسلامية (483)

الوالدين لأن الله عزّ وجلّ جعل العاق جبارا شقيا في قوله تعالى: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾ [مريم: 32]، وقتل النفس الّتي حرّم الله تعالى إلّا بالحق لأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]، وقذف المحصنات لأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 23]، وأكل مال اليتيم ظلما لقول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء: 10]، والفرار من الزحف لأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ الله وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الأنفال: 16]، وأكل الربا لأن الله تعالى يقول: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى الله وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275]، ويقول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فإن لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 278 - 279]، والسحر لأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 102]، والزنا لأن الله عزّ وجلّ يقول: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾ [الفرقان: 68 - 69]، واليمين الغموس لأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ

أحكام الحكومة الإسلامية (484)

أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 77]، والغلول قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 161]، ومنع الزكاة المفروضة لأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ [التوبة: 35]، وشهادة الزور، وكتمان الشهادة لأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 283]، وشرب الخمر لأن الله عزّ وجلّ عدل بها عبادة الأوثان، وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض الله عزّ وجلّ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله)، ونقض العهد، وقطيعة الرحم لأن الله عزّ وجلّ يقول: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ الله مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [الرعد: 25]، فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من بكائه وهو يقول: هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم) (1)

[الحديث: 2211] قال الإمام الصادق: (الكبائر: القنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله وقتل النفس التي حرّم الله، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الربا بعد البينة، والتعرب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، والفرار من الزّحف) فقيل له: أرأيت، المرتكب للكبيرة يموت عليها، أ تخرجه من الايمان؟ وإن عذّب بها فيكون عذابه كعذاب المشركين، أوله انقطاع؟ قال: (يخرج من الإسلام إذا زعم أنّها حلال ولذلك يعذّب أشدّ العذاب، وإن كان معترفا بأنّها كبيرة وهي عليه حرام وأنّه يعذّب عليها وأنّها غير حلال، فإنّه معذب عليها وهو أهون عذابا من الأول ويخرجه من الإيمان

__________

(1) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 367.

أحكام الحكومة الإسلامية (485)

ولا يخرجه من الإسلام) (1)

[الحديث: 2212] قال الإمام الصادق: (الكبائر محرّمة وهي الشرك بالله عز وجلّ، وقتل النفس الّتي حرّم الله، وعقوق الوالدين، والفرار من الزّحف، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الرّبا بعد البينة، وقذف المحصنات وبعد ذلك الزّنا واللّواط والسّرقة، وأكل الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به من غير ضرورة، وأكل السّحت، والبخس من المكيال والميزان، والميسر، وشهادة الزّور، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، وترك معاونة المظلومين والرّكون إلى الظالمين، واليمين الغموس وحبس الحقوق من غير عسر، واستعمال الكبر والتجبّر والكذب والاسراف والتبذير، والخيانة، والاستخفاف بالحجّ، والمحاربة لأولياء الله عزّ وجلّ، والملاهي الّتي تصدّ عن ذكر الله تبارك وتعالى مكروهة كالغناء وضرب الأوتار، والإصرار على صغائر الذّنوب) ثمّ قال: (إنّ في هذا لبلاغا لقوم عابدين) (2)

[الحديث: 2213] قال الإمام الصادق: (الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأوصياء من الكبائر) (3)

[الحديث: 2214] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ [النجم: 32]، فقال: (الفواحش الزنا والسرقة، واللّمم الرجل يلمّ بالذنب فيستغفر الله منه) (4)

[الحديث: 2215] قال الإمام الصادق: (عقوق الوالدين من الكبائر لأنّ الله جعل

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 280.

(2) الخصال ج 2 ص 610.

(3) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 374.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 278.

أحكام الحكومة الإسلامية (486)

العاق عصيا شقيا) (1)

[الحديث: 2216] سئل الإمام الصادق عن الأعمال تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (ما فيه شكّ)، ثمّ تلا هذه الآية: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 105]، ثم قال: (إنّ لله شهداء في أرضه) (2)

[الحديث: 2217] قال الإمام الصادق: (يسلب منه روح الإيمان ما دام زانيا، فإذا كف عاد الإيمان)، قيل: أ رأيت إن همّ، قال: (لا أرأيت إن همّ أن يسرق أ تقطع يده) (3)

[الحديث: 2218] قال الإمام الصادق: (من زنى خرج من الإيمان، ومن شرب الخمر خرج من الإيمان، ومن أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا خرج من الإيمان) (4)

[الحديث: 2219] قال الإمام الصادق: (قد سمّى الله المؤمنين بالعمل الصالح مؤمنين، ولم يسم من ركب الكبائر، وما وعد الله عز وجلّ عليه النار مؤمنين في قرآن ولا أثر، ولا تسمّهم بالإيمان بعد ذلك الفعل) (5)

[الحديث: 2220] قال الإمام الصادق: (ما من مؤمن إلّا وله ذنب يهجره زمانا ثمّ يلمّ به وذلك قول الله عزّ وجلّ:: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ [النجم: 32]) (6)

[الحديث: 2221] قال الإمام الصادق: (من قال: أستغفر الله مائة مرّة في يوم غفر الله له سبعمائة ذنب، ولا خير في عبد يذنب في يوم سبعمائة ذنب) (7)

__________

(1) علل الشرائع ص 479.

(2) بصائر الدرجات ص 430.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 281.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 279.

(5) معاني الأخبار ص 413.

(6) أصول الكافي ج 2 ص 442.

(7) أصول الكافي ج 2 ص 439.

أحكام الحكومة الإسلامية (487)

[الحديث: 2222] قال الإمام الصادق: (لكلّ داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار) (1)

[الحديث: 2223] قال الإمام الصادق: (الذنوب الّتي تغيّر النعم: البغي، والذنوب الّتي تورث الندم: القتل، والذنوب الّتي تنزل النقم: الظلم، والذنوب الّتي تهتك العصم ـ وهي الستور ـ شرب الخمر، والّتي تحبس الرزق: الزنا، والّتي تعجّل الفناء: قطيعة الرحم، والّتي تردّ الدّعاء وتظلم الهواء: عقوق الوالدين) (2)

[الحديث: 2224] قيل للإمام الصادق: الكبائر فيها استثناء أن يغفر لمن يشاء؟ قال: (نعم) (3)

[الحديث: 2225] قال الإمام الصادق: (إنّ الله عزّ وجلّ بعث نبيّا من أنبيائه إلى قومه وأوحى إليه أن قل لقومك: إنّه ليس من أهل قرية ولا أناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سرّاء فتحوّلوا عما أحبّ إلى ما أكره إلّا تحولت لهم عما يحبّون إلى ما يكرهون، وليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضرّاء فتحولوا عما أكره إلى ما أحبّ إلّا تحولت لهم عما يكرهون إلى ما يحبّون، وقل لهم: إنّ رحمتي سبقت غضبي فلا تقنطوا من رحمتي فإنّه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره وقل لهم: لا يتعرّضوا معاندين لسخطي ولا يستخفّوا بأوليائي فإن لي سطوات عند غضبي، لا يقوم لها شيء من خلقي) (4)

[الحديث: 2226] قال الإمام الصادق: (لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار) (5)

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 439.

(2) معاني الأخبار ص 269.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 284.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 274.

(5) جامع السعادات ج 3 ص 78.

أحكام الحكومة الإسلامية (488)

[الحديث: 2227] قال الإمام الصادق: (إنّ العبد لفي فسحة من أمره ما بينه وبين أربعين سنة فإذا بلغ أربعين سنة أوحى الله عزّ وجلّ إلى ملكيه إني قد عمرت عبدي عمرا فاغلظا وشددا وتحفظا واكتبا عليه قليل عمله وكثيره وصغيره وكبيره) (1)

[الحديث: 2228] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾ [فاطر: 37]، فقال: (توبيخ لابن ثماني عشرة سنة) (2)

[الحديث: 2229] قال الإمام الصادق: (يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد) (3)

[الحديث: 2230] قال الإمام الصادق: (قال عيسى بن مريم على نبيّنا وآله وعليه السّلام: ويل للعلماء السوء كيف تلظّى عليهم النار؟!) (4)

[الحديث: 2231] قال الإمام الصادق: (إذا بلغت النفس هاهنا ـ وأشار بيده إلى حلقه ـ لم يكن للعالم توبة)، ثمّ قرأ: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى الله لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾ [النساء: 17]) (5)

[الحديث: 2232] قال الإمام الصادق يوصي بعض أصحابه: (ما منزلة الدنيا من نفسي إلّا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها.. إن الله تبارك وتعالى علم ما العباد عاملون وإلى ما هم صايرون فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت)، ثمّ تلا قوله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ

__________

(1) أمالي الصدوق ص 36 و37.

(2) أمالي الصدوق ص 36 و37.

(3) أصول الكافي ج 1 ص 47.

(4) أصول الكافي ج 1 ص 47.

(5) أصول الكافي ج 1 ص 47.

أحكام الحكومة الإسلامية (489)

لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: 83]، وجعل يبكي ويقول: ذهبت والله الأماني عند هذه الآية، ثمّ قال: فاز والله الأبرار أتدري من هم؟ هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا.. إنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد، من تعلم وعلم وعمل بما علم دعي في ملكوت السماوات عظيما، من تعلم لله وعمل لله وعلم لله)، قيل: جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا؟ فقال: (قد حد الله في كتابه فقال عزّ وجلّ: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَالله لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [الحديد: 23] إن اعلم الناس بالله أخوفهم لله وأخوفهم له أعلمهم به وأعلمهم به أزهدهم فيها)، فقال له رجل: يا ابن رسول الله أوصني. فقال: (اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش) (1)

[الحديث: 2233] قال الإمام الصادق: (أوحى الله عزّ وجلّ إلى بعض أنبيائه: الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل) (2)

[الحديث: 2234] قال الإمام الصادق: (لو علم سيء الخلق أنّه يعذّب نفسه لتسمح في خلقه) (3)

[الحديث: 2235] قال الإمام الصادق: (من ساء خلقه عذّب نفسه) (4)

[الحديث: 2236] قال الإمام الصادق: (لا سؤدد لسيء الخلق) (5)

[الحديث: 2237] قال الإمام الصادق: (لا والله، لا يقبل الله شيئا من طاعته على الإصرار على شي ء من معاصيه) (6)

__________

(1) تفسير القمّي ج 2 ص 146.

(2) أصول الكافي ج 2 ص 322.

(3) نزهة الناظر، ص 106.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 321.

(5) الخصال ج 1 ص 169.

(6) أصول الكافي ج 2 ص 288.

أحكام الحكومة الإسلامية (490)

[الحديث: 2238] قال الإمام الصادق: (تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة، والاعتلال على الله هلكة، والإصرار على الذنب أمن به لمكر الله، ولا يأمن مكر الله إلّا القوم الخاسرون) (1)

[الحديث: 2239] قال الإمام الصادق: (أربع من علامات النفاق: قساوة القلب، وجمود العين، والإصرار على الذنب، والحرص على الدنيا) (2)

[الحديث: 2240] قال الإمام الصادق: (إنّ الله يحبّ العبد أن يطلب إليه في الجرم العظيم، ويبغض العبد أن يستخفّ بالجرم اليسير) (3)

[الحديث: 2241] قال الإمام الصادق: (دين اللّه اسمه الإسلام فمن أقرّ بدين اللّه فهو مسلم، ومن عمل بما أمر اللّه فهو مؤمن، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق السارق وهو مؤمن) (4)

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 2242] قال الإمام الكاظم: (حقّ على الله أن لا يعصى في دار إلّا أضحاها للشّمس حتّى تطهرها) (5)

[الحديث: 2243] قال الإمام الكاظم: (لا تستكثروا كثير الخير، ولا تستقلّوا قليل الذنوب، فإن قليل الذّنوب تجتمع حتّى يكون كثيرا، وخافوا الله في السّرّ حتّى تعطوا من أنفسكم النصف) (6)

[الحديث: 2244] قال الإمام الكاظم: (إنّ لله عز وجلّ في كلّ يوم وليلة مناديا

__________

(1) كنز الكراجكي ج 2 ص 33.

(2) الاختصاص ص 228.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 427.

(4) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ج 2 ص 267.

(5) أصول الكافي ج 2 ص 272.

(6) أصول الكافي ج 2 ص 287.

أحكام الحكومة الإسلامية (491)

ينادي: مهلا مهلا عباد الله عن معاصي الله، فلو لا بهائم رتّع، وصبية رضّع، وشيوخ ركّع، لصبّ عليكم العذاب صبّا، ترضّون به رضّا) (1)

[الحديث: 2245] قال الإمام الكاظم: (الكبائر: من اجتنب ما وعد الله عليه النار كفّر عنه سيئاته إذا كان مؤمنا، والسّبع الموجبات: قتل النفس الحرام وعقوق الوالدين، وأكل الربا، والتّعرّب بعد الهجرة، وقذف المحصنات، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزّحف) (2)

[الحديث: 2246] سئل الإمام الكاظم عن الملكين هل يعلمان بالذّنب إذا أراد العبد أن يفعله أو الحسنة؟ فقال: (ريح الكنيف والطيب سواء؟!) قيل: لا، قال: (إنّ العبد إذا همّ بالحسنة خرج نفسه طيب الرّيح، فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال: قم فإنّه قد همّ بالحسنة، فإذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها له؛ وإذا همّ بالسيّئة خرج نفسه منتن الريح، فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين قف فإنّه قد همّ بالسيّئة، فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها عليه) (3)

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 2247] قال الإمام الرضا: (كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون) (4)

[الحديث: 2248] قال الإمام الرضا: (أوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيّ من الأنبياء: إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي نهاية، وإذا عصيت غضبت وإذا غضبت

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 276.

(2) أصول الكافي ج 2 ص 276.

(3) أصول الكافي ج 2 ص 429.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 275.

أحكام الحكومة الإسلامية (492)

لعنت) (1)

[الحديث: 2249] قال الإمام الرضا: (الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر، ومن لم يخف الله في القليل لم تخفه في الكثير، ولو لم يخوّف الله الناس بجنة ونار لكان الواجب أن يطيعوه ولا يعصوه لتفضّله عليهم وإحسانه إليهم وما بدأهم به من إنعامه الّذي ما استحقّوه) (2)

[الحديث: 2250] قال الإمام الرضا: (الإيمان هو أداء الأمانة، واجتناب جميع الكبائر، وهو معرفة بالقلب، وإقرار باللّسان، وعمل بالأركان.. واجتناب الكبائر وهي قتل النفس الّتي حرم الله تعالى، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة، وأكل الربا بعد البينة، والسحت، والميسر وهو القمار، والبخس في المكيال والميزان، وقذف المحصنات، والزنا، واللّواط، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، ومعونة الظالمين، والركون إليهم، واليمين الغموس، وحبس الحقوق من غير عسر، والكذب والكبر، والاسراف، والتبذير، والخيانة، والاستخفاف بالحج، والمحاربة لأولياء الله، والاشتغال بالملاهي، والإصرار على الذنوب) (3)

[الحديث: 2251] سئل الإمام الرضا: ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال: (يا سليمان الدخول في أعمالهم والعون لهم والسعي في حوائجهم عديل الكفر، والنظر إليهم على العمد من الكبائر الّتي يستحقّ به النار) (4)

[الحديث: 2252] قال الإمام الرضا: (من الذنوب الّتي لا تغفر: قول الرجل: ليتني

__________

(1) أصول الكافي ج 2 ص 275.

(2) عيون الأخبار ج 2 ص 180.

(3) عيون الأخبار ج 2 ص 125.

(4) تفسير العيّاشي ج 1 ص 238.

أحكام الحكومة الإسلامية (493)

لا أؤاخذ إلّا بهذا)، فقيل له: إنّ هذا لهو الدقيق، ينبغي للرجل أن يتفقّد من أمره ومن نفسه كلّ شي ء، فقال: (إنّ الإشراك في الناس أخفى من دبيب الذرّ على الصفا في الليلة الظلماء، ومن دبيب الذرّ على المسح الأسود) (1)

ثانيا ـ ما ورد حول الأحكام العامة لإقامة الحدود

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الأحكام العامة لإقامة الحدود، وهي متوافقة مع ما ورد في القرآن الكريم من بيان أحكام الحدود ومقاديرها، والتي سنذكرها في محالها ا لخاصة بها في هذا الفصل.

وهي كلها متوافقة مع ما تقتضيه الحكمة والعدالة؛ فالغرض من إقامة الحدود هو ردع النفوس الأمارة بالسوء، وتوفير الجو المناسب لإقامة الدين بعيدا عن شغب المشاغبين.

ومن الأمثلة على ذلك ما ورد في حد الزنا؛ فمن خلال تأمل ما ورد من شروط لإقامة هذا الحد نجد أنها لا تنطبق إلا على شخص لا يكتفي بالوقوع في الفاحشة، وإنما يقوم بإشهار نفسه بها، وكأنه يدعو المجتمع إلى هذا الانحراف، ولهذا أمر الله تعالى بإحضار المؤمنين عند إقامة هذا الحد حتى يكون رادعا لهم، قال تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2]

ولهذا ورد في الحديث عن زيد بن أسلم: أن رجلا اعترف على نفسه بالزنا فدعا له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسوط، فأتي بسوط مكسور، فقال: فوق هذا، فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال: دون هذا، فأتي بسوط قد ركب به ولان، فأمر به صلى الله عليه وآله وسلم فجلد ثم قال: أيها الناس قد آن

__________

(1) الغيبة للشيخ الطوسي ص 123.

أحكام الحكومة الإسلامية (494)

لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله؛ فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله (1).

وروي عن الإمام علي ـ في حديث الزاني الذي أقر أربع مرات ـ أنه قال لقنبر: احتفظ به، ثم غضب، وقال: ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رؤوس الملأ، أفلا تاب في بيته، فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله أفضل من إقامتي عليه الحد (2).

وعن الأصبغ بن نباته، قال: أتى رجل الإمام علي فقال: يا أمير المؤمنين، إني زنيت فطهرني فأعرض عنه بوجهه، ثم قال له: اجلس، فقال: أيعجز أحدكم إذا قارف هذه السيئة أن يستر على نفسه كما ستر الله عليه، فقام الرجل، فقال: يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني، فقال: وما دعاك إلى ما قلت؟ قال: طلب الطهارة، قال: وأي طهارة أفضل من التوبة، ثم أقبل على أصحابه يحدثهم، فقام الرجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إني زنيت فطهرني، فقال له: أتقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم، قال: اقرأ، فقرأ، فأصاب، فقال له: أتعرف ما يلزمك من حقوق الله في صلاتك وزكاتك؟ قال: نعم، فسأله فأصاب، فقال له: هل بك مرض يعروك أو تجد وجعا في رأسك أو بدنك؟ قال: لا، قال: اذهب حتى نسأل عنك في السر كما سألناك في العلانية، فإن لم تعد إلينا لم نطلبك.. الحديث (3).

ولهذا ورد في الحديث الدعوة إلى البحث عن أي شبهة تدرأ عن صاحبها الحد، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرجٌ فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خيرٌ من أن يخطئ في العقوبة (4).

__________

(1) مالك (2/ 629 - 630).

(2) الكافي 7/ 188/ 3.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 21/ 51.

(4) الترمذي (1424)

أحكام الحكومة الإسلامية (495)

وقال: ادرأوا الحدود بالشبهات، ولا شفاعة، ولا كفالة، ولا يمين في حد (1).

وقال الإمام علي: إذا كان في الحد لعل أو عسى فالحد معطل (2).

وقال الإمام الباقر: جاء رجل إلى الإمام علي فأقر بالسرقة، فقال له: أتقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم، سورة البقرة، قال: قد وهبت يدك لسورة البقرة، فقال الأشعث: أتعطل حدّاً من حدود الله؟ فقال: وما يدريك ما هذا؟ إذا قامت البينة فليس للإمام أن يعفو، وإذا أقر الرجل على نفسه فذاك إلى الإمام إن شاء عفا، وإن شاء قطع (3).

وقيل للإمام الباقر: رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى، فلم يعلم ذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح، فقال: إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد، قيل: فإن كان أمرا غريبا لم تقم؟ قال: لو كان خمسة أشهر أو أقل وقد ظهر منه أمر جميل لم تقم عليه الحدود (4).

وقال الإمام الهادي: أما الرجل الذي اعترف بالفاحشة فإنه لم يقم عليه البينة، وإنما تطوع بالإقرار من نفسه، وإذا كان للإمام الذي من الله أن يعاقب عن الله كان له أن يمن عن الله، أما سمعت قول الله: ﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [ص: 39] (5)

وهذه النصوص وغيرها، تبين أن الغرض من الحدود ليس العقوبة المجردة، وإنما التربية والإصلاح وردع النفوس الأمارة، حتى لا يتخذ المفسدون الحرية وسيلة للإفساد وإشاعة الفواحش.

ونحب أن نبين هنا أنا لم نذكر الأحاديث المرتبطة بحكم الردة، وذلك لأمرين:

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 4/ 53/ 90.

(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 36/ 110.

(3) التهذيب 10/ 129/ 516، والاستبصار 4/ 252/ 955.

(4) الكافي 7/ 250/ 1.

(5) تحف العقول: 360.

أحكام الحكومة الإسلامية (496)

أولا ـ أنه قد يراد منها ذلك الذي لا يكتفي بتغيير دينه، وإنما يتحول إلى داعية فتنة ينشر الشبهات، ويتحدث بما يخلخل العقائد التي هي صمام أمان المجتمع، وإلى هذا الإشارة بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من سب نبيا قتل، ومن سب صاحب نبي جلد) (1)، فالسب ليس ضرورة من الضرورات التي يدعو إليها أي تدين، والساب مفسد، ومثير للفتن، ولذلك كان مستحقا للعقوبة بسبب ذلك.

ثانيا ـ عدم ورود هذا الحد في القرآن الكريم عند ذكر أحكام المرتد، وهي علة كافية لرد تلك الأحاديث أو تأويلها بما ذكرنا، خاصة مع اهتمام القرآن الكريم بذكر كل التفاصيل المرتبطة بالحدود.

ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى عند ذكر العقوبات المشددة على المرتدين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [آل عمران: 90، 91]، فالآيتان الكريمتان تحصران عقوبة المرتد في العقوبة الأخروية.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 2253] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حدٌ يقام في الأرض خيرٌ لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحا (2).. وفي رواية: أربعين ليلة (3).

__________

(1) صحيفة الإمام الرضا/ 87/ 16.

(2) النسائي 8/ 75 - 76، وابن ماجة (2538)

(3) النسائي 8/ 76.

أحكام الحكومة الإسلامية (497)

[الحديث: 2254] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا (1).

[الحديث: 2255] عن زيد بن أسلم: أن رجلا اعترف على نفسه بالزنا فدعا، له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسوط، فأتي بسوط مكسور، فقال: فوق هذا، فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال: دون هذا، فأتي بسوط قد ركب به ولان، فأمر به صلى الله عليه وآله وسلم فجلد ثم قال: أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله (2).

[الحديث: 2256] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرجٌ فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خيرٌ من أن يخطئ في العقوبة (3).

[الحديث: 2257] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود (4).

[الحديث: 2258] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب (5).

[الحديث: 2259] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله تعالى ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع ومن قال

__________

(1) البخاري (2493)

(2) مالك (2/ 629 - 630)

(3) الترمذي (1424)

(4) أبو داود (4375)

(5) أبو داود (4376)،والنسائي 8/ 70.

أحكام الحكومة الإسلامية (498)

في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال (1).

[الحديث: 2260] عن صفوان بن أمية أنه قيل له: إن من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان المدينة فنام في المسجد وتوسد رداءه، فجاءه سارقٌ فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأمر به صلى الله عليه وآله وسلم أن تقطع يده، فقال صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله هو عليه صدقةٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فهلا قبل أن تأتيني به (2).

[الحديث: 2261] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله (3).

[الحديث: 2262] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حد من حدود الله تعالى (4).

[الحديث: 2263] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أصاب حدا فعجل عقوبته في الدنيا، فإن الله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة ومن أصاب حدا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه (5).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 2264] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إقامة حد خير من مطر أربعين صباحا (6).

[الحديث: 2265] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ساعة إمام عادل أفضل من عبادة سبعين سنة، وحد يقام لله في العرض أفضل من مطر أربعين صباحا (7).

[الحديث: 2266] قال الإمام الصادق: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا لسعد بن

__________

(1) أبو داود (3597)

(2) (الموطأ) 2/ 636، وأبود داود (4394)، النسائي 8/ 70.

(3) البخاري (6848)، ومسلم (1708).

(4) البخاري (6849)، والترمذي (1463).

(5) الترمذي (2626)

(6) الكافي 7/ 174/ 3.

(7) الكافي 7/ 175/ 8.

أحكام الحكومة الإسلامية (499)

عبادة: أرأيت لو وجدت مع امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ قال: كنت أضربه بالسيف، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ماذا يا سعد؟ فقال سعد: قالوا: لو وجدت مع امرأتك رجلا ما كنت صانعا به، فقلت: أضربه بالسيف، فقال: يا سعد، فكيف بالأربعة الشهود؟ فقال: يا رسول الله بعد رأي عيني وعلم الله أن قد فعل؟ قال: أي والله بعد رأي عينك وعلم الله أن قد فعل، إن الله قد جعل لكل شيء حدا وجعل لمن تعدى ذلك الحد حدا (1).

[الحديث: 2267] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله عزّ وجلّ جعل لكل شيء حدا، وجعل على من تعدى حدا من حدود الله عزّ وجلّ حدا، وجعل ما دون الأربعة الشهداء مستورا على المسلمين (2).

[الحديث: 2268] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من بلغ حدا في غير حدّ فهو من المعتدين (3).

[الحديث: 2269] قال الإمام الصادق: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي برجل احتبن مستسقى البطن، قد بدت عروق فخذيه، وقد زنى بامرأة مريضة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعذق فيه شمراخ، فضرب به الرجل ضربة، وضربت به المرأة ضربة ثم خلي سبيلهما، ثم قرأ هذه الآية: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ﴾ [ص: 44] (4).

[الحديث: 2270] قال الإمام الصادق: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل، فقال: إني زنيت.. إلى أن قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو استتر، ثم تاب كان خيرا له (5).

[الحديث: 2271] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأسامة بن زيد: لا تشفع في حد (6).

[الحديث: 2272] قال الإمام الصادق: كان أسامة بن زيد يشفع في الشيء الذي لا

__________

(1) الكافي 7/ 176/ 12.

(2) الكافي 7/ 174/ 4.

(3) المحاسن: 275/ 385.

(4) الكافي 7/ 243/ 1.

(5) التهذيب 10/ 8/ 22.

(6) الكافي 7/ 254/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (500)

حد فيه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإنسان قد وجب عليه حد، فشفع له أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تشفع في حد (1).

[الحديث: 2273] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا كفالة في حد (2).

[الحديث: 2274] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ادرأوا الحدود بالشبهات، ولا شفاعة، ولا كفالة، ولا يمين في حد (3).

[الحديث: 2275] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبغض الناس إلى الله عزّ وجلّ رجل جرد ظهر مسلم بغير حق (4).

[الحديث: 2276] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يحل لوال يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجلد أكثر من عشرة أسواط إلا في حد (5).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 2277] عن ميثم، أن امرأة أتت الإمام علي فأقرت عنده بالزنا أربع مرات، فرفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إنه قد ثبت عليها أربع شهادات، وإنك قد قلت لنبيك صلى الله عليه وآله وسلم، فيما أخبرته من دينك: يا محمد من عطل حدا من حدودي فقد عاندني وطلب بذلك مضادتي (6).

[الحديث: 2278] قال الإمام الباقر: إن الإمام علي أمر قنبرا أن يضرب رجلا حدا،

__________

(1) الكافي 7/ 254/ 1.

(2) الكافي 7/ 255/ 1.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 53/ 90.

(4) الكافي 7/ 260/ 2، التهذيب 10/ 148/ 588.

(5) من لا يحضره الفقيه 4/ 52/ 187.

(6) الكافي 7/ 185/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (501)

فغلط قنبر فزاده ثلاثة أسواط، فأقاده الإمام علي من قنبر بثلاثة أسواط (1).

[الحديث: 2279] قال الإمام علي: إن الله حد حدودا فلا تعتدوها (2).

[الحديث: 2280] قال الإمام علي: لا حد على مجنون حتى يفيق، ولا على صبي حتى يدرك، ولا على النائم حتى يستيقظ (3).

[الحديث: 2281] قال الإمام علي: لا يقام على أحد حد بأرض العدو (4).

[الحديث: 2282] قال الإمام علي: لا أقيم على رجل حدا بأرض العدوّ حتّى يخرج منها مخافة أن تحمله الحمية فيلحق بالعدو (5).

[الحديث: 2283] قال الإمام علي في رجل أقر على نفسه بحدّ، ولم يسمِّ أي حد هو: يجلد حتى يكون هو الذي ينهي عن نفسه في الحد (6).

[الحديث: 2284] قال الإمام الصادق: أتي الإمام علي برجل أصاب حدا وبه قروح في جسده كثيرة، فقال: أقروه حتى يبرأ، لا تنكؤ عليه فتقتلوه (7).

[الحديث: 2285] قال الإمام الصادق: أتي الإمام علي برجل أصاب حدا وبه قروح ومرض وأشباه ذلك، فقال: أخروه حتى تبرأ، لا تنكأ قروحه عليه فيموت، ولكن إذا برأ حددناه (8).

[الحديث: 2286] عن الإمام الصادق، أن أبا بكر أتي برجل قد شرب الخمر، فقال له: لم شربت الخمر وهي محرمة؟ فقال: إني أسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر

__________

(1) الكافي 7/ 260/ 1.

(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 53/ 193.

(3) التهذيب 10/ 152/ 609.

(4) الكافي 7/ 218/ 4.

(5) التهذيب 10/ 40/ 139.

(6) الكافي 7/ 219/ 1.

(7) الكافي 7/ 244/ 3، والتهذيب 10/ 33/ 110، والاستبصار 4/ 211/ 788.

(8) الكافي 7/ 244/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (502)

ويستحلونها، ولو أعلم أنها حرام اجتنبتها، فقال الإمام علي لأبي بكر: ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار، فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، فإن لم يكن تلا عليه آية التحريم فلا شيء عليه، ففعل، فلم يشهد عليه أحد، فخلى سبيله (1).

[الحديث: 2287] عن الإمام علي في حديث الزاني الذي أقر أربع مرات أنه قال لقنبر: احتفظ به، ثم غضب، وقال: ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رؤوس الملا، أفلا تاب في بيته، فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله أفضل من إقامتي عليه الحد (2).

[الحديث: 2288] عن الأصبغ بن نباته، قال: أتى رجل الإمام علي فقال: يا أمير المؤمنين، إني زنيت فطهرني فأعرض عنه بوجهه، ثم قال له: اجلس، فقال: أيعجز أحدكم إذا قارف هذه السيئة أن يستر على نفسه كما ستر الله عليه، فقام الرجل، فقال: يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني، فقال: وما دعاك إلى ما قلت؟ قال: طلب الطهارة، قال: وأىّ طهارة أفضل من التوبة، ثم أقبل على أصحابه يحدثهم، فقام الرجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إني زنيت فطهرني، فقال له: أتقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم، قال: اقرأ، فقرأ، فأصاب، فقال له: أتعرف ما يلزمك من حقوق الله في صلاتك وزكاتك؟ قال: نعم، فسأله فأصاب، فقال له: هل بك مرض يعروك أو تجد وجعا في رأسك أو بدنك؟ قال: لا، قال: اذهب حتى نسأل عنك في السر كما سألناك في العلانية، فإن لم تعد إلينا لم نطلبك (3).

[الحديث: 2289] قال الإمام الباقر: جاء رجل إلى الإمام علي فأقر بالسرقة، فقال له: أتقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم، سورة البقرة، قال: قد وهبت يدك لسورة البقرة، فقال

__________

(1) الكافي 7/ 249/ 4.

(2) الكافي 7/ 188/ 3.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 21/ 51.

أحكام الحكومة الإسلامية (503)

الأشعث: أتعطل حدّاً من حدود الله؟ فقال: وما يدريك ما هذا؟ إذا قامت البينة فليس للإمام أن يعفو، وإذا أقر الرجل على نفسه فذاك إلى الإمام إن شاء عفا، وإن شاء قطع (1).

[الحديث: 2290] قال الإمام علي: لا يشفعن أحد في حد إذا بلغ الإمام، فإنه لا يملكه، واشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم، واشفع عند الإمام في غير الحد مع الرجوع من المشفوع له، ولا يشفع في حق امرئ مسلم ولا غيره إلا بإذنه (2).

[الحديث: 2291] عن اليعقوبي، قال: أتي الإمام علي وهو بالبصرة برجل يقام عليه الحد، فلما قربوا ونظر في وجوههم فأقبل جماعة من الناس، فقال الإمام علي: يا قنبر انظر ما هذه الجماعة؟ قال: رجل يقام عليه الحد، قال: فلما قربوا ونظر في وجوههم، قال: لا مرحبا بوجوه لا ترى إلا في كل سوء، هؤلاء فضول الرجال، أمطهم عنّي يا قنبر (3).

[الحديث: 2292] قال الإمام علي: لا يستحلف صاحب الحد (4).

[الحديث: 2293] عن الإمام الباقر أن رجلا استعدى الإمام علي على رجل، فقال: إنه افترى علي، فقال الإمام علي للرجل: فعلت ما فعلت؟ فقال: لا، ثم قال الإمام علي للمستعدي: ألك بينة؟ فقال: مالي بينة، فأحلفه لي، قال الإمام علي: ما عليه يمين (5).

[الحديث: 2294] قال الإمام علي: ليس في الحدود نظر ساعة (6).

[الحديث: 2295] قال الإمام علي: إذا كان في الحد لعل أو عسى فالحد معطل (7).

[الحديث: 2296] عن محمد بن يحيى قال: كان الإمام علي يولي الشهود الحدود (8).

[الحديث: 2297] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في رجل جاء به رجلان وقالا:

__________

(1) التهذيب 10/ 129/ 516، والاستبصار 4/ 252/ 955.

(2) الكافي 7/ 254/ 3.

(3) التهذيب 10/ 150/ 603.

(4) التهذيب 10/ 150/ 602.

(5) التهذيب 6/ 314/ 868.

(6) التهذيب 10/ 49/ 185 و51/ 190، الفقيه 4/ 24/ 56.

(7) من لا يحضره الفقيه 4/ 36/ 110.

(8) الكافي 7/ 263/ 16.

أحكام الحكومة الإسلامية (504)

إن هذا سرق درعا، فجعل الرجل يناشده لما نظر في البينة، وجعل يقول: والله، لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قطع يدي أبدا، قال: ولم؟ قال: يخبره ربه أني بريء فيبرئني ببراءتي، فلما رأى مناشدته إياه دعا الشاهدين، فقال: اتقيا الله ولا تقطعا يد الرجل ظلما وناشدهما، ثم قال: ليقطع أحدكما يده ويمسك الآخر يده، فلما تقدما إلى المصطبة ليقطع يده ضرب الناس حتى اختلطوا فلما اختلطوا أرسلا الرجل في غمار الناس حتى اختلطا بالناس، فجاء الذي شهدا عليه فقال: يا أمير المؤمنين شهد علي الرجلان ظلما، فلما ضرب الناس واختلطوا أرسلاني وفرا، ولو كانا صادقين لم يرسلاني، فقال: من يدلني على هذين أنكلهما (1).

[الحديث: 2298] قال الإمام الصادق: أتى رجل الإمام علي برجل، فقال: هذا قذفني، ولم تكن له بينة، فقال: يا أمير المؤمنين، استحلفه، فقال: لا يمين في حد، ولا قصاص في عظم (2).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 2299] قال الإمام الباقر: حد يقام في الأرض أزكى فيها من مطر أربعين ليلة وأيامها (3).

[الحديث: 2300] سئل الإمام الباقر عن رجل أقيم عليه الحد في الدنيا أيعاقب في الآخرة؟ فقال: الله أكرم من ذلك (4).

[الحديث: 2301] قال الإمام الباقر: من الحدود ثلث جلد، ومن تعدى ذلك كان عليه حد (5).

__________

(1) الكافي 7/ 264/ 23.

(2) اكافي 7/ 255/ 1.

(3) الكافي 7/ 174/ 1، والتهذيب 10/ 146/ 577.

(4) الكافي 7/ 265/ 27.

(5) المحاسن: 375/ 387.

أحكام الحكومة الإسلامية (505)

[الحديث: 2302] قال الإمام الباقر في قول الله: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 229]: إن الله غضب على الزاني فجعل له جلد مائة، فمن غضب عليه فزاده فأنا إلى الله منه بريء (1).

[الحديث: 2303] قال الإمام الباقر: لا يحضرن أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر ظلما وعدوانا، ولا مقتولا، ولا مظلوما إذا لم ينصره، لأن نصرة المؤمن على المسلم فريضة واجبة إذا هو حضره، والعافية أوسع ما لم تلزمك الحجة الظاهرة (2).

[الحديث: 2304] قال الإمام الباقر: إذا أقر الرجل على نفسه بالقتل قتل إذا لم يكن عليه شهود، فإن رجع وقال: لم أفعل، ترك ولم يقتل (3).

[الحديث: 2305] قال الإمام الباقر: لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين، فإن رجع ضمن السرقة ولم يقطع إذا لم يكن شهود، ولا يقتل الزاني حتى يقر أربع مرات بالزنا إذا لم يكن شهود، فإن رجع ترك ولم يقتل (4).

[الحديث: 2306] سئل الإمام الباقر عن حد الأخرس والأصم والأعمى، فقال: عليهم الحدود إذا كانوا يعقلون ما يأتون (5).

[الحديث: 2307] قال الإمام الباقر: لو أن رجلا أخذ حزمة من قضبان أو أصلا فيه قضبان، فضربه ضربة واحدة أجزأه عن عدة ما يريد أن يجلد من عدة القضبان (6).

[الحديث: 2308] قيل للإمام الباقر: رجل دعوناه إلى جملة الإسلام فأقر به، ثم شرب الخمر وزنى وأكل الربا، ولم يتبين له شيء من الحلال والحرام، أقيم عليه الحدّ إذا

__________

(1) تفسير العياشي 1/ 117/ 368.

(2) قرب الإسناد: 26،.

(3) الكافي 7/ 220/ 6.

(4) الكافي 7/ 219/ 2.

(5) الكافي: 244/ 2.

(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 19/ 42.

أحكام الحكومة الإسلامية (506)

جهله؟ قال: لا، إلا أن تقوم عليه بينة أنه قد كان أقر بتحريمها (1).

[الحديث: 2309] قال الإمام الباقر: لو وجدت رجلا كان من العجم أقر بجملة الإسلام لم يأته شيء من التفسير، زنى، أو سرق، أو شرب خمرا، لم أقم عليه الحد إذا جهله، إلا أن تقوم عليه بينة أنه قد أقر بذلك وعرفه (2).

[الحديث: 2310] قال الإمام الباقر في رجل دخل في الإسلام شرب خمرا وهو جاهل: لم أكن أقيم عليه الحد إذا كان جاهلا، ولكن أخبره بذلك وأعلمه، فإن عاد أقمت عليه الحد (3).

[الحديث: 2311] قال الإمام الباقر: أيما رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل، يبدأ بالحدود التي هي دون القتل، ثم يقتل بعد ذلك (4).

[الحديث: 2312] قيل للإمام الباقر: رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى، فلم يعلم ذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح، فقال: إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد، قيل: فإن كان أمرا غريبا لم تقم؟ قال: لو كان خمسة أشهر أو أقل وقد ظهر منه أمر جميل لم تقم عليه الحدود (5).

[الحديث: 2313] قيل للإمام الباقر: رجل جنى إلي أعفو عنه، أو أرفعه إلى السلطان؟ قال: هو حقك إن عفوت عنه فحسن، وإن رفعته إلى الإمام فإنما طلبت حقك، وكيف لك بالإمام (6).

[الحديث: 2314] قال الإمام الباقر: لا يعفى عن الحدود التي لله دون الإمام، فأما

__________

(1) الكافي 7/ 248/ 1، والتهذيب 10/ 97/ 375.

(2) الكافي 7/ 249/ 2.

(3) الكافي 7/ 249/ 3.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 50/ 178.

(5) الكافي 7/ 250/ 1.

(6) الكافي 7/ 252/ 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (507)

ما كان من حق الناس في حد فلا بأس بأن يعفا عنه دون الإمام (1).

[الحديث: 2315] قال الإمام الباقر: من ضرب مملوكا حدا من الحدود من غير حد أوجبه المملوك على نفسه، لم يكن لضاربه كفارة إلا عتقه (2).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 2316] قال الإمام الصادق: إن في كتاب الإمام علي أنه كان يضرب بالسوط، وبنصف السوط، وببعضه في الحدود، وكان إذا أتي بغلام وجارية لم يدركا، لا يبطل حدا من حدود الله عزّ وجلّ، قيل له: وكيف كان يضرب؟ قال: كان يأخذ السوط بيده من وسطه أو من ثلثه، ثم يضرب على قدر أسنانهم، ولا يبطل حدّاً من حدود الله عزّ وجلّ (3).

[الحديث: 2317] قال الإمام الصادق: الإسلام غير الإيمان وكلّ مؤمن مسلم، وليس كلّ مسلم مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، وأصحاب الحدود مسلمون لا مؤمنون ولا كافرون، فإن اللّه تبارك وتعالى لا يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنّة، ولا يخرج من النار كافرا وقد أوعده النار والخلود فيها، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وأصحاب الحدود فسّاق لا مؤمنون ولا كافرون ولا يخلدون في النار، ويخرجون منها يوما، والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين إذا ارتضى اللّه عزّ وجلّ دينهم (4).

[الحديث: 2318] قال الإمام الصادق لبعض أصحابه: أشعرت أن الله أرسل رسولا، وأنزل عليه كتابا، وأنزل في الكتاب كل ما يحتاج إليه، وجعل له دليلا يدل عليه،

__________

(1) الكافي 7/ 252/ 4.

(2) الكافي 7/ 263/ 17.

(3) الكافي 7/ 176/ 13، والتهذيب 10/ 146/ 579.

(4) الخصال ج 2 ص 608.

أحكام الحكومة الإسلامية (508)

وجعل لكل شيء حدا، ولمن جاوز الحد حدا، قيل: وكيف جعل لمن جاوزالحد حدا؟ قال: إن الله حد في الأموال أن لا تؤخذ إلا من حلها، فمن أخذها من غير حلها قطعت يده حدا لمجاوزة الحد، وإن الله حد أن لا ينكح النكاح إلا من حله، ومن فعل غير ذلك إن كان عزبا حد، وإن كان محصنا قتل لمجاوزته الحد (1).

[الحديث: 2319] قال الإمام الصادق في نصف الجلدة وثلث الجلدة: يؤخذ بنصف السوط وثلثي السوط (2).

[الحديث: 2320] قال الإمام الصادق: من ضربناه حدا من حدود الله فمات فلا دية له علينا، ومن ضربناه حدا من حدود الناس فمات فإن ديته علينا (3).

[الحديث: 2321] قال الإمام الصادق: الزاني إذا زنا يجلد ثلاثا ويقتل في الرابعة (4).

[الحديث: 2322] سئل الإمام الصادق عن رجل أقر على نفسه بحد، ثم جحد بعد، فقال: إذا أقر على نفسه عند الإمام أنه سرق، ثم جحد، قطعت يده وإن رغم أنفه، وإن أقر على نفسه أنه شرب خمرا، أو بفرية فاجلدوه ثمانين جلدة (5).

[الحديث: 2323] قال الإمام الصادق: إذا أقر الرجل على نفسه بحد أو فرية، ثم جحد جلد، قيل: أرأيت إن أقر على نفسه بحدّ يبلغ فيه القتل أكنت تقتله؟ قال: لا، ولكن كنت ضاربه (6).

[الحديث: 2324] قال الإمام الصادق: من أقر على نفسه بحد أقمته عليه إلا القتل،

__________

(1) الكافي 7/ 175/ 7.

(2) الكافي 7/ 175/ 5.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 51/ 183.

(4) الكافي 7/ 191/ 1، التهذيب 10، 37/ 129، والاستبصار 4/ 212/ 790.

(5) الكافي 7/ 220/ 4.

(6) الكافي 7/ 219/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (509)

فإنه إذا أقر على نفسه، ثم جحد لم يقتل (1).

[الحديث: 2325] قال الإمام الصادق: لا يقام الحدّ على المستحاضة حتى ينقطع الدم عنها (2).

[الحديث: 2326] قال الإمام الصادق: لو أن رجلا دخل في الإسلام وأقر به، ثم شرب الخمر وزنى وأكل الربا، ولم يتبين له شيء من الحلال والحرام، لم أقم عليه الحد إذا كان جاهلا، إلا أن تقوم عليه البينة أنه قرأ السورة التي فيها الزنا والخمر وأكل الربا، وإذا جهل ذلك أعلمته وأخبرته، فإن ركبه بعد ذلك جلدته وأقمت عليه الحد (3).

[الحديث: 2327] قيل للإمام الصادق: الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل، فقال: كان الإمام علي يقيم عليه الحد ثم يقتله، ولا نخالف الإمام علي (4).

[الحديث: 2328] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي فيمن قتل وشرب خمرا وسرق، فأقام عليه الحد فجلده لشربه الخمر، وقطع يده في سرقته، وقتله بقتله (5).

[الحديث: 2329] قال الإمام الصادق: السارق إذا جاء من قبل نفسه تائبا إلى الله عزّ وجلّ، ترد سرقته إلى صاحبها ولا قطع عليه (6).

[الحديث: 2330] قال الإمام الصادق في رجل أقيمت عليه البينة بأنه زنى، ثم هرب قبل أن يضرب: إن تاب فما عليه شيء، وإن وقع في يد الإمام أقام عليه الحد، وإن علم مكانه بعث إليه (7).

[الحديث: 2331] سئل الإمام الصادق عن الرجل يأخذ اللص يرفعه، أو يتركه؟

__________

(1) الكافي 7/ 220/ 5.

(2) الكافي 7/ 62/ 14، والتهذيب 10/ 33/ 112.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 39/ 129.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 124/ 431.

(5) الكافي 7/ 250/ 3.

(6) الكافي 7/ 220/ 8.

(7) الكافي 7/ 251/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (510)

فقال: إن صفوان بن أمية كان مضطجعا في المسجد الحرام، فوضع رداءه وخرج يهريق الماء، فوجد رداءه قد سرق حين رجع إليه، فقال: من ذهب بردائي؟ فذهب يطلبه، فأخذ صاحبه فرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اقطعوا يده، فقال الرجل: تقطع يده من أجل ردائي يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فأنا أهبه له، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فهلا كان هذا قبل أن ترفعه إليّ، قيل: فالإمام بمنزلته إذا رفع إليه؟ قال: نعم، وسئل عن العفو قبل أن ينتهي إلى الإمام؟ فقال: حسن (1).

[الحديث: 2332] قال الإمام الصادق: من أخذ سارقا فعفا عنه فذلك له، فإذا رفع إلى الإمام قطعه، فإن قال الذي سرق له: أنا أهبه له لم يدعه إلى الإمام حتى يقطعه إذا رفعه إليه، وإنما الهبة قبل أن يرفعه إلى الإمام، وذلك قول الله عز وجل: ﴿وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 112] فإذا انتهى الحد إلى الإمام، فليس لأحد أن يتركه (2).

[الحديث: 2333] سئل الإمام الصادق عن الرجل يقذف الرجل بالزنا، فيعفو عنه ويجعله من ذلك في حل، ثم إنه بعد يبدو له في أن يقدمه حتى يجلده، فقال: ليس له حد بعد العفو (3).

[الحديث: 2334] قال الإمام الصادق: إن الحد لا يورث كما تورث الدية والمال والعقار، ولكن من قام به من الورثة فطلبه فهو وليه، ومن لم يطلبه فلا حق له، وذلك مثل رجل قذف رجلا وللمقذوف أخ، فإن عفا عنه أحدهما، كان للآخر أن يطلبه بحقه، لأنها أمهما جميعا والعفو إليهما جميعا (4).

__________

(1) الكافي 7/ 251/ 2، والتهذيب 10/ 123/ 494، والاستبصار 4/ 251/ 952.

(2) الكافي 7/ 251/ 1.

(3) التهذيب 10: 127/ 506.

(4) الكافي 7/ 255/ 1، التهذيب 10/ 83/ 327، والاستبصار 4/ 235/ 883.

أحكام الحكومة الإسلامية (511)

[الحديث: 2335] قال الإمام الصادق: الحد لا يورث (1).

[الحديث: 2336] قال الإمام الصادق: من أقر على نفسه عند الإمام بحق من حدود الله مرّة واحدة، حرا كان أو عبدا، أو حرة كانت أو أمة، فعلى الإمام أن يقيم الحد عليه للذي أقر به على نفسه كائنا من كان إلا الزاني المحصن، فإنه لا يقلته حتى يشهد عليه أربعة شهداء.. ومن أقر على نفسه عند الإمام بحق حد من حدود الله في حقوق المسلمين فليس على الإمام أن يقيم عليه الحد الذي أقر به عنده حتى يحضر صاحب الحق أو وليه فيطالبه بحقه، قيل له: فما هذه الحدود التي إذا أقر بها عند الإمام مرة واحدة على نفسه أقيم عليه الحد فيها؟ فقال: إذا أقر على نفسه عند الإمام بسرقة قطعه، فهذا من حقوق الله، وإذا أقر على نفسه أنه شرب خمرا حده، فهذا من حقوق الله، وإذا أقر على نفسه بالزنا وهو غير محصن فهذا من حقوق الله، وأما حقوق المسلمين فإذا أقر على نفسه عند الإمام بفرية لم يحده حتى يحضر صاحب الفرية أو وليه، وإذا أقرّ بقتل رجل لم يقتله حتى يحضر أولياء المقتول، فيطالبوا بدم صاحبهم (2).

[الحديث: 2337] قال الإمام الصادق: من أقر على نفسه عند الإمام بحق أحد من حقوق المسلمين فليس على الإمام أن يقيم عليه الحد الذي أقر به عنده حتى يحضر صاحب حق الحد أو وليه ويطلبه بحقه (3).

[الحديث: 2338] قال الإمام الصادق: الواجب على الإمام إذا نظر إلى رجل يزني أو يشرب الخمر أن يقيم عليه الحد، ولا يحتاج إلى بينة مع نظره، لأنه أمين الله في خلقه، وإذا نظر إلى رجل يسرق أن يزبره وينهاه ويمضي ويدعه، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لأن الحق إذا

__________

(1) الكافي 7/ 255/ 2.

(2) التهذيب 10/ 7/ 20، والاستبصار 4/ 203/ 761.

(3) الكافي 7/ 220/ 9.

أحكام الحكومة الإسلامية (512)

كان لله فالواجب على الإمام إقامته وإذا كان للناس فهو للناس (1).

[الحديث: 2339] قيل للإمام الصادق: الرجل يجني في غير الحرم، ثم يلجا إلى الحرم، فقال: لا يقام عليه الحد، ولا يطعم، ولا يسقى، ولا يكلم، ولا يبايع، فإنه إذا فعل به ذلك يوشك أن يخرج فيقام عليه الحد، وإن جنى في الحرم جناية، أقيم عليه الحد في الحرم، فإنه لم ير للحرم حرمة (2).

[الحديث: 2340] قيل للإمام الصادق: كم التعزير؟ فقال: دون الحد، قيل: دون ثمانين؟ قال: لا، ولكن دون أربعين فإنها حد المملوك، قيل: وكم ذاك؟ قال: على قدر ما يراه الوالي من ذنب ا لرجل وقوة بدنه (3).

[الحديث: 2341] سئل الإمام الصادق عن شهود زور، فقال: يجلدون حدا ليس له وقت وذلك إلى الإمام، ويطاف بهم حتى يعرفهم الناس، قيل: كيف تعرف توبتهم؟ فقال: يكذب نفسه على رؤوس الناس حتى يضرب ويستغفر ربه، فإذا فعل ذلك فقد ظهرت توبته (4).

[الحديث: 2342] قال الإمام الصادق: شهود الزور يجلدون حدا ليس له وقت، وذلك إلى الإمام، ويطاف بهم حتى يعرفوا فلا يعودوا، قيل: فإن تابوا وأصلحوا تقبل شهادتهم بعد؟ قال: إذا تابوا تاب الله عليهم وقبلت شهادتهم بعد (5).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 2343] قال الإمام الكاظم في قول الله عزّ وجلّ: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي

__________

(1) الكافي 7/ 262/ 15.

(2) التهذيب 10/ 216/ 853.

(3) علل الشرائع 538/ 4.

(4) الكافي 7/ 241/ 7.

(5) الكافي 7/ 243/ 16.

أحكام الحكومة الإسلامية (513)

الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ [الحديد: 17]: ليس يحييها بالقطر، ولكن يبعث الله رجالا فيحيون العدل، فتحيى الأرض لإحياء العدل، ولإقامة الحد فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا (1).

[الحديث: 2344] قال الإمام الكاظم: أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحدّ مرّتين قتلوا في الثالثة (2).

[الحديث: 2345] سئل الإمام الكاظم عن رجل أخذ وعليه ثلاثة حدود: الخمر، والزنا، والسرقة، بأيها يبدأ به من الحدود؟ قال: بحدّ الخمر، ثم السرقة، ثم الزنا (3).

[الحديث: 2346] سئل الإمام الكاظم عن يهودي، أو نصراني، أو مجوسي أخذ زانيا، أو شارب خمر ما عليه، فقال: يقام عليه حدود المسلمين إذا فعلوا ذلك في مصر من أمصار المسلمين أو في غير أمصار المسلمين إذا رفعوا إلى حكام المسلمين (4).

[الحديث: 2347] سئل الإمام الكاظم عن التعزير كم هو؟ فقال: بضعة عشر سوطا ما بين العشرة إلى العشرين (5).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 2348] قال الإمام الرضا: علة القتل من إقامة الحد في الثلاثة على الزاني والزانية لاستخفافهما وقلة مبالاتهما بالضرب، حتى كأنه مطلق لهما ذلك الشيء، وعلة أخرى أن المستخف بالله وبالحد كافر، فوجب عليه القتل لدخوله في الكفر (6).

ما روي عن الإمام الهادي

__________

(1) الكافي 7/ 174/ 2.

(2) الكافي 7/ 191/ 2.

(3) قرب الإسناد: 112.

(4) المقنعة: 129.

(5) التهذيب 10/ 144/ 570.

(6) علل الشرائع: 546/ 1، عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 97/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (514)

[الحديث: 2349] قال الإمام الهادي: أما الرجل الذي اعترف بالفاحشة فإنه لم يقم عليه البينة، وإنما تطوع بالإقرار من نفسه، وإذا كان للإمام الذي من الله أن يعاقب عن الله كان له أن يمن عن الله، أما سمعت قول الله: ﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [ص: 39] (1)

ثالثا ـ ما ورد حول الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ الأعراض

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الحدود والعقوبات المرتبطة بالأعراض، وقد ورد في القرآن الكريم ذكر ثلاثة منها:

الأولى ـ عقوبة الزاني والزانية، وهي التي نص عليه قوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2]

الثانية ـ عقوبة القذف ورمي المؤمنين والمؤمنات بالفواحش، وهي التي نص عليه قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 4 - 5]

الثالثة ـ عقوبة قذف الزوجات بالفواحش، وهي التي نص عليه قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ

__________

(1) تحف العقول: 360.

أحكام الحكومة الإسلامية (515)

الصَّادِقِينَ﴾ [النور: 6 - 9]

ويضم إلى هذه العقوبات ما قد يراه الحاكم من التعزيرات التي تطبق على الذين استهانوا بأمثال هذه الحدود، ردعا لهم، وتقويما للمجتمع، ومنها ما ورد من قتل المتجرئين على ذلك بعد عدم ارتداعهم ثلاث مرات، وقد علل الإمام الرضا ذلك بقوله: (علة القتل بعد إقامة الحد في الثالثة على الزاني والزانية لاستخفافهما وقلة مبالاتهما بالضرب حتى كأنه مطلق لهما ذلك، وعلة أخرى أن المستخف بالله وبالحد كافر، فوجب عليه حد لدخوله في الكفر) (1)

وبناء على هذا لا نرى اعتبار الرجم حدا خاصا بالمحصن، وإنما قد يكون تعزيرا خاصا به، أو ببعض الحالات التي يستهين فيها هذا المجتمع بكل الحدود الشرعية، وهذا ما نراه بوضوح في الأحاديث التي ورد فيها الرجم؛ فمع أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو إلى تطبيق الحدود بصرامة إلا أنه ـ في تلك الروايات في حال صحتها ـ كان يتساهل كثيرا مع هؤلاء.

ففي الحديث أنه قيل للإمام الكاظم: أخبرني عن المحصن إذا هو هرب من الحفيرة هل يرد حتى يقام عليه الحد؟ فقال: يرد، ولا يرد، فقلت: وكيف ذاك؟ فقال: إن كان هو المقر على نفسه ثم هرب من الحفيرة بعدما يصيبه شيء من الحجارة لم يرد، وإن كان إنما قامت عليه البينة وهو يجحد، ثم هرب رد وهو صاغر، حتى يقام عليه الحد، وذلك أن ماعز بن مالك أقر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالزنا فأمر به أن يرجم فهرب من الحفرة، فرماه الزبير بن العوام بساق بعير فعقله فسقط فلحقه الناس فقتلوه، ثم أخبروا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فقال لهم: فهلا تركتموه إذا هرب يذهب فإنما هو الذي أقر على نفسه، ووداه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيت

__________

(1) علل الشرائع: 546/ 1، عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 97/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (516)

مال المسلمين (1).

ويدل على عدم اعتبار الرجم حدا، وإنما هو تعزير مرتبط ببعض الحالات والظروف، ما ورد في القرآن الكريم من الاكتفاء عند ذكر الزنا بالحد المعروف دون غيره، مع أن العادة هي التفصيل.

بالإضافة إلى ذلك؛ فإن الرجم لا يتفق مع قوله تعالى في ذكر عقوبة الإماء: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النساء: 25]؛ فكيف يمكن تنصيف العذاب عندما يكون الحد هو الرجم؟

ومثل ذلك ما ورد في قوله تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: 30]، فكيف سيضاعف الرجم، وعند الرجم يموت الإنسان، والموت لا يضاعف؟

ويفهم من الآيتين الكريمتين أن العقاب الوحيد الذي يمكن أن ينصف ويضاعف هو الجلد، لأنه معدود، ويسهل تنصيفه وتضعيفه بلا شك.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 2350] عن ابن عباس: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشريك بن سحماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (البينة أو حدٌ في ظهرك) قال: يا رسول الله، إذا

__________

(1) الكافي 7: 185 | 5.

أحكام الحكومة الإسلامية (517)

رأى أحدنا رجلا على امرأته يلتمس البينة، فجعل صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (البينة وإلا حدٌ في ظهرك) فقال هلالٌ: والذي بعثك بالحق إني لصادقٌ، ولينزلن الله في أمري ما يبرئ ظهري من الحد، فنزلت: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: 6 - 9]، فأرسل صلى الله عليه وآله وسلم إليهما فجاءا، فقام هلال فشهد والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن الله يعلم أن أحدكما كاذبٌ، فهل منكما من تائب)، ثم قامت فشهدت، فلما كان عند الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فقالوا: إنها موجبةٌ، فتلكأت ونكصت، حتى ظننا أنها سترجع، فقالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أبصروها، فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين، خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء) فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأنٌ) (1)

وفي رواية: ففرق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ولا ترمى ولا يرمى ولدها، ومن رماهما فعليه الحد، ولا بيت لها ولا قوت، من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق ولا متوفى عنها (2).

[الحديث: 2351] عن سهل بن سعد: أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال: أرأيت لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فاسأل لي عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسأله عاصمٌ، فكره صلى الله عليه وآله وسلم المسائل وعابها حتى كبر على

__________

(1) البخاري (4747)

(2) أبو داود (2256)، وأحمد 1/ 238.

أحكام الحكومة الإسلامية (518)

عاصم ما سمع منه صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رجع عاصمٌ إلى أهله قال له عويمرٌ: ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: عاصمٌ لم تأتني بخير، قد كره صلى الله عليه وآله وسلم المسائل، فقال عويمرٌ: والله لا أنتهي حتى أسأله، فأتي عويمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسط الناس فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قد نزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها)، قال سهلٌ: فتلاعنا وأنا مع الناس عنده صلى الله عليه وآله وسلم، فلما فرغا قال عويمرٌ: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره صلى الله عليه وآله وسلم، قال ابن شهاب: فكانت سنة المتلاعنين (1).

وفي رواية: وكانت حاملا، فكان ابنها ينسب إلى أمه، ثم جرت السنة أن يرثها وترث منه ما فرض الله لها (2).

[الحديث: 2352] عن أبي هريرة: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ولد لي غلامٌ أسود وهو يعرض بأن ينفيه فلم يرخص له في الانتفاء منه، فقال: (هل لك من إبل؟) قال: نعم، قال: (ما ألوانها؟) قال: حمرٌ، قال: (هل فيها من أورق؟) قال: نعم قال: (أنى ذلك؟) قال: لعله نزغه عرق، قال: (فلعل ابنك نزغه عرقٌ) (3)

[الحديث: 2353] قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، إن فلانا ابني عاهرت بأمه في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش، وللعاهر الحجر) (4)

[الحديث: 2354] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له فليس منا فليتبوأ مقعده من النار، ومن رمى رجلا بالكفر

__________

(1) البخاري (5259)، ومسلم (1492)

(2) البخاري (4746)، ومسلم (1492)

(3) البخاري (5305)، ومسلم (1500)

(4) أبو داود (2247)

أحكام الحكومة الإسلامية (519)

أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه) (1)

[الحديث: 2355] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله الجنة وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رءوس الأولين والآخرين) (2)

[الحديث: 2356] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من ادعى إلى غير أبيه أو انتمي إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة) (3)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 2357] قال الإمام الباقر: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله إني قلت لأمتي: يا زانية، فقال: هل رأيت عليها زنا؟ فقالت: لا، فقال: أما إنها ستقاد منك يوم القيامة، فرجعت إلى أمتها فأعطتها سوطا، ثم قالت: اجلديني، فأبت الأمة، فأعتقتها، ثم أتت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: عسى أن يكون به (4).

[الحديث: 2358] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رمى محصنا أو محصنة أحبط الله عمله، وجلده يوم القيامة سبعون ألف ملك من بين يديه ومن خلفه، ثم يؤمر به إلى النار (5).

[الحديث: 2359] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس على زان عقر، ولا حد في التعريض، ولا شفاعة في حد (6).

[الحديث: 2360] قال الإمام الباقر: إن رجلا من هذيل كان يسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: من لهذا؟ فقام رجلان من الأنصار، فقالا: نحن يا رسول

__________

(1) البخاري (3508)، ومسلم (61)

(2) أبو داود (2263)،والنسائي (6/ 179)

(3) أبو داود (5115)

(4) التهذيب 10/ 80/ 311.

(5) عقاب الاعمال: 335.

(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 265/ 824.

أحكام الحكومة الإسلامية (520)

الله، فانطلقا حتى أتيا عربة فسألا عنه، فإذا هو يتلقى غنمه، فقال: من أنتما وما اسمكما؟ فقالا له: أنت فلان بن فلان؟ قال: نعم، فنزلا فضربا عنقه.. قيل للإمام الباقر: أرأيت لو أن رجلا الآن سب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيقتل؟ قال: إن لم تخف على نفسك فاقتله (1).

[الحديث: 2361] قال الإمام علي: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غزاة تبوك قام إليه عويمر بن الحارث، فقال: إن امرأتي زنت بشريك بن السمحاط، فأعرض عنه، فأعاد إليه القول، فأعرض عنه، فأعاد عليه ثالثة، فقام، ودخل، فنزل اللعان، فخرج إليه، وقال: ائتني بأهلك، فقد أنزل الله فيكما قرآنا، فمضى، فأتاه بأهله، وأتى معها قومها، فوافوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يصلّي العصر، فلما فرغ أقبل عليهما وقال لهما: تقدما إلى المنبر فلاعنا، فتقدم عويمر إلى المنبر فتلا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آية اللعان، فشهد بالله أربع شهادات إنه لمن الصادقين، والخامسة أن غضب الله عليه إن كان من الكاذبين، ثمّ شهدت بالله أربع شهادات إنه لمن الكاذبين فيما رماها به، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: العني نفسك الخامسة، فشهدت، وقالت في الخامسة: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اذهبا فلن يحل لك، ولن تحلي له أبداً، فقال عويمر: يا رسول الله! فالذي أعطيتها، فقال: إن كنت صادقا فهو لها بما استحللت منها، وإن كنت كاذبا فهو أبعد لك منه (2).

[الحديث: 2362] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قذف محصنة يحبط عمل سنة (3).

[الحديث: 2363] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قذف امرأته بالزنا خرج من حسناته كما تخرج الحية من جلدها، وكتب له بكل شعرة على بدنه ألف خطيئة (4).

[الحديث: 2364] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقذفوا نساءكم بالزنا فإنّه تشبيه بالطلاق،

__________

(1) الكافي 7/ 267/ 33.

(2) المحكم والمتشابه: 90.

(3) عوالي اللآلي ج 2 ص 351.

(4) جامع الأخبار ص 157.

أحكام الحكومة الإسلامية (521)

وإيّاكم والغيبة فإنها تشبيه بالكفر، واعلموا أنّ القذف والغيبة يهدمان عمل ألف سنة (1).

[الحديث: 2365] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: من رمى محصنا أو محصنة أحبط اللّه عمله وجلده يوم القيامة سبعون ألف ملك من بين يديه ومن خلفه، وتنهش لحمه حيّات وعقارب، ثمّ يؤمر به إلى النار (2).

[الحديث: 2366] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قذف امرأته بالزنا نزلت عليه اللعنة، ولا يقبل منه صرف ولا عدل (3).

[الحديث: 2367] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يقذف امرأته إلّا ملعون ـ أو قال: منافق ـ فإن القذف من الكفر والكفر في النار، لا تقذفوا نساءكم فإن في قذفهن ندامة طويلة وعقوبة شديدة (4).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 2368] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في الشيخ والشيخة أن يجلدا مائة، وقضى في البكر والبكرة إذا زنيا جلد مائة، ونفي سنة في غير مصرهما، وهما اللذان قد أملكا ولم يدخل بها (5).

[الحديث: 2369] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي أن الفرية ثلاث وجوه: إذا رمى الرجل الرجل بالزنا، وإذا قال: إن أمه زانية، وإذا دعا لغير أبيه، فذلك فيه حد

__________

(1) جامع الأخبار ص 157.

(2) عقاب الأعمال ص 335.

(3) جامع الأخبار ص 158.

(4) جامع الأخبار ص 158.

(5) الكافي 7/ 177/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (522)

ثمانون (1).

[الحديث: 2370] قال الإمام الصادق: قضي الإمام علي في رجل افترى على نفر جميعا، فجلده حدا واحدا.

[الحديث: 2371] قال الإمام علي في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا: أين الرابع؟ قالوا: الآن يجيء، فقال: حدوهم فليس في الحدود نظرة ساعة (2).

[الحديث: 2372] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي في رجل دعا آخر: ابن المجنون، فقال له الآخر: أنت ابن المجنون، فأمر الأوّل أن يجلد صاحبه عشرين جلدة، وقال: اعلم أنه مستعقب مثلها عشرين، فلما جلده أعطى المجلود السوط فجلده نكالا ينكل بهما (3).

[الحديث: 2373] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في الهجاء التعزير (4).

[الحديث: 2374] عن الإمام الصادق أن الإمام علي كان يعزر في الهجاء، ولا يجلد الحد إلا في الفرية المصرحة أن يقول: يا زاني، أو يا ابن الزانية، أو لست لأبيك (5).

[الحديث: 2375] قال الإمام علي: من قال لصاحبه: لا أب لك ولا أم لك فليتصدق بشيء، ومن قال: لا وأبي فليقل، أشهد أن لا إله إلا الله، فإنها كفارة لقوله (6).

[الحديث: 2376] عن الإمام الباقر أن الإمام علي لم يكن يحد في التعريض حتى يأتي بالفرية المصرحة يا زاني، أو يا ابن الزانية، أو لست لأبيك (7).

[الحديث: 2377] قال الإمام الصادق: لقي رجل رجلا على عهد الإمام علي فقال:

__________

(1) الكافي 7/ 205/ 1، التهذيب 10/ 65/ 236.

(2) الكافي 7/ 210/ 4،.

(3) الكافي 7/ 242/ 11، التهذيب 10/ 81/ 319.

(4) الكافي 7/ 243/ 19.

(5) التهذيب 10/ 88/ 340.

(6) التهذيب 10/ 81/ 315.

(7) من لا يحضره الفقيه 4/ 35/ 105.

أحكام الحكومة الإسلامية (523)

إن هذا افترى علي، قال: وما قال لك؟ قال: إنه احتلم بأم الآخر، فقال: إن في العدل إن شئت جلدت ظله، فإن الحلم إنما هو مثل الظل، ولكنا سنوجعه ضربا وجيعا حتى لا يؤذي المسلمين، فضربه ضربا وجيعا (1).

[الحديث: 2378] عن الإمام الباقر: أنه رفع إلى الإمام علي أمر امرأة ولدت جارية وغلاما في بطن، وكان زوجها غائباً، فأراد أن يقر بواحد، وينفي الآخر، فقال: ليس ذاك له، إما أن يقربهما جميعا، وإما أن ينكرهما جميعا (2).

[الحديث: 2379] قيل للإمام علي: رجل قذف امرأته، ثمّ خرج، فجاء وقد توفّيت، فقال: يخير واحدة من ثنتين، يقال له: إن شئت ألزمت نفسك الذنب، فيقام عليك الحدّ، وتعطى الميراث، وإن شئت أقررت، فلاعنت أدنى قرابتها إليها، ولا ميراث لك (3).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 2380] قال الإمام الباقر: الذي قد أملك ولم يدخل بها جلد مائة ونفي سنة (4).

[الحديث: 2381] سئل الإمام الباقر عن رجل اغتصب امرأة، فقال: يقتل محصنا كان أو غير محصن (5).

[الحديث: 2382] قال الإمام الباقر في امرأة قذفت رجلا: تجلد ثمانين جلدة (6).

[الحديث: 2383] قيل للإمام الباقر: إذا قذف الرجل الرجل فقال: إنك تعمل عمل قوم لوط، فقال: يجلد حد القاذف ثمانين جلدة (7).

__________

(1) الكافي 7/ 266/ 30.

(2) قرب الإسناد: 71.

(3) التهذيب 8/ 194/ 679.

(4) الكافي 7/ 177/ 4.

(5) الكافي 7/ 189/ 1، التهذيب 10/ 17/ 47.

(6) الكافي 7/ 205/ 4.

(7) الكافي 7/ 208/ 14، التهذيب 10/ 66/ 242، التهذيب 10/ 66/ 243.

أحكام الحكومة الإسلامية (524)

[الحديث: 2384] سئل الإمام الباقر عن الغلام لم يحتلم يقذف الرجل هل يجلد؟ قال: لا (1).

[الحديث: 2385] سئل الإمام الباقر عن الرجل يقذف القوم جميعا بكلمة واحدة، فقال: إذا لم يسمهم فإنما عليه حد واحد، وإن سمى فعليه لكل رجل حد (2).

[الحديث: 2386] سئل الإمام الباقر عن ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا، وقالوا: الآن يأتي الرابع، قال: يجلدون حد القاذف ثمانين جلدة كل رجل منهم (3).

[الحديث: 2387] قال الإمام الباقر: لا أكون أول الشهود الأربعة في الزنا أخشى أن ينكل بعضهم فأجلد (4).

[الحديث: 2388] قال الإمام الباقر: لا تكون الملاعنة ولا الإيلاء إلا بعد الدخول (5).

[الحديث: 2389] قيل للإمام الباقر: كيف صار الرجل إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات بالله، وإذا قذفها غيره أب أو أخ أو ولد أو غريب جلد الحدّ، أو يقيم البينة على ما قال؟ فقال: إن الزوج إذا قذف امرأته فقال: رأيت ذلك بعيني، كانت شهادته أربع شهادات بالله، وإذا قال: إنه لم يره قيل له: أقم البينة على ما قلت، وإلا كان بمنزلة غيره، وذلك أن الله تعالى جعل للزوج مدخلا لا يدخله غيره والد ولا ولد، يدخله بالليل والنهار، فجاز له أن يقول: رأيت، ولو قال غيره: رأيت، قيل له: وما أدخلك المدخل الذي ترى هذا فيه وحدك؟ أنت متّهم، فلا بد من أن يقيم عليك الحد الذي أوجبه الله عليك (6).

__________

(1) الكافي 7/ 205/ 5، وعلل الشرائع: 534/ 1، والتهذيب 10/ 68/ 251 والاستبصار 4/ 233/ 879.

(2) التهذيب 10/ 69/ 258، والاستبصار 4/ 228/ 852.

(3) الكافي 7/ 210/ 1.

(4) الكافي 7/ 210/ 2.

(5) الكافي 6/ 162/ 2.

(6) التهذيب 8/ 192/ 670.

أحكام الحكومة الإسلامية (525)

[الحديث: 2390] قال الإمام الباقر: لا يكون اللعان إلا بنفي ولد، وإذا قذف الرجل امرأته لاعنها (1).

[الحديث: 2391] قال الإمام الباقر: ميراث ولد الملاعنة لأمه فإن كانت أمه ليست بحيّة، فلأقرب الناس من أمه لأخواله (2).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 2392] قال الإمام الصادق: الحرّ والحرّة إذا زنيا جلد كلّ واحد منهما مائة جلدة (3).

[الحديث: 2393] قيل للإمام الصادق: رجل أتى رجلا، فقال: عليه إن كان محصنا القتل، وإن لم يكن محصنا فعليه الجلد، قيل: فما على المؤتى؟ قال: عليه القتل على كل حال محصنا كان أو غير محصن (4).

[الحديث: 2394] عن الإمام الصادق أنه نهى عن قذف من ليس على الإسلام إلا أن يطلع على ذلك منهم، وقال: أيسر ما يكون أن يكون قد كذب (5).

[الحديث: 2395] عن أبي الحسن الحذاء، قال: كنت عند الإمام الصادق فسألني رجل ما فعل غريمك؟ قلت: ذاك ابن الفاعلة، فنظر إلى الإمام الصادق نظرا شديدا، قال: فقلت: جعلت فداك، إنه مجوسي أمه أخته، فقال: أوليس ذلك في دينهم نكاحا (6)؟!

[الحديث: 2396] قال الإمام الصادق: القاذف يجلد ثمانين جلدة ولا تقبل له شهادة أبدا إلا بعد التوبة أو يكذب نفسه، فإن شهد له ثلاثة وأبى واحد، يجلد الثلاثة ولا تقبل

__________

(1) الكافي 6/ 166/ 16.

(2) التهذيب 8 190/ 663.

(3) الكافي 7/ 177/ 2، التهذيب 10/ 3/ 6،.

(4) الكافي 7/ 198/ 2.

(5) الكافي 7/ 239/ 1، التهذيب 10/ 75/ 286.

(6) الكافي 7/ 240/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (526)

شهادتهم حتى يقول أربعة: رأينا مثل الميل في المكحلة (1).

[الحديث: 2397] سئل الإمام الصادق عن الرجل يقذف بالزنا، قال: يجلد، هذا في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (2).

[الحديث: 2398] قال الإمام الصادق في رجل قال للرجل: يا ابن الفاعلة: إن كانت أمه حية شاهدة ثم جاءت تطلب حقها ضرب ثمانين جلدة، وإن كانت غائبة انتظر بها حتى تقدم ثم تطلب حقها، وإن كانت قد ماتت ولم يعلم منها إلا خير ضرب المفتري عليها الحد، ثمانين جلدة (3).

[الحديث: 2399] قيل للإمام الصادق: امرأة زنت فأتت بولد وأقرت عند إمام المسلمين بأنها زنت، وأن ولدها ذلك من الزنا، فأقيم عليها الحد، وأن ذلك الولد نشأ حتى صار رجلا، فافترى عليه رجل، هل يجلد من افترى عليه؟ فقال: يجلد ولا يجلد، فقيل: كيف يجلد ولا يجلد؟ فقال: من قال له: يا ولد الزنا لم يجلد ويعزر وهو دون الحد، ومن قال له: يا ابن الزانية جلد الحد كاملا، قيل له: كيف جلد هكذا؟ فقال: إنه إذا قال له: يا ولد الزنا، كان قد صدق فيه وعزر على تعييره أمه ثانية، وقد أقيم عليها الحد، فإن قال له: يا ابن الزانية، جلد الحد تاما لفريته عليها بعد إظهار التوبة وإقامة الإمام عليها الحد (4).

[الحديث: 2400] قال الإمام الصادق: يحد قاذف اللقيط، ويحد قاذف ابن الملاعنة (5).

[الحديث: 2401] سئل الإمام الصادق عن رجل قذف ملاعنة، فقال: عليه

__________

(1) تفسير القمي 2/ 96.

(2) الكافي 7/ 205/ 3.

(3) الكافي 7/ 205/ 6.

(4) الكافي 7/ 206/ 7، والتهذيب 10/ 67/ 250.

(5) الكافي 7/ 209/ 19.

أحكام الحكومة الإسلامية (527)

الحد (1).

[الحديث: 2402] سئل الإمام الصادق عن ابن المغصوبة يفتري عليه الرجل فيقول: يا ابن الفاعلة؟ فقال: أرى أن عليه الحد ثمانين جلدة، ويتوب إلى الله مما قال (2).

[الحديث: 2403] قال الإمام الصادق: قاذف اللقيط يحد، والمرأة إذا قذف زوجها وهو أصم يفرق بينهما ثم لا تحل له أبدا (3).

[الحديث: 2404] قيل للإمام الصادق: رجل قذف قوما، فقال: بكلمة واحدة؟ قيل: نعم، قال: يضرب حدا واحدا، فإن فرق بينهم في القذف ضرب لكل واحد منهم حدا (4).

[الحديث: 2405] سئل الإمام الصادق عن رجل افترى على قوم جماعة، فقال: إن أتوا به مجتمعين به ضرب حدا واحدا، وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل حدا (5).

[الحديث: 2406] قال الإمام الصادق في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فلم يعدلوا: يضربون الحد (6).

[الحديث: 2407] سئل الإمام الصادق عن رجل سب رجلا بغير قذف يعرض به، هل يجلد؟ قال: عليه تعزير (7).

[الحديث: 2408] قال الإمام الصادق: إذا قال الرجل: أنت خبيث أو أنت خنزير فليس فيه حد، ولكن فيه موعظة وبعض العقوبة (8).

__________

(1) الكافي 7/ 206/ 8.

(2) الكافي 7/ 206/ 9.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 36/ 111.

(4) الكافي 7/ 209/ 2، والتهذيب 10/ 69/ 256، والاستبصار 4/ 227/ 851.

(5) الكافي 7/ 210/ 3.

(6) التهذيب 10/ 69/ 259.

(7) الكافي 7/ 240/ 3.

(8) الكافي 7/ 241/ 6، التهذيب 10/ 81/ 318.

أحكام الحكومة الإسلامية (528)

[الحديث: 2409] سئل الإمام الصادق عن رجل قال لآخر: يا فاسق، فقال: لا حد عليه ويعزر (1).

[الحديث: 2410] سئل الإمام الصادق عن الرجل يقذف الرجل بالزنا فيعفو عنه ويجعله من ذلك في حل، ثم إنه بعد ذلك يبدو له في أن يقدمه حتى يجلده، فقال: ليس له حد بعد العفو، قيل: أرأيت إن هو قال: يا ابن الزانية فعفا عنه وترك ذلك لله؟ فقال: إن كانت أمه حية فليس له أن يعفو، العفو إلى أمه متى شاءت أخذت بحقها، فإن كانت أمه قد ماتت فإنه ولي أمرها يجوز عفوه (2).

[الحديث: 2411] سئل الإمام الصادق عن الرجل يقذف امرأته، فقال: يجلد، قيل: أرأيت إن عفت عنه، قال: لا، ولا كرامة (3).

[الحديث: 2412] سئل الإمام الصادق عن الرجل يفتري على الرجل فيعفو عنه، ثم يريد أن يجلده بعد العفو، فقال: ليس له أن يجلده بعد العفو (4).

[الحديث: 2413] قيل للإمام الصادق: لو أن رجلا قال لرجل: يا ابن الفاعلة ـ يعني: الزنا ـ وكان للمقذوف أخ لأبيه وأمه فعفا أحدهما عن القاذف وأراد أحدهما أن يقدمه إلى الوالي ويجلده، أكان ذلك له؟ قال: أليس أمه هي أم الذي عفا؟.. إن العفو إليهما جميعا إذا كانت أمهما ميتة، فالأمر إليهما في العفو، وإن كانت حية فالأمر إليها في العفو (5).

[الحديث: 2414] قال الإمام الصادق: إن الحد لا يورث كما تورث الدية والمال، ولكن من قام به من الورثة فهو وليه، ومن تركه فلم يطلبه فلا حق له، وذلك مثل رجل

__________

(1) الكافي 7/ 242// 15.

(2) الكافي 7/ 252/ 6.

(3) التهذيب 10/ 80/ 312، والاستبصار 4/ 232/ 874.

(4) الكافي 7/ 253/ 1.

(5) الكافي 7/ 253/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (529)

قذف وللمقذوف أخوان فإن عفا عنه أحدهما كان للآخر أن يطلبه بحقه لأنها أمهما جميعا، والعفو إليهما جميعا (1).

[الحديث: 2415] قال الإمام الصادق: من أقر بولد ثم نفاه جلد الحد، وألزم الولد (2).

[الحديث: 2416] قال الإمام الكاظم: كنت واقفا على رأس أبي (الإمام الصادق) حين أتاه رسول زياد بن عبيد الله الحارثي ـ عامل المدينة ـ فقال: يقول لك الأمير: انهض إليّ، فاعتل بعلة، فعاد إليه الرسول، فقال: قد أمرت أن يفتح لك باب المقصورة فهو أقرب لخطوك، فنهض أبي واعتمد علي ودخل على الوالي وقد جمع فقهاء أهل المدينة كلهم وبين يديه كتاب فيه شهادة على رجل من أهل وادي القرى قد ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنال منه، فقال له الوالي: يا أبا عبد الله انظر في الكتاب، قال: حتى أنظر ما قالوا، فالتفت إليهم، فقال: ما قلتم؟ قالوا: قلنا: يؤدب ويضرب ويعزر ويحبس، فقال لهم: أرأيتم لو ذكر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان الحكم فيه؟ قالوا: مثل هذا، قال: فليس بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين رجل من أصحابه فرق؟! فقال الوالي: دع هؤلاء يا أبا عبد الله لو أردنا هؤلاء لم نرسل إليك، فقال الإمام الصادق: أخبرني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: الناس في أسوة سواء من سمع أحدا يذكرني فالواجب عليه أن يقتل من شتمني ولا يرفع إلى السلطان، والواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال مني، فقال زياد بن عبيد الله: أخرجوا الرجل فاقتلوه بحكم الإمام الصادق (3).

__________

(1) التهذيب 10/ 83/ 327، والاستبصار 4/ 235/ 883، والكافي 7/ 255.

(2) الكافي 7/ 261/ 8، والتهذيب 10/ 87/ 338، والاستبصار 4/ 23/ 877.

(3) الكافي 7/ 266/ 32، والتهذيب 10/ 84/ 331.

أحكام الحكومة الإسلامية (530)

[الحديث: 2417] سئل الإمام الصادق عن رجل يجيء منه الشيء على جهة غضب، يؤاخذه الله به؟ فقال: الله أكرم من أن يستغلق عبده (1).

[الحديث: 2418] سئل الإمام الصادق عن رجل قال لامرأته: يا زانية، فقال: يجلد حدا ويفرق بينهما بعدما يجلد ولا تكون امرأته، وإن كان قال كلاما أفلت منه من غير أن يعلم شيئا أراد أن يغيظها به، فلا يفرق بينهما (2).

[الحديث: 2419] قيل للإمام الصادق: كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: إن رجلا من المسلمين أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله أرأيت لو أن رجلا دخل منزله، فرأى مع امرأته رجلا يجامعها، ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فانصرف الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته، فنزل الوحي من عند الله عزّ وجلّ بالحكم فيها، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذلك الرجل، فدعاه، فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال: نعم، فقال له: انطلق فائتني بامرأتك، فإن الله عزّ وجلّ قد أنزل الحكم فيك وفيها، فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال للزوج: اشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به، فشهد، ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمسك ووعظه، ثمّ قال: اتق الله فإن لعنة الله شديدة، ثمّ قال: اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين، فشهد فأمر به فنحي، ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله إن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به، فشهدت ثمّ قال لها: أمسكي، فوعظها، ثمّ قال لها: اتقي الله، فإن غضب الله شديد، ثمّ قال لها: اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به، فشهدت، ففرق بينهما، وقال لهما: لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد، ما

__________

(1) الكافي 8/ 254/ 360.

(2) التهذيب 10/ 88/ 341.

أحكام الحكومة الإسلامية (531)

تلاعنتما (1).

[الحديث: 2420] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: 6 - 9]، فقال: هو القاذف الذي يقذف امرأته، فإذا قذفها ثمّ أقر أنه كذب عليها جلد الحد، وردت إليه امرأته، وإن أبى إلا أن يمضي فيشهد عليها أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين، وإن أرادت أن تدرأ عن نفسها العذاب شهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن فعلت درأت عن نفسها الحد، ثمّ لا تحل له إلى يوم القيامة، قيل: أرأيت إن فرق بينهما ولها ولد فمات، قال: ترثه أمّه، فإن ماتت أمه ورثه أخواله، ومن قال: إنه ولد زنا جلد الحد، قيل: يرد إليه الولد إذا أقرّ به؟ قال: لا، ولا كرامة، ولا يرث الابن ويرثه الابن (2).

[الحديث: 2421] سئل الإمام الصادق عن رجل افترى على امرأته، فقال: يلاعنها فإن أبى أن يلاعنها جلد الحد وردت إليه امرأته، وإن لاعنها فرّق بينهما، ولم تحل له إلى يوم القيامة، والملاعنة أن يشهد عليها أربع شهادات بالله إني رأيتك تزنين، والخامسة يلعن نفسه إن كان من الكاذبين، وإن أرادت أن تدرأ عنها العذاب شهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن كان انتفى من ولدها

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 349/ 1671.

(2) الكافي 6/ 162/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (532)

ألحق بأخواله يرثونه، ولا يرثهم إلا أن يرث أمه، فإن سماه أحد ولد زنا جلد الذي يسميه الحد (1).

[الحديث: 2422] قال الإمام الصادق: لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بأهله (2).

[الحديث: 2423] قيل للإمام الصادق: الرجل يقذف امرأته قبل أن يدخل بها، فقال: يضرب الحد، ويخلى بينه وبينها (3).

[الحديث: 2424] قال الإمام الصادق: من قذف امرأته قبل أن يدخل بها جلد الحدّ، وهي امرأته (4).

[الحديث: 2425] سئل الإمام الصادق عن رجل تزوج امرأة غائبة لم يرها، فقذفها؟ فقال: يجلد (5).

[الحديث: 2426] قيل للإمام الصادق: ما تقول في رجل لاعن امرأته قبل أن يدخل بها؟ قال: لا يكون ملاعنا إلاّ بعد أن يدخل بها يضرب حدّاً، وهي امرأته، ويكون قاذفا (6).

[الحديث: 2427] سئل الإمام الصادق عن رجل أوقفه الإمام للّعان فشهد شهادتين ثمّ نكل، وأكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللعان، فقال: يجلد حدّ القاذف، ولا يفرّق بينه وبين امرأته (7).

[الحديث: 2428] سئل الإمام الصادق عن الرجل يقذف امرأته، فقال: يلاعنها، ثمّ يفرق بينهما، فلا تحل له أبدا، فإن أقر على نفسه قبل الملاعنة جلد حداً، وهي امرأته (8).

__________

(1) التهذيب 8/ 187/ 649.

(2) الكافي 6/ 162/ 1.

(3) الكافي 7/ 211/ 2.

(4) الكافي 7/ 211/ 3.

(5) التهذيب 10/ 78/ 303.

(6) التهذيب 8/ 197/ 692.

(7) الكافي 7/ 212/ 6 وفي 6/ 163/ 5.

(8) الكافى 6/ 163/ 6، والتهذيب 8/ 187/ 650.

أحكام الحكومة الإسلامية (533)

[الحديث: 2429] قال الإمام الصادق في الرجل يقذف امرأته: يجلد، ثمّ يخلى بينهما، ولا يلاعنها حتى يقول: إنه قد رأى من يفجر بها (1).

[الحديث: 2430] سئل الإمام الصادق عن الرجل يفتري على امرأته، فقال: يجلد، ثمّ يخلى بينهما، ولا يلاعنها حتّى يقول: أشهد أني رأيتك تفعلين كذا وكذا (2).

[الحديث: 2431] قال الإمام الصادق: لا يكون لعان حتّى يزعم أنه قد عاين (3).

[الحديث: 2432] سئل الإمام الصادق عن الملاعنة التي يقذفها زوجها، وينتفي من ولدها، فيلاعنها ويفارقها، ثمّ يقول بعد ذلك: الولد ولدي، ويكذب نفسه؟ فقال: أما المرأة فلا ترجع إليه، وأما الولد فإني أرده عليه إذا ادعاه ولا أدع ولده، وليس له ميراث، ويرث الابن الأب، ولا يرث الأب الابن، يكون ميراثه لأخواله، فإن لم يدعه أبوه فإن أخواله يرثونه ولا يرثهم، فإن دعاه أحد ابن الزانية جلد الحد (4).

[الحديث: 2433] قال الإمام الصادق في رجل لاعن امرأته وهي حبلى، ثمّ ادعى ولدها بعد ما ولدت، وزعم أنه منه، قال: يرد إليه الولد، ولا يجلد؛ لأنّه قد مضى التلاعن (5).

[الحديث: 2434] قال الإمام الصادق: إذا قذف الرجل امرأته، ثمّ أكذب نفسه جلد الحد، وكانت امرأته، وإن لم يكذب نفسه تلاعنا، وفرّق بينهما (6).

[الحديث: 2435] سئل الإمام الصادق عن رجل لاعن امرأته، وهي حبلى قد استبان حملها، وأنكر ما في بطنها، فلما وضعت ادّعاه، وأقرّ به، وزعم أنه منه، فقال: يرد إليه

__________

(1) الكافي 7/ 212/ 9.

(2) الكافي 6/ 166/ 15، والتهذيب 8/ 186/ 648 و193/ 678، والاستبصار 3/ 372/ 1326 و1328.

(3) الكافي 6/ 167/ 21.

(4) الكافي 6/ 163/ 6، والتهذيب 8/ 187/ 650، والاستبصار 3/ 376/ 1344.

(5) الكافي 6/ 164/ 8 والتهذيب 8/ 192/ 672.

(6) الكافي 7/ 211/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (534)

ولده، ويرثه، ولا يجلد؛ لأنّ اللعان قد مضى (1).

[الحديث: 2436] سئل الإمام الصادق عن رجل لاعن امرأته، وانتفى من ولدها، ثمّ أكذب نفسه بعد الملاعنة، وزعم أن الولد ولده، هل يرد عليه ولده؟ فقال: لا، ولا كرامة، لا يردّ عليه، ولا تحل له إلى يوم القيامة (2).

[الحديث: 2437] سئل الإمام الصادق عن ابن الملاعنة، من يرثه؟ فقال: أمه وعصبة أمه، قيل: أرأيت إن ادعاه أبوه بعدما قد لاعنها؟ قال: أرده عليه؛ من أجل أن الولد ليس له أحد يوارثه، ولا تحل له أمه إلى يوم القيامة (3).

[الحديث: 2438] قال الإمام الصادق في رجل قذف امرأته وهي خرساء: يفرق بينهما (4).

[الحديث: 2439] سئل الإمام الصادق عن رجل قذف امرأته بالزنا، وهي خرساء صماء لا تسمع ما قال، فقال: إن كان لها بينة فشهدت عند الإمام جلد الحدّ، وفرّق بينها وبينه، ثمّ لا تحل له أبدا، وإن لم يكن لها بينة فهي حرام عليه ما أقام معها، ولا إثمّ عليها منه (5).

[الحديث: 2440] سئل الإمام الصادق عن امرأة قذفت زوجها وهو أصم: يفرق بينها وبينه، ولا تحل له أبدا.

[الحديث: 2441] قيل للإمام الصادق: المرأة الخرساء، كيف يلاعنها زوجها؟ فقال: يفرّق بينهما، ولا تحلّ له أبدا (6).

__________

(1) الكافي 6/ 165/ 13.

(2) التهذيب 8/ 194/ 680،.

(3) التهذيب 8/ 195/ 685.

(4) الكافي 6/ 164/ 9.

(5) الكافي 6/ 166/ 18، والتهذيب 7/ 310/ 1288.

(6) الكافي 6/ 167/ 20.

أحكام الحكومة الإسلامية (535)

[الحديث: 2442] قال الإمام الصادق: لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بامرأته، ولا يكون اللعان إلا بنفي الولد (1).

[الحديث: 2443] قيل للإمام الصادق: الرجل يتزوج المرأة ليست بمأمونة، تدعي الحمل، فقال: ليصبر؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الولد للفراش، وللعاهر الحجر (2).

[الحديث: 2444] سئل الإمام الصادق عن أربعة شهدوا على امرأة بالزنا، أحدهم زوجها، فقال: تجوز شهادتهم (3).

[الحديث: 2445] سئل الإمام الصادق عن أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها، فقال: يلاعن الزوج ويجلد الآخرون (4).

[الحديث: 2446] سئل الإمام الصادق عن أربعة شهدوا على امرأة بفجور، أحدهم زوجها، فقال: يجلدون الثلاثة، ويلاعنها زوجها، ويفرق بينهما، ولا تحلّ له أبداً (5).

[الحديث: 2447] سئل الإمام الصادق عن رجل لاعن امرأته وهي حبلى، وقد استبان حملها وأنكر ما في بطنها، فلما وضعت ادعاه، وأقرّ به، وزعم أنه منه، فقال: يرد عليه ولده، ويرثه ولا يجلد؛ لأنّ اللعان بينهما قد مضى (6).

[الحديث: 2448] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي يلاعن في كل حال، إلا أن تكون حاملا (7).

[الحديث: 2449] قيل للإمام الصادق: رجل قذف امرأته، وهي في قرية من القرى، فجاءت إلى القاضي لتلاعن فماتت قبل أن يتلاعنا، فقال الإمام الصادق: إن قام

__________

(1) التهذيب 8/ 185/ 646، والاستبصار 3/ 371/ 1324.

(2) التهذيب 8/ 183/ 640.

(3) التهذيب 6/ 282/ 776، والاستبصار 3/ 35/ 118.

(4) التهذيب 6/ 282/ 777.

(5) التهذيب 10/ 79/ 306.

(6) التهذيب 8/ 190/ 660، والاستبصار 3/ 375/ 1339.

(7) التهذيب 8/ 190/ 661، والاستبصار 3/ 375/ 1340.

أحكام الحكومة الإسلامية (536)

رجل من أهلها مقامها فلاعنه، فلا ميراث له، وإن أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها، أخذ الميراث زوجها (1).

[الحديث: 2450] قال الإمام الصادق: يحد قاذف اللقيط، ويحد قاذف ابن الملاعنة (2).

[الحديث: 2451] قال الإمام الصادق: إذا تلاعن اثنان فتباعد منهما، فإن ذلك مجلس تنفر منه الملائكة، ثمّ قال: اللهم لا تجعل لهما إلي مساغاً، واجعلهما برأس من يكايد دينك، ويضاد وليّك، ويسعى في الأرض فسادا (3).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 2452] قال الإمام الكاظم: أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة (4).

[الحديث: 2453] سئل الإمام الكاظم عن الملاعنة، قائما يلاعن أم قاعدا؟ فقال: الملاعنة وما أشبهها من قيام (5).

[الحديث: 2454] سئل الإمام الكاظم عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، فادعت أنها حامل؟ فقال: إن أقامت البينة على أنه أرخى عليها ستراً، ثمّ أنكر الولد لاعنها، ثمّ بانت منه، وعليه المهر كاملا (6).

[الحديث: 2455] سئل الإمام الكاظم عن رجل لاعن امرأته، فحلف أربع شهادات بالله، ثمّ نكل في الخامسة، فقال: إن نكل عن الخامسة فهي امرأته وجلد، وإن

__________

(1) التهذيب 8/ 190/ 664.

(2) التهذيب 8/ 191/ 669.

(3) أمالي الطوسي 2/ 311.

(4) التهذيب 10/ 37/ 130، والاستبصار 4/ 212/ 791.

(5) الكافي 6/ 165/ 12.

(6) الكافي 6/ 165/ 12، والتهذيب 8/ 193/ 677.

أحكام الحكومة الإسلامية (537)

نكلت المرأة عن ذلك إذا كانت اليمين عليها فعليها مثل ذلك (1).

[الحديث: 2456] سئل الإمام الكاظم عن رجل لاعن امرأته، وانتفى من ولدها، ثمّ أكذب نفسه، هل يرد عليه ولده؟ فقال: إذا أكذب نفسه جلد الحدّ، وردّ عليه ابنه، ولا ترجع إليه امرأته أبدا (2).

[الحديث: 2457] سئل الإمام الكاظم عن رجل قذف امرأته، ثمّ طلقها، فطلبت بعد الطلاق قذفه إياها، فقال: إن هو أقر جلد، وإن كانت في عدتها لاعنها (3).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 2458] قال الإمام الرضا: علة القتل بعد إقامة الحد في الثالثة على الزاني والزانية لاستخفافهما وقلة مبالاتهما بالضرب حتى كأنه مطلق لهما ذلك، وعلة أخرى أن المستخف بالله وبالحد كافر، فوجب عليه حد لدخوله في الكفر (4).

[الحديث: 2459] قال الإمام الرضا: حرم الله قذف المحصنات لما فيه من فساد الأنساب، ونفي الولد، وإبطال المواريث، وترك التربية، وذهاب المعارف، وما فيه من الكبائر والعلل التي تؤدي إلى فساد الخلق (5).

[الحديث: 2460] قال الإمام الرضا: علة ضرب القاذف، وشارب الخمر ثمانين جلدة، لأن في القذف نفي الولد، وقطع النسل، وذهاب النسب، وكذلك شارب الخمر، لأنه إذا شرب هذى، وإذاهذى، افترى، فوجب عليه حد المفتري (6).

[الحديث: 2461] قيل للإمام الرضا: أصلحك الله كيف الملاعنة؟ قال: يقعد

__________

(1) الكافي 6/ 165/ 12.

(2) التهذيب 8/ 194/ 681، والاستبصار 3/ 376/ 1342.

(3) قرب الإسناد: 110.

(4) علل الشرائع: 546/ 1، عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 97/ 1.

(5) من لا يحضره الفقيه 3/ 370/ 1748.

(6) علل الشرائع 545/ 1، وعيون أخبار الإمام الرضا 2/ 97/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (538)

الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ويجعل الرجل عن يمينه، والمرأة والصبي عن يساره، ثمّ يقوم الرجل فيحلف أربع مرات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به، ثمّ يقول له الإمام: اتق الله، فإن لعنة الله شديدة، ثمّ يقول الرجل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به، ثمّ تقوم المرأة فتحلف أربع مرات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به، ثمّ يقول لها الإمام: اتقي الله، فإن غضب الله شديد، ثمّ تقول المرأة: غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به.. ثمّ يفرّق بينهما ولا تحل له أبدا، وإن دعا أحد ولدها: ابن الزانية جلد الحد، فإن ادعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده، ولم ترجع إليه امرأته، فإن مات الأب ورثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه الأب، ويكون ميراثه لأمه، فإن لم يكن له أم فميراثه لأخواله، ولم يرثه أحد من قبل الأب، وإذا قذف الرجل امرأته وهي خرساء فرق بينهما، والعبد إذا قذف امرأته تلاعنا كما يتلاعن الأحرار، ويكون اللعان بين الحر والحرة، وبين المملوك والحرة، وبين الحر والمملوكة، وبين العبد والأمة، وبين المسلم واليهودية والنصرانية (1).

[الحديث: 2462] قال الإمام الرضا: إنما صارت شهادة الزوج أربع شهادات بالله؛ لمكان الأربعة الشهداء، مكان كلّ شاهد يمين (2).

[الحديث: 2463] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به (3).

[الحديث: 2464] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط (4).

[الحديث: 2465] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قال الرجل لرجل يا يهودي فاضربوه

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 3/ 347/ 1665.

(2) علل الشرائع: 545/ 1.

(3) أبو داود (4462)، والترمذي (1456)

(4) الترمذي (1457)

أحكام الحكومة الإسلامية (539)

عشرين، فإن قال: يا مخنث فمثله، ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه، هذا إذا علم (1).

رابعا ـ ما ورد حول الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ العقل

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ العقل، وهي زواجر لم ترد في القرآن الكريم، وإنما وردت بها الأحاديث، واختلفت في طريقتها، مما يدل على أنها أقرب إلى التعزيرات منها إلى الحدود، وبذلك يمكن للحاكم أن يزيد على ما ورد في الأحاديث أو يقدرها بحسب ما تقتضيه المصالح.

وقد أشار إلى هذا بوضوح الإمام الصادق بقوله عن شارب الخمر: (أما رجل كانت منه زلة فإني معزره، وأما آخر يدمن فإني كنت منهكه عقوبة لأنه يستحل المحرمات كلها، ولو ترك الناس وذلك لفسدوا) (2)

وقد ورد في المصادر السنية ما يؤيد هذا المعنى؛ فعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنعال (3).

وعنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريد نحو أربعين، وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر (4).

وعن عبد الرحمن بن أزهر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي بشارب خمر وهو بحنين، فحثي في وجهه التراب، ثم أمر أصحابه فضربوه بنعالهم، وما كان في أيديهم حتى قال لهم: ارفعوا (5).

ويروون عن الإمام علي أنه قال: ما كنت لأقيم على أحد حدا فيموت، فأجد في نفسي منه شيئا إلا صاحب الخمر، فإنه لو مات وديته، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يسنه (6).

__________

(1) الترمذي (1462)

(2) التهذيب 10/ 96/ 372، والاستبصار 4/ 236/ 888.

(3) البخاري (6773)، ومسلم (1706)

(4) مسلم (1706)، وأبو داود (4479)

(5) أبو داود (4488)، وأحمد 3/ 499.

(6) البخاري (6778)، مسلم (1707)

أحكام الحكومة الإسلامية (540)

وقد ورد في المصادر الشيعية ما يؤكد هذا؛ فقد روي أنه قيل للإمام الصادق: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف كان يضرب في الخمر؟ فقال: كان يضرب بالنعال ويزداد إذا أتي بالشارب، ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف ذلك على ثمانين، أشار بذلك الإمام علي على عمر فرضي بها (1).

وبما أن المخدرات لا تختلف عن الخمر إلا في نوع النشوة التي تحدثها؛ فإن للحاكم أن يعزر فيها بما يشبه تعزير الخمر، بحسب الظروف والأحوال، والتي قد يكون من بينها القتل نفسه، إن كان هو الرادع الوحيد للذين يتعاطونها.

أما المتاجرون فيها وفي الخمر؛ فلا شك أنهم لا يختلفون عن المحاربين المفسدين في الأرض، وجزاؤهم هو جزاء المحاربين، لأن آثارهم أخطر بكثير من آثار المتعاطين لها.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 2466] عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنعال (2).

[الحديث: 2467] عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريد نحو أربعين، وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر (3).

[الحديث: 2468] عن ثور بن زيد: أن عمر استشار في حد الخمر، فقال له علي: أرى أن تجعله ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذي، وإذا هذي افترى، فجلد عمر

__________

(1) الكافي 7/ 214/ 5.

(2) البخاري (6773)، ومسلم (1706)

(3) مسلم (1706)، وأبو داود (4479)

أحكام الحكومة الإسلامية (541)

ثمانين (1).

[الحديث: 2469] عن عبد الرحمن بن أزهر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي بشارب خمر وهو بحنين، فحثي في وجهه التراب، ثم أمر أصحابه فضربوه بنعالهم، وما كان في أيديهم حتى قال لهم: ارفعوا (2).

[الحديث: 2470] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه (3).

[الحديث: 2471] عن قبيصة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه في الثالثة أو الرابعة، فأتي برجل قد شرب فجلده، ثم أتي به فجلده ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده ورفع القتل، وكانت رخصة (4).

[الحديث: 2472] عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقت في الخمر حدا، شرب رجلٌ فسكر، فلقي يميل في الفج، فانطلق به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما حاذى بدار العباس انفلت فدخل على العباس، فالتزمه فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فضحك، وقال: أفعلها، ولم يأمر فيه بشيء (5).

[الحديث: 2473] عن علي قال: ما كنت لأقيم على أحد حدا فيموت، فأجد في نفسي منه شيئا إلا صاحب الخمر، فإنه لو مات وديته، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يسنه (6).

[الحديث: 2474] عن عمر: أن رجلا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحيانا، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد جلده في الشراب، فأتي به يوما فأمر به فجلد، فقال رجلٌ من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

__________

(1) (الموطأ) 2/ 642.

(2) أبو داود (4488)، وأحمد 3/ 499.

(3) أبو داود (4482)، والترمذي (1444)

(4) أبو داود (4485)

(5) أحمد 1/ 322، وأبو داود (4476)

(6) البخاري (6778)، مسلم (1707)

أحكام الحكومة الإسلامية (542)

لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا إنه يحب الله ورسوله (1).

[الحديث: 2475] عن هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي برجل قد شرب فقال: اضربوه، فمنا الضارب بيده والضارب، بنعله، والضارب بثوبه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: بكتوه، فأقبلنا عليه نقول أما اتقيت الله، أما خشيت الله أما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما انصرف قال له بعض القوم: أخزاك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان ولكن قولوا اللهم ارحمه، اللهم تب عليه (2).

[الحديث: 2476] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من جلد حدا في غير حد فهو من المعتدين (3).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 2477] قيل للإمام الصادق: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف كان يضرب في الخمر؟ فقال: كان يضرب بالنعال ويزداد إذا أتي بالشارب، ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف ذلك على ثمانين، أشار بذلك الإمام علي على عمر فرضي بها (4).

[الحديث: 2478] عن الإمام علي، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب في الخمر ثمانين (5).

[الحديث: 2479] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد الثالثة فاقتلوه (6).

[الحديث: 2480] قال الإمام الصادق: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتي بشارب الخمر ضربه، فإن أتي به ثانية ضربه، فإن أتي به ثالثة ضرب عنقه، قيل: النبيذ، قال: إذا أخذ شاربه

__________

(1) البخاري (6780)

(2) البخاري (6777)، وأبو داود (4478)

(3) ذكره الهيثمي في (المجمع) 6/ 281، وقال: رواه الطبراني.

(4) الكافي 7/ 214/ 5.

(5) الخصال: 592/ 2.

(6) الكافي 7/ 218/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (543)

قد انتشى ضرب ثمانين، قيل: أرأيت إن أخذته ثانية، قال: اضربه، قيل: فإن أخذته ثالثة؟ قال: يقتل كما يقتل شارب الخمر (1).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 2481] قال الإمام الباقر: أقيم عبيد الله بن عمر وقد شرب الخمر فأمر به عمر أن يضرب، فلم يتقدم عليه أحد يضربه حتى قام الإمام علي بنسعة مثنية لها طرفان، فضربه بها أربعين (2).

[الحديث: 2482] قال الإمام علي: الرجل إذا شرب الخمر سكر، وإذا سكر هذي، وإذا هذي افترى، فاجلدوه حد المفتري (3).

[الحديث: 2483] قال الإمام الصادق: إن في كتاب الإمام علي يضرب شارب الخمر ثمانين، وشارب النبيذ ثمانين (4).

[الحديث: 2484] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي يضرب في الخمر والنبيذ ثمانين (5).

[الحديث: 2485] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي يضرب في الخمر والنبيذ ثمانين، الحر والعبد واليهودي والنصراني، قيل: وما شأن اليهودي والنصراني؟ قال: ليس لهم أن يظهروا شربه، يكون ذلك في بيوتهم (6).

__________

(1) التهذيب 10/ 96/ 370، والاستبصار 4/ 235/ 886.

(2) الكافي 7/ 214/ 3.

(3) الكافي 7/ 215/ 7، والتهذيب 10/ 90/ 346.

(4) الكافي 7/ 214/ 4.

(5) الكافي 7/ 215/ 8.

(6) الكافي 7/ 215/ 8، والتهذيب 10/ 91/ 353.

أحكام الحكومة الإسلامية (544)

[الحديث: 2486] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي يجلد الحر والعبد واليهودي والنصراني في الخمر والنبيذ ثمانين، قيل: ما بال اليهودي والنصراني؟ فقال: إذا أظهروا ذلك في مصر من الأمصار، لأنهم ليس لهم أن يظهروا شربها (1).

[الحديث: 2487] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي أن يجلد اليهودي والنصراني في الخمر والنبيذ المسكر ثمانين جلدة إذا أظهروا شربه في مصر من أمصار المسلمين، وكذلك المجوس، ولم يعرض لهم إذا شربوها في منازلهم وكنائسهم حتى يصيروا بين المسلمين (2).

[الحديث: 2488] قال الإمام علي: يجلد اليهودي والنصراني في الخمر ومسكر النبيذ ثمانين جلدة إذا أظهروا شربه في مصر من الأمصار، وإن هم شربوه في كنائسهم وبيعهم لم يتعرض لهم حتى يصيروا بين المسلمين (3).

[الحديث: 2489] قال الإمام الصادق: في كتاب الإمام علي يضرب شارب الخمر وشارب المسكر، قيل: كم؟ قال: حدهما واحد (4).

[الحديث: 2490] قال الإمام الصادق: أتي الإمام علي بالنجاشي الشاعر قد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه ثمانين، ثم حبسه ليلة، ثم دعا به من الغد فضربه عشرين، فقال له: يا أمير المؤمنين هذا ضربتني ثمانين في شرب الخمر، وهذه العشرون ما هي؟ فقال: هذا لتجرئك على شرب الخمر في شهر رمضان (5).

[الحديث: 2491] قال الإمام الصادق: شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر، فرفع إلى أبي بكر، فقال له: أشربت خمرا؟ قال: نعم، قال: ولم، وهي محرمة؟ فقال له الرجل: إني

__________

(1) الكافي 7/ 215/ 9.

(2) الكافي 7/ 239/ 7.

(3) التهذيب 10/ 93/ 359.

(4) الكافي 7/ 216/ 11.

(5) الكافي 7/ 216/ 15.

أحكام الحكومة الإسلامية (545)

أسلمت وحسن إسلامي ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلون، ولو علمت أنها حرام اجتنبتها، فالتفت أبوبكر إلى عمر، فقال: ما تقول في أمر هذا الرجل؟ فقال عمر: معضلة وليس لها إلا أبو الحسن، فقال أبوبكر: ادع لنا عليا، فقال عمر: يؤتى الحكم في بيته، فقام والرجل معهما ومن حضرهما من الناس حتى أتوا الإمام علي فأخبراه بقصة الرجل وقص الرجل قصته، فقال: ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه قرأ عليه آية التحريم، فخلى عنه، فقال له: إن شربت بعدها أقمنا عليك الحد (1).

[الحديث: 2492] عن الإمام علي أنه أتي بشارب الخمر واستقرأه القرآن فقرأ، فأخذ رداءه فألقاه مع أردية الناس، وقال له: خلص رداك، فلم يخلصه فحده (2).

[الحديث: 2493] قال الإمام الصادق: أتي عمر بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر وقامت عليه البينة، فسأل الإمام علي فأمره أن يجلده ثمانين، فقال قدامة: يا أمير المؤمنين ليس على حد، أنا من أهل هذه الآية ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [المائدة: 93] فقال الإمام علي: لست من أهلها إن طعام أهلها لهم حلال ليس يأكلون ولا يشربون إلا ما أحل الله لهم، ثم قال: إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب، فاجلدوه ثمانين جلدة (3).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 2494] سئل الإمام الصادق عن رجل شرب حسوة خمر، فقال: يجلد

__________

(1) الكافي 7/ 216/ 16.

(2) التهذيب/ 10 97/ 376، والاستبصار 4/ 236/ 889.

(3) الكافي 7/ 215/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (546)

ثمانين جلدة قليلها وكثيرها حرام (1).

[الحديث: 2495] قيل للإمام الصادق: الزنا شر، أو شرب الخمر؟ وكيف صار في الخمر ثمانون؟ وفي الزنا مائة؟ فقال: الحد واحد ولكن زيد في هذا لتضييعه النطفة ولوضعه إياها في غير موضعها الذي أمر الله به (2).

[الحديث: 2496] قيل للإمام الصادق: أرأيت إن أخذ شارب النبيذ ولم يسكر، أيجلد؟ قال: لا (3).

[الحديث: 2497] قيل للإمام الصادق: أرأيت إن أخذ شارب النبيذ ولم يسكر أيجلد ثمانين؟ قال: لا، وكل مسكر حرام (4).

[الحديث: 2498] سئل الإمام الصادق عن الشارب، فقال: أما رجل كانت منه زلة فإني معزره، وأما آخر يدمن فإني كنت منهكه عقوبة لأنه يستحل المحرمات كلها، ولو ترك الناس وذلك لفسدوا (5).

[الحديث: 2499] قال الإمام الصادق: حد اليهودي والنصراني والمملوك في الخمر والفرية سواء، وإنما صولح أهل الذمة على أن يشربوها في بيوتهم (6).

[الحديث: 2500] سئل الإمام الصادق عن عبد مملوك قذف حرا، قال: يجلد ثمانين هذا من حقوق المسلمين، فأمّا ما كان من حقوق الله فإنه يضرب نصف الحد، قيل: الذي من حقوق الله ما هو؟ قال: إذا زنى أو شرب الخمر فهذا من الحقوق التي يضرب فيها نصف الحد (7).

__________

(1) الكافي 7/ 214/ 1.

(2) التهذيب 10/ 99/ 383.

(3) التهذيب 10/ 96/ 370، والاستبصار 4/ 235/ 886.

(4) التهذيب 10/ 96/ 371، والاستبصار 4/ 236/ 887.

(5) التهذيب 10/ 96/ 372، والاستبصار 4/ 236/ 888.

(6) الكافي 7/ 216/ 14.

(7) التهذيب 10/ 92/ 357، والاستبصار 4/ 237/ 894.

أحكام الحكومة الإسلامية (547)

[الحديث: 2501] قال الإمام الصادق: كل مسكر من الأشربة يجب فيه كما يجب في الخمر من الحدّ (1).

[الحديث: 2502] قال الإمام الصادق: من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه (2).

ما روي عن سائر الأئمة

[الحديث: 2503] قال الإمام الباقر: من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه (3).

[الحديث: 2504] قال الإمام الكاظم: أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحدود مرتين قتلوا في الثالثة (4).

خامسا ـ ما ورد حول الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ الأموال

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الزواجر والحدود المتعلقة بحفظ الأموال، وأكثر هذه الزواجر موكولة للجهات التشريعية والقضائية والتنفيذية في الدولة لترى العقوبات المناسبة لها، ويستثنى من ذلك السارق الذي يسرق مالا معينا وبطريقة معينة؛ فقد ورد فيه حكم القطع، وبشروطه الخاصة.

ويشير إلى هذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطعٌ) (5)، فهو لا يعني إعفاؤهم من العقوبة، لأن جرائمهم قد تكون أشد، وإنما يعفون من

__________

(1) الكافي 7/ 216/ 13.

(2) الكافي 7/ 218/ 2، التهذيب 10/ 95/ 367.

(3) الكافي 7/ 218/ 5.

(4) الكافي 7/ 219/ 6، التهذيب 10/ 95/ 369، والاستبصار 4/ 212/ 791.

(5) أبو داود (4392)،والترمذي (1448)

أحكام الحكومة الإسلامية (548)

تلك العقوبات الخاصة، ويعزرون بالعقوبات التي تتناسب مع جرائمهم، والتي قد تكون أكبر بكثير من عقوبة القطع.

وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك العقوبة الخاصة في قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: 38]

وقد عقبت بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 39] لتتيح الفرصة للسارق لتسليم نفسه، وإرجاع ما سرقه لأصحابه حتى لا تنفذ فيه العقوبة.

وقد أشار إلى هذا الإمام الصادق بقوله: حدثني بعض أهلي أن شابا أتى الإمام علي فأقر عنده بالسرقة، فقال له الإمام علي: إني أراك شابا لا بأس بهبتك، فهل تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم، سورة البقرة، فقال: قد وهبت يدك لسورة البقرة (1).

بل روي ما يدل على تخفيف الحاكم لهذه العقوبة إذا اقتضت الأمور ذلك، ومن الأمثلة على ذلك ما روي عن الإمام علي أنه كان إذا قطع السارق ترك الإبهام والراحة، فقيل له: يا أمير المؤمنين تركت عليه يده؟ فقال لهم: فإن تاب فبأي شيء يتوضأ؟ لأن الله يقول: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فإن اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 38 - 39] (2)

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

__________

(1) التهذيب 10/ 127/ 506، والاستبصار 4/ 252/ 954.

(2) تفسير العياشي 1/ 318/ 103.

أحكام الحكومة الإسلامية (549)

[الحديث: 2505] عن عائشة قالت: يد السارق لم تقطع على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا في ثمن مجن حجفة أو ترس (1).

[الحديث: 2506] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقطع اليد إلا في ثمن المجن، وثمن المجن ربع دينار (2).

[الحديث: 2507] عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قطع سارقا في مجن قيمته ثلاثة دراهم (3).

[الحديث: 2508] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده، قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيض الحديد وإن من الحبال ما يساوي دراهم (4).

[الحديث: 2509] عن أبي أمية المخزومي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي بلص قد اعترف اعترافا، ولم يوجد معه متاعٌ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما إخالك سرقت؟ قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يعترف فأمر به، فقطع وجيء به فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: استغفر الله وتب إليه، فقال: أستغفر الله وأتوب إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم تب عليه ثلاثا (5).

[الحديث: 2510] عن عائشة: أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة حبه صلى الله عليه وآله وسلم فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتشفع في حد من حدود الله، ثم قام فاختطب فقال: إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه

__________

(1) البخاري (6792)، ومسلم (1685)

(2) النسائي في (الكبرى) 4/ 339 (7418)

(3) البخاري (6795)، ومسلم (1686)

(4) البخاري (6783)، ومسلم (1687)

(5) أبو داود (4380)، والنسائي 8/ 67 - 68، وابن ماجة (2597)

أحكام الحكومة الإسلامية (550)

الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها (1).

[الحديث: 2511] عن ابن عمرو: أن رجلا من مزينة أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، كيف ترى في حريسة الجبل؟ قال: هي ومثلها والنكال وليس في شيء من الماشية قطعٌ إلا فيما آواه المراح فبلغ ثمن المجن ففيه قطع اليد وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليه وجلدات النكال، قال: يا رسول الله، كيف ترى في الثمر المعلق؟ قال: هو ومثله معه والنكال وليس في شيء من الثمر المعلق قطعٌ إلا فيما آواه الجرين فما أخذ من الجرين فبلغ ثمن المجن ففيه القطع وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليه (2).

[الحديث: 2512] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطعٌ (3).

[الحديث: 2513] عن عباد بن شرحبيل قال: أصابتني سنةٌ فدخلت حائطا من حيطان المدينة، ففركت سنبلا فأكلت وحملت في ثوبي، فجاء صاحبه فضربني وأخذ ثوبي، فأتى بي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر ذلك له، فقال له: ما علمت إذا كان جاهلا، ولا أطعمت إذا كان جائعاأو ساغبا، فأمره فرد علي ثوبي وأعطاني وسقا أو نصف وسق من طعام (4).

[الحديث: 2514] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يحلبن أحدكم ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتثل طعامه، إنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم فلا يحلبن أحدٌ ماشية أحد إلا بإذنه (5).

[الحديث: 2515] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها

__________

(1) البخاري (3475)، ومسلم (1688)

(2) أبو داود (1710)، والترمذي (1289)،والنسائي 8/ 86.

(3) أبو داود (4392)،والترمذي (1448)

(4) أبو داود (2620)، والنسائي 8/ 240، وابن ماجة (2281)

(5) البخاري (2435)، ومسلم (1726)

أحكام الحكومة الإسلامية (551)

صاحبها فليستأذنه فإن أذن له فليحتلب وليشرب وإن لم يكن فيها أحدٌ فليصوت ثلاثا فإن أجابه أحدٌ فليستأذنه، وإن لم يجبه أحدٌ فليحتلب وليشرب ولا يحمل (1).

[الحديث: 2516] عن رافع بن عمرو قال: كنت أرمي نخل الأنصار فأخذوني فذهبوا بي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رافع لم ترمي نخلهم، فقلت: يا رسول الله، الجوع، قال: لا ترم، وكل ما وقع، أشبعك الله وأرواك (2).

[الحديث: 2517] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من دخل حائطا فليأكل، ولا يتخذ خبنة (3).

[الحديث: 2518] عن أسيد بن حضير: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى أنه إذا وجدها يعني السرقة في يد رجل غير المتهم فإن شاء أخذها بما اشتراها وإن شاء اتبع سارقه (4).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 2519] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أربع لا تدخل بيتا واحدة منهن إلا خرب ولم يعمر بالبركة: الخيانة والسرقة، وشرب الخمر، والزنا (5).

[الحديث: 2520] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزني الزاني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق وهو مؤمن (6).

[الحديث: 2521] قال الإمام الصادق: قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيمن سرق الثمار في كمه فما أكل منه فلا شيء عليه، وما حمل فيعزر ويغرم قيمته مرتين (7).

[الحديث: 2522] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا قطع في ثمر ولا كثر ـ والكثر شحم النخل (8) ـ.

__________

(1) أبو داود (2619)، والترمذي (1296)

(2) أبو داود (2622)، والترمذي (1288)

(3) الترمذي (1287)

(4) النسائي 7/ 312 - 313.

(5) أمالي الصدوق: 325/ 12.

(6) قرب الإسناد 112.

(7) الكافي 7/ 230/ 3، التهذيب 10/ 110/ 431.

(8) الكافي 7/ 231/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (552)

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 2523] قال الإمام الباقر: قطع الإمام علي في بيضة حديد، وفي جنة وزنهما ثمانية وثلاثون رطلا (1).

[الحديث: 2524] قال الإمام الصادق: حدثني بعض أهلي أن شابا أتى الإمام علي فأقر عنده بالسرقة، فقال له الإمام علي: إني أراك شابا لا بأس بهبتك، فهل تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم، سورة البقرة، فقال: قد وهبت يدك لسورة البقرة، قال الإمام الصادق: وإنما منعه أن يقطعه لأنه لم يقم عليه بينة (2).

[الحديث: 2525] عن الإمام علي أنه كان إذا قطع السارق ترك الإبهام والراحة، فقيل له: يا أمير المؤمنين تركت عليه يده؟ فقال لهم: فإن تاب فبأي شيء يتوضأ؟ لأن الله يقول: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فإن اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 38 - 39] (3)

[الحديث: 2526] قال الإمام الباقر: قضى أمير المؤمنين (الإمام علي) في السارق إذا سرق قطعت يمينه، وإذا سرق مرة أخرى قطعت رجله اليسرى، ثم إذا سرق مرة أخرى سجنه وتركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط ويده اليسرى يأكل بها ويستنجي بها، وقال: إني لأستحيي من الله أن أتركه لا ينتفع بشيء ولكني أسجنه حتى يموت في السجن،

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 4/ 43/ 143.

(2) التهذيب 10/ 127/ 506، والاستبصار 4/ 252/ 954.

(3) تفسير العياشي 1/ 318/ 103.

أحكام الحكومة الإسلامية (553)

وقال: ما قطع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سارق بعد يده ورجله (1).

[الحديث: 2527] قيل للإمام علي: إن هو سرق بعد قطع اليد والرجل؟ قال: أستودعه السجن أبدا وأغني عن الناس شره (2).

[الحديث: 2528] قال الإمام الباقر: أتي الإمام علي في زمانه برجل قد سرق فقطع يده، ثم أتي به ثانية فقطع رجله من خلاف، ثم أتي به ثالثة فخلده في السجن وأنفق عليه من بيت مال المسلمين، وقال: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا أخالفه (3).

[الحديث: 2529] سئل الإمام الصادق عن السارق يسرق فتقطع يده، ثمّ يسرق فتقطع رجله، ثم يسرق، هل عليه قطع؟ فقال: في كتاب الإمام علي: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مضى قبل أن يقطع أكثر من يد ورجل، وكان الإمام علي يقول: إني لأستحيي من ربي أن لا أدع له يدا يستنجي بها، أو رجلا يمشي عليها (4).

[الحديث: 2530] قيل للإمام الصادق: هل كان الإمام علي يحبس أحدا من أهل الحدود؟ قال: لا، إلا السارق فإنه كان يحبسه في الثالثة بعد قطع يده ورجله (5).

[الحديث: 2531] قال الإمام الباقر: قضى أمير المؤمنين في رجل أمر به أن تقطع يمينه، فقدمت شماله فقطعوها وحسبوها يمينه، وقالوا: إنما قطعنا شماله، أتقطع يمينه؟ فقال: لا، لا تقطع يمينه قد قطعت شماله، وقال في رجل أخذ بيضة من المقسم وقالوا: قد سرق أقطعه، فقال: إني لم أقطع أحدا له فيما أخذ شرك (6).

[الحديث: 2532] قال الإمام علي: من أقر عند تجريد أو تخويف أو حبس أو تهديد

__________

(1) الكافي 7/ 222/ 4، والتهذيب 10/ 103/ 402، وعلل الشرائع: 536/ 1.

(2) الكافي 7/ 222/ 3، والتهذيب 10/ 104/ 403.

(3) الكافي 7/ 223/ 5، والتهذيب 10/ 104/ 405.

(4) التهذيب 10/ 108/ 421.

(5) علل الشرائع: 536/ 3.

(6) الكافي 7/ 223/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (554)

فلا حد عليه (1).

[الحديث: 2533] قال الإمام علي: لا قطع على أحد يخوف من ضرب ولا قيد ولا سجن ولا تعنيف إلا أن يعترف فإن اعترف قطع، وإن لم يعترف سقط عنه لمكان التخويف (2).

[الحديث: 2534] قال الإمام علي في السارق إذا أخذ وقد أخذ المتاع وهو في البيت لم يخرج بعد: ليس عليه القطع حتى يخرج به من الدار (3).

[الحديث: 2535] قال الإمام علي: لا قطع على السارق حتى يخرج بالسرقة من البيت ويكون فيها ما يجب فيه القطع (4).

[الحديث: 2536] قال الإمام علي: لا أقطع في الدغارة المعلنة ـ وهي: الخلسة ـ ولكن أعزره (5).

[الحديث: 2537] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في رجل اختلس ثوبا من السوق، فقالوا: قد سرق هذا الرجل، فقال: إني لا أقطع في الدغارة المعلنة ولكن أقطع من يأخذ ثم يخفي (6).

[الحديث: 2538] قال الإمام علي: أربعة لا قطع عليهم: المختلس، والغلول، ومن سرق من الغنيمة، وسرقة الأجير فإنها خيانة (7).

[الحديث: 2539] قال الإمام الصادق: أتي الإمام علي برجل اختلس درة من أذن

__________

(1) الكافي 7/ 261/ 6.

(2) التهذيب 10/ 128/ 511.

(3) الكافي 7/ 224/ 11.

(4) التهذيب 10/ 107/ 415.

(5) الكافي 7/ 225/ 1.

(6) الكافي 7/ 226/ 2.

(7) الكافي 7/ 226/ 6، والتهذيب 10، 114/ 449، والاستبصار 4/ 241/ 912.

أحكام الحكومة الإسلامية (555)

جارية، فقال: هذه الدغارة المعلنة، فضربه وحبسه (1).

[الحديث: 2540] قال الإمام علي: ليس على الطرار والمختلس قطع لأنها دغارة معلنة، ولكن يقطع من يأخذ ويخفي (2).

[الحديث: 2541] قال الإمام الصادق: أتي الإمام علي بطرّار قد طرّ دراهم من كمّ رجل، فقال: إن كان طر من قميصه الأعلى لم أقطعه، وإن كان طر من قميصه السافل قطعته (3).

[الحديث: 2542] قال الإمام علي: كل مدخل يدخل فيه بغير إذن فسرق منه السارق فلا قطع فيه ـ يعني: الحمامات والخانات والأرحية (4) ـ.

[الحديث: 2543] قال الإمام علي: لا يقطع إلا من نقب بيتا، أو كسر قفلا (5).

[الحديث: 2544] قال الإمام علي: يقطع سارق الموتى كما يقطع سارق الأحياء (6).

[الحديث: 2545] قال الإمام الصادق: اخذ نباش في زمن معاوية، فقال لأصحابه: ما ترون؟ فقالوا: نعاقبه ونخلّي سبيله، فقال رجل من القوم: ما هكذا فعل عليّ بن أبي طالب، قال: وما فعل؟ قال: قال: يقطع النباش، وقال: هو سارق وهتاك للموتى (7).

[الحديث: 2546] عن إسحاق بن عمّار، أنّ الإمام علي قطع نباش القبر، فقيل له: أتقطع في الموتى؟ فقال: إنا نقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا (8).

[الحديث: 2547] عن الإمام الصادق أن الإمام علي أتي بالكوفة برجل سرق حماما

__________

(1) الكافي 7/ 226/ 7.

(2) علل الشرائع: 544/ 1.

(3) الكافي 7/ 226/ 5.

(4) الكافي 7/ 231/ 5.

(5) التهذيب 10/ 109/ 423، والاستبصار 4/ 243/ 918.

(6) الكافي 7/ 229/ 4، والتهذيب 10/ 115/ 458، والاستبصار 4/ 245/ 927.

(7) الكافي 7/ 229/ 5.

(8) التهذيب 10/ 116/ 464، والاستبصار 4/ 246/ 933.

أحكام الحكومة الإسلامية (556)

فلم يقطعه، وقال: لا أقطع في الطير (1).

[الحديث: 2548] قال الإمام علي: لا قطع في ريش ـ يعني: الطير كله (2) ـ.

[الحديث: 2549] قال الإمام علي: لا يقطع من سرق شيئاً من الفاكهة، وإذا مر بها فليأكل ولا يفسد (3).

[الحديث: 2550] عن الإمام الصادق أن الإمام علي أتي برجل سرق من بيت المال، فقال: لا يقطع فإن له فيه نصيبا (4).

[الحديث: 2551] روي عن الإمام علي أنه رفع إليه رجلان سرقا من مال الله أحدهما عبد من مال الله والآخر من عرض الناس، فقال: أما هذا فهو مال الله ولا حد عليه ومال الله أكل بعضه بعضا، وأما الآخر فعليه الحد فقطع يده (5).

[الحديث: 2552] قال الإمام الصادق: كان الإمام علي لا يقطع السارق في أيام المجاعة (6).

[الحديث: 2553] عن علي بن أبي رافع، قال: كنت على بيت مال علي بن أبي طالب وكاتبه، وكان في بيت ماله عقد لؤلؤ كان أصابه يوم البصرة، فأرسلت إليّ بنت أمير المؤمنين فقالت لي: بلغني أن في بيت مال أمير المؤمنين عقد لؤلؤ وهو في يدك وأنا أحب أن تعيرنيه أتجمل به في أيام عيد الأضحى، فأرسلت إليها: عارية مضمونة مردودة؟ يا بنت أمير المؤمنين، قالت: نعم، عارية مضمونة مردودة بعد ثلاثة أيام، فدفعته إليها وأن أمير المؤمنين رآه عليها فعرفه، فقال لها: من أين صار إليك هذا العقد؟ فقالت: استعرته من علي بن أبي

__________

(1) الكافي 7/ 230/ 4، التهذيب 10/ 111/ 434.

(2) الكافي 7/ 230/ 1.

(3) التهذيب 10/ 130/ 521.

(4) الكافي 7/ 231/ 6.

(5) نهج البلاغة 3/ 218/ 271.

(6) الكافي 7/ 231/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (557)

رافع خازن بيت مال أمير المؤمنين لأتزين به في العيد ثم أرده، قال: فبعث إلي أمير المؤمنين فجئته، فقال لي: أتخون المسلمين يا ابن أبي رافع؟! فقلت له: معاذ الله أن أخون المسلمين، فقال: كيف أعرت بنت أمير المؤمنين العقد الذي في بيت مال المسلمين بغير إذني ورضاهم؟! فقلت: يا أمير المؤمنين إنها ابنتك وسألتني أن أعيرها إياه تتزين به فأعرتها إياه عارية مضمونة مردودة، فضمنته في مالي وعلى أن أرده سليماً إلى موضعه، قال: فرده من يومك وإياك أن تعود لمثل هذا فتنالك عقوبتي ثم أولى لابنتي لو كانت أخذت العقد على غير عارية مضمونة مردودة لكانت إذا أول هاشمية قطعت يدها في سرقة.. قال: فقبضته منها ورددته إلى موضعه (1).

[الحديث: 2554] عن الحارث بن حضيرة، قال: مررت بحبشي وهو يستقي بالمدينة فإذا هو أقطع، فقلت له: من قطعك؟ قال: قطعني خير الناس إنا أخذنا في سرقة ونحن ثمانية نفر فذهب بنا إلى علي بن أبي طالب فأقررنا بالسرقة، فقال لنا: تعرفون أنها حرام؟ فقلنا: نعم، فأمر بنا فقطعت أصابعنا من الراحة وخليت الإبهام، ثم أمر بنا فحبسنا في بيت يطعمنا فيه السمن والعسل حتى برئت أيدينا، ثم أمر بنا فأخرجنا وكسانا فأحسن كسوتنا، ثم قال لنا: إن تتوبوا وتصلحوا فهو خير لكم يلحقكم الله بأيديكم في الجنة، وإلا تفعلوا يلحقكم الله بأيديكم في النار (2).

[الحديث: 2555] قال الإمام الباقر: أتي الإمام علي بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكف وترك الإبهام ولم يقطعها، وأمرهم أن يدخلوا إلى دار الضيافة، وأمر بأيديهم أن تعالج فأطعمهم السمن والعسل واللحم حتى برئوا، فدعاهم، فقال: يا هؤلاء

__________

(1) التهذيب 10/ 151/ 606.

(2) الكافي 7/ 264/ 22.

أحكام الحكومة الإسلامية (558)

إن أيديكم سبقتكم إلى النار، فإن تبتم وعلم الله منكم صدق النية تاب عليكم وجررتم أيديكم إلى الجنة، فإن لم تتوبوا ولم تقلعوا عما أنتم عليه جرتكم أيديكم إلى النار (1).

[الحديث: 2556] قال الإمام الصادق: أتي الإمام علي بقوم سراق قد قامت عليهم البينة وأقروا، فقطع أيديهم، ثم قال: يا قنبر ضمهم إليك فداو كلومهم، وأحسن القيام عليهم، فإذا برئوا فأعلمني، فلما برأوا أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، القوم الذين أقمت عليهم الحدود قد برئت جراحاتهم، فقال: اذهب فاكس كل رجل منهم ثوبين وأتني بهم، فكساهم ثوبين ثوبين وأتى بهم في أحسن هيئة متردين مشتملين كأنهم قوم محرمون، فمثلوا بين يديه قياما، فأقبل على الأرض ينكتها بإصبعه مليا، ثم رفع رأسه إليهم، فقال: اكشفوا أيديكم، ثم قال: ارفعوا رؤوسكم إلى السماء فقولوا: اللهم إن عليا قطعنا ففعلوا، فقال: اللهم على كتابك وسنة نبيك، ثم قال لهم: يا هؤلاء إن تبتم سلمتم أيديكم، وإن لم تتوبوا ألحقتم بها، ثم قال: يا قنبر خل سبيلهم واعط كل واحد منهم ما يكفيه إلى بلده (2).

[الحديث: 2557] قال الإمام الصادق: أتي الإمام علي برجال قد سرقوا فقطع أيديهم، ثم قال: إن الذي بان من أجسادكم قد يصل إلى النار فإن تتوبوا تجروها، وإلا تتوبوا تجركم (3).

[الحديث: 2558] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في نفر نحروا بعيرا فأكلوه فامتحنوا أيهم نحروا فشهدوا على أنفسهم أنهم نحروه جميعا، لم يخصوا أحدا دون أحد، فقضى أن تقطع أيمانهم (4).

ما روي عن الإمام الباقر

__________

(1) الكافي 7/ 266/ 31.

(2) التهذيب 10/ 127/ 509.

(3) علل الشرائع: 537/ 8.

(4) التهذيب 10/ 129/ 517.

أحكام الحكومة الإسلامية (559)

[الحديث: 2559] قال الإمام الباقر: أدنى ما يقطع فيه يد السارق خمس دينار (1).

[الحديث: 2560] سئل الإمام الباقر في كم يقطع السارق؟ فجمع كفيه، ثم قال: في عددها من الدراهم (2).

[الحديث: 2561] قال الإمام الباقر: أدنى ما تقطع فيه يد السارق خمس دينار، والخمس آخر الحد الذي لا يكون القطع في دونه، ويقطع فيه وفيما فوقه (3).

[الحديث: 2562] قال الإمام الباقر: لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين، فإن رجع ضمن السرقة، ولم يقطع إذا لم يكن شهود (4).

[الحديث: 2563] قال الإمام الباقر: العبد إذا أقر على نفسه عند الإمام مرة أنه قد سرق قطعه، والأمة إذا أقرت بالسرقة قطعها (5).

[الحديث: 2564] قيل للإمام الباقر: رجل سرق فلم يقدر عليه، ثم سرق مرة أخرى ولم يقدر عليه، وسرق مرة أخرى فأخذ فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى والسرقة الأخيرة، فقال: تقطع يده بالسرقة الأولى، ولا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة، قيل: وكيف ذاك؟ قال: لأن الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى والأخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الأولى، ولو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى ثم أمسكوا حتى يقطع، ثم شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى (6).

[الحديث: 2565] قيل للإمام الباقر: رجل يسرق فتقطع يده بإقامة البينة عليه ولم يرد ما سرق، كيف يصنع به في مال الرجل الذي سرقه منه؟ أوليس عليه رده؟! وإن ادعى

__________

(1) الكافي 7/ 221/ 4.

(2) التهذيب 10/ 100/ 390، والاستبصار 4/ 239/ 902.

(3) التهذيب 10/ 102/ 396، والاستبصار 4/ 240/ 909.

(4) الكافي 7/ 219/ 2، الفقيه 4/ 43/ 145.

(5) الكافي 7/ 220/ 7.

(6) الكافي 7/ 224/ 12.

أحكام الحكومة الإسلامية (560)

أنه ليس عنده قليل ولا كثير وعلم ذلك منه؟ قال: يستسعى حتى يؤدي آخر درهم سرقه (1).

[الحديث: 2566] قال الإمام الباقر: السارق يتبع بسرقته وإن قطعت يده، ولا يترك أن يذهب بمال امرئ مسلم (2).

[الحديث: 2567] قال الإمام الباقر: الضيف إذا سرق لم يقطع، وإذا أضاف الضيف ضيفا فسرق قطع ضيف الضيف (3).

[الحديث: 2568] سئل الإمام الباقر عن قوم اصطحبوا في سفر رفقاء فسرق بعضهم متاع بعض، فقال: هذا خائن لا يقطع، ولكن يتبع بسرقته وخيانته.. قيل: فإن سرق من أبيه، فقال: لا يقطع لأن ابن الرجل لا يحجب عن الدخول إلى منزل أبيه هذا خائن، وكذلك إن أخذ من منزل أخيه أو أخته إن كان يدخل عليهم لا يجحبانه عن الدخول (4).

[الحديث: 2569] قال الإمام الباقر: لا يقطع إلا من نقب بيتا أو كسر قفلا (5).

[الحديث: 2570] عن عبد الله بن محمد الجعفي، قال: كنت عند الإمام الباقر وجاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ثم نكحها، فإن الناس قد اختلفوا علينا: طائفة قالوا: اقتلوه، وطائفة قالوا: أحرقوه، فكتب إليه الإمام الباقر: إن حرمة الميت كحرمة الحي تقطع يده لنبشه وسلبه الثياب، ويقام عليه الحد في الزنا: إن أحصن قتل، وإن لم يكن أحصن جلد مائة (6).

[الحديث: 2571] قال الإمام الباقر: لا يقطع السارق في عام سنة مجدبة ـ يعني: في

__________

(1) الكافي 7/ 261/ 9.

(2) التهذيب 10/ 106/ 413.

(3) الكافي 7/ 228/ 4.

(4) الكافي 7/ 228/ 6.

(5) تفسير العياشي 1/ 319/ 108.

(6) الكافي 7/ 228/ 2، والتهذيب 10/ 116/ 461، والاستبصار 4/ 246/ 930.

أحكام الحكومة الإسلامية (561)

المأكول دون غيره (1) ـ.

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 2572] قيل للإمام الصادق: في كم يقطع السارق؟ قال: في ربع دينار، قيل: في درهمين؟ قال: في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ، قيل: أرأيت من سرق أقل من ربع دينار هل يقع عليه حين سرق اسم السارق؟ وهل هو عند الله سارق؟ فقال: كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه وأحرزه فهو يقع عليه اسم السارق، وهو عند الله سارق، ولكن لا يقطع إلا في ربع دينار أو أكثر، ولو قطعت أيدي السراق فيما أقل هو من ربع دينار لألقيت عامة الناس مقطعين (2).

[الحديث: 2573] قال الإمام الصادق: لا يقطع يد السارق إلا في شيء تبلغ قيمته مجنا، وهو ربع دينار (3).

[الحديث: 2574] قال الإمام الصادق: لا تقطع يد السارق حتى تبلغ سرقته ربع دينار، وقد قطع الإمام علي في بيضة حديد (4).

[الحديث: 2575] سئل الإمام الصادق عن أدنى ما يقطع فيه السارق، فقال: في بيضة حديد، قيل: وكم ثمنها؟ قال: ربع دينار (5).

[الحديث: 2576] قال الإمام الصادق: يقطع السارق في كل شيء بلغ قيمته خمس دينار إن سرق من سوق أو زرع أو ضرع أو غير ذلك (6).

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 4/ 43/ 141.

(2) الكافي 7/ 221/ 6، التهذيب 10/ 99/ 384، والاستبصار 4/ 238/ 896.

(3) الكافي 7/ 221/ 2، التهذيب 10/ 100/ 387، والاستبصار 4/ 239/ 899.

(4) الكافي 7/ 221/ 3، التهذيب 10/ 99/ 385، والاستبصار 4/ 238/ 897.

(5) الكافي 7/ 221/ 3.

(6) التهذيب 10/ 102/ 395، والاستبصار 4/ 240/ 908.

أحكام الحكومة الإسلامية (562)

[الحديث: 2577] قال الإمام الصادق في رجل سرق من بستان عذقا قيمته درهمان: يقطع به (1).

[الحديث: 2578] قال الإمام الصادق: إن أقر الرجل الحر على نفسه مرة واحدة عند الإمام قطع (2).

[الحديث: 2579] قال الإمام الصادق: لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين، ولا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات (3).

[الحديث: 2580] قيل للإمام الصادق: من أين يجب القطع؟ فبسط أصابعه وقال: من هاهنا ـ يعني: من مفصل الكف (4) ـ.

[الحديث: 2581] قال الإمام الصادق: القطع من وسط الكف، ولا يقطع الإبهام، وإذا قطعت الرجل ترك العقب لم يقطع (5).

[الحديث: 2582] قال الإمام الصادق: يقطع من السارق أربع أصابع ويترك الإبهام، وتقطع الرجل من المفصل ويترك العقب يطأ عليه (6).

[الحديث: 2583] قال الإمام الصادق: إذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكف، فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم، فإن عاد استودع السجن، فإن سرق في السجن قتل (7).

[الحديث: 2584] قال الإمام الصادق: تقطع رجل السارق بعد قطع اليد، ثم لا يقطع بعد، فإن عاد حبس في السجن وأنفق عليه من بيت مال المسلمين (8).

__________

(1) التهذيب 10/ 128/ 513.

(2) التهذيب 10/ 126/ 504، والاستبصار 4/ 250/ 949.

(3) التهذيب 10/ 8/ 21، والاستبصار 4/ 204/ 762.

(4) الكافي 7/ 222/ 1، التهذيب 10/ 102/ 397.

(5) الكافي 7/ 222/ 2.

(6) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 150/ 388.

(7) الكافي 7/ 223/ 8.

(8) الكافي 7/ 223/ 6، والتهذيب 10/ 104/ 404.

أحكام الحكومة الإسلامية (563)

[الحديث: 2585] قيل للإمام الصادق: أخبرني عن السارق لم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، ولا تقطع يده اليمنى ورجله اليمنى؟ فقال: ما أحسن ما سألت إذا قطعت يده اليمنى ورجله اليمنى سقط على جانبه الأيسر ولم يقدر على القيام، فإذا قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى اعتدل واستوى قائما، قيل: جعلت فداك وكيف يقوم وقد قطعت رجله؟ فقال: إن القطع ليس من حيث رأيت يقطع إنما يقطع الرجل من الكعب ويترك له من قدمه ما يقوم عليه ويصلي ويعبد الله، قيل: من أين تقطع اليد؟ قال: تقطع الأربع الأصابع ويترك الإبهام يعتمد عليها في الصلاة، ويغسل بها وجهه للصلاة، قيل: فهذا القطع من أول من قطع؟ قال: قد كان عثمان بن عفان حسن ذلك لمعاوية (1).

[الحديث: 2586] سئل الإمام الصادق عن رجل سرق سرقة فكابر عنها فضرب، فجاء بها بعينها، هل يجب عليه القطع؟ قال: نعم، ولكن لو اعترف ولم يجيء بالسرقة لم تقطع يده، لأنه اعترف على العذاب (2).

[الحديث: 2587] سئل الإمام الصادق عن رجل نقب بيتا فأخذ قبل أن يصل إلى شيء، فقال: يعاقب، فإن أخذ وقد أخرج متاعا فعليه القطع (3).

[الحديث: 2588] سئل الإمام الصادق عن رجل أخذوه وقد حمل كارة من ثياب، وقال: صاحب البيت أعطانيها؟ فقال: يدرأ عنه القطع إلا أن تقوم عليه بيّنة، فإن قامت البينة عليه قطع (4).

[الحديث: 2589] قيل للإمام الصادق: السارق يسرق العام فيقدم إلى الوالي ليقطع فيوهب، ثم يؤخذ في قابل وقد سرق الثانية ويقدم إلى السلطان فبأيّ السرقتين يقطع؟ قال:

__________

(1) الكافي 7/ 225/ 17.

(2) الكافي 7/ 223/ 9.

(3) الكافي 7/ 224/ 10، والتهذيب 10/ 107/ 416.

(4) الكافي 7/ 224/ 10، والتهذيب 10/ 107/ 416.

أحكام الحكومة الإسلامية (564)

يقطع بالأخير ويستسعى بالمال الذي سرقه أولا حتى يرده على صاحبه (1).

[الحديث: 2590] قال الإمام الصادق: إذا سرق السارق قطعت يده وغرم ما أخذ (2).

[الحديث: 2591] قال الإمام الصادق: أتي الإمام علي برجال قد سرقوا فقطع أيديهم، ثم قال: إن الذي بان من أجسادكم قد وصل إلى النار فإن تتوبوا تجترونها، وإن لم تتوبوا تجتركم (3).

[الحديث: 2592] قيل للإمام الصادق: سارق عدا على رجل من المسلمين فعقره وغصب ماله، ثم إن السارق بعد تاب فنظر إلى مثل المال الذي كان غصبه للرجل وحمله إليه وهو يريد أن يدفعه إليه ويتحلل منه مما صنع به فوجد الرجل قد مات، فسأل معارفه هل ترك وارثا، فقال: إن كان الرجل الميت توالى إلى أحد من المسلمين فضمن جريرته وحدثه وأشهد بذلك على نفسه، فإن ميراث الميت له، وإن كان الميت لم يتوال إلى أحد حتى مات فإن ميراثه لإمام المسلمين، قيل: فما حال الغاصب؟ قال: إذا هو أوصل المال إلى إمام المسلمين فقد سلم، أما الجراحة فإن الجروح تقتص منه يوم القيامة (4).

[الحديث: 2593] سئل الإمام الصادق عن رجل أشل اليد اليمنى أو أشل الشمال سرق، فقال: تقطع يده اليمنى على كل حال (5).

[الحديث: 2594] قال الإمام الصادق: إذا سرق الرجل ويده اليسرى شلاء لم تقطع يمينه ولا رجله، وإن كان أشل ثم قطع يد رجل قص منه، يعني لا يقطع في السرقة، ولكن

__________

(1) التهذيب 10/ 106/ 414.

(2) الكافي 7/ 225/ 15.

(3) الكافي 7/ 224/ 14.

(4) التهذيب 10/ 130/ 522.

(5) الكافي 7/ 225/ 16.

أحكام الحكومة الإسلامية (565)

يقطع في القصاص (1).

[الحديث: 2595] قيل للإمام الصادق: لو أن رجلا قطعت يده اليسرى في قصاص فسرق ما يصنع به؟ فقال: لا يقطع ولا يترك بغير ساق، قيل: لو أن رجلا قطعت يده اليمنى في قصاص ثم قطع يد رجل اقتص منه أم لا؟ فقال: إنما يترك في حق الله فأما في حقوق الناس فيقتص منه في الأربع جميعا (2).

[الحديث: 2596] قال الإمام الصادق: ليس على الذي يستلب قطع، وليس على الذي يطر الدراهم من ثوب قطع (3).

[الحديث: 2597] قال الإمام الصادق: يقطع النباش والطرار، ولا يقطع المختلس (4).

[الحديث: 2598] سئل الإمام الصادق عن الطرار والنباش والمختلس؟ قال: لا يقطع (5).

[الحديث: 2599] قيل للإمام الصادق: رجل استأجر أجيرا وأقعده على متاعه فسرقه، قال: هو مؤتمن (6).

[الحديث: 2600] قيل للإمام الصادق: الرجل يستأجر أجيرا فيسرق من بيته، حتى تقطع يده؟ فقال: هذا مؤتمن ليس بسارق، هذا خائن (7).

[الحديث: 2601] سئل الإمام الصادق عن رجل استأجر أجيرا فأخذ الأجير متاعه

__________

(1) التهذيب 10/ 108/ 420، والاستبصار 4/ 242/ 916.

(2) التهذيب 10/ 108/ 421، والاستبصار 4/ 242/ 917.

(3) الكافي 7/ 226/ 3، والتهذيب 10/ 115/ 455، والاستبصار 4/ 244/ 922.

(4) الكافي 7/ 229/ 6.

(5) التهذيب 10/ 117/ 467، والاستبصار 4/ 247/ 938.

(6) الكافي 7/ 227/ 1، والتهذيب 10/ 109/ 426، والاستبصار 4/ 243/ 919.

(7) الكافي 7/ 227/ 3، والتهذيب 10/ 109/ 424.

أحكام الحكومة الإسلامية (566)

فسرقه، فقال: هو مؤتمن، الأجير والضيف أمناء ليس يقع عليهم حد السرقة (1).

[الحديث: 2602] قال الإمام الصادق: لا يقطع الأجير والضيف إذا سرقا، لأنهما مؤتمنان (2).

[الحديث: 2603] قيل للإمام الصادق: رجل أتى رجلا، وقال: أرسلني فلان إليك لترسل إليه بكذا وكذا فأعطاه وصدقه، فقال له: إن رسولك أتاني فبعثت إليك معه بكذا وكذا، فقال: ما أرسلته إليك وما أتاني بشيء، فزعم الرسول أنه قد أرسله وقد دفعه إليه، فقال الإمام الصادق: إن وجد عليه بينة أنه لم يرسله قطع يده، ومعنى ذلك أن يكون الرسول قد أقر مرة أنه لم يرسله، وإن لم يجد بينة فيمينه بالله ما أرسلته ويستوفى الآخر من الرسول المال، قيل: أرأيت إن زعم أنه إنما حمله على ذلك الحاجة، فقال: يقطع لأنه سرق مال الرجل (3).

[الحديث: 2604] سئل الإمام الصادق عن رجل اكترى حمارا ثم أقبل به إلى أصحاب الثياب فابتاع منهم ثوبا أو ثوبين وترك الحمار، فقال: يرد الحمار على صاحبه ويتبع الذي ذهب بالثوبين، وليس عليه قطع إنما هي خيانة (4).

[الحديث: 2605] قال الإمام الصادق: حد النباش حد السارق (5).

[الحديث: 2606] سئل الإمام الصادق عن رجل أخذ وهو ينبش، قال: لا أرى عليه قطعا إلا أن يؤخذ وقد نبش مرارا فاقطعه (6).

[الحديث: 2607] سئل الإمام الصادق عن النباش، فقال: إذا لم يكن النبش له

__________

(1) الكافي 7/ 228/ 5.

(2) علل الشرائع 535/ 1.

(3) الكافي 7/ 227/ 1.

(4) الكافي 7/ 227/ 2.

(5) الكافي 7/ 228/ 1.

(6) التهذيب 10/ 118/ 469، والاستبصار 4/ 247/ 937.

أحكام الحكومة الإسلامية (567)

بعادة لم يقطع ويعزر (1).

[الحديث: 2608] قال الإمام الصادق: النباش إذا كان معروفا بذلك قطع (2).

[الحديث: 2609] قال الإمام الصادق: النباش إذا اخذ أول مرة عزر، فإن عاد قطع (3).

[الحديث: 2610] قال الإمام الصادق: إذا أقيم على السارق الحدّ نفي إلى بلدة أخرى (4).

[الحديث: 2611] قال الإمام الصادق: إذا زنى الرجل يجلد، وينبغي للإمام أن ينفيه من الأرض التي جلد بها إلى غيرها سنة، وكذلك ينبغي للرجل إذا سرق وقطعت يده (5).

[الحديث: 2612] قال الإمام الصادق: لا قطع على من سرق الحجارة ـ يعني: الرخام ـ وأشباه ذلك (6).

[الحديث: 2613] قال الإمام الصادق: إذا أخذ الرجل من النخل والزرع قبل أن يصرم فليس عليه قطع، فإذا صرم النخل وحصد الزرع فأخذ قطع (7).

[الحديث: 2614] قال الإمام الصادق في رجل سرق من بستان عذقا قيمته درهمان: يقطع به (8).

[الحديث: 2615] قال الإمام الصادق: لا قطع في شيء من طعام غير مفروغ

__________

(1) التهذيب 10/ 117/ 465، والاستبصار 4/ 246/ 934.

(2) التهذيب 10/ 116/ 466، والاستبصار 4/ 246/ 935.

(3) التهذيب 10/ 117/ 468، والاستبصار 4/ 246/ 936.

(4) الكافي 7/ 230/ 1.

(5) تفسير العياشي 1/ 316/ 97.

(6) الكافي 7/ 230/ 2، التهذيب 10/ 111/ 433.

(7) التهذيب 10/ 130/ 519.

(8) من لا يحضره الفقيه 4/ 49/ 172.

أحكام الحكومة الإسلامية (568)

منه (1).

[الحديث: 2616] قيل للإمام الصادق: رجل سرق من المغنم أيش الذي يجب عليه؟ أيقطع؟ قال: ينظر كم نصيبه، فإن كان الذي أخذ أقل من نصيبه عزر ودفع إليه تمام ماله، وإن كان أخذ مثل الذي له فلا شيء عليه، وإن كان أخذ فضلا بقدر ثمن مجن ـ وهو ربع دينار ـ قطع (2).

[الحديث: 2617] قال الإمام الصادق: إذا سرق السارق من البيدر من إمام جائر فلا قطع عليه إنما أخذ حقه، فإذا كان من إمام عادل عليه القتل (3).

[الحديث: 2618] قيل للإمام الصادق: رجل سرق من الفيء، قال: بعدما قسم؟ أو قبل؟ قيل: أجبني فيهما جميعا، قال: إن كان سرق بعدما أخذ حصته منه قطع، وإن كان سرق قبل أن يقسم لم يقطع حتى ينظر ماله فيه فيدفع إليه حقه منه، فإن كان الذي أخذ أقل مما له أعطي بقية حقه ولا شيء عليه إلا أنه يعزر لجرأته، وإن كان الذي أخذ مثل حقه أقر في يده وزيد أيضاً، وإن كان الذي سرق أكثر مما له بقدر مجن قطع وهو صاغر ـ وثمن مجن ربع دينار (4) ـ.

[الحديث: 2619] قال الإمام الصادق: لا يقطع السارق في سنة المحل في شيء مما يؤكل مثل الخبز واللحم وأشباه ذلك (5).

[الحديث: 2620] قال الإمام الصادق: لا يقطع السارق في عام سنة ـ يعني: عام مجاعة (6) ـ.

__________

(1) قرب الإسناد: 71.

(2) التهذيب 10/ 106/ 410، والاستبصار 4/ 242/ 914.

(3) التهذيب 10/ 128/ 510.

(4) التهذيب 10/ 129/ 514.

(5) الكافي 7/ 231/ 1، التهذيب 10/ 112/ 443.

(6) الكافي 7/ 231/ 2، التهذيب 10/ 112/ 442.

أحكام الحكومة الإسلامية (569)

[الحديث: 2621] قال الإمام الصادق: السراق ثلاثة: مانع الزكاة، ومستحل مهور النساء، كذلك من استدان دينا ولم ينو قضاءه (1).

[الحديث: 2622] قال الإمام الصادق: السارق إذا جاء من قبل نفسه تائبا إلى الله ورد سرقته على صاحبها فلا قطع عليه (2).

[الحديث: 2623] عن جميل بن دراج قال: اشتريت أنا والمعلى بن خنيس طعاما بالمدينة وأدركنا المساء قبل أن ننقله فتركناه في السوق في جواليقه وانصرفنا، فلما كان من الغد غدونا إلى السوق فإذا أهل السوق مجتمعون على أسود قد أخذوه وقد سرق جوالقا من طعامنا، وقالوا: إن هذا قد سرق جوالقا من طعامكم فارفعوه إلى الوالي، فكرهنا أن نتقدم على ذلك حتى نعرف رأي الإمام الصادق، فدخل المعلى على الإمام الصادق وذكر ذلك له، فأمرنا أن نرفعه، فرفعناه فقطع (3).

[الحديث: 2624] سئل الإمام الصادق عن رجل سرق فقامت عليه البينة، أيرفع ويقطع، وهو يقطع في غير حده، فقال: ارفعه (4).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 2625] قيل للإمام الكاظم: لا يزال العبد يسرق حتى إذا استوفى ثمن يده أظهر الله عليه (5).

[الحديث: 2626] قال الإمام الكاظم: تقطع يد السارق ويترك إبهامه وصدر راحته، وتقطع رجله ويترك له عقبه يمشي عليها (6).

__________

(1) التهذيب 10/ 153/ 611.

(2) التهذيب 10/ 122/ 489.

(3) التهذيب 10/ 127/ 507.

(4) التهذيب 10/ 128/ 512.

(5) الكافي 7/ 260/ 4.

(6) الكافي 7/ 224/ 13.

أحكام الحكومة الإسلامية (570)

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 2627] قال الإمام الرضا: علة قطع اليمين من السارق لأنه يباشر الأشياء بيمينه، وهي أفضل أعضائه وأنفعها له، فجعل قطعها نكالا وعبرة للخلق، لئلا يبتغوا أخذ الأموال من غير حلها، ولأنه أكثر ما يباشر السرقة بيمينه، وحرم غصب الأموال وأخذها من غير حلها لما فيه من أنواع الفساد، والفساد محرم لما فيه من الفناء وغير ذلك من وجوه الفساد، وحرم السرقة لما فيها من فساد الأموال وقتل الأنفس لو كانت مباحة، ولما يأتي في التغاصب من القتل والتنازع والتحاسد وما يدعو إلى ترك التجارات والصناعات في المكاسب واقتناء الأموال إذا كان الشيء المقتنى لا يكون أحد أحق به من أحد (1).

ما روي عن الإمام الجواد

[الحديث: 2628] عن ابن أبي داود (الفقيه الظاهري) أن سارقا أقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة المعتصم تطهيره بإقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وأحضر محمد بن علي (الإمام الجواد)، فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع، فقلت: من الكرسوع لقول الله في التيمم: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ﴾ [النساء: 43] واتفق معي على ذلك قوم، وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: وما الدليل على ذلك؟ قال: لأن الله قال: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6])، فالتفت إلى محمد بن علي فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ قال: قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين، قال: دعني مما تكلموا به، أي شيء عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين، قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه، فقال: أما إذ أقسمت علي بالله إني أقول: إنهم أخطأوا فيه السنة، فإن

__________

(1) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 96.

أحكام الحكومة الإسلامية (571)

القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف، قال: لم؟ قال: لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: السجود على سبعة أعضاء: الوجه، واليدين، والركبتين، والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ [الجن: 18] يعني به: هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها، ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18] وما كان لله لم يقطع، قال: فأعجب المعتصم ذلك فأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف (1).

__________

(1) تفسير العياشي 1/ 319/ 109.

أحكام الحكومة الإسلامية (572)

حفظ الأرواح في الحكومة الإسلامية

جمعنا في هذا الفصل ما نراه متوافقا مع القرآن الكريم من الأحاديث الواردة حول حفظ الأرواح في الحكومة الإسلامية، وهو من أهدافها الكبرى، ذلك أنه لا يمكن للحياة أن تكون، ولا للدين أن يقام، ولا للحضارة أن تنهض، دون أن يتوفر الأمن الذي يشمل كل مناحي الحياة، ابتداء من حفظ الحياة نفسها.

ولذلك ورد في القرآن الكريم الحزم الشديد في التعامل مع كل من تخول له نفسه الإضرار بأمن المجتمع، سواء بالقتل، أو بالجرح والإيذاء.

وقد ورد لهذا نوعان من الروادع:

أولا ـ الروادع التوجيهية، وهي التي تخوف بعذاب الله في الآخرة، وهي كثيرة جدا في القرآن والأحاديث، وقد استبعدنا لأجلها كل حديث ييسر الأمر على القاتل أو يهون عليه ممارسة الجريمة.

ثانيا ـ العقوبات الدنيوية، وهي تختلف باختلاف الجريمة؛ فالذي يقتل عمدا ليس كالذي يقتل خطأ، والذي يكتفي بجرح غيره، ليس كمن يقتله، وقد ورد في الأحاديث التفاصيل الكثيرة المرتبطة بالقتل والجراح، وقد استبعدنا منها ما نراه متناقضا مع العدالة التي وردت في القرآن الكريم والأحاديث الكثيرة.

بناء على هذا قسمنا هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث.

أولا ـ ما ورد حول الزواجر التوجيهية.

ثانيا ـ ما ورد حول العقوبات الحسية.

ثالثا ـ ما ورد حول أحكام الجراح.

أحكام الحكومة الإسلامية (573)

أولا ـ ما ورد حول الزواجر التوجيهية

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول الزواجر التوجيهية التي تحذر من القتل، وعلى رأسها قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]

فالآية الكريمة تشير إلى خلود القاتل في النار، وأن عليه لعنة الله وغضبه، وهي مما لا يمكن تأويله؛ لأن ذلك التأويل يخالف الأهداف القرآنية من وضع الروادع التي تحول بين المؤمنين وهذه الجريمة الخطيرة.

ومثلها كل الآيات الكريمة التي تجعل القتل منافيا لصفات المؤمنين، كقوله تعالى في وصف عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾ [الفرقان: 68 - 69]

وقوله في ذكر الوصايا الكبرى في سورة الأنعام: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: 151]

وقوله في التحذير من قتل الأولاد، وقد كان من العادات الجاهلية: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ [الأنعام: 140]، وقوله: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 31]

أحكام الحكومة الإسلامية (574)

ويخبر أن من بنود البيعة التي كان يبايع بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه عليها بيعتهم على الابتعاد عن قتل الأولاد، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: 12]

وقوله في الوصايا الكبرى الواردة في سورة الإسراء: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: 33]

بناء على هذا سنذكر هنا ما ورد في الأحاديث من التحذير من القتل أو إعانة القتلة أو تزكيتهم أو الرضى عن أفعالهم، وكل ما يمت لذلك بصلة.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 2629] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما (1).

[الحديث: 2630] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا أو من قتل مومنا متعمدا (2).

[الحديث: 2631] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه

__________

(1) البخاري (6862)

(2) أبو داود (4270)

أحكام الحكومة الإسلامية (575)

صرفا ولا عدلا (1).

[الحديث: 2632] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا (2).

[الحديث: 2633] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار (3).

[الحديث: 2634] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول يا رب هذا قتلني فيقول الله تعالى لم قتلته فيقول قتلته لتكون العزة لك فيقول فإنها لي، ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول إن هذا قتلني فيقول الله تعالى لم قتلته فيقول لتكون العزة لفلان، فيقول: فإنها ليست لفلان، فيبوء بإثمه (4).

[الحديث: 2635] عن المقداد بن الأسود أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا، فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تقتله، فقال: يا رسول الله، قطع إحدى يدي، ثم قال: ذلك بعد ما قطعها، فقال: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال (5).

[الحديث: 2636] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يقفن أحدكم موقفا يقتل فيه رجل ظلما، فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه، ولا يقفن أحد منكم موقفا يضرب فيه رجل ظلما فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه (6).

[الحديث: 2637] عن فرات بن حيان: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقتله، وكان عينا لأبي

__________

(1) أبو داود (4270)

(2) النسائي 7/ 83.

(3) الترمذي (1398)

(4) النسائي 7/ 84.

(5) البخاري (4019)، ومسلم (95)

(6) الطبراني 11/ 260 (11675)

أحكام الحكومة الإسلامية (576)

سفيان وحليفا لرجل من الأنصار، فمر بحلقة من الأنصار، فقال: إني مسلمٌ، فقال رجلٌ من الأنصار: إنه يا رسول الله يقول إني مسلمٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن منكم رجالا نكلهم إلى إيمانهم، منهم فرات بن حيان (1).

[الحديث: 2638] سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن القاتل والآمر، فقال: قسمت النار سبعين جزءا، فللآمر تسعة وستون، وللقاتل جزءٌ (2).

[الحديث: 2639] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يؤتى بالقاتل والمقتول يوم القيامة، فيقول: أي رب، سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: أي رب أمرني هذا، فيؤخذ بأيديهما جميعا فيقذفان في النار (3).

[الحديث: 2640] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحسى سما، فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا (4).

[الحديث: 2641] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعنها في النار (5).

[الحديث: 2642] عن جندب بن عبد الله قال: كان برجل جراحٌ فقتل نفسه، فقال الله تعالى: بدرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة (6).

[الحديث: 2643] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن رجلا ممن كان قبلكم خرجت به قرحةٌ،

__________

(1) أبو داود (2652)

(2) أحمد 5/ 362.

(3) ذكره الهيثمي 7/ 299، وقال: رواه الطبراني في الطبراني في الكبير

(4) البخاري (5778)، ومسلم (109)

(5) البخاري (1365)

(6) البخاري (1364)،ومسلم (113)

أحكام الحكومة الإسلامية (577)

فلما آذته انتزع سهما من كنانته فنكأها، فلم يرقأ الدم حتى مات، قال ربكم حرمت عليه الجنة (1).

[الحديث: 2644] عن سهل بن سعد: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم التقى هو والمشركون فلما مال إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحابه رجلٌ لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلانٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما إنه من أهل النار، قالوا: أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار فقال رجل من القوم: أنا صاحبه أبدا، فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، فجرح الرجل جرحا شديد، فاستعجل الموت، فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله فقال: وما ذاك قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك، فقلت أنا لكم به، فخرجت في طلبه حتى جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدوا للناس وهو من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم أو بخواتيمها (2).

[الحديث: 2645] عن جابر أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله هل لك في حصن حصين ومنعة؟ حصنٌ كان لدوس في الجاهلية، فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم للذي ذخر الله تعالى للأنصار، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل وهاجر معه رجلٌ من قومه، فاجتووا المدينة فمرض، فجزع جذعا شديدا، فأخذ مشاقص، فقطع بها براجمه، فشخبت يداه حتى مات فرآه الطفيل بن عمرو في منامه، فرآه في هيئة

__________

(1) البخاري (1364)،ومسلم (113)

(2) البخاري (2898)، ومسلم (112)

أحكام الحكومة الإسلامية (578)

حسنة، ورآه مغطيا يديه، فقال: ما صنع بك ربك، فقال: غفر لي لهجرتي إلى نبيه، فقال: ما لي أراك مغطيا يديك، قال: قيل لي لن نصلح منك ما أفسدت، فقصها الطفيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم وليديه فاغفر (1).

[الحديث: 2646] عن جابر بن سمرة قال: مرض رجلٌ فصيح عليه، فجاء جاره إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال إن فلانا قد مات، قال: وما يدريك، قال: أنا سمعت ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه لم يمت، فرجع، فصيح عليه، فجاء، فقال: إنه قد مات، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه لم يمت، فرجع، فصيح عليه، فقالت امرأته: انطلق إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره، فقال الرجل: اللهم العنه، قال: ثم انطلق الرجل، فرآه قد نحر نفسه بمشقص، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبره أنه قد مات، قال: وما يدريك، قال: رأيته ينحر نفسه بمشاقص معه، قال: أنت رأيته، قال: نعم، قال: إذا لا أصلي عليه (2).

[الحديث: 2647] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا مرّ أحدكم في مجلس أو سوق، وبيده نبل، فليأخذ بنصالها ثمّ ليأخذ بنصالها، ثمّ ليأخذ بنصالها) (3)

[الحديث: 2648] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحلّ لمسلم أن يروّع مسلما) (4)

[الحديث: 2649] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسّلاح، فإنّه لا يدري أحدكم لعلّ الشّيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النّار) (5)

[الحديث: 2650] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه، حتّى وإن كان أخاه لأبيه وأمّه) (6)

__________

(1) مسلم (116)

(2) أبو داود (3185)، ومسلم (978)

(3) مسلم (2615)

(4) أبو داود (5004)

(5) مسلم (2617)

(6) مسلم (2616)

أحكام الحكومة الإسلامية (579)

[الحديث: 2651] عن جابر بن عبد الله قال: مرّ رجل في المسجد بسهام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أمسك بنصالها) (1)

[الحديث: 2652] عن جابر بن عبد الله أنّ أميرا من أمراء الفتنة قدم المدينة، وكان قد ذهب بصر جابر، فقيل لجابر: لو تنحّيت عنه فخرج يمشي بين ابنيه فانكبّ، فقال: تعس من أخاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال ابناه أو أحدهما: يا أبتاه: وكيف أخاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد مات؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبيّ)، وفي رواية: (من أخاف أهل المدينة أخافه الله) (2)

[الحديث: 2653] عن جابر قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يتعاطى السّيف مسلولا) (3)

[الحديث: 2654] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أبغض النّاس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنّة الجاهليّة، ومطّلب دم امرئ بغير حقّ ليهريق دمه) (4)

[الحديث: 2655] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأوّل كفل منها لأنّه سنّ القتل أوّلا) (5)

[الحديث: 2656] عن هشام بن حكيم بن حزام قال: إنّه مرّ بالشّام على أناس، وقد أقيموا في الشّمس، وصبّ على رؤوسهم الزّيت، فقال: ما هذا؟ قيل يعذّبون في الخراج، فقال: أما إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إنّ الله يعذّب الّذين يعذّبون في الدّنيا) (6)

__________

(1) البخاري، (451) مسلم (2614)

(2) أحمد (3/ 354)

(3) الترمذي (2163)

(4) البخاري 1 (6882)

(5) البخاري، 1 (7321)

(6) مسلم (2613)

أحكام الحكومة الإسلامية (580)

[الحديث: 2657] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنّة، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما) (1)

[الحديث: 2658] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو أنّ أهل السّماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبّهم الله في النّار) (2)

[الحديث: 2659] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: (أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم الله إلّا بالحقّ، ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تشربوا مسكرا، فمن فعل من ذلك شيئا فأقيم عليه حدّه فهو كفّارة، ومن ستر الله عليه فحسابه على الله عزّ وجلّ، ومن لم يفعل من ذلك شيئا ضمنت له على الله الجنّة) (3)

[الحديث: 2660] عن سلمة بن قيس أنّه قال: إنّما هي أربع، فما أنا بأشحّ منّي عليهنّ يوم سمعتهنّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألّا تشركوا بالله شيئا ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم الله إلّا بالحقّ، ولا تزنوا، ولا تسرقوا) (4)

[الحديث: 2661] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا من قتل نفسا معاهدا له ذمّة الله وذمّة رسوله فقد أخفر بذمّة الله فلا يرح رائحة الجنّة، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا) (5)

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 2662] قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: والذي بعثني بالحقّ لو أنّ أهل السّماء والأرض شركوا في دم امرئ مسلم ورضوا به لأكبّهم اللّه على مناخرهم في النار (6).

__________

(1) البخاري، (6914)

(2) الترمذي (1398)

(3) الطبراني في الأوسط، المجمع (104، 105)

(4) الطبراني في الكبير، المجمع (1/ 104)

(5) الترمذي (1403)

(6) وسائل الشيعة ج 19 ص 9.

أحكام الحكومة الإسلامية (581)

[الحديث: 2663] عن الإمام الصادق أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقف بمنى حين قضى مناسكها في حجة الوداع، فقال: أي يوم أعظم حرمة؟ فقالوا: هذا اليوم، فقال: فأي شهر أعظم حرمة؟ فقالوا: هذا الشهر، قال: فأي بلد أعظم حرمة؟ قالوا: هذا البلد، قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد ألا من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، فإنه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه، ولا تظلموا أنفسكم ولا ترجعوا بعدي كفارا (1).

[الحديث: 2664] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يغرنكم رحب الذراعين بالدم، فإن له عند الله قاتلا لا يموت، قالوا: يا رسول الله، وما قاتل لا يموت؟ فقال: النار (2).

[الحديث: 2665] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أول ما يحكم الله فيه يوم القيامة الدماء، فيوقف ابنا آدم فيفصل بينهما، ثم الذين يلونهما من أصحاب الدماء حتى لا يبقى منهم أحد، ثم الناس بعد ذلك حتى يأتي المقتول بقاتله فيتشخب في دمه وجهه، فيقول: هذا قتلني، فيقول: أنت قتلته؟ فلا يستطيع أن يكتم الله حديثا (3).

[الحديث: 2666] قال الإمام الصادق: إن الإمام علي وجد كتابا في قراب سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل الإصبع فيه: إن أعتى الناس على الله القاتل غير قاتله، والضارب غير ضاربه، ومن والى غير مواليه، فقد كفر بما أنزل الله علي، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فلا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، ولا يحل لمسلم أن يشفع في حد (4).

[الحديث: 2667] قال الإمام الباقر: أتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل له: يا رسول الله قتيل

__________

(1) الكافي 7/ 273/ 12.

(2) الكافي 7/ 272/ 4.

(3) الكافي 7/ 271/ 2.

(4) المحاسن: 17/ 49.

أحكام الحكومة الإسلامية (582)

في جهينة، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمشي حتى انتهى إلى مسجدهم، وتسامع الناس فأتوه، فقال: من قتل ذا؟ قالوا: يا رسول الله ما ندري، فقال: قتيل بين المسلمين لا يدرى من قتله، والذي بعثني بالحق لو أن أهل السماء والأرض شركوا في دم امرئ مسلم ورضوا به لأكبهم الله على مناخرهم في النار (1).

[الحديث: 2668] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه من معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه (2).

[الحديث: 2669] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لطم خد امرئ مسلم أو وجهه بدد الله عظامه يوم القيامة، وحشر مغلولا حتى يدخل جهنم إلا أن يتوب (3).

[الحديث: 2670] قال الإمام علي: ورثت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابين: كتاب الله وكتاب في قراب سيفي، قيل: يا أمير

المؤمنين وما الكتاب الذي في قراب سيفك؟ قال: من قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه فعليه لعنة الله (4).

[الحديث: 2671] قال الإمام الكاظم: ابتدر الناس إلى قراب سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد موته فإذا صحيفة صغيرة وجدوا فيها: من آوى محدثا فهو كافر، ومن تولى غير مواليه فعليه لعنة الله، وأعتى الناس على الله من قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه (5).

[الحديث: 2672] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لعن الله من قتل غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه) (6)

__________

(1) الكافي 7/ 272/ 8.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 373/ 1760.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 8/ 1.

(4) عيون أخبار الإمام الرضا 2/ 40/ 122.

(5) قرب الإسناد: 112.

(6) الكافي ج 7 ص 274.

أحكام الحكومة الإسلامية (583)

[الحديث: 2673] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لعن الله من أحدث حدثا أو آوى محدثا) قيل: وما المحدث؟ قال: (من قتل) (1)

[الحديث: 2674] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ أعتى الناس على الله عزّ وجلّ: القاتل غير قاتله، والضارب غير ضاربه، ومن ادّعى لغير أبيه فهو كافر بما أنزل الله على محمّد، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا لم يقبل الله عزّ وجلّ منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا) (2)

[الحديث: 2675] عن الإمام عليّ: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرّ على قوم قد نصبوا دجاجة حيّة وهم يرمونها، فقال: (من هؤلاء لعنهم الله) (3)

[الحديث: 2676] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها، أخافه الله عزّ وجلّ يوم لا ظلّ إلّا ظلّه) (4)

[الحديث: 2677] قيل: يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال: (من سلم المسلمون من لسانه ويده) (5)

[الحديث: 2678] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تكون مسلما حتّى يسلم الناس من يدك ولسانك، ولا تكون عالما حتّى تكون بالعلم عاملا، ولا تكون عابدا حتّى تكون ورعا، ولا تكون ورعا حتّى تكون زاهدا، أطل الصمت وأكثر الفكر وأقلّ الضحك) (6)

[الحديث: 2679] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا أنبّئكم بالمؤمن؟ المؤمن من ائتمنه المؤمنون على أموالهم وأمورهم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السيّئات وترك ما حرّمه الله عليه) (7)

__________

(1) الكافي ج 7 ص 274.

(2) الكافي ج 7 ص 274.

(3) الأشعثيّات ص 83.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 368.

(5) أمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 277.

(6) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر ج 2 ص 214.

(7) المحاسن، ص 285.

أحكام الحكومة الإسلامية (584)

[الحديث: 2680] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إيّاكم والظلم فإنه يخرب قلوبكم) (1)

[الحديث: 2681] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أوحى الله إلى نبيّ من أنبيائه: ابن آدم اذكرني عند غضبك أذكرك عند غضبي، فلا أمحقك فيمن أمحق، وإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك، واعلم أنّ الخلق الحسن يذيب السيّئة كما يذيب الشمس الجليد، وإنّ الخلق السيّئ يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل) (2)

[الحديث: 2682] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من دفع مؤمنا دفعة ليذله بها، أو لطمه لطمة أو أتى إليه أمرا يكرهه لعنته الملائكة حتّى يرضيه من حقه ويتوب ويستغفر فإيّاكم والعجلة، إلى أحد فلعله مؤمن وأنتم لا تعلمون وعليكم بالأناة واللين، والتسرع من سلاح الشياطين، وما من شيء أحبّ إلى الله من الأناة واللين) (3)

[الحديث: 2683] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله عزّ وجلّ: من استذلّ عبدي المؤمن فقد بارزني بالمحاربة) (4)

[الحديث: 2684] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله عزّ وجلّ: إنّي لحرب لمن استذلّ عبدي المؤمن، وإنّي أسرع إلى نصرة أوليائي) (5)

[الحديث: 2685] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قال الله عزّ وجلّ قد نابذني من أذلّ عبدي المؤمن) (6)

[الحديث: 2686] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من عمل أحبّ إلى الله تعالى وإلى رسوله من الإيمان بالله والرفق بعباده، وما من عمل أبغض إلى الله تعالى من الاشراك بالله تعالى

__________

(1) مشكاة الأنوار ص 315.

(2) كنز الكراجكي ج 1 ص 134.

(3) علل الشرائع ص 523.

(4) أصول الكافي ج 2 ص 354.

(5) مصادقة الأخوان ص 74.

(6) أصول الكافي ج 2 ص 351.

أحكام الحكومة الإسلامية (585)

والعنف على عباده) (1)

[الحديث: 2687] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قتل رجلا من أهل الذمّة حرم الله عليه الجنّة الّتي توجد ريحها من مسيرة اثني عشر عاما) (2)

[الحديث: 2688] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما على غير سنة فالقاتل والمقتول في النار، فقيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنّه أراد قتله) (3)

[الحديث: 2689] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قتل عصفورا عبثا عجّ إلى الله يوم القيامة ويقول: يا ربّ عبدك قتلني عبثا ولم يقتلني لمنفعة) (4)

[الحديث: 2690] عن الإمام الصادق: (أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل النحل) (5)

[الحديث: 2691] عن الإمام الصادق ـ في حديث فتح مكّة ـ: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألا إنّ مكّة محرمة بتحريم الله لم تحلّ لأحد كان قبلي، ولم تحلّ لي إلّا ساعة من نهار إلى أن تقوم الساعة، لا يختلي خلاها، ولا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تحلّ لقطتها إلّا لمنشد)، قال: (ودخل مكّة بغير إحرام وعليهم السلاح، ودخل البيت لم يدخله في حجّ ولا عمرة، ودخل وقت الصّلاة فأمر بلالا فصعد على الكعبة فأذّن) (6)

[الحديث: 2692] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أشار إلى أخيه المسلم بسلاحه لعنته الملائكة حتّى ينحّيه عنه) (7)

[الحديث: 2693] أتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل له: يا رسول الله قتيل في جهينة فقام

__________

(1) بحار الأنوار ج 72 ص 54 عن نوادر الراوندي.

(2) بحار الأنوار ج 97 ص 47 نقلا عن كتاب الأعمال المانعة من الجنّة.

(3) علل الشرائع ص 462.

(4) بحار الأنوار ج 61 ص 306 نقلا عن حياة الحيوان.

(5) مكارم الأخلاق ص 427.

(6) وسائل الشيعة ج 5 ص 69.

(7) الأشعثيّات ص 83، ونحوه في نوادر الراوندي ص 33.

أحكام الحكومة الإسلامية (586)

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمشي حتّى انتهى إلى مسجدهم قال: وتسامع الناس فأتوه فقال: من قتل ذا؟ قالوا: يا رسول الله ما ندري، فقال: قتيل بين المسلمين لا يدرى من قتله، والّذي بعثني بالحقّ لو أنّ أهل السماء والأرض شركوا في دم امرئ مسلم ورضوا به لأكبّهم الله على مناخرهم في النار) أو قال: (على وجوههم) (1)

[الحديث: 2694] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو أنّ رجلا قتل بالمشرق وآخر رضي بالمغرب كان كمن قتله واشترك في دمه) (2)

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 2695] قال الإمام علي: من قتل حميم قوم فليصالحهم على ما قدر عليه فإنه أخف لحسابه (3).

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 2696] عن هشام بن سالم، أن علي بن الحسين (الإمام السجاد) قيل له: إن محمد بن شهاب الزهري اختلط عقله فليس يتكلم، فخرج حتى دنا منه فلما رآه محمد بن شهاب عرفه، فقال له الإمام السجاد: مالك؟ قال: وليت ولاية فأصبت دما قتلت رجلا فدخلني ما ترى، فقال له: لأنا عليك من يأسك من رحمة الله أشد خوفا مني عليك مما أتيت، ثم قال له: اعطهم الدية، قال: قد فعلت فأبوا، قال: اجعلها صررا ثم انظر مواقيت الصلاة فألقها في دارهم (4).

__________

(1) الكافي ج 7 ص 272.

(2) روضة الواعظين ج 2 ص 461.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 126/ 440.

(4) الكافي 7/ 296/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (587)

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 2697] سئل الإمام الباقر عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32] فقال: له في النار مقعد، لو قتل الناس جميعا لم يرد إلا ذلك المقعد (1).

[الحديث: 2698] قيل للإمام الباقر: ما معنى قول الله عزّ وجلّ: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32] كيف كأنما قتل الناس جميعا، فإنما قتل واحدا؟ فقال: يوضع في موضع من جهنم إليه ينتهى شدة عذاب أهلها، لو قتل الناس جميعا لكان إنما يدخل ذلك المكان، قيل: فإنه قتل آخر؟ قال: يضاعف عليه (2).

[الحديث: 2699] قال الإمام الباقر: ما من نفس تقتل برة ولا فاجرة إلا وهي تحشر يوم القيامة متعلقة بقاتله بيده اليمنى، ورأسه بيده اليسرى، وأوداجه تشخب دماً، يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني، فإن كان قتله في طاعة الله أثيب القاتل الجنة وذهب بالمقتول إلى النار، وإن قال في طاعة فلان، قيل له: اقتله كما قتلك، ثم يفعل الله فيهما بعد مشيئته (3).

[الحديث: 2700] قال الإمام الباقر: من قتل مؤمنا متعمدا أثبت الله على قاتله جميع الذنوب وبرئ المقتول منها، وذلك قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: 29] (4)

[الحديث: 2701] سئل الإمام الباقر عن قول الله تعالى: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]، فقال: له في النار مقعد، لو قتل

__________

(1) الكافي 7/ 272/ 6.

(2) الكافي 7/ 271/ 1.

(3) الكافي 7/ 272/ 3.

(4) عقاب الاعمال: 328/ 9.

أحكام الحكومة الإسلامية (588)

الناس جميعا لم يزد على ذلك العذاب (1).

[الحديث: 2702] قال الإمام الباقر: إن الرجل ليأتي يوم القيامة ومعه قدر محجمة من دم، فيقول: والله ما قتلت ولا شركت في دم، فيقال: بلى ذكرت عبدي فلانا فترقى ذلك حتى قتل فأصابك من دمه (2).

[الحديث: 2703] قال الإمام الباقر: لما أذن الله لنبيه في الخروج من مكة إلى المدينة، أنزل عليه الحدود، وقسمة الفرائض، وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها وبها النار لمن عمل بها، وأنزل في بيان القاتل ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]، ولا يلعن الله مؤمنا، قال الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ [الأحزاب: 64 - 66] (3)

[الحديث: 2704] قال الإمام الباقر: إن المؤمن يبتلى بكل بلية ويموت بكل ميتة إلا أنه لا يقتل نفسه (4).

[الحديث: 2705] قيل للإمام الباقر: الرجل يقتل الرجل متعمدا، قال: عليه ثلاث كفارات: يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا (5).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 2706] قال الإمام الصادق: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً (6).

__________

(1) تفسير العياشي 1/ 313/ 87.

(2) الكافي 7/ 273/ 10.

(3) الكافي 2/ 24/ 1.

(4) الكافي 2/ 197/ 12 و3/ 112/ 8.

(5) التهذيب 10/ 162/ 649.

(6) الكافي 7/ 272/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (589)

[الحديث: 2707] قال الإمام الصادق: لا يوفق قاتل المؤمن متعمدا للتوبة (1).

[الحديث: 2708] قال الإمام الصادق: لا يدخل الجنة سافك للدم، ولا شارب الخمر، ولا مشاء بنميم (2).

[الحديث: 2709] قال الإمام الصادق في قول الله عزّ وجلّ: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]: هو واد في جهنم، لو قتل الناس جميعا كان فيه، ولو قتل نفسا واحدة كان فيه (3).

[الحديث: 2710] سئل الإمام الصادق عمن قتل نفسا متعمدا، فقال: جزاؤه جهنم (4).

[الحديث: 2711] قال الإمام الصادق: إن امرأة عذبت في هرة ربطتها حتى ماتت عطشا (5).

[الحديث: 2712] قال الإمام الصادق: إن أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله، ومن ضرب من لم يضربه (6).

[الحديث: 2713] قال الإمام الصادق: أوحى الله إلى موسى بن عمران عليه السلام: أن يا موسى قل للملأ من بني إسرائيل: إياكم وقتل النفس الحرام بغير حق، فإن من قتل منكم نفسا في الدنيا قتلته مائة ألف قتلة مثل قتلة صاحبه (7).

[الحديث: 2714] قال الإمام الصادق: يجيء يوم القيامة رجل إلى رجل حتى يلطخه بالدم والناس في الحساب، فيقول: يا عبد الله ما لي ولك؟ فيقول: أعنت علي يوم

__________

(1) الكافي 7/ 272/ 7.

(2) الكافي 7/ 273/ 11.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 68/ 203.

(4) عقاب الاعمال: 326/ 1.

(5) عقاب الاعمال: 327/ 6.

(6) عقاب الاعمال: 327/ 7.

(7) عقاب الاعمال: 327/ 8، والمحاسن: 105/ ذيل 87.

أحكام الحكومة الإسلامية (590)

كذا وكذا بكلمة فقتلت (1).

[الحديث: 2715] قال الإمام الصادق: من أعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله (2).

[الحديث: 2716] قال الإمام الصادق في رجل قتل رجلا مؤمنا: يقال له: مت أي ميتة شئت: إن شئت يهوديا، وإن شئت نصرانيا، وإن شئت مجوسيا (3).

[الحديث: 2717] قال الإمام الصادق: لو أن رجلا ضرب رجلا سوطا لضربه الله سوطا من نار (4).

[الحديث: 2718] قال الإمام الصادق: من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها، قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: 29 - 30] (5)

[الحديث: 2719] سئل الإمام الصادق عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، هل له توبة؟ فقال: إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له، وإن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا فإن توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية، وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستين مسكينا توبة إلى الله عزّ وجلّ (6).

[الحديث: 2720] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزو جل: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 4/ 67/ 198.

(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 68/ 201.

(3) الكافي 7/ 273/ 9.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 126/ 441.

(5) من لا يحضره الفقيه 3/ 374/ 1767.

(6) الكافي 7/ 276/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (591)

فقال: من قتل مؤمنا على دينه فذاك المتعمد الذي قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93] قيل: فالرجل يقع بينه وبين الرجل شيء فيضربه بسيفه فيقتله، فقال: ليس ذاك المتعمد الذي قال الله عزّ وجلّ ولكن يقاد به، والدية إن قبلت، قيل: فله توبة؟ قال: نعم، يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا، ويتوب ويتضرع، فأرجو أن يتاب عليه (1).

[الحديث: 2721] قال الإمام الصادق في قول الله عزو جل: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]: جزاؤه جهنم إن جازاه (2).

[الحديث: 2722] قيل للإمام الصادق: رجل قتل رجلا متعمدا ما توبته؟ قال: يمكن من نفسه، قيل: يخاف أن يقتلوه، قال: فليعطهم الدية، قيل: يخاف أن يعلموا ذلك، قال: فلينظر إلى الدية فليجعلها صررا، ثم لينظر مواقيت الصلاة فيلقها في دارهم (3).

[الحديث: 2723] قال الإمام الصادق في الرجل يقتل العبد خطأ: عليه عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وصدقة على ستين مسكينا، فإن لم يقدر على الرقبة كان عليه الصيام، فإن لم يستطع الصيام فعليه الصدقة (4).

[الحديث: 2724] سئل الإمام الصادق عمن قتل مؤمنا متعمدا هل له من توبة؟ قال: لا، حتى يؤدي ديته إلى أهله، ويعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويستغفر الله ويتوب إليه ويتضرع، فإني أرجو أن يتاب عليه إذا فعل ذلك، قيل: فإن لم يكن له مال؟ قال:

__________

(1) تفسير العياشي 1/ 267/ 236، ومعاني الأخبار/ 380/ 4.

(2) التهذيب 10/ 165/ 658.

(3) الكافي 7/ 276/ 4،.

(4) التهذيب 10/ 164/ 654.

أحكام الحكومة الإسلامية (592)

يسأل المسلمين حتى يؤدي ديته إلى أهله (1).

ثانيا ـ ما ورد حول العقوبات الحسية

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول العقوبات الحسية المتعلقة بالقتل، وقد نص القرآن الكريم عليها جميعا، ومنها ما ورد في قوله تعالى في بيان العقوبات والكفارات المرتبطة بالقتل الخطأ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 92]

ومنها ما ورد من الآيات الكريمة في بيان عقوبة القتل العمد، ومنها قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 179] وهي تشير إلى أن الهدف من الاقتصاص من القاتل هو الردع الذي تتحقق به الحياة للجميع.

ومثله ما ورد في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: 178]

وقد وردت هذه الآية الكريمة لترد على عادة كانت سائدة في بعض القبائل، حيث أنهم كانوا يأبون أن يقتلوا في عبدهم إلا حراً، وفي امرأتهم إلا رجلاً، فأبطل القرآن الكريم

__________

(1) التهذيب 10/ 164/ 655.

أحكام الحكومة الإسلامية (593)

ما كان من الظلم، وأكد فرض القصاص على القاتل دون غيره؛ فليس في الآية دلالة على أنه لا يقتل الحر بالعبد أو أنه لا يقتل الرجل بالمرأة، فقد ورد في تفسيرها: (نزلت هذه الآية في حيّين من العرب، لأحدهما طَوْل على الآخر، وكانوا يتزوّجون نساءهم بغير مهور، وأقسموا لنقتلنّ بالعبد منّا الحرّ منهم، وبالمرأة منّا الرجل منهم، وبالرجل منّا الرجلين منهم، وجعلوا جراحاتهم على الضعف من جراح أولئك، حتى جاء الإسلام، فأنزل الله هذه الآية) (1)

وبذلك؛ فإن الآية الكريمة تدلّ على المساواة في هذه الفرق الثلاث، فهم متساوون فيما بينهم، ولا بدّ من إجراء عقوبة القصاص على القاتل، كائناً من كان القاتل والمقتول.

ومنها قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45]

وهي تدلّ بصراحة على تساوي العقوبة مع الجميع، سواء تعلقت بالنفوس أو تعلقت بالجوارح والجراح؛ فالآية الكريمة لم تربط قتل المؤمن بالمؤمن، ولا قتل الرجل للرجل، وإنما جعلت القصاص متعلقا بكل من قتل نفسا من غير تفريق بين جنسه ودينه.

أما اعتبارها خاصة بأهل الكتاب؛ فهو من العجائب، ذلك أن العدالة موجودة في كل الأديان، وأولى الأديان بها هو الإسلام، فكيف تكون نفس اليهودية مساوية لنفس اليهودي في نفس الوقت الذي تكون فيه نفس المسلمة أقل شأنا من نفس أخيها المسلم؟

بالإضافة إلى أنه روي عن زرارة عن الإمام الباقر أو الصادق أنها من محكمات

__________

(1) مجمع البيان 1: 264.

أحكام الحكومة الإسلامية (594)

القرآن، فعن زرارة عن أحدهما في قوله فيها: (هي محكمة) (1)

وهكذا؛ فإن هذه الآيات الكريمة لم تعتبر الكفاءة في العدد؛ فالجماعة لو قتلوا واحداً قتلوا به، فكذلك إذا قتلهم واحد، قتل بهم، كالواحد بالواحد..

ولم تعتبر الكفاءة في الجنس والعقل والبلوغ والشرف والفضيلة وكمال الذات أو سلامة الأعضاء؛ فيقتل الرجل بالأنثى، والكبير بالصغير، والعاقل بالمجنون، والعالم بالجاهل، والشريف بالوضيع، وسليم الأطراف بمقطوعها وبالأشل.

ولم تعتبر الكفاءة في الحرية والدين، وإنما مجرد الإنسانية كافية، وذلك لأن آيات القصاص لم تفرق بين نفس ونفس، وتحقيق ذلك في قتل المسلم بالذمي أبلغ منه في قتل المسلم بالمسلم، لما بينهما من العداوة الدينية، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقاد مؤمناً بكافر، وقال: (أنا أحق من وفى بذمته) (2)، ولأن العبد آدمي معصوم الدم فأشبه الحر، والقصاص يتطلب فقط المساواة في العصمة.

أما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده) (3)؛ فإن معناه إن صح ـ على حسب ما تدل الأدلة الكثيرة ـ هو أنه لا يقتل المسلم والمعاهد بكافر محارب؛ لأن المراد بالكافر هو الحربي بدليل جعل الحربي مقابلاً للمعاهد؛ ويكون التقدير: (لا يقتل مسلم بكافر حربي ولا ذو عهد بكافر حربي)

ويدل لهذا أن يد المسلم تقطع إذا سرق مال الذمي؛ فإذا كانت حرمة ماله كحرمة مال المسلم، فحرمة دمه كحرمة دمه.

وبناء على هذا رددنا في هذا المبحث كل الأحاديث التي تفرق بين القتلة، وتخصص

__________

(1) تهذيب الأحكام 10: 183، ح 718.

(2) رواه البيهقى (8/ 31، رقم 15699)

(3) رواه ابن ماجه (2/ 888، رقم 2660). قال البوصيرى (3/ 128): هذا إسناد ضعيف.

أحكام الحكومة الإسلامية (595)

آيات القصاص، ذلك أنها تتنافى مع العدالة التي جاءت بها الشريعة، بالإضافة إلى أنها تفرق بين الرعية الذين يحتكمون إلى قاض واحد وشريعة واحدة.

بل إنها تتعارض مع الأحاديث الكثيرة التي يذكر فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تساوي البشر، كقوله: (أيها الناس إنّ ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلّكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربيّ على عجمي فضل إلاّ بالتقوى) (1)

وقوله: (الناس سواء كأسنان المشط) (2)

وقوله: (الناس اليوم كلّهم، أبيضهم وأسودهم، وقرشيهم وعربيهم وعجميهم من آدم، وإن آدم خلقه الله من طين، وإن أحبّ الناس إلى الله عزوجل يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم) (3)

وقوله: (إن الناس من آدم إلى يومنا هذا، مثل أسنان المشط، لا فضل للعربيّ على العجمي، ولا للأحمر على الأسود إلاّ بالتقوى) (4)

وقول الإمام علي: (الناس إلى آدم شرع سواء) (5)

وغيرها من الأحاديث الكثيرة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى، والموافقة مع ما ورد في القرآن الكريم، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13]

ولهذا؛ فإن كل تلك الأحاديث المروية في التفريق خصوصا بين الرجل والمرأة في أحكام القصاص والدية والجراح لا تمت بصلة لكل تلك النصوص المقدسة الواضحة التي

__________

(1) تحف العقول: 34، بحار الأنوار 76: 350، ح 13.

(2) كنز العمال 9: 38، ح 24882؛ وبحار الأنوار 78: 215، ح 108.

(3) بحار الأنوار 22: 118، ح 89.

(4) بحار الأنوار 78: 57

(5) بحار الأنوار 78: 57

أحكام الحكومة الإسلامية (596)

تتفق عليها العقول، ونرى أن مقصد من وضعها وكذبها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى هو تشويههم، مثلما فعل أولئك الذين وضعوا الأحاديث في ذم بعض الشعوب والقبائل، أو اعتبارهم من غير البشر، وذلك بغية تحويلهم إلى نواصب ومعادين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وورثته.

وقد أشار المحقق النجفي صاحب الجواهر إلى هذا المعنى عند بحث تعارض أخبار (المواسعة والمضايقة) (1)، تصويراً رائعاً، ورأى أن أخبار العرض جاءت: (للتمييز بين الصادق والكاذب، من حيث إنه كثر الكذابة من أهل الأهواء والبدع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة في حياتهم وبعد موتهم، لتحصيل الأغراض الدنيوية، ولما رأى جماعة منهم أن الأئمة حكموا بكثير مما اشتهر خلافه بين الناس، ولا سيما العامّة، وكشفوا عن المراد بكثير من الآيات والروايات مما هو بعيد إلى الأذهان، بل لا يصل إليه ـ عدا المعصوم ـ أحدٌ من أفراد الإنسان، جعلوا ذلك وسيلةً إلى الاقتحام على نسبة كثير من الأكاذيب إليهم، واختلاق الأضاليل والبدع عليهم، فمن هنا أمر الأئمة بالعرض على الكتاب لسلامته من الكذب والاختلاق، لكن من المعلوم إرادة النصوص القرآنية منه أو الظواهر التي لا يحتاج فهم معناها إلى العصمة الربانية، أو احتاج لكن على سبيل التنبيه للغير بحيث يكون بعد الوقوف هو الظاهر المراد لديه، لا الآيات التي ورد تفسيرها بالأخبار الظنّية التي تلحق من جهتها بالبطون الخفية، وعلى فرض صحّتها بالسرّ المخزون والعلم المكنون، إذ ذاك في الحقيقة عرض على الخبر الذي لا مزية له على المعروض، ضرورةَ أن الكذوب كما يمكنه اختلاق الكذب على الأئمة فيما لا يتعلّق بالتفسير، كذلك يمكنه الاختلاق فيما يتعلّق به، بل قيل: لقد طعن في الرجال على جملة من أرباب التفسير الذين شأنهم نقل الأخبار في ذلك عن

__________

(1) المواسعة والمضايقة اصطلاحان فقهيّان يستعملان في المورد الذي يقع على عهدة المكلّف فيه مسؤولية قضاء الصلوات

أحكام الحكومة الإسلامية (597)

الأئمة، كما طعن على أرباب الأخبار، ووجد في التفاسير المنقولة عنهم أكاذيب وأباطيل، كما وجدت في غيرها من الأخبار، فدعوى بعض الناس إرادة الأعمّ من ذلك مما لا يصغى إليها، وإن بالغ في تأييدها وتشييدها، بل شنّع على الأصحاب بما غيرهم أولى به عند ذوي الألباب) (1)

ولو أنا تأملنا الأحاديث والروايات الواردة في هذا لاكتشفنا مدى بعدها عمن رويت عنهم، ومن الأمثلة على ذلك ما روي عن بعض الأئمة (2): في رجل قتل امرأته متعمدا، قال: إن شاء أهلها أن يقتلوه قتلوه، ويؤدوا إلى أهله نصف الدية، وإن شاءوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم.. وقال: في امرأة قتلت زوجها متعمدة، قال: إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها وليس يجنى أحد أكثر من جنايته على نفسه (3).

وروي عنه أنه: إذا قتلت المرأة رجلا قتلت به، وإذا قتل الرجل المرأة فان أرادوا القود أدوا فضل دية الرجل على دية المرأة وأقادوه بها، وإن لم يفعلوا قبلوا الدية، دية المرأة كاملة، ودية المرأة نصف دية الرجل (4).

وروي عنه أنه قال: إن قتل رجل امرأة خير أولياء المرأة إن شاءوا أن يقتلوا الرجل ويغرموا نصف الدية لورثته، وإن شاءوا أن يأخذوا نصف الدية (5).

وروي أن آخر سئل عن جراحة المرأة، فقال: على النصف من جراحة الرجل فما دونها، قلت: فامرأة قتلت رجلا، قال: يقتلونها، قلت: فرجل قتل امرأة، قال: إن شاءوا قتلوا وأعطوا نصف الدية (6).

__________

(1) جواهر الكلام 13: 98 ـ 99.

(2) تعمدنا عدم ذكره حتى لا ننسب لأئمة الهدى ما يشوههم؛ فنخدم بذلك أغراض الكذابين الذين وضعوا هذه الأحاديث على ألسنتهم.

(3) الكافي 7/ 299/ 4،.

(4) الكافي 7/ 298/ 1، التهذيب 10/ 180/ 705، والاستبصار 4/ 265/ 998.

(5) التهذيب 10/ 182/ 711.

(6) التهذيب 10/ 182/ 710.

أحكام الحكومة الإسلامية (598)

وغيرها من الروايات (1)، والتي تتعارض مع القصاص الذي ورد في القرآن الكريم، ذلك أنها تنص على أن المرأة إن قتلت الرجل تقتل قصاصا من دون أن يدفع أهلها شيئا، لكن إن قتل الرجل المرأة؛ فإنه لا يمكن ـ بحسب هذه الروايات ـ إقامة القصاص إلا بعد أن يدفعوا نصف الدية، وهو مبلغ كبير جدا، قد يقصر أكثر الناس على أدائه، وبذلك ترتفع في حق المجرم عقوبة القصاص.

بل إنها تتعارض مع ما روي عن الأئمة أنفسهم، فعن الإمام الصادق أن الإمام علي قتل رجلا بامرأة قتلها عمدا، وقتل امرأة قتلت رجلا عمدا (2).

وهو حديث واضح صريح من كلا الإمامين اللذين تنسب لهما تلك الأقوال الشنيعة.

وهكذا الحال في الروايات التي تتعلق بالجراح؛ ومنها ما روي في المصادر السنية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديته) (3)

ومثله ما ورد في المصادر الشيعية، ومن أمثلته هذا الحديث الذي لا يمكن أن ينطق به أئمة الهدى، فقد روي عن أبان بن تغلب أنه قال: قلت لأبي عبدالله: ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة، كم فيها؟ قال: عشرة من الابل، قلت: قطع اثنتين؟ قال: عشرون، قلت: قطع ثلاثا؟ قال: ثلاثون، قلت: قطع أربعا؟ قال: عشرون، قلت: سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟! إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول: الذي جاء به شيطان، فقال: مهلا يا أبان هذا حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، فاذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف،

__________

(1) انظر: وسائل الشيعة للحر العاملي (29/ 80) الأحاديث رقم: 4، 5، 6، 7، 8، 9، 12، 13، 15، 19، 20، 21.

(2) التهذيب 10/ 183/ 715.

(3) النسائي 8/ 44 - 45.

أحكام الحكومة الإسلامية (599)

يا أبان انك أخذتني بالقياس، والسنة إذا قيست محق الدين (1).

وهذا الحديث الذي يرويه بعضهم بحجة إبطال القياس لا يدرك معناه ولا آثاره، فهو يحض المجرم بطريقة غير مباشرة إلى قطع أربع أصابع للمرأة بدل ثلاث أصابع، لأنه بذلك سيخفف الدية عن نفسه.

ومثل ذلك ما ورد في هذا الحديث الذي لا يقل غرابة: عن أبي يحيى الواسطي، رفعه إلى أبي عبدالله قال: الولد يكون من البيضة اليسرى فإذا قطعت ففيها ثلثا الدية، وفي اليمنى ثلث الدية (2).

وهكذا نجد أمثال هذه الأحاديث الغريبة التي لا تختلف عن تلك الأحاديث التي تذكر نقصان القرآن الكريم، أو كون الأكراد من الجن، أو غيرها من التي ذكرنا في الأجزاء السابقة وجوه ردها لمعارضتها للقرآن الكريم.

أما دعوى الأخذ بهذه الأحكام بعيدا عن تحكيم العقول؛ فمما لا ينسجم مع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكلام الأئمة أنفسهم، فهم الذين حذروا من الأحاديث التي تنكرها الفطر السليمة؛ ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا حدثتم عني حديثا تعرفونه ولا تنكرونه، فصدقوا به قلته أو لم أقله فإني أقول ما تعرفونه ولا تنكرونه، وإذا حدثتم عني حديثا تنكرونه ولا تعرفونه فكذبوا به، فإني لا أقول ما تنكرونه، وأقول ما تعرفونه) (3)

وعن الإمام علي قال: (إذا حدثتكم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديثا، فظنوا به الذي هو أهياه وأهداه وأتقاه (4)

__________

(1) الكافي 7: 299 | 6.

(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 113/386.

(3) رواه الطحاوي في (شرح مشكل الآثار)، (15/ 347)، الدار قطني في سننه، (4/ 208)

(4) رواه ابن ماجة (20)

أحكام الحكومة الإسلامية (600)

أما قياس ذلك على الميراث، وكون الأنثى ترث نصف ما يرثه الذكر؛ فهو قياس بعيد جدا، ذلك أن للأنثى من الحقوق غير ذلك النصف ما قد يتجاوز نصيب الذكر نفسه، وقد شرح هذا الأئمة أنفسهم، فقد روي عن الإمام الصادق أنه سئل: لأي علة صار الميراث للذكر مثل حظ الانثيين؟ فقال: لما جعل الله لها من الصداق (1).

ومثله ما روي عن الإمام الرضا أنه قيل له: كيف صار الرجل إذا مات وولده من القرابة سواء، يرث النساء نصف ميراث الرجال، وهن أضعف من الرجال، وأقل حيلة؟ فقال: لأن النساء يرجعن عيالا على الرجال (2).

وروي أنه قال: (علة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث، لأن المرأة إذا تزوجت أخذت، والرجل يعطي، فلذلك وفر على الرجال، وعلة أخرى في إعطاء الذكر مثلي ما تعطى الأنثى لأن الأنثى، في عيال الذكر إن احتاجت وعليه أن يعولها وعليه نفقتها، وليس على المرأة أن تعول الرجل ولا تؤخذ بنفقته إن احتاج، فوفر على الرجال لذلك، وذلك قول الله عزّ وجّل: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: 34]) (3)

وهذا يدل على اعتبار السؤال، والبحث في العلل، على خلاف تلك الأحاديث التي أوردناها، والتي تصور الإمام وهو يدعو إلى خلاف ما يقتضيه العقل، ومع ذلك لا يعلله ولا يبين سببه.

ومن العجيب أن يستدل بعضهم بتلك الأحاديث على كون دية المرأة نصف دية

__________

(1) من لا يحضره الفقيه: 4/ 253/ 815، وعلل الشرائع: 570/ 2.

(2) الكافي 7/ 84/ 1، والتهذيب 9/ 274/ 991.

(3) من لا يحضره الفقيه: 4/ 253/ 814، والتهذيب 9/ 398/ 1420.

أحكام الحكومة الإسلامية (601)

الرجل، من غير التفات إلى أن المحل مختلف تماما؛ فالأول مرتبط بالميراث، وهو حق للأقارب على أقاربهم، وأما الثاني، فهو مرتبط بالإجرام، فهل يخفف حكم المجرم الذي قتل امرأة مقارنة بالمجرم الذي قتل رجلا؟

ولذلك لا حاجة لكل تلك التبريرات التي يذكرونها، والتي يتركون عقولهم عند ذكرها، لأنه لا أحد في الدنيا يمكنه أن يقتنع بذلك حتى المجرم نفسه، والأولى هو تحكيم ذلك المعيار الذي أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى من العرض على القرآن الكريم وقيمه النبيلة، وأهما قيمة العدالة؛ فالله هو العدل الذي يحكم بالعدالة المطلقة في كل شيء ابتداء من تشريعاته التي تمثل مراضيه، وقد قال تعالى عن أهداف إرسال الرسل عليهم السلام: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25]

أما التهوين من هذه المسألة، والتساهل معها؛ فهو ناتج عن عدم استشراف لما تحدثه مثل هذه المسائل من تأثير سلبي في الموقف من الدين ومن حاكمية الشريعة، ونحن نعلم جميعا ما حصل للسعودية بسبب موقفها من التمييز بين إتاحة قيادة السيارات للرجال وحرمان النساء منها، فكيف لو وضع في قوانين عقوبات الحكومة الإسلامية ما ذكرنا من الروايات والأحاديث؟

وأحب أن أذكر في نهاية هذا التعليل لرد تلك الأحاديث أن هذه الاستغرابات أبداها بعض المحققين المتحررين المعاصرين من المدرستين السنية والشيعية.

فمن المدرسة السنية الشيخ محمد الغزالي الذي قال معلقا على الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية: (وأهل الحديث يجعلون دية المرأة على النصف من دية الرجل وهذه سوأة فكرية وخلقية رفضها الفقهاء، والمحققون، فالدية في القرآن واحدة للرجل

أحكام الحكومة الإسلامية (602)

والمرأة، والزعم بأن دم المرأة أرخص وحقها أهون زعم كاذب مخالف لظاهر الكتاب، وأن الرجل يقتل بالمرأة كما تقتل المرأة بالرجل، فدم المرأة ودم الرجل سواء فما الذي يجعل دية المرأة دون دية الرجل) (1)

ومنهم الباحث عبدالله محمد جميل في بحث له بعنوان (المرأة كالرجل في الدية)، فقد قال فيه: (وفقاً لكتاب الله وسنة رسوله فإن المرأة تساوي الرجل في الديه، فدية المرأة في العمد وفي الخطأ في النفس وما دون النفس كدية الرجل سواء بسواء كالقصاص (القود) ولما كانت المرأة تقاد بالرجل كما هو ثابت بالكتاب والسنة دون قيد أو شرط ومجمع عليه في كل مذاهب الفقه ما عدا الهادوية الذين قيدوا ذلك بشرط توفية نصف الدية من أهل المرأة القتيلة، وعليه ولما كان الأصل أن المرأة تساوي الرجل في القصاص فمن باب أولى أن تساوي المرأة والرجل في الدية أيضاً.. وأن أطراف المرأة كأطراف الرجل يجري فيها القصاص فإذا قطع الرجل يد المرأة عمداً قطعت يده قصاصاً، وإذا كسر سناً لها كسرت السن التي تقابلها في فمه قصاصاً، وهكذا وهذا رأي جمهور الفقهاء وهو الرأي الراجح والأولى بالتطبيق والاتباع) (2)

ومنهم الباحث مصطفى عيد الصياصنة في بحث له بعنوان (دية المرأة، في ضوء الكتاب والسنة: تمام دية المرأة، وتهافت دعوى التنصيف)، وقد قال فيه: (من دراستنا الموسعة والمستفيضة، لمسألة دية المرأة في الكتاب والسنة، والآثار الواردة عن بعض أفراد الصحابة والتابعين، إضافة إلى معالجتنا لطبيعة دعوى الإجماع والقياس، بخصوص هذه المسألة، فإننا نستطيع القول ـ وبكل الاطمئنان والثقة ـ: إن دية المرأة على مثل دية الرجل

__________

(1) السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، ص 19

(2) عبدالله محمد جميل، المرأة كالرجل في الدية.

أحكام الحكومة الإسلامية (603)

سواء بسواء وذلك لتضافر الأدلة والمرجحات، التي تؤكد هذه الحقيقة) (1)

وغيرهم، أما من المدرسة الشيعية؛ فلعل أبرزهم الشيخ يوسف الصانعي، وهو أحد مراجع التقليد في إيران، وقد كان تلميذا للسيد الخميني والسيد البروجردي، وكان عضوا سابقا في مجلس خبراء القيادة، وقد كتب مقالا مطولا في ذلك، ناقش في الأحاديث الواردة في المصادر الشيعية وبين وجوه ردها من خلال عرضها على القرآن الكريم (2).

وقد قال في نهاية بحثه في هذا الموضوع: (وحصيلة الكلام في باب القصاص عدم اشتراط التساوي في الجنسية (الذكورة والأنوثة) في القصاص، ولا التساوي في الدين (الإسلام)، بل تدلّ الآيات القرآنية وتقتضي احترامَ نفس الإنسان، فكلّ من يُقدم ـ عمداً ـ على قتل الآخر يحقّ لأولياء المقتول إجراء القصاص عليه، دون دفع فاضل الدية.. أما الروايات الواردة في المسألة فهي أعجز من أن تقع مرجعاً للإفتاء أو إبداء الرأي الفقهي نظراً لمخالفتها القرآن الكريم، إضافةً إلى جملة من الإيرادات المسجّلة عليها على صعيد فقه الحديث) (3)

ومن الشبهات المهمة التي رد عليها في مقاله ذلك الإشكال الذي يذكره البعض، وهو أن الروايات والأحاديث التي تنص على هذا لا تملك بُعداً سياسياً ولا عقائدياً؛ فلذلك لن تكون مادة للدس والوضع، فقد قال ردا على هذا: (إن إيجاد النفور وتشويه صورة أئمة الهدى بين الناس، لا سيما النساء منهم، يمكن أن يكون دافعاً من دوافع الوضع والدسّ هنا، تماماً كما يصدق هذا الاحتمال في مورد أخبار تحريف القرآن، فأهل السنّة لم يكونوا

__________

(1) دية المرأة، في ضوء الكتاب والسنة:145

(2) انظر: إبطال نظرية الفارق الجنسي والديني، الشيخ يوسف الصانعي، ترجمة: حيدر حب الله، مجلة نصوص معاصرة، ص 111.

(3) المرجع السابق، ص 142.

أحكام الحكومة الإسلامية (604)

قائلين بتحريف القرآن، ولذا كان وضع هذه الأخبار لإحداث القطيعة والنفور مع المذهب الشيعي) (1)

ورد على الإشكال الذي يقول: (إن التمييز في القصاص بين الرجل والمرأة إنما جاء من كون نفقة المرأة على الرجل، وأنّ الأخير هو أساس اقتصاد الأسرة وعمودها، ولهذا فإذا كان القاتل رجلاً ثم أرادوا القصاص منه لزمهم أن يدفعوا إلى أسرته نصف دية الإنسان)، بقوله: (إن هذا التبرير لا أساس دينيّ ولا علمي له؛ ذلك أنه من اللازم صدقه على الأطفال الصغار، والعجزة الكبار، والرجال المقعدين وممّن لا يرتهن لهم اقتصاد الأسرة، وكذا يلزم صدقه على المرأة العاملة، وهي كثيرة اليوم، رغم أنهم لا يرضون بذلك.. إضافةً إلى ذلك، فالدية مقابل الدم، أي أنّها قيمته، كما جاء معناها كذلك في كتب اللغة مثل مفردات الراغب الأصفهاني، ومن ثم لا علاقة لها إطلاقاً بموضوع الاقتصاد والمعيشة) (2)

وقد أورد أثناء مناقشاته للمخالفين كلاما جميلا للأستاذ الشهيد مرتضى مطهري يبين فيه وجه اعتبار العدالة مقياسا من المقاييس التي تميز بها الأحاديث، فقد قال: (مبدأ العدالة من المقاييس الإسلامية، التي لابد من النظر لمعرفة ما يوافقه وينطبق عليه، فالعدالة تقع في سلسلة علل الأحكام، لا معلولاتها، فليس كلّ ما قاله الدين عدل، بل كلّ ما هو عدل قاله الدين، وهذا هو معنى معيارية العدالة للدين، إذاً، فلا بد من أن نبحث: هل الدين معيار العدالة أو العدالة معيار الدين؟ إنّ النظرية التقديسية تقضي بأن نقول: الدين معيار العدالة، إلاّ أن الحقيقة ليست كذلك، فهذا يشبه تماماً ما يقال في باب الحسن والقبح العقليين، فالسائد في أوساط المتكلّمين الشيعة والمعتزلة الذين أصبحوا به عدليةً، أن العدل

__________

(1) المرجع السابق، ص 112.

(2) المرجع السابق، ص 130.

أحكام الحكومة الإسلامية (605)

مقياس الدين لا الدين مقياس العدل، ومن هنا، كان العقل واحداً من الأدلّة الشرعية، حتى قالوا: (العدل والتوحيد علَويان، والجبر والتشبيه أمويان).. لقد عدّوا الدين ـ في الجاهلية ـ مقياساً للعدالة والحسن والقبح، ولهذا ينقل الله سبحانه عنهم في سورة الأعراف أنهم ينسبون كلّ عمل قبيح إلى الدين، والقرآن يقول: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 28]) (1)

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 2725] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أصيب بقتل أو خبل فإنه يختار إحدى ثلاث إما أن يقتص وإما أن يعفو وإما أن يأخذ الدية، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه ومن اعتدى بعد ذلك فله عذابٌ أليمٌ (2).

[الحديث: 2726] عن ابن عباس قال: كان في بني إسرائيل قصاصٌ ولم تكن فيهم الدية، فقال الله تعالى لهذه الأمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: 178] والعفو: أن يقبل الدية في العمد، واتباعٌ بالمعروف: يتبع هذا بالمعروف، وأداءٌ إليه بإحسان: يؤدي هذا بإحسان، ذلك تخفيفٌ من ربكم ورحمةٌ: مما كتب على من كان قبلكم إنما هو

__________

(1) مرتضى مطهري، مباني اقتصاد إسلامي: 14.

(2) أبو داود (4496)، وابن ماجة (2623)

أحكام الحكومة الإسلامية (606)

القصاص وليس الدية (1).

[الحديث: 2727] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل في عمياء في رمي يكون بينهم بحجارة أو بالسياط أو ضرب بعصا فهو خطأٌ وعقله عقل الخطإ ومن قتل عمدا فهو قودٌ، ومن حال دونه فعليه لعنة الله وغضبه لا يقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ (2).

[الحديث: 2728] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه (3).

[الحديث: 2729] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يدٌ على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم.. ومن أحدث حدثا فعلى نفسه ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (4).

[الحديث: 2730] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم، يدٌ على من سواهم، يرد مشدهم على مضعفهم ومتسريهم على قاعدهم (5).

[الحديث: 2731] عن أنس: أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها فقتلها بحجر فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبها رمقٌ فقال: أقتلك فلانٌ؟ فأشارت برأسها أن لا ثم قال: لها الثانية، فأشارت برأسها أن لا ثم سألها الثالثة، فأشارت برأسها نعم، فقتله صلى الله عليه وآله وسلم بحجرين (6).

[الحديث: 2732] عن أنس: أن رجلا من اليهود قتل جارية على حلي لها ثم ألقاها في القليب ورضخ رأسها بالحجارة فأخذ فأتي به النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فأمر أن يرجم حتى يموت،

__________

(1) البخاري (6881)، والنسائي 8/ 37.

(2) أبو داود (4539، 4591)، والنسائي 8/ 40.

(3) أبو داود (4515)، والترمذي (1414)، وابن ماجة (2663)، والدارمي (2358)

(4) أبو داود (4530)، والنسائي 8/ 19، وابن ماجة (2683)،والحاكم 2/ 141.

(5) أبو داود (4506)

(6) البخاري (6879)، ومسلم (1672)

أحكام الحكومة الإسلامية (607)

فرجم حتى مات (1).

[الحديث: 2733] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تطبب ولا يعلم منه طبٌ فهو ضامنٌ (2).

[الحديث: 2734] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيما تطبب من غير أنه يعرف له طب فأعنت فهو ضامن (3).

[الحديث: 2735] عن أبي هريرة أن امرأة من اليهود أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شاة مسمومة فما عرض لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (4).

[الحديث: 2736] عن ثعلبة بن زهدم قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب فجاء ناسٌ من الأنصار فقالوا: يا رسول الله هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع قتلوا فلانا في الجاهلية، فقال ـ وهتف بصوته ـ: ألا لا تجني نفسٌ على الأخرى (5).

[الحديث: 2737] عن أبي رمثة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أبي فقال: من هذا معك؟ قال: ابني أشهد به قال: أما إنك لا تجني عليه ولا يجني عليك (6).

[الحديث: 2738] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: العجماء عقلها جبارٌ والبئر جبارٌ والمعدن جبارٌ وفي الركاز الخمس (7).

[الحديث: 2739] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: البئر جرحها جبارٌ والمعدن جرحه جبارٌ والعجماء جرحها جبارٌ وفي الركاز الخمس (8).

[الحديث: 2740] عن أنس قال: ما رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم رفع إليه شيءٌ في قصاص إلا

__________

(1) مسلم (1672)، وأبو داود (4528)، والنسائي 7/ 100 - 101.

(2) أبو داود (4586)، والنسائي 8/ 52 - 53، وابن ماجة (3466)

(3) أبو داود (4587)

(4) أبو داود (4509)

(5) النسائي 8/ 53.

(6) أبو داود (4495)، والنسائي 8/ 53، والترمذي (1228)،والدارمي (2388)

(7) البخاري (1499)، ومسلم (1710)

(8) البخاري (6912)،مسلم (1710) 46.

أحكام الحكومة الإسلامية (608)

أمر فيه بالعفو (1).

[الحديث: 2741] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من كانت فيه واحدة، زوجه الله من الحور العين: من كانت عنده أمانة خفية شهية فأداها مخافة الله، أو رجل عفا عن قاتله، أو رجل قرأ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1] دبر كل صلاة (2).

[الحديث: 2742] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعف الناس قتلة أهل الإيمان (3).

[الحديث: 2743] عن ابن عمرو قال: قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن من قتل خطأ فديته من الإبل مائة: ثلاثون بنت مخاض وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة وعشرة ابن لبون ذكر (4).

[الحديث: 2744] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة، وما صولحوا عليه فهو لهم، وكذلك لتشديد العقل (5).

[الحديث: 2745] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: في دية الخطإ عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون بنو مخاض ذكورا (6).

[الحديث: 2746] عن علي قال: دية شبه العمد أثلاثٌ، ثلاثٌ وثلاثون حقة وثلاثٌ وثلاثون جذعة وأربعٌ وثلاثون ثنية إلى بازل عامها، وكلها خلفات (7).

[الحديث: 2747] عن علي قال: في الخطإ أرباعٌ، خمسٌ وعشرون حقة، وخمسٌ وعشرون جذعة، وخمسٌ وعشرون بنات لبون، وخمسٌ وعشرون بنات مخاض (8).

__________

(1) أبو داود (4497)، والنسائي 8/ 37 - 38.

(2) الطبراني 23/ 395.

(3) أبو داود (2666)،وابن ماجة (2681)

(4) أبو داود (4541)، والنسائي 8/ 42 - 43،وابن ماجة (2630)

(5) أبو داود (4506)،والترمذي (1387)

(6) أبو داود (4545)، والترمذي (1386) والنسائي 8/ 43 - 44، وابن ماجة (2631)

(7) أبو داود (4551)

(8) أبو داود (4553)

أحكام الحكومة الإسلامية (609)

[الحديث: 2748] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا وإن قتيل الخطإ العمد بالسوط والعصا والحجر مائة من الإبل، أربعون ثنية إلى بازل عامها كلهن خلفةٌ (1)، وفي رواية: مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها (2).

[الحديث: 2749] عن ابن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقوم دية الخطأ على أهل القرى أربع مائة دينار أو عدلها من الورق ويقومها على أثمان الإبل، إذا غلت رفع في قيمتها وإذا هاجت نقص من قيمتها، وبلغت على عهده ما بين أربع مائة إلى ثمان مائة وعدلها من الورق ثمانية آلاف درهم، وقضى على أهل البقر بمائتي بقرة، ومن كان دية عقله في شاء فألفا شاة، وقال صلى الله عليه وآله وسلم العقل ميراثٌ بين ورثة القتيل على قرابتهم فما فضل فللعصبة، وقضى في الأنف إذا جدع الدية كاملة، وإن جدعت ثندوته فنصف الدية، وقضى صلى الله عليه وآله وسلم أن عقل المرأة بين عصبتها من كانوا لا يرثون منها شيئا إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها وهم يقتلون قاتلهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس للقاتل شيءٌ وإن لم يكن له وارثٌ فوارثه أقرب الناس إليه ولا يرث القاتل شيئا (3).

[الحديث: 2750] عن ابن عمرو قال: قضى صلى الله عليه وآله وسلم أن العقل ميراثٌ بين ورثة القتيل على فرائضهم فما فضل فللعصبة، وقضى أن يعقل على المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثون منه شيئا، إلا ما فضل عن ورثتها، فإن قتلت فعقلها على ورثتها وهم يقتلون قاتلها (4).

[الحديث: 2751] عن أبي هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقضى أن دية جنينها غرةٌ عبدٌ أو وليدةٌ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وورثها ولدها ومن معهم، فقال حمل بن النابغة

__________

(1) النسائي 8/ 41.

(2) أبو داود (4547)،والنسائي 8/ 41،وابن ماجة (2627)

(3) أبو داود (4564)

(4) أبو داود (4564)، والنسائي 8/ 43.

أحكام الحكومة الإسلامية (610)

الهذلي: يا رسول الله كيف أغرم من لا أكل ولا شرب ولا استهل فمثل ذلك يطل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع (1).

[الحديث: 2752] عن أبي هريرة قال: قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة، عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها (2).

[الحديث: 2753] عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة أو فرس أو بغل (3).

[الحديث: 2754] عن جابر: أن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى ولكل واحدة منهما زوجٌ وولدٌ فجعل صلى الله عليه وآله وسلم دية المقتولة على عاقلة القاتلة وبرأ زوجها وولدها؛ لأنهما ما كانا من هذيل، فقال: عاقلة المقتولة ميراثها لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا، ميراثها لزوجها وولدها (4).

[الحديث: 2755] عن عطاء بن أبي رباح: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة (5).

[الحديث: 2756] عن ضميرة السلمي: أن محلم بن جثامة قتل رجلا من أشجع في الإسلام، وذلك أول غير قضى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتكلم عيينة في قتل الأشجعي؛ لأنه من غطفان وتكلم الأقرع بن حابس دون محلم؛ لأنه من خندف، فارتفعت الأصوات وكثرت

__________

(1) البخاري (5758)، ومسلم (1681)

(2) البخاري (6740)، ومسلم (1681) 35.

(3) أبو داود (4579)

(4) أبو داود (4575)، وابن ماجة (2648)، أبو يعلى 3/ 355 (1823)

(5) أبو داود (4543)، والبيهقي 8/ 78.

أحكام الحكومة الإسلامية (611)

الخصومة واللغط، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عيينة ألا تقبل الغير؟ قال عيينة: لا والله حتى أدخل على نسائه من الحرب والحزن ما أدخل على نسائي ثم ارتفعت الأصوات وكثرت الخصومة واللغط، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عيينة ألا تقبل الغير؟ فقال عيينة مثل ذلك أيضاً إلى أن قام رجلٌ من بني ليث يقال له مكيتلٌ عليه شكةٌ وفي يده درقةٌ، فقال: يا رسول الله إني لم أجد لما فعل هذا في غرة الإسلام مثلا إلا غنما وردت، فرمي أولها ونفر آخرها اسنن اليوم وغير غدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بل نعطيكم خمسين من الإبل في فورنا هذا، وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة، وذلك في بعض أسفاره ومحلمٌ رجلٌ طويلٌ آدم، وهو في طرف الناس، فلم يزالوا حتى تخلص فجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعيناه تدمعان فقال: يا رسول الله إني فعلت الذي فعلت، وأنا أتوب إلى الله فاستغفر لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقتلته بسلاحك في غرة الإسلام، اللهم لا تغفر لمحلم.. بصوت عال (1).

[الحديث: 2757] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا أعفي من قتل بعد أخذ الدية (2).

[الحديث: 2758] عن حنش بن المعتمر: أنه احتفر بئرا باليمن فسقط فيها الأسد، فأصبحوا ينظرون إليه، فوقع رجل في البئر فتعلق برجل، فتعلق الآخر بآخر، حتى كانوا أربعة فسقطوا في البئر جميعا فجرحهم الأسد، فتناوله رجل برمحه فقتله، فقال الناس للأول: أنت قتلت أصحابنا وعليك ديتهم، فأتى أصحابه فكادوا يقتتلون فقدم علي بن أبي طالب على تلك الحال فسألوه فقال: سأقضي بينكم بقضاء، فمن رضي منكم جاز عليه رضاه، ومن سخط منكم فلا حق له، حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيقضى بينكم، قالوا: نعم، قال: اجمعوا ممن حفر البئر من الناس ربع دية وثلث دية ونصف دية ودية تامة، للأول: ربع دية؛ لأنه

__________

(1) أبو داود (4503)، وابن ماجة (2625)

(2) أبو داود (4507)

أحكام الحكومة الإسلامية (612)

هلك فوقه ثلاثة، وللثانى: ثلث دية؛ لأنه هلك فوقه اثنان، وللثالث: نصف دية لأنه هلك فوقه واحد، وللآخر: الدية التامة، فإن رضيتم فهذا بينكم قضاء، وإن لم ترضوا فلا حق لكم حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العام المقبل، فقصوا عليه، فقال: أنا أقضى بينكم إن شاء الله، وهو جالس في مقام إبراهيم، فقام رجل فقال: إن عليا قضى بيننا، فقال: كيف قضى بينكم؟ فقصوا عليه فقال: هو ما قضى بينكم (1).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

[الحديث: 2759] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة الوداع: العمد قود، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر، وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من الجاهلية (2).

[الحديث: 2760] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، هم يد على من سواهم (3).

[الحديث: 2761] قال الإمام الصادق: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام، فإن جاء أولياء المقتول بثبت، وإلا خلي سبيله (4).

[الحديث: 2762] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شهر سيفا فدمه هدر (5).

[الحديث: 2763] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أخرج ميزابا، أو كنيفا، أو أوتد وتدا، أو أوثق دابة، أو حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن (6).

[الحديث: 2764] قال الإمام الباقر: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي إلى اليمن فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن ومر يعدو، فمر برجل فنفحه برجله فقتله، فجاء أولياء

__________

(1) البزار كما في (كشف الأستار) 2/ 207 - 208 (1532)

(2) تحف العقول: 23.

(3) أمالي الصدوق: 287/ 3.

(4) التهذيب 10/ 174/ 683.

(5) التهذيب 10/ 315/ 1174،.

(6) الكافي 7/ 350/ 8.

أحكام الحكومة الإسلامية (613)

المقتول إلى الرجل فأخذوه فرفعوه إلى الإمام علي فأقام صاحب الفرس البينة عند الإمام علي أن فرسه أفلت من داره ونفح الرجل فأبطل الإمام علي دم صاحبهم، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله إن عليا ظلمنا وأبطل دم صاحبنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن عليا ليس بظلام (1).

[الحديث: 2765] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: البئر جبار، والعجماء جبار، والمعدن جبار (2).

[الحديث: 2766] قال الإمام الصادق: جاءت امرأة فاستعدت على أعرابي قد أفزعها فألقت جنينا، فقال الأعرابي: لم يهل ولم يصح ومثله يطل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اسكت سجاعة، عليك غرة وصيف عبد أو أمة (3).

[الحديث: 2767] قال الإمام الصادق: قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جنين الهلالية حيث رميت بالحجر فألقت ما في بطنها ميتا أن عليه غرة عبد أو أمة (4).

[الحديث: 2768] عن الإمام الصادق أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد ضرب امرأة حبلى فأسقطت سقطا ميتا فأتى زوج المرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاستعدى عليه، فقال الضارب: يا رسول الله ما أكل، ولا شرب، ولا استهل، ولا صاح، ولا استبش، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنك رجل سجاعة، فقضى فيه رقبة (5).

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

__________

(1) الكافي 7/ 352/ 8.

(2) الكافي 7/ 377/ 20.

(3) التهذيب 10/ 286/ 1110، والاستبصار 4/ 300/ 1127، الكافي 7/ 343/ 3.

(4) التهذيب 10/ 286/ 1109، والاستبصار 4/ 300/ 1126.

(5) التهذيب 10/ 286/ 1111.

أحكام الحكومة الإسلامية (614)

ما روي عن الإمام علي

[الحديث: 2769] قال الإمام علي: في الخطأ شبه العمد أن تقتله بالسوط أو بالعصا أو بالحجارة إن دية ذلك تغلظ، وهي مائة من الإبل (1).

[الحديث: 2770] قال الإمام علي في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله: وهل عبد الرجل إلا كسوطه أو كسيفه، يقتل السيد، ويستودع العبد السجن (2).

[الحديث: 2771] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي في رجلين أمسك أحدهما وقتل الآخر بقتل القاتل وحبس الآخر حتى يموت غما كما حبسه حتى مات غما (3).

[الحديث: 2772] عن سماعة، قال: قضى الإمام علي في رجل شد على رجل ليقتله والرجل فار منه فاستقبله رجل آخر فأمسكه عليه حتى جاء الرجل فقتله، فقتل الرجل الذي قتله، وقضى على الآخر الذي أمسكه عليه أن يطرح في السجن أبدا حتى يموت فيه، لأنه أمسكه على الموت (4).

[الحديث: 2773] قال الإمام الصادق: رفع ثلاثة نفر إلى الإمام علي، واحد منهم أمسك رجلا، وأقبل الآخر فقتله، والآخر يراهم، فقضى في الرؤية أن تسمل عيناه، وفي الذي أمسك أن يسجن حتى يموت كما أمسكه، وقضى في الذي قتل أن يقتل (5).

[الحديث: 2774] قال الإمام علي في عهده إلى مالك الأشتر: وإياك والدماء وسفكها بغير حلها، فإنه ليس شيء أدعي لنقمة، ولا أعظم لتبعة، ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة، من سفك الدماء بغير حقها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما

__________

(1) الكافي 7/ 281/ 3، الفقيه 4/ 77/ 240.

(2) الكافي 7/ 285/ 3.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 86/ 275، والتهذيب 10/ 219/ 862.

(4) الكافي 7/ 287/ 2، والتهذيب 10/ 219/ 860، 861.

(5) الكافي 7/ 288/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (615)

تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه ويوهنه ويزيله وينقله، ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد فإن فيه قود البدن، وإن ابتليت بخطأ وأفرط عليك سوطك أو يدك بعقوبة، فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة، فلا تطمحن بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقهم (1).

[الحديث: 2775] قال الإمام الصادق: كان صبيان في زمان الإمام علي يلعبون بأخطار لهم، فرمى أحدهم بخطره فدق رباعية صاحبه، فرفع ذلك إلى الإمام علي فأقام الرامي البينة بأنه قال: حذار، فدرأ عنه القصاص ثم قال: قد أعذر من حذر (2).

[الحديث: 2776] قال الإمام الصادق: كتب محمد بن أبي بكر إلى أمير المؤمنين يسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا، فجعل الدية على قومه وجعل عمده وخطأه سواء (3).

[الحديث: 2777] عن الإمام الصادق أن الإمام علي قتل رجلا بامرأة قتلها عمدا، وقتل امرأة قتلت رجلا عمدا (4).

[الحديث: 2778] قال الإمام علي في المجنون، والمعتوه الذي لا يفيق، والصبي الذي لم يبلغ: عمدهما خطأ تحمله العاقلة، وقد رفع عنهما القلم (5).

[الحديث: 2779] قال الإمام علي: انتظروا بالصغار الذين قتل أبوهم أن يكبروا، فإذا بلغوا خيروا، فإن أحبوا قتلوا أو عفوا، أو صالحوا (6).

[الحديث: 2780] قال الإمام علي: من عفا عن الدم من ذي سهم له فيه فعفوه جائز

__________

(1) نهج البلاغة 3/ 119/ 53.

(2) الكافي 7/ 292/ 7.

(3) التهذيب 10/ 232/ 916.

(4) التهذيب 10/ 183/ 715.

(5) قرب الإسناد: 72.

(6) التهذيب 10/ 176/ 690، والاستبصار 4/ 265/ 996.

أحكام الحكومة الإسلامية (616)

وسقط الدم وتصير دية، ويرفع عنه حصة الذي عفا (1).

[الحديث: 2781] قال الإمام الباقر: أتي عمر بن الخطاب برجل قد قتل أخا رجل فدفعه إليه وأمره بقتله، فضربه الرجل حتى رأى أنه قد قتله، فحمل إلى منزله فوجدوا به رمقا فعالجوه فبرأ، فلما خرج أخذه أخو المقتول الأول، فقال: أنت قاتل أخي ولي أن أقتلك، فقال: قد قتلتني مرة، فانطلق به إلى عمر فأمر بقتله، فخرج وهو يقول: والله قتلتني مرة، فمروا على الإمام علي فأخبره خبره، فقال: لا تعجل حتى أخرج إليك، فدخل على عمر، فقال: ليس الحكم فيه هكذا، فقال: ما هو يا أبا الحسن؟ فقال: يقتص هذا من أخي المقتول الأول ما صنع به ثم يقتله بأخيه، فنظر الرجل أنه إن اقتص منه أتى على نفسه، فعفا عنه وتتاركا (2).

[الحديث: 2782] قال الإمام علي لما قتله ابن ملجم: احبسوا هذا الأسير وأطعموه وأحسنوا إساره، فإن عشت فأنا أولى بما صنع بي: إن شئت استقدت، وإن شئت عفوت، وإن شئت صالحت، وإن مت فذلك إليكم، فإن بدا لكم أن تقتلوه فلا تمثلوا به (3).

[الحديث: 2783] قال الإمام علي يوصي أهله: يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون: قتل أمير المؤمنين، ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي، انظروا إذا أنا مت من هذه الضربة فاضربوه ضربة بضربة، ولا يمثل بالرجل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور، ثم أقبل على ابنه الحسن فقال: يا بني أنت ولي الأمر وولي الدم، فإن عفوت فلك، وان قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم (4).

[الحديث: 2784] قال الإمام الصادق: أتي الإمام علي برجل وجد في خربة وبيده

__________

(1) التهذيب 10/ 177/ 695، والاستبصار 4/ 264/ 995.

(2) الكافي 7/ 36/ 1.

(3) قرب الإسناد: 67.

(4) نهج البلاغة 3/ 86/ 67.

أحكام الحكومة الإسلامية (617)

سكين ملطخ بالدم، وإذا رجل مذبوح يتشحط في دمه فقال له الإمام علي: ما تقول؟ قال: أنا قتلته، قال: اذهبوا به فأقيدوه به، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرع، فقال: أنا قتلته، فقال الإمام علي للأول: ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال: وما كنت أستطيع أن أقول، وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي سكين ملطخ بالدم، والرجل يتشحط في دمه، وأنا قائم عليه خفت الضرب فأقررت، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة، وأخذني البول فدخلت الخربة فرأيت الرجل متشحطا في دمه، فقمت متعجبا، فدخل علي هؤلاء فأخذوني، فقال الإمام علي: خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن، وقولوا له: ما الحكم فيهما، فذهبوا إلى الحسن وقصوا عليه قصتهما، فقال الحسن: قولوا لأمير المؤمنين: إن كان هذا ذبح ذاك فقد أحيا هذا، وقد قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32] يخلى عنهما، وتخرج دية المذبوح من بيت المال (1).

[الحديث: 2785] قال المفيد: قضى الإمام الحسن في حياة الإمام علي في رجل اتهم بالقتل فاعترف به، وجاء الآخر فنفى عنه ما اعترف به من القتل وأضافه إلى نفسه وأقر به، فرجع المقر الأول عن إقراره، بأن يبطل القود فيهما والدية، وتكون دية المقتول من بيت مال المسلمين، وقال: إن يكن الذي أقر ثانيا قد قتل نفسا فقد أحيا بإقراره نفسا، والإشكال واقع فالدية على بيت المال، فبلغ الإمام علي ذلك، فصوبه وأمضى الحكم فيه (2).

[الحديث: 2786] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي في رجل وجد مقتولا لا يدرى من قتله، فقال: إن كان عرف له أولياء يطلبون ديته أعطوا ديته من بيت مال المسلمين ولا يبطل دم امرئ مسلم لأن ميراثه للإمام فكذلك تكون ديته على الإمام، ويصلون عليه،

__________

(1) الكافي 7/ 289/ 2.

(2) المقنعة: 115.

أحكام الحكومة الإسلامية (618)

ويدفنونه (1).

[الحديث: 2787] قال الإمام الباقر: ازدحم الناس يوم الجمعة في إمرة الإمام علي بالكوفة فقتلوا رجلا، فودي ديته إلى أهله من بيت مال المسلمين (2).

[الحديث: 2788] قال الإمام علي: ليس في الهايشات (3) عقل ولا قصاص (4).

[الحديث: 2789] قال الإمام علي: من مات في زحام الناس يوم الجمعة أو يوم عرفة أو على جسر لا يعلمون من قتله، فديته من بيت المال (5).

[الحديث: 2790] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي أن ما أخطأت به القضاة في دم أو قطع فعلى بيت مال المسلمين (6).

[الحديث: 2791] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في رجل قتل في قرية، أو قريبا من قرية أن يغرم أهل تلك القرية إن لم توجد بينة على أهل تلك القرية أنهم ما قتلوه (7).

[الحديث: 2792] سئل الإمام علي عن رجل كان جالسا مع قوم ثقات ونفر معهم، أو رجل وجد في قبيلة، أو على دار قوم فادعي عليهم، فقال: ليس عليهم قود، ولا يبطل دمه، عليهم الدية (8).

[الحديث: 2793] قال الإمام الباقر: أتي الإمام علي بقتيل وجد بالكوفة مقطعا، فقال: صلوا عليه ما قدرتم عليه منه، ثم استحلفهم قسامة بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا، وضمنهم الدية (9).

__________

(1) الكافي 7/ 354/ 1، التهذيب 10/ 202/ 799.

(2) الكافي 7/ 355/ 5، التهذيب 10/ 202/ 798.

(3) الهايشات: الفزعة تقع بالليل والنهار فيشج الرجل فيها، أو يقع قتيل لا يدرى من قتله وشجه.

(4) الكافي 7/ 355/ 6، التهذيب 10/ 203/ 802.

(5) الكافي 7/ 355/ 4.

(6) الكافي 7/ 354/ 3.

(7) التهذيب 10/ 205/ 807، والاستبصار 4/ 278/ 1052.

(8) من لا يحضره الفقيه 4/ 72/ 221.

(9) قرب الإسناد: 70.

أحكام الحكومة الإسلامية (619)

[الحديث: 2794] عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: كانت الدية في الجاهلية مائة من الإبل فأقرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إنه فرض على أهل البقر مائتي بقرة، وفرض على أهل الشاة ألف شاة ثنية، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق عشرة ألف درهم، وعلى أهل اليمن الحلل مائتي حلة.. قال عبد الرحمن بن الحجاج: فسألت الإمام الصادق عما روى ابن أبي ليلى، فقال: كان الإمام علي يقول: الدية ألف دينار، وقيمة الدينار عشرة دراهم، وعشرة آلاف لأهل الأمصار، وعلى أهل البوادي مائة من الإبل، ولأهل السواد مائة بقرة، أو ألف شاة (1).

[الحديث: 2795] قال الإمام علي: في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر أن دية ذلك تغلظ، وهي مائة من الإبل: منها أربعون خلفة من بين ثنية إلى بازل عامها، وثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون، والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة، وثلاثون ابنة لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، وقيمة كل بعير مائة وعشرون درهما، أو عشرة دنانير، ومن الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة (2).

[الحديث: 2796] قال الإمام علي: تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين، وتستأدى دية العمد في سنة (3).

[الحديث: 2797] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في أربعة شربوا مسكرا، فأخذ بعضهم على بعض السلاح فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان، فأمر المجروحين فضرب كل واحد منهما ثمانين جلدة، وقضى بدية المقتولين على المجروحين، وأمر أن تقاس جراحة المجروحين فترفع من الدية، فإن مات المجروحان فليس على أحد من أولياء المقتولين

__________

(1) الكافي 7/ 280/ 1، التهذيب 10/ 160/ 640، والاستبصار 4/ 259/ 975.

(2) التهذيب 10/ 158/ 635، والاستبصار 4/ 259/ 976.

(3) الكافي 7/ 283/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (620)

شيء (1).

[الحديث: 2798] قال الإمام الصادق: كان قوم يشربون فيسكرون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم، فرفعوا إلى الإمام علي فسجنهم فمات منهم رجلان وبقي رجلان، فقال أهل المقتولين: يا أمير المؤمنين أقدهما بصاحبينا، فقال للقوم: ما ترون؟ فقالوا: نرى أن تقيدهما، فقال الإمام علي للقوم: فلعل ذينك اللذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه، قالوا: لا ندري، فقال الإمام علي: بل أجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة، وآخذ دية جراحة الباقيين من دية المقتولين (2).

[الحديث: 2799] قال الإمام الصادق: رفع إلى الإمام علي ستة غلمان كانوا في الفرات فغرق واحد، منهم: فشهد ثلاثة منهم على اثنين أنهما غرقاه، وشهد اثنان على الثلاثة أنهم غرقوه، فقضى الإمام علي بالدية أخماسا: ثلاثة أخماس على الاثنين، وخمسين على الثلاثة (3).

[الحديث: 2800] قال الإمام علي: إياك أن تدفع فتكسر فتغرم (4).

[الحديث: 2801] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في صاحب الدابة أنه يضمن ما وطأت بيدها ورجلها، وما نفحت برجلها فلا ضمان عليه إلا أن يضربها إنسان (5).

[الحديث: 2802] قال الإمام علي: إذا استقل البعير بحمله فقد ضمن صاحبه (6).

[الحديث: 2803] عن الإمام الباقر أن الإمام علي ضمن صاحب الدابة ما وطئت بيديها ورجليها، وما نفحت برجلها فلا ضمان عليه إلا أن يضربها إنسان (7).

__________

(1) الكافي 7/ 284/ 5.

(2) التهذيب 10/ 240/ 955.

(3) الكافي 7/ 284/ 6.

(4) الكافي 7/ 268/ 41.

(5) الكافي 7/ 353/ 11، التهذيب 10/ 227/ 894، والاستبصار 4/ 285/ 1081.

(6) التهذيب 10/ 224/ 879.

(7) التهذيب 10/ 224/ 880.

أحكام الحكومة الإسلامية (621)

[الحديث: 2804] عن الإمام الباقر أن الإمام علي كان يضمن الراكب ما وطأت الدابة بيدها أو رجلها إلا أن يعبث بها أحد فيكون الضمان على الذي عبث بها (1).

[الحديث: 2805] عن الإمام الباقر أن الإمام علي كان يضمن الراكب ما وطأت الدابة بيدها ورجلها، ويضمن القائد ما وطأت الدابة بيدها، ويبرئه من الرجل (2).

[الحديث: 2806] عن الإمام الصادق أن الإمام علي كان إذا صال الفحل أول مرة لم يضمن صاحبه فإذا ثنى ضمن صاحبه (3).

[الحديث: 2807] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي في رجل دخل دار قوم بغير إذنهم فعقره كلبهم ألا ضمان عليهم، وإن دخل بإذنهم ضمنوا (4).

[الحديث: 2808] عن زيد بن علي، أن الإمام علي كان يضمن صاحب الكلب إذا عقر نهارا، ولا يضمنه إذا عقر بالليل، وإذا دخلت دار قوم بإذنهم فعقرك كلبهم فهم ضامنون، وإذا دخلت بغير إذن فلا ضمان عليهم (5).

[الحديث: 2809] قال الإمام علي: من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه، وإلا فهو له ضامن (6).

[الحديث: 2810] قال الإمام الصادق: كانت امرأة تؤتى فبلغ ذلك عمر فبعث إليها فروعها وأمر أن يجاء بها إليه، ففزعت المرأة فأخذها الطلق فذهبت إلى بعض الدور فولدت غلاما فاستهل الغلام ثم مات فدخل عليه من روعة المرأة ومن موت الغلام ما شاء الله، فقال له بعض جلسائه: ما عليك من هذا شيء؟ وقال بعضهم: وما هذا؟ قال: سلوا

__________

(1) التهذيب 10/ 226/ 890، والاستبصار 4/ 284/ 1077.

(2) قرب الإسناد: 68.

(3) الكافي 7/ 353/ 13.

(4) الكافي 7/ 353/ 14.

(5) التهذيب 10/ 228/ 898.

(6) الكافي 7/ 364/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (622)

أبا الحسن، فقال لهم الإمام علي: لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم، ولئن كنتم برأيكم قلتم لقد أخطأتم، ثم قال: عليك دية الصبي (1).

[الحديث: 2811] عن الإمام الباقر أن رجلا شرد له بعيران فأخذهما رجل فقرنهما في حبل فاختنق أحدهما ومات، فرفع ذلك إلى الإمام علي فلم يضمنه، وقال: إنما أراد الإصلاح (2).

[الحديث: 2812] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في أربعة أنفس شركاء في بعير فعقله أحدهما، فانطلق البعير يعبث بعقاله فتردى فانكسر، فقال أصحابه للذي عقله: اغرم لنا بعيرنا، فقضى بينهم أن يغرموا له حظه من أجل أنه أوثق حظه فذهب حظهم بحظه منه (3).

[الحديث: 2813] قال الإمام الباقر: كان الإمام علي، لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا، ويقول: على صاحب الزرع حفظ زرعه، وكان يضمن ما أفسدت البهائم ليلا (4).

[الحديث: 2814] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في رجل أقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت واحترق متاعهم بغرم قيمة الدار وما فيها، ثم يقتل (5).

[الحديث: 2815] قال الإمام علي: العاقلة لا تضمن عمدا، ولا إقرارا، ولا صلحا (6).

[الحديث: 2816] قال الإمام الباقر: قضى أمير المؤمنين فيمن عفا من ذي سهم فإن عفوه جائز، وقضى في أربعة إخوة عفا أحدهم، فقال: يعطى بقيتهم الدية، ويرفع عنهم

__________

(1) الكافي 7/ 374/ 11.

(2) التهذيب 10/ 315/ 1175.

(3) التهذيب 10/ 231/ 910.

(4) التهذيب 10/ 310/ 1159.

(5) التهذيب 10/ 231/ 912.

(6) التهذيب 10/ 170/ 673.

أحكام الحكومة الإسلامية (623)

بحصة الذي عفا (1).

ما روي عن الإمام السجاد

[الحديث: 2817] قال الإمام السجاد في قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 179]: ولكم يا أمة محمد في القصاص حياة لأن من هم بالقتل فعرف أنه يقتص منه فكف لذلك عن القتل كان ذلك حياة الذي هم بقتله، وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل، وحياة لغيرهما من الناس إذا علموا أن القصاص واجب لا يجترون على القتل مخافة القصاص (2).

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 2818] قال الإمام الباقر: قتل العمد كل ما عمد به الضرب فعليه القود، وإنما الخطأ أن تريد الشيء فتصيب غيره، وإذا أقر على نفسه بالقتل قتل وان لم يكن عليه بينة (3).

[الحديث: 2819] قال الإمام الباقر: كلما أريد به ففيه القود، وإنما الخطأ أن تريد الشيء فتصيب غيره (4).

[الحديث: 2820] قال الإمام الباقر في رجل أمر رجلا بقتل رجل: يقتل به الذي قتله، ويحبس الأمر بقتله في الحبس حتى يموت (5).

[الحديث: 2821] قال الإمام الباقر: ليس الخطأ مثل العمد، العمد فيه القتل (6).

[الحديث: 2822] قال الإمام الباقر في الرجل يسقط على الرجل فيقتله: لا شيء

__________

(1) الكافي 7/ 357/ 6، والتهذيب 177/ 693، والاستبصار 4/ 262/ 989.

(2) الاحتجاج: 319.

(3) الكافي 7/ 278/ 1، التهذيب 10/ 155/ 623.

(4) تفسير العياشي 1/ 264/ 223.

(5) الكافي 7/ 285/ 1.

(6) التهذيب 10/ 174/ 681.

أحكام الحكومة الإسلامية (624)

عليه، ومن قتله القصاص فلا دية له (1).

[الحديث: 2823] قال الإمام الباقر: من قتله القصاص فلا دية له (2).

[الحديث: 2824] قال الإمام الباقر: من قتله القصاص بأمر الإمام فلا دية له في قتل ولا جراحة (3).

[الحديث: 2825] قيل للإمام الباقر: رجل قتل رجلا عمدا فلم يقم عليه الحد ولم تصح الشهادة عليه حتى خولط وذهب عقله، ثم إن قوما آخرين شهدوا عليه بعدما خولط أنه قتله، فقال: إن شهدوا عليه أنه قتله حين قتله وهو صحيح ليس به علة من فساد عقل قتل به، وإن لم يشهدوا عليه بذلك وكان له مال يعرف دفع إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل، وإن لم يكن له مال أعطى الدية من بيت المال، ولا يبطل دم امرئ مسلم (4).

[الحديث: 2826] سئل الإمام الباقر عن رجل قتل أمه، فقال: يقتل بها صاغرا ولا أظن قتله بها كفارة له، ولا يرثها (5).

[الحديث: 2827] سئل الإمام الباقر عن امرأتين قتلتا رجلا عمدا؟ قال: يقتلان به، ما يختلف في هذا أحد (6).

[الحديث: 2828] سئل الإمام الباقر عن رجلين قتلا رجلا عمدا وله وليان فعفا أحد الوليين، فقال: إذا عفا عنهما بعض الأولياء درئ عنهما القتل، وطرح عنهما من الدية بقدر حصة من عفا، وأديا الباقي من أموالهما إلى الذي لم يعف، وقال: عفو كل ذي سهم جائز (7).

__________

(1) التهذيب 10/ 212/ 838، والاستبصار 4/ 280/ 1062.

(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 74/ 228.

(3) التهذيب 10/ 279/ 1091.

(4) الكافي 7/ 295/ 1.

(5) الكافي 7/ 298/ 2، التهذيب 10/ 237/ 944.

(6) التهذيب 10/ 183/ 716.

(7) الكافي 7/ 357/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (625)

[الحديث: 2829] قال الإمام الباقر: إن عفا واحد من الأولياء ارتفع القود (1).

[الحديث: 2830] قال الإمام الباقر: إذا مات ولي المقتول قام ولده من بعده مقامه بالدم (2).

[الحديث: 2831] قيل للإمام الباقر: رجل قتل فحمل إلى الوالي وجاءه قوم فشهد عليه الشهود أنه قتل عمدا، فدفع الوالي القاتل إلى أولياء المقتول ليقاد به، فلم يريموا حتى أتاهم رجل فأقر عند الوالي أنه قتل صاحبهم عمدا، وأن هذا الرجل الذي شهد عليه الشهود بريء من قتل صاحبه فلا تقتلوه به وخذوني بدمه، فقال: إن أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقر على نفسه فليقتلوه ولا سبيل لهم على الآخر، ثم لا سبيل لورثة الذي أقر على نفسه على ورثة الذي شهد عليه، وإن أرادوا أن يقتلوا الذي شهد عليه فليقتلوا ولا سبيل لهم على الذي أقر ثم ليؤد الدية الذي أقر على نفسه إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية، قيل: أرأيت إن أرادوا أن يقتلوهما جميعا؟ قال: ذاك لهم، وعليهم أن يدفعوا إلى أولياء الذي شهد عليه نصف الدية خاصة دون صاحبه، ثم يقتلونهما، قيل: إن أرادوا أن يأخذوا الدية؟ فقال: الدية بينهما نصفان، لأن أحدهما أقر والآخر شهد عليه، قيل: كيف جعلت لأولياء الذي شهد عليه على الذي أقر نصف الدية حيث قتل، ولم تجعل لأولياء الذي أقر على أولياء الذي شهد عليه ولم يقر؟ فقال: لأن الذي شُهد عليه ليس مثل الذي أقر، الذي شهد عليه لم يقر ولم يبرأ صاحبه، والآخر أقر وبرأ صاحبه، فلزم الذي أقر وبرأ صاحبه ما لم يلزم الذي شهد عليه ولم يقر ولم يبرأ صاحبه (3).

[الحديث: 2832] قال الإمام الباقر: لو أن رجلا قتل في قرية، أو قريبا من قرية ولم

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 4/ 105/ 355.

(2) الكافي 7/ 370/ 6.

(3) الكافي 7/ 290/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (626)

توجد بينة على أهل تلك القرية أنه قتل عندهم، فليس عليهم شيء (1).

[الحديث: 2833] قال الإمام الباقر في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة، ووسطه وصدره في قبيلة، والباقي في قبيلة: ديته على من وجد في قبيلته صدره وبدنه، والصلاة عليه (2).

[الحديث: 2834] سئل الإمام الباقر عن غلام دخل دار قوم يلعب فوقع في بئرهم، هل يضمنون؟ فقال: لا يضمنون، فإن كانوا متهمين ضمنوا (3).

[الحديث: 2835] قال الإمام الباقر: أيما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة، فإن عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظأرت طلب العز والفخر، وإن كانت إنما ظأرت من الفقر فإن الدية على عاقلتها (4).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 2836] عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: قال لي الإمام الصادق: يخالف يحيى بن سعيد قضاتكم؟ قلت: نعم، قال: هات شيئا مما اختلفوا فيه، قلت: اقتتل غلامان في الرحبة فعض أحدهما صاحبه، فعمد المعضوض إلى حجر فضرب به رأس صاحبه الذي عضه فشجه فكز فمات، فرفع ذلك إلى يحيى بن سعيد فأقاده، فعظم ذلك على ابن أبي ليلى وابن شبرمة وكثر فيه الكلام، وقالوا: إنما هذا الخطأ فوداه عيسى بن علي من ماله، فقال الإمام الصادق: إن من عندنا ليقيدون بالوكزة، وإنما الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره (5).

[الحديث: 2837] سئل الإمام الصادق عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يقلع عنه

__________

(1) الكافي 7/ 355/ 1.

(2) التهذيب 10/ 213/ 842.

(3) التهذيب 10/ 212/ 840.

(4) الكافي 7/ 370/ 2.

(5) الكافي 7/ 278/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (627)

الضرب حتى مات، أيدفع إلى ولي المقتول فيقتله؟ قال: نعم، ولكن لا يترك يعبث به ولكن يجيز عليه بالسيف (1).

[الحديث: 2838] قال الإمام الصادق: العمد كل ما اعتمد شيئا فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة، فهذا كله عمد، والخطأ من اعتمد شيئا فأصاب غيره (2).

[الحديث: 2839] قال الإمام الصادق: العمد الذي يضرب بالسلاح أو بالعصا لا يقلع عنه حتى يقتل، والخطأ الذي لا يتعمده (3).

[الحديث: 2840] قال الإمام الصادق: إن ضرب رجل رجلا بعصا أو بحجر فمات من ضربة واحدة قبل أن يتكلم فهو يشبه العمد فالدية على القاتل، وإن علاه وألح عليه بالعصا أو بالحجارة حتى يقتله فهو عمد يقتل به، وإن ضربه ضربة واحدة فتكلم ثم مكث يوما أو أكثر من يوم فهو شبه العمد (4).

[الحديث: 2841] قيل للإمام الصادق: أرمي الرجل بالشيء الذي لا يقتل مثله، فقال: هذا خطأ، ثم أخذ حصاة صغيرة فرمى بها، قيل: أرمي الشاة فأصيب رجلا، قال: هذا الخطأ الذي لا شك فيه، والعمد الذي يضرب بالشيء الذي يقتل بمثله (5).

[الحديث: 2842] قال الإمام الصادق: لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو بآجرة أو بعود فمات كان عمدا (6).

[الحديث: 2843] سئل الإمام الصادق عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة، أهو أن يعتمد ضرب رجل ولا يعتمد قتله؟ فقال: نعم، قيل: رمى شاة فأصاب إنسانا، قال: ذاك

__________

(1) الكافي 7/ 279/ 4، التهذيب 10/ 157/ 630.

(2) الكافي 7/ 278/ 2.

(3) الكافي 7/ 280/ 8، التهذيب 10/ 156/ 625.

(4) الكافي 7/ 280/ 9.

(5) الكافي 7/ 280/ 10، التهذيب 10/ 157/ 631.

(6) الكافي 8/ 279/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (628)

الخطأ الذي لا شك فيه، عليه الدية والكفارة (1).

[الحديث: 2844] قال الإمام الصادق: إن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله، والخطأ أن يتعمده ولا يريد قتله يقتله بما لا يقتل مثله، والخطأ الذي لا شك فيه أن يتعمد شيئا آخر فيصيبه (2).

[الحديث: 2845] قال الإمام الصادق: جميع الحديد هو عمد (3).

[الحديث: 2846] قال الإمام الصادق: إن الخطأ أن تعمده ولا تريد قتله بما لا يقتل مثله، والخطأ ليس فيه شك أن تعمد شيئا آخر فتصيبه (4).

[الحديث: 2847] قال الإمام الصادق: إنمّا الخطأ أن تريد شيئا فتصيب غيره، فأما كل شيء قصدت إليه فأصبته فهو العمد (5).

[الحديث: 2848] سئل الإمام الصادق عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة، هو الرجل يضرب الرجل ولا يتعمد؟ قال: نعم، وإذا رمى شيئا فأصاب رجلا، قال: ذاك الخطأ الذي لا شك فيه (6).

[الحديث: 2849] قال الإمام الصادق: العمد أن تعمده فتقتله بما مثله يقتل (7).

[الحديث: 2850] قال الإمام الصادق في رجلين قتلا رجلاً: إن شاء أولياء المقتول أن يؤدوا دية ويقتلوهما جميعا قتلوهما (8).

[الحديث: 2851] قيل للإمام الصادق: رجل أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله، فقال:

__________

(1) الكافي 7/ 279/ 5، التهذيب 10/ 156/ 624.

(2) التهذيب 10/ 160/ 643.

(3) التهذيب 10/ 162/ 647.

(4) تفسير العياشي 1/ 264/ 224.

(5) تفسير العياشي 1/ 264/ 225.

(6) تفسير العياشي 1/ 266/ 229.

(7) تفسير العياشي 1/ 268/ 240.

(8) من لا يحضره الفقيه 4/ 82/ 261.

أحكام الحكومة الإسلامية (629)

يقتل السيد به (1).

[الحديث: 2852] قال الإمام الصادق: إذا قتل الرجل الرجلين أو أكثر من ذلك قتل بهم (2).

[الحديث: 2853] سئل الإمام الصادق عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع إلى الوالي، فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه، فوثب عليه قوم فخلصوا القاتل من أيدي الأولياء؟ فقال: أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل من أيدي الأولياء حتى يأتوا بالقاتل، قيل: فإن مات القاتل وهم في السجن؟ قال: إن مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا إلى أولياء المقتول (3).

[الحديث: 2854] عن عمرو بن أبي المقدام أن رجلا قال لأبي جعفر المنصور: إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا، فأخرجاه من منزله فلم يرجع إليّ، ووالله ما أدري ما صنعا به؟ فقال لهما: ما صنعتما به؟ فقالا: كلمناه ثم رجع إلى منزله.. فقال لأبي عبد الله جعفر بن محمد (الإمام الصادق): اقض بينهم، فقال: يا غلام اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو ضامن إلا أن يقيم عليه البينة أنه قد رده إلى منزله، يا غلام نح هذا فاضرب عنقه، فقال: يا ابن رسول الله، والله ما أنا قتلته ولكني أمسكته، ثم جاء هذا فوجاه فقتله، فقال: أنا ابن رسول الله يا غلام نح هذا فاضرب عنقه للآخر، فقال: يا ابن رسول الله، ما عذبته ولكني قتلته بضربة واحدة، فأمر أخاه فضرب عنقه، ثم أمر بالآخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن ووقع على رأسه يحبس عمره، ويضرب في كل سنة خمسين جلدة (4).

__________

(1) الكافي 7/ 285/ 2، والتهذيب 10/ 220/ 865، والاستبصار 4/ 283/ 1072.

(2) الكافي 7/ 285/ 1.

(3) الكافي 7/ 286/ 1.

(4) الكفى 7/ 287/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (630)

[الحديث: 2855] قال الإمام الصادق: إذا دعا الرجل أخاه بليل فهو له ضامن حتى يرجع إلى بيته (1).

[الحديث: 2856] قال الإمام الصادق: من قتل مؤمنا متعمدا فإنه يقاد به إلا أن يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية أو يتراضوا بأكثر من الدية أو أقل من الدية، فإن فعلوا ذلك بينهم جاز، وإن تراجعوا قيدوا، والدية عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، أو مائة من الإبل (2).

[الحديث: 2857] قال الإمام الصادق: كل من قتل شيئا صغيرا أو كبيرا بعد أن يتعمد فعليه القود (3).

[الحديث: 2858] سئل الإمام الصادق عن الرجل وقع على رجل من فوق البيت فمات أحدهما، فقال: ليس على الأعلى شيء، ولا على الأسفل شيء (4).

[الحديث: 2859] قال الإمام الصادق في رجل دفع رجلا على رجل فقتله: الدية على الذي دفع على الرجل فقتله لأولياء المقتول، وإن أصاب المدفوع شيء فهو على الدافع أيضاً (5).

[الحديث: 2860] سئل الإمام الصادق عن رجل ينفر برجل فيعقره وتعقر دابته رجلا آخر، فقال: هو ضامن لما كان من شيء (6).

[الحديث: 2861] سئل الإمام الصادق عن رجل كان راكبا على دابة فغشي رجلا ماشيا حتى كاد أن يوطئه، فزجر الماشي الدابة عنه فخر عنها فأصابه موت أو جرح، فقال:

__________

(1) التهذيب 10/ 222/ 869.

(2) الكافي 7/ 282/ 9، التهذيب 10/ 160/ 641، والاستبصار 4/ 260/ 979.

(3) التهذيب 10/ 162/ 648.

(4) الكافي 7/ 289/ 3.

(5) التهذيب 10/ 211/ 836، والاستبصار 4/ 280/ 1064.

(6) التهذيب 10/ 212/ 837.

أحكام الحكومة الإسلامية (631)

ليس الذي زجر بضامن، إنما زجر عن نفسه (1).

[الحديث: 2862] سئل الإمام الصادق عن رجل قتله القصاص، له دية؟ فقال: لو كان ذلك لم يقتص من أحد، ومن قتله الحد فلا دية له (2).

[الحديث: 2863] قال الإمام الصادق: من ضربناه حدا من حدود الله فمات فلا دية له علينا، ومن ضربناه حدا من حدود الناس فمات فإن ديته علينا (3).

[الحديث: 2864] سئل الإمام الصادق عمن أقيم عليه الحد، أيقاد منه؟ أو تؤدى ديته؟ قال: لا، إلا أن يزاد على القود (4).

[الحديث: 2865] قال الإمام الصادق: كل من قتل شيئا صغيرا أو كبيرا بعد أن يتعمد فعليه القود (5).

[الحديث: 2866] سئل الإمام الصادق عن رجل قتل وله أم وأب وابن، فقال الابن: أنا أريد أن أقتل قاتل أبي، وقال الأب: أنا أريد أن أعفو، وقالت الأم: أنا أريد أن آخذ الدية، فقال: فليعط الابن أم المقتول السدس من الدية، ويعطي ورثة القاتل السدس من الدية حق الأب الذي عفا، وليقتله (6).

[الحديث: 2867] قيل للإمام الصادق: رجل قتل وله أولاد صغار وكبار أرأيت إن عفا الأولاد الكبار؟ فقال: لا يقتل ويجوز عفو الأولاد الكبار في حصصهم فإذا كبر الصغار كان لهم أن يطلبوا حصصهم من الدية (7).

[الحديث: 2868] قيل للإمام الصادق: رجلان قتلا رجلا عمدا وله وليان فعفا

__________

(1) التهذيب 10/ 212/ 839.

(2) الكافي 7/ 292/ 7.

(3) الكافي 7/ 292/ 10.

(4) التهذيب 10/ 278/ 1086.

(5) التهذيب 10/ 162/ 648،.

(6) الكافي 7/ 356/ 2، ومن لا يحضره الفقيه 4/ 105/ 353، والتهذيب 10/ 175/ 686.

(7) الكافي 7/ 357/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (632)

أحد الوليين، فقال: إذا عفا بعض الأولياء درئ عنهما القتل وطرح عنهما من الدية بقدر حصة من عفا، وأدّيا الباقي من أموالهما إلى الذين لم يعفوا (1).

[الحديث: 2869] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ [المائدة: 45] فقال: يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا عنه من جراح أو غيره (2).

[الحديث: 2870] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 178] فقال: هو الرجل يقبل الدية فينبغي للطالب أن يرفق به ولا يعسره، وينبغي للمطلوب أن يؤدي إليه بإحسان ولا يمطله إذا قدر (3).

[الحديث: 2871] سئل الإمام الصادق عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: 178] فقال: هو الرجل يقبل الدية أو يعفو أو يصالح ثم يعتدي فيقتل، فله عذاب أليم كما قال الله عزّ وجلّ (4).

[الحديث: 2872] قال الإمام الصادق في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 178]) أي فعلى العافي اتباع بالمعروف، أي أن لا يشدد في الطلب وينظره إن كان معسرا ولا يطالبه بالزيادة على حقه، وعلى المعفو له أداء إليه باحسان، أي الدفع عند الإمكان من غير مطل (5).

[الحديث: 2873] سئل الإمام الصادق عن رجل قتل وعليه دين وليس له مال فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله وعليه دين؟ فقال: إن أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل، فإن

__________

(1) الكافي 7/ 358/ 8، والتهذيب 10/ 176/ 688، والاستبصار 4/ 263/ 991.

(2) الكافي 7/ 358/ 2، والتهذيب 10/ 179/ 700.

(3) الكافي 7/ 358/ 2، والتهذيب 10/ 179/ 700.

(4) الكافي 7/ 358/ 1، والتهذيب 10/ 179/ 701.

(5) مجمع البيان 1/ 265.

أحكام الحكومة الإسلامية (633)

وهب أولياؤه دمه للقاتل ضمنوا الدية للغرماء، وإلا فلا (1).

[الحديث: 2874] سئل الإمام الصادق عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يقلع عنه الضرب حتى مات، أيدفع إلى ولي المقتول فيقتله، قال: نعم، ولكن لا يترك يعبث به، ولكن يجيز عليه بالسيف (2).

[الحديث: 2875] قيل للإمام الصادق: إن الله يقول في كتابه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: 33] ما هذا الإسراف الذي نهى الله عنه؟ قال: نهى أن يقتل غير قاتله، أو يمثل بالقاتل.. الحديث (3).

[الحديث: 2876] قال الإمام الصادق في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا، ثم رجع أحدهم بعدما قتل الرجل، فقال: إن قال الرابع: وهمت، ضرب الحد وغرم الدية، وإن قال: تعمدت، قتل (4).

[الحديث: 2877] قيل للإمام الصادق: ما معنى قوله تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: 33] فقال: وأي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل إلى أولياء المقتول فيقتلنه ولا تبعة يلزمه من قتله في دين ولا دنيا (5).

[الحديث: 2878] قال الإمام الصادق: سألني داود بن علي عن رجل كان يأتي بيت رجل فنهاه أن يأتي بيته فأبى أن يفعل، فذهب إلى السلطان فقال السلطان: إن فعل فاقتله،

__________

(1) التهذيب 10/ 180/ 703.

(2) الكافي 7/ 279/ 4،.

(3) الكافي 7/ 370/ 7.

(4) الكافي 7/ 366/ 2، التهذيب 6/ 260/ 691،.

(5) الكافي 7/ 370/ 7.

أحكام الحكومة الإسلامية (634)

قال: فقتله فما ترى فيه؟ فقلت: أرى أن لا يقتله إنه إن استقام هذا ثم شاء أن يقول كل إنسان لعدوه: دخل بيتي فقتلته (1).

[الحديث: 2879] سئل الإمام الصادق عن رجل وجد مقتولا فجاء رجلان إلى وليه، فقال أحدهما: أنا قتلته عمدا، وقال الآخر: أنا قتلته خطأ؟ فقال: إن هو أخذ صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل، وإن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل (2).

[الحديث: 2880] قيل للإمام الصادق: رجل كان جالسا مع قوم فمات وهو معهم، أو رجل وجد في قبيلة وعلى باب دار قوم فادعي عليهم، فقال: ليس عليهم شيء، ولا يبطل دمه (3).

[الحديث: 2881] قال الإمام الصادق: إن وجد قتيل بأرض فلاة، أديت ديته من بيت المال، فإن الإمام علي كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم (4).

[الحديث: 2882] سئل الإمام الصادق عن الرجل يوجد قتيلا في القرية، أو بين قريتين، فقال: يقاس ما بينهما فأيهما كانت أقرب ضمنت (5).

[الحديث: 2883] قال الإمام الصادق: إنما جعلت القسامة احتياطا للناس لكيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلا، أو يغتال رجلا حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل (6).

[الحديث: 2884] سئل الإمام الصادق عن القسامة كيف كانت؟ فقال: هي حق

__________

(1) من لا يحضره الفقيه 4/ 126/ 446.

(2) الكافي 7/ 289/ 1.

(3) الكافي 7/ 355/ 2.

(4) الكافي 7/ 355/ 3، والتهذيب 10/ 204/ 804.

(5) الكافي 7/ 356/ 1.

(6) من لا يحضره الفقيه 4/ 74/ 225.

أحكام الحكومة الإسلامية (635)

وهي مكتوبة عندنا، ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضا ثم لم يكن شيء، وإنما القسامة نجاة للناس (1).

[الحديث: 2885] سئل الإمام الصادق عن القسامة، فقال: الحقوق كلها البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، إلا في الدم خاصة، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينما هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلا منهم فوجدوه قتيلاً، فقالت الأنصار: إن فلانا اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيده برمته، فإن لم تجدوا شاهدين، فأقيموا قسامة خمسين رجلا أقيد برمته فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا وإنا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فوداه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فكف عن قتله، وإلا حلف المدعى عليه قسامة خمسين رجلا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا، وإلا أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلا بين أظهرهم إذا لم يقسم المدعون (2).

[الحديث: 2886] قال الإمام الصادق: إذا وجد رجل مقتول في قبيلة قوم، حلفوا جميعا ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا، فإن أبوا أن يحلفوا، أغرموا الدية فيما بينهم في أموالهم سواء سواء بين جميع القبيلة من الرجال المدركين (3).

[الحديث: 2887] قال الإمام الصادق: إنما جعلت القسامة ليغلظ بها في الرجل المعروف بالشر المتهم، فإن شهدوا عليه جازت شهادتهم (4).

[الحديث: 2888] سئل الإمام الصادق عن القسامة، فقال: هي حق ولولا ذلك

__________

(1) الكافي 7/ 360/ 1.

(2) الكافي 7/ 361/ 4.

(3) الكافي 7/ 361/ 6.

(4) التهذيب 10/ 315/ 1176.

أحكام الحكومة الإسلامية (636)

لقتل الناس بعضهم بعضا ولم يكن شيء، وإنما القسامة حوط يحاط به الناس (1).

[الحديث: 2889] قال الإمام الصادق: إنما وضعت القسامة لعلة الحوط يحتاط على الناس لكي إذا رأى الفاجر عدوه فر منه مخافة القصاص (2).

[الحديث: 2890] سئل الإمام الصادق عن القسامة، هل جرت فيها سنة؟ فقال: نعم خرج رجلان من الأنصار يصيبان من الثمار فتفرقا فوجد أحدهما ميتاً، فقال أصحابه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما قتل صاحبنا اليهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يحلف اليهود، قالوا: يا رسول الله كيف يحلف اليهود على أخينا قوم كفار؟ قال: فاحلفوا أنتم، قالوا: كيف نحلف على ما لم نعلم ولم نشهد؟ فوداه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عنده، قيل: كيف كانت القسامة؟ قال: أما إنها حق، ولولا ذلك لقتل الناس بعضهم بعضا، وإنما القسامة حوط يحاط به الناس (3).

[الحديث: 2891] قال الإمام الصادق: سألني ابن شبرمة، ما تقول في القسامة في الدم؟ فأجبته بما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: أرأيت لو لم يصنع هكذا، كيف كان القول فيه؟ فقلت له: أما ما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد أخبرتك به وأما ما لم يصنع فلا علم لي به (4).

[الحديث: 2892] سئل الإمام الصادق عن القسامة أين كان بدوها؟ فقال: كان من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما كان بعد فتح خيبر تخلف رجل من الأنصار عن أصحابه فرجعوا في طلبه فوجدوه متشحطا في دمه قتيلا، فجاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله قتلت اليهود صاحبنا، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلا على أنهم قتلوه، قالوا: يا رسول الله كيف نقسم على ما لم نر؟ قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول الله من يصدق اليهود؟ فقال: أنا إذن أدي صاحبكم، فقلت له: كيف الحكم فيها؟ فقال: إن الله عزّ وجلّ حكم في

__________

(1) علل الشرائع: 542/ 3.

(2) علل الشرائع: 542/ 4.

(3) الكافي 7/ 360/ 2، والتهذيب 10/ 168/ 665.

(4) الكافي 7/ 362/ 7، والتهذيب 10/ 168/ 664.

أحكام الحكومة الإسلامية (637)

الدماء ما لم يحكم في شيء من حقوق الناس لتعظيمه الدماء، لو أن رجلا ادعى على رجل عشرة آلاف درهم أو أقل من ذلك أو أكثر لم يكن اليمين على المدعي وكان اليمين على المدعى عليه، فإذا ادعى الرجل على القوم أنهم قتلوا كانت اليمين لمدعي الدم قبل المدعي عليهم، فعلى المدعي أن يجيء بخمسين يحلفون إن فلانا قتل فلانا، فيدفع إليهم الذي حلف عليه، فإن شاءوا عفوا، وإن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا قبلوا الدية، وإن لم يقسموا فإن على الذين ادعي عليهم أن يحلف منه خمسون ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا، فإن فعلوا أدى أهل القرية الذين وجد فيهم، وإن كان بأرض فلاة أديت ديته من بيت المال، فإن الإمام علي كان يقول: لا يبطل دم امرئ مسلم (1).

[الحديث: 2893] سئل الإمام الصادق عن القسامة على من هي؟ أعلى أهل القاتل؟ أو على أهل المقتول؟ فقال: على أهل المقتول، يحلفون بالله الذي لا إله إلا هو لقتل فلان فلانا (2).

[الحديث: 2894] قال الإمام الصادق: في القسامة خمسون رجلا في العمد، وفي الخطأ خمسة وعشرون رجلا، وعليهم أن يحلفوا بالله (3).

[الحديث: 2895] سئل الإمام الصادق عن الدية، فقال: دية المسلم عشرة آلاف من الفضة، وألف مثقال من الذهب، وألف من الشاة على أسنانها أثلاثا، ومن الإبل مائة على أسنانها، ومن البقر مائتان (4).

[الحديث: 2896] قال الإمام الصادق: إن الدية مائة من الإبل، قيمة كل بعير من

__________

(1) الكافي 7/ 362/ 8.

(2) التهذيب 10/ 168/ 666.

(3) الكافي 7/ 363/ 10، والتهذيب 10/ 168/ 667.

(4) الكافي 7/ 281/ 2، التهذيب 10/ 158/ 133، والاستبصار 4/ 258/ 973.

أحكام الحكومة الإسلامية (638)

الورق مائة وعشرون درهما، أو عشرة دنانير، ومن الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة (1).

[الحديث: 2897] قال الإمام الصادق: الدية عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، أو مائة من الإبل (2).

[الحديث: 2898] قال الإمام الصادق: في قتل الخطأ مائة من الإبل، أو ألف من الغنم، أو عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار (3).

[الحديث: 2899] قال الإمام الصادق: من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه، إلا أن يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية، فإن رضوا بالدية وأحب ذلك القاتل فالدية اثنا عشر ألفا، أو ألف دينار، أو مائة من الإبل، وإن كان في أرض فيها الدنانير فألف دينار، وإن كان في أرض فيها الإبل فمائة من الإبل، وإن كان في أرض فيها الدراهم فدراهم بحساب ذلك اثنا عشر ألفا (4).

[الحديث: 2900] قال الإمام الصادق: الدية ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم، أو مائة من الإبل، وإذا ضربت الرجل بحديدة فذلك العمد (5).

[الحديث: 2901] قال الإمام الصادق: في القتل الخطأ مائة من الإبل، أو ألف من الغنم، أو عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار، وإن كانت الإبل فخمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة، والدية المغلظة في الخطأ الذي يشبه العمد الذي يضرب بالحجر والعصا الضربة والاثنتين فلا يريد

__________

(1) الكافي 7/ 281/ 3، الفقيه 4/ 77/ 240.

(2) الكافي 7/ 282/ 9.

(3) التهذيب 10/ 158/ 634، والاستبصار 4/ 258/ 974.

(4) التهذيب 10/ 159/ 638، والاستبصار 4/ 261/ 980.

(5) التهذيب 10/ 159/ 639، والاستبصار 4/ 261/ 981.

أحكام الحكومة الإسلامية (639)

قتله فهي أثلاث: ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جذعة، وأربع وثلاثون ثنية، كلها خلفة من طروقة الفحل، وإن كانت من الغنم فألف كبش، والعمد هو القود أو رضى ولي المقتول (1).

[الحديث: 2902] سئل الإمام الصادق عن رجل وقع على رجل فقتله، فقال: ليس عليه شيء (2).

[الحديث: 2903] قال الإمام الصادق: قلت له: رجل حفر بئرا في غير ملكه فمر عليها رجل فوقع فيها، فقال: عليه الضمان لأن كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان (3).

[الحديث: 2904] قال الإمام الصادق: من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن (4).

[الحديث: 2905] سئل الإمام الصادق عن الرجل يحفر البئر في داره أو في أرضه، فقال: أما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان، وأما ما حفر في الطريق، أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه (5).

[الحديث: 2906] قال الإمام الصادق: لو أن رجلا حفر بئرا في داره ثم دخل رجل فوقع فيها لم يكن عليه شيء ولا ضمان، ولكن ليغطها (6).

[الحديث: 2907] سئل الإمام الصادق عن الشيء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره، فقال: كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه (7).

__________

(1) التهذيب 10/ 247/ 977.

(2) الكافي 7/ 288/ 1.

(3) التهذيب 10/ 230/ 907، الكافي 7/ 350/ 7.

(4) التهذيب 10/ 230/ 905، الكافي 7/ 350/ 3.

(5) التهذيب 10/ 229/ 903، الكافي 7/ 349/ 1 والكافي 7/ 349/ ذيل 1.

(6) التهذيب 10/ 230/ 906.

(7) الكافي 7/ 349/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (640)

[الحديث: 2908] قال الإمام الصادق في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه، فقال: هو ضامن (1).

[الحديث: 2909] قال الإمام الصادق: بهيمة الأنعام لا يغرم أهلها شيئا ما دامت مرسلة (2).

[الحديث: 2910] سئل الإمام الصادق عن رجل يسير على طريق من طرق المسلمين على دابته فتصيب برجلها، فقال: ليس عليه ما أصابت برجلها، وعليه ما أصابت بيدها، وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها، وإن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها ورجلها أيضاً (3).

[الحديث: 2911] سئل الإمام الصادق عن الرجل يمر على طريق من طرق المسلمين فتصيب دابته إنسانا برجلها، فقال: ليس عليه ما أصابت برجلها ولكن عليه ما أصابت بيدها، لأن رجليها خلفه إن ركب، فإن كان قاد بها فإنه يملك بإذن الله يدها يضعها حيث يشاء (4).

[الحديث: 2912] سئل الإمام الصادق عن ضمان القائد والسائق والراكب، فقال: ما أصاب الرجل فعلى السائق، وما أصاب اليد فعلى القائد والراكب (5).

[الحديث: 2913] قال الإمام الصادق: إذا استقل البعير والدابة بحملها فصاحبها ضامن إلى أن تبلغه الموضع (6).

[الحديث: 2914] سئل الإمام الصادق عن الرجل ينفر بالرجل فيعقره ويعقر دابته

__________

(1) الكافي 7/ 350/ 5.

(2) الكافي 7/ 351/ 1.

(3) الكافي 7/ 351/ 2، التهذيب 10/ 225/ 886، والاستبصار 4/ 285/ 1078.

(4) الكافي 7/ 351/ 3، التهذيب 10/ 225/ 888، والاستبصار 4/ 284/ 1074.

(5) الكافي 7/ 354/ 15.

(6) التهذيب 10/ 224/ 882.

أحكام الحكومة الإسلامية (641)

رجل آخر، فقال: هو ضامن لما كان من شيء (1).

[الحديث: 2915] قال الإمام الصادق: أيما رجل فزع رجلا عن الجدار أو نفر به عن دابته فخر فمات فهو ضامن لديته، وإن انكسر فهو ضامن لدية ما ينكسر منه (2).

[الحديث: 2916] قال الإمام الصادق في رجل حمل عبده على دابته فوطأت رجلا: الغرم على مولاه (3).

[الحديث: 2917] سئل الإمام الصادق عن رجل دخل دار رجل فوثب عليه كلب في الدار فعقره، فقال: إن كان دعي فعلى أهل الدار أرش الخدش، وإن كان لم يدع فدخل فلا شيء عليهم (4).

[الحديث: 2918] سئل الإمام الصادق عن رجل استأجر ظئرا فدفع إليها ولده فغابت بالولد سنين ثم جاءت بالولد وزعمت أنها لا تعرفه وزعم أهلها أنهم لا يعرفونه، فقال: ليس لهم ذلك فليقبلوه إنما الظئر مأمونة (5).

[الحديث: 2919] سئل الإمام الصادق عن رجل استأجر ظئرا فأعطاها ولده وكان عندها، فانطلقت الظئر واستأجرت أخرى فغابت الظئر بالولد فلا يدرى ما صنعت به، فقال: الدية كاملة (6).

[الحديث: 2920] سئل الإمام الصادق عن رجل أعنف على امرأته فزعم أنها ماتت من عنفه، فقال: الدية كاملة، ولا يقتل الرجل (7).

[الحديث: 2921] قال الإمام الصادق: بهيمة الأنعام لا يغرم أهلها شيئا (8).

__________

(1) الكافي 7/ 351/ 3، التهذيب 10/ 225/ 888.

(2) الكافي 7/ 353/ 9.

(3) الكافي 7/ 353/ 10.

(4) الكافي 7/ 351/ 5.

(5) التهذيب 10/ 222/ 870، الفقيه 4/ 119/ 416.

(6) التهذيب 10/ 222/ 871.

(7) التهذيب 10/ 210/ 828.

(8) التهذيب 10/ 225/ 885، والاستبصار 4/ 285/ 1080.

أحكام الحكومة الإسلامية (642)

[الحديث: 2922] سئل الإمام الصادق عن رجل غشيه رجل على دابة فأراد أن يطأه فزجر الدابة فنفرت بصاحبها فطرحته وكان جراحة أو غيرها؟ فقال: ليس عليه ضمان إنما زجر عن نفسه، وهي الجبار (1).

[الحديث: 2923] قال الإمام الصادق: ورد على داود عليه السلام رجلان يختصمان في الغنم والكرم فأوحى الله إلى داود أن اجمع ولدك فمن قضى منهم بهذه القضية فأصاب فهو وصيك من بعدك، فجمع داود ولده فلما أن قص الخصمان، قال سليمان: يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال: دخلته ليلا، قال: قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا، فقال داود: كيف لم تقض برقاب الغنم، وقد قوم ذلك علماء بني إسرائيل، وكان ثمن الكرم قيمة الغنم، فقال سليمان: إن الكرم لم يجتث من أصله وإنما أكل حمله وهو عائد في قابل، فأوحى الله إلى داود أن القضاء في هذه القضية ما قضى به سليمان عليه السلام (2).

[الحديث: 2924] سئل الإمام الصادق عن البقر والغنم والإبل تكون في الرعي فتفسد شيئا، هل عليها ضمان؟ فقال: إن أفسدت نهارا فليس عليها ضمان، من أجل أن أصحابه يحفظونه، وإن أفسدت ليلا فإنه عليها ضمان (3).

[الحديث: 2925] سئل الإمام الصادق عن امرأة شربت دواءاً وهي حامل لتطرح ولدها فألقت ولدها، فقال: إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشق له السمع والبصر فإن عليها دية تسلمها إلى أبيه، وإن كان جنينا علقة أو مضغة فإن عليها أربعون دينارا، أو غرة تسلمها إلى أبيه، قيل: فهي لا ترث من ولدها من ديته؟ قال: لا، لأنها قتلته (4).

__________

(1) التهذيب 10/ 223/ 877.

(2) الكافي 7/ 219/ 3.

(3) الكافي 5/ 301/ 1، التهذيب 7/ 224/ 981.

(4) التهذيب 10/ 287/ 1113، والاستبصار 4/ 301/ 1130.

أحكام الحكومة الإسلامية (643)

[الحديث: 2926] قال الإمام الصادق: إن ضرب الرجل امرأة حبلى فألقت ما في بطنها ميتاً، فإن عليه غرة عبد أو أمة يدفعه إليها (1).

[الحديث: 2927] سئل الإمام الصادق عن رجل قتل امرأة خطأ وهي على رأس ولدها تمخض، فقال: خمسة آلاف درهم، وعليه دية الذي في بطنها وصيف أو وصيفة أو أربعون دينارا (2).

[الحديث: 2928] قيل للإمام الصادق: الغرة قد تكون بمائة دينار، وتكون بعشرة دنانير، فقال: بخمسين (3).

[الحديث: 2929] قال الإمام الصادق: إن الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها أربعون دينارا (4).

[الحديث: 2930] قال الإمام الصادق: الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها خمسمائة درهم (5).

[الحديث: 2931] قيل للإمام الصادق: رجل ضرب ابنته وهي حبلى فأسقطت سقطا ميتا فاستعدى زوج المرأة عليه، فقالت المرأة لزوجها: إن كان لهذا السقط دية ولي فيه ميراث فإن ميراثي منه لأبي، فقال: يجوز لأبيها ما وهبت له (6).

[الحديث: 2932] سئل الإمام الصادق عن رجل قطع رأس رجل بعد موته، فقال: عليه مائة دينار، فقيل: كيف صار عليه مائة دينار؟ فقال الإمام الصادق: في النطفة عشرون، وفي العلقة عشرون، وفي المضغة عشرون، وفي العظم عشرون، وفي اللحم عشرون، ثم ﴿ثُمَّ

__________

(1) التهذيب 10/ 186/ 1108، والاستبصار 4/ 300/ 1125.

(2) التهذيب 10/ 286/ 1112، والاستبصار 4/ 301/ 1129.

(3) التهذيب 10/ 287/ 114، الكافي 7/ 346/ 13.

(4) التهذيب 10/ 287/ 1115.

(5) التهذيب 10/ 288/ 1119.

(6) الكافي 7/ 346/ 14.

أحكام الحكومة الإسلامية (644)

أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ [المؤمنون: 14] وهذا هو ميتا بمنزلته قبل أن تنفخ فيه الروح في بطن أمه جنينا، قيل: الدراهم لمن هي؟ فقال: ليس لورثته فيها شيء إنما هذا شيء أتى إليه في بدنه بعد موته يحج بها عنه، أو يتصدق بها عنه، أو تصير في سبيل من سبل الخير (1).

[الحديث: 2933] سئل الإمام الصادق عن رجل قطع رأس ميت، فقال: إن الله حرم منه ميتا كما حرم منه حيا، فمن فعل بميت فعلا يكون في مثله اجتياح نفس الحي فعليه الدية (2).

[الحديث: 2934] سئل الإمام الصادق عن رجل قتل رجلا متعمدا ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه، فقال: إن كان له مال أخذت الدية من ماله، وإلا فمن الأقرب فالأقرب، وإن لم يكن له قرابة أداه الإمام، فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم (3).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 2935] قيل للإمام الكاظم: رجل قتل رجلا متعمدا أو خطأ وعليه دين وليس له مال وأراد أولياؤه أن يهبوا دمه للقاتل، فقال: إن وهبوا دمه ضمنوا ديته، قيل: إن هم أرادوا قتله؟ قال: إن قتل عمدا قتل قاتله وأدى عنه الإمام الدين من سهم الغارمين، قيل: فإنه قتل عمدا وصالح أولياؤه قاتله على الدية، فعلى من الدين؟ على أوليائه من الدية؟ أو على إمام المسلمين فقال: بل يؤدوا دينه من ديته التي صالحوا عليها أولياءه، فإنه أحق بديته من غيره (4).

[الحديث: 2936] سئل الإمام الكاظم عن بختي مغتلم قتل رجلا فقام أخو المقتول فعقر البختي وقتله، ما حاله؟ قال: على صاحب البختي دية المقتول، ولصاحب البختي

__________

(1) الكافي 7/ 347/ 1.

(2) الكافي 7/ 349/ 4.

(3) الكافي 7/ 365/ 3.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 83/ 264.

أحكام الحكومة الإسلامية (645)

ثمنه على الذي عقر بختيه (1).

ما روي عن الإمام الرضا

[الحديث: 2937] قال الإمام الرضا: حرم الله قتل النفس لعلة فساد الخلق في تحليله لو أحل وفنائهم وفساد التدبير (2).

[الحديث: 2938] قيل للإمام الرضا: رجل استغاث به قوم لينقذهم من قوم يغيرون عليهم ليستبيحوا أموالهم ويسبوا ذراريهم، فخرج الرجل يعدو بسلاحه في جوف الليل ليغيث القوم الذين استغاثوا به، فمر برجل قائم على شفير بئر يستقي منها فدفعه وهو لا يريد ذلك ولا يعلم فسقط في البئر فمات، ومضى الرجل فاستنقذ أموال أولئك القوم الذين استغاثوا به، فلما انصرف إلى أهله، قالوا له: ما صنعت؟ قال: قد انصرف القوم عنهم وأمنوا وسلموا، فقالوا له: أشعرت أن فلان بن فلان سقط في البئر فمات؟ فقال: وأنا والله طرحته، قيل: وكيف ذلك؟ فقال: إني خرجت أعدو بسلاحي في ظلمة الليل وأنا أخاف الفوت على القوم الذين استغاثوا بي، فمررت بفلان وهو قائم يستقي من البئر فزحمته ولم أرد ذلك فسقط في البئر فمات، فعلى من دية هذا؟ فقال الإمام الرضا: ديته على القوم الذين استنجدوا الرجل فأنجدهم وأنقذ أموالهم ونساءهم وذراريهم، أما أنه لو كان بأجرة لكانت الدية عليه وعلى عاقلته دونهم (3).

ثالثا ـ ما ورد حول أحكام الجراح

__________

(1) مسائل علي بن جعفر/ 196/ 416.

(2) من لا يحضره الفقيه 3/ 369/ 1748.

(3) الكافي 7/ 369/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (646)

نتناول في هذا المبحث ما ورد من الأحاديث حول أحكام الجراح التي يقوم بها الجاني عند إيذائه للمجني عليه، وهي تشبه عقوبة القتل من حيث كونها تكون إما بالقصاص، أو بدفع الدية في حال تخلي المجني عليه عن طلب القصاص ممن جنى عليه.

وقد ورد النص على العدالة والمساواة المرتبطة بهذا الحكم في قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: 45]

فالآية الكريمة ترد على تلك الأحاديث التي تفرق بين عقوبة الرجل وعقوبة المرأة، فقوله تعالى: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [المائدة: 45] كاف للدلالة على المساواة بين الذكر والأنثى والمسلم وغير المسلم.. فكل من جرح غيره يتحمل مسؤولية جرمه.

ومع أن الآية الكريمة تدعو إلى مراعاة العفو بين الجاني والمجني، وتعد بالأجر العظيم على ذلك، ولكن هذا العفو اختياري لا إكراه فيه من أي جهة، ولهذا نرى عدم صحة الحديث الذي ورد فيه نوع من الإكراه على العفو، وهو ما روي عن وائل بن حجر قال: إني لقاعدٌ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ جاء رجلٌ يقود آخر بنسعة فقال: يا رسول الله هذا قتل أخي، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: أقتلته؟ فقال: إنه لو لم يعترف أقمت عليه البينة، قال: نعم قتلته، قال: كيف قتلته؟ قال: كنت أنا وهو نختبط من شجرة فسبني وأغضبني فضربته بالفأس على قرنه فقتلته فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: هل لك من شيء تؤديه عن نفسك، قال: ما لي إلا كسائي وفأسي، قال: أترى قومك يشترونك؟ قال: أنا أهون على قومي من ذلك فرمى إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنسعته، فقال: دونك صاحبك، فانطلق به الرجل فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن قتله فهو مثله، فرجع إليه فقال: بلغني أنك قلت إن قتله فهو مثله وما أخذته إلا بأمرك فقال رسول الله

أحكام الحكومة الإسلامية (647)

صلى الله عليه وآله وسلم: أما تريد أن يبوء بإثمه وإثم صاحبك، قال: بلى يا نبي الله قال: فإن ذلك كذلك، قال: فرمى بنسعته وخلى سبيله (1).

فهذا الذي قتل عمدا، وبضربة بالفأس بسبب غضبه يمكن أن يرتكب نفس الجريمة مع غيره، ولذلك كان من حق أولياء المقتول القصاص من قاتل أخيهم، وهو حق شرعي مكفول لهم، ويختلفون به تماما عن القاتل، ففرق كبير بين من يقتل تطبيقا لحكم شرعي وبين من يقتل لغضبه وانفعاله.

1 ـ ما ورد في الأحاديث النبوية

من الأحاديث الواردة في هذا الباب في المصادر السنية والشيعية:

أ ـ ما ورد في المصادر السنية

[الحديث: 2939] عن عمران بن حصين: أن رجلا عض يد رجل، فنزع يده من فيه فوقعت ثنيتاه، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يعض أحدكم يد أخيه كما يعض الفحل لا دية لك (2).

[الحديث: 2940] عن عمران بن حصين: أن رجلا عض يد رجل، فنزع يده من فيه فوقعت ثنيتاه، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما تأمرني؟! تأمرني آمره أن يدع يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل ادفع يدك حتى يعضها، ثم انتزعها (3).

[الحديث: 2941] عن أنس بن مالك: أن الربيع عمته كسرت ثنية جارية، فطلبوا إليها العفو فأبوا، فعرضوا الأرش، فأبوا فأتوا صلى الله عليه وآله وسلم، فأبوا إلا القصاص فأمر صلى الله عليه وآله وسلم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: يا رسول الله، أتكسر ثنية الربيع، لا والذي بعثك بالحق لا تكسر

__________

(1) مسلم (1680)

(2) البخاري (6892)، ومسلم (1673)

(3) مسلم (1673)،والنسائي (8/ 28)

أحكام الحكومة الإسلامية (648)

ثنيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أنس، كتاب الله القصاص، فرضي القوم فعفوا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره (1).

[الحديث: 2942] عن أنس بن مالك: أن أخت الربيع أم حارثة جرحت إنسانا، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: القصاص، القصاص، فقالت أم الربيع: يا رسول الله، أيقتص من فلانة، والله لا يقتص منها أبدا فما زالت حتى قبلوا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره (2).

[الحديث: 2943] عن عمران بن حصين: أن غلاما لأناس فقراء، قطع أذن غلام لأغنياء، فأتى أهله النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله، إنا أناسٌ فقراء، فلم يجعل عليه شيئا (3).

[الحديث: 2944] عن ابن عباس: أن رجلا وقع في أب كان له في الجاهلية، فلطمه العباس فجاء قومه فقالوا: لنلطمنه كما لطمه، فلبسوا السلاح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فصعد المنبر، فقال: أيها الناس، أي أهل الأرض تعلمون أكرم على الله تعالى؟ فقالوا: أنت، قال: فإن العباس مني وأنا منه لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا، فجاء القوم فقالوا: يا رسول الله نعوذ بالله من غضبك استغفر لنا (4).

[الحديث: 2945] عن عبد الله بن جبير الخزاعي قال: طعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا في بطنه إما بقضيب وإما بسواك، فقال: أوجعتني فأقدني، فأعطاه العود الذي كان معه، فقال: استقد، فقبل بطنه، ثم قال: بل أعفو لعلك أن تشفع لي بها يوم القيامة (5).

[الحديث: 2946] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من رجل يصاب بشيء في جسده فيتصدق

__________

(1) البخاري (2703)، ومسلم (1903)

(2) مسلم (1675)، والنسائي 8/ 26 - 27.

(3) أبو داود (4590)، والنسائي 8/ 25 - 26.

(4) النسائي 8/ 33، وأحمد 1/ 300.

(5) ذكره الهيثمي 6/ 289، وقال: رواه الطبراني.

أحكام الحكومة الإسلامية (649)

به إلا رفعه الله به درجة وحط عنه به خطيئة (1).

[الحديث: 2947] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: على المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول (2).

[الحديث: 2948] عن ابن عمرو قال: قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية (3).

[الحديث: 2949] عن عصمة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد فقئت عينه، قال: من ضربك؟ قال: أعور بني فلان، فبعث إليه فجاء فقال: أنت فقأت عين هذا؟ قال: نعم، فقضى عليه بالدية، وقال: لا يفقأ عينه فيدعه غير بصير (4).

[الحديث: 2950] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: في الأسنان خمسٌ خمسٌ (5).

[الحديث: 2951] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الأصابع سواءٌ، عشرٌ عشرٌ من الإبل (6).

[الحديث: 2952] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: دية أصابع اليدين والرجلين سواءٌ، عشرةٌ من الإبل لكل أصبع (7).

[الحديث: 2953] عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن هذه نسختها: من محمد النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال، قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد.. وكان في كتابه أن من اعتبط مؤمنا قتلا فإنه قودٌ، إلا أن يرضى أولياء المقتول، وأن في النفس الدية مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي

__________

(1) الترمذي (1393)

(2) أبو داود (4538)،والنسائي 8/ 38 - 39.

(3) أبو داود (4567).

(4) الطبراني 17/ 182.

(5) أبو داود (4563)، النسائي 8/ 55.

(6) أبو داود (4556)، والنسائي في (الكبرى) 4/ 244 (7050)،وابن ماجة (2654)

(7) أبو داود (4561)،والترمذي (1391)

أحكام الحكومة الإسلامية (650)

الصلب الدية وفي العينين الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي كل أصبع من أصابع اليد أو الرجل عشرٌ من الإبل، وفي السن خمسٌ من الإبل، وفي الموضحة خمسٌ من الإبل، وأن الرجل يقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار (1).

وفي رواية: وفي العين الواحدة نصف الدية، وفي اليد الواحدة نصف الدية (2).

[الحديث: 2954] عن ابن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى في العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست بثلث ديتها، وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها، وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها (3).

[الحديث: 2955] عن ابن عمرو قال: طعن رجل رجلا في رجله، فقال المطعون: يا رسول الله أقدني، فقال: لا تعجل حتى يبرأ جرحك، فأبى إلا أن يستقيد فأقاده من طاعنه، فبرأ المستقاد منه وعرج المستقيد فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله عرجت وبرأ صاحبي، فقال له: ألم آمرك ألا تستقيد حتى يبرأ جرحك فعصيتني فأبعدك الله وبطل جرحك، ثم أمر صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك من كان به جرحٌ لا يستقيد حتى يبرأ من جراحته (4).

ب ـ ما ورد في المصادر الشيعية

2 ـ ما ورد عن أئمة الهدى

وقد قسمناها بحسب من وردت عنهم إلى الأقسام التالية:

ما روي عن الإمام علي

__________

(1) النسائي 8/ 57 - 58، وابن حبان 14/ 501 (6559)، والحاكم 1/ 395 - 396.

(2) النسائي 8/ 59، ومالك 2/ 221 (2226)

(3) أبو داود (4567) النسائي 8/ 55.

(4) أحمد 2/ 217.

أحكام الحكومة الإسلامية (651)

[الحديث: 2956] عن أبي عمر المتطبب، قال: عرضت على الإمام الصادق ما أفتى به الإمام علي في الديات؛ فمما أفتى به في الجسد وجعله ست فرائض: النفس، والبصر، والسمع، والكلام ونقص الصوت من الغنن، والبحح، والشلل من اليدين والرجلين، ثم جعل مع كل شيء من هذه قسامة على نحو ما بلغت الدية، والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلا، وعلى ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار ستة نفر، وما كان دون ذلك فحسابه من ستة نفر والقسامة في النفس، والسمع، والبصر، والعقل، والصوت من الغنن، والبحح، ونقص اليدين والرجلين فهو ستة أجزاء الرجل، تفسير ذلك: إذا أصيب الرجل من هذه الأجزاء الستة وقيس ذلك فإن كان سدس بصره أو سمعه أو كلامه أو غير ذلك حلف هو وحده، وإن كان ثلث بصره حلف هو وحلف معه رجل واحد، وإن كان نصف بصره حلف هو وحلف معه رجلان، وإن كان ثلثي بصره حلف هو وحلف معه ثلاثة نفر، وإن كان أربعة أخماس بصره حلف هو وحلف معه أربعة، وإن كان بصره كله حلف هو وحلف معه خمسة نفر، وكذلك القسامة في الجروح كلها، فإن لم يكن للمصاب من يحلف معه ضوعفت عليه الإيمان، فإن كان سدس بصره حلف مرة واحدة، وإن كان الثلث حلف مرتين، وإن كان النصف حلف ثلاث مرات، وإن كان الثلثين حلف أربع مرات، وإن كان خمسة أسداس حلف خمس مرات، وإن كان كله حلف ست مرات، ثم يعطى (1).

[الحديث: 2957] قال الإمام علي: لا يقضى في شيء من الجراحات حتى تبرأ (2).

[الحديث: 2958] عن يونس، أنه عرض على الإمام الرضا كتاب الديات، وكان

__________

(1) الكافي 7/ 362/ 9.

(2) التهذيب 10/ 294/ 1146.

أحكام الحكومة الإسلامية (652)

فيه: في ذهاب السمع كله ألف دينار، والصوت كله من الغنن والبحح ألف دينار، والشلل في اليدين كلتاهما ألف دينار، وشلل الرجلين ألف دينار، والشفتين إذا استوصلا ألف دينار، والظهر إذا أحدب ألف دينار، والذكر إذا استوصل ألف دينار، والبيضتين ألف دينار، وفي صدغ الرجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلا إذا انحرف الرجل نصف الدية خمسمائة دينار، فما كان دون ذلك فبحسابه (1).

[الحديث: 2959] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي في دية الأنف إذا استوصل مائة من الإبل ثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، ودية العين إذا فقئت خمسون من الإبل، ودية ذكر الرجل إذا قطع من الحشفة مائة من الإبل على أسباب الخطأ دون العمد، وكذلك دية الرجل، وكذلك دية اليد إذا قطعت خمسون من الإبل، وكذلك دية الأذن إذا قطعت فجدعت خمسون من الإبل، وما كان من ذلك من جروح أو تنكل فيحكم به ذو عدل منكم ـ يعني به: الإمام ـ ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44] (2)

[الحديث: 2960] قال الإمام الصادق: أفتى الإمام علي فكتب الناس فتياه، وكتب به إلى أمرائه ورؤوس أجناده فمما كان فيه: إن أصيب شفر العين الأعلى فشتر فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار، وإن أصيب شفر العين الأسفل فشتر فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون دينارا، وإن أصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون دينارا، فما أصيب منه فعلى حساب ذلك الحديث (3).

__________

(1) الكافي 7/ 311/ 1.

(2) تفسير العياشي 1/ 323/ 125.

(3) الكافي 7/ 330/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (653)

[الحديث: 2961] قال الإمام علي: في الأنف إن قطع روثة الأنف ـ وهي طرفه ـ فديته خمسمائة دينار، وإن نفذت فيه نافذة لا تنسد بسهم أو رمح فديته ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وإن كانت نافذة فبرأت والتأمت فديتها خمس دية الأنف مائة دينار، فما أصيب منه فعلى حساب ذلك، وإن كانت نافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم ـ وهو الحاجز بين المنخرين ـ فديتها عشر دية روثة الأنف خمسون دينارا، لأنه النصف، وإن كانت نافذة في إحدى المنخرين أو الخيشوم إلى المنخر الآخر فديتها ستة وستون دينارا وثلثا دينار (1).

[الحديث: 2962] عن الإمام الصادق أن الإمام علي قضى في خرم الأنف ثلث دية الأنف (2).

[الحديث: 2963] قال الإمام علي: إذا قطعت الشفة العليا واستؤصلت فديتها خمسمائة دينار، فما قطع منها فبحساب ذلك، فإن انشقت حتى تبدو منها الأسنان ثم دوويت وبرأت والتأمت فديتها مائة دينار، فذلك خمس دية الشفة إذا قطعت واستؤصلت، وما قطع منها فبحساب ذلك، فإن شترت فشينت شينا قبيحا فديتها مائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ودية الشفة السفلى إذا استؤصلت ثلثا الدية ستمائة وستة وستون دينارا وثلثا دينار، فما قطع منها فبحساب ذلك، فإن انشقت حتى تبدو الأسنان منها ثم برأت والتأمت فديتها مائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وإن أصيبت فشينت شينا قبيحا فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وذلك نصف ديتها.. سئل الإمام الصادق عن ذلك، فقال: بلغنا أن الإمام علي فضلها لأنها تمسك الماء والطعام مع الأسنان،

__________

(1) الكافي 7/ 331/ 2.

(2) الكافي 7/ 331/ 3.

أحكام الحكومة الإسلامية (654)

فلذلك فضلها في حكومته (1).

[الحديث: 2964] قال الإمام علي: في الخد إذا كانت فيه نافذة يرى منها جوف الفم فديتها مائتا دينار، فإن دووي فبرأ والتأم وبه أثر بين وشتر فاحش فديته خمسون دينارا، فإن كانت نافذة في الخدين كليهما فديتها مائة دينار وذلك نصف الدية التي يرى منها الفم، فإن كانت رمية بنصل يثبت في العظم حتى ينفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون دينارا جعل منها خمسون دينارا لموضحتها، فإن كانت ثاقبة ولم تنفذ فيها فديتها مائة دينار، فإن كانت موضحة في شيء من الوجه فديتها خمسون دينارا، فإن كان لها شين فدية شينه مع دية موضحته، فإن كان جرحا ولم يوضح ثم برأ وكان في الخدين فديته عشرة دنانير، فإن كان في الوجه صدع فديته ثمانون دينارا، فإن سقطت منه جذمة لحم ولم توضح وكان قدر الدرهم فما فوق ذلك فديته ثلاثون دينارا، وديه الشجة إذا كانت توضح أربعون دينارا إذا كانت في الخد، وفي موضحة الرأس خمسون دينارا فإن نقل العظام فديتها مائة دينار وخمسون دينارا، فإن كانت ثاقبة في الرأس فتلك المأمومة ديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار (2).

[الحديث: 2965] قال الإمام علي: في الأذنين إذا قطعت إحداهما فديتها خمسمائة دينار، وما قطع منها فبحساب ذلك (3).

[الحديث: 2966] قال الإمام الصادق: إن الإمام علي قضى في سن الصبي قبل أن يثغر بعيرا بعيرا في كل سن (4).

[الحديث: 2967] قال الإمام علي: في الترقوة إذا انكسرت فجبرت على غير عثم

__________

(1) الكافي 7/ 331.

(2) الكافي 7/ 332/ 5.

(3) الكافي 7/ 333/ 5.

(4) الكافي 7/ 334/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (655)

ولا عيب أربعون دينارا، فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس كسرها اثنان وثلاثون دينارا، فإن أوضحت فديتها خمسة وعشرون دينارا، وذلك خمسة أجزاء من ثمانية من ديتها إذا انكسرت، فإن نقل منها العظام فديتها نصف دية كسرها عشرون دينارا، فإن نقبت فديتها ربع دية كسرها عشرة دنانير، ودية المنكب إذا كسر خمس دية اليد مائة دينار، فإن كان في المنكب صدع فديته أربعة أخماس كسره ثمانون دينارا، فإن أوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا، فإن نقلت منه العظام فديته مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا: منها مائة دينار دية كسره، وخمسون دينارا لنقل عظامه، وخمسة وعشرون دينارا لموضحته، فإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا، فإن رض فعثم فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، فإن فك فديته ثلاثون دينارا (1).

[الحديث: 2968] قال الإمام علي: في العضد إذا انكسر فجبر على غير عثم ولا عيب فديتها خمس دية اليد مائة دينار، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقل عظامها نصف دية كسرها خمسون دينارا، ودية نقبها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، وفي المرفق إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار، وذلك خمس دية اليد، وإن انصدع فديته أربعة أخماس كسره ثمانون دينارا، فإن نقل منه العظام فديتها مائة وخمسة وسبعون دينارا: للكسر مائة دينار، ولنقل العظام خمسون دينارا، وللموضحة خمسة وعشرون دينارا، فإن كانت فيه ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، فإن رض المرفق فعثم فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، فإن كان فك فديته ثلاثون دينارا (2).

__________

(1) الكافي 7/ 334/ 10.

(2) الكافي 7/ 335/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (656)

[الحديث: 2969] قال الإمام علي: في الساعد إذا كسر ثم جبر على غير عثم ولا عيب فديته خمس دية اليد مائة دينار، فإن كسرت قصبتا الساعد فديتها خمس دية اليد مائة دينار، وفي الكسر لأحد الزندين خمسون دينارا، وفي كليهما مائة دينار، فإن انصدعت إحدى القصبتين ففيها أربعة أخماس دية إحدى قصبتي الساعد ثمانون دينارا، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقل عظامها مائة دينار وذلك خمس دية اليد، وإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقبها نصف دية موضحتها اثنا عشر دينارا ونصف دينار، ودية نافذتها خمسون دينارا، فإن كانت فيه قرحة لا تبرأ فديتها ثلث دية الساعد ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار وذلك ثلث دية التي هي فيه، ودية الرصغ إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار، وفي الكف إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب فديتها خمس دية اليد مائة دينار، وإن فك الكف فديته ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار، وفي موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقل عظامها خمسون دينارا نصف دية كسرها وفي نافذتها إن لم تنسد خمس دية اليد مائة دينار، فإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا (1).

[الحديث: 2970] قال الإمام علي في دية الأصابع والقصب التي في الكف: ففي الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار، ودية قصبة الإبهام التي في الكف تجبر على غير عثم خمس دية الإبهام ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار إذا استوى جبرها وثبت، ودية صدعها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار، ودية موضحتها ثمانية

__________

(1) الكافي 7/ 335/ 10.

أحكام الحكومة الإسلامية (657)

دنانير وثلث دينار ودية نقل عظامها ستة عشر دينارا وثلثا دينار، ودية ثقبها ثمانية دنانير وثلث دينار نصف دية نقل عظامها، ودية موضحتها نصف دية ناقبتها ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية فكها عشرة دنانير، ودية المفصل الثاني من أعلى الإبهام إن كسر فجبر على غير عثم ولا عيب ستة عشر دينارا وثلثا دينار، ودية الموضحة إن كانت فيها أربعة دنانير وسدس دينار، ودية ثقبها أربعة دنانير وسدس دينار ودية صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار، ودية نقل عظامها خمسة دنانير، فما قطع منها فبحسابه، وفي الأصابع في كل إصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار، ودية قصب أصابع الكف سوى الإبهام دية كل قصبة عشرون دينارا وثلثا دينار، ودية كل موضحة في كل قصبة من القصب الأربع أصابع أربعة دنانير وسدس دينار، ودية نقل كل قصبة منهن ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية كسر كل مفصل من الأصابع الأربع التي تلي الكف ستة عشر دينارا وثلثا دينار، وفي صدع كل قصبة منهن ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار، فإن كان في الكف قرحة لا تبرأ فديتها ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وفي نقل عظامها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي موضحته أربعة دنانير وسدس دينار، وفي نقبه أربعة دنانير وسدس دينار، وفي فكه خمسة دنانير، ودية المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلث دينار، وفي كسره أحد عشر دينارا وثلث دينار، وفي صدعه ثمانية دنانير ونصف دينار، وفي موضحته ديناران وثلثا دينار، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار، وفي نقبه ديناران وثلثا دينار، وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار، وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع إذا قطع سبعة وعشرون دينارا ونصف وربع ونصف عشر دينار، وفي كسره خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار، وفي صدعه أربعة دنانير وخمس دينار، وفي موضحته ديناران وثلث دينار، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث، وفي نقبه ديناران وثلثا دينار، وفي فكه ثلاث دنانير وثلثا دينار،

أحكام الحكومة الإسلامية (658)

وفي ظفر كل إصبع منها خمسة دنانير، وفي الكف إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب فديتها أربعون دينارا، ودية صدعها أربعة أخماس دية كسرها اثنان وثلاثون دينارا، ودية موضحتها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقل عظامها عشرون دينارا ونصف دينار، ودية نقبها ربع دية كسرها عشرة دنانير، ودية قرحة لا تبرأ ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار (1).

[الحديث: 2971] قال الإمام علي: في الصدر إذا رض فثنى شقيه كليهما فديته خمسمائة دينار، ودية أحد شقيه إذا انثنى مائتان وخمسون دينارا، وإذا انثنى الصدر والكتفان فديته ألف دينار، وإن انثنى أحد شقي الصدر وأحد الكتفين فديته خمسمائة دينار، ودية موضحة الصدر خمسة وعشرون دينارا، ودية موضحة الكتفين والظهر خمسة وعشرون دينارا، وإن اعترى الرجل من ذلك صعر لا يستطيع أن يلتفت فديته خمسمائة دينار، وإن انكسر الصلب فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار، وإن عثم فديته ألف دينار، وفي حلمة ثدي الرجل ثمن الدية مائة وخمسة وعشرون دينارا، وفي الأضلاع فيما خالط القلب من الأضلاع إذا كسر منها ضلع فديته خمسة وعشرون دينارا، وفي صدعه اثنا عشر دينارا ونصف، ودية نقل عظامها سبعة دنانير ونصف، وموضحته على ربع دية كسره، ونقبه مثل ذلك، وفي الأضلاع مما يلي العضدين دية كل ضلع عشرة دنانير إذا كسر، ودية صدعه سبعة دنانير، ودية نقل عظامه خمسة دنانير، وموضحة كل ضلع منها ربع دية كسره ديناران ونصف، فإن نقب ضلع منها فديتها ديناران ونصف، وفي الجائفة ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وإن نفذت من الجانبين كليهما رمية أو طعنة فديتها أربعمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار (2).

__________

(1) الكافي 7/ 336/ 10.

(2) الكافي 7/ 338/ 11.

أحكام الحكومة الإسلامية (659)

[الحديث: 2972] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في رجل كسر صلبه فلا يستطيع أن يجلس أن فيه الدية (1).

[الحديث: 2973] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي في الصلب الدية (2).

[الحديث: 2974] قال الإمام علي: في الورك إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار، وإن صدع الورك فديته مائة وستون دينارا أربعة أخماس دية كسره، فإن أوضحت فديته ربع دية كسره خمسون دينارا، ودية نقل عظامه مائة وخمسة وسبعون دينارا: لكسرها مائة دينار، ولنقل عظامها خمسون دينارا، ولموضحتها خمسة وعشرون دينارا، ودية فكها ثلاثون دينارا، فإن رضت فعثمت فديتها ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وفي الفخذ إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار، فإن عثمت فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وذلك ثلث دية النفس ودية صدع الفخذ أربعة أخماس دية كسرها مائة دينار وستون دينارا، فإن كانت قرحة لا تبرأ فديتها ثلث دية كسرها ستة وستون دينارا وثلثا دينار، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا، ودية نقل عظامها نصف دية كسرها مائة دينار، ودية نقبها ربع دية كسرها خمسون دينارا (3).

[الحديث: 2975] قال الإمام علي: في الركبة إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار، فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس دية كسرها مائة وستة وستون دينارا، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا، ودية نقل عظامها مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا: منها دية كسرها مائة دينار، وفي نقل عظامها خمسون دينارا،

__________

(1) الكافي 7/ 312/ 8.

(2) التهذيب 10/ 260/ 1027.

(3) الكافي 7/ 338/ 11.

أحكام الحكومة الإسلامية (660)

وفي موضحتها خمسة وعشرون دينارا، ودية نقبها ربع دية كسرها خمسون دينارا، فإن رضت فعثمت ففيها ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، فإن فكت فديتها ثلاثة أجزاء من دية الكسر ثلاثون دينارا، وفي الساق إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار، ودية صدعها أربعة أخماس دية كسرها مائة وستون دينارا، وفي موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا، وفي نقبها نصف موضحتها خمسة وعشرون دينارا، وفي نقل عظامها ربع دية كسرها خمسون دينارا، وفي نفوذها ربع دية كسرها خمسون، وفي قرحة لا تبرأ ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، فإن عثم الساق فديتها ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وفي الكعب إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار (1).

[الحديث: 2976] قال الإمام علي: في القدم إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجل مائتا دينار، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا، وفي نقل عظامها مائة دينار نصف دية كسرها، وفي نافذة فيها لا تنسد خمس دية الرجل مائتا دينار، وفي ناقبة فيها ربع كسرها خمسون دينارا الأصابع والقصب التي في القدم دية الإبهام ثلث دية الرجل ثلاثمائة وثلاثون دينارا وثلث دينار، ودية كسر قصبة الإبهام التي تلي القدم خمس دية الإبهام ستة وستون دينارا وثلثا دينار، وفي نقل عظامها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار، وفي صدعها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار، وفي موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي نقبها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي فكها عشرة دنانير، ودية المفصل الأعلى من الإبهام ـ وهو الثاني الذي فيه الظفر ـ ستة عشر دينارا وثلثا دينار، وفي موضحته أربعة دنانير وسدس، وفي

__________

(1) الكافي 7/ 339/ 11.

أحكام الحكومة الإسلامية (661)

نقل عظامه ثمانية دنانير وثلث، وفي ناقبته أربعة دنانير وسدس، وفي صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلث. وفي فكها خمسة دنانير، وفي ظفره ثلاثون دينارا، وذلك لأنه ثلث دية الرجل، ودية الأصابع دية كل أصبع منها سدس دية الرجل ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار، ودية قصبة الأربع سوى الإبهام دية كل قصبة منهن ستة عشر دينارا وثلثا دينار، ودية موضحة كل قصبة منهن أربعة دنانير وسدس دينار، ودية نقل عظم كل قصبة منهن ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلثا دينار، ودية نقب كل قصبة منهن أربعة دنانير وسدس دينار، ودية قرحة لا تبرأ في القدم ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، ودية كسر كل مفصل من الأصابع الأربع التي تلي القدم ستة عشر دينارا وثلث دينار، ودية صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار، ودية نقل عظام كل قصبة منهن ثمانية دنانير وثلث دينار، ودية موضحة كل قصبة منهن أربعة دنانير وسدس دينار، ودية نقبها أربعة دنانير وسدس دينار، ودية فكها خمسة دنانير، وفي المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلثا دينار، ودية كسره أحد عشر دينارا وثلثا دينار، ودية صدعه ثمانية دنانير وأربعة أخماس دينار، ودية موضحته ديناران، ودية نقل عظامه خمسة دنانير وثلثا دينار، ودية نقبه ديناران وثلثا دينار، ودية فكه ثمانية دنانير، وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع التي فيها الظفر إذا قطع فديته سبعة وعشرون دينارا وأربعة أخماس دينار، ودية كسره خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار، ودية صدعه أربعة دنانير وخمس دينار، ودية موضحته دينار وثلث دينار، ودية نقل عظامه ديناران وخمس دينار، ودية نقبه دينار وثلث دينار، ودية فكه ديناران وأربعة أخماس دينار، ودية كل ظفر عشرة دنانير، وفي موضحة الأصابع ثلث

أحكام الحكومة الإسلامية (662)

دية الأصابع (1).

[الحديث: 2977] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي في الجرح في الأصابع، إذا أوضح العظم عشر دية الإصبع إذا لم يرد المجروح أن يقتص (2).

[الحديث: 2978] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي فيما كان من جراحات الجسد أن فيها القصاص، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها (3).

[الحديث: 2979] قال الإمام الباقر: إن الإمام علي أمر قنبر أن يضرب رجلا حدا فغلط قنبر فزاده ثلاثة أسواط، فأقاده الإمام علي من قنبر ثلاثة أسواط (4).

[الحديث: 2980] قال الإمام الصادق: رفع إلى الإمام علي رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه فقضى عليه أن يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث، أو يغرم ثلث الدية (5).

[الحديث: 2981] عن سماعة، قال: قضى الإمام علي في رجل ضرب غلاما على رأسه فثقل بعض لسانه وأفصح ببعض الكلام ولم يفصح ببعض فأقرأه المعجم، فقسم الدية عليه، فما أفصح به طرحه، وما لم يفصح به ألزمه إياه (6).

[الحديث: 2982] قال الإمام الصادق: أُتي الإمام علي برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقي البعض، فجعل ديته على حروف المعجم، ثم قال: تكلم بالمعجم فما نقص من كلامه فبحساب ذلك، والمعجم ثمانية وعشرون حرفا، فجعل ثمانية وعشرون جزءا، فما نقص من كلامه فبحساب ذلك (7).

__________

(1) الكافي 7/ 340/ 11.

(2) من لا يحضره الفقيه 4/ 103/ 350.

(3) الكافي 7/ 320/ 5، التهذيب 10/ 275/ 1075.

(4) الكافي 7/ 260/ 1،.

(5) الكافي 7/ 377/ 21.

(6) التهذيب 10/ 263/ 1039، والاستبصار 4/ 292/ 1104.

(7) التهذيب 10/ 263/ 1042، والاستبصار 4/ 293/ 1107.

أحكام الحكومة الإسلامية (663)

[الحديث: 2983] قال الإمام الصادق: قضى الإمام علي في رجل ضرب رجلا بعصا فذهب سمعه، وبصره، ولسانه، وعقله وفرجه، وهو حيّ، بست ديات (1).

[الحديث: 2984] قال الإمام الباقر: قضى الإمام علي في رجل أصيب إحدى عينيه بأن يؤخذ بيضة نعامة فيمشي بها، وتوثق عينه الصحيحة حتى لا يبصرها وينتهى بصره، ثم يحسب ما بين منتهى بصر عينه التي أصيبت ومنتهى عينه الصحيحة فيؤدى بحساب ذلك (2).

[الحديث: 2985] قال الإمام الباقر: أتي الإمام علي برجل قد ضرب رجلا حتى نقص من بصره، فدعا برجل من أسنانه ثم أراهم شيئا فنظر ما انتقص من بصره فأعطاه دية ما انتقص من بصره (3).

[الحديث: 2986] قال الإمام الكاظم: قضى الإمام علي في دية جراحة الأعضاء كلها في الرأس، والوجه، وسائر الجسد من السمع، والبصر، والصوت، والعقل، واليدين، والرجلين، في القطع، والكسر، والصدع، والبط، والموضحة، والدامية، ونقل العظام، والناقبة يكون في شيء من ذلك، فما كان من عظم كسر فجبر على غير عثم ولا عيب لم ينقل منه عظام فإن ديته معلومة، فإن أوضح ولم ينقل عظامه فدية كسره، ودية موضحته، فإن دية كل عظم كسر معلوم ديته، ونقل عظامه نصف دية كسره، ودية موضحته ربع دية كسره فيما وارت الثياب غير قصبتي الساعد والإصبع، وفي قرحة لا تبرأ ثلث دية العظم الذي هو فيه، وأفتى في النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر في شيء من البدن في أطرافه فديتها عشر دية الرجل مائة دينار (4).

__________

(1) الكافي 7/ 325/ 2.

(2) التهذيب 10/ 266/ 1049، الفقيه 4/ 100/ 331.

(3) التهذيب 10/ 268/ 1055.

(4) الكافي 7/ 327/ 5، والتهذيب 10/ 292/ 1135.

أحكام الحكومة الإسلامية (664)

ما روي عن الإمام الباقر

[الحديث: 2987] عن الإمام الباقر أنه جعل في السن السوداء ثلث ديتها، وفي اليد الشلاء ثلث ديتها، وفي العين القائمة إذا طمست ثلث ديتها، وفي شحمة الأذن ثلث ديتها، وفي الرجل العرجاء ثلث ديتها، وفي خشاش الأنف في كل واحد ثلث الدية (1).

[الحديث: 2988] قيل للإمام الباقر: رجل كسر يد رجل ثم برأت يد الرجل، فقال: ليس في هذا قصاص ولكن يعطى الأرش (2).

[الحديث: 2989] سئل الإمام الباقر عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله، فقال: إن كان المضروب لا يعقل منها الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له، فإنه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه وبين السنة أقيد به ضاربه، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله أغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله، قيل: فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال: لا، لأنه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين، وهي الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان إلا أن يكون فيهما الموت (3).

[الحديث: 2990] قيل للإمام الباقر: ما تقول في رجل ضرب رأس رجل بعمود فسطاط فأمه حتى ذهب عقله، فقال: عليه الدية، قيل: فإنه عاش عشرة أيام أو أقل أو أكثر فرجع إليه عقله، أله أن يأخذ الدية؟ قال: لا، قد مضت الدية بما فيها، قيل: فإنه مات بعد شهرين أو ثلاثة، وقال أصحابه: نريد أن نقتل الرجل الضارب، فقال: إن أرادوا أن يقتلوه

__________

(1) التهذيب 10/ 275/ 1074.

(2) التهذيب 10/ 277/ 1084.

(3) الكافي 7/ 325/ 1.

أحكام الحكومة الإسلامية (665)

يردوا الدية ما بينهم وبين سنة، فإذا مضت السنة فليس لهم أن يقتلوه، ومضت الدية بما فيها (1).

ما روي عن الإمام الصادق

[الحديث: 2991] سئل الإمام الصادق عن رجل شج رجلا موضحة وشجه آخر دامية في مقام واحد فمات الرجل، فقال: عليهما الدية في أموالهما نصفين (2).

[الحديث: 2992] سئل الإمام الصادق عن الرجل يكسر ظهره، فقال: فيه الدية كاملة، وفي العينين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وفي الأذنين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وفي الأنف إذا قطع المارن الدية وفي الشفتين الدية (3).

[الحديث: 2993] قال الإمام الصادق: الأنف إذا استؤصل جدعه الدية، وفي العين إذا فقئت نصف الدية، وفي الأذن إذا قطعت نصف الدية، وفي اليد نصف الدية (4).

[الحديث: 2994] قال الإمام الصادق: في الرجل الواحدة نصف الدية، وفي الأذن نصف الدية إذا قطعها من أصلها، وإذا قطع طرفها ففيها قيمة عدل، وفي الأنف إذا قطع الدية كاملة، وفي الظهر إذا انكسر حتى لا ينزل صاحبه الماء الدية كاملة، وفي اللسان إذا قطع الدية كاملة (5).

[الحديث: 2995] قال الإمام الصادق: إذا قطع الأنف من المارن ففيه الدية تامة، وفي أسنان الرجل الدية تامة، وفي أذنيه الدية كاملة، والرجلان والعينان بتلك المنزلة (6).

[الحديث: 2996] قال الإمام الصادق: في أنف الرجل إذا قطع من المارن فالدية

__________

(1) التهذيب 10/ 252/ 1001.

(2) التهذيب 10/ 292/ 1133.

(3) الكافي 7/ 311/ 3.

(4) الكافي 7/ 312/ 4، والتهذيب 10/ 246/ 972.

(5) الكافي 7/ 312/ 7.

(6) الكافي 7/ 312/ 9.

أحكام الحكومة الإسلامية (666)

تامة، ولسانه الدية تامة، وأذنيه الدية تامة، والرجلان بتلك المنزلة، والعينان بتلك المنزلة، والعين العوراء الدية تامة، والإصبع من اليد والرجل فعشر الدية، والسن من الثنايا والأضراس سواء نصف العشر (1).

[الحديث: 2997] قال الإمام الصادق: السن إذا ضربت انتظر بها سنة، فإن وقعت أغرم الضارب خمسمائة درهم، وإن لم تقع واسودت أغرم ثلثي الدية (2).

[الحديث: 2998] قال الإمام الصادق: دية اليد إذا قطعت خمسون من الإبل، فما كان جروحا دون الاصطلام فيحكم به ذوا عدل منكم ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44] (3)

[الحديث: 2999] سئل الإمام الصادق عن السن والذراع يكسران عمدا، لهما أرش، أو قود، فقال: قود، قيل: فإن أضعفوا الدية؟ قال: إن أرضوه بما شاء فهو له (4).

[الحديث: 3000] قيل للإمام الصادق: ما على رجل وثب على امرأة فحلق رأسها؟ فقال: يضرب ضربا وجيعا ويحبس في سجن المسلمين حتى يستبرأ شعرها، فإن نبت أخذ منه مهر نسائها، وإن لم ينبت أخذ منه الدية كاملة (5).

[الحديث: 3001] عن الإمام الصادق، في رجل ضرب رجلا بعصا على رأسه فثقل لسانه، فقال: يعرض عليه حروف المعجم فما أفصح، وما لم يفصح به كان عليه الدية (6).

[الحديث: 3002] قال الإمام الصادق: إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرضت عليه حروف المعجم تقرأ، ثم قسمت الدية على حروف المعجم، فما لم يفصح به

__________

(1) التهذيب 10/ 247/ 977، والاستبصار 4/ 289/ 1092.

(2) الكافي 7/ 334/ 9.

(3) من لا يحضره الفقيه 4/ 97/ 323.

(4) الكافي 7/ 320/ 7.

(5) التهذيب 10/ 262/ 1036.

(6) الكافي 7/ 322/ 2.

أحكام الحكومة الإسلامية (667)

الكلام كانت الدية بالقياس من ذلك (1).

[الحديث: 3003] سئل الإمام الصادق عن رجل ضرب رجلا في أذنه بعظم فادعى أنه لا يسمع، فقال: يترصد ويستغفل وينتظر به سنة، فإن سمع أو شهد عليه رجلان أنه يسمع، وإلا حلفه وأعطاه الدية، قيل: فإن عثر عليه بعد ذلك أنه يسمع؟ قال: إن كان الله رد عليه سمعه لم أر عليه شيئا (2).

[الحديث: 3004] عن الإمام الصادق في رجل وجي في أذنه فادعى أن إحدى أذنيه نقص من سمعها شيئا، فقال: تسد التي ضربت سدا شديدا ويفتح الصحيحة، فيضرب له بالجرس ويقال له: اسمع، فإذا خفي عليه الصوت علم مكانه، ثم يضرب به من خلفه ويقال له: اسمع، فإذا خفي عليه الصوت علم مكانه، ثم يقاس ما بينهما فإن كان سواء علم أنه قد صدق، ثم يؤخذ به عن يمينه فيضرب به حتى يخفى عليه الصوت، ثم يعلم مكانه، ثم يؤخذ به عن يساره فيضرب به حتى يخفى عليه الصوت ثم يعلم مكانه، ثم يقاس فإن كان سواء علم أنه قد صدق، ثم تفتح أذنه المعتلة وتسد الأخرى سدا جيدا ثم يضرب بالجرس من قدامه ثم يعلم حيث يخفى عليه الصوت يصنع به كما صنع أول مرة بأذنه الصحيحة ثم يقاس فضل ما بين الصحيحة والمعتلة بحساب ذلك (3).

[الحديث: 3005] سئل الإمام الصادق عن رجل وجأ أذن رجل بعظم فادعى أنه ذهب سمعه كله، فقال: يؤجل سنة ويترصد بشاهدي عدل، فإن جاءا فشهدا أنه سمع وأنه أجاب على سمع فلا حق له، وإن لم يعثر على أنه سمع استحلف ثم أعطى الدية، قيل: فإنه سمع بعد ما أعطى الدية؟ قال: هو شيء أعطاه الله إياه (4).

__________

(1) الكافي 7/ 322/ 5.

(2) الكافي 7/ 322/ 3، التهذيب 10/ 264/ 1044.

(3) الكافي 7/ 322/ 4.

(4) من لا يحضره الفقيه 4/ 101/ 334.

أحكام الحكومة الإسلامية (668)

[الحديث: 3006] سئل الإمام الصادق عن العين يدعي صاحبها أنه لا يبصر شيئا، فقال: يؤجل سنة ثم يستحلف بعد السنة أنه لا يبصر ثم يعطى الدية، قيل: فإن هو أبصر بعده؟ قال: هو شيء أعطاه الله إياه (1).

ما روي عن الإمام الكاظم

[الحديث: 3007] قيل للإمام الكاظم: رجلان شهدا على رجل أنه سرق فقطع، ثم رجع واحد منهما وقال: وهمت في هذا ولكن كان غيره، يلزم نصف دية اليد ولا تقبل شهادته في الآخر، فإن رجعا جميعا وقالا: وهمنا بل كان السارق فلانا ألزما دية اليد، ولا تقبل شهادتهما في الآخر، وإن قالا: إنا تعمدنا، قطع يد أحدهما بيد المقطوع، ويرد الذي لم يقطع ربع دية الرجل على أولياء المقطوع اليد، فإن قال المقطوع الأول: لا أرضى أو تقطع أيديهما معا، رد دية يد فتقسم بينهما وتقطع أيديهما (2).

[الحديث: 3008] قيل للإمام الكاظم: من قطع رأس ميت أو شق بطنه أو فعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحي فعليه دية النفس كاملة؟ فقال: لا، ولكن ديته دية الجنين في بطن أمه قبل أن تلج فيه الروح وذلك مائة دينار لورثته، ودية هذا هي له لا للورثة، قيل: فما الفرق بينهما؟ قال: إن الجنين أمر مستقبل مرجو نفعه، وهذا قد مضى وذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة له لا لغيره، يحج بها عنه، ويفعل بها أبواب الخير، والبر من صدقة أو غيره، قيل: فإن أراد رجل أن يحفر له ليغسله في الحفرة فسدر الرجل مما يحفر فدير به فمالت مسحاته في يده فأصاب بطنه فشقه، فما عليه؟ فقال: إذا كان هكذا فهو خطأ وكفارته عتق رقبة، أو صيام شهرين، أو صدقة على ستين مسكينا مد لكل مسكين بمد

__________

(1) التهذيب 10/ 266/ 1048.

(2) الكافي 7/ 366/ 4.

أحكام الحكومة الإسلامية (669)

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1).

[الحديث: 3009] سئل الإمام الكاظم عن رجل ضرب بعظم في أذنه فادعى أنه لا يسمع، فقال: إذا كان الرجل مسلما صدق (2).

__________

(1) الكافي 7/ 349/ 4.

(2) مسائل علي بن جعفر/ 115/ 45.

أحكام الحكومة الإسلامية (670)

هذا الكتاب

يجمع هذا الكتاب أكثر من ثلاثة آلاف حديث حول الأسس والمؤسسات التي تقوم عليها الحكومة الإسلامية، بالإضافة إلى الأحكام الشرعية المرتبطة بالسعي لتحقيقها على أرض الواقع، والمناهج المعتمدة في ذلك.

وهو يجمع كل ما ورد مفرقا في المصادر الحديثية وغيرها، سواء في أبواب الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبارها تمثل دور الأمة بجميع مكوناتها في تحقيق الحاكمية الإلهية، أو مراقبة مدى تنفيذها.

ومثلها ما ورد في أبواب الخلافة والإمارة والسياسة الشرعية، والتي يوصف فيها عادة أدوار المسؤولين والحكام وصفاتهم.

ومثلها ما ورد في أبواب القضاء والبينات والدعاوى باعتبارها تشكل ركنا أساسيا في الحكومة الإسلامية يهدف إلى تحقيق العدالة والأمن الاجتماعي والقيمي.

ومثلها ما ورد في أبواب الجهاد، والذي يهدف إلى حماية الأمن القومي للحكومة الإسلامية، سواء بمواجهة المعتدين خارجيا، أو البغاة والمعارضة المسلحة داخليا.

ومثلها ما ورد في أبواب الحدود والتعزيرات، والتي تهدف إلى حفظ القيم الأخلاقية والحضارية في الحكومة الإسلامية.

ومثلها ما ورد في أبواب القصاص والديات ونحوها، والتي تهدف إلى حفظ الأرواح والأمن في المجتمع المسلم، ووضع كل القوانين التي تحقق ذلك.

وقد أضفنا إلى ذلك ما ورد من التوجيهات المرتبطة بتحقيق تلك القيم، لأن الحكومة الإسلامية حكومة ربانية تنطلق من الروادع الدينية والأخروية قبل الزواجر القانونية، ومثلها ما ورد في سير الأئمة وورثة النبوة ما يشير إلى النماذج الواقعية لتحقيق الحاكمية الإلهية بأجمل صورها.