اختر عنوانا من الكتاب:

غلاف الكتاب

📖 الكتاب: كلمات في الإيمان والاستقامة

📝 الوصف: كلمات قصيرة حول الحقائق الإيمانية والقيم المرتبطة بها

📚 السلسلة: كلمات ومقالات

✍ المؤلف: أ.د. نور الدين أبو لحية

🏢 الناشر: دار الأنوار للنشر والتوزيع

📅 الطبعة: الثانية

📥 تحميل: هنا

يحوي هذا الكتاب مجموعة من الكلمات القصيرة التي نشرتها في أوقات مختلفة، إما من خلال سجالات ومناقشات جرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أو نشرتها ابتداء من باب الإفادة والنصح، وقد حاولت أن ألخص فيها المعاني الكثيرة المرتبطة بالإيمان والاستقامة، ومنها:

1. منهج تحصيل المعرفة، والذي هو الأساس الذي يقوم عليه بنيان الإيمان.

2. هدم وتقويض الأسس التي يقوم عليها الإلحاد، وما يتعلق به من علوم، باعتبار الإيمان نقيضا للإلحاد، ولا يمكن التأسيس العقلي للإيمان من دون التخلص من كل رواسب الإلحاد وشبهه، مع التنبيه إلى أني ذكرت ذلك بتفصيل شديد في سلسلة [الإلحاد والدجل]

3. علاقة الإيمان ببعض العلوم والمناهج كعلم الكلام والفلسفة والعرفان والحداثة ونحوها.

4. علاقة الإيمان باليقين وقدرة الله المطلقة، ورددت فيه على من ينكر المعجزات الحسية ونحوها.

5. علاقة الإيمان بتزكية النفس، والتربية الروحية، والتي شرحتها بتفصيل في سلسلة [التزكية والترقية]، كما أني شرحت الكثير من كلماتها في سلسلة [مفاتيح التزكية] الصوتية.

6. علاقة الإيمان والتزكية بالدعوة والنصيحة والحوار ونحوها من الجوانب الرسالية الأساسية في حياة المؤمن.

مقدمة السلسلة

تحتوي هذه السلسلة على ثلاثة أنواع من كتاباتي ومنشوراتي:

أولا ـ الكلمات القصيرة:

والتي حاولت أن ألخص فيها الكثير من المعاني بإيجاز شديد، اقتفاء بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى الذين استعملوا هذا الأسلوب من البيان في التعبير عن الحقائق والقيم، وذلك لكونه أيسر للحفظ والانتشار.. ولهذا نرى عادة انتشار الأمثال والحكم القصيرة دون غيرها من المطولات، وقد قسمت كلماتي القصيرة فيها بحسب المواضيع التي تتناولها إلى ثلاثة كتب:

1. كلمات في الإيمان والاستقامة: وقد أوردت فيه الكلمات التي تتحدث عن الإيمان وما يرتبط به من قوانين المعرفة والعلوم ونحوها، والاستقامة والتزكية باعتبارها أول ثمار الإيمان، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصلت: 30]، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الأحقاف: 13]

2. كلمات في الدين والتدين: وقد أوردت فيه الكلمات التي تتحدث عن حقيقة الدين، والممارسات المرتبطة به، وما بقي منها سالما، وما تعرض للانحراف، وأسبابه، ونحو ذلك، مما ذكرته تفصيلا في سلسلة [الدين والدجل]، وسلسلة [دين الله ودين البشر]، ولذلك، فإن من يريد تفاصيل ما ذكرته في هذا الكتاب يحتاج إلى الرجوع إلى السلسلتين.

3. كلمات في الوعي والبصيرة: وقد أوردت فيه الكلمات التي تتحدث عن موقفي من بعض القضايا والأحداث، سواء تلك التي ترتبط بالجوانب السياسية والحركية أو غيرها من الجوانب.

ثانيا ـ المقالات التنويرية والعلمية:

وهي التي نشرتها سابقا في مجلات أو جرائد ونحوها، وقد قسمتها بحسب مواضيعها إلى:

4. مقالات في الدين والقيم: وهي سلسلة مقالات متفرقة حول حقائق الدين وقيمه.

5. مقالات في مناهج العلوم الإسلامية: وهي سلسلة مقالات تناقش بعض ما ورد في التراث من حقائق الدين وقيمه.

6. مقالات في الأسرة والمجتمع: وهي سلسلة مقالات متفرقة في أمهات القضايا المرتبطة بالأسرة والمجتمع.

7. مقالات في الوحدة والتقريب: وهي سلسلة مقالات في الدعوة للوحدة والتقارب بين المذاهب الإسلامية.

8. مقالات في الواقع وتحدياته: وهي سلسلة مقالات تعرض بعض التحديات التي تواجه الواقع الإسلامي وكيفية مواجهتها.

9. مواقف وشهادات: وهي سلسلة مقالات قصيرة في الموقف من قضايا وأحداث سياسية.

10. مواقف وعبر: وهي سلسلة مقالات قصيرة في الموقف من قضايا دينية وتربوية وثقافية.

11. سورية والحرب الكونية: وهي سلسلة مقالاتي حول سورية، والتي نشرتها سابقا، وقد رأيت أن هذه السلسلة أولى بها، لأن تلك السلسلة كلها حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولذلك أطلقت عليها [إيران ومشروعها]

ثالثا ـ مجموعة كتابات أدبية في القصة والشعر:

وقد جمعت فيها ما كتبته من قصص وقصائد، في هذين الكتابين:

1. هكذا تحدثوا مع الله: وقد نشرتها سابقا، وعرفتها بأنها مجموعة مناجيات شعرية على ألسنة متعددة لا تطلب من الله إلا الله.

2. قصائد وقصص: وتحوي مجموعة من القصائد والقصص التي لا زلت أحتفظ بها من شبابي الباكر، ولم أنشرها سابقا.

وفي الأخير أنبه إلى أن هذه السلسلة خصوصا تتعرض كل حين للتحديثات والإضافات، بحسب ما يستجد نشره من كلمات أو مقالات أو أعمال أدبية.

مقدمة الكتاب

يحوي هذا الكتاب مجموعة من الكلمات القصيرة التي نشرتها في أوقات مختلفة، إما من خلال سجالات ومناقشات جرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أو نشرتها ابتداء من باب الإفادة والنصح، وأنبه إلى أني شرحت بعضها في تسجيلات صوتية، تلبية لبعض المتابعين الكرام الذين طلبوا ذلك(1).

وقد حاولت أن ألخص فيها المعاني الكثيرة المرتبطة بالإيمان والاستقامة، ومنها:

1. منهج تحصيل المعرفة، والذي هو الأساس الذي يقوم عليه بنيان الإيمان.

2. هدم وتقويض الأسس التي يقوم عليها الإلحاد، وما يتعلق به من علوم، باعتبار الإيمان نقيضا للإلحاد، ولا يمكن التأسيس العقلي للإيمان من دون التخلص من كل رواسب الإلحاد وشبهه، مع التنبيه إلى أني ذكرت ذلك بتفصيل شديد في سلسلة [الإلحاد والدجل]

3. علاقة الإيمان ببعض العلوم والمناهج كعلم الكلام والفلسفة والعرفان والحداثة ونحوها.

4. علاقة الإيمان باليقين وقدرة الله المطلقة، ورددت فيه على من ينكر المعجزات الحسية ونحوها.

5. علاقة الإيمان بتزكية النفس، والتربية الروحية، والتي شرحتها بتفصيل في سلسلة [التزكية والترقية]، كما أني شرحت الكثير من كلماتها في سلسلة [مفاتيح التزكية] الصوتية.

6. علاقة الإيمان والتزكية بالدعوة والنصيحة والحوار ونحوها من الجوانب الرسالية الأساسية في حياة المؤمن.

وهذه مفردات عناوينها:

1. مفاتيح المعرفة

2. القراءة والمطالعة

3. المعرفة واليقين

4. الإيمان والإلحاد

5. العرفان والكلام

6. الفلسفة والحداثة

7. السعادة والتفاؤل

8. المستقبل الجميل

9. المعجزات والخوارق

10. النبوة والهداية

11. الملائكة والبشر

12. العصمة والصالحون

13. الإمامة والهداية

14. الصحابة والقرابة

15. أخلاق وتزكية

16. الدعوة والنصيحة

17. الحوار والمناقشات

__________

(1) وقد أشرت إليها في الكتاب بوضع عنوانها بين قوسين، وباللون الأحمر، هكذا [العنوان].

1. مفاتيح المعرفة

1. عجبا للذين يستعملون كل أدوات التحري عن حقائق بسيطة، ثم لا يستعلمون نفس الأدوات في البحث عن حقائق الوجود الكبرى؛ فيذعنون لأدنى شبهة.

2. لا يمكن لجمالك أن يبدو، ولا لحقيقتك أن تعلن عن نفسها، وأنت تحتجب عن أشعة نوره؛ فالزهرة لا يمكن أن نعرفها ونحن نحجبها عن أشعة الشمس.

3. إن أردت أن تسير إليه.. فتخل عن كل تلك المزاود التي تثقل ظهرك.. فالتمر لا يُحمل إلى البصرة.

4. إن أردت أن تسير إليه.. فتخل عن كل تردد وشك وتذبذب.. فالمتذبذب مثل الذباب لا يقبله أحد.

5. أعظم حجاب للعقل الأهواء والرغبات؛ فهي التي تجعله يقلب موازين أي شيء لينسجم مع أمانيه وتفكيره الرغبوي.

6. أول ما خلق الله فيك عقلك؛ فلا تجعله آخر ما فيك؛ فبقدر مرتبة عقلك منك تتحقق بإنسانيتك، وبقدرها يكون قربك وبعدك.

7. أعقل الناس من أضاف لعقله عقل غيره، وأحمقهم من اغتر بعقله؛ فلا يمكن للعقل أن ينضج أو يكتمل ما لم يمتزج بعقول الآخرين.

8. علامة احترامك لعقلك احترامك لعقل غيرك؛ فقد يرزقك الله من فيض عقل غيرك ما لن تصل إليه بعقلك أبدا.

9. العلم الحقيقي ليس اجتهادا مجردا، وإنما هو فتح إلهي لمن طهروا قلوبهم لتصلح للكتابة الربانية عليها، ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: 282]

10. كيف تريد أن يفتح الله عليك أبواب العلم، وأنت قد سددت كل المنافذ التي تصل بينك وبين ربك بسبب أهوائك التي عبدتها من دونه؟

11. كيف تريد أن يعلمك ربك، وأنت لا تجلس بين يديه مجلس التلميذ المؤدب المتواضع، وإنما مجلس الأستاذ المتعالم المتعالي؟

12. كل التنوير الذي حصل عليه بعضهم، استبدالهم شيوخا يرتدون العمائم بشيوخ يرتدون رابطات العنق، أما العقل فهو عندهم في عطلة دائمة.

13. هذه حصيلة تنويرهم: صاروا يؤمنون بنظرية التطور، وينكرون عالم البرزخ، ويترحمون حتى على الملاحدة، ويسخرون من التراث والعلماء وكل المذاهب، وسيضيفون إليها من حيث لا يشعرون إقرار الانتحار والموت الرحيم والمثلية وأخواتها.

14. التفكير الذي يصحبه الهوى والمزاج لا يختلف عن تفكير ذلك الذي ليته لم يفكر ولم يقدر، لأنه ﴿فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [المدثر: 18-25]

15. احذر أن تجعل نفسك ميزانا للأهمية؛ فما لا تهتم به أنت قد يكون شديد الأهمية لغيرك؛ فلذلك احترم اهتمامات غيرك ليحترموا اهتماماتك.

16. عجبا للذي يفخر بكونه ثبت على أفكار ومعلومات منذ صغره وشبابه الباكر لم يغير فيها حرفا.. ألا يشم رائحة الماء الآسن الراكد في نفسه؟

17. كيف تريد أن ينير الله بصيرتك، وأنت تجعل قومك ندا لله، تخاف أن يتهموك بأي تهمة إن أنت لم توافقهم فيما دلك الدليل على خلافه؟

18. عدم اجتهادك في البحث عن دليل ما خفي على قومك أو خالفوه دليل على حرصك على التبعية والتقليد واتخاذهم أندادا من دون الله.

19. العالم أو الباحث أو المفكر الذي يكتفي بتقليد غيره، لا يحق له أن يناقش، لأن عقله قد سلمه لغيره، ولا يمكنه أن يناقش من دون عقل.

20. أليس من العجز أن تبحث عن صلاحية الطعام حتى لا يضر بجسدك، ثم لا تبحث عن صلاحية ما تتلقاه من دينك وهو ما يقضي على روحك بل كل حياتك؟

21. احذروا من التطفيف في المواقف والأحكام فهو أخطر من التطفيف في الميزان؛ فالثاني قد يأخذ منك مالك، لكن الأول يسلب منك دينك وعقلك.

22. لو أننا نعاتب عقولنا ونفوسنا في عدم تحريها للعدالة كما نعاتب القضاة لتعطل عملهم فالمشكلة كلها في الجور الذي تمارسه نفوسنا الأمارة.

23. أخطر سقوط حر أن يوفر الله لك كل أسباب الهداية، لكنك تصم آذانك عنها، وتسد كل طرقها إلى عقلك، ولا تكتفي بذلك، بل تعاديها وتحذر منها.

24. ليس هناك مشكلة في الدنيا تستعصي على الحل.. مشكلة واحدة فقط يمكن وصفها بذلك، وهي العقل الذي يفكر بمثل هذا التفكير.

25. يستحيل أن يتناقض العقل والدين.. فإن رأيت ذلك؛ فهو إما بسبب اختلاط الدين بالهوى والدجل، أو اختلاط العقل بالمزاج والرغبة.

26. كما أن المرآة المحدبة والمقعرة والمكسرة لا تريك صورتك الحقيقية؛ فكذلك مرآة قلبك لا يمكنها أن تريك حقائق الوجود إن كانت كذلك.

27. العالم الورع هو الذي يقول بعد بذل كل جهده: هذا رأيي والله أعلم.. والجاهل يقول وهو يتثاءب: هذا حكم الله ورسوله والويل لمن خالفه.

28. عجبا للذي يبحث عن الضوء عند شمعة، وقد أتاح الله له أن يستنير بضياء الشمس.

29. ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: 283] تهديد ووعيد لكل أولئك الذين يبصرون الحقائق رأي العين.. لكنهم لخوفهم على جاههم ومناصبهم يكتمون ذكرها.

30. عندما نكون صادقين مع الحقيقة فإن الله يهدينا إليها حتى عن طريق من نتوهمهم شياطين.

31. الإشكالات كلها من تمييع المفاهيم وعدم تحديدها ليتلاعب بها من شاء كيف شاء.

32. الفتنة هي أن تطرح الحق ممزوجا بالهوى، والعلم ممزوجا بالتضليل.. أما الطرح العلمي المؤدب للحقائق؛ فهو النصح والبصيرة والحكمة.

33. الكاتب الذي يخضع لمطالب ورغبات قرائه، لا يختلف عن الطبيب الذي يخضع لمرضاه؛ فيعطيهم الدواء الذي يرضيهم، ولو على حساب صحتهم.

34. سلع الكتب المزيفة أخطر من سلع الأغذية والألبسة المزيفة لأن الثانية قد تؤذي جسدك وحياتك الدنيا، وأما الأولى فتضر بكل كيانك وكل زمانك.

35. بربكم كيف تريد من الآخر أن يقبل حكمك، وأنت تذكر له تحيزك لا حيادك، ودورانك مع طائفتك لا مع الحق؛ فهل تقبل منه ما تريد أن يقبل منك؟

36. لو تصورنا دقة موازين الله، لتوقفنا عن تعميم الأحكام؛ فكم بين الظالمين من مظلومين، قد يخاصمونك يوم القيامة لاعتبارك لهم من الظالمين.

37. لو تخلص سروش من عصمة التراث العرفاني؛ لما أوقعه فهمه أو سوء فهمه له في الإساءة للقرآن.. بل للنبوة.. بل للدين جميعا.

38. لو أن العلامة الخميني راعى كل ما تلقاه من شيوخه في الحوزة العلمية، وخشي من الإنكار عليه، لكانت إيران الآن تحت سلطة الشاه وأحفاده.

39. يبدأ انحراف الباحث أو المفكر عندما يصبح منفعلا لا فاعلا.. حيث يخضغ لاستفزازات غيره؛ فيعمل على مواجهتها وردها بالحق أو بالباطل.

40. العبرة ليست بالسبق، وإنما بالصدق.. ومن سبق ولم يصدق، سبقه من صدق ولم يسبق.

41. الكون أكبر من أن نحصره فيما أُذن لنا في معرفته من معلومات.. ولذلك كان أعظم الناس عقلا أكثرهم تواضعا، وإحساسا بالجهل.

42. [دين الأجداد] من أعجب أنواع المغالطات تلك التي يستند إليها أولئك الذين يتوهمون أن الحقيقة لا يمتلكها أولئك الذين واصلوا الليل بالنهار في البحث عنها، عبر المطالعة والتأمل والتحقيق، وإنما يمتلكها أولئك الكسالى الذين يرددون مقولة أهل الجاهلية الأولى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: 22]

43. أكثر الناس تعظيما للمشايخ والعلماء أقلهم مطالعة لكتبهم، ولو أنهم طالعوها، لخففوا من غلوهم، وأجازوا التعامل معهم كبشر يمكن نقدهم.

44. التسليم للجاهل جهل وخرافة، والتسليم للعالم عقل وحكمة، ومن ينكر ذلك، فعليه ألا يسلم جسده لأي طبيب، ولا سيارته أو جهازه لأي مصلح.

45. لا تبحث عن كثرة المعلومات بقدر بحثك عن أصحها وأدقها.. فالمعلومة الخاطئة حجاب عن الحقيقة، وجهل مركب، وهو أضر عليك من الجهل البسيط.

46. لا تبحث عن كثرة المعلومات بقدر بحثك عن أنفعها وأجداها؛ فرب معلومة أضر عليك من السم الزعاف.. ولا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.

47. العالم الحقيقي متواضع يقر بالجهل، وأنه لا يستطيع أن يحكم على العالم والأشياء من خلال المعارف البسيطة التي أحاط بجزئيات قليلة منها.

48. احذر من عبودية العقل؛ فهي أخطر من عبودية الجسد؛ فبلال كان عقله سيدا فلذلك اهتدى إلى الحق، وأمية كان عقله رقيقا فلذلك حرم الهداية.

49. لا تصغ لمن يخوفك من مخالفته؛ فلو كان صادقا لخوفك من مخالفة الحق الذي دل عليه الدليل لا الحق الذي جسده في شخصه.

50. أكثر الأخطاء وأفظعها ناشئ عن تعميم الأحكام، والعاقل هو الذي يزن كل جزء بميزانه المناسب له؛ فيميز الحق عن الباطل، والطيب عن الخبيث.

51. أخطاء العقلاء لا تلغي عقولهم، ولكنها تدعو إلى الاحتياط في التعامل معها.. فالحريص على الحق يستفيد الحكمة ولو من المجانين.

52. من الحقائق والقيم ما تعجز العقول المجردة عن إدراكه؛ فلذلك تداركها الله بلطفه، وأفاض عليها عبر وسائط هدايته ما يدلها عليها.

53. كلما كانت ارتباطاتك وعلاقاتك أقل كلما كان تفكيرك أكثر تحررا؛ فالعلائق قد تتحول إلى عوائق.. فاجعل علاقتك الكبرى بالحق، لا بالخلق.

54. مشكلة البشر الكبرى تكمن في العقل قبل السلوك؛ فلو استقام العقل لاستقام السلوك؛ فالإنسان ابن أفكاره، وأفكاره بنات تفكيره.

55. اعمل ما شئت من الخير، لكنك لن تنال أي مرتبة إلا بحسب المرتبة التي بلغها عقلك؛ فلا ينال الدرجات الرفيعة إلا أولو الألباب.

56. عجبا للذين يتركون الدين القيم الذي يوافق العقل والفطرة وينسجم مع الأخلاق والحضارة، ليستبدلوه بالخرافة والشعوذة والعنف والتطرف.

57. العقل هو النافذة التي تطل بها الروح على الوجود وهو النور الذي تتعرف به على واهب النور وهو العقال الذي ينظم النفس لتنسجم مع الكون.

58. عندما تتخلى عن ذاتك وأنانيتك سترى كل شيء كما هو، لا كما تريد؛ فانشغالك بنفسك وما يحيط بك يحول بينك وبين رؤية الحقائق والتفاعل معها.

59. ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [النجم: 38] قاعدة لا ترتبط بقضايا الآخرة فقط، بل هي قانون عام، ومع كل القضايا، ومن خالفها وقع في التطفيف والجور.

60. من حكم على متهم من غير تحقيق عادل، فهو لا يقل عنه جرما؛ ذلك أنه يسن سنة قانون الغاب الذي يتيح للقوي التسلط على الضعيف.

61. عدد الكتب التي طالعتها لا تعني وصولك للحقيقة؛ فأنت تشبه مريض سوء التغذية الذي أكل كل أصناف الحلويات، ليزيد جسده أمراضا جديدة.

62. لا تحتقر معارفك الإيمانية بحقائق الوجود والحياة، فكل المعارف الأخرى لا تساوي أمامها شيئا، والعاقل من يجتهد في الجمع بين الجميع.

63. إنما يُعذر الجاهل الذي استنفذ جهده، أو لم يجد من يعلمه، أما من عدا ذلك، فهو متجاهل أو كسول أو مهمل أو متعال، ولا عذر لهؤلاء جميعا.

64. العلوم أكثر من أن تُحصر، والعاقل هو الذي يبدأ بما يخصه منها، حتى لا يكون كالطبيب الذي يداوي علل غيره، ويغفل عن البحث عن دواء علته.

65. فرق كبير بين احتقار العلوم، وبين وضعها في مراتبها، حتى لا يصبح الغرض حشو العقل بالمعلومات، لا الانتفاع بها، والانفعال لها.

66. نعم العاقل لا يرث دينه عن آبائه وأجداده، لكن ذلك لا يعني أن يرفض أي قيمة نبيلة ورثها عن آبائه وأجداده، فالمكارم لا تلغيها الأنساب.

2. القراءة والمطالعة

1. لا تشغلنك كرة القدم وما يلعبون عن القلم وما يسطرون، فحقيقتك تُسطر بالقلم، ولا تُركل بالقدم.

2. [القراءة باسم الله] من قرأ باسم ربه؛ فتدبر وتأمل وتحقق وتذوق كانت قراءته معراجا للكمال.. ومن قرأ باسم نفسه.. لم تزده قراءته عن نفسه وربه إلا بعدا.

3. لا يكن همك كثرة تحصيل المعارف والعلوم؛ فقد يحجبك ذلك عن التحقيق والتدقيق؛ فتكون كحاطب الليل الذي قد يضع مع حطبه الحيات والعقارب.

4. ما فائدة كثرة مطالعاتك وأنت لا تستخدم فيها سوى عينك التي ترى الحروف، وذاكرتك التي تحفظها.

5. احذر أن تكون كتلك التي تخزن البيانات دون أن تفهمها، أو تلك التي تحمل الأسفار دون أن تفقهها.. فالعقل ليس ذاكرة فقط.

6. ليس الشأن في عدد الكتب التي طالعتها، ولكن في عدد القضايا التي استوعبتها وفهمتها وصححتها.

7. كل مطالعة لا تقوم سلوكك، أو تهذب أخلاقك، لا يُعول عليها.

8. كل مطالعة لا تزيدك قربا منه تزيدك بعدا عنه.. فليس هناك إلا القرب والبعد.

9. كل مطالعة لا ترتقي بك إلى الإنسانية، تنتكس بك إلى البهيمية، أو ما هو دونها.. فاحذر؛ فالمطالعة قد تكون نوعا ساما من أنواع العلف.

10. المطالعة نوعان: مزاجية هدفها التخلص من الكتاب.. وبحثية لا ينتهي صاحبها من كتاب حتى يطلع على عشرات الكتب.

11. احذر؛ فكما أن العلم يرفع أصحابه يضعهم.. وكما يقربهم من الله يحجبهم عنه.. وكما يدخلهم الجنة يدخلهم النار.

12. لا يكن همك من الكتاب ورقه أو ريحه أو تقليب أوراقه؛ فتصير محجوبا بها عن الحقيقة.. فعاشق الحقيقة لا تهمه الوسيلة التي توصله إليها.

13. القارئ الحقيقي هو ذاك الذي يهتم بالمعاني، ولا تستهلكه الألفاظ.. فقد يجعل الله الحكمة في فم العيي؛ فيفهمها الذكي، ويحجب عنها الغبي.

14. ما أتعس ذلك القارئ الذي يحجب عن حقائق العلوم بخطأ إملائي أو نحوي في كتاب.. فالحقيقة لا لحن فيها.

15. إن شئت أن تكون مطالعا حقيقيا.. فابحث عن الكتب المناسبة في كل فن، حتى لا تصبح ضحية للسلع المزيفة؛ وما أكثرها.

16. ليست القراءة قاصرة على الحروف المكتوبة.. فللكلمات المسموعة والمشاهد المرئية ما يغنيك عن عشرات الكتب.

17. طوبى لأولئك الذين منحهم الله أصواتا حسنة؛ فراحوا يسجلون بها الكتب النافعة، ليستفيد منها الضرير، ويرتاح لها البصير.

18. من الصدقة الجارية نشرك للكتب النافعة، وتيسيرها لعامة الناس.. فرب ناسخ أو ناشر أعظم أجرا من الكاتب نفسه.

19. الحروف النافعة التي تتهاطل على أرض عقلك وقلبك أثناء مطالعتك لا تختلف عن الغيث الذي تحيا به الأرض؛ فاحذر على نفسك من الجفاف.

20. أثار إشكالا مهما؛ فأحلته على بعض الكتب؛ فرفض الرجوع إليه، لأنه ليس ورقيا، ولو كان صادقا مع الحقيقة لما أهمته وسيلة الوصول إليها.

21. مع احترامي للوظائف العلمية لشبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن الطرح العلمي المفصل للقضايا لا يمكن أن يتحقق فيها، بل نحتاج إلى الكتب.

22. أنا أنصح طلبتي دائما بتعود مطالعة الكتاب الإلكتروني؛ فالكتاب الورقي قد يكون في مرحلة احتضار، ولا يمكن الانتفاع بوسيلة تحتضر.

23. في أكثر الدول يُمنع دخول أكثر الكتب المهمة؛ والذي لم يتعود على القراءة الإلكترنية سيبقى مقيدا وضحية لسياسة بلاده الثقافية.

24. عجبا لمن يقضي ساعات طويلة مع شبكات التواصل الاجتماعي، لكن إن دعوته إلى قراءة كتاب إلكتروني تعلل بضرره على صحة بصره.

25. الكتب الورقية قد تفيدك في المطالعة العادية أما المطالعة البحثية فيستحيل أن تفيدك لأنك تحتاج حينها إلى أن تكون بحوزتك كل كتب الدنيا.

26. مهما كبرت مكتبتك، وضاق بها بيتك؛ فهي لا تساوي في عدد كتبها ما في أصغر مجلد من مجلدات هاتفك أو حاسوبك.

27. سبب اهتمامي بالدعوة للكتب الإلكترونية ما رأيته في المعارض من كثرة انتشار الكتب الورقية للمتطرفين بسبب زهد أسعارها أو إهدائها مجانا.

28. ما شأن الناس بسفرك أو إقامتك أو نجاحك أو فشلك أو أكلك أو شربك؟.. أهكذا تستغل نعمة الله عليك في التواصل معهم في الحديث عن نفسك؟

29. لا حرج عليك في التواصل مع شبكات التواصل، إن اخترت فيها ما يفيدك ومن يفيدك.. فلله طرائق بعدد الخلائق.

30. العالم الذي لا يضع في حسابه أن العالم تحول إلى قرية أو بيت واحد؛ فيعرض دينه بحسب هذا الواقع الجديد؛ يهدم أكثر مما يبني.

3. المعرفة واليقين

1. دور العقل في الدين محصور في الاقتناع بنبوة النبي، فإن اقتنعت بها، سلمت لكل ما جاء به، مثلما تسلّم للطبيب وإن لم تعرف سر ما يصفه لك.

2. إن وجدت من يعلمك اليقين، فسر إليه كما سار موسى إلى الخضر؛ فاليقين وحده من ينفعك في عوالم الملك والملكوت.

3. إن أصبحت ترى المغتاب كمن يأكل لحم أخيه الميت، والمرابي كمن يتخبطه الشيطان من المس؛ فقد بلغت أولى درجات اليقين.

4. عندما نقرأ أي شيء بمنطق الشك لا بمنطق الحكمة والعقل لن نجد إلا ما يغرقنا في مستنقعات الوهم؛ فالحقائق أعز من أن تتنزل على المرتابين.

5. الشك أقرب إلى الأمراض النفسية منه إلى الأحكام العقلية المنطقية، وهو مقدمة لوسواس قهري يصل بصاحبه إلى السفسطة وإنكار كل شيء.

6. بربكم كيف يقتنع بالآيات التي أكرم الله بها رسله، من لم يوقن بقدرة الله المطلقة، وبصدق كل حرف من كلماته المقدسة؟

7. ليس بينك وبين أن ترى الحقائق رأي العين سوى حجاب الزمن الذي يتقشع كل لحظة.. فاحرص على ألا ترى هناك إلا ما أيقنت به هنا.

8. إن كنت تريد أن تكون خليلا له كما كان الخليل؛ فخلص قلبك من كل من يزاحمك على خلته؛ فالخلة تستدعي إفراد المحبة.

9. لا تطمع أن تتواصل مع شمس الهداية الأعظم، وأنت تضع بينك وبينه آلاف الحجب؛ فهو لا يقبل من غيّر وبدّل وأحدث؛ ولك في حديث الحوض عبرة.

10. سخر منه إذ رآه يحدث رسوله وإمامه؛ فطلب منه أن يعطيه رقم جواله، ولو كان مبصرا لعلم أن اتصال الأرواح أعظم وأكمل من اتصال الأشباح.

11. كما أن جوالك لا يمكن أن يتصل بأهل الدنيا ما لم يكن سليما.. فكذلك قلبك لا يمكن أن يتواصل مع أهل الآخرة ما لم يكن كذلك.

12. مثلما لا ينقضي العجب من الأعمى الذي ينكر على البصير ما رآه.. لا ينقضي من أعمى البصيرة الذي ينكر على الصالحين ما يتحفهم ربهم به.

13. عندما تتطهر القلوب من الضغائن والأحقاد تكون قد تحققت بالشرط الأول للإسلام الإلهي فهو لقداسته لا يحل إلا في القلوب السليمة الطاهرة.

14. لو ذاق قيس طعم المحبة الحقيقية لعلم أنه لم يذق من شرابها قطرة واحدة.

15. صدق من أطلق عليه لقب المجنون وليس العاشق، لأن من وجه قلبه لغير قبلة الجمال الحقيقي مجنون وليس عاشقا.

16. نهاك أن تتخذ أندادا من دون الله، ولم ينهك أن تتخذ صالحين تحبهم في الله.. فحب الصالحين من حب الله.

17. جزاء إعراضك عنه، وهو يقبل عليك، أن يعرض عنك كل من تقبل عليه، لأن قلوب الكل بيده.. وما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل.

18. أخطر الحوائل بينك وبين الحق استعجالك معرفة كل حقائق الوجود في هذه النشأة مع أنها ليست سوى مدرسة ابتدائية بالنسبة لباقي النشآت.

19. [حزن يعقوب] لقد كان يوسف في عين يعقوب شمس الولاية التي غابت عنه.. فلذلك حزن عليه ذلك الحزن الشديد المشوب بالشوق والأمل العظيم؛ فقد كان مترددا بين أمل الظهور والحضور وألم المحو والإثبات.

20. [الخلود والحركة الجوهرية] عز جناب الحق أن يخلد أحدا في دار تأديبه ما لم يكن أهلا لذلك.. فلذلك جعل أبوابها مفتوحة لمن تطهر جوهره، وتهذبت طباعه.

21. [الرحمة والعدل.. والعرفان] لا يمكن للعارف أن يهتدي للحقائق النظرية والعملية إلا إذا عرف سر الرحمة والعدالة الإلهية والعلاقة بينهما.. فهما مفاتيح مغاليق الكون.

22. [الغنى الإلهي] جل الله أن يكون محتاجا لخلقه.. فهو لا يريدهم له، وإنما يريدهم لهم، ولذلك كان كرمه ووده وخيره وتقريبه وتأديبه مقدسا قداسة ذاته.

23. [مصدر الجمال] قطعن أيديهن عندما شاهدن ذرة من شعاع جمال يوسف.. فكيف لو رأين الشمس التي استمد منها جماله!؟

24. [غض البصر] غض بصرك عن كل ما يصرفك عن ربك.. فكل ما يصرفك عن ربك شؤم.

25. [المعرفة والوهم] أكبر حجب المعرفة الوهم.. وأكبر أسباب الوهم قياس الله تعالى على خلقه وتطبيق قوانينه عليه.. فالله أعظم من أن يقاس أو يشبه أو يتخيل.

26. [القرب والشعور] جل الله أن تحده الحدود أو تحويه الجهات أو تضمه الأماكن.. ولذلك فإن قربك منه يكون بقدر شعورك به وحضورك معه وتوددك إليه.

27. [الحدود والفقر] كل من أثبت الجهة والمكان لله تعالى فهو مجسم.. فأول أركان الجسمية الحدود والحيز.. ومن حده فقد قال بمحدوديته وجوز فقره وفاقته وحاجته.

28. [الإقبال على الله] أعظم جزاء تناله منه إقباله عليك.. وأكبر أدلة إقباله عليك إقبالك عليه.. فلولا قبوله لك ورضاه عنك ما توجه قلبك إليه.

29. [عبودية الأغيار] من استنكف عن عبادة ربه، فسيقع في عبادة كل شيء.. وسيلقى من الهوان والذلة بقدر ما فاته من العزة والكرامة.

30. [لطف الله] لطف الله كامن في كل شيء.. ولو عرفناه لما اعترضنا على أي قضاء إلهي.. فهو لا يتنزل إلا من سماء اللطف الإلهي.

31. [مراتب الرضى] حجب عنك أسرار اللطف المودع في قضائه، ليميز المقربين الذين يسلّمون له ثقة فيه عن الذين يسلّمون له ثقة في التدابير التي دبر بها كونه.

32. [العقوبة والتأديب] ما العقوبة إلا عاقبة أعمالك.. وإلا فإن الله أجل من أن يعاقب من لا يستحق، أو يعاقب لأجل العقوبة.. فكل ما منه تأديب وتربية ورحمة.

33. [العطاء والمنع] لا تتوهم أنه حرمك حين منعك ما أعطاه لغيرك؛ فهو ما فعل ذلك إلا رحمة بك.. وما ادخره لك في تلك الدار أعظم مما منعه عنك في هذه الدار.

34. [الفضل العاجل] جل فضل الله أن يؤخر إلى الدار الآخرة.. فالله عجل للمؤمنين من لذة القرب وسعادة الوصال ما لا يجده المتثاقلون في كل متاع الدنيا.

35. [صراع العقول] لو أنه أتيح لكل عقل أن يفرض هواه على العالم، لكان عدد العوالم بعدد العقول، ولكان الصراع بينها بعدد الأهواء المتحكمة فيها.

36. [المعارف والدواء] المعارف مثل الأدوية، إن أخطأت في استعمالها، أو كانت مغشوشة، لن تساهم في عدم شفائك أو تأخيره فقط، بل قد تكون سببا في قتلك.

37. [المنح والمحن] المنح والمحن اختبارات إلهية ليُختبر شكرك وصبرك، ورضاك وسخطك.. فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.

38. [الصنعة والصانع] عجبا للذي يتعرف على الحضارات من خلال آثارها البسيطة المحدودة، ثم لا يتعرف على ربه من خلال إبداعه الذي لا حدود لكماله وجماله.

39. [العناية والهداية] هل يمكن لمن صمم هذا الكون البديع، ووفر فيه كل الحاجات، أن يترك خلقه من دون أن يدلهم عليه، أو يعرفهم به، أو يبصرهم بحقيقتهم ومصيرهم؟

40. [الشك والفرح] ليس قبيحا أن تشك أو تعتريك الوساوس، لكن القبيح أن تستسلم لها أو تفرح بها.. فكبار المدافعين عن الإيمان كانوا من كبار الشاكين فيه.

41. [الشك والتعالي] شك المسالمين يدعوهم إلى التحري والتحقق، وشك المعتدين يدعوهم إلى التعالي والتعالم.. والحقائق أعز من أن ينالها المتكبرون المتعالمون.

42. [دليل الفطرة] من ترفّع بفطرته عن أوزار الأنانية والحرص، وطهرها من دنس الكبرياء والغرور، استغنى عن طلب الدليل.. وهل يحتاج من شاهد الحق إلى دليل؟

43. [براهين العقلاء] لو لم يكن في الكون إلا ذرة واحدة، لكانت كافية للعاقل ليستدل بها عليه.. أما الغافل؛ فلا يزيده ما لا يُحصى من الذرات إلا عنادا.

44. [الإرادة والعظمة] جلت عدالة الله أن يجازي عباده بما لم يكن لهم فيه إرادة واختيار.. وجلت عظمة الله أن يُكرهه أحد على ما لم يرده أو يأذن فيه.

45. [الزمان والاختبار] احذر أن تسب الزمان أو تلقي لومك عليه؛ فهو ليس سوى محل للاختبارات التي اختارها الله لك رحمة بك، وتربية لك؛ فاحترمه، ولا تضيعه.

46. [الدروس الكثيرة] من لم يتعلم من الدرس الأول، قد يحتاج إلى دروس كثيرة، قد لا تكون جميعها موافقة لرغبته وهواه.

47. [آلهة الهوى] أعظم الناس كذبا على ربهم: أولئك الذين يفرضون عليه رغباتهم وأهوائهم.. هم لا يختلفون عن المشركين الذين يصنعون آلهتهم بأيديهم.

48. [الدلالة والهداية] مهمتك دِلالة الخلق على الحق الأصيل والقيم الرفيعة بأدب وصدق وتواضع، لا هدايتهم إليها؛ فالهداية لله وحده.

49. [الحب والمحبوبية] علامة صدق حبك له حرصك على الاتصاف بصفات من يحبهم.. فلا حبيب إلا وهو يحب أن يكون حبيبا لمحبوبه.

50. [الأعراق والهداية] جلت هداية الله أن تنحصر في عرق دون عرق، أو أمة دون أمة.. فالله أعدل من أن يفرق بين خلقه، وهو الرحيم بهم جميعا.

51. [العدل والتنوع] لا يشككنك في عدله ما تراه من تنوع اختباراته؛ فحكمة التمييز تقتضي ذلك، كما يقتضي العدل ألا يضيع حق، ولا يستوي مجتهد مع مقصر.

52. [التعظيم والألفاظ] علامة تعظيمك لربك اجتهادك في انتقاء الألفاظ التي تشير إليه، أو تتحدث عنه؛ فقد تقع في سوء الأدب معه من حيث لا تشعر.

53. [العلم اللدني] خاب من تخرج من جميع مدارس الدنيا، ولم يظفر بالدراسة في المدرسة الإلهية التي أتاحها الله لكل قلب سليم ليتعلم من العلوم اللدنية.

54. إن توهمت أن لله مكاييل مزدوجة يفاضل فيها بين البشر والأمم بناء على أزمنتهم لا على أعمالهم ومواقفهم؛ فأنت لا تعرف ربك وتسيء الظن به.

55. مع أن الله قال لنبيه: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: 128] إلا أن المتألين على الله زعموا أن الأمر كله بأيديهم، برضاهم يرضى الله، وبسخطهم يسخط.

56. المغيبات التي استأثر الله بعلمها أكثر من أن تنحصر في الخمس المذكورة في القرآن؛ فالمشهود ليس سوى قطرة في بحر المغيب.

57. ما أجهل ذلك الذي توهم أن علم الله محصور فيما كتب في اللوح المحفوظ، مع أنه ليس سوى قطرة من محيط علم الله الذي لا حدود له.

58. ما أجهل ذلك الذي توهم انحصار الكون في السموات والأرض.. فأكوان الله أعظم من أن تحيط بها العقول، أو تحصيها العلوم.

59. [شيطان الأهواء] احذروا من الأهواء التي تلبس لباس الدين والفلسفة؛ فما تمكن الشيطان من إغواء الإنسان إلا بتلك الأهواء.

60. [الغيب والهوى] كل حقيقة غيبية لا يشهد لها العقل المجرد، أو الوحي المؤيد، زخرف من القول، قد يبهرك جماله، لكن حقيقته مرة سامة قاتلة.

61. [يوم الحسرة] لا تتوهم أن يوم الحسرة مؤجل إلى الدار الآخرة.. بل هو يوم مشؤوم طويل يبدأ من اللحظة التي تجرأت فيها نفسك الأمارة على ربها الكريم.

4. الإيمان والإلحاد

1. الإيمان هبة إلهية لا تُكتب إلا في القلوب الرقيقة اللينة، أما الغليظة المستكبرة فبينها وبينه مقدار ما فيها من خراسانات الكبر والغلظة.

2. لا يصرفنك عن الإيمان انصراف المؤمنين عن لوازمه؛ فالحلي والحلل الثمينة تبقى غالية وجميلة بغض النظر عمن تحلى بها.

3. أنا أحدثه عن الإيمان، وهو يحدثني عن البنيان، وهل ينفع البنيان من دون إيمان؟.. ابنِ إيمانك أولا، ثم استعل في البنيان كما شئت.

4. كما أن تذوق الشعر والموسيقى يحتاج شفافية خاصة لا يفقهها إلا أهلها؛ فكذلك الإيمان، لا يشعر به وبلذته إلا من زينه الله في قلبه.

5. عجبا للغافل الذي يمتلئ إعجابا بمن اكتشف بعض مظاهر إبداع الصنعة الإلهية، ثم يستكبر عن أن يسبح بحمد الذي أبدعها وصممها وصنعها.

6. إن نظرت إلى الكون بعيني الفيزياء والفلك بعيدا عن الإيمان، فلن تراه إلا مظلما قاسيا عبثيا، والإيمان هو وحده من يهبه جماله وبهاءه.

7. مشكلة الملاحدة أنهم يرمون كل ما وقع من انحرافات ومجازر إلى الأديان، وينسون أن عدد قتلى المتدينين لا يساوي شيئا أمام قتلى الملاحدة.

8. الإلحاد عقد نفسية وليس حججا عقلية، لأن الذي ينكر المعجزات لانتفائها مع قانون العلية، لا يعلم أن الكون العاجز نفسه معجزة.

9. الوفاء والتضحية والشهامة والنبل وغيرها من المكارم لا توجد في قاموس الملحد، لأنه يفتقد الرؤية الكونية التي تؤسس لها وتدفع إليها.

10. لا عزاء للملحد، لا هنا ولا هناك، لأنه يعيش العبثية والجبرية والتشاؤم، فهو لا أمل عنده في مستقبل، ولا فرح له بواقع.. العزاء فقط للمؤمن.

11. نحن نتألم لما أصاب الصالحين من نيران الألم والبلاء، وهم يتألمون لما فاتنا من مواهب الرضى والتسليم والبرد والسلام.

12. لو كان التسليم المجرد لله وحده ينفع من دون عمل صالح لما قال الكفار يوم القيامة: ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 12].

13. الملحد الذي يتعلل لإلحاده بإدراكه بعض أسرار الصنعة الإلهية مثل اللص الذي يتوهم أنه امتلك بعض المنازل لأنه صار بحوزته صور مفاتيحها.

14. المؤمن العالم تزيده معرفته بالكون خشوعا وإخباتا ومحبة، والملحد الأحمق تزيده كبرا وعنادا وجفاء، ولا يغني عنه علمه شيئا.

15. مع أن ثمود كانت متطورة جدا بالنسبة لأهل عصرها، إلا أن صالحا لم ينظر إلى تطورها بقدر ما نظر إلى تجبرها؛ فالصالحون لا يلهيهم العمران.

16. لو ملك الملحد كل شهوات الدنيا، وتربع على أعلى مناصبها، فإنه لن يسعد باللذة التي يعيشها مؤمن جائع مريض في كوخ حقير.

17. بربكم أي قيمة للحياة إذا عرفنا أن نهايتها الموت، وأن المجرم لن ينال عقوبات إجرامه، والمحسن المضحي لن ينال ثواب إحسانه وتضحيته؟

18. الملاحدة مساكين، لأنهم يخرجون من الدنيا من غير أن يتذوقوا أجمل ما فيها، ليفاجؤوا في الآخرة بما لم يسمح لهم إلحادهم بالاحتياط له.

19. لذة العفاف التي يسميها الملحد كبتا لا تساويها ولا تدانيها ولا تقارن معها كل المستنقعات التي غرق فيها الذين وقعوا في حبائل غرائزهم.

20. العزاء الذي يجده المليونير الذي سجن بضعة أيام عند تذكره لقصوره وأمواله أقل من عزاء مؤمن فقير لتذكره للنعيم المخصص له في دار الخلود.

21. الإيمان وحده من يعطي للحياة طعمها ولذتها وجمالها، وكلما تعمق أكثر كلما كانت الحياة أكثر طيبة وسعادة ولذة وجمالا.

22. كما أنه لا يكفي أن تطالع كتب السباحة لتصير سباحا، فكذلك لا يكفي أن تقرأ الكتب لتصير مؤمنا، فالإيمان يحتاج محلا صالحا ونظيفا في قلبك.

23. الإيمان أجمل زهرة في بستان حياتك، إن لم تسقها بماء الورع والتقوى والاستقامة، فستذبل ويذبل معها كل جميل في حياتك.

24. الاقتناع هو الأرضية العقلية للإيمان، وهو لا يكفي دون توفر الأرضية النفسية التي بها يتم إذعان النفس لما اقتنع به العقل.

25. الدين يبدأ به لا بك، وينتهي إليه لا إليك؛ فأنت المسافِر لا المسافَر إليه، لكنك لن تصل إليك إلا إذا وصلت إليه.

26. وقوفنا مع بعض الباحثين والمفكرين في مواجهة التطرف لا يعني وقوفنا معهم في التشكيك في الحقائق والثوابت؛ فالمرض لا يُعالج بمرض.

27. الهداية ليست سلعة مجانية، بل هي منحة ربانية لمن وفر لنفسه القابلية؛ فجوهرتها المقدسة تأبى أن تسكن في المزابل مع الحيات والعقارب.

28. الملاحدة الذين يستدلون بالخرافات الموجودة في الأديان على عدم وجود الله كالمرضى الذي يستدلون بالموت على عدم صحة وجدوى العلوم الطبية.

29. الخرافات الموجودة بين أهل الأديان تدعوك إلى البحث عن الحق؛ فالله أجل من أن يدع خلقه من دون أن يكون فيهم من هم أهل حقيقيون للحق.

30. جدل الملاحدة تصوير واقعي لقول ربنا: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر: 14 ـ 15].

31. وجود الخرافات في الأديان لا يدل على عدم وجود الله، وإنما يدل على وجود الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وهو ما اتفق عليه كل العقلاء.

32. العقلاء يفرقون بين الإيمان بالله كقضية عقلية علمية، والموقف من الأديان كواقع موجود يستدعي البحث للوصول للدين الحقيقي.

33. الملحد مثل المزكوم الذي لا يشم الروائح، والأعمى الذي لا يميز الألوان.. المشكلة ليست في الروائح والألوان، وإنما في أجهزة استشعارها.

34. الإلحاد الجديد ليس سوى إطار مزخرف للإلحاد القديم؛ فالشبهات نفسها لكنها مطعمة ببعض المواد المهلوسة والمخدرة التي تناسب الجيل الجديد.

35. القرد الذي استعمله الإلحاد القديم لتبرير الصدفة استبدله الإلحاد الجديد بقرود عديدة وأكوان متعددة ليبرر ما لا يمكن تبريره.

36. لو أظهر الله بعض الإمكانات والقدرات الموجودة في الجنة، لاكتشف المنبهرون بالتقانة الحديثة أنهم لا يزالون يعيشون في العصر الحجري.

37. الذين يفرحون بمنتجات العلوم، ويسخرون من ربطها بالله، كالذين يأكلون الثمار، ويسبون الأشجار التي أنتجتها.

38. العلم لن يحجبك عن الإيمان، بل يجعلك تستشعر لذته، لأنك تعلم أن وراء كل علم ومعلومة معلما وعالما ومبدعا.

39. تصرفات الجسيمات في الكوانتم لا تدل على العشوائية، وإنما على الوعي والعقل المدبر والانتظام الذي لا يمكن إدراكه أو التحكم فيه.

40. مع احترامنا للفيزياء إلا أن التوغل فيها بعيدا عن الإيمان قد يجعل صاحبها يشعر بأن الكون مجرد أجسام تتحرك بدون روح ولا هدف ولا وعي.

41. من يريد أن يعرف غايات الكون يحتاج إلى الإحاطة به أولا؛ فلا يمكن لمن لم يعرف الإنسان معرفة غايات أعضائه.. والكون إنسان كبير.

42. العاقل هو الذي يعبر من الحس إلى المعنى.. ومن الشهادة إلى الغيب.. ومن نفسه إلى ربه.. من الكون إلى المكوّن.

43. عدم قدرتك على تصور بعض الأمور لا يعني عدم وجودها، فالتصور خاص بالصور التي تدركها الحواس؛ والعالَم أعظم وأكبر من أن تحبسه في حواسك.

44. الله يسمي الشمس سراجا، ونحن نعرّفها بالكرة الملتهبة.. لأننا نرى ظاهرها، والله يرى حقيقتها ووظيفتها وسر خلقه لها، وشتان بين الرؤيتين.

45. أخطر الجهل أن تتصور أن العلوم الكونية قاصرة على غير المتدينين، وكأن الله الذي علم الملحد والجاحد عاجز عن تعليم عبده المؤمن.

46. أخطر ما أصاب العلوم الكونية أدلجتها؛ فلذلك تحولت من علوم تبحث في خصائص المكونات لتستفيد منها إلى البحث في حقائقها لتجادل بها.

47. يحق للحضارة الغربية أن تفتخر بمنجزاتها المادية، لكنها إن ظلت على إهمالها للقيم الروحية، فستُصنف ضمن الحضارات البهيمية المتطورة.

48. لم يلحد الملاحدة بسبب عدم الأدلة على الله؛ فكل شيء يدل عليه.. وإنما بسبب الران الذي طغى على قلوبهم، والحجب التي جعلوها بينهم وبينه.

49. العقاب الإلهي حتى لو كان عقوبة ومهانة فهو أيضا تأديب وتربية، وهما لا يتعارضان، فالعاقل الذي يُعاقب ويهان قد يعتبر ويتأدب ويصلح حاله.

50. كل الإشكالات التي يطرحها الملحد حول العدل الإلهي لا يمكن فهمها إلا بالإيمان بالقيامة، وهو لا يؤمن بها، ولذلك لن يفهم الجواب أبدا.

51. تحية لعالمة الفضاء التونسية التي عبرت عن دور تخصصها في تعميق إيمانها بالله، وتعسا لقساة القلوب الذين راحوا ينتقدونها بسبب ذلك.

52. نعم أنا أنكر تطور الإنسان من حيوان، لأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم، لكني لا أنكر تطوره إلى حيوان، لأن القرآن أقره والواقع أكده.

53. وجود التقارب بين جينات الكائنات الحية لا يدل على تطور بعضها من بعض، وإنما على كون مصممها ومبدعها وخالقها واحد.

54. وجود حفريات لما يُطلق عليه [الإنسان القديم] لا يدل على التطور، فقد يكون خلقا منقرضا، ولا علاقة له بآدم الذي ذكرته كل الكتب المقدسة.

55. حرص الغرب على نظرية التطور ودعمها ليس لكونها حقيقة علمية وإنما لكونها الأساس للفلسفات المادية التي قامت عليها حضارتهم.

56. أرجو من الذين يؤمنون بنظرية التطور أن يتأملوا في تطور الحواسيب.. فهل نبع الجيل الثاني والثالث من الأول؟.. أم أن كل جيل صنع صناعة خاصة؟

57. كما أن الرسام لا يحتاج إلى طفرة في الألوان ليخرج لوحة جديدة؛ فالله لا يحتاج لطفرة في الجينات لينشئ خلقا جديدا؛ فهو الخلاق البديع.

58. حتى الروائي والشاعر والرسام ينفر من كون إبداعه مجرد تطوير لعمل سابق؛ فكيف تريدون من الخلاق البديع أن يكون إبداعه مجرد تطوير؟

59. ستظل نظرية التطور مجرد فرضية لا حظ لها من العلمية ما لم يتمكن المدافعون عنها من إخضاعها للتجريب، وذلك مستحيل.

60. مثلما فشلت الكثير من النظريات في قبولها علميا بسبب عدم التمكن من التحقق منها؛ فهكذا مصير نظرية التطور لولا الدعم المتعمد.

61. تأملوا في قوله تعالى: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ [الروم: 21] لتعلموا أنه لو أن آدم خلق من سلف من البشر كما تذكرون لذكرهم، ولم يذكر خلقه من تراب.

62. لو كان آدم ابنا لخَلق سابق لما فرق الله بين طريقة خلقه وخلق ذريته فقال: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ [السجدة: 7-8].

63. أليس من العجب أن ينكروا الإعجاز العلمي للقرآن في الحقائق العلمية الثابتة، في الوقت الذي يستدلون فيه على فرضية التطور بالقرآن؟

64. من الحيل التي يمارسها المدافعون عن فرضية التطور اتهام المخالفين لهم بعدم التخصص، وكأنهم لا يعلمون أن كبار المتخصصين يرفضونها، وبشدة.

65. ما دمتم تتفقون معي على أن نظرية التطور لم تثبت كحقيقة علمية، ولن تثبت أبدا؛ فلم الاستماتة في إنعاشها، وهي تحتضر لولا دعمكم؟

66. ينظر دارون وتلاميذه التطوريون إلى المرأة بعنصرية(1)، لأنه يرى أنها أقل تطورا من الرجل، ولذلك يحق له أن يطبق عليها قانون البقاء للأقوى.

67. إنكاري على فرضية التطور ليس لعلاقتها بالإيمان والإلحاد، وإنما لعلاقتها بالعنصرية، وتكلفها البحث فيما لا طاقة للعلم التجريبي به.

68. النظام المهيمن في الغرب يتعامل مع فرضية التطور مثل تعامل مارك معنا؛ فهو يحظر كل من لا يتماشى مع الأعراف التي حددها ويعتبرها جهلا.

69. أكثر الذين يدافعون عن فرضية التطور لم يطلعوا على تفاصيلها وأدلتها وإنما كان ذلك منهم حرصا على سمعتهم العلمية وإلا فهم مجرد مقلدين.

70. تغير موقف المتدينين من فرضية التطور، لا يعود لبحثهم فيها، وإنما لنفورهم مما كانوا عليه، فلذلك عالجوا تطرفا قديما بتطرف أكثر تطورا.

71. لا عجب أن يستغرب الملحد وجود الإنسان فجأة على الأرض، لكن العجب من استغراب من يؤمن بأن الله خلق آدم وأدخله الجنة ثم أنزله منها.

72. ما موقف الذين يؤولون ماورد في القرآن عن خلق الإنسان لأجل فرضية التطور من الأحاديث الكثيرة الواضحة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى.

73. لن توحد ربك حق توحيده حتى توقن بكل ما قاله أو دعا إليه، حتى لو أطبق جميع العالمين على رفضه أو السخرية منه؛ وإلا فأنت تشرك به غيره.

74. يمكن اعتبار نظرية الخلق الجديد التي نص عليها قوله تعالى: ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [ق: 15] هي النظرية العلمية البديلة لنظرية التطور الداروينية القديمة أو الحديثة، والتي وجهت لها إشكالات كثيرة تجعل من المستحيل أن تتحقق بالعلمية المطلقة.

75. لو لم تخدم نظرية التطور المشاريع الغربية العنصرية لما اهتموا لها كل هذا الاهتمام؛ فالغرب يصبغ كل ما يتلاءم معه بصبغة العلم.

76. احذروا العلم المزيف الذي لا يستند للبرهان العقلي والتجربة العلمية، وإنما للمؤسسة الكبرى التي تبنته، أو العالم المشهور الذي أيده.

77. نظرية الخلق الجديد لا تلغي وجود تقارب بين المخلوقات.. وإنما تعني أن الله تعالى باعتباره خلاقا، لا يطور الخلق السابق ليتحول إلى خلق جديد، وإنما يخلقه ابتداء، كما صور ذلك بدقة عند ذكره لخلق آدم عليه السلام، والذي ورد في النصوص الكثيرة القرآنية والنبوية أنه خلق من طين، ومن حمأ مسنون.. وكما صوره بدقة عند ذكره لناقة صالح عليه السلام، والتي أخرجها آية من آيات الله، كما قال تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الأعراف: 73]، وقد كان لهذه الناقة المخلوقة خلقا جديدا من الصفات والمميزات ما لم يكن لسائر النوق، فقد كانت تعطيهم لبنا كثيرا، كما أنها تستقي كثيرا، قال تعالى:﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء: 155].

78. من مقتضيات الإيمان بالبعث الإيمان بالخلق الجديد، فالإنسان عند بعثه لن يتطور من كائن آخر، وإنما سيخلق من جديد من تراب الأرض، وبخصائص جديدة تخالف الخصائص التي ولد بها في هذه النشأة.. ولهذا رد الله تعالى على الذين يفرضون عليه ماذا يفعل، وكيف يفعل، بقوله: ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [ق: 15]، ومعناها ـ كما يذكر المفسرون ـ: (أعجزنا عن الخلق الأول حتى نعجز عن الخلق الجديد؟ أي لم نعجز عن الخلق الأول وهو إبداؤه فلا نعجز عن الخلق الجديد وهو إعادته)، وحتى نقرب هذا للواقع نذكر مثالا مرتبطا باختراع بشري معروف هو جهاز الكمبيوتر وأجياله الكثيرة.. فهل كان الجيل الثاني صناعة جديدة، أم أن المخترعين راحوا إلى نفس الجهاز القديم ينقصون منه ويضيفون، حتى تحول إلى جيل جديد.. لاشك أن الواقع لم يدل على هذا.. بل إن كل جيل من الأجيال يقتضي أن يصنع صناعة خاصة تتناسب معه، مهما كان القرب بينه وبين الأجيال السابقة.

79. من الأخبار الجميلة التي قصها القرآن الكريم علينا قصة المسيح عيسى عليه السلام، وما آتاه الله من قدرات على إحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص.. والتي وصلت إلى حد القدرة على الخلق بإذن الله.. والتي وردت في مواضع من القرآن الكريم، وبصيغ متعددة، منها قوله تعالى على لسان المسيح معبرا عن فضل الله عليه:﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: 49]، ومنها منة الله عليه بالقدرة على ذلك، قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي﴾ [المائدة: 110].. وهذه الآيات فيها رد شديد على أولئك الذين يحيلون على الله أن يخلق أي أمة من الأمم ابتداء، ويتصورون أنه يفتقر إلى أن يطور خلقا سابقا، ليحصل منه خلق جديد، وكأنه عامل في مصنع، أو مخترع في مخبر، وليس قادرا على كل شيء.. يخلق ما يشاء.. متى يشاء.. كيف يشاء.

80. دعاة التطور من المسلمين يصادمون النصوص الصريحة التي تنص على أن آدم عليه السلام خلق من تراب، ومن طين، ليحولوه إلى كائن متطور على كائن سابق، وأن تلك التسوية التي ذكرها القرآن الكريم ليست سوى ألفاظا عبثية اعتباطية لا دلالة حقيقية لها.

81. مشكلة دعاة التطور من المسلمين أنهم في تكلفاتهم يربطون ذلك بالقرآن الكريم، فيستدلون بقوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]، ويلبسون على أنفسهم وعلى الناس، بأن الله شبه المسيح بآدم غافلين عن أن المشبه به لا يساوي المشبه في كل الوجوه.. وغافلين عن أن الله تعالى ما ذكر ذلك إلا ليبين أن له الإرادة المطلقة، ولذلك ـ كما خلق آدم عليه السلام ـ من غير أبوين، فهو قادر على خلق المسيح من غير والد.

__________

(1) هذه بعض النصوص المثبتة لذلك مع مصادرها:

1 ـ يقول داروين في [Darwin، The Descent of Man p326.]: (المرأة أدنى في المرتبة من الرجل وسلالتها تأتي في درجة أدنى بكثير من الرجل)، ويقول: (المرأة لا تصلح إلا لمهام المنزل وإضفاء البهجة على البيت.. فالمرأة في البيت: أفضل من الكلب للأسباب السابقة) [Charles Darwin، The Autobiography of Charles Darwin 1809-1882،pp. 232-233]

2 ـ المادي التطوري فوجوت أستاذ تاريخ الطبيعة بجامعة جنيف: (لقد أصاب داروين في استنتاجاته بخصوص المرأة!!.. وعلينا صراحة أن نعترف بالأمر.. فالمرأة أقرب طبيعيا للحيوان: أكثر من قربها للرجل) [Carl Vogt، Lectures on Manp. 192]

ويقول: (المرأة بوضوح: إعاقة تطورية حدثت للرجل!!.. وكلما زاد التقدم الحضاري كلما زادت الفجوة بين المرأة والرجل!!.. وبالنظر إلى تطور المرأة فالمرأة تطور غير ناضج) [Stephanie A. Shields، "Functionalism، Darwinism، and the Psychology of Women: Ap. 749]

3 ـ تقول الداروينية إيلين مورجان Elaine Morgan: (استخدم داروين تأصيلات علمية في تأكيد أن المرأة في رتبة أقل من الرجل بيولوجيا بكثير! وأعطى إحساسا للرجل بأنه سيد على المرأة: من منظور دارويني مجرد) [EIaine Morgan، The Descent of Woman p. 1]

4 ـ يقول العالم التطوري الشهير جول ديوانت John R. Durant: (كان داروين يؤمن إيمانا عميقا بأن مرتبة المرأة: أقل بكثير من مرتبة الرجل! خاصة عند الحديث عن الصراع من أجل البقاء.. وكان يضع الـبُـله والمُعاقين والمتخلفين والمرأة: في خانة واحدة! وكان يرى أن حجم مخ المرأة وكمية العضلات بها بالقياس بتلك التي لدى الرجل: لا تسمح لها أن تدخل في صراع من أجل البقاء مع الرجل!!.. بل يرى فيها نوعا من القصور البيولوجي الذي لا يمكن تداركه) [John R. Durant، "The Ascent of Nature in Darwin's Descent of Man" p. 295]

5 ـ يقول العالم التطوري الشهير جوستاف ليبون Gustave Le Bon: (حجم المخ الخاص بالمرأة: يكاد يطابق ذلك الخاص بالغوريلا!!.. المرأة تأتي في المرحلة السفلى من مراحل تطور الإنسان)، وقال: (المرأة أقرب بيولوجيا للهمج: أكثر منها للإنسان الحديث المتحضر!!.. لكننا نستطيع أن نستوعب المرأة كاستثناء رائع لحيوان مُشوه: أتى بنتيجة على سلم التطور) [Gould، The Mismeasure of Man، p.105]

6 ـ يقول جيري بيرجامن Jerry Bergman: (إن تاريخ الداروينية: هو تاريخ ازدراء للمرأة: باعتبارها أدنى من الرجل).

5. العرفان والكلام

1. أساس الدين معرفة الله.. وأي انحراف فيها يهدد بنيان الدين جميعا؛ فاحذر أن تبني دينك على شفا جرف هار.

2. كل الإشكالات التي وقع فيها الصوفية المتأخرون بسبب خوضهم ـ كما يقولون ـ في بحر الذات.. ولو التزموا حدودهم لما غرقوا فيها.

3. حين تتواضع، وتكتفي من معرفة الله بتنزيهه وتعظيمه والتعرف على أسمائه الحسنى.. سيزول عنك كل الران الذي أنشأه الجدل والأوهام.

4. كل ما حصل من أخطاء في العقيدة والعرفان سببها ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: 153]، والبحث عن الذات التي نهينا عن البحث عنها.

5. عدم امتثال وصايا النبوة في النهي عن البحث عن الذات الإلهية هو الذي أوقع السلفية في التجسيم، وبعض الصوفية في وحدة الوجود.

6. المفهوم الصحيح للتجلي الإلهي هو اعتبار كل شيء من آثار أسماء الله الحسنى وصفاته العليا.. لا تجلي الذات كما يزعمون.

7. معرفتك لربوبية الله لعباده هي التي تحميك من كل الإشكالات التي تعترضك في العروج إليه، ولذلك ردد دائما بيقين: الحمد لله رب العالمين.

8. العقول العشرة التي تلاعبت بعقول الفلاسفة الأوائل هي نفسها التي تلاعبت بعقول الصوفية المتأخرين.. ولو عقلوا عن الله لاكتفوا بعقولهم.

9. العرفان الذي أؤمن به هو المستمد من القرآن والنبوة وأئمة الهدى، وما عداه اختلط فيه الحق بالباطل، والصفاء بالشوائب؛ فعسر التمييز.

10. لا يعجبني وضع صور الرقص المولوي الصوفي شعارا للعرفان أو المحبة الإلهية.. الأولى منه السجود؛ فهو علامة القرب، والقرب علامة المحبة.

11. مثلما كان لابن تيمية تأثيره السلبي لدى السلفية كان لابن عربي تأثيره السلبي لدى الصوفية؛ فأولهما عقلن التجسيم والثاني عقلن الخرافة.

12. للذين طالبوني بالأدلة على دور ابن عربي في نشر الخرافة اقرؤوا ما ذكره حول أصناف الأولياء والتصريف المتاح لهم وتأثير ذلك على من بعده.

13. لا تستبدلوا أصنام الخشب بأصنام الحجارة.. فالأصنام تبقى أصناما مهما تنوعت المواد التي صنعت منها.

14. بربكم عندما يذكر ابن عربي أن المنتسبين لآل بيت النبوة وفي جميع العصور يُحشرون مغفورا لهم مهما كانت جنايتهم، ماذا تنتظرون منهم؟

15. أنت تتمسك بابن عربي، وهو يتمسك بابن تيمية، وآخر بشيخ من المشايخ، وتقولون بعصمتهم من حيث لا تشعرون.. فكيف يتم التصحيح؟

16. بربكم كيف يمكنني أن أكون منصفا وأنا أنكر على ابن تيمية كتابه حول العرش وخارطته حوله وحول الكون، ثم لا أنكر على ابن عربي نفس الخارطة وبصيغة أخرى لا تقل شناعة؟

17. أتعجب من الذين يتوهمون أن موقفي من ابن عربي تحول جديد مع أنه منشور في أكثر كتبي.. فأنا ضد الخرافة سلفية كانت أو صوفية.

18. أعلم أن أكثر أصدقائي لهم تعلق بالتصوف.. لكن حرصي عليهم ومحبتي لهم لا تمنعني من أن أقول الحقيقة التي أؤمن بها حتى لو آذتهم.

19. قال لي: ما دمت تنتقدنا؛ فما الفرق بينك وبين السلفية؟ قلت: بسيط.. هم يكفرونكم ويبيحون دماءكم، وأنا أقول بإسلامكم وأخوتكم بل وصلاحكم.

20. ما دمتم تذكرون أن كل خرافة تُنسب إليه مدسوسة؛ فإما أن تحذفوها من كتبه، أو تنسبوها لمن دسها، أو تعطوا الحق لمن يريد التحذير منها.

21. بربكم أنبئونا: ما دمتم تذكرون أنكم لا تقولون بعصمته؛ فما المانع من مناقشة مقالاته وأطروحاته؟

22. أنتم تذكرون أن كل كتبه أو جلها كانت إلهاما إلهيا مقدسا.. فما الفرق بينها وبين القرآن؟

23. ألا ترون أنكم تنزلون كلماته أكثر مما تنزلون أحاديث رسول الله نفسها.. ذلك أنكم تضعفون بعضها، بينما تصححون جميع أحاديثه؟

24. أليس من العجيب أن تأخذوا عقائدكم عن الوجود والكون والحياة من غير معصوم، وبغير أدلة عقلية أو نقليه.. وليس لكم من دليل سوى التسليم؟

25. نعم هو(1) أثنى على الإمام علي، لكنه أثنى كذلك على أعدائه، وأثنى على الإمام الحسين، ولم ينس أن يثني على من هدم قبره، بل اعتبره وليا.

26. اسألوا المفسرين والمحدثين عن صاحب الأذن الواعية الذي أشاد به القرآن، لتعلموا أن أولى الناس بالإمامة أكثرهم وعيا وبصيرة واستشرافا.

27. هو يذكر ابن تيمية كل حين وفي كل مسألة، ويشيد به، لكن إن ذكرت عليا قال: أين باقي الصحابة؟.. ولم يسأل نفسه: أي باقي العلماء؟

28. من دلائل حقدك على العترة الطاهرة أن يختلف العلماء في تصحيح حديث في فضلهم فتميل نفسك إلى تضعيفه مع أنك لست محدثا لترجح لكن حقدك رجح.

29. نعم ابن تيمية مدرسة في النصب، لكن بعض التلاميذ تفوقوا على أستاذهم، وخصوصا العملاقان المبدعان: عثمان الخميس، وطه الدليمي.

30. يمكنك أن تقنع من شئت بانحراف الفئة الباغية، لكنك لن تستطيع أن تقنع من يرى أن الفئة الباغية فئة صالحة مستدلا لذلك بالإلهام والكشف.

31. هو معجب به لدرجة الانبهار؛ فإذا سألته: هل فهمت كتبه؟ أجابك: ومن أنا حتى أفهم كتبه.. لا يفهم كتبه إلا من كان مثله.. ولا يوجد مثله.

32. فرق كبير بين ذلك الورع الذي لا ينقل لغيره ما كشف له، وبين ذلك الذي يذكر كل شيء ليؤسس ما لا دليل عليه سوى الكشف والإلهام.

33. العارف الكامل من دلك على ربك، وأعانك على السلوك إليه، والناقص من دعاك إلى نفسه، وشغلك بمشاهداته وكشفه عنه.

34. العارف الكامل من اكتفي بتحبيب ربك ونبيك والصالحين لك.. والناقص من شغلك بأخباره التي تصرفك عنهم.

35. [وحدة الوجود] مصطلح يتسع لكل المعاني الإيمانية الرقيقة، كما يتسع لكل ما يضادها ويناقضها؛ فلذلك كان الحكم عليه مطلقا جورا وجهالة.

36. لا حرج عليك في أن تشهد الوحدة في كل الوجود؛ فذلك كمال، ولكن الحرج في أن تفسر خلق الموجودات وفق ما شهدته؛ فتلك جرأة.

37. لوحدة الوجود الباطلة صورتان: روحية ومادية.. وقد اجتمعتا على أمرين: إما على نفي الإله.. أو نفي الكون.

38. مما يدلك على كون الإمام إمام هدى نسبته لعلومه للنبوة، ورجوعه إليها في كل شيء.. لا لإلهامه ولا لكشفه ولا لحدسه ولا لعقله.

39. يصف مشاهد عن القيامة والجنة والنار، ويخبر عن أحداث مفصلة، لا دليل له عليها سوى الكشف، ثم يقال: هذه ليست إضافات جديدة للعقيدة.

40. نحن لا ننكر الإلهام، ولكن ننكر على الذي يحول منه إلى دروس جديدة في العقيدة والشريعة يضيفها للدين؛ فلا يضع العقائد والشرائع إلا نبي.

41. العاقل هو الذي لا ينقل لغيره ما كشف له عنه ما لم يكن له من البراهين ما يدل عليه؛ فثبوت الشيء لك لا يستلزم ثبوته لغيرك.

42. تسليمك للأولياء لا يعني استسلامك لكل ما يذكرونه؛ فالله ضمن العصمة في الكتاب والسنة ولم يضمنها في الإلهام والكشف.

43. كل من يعدك على أي عمل بأي أجر محدد مقدر من غير نص صريح من معصوم، أو استنباط منه مدع؛ فمقادير الأجور غيب لا يتاح إلا للمعصومين.

44. كيف تريد أن يعمر الله قلبك بتعظيم النبوة والاستغناء بها، وقد جعلت بينك وبينها آلاف الحجب، كل منها يدعي النبوة من حيث لا يشعر؟

45. شتان بين ذاك الذي سلم قلبه من كل اعتقاد خالف الوحي، أو زاحمه، وبين ذاك الذي ازدحم على عقله ودينه كل أنواع الدخن والدجل والخرافة.

46. سرد عليهم ما حفظه من المعارف القرآنية والنبوية؛ فما اهتم به أحد؛ فراح يسرد عليهم ما قال الشيوخ؛ فسموه عارفا بالله.

47. عجبا للذي يطلب الحقائق من غير مشكاة النبوة، ألم يسمع قول الأمين لأكبر تلاميذه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي؟

48. العارف الحقيقي هو الذي يجعلك أهلا لتنزل العلوم اللدنية، لا الذي يمليها عليك.

49. إن خطر على بالك عند سماعك لكلمة (العارف) الأنبياء وأئمة الهدى؛ فأنت على الصراط المستقيم؛ وإلا فأنت على صراط من خطروا على بالك.

50. لا أنكر على الصوفية الأذواق الرفيعة، ولا القيم النبيلة؛ ولكني أنكر على من يتجرأ منهم على مزاحمة النبوة؛ فرحم الله من عرف قدر نفسه.

51. ألا ترى أنك تسيء للحقائق عندما ترى أنه لم يعبر عنها إلا شيخك، وأنه بذلك صار لسان العارفين؛ فأين الرسل الهداة والأئمة التقاة؟

52. ألا تعتبر بتلك الأخطاء الفظيعة التي امتلأت بها كتب شيخك؛ فتزيل عنك تلك الهالة من التقديس؛ فتتعامل معه كما تتعامل مع سائر المشايخ؟

53. أنت بين أمرين: إما أن تذكر أن الرسل وورثتهم بحق قصروا في واجب البلاغ والبيان، أو أن من استدرك عليهم قصر في اتباعهم والتزام هديهم.

54. أنت بين أمرين: إما أن تعتقد بأن الإلهام غير معصوم؛ أو أن تغربل كل ما ادعي فيه الإلهام بمنخل التمييز المقدس.

55. لو أنا طبقنا حديث العرض على القرآن على ما يذكره المشايخ عن إلهاماتهم لحمينا أنفسنا من كل خرافة ودجل.

56. الصوفي الذي يعتبر شيخه شيخا أكبر من المناقشة والنقد لا يختلف عن السلفي الذي يعتبر شيخه شيخ الإسلام؛ فكلاهما ضحية الانبهار.

57. صدق من قال: إنا نستسقي بقوم ولا نقبل حديثهم؛ فالصلاح الظاهر لا يعني الهداية.. وحدثاء الأسنان من أكثر الناس عبادة وأعظمهم ضلالا.

58. مقولة (كل كرامة لولي معجزة لنبي) وإن كانت صادقة في دلالتها إلا أنها جعلت الفرق بين النبوة والولاية مجرد فرق لفظي لا أهمية له.

59. الحكمة التي لا تتعالى على سفاسف الفلاسفة وشطحات الصوفية ليست حكمة متعالية.

60. أيهم أولى بالتسليم له: رسول الله الذي حذر من الدجل والدخن، أم مشايخك الذين يلقنونك من حقائق الدين ما لم يدل عليه دليل ولا برهان؟

61. عجبا لذاك الذي يزعم أنه عارف بالله، ثم يعتقد بأن خاتم الرسل يتلقى معارفه عن الله والوجود من مدد خاتم الأولياء الذي هو شيخه الأكبر.

62. عجبا للذي يلقي بكل اللعنات على المنحرف الذي تلاعب به الشيطان، ثم يتورع عن نقد المحرف الذي أصبح شيطانا يتلاعب بالخلق.

63. كل ما حصل في الأمة من انحراف سببه السكوت عن أئمة الضلال الذين حذرنا منهم رسول الله، واعتبرهم مصدر الهلاك الأكبر.

64. من خدع الشيطان لإضافة عقائد جديدة للدين، تسمية الدخيل المبتدع معارف، وتسمية مصادرها كشفا وإلهاما، وتسمية الدعاة لها عارفين وعرفاء.

65. يكذب على نفسه ذاك الذي يدعي الجمع بين المناهج الكلامية والمشرب الأكبري؛ فكلاهما يتهم الآخر بالقصور والنقص، أو بالضلال والبدعة.

66. أليس من العجب أن تدعي ولاءك لأئمة الهدى الموصى بهم، ثم تأخذ أهم معارف الوجود من إلهامات وكشوف غيرهم؟

67. للذين يتهموني بالتجني على ابن عربي والقائلين بوحدة الوجود: اقرؤوا رسائل أحمد السرهندي وكبار أعلام النقشبندية في الرد عليه وعليها.

68. كل الانتقادات التي وجهت لي تذكرني بأن ابن عربي وغيره أولياء الله ولا يجوز مناقشة ما يذكرونه.. وهذا ورع بارد، وليس نقدا علميا.

69. كل محاولات التوفيق بين الوحي المقدس والإلهام والكشف والحدس فاشلة؛ لأنها ترفع أصحابها إلى مصاف الأنبياء.. وأنى لهم ذلك.

70. عجبا لمن يقبل ما شذ من الفلسفة ليقال فيلسوف أو يقبل ما شذ من العرفان ليقال عارف.. وأعجب منهما من دعا إلى التسليم ولو من دون فهم.

71. عجبا للذين يستدلون للتسليم لمشايخهم بما فعله موسى مع الخضر؛ فموسى لم يكن ليسلم للخضر لو لم يدله الله عليه، ويوثقه له.

72. العارف بالله هو الذي يعيش الحقائق الإيمانية ويتذوقها، لا الذي ينافس النبوة بوضع عقائد جديدة؛ فذلك ليس سوى مشعوذ محتال.

73. كل مباحث علم الكلام التي لا تخدم تعميق الإيمان أو الانتصار له، ترف وفضول وتكلف، وقد يكون ضررها أكثرها من نفعها.

74. من يكتفي من علم الكلام ببراهينه القديمة يحتاج إلى أن يرحل إلى العصور التي كُتب فيها ليجيب عن شبهات أهلها؛ فلكل عصر شبهاته وبراهينه.

75. تطوير علم الكلام أو أصول الفقه لا يعني تبديل الكلم عن مواضعه، ولا القرآن عن حقائقه، ولا الألفاظ عن دلالاتها لأن ذلك تحريف لا تطوير.

76. من الجميل أن يفسر الفيلسوف القرآن ليفهمه الفلاسفة، لكن من المعيب أن يفسره ليرضى عنه الفلاسفة، لأنهم يجدون فيه نفس فلسفتهم.

77. لا تحتقر العامي الذي لا يستطيع أن يبرهن لك على حقائق الإيمان؛ فاليقين الذين يملأ قلبه قد لا تستطيع أن توفره لك كل كتب الدنيا.

78. عدم قدرتك على الاحتجاج لما تؤمن به لا يدل على عدم إيمانك أو ضعفه؛ بل قد يعني أنه بديهي بالنسبة لك.. والبديهيات لا تحتاج أي دليل.

79. عدم القدرة على صياغة الدليل لا يعني عدم وجوده، كما أن القدرة على صياغة المقدمات لا يعني صحة النتائج؛ فالحقائق لا تغيرها الألفاظ.

80. نعم العلم علم الكلام لو أن أهله التزموا فيه بالرد على الشبهات، على المنهج القرآني، ولم يتدخلوا في العلوم التي ليست من شأنهم.

__________

(1) أقصد ابن عربي.

6. الفلسفة والحداثة

1. ليس الفيلسوف ذلك الذي يحفظ أسماء الفلاسفة ومقولاتهم ويرددها بانبهار، وإنما ذلك الذي يناقش الأفكار بكل موضوعية وفق رؤية كونية شاملة.

2. الكثير يمدحه بكونه مفكرا وفيلسوفا وقد أخطأوا في ذلك؛ فالثناء لا ينبغي أن يكون له وإنما لإبليس لأن كل أفكاره ليست سوى وساوس شيطانية.

3. لا يمكن لأي فيلسوف أن يؤسس فلسفة شاملة تفسر الوجود والكون والحياة بعيدا عن الدين الصحيح فهو وحده من يملك جواب كل المعضلات الفلسفية.

4. مع أن أكثر الفلاسفة يزعمون أنهم يواجهون السفسطة إلا أن أكثر مقولاتهم المفسرة للوجود والحياة تعتمد نفس مغالطات السفسطائيين.

5. لا تنخدعوا بالكثير من النظريات الفيزيائية التي تركت مجالها في البحث في الكون، وراحت تبحث في الوجود؛ فهي ميتافيزياء لا فيزياء.

6. مجال الفيزياء واضح، وهو الظواهر الكونية، وإقحام الملاحدة الجدد لها في تفسير الوجود والهرب من الحقائق سفسطة، وليست علما ولا فلسفة.

7. عجبا للفلسفة التي تريد أن تتجاوز قدرها؛ فتعرف الحقائق التي لا يمكن معرفتها إلا من خلال تواصل الخالق بخلقه عبر رسله؛ فأين الفيلسوف من الرسول؟

8. مثل الفيلسوف والرسول كشخصين سمعا داقا يدق الباب؛ أما الأول فراح يخمن من يكون، وأما الثاني؛ ففتح الباب؛ ولم يحتج لأي تخمين أو حدس.

9. الفيلسوف الحقيقي هو الذي يستعمل عقله في البحث عن المقدس ليفهمه ويميزه عن المدنس؛ فلا يمكن أن تفسر حقائق الوجود بعيدا عن المقدسات.

10. كما لا يمكن لعقلك المجرد أن يكتشف ما يتذوقه غيرك ويشتهيه؛ فكذلك لا يمكن له بعيدا عن الوحي أن يعرف ما يريده الخالق ويرتضيه.

11. عندما يجتمع الدين الأقوم مع الفلسفة الناضجة تتولد الحكمة، وعندما يفترقان تتولد الزندقة والهرطقة، ويتولد الدجل والخرافة.

12. ألحد عندما كان نصف فيلسوف، وتحول إلى الإيمان عندما نضجت الفلسفة في عقله.. فالفلسفة مثل الفاكهة لا يمكن تناولها قبل نضجها.

13. الإلحاد ليس وليد الفلسفة، وإنما وليد عدم نضجها؛ فيستحيل على الفيلسوف الكامل ألا يكون مؤمنا وعارفا وورعا.

14. المشكلة التي أصابت المؤرخين للفلسفة الإسلامية قصرهم إياها على قوالب معينة، ولو أنهم انفتحوا على جميع القوالب لرأوا العجائب.

15. إذا كان المراد بالفلسفة إعمال العقل لاكتشاف الحقائق والقيم؛ فإن أعظم الفلاسفة هم الرسل وأئمة الهدى؛ فكل كلماتهم مقولات فلسفية.

16. العقل هو نافذة الموجود إلى الوجود، ولذلك هو أعظم شأنا من أن يكون خاصا بالفلاسفة والمتكلمين.. فأعظم الناس عقلا أوسعهم نافذة.

17. أخطر ما أصاب الفلسفة الإسلامية محاولتها التوفيق بين المقدس والمقولات الفلسفية؛ مما جعل الفلاسفة حكاما على القرآن، لا تلاميذ له.

18. مصطلح الفلسفة في العصر الحديث أعم من أن يختصر في تلك المقولات التقليدية؛ فلهذا نذكر فلسفة الصلاة والصيام.. ولا مشاحة في الاصطلاح.

19. للفلسفة حدان: رسمي واقعي يمكنك إنكاره ونقده ورده؛ وحقيقي مثالي: وهو يعني البحث العقلي عن الحقائق؛ هو أرقى من أن يُنتقد أو يرد.

20. من ينكر الفلسفة والعرفان بكلياتها وجزئياتها يشبه من ينكر الطب لخطإ وقع فيه بعض الأطباء؛ فالخطأ يدعو إلى التصحيح لا إلى الإلغاء.

21. إن سلمنا أن للفلسفة دورا في توضح حقائق الدين؛ فعلى أي فلسفة نستند: هل فلسفة المشائين أم الإشراقيين أم الأفلوطينيين، أم غيرها كثير؟

22. كيف يمكن للمدارس الفلسفية التي وقع الخلاف الشديد بينها أن تصبح بديلا للوحي الإلهي أو شارحا له، وهي لم تتفق في أبسط الأمور؟

23. كثرة المشاريع الفكرية في العالم الإسلامي في الفترة الأخيرة لا تبشر بخير؛ ذلك أن الهدف منها صار صاحب المشروع، لا المشروع نفسه.

24. القرآنيون الحقيقيون لا يلغون السنة وإنما يعرضونها على القرآن، كما يعرضون كل شيء؛ فالقرآن هو محكمة الله في أرضه.

25. خطورة الحداثيين ليس في اعتمادهم المناهج العلمية، وإنما في ابتعادهم عنها، واستبدالها بالتلاعب بالمصطلحات لتحقيق الانبهار لا الإقناع.

26. القرآني والحداثي الذي يلغي السنة والتراث مطلقا لا يختلف عن القاضي الذي يحكم بالإعدام على كل من يحتكم إليه من غير نظر في البينات.

27. كيف لا نحدث عامة الناس عن التشويه والانحراف الذي وقع في تدوين السنة وعامة الحداثيين والملاحدة يمتطون هذا لصرفهم عن الدين والنبوة؟

28. احذروا الاستئصاليين من دعاة الثورة على التراث؛ فإنهم لكسلهم بدل أن يميزوا الطيب عن الخبيث راحوا يقضون على الأخضر واليابس.

29. ما أكثر الذين يتقنون فن وضع الحجب على الشمس، ولا يكتفون بذلك، بل يسبونها ويلعنونها ويرسمون الرسوم الساخرة ليضحكوا من وجهها الجميل.

30. كما يقع العتاب على الجريء الذي يدعو إلى استئصال كل شيء في التراث، يقع على الجبان الذي يحرص على كل شيء فيه.

31. المنبهرون بالحضارة الغربية سينبهرون حتما بالدجال؛ فكلاهما أعور لا يرى من العالم إلا صورته المادية.

32. أكثر الناس جهلا بالحضارة الغربية المنبهرون بها؛ ذلك أن الانبهار يجعلهم لا يرون منها إلا ما يراه المحب من محبوبه، والحب يعمي ويصم.

33. مشكلة الحضارة الغربية الكبرى في الأسس المادية التي قامت عليها ابتداء من الصراع مع الدين وانتهاء بنظريات التطور النفسية والاجتماعية.

34. الرفاه المادي المعزول عن السمو الروحي لن يزيد الإنسانية إلا انتكاسة وبهيمية.. وهذا ما وقعت فيه الحضارية الغربية والمتأثرون بها.

7. السعادة والتفاؤل

1. النظرة البدائية والبدوية للجزاء الحسي والمعنوي في الجنة والنار تسيء إليه؛ فالله قرب لنا بالصور والنماذج ولم يقصد الحصر ولا التحديد.

2. مثلما جعل الله الفن والإبداع والبحث العلمي والتقني من متع هذه الحياة فسيوفره في الجنة أيضا وبصورة أكمل فالجنة ليست شهوات حسية فقط.

3. العقلاء يطلبون السعادة الأبدية، لأنهم يعلمون أن السعادة المؤقتة ليست سوى حزن لم يحن حينه، والمتعلق بها كالأطفال المتعلقين بلعبهم.

4. لا تكتف بالبحث عن السعادة، بل ابحث عن الدائمة منها؛ فالمؤقتة والمتقطعة ليست سوى قنبلة شقاء موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.

5. لا تتوهم أن سعادة المؤمن ستبدأ في الجنة؛ فكرم الله أعظم من ذلك؛ فلذلك جعل لكل نشأة فيضها الخاص بها، حتى الموت والبرزخ والموقف.

6. [الزينة والتزيين] الزينة واللذة والجمال في الحقائق المقدسة.. وما الأوهام المدنسة سوى مساحيق وطلاء وتزيين.. فما أعظم غبن من استبدل الحقيقة بالوهم!.

7. [سوق السعادة] إن شئت سعادة بلا شقاء.. ولذة بلا منغصات، وحياة طيبة ممتدة مباركة؛ فأسرع إليه.. فهذه السلع الثمينة لا توجد إلا في سوقه.

8. [تجسد الأعمال] لن يرى أهل الجنة والنار إلا ما كسبت أيديهم.. فما نعيم الجنة وسرورها سوى حسناتهم.. وما آلام النار وعذابها سوى سيئاتهم.

9. عندما يكون قلبك سليما كقلب إبراهيم عليه السلام لن تحرقك نيران من يحسدونك ويحقدون عليك.. بل ستتحول إلى برد وسلام ونعيم.

10. لكل إنسان شقان: بهيمي به يعيش حياته المؤقتة، وإنساني به يعيش حياته الخالدة.. وأكثر الأمم والقرى والبشر لم يهتموا إلا بالشق الأول.

11. حقيقتك وكرامتك وسعادتك بقدر يقينك، ويقينك بقدر اهتمامك، واهتمامك بقدر همتك، فالخَلق ما تفاوتوا بالعلوم والأعمال، وإنما بالهمم.

12. الحياة الدنيا مع كونها دنيا إلا أنها جميلة، لا لذاتها، وإنما لكونها وسيلة لكل جميل، فمن لم يعش جمال الدنيا لن يرى جمال الآخرة.

13. أخبروني أيهما أعظم غنى: ذلك الذي يملك قصورا سيرحل عنها.. أم ذلك الذي يملك قصورا سيرحل إليها؟

14. الغني الحقيقي ليس ذلك الذي سيرحل عن أمواله وثرواته وإنما ذلك الذي سيرحل إليها.

15. إن أردت الدنيا فعليك بالله.. وإن أردت الآخرة فعليك بالله.. وإن أردتهما معا فعليك بالله.. فالله رب الدنيا والآخرة وكل شيء.

16. السعادة أن تعرفه.. والسلام أن تسلم من شر نفسك.. والعافية أن تتمسك بالحبل الإلهي الذي يحمي حقيقتك من الانتكاسة.

17. [اللحظتان] لحظة واحدة في الجنة تنسيك كل هموم الدنيا وآلامها.. ولحظة واحدة في النار تنسيك كل لذات الدنيا ونعيمها.. فاختر لنفسك إحدى اللحظتين.

18. [نسيم الجنة] من أعظم نعم الله على الصالحين من عباده يقينهم في فضل الله وكرمه؛ فهو يجعلهم يتنسمون رحيق الجنة، ويلتذون بنعيمها في الدنيا قبل الآخرة.

19. [الجنان المتعددة] جل كرم الله أن يؤجل دخول المؤمنين إلى الجنة إلى ما بعد القيامة؛ فلكل دار جنتها.. ومن لم يذق طعم جنان الدنيا لن ينال جنان الآخرة.

20. [الجنان والقابلية] لن تنال النفوس من الجنة إلا بقدر استعدادها؛ فلذلك تعددت منازلها ومراتبها ودرجاتها.. فمن أراد كرما أعظم؛ فليهئ نفسا أكرم.

21. [النعم والنقم] أباح لك الطيبات لتحفظ بها قالبك الطيني؛ فلا يمكن لروحك أن تؤدي وظائفها من دونه؛ فاستعملها في طاعته لتكون لك نعمة، لا فتنة ولا نقمة.

22. [الصراطان] بقدر حرصك على الصراط المستقيم في الدنيا يكون سيرك على صراط الآخرة؛ فاحذر من السقوط هنا لئلا تسقط هناك؛ فالحفر هناك عميقة مظلمة مؤلمة.

23. [طريق السعادة] لن تجد سعادتك ولا راحتك ولا حريتك إلا عند ربك.. فهو وحده لغناه وكرمه يريدك لك.. وغيره لفقره وفاقته وعجزه يريدك له.

24. الذين يزرعون اليأس والتشاؤم حول واقع الأمة ومستقبلها يخالفون المنهج القرآني الذي يدعونا إلى الأمل في الله وفضله ونصره وفي أحلك الظروف.

25. يأسك دليل على جهلك بلطف الله في تدبيره، وإلا فإن سنته جارية على توسيع كل ما ضاق، وتيسير كل ما تعسر، ومن حيث لا يحتسب خلقه.

26. في السنة الخامسة من الهجرة حاصرت قريش المسلمين، وبعدها بثلاث سنين حاصر المسلمون قريشا، وفتحوا مكة، ثم جزيرة العرب جميعا.

27. انقلبوا بنعمة من الله وفضل لأنهم لم يخضعوا أو يستسلموا أو يجبنوا أو يقنطوا.. بل ما زادهم كيد أعدائهم لهم إلا قوة وصلابة وإيمانا.

28. تعلمت الأمل والتفاؤل من سماحة السيد؛ فهو في أحلك الظروف، وعندما يجتمع عليه كل الأعداء، لا يفارق ابتسامته ولا قوته ولا طمأنينته.

29. عندما تعمق إيمانك بربك لا يهمك حينها من يقف معك أو يقف ضدك، أو من يقبلك أو من يصدك، لأن قلبك وكل مشاعرك مع ربك وكفى به حسيبا.

30. أملك وتفاؤلك واستبشارك بفضل ربك وفرحك به، لن يقعدك عن العمل، بل سيزيدك اندفاعا له؛ فالفلاح الذي لا يرجو الحصاد لا يحرث أرضه.

31. يوم الأحزاب تميزت صفوف الواثقين في وعد الله عن الشاكين المرتابين فيه، ونفس الحالة نعيشها اليوم؛ فالصادقون لا يزيدهم الألم إلا أملا.

32. كيف لا نتفاءل بكون المستقبل لهذا الدين ونحن نرى مقدمات ذلك رأي العين.. فتعسا للمثبطين المتشائمين، فهم أعداء الوعد الإلهي.

33. لا تدعوا لليأس محلا في قلوبكم؛ فأجمل أيام هذه الأمة ستأتي قريبا، وسيرى العالم جمال الدين الإلهي، وسيدخلون فيه أفواجا.

34. إن أردت أن تؤدي دورك الرسالي بصدق وتواضع؛ فاعتبر نفسك جنديا لذلك الأمل الموعود الذي أناط الله به وظائف التجديد والإحياء والعدالة.

35. كل ما يحصل للبشر من فتن ليس سوى غربال لتمييز الطيب من الخبيث؛ حتى لا يشارك في العهد القادم للبشرية إلا الطيبون.

36. ويل لأولئك الكسالى المقعدين الذين ينتظرون من الله أن يخلصهم وينزل فرجه عليهم من غير أن يبذلوا أي جهد، أو يقدموا أي عمل.

8. المستقبل الجميل

1. في الوقت الذي خاف فيه بنو إسرائيل من أن يدركهم فرعون كان موسى في قمة الأمل والسرور، لأنه يعلم أن الله لن يخيب أولياءه.

2. المؤمن لا ييأس مهما ازداد المنكر والفساد والجور والضلالة.. فمدد الله لأوليائه يتضاعف حينذاك.. ولكم في غزوة الأحزاب عبرة.

3. إن كنت تتوهم أن انتشار العدالة والقيم النبيلة في جميع الأرض مستحيلا فأنت تكذب كلام ربك، وتعظم من شأن الشيطان وجنوده وهو عين الشرك.

4. الشيطان يمارس الحرب النفسية مع البشر بزرع اليأس من قيام دولة الصالحين؛ فمن رأى نفسه كذلك؛ فهو من الذين استحوذ عليهم الشيطان.

5. كل الأحاديث والآثار التي تصور الإمام المهدي بصورة السفاح الجزار مردودة؛ فهو يملأ الأرض عدلا وإيمانا، لا دماء وخرابا.

6. الإمام المهدي كما تدل الأحاديث الموافقة للقرآن مثل جده رحمة للعالمين، وليس نقمة عليهم، وسيفه لن يرفعه إلا على الظالمين المحاربين.

7. الإمام المهدي أرفع شأنا من أن يهتم للقبور فينبشها، أو الأحقاد فيثيرها، بل دوره تحقيق الدين في الواقع وللعالم أجمع، وبأجمل صورة.

8. ويل لكم يا من تشوهون الأمل الموعود الذي جعله الله وسيلة لخلاص البشرية.. أنتم ترضون أحقادكم على حسابه وكأنه خلاص لكم لا للبشر جميعا.

9. بربكم كيف ينصر الشريعة من تتهمونه بقتل الرضيع والرضيعة؟.. وهل هذا يوافق القرآن والفطرة والعدالة الإلهية والرحمة النبوية؟

10. ربط حركة الإمام المهدي بالعنف والسيف إساءة لها، ومخالفة للقرآن الذي يصفها بإتمام النور، ومخالفة للسنة التي تصفها بتحقيق العدالة.

11. مسيئون للإمام المهدي أولئك الذين يصورونه بصورة الذي يشهر سيف الثأر والانتقام، لا أنوار الهداية والإيمان، أو موازين العدل والإحسان.

12. لنتعلم حسن الدعوة من الله الذي عرف نبيه بكونه سراجا منيرا ورحمة للعالمين ورؤوفا رحيما على الرغم من أنه أُذن له في جهاد الدفع ومارسه.

13. ما أعظم الفرق بين من يعرّف الإمام المهدي بكونه أملا موعودا وخلاصا ورحمة ومحبة وعدالة وبين من يعرّفه بكونه ثأرا ونقمة وحربا.

14. أنا لم أذكر أن الإمام المهدي لن يجاهد المستكبرين، ولكني دعوت إلى عدم اختصار كل حركته ودولته في ذلك، لأنه يقزمها ويسيء إليها.

15. بربكم كيف يعرف العالم الإمام المهدي، ويشتاق إليه وإلى خلاصه، وأنتم لا تذكرونه إلا مع بني حرب وبني أمية، ومع الخيول والسيوف؟

16. مسيئ للإمام المهدي ذلك الذي يصور حركته بصورة الحرب الأهلية، لا بصورة ميلاد جديد للبشرية يحكمها فيه القيم الفاضلة والدين الأقوم.

17. حركات التصحيح في مدارس الأمة وطوائفها من المقدمات الضرورية للمستقبل الجميل الذي ينتظرها؛ فلا يمكن أن يقوم الجمال على الانحراف.

18. عجبا للذي يدعي أنه ينتظر الإمام المهدي لينصره، ويكون من جنده، وهو في معسكر أعدائه، يحارب من يمهّد له.. فظهور المهدي بظهور الممهدين.

19. عجبا للذي يؤمن بالدجال، ثم لا يؤمن بالإمام المهدي.. فهل يفتح الله أبواب الضلالة والفتن، ويغلق أبواب الهداية والإيمان؟

20. عجبا للذي يؤمن بالدجال، ثم لا يؤمن بالإمام المهدي، والدجال من تجليات المُضل، والمهدي من تجليات الهادي، وهل المضل سوى الهادي؟

21. إن لم يحركك انتظارك للإمام المهدي للعمل في خدمة قضايا الأمة، والسعي لإصلاح ذات بينها؛ فانتظارك لا يختلف عن انتظار اليهود للنبي الموعود.

22. إن لم توفق لأن تكون من الموطئين الممهدين للأمل الموعود، فلا تكن كاليهود، يبشرون بالنبي ويستفتحون به، ثم يكونون أول المحاربين له.

23. لو رأى الله في المسلمين القابلية لتحقق النبوءات المبشرة بمستقبل الأمة لعجل لهم ذلك؛ فالمستقبل الجميل مثل الجنة لا يدخلها إلا أهلها.

24. لك أن ترد ما تشاء من الأحاديث المرتبطة بالنبوءات.. ولكن ليس لك أن تسخر من المؤمنين بها، حتى لا تكون من الذين ينهون عنه وينأون عنه.

25. عجبا للذي يصدق رسول الله في حديثه عن العقيدة والشريعة، ثم لا يصدقه في إنبائه عن مستقبل الأمة.. فهل نبوة النبي قاصرة عن ذلك؟

26. الإيمان بالمستقبل الجميل لا يختلف عن يقين المحارب بالنصر، والذي يجعله عصيا على أي حرب نفسية، لأنه يعلم أنه سينتصر مهما طال الزمن.

27. عجبا للذي يؤمن بعجائب الأمم السابقة، ثم يتوهم أن المسلمين أقل من أن تتحقق فيهم أمثال تلك العجائب.. مع أن الله رب الأمم جميعا.

28. الانتظار الحقيقي هو الذي يجعلك تشعر به موجودا حيا تنفذ أوامره بكل دقة وحينها ستكون جنديا له وصاحبا ولو لم تتشرف برؤية طلعته البهية.

29. مثلما تُصنف الجامعات بمعيار نوعية باحثيها لا كثرة مبانيها وطلبتها فكذلك خيرية هذه الأمة كامنة فقط في صالحيها لا في كل من انتسب لها.

30. لا تسمعوا للمثبطين الذين يزرعون اليأس وينشرون الإحباط فلو كانوا يؤمنون بوعد الله ورسوله لعلموا أن راية الحق لا تسقطها قوى الطواغيت.

31. الإيمان بالنصر الإلهي لا يرتبط بالعدد والعدة، بل بمدى ثقتنا بقدرة الله المطلقة، حتى لا نتكل على حولنا وقوتنا وإنما على الله وحده.

32. بعد سنوات محدودة من حصار الشعب وعام الحزن، انتصر المسلمون في بدر، وبعدها بسنوات قليلة فتحوا مكة، وبعدها بأشهر فتحوا الجزيرة..

33. [شروط النصر] عز نصر ربك أن ينال المرائين المغرورين المتخاذلين أصحاب الحمية الجاهلية؛ فالله لا ينصر إلا من ينصره.

34. [نصر الآخرة] نصر الله للمؤمنين متحقق لا محالة.. إن لم يكن في الدنيا، فسيكون في الآخرة، وهو أعظم وأدوم وأكرم.

35. إن كان الله قد أتاح في دول الجور كل هذا التطور العلمي والتقني، فكيف لا يتيح أمثاله بل أضعافه في دولة الإيمان والهداية والعدالة؟

36. [نصرة المستضعفين] المؤمن هو الذي ينتصر للمستضعفين مهما اختلفت أديانهم فيقف معهم بكل ما يملك من قوة؛ فنحن مطالبون بنصرتهم مثلما طولبنا بدعوتهم.

37. عندما تقوم دولة الصالحين المؤسسة على علم الكتاب سيرى البشر من عجائب الاختراعات ما لا يخطر على بال.. ولكم في صاحب سليمان عبرة.

38. لا يتحقق النصر الإلهي إلا لأهل الدين الإلهي، أولئك الذين تخلصوا من كل أماني الشيطان التي يقذفها في قلوب أصحاب الأهواء.

39. كلهم ألقى عصاه، وعبر قرون طوال؛ فدعوا موسى العترة ليلقي عصاه، لتبطل السحر، وتسقط عرش فرعون، وكل عروش الطواغيت.

40. الحضارة الإسلامية الجديدة: تنطلق من السمو الروحي والأخلاقي، لتندمج مع الحياة بكل معانيها وتطوراتها، لكن بصحبة ذلك السمو.

41. سيأتي اليوم الذي تتحول فيه هوليود وبوليود وكل المدن السينمائية إلى مراكز لنشر أفلام الفضيلة والقيم الزكية فأبشروا بالمستقبل الجميل.

9. المعجزات والخوارق

1. [حجة المعجزات] من عنايته بهدايتك تأييد الهداة إليه بالمعجزات الدالة على أنهم منه، حتى لا يلتبس الحق بالباطل، وحتى تقام الحجة البالغة على العقول.

2. [الخوارق والقدرة] عجبا للذين ينكرون الخوارق الحسية التي يكرم الله بها أولياءه.. هل أحاطوا علما بكل سنن الكون، أم تراهم يفرضون على ربهم قوانينه؟

3. عجبا للذي يشكك في إسراء الله بنبيه مع صراحة القرآن في ذلك.. فهل قدرة الله عاجزة عنه؟.. أم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقل من أن يستحقه؟

4. البشر أصغر من أن يعرفوا أسرار الله في خلقه وقوانينه التي تحكمهم، لذلك كان العاقل من يسلّم لله، لأنه لم ير منه إلا العلم المطلق.

5. معاذ الله أن أفسر الإسراء والمعراج بما تنص عليه الفيزياء الحديثة، فأنى هي وقدرة الله وقوانينه.. وإنما نذكرها للتقريب، لا للتحقيق.

6. الذين لا يزالون يتعلقون بذيول النظريات الفيزيائية التقليدية وحدهم من ينكرون الإسراء، أما غيرهم فهم أول من يؤمن به، ولا يتعجب منه.

7. عجبا للذي يؤمن بقدرة صاحب سليمان على نقل العرش في أقل من طرفة عين، ثم لا يؤمن بإسراء الله بنبيه وعروجه به حيث شاء وكيف شاء.

8. بربكم كيف أتعجب من تكريم الله لنبيه بالإسراء والمعراج وأنا أعلم أن المكرِم هو صاحب القدرة المطلقة والمكرَم هو صاحب المقام المحمود؟

9. الذين ينكرون المعراج لانتفائه مع ما يتوهمونه من قوانين علمية، كيف يفسرون تحول النار بردا وسلاما على إبراهيم؟

10. لا تكتفوا بتطبيق قوانينكم على المعراج بل طبقوها أيضا على عصا موسى التي شقت البحر، وتحولت إلى حية حقيقية تسعى.

11. كان المشركون يتوهمون أنهم يلغون عقولهم إن آمنوا بالبعث أو بنبي يأكل مثلهم ويمشي في الأسواق.. ولا عجب في ذلك، فالإنكار ملة واحدة.

12. الإسراء إكرام إلهي لا علاقة له بالتحدي، وما نفاه القرآن هو طلب الخوارق التي من سنة الله فيها استئصال من جحدها كما فعل مع ثمود.

13. القوانين التي بُنيت عليها التقانة الحديثة كانت في القرن الماضي مستحيلة؛ فلم نطبق قوانيننا على الله، وهو صاحب القوانين، والأعلم بها؟

14. مشكلة الذين ينكرون المعراج توهمهم أنه رحلة في مركبة كرحلتنا للقمر، وهم لا يعلمون أنها رحلة خاصة، وبقوانين خاصة، تتجاوز كل علومنا.

15. الشبهات التي يذكرها منكرو المعراج هي نفسها التي يذكرها منكرو البعث والجواب واحد وهو قدرة الله المطلقة التي لا يعجزها شيء.

16. جواب الله لزكريا ومريم ﴿هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ [مريم: 9]، هو الذي يرد به المؤمن العارف بربه كل الوساوس الشيطانية بخصوص طلاقة القدرة الإلهية.

17. حتى دعاؤنا في حقيقته طلب لتحقيق المعجزات، فهل ترون من الأجدى للمريض أن يقول لربه: لا داعي لتدخلك فقد حكم الأطباء باستحالة شفائي؟

18. القوانين التي تعمل بها الهواتف الذكية كانت إلى وقت قريب في حكم المستحيلات.. فلم لا تفسرون الخوارق بقوانين خفيت علينا؟

19. كل ذرة في الكون معجزة، فلم تنكرون ما لم تألفوه من المعجزات؟.. ألإحاطتكم بكل قوانين الكون؟.. أم لكونكم المتحكمين فيه؟

20. القول بقصور العقل عن فهم الخوارق ليس ذما له، فالأجهزة المعقدة لا تؤدي إلا ما طلب منها من مهام، ولن تصل أبدا إلى فهم حقيقة مخترعها.

21. الذي يؤمن بالقدرة المطلقة أكثر علمية من المحصور في دائرة القدرات المحدودة.. فلولا ذلك ما وصل العلم والتقانة إلى ما وصلت إليه.

22. ليس غريبا أن تكون كلمة [الله أكبر] هي الأكثر ترديدا بين المؤمنين، لأنها الجواب لكل إشكال، والحل لكل معضلة، والدواء لكل داء.

23. عندما تندمج عقولنا وقلوبنا في كلمة [الله أكبر] سنضحك بكل أفواهنا من أولئك الذين يتوهمون أن قوانينهم وعقولهم القاصرة أمام فيروس هي الأكبر.

24. تعرف أولا على كل قوانين الكون، ثم اذكر بعدها أن حادثة ما تخالف تلك القوانين؛ وإلا فرحم الله امرؤا عرف قدر عقله ونفسه.

25. لو عرف العقل كل القوانين ما عدا قانونا واحد، فإنه لا يحق له أن يتكلم عن خرق القوانين، لأن الخارق له قد يكون ذلك القانون المجهول.

26. إن كان العباد يستوون مع ربهم في الخضوع لقوانين الكون، فأي فرق بينهم وبينه؟.. ولم كان ربا عليهم؟.. ولم لم يكونوا أربابا على أنفسهم؟

27. الغفلة عن ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ [الفتح: 21] هي السبب في تطاول من ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: 1].

28. أيهما أكثر أدبا، ذاك الذي يقول لربه: أين أنا ومعرفة أسرار قدرتك؟ أو ذاك الذي يقول: يمكنك أن تتصرف يا رب، لكن وفق ما وضعته من قوانين.

29. عجبا للذي ينكر نبع الماء بين أصابعه الشريفة، وقد تواتر ذلك في جميع مصادر المسلمين.. فهل يستغرب الإكرام الإلهي؟.. أم من أُكرم به؟

30. الإيمان بما روي من خوارق ليس شرطا لصحة الإيمان، وإنما هو شرط لكماله؛ فكلما ازداد الإيمان، ازداد معه التسليم المطلق لله.

31. الخرافات التي أنكرناها ليس ما روي من أحاديث عن إكرامات الله لرسوله، وإنما ما دس في الدين من حكايات وأساطير تشوه الله والنبوة.

32. لا تكن كأولئك الذين صحبوا المسيح، ورأوا آيات الله فيه، لكنهم لضعف إيمانهم قالوا: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ [المائدة: 112]

33. أليس من العجيب أن تؤمن بإكرام الله للمسيح ببركات الطعام والسقيا والشفاء، ثم لا تؤمن بتحقق ذلك لنبيك، مع أن ما روي عنه أكثر وأوثق؟

34. إيمان مريم العظيم هو الذي جعلها لا تستغرب ما تنزل عليها من طعام، ولذلك قالت: ﴿هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [آل عمران: 37]

35. إدراكك لمعنى أسماء الله الحسنى المرتبطة بالخلق، ويقينك بها، هو الذي يزيل عنك كل استغراب.. فالله يخلق ما يشاء، أين يشاء، ومتى يشاء.

36. تحول الطين في يد المسيح إلى طائر حقيقي، وبكل خلاياه وأنسجته ليس مستغربا، لأن الله هو الذي شاء ذلك بمجرد أن ينفخ فيه المسيح.

37. الله لا يحتاج إلى زمن ليخلق ويبدع، فأمره واحدة كلمح بالبصر، ولذلك لا تستغرب حصول الخوارق، لأنها صادرة من الرب الخالق.

38. (إيمانك شفى ابنتك) بهذا أجاب المسيح القائد الروماني، فالإيمان بقدرة الله المطلقة ليس حكرا لأحد، وإنما هو هبة الله للقلوب السليمة.

39. قد يقتضي التدبير الإلهي مراعاة الأسباب، وتلك هي الحكمة، وقد يقتضي عدم مراعاتها وتلك هي القدرة، والله حكيم قدير، ولا تناقض بينهما.

40. قال: هل تؤمن بانشقاق القمر؟.. قلت: لو ذكر لي ربي انشقاق الشمس لصدقته، فكيف بانشقاق القمر، وهو ليس سوى كويكب تابع للأرض؟

41. المنكرون للخوارق يشبهون بني إسرائيل الذين قالوا: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء: 61]، والمثبتون لها يشبهون موسى الذي قال: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: 62]

42. إن ضاق عليك عالم الحكمة والأسباب، فلا تيأس، فالله صاحب القدرة المطلقة، وأمره واحدة كلمح بالبصر؛ فاركن إليه، ولا تملي عليه.

43. معرفتك بـ [الخلق الجديد] تجعلك تشعر بأنك مثل أي جهاز كهربائي، تحتاج في كل لحظة إلى مدد وجودي، وإلا يتوقف شغلك.. بل وجودك.

44. ما الضير في أن يخلق الله ماء جديدا بين أصابع نبيه الشريفة عندما احتاجوا للسقيا؟.. أليست هذه هي البركة التي جعلها الله في الصالحين؟

45. هل تحسبون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقل شأنا من المسيح الذي قال عن نفسه: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ﴾ [مريم: 31] فرسول الله مبارك في كل محل وُجد أو ذُكر فيه؟

46. يقين موسى بأن الذي أنزل الماء من السحاب يمكنه أن يخرجه من الصخر، هو الذي جعله أهلا لأن يقول له ربه: ﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ﴾ [الأعراف: 160]

47. البحر لم ينفلق لضرب العصا وحدها، وإنما لكون الضارب هو موسى الذي كان موقنا أن البحار وقوانينها خاضعة خضوعا مطلقا لله.

48. سنن الله التي لا تبديل لها هي القيم التي ينبني عليها نظام الكون أزلا وأبدا، لا القوانين المؤقتة التي لا يوجبها عقل ولا فطرة.

49. عجبا للملحد فهو مع إقراره بأن الأرض ومن عليها لا تساوي شيئا أمام الكون وما فيه إلا أنه يتبجح بأنه وحده في الكون صاحب العقل والوعي.

50. إن كان العقل الإنساني مع ضآلته استطاع أن يسخر الكثير من القوانين لصالحه، فكيف بمن وضع تلك القوانين، فهل المخترع أعظم أم المكتشف؟

10. النبوة والهداية

1. لا يكفي ادعاؤك لتعظيم النبوة وتبعيتك لها؛ فالدعاوى لا تنفع ما لم يؤكدها العزم الصادق على معارضة كل ما يعارضها أو يزاحمها.

2. لن يخلصك سبينوزا ولا نيتشه ولا هيجل ولا كانط.. أنبياء الله وحدهم من يخلصونك؛ فهم سفراؤه إلى خلقه؛ وهم سفينته الراسية لإنقاذك.

3. إن كنت صادقا في إيمانك برسولك؛ فكيف تصدقه في أحكام الشريعة، ثم لا تصدقه في أخبار المستقبل، وهل النبوءات تتعارض مع النبوات.

4. عجبا لأولئك الذين يصدقون نبوءات الأبراج والمنجمين، ثم يتوقفون عن تصديق نبوءات رسول رب العالمين.

5. الإيمان بالنبوءات ركن أصيل من أركان الإيمان بالنبوة، ومن لم يؤمن بها عليه البحث عن مدى ترسخ الإيمان في قلبه.

6. من حرص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الأمة أنه لم يترك لهم شاردة ولا واردة تتعلق بمستقبلهم ومطباته إلا نبههم إليها وحذرهم منها.

7. نبوءات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليست مجرد دلائل للنبوة، وإنما هي شريعته وأوامره المرتبطة بالمستقبل، فطاعته تُلزم التزامها.

8. لو أن الأمة تعاملت مع النبوءات النبوية كما تعاملت مع أحاديث الوضوء والغسل، لكان وضعها الآن مختلفا تماما.

9. التصرف في النبوءات وتأويلها، حرصا على بعض من ذكرتهم اتهام للنبوة، وشك فيها، وهدم لبلاغها الناصح.

10. عجبا لك تستمع لتحليلات المحللين واستشرافات المستشرفين، ثم تتكبر عن تحليلات نبيك واستشرافاته، وهو أنصح الخلق لك.

11. يكفيك لتحديد مواقفك ثلاثة أحاديث متفق عليها: الإيمان يمان، ولو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من أهل فارس، وقرن الشيطان في نجد.

12. [الحقيقة المحمدية] لا تشغل نفسك بالبحث عن الحقيقة المحمدية؛ فهي أعظم من أن تُعرف، واشتغل بالبحث عن القيم المحمدية؛ فهي التي أمرت بالبحث عنها واتباعها.

13. للذين يبحثون عن الطاقة الإيجابية صلوا على رسول الله وآله فسينزل عليكم من البركات والطاقات ما لا تجدونه في كل دكاكين الطاقة المزيفة.

14. عندما تمتلئون بتعظيم رسول الله والشعور بحضوره، فسيحل بأرض نفوسكم ما حل بمرابع حليمة السعدية التي أنتجت وأينعت وأثمرت بعد جدب وجفاف.

15. لو أن الأمة جميعا اتفقت على المرجعية العظمى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قولا وفعلا صادقين مخلصين، لما اختلف اثنان منهم.

16. أول التواضع تواضعك مع نبيك؛ فلا تقدم رأيك ولا عقلك ولا هواك ولا مذهبك ولا مشايخك عليه؛ فكل من خالفه أو زاحمه، لا خير فيه.

17. لولا المبعث النبوي الشريف الذي أنقذ الله به الأرض ومن عليها، لكان وضع البشرية الآن في قمة التخلف.. هذا إن بقي لها وجود أصلا.

18. لو درستم في كل المدارس وأخذتم بتعاليم كل المعلمين، ثم لم تسلّموا لرسول الله بالنبوة، ولما جاء به من هدى؛ فإنكم لن تصلوا إلا للسراب.

19. محمد رسول الله هو الناطق الرسمي باسم الحق والهداية، ومن نطق خلاف نطقه، أو هدى لخلاف هديه؛ فهو شيطان ضال مضل.

20. إن أردت أن يخلصك رسول الله فدعك من التاريخ والجغرافيا وكل الحساسيات وسلم إليه كل لطائفك، فالذي يجادل من ينقذه سيغرق في مستنقع جدله.

21. النداء الذي يرتفع في كل العالم وبأعلى الأصوات [محمد رسول الله] إعلان إلهي بأنه لن ينجو أو يفوز إلا من اتبعه وسلّم له واكتفى به.

22. هل وجدتم في كل دواوين الفلسفة والأدب والفكر والعلم من يتجرأ فيقول: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ [الحجر: 49 ـ 50]؟

23. عجبا لمن يغض بصيرته عن كل الدلائل التي تدل على نبوة رسول الله، ويتهرب من ذلك بما حصل من أتباعه؛ فهل هو حجة عليهم، أم هم حجة عليه؟

24. العاقل المؤمن يكفيه أن يقرأ ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: 67] ليسلّم تسلميا مطلقا بكل ما جاء به رسول الله، وهو مطمئن راض.

25. هل رأيتم مدعيا للنبوة يذكر أن الله أنزل عليه قوله مهددا: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: 44 ـ 46]؟

26. عجبا للذين يجيزون الاحتفال بممالك الاستبداد والظلم، ثم يبدعون من يحتفل بمولد رسول الله.. هل لهم عقل أو دين؟.. أو هل هم بشر أصلا؟

27. ليتنا نتعلم من اليمنيين كيف نحتفل بمولد رسول الله، وفي ظل تلك الظروف الصعبة، وبتلك الحشود الهائلة.. إنه الوفاء في أجمل صوره.

28. قال لي: كيف يمكنك أن تحتفل بمولده والخلاف واقع فيه؟ فقلت: أنا لا أعتبر خلاف من لا يعتبر الاحتفال برسول الله، لأنه أقل من أن يُعتبر.

29. قال لي: متى ستحتفل بمولده، وقد وقع الخلاف فيه؟ قلت: أنا أحتفل مع كل من يحتفل به، ولو وجدت من يحتفل به في جمادى لاحتفلت معه.

30. بوفاة رسول الله بدأت مرحلة ابتلاء هذه الأمة، ليُميز الصادق في اتباعه والثابت عليه عن الكاذب والناكث والمارق والباغي والمبتدع.

31. [التفاضل بين الأنبياء] إياك أن تفرق بين الأنبياء بسبب ورود الثناء على بعضهم؛ فالكل في الكمال سواء؛ واختلافهم لا يعدو اختلاف درجات ومراتب، لا كمال ونقص.

11. الملائكة والبشر

1. الكثير من المعارف المسيئة للملائكة والمستعلية عليها سببها الأحاديث والروايات المعارضة للقرآن، والموجودة بكثرة في مصادر الفريقين.

2. ما كرر الله ذكر صحبة الملائكة لنا إلا لنستحيي منهم، ونعقد صلات المودة بيننا وبينهم، فعلاقتنا بهم ممتدة في كل النشآت.

3. عجبا للذي يزعم أن الملائكة غير مكلفين؛ ألم يسأل عن سبب كونه محفوفا بالملائكة الكتبة والحفظة والواعظين، وهل حفوا به من تلقاء أنفسهم؟

4. كما أن المهندس لا يؤاخذ على جهله بالطب؛ فكذلك لا تؤاخذ الملائكة على عدم علمها بالأسماء التي علمها آدم، لأن وظيفتها لا تقتضي ذلك.

5. مع أن القرآن يصرح بأن جبريل معلم لرسول الله، إلا أن الأحاديث المعارضة جعلت من رسول الله معلما لجبريل، وأنه يتلقى منه ما يعلمه إياه.

6. أليس من العجب أن ينسخ قوله تعالى: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ [النجم: 5] والأحاديث التي تؤيده بتلك الموروثات الشعبية التي لا هم لها إلا تحقير جبريل عليه السلام؟

7. (لو تقدمت اخترقت ولو تقدمت احترقت) أسطورة شعبية لا تريد رفع مكانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما تحقير الملاك الكريم الذي يتنزل بالوحي.

8. [فتنة التفاضل] بدل أن تبحث في التفاضل بين من اصطفاهم ربك؛ فابحث لك عن مكان بينهم، ولو في آخر الصف؛ فهو أجدى لك، وأبعد عن الفتنة.

9. أكثر ما ورد في التراث عن الملائكة أساطير شعبية لا علاقة لها بالقرآن؛ فالقرآن اكتفي بالتعريف بهم عموما وبمكانتهم وخصائصهم ووظائفهم.

10. كل المباحث المعقودة للتفاضل بين الملائكة وصالحي البشر تكلف ممقوت، وهي أشبه بمن يفاضل بين الروائح الطيبة والأصوات العذبة.

11. لا علاقة لسجود الملائكة لآدم بالتفاضل والتفضيل، بل هو تحية خاصة طلبت منهم تكريما له، وإعلانا ببدء علاقتهم الجديدة به.

12. الملائكة موكلون بتدبير كل شيء، وتدبير أمور البشر من بين مسؤولياتهم، ولذلك كان التكليف بالسجود خاصا بالملائكة الذين كلفوا بذلك.

13. أكثر مباحث التفاضل والتفضيل مباحث عقيمة لا دليل عليها ولا جدوى منها، بل قد تتحول إلى خطيرة، لانتقاصها ممن تريد أن تبين مفضوليتهم.

14. لا يقبل من التفاضل والتفضيل إلا ما نص عليه القرآن الكريم أو السنة الموافقة له، وما عدا ذلك اجتهاد لا دليل عليه، ولا حاجه تقتضيه.

15. أكثر مباحث التفاضل والتفضيل تنطلق من خلل في الرؤية الكونية، وإلا فإن العاقل لا يفاضل بين الطعام والماء والدواء؛ فلكل محله الخاص به.

16. المهتمون بالتفاضل والتفضيل يتوهمون انحصار الكون فيما يرونه ويعرفونه، ولم يعلموا أن أكوان الله لا حدود لها مكانا ولا زمانا؟

17. المبالغة في الاهتمام بالتفاضل بين خلق الله هي التي جرت إلى احتقار المرأة وإهانتها واعتبارها دون الرجل، وفي أبسط حقوقها.

18. من أراد أن يطالع بعض أوهام التفاضل، فليقرأ كتاب (كشف الوعثاء بزجر الخبثاء الداعين إلى مساواة النساء بالرجال وإلغاء فوارق الأنثى).

19. لو أن إبليس اعتقد في السجود تحقيق العبودية لله لما استكبر، لكنه عندما توهم المفاضلة والتفضيل والخيرية نزعه عرق الكبر والاستعلاء.

20. تعسا للعقول التي فهمت من دعوتي إلى الكف عن التهوين من شأن الملائكة تهوينا من شأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فرسول الله أكرم من أن يحتاج إلى تكلفهم.

21. عجبا للذي يستدل بالتعلم والتعليم على المفاضلة والتفضيل.. ألم يتعلم موسى من الخضر؟ فهل كان الخضر أفضل من موسى؟

22. لو أنكم تدبرتم قوله تعالى: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: 285] لتأدبتم مع الجميع، وكففتم عن تلك المفاضلات والمقارنات التي تسيئون بها إليهم.

23. سمعت بعضهم يقول: إن كان المسيح أحيا ميتا؛ فرسول الله أحيا شعوبا.. أليس في هذا تحقير للمسيح، وللمعجزات التي أكرمه الله بها؟

24. قول بعضهم: إن كان الأنبياء فعلوا كذا وكذا فرسول الله فعل ما هو أكبر منهم ليس تكريما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما إهانة وتحقير لإخوانه من الرسل.

25. أفضلية رسول الله لا يجحدها عاقل لكن إثباتها يكون بإثبات كمالاته ونشرها لا بالحط من شأن إخوانه من الملائكة والرسل فهو سوء أدب معهم.

26. الذين يحطون من شأن الأنبياء والملائكة لإثبات أفضلية رسول الله لا يتحقق لهم ذلك، فالأفضل هو من يقارن بالفضلاء لا بالمفضولين.

27. التفضيل الحقيقي المؤدب هو الذي يجعلك تذكر كمالات الأنبياء والصالحين، ثم تقول بعدها: ومع كل هذا؛ فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكمل منهم.

28. المفاضلة بين العلوم هي سبب تخلف المسلمين ذلك أنهم درسوا أن العلوم الشرعية أفضل من العلوم الكونية؛ فتركوها لغيرهم وصاروا عالة عليهم.

12. العصمة والصالحون

1. لا وجود لعصمة خاصة بأهل زمان أو مكان.. العصمة مرتبطة فقط بالهداة الذين جعلهم الله نماذج كمال تيسر الهداية للراغبين فيها.

2. الحق أعظم من أن ينحصر في أمكنة أو أزمنة أو أشخاص أو طوائف.. ولذلك كانت الحكمة ضالة المؤمن، أين وجدها فهو أحق بها.

3. الذين يجادلون في العصمة لم يتدبروا تلك الآيات التي يخبر الله فيها إبليس بأن سلطانه سيتهدم أمام عباده المخلصين الذين لا طاقة له بهم.

4. ما الضرر في أن يخلق الله عبدا يهبه الحرية المطلقة في أن يقع في الأخطاء والخطايا، لكنه يترفع عنها ويظل طاهرا قديسا إلى نهاية حياته؟

5. ما المانع العقلي والشرعي في أن يتحقق لبعض الناس من الصلاح ما يحول بينهم وبين الهم بالمعصية أو الوقوع في الخطأ، ولم يعتبر ذلك شركا؟

6. لا حرج عليك أن تحسن الظن بأي شخص فتقول بعصمته، بشرط واحد وهو أن تعرض مقولاته ومواقفه على القرآن، ولا تقبل منها إلا ما قبله.

7. خطر القول بعصمة أي جهة منوط بمدى بعدها عن القرآن؛ فإن كانت تنهل منه، أو تؤكد معانيه؛ أو تخدم أهدافه، فإن عصمتها من عصمته.

8. نعم يقول الشيعة بعصمة أئمتهم لكنهم يعرضون كل ما روي عنهم على القرآن، أليس ذلك أفضل من قولك بعدم عصمة أئمتك لكنك تقبل كل ما ورد عنهم؟

9. كما لا يستغرب أن يكون في كون الله الذهب الخالص واللؤلؤ المكنون، لا يستغرب أن يكون في عباده من خلص من الشوائب وصفا من الكدورات.

10. كما يوجد في كون الله الأشواك الحادة والأزهار الحانية، يوجد في عباد الله من هو كالشوك، ومن هو كالأزهار، من غير جبر ولا إكراه.

11. لو كانت العصمة موهبة مجردة لما حصلت بذلك الحجة البالغة على المنحرفين.. بل هي كسب وجهد واجتهاد، ومعها توفيق إلهي للصادقين.

12. العصمة هي الأصل في الوجود والانحراف شاذ؛ فلذلك الغرابة في أن نعصيه ولو طرفة عين لا في الاستمرار على طاعته والثبات عليها، لأنها أصل.

13. العصمة لا تقتضي النبوة ولا الإمامة؛ فقد تكون ظروف بعض من توفرت لهم العصمة لا تسمح لهم بأن يكونوا قادة ولا قدوة لغيرهم.

14. كل من نُصب هاديا للخلق بإذن ربه يحتاج أن يكون معصوما، لأنه لا يمكن أن يدل على الاستقامة من يجوز عليه الانحراف عنها ولو قيد أنملة.

15. عجبا للذي يعتبر القائل بالعصمة المطلقة مبتدعا في الوقت الذي يعتبر فيه ابن تيمية الذي قال بجواز كفر الأنبياء قبل بعثهم شيخا للإسلام.

16. (العصمة لله ورسوله) حق أريد به باطل؛ فالمعصومون غير محصورين، بل هم أكثر من غيرهم.. أليس الملائكة وهم أكثر الخلق عددا معصومون؟

17. عجبا للذي يعتقد أن القول بالعصمة شرك؛ وهل التوحيد في الخطيئة والخطايا؟ وهل المعصوم سوى آية من آيات خالقه ومبدعه؟

18. لو كانت العصمة محصورة فيمن يعلم كل شيء لما جاز وصف أي مخلوق بها، فعلم كل شيء ليس إلا لله، وغيره لا يعلم إلا ما في حدود طاقته ووظيفته.

13. الإمامة والهداية

1. العناية الإلهية التي اقتضت إرسال الرسل هي نفسها التي اقتضت توفر الهداة في كل الأزمنة، حتى لا ينفرد الشيطان وجنوده بتضليل العباد.

2. جلت عناية الله أن تُخلي الأرض من المهتدين الذين يحرسون شعلة الهداية حتى لا تنطفئ؛ فلولا وجود المهتدين ما وصل الخلق إلى الهداة.

3. بقدر ولائك ومحبتك ونصرتك لحجج الله في أرضه بقدر ما تتحقق بالقيم التي يدعون إليه، وتسير على الصراط الذي ساروا عليه.

4. الصراط المستقيم ليس مجرد قيم نظرية جامدة، وإنما هو قيم واقعية حية يمثلها المقربون الذين جعلهم الله تعالى حججا ومنارات هداية.

5. [أئمة الهدى] إن أردت الهداية التي لا ضلال فيها؛ فعليك بأئمة الهدى.. أولئك الذين أجمعت الأمة على صلاحهم وعلمهم وارتباطهم بالقرآن الكريم، ووقوفهم في وجه الاستبداد والظلم، وكل الانحرافات التي علقت بالدين.. وفوق ذلك نسبتهم الشريفة التي تجعلهم أوفر الأمة حظا لكل تلك الوصايا النبوية المقدسة.

6. كيف تجادلون في الإمامة وقد أخبر الله أن كل إنسان يدعى في الآخرة بإمامه فمن كان إمامه إمام هدى كان من المهتدين وإلا كان من الضالين؟.

7. لو أن أئمة الهدى لم يعلنوا بصراحة البراءة من المشبهة والجبرية والغلاة من الذين يدعون الانتساب لهم، لنسبت لهم كل تلك التحريفات.

8. الدين المحمدي الأصيل صراط مستقيم لا تمثله الشريعة فقط، وإنما يمثله معها الهداة الذين بقدر الولاء لهم تتحقق الاستقامة وينتفي الضلال.

9. عندما ذُكر الصراط المستقيم في الفاتحة لم يُنسب للشريعة، وإنما نُسب للذين أُنعم عليهم.. فبقدر القرب منهم تتحقق الهداية والاستقامة.

10. لو تدبرتم ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ [التكوير: 7] أو بحثتم في تفسيرها لعلمتم أن محبة الصالحين والولاء لهم هو حبل النجاة الأكبر في الدنيا والآخرة.

11. احذروا أن يحصل لكم ما حصل لإبليس؛ فهو لم يستكبر على الله، وإنما استكبر على آدم، وهو يمثل كل رسول وخليفة وإمام وحجة.

12. الصالحون الذين أمرنا بموالاتهم مثل القوالب التي نصمم بها ما نريد صنعه والولاية هي وضع النفس في تلك القوالب؛ فمن أبى لم تكتمل صنعته.

13. إنما اكتسب أئمة الهدى هذا المنصب الرفيع بيقينهم وتقواهم وتضحياتهم؛ لا بأنسابهم؛ فالله تعالى لا يحابي أحدا من خلقه لأجل نسبه وحسبه.

14. أئمة الهدى أرفع شأنا من أن يكون المقصود منهم كل من يحمل نسبا لآل بيت النبوة.. فلو شاء الله لأخرج من الحجارة من يحمل ذاك النسب.

15. ما ضل بنو إسرائيل بعد أن عرفوا النبوة إلا لكتمان علمائهم للشهادة حرصا على بقاء النبوة في بني إسرائيل.. وهذا ما حصل في شأن الإمامة.

16. عجبا للذين يطالبون القرآن بذكر أسماء الهداة، إنهم لا يختلفون عن الذين طالبوا رسول الله بإنزال كتاب من السماء؛ فأين الاختبار حينها؟

17. تعظيمك لأولياء الله تعظيم لله؛ فلولا أن الله أمرك بتعظيمهم ما فعلت ذلك، ولذلك كان المشرك من أهانهم، لأنه بكبره صار معترضا على ربه.

18. حتى لو كان قلبك قاسيا كالحجارة؛ فاصدق لحظة واحدة فقط في حب العترة الطاهرة، وسترى كيف يتشقق منه الماء.

19. كل الذين رأوا استشهاد حمزة في فلم الرسالة يذكرون تأثرهم لذلك؛ فكيف لو رأوا الخيل تدوس ريحانة رسول الله، ورأسه قد وُضع على الرماح؟

20. قول رسول الله (لكن حمزة لا بواكي له) عام يخترق كل الأزمة وشامل لكل الصالحين؛ فالمحبون لا يحجبهم أي حجاب عن محبوبيهم وفي كل الأحوال.

21. ما دام ينصحك بزيارة المستشفيات ليرق قلبك؛ فلم يمنعك من الاستماع لآلام آل البيت وتضحياتهم؛ فهي لا ترققه فقط وإنما تملؤه قوة وعزيمة؟

22. أليس من الوقاحة أن ننتظر من رسول الله دعوتنا للبكاء على مظالم أهل بيته أم أن تعظيمنا وتوقيرنا له هو الذي يدفعنا إلى المبادرة لذلك؟

23. لم يفشل الإمام الحسين في خروجه.. فالشرارة التي أشعلها في وجه الاستبداد هي التي أحرقت كل قصور المستبدين، ودمرت كل قلاعهم.

24. للذين ينكرون علينا البكاء على الإمام الحسين، ألم يقرؤوا مدح الله للباكين على عجزهم عن نصره رسول الله.. فعلى هذا بكاؤنا.

25. للذين يستغربون بكاءنا على الإمام الحسين لم لا يستغربون فرحهم لنبي الله موسى أم أن الفرح مختلف عن الحزن أم أنه التطفيف في الموازين؟

26. لم تنعتون الباكين على الإمام الحسين بالسفه، وأنتم تفرحون لنجاة نبي الله موسى وقد مضت عليه مدة أطول؛ فهل الفارح عاقل، والحزن سفيه؟

27. لم كل هذه الضجة بسبب بكائهم لآلام العترة، وعدم بكائهم على الصحابة.. ابكوا أنتم على الصحابة، ودعوهم يبكون على من يشاءون؟

28. الذين يسألون عن جدوى الاهتمام بعاشوراء الإمام الحسين عليهم أن يبحثوا عن دورها في نجاح ثورة إيران في الوقت الذي فشلت فيه كل ثوراتهم.

29. الذكي هو الذي يستثمر العواطف الجياشة ليوجهها الوجهة الصحيحة؛ وهذا ما يحصل في عاشوراء، واستثمارها في الدعوة للحاكمية الإلهية.

30. دموع عاشوراء التي تسخرون منها هي التي تحولت إلى طوفان جرف الشاه الذي نصبه المستكبرون، ليتمكن المستضعفون من إقامة دولتهم العادلة.

31. كيف لا نحزن.. وكل ما حصل في التاريخ من تشويه ودماء وخراب وتخلف نتج عن ذلك القعود الجبان عن صحبة سبط الرسول لإنقاذ الأمة والدين؟

32. يصورون سيد قطب بأنه استشهد لتحقيق الحاكمية والعدالة، وفي نفس الوقت يذكرون أن الإمام الحسين قُتل لأنه لم يسمع نصيحة ابن عمر.

33. يخوّنون الشعب المصري لأنه لم يقف مع مرسي.. ثم يؤيدون الذين لم يقفوا مع الإمام الحسين، بل يعتبرونهم ممثلين للإسلام والشريعة والسنة.

34. تعتبرون شيخ الأزهر خائنا لأنه لم يسر في خط مرسي؛ فلم تعتبرون ابن عمر ناصحا حين بقي مع يزيد، وبايعه، ولم يبايع الإمام الحسين؟

35. لو استبدلنا كلمات القرضاوي في تسجيلاته القديمة التي يشيد فيها بالإخوان، بحركة الإمام الحسين لاُتهم بالتشيع والغلو.

36. يذكر القرضاوي في بعض لقاءاته مفتخرا أن بعض الصالحين تنبأ له بأن يأكل الفالوذج بين يدي الملوك، ولم يعلم أنه حذره من أن يفعل ذلك.

37. لو أن الأمة اهتدت بهدي الإمام الحسين في الثورة على المستبدين لما ظهرت كل تلك الامبراطوريات التي شوهت الإسلام وأخرت المسلمين.

38. عجبا للذي يعتبر ابن عبد الوهاب وحسن البنا من المصلحين الذين حفظ بهم الدين، ثم يعاتب أو يكفر من يصف الإمام الحسين بكونه حفظ دين جده.

39. عجبا للقلوب المريضة.. منذ متى أصبح الإمام الحسين فتنة؟ وهل أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحب الفتنة وموالاتها؟ وهل سيد شباب أهل الجنة فتنة؟

40. للذين عاتبوني حول منشوري عن أدعية الإمام السجاد: أخبروني عن الطريقة الصوفية التي تعتبر أدعيته من أورادها، وسأتراجع عن رأيي.

41. قرأت له بعض الأدعية؛ فأعجبه واستحسنه، وسألني عن صاحبه؛ فذكرت أنه للإمام السجاد؛ فنكص على عقبيه، وقال: متى تكف عن هذه البدعة؟

42. احذروا من الذين يحذرونكم من أدعية السجاد لتستبدلوها بأدعية الشاذلي والجيلاني؛ فالعاقل لا يستبدل العسل المصفى بالسكر المكرر.

43. نقص الجانب العاطفي في الحركات الإسلامية هو الذي جعلها عاجزة عن تجميع الجماهير حول الحاكمية الإلهية فالجماهير لا تقاد بالعقل المجرد.

44. العقل جوهر لا يمكن أن يفسد.. الفساد يكون لصاحبه الذي لا يستعمله، أو يستعمله بطريقة خاطئة، ولهذا أمر الله الجاحدين باستعمال عقولهم.

45. بربكم أيهما أكثر إقناعا للجماهير ذاك الذي يذكر لهم تضحيات آل بيت النبوة لتحقيق الحاكمية الإلهية أم ذاك الذي يذكر لهم تضحيات جماعته؟

46. ما المانع العقلي والشرعي في استثمار عواطف المؤمنين حول العترة الطاهرة لتوجيههم إلى قيم الإسلام وتحقيقها في الواقع في كل المجالات؟

47. بقدر حبك للإمام الحسين يكون حبك لجده، لأنه هو الذي طالبك بحبه، ولأنه لا يمكن أن يدعي أحد محبة الجد، وهو يتغافل عن آلام سبطه.

48. ملحمة كربلاء مدرسة تجمع بين الثورة وترقيق القلوب، ومن لم يتعلم فيها قد يصبح ثوريا، ولكنه لا يختلف عن الثور في شدته وغلظته وعنفه.

49. عندما نتعلم البكاء على الإمام الحسين وأهل بيته بحرقة وألم وصدق، سينبت الله من تلك الدموع كل أشجار السعادة في حياتنا.

50. عجبا للذي يدعوك إلى زيارة المقابر ليرق قلبك وتدمع عينك ثم ينهاك عن تذكر عترة نبيك وهم الذين يذكرونك بالله ورسوله وكل القيم النبيلة.

51. بربكم هل يستقيم في العقول أن يوقف رسول الله جميع الحجاج، وفي الحر الشديد، ثم يطلب منهم أن يحبوا عليا.. لا أن يوالوه موالاة شاملة؟

52. إن أردت أن تمتحن مشاعرك نحو العترة الطاهرة فاعتبرهم مثل أحب أهلك إليك، ثم انظر كيف تتعامل مع الذين يوالونهم أو يعادونهم.

53. لو يعلم دعاة الحاكمية الإلهية ما في الإسقاطات التاريخية لكربلاء وعاشوراء على الواقع، لجعلوا من كل يوم عاشوراء، ومن كل أرض كربلاء.

54. من العجيب أنهم يذكرون ما يسمونها [محنة الإمام أحمد] ويتأثرون لها ويبالغون فيها.. ثم يطلبون من الموالين نسيان محنة الإمام الحسين.

55. لا أحد من السلفيين إلا وقد سمع وحفظ ما يسميه [محنة الإمام أحمد]، لكنه يصبح أصم أبكم إن سمع أو سئل عن [محنة الإمام الحسين] لا أحد من أبناء الحركة الإسلامية يجهل ما حصل لسيد قطب وإخوانه في السجون، لكنه يصم أذنيه إن ذكرت له كربلاء ومآسيها.

56. أيهما أكثر تأثيرا أن نقول لهم: إن سيد قطب استشهد لتحقيق الحاكمية.. أم نقول لهم: إن الإمام الحسين استشهد وأهل بيته من أجلها؟

57. الذين تسخرون من بكائهم على الإمام الحسين استطاعوا أن يؤسسوا محورا قويا شجاعا، ملأ أعداءكم بالرعب، فأيكم أحق بالبكاء على نفسه؟

58. أنتم ترون الدموع، ولا تسمعون الكلمات التي تُفيضها، ولو أنكم تواضعتم وسمعتم لعرفتم أنها أكبر من كل الشعارات الجافة التي تترنمون بها.

59. بربكم أيهم أعقل وأحكم وأعظم بصيرة: ذاك الذي ينادي بقبضته: لبيك يا حسين.. أو ذاك الذي ينادي: لبيك يا رابعة.. مشيرا بأصابعه الأربع؟

60. من المفارقات أن بعضهم قد يبكي لفلم أو لأنشودة أو أغنية، لكنه يضحك عليك ساخرا إن رأى دموعك تفيض على مأساة كربلاء.

61. لا بأس جربوا أن تسمعوا مأساة كربلاء، ثم أمسكوا دموعكم؛ فإن أطقتم ذلك فأنتم على حق؛ فقلوبكم وعيونكم أقسى من الحجارة.

62. الذي يسمع ما جرى في كربلاء ثم لا يبكي أو يتأثر يستحق أن ينال الرقم القياسي في قسوة القلب، وجفاف العين، وبلادة المشاعر.

63. ويل للغافلين ألم يعلموا بأن البكاء على الإمام الحسين والتأثر له مدرسة في ترقيق القلب وتهذيب المشاعر وتحقيق السير التكاملي للإنسان؟

64. عدم كونك معاديا للعترة الطاهرة لا يكفي.. فالغفلة عنهم، وكتمان تضحياتهم، والعداوة لمواليهم، هي النصب الخفي الذي نصبه لك إبليس.

65. كُتب لهذه الأمة مرحلتان: ضعف وتفرق، وقوة ووحدة.. ولن تصل إلى الثانية حتى تعيد من عزلتهم إلى محالهم؛ فبسبب عزلهم ضعفت وتفرقت.

66. لكل أمة ابتلاؤها الخاص بها، وابتلاء هذه الأمة بعترة نبيها الطاهرة؛ ولن تستقيم على الطريقة، ولن تسقى الماء الغدق، حتى تعود إليهم.

67. لو أن الأمة سارت خلف الإمام الحسين بعد تولية يزيد، لما ظهر فيها كل تلك الآلات التي تسلطت عليها ابتداء من آل أمية وانتهاء بآل سعود.

68. للذين يتصورون أن ما حدث من تولية يزيد مجرد انتقال عادي للسلطة.. لا. لقد كان تخريبا كاملا للجمهورية الفاضلة التي دعا إليها الإسلام.

69. لو أن المسلمين وقفوا موقفا متشددا من الاستبداد التاريخي، ووقفوا مع العترة في معارضته، لما ظهر من ينسب الاستبداد للإسلام لا للتاريخ.

70. المغفلون بدل أن يصيحوا في العالم مفتخرين بأن سبط نبيهم قُتل ثائرا مع أهل بيته لتحقيق العدالة الشاملة راحوا يكتمون ذلك ويبرؤون منه.

71. أرأيت إن جاءك رجل بصحبة ولده؛ فرُحت تتودد لولده وتكرمه وتظهر له الاحترام.. هل يسيء ذلك والده، ويعتبر ولده منافسا له؟

72. للعقلاء في سؤال زكريا عليه السلام أن يكون له من الولد من يخلفه في بني إسرائيل عبرة؛ فمحل الرسالة ومنبع الهداية، هو الأحرى بالولاية والإمامة.

73. ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: 124] تشير إلى شرف المحل وأهليته؛ والعاقل لا يرغب عن الفاضل إلى المفضول، ولا ما اختاره الله لما اختاره هواه.

74. تمنيت لو ظهر في المدرسة السنية مثل الشاعر الكويتي محمد الحرزي، حتى يثبتوا لإخوانهم أنهم ليسوا أقل منهم اهتماما بالعترة الطاهرة.

75. تمنيت من إخواننا الذين يذكرون أنهم ليسوا أقل شأنا منا في التعلق بالعترة، أن يخصصوا بعض منشوراتهم عنهم، فالمحب يحب ذكر محبوبه.

76. لك أن تخالفني في مواقفي السياسية كما تشاء، لكن مواقفي المرتبطة بالعترة ليست عن تفكير واجتهاد وإنما هي من ذلك الذي لا ينطق عن الهوى.

77. عجبا للذين يتوهمون أن إشادتنا بالعترة توهين من النبوة.. أليس الثناء على الثمرة ثناء على الشجرة؟ وهل الثمرة سوى امتداد لبركات الشجرة؟

78. أعظم الوسائل التي هيأها الله لنا للترقي في معارج الكمال محبة الهداة؛ فهي الإكسير الذي يجمع بين نفوسنا ونفوسهم لننصبغ ببعض جمالهم.

79. العاقل هو الذي يحتج بكون إمامه إمام هدى، والأحمق هو الذي يهون من غيرهم ممن ألفهم الناس؛ فيبعدهم عن أئمتهم من غير أن يقنعهم بإمامه.

80. دعوتي إلى أئمة الهدى من العترة النبوية لا يعني دعوتك لإلغاء غيرهم؛ فتمسكك بالإمام الصادق والباقر لن يحرمك من تمسكك بمالك والشافعي.

81. مباركة تلك الأيدي التي تمتد إليك سيدي في يوم الغدير لتبايعك بالإمامة.. لا يحول بينها وبينك مئات السنين.. فالحب يخترق كل الحجب.

82. عندما نتحدث عن الإمام علي لا نتحدث عن الماضي وإنما عن الحاضر والمستقبل.. فالهداية والقيم النبيلة لا تعرف حجب الزمان والمكان.

83. أليس من العجيب أن يشيد المسيحي والبوذي والشيوعي بالإمام علي وبحكمه الممتلئة بالقيم العالية.. ثم يتجاهلها مسلم، بل يحذر منها؟

84. زمان الإمام علي مثل أزمنة الأنبياء وأئمة الهدى زمن مقدس لا علاقه له بالتاريخ، ولن تُقدس نفس إلا بالرحيل إليه، لتنال من هديه ومدده.

85. مثلما أذن إبراهيم في الحج للناس جميعا؛ فكذلك كان النداء يوم الغدير للناس جميعا وفي جميع العصور، ونحن نشهد يا رسول الله أنك قد بلغت.

86. يا رسول الله.. إنا لم ولن ننسى غدير خم، وإنا نوالي من طلبت منا موالاته، ونعادي من طلبت منا معاداته، حتى لو كان جميع البشر.

87. الذي يطالبنا عند ذكر الإمام الحسين بعدم الحديث عن كربلاء كمن يطالب محبي تشي غيفارا بعدم الحديث عن ثورته والاكتفاء بحياته العادية.

88. أتحدى الذين يدعون أنهم يحبون الإمام الحسين أن يذكروا لي شيئا من كلماته أو سيرته عدا فترة صباه.. فالحسين عندهم مات صبيا.

89. بربكم إن نزعتم كربلاء عن الإمام الحسين وصفين والجمل عن الإمام علي كيف نقتدي بهم في التعامل مع المارقين والناكثين والبغاة والمغيرين.

90. للذين يبحثون عن علم الطاقة: ضعوا في قلوبكم الإمام الحسين وهو يواجه كل الطواغيت.. وستتزودون بما يكفيكم لتحمل كل صعب ومواجهة كل تحد.

91. من أراد أن يكون مع الإمام الحسين في كربلاء؛ فعليه أن ينصر رسالته مهما اشتد النكير عليه؛ فهو لم يضح بنفسه وأهله إلا لأجلها.

92. الذين يدعون إلى كتمان ما حصل للإمام الحسين لا يختلفون عن قتلته؛ فأولئك قتلوا جسده، وهؤلاء يقتلون ما قُتل من أجله.

93. عجبا لقوم يكذبون كل ما ورد في الأحاديث المتواترة عن انحراف الأمة بعد نبيها واتباعها سنن من قبلها لأجل سواد عيون المحرفين.

94. (هل من ناصر ينصرني؟) لا يسمعها إلا من تخلص من الرعونات والأهواء، وصار تلميذا خالصا للأنبياء والأولياء، وأهلا للتضحية والفداء.

95. إن كنتم صادقين في محبتكم لآل البيت؛ فكيف تقبلون كل الفقهاء مهما اختلفت أعراقهم، وترفضون الإمام الصادق مع كونه حفيد رسول الله؟

96. لو أن الإمام الحسن امتد به العمر ولم يقتل ورأى تحول الحكم الإسلامي إلى حكم ملكي لخرج إلى كربلاء مثلما خرج أخوه ليصلح دين جده.

97. أئمة الهدى لا يتعارضون ولا يتناقضون لأنهم يستمدون من منبع واحد وهو كلام ربهم وسنة نبيهم التي رُبوا عليها فلم تختلط مشاربهم بغيرها.

98. أليس من العجب أن يُترك الحسنان سيدا شباب أهل الجنة، ثم تمد الأيدي بالمبايعة للطلقاء، ويجلس المسلمون بين يدي اليهود يفسرون لهم القرآن؟

99. نحن لا نعيش التاريخ، وإنما نعيش مع الصادقين الذين أُمرنا أن نكون معهم، لنتأدب على أيديهم: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119].

100. عندما تشعر بتضحيات الإمام الحسين أنت لا تحزن فقط، وإنما تبني في نفسك كل معاني الرقة والتضحية والصدق؛ فذلك الشعور مدرسة في التربية.

101. للذين يتوهمون أننا نفاضل بين الحسنين: هل ذكر الله لموسى أكثر من ذكره لإبراهم دليل على أفضليته عليه، أم أن الدواعي هي ما اقتضى ذلك؟

102. اقرؤوا بنود الصلح الذي جرى بين الإمام الحسن والطلقاء لتعلموا أنه لم يكن سوى تهيئة لعودة الحق لأهله، لكن البغاة على أبيه بغوا عليه.

103. يا من تعدون صلح الإمام الحسن عام جماعة: هل كان صلح الحديبية عام توافق للمسلمين والمشركين، أم أنه كان فرصة لإعداد القوة لمواجهتهم؟

104. إذا هدد مجرمون مدير مستشفى بقتل من فيه؛ فاضطر للتوقيع على الاستقالة، هل تعتبرون ذلك اعترافا؟.. هذا ما حصل للإمام الحسن.

105. عجبا لكم إذ تعتبرون العام الذي أزيح فيه الشرفاء وثُبت فيه الطلقاء عاما للسنة لا للبدعة.. فهل السنة أوصت بالتقاة، أم بالبغاة؟

106. اكتفاؤك في انتصارك للعترة الطاهرة بذكر مظلوميتهم ظلم لهم؛ لأنك تصورهم بصورة الضعفاء الذين لا يستحقون أن يكونوا قدوة أو أئمة لغيرهم.

107. العترة الطاهرة هم الأمة المهتدية الموصوفة بالخيرية، والسعيد من لحق بهم، وانضم إليهم، لا من دعاهم إلى طائفته، أو حكم عليهم بأحكامها.

108. يمكنكم أن توبخوني، ولكم الحق في ذلك إن رأيتموني أربط الدعوة للعترة بأي طائفة؛ فهم أكبر من الطوائف، لأنهم أعلام الهداية للأمة كلها.

109. إن كان الفضل قاصرا على النسب؛ فقد كان يوسف وإخوته مشتركين فيه، لكنه تميز عنهم بعقله ودينه وأخلاقه؛ فصارت له الولاية عليهم بذلك.

110. أنساب أئمة الهدى زيادة في فضلهم، ودليل على منبعهم الطاهر، وليست سبب كونهم أعلاما للهداية؛ فالهداية بالأعمال لا بالأنساب.

111. حيلتهم لرد أحاديث أئمة الهدى: اتهام أصحابهم ومن رووا عنهم مع أنهم يقبلون من أصحاب المذاهب كل رواتهم وهل يروي عن الإمام إلا أصحابه؟

112. عندما أرادوا أن يعزلوا العترة الطاهرة راحوا يعتبرون كل ما روي عنها مكذوب، لتبقى العلاقة بها محصورة في عواطف لا أثر لها في الحياة.

113. الذين يجادلون في ضرورة الإمامة لا يختلفون عن دعاة اللامذهبية والتي هي سبب الفوضى الدينية، لأنها تجعل لكل شخص دينا خاصا به.

114. إن لم تتشرف بأن تكون من الموالين لأوليائه؛ فاحذر أن تكون من المعادين لهم؛ فالمسافة بينهما قريبة جدا.

115. أيهما المغالي: ذاك الذي اكتفي بوصف أئمته المتفق عليهم بكونهم أئمة هدى، أم ذاك الذي وصف إمامه المختلف فيه بأنه شيخ الإسلام؟

116. لا يهمني أن تكون مالكيا أو شافعيا أو حنبليا أو حتى سلفيا المهم ألا تفرط في وصايا نبيك بعترته والتي لا تتحقق إلا بالولاء الكامل لهم.

117. للذين يعتبرون دعوتي للعترة الطاهرة بدعة وتفرقة، هل حديث الوصية بالثقلين المتفق عليه بين الأمة جميعا دعوة للبدعة والتفرقة؟

118. اسألوا الباحثين المحدّثين المحققين ليحدثوكم عن التتمة الصحيحة المتفق عليها لحديث: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا..) (1)

119. يمكنك أن تذكر حديث عنترة أو الشنفرى أو تأبط شرا، ولن يكذبك أحد.. لكنك إن ذكرت حديث أحد من العترة بادروا للتكذيب، ومن غير تحقيق.

120. أليس من العجيب أن تقبلوا باصطفاء الله لآل عمران، ثم لا تقبلوا باصطفائه لآل محمد ص؛ فهل عمران خير من محمد ص، ليكون آله أفضل من آله؟

121. للعقلاء في آل عمران وآل إبراهيم إشارة بليغة لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ ففضل الله الذي شمل آليهما لا يقصر عن آل أفضل رسله وأكملهم وأشرفهم وخاتمهم.

122. هم أكثر الناس عداوة للقرآنيين لكنهم وفي لمح البصر يتحولون إلى قرآنيين بل منكرين للسنة إن أتيتهم بأحاديث العترة الواردة في مصادرهم.

123. تذكر أمامه من تشاء فيؤيديك أو يسكت عليك، لكنك إن ذكرت الإمام الحسين صاح فيك بقوة: لم لا تذكر جده.. وحمزة.. وفلان.. وعلان؟

124. عجبا للذي يطالبنا بعدم ذكر الإمام الحسين والاكتفاء بذكر جده.. أليس ذكر الثمرة ذكرا للشجرة؟.. أليس حب الفرع حبا للأصل؟

125. لا تخافوا على آخرتنا، بل خافوا على آخرتكم، لأنكم لم تسالموا من سالم رسول الله، ولم تحاربوا من حارب، بل تذبذبتم بين هؤلاء وهؤلاء.

126. بربكم كيف تطبقون وصايا النبوة بمودة القرابة وأنتم لا تفرحون لفرحهم، ولا تحزنون لحزنهم، ولا توالون من والوا، ولا تعادون من عادوا.

127. للأسف، خوف علمائنا من التشيع هو الذي جعلهم يروون عن الجميع حتى عن أحبار اليهود، ويتركون أحاديث الإمام علي وحِكمه بل يحذرون منها.

128. بربكم كيف لا ينتشر النصب للعترة الطاهرة، وأكثر الأئمة والخطباء يعتبرون ابن تيمية ـ شيخ النواصب ـ شيخا للإسلام ومتحدثا رسميا باسمه؟

129. يصف ابن تيمية بكونه شيخ الإسلام.. لكنه يستكثر على علي وصف الإمام.. فهل ترون هذا من السنة، أو من الإسلام؟

130. من المصادرات والمغالطات والخدع أنك إن حدثته عن الولاء للعترة، قال لك: نحن نوالي رسول الله.. أليس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي أمر بذلك؟

131. إذا كان هلاك ثمود بسبب قتلهم لناقة؛ فكيف تريدون لهذه الأمة أن يصلح حالها وهي لم تتب بعد من دفاعها عن قتلة أئمتها من العترة الطاهرة.

132. لا تتعجبوا من الحرائق التي أحرقت الأمة على مدار التاريخ.. فكلها شعلة من تلك النار الآثمة التي أحرقت تلك الخيام المقدسة يوم عاشوراء.

133. لا حرج عليك أن تستشهد بتشي جيفارا وغاندي ومونديلا أو أي اسم آخر.. ما عدا الإمام الحسين لأنك إن فعلت ذلك فأنت فتان مبتدع زنديق ضال.

134. للذين يسألون عن قيمة عاشوراء: عليكم أن تعرفوا أن الدولة الإسلامية الوحيدة كاملة السيادة لم يحصل لها ذلك إلا بشعار: هيهات منا الذلة.

135. ليس هناك غلو في حب الإمام علي أو أئمة الهدى؛ فاملأ قلبك بحبهم حتى تتمكن الهداية منه؛ فحبك لهم حب للنبوة، وحب للهداية، وحب لله.

136. أنا موقن تماما لو أن منشوراتي عن الإمام علي أو الإمام الحسين كانت عن معاوية والطلقاء، لأشاد بسنيتي وفضلي كل من يلعنني الآن ويسبني.

137. للذين يشكون في سريان النصب في الأمة بسبب علماء الفتنة، اذهبوا إلى مساجدكم، وأشيدوا بعلي والزهراء والحسنين وستكتشفون ذلك بأنفسكم.

138. لو قيل لهم: إن داود خلفه أولاده في إمامة بني إسرائيل، لما تعجبوا، لكن إن قيل ذلك في حق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سارعوا بالإنكار؛ أليس ذلك تناقضا؟

139. الكل يجعل بينه وبين نبيه وسائط: المالكية مالكا، والشافعية الشافعي، والأشاعرة الأشعري؛ فلم العتب على من جعلوا آل نبيهم واسطة هداية؟

140. ألا ترون من التعنت أن تنقلوا عن أئمة المذاهب ما ذكره أصحابهم، لكن إن جئتم إلى العترة لم تقبلوا الرواية من أصحابهم؛ فأنى يكون ذلك؟

141. ما دمتم تذكرون أن العترة الطاهرة أتوا بنفس ما أتى به غيرهم من العلماء والمصلحين؛ فلم تتجاهلونهم وتنسبون الإصلاح لغيرهم دونهم؟

142. من شدة رعبه من الاتهام بالتشيع والرفض، إذا ذكر عليا قال: رضي الله عنه وعن معاوية.. وإن ذكر الزهراء قال: رضي الله عنها وعن عائشة.

143. أليس من التناقض أنكم تدعون أن حب العترة ليس خاصا بالشيعة، لكنكم تتهمون كل من يذكرهم، أو يدعو إليهم، أو يواليهم بالتشيع؟

144. أليس من النصب أن تنقبض نفسك عند كل ذكر للعترة الطاهرة، في نفس الوقت الذي تطمئن وترتاح إن ذُكر أعداؤهم؟

145. يا من تفضلون الصحابة على الآل، دعوا الصلاة عليهم في الصلاة إذن، وصلوا بدلهم على الصحابة، وحتى الطلقاء إن شئتم.

146. ليت ما قاله الفرزدق للإمام الحسين: (قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية) ينطبق على نواصب العصر؛ فقلوبهم وسيوفهم وكل كيانهم مع بني أمية.

147. يضعنا البعض بين أمرين كلاهما مر: إما إسلام العنف والحقد أو العلمانية الغربية وينسون الإسلام المحمدي الأصيل الذي لا حل للبشرية غيره.

148. علامة الحب في الله البغض في الله.. ولذلك يستحيل أن يجتمع في قلب واحد حب العترة النبوية مع حب من عارضها وسبها ومارس كل الجرائم ضدها.

149. إن أفردت أي واحد من الصحابة بالثناء فأنت من الفرقة الناجية، لكن إن ذكرت عليا أو العترة فاذكر غيرهم ولو من أعدائهم وإلا فأنت من..

150. بدل أن تجادل في السرداب، وتسخر من إخوانك بسببه.. ابحث عن كيفية الخروج من السرداب الذي وقعت فيه الأمة؛ فأصبحت في ذيل الأمم.

151. ما وقع في الأمة من إبعاد العترة وإذيتها انحراف وليس اختلافا والمطلوب عودة المنحرفين إلى وصايا النبوة لا دعوة المحافظ عليها لتركها.

152. كيف أكون مبتدعا في دعوتي إلى العترة الطاهرة، وقد وردت الدعوة إلى التمسك بهم وركوب سفينة نجاتهم في الأحاديث النبوية، وفي مصادر الفريقين؟

__________

(1) نص الحديث كاملا: (أيها الناس إنى تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما ‌لن ‌تضلوا ‌بعدى ‌أبدا، وأحدهما أفضل من الآخر، كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض، وأهل بيتى عترتى، ألا وإنهما لم يتفرقا حتى يردا على الحوض) المعجم الكبير للطبرانى 3/ 63 حديث 2678، وغيره كثير.

14. الصحابة والقرابة

1. قارنوا بين عدد الكتب التي كتبوها عن معاوية، وعدد التي كتبوها عن بلال وعمار وأبي ذر.. وستعرفون مفهوم الصحابة عندهم.

2. أيهما أقوم وأبلغ حجة: ذاك الذي يطبق قوانين العدالة على الجميع أم ذاك الذي يستثني سلفه أو خلفه؛ فيتوهم أن قوانين العدالة لا تشملهم؟

3. رضوان الله في سورة الفتح مرتبط بالبيعة، لا بذات المبايعين؛ فلذلك كان النكث جالبا للسخط رافعا للرضى؛ فالله يجازي عباده بحسب أعمالهم.

4. بربكم، ألا يكفي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال: 74] لإثبات إيمان أبي طالب؛ فهل في الأمة من طبق الآية أكثر منه؟

5. أكبر مظلوم في هذه الأمة [أبو طالب]؛ فقد ظلمته قريش بالأذى والحصار، وظلمه أكثر المسلمين باتهامه بالشرك والحكم عليه بالخلود في النار.

6. [أبو طالب] ليس تاريخا، بل يمكنك أن تجعله بداية جيدة للتحقيق والبحث لتفرق بين الإسلام الأصيل، والدخن والدخيل الذي دسه أعداؤه.

7. لو استعملت عقلك قليلا لعلمت أن في ترضيك على أبي سفيان واعتباره صحابيا جليلا، واعتبار أبي طالب من أهل النار فيها ألف إنّ ولكن وكأن.

8. أليس من العجيب أن يشيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعمار وأهل بيته، ويخبر أن موعدهم الجنة؛ ثم إذا سألت أي شخص عن المبشرين بالجنة لا يذكرهم من بينهم؟

9. ما دمتم تتحسسون من العترة؛ فسيروا خلف عمار بن ياسر فهو من السابقين وقد اعتبره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم داعية للجنة واعتبر مخالفيه دعاة إلى النار.

10. عمار بن ياسر من أسبق السابقين، وأبواه أول شهيدين في الإسلام وشارك في كل المعارك، ومع ذلك لا يرتب في أوائل الصحابة لأنه ليس من قريش.

11. مع أن حجر بن عدي من الصحابة العباد الأجلاء؛ إلا أنهم تركوه وأهملوه بل أيدوا من قتله من المستبدين الطلقاء؛ فهل يمكن اعتبارهم عقلاء؟

12. سلوا رأس حجر بن عدي، ومن قطعه ولِم قطعه، وأين وضعه، ولم فتش عنه تلاميذ الطلقاء وأخفوه.. لتكتشفوا الحقائق، وتزول عن عقولكم الغشاوة.

13. عندما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر: (وتموت وحدك)(1) كان يشيد به وبتضحياته، لكن المنحرفين غفلوا عنها وعن غيرها من المناقب خوفا من الاستيقاظ.

14. (كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته) (2) قالها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد فيمن تدافعون عنهم وتترضون عليهم وتتهمون بالبدعة من يحذركم منهم.

15. لتعرفوا مدى الانحراف اقرؤوا ما وقع بين أبي ذر ومعاوية من خلاف.. وكيف انتصر الأدعياء للمنحرفين الطلقاء على حساب السابقين الأصفياء.

16. أيها المدعون حب الصحابة: هل تعرفون كيف استشهد محمد بن أبي بكر، ومن قتله، ولم قتله، وكيف قتله؟.. إنهم نفس الذين تدافعون عنهم.

17. يقول لك مفتخرا: أنا أحب الجميع.. القاتل والمقتول.. وهو لو أخذ منه جاره شبرا من داره لأبغضه وهجره وحذر منه ولعنه طول حياته.

18. إن شئت أن تكون من أصحاب التفكير الحر؛ فاقرأ سيرة أبي ذر، فهو من شهد له رسول الله بالصدق والثبات في الدين إلى آخر لحظة.

19. لِم يحق لك أن تحزن لرابعة ثم تلومني على حزني لمأساة الحَرّة وقد وقعت في المدينة وضحاياها مئات الصحابة؛ فهل جماعتك أفضل من الصحابة؟

20. أليس من العجب أن نقرأ: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ [التوبة: 101] ثم نقول: كلهم عدول؟

21. اقرؤوا سورة براءة بصدق وتدبر لتعرفوا أصناف المعاصرين للنبوة؛ فالله لم يذكر ذلك عبثا.. فالقول بالعدالة المطلقة تكذيب لله ورسوله.

22. عندما أراد الطلقاء تعويض ما فاتهم من التلمذة على النبوة اخترعوا: (أصحابي كلهم نجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) ليستوي المجتهد مع الكسول.

23. الذي أنشأ تدينا متناقضا هو ما يردده الخطباء أثناء دفاعهم عن الصحابة: كانوا يتقاتلون فإذا حضر وقت الصلاة يضعون سيوفهم ليصلوا جماعة.

24. كما أن في الجيل الأول من فدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه؛ ففيهم من فر عن نصرته، وفيهم من هم بقلته، وفيهم من كان يراجعه في كل شيء.. فهل يستوون؟

25. عندما طلبت منه الدليل على فضل الطلقاء قرأ قوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾ [التوبة: 100]، بربكم هل يفقه هذا (...؟) ما يقرأ؟

26. أيهما أكثر احتراما لأصحاب النبي: ذاك الذي يذكر المضحين بكل شيء لنصرته، أم ذاك الذي يذكر الانتهازيين الذين استعملوه لتحقيق مصالحهم؟

27. أنتم تذكرون أن نفاق ابن أبي سببه كونه كان رئيسا على قومه؛ فلم لا يكون نفس السبب ساريا في رؤساء قريش، أم أن قريشا معصومة من النفاق؟

28. تدبروا الآيات التي نهى الله فيها عن طرد المستضعفين لتروا أنهم قد طردوا فعلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن ولي عليهم من كانوا يعذبونهم.

29. بربكم كيف يقدّر العترة من لا يعرف من التاريخ إلا أسماء الملوك والسلاطين أما زيدا وإدريس وصاحب النفس الزكية وغيرهم فهم مجاهيل عنده؟

30. الصحابة أنفسهم يذكرون التحريف الذي وقع في الدين، وشموله لكل شيء حتى الصلاة، ويلومون من فعل ذلك؛ فهل أنتم أحرص منهم؟

31. من دلائل المخالفة للقرآن اعتقادهم أن قريشا كلها أسلمت، وليس فيها منافق واحد، وكأن النفاق كُتب على أهل المدينة، وعلى عصر النبوة.

32. مع أن القرآن وصف الأنصار بالإيثار إلا أنهم لم يلقوا بعد نبيهم سوى الأثرة.. أليسوا أصحابا؟ أم أن الدين والصحبة خاصة بقريش؟

33. أيهما أولى وأجدى: أن تدعو إلى إحياء الإسلام في الواقع من خلال من اختلف في كونهم مصلحين ومجددين أم من العترة الطاهرة المتفق عليها؟

34. ما دمت لم تتأس بسلمان المحمدي؛ فتترك كل ما يحول بينك وبين الحق؛ فلن تصل إلا إلى الأهواء؛ فالحق أعظم وأعز من أن يناله الجبناء.

35. عندما يصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أغلى وأوثق عندك من كل من عداه، حينها يمكنك أن تصل إلى دين الله الخالص، أما وأنت تساوي معه غيره، فلن تصل أبدا.

36. احذروا أن تحسبوا يوم القيامة من قتلة عمار وإخوانه؛ فالله تعالى اعتبر اليهود المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قتلة للأنبياء لرضاهم عمن قتلوهم.

37. هم يطلبون المباهلة كل حين، وأنا أقول: يا رب العن كل من سب الصحابة الصادقين الثابتين الذين رضيت عنهم، والعن كل من رضي على من سبهم.

__________

(1) أخرجه الحاكم (3/52، رقم 4373) وقال: صحيح الإسناد. وابن عساكر (66/216).

(2) البخاري (4073)، ومسلم (1793)، والبيهقي في الأسماء والصفات، ص 504، وفي دلائل النبوة 3/261، والبغوي (3750).

15. أخلاق وتزكية

1. خيريتك ليس في الانتماء للقطيع، وإنما في البحث عن الهداة الصادقين أصحاب الصراط المستقيم الذين لا يمكن أن يقودك للحقيقة غيرهم.

2. لا تغتر بكونك من خير أمة أخرجت للناس؛ فقد ينتمي لأشرف الجامعات أكسل الطلبة؛ فلا يكون ذلك حجة له، بل حجة عليه.

3. القلب المريض يستقبل الحقائق لا كما هي وإنما يمزجها بأهوائه وأمراضه ونفسه؛ فلذلك تتحول إلى مركبات مليئة بكل جزئيات الحقد والكراهية.

4. [التواصل الدائم] إن أردت دوام الاتصال بأهلك وأصحابك بعد وفاتك؛ فاجعل صلتك بهم في الله في حياتك؛ فما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره انقطع وانفصل.

5. [القبول والوصول] إذا منّ عليك بالقبول؛ فاتخذه وسيلة للوصول؛ فهو أكرم من أن يتقبل العمل، ثم لا يتقبل العامل.

6. [كمالك وكماله] إن شئت أن ترى الجمال المودع في الكمال؛ فتخلص من ذاتك الممتلئة بالنقص، لتنعكس على مرآة قلبك أنوار كماله وجماله؛ فكمالك مرهون بكماله.

7. [معارج الكمال] كيف تريد أن تبلغ مبلغ الكمال، وأنت تكسر كل المعارج التي وصفت لك لترتقي بها.. وهل يمكن أن يصل أحد إلى الكمال من غير وسيلة للترقي؟

8. [حجب الهداية الصافية] لا يمكنك أن تصل إلى منبع الهداية الصافي ما لم تتخلص من كل الحجب التي تحول بينك وبينها وأولها ذاتك وما تعلق بها من العلائق والروابط.

9. [جميع الوصايا] من العجب ألا تفرط في وصايا أبيك وجدك؛ فتعمل بها جميعا، لكنك تستهين بوصايا النبوة، مع أن التفريط في وصية واحدة قد يقضي عليها جميعا.

10. [التسليم والأنا] أول الإيمان التسليم.. وأول التسليم إزاحة الأنا.. فالله لا يُعبد كما تريد، وإنما كما يريد.

11. [سر الخلة] من أراد أن يعرف سر خلة إبراهيم عليه السلام ورفع ذكره؛ فليتذكر تلك السكين التي وضعها على رقبة ابنه طوعا لأمر ربه من دون تردد.

12. [الخاتمة والغرور] أخطر الغرور الطمع في الخاتمة الحسنة من غير تقديم للعمل الصالح؛ فالمرء لا يموت إلا على ما عاش عليه؛ والخاتمة ليست سوى عصارة للحياة.

13. [الروح والجسد] لا تتوهم أن قوانين الروح هي نفس قوانين الجسد؛ فهما من عالمين مختلفين؛ فجسدك من عالم الخلق، وروحك من عالم الأمر، ولله الخلق والأمر.

14. أعظم حسرة تُعض لها الأصابع التفريط في جنب الله وذكره والشعور بحضوره ومعيته في كل شيء؛ فالله هو الخير المطلق، ومن فاته فاته كل شيء.

15. الأخلاق ملكات نفسية راسخة لا تفرق في تعاملها بين جهة وأخرى، فيوسف المحسن مع والديه، أو وهو عزيز مصر، هو نفسه المحسن في سجنها.

16. إن تحكمت في نفسك فلا عليك أن يستعصي عليك غيرك؛ فكم في التاريخ والواقع ممن تحكم في الملايين بكل الأسلحة ثم قضت عليه نفسه وهي عزلاء؟

17. إن لم تكن قادرا على ضبط نفسك والتحكم في أعصابك؛ فلا داعي لأن تتصدى لدعوة الخلق لله، فالداعية للصبور الحليم يحتاج أن يكون صبور حليما.

18. لو جاز للطيبين التعامل مع الخبثاء بنفس أسلوبهم، لما قال تعالى: ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ [الأنفال: 37].. ذلك أن الكل سيصبح حينها خبيثا.

19. المشاعر مثل الطعام يمكنك أن تتحكم فيه قبل أن تضعه في فمك ويبتلعه بلعومك؛ وبعدها تفقد السيطرة عليه، وهكذا يمكنك التحكم في مشاعرك.

20. كما يمتص جسمك مكونات الطعام، ليتمثل في جسمك، تمتص نفسك أيضا كل مشاعرك، لتشكل منها روحك وحقيقتك التي ستتنعم بها أو تتعذب هنا أو هناك.

21. لا تستهن بمشاعرك أو تحتقرها أو تسلمها لمن هب ودب فهي بإمكانها أن ترتفع بك إلى آفاق السموات العلى ويمكنها أن تنزل بك إلى حظيظ الثرى.

22. قلبك صندوق جواهر كريمة؛ فلا تملأه إلا بما يناسبه، والتراب ليس مما يناسبه.. وكل ما فوق التراب تراب.

23. الشرف والرذالة، والكرامة والنذالة، تتحقق بالكسب لا بالنسب، وبالعَرق لا بالعِرق، فكم سود الناس من العبيد، وكم احتقروا من السادة.

24. المؤمن في حسابه للربح والخسارة يتذكر دائما موازين الله الدقيقة، فلذلك قد يبدو بصورة المغفل الأبله، مع أنه العاقل الحكيم.

25. قد تخسر عند التزامك بطاعة الله بعض ما يربحه غيرك من شهوات وامتيازات، لكنك ستربح نفسك ومصيرك، والخاسر الحقيقي من خسر نفسه ومصيره.

26. [غاية الخلق] ما أحط همة من يتوهمون أن غاية خلق الإنسان تحقيق الرفاه والعدالة، ثم يغفلون عن أعظم الغايات وأجلها وهي التعرف على الله والتواصل معه.

27. [الحقيقة المقدسة] إن وصلت إلى حقيقتك المقدسة عن الأهواء فستسمع نداء الربوبية: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: 172]، وستجيبه بكل عشق: بلى.

28. [نعمة الجسد] جسدك هدية الله لك لتؤدي وظائفك على أحسن الوجوه؛ فاحذر أن تعتبره ملكك، فتتلاعب بصحته؛ فقد يكون خصمك عند الله لكل ألم تسببت له فيه.

29. [الحركة الجوهرية] كما أن الفحم يمكن أن يتحول إلى ألماسة ثمينة بالضغط الشديد.. يمكنك تحويل نفسك إلى جوهرة مقدسة بالمجاهدة والرياضة والتربية والتأديب.

30. [خسارة النفس] احذر أن تخسر نفسك، فإنك إن خسرتها خسرت كل شيء.. دنياك وآخرتك.. وحقيقتك ووظيفتك.. وفوق ذلك ربك؛ فهي وسيلتك إليه.

31. [ضرورة النفس] لا تتشاءم من نفسك، وإن تعنتت عليك.. فلولا مجاهدتك إياها، وتهذيبك لها ما تحققت لك تزكية، ولا تمكنت من ترقية.

32. [السراج المنير] لا يشعر ببرودة الروح، وظلام الكون، وقسوة الحياة إلا ذلك الذي أبى أن يجلس تحت أشعة السراج المنير الذي جعله الله رحمة للعالمين.

33. [الحقيقة الإنسانية] حقيقتك أعظم من أن تدركها حواسك؛ فهي مقيدة بقيود الأجسام.. فتحرر منها لتعرف ذاتك، وتحدد نوعك، وتعرج إلى العالم الذي جئت منه.

34. [الوجود الوهمي] أكبر الأوهام ومبدؤها اعتقادك أن وجودك منك، لا منه، واستمراره بك، لا به.

35. [الوجود الحقيقي] عندما تتخلص من وجودك الوهمي الذي يعزلك عن الكون المسلّم لربه، يمدك بالوجود الحقيقي الذي يصلك بربك.. وحينها فقط تعرف حقيقتك.

36. [الزينة والفتنة] هو أرحم من أن يمنعك من الزينة التي ترغب فيها نفسك، لكنه منعك من أن تفتن بها غيرك.. فكن رحيما بخلقه، مثلما كان رحيما بك.

37. [حصن النعم] حصّن ما تفضل به عليك من نعمه بشكرك له، وتخليك عن حولك وقوتك.. فلولاه لم تكن أنت، ولا النعم التي أسديت لك.

38. [الران والإشكالات] ما ينقدح في عقلك من الإشكالات قد لا يكون بسبب ذكائك الحاد، وإنما بسبب الران الذي طغى على بصيرتك؛ فحال بينها وبين رؤية الحقيقة.

39. [الفرح القاتل] هو لم ينهك عن الفرح الذي هو سبب لسعادتك، وإنما نهاك عن الفرح الذي هو سبب لفخرك وخيلائك وكبرك وطغيانك.. فمآله حزن وألم.

40. [مواقف المبتلين] لا تنظر لصورة البلاء وانظر لمواقف المبتلين؛ فهي التي تحدد كونه أجرا أو وزرا؛ فالنار التي تحرق الجميع كانت بردا وسلاما على إبراهيم.

41. [العجائب والقابلية] من إكرامه لأوليائه إطلاعهم على عجائب الملك والملكوت، بحسب قدراتهم، لا تزيد عليها، ولا تنقص منها.. طلبوا أو لم يطلبوا.

42. [حجاب الزمن] ليس بينك وبين أن ترى الحقائق رأي العين سوى حجاب الزمن الذي يتقشع كل لحظة.. فاحرص على ألا ترى هناك إلا ما أيقنت به هنا.

43. [الرؤية والبصيرة] لا يمكن أن ترى الله إلا ببصيرتك؛ فبصرك لا يرى إلا الحدود والقيود، والألوان والأشكال، والجواهر والأعراض.. وربك منزه عن ذلك كله.

44. [الصدق والهداية] إن كنت صادقا في طلبه؛ فعليك أن تبدأ السير، وهو سيتكفل بالباقي.. ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: 17].

45. [طلب الله] إن وفقك لأن تمد يديك إليه بالسؤال؛ فاجعله على رأس مطالبك وحاجاتك.. فلا يمكنك أن تغتني، أو تهتدي، أو تسلم، أو تغنم من دونه.

46. [المعرفة والسلام] كاذب ذلك الذي يدعي معرفة الله وقلبه ممتلئ بالأحقاد والكراهية.. فمعرفة الله أقدس من أن تتنزل على قلب مدنس.

47. [البصيرة والهداية] احذروا العميان الذين يدّعون أنهم يهدونكم سواء السبيل؛ فالهداية لدين الله لا يملكها إلا أصحاب البصيرة الذين أبصروا بالحق لا بأنفسهم.

48. [تهوين الزواجر] من أعظم وسائل الشيطان لإبعادك عن الورع والتقوى تهوينه الزواجر الإلهية للمنحرفين.. وكأن كل ما ورد من الإنذار الإلهي عبث ولغو.

49. [العبودية والسجود] احذر أن تكون كإبليس الذي أبى السجود لآدم.. فعبوديتك لله قد تقتضي السجود لغيره طاعة له، وتسليما لأمره.

50. [البلاء والذنوب] ألا تخجل من نفسك، وأنت تطلب من ربك رفع البلاء، مع أنك لم ترفع ذنبك الذي كان سببا فيه.. فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة.

51. [الفتنة والنعمة] أباح لك طيبات الحياة الدنيا لتستعين بها على الرحلة إليه.. لا لتنشغل بها عنه.. فإن انشغلت بها عنه كانت لك فتنة لا نعمة.

52. [حوض النبوة] من رغب عن هدي النبوة في الدينا، لن يشرب من حوضها في الآخرة، ولن ينال شفاعتها.. فالآخرة حصاد غرس الدنيا.

53. [استغفار الأنبياء] إياك أن تتهم الأنبياء بالخطايا لما تراه من كثرة استغفارهم؛ فهم لا يفعلون ذلك إلا لطهارتهم وأدبهم وتعظيمهم لربهم.

54. [منازل المقربين] إن لم يحالفك التوفيق لأن تنزل منازل الأبرار المقربين؛ فلا تنكرها، وتطلع بقلبك لها، مستشعرا تقصيرك.. فعسى أن يجذبك حبك لها إليها.

55. [حب الجمال] عجبا للذي يدعي حب الجمال، ثم لا يحب ربه.. وكل جمال الكون منه، وبه، وليس سوى ذرة من ذرات جماله الذي لا حدود له.

56. [التسليم المطلق] عجبا للذي يسلم جسده للطبيب ليفعل به ما يشاء ثقة بعلمه.. ثم لا يسلم روحه وكل لطائفه لربه ثقة بعلمه وقدرته ولطفه.

57. [البشارة الحقيقية] عجبا للذين يفرحون بمن يبشرهم بسقط المتاع الذي سيزول عنهم أو يزولون عنه، في نفس الوقت الذي يُعرضون فيه عمن يبشرهم بسعادة وعز الأبد.

58. [الحياة والحزن] لا تحزن على شيء فاتك في هذه الحياة.. واحزن على ما يمكن أن يفوتك في تلك الحياة، فأنت لم تُخلق لهذه، وإنما خلقت لتلك.

59. [الموت والتسليم] هو الذي جعل الموت ـ بتقديره لمصالحك ـ رغما عنك.. فاجعله ـ بتسليمك له ـ غنما لك.

60. [الإرادة وخلع الأكوان] إن أردت أن تصل إليه.. فاخلع نعليك بالوادي المقدس.. فلا يمكنك أن تصل إليه وأنت تنتعل الأكوان.. فالأكوان من دونه حجاب.

61. [العبادات والحركات الجسدية] من زين ظاهره بالطاعات تسليما لأمر الله، وخضوعا لحكمته، زين الله باطنه بأنوار الإيمان، وحلاوة اليقين، ولذة العبودية.

62. [الحجب النورانية] كل علم يحجبك عنه جهل.. وكل هداية تبعدك عنه ضلالة.. وكل رؤية تمنعك من رؤيته عمى.. فاحذر من حجب النور حذرك من حجب الظلمة.

63. [الاتصال والوصال] لو دام تواصلك معه لدام وصاله لك؛ فهو أكرم من أن يحجب عبدا أراده، أو رغب فيه، أو بذل نفسه من أجله.

64. [القلب والجمال] الأزهار لا تعطي أريجها إلا لمن يملك حاسة شم قوية.. فلا تطمع أن ترى الجمال الإلهي بمرآة قلبك المعطوبة المملوءة بأصناف الشوائب.

65. [الوصل والقطيعة] حتى لو حجبت نفسك عنه.. فسيمد يد فضله إليك لينقذك ويباركك ويقربك.. فكل نعمة أو بلاء يتنزل عليك حين القطيعة رسالة من رسائله تدعوك إليه.

66. [هدايا الأعمال] العمل الصالح هدية منه إليك؛ فاشكره عليه ليديمه لك.. ولا تمنّ به عليه؛ فيقطعه عنك.

67. [الذوق والهوى] مع أن تذوق طعم الإيمان من أرفع مراتب الإحسان إلا أنه قد يكون مطية للشيطان.. فاحذر أن يكون مقصودك من الطاعة لذتها، لا تحقيق أمر ربك.

68. [الهمة والعروج] إن أردت أن تكون من أصحاب المنازل العالية؛ فاحذر أن تُنزل نفسك مع أصحاب الهمم الدنية.. فالفضل الذي تراه لها يحول بينك وبين العروج.

69. [البلاء الإيجابي] العاقل من يحول من الليمونة الحامضة شرابا حلوا.. والأعقل منه من يحول من مواقف أعدائه فرصة لتهذيب نفسه وتربيتها على الحلم والأناة.

70. [أيام الله ونفحاتها] أيام الله هي أيام الصالحين.. فمن تذكرها وعاشها وانفعل لها فرحا أو حزنا انمحى عنه حجاب الزمن ورُزق مواهبها ونفحاتها كمن عاشها تماما.

71. [حجاب الهوى] أول المعرفة التمييز بين الحق والهوى.. وأول السلوك صيرورة العقل سيدا على الهوى.. وأول الطمأنينة التخلص من الهوى.

72. [النفس والعقل] لن تستسلم نفسك لعقلك إلا بعد أن تعود بها إلى فطرتها الأصلية التي فطرها الله عليها، كما تعود بأجهزتك إن عطبت إلى ضبط المصنع.

73. [طريق العرفان] طريق العرفان يبدأ بالفناء عن النفس وأهوائها.. وينتهي بالسفر إليه وبه وفيه ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ [النجم: 42].. ولا حدود للنهاية.

74. [مرابطات النفس] أفلح من يتعامل مع نفسه كما يتعامل مع شريكه.. فيشارطها ويراقبها ويحاسبها.

75. [النفس والهوى] نفسك وإن كانت منك إلا أنها قد تصبح عدوا لك.. فاحذر أن تعطيها هواها.. فالهوى لا يقضي عليها فقط، بل يقضي على كل حقائقك ولطائفك.

76. [الإرادة المجردة] احذر أن يكون قصدك من عبادتك رغبتك في فضله أو رهبتك من عقوبته؛ فتنزل من مراتب المقربين الذين لم يريدوا إلا وجهه.. بل اعبده به وله.

77. [لصوص الدين] احذروا لصوص الدين فإنهم أشد خطرا من لصوص المال.. فسارق المال يسطو على متاعك، وسارق الدين يسطو على روحك وعقلك وحقيقتك وكل لطائفك.

78. [الحديث مع الله] ما أجمل حديثك عنه.. لكن الأجمل حديثك معه من خلال ذكرك ودعائك ومناجاتك.. فهي وسائل الله إليك لتخرج من وهم الغيبة إلى عوالم الحضور.

79. [أهواء النفوس] أهواء النفوس هي المطية التي يستعملها الشيطان للوسوسة لك.. وتستعملها الدنيا للتثاقل بك.. ويستعملها الظلمة للركون إليهم والولاء لهم.

80. [التضرع والشكوى] إن تعلمت كيف تتضرع إليه وتحدثه وتناجيه وتشكو إليه همومك.. فانتظر مدده القريب، وإغاثته العاجلة، فهو لا يتأخر على من لجأ إليه.

81. [المتاع الزائل] احذر من كل متاع يجعلك تشعر بالتميز على غيرك؛ فالكمال في أن تتميز بروحك السامية، وأخلاقك العالية، وآدابك الرفيعة، لا بالمتاع الزائل.

82. [الشهادات والعلم] إياك أن تكون من الذين استعبدتهم شهادات الدنيا، فراحوا يستعلون بها، ويتعالمون على الخلق بسببها.. فلا حظ لمتعالم أو متعال في العلم.

83. [الغفلة والشيطان] احذر من الغفلة عن ربك وأسمائه، أو حقيقتك ووظائفها؛ أو هداتك وصراطهم المستقيم.. فإن الغفلة هي فرصة الشيطان الكبرى لاصطيادك.

84. [الأخلاق والعوض] لن تتحقق بأخلاق الأنبياء والأولياء حتى تتخلى عن طلب العوض، وتكتفي بنظر الله، وأداء ما وجب عليك من تكليف.. فطلب العوض سقوط وانحدار.

85. [المغفرة والتوبة] إياك أن تكون من الذين غرهم عفوه وحلمه ومغفرته؛ فتسارع إلى معصيته؛ فقد تركن إليها نفسك.. وحينها لن تستطيع أن تمد يديك إليه بالتوبة.

86. [التواضع والمكارم] لن تنبت المكارم في أرض نفسك ما لم تكن متواضعا.. وإذا شعرت بتواضعك، أو شهدته، أو فرحت به؛ فأنت متكبر.

87. [العزة والكبر] احذر العزة الآثمة؛ فهي غلاف كاذب للكبر.. فعزة المؤمنين بالله لا بأنفسهم، وبالحق لا بالباطل، وعلى المعتدين لا على المسالمين.

88. [إكسير العبودية] إن أردت أن تتنزل عليك المواهب السنية، فعليك بإكسير العبودية.. فهي التي تحول حجرك ذهبا خالصا، وترابك جواهر كريمة.

89. [الذنوب والنيران] لا تُمحى آثار الذنوب في عالم النفس إلا بحرقها بالنار.. إما بنار الندم في الدنيا.. أو نار العذاب في الآخرة.. فاختر أهون النارين.

90. [الجنة والذنوب] إن أردت أن تشم روائح نسيم الجنة؛ فابتعد عن كل ما يصرفك عنها.. فكل ذنب وإن احتقرته قد يبعدك عنها مئات آلاف السنين.

91. [نبات المكارم] لا تنبت المكارم إلا في أرض النفوس الطيبة التي سقيت بماء الهدي المقدس.

92. [ضوابط اللهو] ربك أرحم من أن يحرم عليك من اللهو ما تريح به نفسك.. فاحذر أن تجعل ما أباحه لك وسيلة إلى ما حرم عليك.

93. [اليقين والغنى] علامة الموقن بفضل الله أنه لا يحسد أهل الدينا على دنياهم.. وكيف يحسدهم وهو يشعر أنه بإيمانه أغنى منهم؟

94. [إظهار الأعمال] لا تتهم غيرك بالرياء، وإن أظهر عمله وأشهره؛ فقد يكون قصده الدعوة للمكارم، لا الدعوة لنفسه.

95. [شكر المغتابين] لماذا تحزن إن أساءوا إليك في غيبتك.. هم لم يريدوا إيذاءك، وإنما أرادوا أن يتفضلوا عليك ببعض حسناتهم؛ فتقبلها منهم، واشكرهم عليها.

96. [جنسية التقوى] كل ما تراه من تصنيفات للبشر بحسب أجناسهم وأوطانهم سيزول، ولن يبقى إلا التصنيف الإلهي المعتمد على التقوى.. فاسع لنيل جنسيتها.

97. [التوكل والتواكل] التوكل: أن تمتلئ ثقة في ربك، وأنت تؤدي ما أمرك به من التكاليف.. والتواكل: أن تمتلئ كسلا، وأنت تنتظر أن يؤديها عوضا عنك.

98. [التفويض والمعرفة] العاقل هو الذي يفوض كل أموره لربه، ثقة به، وبقدرته المطلقة، وإرادته النافذة، ورحمته السابغة.. وذلك ما يزيد جهده بركة وقوة.

99. [بغي الزينة] احذر أن تبغي على قومك مثلما بغى قارون؛ فهو لم يخرج عليهم بأسلحة تفتك بأجسادهم، وإنما خرج بزينة تفتك بأرواحهم.

100. [الابتسامة والتآلف] الابتسامة والوجه المستبشر الطليق لا يكلفانك مالا ولا جهدا، ومع ذلك يمكن أن يتحولا إلى عملة صعبة في ميزان حسناتك.. فاحرص عليهما.

101. [الذكر واللسان] أعظم الذكر حضور قلبك مع ربك.. وخير معين على ذلك لسانك.. فاجعل لسانك دليلك إليه، تسلم وتغنم.

102. [الراحة والغفلة] احذر أن يؤدي بك طلب الراحة إلى الغفلة؛ فذكرك لربك لن يحول بينك وبين راحتك.. فراحتك الحقيقية معه لا مع نفسك، وهناك لا هنا.

103. [تقوى القلوب] تقوى الجوارح تدعوك إلى التزام أحكام الشريعة، وتقوى القلوب تدعوك إلى تعظيمها.. ولا يجدي التزام ما لم يصحبه تعظيم.

104. [الإرادة الخالصة] علامة صدق إرادتك له عدم مزجها بإرادة غيره؛ فعزته وعظمته لا ترضى بالشركاء.. وهل يمكن أن يشترك الكامل مع الناقص أو القادر مع العاجز؟

105. [النسب والحسب] إن تفضل عليك بما تراه شرفا لك في نسبك وحسبك؛ فاشكر الله عليه، ولا تستطل به على خلقه؛ فمن أبطأ به عمله لن يسرع به نسبه ولا حسبه.

106. [الدعوة بالإذن الإلهي] الإذن الإلهي لك بالدعوة إليه ليس شهادة تنالها، ولا تزكية تُزكى بها.. بل هو شعورك بالتجرد من كل شيء إلا منه.. فلذلك لا تتحرك إلا به.

107. [الولي المرشد] إن هداك الله لمن يدلك عليه، ويبصرك بطريق السير إليه؛ فتمسك به كما يتمسك المريض بطبيبه الناصح؛ فمرض القلب لا يقل خطرا عن مرض الجسد.

108. [المرشد الجاهل] المرشد الجاهل مثل الدليل الأعمى؛ إما أن يوقعك أثناء سيره بك في الهاوية، أو يصل بك، ولكن إلى غير ما تريد، أو غير ما يصلح لك.

109. [جاهك وجاهه] وضع جاهك في قلوب خلقه ليحميك من أذاهم.. فضع جاهه في قلبك لتحمي خلقه من أذاك.

110. [الفضل والتواضع] بقدر تواضعك وعبوديتك وافتقارك لربك وبراءتك من حولك وقوتك يتنزل فضل الله عليك.. فالصدقات لا تعطى إلا للفقراء والمساكين.

111. [الثقة في توبة الله] إن تحقق منك الصدق في توبتك إلى ربك؛ فأحسن الظن به، ولا تتوهم أنه لم يقبل منك؛ فإن ذلك يحجبك عنه.. فذكر الجفاء في وقت الصفاء جفاء.

112. [حجب الحقائق] كيف تريد أن تُكشف لك الغوامض والمبهمات، وأنت لم تعزل مداركك المحدودة، ولا عقلك القاصر، ولا مزاجك المتقلب، ولا بيئتك الجاهلة؟

113. [بذل النفس] كيف تؤثر نفسك عليه، وهي لا كرامة لها، ولا عزة، ولا سعادة، ولا وجود من دونه؟

114. [الثناء والحقائق] لا تتوهم أن ثناءهم عليك يقلب الحقائق؛ فهم أثنوا على ظاهرك، وأنت أدرى بباطنك؛ وحقيقتك بباطنك لا بظاهرك، وليس الخبر كالعيان.

115. [الثناء والفضل] إياك أن يجرك ثناؤهم عليك إلى العجب أو الغرور أو الكبر؛ فهم لم يثنوا عليك، وإنما على مواهب الله لك.. فتواضع، واحمد الله على فضله.

116. [المعاصي والإدمان] أخطر عواقب المعاصي الإدمان عليها، وعدم التراجع عنها، والتوبة منها، لأنها كجذور الأشجار التي لا تزيدها الأيام إلا رسوخا.

117. [النصيحة والتقصير] لا تترك نصح إخوانك بسبب تقصيرك في تهذيب نفسك؛ فالعصمة ليست شرطا في النصيحة؛ ولأن تلقى الله مقصرا ناصحا خير من أن تلقاه مقصرا غاشا.

118. [السفه الحقيقي] ليس السفيه من تلاعب هواه بماله، وإنما من تلاعب الشيطان بأعماله الصالحة؛ فراح يحبطها أو يقطعها؛ فنزل بعد رفعة، ونقص بعد كمال.

119. [الغفلة الحقيقية] ليس المغفل من غفل عن ماله؛ فسُلب منه، وإنما من غفل عن حقيقته؛ فانتكس بها.. فمصيبة الأول في دنياه، ومصيبة الثاني في دنياه وأخراه.

120. [مرابطات النفس] إن حرنت عليك نفسك، ولم تستطع تهذيبها؛ فعليك بخمس مرابطات: المعاهدة، والمجاهدة، والمراقبة، والمحاسبة، والمعاقبة.

121. [عيوب الناصح] من أعظم مداخل الشيطان إلى نفسك دعوتك للبحث عن عيوب من نصحك، لتقابل محاولته إنقاذك بمحاولتك تشويهه.

122. [الحزن والسلوك] الفرح والسعادة والنشوة هي الانفعالات الأصلية في الوجود.. والحزن والكآبة طارئة عليها، وهي مرتبطة بمراحل الابتلاء والتمحيص، أو التأديب والتهذيب لدورها في السير التكاملي للإنسان.

123. [العقل والنفس] كما أن العقل لا يكون سليما إلا في الجسم السليم؛ فكذلك النفس لا يمكنها أن تسلم في صحبة عقل أشبع بالانحرافات والشبهات والضلالات.

124. [الحكمة والحكماء] خذ الحكمة، ولا يهمك من أي وعاء صدرت.. فالحكمة ضالة المؤمن، وهو أحق بها..

125. [الحكمة والبيان] الحكمة فن من فنون البيان، شديد التلخيص والإيجاز؛ وقيمتها وقوتها وجمالها بقدر القيم التي تدعو إليها، والبراهين التي تصدقها.

126. [الدين والعمل] لا تكن ممن حظه من دينه لسانه؛ فهو يتوهم أنه في أعلى الدرجات، بينما هو في أدنى الدركات.. فالدين ليس بالأهواء والأماني، وإنما بالأعمال والمجاهدات.

127. [نفحات الجمعة] هنيئا لمن ظفر بنفحات الجمعة؛ فاجتمع قلبه ولم يتشتت، وتورعت نفسه ولم تتدنس، وتسامت روحه ولم تتثاقل..

128. [نفحات العشر] هنيئا لمن ظفر بنفحات العشر المعلومات.. تلك التي أقسم الله بها، وشرفها بذكرها.. فالأجور فيها مضاعفة، والدعاء فيها مستجاب، والبركات فيها كثيرة.. ولذلك ختمها الله بالعيد الأكبر.

129. [نفحات عرفة] إن لم توفق لأن تظفر ببركات النزول في جبل عرفات.. فإنه يمكنك أن تنال بركات زمانه.. فالدعاء فيه مستجاب، والأعمال فيه مضاعفة، والنيات فيه يمكنها أن ترحل بك إلى كل الأماكن المقدسة.. لتنال بركتي المكان والزمان.

130. [الحق والصبر] الواقف مع الحق لا يبالي بالخلق.. أكانوا معه، أم كانوا ضده؟.. أمدحوه أم ذموه؟.. أجعلوه وليا، أم اعتبروه زنديقا؟.. ولهذا قرن الله تعالى الحق بالصبر: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: 3].

131. [تكامل الأدوار] لا تتعجبوا من كفر ابن نوح عليه السلام مع صلاح أبيه.. فأمه الكافرة كانت تخرب كل ما كان يبنيه أبوه.. وكيف يستقيم البناء وأنت تبني وغيرك يهدم.

132. [الرحمة المزيفة] احذروا الرحمة المزيفة.. تلك التي تتوجه للظلمة والطغاة والمجرمين.. فرحمة الظالم قسوة على المظلوم.. والعاقل هو الذي يجعل مواجيده وعواطفه ملكا لعقله.. لا ملكا لهواه.

133. [النفس والتراب] النفس كالتربة؛ بقدر ليونتها وطيبتها وتذللها تكون ثمارها؛ فكن أرضا لتصبح سماء؛ فالعزة لا تتنزل إلا على من تواضع للحق وتذلل له.

134. لا تسمعوا لأولئك الذين يحقرون نعيم الله.. فطلب الله لا يتعارض مع الطمع في فضله.

135. من افتقر إلى الله أغناه، ومن نزل على الله آواه، ومن مد يده لله أعطاه، ومن مد يده إلى غيره قلاه.

136. عندما يتخلص الإنسان من إنسانيته يتحول إلى وحش كاسر أو بهيمة وضيعة، لا يرى الحياة أبعد من فريسة يأكلها أو عشب يرعاه.

137. ارفع حجاب الوهم عنك وستراه أقرب إليك منك.

138. الملائكة عند سجودهم لآدم لم يسجدوا إلا لله.. فلولا أمر الله لهم بالسجود له ما سجدوا.

139. أعظم الناس شركا ذلك الذي يشترط للتوسل في الدعاء الحياة.. وكأن المتوسل بهم يملكون في حياتهم قدرة ذاتية يفقدونها بعد وفاتهم.

140. إن لم تتشرف بأن تكون من أوليائه؛ فإياك أن تكون من أعدائه المطرودين من بابه؛ وأولهم أولئك الذين يعادون أولياءه؛ فعدو الولي عدو الله.

141. خذ العبرة من كلب أهل الكهف، وكيف تشرف بذكره معهم بسبب صحبته لهم.. فالصالحون لا يشقى بهم جليسهم.

142. المواهب الإلهية بقدر الاستعدادات البشرية.. وإلا فإن كرم الله تعالى أعظم من أن يحصر.

143. ما ابتلاك ربك ليعذبك أو يعاقبك أو ينتقم منك.. وإنما ابتلاك ليهذبك ويؤدبك ويرفع درجتك.

144. إياك أن تجرب ربك.. فهو لا يعطي فضله إلا لمن وثق فيه، وأيقن به، وأحسن الظن في كرمه ولطفه.

145. إن شئت أن تحصل على شباب دائم وصحة جيدة وقصور كثيرة وصحبة صالحة وأهل طيبين.. فهيء نفسك لذلك المنزل الذي يحوي كل هذا.

146. كثرة المتابعين نعمة وفتنة: نعمة لمن استثمر ذلك في التعليم والهداية والوعي، وفتنة لمن ضيع كل ذلك لأنه سيسأل عن كل فرد تبعه أو تابعه.

147. إن لم تكن من أهل فضله فاحذر أن تكون من أهل عدله.. أولئك الذين لا يغني عنهم نسبهم ولا دينهم ولا مذاهبهم.. فسنن الله لا تحابي أحدا.

148. إن أردت أن تعرف ربك.. فاعرفه به لا بك.. فأنت كلك نقص، وهو كله كمال، ويستحيل أن يعرف الناقص الكامل.

149. ضع في خيالك أي شيء سباك جماله.. ثم ضاعفه إلى ما لا نهاية.. إن فعلت ذلك فستبصر قطرة من محيط الجمال الإلهي.. وحينها ستتحرر من أسرك.

150. العدالة الإلهية أعطت الإنسان حرية الاختيار، والتربية الإلهية ابتلته ليختار الطريق المناسب، ولذلك كان مصير الإنسان بيده لا بيد غيره.

151. لا تبرر خطاياك بالقدر فتتهم ربك.. فربك لم يقدر عليك أن تعصيه، وإنما وفر لك البيئة التي تمارس فيها الطاعة برغبتك.

152. هو الذي جعل الموت ـ بتقديره لمصالحك ـ رغما عنك.. فاجعله ـ بتسليمك له ـ غنما لك.

153. هذه دار ممر.. وتلك دار مقر.. والعاقل ينشغل بمسرات مقره.. والغافل ينشغل بملهيات ممره.

154. إن أردت أن تتحول لك نيران الآلام بردا وسلاما؛ فسلم لربك مثلما سلم الخليل.. ليأتيك الفداء من الأرض أو السماء.. فالكل ملكه.

155. ما أبخس حظ من باع عز الأبد بدراهم من الدنيا مغشوشة.

156. لقد خلق الله الدنيا أوسع من أن تجعلنا يضيق بعضنا ببعض.. الضيق في نفوسنا، لا في الدنيا.

157. الفتنة التمحيصية ضرورة.. ولولاها ما أحيا المسيح الموتى.. ولا عدد رسول الله الزوجات.. ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء: 60]

158. شبهات المناوئين للدين: إما أن يكون مصدرها التحريفات التي ألصقت به وهو منها براء.. أو تلك الأهواء التي منعت النفس من وضوح الرؤية.

159. الحق عزيز.. ولذلك على من يريد أن يصل إليه: التجرد التام عن كل العوائق والعلائق التي تحول دونه.. فحضرة الحق أجل من أن توهب مجانا.

160. أول الدين معرفته وغايته لقاؤه والتواصل معه والفناء في محبته.. وما أبخس حظ من ضيع كل ذلك.

161. لا يمكن أن تعرف ربك أو تصل إليه وفي كعبة قلبك مئات الأصنام.. حطمها أولا.. فالله لا يرضى بالشركاء، ولا يُقبل على المشركين.

162. من رحمة الله بعباده في هذه الدار اجتماع الطيب مع الخبيث، والخير مع الشر.. فلولا ذلك ما حصل التميز، ولا مُيزت الدور ولا أهلها.

163. عوتب بلال على هجره لدين قريش، وتمرده على مرجعيتها.. لكنه رُفع بذلك العتاب إلى الملأ الأعلى.. فمن هجر الخلق في الله رفعه الله إليه.

164. لا يمكنك أن تصل إلى دين الله وأنت تخاف أن يتهمك البشر بالزندقة والهرطقة والضلال والبدعة إن خرجت من دينهم.

165. ليس بينك وبين ربك سوى خطوتين: إحداهما تتجاوز فيها نفسك وأهواءها.. والثانية تتجاوز فيها الخلق وقيودهم.

166. قربه منك بقدر قربك منه.. فلا مسافة بينك وبينه إلا تلك الأوهام التي تصرفك عنه.. والمشاعر التي تحول بينك وبينه.

167. من أسماء الله العزيز.. وهو يعني أنه لا يسمح لأحد يتكبر عليه أو يستعلي بأن يرى.

168. ويل لأولئك المستكبرين الذين يستعلون على إخوانهم الذين يعتذرون إليهم..

169. أمرك بالنظر إلى السماء لتسمو همتك بالنظر إليها عن كل السفاسف؛ فمن عاش لا يرى إلا الأرض ولا يتطلع إلا لها لم يكن له أي حظ من الحياة.

170. بدل أن تقضي عمرك في الفرار من الشيطان اقترب من الرحمن؛ فهو وحده من يحميك من كل شيطان.

171. كما أن السفر متعب وشاق لمن يسير على قدميه؛ فكذلك طريق التزكية والترقية شاق، بل مستحيل على من فرط في الوسائل التي هيأها الله له.

172. التحلية هي عين التخلية؛ فالتجرد يطرد الرياء؛ والصدق يطرد الكذب؛ والعبودية تطرد الأنا.. وهكذا كل مكرمة تبعد عنك كل مذمة.

173. بدل أن تجهد نفسك في استئصال ما في نفسك من الآفات، اجتهد بملئها من المكرمات؛ فالمكرمات هي المضاد الحيوي للآفات.

174. كما يمكنك إفراغ ما شئت من الزيت بإضافة ما يعادله من الماء في أي إناء فكذلك يمكنك إخراج ما شئت من فساد وضعف بما يعادله من صلاح وقوة.

175. الأخطر من الخطيئة استحلالك لها، وتهوينك من شأنها، والدفاع عنها أو عن الواقعين فيها، لأن ذلك اعتراض على حكمة ربك، وتربيته لعباده.

176. تبريرك لخطايا غيرك هو المقدمة لتبريرك لخطايا نفسك، وهو المقدمة لاعتراضك على أحكام ربك، وتهاونك في تنفيذها في نفسك أو دعوة غيرك لها.

177. الواقع لا يبرر الظلم والخطيئة.. فقد كان يوسف في السجن، ومع ذلك دُعي صديقا.. وكان طالوت في سدوم وعمورية ومع ذلك دُعي طاهرا.

178. كيف تريد أن ترى حسناتك في الآخرة، وأنت تحرقها كل يوم بعود ثقاب لسانك، وبنزين أحقاد قلبك؟

179. العاقل هو الذي يفتش عن أمراض قلبه ليعالجها؛ والحاقد هو الذي يفتش عن قلوب الناس بمجهر قلبه الأسود، ولن يرى الأسود إلا السواد.

180. بعض الناس يكون حقيرا جدا، ولذلك لا يجد لذته الا في تحقير الآخرين ليصبحوا مثله؛ هذا هو التفسير النفسي لحال الحاقدين على أولياء الله.

181. أجهل الناس ذاك الذي لا يرى الجذع في عينه، بينما يرى ويسخر من القذى في عين أخيه.

182. [الاعتذار والعبودية] الاعتذار قيمة نبيلة لا يطيقها إلا أصحاب النفوس الطاهرة الممتلئة بالتواضع والعبودية، ولا يتحسس منه إلا من ورث من إبليس إباءه وشموخه.

183. [الاعتذار والذلة] لا تتوهم أنك أذللت نفسك باعتذارك؛ فكرامتك عند الله، وليست عند الخلق.. ولأن تلقى الله ذليلا في الحق خير من أن تلقاه عزيزا في الباطل.

184. سعيك لتطهير نفسك من العجب والغرور والكبر أهم من سعيك لتطهير جسدك من الدهون الزائدة، فانتفاخ النفس أخطر على قلبك من انتفاخ الجسد.

185. بقدر سلامة قلبك تتحقق سلامة دينك.. فالدين ليس مجرد أقوال وأفعال، بل هو مع ذلك وقبله مشاعر نبيلة، وأحاسيس مرهفة، وعواطف صادقة.

186. احذر أن تجعل أصلك أو فرعك وسيلتك إلى ربك؛ فالله لا تغني عنده الأنساب، ومن أبطأ به عمله لن يسرع به نسبه.

187. كيف تدعي أن غيرك أساء إليك، وأنت قد عاملتهم بمثل ما عاملوك به؛ فصرت نظيرا لهم، وتناسبت طباعك مع طباعهم؛ فلا تلومن إلا نفسك؟

188. إن وجدت من يسيء إليك بلا سبب فدعه وإساءته فهي ستسيء إليه كما أساء إليك فكما يزرع يحصد وما جزاء المسيئين إلا الإساءة لا منك بل منها.

189. إحسانك الظن بغيرك لا يدعوك إلى ترك الحذر؛ فالفرق بين العاقل والغافل قاصر على التوقي والحذر، لا في إحسان الظن وإساءته.

190. العاقل الحكيم هو الذي يتعامل مع غيره على أساس حسن الظن به؛ فلا يمكن أن يتحقق الصلح والإصلاح لقلوب مشحونة بالظنون الفاسدة.

191. خطؤك في إحسانك الظن بغيرك خير من خطئك في إساءة الظن بهم؛ لأنك في الأول مظلوم، وفي الثاني ظالم، والمظلوم خير من الظالم.

192. نهي الشريعة عن سوء الظن يدعونا إلى نفي ما يشاع عن تآمر الحركات الإسلامية على المسلمين، وإن كنا لا نستبعد اختراق المتآمرين لها.

193. لا تجعل سوء ظنك حجابا بينك وبين ربك؛ فجمال ربك ورحمته وعدله لا يمكن لعقلك المحدود أن يدركه أو يحيط به.

194. لا تسمع لمن يتهمك بالغفلة بسبب طيبة قلبك وسلامته؛ فالغافل هو الذي يسلم حسناته لغيره، بسبب سوء ظنه بهم، وقبح تعامله معهم.

195. لسانك هو الناطق الرسمي باسمك؛ فاحذر أن تتفوه بكلمة تتحمل وزرها ووزر من أضللته بها فالكلمة الواحدة قد تكون أفتك من كل أنواع الأسلحة.

196. غاية الغايات في الدين التعريف بالله والقيم التي تقرب إليه؛ وكل ما عدا ذلك وسائل ومعارج؛ فلا تحجبنكم الوسائل مهما عظمت عن الغايات.

197. أخطر الغرور أن تغتر بما وهبك الله من الهداية، وتستعلي بها على خلقه؛ فإبليس رفع إلى مقام الملائكة بكثرة عبادته لكنه هوى بغروره وكبره.

198. كل علم لا يخلصك من تعاليك وحقدك وقسوتك ورعونتك جهل وضلالة؛ فالشأن ليس فقط أن تعلم، وإنما أن تعمل بجميل ما تعلم.

199. العزاء والسلوى والأنس الذي يحققه الإيمان والتقوى لا يمكن أن يُعوض أو يستبدل أو يوفر في أي منظومة فكرية مهما سمت؛ فواحسرة من ألحد.

200. يمكنك بالنية الصادقة والإخلاص السامي أن تجعل من القليل كثيرا؛ فتوجه بأعمالك إليه، ليربيها ويباركها ويفيض فضله عليها وعليك.

201. الثقة الزائدة بالنفس عجب وغرور ومرض نفسي، والكامل هو الذي يستعين بربه، ويكل كل حوله وقوته إليه، ويتجرد من كل أنانية وهوى.

202. ما أكثر الذين يطبقون الشورى، لكن لا على منهج الأنبياء والصالحين، وإنما على منهج فرعون وملئه..

203. المستشار الذي يشير عليك بما تشتهي لا بما تتطلبه الحقيقة لا يختلف عن هامان الذي كان يشير على فرعون بحسب رغباته التي كان يعرفها عنه.

204. طوبى للأحرار.. أولئك الذين يلجون الملكوت بعقولهم وأرواحهم الطاهرة، وتعسا لأولئك الذي نزلت بهم أهواؤهم إلى درك أسفل من درك البهائم.

205. الحرية لا تتمثل في فعل ما ترغب به نفسك، بل في فعل ما يأمر به عقلك؛ فالكمال في أن تجعل عقلك أميرا على نفسك، لا عبدا لها.

206. ضعفك وفاقتك الحسيتان لا علاقة لهما بروحك وحقيقتك؛ فقد تكون مليونيرا في عالم الأرواح والحقائق وأنت لا تدري؛ فلا تزدر نعمة الله عليك.

207. إذا أنعم الله عليك بنعمة الإيمان واليقين؛ ثم تشوفت نفسك لمن يملك المال والجاه؛ فأنت كالغني الذي يحسد الفقير على كوخه وكسرته.

208. رمضان واحد في عمرك جميعا يمكنه أن يوفر لك السعادة الدائمة في الدنيا والآخرة، وأنت فيه.. فلا تفرط فيه.

209. الذي شرفه الله بأن يعيش في رمضان فانشغل فيه عنه، كمن أتيح له أن يسجل في شيك ما يشاء من المال، فراح يرسم عليه.

210. قد تكون شياطين الجن مصفدة في هذا الشهر، لكن شياطين القنوات لم تُصفد، فلذلك لا تنشغل بمسلياتها ومسلسلاتها عن نفحاته المباركة.

211. مخطئ من يتوهم أن التزلف للمترفين سيورثه الغنى والرفاه، بل من المؤكد أنه سيورثه الفاقة والفقر، إضافة إلى المهانة والذلة.

212. لا تحذر ممن يحذرك، فهو أنصح لك ممن يؤمنك.. فالطبيب الذي يمنعك ما يضرك خير من الطبيب الذي يسارع إلى هواك ليرضيك لا ليرضي صحتك.

213. لا تلتمس لنفسك الأعذار ما دمت في هذه الدار؛ فكل آلام أهل النار من تلك الأعذار.

214. لا تستغرب ما تتفوه به من كلمات، أو تصدره من مواقف عند غضبك، ولا تتنصل من مسؤوليته؛ فكل إناء بما فيه ينضح.

215. إياك والعجلة؛ فالمتسرع الذي يريد أن يخترق السنن الإلهية المراعية للمواقيت لن يتأخر فقط عما يريد، وإنما قد يُفاجأ بعكس ما يريد.

216. المستعجل الذي يريد أن يقطع كل المراحل مرة واحدة مثل المريض الذي يتناول جميع أدويته دفعة واحدة.

217. أجمل جزاء لحبك لربك حبه لك، فما أحقر وأذل من يحب من لا يحبه.

218. بحسب القبلة التي يتوجه إليها قلبك يكون ترقيك وتدنيك؛ فاحذر ممن يصرفك عن الجمال الحقيقي.. فالعين الفانية خداعة.

219. قلبك رأسمالك؛ فلا تبعه بثمن بخس، ملذات محدودة مكتنفة بالآلام، ثم تكون بعدها من الخاسرين النادمين.. ولات ساعة مندم.

220. لا تنخدع بمن يزعم أنه يحبك؛ فأكثرهم لا يحب منك إلا صورتك الظاهرة، أو أحوالك القائمة.. لا يحبك بكل أحوالك إلا ربك؛ فأخلص حبك له.

221. المحب الحقيقي هو الذي يريدك لك، لا الذي يريدك له، وذلك هو ربك؛ فاحذر أن تبيع حبه بالحب المزيف الذي يسخّرك، ثم يسخر منك.

222. توهمك أن الحب قاصر على حواسك هو الذي جعلك فريسة لها، ولو علمت أنه أسمى من أن يُحبس في سجون الحواس لما سجنت في سجونه.

223. تغليبك بصرك على بصيرتك هو الذي جعلك لا تبصر؛ فالبصر بلا بصيرة عمى.

224. كما أن الدنيا دار اختبار، فهي دار استضافة إلهية، عرض الله فيها نماذج عن كرمه، ومن نجح في الاختبار، فسيدخل دار الضيافة الحقيقية.

225. لا تنظر إلى ما مُنعت من النعم، وانظر إلى ما أعطيت منها؛ فكم من مالك لما مُنعت يتمنى أن ينال ما أُعطيت، ولو بمنع ما مُنعت.

226. لا بأس.. أنت تتهم الله بأنه منعك ما أعطاه لغيرك.. فهل تقبل أن يعطيك ما أعطاهم، على أن يمنعك ما منعهم؟

227. قسم لك من النعم بحسب قدرتك على الحمل والتحمل؛ فالبعير لو حُمل ما لا يطيق ولو من الذهب والجواهر لقصم ظهره.

228. الجود لا يتعلق فقط بالإعطاء والتفضل، وإنما بالنظر إلى قابلية من تكرمه وتجود عليه؛ فرُب نعمة تكون وبالا على من أُنعم عليه بها.

229. ألست تمنع صدقتك عمن يستعملها في المعصية؟.. فكيف تريد من ربك أن ينعم عليك بالقوة، وأنت لم تطهر نفسك من الطغيان الذي تسببه؟

230. الاعتزاز والعجب والكبر شعرة حولت إبليس من معتز بناره إلى مستكبر بها.

231. النفس الأمارة بالسوء لا تحب السيطرة على الأموال والقلوب فقط، وإنما إلى السيطرة على الحقائق نفسها، لتدنسها بدنسها.

232. كيف تريد أن يسلم لك عقلك، وأنت تدخل به كل المطاعم التي لا تقدم إلا الأفكار المسمومة؟

233. إن كان الله أمرنا بالتحري عن الطعام الذي هو قوام أبداننا؛ فكيف لا يأمرنا بالتحري عن الأفكار التي تتشكل منها حقيقتنا، بل ومصيرنا.

234. إن لم تكن راضيا عن نفسك، فسلمها بصدق وإذعان لمن يجعلها أهلا لأن يرضى عنك وعنها.

235. كيف يسلم لك دينك، وأنت لا تراقب ما يدخل عقلك وقلبك وبطنك وجيبك؟.. فالشيطان خبير في التسلل، خاصة فيما نحتقره ونستهين به.

236. لا تغتر بستر الله عليك؛ فقد يكون استدراجا إلى فضيحة لا تبقي ولا تذر، فالصعود المزيف لا ينتظره إلا السقوط الحر.

237. الله يسترك ما دمت حييا متواضعا؛ فإن تبجحت واستعليت نزل الإذن بفضيحتك.

238. تبريرك لانحرافك بانحراف المجتمع قد يعطيك بعض العزاء هنا، لكنه لن يجديك أبدا هناك، فكل نفس بما كسبت رهينة، ولا تزر وازرة وزر أخرى.

239. إن عاملت غيرك بمثل ما يعاملونك به؛ فأنت لا تختلف عنهم إلا في الترتيب؛ أما المحل؛ فكلكم في محل واحد.

240. لا تتعامل مع قوانين المرور باعتبارها قوانين وضعية، بل هي قوانين شرعية، لأنها ورع عملي عن كثير مما نهى الله عنه من أنواع الأذى.

241. كما أن الصدقات الحسية لا تُعطى إلا للفقراء والمساكين؛ فالمواهب المعنوية لا تُفتح خزائنها إلا لمن استشعروا فقرهم وعبوديتهم لربهم.

242. من رحمة الله بنا أنه أتاح لنا بوسائل الإدراك التي قد نعطلها أن نعيش مع الصالحين من دون أن يحول بيننا وبينهم زمان ولا مكان.

243. الشفاعة هدية الله للذين بذلوا كل جهودهم لنصره الحق وأهله، لكنهم قصروا في بعض ما يتطلبه الحق منهم من سلوك من غير إصرار ولا قصد.

244. ما الجور في الشفاعة، وهي ليست سوى إكرام إلهي خاص للشافع والمشفوع فيه، ولها قوانينها العادلة كمثل أي جزاء إلهي آخر؟

245. كل علم لا يزرع فيك الخشية على حقيقتك ومصيرك الجهل خير منه.. ألم تسمع قوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء؟

246. مصيرك مرتبط بحفاظك على حقيقتك الإنسانية الطيبة المكرمة، وكل تكاليف الشريعة لا تهدف إلا إلى ذلك، فإن فرطت فيها انتكست.

247. لست إنسانا بصورتك الجسمية وإنما بحقيقتك النفسية ومرتبتك الروحية، فما أكثر من يلبسون أجسام البشر ونفوسهم نفوس خنازير أو حمير أو كلاب.

16. الدعوة والنصيحة

1. عجبا للدعاة القساة.. الله أمر باللين مع من قال: أنا ربكم الأعلى، وهم يتشددون مع من يردد دائما: سبحان ربي الأعلى.

2. المؤمن يقف ضد أي منكر وفي أي أرض، حتى لو سمع بوجود حانة في باريس، لأنكر عليها حتى لا يلقى الله وهو شريك لأصحاب المنكر.

3. إن لم تكن لكم الجرأة على تغيير المنكر بأيديكم وألسنتكم وقلوبكم، فلا تدافعوا عنه، فالمدافع عن المنكر أكثر جرما من صاحب المنكر نفسه.

4. إقامة حفل ماجن في رمضان وقرب مسجد سابقة خطيرة، إن لم تُواجه بما يليق، فستتحول مساجدنا إلى حانات ومراقص.

5. أخطاء المتطرفين في الدعوة والإصلاح، أدنى بكثير من أخطاء الذين يستغلون أخطاءهم في التنصل من أحكام الإسلام أو السخرية منها.

6. خطأ غيرك في النصيحة والتغيير لا يبرر وقوعك في الخطأ، فالمريض لا تهمه قسوة الطبيب الذي ينصحه، ولا الدواء الذي يستعمله.

7. للذين يقصرون التقية على طائفة بعينها، أليس اعتذار الإمام عن نهيه عن المنكر تقية اضطر إليها بعد خوفه على نفسه ووظيفته؟

8. لا تبرر سكوتك عن تغيير المنكر بكثرة الواقعين فيه، فهو منكر حتى لو أجمع البشر جميعا عليه، وخذ العبرة بإبراهيم عليه السلام الذي كان أمة وحده.

9. نعم أشعر بألم شديد عند ذكري لأخطاء غيري ودعوتهم لتصحيحها، لكني أشعر بندم أشد عند تقصيري في القيام بذلك، والندم أقسى من الألم.

10. الذي لا يريد أن يسيء إلى الآخرين بذكر أخطائهم ليصححوها يشبه الطبيب الذي لا يصارح مرضاه؛ فيضرهم من حيث أراد نفعهم.

11. تعجب إذ رآني أثني على بعض مقولات من انتقدتهم، ولم يعلم أن النقد لا يعني الإلغاء؛ فالحقيقة جوهرة ثمينة لا يهمنا من نطق بها.

12. نعم أنت نصحته حين ذكرت له أخطاءه؛ لكنك فضحته حين ذكرتها له على الملأ؛ فصارت فضيحتك حجابا دون نصيحتك.

13. لو أنك تعاملت مع أخيك مثل تعامل أنبياء الله مع أعدائهم؛ فألنت له القول، وأخلصت له في النصح لما نفر منك ذاك النفور؟

14. ليس العيب في أن تناقش من نصحك، وتدافع عن موقفك، ولكن العيب أن ترده من غير مناقشة، أو تتهمه من غير دليل.

15. الحكماء هم الذين يوصلون رسائلهم لغيرهم من غير أن يجرحوا مشاعرهم، والحمقى هم الذين يفعلون ما فعل الدب مع صاحبه.

16. كيف تريد ألا يفر منك، وأنت لم تترك كلمة نابية، ولا عبارة جافية إلا كشرت بها عن أنيابك؟

17. علامة صدق نصيحتك معرفتك بآداب توجيهها؛ فإن من تصدى للنصيحة قبل أن يكون أديبا، كمن تصدى لعلاج الناس قبل أن يكون طبيبا.

18. نعم هو أساء إليك بسوء أدبه عند نصحه لك، لكن لا تسئ لنفسك برفض ما ذكره إن كان صحيحا؛ فتقصير الطبيب في علاج نفسه لا يمنعه من علاج غيره.

19. النصح ليس مجرد كلمات ترددها، بل هو مثل العملية الجراحية التي يحتاج فيها الطبيب إلى تخدير المريض حتى لا يتسبب له بأي ألم.

20. عندما تضع نفسك موضع من تريد نصحه؛ فتتعلم اللغة التي تتحدث بها معه، حينها يمكنك أن تعاتبه إن لم يقبل نصيحتك.

21. نعم أنت نصحته بقدر ما أوتيته من علم، لكنه رفض ما ذكرته، لا لكونه نصيحة، ولكن لكونه جهلا التبس بعلم، وباطلا لبس ثياب حق.

22. نعم أنت أخلصت له في النصيحة، لكنه لم يقبل منك، لا لكونك أنت من ذكره، ولكن لكون ما ذكرته غير منسجم مع الحق الذي يؤمن به.

23. نعم.. هو استعلى عليك حين نصحته، لكنك استعليت قبله حين رحت ترمي بنصيحتك من برجك العاجي الذي بنته لك نفسك.

24. في الوقت الذي يسعى فيه المنحرفون إلى نشر انحرافاتهم في كل المحال، من خلال راياتهم وشعاراتهم، ما المانع أن يتخذ المستقيمون البدائل المناسبة للاستقامة؛ فقد أُمرنا أن نخاطب الناس جميعا، وبقدر عقولهم؟

25. حماستك لما تدعو إليه شيء جيد وضروري، لكنها قد تصبح مثل النار التي تحرق الطعام.. وخير الطعام ما طبخ على نار هادئة.

26. الناهي عن المنكر الذي لا يزن نهيه بموازين الشريعة لن يزيد المنكر إلا قوة وانتشارا؛ فالمنكَر لا ينهى عنه بمنكر، أقل منه أو أكثر.

27. شبكات التواصل الاجتماعي وسائل للتعريف بالحقائق والدعوة لالتزامها؛ فاحذر أن تجعلها وسيلة للتعريف بنفسك والدعوة لها.

28. أخطر المثقفين أولئك الذين كل حظهم من المعرفة ما اكتسبوه من الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي.. ثم يجادلون في كل شيء.

29. العاقل هو الذي إذا رأى شيئا جميلا يبحث عن سبل الحفاظ على جماله، ولا يكتفي فقط بالثناء عليه، لأن كل جميل معرض للدمامة.

30. الفرق بين الشاعر والطبيب أن الأول يثني على محامدك ليُفرحك، والثاني يدلك على أدوائك لتداوي نفسك؛ فأنزل كل واحد منهما منزله.

31. المصلح الحقيقي هو من يدعو إلى الله على علم وبصيرة، ولا يلزم غيره بقوله، ولا يحكم عليهم بشيء إن خالفوه؛ فدوره البلاغ لا القضاء.

32. ليس العيب في أن تحرص على أن يقتنع غيرك برأيك لكن العيب أن تفرض وصايتك عليه؛ فتريد منه أن يخضع لك، لا للحقيقة التي لم يقتنع بها بعد.

33. أتأسف كثيرا عندما أجد من يدافع عن رسول الله أو أئمة الهدى بلسان سليط ذلك أنه يهدم أكثر مما يبني، ويشوه أكثر مما يزين.

34. رسل الله وأئمة الهدى والصالحون هم الأبطال الذين ينبغي عليك أن تملأ بهم قلبك، لا أولئك الذين لا ينفعك تشجيعهم لا في هذه ولا في تلك.

35. وبخني لأني أدعو لما أعتقده؛ وكأنه ينتظر مني أن أدعوه لما يعتقده.. وهل النفاق إلا إخفاء ما نعتقده، وإظهار ما لا نعتقده؟

36. إذا تمكنت من نهيك عن المنكر أو نصيحتك أو نقدك لأي جهة من غير ذكر أسمائها، مع وصول رسالتك كاملة؛ فذكر الأسماء حينها حشو وترف وأذى.

37. الشريعة السمحاء لم تطالبنا بتأليف قلوب المسلمين ورعاية حقوقهم فقط، وإنما طالبتنا بالقيام بذلك مع كل المسالمين مهما اختلفت دياناتهم.

38. سمعت بعضهم يتحدث عن فشل مشروع بسبب إعراض الناس عنه.. فهل مشاريع الأنبياء الذين أعرض عنهم أقوامهم فاشلة؟

39. الذي يحدد النجاح والفشل واحد، وهو الله، وعند عرض الأعمال ووزنها؛ فلذلك لا تلتفت لمن يثبطك؛ فقد يكون وسيلتك للجنة أحقر أعمالك عندك.

40. (بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا)(1): وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العظمى لكل من يتصدى للتعريف بدين الله أو بأي قضية من قضاياه.

41. (خاطبوا الناس على قدر عقولهم)(2) حكمة علوية تعلمنا أن نحتاط في ذكر ما نعرفه؛ فليس كل ما يعرف يقال، ودواء قوم قد يكون سما لغيرهم.

42. (كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع)(3) حكمة نبوية تعلمنا أن نغربل أحاديثنا قبل نشرها؛ حتى لا تكون حجابا بين الخلق والحق.

43. المستعجل الذي لا يتدرج في تبليغ ما أمر به من حقائق مثل المريض الذي أعطاه الطبيب دواء ليشرب ملعقة منه كل يوم؛ فشربه دفعة واحدة.

44. احذروا الدجال الذي يثبطكم عن أداء واجباتكم الرسالية بحجة عدم الإذن.. فمن أذن له في أن يكون وكيل الله في إعطاء الإذن؟

45. الكسول هو الذي يتوقف عن أداء واجباته بحجة عدم الإذن.. وإلا فإن القرآن كله وثيقة إذن إلهية لكل مؤمن يريد أن يمثل دينه أحسن تمثيل.

46. الفتنة أن تستأذن فيما لا يحتاج إلى الاستئذان ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ [التوبة: 49]

47. المنتظرون للأمل الموعود نوعان: أحدهما نائم ينتظر من يخلصه، والآخر يبذل كل جهده لتوفير القابلية لتحقيق الخلاص؛ فلا خلاص بلا قابلية.

48. هل يمكن للطبيب أن يعالج المريض من دون أن تتوفر فيه القابلية لمن يعالجه.. فلذلك كان التمهيد للثقة في الطبيب ركنا في العلاج؟

49. الأبطال يبذلون نفوسهم وكل أوقاتهم في خدمة الأمة لتستفيق من غيبوبتها، والبطالون يحثونهم على المزيد من النوم حتى يأتي المخلص.

50. احذر أن تبيع مواقفك بثمن بخس؛ فيمكنك بموقف واحد أن تدخل الجنة، ويمكنك بموقف واحد أن تحرم منها.

51. إن كنت مراعيا في مواقفك رضى الله؛ فلم المبالاة بسخط الناس.. فكل ما فوق التراب تراب.

52. إن صرفك عن النهي عن المنكر قرابة أو جوار أو صحبة؛ فأنت مداهن، وقد جاءك التحذير من المداهنة من ربك: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم: 9]

53. أقام علي الحجة عندما طلب مني أن أنكر على أصحابي نفس الأشياء التي أنكرتها عليه.. فصاحب الحق ليس له صاحب.

54. المصلح الذي يواجه بعض الانحرافات ويجامل بعضها لا يختلف عن الطبيب الذي يعطيك ما يقضي على بعض الأدواء، ويعطيك أيضا ما يقوي غيرها.

55. احذروا من كل من يدعوكم إلى القعود والكسل وعدم القيام بواجباتكم نحو الأمة.. فأولئك شياطين الإنس ولا علاقة لهم بدين الله ولا برسوله.

56. إياك أن تكون من دعاة الإصلاح الذين يشبهون الطبيب الذي يعطي مريضه الترياق الذي يقضي على كافة الجراثيم، ومعها على المريض نفسه.

__________

(1) مسلم (1732).

(2) البخاري.

(3) مسلم (1/ 8).

17. الحوار والمناقشات

1. العاقل يسألك عن سر آرائك ومواقفك وأدلتها، ويستمع إليك بهدوء والجاهل يعاتبك على خلافك له، ثم يعاقبك بإخراجك من القطيع الذي ينتمي إليه.

2. من الدجل الذي صنعه الإعلام الحديث أنه صار الكل يتحدث في كل شيء، وفي أخطر القضايا من غير حاجة لمطالعة كتاب واحد.

3. أنا لا أنكر على من ينتقدني لكني أعتب على من يناقش مسألة لم يبحث فيها، وكل مصادره لا تعدو القنوات التي يعرف ممونيها وتبعيتهم للغرب.

4. من أخطر ما تُهدم به الحقائق دعوى نسبيتها، فما أسهل على من يفتقد الرد العلمي على حجتك أن يردد أمامك بكل برودة وكسل: هذه وجهة نظر.

5. عدم امتلاكنا للحقيقة المطلقة لا يعني عدم تمكننا من الوصول إليها بالجد والاجتهاد، وإلا أصبحنا كالسفسطائيين الذين يحتجون بهذه الحجة لإلغاء الحقائق.

6. احذروا من المتثائبين الكسالى الذين تعوزهم الحجة في الرد عليكم فيستبدلوه بقولهم: (أنتم مخطئون)؛ فالدليل يواجه بالدليل لا بالسفسطة.

7. مثلما استثمرت نظرية التطور في تبرير جرائم الحروب والإبادة، استثمرت نظرية النسبية في تبرير كل النظريات المخالفة للعقل والفطرة.

8. عندما عجزوا أن يواجهوا أدلة الحق بما يفندها، راحوا يدعون التواضع بإيهام أنها مجرد رؤية شخصية، وليست تعبيرا عن حقائق مطلقة.

9. قال، وهو يتثاءب: لماذا تتعب نفسك في البحث عن الحقيقة؛ فهي متعددة الوجوه، وكلهم محق فيما وصل إليه؛ فاعتقد أي شيء؛ فستجد ما يدل عليه.

10. تناقشه بكل هدوء، وتورد له كل الأدلة؛ فإذا ما وجد نفسه محاصرا بها، وحرصا على هواه، قال لك بكل برودة: (رأيك وجهة نظر لا حقيقة مطلقة)

11. احذروا ما يطلق عليه (نسبية المعرفة)؛ فهي حق أريد به باطل، وهي سفسطة في ثوب جديد؛ فإنكار حقائق الأشياء لا يختلف عن إنكار أعيانها.

12. احذروا (وجهة نظر) و(تعدد القراءات) فقد تتحول إلى أسلحة للجاحد إذا ما عجز عن رد الأدلة القاطعة والحجج الدامغة على الحقيقة الواحدة.

13. الذين يطالبون بكتمان الحقائق مخافة الفتنة ينسون أننا في عصر المعلوماتية، وبضغطة زر واحدة ينكشف كل شيء؛ فالكتمان شرّ كله ومن كل جهة.

14. يكفرك ويبيح دمك؛ فإن رحت تدافع عن نفسك، وتحاجج بالبراهين والأدلة، لا يناقشك بعلم، وإنما يقول لك ناصحا وببرودة: كف عن إثارة الفتنة.

15. حياد الباحث عند تناوله للقضايا الخلافية يختلف عن حياده في إبداء مواقفه؛ فالأول ممدوح يقتضيه العلم، والثاني مذموم لمخالفته الأخلاق.

16. أحسن طريقة لعرض الحقائق للمخالف أن تعرضها وفق المنهج العلمي، لا بما تمليه العواطف؛ فالمخالف قد يملك من العواطف ما تملك وما لا تملك.

17. العالم الورع هو من لا يستعجل في الحكم بالرفض والإلغاء، بل يستعمل قبلها التحقيق والاستقصاء؛ فالهدم والإقصاء من أسهل الأشياء.

18. نعم، الكل في حرية النقد سواء، لكن احذر أن تكون كذاك الذي يتقن الهدم لكن لا يتقن البناء؛ فيهدم للناس بيوتهم، ثم يدعهم بعدها للعراء.

19. النهي عن المنكر الذي لُعن من قصر فيه يشمل كل المنكرات، وفي جميع العصور، ومن جميع الناس.. ولا يتحقق الصلاح والإصلاح إلا بذلك.

20. تحديد الأوقات يصلح في المباريات والمناورات لأن السرعة فيها مطلوبة لكنه لا يصلح في المناظرات لأن الحقيقة تحتاج الرفق والصبر والأناة.

21. عندما تناقش أحدا أو تناظره أو تحاوره لا تقاطعه؛ فلعل في آخر كلامه ما يقيم به الحجة عليك، أو لعل فيه ما يقيم به الحجة على نفسه.

22. للذين يوبخونني: أنا كنت مثلكم ومعكم لكني بعد البحث الطويل والدراسة العميقة والمطالعات الكثيرة وصلت إلى هذه النتائج؛ فابحثوا لتصلوا.

23. بدل أن تتغير علي لتغييري لأفكاري ابحث عن سبب تغييرها، أم أنك تخاف أن يتغير عليك قومك إن أنت غيرت أفكارك التي ربوك عليها؟

24. يحق لك أن تناقش كل ما أنشره وتخالفني فيه، لكن لا يحق لك أن توجهني إلى ما ينبغي علي نشره؛ فأنا لست من جماعة (ما يطلبه المستمعون).

25. أرجو من المتابعين الكريم أن يكتفوا بمناقشة ما أطرحه في المجال العلمي، وليتركوا نصيحتي فأنا أحرص على ديني منهم.

26. عجبا للذي يناقشني أو ينصحني من غير أن يطلع على ما كتبته حول موضوع المناقشة؛ فهل يراني أدنى من أن أكتب، أو يرى نفسه أكبر من أن يقرأ لي؟

27. هم يختارون التوقيت المناسب لبث سمومهم، فإذا رددنا عليهم، قالوا ساخرين: التوقيت ليس مناسبا.. فهل ننتظر حتى يفعل السم فعله؟

28. سخر البعض من تسجيلاتي لأنه لم يسمعها ممن أقصدهم أحد، وهو لا يعلم أني لم أقصد منهم أي أحد، قصدي واحد فقط، وهو الواحد الأحد.

29. يستمع بشغف شديد، ولساعات طوال لمن يلقنونه الشبه، ثم يستكثر دقائق معدودات لمن يجيبه عنها، ثم يزعم بعدها أنه متحرر من قيود المتطرفين

30. أنا لست عالما سنيا ولا شيعيا حتى أجيب الطائفيين عن شبهاتهم.. أنا مجرد باحث محايد يدعو إلى القيم النبيلة، مهما كان مصدرها.

31. الذي يكفرني ويشتمني أهون علي من ذاك الذي يريد أن يوجهني إلى ما يريد؛ فالأول قد أتفق معه إن تحاورنا وأما الثاني فأنى لي أن أتفق معه.

32. كما أمنحك الحرية في أن تناقشني وتنتقدني وتكفرني؛ فامنحني الحرية في أن أعبر عما أقتنع به، وفي أي مجال أراه؛ فما أراه قد لا تراه.

33. أقدر إخلاصك وصدقك في نصحك لي، لكن تنفيذي لما طلبت مني يستدعي أن تثبت لعقلي صدق ما ذكرت.. فصدق الناصح لا يعني عصمته.

34. احترامي لآبائي وأجدادي وأساتذتي لا يعني أن أكون نسخة منهم.. فالحق أعظم من أن يكون محصورا في المحيط الذي عشت فيه.

35. الفرق بيني وبين من أختلف معهم هو أني لا أقول بعصمة البيئة التي ولدت فيها.. وما دام احتمال الخطأ واردا فتسليم عقلي لها عين الحماقة.

36. للذين يطالبونني بالكف عن ذكر الحقائق التي اقتنعت بها، سأفعل ذلك في اللحظة التي توقفون فيها قنوات صفا ووصال وغيرها من قنوات الفتنة.

37. عجبا لأولئك الذين يحقرون كل ناقد لما يراه من أخطاء بحجة كونه لم يبلغ مرتبة من ينقدهم؛ فمن أعلمهم بذلك؟

38. شيطان ذاك الذي يلقي كلاما يحتمل وجوها من الضلالة؛ فإذا ما نوقش أو نقد اتُهم الناقد بعدم الفهم، ولم يُتهم المتكلم بعدم البيان.

39. عجبا لمن يجادل في شيء يقر بعجزه عن فهمه، وكل حظه منه التقليد والتسليم والتعظيم والانبهار.

40. هو لا ينكر ما قلت بسبب كونه باطلا، ولكن لكونه يراني أقل وأحقر من أن أنطق بالحق، وينطق من يعظمه بالباطل.

41. ليس الحرج في أن تخطئ في أحكامك ومواقفك، ولكن الحرج بل الخطيئة أن ترفض السماع لمن يصحح لك ما ذهبت إليه بالأدلة والحجج.

42. لا تتعب نفسك في إقناع حاقد؛ فالحقد مثل القفل الذي يغلق العقل؛ فلا يرى في من يحقد عليه إلا ما يرغب أن يراه.

43. مناقشتك لمشايخك ومطالبتك بالدليل بأدب ولباقة دليل على احترامك لهم، وثقتك فيهم؛ فلا يخاف من المطالبة بالدليل إلا من شك في عدم وجوده.

44. ما شجع مشايخ الدجل والخرافة شيء كما شجعهم التسليم والإذعان، ولو علموا أنهم سيطالبون بالدليل، لكفوا شرهم ودجلهم.

45. سلمان لم يصل إلى الحقيقة إلا بعد أن آثر الرق والعبودية على المال والجاه، وبعضهم يريد أن يصل إليها، وهو متكئ على فراشه يتثاءب بكسل.

46. أستطيع أن أجيب من يسألني أو ينتقدني باحترام، لكني لا أستطيع أن أجيب من تكون إشكالاته محصورة في: من أنت حتى تتكلم أو تكتب؟

47. لا تجعل مخالفتك للسلفية أو الإخوان سببا لإعراضك عن الكتاب والسنة أو الدعوة للحكومة الإسلامية؛ فالحق أعز من أن تحتكره جماعة أو حركة.

48. ويل له من الحق، وويل للحق منه ذلك الذي يجعل مخالفته للخلق أو موافقته لهم أمارة على الوصول إلى الحق؛ فالحق أعز من أن يتعلق بالخلق.

49. أمرنا الله بالسير بين الخَلق بالحق، ليكون الحق غايتنا، والخَلق وسيلتنا.. فالأكوان مظاهر الحق ومعارجه، لكنها قد تصبح حجبه وعقباته.

50. لا تجعل كراهيتك للباطل سببا لكراهية ما قد يختلط به من الحق؛ فالحق أحق أن يُحترم سواء كان محضا خالصا، أو خلطه المبطلون ببعض الباطل.

51. للسير بالحق بين الخلق غايتان: غاية هداية للواصلين، وغاية سلوك للسالكين، وكلاهما هاد، وكلاهما سالك، والاختلاف بينهما اختلاف مراتب.

52. بربكم كيف يمكنني محاورة شخص؛ فيرد علي: لعنة الله على فلان.. أو حشرك الله مع فلان.. أو ماذا تقول لربك إن سألك عن فلان؟

53. بربكم كيف يمكن للآخر أن يتقبلكم أو يسمع لكم وأنتم تبادرونه بما لم يسمع به جميع عمره، ومن غير مقدمات تجعله مؤهلا لأن يفهم عنكم؟

54. بدل أن تضيع كل وقتك في تشويه بضاعة غيرك، اعرض بضاعتك بصورة جميلة، وسترى كيف يتحول الكل إليها من غير خصومة ولا صراع.

55. أخطر وسواس قهري أن تتعلق بقضية من القضايا، تضع فيها كل جهدك، ولأجلها تخرب كل شيء، من غير أن تنالها ولا أن تحتفظ بما كان لديك.

56. من أراد أن يناقش بصدق وأدب وعلم؛ فعليه أن يكتفي بمناقشة الفكرة لا شخص صاحبها، لأنه يحتاج حينها إلى علوم لا يعلمها إلا الله.

57. ما أطرحه في هذه الكلمات نتائج لبحوث مفصلة ومطولة بغرض مناقشتها قبولا أو رفضا ولا أحب أن ينصحني أحد بالكف عنها فأنا إنسان لا نعامة.

58. عرضنا للحقائق في صياغة أدبية فنية سهلة لا ينفي عنها العلمية أو الحجية؛ فالتعقيد أقرب إلى السفسطة منه إلى الحجية العلمية.

59. لم أطلب منك أن تحترمني؛ فقد لا أكون أهلا لذلك، وإنما طلبت أن تعاملني كإنسان له عقل، وليس آلة تستجيب بمجرد الضغط على أزرارها.

60. النقد مهنة شريفة لأنها لا تختلف عن مهنة الطبيب الذي يبحث عن العلل ليعالجها.. لكن الطبيب الذي يشخص العلة من غير معاينة قاتل ودجال.

61. نقدي للمنتقدين ليس لأجلي وإنما لأجلهم وشفقة عليهم؛ فالنقد مسؤولية أخلاقية وعلمية وشرعية، وليس مجرد هدم أو تنفيس.

62. لا يمكن لمن تترفع عليه أن يسمعك، ولهذا علمنا ربنا أن نقول لمن نختلف معهم: ﴿لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [سبأ: 25]

63. وسائل التواصل وسيلة لتبادل الآراء، أما مناقشتها علميا؛ فإن ذلك ليس ممكنا إلا عبر المناهج المعروفة، وأولها العودة للمصادر الموثقة.

64. من لم يتعلم فقه التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي؛ فسيصبح جاسوسا وعميلا وخائنا ومخربا وصاحب فتنة من حيث لا يشعر.

65. حرية النقد مكفولة لك ما دمت تنطلق من الاطلاع على ما تريد أن تنتقده؛ فإذا خالفت ذلك؛ فأنت كالقاضي الذي يحكم من غير بينة.

66. ما تقولون للجنة المناقشة التي تناقش طالبا قبل أن تطلع على بحثه هو ما أقوله للذين يطلبون مناقشة ما أطرحه من غير الاطلاع على كتبي؟

67. سادتي الكرام.. أنا لم أطلب منكم سوى ما يطلبه أدنى طالب من أساتذته، وهو أن يطلعوا على بحوثه قبل مناقشتها ونقدها.. فأينا المتكبر؟

68. للمنتقدين المحترمين: ناقشوا الأفكار المطروحة ودعوكم من شخصي الضعيف فأنا أهون من أن تضيعوا أوقاتكم في شتمي وهو لن ينقص مني ولن يزيد.

69. لمن يناقشون ما أطرح: لا تستثقلوا إحالتي لكم على كتبي؛ فهذا من احترامي لكم؛ فالعلم لا يؤخذ من التعليقات، بل من الكتب.

70. إن كنت صديقي حقا؛ فلا تكن وصيا على أفكاري ومواقفي؛ فصديقي فيها هو العقل المؤيد بالأدلة والحجج، وأنت وأنا لا نملك أمامها شيئا.

71. الذباب الالكتروني أخطر من الذباب الحقيقي؛ لأن الحقيقي لا يؤذي سوى جسدك، وأما الالكتروني فيتسرب إلى روحك وعقلك ليقتل فيك حقيقتك.

72. ابتلينا بأقوام يشبهون ذاك الذي دخل مدينة يوم عيد؛ فأبرق إلى أهله يقول: هذه مدينة كسالى لم أر منهم إلا اللهو واللعب وإشعال الشموع.

73. لم يلتق بي، ولا قرأ كتبي، ولا سمع محاضراتي، ومع ذلك يزعم المعرفة بي، بل ينصب نفسه قاضيا للحكم علي.. هل هناك جور أعظم من هذا؟

74. ليس من العدل أن ننتقد بعض الجهات على وسائل التواصل الاجتماعي ثم نستثني أخرى؛ فالإسرار بالحق ككتمان الشهادة.

75. يا رب.. إنهم يلعنوني لأني عارضتهم فيما رأيت أنه مشوه لدينك، ومخالف لنبيك؛ فاجعل لعناتهم رحمة لي، وهداية لهم، واشغلني بك عنهم.

76. أنا أؤمن بالإسلام لا بالطوائف.. وأغترف من الحكمة، ولا يهمني قائلها.. وأعمل عقلي لأن تعطيله جنون، ولا يعبد الله من يلغي عقله.

77. عجبا للذي يرميك بالحداثة لكونك وافقت بعض الحداثيين في بعض القضايا؛ فهل تصبح شيوعيا إن طالبت بحقوق العمال أو العدل في الأجور؟

78. نحن مطالبون كأمة واحدة بأن نتعاون على إنكار كل منكر من غير اهتمام بالمصدر الذي ورد فيه؛ فالوسخ يبقى وسخا حتى لو وضع مع الجواهر.

79. علامة تسليمك وإسلامك لله أن تدور مع الحق حيث دار، وتقيم معه حيث أقام، كان قومك معك أو لم يكونوا، حتى لو خالفك في ذلك الناس جميعا..

80. عجبا لك في سخريتك من الخرافات الواردة في مصادر غيرك، ولو أنك رجعت إلى مصادرك التي تقرّ بها وتعتمد عليها لوجدت مثلها وزيادة.

81. يوجد في كل طائفة من يدعو إلى تخليص التراث من الدخن، والعاقل هو الذي يفرح بهم جميعا، لا ذلك الذي يثني على جهود طائفته، ويغمط غيرها.

82. مع احترامي لمشاعر الجميع إلا أني لا أستطيع الكف عن إبداء ما أصل إليه من آراء ومواقف فهو واجب شرعي لا يحل السكوت عليه أو النفور منه.

83. عندما ذكرت الخرافات الموجودة في مصادر مخالفيهم رحبوا وفرحوا، وعندما ذكرت الخرافات الموجودة في مصادرهم استنكفوا وأعرضوا هل هذا عدل؟

84. إن أردنا أن يكون إسلامنا خالصا لله؛ فعلينا الابتعاد عن تجاهل الانحرافات الموجودة في تراثنا وطوائفنا.. فالحق أحق أن يُتبع.

85. أنا أعبر في كتبي وكل منشوراتي عن آرائي الشخصية؛ فلذا أرجو عدم إلزامي بما تذهب إليه أي طائفة أو مدرسة إسلامية مع احترامي لهم جميعا.

86. أنا مسلم لم أدع الانتساب لأي طائفة مع أني أسأل الله دائما أن يحشرني في طائفة السابقين المقربين الصادقين الذين لم يبدلوا ولم يغيروا.

87. أين حرية الفكر التي تتغنون بها، وأنتم تتهجمون على كل من يخالفكم ولو في فروع بسيطة وقع فيها الخلاف؟.. اتقوا الله ولا تشوهوا دينكم.

88. قال لي: هل أنت مسؤول عن إيمان الخلق؟.. قلت: أجل.. وجميعنا مسؤولون، ما دمنا ننتمي للأمة التي أخبر الله أنه وكل إليها مهمة الدعوة والهداية.

89. عندما نتحقق بقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: 3] نستشعر أهمية تصفية الدين من كل الشوائب التي حجبت الخلق عنه.

90. كما أن الفرق بين النقد والحقد يبدأ من الحرف الأول؛ فكذلك يبدأ في الدافع الاول؛ فإن كانت المحبة؛ فهو نقد، وإن كانت البغضاء فهي حقد.

91. العاقل هو الذي لا يهتم بمن قال بقدر اهتمامه بما قال؛ فقد تصدر الحكمة عن مجانين، وقد تصدر السفسطة عن فلاسفة.

92. أنتم تطلبون عدم الإجابة على ما يطرح في الواقع من شبهات فما هي الطريقة المناسبة للتعامل مع من يثيرونها ويعتبرونها حجابا عن الإسلام؟

93. أيهما أقوم وأحكم: ذاك الذي يجيب عن الشبهات بحكمة وعلم، أم ذاك الذي يقمع سائله، ليتركه فريسة للملاحدة والحداثيين وغيرهم؟

94. كم يعجبني سماحة السيد عندما يتحدث عن الحقائق والقيم الدينية، إنه يعرضها ممزوجة بالحجج العقلية القوية والعواطف الوجدانية الراقية.

95. الاستبداد ليس قاصرا على السياسيين فقط بل إنه يشمل الكل حتى أولئك الذين يتوهمون أن الله وكلهم بعباده حتى لا يفكروا من دون استئذانهم.

96. الأمزجة والأعراف البدوية هي السبب في أكثر ما نعانيه في واقعنا من جور نلبسه لباس الدين، مع أن القرآن سماه جاهلية وأهواء.

97. علامة إسلامك الكامل تخليك عن كل أعرافك وأهوائك وأمزجتك التي تتعارض مع وحي ربك، حتى تنصبغ بصبغة الله التي رضيها لك وخلقك من أجلها.

98. كل طائفة تقول بلسان حالها: بيتنا من ألماس مهما ضربتموه بالحجارة فلن يكسر، وبيوت مخالفينا من تبن، عود ثقاب واحد يحرقها.

99. انتصارك للحق لا يكفي، بل عليك أن تنتصر له بالحق لا بالباطل؛ فالغايات الصحيحة لا تبرر الوسائل الفاسدة.

100. الألد الخصم هو الذي يعميه الحقد والعدوة عن رؤية الحق عند خصمه، فلذلك قد يجادله في أعقل المعقولات، وأوضح البديهيات.

101. ظالم ذلك الذي يساوي بين متطرفي الطوائف ومعتدليها، وبين دعاة الفتنة ودعاة الوحدة؛ فشتان بين الخبيث والطيب، والثرى والثريا.

102. قيل عن عالم مهتم بالخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة: لو اتفقا لذهب علمه؛ وهو ما يقال للذين يشرطون لمعرفة الصالحين معرفة مناوئيهم.

103. لا يكفي ارتباطك بالحق لتكون محقا؛ فقد تكون عبئا ثقيلا عليه، وقد يظهر الحق بصورة الباطل بسبب حماقاتك في عرضه أو التعريف به.

104. عجبا للذي يستدل على إثارة الفتن بين المسلمين بكسر الخليل لأصنام قومه؛ فهل أصبح المسلمون مشركين، وهل أصبحت تلك القضايا توحيدا؟

105. صفحات التواصل مثل البيوت، تحدث فيها بما تشاء بأدب ولياقة.. وابتعد عن السب واللعن؛ فإنه لن يظهر سوى أحقادك وأمراضك.

106. سألني: ما مذهبك؟ قلت: الحق، حيثما ذهب الحق ذهبت، وحيثما حل حللت؛ فإن شئت أن أكون معك؛ فأقنعني بالحجج، لا بالدعاوى ولا بالتهديد.

107. من كان احترامه للآخرين نابعا من موافقتهم له؛ فهو عبد نفسه، لا عبد ربه؛ لأنه جعل نفسه مركزا للحقيقة، وذاته قطبا لها.

108. لم أر عبقريا في حياتي مثل ذلك الذي ينتقد كتابا فيه ألف صفحة من غير أن يطالع صفحة واحدة منه.

109. الخلاف يدعو العقلاء إلى البحث عن الحق وتمييزه عن الباطل، ويدعو السفهاء إلى التنفير من الحق بحجة وقوع الخلاف فيه.

110. من يحترمك لأجل اتفاقك معه لا يحترمك، وإنما يحترم رأيه الذي اتفق فيه معك.

111. احذر من التعميم وإطلاق الأحكام حتى لا تشمل البريء بتهمة المجرم.. فمعرفتك لبعض المخطئين لا تخول لك اتهام غيرهم، لأنهم سيخاصمونك.

112. بربكم أنبئوني: كيف أناقش شخصا ينتقد كتبي من غير أن يقرأها، ومحاضراتي من غير أن يسمعها، ثم يحكم علي من غير أن يسمع دفاعي عن نفسي؟

113. الباحث الحقيقي هو الذي يبذل كل وسعه للوصول إلى الحقائق، ويصدح بها، لا الأجوف الذي يردد ما علمه قومه مخافة أن يخرجوه من بينهم.

114. السائرون في طريق الحقيقة لا يهمهم من وافقهم فيها أو خالفهم لأن معاملتهم مع الله، لا مع الخلق، ومن عرف الحق استغنى عن الخلق.

115. اعتقاد الشخص نفسه على الحق لا يدعوه إلى الحقد على المخالفين له، وإنما يدعوه إلى الرفق بهم ليهديهم إلى الحق الذي اهتدى إليه.

116. أيهما أقوم قيلا: ذاك الذي بذل جهده إلى أن وصل إلى بعض الحقائق التي ترك بها ما كان يؤمن به تقليدا أو ذاك الذي التزم ما ورثه من دين؟

117. لا يمكن لمن يجهل التاريخ أن يعرف الواقع.. ولا يمكن لمن يقدس الماضي أن يبني المستقبل.

118. تخصصك في بعض العلوم الشرعية لا يجعلها ملكا لك؛ فقد يفتح الله على بعض المخلصين من غير المختصين ما لن تصل إليه بجهدك أبدا.

119. قد تُرزق ذاكرة قوية، وذكاء حادا وعلوما كثيرة لكن ذلك كله لن ينفعك؛ بل قد يضرك، لأنك قد تصبح جنديا عند الشيطان يستخدمك في كل حرب.

120. نصحني بأن أختصر؛ فلبيت طلبه؛ فاتهمني بإطلاق الأحكام من غير ذكر الأدلة التفصيلية، والإجابة على إشكالات المخالفين.

121. ذكر من عيوبي الحرص الشديد على الدعوة لما أعتقده، ولم يعلم أن ذلك من حسناتي؛ فالحرص دليل الصدق والإخلاص والتجرد.

122. عندما يتغلب العلم على العقل يصبح الإنسان سجين معلوماته، لا يريد أن يفارقها، ولا أن يتخلى عنها، فيقبل بها رغم أنف عقله.

123. نحن في عصر الغربلة؛ فاحذروا من السقوط من منخل التمييز؛ فأسرع الناس سقوطا أصحاب العقول الصغيرة، والمطامع الكبيرة، والأهواء الكثيرة.

124. بربكم كيف يدعي معرفة علماء أهل السنة المعاصرين وهو لا يعرف علماء الشام ولا مصر ولا العراق وإنما يكتفي بعلماء نجد أو من تمونهم نجد؟

125. أنا لا أمنع أحدا مهما خالفني في التعليق بما يشاء، لكن لا أسمح أن يكون ذلك وسيلة لنشر الدعايات الكاذبة؛ فمن ادعى دعوى عليه بدليلها.

126. أجهل الناس ذاك الذي يهون القضايا المطروحة، ويتعجب من الإشكالات والتساؤلات، ولو أن عقول البشر طبعت على هذا لما قام للعلم والفكر سوق.

127. أنا أحترم كل من يخالفني حتى لو كفرني بشرط أن يقرأ ما أكتب ويناقشه بعلمية وهدوء، لا أن يفتري علي، فهذا لا حرمة له ولا دين ولا أخلاق.

128. نحن مطالبون بالعفو عن الجائع الذي سرق طعامنا لا على المفتري الذي يرمينا بالبهتان العظيم ليملأ القلوب حقدا علينا؛ فهو في غنى عن ذلك.

129. يا رب أنا لم أتعود أن أدعو على أي أحد، ولكن صدري ضاق بمن يكذب علي ويقولني ما لم أقل فاكفنيهم يا رب بما شئت وكيف شئت عاجلا لا آجلا.

130. لا يكتمل إسلام المسلم حتى يسلم قلبه على كل المسلمين مهما اختلفوا معه في الأصول أو الفروع وإلا كان مدعيا للعصمة من حيث لا يشعر.

131. عجبا لهم يرددون بألسنهم: نعمل فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.. لكنهم في واقعهم يقصون من يخالفهم ولو بقيد شعرة.

132. أيهما أكثر سماحة: ذاك الذي يقبل الآخر، ويدعوه للحوار العلمي، والتعاون على المشتركات.. أو ذاك الذي لا يتقن سوى فن الإقصاء والإلغاء؟

133. أيهما أكثر علما: ذاك المنفتح على كل مصادر المعرفة ينتقي منها كل حكمة، أو ذاك الذي يحرم على نفسه غير مصادر مذهبه بعجره وبجره؟

134. مدة الاختبار واحدة، وهي قاصرة على هذه النشأة؛ فاحذر من الإجابات الخاطئة؛ فكل ما في النشآت الأخرى مرتبط بمدى صحة إجاباتك.

135. لا تستعجل الحكم على ما لم تعرف كنهه وحقيقته؛ فليس كل غريب على عقلك خاطئ.. فالدواء المر غريب على لسانك، لكن جسدك لا يصح إلا به.

136. العاقل: إذا سمع رأيا جديدا اجتهد في فهمه والتعرف على أدلته ومدى قوتها وصحتها؛ والحاقد: من يستعجل في الحكم عليه وعلى صاحبه بلا بينة.

137. أين العدل في أن ترضى لنفسك أن تختار ما تشاء من المذاهب والاتجاهات، ثم تحجر على غيرك في أن يختار ما يشاء منها؟.. وهل أنت وصي عليه؟

138. سألني بعض أصحاب الشهادات العليا عن عقيدتي؛ فأجبته: لم أكن أعلم أن هناك شهادة تتيح لصاحبها أن يوظَّف في منصب منكر ونكير.

139. سألني ناصحا أو موبخا: متى تتوقف عن الدفاع عن المبتدعين الكفرة؟.. قلت: عندما تتوقف عن تلقيبهم بالمبتدعين الكفرة.

140. إذا وردتك رسائل الشتم والتهديد من المخالفين؛ فاحمد الله على أنه أذاقك ما ذاقه الذين يبلغون رسالات الله، ولا يخافون فيه لومة لائم.

141. الذين يطالبون بإخراج المخالفين لهم من بينهم لا يختلفون عن قوم لوط حين قالوا: ﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [النمل: 56]

142. انتقاد أي شخص أو جهة ـ مهما كانت ـ ليس سبا ولا شتيمة؛ وإلا اتهمنا القرآن الكريم والسنة المطهرة بكونهما يحويان سبابا وشتائم.

143. أعظم الناس غرورا ذاك الذي وضع نفسه موضع [الديّان] يسأل الناس عن عقائدهم، ويمتحنهم فيها، ويكفرهم على أساسها، ثم يفتح لهم أبواب جهنم.

144. أيهما أعلم وأصلح وأنصح: ذاك الذي يبذل كل جهده للدعوة للوحدة الإسلامية والتقارب بين المذاهب، أو ذاك الذي لا يتقن إلا فن التكفير؟

145. لن تصل إلى الحقيقة حتى يكون عقلك مثل الصفحة البيضاء التي يمكن أن يُكتب فيها أي شيء دل عليه الدليل مهما كان غريبا عليك أو على بيئتك.

146. أحمق الخلق من يبحث عن الحق لا من مصادره وأهله، وإنما من خلال ما قيل فيه، فيردد ما رددوا من صواب وخطأ، وعلم وجهل، وما أكثر هؤلاء.

147. الفتنة هي أن نكتم الحق الذي علمناه، طلبا لإنقاذ أنفسنا من ألسنة الجهلة، أو من سيوفهم.. المؤمن هو الذي ينتصر للحق ولا يخاف إلا الله.

148. لست أبغض شيئا كبغضي ذلك الكسول الجهول الذي يردد، وهو يتثاءب: ما الذي يفيدنا من هذه البحوث في هذا العصر؟

149. أنا مثل جميع البشر أتألم لفقد كل صديق، ولكني مع ذلك لا أستطيع أن أحتفظ بمن يحبس أنفاسي ويقيد عقلي ويمنعني حرية التفكير والتعبير.

150. لا يمكنك أن تناقش شخصا ليس له من أدلة سوى الإلهام والحدس، لأنك تحتاج لتقتنع بأطروحاته أن تكون لك نفس نفسه ونفس عقله ونفس قابليته.

151. لا حرج عليك أن تعتبر آراءك الحقيقة المطلقة التي أداك إليها اجتهادك، ولكن الحرج أن تلزم بها الآخرين؛ فالله وحده من يُلزم خلقه.

152. عبارة (اجتهادي صواب يحتمل الخطأ) لا تصح في قطعيات الدين؛ فلا دين لمن شك في قطعيات دينه.

153. الفهم الخاطئ لعبارة (من أخطأ فله أجر) هو الذي برر كل الجرائم؛ حيث جعل من أعتى المجرمين والمستبدين من كبار الصالحين المتقين.